البرهان في علوم القرآن - ج ٤

بدر الدين محمّد بن عبد الله الزّركشي

البرهان في علوم القرآن - ج ٤

المؤلف:

بدر الدين محمّد بن عبد الله الزّركشي


المحقق: الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي ، الشيخ جمال حمدي الذهبي ، الشيخ إبراهيم عبد الله الكردي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٣

١
٢

٣
٤

بسم الله الرّحمن الرّحيم

مقابلة الجمع بالجمع (١)

تارة يقتضي مقابلة كل فرد من هذا بكل فرد من هذا ، كقوله تعالى : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) (المائدة : ٤٨) (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (البقرة : ٤٣) (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ) (البقرة : ٢٣٨) فإن الصلاة والزكاة في معنى الجمع ، فيقتضي اللفظ ضرورة أنّ كل واحد مأمور بجميع الصلوات (٢) وبالاستباق إلى كلّ خير (٢) ، كما يقال : لبس القوم ثيابهم ، وركبوا دوابّهم.

وقوله تعالى : (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) (يوسف : ٣١) أي لكل واحدة منهنّ. وقوله :

(أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) (فاطر : ٣٧) لأنه لا يجوز أن يتذكّر جميع المخاطبين بهذا القول في مدة وعمر واحد.

وقوله : (إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) (المرسلات : ٣٢) أي كل واحدة من هذا الشرر كالقصر ، والقصر : البيت من أدم ، كان يضرب على الماء إذا نزلوا به ، ولا يجوز أن يكون الشرر كله كقصر واحد ؛ لأنه مناف للوعيد ، فإنّ المعنى تعظيم الشرر ؛ أي كلّ واحد من هذا الشرر كالقصر ، ويؤكده قوله بعده : (كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) (المرسلات : ٣٣) فشبّه بالجماعة ، أي فكل واحدة من هذا الشرر كالجمل فجماعته ، إذ الجمالات الصّفر كذلك الأول ؛ كلّ شررة منه كالقصر ؛ قاله ابن جنّي (٣).

٤ ـ / ٤ وقوله : (وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ) (نوح : ٧). وقوله : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ

__________________

(١) هذا الفن تابع للنوع السادس والأربعين : في أساليب القرآن وفنونه البليغة ، وهو أوسع أنواع الكتاب وأوله في ٢ / ٤٨٠.

(٢) عبارة المخطوطة (وبسياق كل خير).

(٣) انظر «الخصائص» ٣ / ٣٢٦ باب في جمع الأشباه حيث ذكر قوله تعالى : (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ...).

٥

رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) (البقرة : ٢٨٥) فإنّ كلّ واحد من المؤمنين آمن بكلّ واحد من الملائكة والكتب والرسل. وقوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ ...) (النساء : ٢٣) الآية ؛ فإنه لم يحرّم على كلّ واحد من المخاطبين جميع أمهات المخاطبين ، وإنما حرم على كلّ واحد أمّه وبنته.

وكذلك قوله : (وَلَكُمْ نِصْفُ [ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ) (١) (النساء : ١٢) فإنه ليس لجميع الأزواج نصف ما ترك جميع النساء ؛ وإنما لكلّ واحد نصف ما تركت زوجته (٢) فقط. وكذا قوله : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) (النساء : ١١).

وقوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ (٣) [بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ] (٤)) (الطور : ٢١) إنما معناه أتبع كلّ واحد ذريته ، وليس معناه أنّ كل واحد (٤) [من الذرية اتبع كلّ واحد من الآباء. وقوله : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَ) (البقرة : ٢٣٣) أي كلّ واحدة] (٤) ترضع ولدها.

وكقوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) (التوبة : ٥) فإنّ مقابلة الجمع أفادت المكنة لكلّ واحد من المسلمين قتل من وجد من المشركين. وقوله : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ) (النور : ٢٤).

٤ ـ / ٥ وأما قوله تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) (المائدة : ٦) فذكر (الْمَرافِقِ) بلفظ الجمع ، و (الْكَعْبَيْنِ) بلفظ التثنية ؛ لأنّ مقابلة الجمع [بالجمع] (٥) تقتضي انقسام الآحاد على الآحاد ؛ ولكلّ يد مرفق ، فصحّت المقابلة. ولو قيل «إلى الكعاب» فهم منه أنّ الواجب .... (٦) ؛ فإن لكلّ رجل كعبا واحدا ، فذكر الكعبين بلفظ التثنية ، ليتناول الكعبين من كلّ رجل (فإن قيل) : فعلى هذا يلزم ألاّ يجب إلا غسل يد واحدة ورجل واحدة؟ (قلنا) : صدّنا عنه [فعل] (٧) النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم [والإجماع] (٧).

__________________

(١) ليست في المخطوطة.

(٢) في المخطوطة (زوجته).

(٣) الآية في المخطوطة وأتبعناهم ذرياتهم وهي قراءة أبي عمرو (إتحاف فضلاء البشر ص ٤٠٠).

(٤) ليست في المخطوطة.

(٥) ليست في المطبوعة.

(٦) بياض في المخطوطة والمطبوعة مقدار ثلاث كلمات.

(٧) ليست في المخطوطة.

٦

وتارة يقتضي مقابلة ثبوت الجمع لكلّ واحد من آحاد المحكوم عليه ، كقوله تعالى : (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) (النور : ٤). وجعل منه الشيخ عز الدين : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ [تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ]) (١) (البقرة : ٢٥).

وتارة يحتمل الأمرين فيفتقر ذلك إلى دليل يعيّن أحدهما.

