البرهان في علوم القرآن - ج ٤

بدر الدين محمّد بن عبد الله الزّركشي

البرهان في علوم القرآن - ج ٤

المؤلف:

بدر الدين محمّد بن عبد الله الزّركشي


المحقق: الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي ، الشيخ جمال حمدي الذهبي ، الشيخ إبراهيم عبد الله الكردي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٣

وأما قوله : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) (يوسف : ٩٦) فجيء ب «أن» ولم يأت على الأصل من الحذف ؛ لأنه لما كان مجيء البشير إلى يعقوب عليه‌السلام بعد طول الحزن وتباعد المدة ، ناسب ذلك زيادة «أن» ، لما في مقتضى وصفها من التراخي. وذهب الأخفش (١) إلى أنها قد تنصب الفعل ، وهي مزيدة ، كقوله تعالى : (وَما لَنا أَلاَّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ) (البقرة : ٢٤٦) ، (وَما لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا) (الحديد : ١٠) «وأن» في الآيتين زائدة بدليل : (وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ) (المائدة : ٨٤).

(الخامس): شرطية في قول الكوفيين [٢٨٩ / ب] كقوله : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ [إِحْداهُمَا]) (٢) (البقرة : ٢٨٢) ، قالوا : ولذلك دخلت الفاء.

(السادس): نافية (٣) بمعنى «لا» في قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ) (آل عمران : ٧٣) ، أي لا يؤتى أحد. والصحيح أنها مصدرية. وزعم المبرّد أن «يؤتى» متصل بقوله : (وَلا تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) (آل عمران : ٧٣) واللام زائدة. وقيل :

إن «يؤتى» في (٤) موضع رفع ، أي إن الهدى أن يؤتى.

(السابع): التعليل ، بمنزلة «لئلا» ، كقوله تعالى : (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) (النساء : ١٧٦) [أي لئلا تضلوا] (٥). وقال البصريون (٦) : على حذف مضاف ، أي كراهة أن تضلوا. وكذا قوله : (أَنْ تَقُولُوا (٧) إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا) (الأنعام : ١٥٦). وقوله : (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى) (الزمر : ٥٦).

__________________

(١) انظر كتابه معاني القرآن ١ / ١٨٠. بتصرف.

(٢) ليست في المطبوعة.

(٣) ذكره السيوطي في الإتقان ٢ / ١٧٣. النوع الأربعون في معرفة الأدوات التي يحتاج إليها المفسر (أن).

(٤) في المخطوطة (جيء).

(٥) العبارة ساقطة من المطبوعة.

(٦) انظر المغني ١ / ٣٦. (أن).

(٧) تصحفت في المخطوطة إلى (اتقوا).

٢٠١

(الثامن): بمعنى «إذ» مع الماضي ، كقوله : (بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ) (ق : ٢). (وقيل) : بل المعنى «لأن جاءهم» ، أي من أجله. (قيل) : ومع المضارع ، كقوله : (أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ) (الممتحنة : ١) ، أي إذا آمنتم. والصحيح أنها مصدرية.

وأجاز الزمخشري (١) أن تقع «أن» مثل «ما» في نيابتها عن ظرف الزمان ، وجعل منه قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ) (البقرة : ٢٥٨) ، وقوله : (إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا) (النساء : ٩٢). وردّ بأن استعمالها للتعليل مجمع عليه ، وهو لائق في هاتين الآيتين ، والتقدير «لأن آتاه» و «لئلا يصدقوا» (٢).

٩ ـ إنّ

المكسورة المشدّدة

لها ثلاثة أوجه :

أحدها : للتأكيد ، نحو : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) (الأحزاب : ١).

وللتعليل ، أثبته ابن جني من النحاة ، وكذا أهل البيان ، وسبق بيانه في نوع التعليل من قسم التأكيد (٣).

وبمعنى «نعم» في قوله تعالى : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) (طه : ٦٣) فيمن شدد (٤) النون. قال أبو إسحاق [الزجاج] (٥) : عرضت هذا على محمد بن يزيد (٦) ، وإسماعيل بن إسحاق (٧) ، فرضياه. وقال ابن برهان (٨) : كأنهم أجمعوا بعد التنازع على قذف النبيين

__________________

(١) انظر الكشاف ١ / ١٥٥ ـ ١٥٦ و ٢٩٠.

(٢) في المخطوطة (ولئلا أن يصدقوا).

(٣) انظر القسم الثامن والعشرين من أقسام التوكيد (التعليل) في ٣ / ١٦٥ ، وهو الأسلوب من أساليب القرآن المندرجة تحت النوع السادس والأربعين.

(٤) قرأ ابن كثير وحفص بإسكان النون ، والباقون بالتشديد (التيسير : ١٥١).

(٥) ساقطة من المطبوعة ، وانظر معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٣٦٣.

(٦) هو أبو العباس المبرد.

(٧) تقدم التعريف به في ٢ / ١٢٧.

(٨) هو أحمد بن علي بن برهان تقدم التعريف به في ٢ / ٢٠٨.

٢٠٢

بالسحر ، صلى الله عليهما! وعبارة غيره : هي بمعنى «أجل» وإن لم يتقدم سؤال عن سحرهم ، فقد تقدم : (أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ) (طه : ٥٧) فتكون على هذا القول مصروفة إلى تصديق ألسنتهم فيما ادّعوه من السحر. واستضعفه الفارسي بدخول اللام في خبر المبتدأ ، وهو لا يجوز إلا في ضرورة.

فإن قدّرت مبتدأ محذوفا ـ أي فهما ساحران فمردود ؛ لأن التأكيد لا يليق به الحذف.

(وقيل) : دخلت اللام في خبر المبتدأ مراعاة للفظ ، أو لما كانت تدخل معها في الخبريّة.

(وقيل) : جاء على لغة بني الحارث ، في استعمال المثنى بالألف مطلقا.

١٠ ـ أنّ المفتوحة المشدّدة

تجيء للتأكيد كالمكسورة. واستشكله بعضهم ، لأنّك لو صرحت بالمصدر المنسبك منها لم تفد توكيدا. وهو ضعيف لما علم من الفرق بين «أن والفعل والمصدر».

وقال في «المفصّل» (١) : إنّ وأنّ تؤكدان مضمون الجملة : إلا أن المكسورة الجملة معها على استقلالها بفائدتها.

