البرهان في علوم القرآن - ج ٣

بدر الدين محمّد بن عبد الله الزّركشي

البرهان في علوم القرآن - ج ٣

المؤلف:

بدر الدين محمّد بن عبد الله الزّركشي


المحقق: الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي ، الشيخ جمال حمدي الذهبي ، الشيخ إبراهيم عبد الله الكردي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٩

أضعفها ؛ لأنّه إذا بدا بسلب الوصف الأعلى ، ثم بسلب (١) ما دونه ، كان ذلك أبلغ في الذمّ ؛ لأنه لا يلزم من سلب الأعلى سلب ما دونه ، كما تقول : ليس زيد بسلطان [٢١٢ / ب] ، ولا ٣ / ٢٧١ وزير ، ولا أمير ، ولا وال ، والغرض من الآية المبالغة (٢) في الذم.

قلت : ما ذكرته طريقة حسنة في علم المعاني ، والمقصود من الآية طريقة أخرى ، وهي أنه تعالى أثبت [أنّ] (٣) الأصنام التي تعبدها الكفار (٤) [أمثال الكفار ، في أنها مقهورة مربوبة ، ثم حطّها عن درجة المثلية بنفي هذه الصفات الثابتة للكفار] (٤) عنها. وقد علمت أن المماثلة بين الذوات المتنائية (٥) إنما تكون (٦) باعتبار الصفات الجامعة بينهما ؛ إذ هي أسباب في ثبوت المماثلة بينها ، وتقوى المماثلة بقوة أسبابها ، وتضعف بضعفها ، فإذا سلب وصف ثابت لإحدى الذاتين عن الأخرى انتفى وجه (٧) من المماثلة (٨) [بينهما ، ثمّ إذا سلب وصف من الأول انتفى وجه من المماثلة] (٨) أقوى من الأول ، [ثم لا يزال] (٨) يسلب أسباب المماثلة ، أقواها [فأقواها] (٨) ؛ حتى تنتفي المماثلة كلّها بهذا التدريج. وهذه الطريقة ألطف من سلب أسباب المماثلة ؛ أقواها ثم أضعفها فأضعفها.

الثامن (٩) عشر

مراعاة الإفراد

فإن المفرد سابق على الجمع ، كقوله تعالى : (الْمالُ وَالْبَنُونَ) (الكهف : ٤٦). وقوله : (مِنْ مالٍ وَبَنِينَ) (المؤمنون : ٥٥) ؛ ولهذا لما عبّر عن المال بالجمع أخّر عن البنين في قوله : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ (١٠) [وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ] (١٠)) (آل عمران : ١٤).

__________________

(١) في المخطوطة (سلب).

(٢) في المخطوطة (البالغة).

(٣) ساقطة من المخطوطة.

(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

(٥) في المخطوطة (المتباينة).

(٦) في المخطوطة (يكون).

(٧) عبارة المخطوطة (انتهى وجهه).

(٨) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

(٩) تصحفت في المخطوطة إلى (السابع).

(١٠) ليست في المخطوطة.

٣٤١

٣ / ٢٧٢ ومنه تقديم الوصف بالمفرد على الوصف بالجملة ، في قوله : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ) (غافر : ٢٨) ، وقوله : (وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ) (الأنبياء : ٥٠).

التاسع (١) عشر

التحذير منه والتنفير عنه

كقوله [تعالى] (٢) : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) (النور : ٣) ، قرن الزنى بالشرك وقدّمه.

وقوله : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ) (آل عمران : ١٤) ، قدّمهن في الذّكر ؛ لأنّ المحنة بهن (٣) أعظم من المحنة (٤) بالأولاد ، وفي «صحيح مسلم» : «ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء» (٥). ومن الحكمة العظيمة أنه بدأ بذكر النساء في الدنيا ، وختم ب «الحرث» وهما طرفان متشابهان ، وفيهما الشهوة والمعاش الدنيويّ ، ولمّا ذكر بعد ذلك ما أعدّه للمتقين أخّر ذكر الأزواج كما يجب في الترتيب الأخرويّ ، وختم بالرضوان. وكم في القرآن من مثل هذا العجب (٦) إذا حضر له الذهن ، وقرع له الذهن (٧).

ومنه تقديم نفي الولد على نفي الوالد ، في قوله [تعالى] (٨) (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) (الإخلاص : ٣) ؛ فإنه لما وقع في الأول منازعة الكفرة (٩) وتقوّلهم اقتضت (١٠) الرتبة بالطبع تقديمه في الذكر ، اعتناء به ، قبل التنزيه عن الوالد الذي لم ينازع (١١) فيه أحد من الأمم.

__________________

(١) تصحفت في المخطوطة إلى (الثامن).

(٢) ليست في المخطوطة.

(٣) في المخطوطة (المحبة بهم).

(٤) في المخطوطة (المحبة).

(٥) أخرجه البخاري في الصحيح ٩ / ١٣٧ ، كتاب النكاح (٦٧) ، باب ما يتّقى من شؤم المرأة ... (١٧) ، الحديث (٥٠٩٦). ومسلم في الصحيح ٤ / ٢٠٩٧ ، كتاب الرقاق (٤٨) ، باب أكثر أهل الجنة الفقراء ... (٢٦) ، الحديث (٩٧ / ٢٧٤٠) ، عن أسامة بن زيد رضي‌الله‌عنهما.

(٦) في المخطوطة (التعجب).

(٧) عبارة في المخطوطة (وفرغ له الفهم).

(٨) ليست في المطبوعة.

(٩) في المخطوطة (الكفر).

(١٠) في المخطوطة (اقتضاء).

(١١) في المخطوطة (يزاع).

٣٤٢

العشرون (١)

التخويف منه

كقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) (هود : ١٠٥) ، ونظائره السابقة في الثامن.

الحادي والعشرون (٢)

التعجيب (٣) من شأنه.