أمّا مقابلة الجمع بالمفرد ، فالغالب أنّه [٢٤٩ / أ] لا يقتضي تعميم المفرد ، وقد يقتضيه بحسب عموم الجمع المقابل [له] (١) ، كما في قوله تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) (البقرة : ١٨٤) [المعنى كلّ واحد لكلّ يوم طعام مسكين] (١). وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) (النور : ٤) إنما هو على كلّ واحد منهم ذلك.

قاعدة

فيما ورد في القرآن مجموعا ومفردا ، والحكم (٢) في ذلك

٤ ـ / ٦ [فمنه] (٣) أنه حيث ورد ذكر «الأرض» في القرآن فإنها مفردة ، كقوله تعالى : (خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) (الطلاق : ١٢) وحكمته أنها بمنزلة السّفل والتحت ، ولكن وصف بها هذا المكان المحسوس ، فجرت مجرى امرأة زور وضيف ؛ فلا معنى لجمعهما كما لا يجمع الفوق والتحت ، والعلوّ والسّفل ؛ فإن قصد المخبر إلى جزء من هذه الأرض الموطوءة وعيّن قطعة محدودة منها خرجت عن معنى السفل الذي هو في مقابلة العلوّ ، فجاز أن تثنّى إذا ضممت إليها جزءا آخر.

ومنه قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «طوّقه من سبع أرضين» (٤) فجمعها لمّا اعتمد [الكلام] (٥) على ذات

__________________

(١) ليست في المخطوطة.

(٢) في المخطوطة (والحكمة).

(٣) ليست في المخطوطة.

(٤) الحديث متفق عليه من رواية سعيد بن زيد رضي الله ، أخرجه البخاري في الصحيح ٦ / ٢٩٣ كتاب بدء الخلق (٥٩) ، باب ما جاء في سبع أرضين (٢) ، الحديث (٣١٩٨) ، ومسلم في الصحيح ٣ / ١٢٣١ كتاب المساقاة (٢٢) ، باب تحريم الظلم وغصب الأرض (٣٠) ، الحديث (١٤٠ / ١٦١٠) وتمامه : «من أخذ شبرا من الأرض ظلما فإنّه يطوّقه من سبع أرضين».

(٥) ليست في المخطوطة.

٧

الأرض ، وأثبتها على التفصيل والتعيين لآحادها (١) ، دون الوصف بكونها تحت أو سفل في مقابلة علوّ ، وأما جمع السموات ، فإنّ المقصود بها ذاتها دون معنى الوصف ، فلهذا (٢) [جمعت] (٢) جمع سلامة ؛ لأن العدد قليل ، وجمع القليل أولى به ، بخلاف الأرض ؛ فإن المقصود بها معنى التحت والسّفل ، دون الذات والعدد.

وحيث أريد بها الذات والعدد أتي بلفظ يدلّ على التعدد ، كقوله تعالى : (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) (الطلاق : ١٢) وأيضا فإنّ الأرض لا نسبة إليها إلى السموات وسعتها ، بل هي بالنسبة إليها كحصاة في صحراء ، (٢) [فهي وإن تعددت ، كالواحد القليل ؛ فاختير لها اسم الجنس. وأيضا فالأرض هي دار الدنيا التي بالنسبة] (٢) إلى الآخرة ، كما يدخل الإنسان إصبعه في اليمّ ، فما يعلّق بها هو مثال الدنيا ؛ والله تعالى لم يذكر الدّنيا إلا مقلّلا لها.

٤ ـ / ٧ وأما «السموات» فليست من الدنيا على أحد القولين ، فإذا (٣) أريد الوصف الشامل للسماوات ؛ وهو معنى العلوّ والفوق أفردته كالأرض ؛ بدليل قوله تعالى : (٤) [(أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ) (الملك : ١٦) (أَمْ] (٤) أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) (الملك : ١٧) فأفرد هنا لما كان المراد الوصف الشامل وليس المراد سماء معيّنة.

وكذا قوله : (وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) (يونس : ٦١) بخلاف قوله في سبأ : (عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) (الآية : ٣) فإنّ قبلها ذكر الله سبحانه سعة علمه (٥) ، وأنّ له ما في السموات وما في الأرض ، فاقتضى السياق أن يذكر سعة (٦) علمه ، وتعلّقه بمعلومات ملكه ؛ وهو السموات كلّها والأرض. ولما لم يكن في سورة يونس ما يقتضي ذلك أفردها (٧) إرادة للجنس.

__________________

(١) في المخطوطة (لأحدها).

(٢) ليست في المخطوطة.

(٣) في المخطوطة (فأما إذا).

(٤) ليست في المخطوطة.

(٥) إشارة إلى الآية قبلها : (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها).

(٦) تصحفت في المخطوطة إلى (معه).

(٧) عبارة المخطوطة (ذكر أفرادها).

٨

وقال السّهيليّ (١) : لأن المخاطبين بالإفراد مقرّون بأن الرزق ينزل من السحاب وهو سماء ، ولهذا قال في آخر الآية : (فَسَيَقُولُونَ اللهُ) (يونس : ٣١) وهم لا يقرّون بما نزل من فوق ذلك من الرحمة والرحمن وغيرها ، ولهذا قال في آية سبأ : (قُلِ اللهُ) (سبأ : ٢٤) أمر نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وسلم بهذا القول ليعلم بحقيقته.

٤ ـ / ٨ وكذا قوله : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) (الأنعام : ٣) فإنّها جاءت مجموعة لتعلّق الظرف بما في اسم الله تبارك وتعالى من معنى الإلهيّة ؛ فالمعنى هو الإله المعبود في كلّ واحدة من السموات ، فذكر الجمع هنا أحسن. ولما خفي هذا المعنى على بعض المجسّمة قال بالوقف [٢٤٩ / ب] على قوله : (فِي السَّماواتِ) (الأنعام : ٣) ثم يبتدئ بقوله : (وَفِي الْأَرْضِ) (الأنعام : ٣).