قال ابن الحاجب (٢) : لأن وضع (٣) [«إنّ» تأكيد للجملة من غير تغيير لمعناها ، فوجب أن تستقل بالفائدة بعد دخولها ، وأما المفتوحة فوضعها وضع الموصولات] (٣) ، في أن الجملة معها كالجملة مع الموصول ؛ فلذلك صارت مع جملتها في حكم الخبر ، فاحتاجت إلى جزء (٤) آخر ليستقلّ معها بالكلام (٥) ، فتقول : إنّ زيدا قائم ، وتسكت. وتقول : أعجبني أنّ زيدا قائم ، فلا تجد بدّا من هذا الجزء الذي معها ، لكونها صارت في حكم الجزء الواحد ، إذ معناه : أعجبني قيام زيد ، ولا يستقل بالفائدة ما لم ينضمّ إليه جزء آخر ، فكذلك المفتوحة مع جملتها. ولذلك وقعت فاعلة ومفعولة ومضافا إليها ، وغير ذلك مما تقع فيه المفردات.

ومن وجوه الفرق بينهما أنه لا تصدّر (٦) بالمفتوحة الجملة كما تصدّر (٦) بالمكسورة ، لأنها

__________________

(١) المفصل : ٢٩٣ (... الحروف المشبهة بالفعل).

(٢) هو عثمان بن عمر بن يونس أبو عمرو ، تقدم التعريف به في ١ / ٤٦٦.

(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

(٤) في المخطوطة (خبر).

(٥) في المخطوطة (الكلام).

(٦) في المخطوطة (يصدر).

٢٠٣

لو صدّرت لوقعت مبتدأ ، والمبتدأ معرّض لدخول «إنّ» [٢٩٠ / أ] فيؤدي (١) إلى اجتماعهما.

ولأنها قد تكون بمعنى «لعلّ» كما في قوله تعالى : (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) (الأنعام : ١٠٩) وتلك لها صدر الكلام ، فقصدوا إلى أن تكون هذه مخالفة لتلك في الوضع (٢). (٣) [يقصد من أول الأمر الفرق بينهما أي لعلها] (٣).

١١ ـ إنما

لقصر الصّفة على الموصوف ، أو الموصوف على الصّفة ، وهي للحصر عند جماعة ، كالنفي والاستثناء. وفرّق البيانيون بينهما ، فقالوا : الأصل أن يكون ما يستعمل له «إنما» مما يعلمه المخاطب ولا ينكره ؛ كقولك : إنّما هو أخوك ، وإنما (٤) هو صاحبك القديم ؛ لمن يعلم ذلك ويقرّ (٥) به. وما يستعمل له النفي والاستثناء ، على العكس ، فأصله أن يكون مما يجهله المخاطب وينكره ، نحو : (وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ) (آل عمران : ٦٢).

ثم إنه قد ينزل المعلوم منزلة المجهول لاعتبار (٦) مناسب ، فيستعمل له النفي والاستثناء ، نحو : (وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ ...) (آل عمران : ١٤٤) الآية ، ونحو : (إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا) (إبراهيم : ١٠) والرسل ما كانوا على دفع البشرية عن أنفسهم ، وادعاء الملائكية (٧) ؛ لكن الكفّار كانوا يعتقدون أنّ الله لا يرسل إلا الملائكة ، وجعلوا أنهم (٨) بادعائهم النبوّة ينفون عن أنفسهم البشرية ، فأخرج الكلام مخرج ما يعتقدون ، وأخرج الجواب أيضا مخرج ما قالوا ، حكاية لقولهم ، كما يحكي المجادل كلام خصمه ، ثم يكرّ (٩) عليه بالإبطال ، كأنه قيل : الأمر كما زعمتم أنّنا بشر ، ولكن ليس الأمر كما زعمتم (١٠) من اختصاص الملائكة بالرسالة ، فإن الله يبعث من الملائكة رسلا ومن الناس.

__________________

(١) في المخطوطة (ويؤدي).

(٢) في المخطوطة (الموضع).

(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.

(٤) في المخطوطة (إنما).

(٥) في المخطوطة (وينويه).

(٦) في المخطوطة (بالاعتبار).

(٧) في المخطوطة (الكبرية).

(٨) في المخطوطة (جعلوهم كأنهم).

(٩) في المخطوطة (يرد).

(١٠) في المخطوطة (اعتقدتم).

٢٠٤

وقد ينزّل المجهول منزلة المعلوم لا دعاء المتكلم ظهوره ، فيستعمل له [«إنما»] (١) ، كقوله تعالى : (إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) (البقرة : ١١) ، فإنّ كونهم مصلحين منتف فهو (٢) مجهول ، بمعنى (٣) أنه لم يعلم بينهم صلاح (٤) ، فقد نسبوا الإصلاح إلى أنفسهم ، وادّعوا أنهم كذلك ظاهر جليّ ، ولذلك جاء الردّ عليهم مؤكّدا من وجوه.

١٢ ـ إلى

لانتهاء الغاية ، وهي مقابلة [ل] (٥) «من». ثم لا يخلو أن (٦) يقترن بها قرينة تدلّ على أن ما بعدها داخل فيما قبلها ، أو غير داخل. (٧) [وإن لم يقترن بها قرينة تدلّ على أن ما بعدها داخل فيما قبلها أو غير داخل] (٧) ، فيصار إليه قطعا ، وإن لم يقترن بها.

واختلف (٨) في دخول ما بعدها في حكم ما قبلها على مذاهب :

(أحدها): لا تدخل إلا مجازا ، لأنّها تدلّ على غاية الشيء ونهايته التي هي حدّه ، وما بعد الحدّ لا يدخل في المحدود ؛ ولهذا لم يدخل شيء من الليل في الصوم في قوله تعالى : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) (البقرة : ١٨٧).

(الثاني): عكسه ، أي أنه يدخل ولا يخرج إلا مجازا ، بدليل آية الوضوء.

(والثالث): أنها مشتركة فيهما (٩) لوجود الدخول وعدمه.

(والرابع): إن كان ما بعدها من جنس ما قبلها أو جزءا (١٠) كالمرافق ، دخل ، وإلا فلا (١١).

والحق أنه لا يطلق ، فقد يدخل نحو : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) (المائدة : ٦) ، وقد

__________________

(١) ساقطة من المخطوطة.

(٢) في المخطوطة (أو).

(٣) في المخطوطة (يعني).

(٤) في المخطوطة (إصلاح).

(٥) ساقطة من المطبوعة.

(٦) في المخطوطة (إما).

(٧) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

(٨) في المخطوطة (فاختلف).

(٩) في المخطوطة (فيها).

(١٠) في المخطوطة (خبرا).