كقوله تعالى : (وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ [وَالطَّيْرَ]) (٤) (الأنبياء : ٧٩). ٣ / ٣٧٣

قال الزمخشريّ (٥) : «قدم الجبال على الطير ؛ لأن تسخيرها له وتسبيحها أعجب وأدلّ على القدرة ، وأدخل في الإعجاز ؛ لأنها جماد ، والطير حيوان ناطق».

قال ابن النحاس (٦) : وليس مراد الزمخشريّ ب «ناطق» ما يراد به في حدّ الإنسان.

الثاني (٧) والعشرون

كونه أدلّ على القدرة

كقوله [تعالى] (٨) : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) (النور : ٤٥).

__________________

(١) تصحفت في المخطوطة إلى (التاسع عشر).

(٢) تصحفت في المخطوطة إلى (العشرون).

(٣) في المخطوطة (التعجب).

(٤) ليست في المخطوطة.

(٥) الكشاف ٣ / ١٧.

(٦) هو محمد بن إبراهيم بن محمد بهاء الدين ابن النحاس ، النحوي ، أخذ العربية عن ابن عمرون والقراءات عن الكمال الضرير ، والحديث من ابن اللّتي وابن يعيش وهو شيخ الديار المصرية في علم اللسان والمنطق من تصانيفه «شرح المقرب» لابن عصفور ت ٦٩٨ ه‍ (السيوطي ، بغية الوعاة ١ / ١٣).

(٧) في المخطوطة (الحادي).

(٨) ليست في المخطوطة.

٣٤٣

والثالث (١) والعشرون

قصد الترتيب

كما في آية الوضوء ، فإن إدخال المسح بين الغسلين ، وقطع النظر عن النظير مع مراعاة ذلك في لسانهم ، دليل على قصد الترتيب.

٣ / ٢٧٤ وكذلك (٢) البداءة في الصفا بالسعي. ومثله الكفارة المرتبة في الظهار والقتل.

وهنا قاعدة ذكرها أصحابنا ، وهي أن الكفارة [٢١٣ / أ] المرتبة بدأ الله فيها بالأغلظ ، والمخيّرة بدأ فيها بالأخفّ ، كما في كفارة اليمين ، ولهذا حملوا آية المحاربة في قوله (٣) : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا ...) (المائدة : ٣٣) ، الآية على الترتيب لا التخيير ؛ لأنه بدأ فيها بالأغلظ طردا للقاعدة ، خلافا لمالك حيث جعلها على التخيير.

الرابع (٤) والعشرون

خفة اللفظ

كما في قولهم : ربيعة ومضر ؛ [مع أنّ مضر] (٥) أشرف لكون النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم منهم ، لأنهم لو قدّموا مضر لتوالى حركات كثيرة ، وذلك يثقل (٦) ، فإذا قدّموا ربيعة ووقفوا على مضر ، بسكون الراء ، نقص الثّقل لقلة الحركات المتوالية.

وقد يكون تقديم الإنس على الجنّ من ذلك ؛ فالإنس [أخفّ] (٧) لمكان النون والسين المهموسة.

الخامس (٨) والعشرون

رعاية (٩) الفواصل

كتأخير الغفور في قوله : (لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) (الحج : ٦٠) ، وقوله (وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا)

__________________

(١) تصحفت في المخطوطة إلى (الثاني).

(٢) في المخطوطة (وكذا).

(٣) في المخطوطة (كقوله).

(٤) تصحفت في المخطوطة إلى (الثالث).

(٥) ساقطة من المخطوطة.

(٦) في المخطوطة (مستثقل).

(٧) ساقطة من المخطوطة.

(٨) تصحفت في المخطوطة إلى (الرابع).

(٩) في المخطوطة (لرعاية).

٣٤٤

(مريم : ٥٤) ، وإن كانت القاعدة في علم البيان تأخير ما هو الأبلغ ، فإنه يقال : عالم نحرير ، وشجاع باسل ، وسبق له نظائر. ٣ / ٢٧٥

وكقوله : (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ* [ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ]) (١) (الحاقة : ٣٠ ـ ٣١) ، ولو قال : صلّوه الجحيم لأفاد المعنى ، ولكن يفوت الجمع.

وقيل : فائدته الاختصاص.

وقوله : (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (النحل : ١١٤) ، فقدم «إياه» على «تعبدون» لمشاكلة رءوس الآي.

تنبيه

قد يكون في كلّ واحد مما ذكرنا من الأمثلة سببان فأكثر للتقديم ، فإمّا أن يعتقد إعادة (٢) الكلّ ، أو يرجح بعضها لكونه أهمّ في ذلك المحلّ. وإن كانت الأخرى أهمّ (٣) في محلّ (٤) آخر. وإذا تعارضت (٥) الأسباب روعي أقواها ، فإن تساوت كان المتكلم بالخيار في تقديم أيّ الأمرين شاء.

__________________

(١) ليست في المخطوطة.

(٢) في المخطوطة (إرادة).

(٣) في المخطوطة (لهم).

(٤) في المخطوطة (حد).

(٥) في المخطوطة (تعارض).

٣٤٥

النوع الثاني

مما قدم النية (١) به التأخير

فمنه ما يدل على ذلك (٢) الإعراب ، كتقديم المفعول على الفاعل في نحو قوله [له] (٣) : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) (فاطر : ٢٨) ، و (لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها) (الحج : ٣٧) ، (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ [بِكَلِماتٍ]) (٤) (البقرة : ١٢٤). ٣ / ٢٧٦

ونحوه ممّا يجب في الصناعة النحوية كذلك (٥) ، ولكن [ذلك] (٦) لقصد (٧) الحصر كتقديم المفعول. كقوله (٨) : (أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ [أَيُّهَا الْجاهِلُونَ]) (٩) (الزمر : ٦٤). [(قُلِ اللهَ أَعْبُدُ)] (١٠) (الزمر : ١٤).

وكتقديم الخبر على المبتدأ في قوله : (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ) (الحشر : ٢) ولو قال «وظنوا أنّ حصونهم ما نعتهم» لما أشعر بزيادة وثوقهم بمنعها إياهم.