وتأمّل كيف جاءت مفردة في قوله : (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌ) (الذاريات : ٢٣) أراد لهذين الجنسين ، أي ربّ كلّ ما علا وسفل. وجاءت مجموعة في قوله : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٢) (الحديد : ١) في جميع السور ؛ لما كان المراد الإخبار عن تسبيح سكانها على كثرتهم ، وتباين مراتبهم ؛ لم يكن بدّ من جمع محلّهم.

ونظير هذا جمعها في قوله : (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ(٣) وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ) (الأنبياء : ١٩) وقوله : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ) (الإسراء : ٤٤) أي تسبّح بذواتها وأنفسها على اختلاف عددها ؛ ولهذا صرّح بالعدد بقوله : (السَّبْعُ).

وتأمّل كيف جاءت مفردة في قوله : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) (الذاريات : ٢٢) فال (رزق) المطر و (ما تُوعَدُونَ) الجنّة ، وكلاهما في هذه الجهة ؛ لا أنّها (٤) في كلّ واحدة واحدة من السموات ، فكان لفظ الإفراد أليق. وجاءت مجموعة في قوله : (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ) (النمل : ٦٥) لمّا كان المراد نفي علم

__________________

(١) هو أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد ، تقدم التعريف به في ١ / ٢٤٢.

(٢) في المخطوطة (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (الجمعة : ١).

(٣) تصحفت في المخطوطة إلى (ومن في الأرض).

(٤) عبارة المطبوعة (لأنها في كل ...) والتصويب من المخطوطة.

٩

الغيب عن كلّ من هو في واحدة [واحدة] (١) من السموات أتى بها مجموعة ، ولم يجيء في سياق الإخبار بنزول الماء منها إلا مفردة حيث وقعت ، لمّا (٢) لم يكن المراد نزوله من ذاتها ؛ بل المراد الوصف. ٤ / ٩

(فإن قيل) : فهل (٣) يظهر فرق بين قوله تعالى في سورة يونس : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ) (يونس : ٣١) وبين قوله في سورة سبأ : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ)؟ (سبأ : ٢٤).

(قيل) : السياق في كلّ منهما مرشد إلى الفرق ؛ فإنّ الآيات التي في [سورة] (٤) يونس سيقت للاحتجاج عليهم بما أقرّوا به من كونه تعالى هو رازقهم ، ومالك أسماعهم وأبصارهم ، ومدبّر أمورهم ؛ بأن يخرج الحيّ من الميت ، ويخرج الميت من الحيّ ؛ فلما كانوا مقرّين بهذا كلّه ، حسن الاحتجاج به عليهم ؛ [إذ] (٥) فاعل هذا هو الله الذي لا إله غيره ، فكيف تعبدون معه غيره! ولهذا قال بعده : (فَسَيَقُولُونَ اللهُ) (يونس : ٣١) أي هم يقرّون به ولا يجحدونه ، والمخاطبون المحتجّ عليهم بهذه الآية إنما كانوا مقرّين بنزول الرزق من قبل هذه السماء التي يشاهدونها ، ولم يكونوا مقرّين ولا عالمين بنزول الرزق من سماء إلى سماء حتى ينتهي إليهم ، فأفردت لفظة «السماء» هنا لذلك.

وأما الآية التي في سبأ ؛ فإنه لم ينتظم لها ذكر إقرارهم لما ينزل من السماء ، ولهذا أمر رسوله بأن يجيب ، ولم (٦) يذكر عنهم أنهم [هم] (٧) المجيبون ، فقال : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ (٧) [وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ ) (سبأ : ٢٤) ولم يقل : ( فَسَيَقُولُونَ اللهُ ) أي الله وحده الذي ينزل رزقه على اختلاف أنواعه ومنافعه من السموات] (٧).

٤ / ١٠ ومنها ذكر «الرياح» (٧) [في القرآن جمعا ومفردة ، فحيث ذكرت في سياق الرحمة جاءت مجموعة ، كقوله تعالى : (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً) (٧) (الروم : ٤٨) ((٧) [وَأَرْسَلْنَا] (٧) الرِّياحَ لَواقِحَ) (الحجر : ٢٢) (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ) (الروم : ٤٦)

__________________

(١) ليست في المخطوطة.

(٢) في المخطوطة (ما لم يكن).

(٣) في المخطوطة (فهلا).

(٤) ليست في المطبوعة.

(٥) ليست في المخطوطة.

(٦) تصحفت في المطبوعة إلى : (وأن).

(٧) ليست في المخطوطة.

١٠

وحيث ذكرت في سياق العذاب أتت مفردة ، كقوله تعالى : ([فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ] (١) رِيحاً صَرْصَراً [فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ] (١)) (فصلت : ١٦) (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها) (الأحزاب : ٩) ([وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا] (١) بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ) (الحاقة : ٦) ([مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ] (١) كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ) (إبراهيم : ١٨) (وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) (الذاريات : ٤١).