(١١) في المخطوطة زيادة وهي (والخامس إن كان معه من والحق ...).

٢٠٥

لا يدخل نحو : (ثُمَ (١) أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) (البقرة : ١٨٧). وقيل في آية المرافق : إنها على بابها ، وذلك أن المرفق هو الموضع الذي يتكئ الإنسان عليه في رأس العضد وذلك (٢) هو المفصل وفريقه (٣) ، فيدخل فيه مفصل الذراع ، ولا يجب في الغسل أكثر منه. (وقيل) : «إلى» تدل على وجوب الغسل إلى المرافق (٤) ، ولا ينبغي (٥) وجوب غسل المرفق ؛ لأن الحدّ لا يدخل في المحدود ، ولا ينفيه التحديد ، كقولك : سرت إلى الكوفة ، فلا يقتضي دخولها ولا ينفيه ، كذلك المرافق ؛ إلا أنّ غسله ثبت بالسنة.

ومنشأ الخلاف في آية الوضوء أن «إلى» حرف مشترك ، يكون للغاية والمعيّة ، واليد تطلق في كلام [٢٩٠ / ب] العرب على ثلاثة معان : على الكفّين فقط ، وعلى الكف والذراع والعضد (٦) ، فمن جعل «إلى» بمعنى «مع» ، وفهم من اليد مجموع الثلاثة ، أوجب دخوله في الغسل ، ومن فهم من «إلى» الغاية ، ومن اليد ما دون المرفق لم يدخلها في الغسل.

قال الآمديّ (٧) : ويلزم من جعلها بمعنى «مع» أن يوجب غسلها إلى المنكب ، لأن العرب تسميه يدا. وقد تأتي بمعنى «مع» كقوله : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) (آل عمران : ٥٢) (وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ) (هود : ٥٢). (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) (النساء : ٢). (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) (المائدة : ٦). (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ) (البقرة : ١٤).

وقيل : ترجع إلى الانتهاء (٨) ، والمعنى في الأول : من يضيف (٩) نصرته إلى نصرة الله؟ وموضعها حال ، أي من أنصاري مضافا إلى الله؟. والمعنى في الأخرى : ولا تضيفوا

__________________

(١) تصحفت في المخطوطة إلى (وأتموا).

(٢) في المخطوطة (وذاك).

(٣) في المخطوطة (وفويقه).

(٤) العبارة في المخطوطة (غسل المرافق).

(٥) في المخطوطة (ينفي).

(٦) في المخطوطة (والمفصل).

(٧) هو علي بن أبي علي بن محمد التغلبي تقدم التعريف به في ٤ / ١١٦.

(٨) في المخطوطة («إلى» للانتهاء).

(٩) في المخطوطة (أضيف).

٢٠٦

(١) أموالكم إلى أموالهم (١) ، وكنى عنه بالأكل كما قال : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) (البقرة : ١٨٨) أي لا تأخذوا.

وقد تأتي للتبيين ، قال ابن مالك : وهي (٢) المعلّقة في تعجب أو تفضيل بحبّ أو بغض مبينة لفاعلية مصحوبها ، كقوله تعالى : (قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَ) (يوسف : ٣٣).

ولموافقة اللام كقوله [تعالى] : (وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ) (النمل : ٣٣). وقيل : للانتهاء ، وأصله والأمر إليك. وكقوله [تعالى] : (وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (يونس : ٢٥) وموافقة «في» في قوله تعالى : (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) (النازعات : ١٨) ، وقيل : المعنى : بل أدعوك إلى أن تزكّى.

وزائدة ، كقراءة بعضهم : ([فَاجْعَلْ] (٣) أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) (إبراهيم : ٣٧) بفتح الواو. (٤) (وقيل) : ضمّن «تهوى» معنى «تميل».

(تنبيه) من الغريب أن «إلى» قد (٥) تستعمل اسما ، فيقال : انصرفت من إليك ، كما يقال : غدوت من عليك. حكاه (٦) ابن عصفور (٧) في «شرح أبيات الإيضاح» عن ابن الأنباري (٨). ولم يقف الشيخ أبو (٩) حيان على هذا فقال في «تفسيره» في قوله : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) (مريم : ٢٥) ، وقوله : (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ) (القصص : ٣٢) «إلى» حرف جرّ بالإجماع ، وظاهرها أنها متعلقة ب «هزّي».

__________________

(١) في المخطوطة (أموالهم إلى أموالكم).

(٢) في المخطوطة (في).

(٣) ليست في المخطوطة.

(٤) وهي قراءة علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه وزيد بن علي ومحمد بن علي وجعفر بن محمد ومجاهد (البحر المحيط ٥ / ٤٣٣).

(٥) في المخطوطة (كذا).

(٦) في المخطوطة (كما قال).

(٧) هو علي بن مؤمن الإشبيلي تقدم التعريف به في ١ / ٤٦٦. وأما كتاب «شرح أبيات الإيضاح» ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ٢ / ١٠٣١ ولم يذكر مؤلفه. والجدير ذكره أن كتاب الإيضاح في النحو لأبي علي الفارسي شرحه مجموعة من العلماء ذكر منهم أبو البركات الأنباري ، انظر كشف الظنون ١ / ٢١٢).

(٨) هو عبد الرحمن أبو البركات الأنباري تقدم التعريف به في ٣ / ٣٧١.

(٩) تصحفت في المطبوعة إلى (ابن). وانظر البحر المحيط ٦ / ١٨٤.

٢٠٧

وكيف يكون ذلك مع القاعدة المشهورة ، أن الفعل لا يتعدّى إلى ضمير متصل. وقد يرفع المتصل وهما لمدلول واحد ، فلا تقول (١) : ضربتني ولا ضربتك إلا في باب ظن ، والضمير المجرور عندهم بالحرف كالمنصوب المستقل ، فلا تقول : هززت (٢) إليّ ، ولا هززت (٢) إليك.

١٣ ـ ألا بالفتح والتخفيف

تأتي للاستفتاح ، وفائدته التنبيه على تحقيق ما بعدها ، ولذلك قلّ وقوع الجمل بعدها إلا مصدّرة بنحو ما يتلقّى به القسم ، نحو : (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ) (٣) (البقرة : ١٢).

(أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) (فصلت : ٥٤). (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (هود : ١٨). (أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ) (هود : ٦٨).

(أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) (هود : ٨). (أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ) (هود : ٥).