وكذا (١١) : (أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي [يا إِبْراهِيمُ]) (١٢) (مريم : ٤٦) ، ولو قال : «أأنت (١٣) راغب عنها»؟ ما أفادت زيادة الإنكار على إبراهيم.

وكذلك : (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ (١٤) [أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) (الأنبياء : ٩٧) ولم يقل : «فإذا أبصار الذين كفروا شاخصة»] (١٤) ، وكان يستغني عن الضمير ، لأن هذا لا يفيد اختصاص الذين كفروا بالشخوص.

__________________

(١) في المخطوطة (والنية).

(٢) في المخطوطة (عليه) بدل (على ذلك).

(٣) ساقطة من المخطوطة.

(٤) ليست في المطبوعة.

(٥) في المخطوطة (ذلك).

(٦) ساقطة من المخطوطة.

(٧) في المخطوطة (القصد به).

(٨) في المخطوطة (لقوله).

(٩) تمام الآية ليس في المطبوعة.

(١٠) الآية ليست في المخطوطة.

(١١) في المخطوطة (وكذلك).

(١٢) ليست في المطبوعة.

(١٣) في المخطوطة (أنت).

(١٤) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

٣٤٦

ومنه ما يدلّ على (١) المعنى ، كقوله [تعالى] (٢) : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها) (البقرة : ٧٢) ، قال البغويّ (٣) : هذا أول القصة ، وإن كانت مؤخّرة في التلاوة.

٣ / ٢٧٧ وقال الواحدي (٤) : كان الاختلاف في القاتل قبل ذبح البقرة ، وإنما أخّر في الكلام لأنه سبحانه لما قال : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ ...) (البقرة : ٦٧) الآية علم المخاطبون أنّ البقرة لا تذبح إلا للدلالة (٥) على قاتل خفيت عينه عليهم ، فلما استقرّ [علم] (٦) هذا في نفوسهم أتبع بقوله : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها) (البقرة : ٧٢) (٧) [على جهة التوكيد ، لا أنه عرّفهم الاختلاف في القاتل بعد أنّ دلّهم على ذبح البقرة. وقيل : إنه من المؤخر الذي يراد به التقدم ، وتأويله : وإذ قتلتم نفسا فادّارأتم فيها] (٧) فسألتم (٨) موسى فقال [لكم] (٩) : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) (البقرة : ٦٧).

وأما الزمخشري (١٠) ففي كلامه ما يدلّ على أن إيرادها إنما كان يتأتّى على الوجه الواقع في القرآن ، لمعنى حسن لطيف استخرجه وأبداه.

ومنه قوله [٢١٣ / ب] تعالى : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) (الجاثية : ٢٣) ، وأصل الكلام : «هواه إلهه» ، كما تقول : اتخذ الصنم معبودا ، لكن قدّم المفعول الثاني على الأول للعناية ، كما تقول : علمت منطلقا زيدا ، لفضل عنايتك بانطلاقه.

ومنه قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ ...) (الكهف : ١) الآية ، أي أنزله قيّما ولم يجعل له عوجا. قاله جماعة منهم الواحديّ.

وردّه فخر الدين في (١١) «تفسيره» بأن قوله : (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً* قَيِّماً) (الكهف :

__________________

(١) في المخطوطة (عليه).

(٢) ليست في المخطوطة.

(٣) هو الحسين بن مسعود الفراء البغوي وانظر تفسيره ١ / ٨٤.

(٤) هو علي بن أحمد تقدم التعريف به في ١ / ١٠٥.

(٥) في المخطوطة (لدلالة).

(٦) ليست في المخطوطة.

(٧) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٨) في المخطوطة (فسألهم).

(٩) ليست في المخطوطة.

(١٠) الكشاف ٣ / ٢٧٧.

(١١) انظر التفسير الكبير ٢١ / ٧٥ البحث الثالث من المسألة الثالثة من مسائل الآية بتصرف.

٣٤٧

١ ـ ٢) ، معناه أنّه كامل في ذاته ، وأن «قيّما» ، معناه أنه مكمّل لغيره ، (١) وكونه كاملا في ذاته ، سابق على كونه مكمّلا (١) لغيره ؛ لأن معنى كونه «قيّما (٢)» [أنه قائم] (٣) بمصالح الغير. قال : فثبت بالبرهان العقليّ أن الترتيب الصحيح ما ذكر (٤) في الآية ، وما ذكر من التقديم والتأخير فاسد يمتنع العقل من الذهاب إليه. انتهى.

وهذا فهم عجيب من الإمام ، لأنّ القائل بالتقديم والتأخير لا يقول بأن كونه غير ذي عوج متأخّر عن كونه «قيّما» في المعنى ، وإنما الكلام في ترتيب اللفظ لأجل الإعراب. وقد يكون أحد المعنيين ثابتا قبل الآخر ويذكر بعده.

وأيضا فإن هذا البحث إنّما هو على تفسير القيم بالمستقيم ، فأما إذا فسّر بالقيام على غيره فلا نسلّم أنّ [هذا] (٥) القائل يقول بالتقديم والتأخير ، وهاهنا أمران :

***

٣ / ٢٧٨ أحدهما : أنّ الأظهر جعل هذه الجملة ـ أعني قوله : (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً* قَيِّماً) (الكهف : ١ ـ ٢) من جملة صلة «الذي» وتمامها ، وعلى هذا (٦) لا موضع لها من الإعراب لوجهين : أحدهما أنها في حيّز الصلة ؛ لأنها معطوفة عليها. والثاني أنها اعتراض بين الحال وعاملها. ويجوز في الجملة المذكورة أن يكون موضعها النصب ؛ على أنها حال من «الكتاب» والعامل فيها «أنزل».

قاله جماعة ، وفيه نظر.