٤ ـ / ١١ ولهذا قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا» (٢) والمعنى فيه أنّ رياح الرحمة مختلفة الصفات والماهيّات والمنافع ، وإذا هاجت منها ريح أثير لها من مقابلها ما يكسر سورتها ، فينشأ من بينهما ريح لطيفة ، تنفع الحيوان والنبات ، وكانت (٣) في الرحمة رياحا ، وأما في العذاب فإنها تأتي من وجه [٢٥٠ / أ] واحد ، ولا معارض ولا دافع ؛ ولهذا وصفها الله بالعقيم فقال : (وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) (الذاريات : ٤١) أي تعقم ما مرّت به. وقد اطّردت هذه القاعدة إلا في مواضع يسيرة (٤) لحكمة : فمنها قوله سبحانه في سورة يونس : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ) (يونس : ٢٢) فذكر ريح الرحمة بلفظ الإفراد لوجهين : (أحدهما) : لفظيّ ، وهو المقابلة ، فإنه ذكر ما يقابلها (٥) ريح العذاب ، وهي لا تكون إلاّ مفردة ، وربّ شيء يجوز في المقابلة ولا يجوز استقلالا (٦) ، نحو : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) (آل عمران : ٥٤) (الثاني) : معنويّ ، وهو أن تمام الرحمة هناك إنما تحصل بوحدة الريح [لا] (٧)

__________________

(١) ليست في المخطوطة.

(٢) الحديث من رواية ابن عباس رضي‌الله‌عنهما ، أخرجه الشافعي في الأم ١ / ٢٥٣ ، وفي المسند ١ / ١٧٥ ، الباب السادس عشر في الدعاء ، الحديث (٥٠٢) ، وأبو يعلى في المسند ٤ / ٣٤١ في مسند ابن عباس رضي‌الله‌عنهما الحديث (١٢٩ / ٢٤٥٦) ، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١١ / ٢١٣ ضمن معجم عبد الله بن عباس ، الحديث (١١٥٣٣).

(٣) في المخطوطة (وإذا كانت).

(٤) تصحفت في المخطوطة إلى (كثيرة).

(٥) في المخطوطة (ما يشابهها).

(٦) في المخطوطة (استعمالا).

(٧) ليست في المخطوطة.

١١

باختلافها ؛ فإنّ السفينة لا تسير إلا بريح واحدة من وجه واحد ، فإن (١) اختلفت عليها الرياح وتصادمت كان سبب الهلاك والغرق ، فالمطلوب هناك ريح واحدة ، ولهذا أكّد هذا المعنى ، فوصفها بالطيب دفعا لتوهّم أن تكون عاصفة ، بل هي ريح يفرح بطيبها.

ومنها قوله تعالى : (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ) (الشورى : ٣٣) وهذا أورده ابن المنيّر (٢) في كتابه على الزمخشريّ قال : «الريح رحمة ونعمة ، وسكونها شدة على أصحاب السفن».

قال الشيخ علم الدين العراقي (٣) : وكذا جاء في القراءات السبع (٤) : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ) (فاطر : ٩) (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ) (الأعراف : ٥٧) والمراد به الذي ينشر السحاب.

٤ ـ / ١٢ ومن ذلك جمع «الظلمات» و [إفراد] (٥) «النور» : (٥) [كقوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ)] (٥) (الأنعام : ١) (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ) (البقرة : ٢٥٧) ولذلك جمع سبيل الباطل ، وأفرد سبيل الحق ، كقوله : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) (الأنعام : ١٥٣).

__________________

(١) في المخطوطة (فإذا اختلفت).

(٢) هو أحمد بن محمد بن منصور ، تقدم التعريف به في ١ / ١٧٦ ، وكتابه «الانتصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال» ألّفه في الردّ على كشاف الزمخشري ، وقد تقدم تعريفه في ١ / ١٣ ، وانظر قوله في كتابه الانتصاف ٣ / ٤٠٦ (المطبوع بحاشية الكشاف) ضمن تفسير الآية (٣٣) من سورة الشورى ، وقد نقله الزركشي بتصرف.

(٣) هو عبد الكريم بن علي بن عمر ، تقدم التعريف به في ٣ / ١٠٢. وهو صاحب كتاب «الإنصاف مختصر الانتصاف» قال حاجي خليفة في كشف الظنون ٢ / ١٤٧٧ : (جعله حكما بين الكشاف والانتصاف لابن المنير) ومن الكتاب نسخة خطية في أياصوفيا برقم ٧٨ (معجم الدراسات القرآنية ص ٢١٧) ونسخة في دار الكتب المصرية برقم ٥٠٦ تفسير ، ومنه صورة ميكروفيلمية بمعهد المخطوطات في القاهرة برقم ٣٠ تفسير.

(٤) قال الداني في التيسير ص ٧٨ ضمن الآية (١٦٤) من سورة البقرة : (ابن كثير وحمزة والكسائي في الأعراف : ٥٧ والنمل : ٦٣ والثاني من «الروم : ٤٨» و «فاطر : ٩» بالتوحيد ، والباقون بالجمع).

(٥) ليست في المطبوعة.

١٢

والجواب في ذلك كله ، أنّ طريق الحق واحد ، وأمّا الباطل فطرقه متشعّبة متعددة ، ولما كانت (١) الظّلم بمنزلة طريق الباطل ، والنور بمنزلة طريق الحق (٢) ، بل هما [هما] (٣) ، أفرد النور وجمع الظلمات ؛ ولهذا وحّد الوليّ (٤) ، فقال : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) (البقرة : ٢٥٧) لأنّه الواحد الأحد ، وجمع أولياء الكفار لتعددهم ، وجمع الظلمات وهي طرق الضلال والغيّ لكثرتها واختلافها ، ووحّد النور وهو دين الحق.