وتأتي مركبة من كلمتين : همزة الاستفهام ولا النافية. والاستفهام إذا دخل على النفي أفاد تحقيقا ، كقوله تعالى : (قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ) (الشعراء : ١١). وقوله : (قالَ أَلا تَأْكُلُونَ) (الذاريات : ٢٧). والتقدير أنهم ليسوا بمتقين ، وليسوا بآكلين.

وللعرض وهو طلب بلين ، نحو (٤) : (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) (النور : ٢٢).

(أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) (التوبة : ١٣).

١٤ ـ ألاّ بالفتح والتشديد

حرف تحضيض ، مركبة من «أن» الناصبة و «لا» النافية ، كقوله تعالى : (أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَ) (النمل : ٣١) ، (أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ) (النمل : ٢٥). ثم قيل : المشدّدة أصل

__________________

(١) في المخطوطة (يقال).

(٢) في المخطوطة (هزرت).

(٣) تصحفت في المخطوطة إلى (المفلحون).

(٤) في المخطوطة (كقوله تعالى).

٢٠٨

والمخفّفة فرع. وقيل بالعكس. وقيل : الهمزة بدل من الهاء ، وبالعكس ، حكاه ابن هشام الخضراوي (١) في «حاشية سيبويه».

١٥ ـ إلاّ

[٢٩١ / أ] ترد لمعان :

(الأول): الاستثناء. وينقسم إلى متصل ، وهو ما كان المستثنى من جنس المستثنى منه ، نحو جاء القوم إلا زيدا. وإلى منقطع ، وهو ما كان من غير جنسه.

وتقدّر ب «لكن» ، كقوله : (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ* إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ) (الغاشية : ٢٢ ـ ٢٣). و [قوله] (٢) (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ) (الفرقان : ٥٧). وقوله : (إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا) (الآية : ٢٥) في سورة الانشقاق. و [قوله] (٢) (إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ) (الآية : ٢٣) ، في آخر الغاشية.

وكذلك : (إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) (الجن : ٢٧) ، ودخول الفاء في : (فَإِنَّهُ يَسْلُكُ) دليل انقطاعه ، ولو كان متصلا لتم الكلام عند قوله : «رسول» (٣). وقوله : (إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى) (طه : ٣). ويجوز أن تكون (تَذْكِرَةً) بدلا من (لِتَشْقى) (طه : ٢) ، وهو منصوب ب «أنزلنا» تقديره : ما أنزلنا عليك القرآن إلا تذكرة. (٤) [كقولك ما فعلت ذلك إلا هاتيك إلا إكراما لك] (٤).

وقوله [تعالى] : (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى * إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) (الليل : ١٩ ـ ٢٠) فابتغاء وجه ربه ليس من جنس النعم التي تجزي.

وقوله : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ) (الحج : ٤٠). (٥) [فقولهم : (رَبُّنَا اللهُ)] (٥) ليس بحق يوجب إخراجهم. وقوله : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ

__________________

(١) هو محمد بن يحيى بن هشام الخضراوي العلامة أبو عبد الله الأنصاري الخزرجي الأندلسي. من أهل الجزيرة الخضراء ، كان رأسا في العربية عاكفا على التعليم ، أخذها عن ابن خروف ومصعب والرندي والقراءات عن أبيه وأخذ عنه الشّلوبين وصنف «فصل المقال في أبنية الأفعال» «الإفصاح بفوائد الإيضاح» «الاقتراح في تلخيص الإيضاح» ت ٦٤٦ ه‍ (بغية الوعاة ١ / ٢٦٧).

(٢) ليست في المطبوعة.

(٣) في المخطوطة (ورسول الله).

(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.

(٥) العبارة ليست في المخطوطة.

٢٠٩

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) (النساء : ٩٥) (١) [أي لكنّ أولي الضرر] (١) ، لا (٢) حرج عليهم في قعودهم ؛ وإنما كان منقطعا ؛ لأن القاعد عن ضرر ـ وإن كانت له نية الجهاد ـ ليس مستويا في الأجر مع المجاهد ، لأن الأجر على حسب العمل ، والمجاهد يعمل ببدنه (٣) وقلبه ، والقاعد بقلبه.

وقوله : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ) (يونس : ٩٨) ، (٤) [إذ لو كان متصلا لكان المعنى : فهل آمنت قرية إلا قوم يونس] (٤) فلا يؤمنون! فيكون طلب الإيمان من خلاف قوم يونس ، وذلك باطل ، لأن الله تعالى يطلب من كلّ شخص الإيمان ، فدلّ على أن المعنى : لكن قوم [يونس] (٤).

وقال الزجاج (٥) : يمكن اتصاله ، لأن قوله : (فَلَوْ لا) في المعنى نفي ، فإن الخطاب لما يقع منه الإيمان ، وذلك إذا كان الكلام نفيا ، كان (٦) ما بعد «إلاّ» يوجب (٦) إنكاره. قال : ما من قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس. وقد رد عليه الآمدي (٧) بأن جعل «إلا» منقطعة عما قبلها لغة فصيحة ، وإن كان جعلها متصلة أكثر ، وحمل الكلام على المعنى ليس بقياس.

ومنه قوله تعالى : (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ) (هود : ٤٣) ، فإن «من رحم» بمعنى المرحوم ليس من جنس العاصمين ؛ وإنما هو معصوم ، فدلّ على أنها بمعنى «لكن». (فإن قيل) : يمكن اتصاله على أن (مَنْ رَحِمَ) بمعنى «الراحم» أي الذي يرحم ، فيكون الثاني من جنس الأول. (قيل) : حمل هذه القراءة على القراءة الأخرى ، أعني قراءة (٨) رحم بضم الراء ، حتى يتفق معنى القراءتين.

__________________

(١) العبارة ليست في المطبوعة.

(٢) في المخطوطة (ولا).

(٣) في المخطوطة (عمال بيده).

(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

(٥) انظر إعراب القرآن ٣ / ٣٣ ـ ٣٥.

(٦) العبارة في المخطوطة (كان بعد لا بوجوب).

(٧) هو علي بن أبي علي بن محمد الآمدي تقدم التعريف به في ٤ / ١١٦.

(٨) انظر البحر المحيط ٥ / ٢٢٧.

٢١٠

(الثاني): بمعنى «بل» كقوله تعالى : (١) [(طه* ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى * إِلاَّ تَذْكِرَةً ...) (طه : ١ إلى ٣) ، أي بل تذكرة.

(الثالث): عاطفة بمعنى «الواو» في التشريك ، كقوله تعالى] (١) : (لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا) (البقرة : ١٥٠) ، معناه «ولا الذين ظلموا».