وأما قوله : «قيّما» فيجوز في نصبه وجوه :

أحدها ـ وهو قول الأكثر ـ أنّه منصوب على الحال من «الكتاب» والعامل فيه «أنزل» ، وفي الكلام تقديم وتأخير ، وتقديره (٧) : «الحمد لله الّذي أنزل على عبده الكتاب قيما ، ولم يجعل له عوجا» فتكون الجملة على هذا اعتراضا.

__________________

(١) عبارة المخطوطة (وأنه مكمل في ذاته شأن على كونه مكمل).

(٢) في المخطوطة (قائما).

(٣) ليست في المخطوطة.

(٤) في المخطوطة (ذكره).

(٥) ساقطة من المطبوعة.

(٦) في المخطوطة (وهذه) بدل (وعلى هذا).

(٧) في المخطوطة (تقديره).

٣٤٨

والثاني أن يكون منصوبا بفعل (١) [مقدّر ، وتقديره : «ولكن جعله قيما» ، فيكون مفعولا للفعل المقدّر.

والثالث : أن يكون حالا] (١) من الضمير في قوله : (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً* [قَيِّماً]) (٢) (الكهف : ١ ـ ٢) وتكون حالا مؤكدة (٣).

واختار صاحب «الكشاف» (٤) أن يكون «قيّما» مفعولا لفعل مقدّر كما ذكرناه (٥) ؛ لأن الجملة التي قبلها عنده معطوفة على الصلة ، و «قيّما» من تمام الصلة ، وإذا كان حالا يكون (٦) فيه فصل بين بعض الصلة وتمامها ، فكان الأحسن جعله معمولا لمقدر.

وقال جماعة منهم ابن المنيّر (٧) في «تفسير البحر» بعد نقله كلام الزمخشري : وعجيب من كونه لم يجعل الفاصل المذكور حالا أيضا ، ولا فصل ، بل هما حالان متواليان من شيء واحد والتقدير : أنزل الكتاب غير معوجّ.

٣ / ٢٧٩ وهذا القول ـ وهو جعل الجملة حالا ـ قد ذكره جماعة قبل ابن المنيّر. والظاهر أن (٨) (٩) [الزمخشريّ لم يرتض هذا القول ، لأنّ جعل الجملة حالا لا يفيده ما يفيد العطف ، من نفي العوج عن الكتاب مطلقا ، غير مقيد] (٩) بالإنزال وهو المقصود. فالفائدة التي هي أتمّ إنما تكون على تقدير استقلال الجملة ، كيف والقول بالتقديم والتأخير منقول عن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما نقله الطبري (١٠) وغيره.

وقال الواحدي (١١) : هو قول جميع أهل [٢١٤ / أ] اللغة والتفسير. والزمخشريّ ربما (١٢) لاحظ هذا المعنى ، ولم يمنع جواز غير (١٣) ما قال ، لكنّ ما قال هو الأحسن.

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٢) ليست في المطبوعة.

(٣) زيادة في المخطوطة بعد هذا الموضع وهي (من قوله (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً).

(٤) الكشاف ٢ / ٣٧٩. بتصرف.

(٥) في المخطوطة (ذكرنا).

(٦) تصحفت في المخطوطة إلى (لا يكون).

(٧) هو أحمد بن محمد بن منصور الجذامي تقدم التعريف به وبكتابه في ١ / ١٧٦.

(٨) في المخطوطة (أنه).

(٩) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

(١٠) انظر تفسيره جامع البيان ١٥ / ١٢٦ ـ ١٢٧.

(١١) هو علي بن أحمد الواحدي تقدم التعريف به في ١ / ١٠٥.

(١٢) في المخطوطة (ولما).

(١٣) في المخطوطة (غيرها).

٣٤٩

وقال غير ابن المنيّر في الاعتراض على الزمخشريّ : إن الجملة وإن كانت مستقلّة (١) فهي في حيّز الصلة للعطف ، فلم يقع فصل ، ويؤيد ما ذكره صاحب «الكشاف» أنّ بعض القراء يسكت عند قوله : «عوجا» ويفصل بينه وبين «قيّما» بسكتة لطيفة ، وهي رواية حفص (٢) عن عاصم ، وذلك يحتمل أن يكون لما ذكرنا من تقدير الفصل وانقطاع الكلام عمّا قبله.

قال ابن المنيّر : وتحتمل السكتة وجها آخر ، وهو أن يكون ذلك لرفع توهّم أن [يكون] (٣) «قيما» نعتا للعوج ؛ لأن النكرة تستدعي النعت غالبا ، وقد كثر في كلامهم (٤) إيلاء النكرة الجامدة نعتها ، كقوله : (صِراطاً مُسْتَقِيماً) (النساء : ٦٨) ، و (قُرْآناً عَرَبِيًّا) (يوسف : ٢) ، فإذا ولي (٥) النكرة الجامدة اسم مشتق نكرة ظهر فيه معنى الوصف ، فربما خيف اللبس في جعل «قيّما» نعتا ل «عوج» فوقع اللبس بهذه السكتة.

وهذا أيضا فيه نظر ، لأن ذلك إنما يتوهم [فيما] (٦) يصلح أن يكون وصفا ، ولا يصلح [«قيما»] (٦) أن يكون وصفا ل «عوج» فإنّ الشيء لا يوصف بضده ؛ لأن العوج (٧) لا يكون قيما ، والأولى ما ذكرناه أولا.

٣ / ٢٨٠ الثاني : نقل الإمام (٨) عن بعضهم أن «قيّما» بدل من قوله : «عوجا» ، وهو مشكل ، لأنه لا يظهر له وجه.

***

وقوله تعالى : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها) (يوسف : ٢٤) ، قيل : التقدير : لقد همّت

__________________

(١) في المخطوطة (مستقبلة).

(٢) انظر التيسير : ١٤٢.

(٣) ساقطة من المخطوطة.

(٤) في المخطوطة (كلامهم في).

(٥) في المخطوطة (أولى).

(٦) ساقطة من المخطوطة.

(٧) في المخطوطة (المعوج).