ومن ذلك إفراد «اليمين والشمال» في قوله : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ) (المعارج : ٣٧) وجمعها في قوله : (وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) (الأعراف : ١٧) ولا سؤال فيه ، إنما السؤال في جمع أحدهما وإفراد الآخر ، كقوله تعالى : ([يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ] (٥) عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ) (النحل : ٤٨) قال الفرّاء : «كأنّه إذا وحد ذهب إلى واحد من ذوات الظّلمة ، وإذا جمع ذهب إلى كلّها» (٦) ، والحكمة في تخصيص اليمين بالإفراد ما سبق ؛ فإنّه لما كانت اليمين جهة الخير والصلاح ، وأهلها هم الناجون أفردت ، ولما كانت الشمال جهة أهل الباطل وهم أصحاب الشمال جمعت في قوله : (عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ) (النحل : ٤٨) وفيه وجوه أخر :

(أحدها) : أن اليمين (٧) [مقصود به الجمع أيضا ، فإنّ الألف واللام فيه للجنس ، فقام العموم مقام الجمع. قاله ابن عطية.

(الثاني) : أن اليمين] (٧) «فعيل» وهو مخصوص بالمبالغة ، فسدّت مبالغته [مسدّ (٨)] جمعه ، كما سدّ مسدّ الشبه قوله : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) (ق : ١٧) قاله ابن بابشاذ (٩).

(الثالث) : أن الظلّ حين ينشأ أول النهار يكون في غاية الطّول ، ثم يبدو كذلك ظلاّ

__________________

(١) في المخطوطة (كان).

(٢) في المطبوعة (طريق الجنّة).

(٣) ليست في المخطوطة.

(٤) في المخطوطة (وحّد ولي المؤمنين).

(٥) ليست في المخطوطة.

(٦) انظر معاني القرآن ٢ / ١٠٣ عند تفسير الآية (٤٨) من سورة النحل.

(٧) ليست في المخطوطة.

(٨) ليست في المطبوعة.

(٩) هو أبو الحسن طاهر بن أحمد ، تقدم التعريف به في ٣ / ٢٨.

١٣

واحدا من جهة اليمين ، ثم يأخذ في النقصان ، وإذا أخذ في جهة الشّمال فإنه يتزايد [٢٥٠ / ب] شيئا فشيئا ، والثاني فيه غير الأول ، فكلما زاد فيه شيئا فهو غير ما كان قبله ، فصار كلّ جزء منه ظلاّ ، فحسن (١) جمع الشمائل في مقابلة تعدد الظلال ؛ [قاله الرماني وغيره] (٢). قال ابن بابشاذ : «وإنما يصحّ هذا إذا كانا متوجّهين نحو القبلة».

(الرابع) : أنّ اليمين يجمع على أيمن وأيمان ؛ فهو من أبنية جمع القلّة غالبا ، والشمال يجمع على شمائل وهو جمع كثرة والموطن موطن تكثير ومبالغة ، فعدل عن جمع اليمين إلى الألف واللام (٣) الدالّة على قصد التكثير ؛ قاله السّهيلي (٤).

وأما إفرادها في قوله : (و [أَصْحابُ الشِّمالِ] (٥) ما أَصْحابُ الشِّمالِ) (الواقعة : ٤١) فلأنّ المراد أهل هذه الجهة ومصيرهم إلى جهة واحدة ، وهي جهة أهل الشمال مستقرّ أهل النار ، فإنّها من جهة أهل الشمال فلا يحسن مجيئها مجموعة.

٤ ـ / ١٤ وأما إفرادهما في قوله : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) (ق : ١٧) فإن لكل عبد قعيدا ، واحدا عن يمينه وآخر شماله ، يحصيان عليه الخير والشر ، فلا معنى للجمع بينهما ، وهذا بخلاف قوله تعالى ذاكرا عن إبليس : (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) (الأعراف : ١٧) فإنّ الجمع هناك يقابله كثير مما يريد إغواءهم ، فجمع لمقابلة الجملة بالجملة المقتضي لتوزيع الأفراد على الأفراد.

ومنها ـ حيث وقع في القرآن ـ ذكر «الجنّة» ، فإنها تجيء تارة مجموعة ، وتارة غير مجموعة ، و «النار» لم تقع إلا مفردة ، وفي ذلك وجهان :

(أحدهما) : لما كانت «الجنات» مختلفة الأنواع ، حسن جمعها وإفرادها ، و [لما] (٦) كانت «النار» واحدة أفردت باعتبار الجنس ، ونظيره قوله تعالى : (بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) (الواقعة : ١٨) ولم يقل «وكئوس» لما سنذكره.

(الثاني) : أنه لما كانت النار تعذيبا ، والجنّة رحمة ناسب جمع الرحمة وإفراد

__________________

(١) في المخطوطة (فحصل).

(٢) ليست في المخطوطة.

(٣) تصحفت في المخطوطة إلى (الألف والدال).

(٤) هو أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله تقدم التعريف به في ١ / ٢٤٢.

(٥) ليست في المخطوطة.

(٦) ليست في المخطوطة.

١٤

العذاب ، نظير جمع الريح في الرحمة ، وإفرادها في العذاب. وأيضا فالنار دار حبس والغاضب يجمع جماعة من المحبوسين في موضع واحد ؛ أنكد لعيشهم ، والكريم لا يترك ضيفه ، ولا سيّما إذا كان للدوام ؛ إلا في دار مفردة مهيأة له وحده (١) [فالنّار لكلّ مذنب ، ولكل مطيع جنّة ، فجمع الجنان ولم يجمع النار.