وقوله [تعالى] : (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ* إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ) (النمل : ١٠ ـ ١١) ، أي ومن ظلم. وتأوّلها الجمهور على الاستثناء المنقطع.

(الرابع): بمعنى «غير» إذا كانت صفة. ويعرب الاسم بعد «إلا» إعراب (٢) «غير» كقوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا) (الأنبياء : ٢٢) ، وليست هنا للاستثناء. وإلا لكان التقدير : لو كان فيهما آلهة ليس فيهم الله لفسدتا ، وهو باطل. ومثله قوله تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ) (النور : ٦) ، فلو كان استثناء لكان من غير الجنس ؛ لأن «أنفسهم» ليس شهودا على الزنا ؛ لأن الشهداء على الزنا يعتبر فيهم العدد ، ولا يسقط الزنا المشهود به بيمين المشهود عليه.

وإذا جعل وصفا فقد أمن فيه مخالفة الجنس ف «إلاّ» هي بمنزلة «غير» لا بمعنى الاستثناء ؛ لأن الاستثناء إما من جنس المستثنى منه أو من غير جنسه. ومن توهم في صفة الله واحدا من [٢٩١ / ب] الأمرين فقد أبطل.

قال الشيخ عبد القاهر الجرجاني (٣) : هذا توهم منه ، وخاطر خطر من غير أصل ؛ ويلزم (٤) عليه أن تكون «إلا» في قوله تعالى : (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعالَمِينَ) (الشعراء : ٧٧) ، وقوله : (ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ) (الإسراء : ٦٧) استثناء ، وأن تكون بمنزلة (٥) «غير» ، وذلك لا يقوله أحد ؛ لأنّ «إلا» إذا كانت صفة ، كان إعراب الاسم الواقع بعدها إعراب الموصوف [بها] (٦) ، وكان تابعا له في الرفع والنصب والجرّ.

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٢) في المخطوطة (بإعراب).

(٣) تقدم التعريف به في ٢ / ٤٢٠.

(٤) في المخطوطة (ويلزمه).

(٥) في المخطوطة (بمعنى).

(٦) ليست في المخطوطة.

٢١١

(قال) : والاسم بعد «إلا» في الآيتين منصوب كما ترى ، وليس قبل «إلا» في واحد منهما منصوب بإلا.

واعلم أنه يوصف بما بعد «إلا» ، سواء كان استثناء منقطعا أو متصلا. قال المبرّد (١) والجرميّ (٢) في قوله تعالى : (إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ) (هود : ١١٦) ، لو قرئ بالرفع «قليل» على الصفة لكان حسنا والاستثناء منقطع.

(الخامس): بمعنى «بدل» وجعل ابن الضّائع (٣) منه قوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا) (الأنبياء : ٢٢) ، أي «بدل الله» أي (٤) عوض الله ؛ وبه يخرج على الإشكال المشهور في الاستثناء ، وفي الوصف ب «إلا» من جهة المفهوم.

بقي أن يقال : إن ابن مالك (٥) جعلها في الآية صفة ، وأنها للتأكيد لا للتخصيص ، لأنه لو قيل : (٦) لو كان فيهما آلهة فسدتا (٦) ، لصحّ ؛ (٧) لأن الفساد مرتب (٧) على تعدد الآلهة.

فيقال : ما فائدة الوصف المقتضى هاهنا للتأكيد؟ وجوابه أن «آلهة» تدلّ على الجنس ، أو على الجمع ، فلو اقتصر عليه لتوهم أن الفساد مرتب على الجنس من حيث هو ، فأتى بقوله : (إِلاَّ اللهُ) ليدلّ على أن الفساد مرتب على التعدد. وهذا نظير قولهم في : (إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) (النحل : ٥١) ، أنّ الوصف هنا مخصص لا مؤكد ، لأن (إِلهَيْنِ) (٨)

__________________

(١) انظر المقتضب ٤ / ٤١٦ هذا باب ما يقع في الاستثناء من غير نوع المذكور قبله.

(٢) هو صالح بن إسحاق أبو عمر الجرمي النحوي وسمي جرمي لأنه نزل في جرم وهي من قبائل اليمن بصري ، قدم بغداد ، وناظر بها يحيى بن زياد الفراء ، أخذ عن الأخفش ويونس بن حبيب ولم يلق سيبويه وكان ذا دين قال المبرد : «كان الجرمي أثبت القوم في كتاب سيبويه وعليه قرأت الجماعة وكان عالما باللغة وله كتاب في السيرة عجيب». وله في النحو «الفرخ» معناه فرخ كتاب سيبويه و «الأبنية» و «العروض» وغيرها ت ٢٢٥ ه‍ (القفطي ، إنباه الرواة ٢ / ٨٠).

(٣) هو علي بن محمد بن علي الكتامي تقدم التعريف به في ٢ / ٣٦٤. وانظر قوله في مغني اللبيب ١ / ٧١ (إلاّ).

(٤) في المخطوطة (أو).

(٥) هو جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك تقدم التعريف به في ١ / ٣٨١.

(٦) عبارة المخطوطة (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا).

(٧) عبارة المخطوطة (إن الفساد ترتب).

(٨) في المخطوطة (الجنس).

٢١٢

يدل على الجنسية وعلى التثنية ، فلو اقتصر عليه لم يفهم النّهي عن أحدهما ، فأتى ب «اثنين» ليدلّ على أن النهي عن الاثنين على ما سبق.

(السادس): للحصر إذا تقدمها نفي :

[إما] (١) صريح ، كقوله تعالى : (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (الحجر : ١١). أو مقدّر ، كقوله تعالى : (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخاشِعِينَ) (البقرة : ٤٥) ، فإن «إلا» ما دخلت بعد لفظ الإيجاب إلا لتأويل ما سبق إلا بالنفي ، أي فإنها لا (٢) تسهل ، وهو معنى «كبيرة» ، [وإما] (٣) لأن الكلام صادق معها ، أي وإنها لكبيرة على كلّ أحد إلا على الخاشعين ، بخلاف ضربت إلا زيدا ، فإنه لا يصدق.

(السابع): مركبة من «إن» الشرطية ، و «لا» النافية ، ووقعت في عدة مواقع من القرآن. نحو : (إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ) (التوبة : ٤٠). (إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ) (الأنفال : ٧٣). (إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ) (التوبة : ٣٩). (وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ) (هود : ٤٧). (وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَ) (يوسف : ٣٣).