(٨) هو الفخر الرازي ، وانظر تفسيره ٢١ / ٧٥ ـ ٧٦. الوجه الثالث من البحث الرابع من المسألة الثالثة من مسائل الآية.

٣٥٠

به لو لا أن رأى برهان ربه وهمّ بها. وهذا أحسن ؛ لكن في تأويله قلق ، ولا يحتاج إلى هذا التأويل إلاّ على قول من قال : إنّ الصغائر يجوز وقوعها منهم.

وقوله : (فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ) (هود : ٧١) قيل : أصله : فبشرناها [بإسحاق] (١) فضحكت. وقيل : ضحكت أي حاضت بعد الكبر عند البشرى ، فعادت إلى عادات النساء من الحيض والحمل والولادة.

وقوله [تعالى] (٢) : (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) (الكهف : ٧٩) ، قدّم على ما بعده ، وهو مؤخّر عنه في المعنى ؛ لأنّ ذلك يحصل للتوافق.

وقوله : (فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى) (الأعلى : ٥) ، [أي أحوى غثاء] (٣) ، أي أخضر ، يميل إلى السواد ، والموجب لتأخير (أَحْوى) (الأعلى : ٥) رعاية الفواصل.

وقوله : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً) (آل عمران : ٨٥) ، قال ابن برهان النحوي (٤) : أصله : (٥) ومن يبتغ دينا غير الإسلام (٥).

وقوله : (وَغَرابِيبُ سُودٌ) (فاطر : ٢٧) ، قال أبو عبيد (٦) : الغربيب : الشديد السواد ، ففي الكلام تقديم وتأخير. وقال صاحب (٧) «العجائب والغرائب» : قال ابن عيسى (٨) : الغربيب : الذي لونه لون الغراب ، فصار كأنه غراب. قال : والغراب يكون أسود وغير أسود ، وعلى هذا فلا تقديم ولا تأخير فيه. ٣ / ٢٨١

وقوله : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) (الأنبياء : ١٠٥) على قول من يقول : إنّ الذّكر هنا القرآن.

وقوله : (حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها) (النور : ٢٧).

__________________

(١) ليست في المخطوطة.

(٢) ليست في المطبوعة.

(٣) العبارة ليست في المخطوطة.

(٤) هو أبو الفتح أحمد بن علي بن برهان تقدم التعريف به في ٢ / ٢٠٨.

(٥) تصحفت في المخطوطة تكرارا (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً).

(٦) هو القاسم بن سلام تقدم في ١ / ١١٩.

(٧) هو برهان الدين محمود بن حمزة بن نصر الكرماني تقدم التعريف به في ١ / ٢٠٦ وبكتابه في ١ / ٢٥٤.

(٨) هو علي بن عيسى الرمّاني تقدم في ١ / ١١١.

٣٥١

وقوله : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) (القمر : ١).

وقوله : (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها) (الشمس : ١٤) أي فعقروها ثم كذبوه في عقرها وفي إجابتهم.

وقوله : (ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) (الأنعام : ٢) [تقديره : ثم قضى أجلا وعنده أجل مسمى] (١) ، أي وقت مؤقت.

وقوله : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) (الحج : ٣٠) أي الأوثان من الرجس.

(هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) (الأعراف : ١٥٤) ، أي يرهبون ربهم (٢).

(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) (المؤمنون : ٥) ، أي الذين هم حافظون لفروجهم.

(فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) (إبراهيم : ٤٧) أي مخلف رسله وعده.

(بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) (القيامة : ١٤) ، أي بل الإنسان بصير (٣) على نفسه في شهود جوارحه عليه.

[٢١٤ / ب](خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) (الأنبياء : ٣٧) [أي] (٤) خلق العجل من الإنسان.

٣ / ٢٨٢ (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى) (طه : ١٢٩) ، أي ولو لا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمّى لكان العذاب لازما (٥) لهم.

(أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) (الفرقان : ٤٥) ، [أي] (٦) كيف مدّه ربك.

(وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) (العاديات : ٨) أي لشديد لحبّ الخير.

(وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ) (الأنعام : ١٣٧) أي زيّن للمشركين شركاؤهم قتل أولادهم ؛ لأن الشياطين كانوا يحسّنون لهم قتل بناتهم خشية العار.

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٢) في المخطوطة (لربهم).

(٣) في المخطوطة (بصيرة).

(٤) ساقطة من المطبوعة.

(٥) في المخطوطة (لزاما).

(٦) ساقطة من المخطوطة.

٣٥٢

وقوله : (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ (١) [لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلاَّ قَلِيلاً) (النساء : ٨٣) تقديره لعلمه الذين يستنبطونه منهم إلا قليلا منهم] (١).

وقوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) (التوبة : ٥٥) ، أي فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا ، إنما يريد الله ليعذّبهم بها في الآخرة.

وقوله : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ) (إبراهيم : ١٨) ، [تقديره] (٢) : مثل [أعمال] (٣) الذين كفروا بربهم كرماد اشتدت به الريح.

وقوله : (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعالَمِينَ) (الشعراء : ٧٧) ، أي فأنا عدوّ آلهتهم وأصنامهم ، وكلّ معبود يعبدونه من دون الله.

وقوله : (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا) (سبأ : ٥١) ، أي فزعوا [وأخذوا] (٤) ، فلا فوت ، [لأن الفوت] (٤) يكون بعد الأخذ.

٣ / ٢٨٣ وقوله : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ) (الغاشية : ١) ، يعني القيامة. (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ) (الغاشية : ٢) ؛ وذلك يوم القيامة. ثم قال : (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) (الغاشية : ٣) ، والنصب والعمل يكونان في الدنيا ، فكأنه على التقديم والتأخير (٥) ، معناه : وجوه عاملة ناصبة [في الدنيا] (٦) ويوم القيامة خاشعة ، والدليل عليه قوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ) (الغاشية : ٨).

وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ) (غافر : ١٠) ، تقديره : لمقت الله إياكم في الدنيا حين دعيتم إلى (٧) الإيمان فكفرتم ، ومقته إياكم اليوم أكبر من مقتكم أنفسكم إذ دعيتم إلى النار (٨).