ومنها : جمع «الآيات» في موضع وإفرادها] (١) في آخر ، فحيث جمعت فلجمع الدلائل ، وحيث وحدت فلوحدانية المدلول عليه ؛ لما يخرج عن ذلك. ولهذا قال في الحجر (٢) : ([إِنَ] (١) فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) (الآية : ٧٥) ثم قال : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) (الآية : ٧٧) فلما ذكر صفة المؤمنين بالوحدانية ، وحدّ الآية ؛ وليس لها نظير إلا في العنكبوت ، وهو قوله : (خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) (الآية : ٤٤) ومنها مجيء المشرق والمغرب في القرآن تارة بالجمع ، وأخرى بالتثنية ، وأخرى بالإفراد ، لاختصاص كلّ مقام بما يقتضيه. فالأول كقوله : (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) (المعارج : ٤٠) والثاني كقوله : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) (الرحمن : ١٧) والثالث قوله : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ) (المزّمّل : ٩).

فحيث جمع كان المراد أفقي (٣) المشرق والمغرب ، وحيث ثنّيا كان المراد مشرقي صعودها وارتفاعها ؛ فإنها تبتدئ صاعدة ، حتى تنتهي إلى غاية أوجها وارتفاعها ؛ فهذا مشرق صعودها وارتفاعها ؛ وينشأ منه فصلا الخريف والشتاء ، فجعل مشرق صعودها بجملته مشرقا واحدا ، ومشرق هبوطها بجملته مشرقا واحدا ، ومقابلهما مغربا. وقيل : هو إخبار عن الحركات الفلكية ، متحركة بحركات متداركة ، لا تنضبط لخطّة ولا تدخل تحت قياس ؛ لأن معنى الحركة انتقال الشيء من مكان إلى آخر ، وهذه صفة الأفلاك [٢٥١ / أ] قال تعالى : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ ...) (يس : ٤٠) الآية.

فهذا وجه اختلاف هذه الألفاظ بالإفراد والتثنية والجمع ، وقد أجرى الله العادة أنّ القمر

__________________

(١) ليست في المخطوطة.

(٢) تصحفت في المخطوطة إلى (الحجرات).

(٣) تصحفت في المطبوعة إلى (المراد ففي) والتصويب من المخطوطة.

١٥

يطلع في كلّ ليلة من مطلع غير الذي طلع فيه بالأمس ، وكذلك الغروب ، فهي من أوّل فصل الصيف في تلك المطالع والمغارب ، إلى أن تنتهي إلى مطلع الاعتدال ، ومغربه عند أول فصل الخريف ، ثم تأخذ جنوبا في كلّ يوم في مطلع ومغرب ، إلى أن تنتهي إلى آخر مثلها الذي (١) يقدّر الله لها عند أوّل فصل الشتاء ، ثم ترجع كذلك إلى أن تنتهي إلى مطلع الاعتدال الربيعي ومغربه ، وهكذا أبدا.

٤ ـ / ١٦ فحيث أفرد الله له لفظ المشرق والمغرب ، أراد به الجهة نفسها التي تشتمل الواحدة على تلك المطالع جميعها ، والأخرى على تلك المغارب من غير نظر إلى تعدّدها ؛ وحيث جيء بلفظ الجمع المراد به كلّ فرد منها بالنسبة إلى تعدّد تلك المطالع والمغارب ، وهي في كل جهة مائة وثمانون يوما ، وحيث كان بلفظ التثنية ، فالمراد بأحدهما الجهة التي تأخذ منها الشمس من مطلع الاعتدال إلى آخر المطالع والمغارب الجنوبية ، و [هما] (٢) بهذا الاعتبار مشرقان ومغربان.

وأمّا وجه اختصاص كلّ موضع بما وقع منه ، فأبدى فيه بعض المتأخرين معاني لطيفة ، فقال : أمّا ما ورد مثنّى في سورة الرحمن (٣) ، فلأنّ سياق السورة [سياق] (٤) المزدوجين.

(الثاني) : فإنه سبحانه أوّلا ذكر نوعي الإيجاد ؛ وهما الخلق والتعليم ، ثم ذكر سراجي العالم ومظهر نوره ، وهما الشمس والقمر ، ثم ذكر نوعي النبات ؛ فإنّ منه [ما هو] (٤) على ساق ، ومنه ما انبسط على وجه الأرض ، وهما النجم والشجر. ثم ذكر نوعي السماء المرفوعة والأرض ، ثم أخبر أنّه رفع هذه ووضع هذه ، ووسّط بينهما ذكر الميزان ، ثم ذكر العدل والظلم في الميزان ، فأمر بالعدل ، ونهى عن الظلم ، ثم ذكر نوعي الخارج من الأرض ، وهما الجنوب ، ثم ذكر نوعي المكلّفين ، وهما نوع الإنسان والجان ، ثم ذكر نوعي المشرق والمغرب ، ثم ذكر بعد ذلك البحر من الملح والعذب ، فلهذا حسن تثنية المشرق والمغرب في هذه السورة.

وإنما أفردا في سورة المزمّل (٥) لما تقدم من ذكر (٥)) الليل والنهار ، فإنه سبحانه أمر نبيّه

__________________

(١) في المخطوطة (التي).

(٢) ليست في المطبوعة.

(٣) إشارة إلى الآية (١٧) من سورة الرحمن (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ).

(٤) ليست في المخطوطة.

(٥) عبارة المخطوطة (لما تقدمها ذكر).