ولأجل الشبه الصوريّ غلط بعضهم فقال في «إلا (٤) تفعلوه» : إنّ الاستثناء منقطع أو متصل. وعجبت من ابن مالك (٥) في شرح «التسهيل» حيث عدّها في أقسام «إلا» ، لكنه في «شرح الكافية (٦)» قال في باب الاستثناء : لا حاجة للاحتراز عنها.

(فائدة) قال الرماني (٧) في «تفسيره» : معنى «إلا» : اللازم لها الاختصاص بالشيء دون غيره ، فإذا قلت : جاءني القوم إلا زيدا ، فقد اختصصت زيدا بأنه لم يجيء ، وإذا قلت : ما

__________________

(١) ساقطة من المخطوطة.

(٢) عبارة المخطوطة (لا أو لا يسهل).

(٣) ساقطة من المخطوطة.

(٤) في المخطوطة (إن لا).

(٥) هو جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك تقدم التعريف به في ١ / ٣٨١ وبكتابه في ٢ / ٣٥٧ وانظر المغني ١ / ٧٣.

(٦) تقدم التعريف بالكتاب في ٣ / ٨٦.

(٧) هو علي بن عيسى الرماني تقدم التعريف به في ١ / ١١١. وبتفسيره في ٢ / ٣٧٣.

٢١٣

جاءني إلا زيد ، فقد اختصصته بالمجيء. وإذا قلت : ما جاءني زيد إلا راكبا ، فقد اختصصت (١) هذه (٢) الحال دون غيرها ، من المشي والعدو ونحوه.

١٦ ـ أمّا المفتوحة الهمزة المشدّدة الميم

كلمة فيها معنى الشرط ، بدليل لزوم الفاء في جوابها. وقدّرها سيبويه (٣) ب «مهما» ، وفائدتها في الكلام : أنّها تكسبه فضل تأكيد ، تقول : زيد ذاهب ؛ فإذا قصدت [٢٩٢ / أ] أنه لا محالة ذاهب ، قلت : أمّا زيد فذاهب. ولهذا قال سيبويه (٣) : مهما يكن من شيء فزيد ذاهب.

وفي إيرادها في قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) (البقرة : ٢٦) إحماد عظيم للمؤمنين (٤) ، ونعي على الكافرين لرميهم (٥) بالكلمة الحمقاء.

والاسم الواقع بعدها ، إن كان مرفوعا فهو مبتدأ ، كقوله [تعالى] : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ) (الكهف : ٧٩) ، (وَأَمَّا الْغُلامُ) (الكهف : ٨٠) ، (وَأَمَّا الْجِدارُ) (الكهف : ٨٢). وإن كان منصوبا ، فالناصب له ما بعد الفاء على الأصح ، كقوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ* وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) (الضحى : ٩ ـ ١٠). وقرئ : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) (فصلت : ١٧) ، بالرفع والنصب (٦) ، فالرفع بالابتداء لاشتغال الفعل عنهم بضميرهم.

وتذكر لتفصيل ما أجمله المخاطب. وللاقتصار (٧) على بعض ما ادّعى. (فالأول) كقوله [تعالى] : (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ) (هود : ١٠٦) ، (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ) (هود : ١٠٨) ، فهذا تفصيل لما جمع في قوله تعالى : (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ)

__________________

(١) في المخطوطة (اختصصته).

(٢) في المخطوطة (بهذه).

(٣) في الكتاب ٤ / ٢٣٥ (أمّا).

(٤) في المخطوطة (على المؤمنين).

(٥) في المخطوطة (لزمتهم).

(٦) وأما ثمود بالرفع والتنوين قراءة يحيى والأعمش ، وأما ثمود بالنصب بدون تنوين قراءة ابن أبي إسحاق وعيسى الثقفي (ابن خالويه ، المختصر : ١٣٣).

(٧) في المخطوطة (والاقتصار).

٢١٤

(هود : ١٠٣) ، وبيان أحكام الشقيّ والسعيد. (والثاني) : كما لو قيل : زيد عالم شجاع كريم ؛ فيقال : أمّا زيد فعالم ، أي لا يثبت له بما ادّعى سوى العلم.

واختلف في تعدد الأقسام بها (١) ، فقيل : إنه لازم ، وحمل قوله تعالى : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (آل عمران : ٧) على معنى «وأما الراسخون» ، ليحصل بذلك التعدد بعدها ، وقطعه عن قوله : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ) (آل عمران : ٧). ومنهم من قال : إنه غير (٢) لازم ، بل قد يذكر فيها قسم واحد. ولا ينافي ذلك أن تكون للتفصيل (٣) لما في نفس المتكلم ، كقوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) (آل عمران : ٧). حكى القولين ابن جمعة الموصلي (٤) في شرح «الدرة» وصحح الأول.

والأقرب الثاني ، والتقدير في الآية : «وأما غيرهم فيؤمنون به ويكلون معناه إلى ربهم» ودل (٥) عليه : (وَالرَّاسِخُونَ ...) الآية. قال بعضهم : [وهذا] (٦) المعنى هو المشار إليه في آية البقرة : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) (الآية : ٢٦) ، إلى قوله : (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفاسِقِينَ) (الآية : ٢٦).

وهذا حكاه ابن قتيبة (٧) عن بعض المتقدمين ، قال : فالفاسقون هاهنا هم الذين في قلوبهم زيغ ، وهم الضالّون بالتمثيل. ثم خالفه فقال : وأنت إذا جعلت المتبعين المتشابه (٨) بالتأويل المنافقين في اليهود المحرّفين له دون المؤمنين ، كما قال الله تعالى : (فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) (آل عمران : ٧) أي غير الإسلام ، وضح لك الأمر وصحّ ما قلناه من معرفة الراسخين بالمتشابه ، وعلى هذا فالوقف على : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (آل عمران : ٧).

__________________

(١) في المخطوطة (بعدها).

(٢) في المخطوطة (لم يكن لازما).

(٣) في المخطوطة (يكون للتفضيل).

(٤) هو عبد العزيز بن زيد بن جمعة الموصلي النحوي قال ابن رافع : «شرح الألفية والأنموذج» قرأ عليه أبو الحسين بن السباك قال السيوطي «هو المشهور بابن القواس» «شرح ألفية ابن معط» «وكافية ابن الحاجب» (بغية الوعاة ٢ / ٩٩) وكتابه شرح للدّرّة الألفية لابن معط المعروف باسم «ألفية ابن معط» وهو مخطوط بالاسكوريال (٢) برقم (٩) بروكلمان بالألمانية ، ١ : ٠٣٥ ، ١ : ٣٨٢.

(٥) في المخطوطة (رد).

(٦) ساقطة من المخطوطة.