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ليس في المطبوعة ، وقد تصحفت عبارة المخطوطة تكرارا كما يلي (لاتبعتم الشيطان إلا قليلا ، تقديره لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولو لا فضل الله عليكم ورحمته وقوله ولو لا فضل الله عليكم ورحمته). وما صوبناه من معاني القرآن وإعرابه للزجاج ١ / ٨٣ ـ ٨٤ وإعراب القرآن للنحاس ١ / ٤٧٥.

(٢) ساقطة من المخطوطة.

(٣) ليست في المطبوعة.

(٤) ليست في المخطوطة.

(٥) في المخطوطة (التقدير) بدل (التقديم والتأخير).

(٦) ليست في المطبوعة.

(٧) تصحفت في المطبوعة إلى (إلا).

(٨) في المخطوطة (الجبار) وفيها زيادة عبارة (وعند علي ما كان منكم).

٣٥٣

وقوله : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) (البقرة : ١٨٧) ، لأن الفجر ليس له سواد (١) ، والتقدير (٢) : حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض (٣) من الفجر من الخيط الأسود من الليل ؛ أي [حتى] (٤) يتبين لكم بياض (٥) الصبح من بقية سواد الليل.

وقوله : (وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ) (النساء : ٧٣).

وقوله : (كَأَنْ لَمْ تَكُنْ) (النساء : ٧٣) منظوم بقوله : (قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَ) (النساء : ٧٢) ، لأنه موضع الشماتة.

وقوله : (وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) (النحل : ٥١) ، [أي اثنين إلهين] (٦) ، لأن اتخاذ اثنين يقع على ما يجوز وما لا يجوز ، و «إلهين» لا يقع إلا على ما لا يجوز ، ف «إلهين» أخصّ ، فكان جعله صفة أولى.

__________________

(١) في المخطوطة (أسود).

(٢) في المخطوطة (فالتقدير).

(٣) عبارة المخطوطة فيها زيادة كلمة (الأبيض أعمالكم من الفجر).

(٤) ساقطة من المخطوطة.

(٥) في المخطوطة (مولد).

(٦) العبارة ليست في المخطوطة.

٣٥٤

النوع الثالث

ما قدّم في آية وأخّر في أخرى

فمن ذلك قوله في فاتحة الفاتحة : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) (الفاتحة : ٢) وفي خاتمة [الجاثية] (١) (فَلِلَّهِ الْحَمْدُ) (الآية : ٣٦) ، [فتقديم «الحمد»] (١) في الأول (٢) جاء على الأصل ، والثاني على تقدير الجواب ، فكأنه قيل عند وقوع الأمر : لمن الحمد؟ ومن أهله؟ فجاء الجواب على ذلك ، نظيره : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) (غافر : ١٦) ، ثم قال : (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (غافر : ١٦).

و [وقوله] (٣) في سورة يس : (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى) (الآية : ٢٠) ، قدّم المجرور على المرفوع ، لاشتمال ما قبله من سوء معاملة أصحاب القرية الرسل ، وإصرارهم على تكذيبهم ، فكان مظنّة التتابع على مجرى العبارة ، تلك القرية ، ويبقى مخيّلا [٢١٥ / أ] في فكره : أكانت (٤) كلّها كذلك ، أم كان فيها (٥) [فنطر أن أفاض] (٥) .. على خلاف ذلك ، بخلاف ما في سورة القصص.

ومنها قوله في سورة النمل : (لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا (٦) [مِنْ قَبْلُ) (الآية : ٦٨) ، وفي سورة المؤمنين : (لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا]) (٧) هذا [مِنْ قَبْلُ] (٧) (المؤمنون : ٨٣) ، فإنّ ما قبل الأولى (أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا) (النمل : ٦٧) ، وما قبل الثانية : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً) ، (المؤمنون : ٨٢) [فالجهة] (٧) المنظور فيها هناك كون أنفسهم وآبائهم ترابا ، والجهة المنظور فيها [هنا] (٧) كونهم ترابا وعظاما ، ولا شبهة أنّ (٨) الأولى أدخل عندهم في تبعيد (٨) البعث.

__________________

(١) ليست في المخطوطة.

(٢) في المخطوطة (الأولى).

(٣) ليست في المخطوطة.

(٤) في المخطوطة (لما كانت).

(٥) العبارة مضطربة وهي ساقطة من المطبوعة.

(٦) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٧) في المخطوطة (والأشبه في) بدل (ولا شبهة أن).

(٨) في المخطوطة (توعيد).

٣٥٥

٣ / ٢٨٥ ومنها قوله في سورة المؤمنين : (وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا) (الآية : ٣٣) ، فقدّم المجرور على الوصف ؛ لأنه لو أخبر عنه ـ وأنت تعلم أن تمام الوصف بتمام ما يدخل عليه الموصوف (١) ، وتمامه : (وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) (المؤمنون : ٣٣) ـ لاحتمل أن يكون من نعيم الدنيا. واشتبه الأمر في القائلين : أهم من قومه ، أم لا؟ بخلاف قوله في موضع آخر منها : (فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) (المؤمنون : ٢٤) ؛ فإنه جاء على الأصل.

ومنها قوله في سورة طه : (آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى) (طه : ٧٠). بخلاف قوله في سورة الشعراء : (رَبِّ مُوسى وَهارُونَ) (الشعراء : ٤٨).