١٦

بقيام الليل ، ثم أخبر أنّه له في النهار سبحا طويلا ؛ فلما تقدم ذكر الليل والنهار ، تمّمه بذكر المشرق والمغرب ، اللّذين هما مظهر الليل والنهار ، فكان ورودهما مفردين في هذا السياق ، أحسن من التثنية والجمع ؛ لأن ظهور الليل والنهار فيهما واحد. وإنما جمعا في سورة المعارج في قوله : (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ* عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) (المعارج : ٤٠ ـ ٤١) لأنّه لما كان هذا القسم [في] (١) سعة مشارق ربوبيته ، وإحاطة قدرته ، والمقسم عليه إذهاب هؤلاء ، والإتيان بخير منهم ذكر المشارق والمغارب ؛ لتضمّنها انتقال الشمس التي في أحد آياته العظيمة ، ونقله سبحانه لها ، وتصريفها كلّ يوم في مشرق ومغرب ، فمن فعل هذا كيف يعجزه أن يبدّل هؤلاء ، وينقل إلى أمكنتهم خيرا منهم! وأيضا فإن تأثير مشارق الشّمس ومغاربها في اختلاف أحوال النبات والحيوان أمر مشهود ، [وقد جعله الله] (٢) بحكمته سببا لتبدّل أجسام النبات وأحوال الحيوانات وانتقالها من حال إلى حال ، ومن برد إلى حرّ ، وصيف وشتاء ، وغير ذلك بسبب اختلاف مشارق الأرض ومغاربها ، فكيف لا يقدر مع ما يشهدونه [٢٥١ / ب] من ذلك على تبديل من هو خير! وأكّد هذا المعنى بقوله : (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) (المعارج : ٤١) فلا يليق بهذا الموضع سوى لفظ الجمع. ٤ / ١٧

وأما جمعهما في سورة الصافات في قوله : (وَرَبُّ الْمَشارِقِ) (الصافات : ٥) لما جاءت (٣) مع جملة (٣) المربوبات المتعدّدة ، وهي السموات والأرض وما بينهما ، وكان الأحسن مجيئها مجموعة ، [لتنتظم] (٤) مع ما تقدم من الجمع والتعدد.

ثم تأمّل كيف اقتصر على «المشارق» دون «المغارب» ، لاقتضاء الحال ذلك ، فإنّ «المشارق» مظهر الأنوار ، وأسباب لانتشار الحيوان وحياته ، وتصرّفه في معاشه وانبساطه ، فهو إنشاء شهود ، فقدّمه بين يدي [الرد] (٥) على مبدأ البعث ، فكان الاقتصار على ذكر المشارق هاهنا في غاية المناسبة للغرض المطلوب ؛ فتأمّل هذه المعاني الكاملة ، والآيات ٤ / ١٨ الفاضلة ، التي ترقص القلوب لها طربا ، وتسيل الأفهام منها رهبا!

__________________

(١) ليست في المطبوعة.

(٢) ليست في المخطوطة.

(٣) في المخطوطة (من جملة).

(٤) ليست في المخطوطة.

(٥) وقع في المطبوعة بياض مكانها ، وقد أثبتناها من المخطوطة. (إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ).

١٧

وحيث ورد «البارّ» مجموعا في صفة الآدميين قيل «أبرار» ، كقوله : (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ) (الانفطار : ١٣) وقال في صفة الملائكة : (بَرَرَةٍ) (عبس : ١٦) قال الراغب : «فخصّ الملائكة بها من حيث إنه أبلغ من «أبرار» جمع «برّ» و «أبرار» جمع «بار» ، [وبرّ أبلغ من بارّ] (١) ، كما أن عدلا أبلغ من عادل» (٢). وهذا بناء على رواية في تفضيل الملائكة على البشر.

ومنها أن «الأخ» يطلق على أخي النسب ، وأخي الصداقة والدين ، ويفترقان في الجمع ، فيقال في النسب إخوة ، وفي الصداقة إخوان ، كما قيل : (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (الحجر : ٤٧) وقال : (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) (النساء : ١١) قاله جماعة من أهل اللغة ، منهم ابن فارس (٣) ، وحكاه أبو حاتم (٤) عن أهل البصرة ، ثم ردّه بأنه يقال للأصدقاء والنسب : إخوة وإخوان ، قال تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات : ١٠) لم يعن النسب.

٤ ـ / ١٩ وقال : (أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ) (النور : ٦١) وهذا في النسب ، ونظيره قوله : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَ) (النور : ٣١) إلى قوله : (أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَ) (٥) (النور : ٣١) وهذا هو الصواب. واشتقاق اللفظين من تأخيت الشيء ، فسمّي الأخوان أخوين ؛ لأن كل واحد منهما يتأخّى ما تأخّاه الآخر ، أى يقصده. قال ابن السكيت (٦) : ويقال أخوة ، بضم الهمزة.

ومنها إفراد «العم» والخال.

ومنها إفراد «السمع» وجمع «البصر» ، كقوله تعالى : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ) (البقرة : ٧) لأنّ السمع غلب عليه المصدرية ؛ فأفرد ، بخلاف البصر ، فإنه اشتهر في الجارحة ، وإذا أردت المصدر قلت : أبصر إبصارا ،

__________________

(١) العبارة ساقطة من بعض النسخ.

(٢) انظر مفردات القرآن ص (٤١) مادة (بر).

(٣) هو أحمد بن فارس بن زكريا اللغوي ، أبو الحسين ، تقدم التعريف به في ١ / ١٩٠.

(٤) هو سهل بن محمد السجستاني تقدم التعريف به في ١ / ٣٠٩.

(٥) في المخطوطة (أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَ) وهذه الكلمات في الآية قبل قوله (أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَ).

(٦) هو يعقوب بن إسحاق ، المعروف بابن السكيت تقدم التعريف به في ١ / ٤٠٢.

١٨

و [لهذا] (١) لمّا استعمل الحاسة جمعه بقوله : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ) (البقرة : ١٩) وقال : (وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) (فصلت : ٥).