(٧) هو عبد الله بن مسلم تقدم التعريف به في ١ / ١٦٠. وانظر قوله في كتابه تأويل مشكل القرآن : ٩٨ ـ ١٠٢ بتصرف.

(٨) في المخطوطة (المبتغين المثلية).

٢١٥

وأما قوله تعالى : (وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ* فَسَلامٌ لَكَ) (الواقعة : ٩٠ ـ ٩١) ، فقيل : الفاء جواب «أما» ، ويكون الشرط لا جواب له ، وقد سدّ جواب «أما» مسدّ جواب الشرط. (١) [وقيل : بل جواب الشرط] (١) ، والشّرط وجوابه سدّ [مسدّ] (١) جواب «أما». وتجيء أيضا مركبة من «أم» المنقطعة و «ما» (٢) الاستفهامية ، وأدغمت الميم في الميم ، كقوله تعالى : (أَمَّا ذا (٣) كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (النمل : ٨٤).

١٧ ـ إمّا المكسورة المشدّدة

[تكون تخيير] (٤) نحو : اشتر لي (٥) ، إما لحما وإما لبنا. وكقوله تعالى : (إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً) (الكهف : ٨٦). (إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ) (طه : ٦٥). (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) (محمد : ٤) وانتصب (٦) «منّا» و «فداء» على المصدر ، أي (٦) من «مننتم» و «فاديتم».

وقال صاحب «الأزهية» (٧) : حكمها في هذا القسم التكرير ، ولا تكرير إذا كان في الكلام عوض من تكريرها ، تقول : إما تقول الحق وإلا فاسكت ، و «إلا» بمعنى «إما».

وبمعنى الإبهام ، نحو : (إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ) (التوبة : ١٠٦). (إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ) (مريم : ٧٥). (إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) (الإنسان : ٣).

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

(٢) في المخطوطة (أما).

(٣) في المطبوعة (أمّ ما ذا).

(٤) ساقطة من المطبوعة.

(٥) في المخطوطة (اشتري).

(٦) عبارة المخطوطة (وأما فداء على المصدرية).

(٧) هو علي بن محمد الهروي النحوي من أهل «هراة» قدم مصر واستوطنها روى عن الأزهري وهو أول من أدخل نسخة من كتاب «الصحاح» للجوهري مصر ، وصنف كتابا كبيرا في النحو عدة مجلدات ، وصنف كتابا في معاني العوامل سماه «الأزهية» ، وله مختصر في النحو سماه «المرشد» ت ٤١٥ ه‍ (القفطي ، إنباه الرواة ٢ / ٣١١). وكتابه طبع بعنوان الأزهية في علم الحروف بتحقيق عبد المعين الملوحي ، في دمشق بمجمع اللغة العربية عام ١٣٩١ / ١٩٧١ م وأعيد طبعه عام ١٤٠٢ ه‍ / ١٩٨٢ م معجم المنجد ٤ / ١٥١ ، أخبار التراث ٢ / ٢٧ و ٧ / ٢٧).

٢١٦

وتكون (١) بمعنى الشرطية (٢) ، مركبة من «إن» الشرطية و «ما (٣)» الزائدة [٢٩٢ / ب] ، وهذه لا تكرر.

والأكثر في جوابها نون التوكيد ، نحو : (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً) (مريم : ٢٦) (قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ) (المؤمنون : ٩٣). (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ [فَشَرِّدْ بِهِمْ]) (٤) (الأنفال : ٥٧). (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً) (الأنفال : ٥٨). وإنما دخلت معها نون التوكيد للفرق بينها وبين التي للتخيير.

واختلف في قوله تعالى : (إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) (الإنسان : ٣) ، فقال البصريون : للتخيير ، فانتصاب «شاكرا» و «كفورا» [ادعاء] (٥) على الحال. (وقيل) : التخيير هنا راجع إلى إخبار الله بأنه يفعل ما يشاء. (وقيل) : حال مقيّدة (٦) ، أي إمّا إن تجد عندهما الشكر ، فهو علامة السعادة ، أو الكفر فهو علامة الشقاوة ، فعلى هذا تكون للتفصيل. وأجاز الكوفيون أن تكون هاهنا شرطية ، أي إن شكر وإن كفر. قال مكي (٧) : «وهذا ممنوع ، لأن الشرطية لا تدخل على الأسماء إلا أن تضمر بعد «إن» فعلا ، كقوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) (التوبة : ٦) ، ولا يجب إضماره [هنا] (٨) ، لأنه يلزم رفع «شاكر» بذلك الفعل».

ورد عليه ابن الشّجريّ (٩) ، بأن النحويين يضمرون بعد «إن» الشرطية فعلا يفسره (١٠) ما بعده ، [لأنه] (١١) من لفظه ، فيرتفع الاسم بعد أن يكون فاعلا لذلك المضمر ؛ كقوله تعالى :

__________________

(١) في المخطوطة (أو تكون).

(٢) في المخطوطة (الشرط).

(٣) في المخطوطة (أما).

(٤) ليست في المخطوطة.

(٥) ساقطة من المطبوعة.

(٦) في المخطوطة (مقدرة).

(٧) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ٧٨٢ ، بتصرف.

(٨) ساقطة من المخطوطة.

(٩) انظر الأمالي الشجرية ٢ / ٣٤٦.

(١٠) تصحفت في المخطوطة إلى (فلا يفسرون).

(١١) ساقطة من المطبوعة.

٢١٧

(إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ) (النساء : ١٧٦) ، (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ) (النساء : ١٢٨) ، كذلك يضمرون بعده أفعالا تنصب الاسم ، بأنه مفعول [به] (١) كقولك : إن زيدا أكرمته نفعك (٢) ، أي إن أكرمت.

١٨ ـ أل

تقدمت بأقسامها في قاعدة التنكير [والتعريف] (٣)

١٩ ـ الآن

اسم للوقت الحاضر بالحقيقة. وقد تستعمل في غيره مجازا. وقال قوم : هي حدّ للزّمانين ، أي ظرف للماضي وظرف للمستقبل. وقد يتجوّز بها عما قرب من الماضي ، وما يقرب من المستقبل. حكاه أبو البقاء في (٤) «اللباب». وقال ابن مالك (٥) : لوقت حضر جميعه ، كوقت (٦) فعل الإنشاء حال النطق به ، أو ببعضه ، كقوله تعالى : (فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) (الجن : ٩) ، (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ) (الأنفال : ٦٦).