ومنها قوله : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ [مِنْ إِمْلاقٍ] (٢) نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) (الأنعام : ١٥١) ، وقال في سورة الإسراء : (نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) (الإسراء : ٣١) ، قدم المخاطبين في الأولى دون الثانية ، لأنّ الخطاب في الأولى في الفقراء ، بدليل قوله : (مِنْ إِمْلاقٍ) (الأنعام : ١٥١) ، فكان رزقهم عندهم أهمّ من رزق أولادهم ، (٣) [فقدّم الوعد برزقهم على الوعد برزق أولادهم ، والخطاب في الثانية للأغنياء ؛ بدليل (خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) (الإسراء : ٣١) فإن الخشية إنما تكون مما لم يقع ، فكان رزق أولادهم] (٣) هو المطلوب ، دون رزقهم ، لأنّه حاصل ، فكان أهمّ ، فقدّم الوعد (٤) [برزق أولادهم على الوعد] (٤) برزقهم.

٣ / ٢٨٦ ومنها ذكر الله في أواخر سورة الملائكة : (إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (فاطر : ٣٨) ، فقدّم ذكر السموات ؛ لأن معلوماتها أكثر ، فكان تقديمها أدلّ على صفة العالمية ، ثم قال : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ (٥) مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ) (فاطر : ٤٠) فبدأ بذكر الأرض ، لأنه في سياق تعجيز الشركاء عن الخلق والمشاركة ، وأمر الأرض في ذلك أيسر من السماء بكثير ؛ فبدأ بالأرض

__________________

(١) في المخطوطة (الموصول).

(٢) ليست في المخطوطة.

(٣) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة وكتب عوضا عنها (وفي الثانية رزق أولادهم).

(٤) العبارة ليست في المخطوطة.

(٥) تصحفت في المخطوطة إلى (تزعمون).

٣٥٦

مبالغة في بيان عجزهم ؛ لأن من عجز عن أيسر الأمرين كان عن أعظمهما (١) أعجز ، ثم قال سبحانه : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) (فاطر : ٤١) ، فقدّم السموات تنبيها على عظم قدرته سبحانه ؛ لأنّ خلقها أكبر من خلق الأرض ، كما صرّح به في سورة المؤمن ؛ ومن قدر على إمساك الأعظم كان على إمساك الأصغر أقدر.

فإن قلت : فهلاّ اكتفى [به] (٢) عن (٣) ذكر الأرض بهذا التنبيه البيّن ، الذي لا يشكّ فيه أحد! قلت : أراد ذكرها مطابقة ؛ لأنه على كلّ حال أظهر وأبين ؛ فانظر أيها العاقل حكمة القرآن ، وما أودعه من البيان والتبيان ، تحمد عاقبة النظر ، وتنتظر (٤) خير منتظر!.

***

ومن أنواعه أن يقدم (٥) اللفظ في الآية ويتأخر فيها ؛ لقصد أن يقع البداءة والختم به ، للاعتناء بشأنه ، وذلك كقوله تعالى : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ، فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ) (آل عمران : ١٠٦).

وقوله : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها ...) (الجمعة : ١١) إلى قوله : ([قُلْ] (٦) ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ) (الجمعة : ١١) وكذلك (٧) قوله : (إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ) [٢١٥ / ب] (وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (البقرة : ٣٣) فإنه لو لا ما أسلفناه ، لقيل : (٨) ما تكتمون وتبدون (٨) ؛ لأنّ الوصف بعلمه أمدح ، كما قيل : (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) (الأنعام : ٣) ، و (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) (الرعد : ٩) (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ) (النحل : ١٩). ٣ / ٢٧٨

__________________

(١) في المخطوطة (من أعظمها).

(٢) ساقطة من المطبوعة.

(٣) في المطبوعة (من).

(٤) في المخطوطة (وتنظر).

(٥) في المخطوطة (تقدم).

(٦) ليست في المخطوطة.

(٧) في المخطوطة (وكذا).

(٨) في المخطوطة (ما تبدون وتكتمون).

٣٥٧

فإن قلت : فقد قال تعالى : (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) (طه : ٧) ، قلت : لأجل تناسب رءوس الآي.

ومنها أن يقع (١) التقديم في موضع والتأخير في آخر ، واللفظ واحد ، والقصة واحدة ؛ للتفنن في الفصاحة ، وإخراج الكلام على عدة أساليب ، كما في قوله تعالى : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ) (البقرة : ٥٨) ، وقوله : (وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) (الأعراف : ١٦١).

وقوله : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ) (البقرة : ٧) ، وقوله : (وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ) (الجاثية : ٢٣) ، قال الزمخشريّ في «كشافه القديم (٢)» : علم بذلك أنّ [كلا] (٣) الطريقين (٤) داخل تحت الحسن ؛ وذلك لأنّ العطف في المختلفين ، كالتثنية في المتفقين ، فلا عليك أن تقدّم (٥) أيّهما شئت ، فإنه حسن مؤدّ إلى الغرض. وقد قال سيبويه : ولم يجعل للرجل منزلة بتقديمك إياه ، بكونه (٦) أولى [بها] (٧) من الجائي (٨) ؛ كأنك قلت : مررت بهما ، يعني في قولك : مررت برجل وجاءني ، إلاّ أنّ الأحسن تقديم الأفضل ، فالقلب رئيس الأعضاء ، والمضغة لها الشأن ، ثم السمع طريق إدراك وحي الله ، وكلامه الذي قامت [به] (٩) السماوات والأرض ، وسائر العلوم التي هي الحياة كلها.

قلت : وقد سبق توجيه كل موضع بما ورد فيه من الحكمة.

٣ / ٢٨٨

القلب

وفي كونه من أساليب البلاغة خلاف ، فأنكره جماعة ، منهم حازم في (١٠) في كتاب «منهاج البلغاء» وقال : إنه مما يجب أن ينزّه كتاب الله عنه ؛ لأن العرب إن صدر ذلك منهم فبقصد (١١) العبث أو التهكّم أو المحاكاة أو حال اضطرار ، والله منزّه عن ذلك.

__________________

(١) تصحفت في المخطوطة إلى (أن لا يقع).

(٢) تقدم التعريف بالكتاب في ١ / ١٠٥.

(٣) ساقطة من المخطوطة.

(٤) في المخطوطة (الطرفين).

(٥) في المخطوطة (تعد).

(٦) في المخطوطة (تكون).

(٧) ساقطة من المخطوطة.