(وقيل) : في الكلام حذف مضاف ، أي على حواسّ سمعهم. (وقيل) : لأنّ متعلق السمع الأصوات ، وهي حقيقة واحدة ، ومتعلّق البصر الألوان والأكوان ، وهي حقائق مختلفة ، فأشار في كلّ منهما إلى متعلّقه. ويحتمل أن يكون البصر الذي هو نور العين معنى يتعدّد بتعدد المقلتين ، ولا كذلك السمع ، فإنه معنى واحد ، ولهذا إذا غطيت إحدى العينين ينتقل نورها إلى الأخرى ، بخلاف السمع ، فإنه ينقص بنقصان أحدهما.

٤ ـ / ٢٠ وقال الزمخشريّ (٢) في قوله تعالى : (فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) (البقرة : ١٩) أجرى الرعد والبرق على أصلهما مصدرين ، فأفردهما دون الظلمات ، يقال : رعدت السماء رعدا ، وبرقت برقا ، والحق أن الرعد والبرق مصدران (٣) ، فأفردهما. أو هما مسببان عن سبب لا يختلف ، بخلاف الظلمة ، فإن أسبابها [٢٥٢ / أ] متعددة.

ومنها حيث ذكر «الكأس في القرآن كان مفردا ، ولم يجمع (٤) في قوله تعالى : (بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ) (الواقعة : ١٨) ولم يقل : «وكئوس» ، لأن الكأس إناء فيه شراب ، [فإن لم يكن فيه شراب] (٥) فليس بكأس ، بل قدح. والقدح إذا جعل فيه الشراب فالاعتبار للشراب ، لا لإنائه ، لأنّ المقصود هو المشروب ، والظرف اتخذ للآلة ، ولو لا الشراب والحاجة إلى شربه لما اتّخذ ، والقدح مصنوع والشراب جنس ، فلو قال : «كئوس» لكان اعتبر حال القدح والقدح تبع ، ولما لم يجمع اعتبر حال الشراب ، وهو أصل ، واعتبار الأصل أولى. فانظر كيف اختار الأحسن من الألفاظ!

وكثير من الفصحاء قالوا : دارت الكئوس ، ومال الرءوس ؛ فدعاهم السجع إلى اختيار غير الأحسن ، فلم يدخل كلامهم في حدّ الفصاحة ، والذي يدلّ على ما ذكرنا أنّ الله تعالى لما ذكر الكأس واعتبر الأصل ، قال : (وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) (الواقعة : ١٨) فذكر الشراب.

__________________

(١) ليست في المخطوطة.

(٢) انظر الكشاف ١ / ٤١ عند تفسير الآية (١٩) من سورة البقرة.

(٣) في المخطوطة (ملكان).

(٤) في المخطوطة (ولم يجمعه).

(٥) ليست في المخطوطة.

١٩

وحيث ذكر المصنوع ، ولم يكن في اللفظ دلالة على الشراب جمع فقال : (بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ) (الواقعة : ١٨) ثم ذكر ما يتخذ منه فقال : (مِنْ فِضَّةٍ) (الإنسان : ١٥).

٤ ـ / ٢١ ومنها إفراد «الصديق» ، وجمع «الشافعين» ، في قوله تعالى : (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ* وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) (الشعراء : ١٠٠ ـ ١٠١) وحكمته كثرة الشفعاء في العادة وقلة الصديق ، قال الزمخشري : «ألا ترى أنّ الرّجل إذا امتحن بإرهاق ظالم ، نهضت جماعة وافرة من أهل بلده بشفاعته رحمة له ، وإن لم يسبق له (١) [بأكثرهم معرفة! وأما الصديق ف «أعزّ من بيض الأنوق» (٢). وعن بعض الحكماء أنّه سئل عن الصديق ، فقال : اسم لا معنى له. ويجوز أن] (١) يريد بالصديق الجمع» (٣).

وقال السّهيلي في «الرّوض الأنف» (٤) : «إذا قلت : «عبيد» و «نخيل» ، فهو اسم يتناول الصغير والكبير من ذلك الجنس ؛ قال الله تعالى : (وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ) (الرعد : ٤) وقال : (وَما رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ) (فصلت : ٤٦) وحين ذكر المخاطبين منهم قال (الْعِبادِ) (يس : ٣٠) وكذلك قال حين ذكر التمر من النخيل : (وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ) (ق : ١٠) و (أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) (القمر : ٢٠) فتأمّل الفرق بين الجمعين في حكم البلاغة ، واختيار الكلام! وأما في مذهب [أهل] (٥) اللغة ، فلم يفرقوا هذا التفريق ، ولا نبّهوا على هذا المعنى الدقيق».

ومنها اختلاف الجمعين في قوله تعالى : (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ) (البقرة : ٢٦٦) إلى قوله : (وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ) (البقرة : ٢٦٦). وقال : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً) (النساء : ٩) فأما وجه التفرقة بين الجمع في الموضعين ، وكذلك قوله : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَ) (النور : ٣١) إلى قوله : (أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ

__________________

(١) ليست في المخطوطة.

(٢) «أعزّ من بيض الأنوق» مثل ذكره الميداني في مجمع الأمثال ٢ / ٤٤ وقال في شرحه : «قالوا : الأنوق الرّخمة ، وعزّ بيضها لأنّه لا يظفر به لأن أوكارها في رءوس الجبال والأماكن الصعبة البعيدة ، قال الأخطل :

من الجاريات الحور مطلب سرّها

كبيض الأنوق المستكنّة في الوكر

(٣) انظر الكشاف ٣ / ١١٩ ـ ١٢٠ عند تفسير الآية من سورة الشعراء.

(٤) انظر الروض الأنف ١ / ١٧١ ضمن ذكر حفر زمزم وما جرى من الخلف فيها ، معنى الرويّ والجمع واسم الجمع.

(٥) ليست في المطبوعة.

٢٠