وهذا سبقه إليه الفارسي (٧) ، فقال : «الآن (٨)» يراد به الوقت الحاضر ، ثم قد تتّسع (٩) فيه العرب فتقول : أنا الآن أنظر في العلم ، وليس الغرض (١٠) أنه في ذلك الوقت اليسير يفعل ذلك ، ولكن الغرض أنه في وقته ذلك ، وما (١١) أتى بعده ، كما تقول : أنا اليوم خارج ، تريد (١٢) به اليوم الذي عقب الليلة. قال ابن مالك : وظرفيته غالبة ، لا لازمة.

__________________

(١) ساقطة من المخطوطة.

(٢) في المخطوطة (ينفعك).

(٣) ساقطة من المخطوطة.

(٤) هو عبد الله بن الحسين العكبري تقدم التعريف به في ١ / ١٥٩ ، وبكتابه في ٢ / ١١.

(٥) هو محمد بن عبد الله بن مالك تقدم التعريف به في ١ / ٣٨١.

(٦) في المخطوطة (كفعل) بدل (كوقت فعل).

(٧) هو الحسن بن أحمد الفارسي تقدم التعريف به في ١ / ٣٧٥.

(٨) في المخطوطة (إلا أن).

(٩) في المخطوطة (يتبع).

(١٠) في المخطوطة (الفرص).

(١١) في المخطوطة (وأما).

(١٢) في المخطوطة (يريد).

٢١٨

٢٠ ـ أفّ

صوت يستعمل عند التكرّه والتضجر ، واختلف في قوله تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) (الإسراء : ٢٣) فقيل (١) : اسم لفعل الأمر ، أي كفّا ، أو اتركا. (وقيل) : اسم لفعل ماض (٢) ، أي كرهت وتضجرت (٣). حكاهما أبو البقاء (٤). وحكى غيره ثالثا ؛ أنه اسم لفعل مضارع ، أي أتضجّر منكما.

وأما قوله تعالى في سورة الأنبياء : (أُفٍّ لَكُمْ) (الآية : ٦٧) ، فأحاله (٥) أبو البقاء (٦) على ما سبق في الإسراء ، وقضيته تساوي المعنيين. وقال العزيزي (٧) في «غريبه» في هذه : أي تلفا (٨) لكم ، فغاير بينهما ، وهو الظاهر. وفسّر صاحب «الصحاح (٩)» أف ، بمعنى «قذرا».

٢١ ـ أنّى

مشتركة بين الاستفهام والشرط ، ففي الشرط تكون بمعنى «أين» ، نحو : أنّى يقم زيد يقم عمرو.

وتأتي بمعنى «كيف» ، كقوله تعالى : (أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها) (البقرة : ٢٥٩). (فَأَنَّى لَهُمْ) (محمد : ١٨) ، (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (التوبة : ٣٠). (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) (البقرة : ٢٢٣) ، أي كيف شئتم ، مقبلة ومدبرة. وقال الضحاك (١٠) :

__________________

(١) في المخطوطة (فعل).

(٢) في المخطوطة (ما من).

(٣) في المخطوطة (ضجرت).

(٤) انظر إملاء ما منّ به الرحمن ٢ / ٤٩ ـ ٥٠.

(٥) في المطبوعة (فأحال).

(٦) انظر إملاء ما منّ به الرحمن ٢ / ٧٤.

(٧) هو محمد بن عزيز السجستاني تقدم التعريف به في ١ / ٣٩٣. وانظر قوله في نزهة القلوب : ٢٩ مادة (أف).

(٨) في المخطوطة (تبا).

(٩) هو إسماعيل بن حماد الجوهري تقدم التعريف به في ١ / ٣٧٣ ، وانظر قوله في الصحاح ٢ / ١٣٣٠.

(١٠) أخرجه الطبري في التفسير ٢ / ٢٣٣.

٢١٩

متى شئتم. (١) [ويردّه سبب (٢) نزول الآية. وقال بعضهم] (١) : من أيّ جهة شئتم ، وهو طبق سبب النزول.

وتجيء بمعنى «من أين» نحو. (أَنَّى لَكِ هذا) (آل عمران : ٣٧). وقوله : (أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ) (آل عمران : ٤٧) (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ) (آل عمران : ٤٠). قال ابن فارس (٤) : والأجود أن يقال في هذا أيضا «كيف». وقال ابن قتيبة (٥) : المعنيان متقاربان. وقرئ شاذا (٦) : (أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا) (عبس : ٢٥) أي «من أين» ، فيكون الوقف عند قوله (إِلى طَعامِهِ) (عبس : ٢٤).

وتكون بمعنى «متى» [٢٩٣ / أ] كقوله تعالى : (أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ [بَعْدَ مَوْتِها]) (٧) (البقرة : ٢٥٩).

وقوله (قُلْتُمْ أَنَّى هذا) (آل عمران : ١٦٥) ، ويحتمل أن يكون معناه «من أين». والحاصل أنها للسؤال عن الحال وعن المكان. قال الفراء : أنّى مشاكلة لمعنى «أين» إلا أنّ «أين» للموضع (٨) خاصة ، «وأنى» تصلح لغير ذلك.

وقال ابن الدهان (٩) : فيها معنى يزيد على «أين» لأنه لو قال : أين لك هذا؟ كان يقصّر (١٠) عن معنى «أنى لك» لأن معنى «أنّى لك» «من أين لك» [فإن] (١١) معناه مع حرف الجرّ ، لأنّه يرى أنه وقع في الجواب ، كذلك قوله (١٢) : (هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) (آل عمران : ٣٧) ، ولم يقل : هو عند الله. وجواب «أنّى لك [هذا] (١٣)» غير جواب «من أين لك هذا» ، فاعرفه.

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

(٢) سبب النزول ذكره القرطبي في التفسير ٣ / ٩٢.

(٣) انظر كتابه الصاحبي في فقه اللغة : ١١٣ باب (أنى).

(٤) انظر تأويل مشكل القرآن : ٥٢٥ (أنى).

(٥) (أنّى صببنا) بفتح الألف والإمالة ، قال ابن خالويه : «سمعت ابن الأنباري يحكيها» انظر المختصر : ١٦٩.

(٦) في المخطوطة (إنا).

(٧) ليست في المخطوطة.

(٨) في المخطوطة (للمواضع).

(٩) هو سعيد بن المبارك بن علي ، تقدم التعريف به في ٢ / ٤٩٣.

(١٠) في المخطوطة (نقص).

(١١) ساقطة من المخطوطة.

(١٢) في المخطوطة (بقوله).

(١٣) ساقطة من المطبوعة.

٢٢٠