(٨) في المخطوطة (الجاري).

(٩) ساقطة من المخطوطة.

(١٠) تقدم التعريف به وبكتابه في ١ / ١٥٥.

(١١) في المخطوطة (فيقصد).

٣٥٨

وقبله جماعة مطلقا ، بشرط عدم اللّبس كما قاله المبرّد في كتاب «ما اتفق لفظه واختلف معناه (١)».

وفصّل آخرون بين أن يتضمن اعتبارا لطيفا (٢) ، فبليغ وإلا فلا ؛ ولهذا قال ابن الضائع (٣) : يجوز القلب على التأويل ، ثم قد يقرب التأويل فيصحّ في فصيح الكلام ، وقد يبعد فيختص بالشعر.

وهو أنواع :

أحدها

قلب الإسناد

٣ / ٢٨٩ وهو أن يشمل الإسناد إلى شيء والمراد غيره ، كقوله تعالى : ([ما إِنَ] (٤) مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) (القصص : ٧٦) ، إن لم تجعل الباء للتعدية ؛ لأن ظاهره أن المفاتح تنوء بالعصبة ، ومعناه أنّ العصبة تنوء بالمفاتح لثقلها ، فأسند «لتنوأ» (٥) [إلى] (٦) «المفاتح» ، والمراد إسناده إلى العصبة لأن الباء للحال والعصبة مستصحبة (٧) المفاتح ، لا تستصحبها (٨) المفاتح. وفائدته المبالغة ، بجعل المفاتح كأنها مستتبعة للعصبة القوية بثقلها.

وقيل : لا قلب فيه (٩) ، والمراد ـ والله أعلم ـ أنّ المفاتح تنوء بالعصبة ، أي تميلها من ثقلها. وقد ذكر هذا الفرّاء (١٠) وغيره.

وقال ابن عصفور (١١) : والصحيح ما ذهب إليه الفارسيّ أنّها بالنقل ولا قلب ، والفعل غير متعدّ ، فصار متعدّيا بالباء ، لأن «ناء» غير متعدّ ، يقال : ناء النجم ، أي نهض ، ويقال : ناء ، أي مال للسقوط. (١٢) [فإذا نقلت الفعل بالباء قلت : نؤت به ، أي أنهضته وأملته للسقوط ،] (١٢) فقوله : (لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) (القصص : ٧٦) ، أي تميلها المفاتح للسقوط لثقلها.

__________________

(١) تقدم الكلام عن الكتاب في ٣ / ٢١٧ ، حذف المضاف.

(٢) في المخطوطة (لفظيّا).

(٣) في المخطوطة (الصائغ) وابن الضائع هو علي بن محمد ، تقدم التعريف به في ٢ / ٣٦٤.

(٤) ليست في المخطوطة.

(٥) في المخطوطة (لتوالي).

(٦) ساقطة من المخطوطة.

(٧) في المخطوطة (مستحقة).

(٨) في المخطوطة (لاستصحابها).

(٩) في المخطوطة (عنه).

(١٠) انظر معاني القرآن ٢ / ٣١٠.

(١١) هو علي بن مؤمن بن محمد ، تقدم ذكره في ١ / ٤٦٦.

(١٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

٣٥٩

قال : وإنما كان مذهب الفارسيّ أصحّ ، لأن نقل (١) الفعل غير المتعدي بالباء مقيس ، والقلب غير مقيس ، فحمل الآية على ما هو مقيس أولى.

ومنه [٢١٦ / أ] قوله تعالى : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) (الأنبياء : ٣٧) ، أي خلق العجل من الإنسان. قاله ثعلب وابن السكيت (٢).

قال الزجّاج (٣) : ويدلّ على ذلك [قوله تعالى] (٤) (وَكانَ) (٥) الْإِنْسانُ عَجُولاً (الإسراء : ١١).

قال ابن جنّي (٦) : «والأحسن أن يكون تقديره : خلق الإنسان من العجلة ، لكثرة فعله إياه ، واعتماده له ، وهو أقوى في المعنى من القلب ، لأنه أمر قد اطّرد واتسع ، فحمله على القلب يبعد في الصنعة ، ويضعف (٧) المعنى. ولمّا خفي هذا على بعضهم قال : إنّ العجل هاهنا الطين ، قال : ولعمري إنه في اللغة كما ذكر ، غير أنه ليس هنا إلا نفس العجلة (٨) [والسرعة] (٩) ، ألا ترى إلى قوله عقبه : (سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) (الأنبياء : ٣٧) ، ونظيره (١٠) قوله : (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) (الإسراء : ١١) ، (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ٣ / ٢٩٠ ضَعِيفاً) (النساء : ٢٨) لأن العجلة ضرب من الضعف ، لما تؤذن به الضرورة والحاجة.

وقيل في قوله : (وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ) (ق : ١٩) ، [أي] (١١) إنه من المقلوب ، وأنه (١٢) وجاءت سكرة الحق بالموت (١٣) ، وهكذا في قراءة أبي بكر (١٤).

__________________

(١) في المخطوطة (ثقل).

(٢) هو يعقوب بن إسحاق تقدم التعريف به في ١ / ٤٠٢.

(٣) انظر معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٣٩٢.

(٤) ليست في المطبوعة.

(٥) تصحفت في المخطوطة إلى (وخلق).

(٦) الخصائص ٢ / ٢٠٤. بتصرف.

(٧) في المخطوطة (ويصغر).

(٨) في المطبوعة (العجل) والتصويب من الخصائص والمخطوطة.

(٩) ساقطة من المطبوعة.

(١٠) في المخطوطة (فنظيره).

(١١) ساقطة من المخطوطة.

(١٢) في المخطوطة (القلوب أي).

(١٣) تصحفت في المخطوطة إلى (الموت بالحق).

(١٤) وهي قراءة أبي بكر الصديق وأبيّ رضي‌الله‌عنهما (ابن خالويه مختصر في شواذ القراءات : ١٤٤).

٣٦٠