البرهان في علوم القرآن - ج ٣

بدر الدين محمّد بن عبد الله الزّركشي

البرهان في علوم القرآن - ج ٣

المؤلف:

بدر الدين محمّد بن عبد الله الزّركشي


المحقق: الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي ، الشيخ جمال حمدي الذهبي ، الشيخ إبراهيم عبد الله الكردي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٩

أجد» على «أتوك» كان (١) الحرج غير مرفوع عنهم حتى يقال : (وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ) (التوبة : ٩٢) ، فجواب «إذا» في قوله «لا أجد» وما بعد ذلك خبر ونبأ على هؤلاء السبعة الذين كانوا سبب نزول هذه الآية ففضيلة البكاء مخصوصة بهم ، ورفع الحرج بشرط عدم الجدة عامّ فيهم وفي غيرهم.

وقال الواحديّ (٢) في قوله تعالى : (قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) (البقرة : ١١٦) : آية البقرة في مصاحف الشام بغير واو ـ يعني قراءة ابن عامر (٣) ـ لأن هذه الآية ملابسة لما قبلها من قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ) (البقرة : ١١٤) لأن القائلين : «اتخذ الله [٢٠٠ / ب] ولدا» من جملة المتقدم ذكرهم ، فيستغنى عن ذكر الواو لالتباس الجملة بما قبلها ، كما استغنى عنها في نحو قوله [تعالى] (٤) : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (البقرة : ٣٩) ، ولو كان «وهم» (٥) كان حسنا ؛ إلا أنّ التباس إحدى الجملتين بالأخرى وارتباطها بها أغنى (٦) عن الواو.

ومثله : (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ) (الكهف : ٢٢) (٧) [ولم يقل : «ورابعهم»] (٧) كما قال : (وَثامِنُهُمْ) ولو حذف الواو منها كما حذف من التي قبلها واستغنى عن الواو بالملابسة التي بينهما [كان حسنا] (٧) ويمكن أن يكون حذف الواو (٧) [لاستئناف الجملة ، ولا يعطف على ما تقدم. انتهى.

وحصل من كلامه أنه عند حذف الواو] (٧) يجوز أن يلاحظ معنى العطف ، ويكتفي للرّبط بينها وبين ما قبلها بالملابسة كما ذكر. ويجوز ألاّ يلاحظ (٨) ذلك ؛ فتكون الجملة مستأنفة.

قال ابن عمرون (٩) : وحذف الواو في الجمل أسهل منه في المفرد ، وقد كثر حذفها في

__________________

(١) في المخطوطة (لكان).

(٢) هو علي بن أحمد تقدم التعريف به في ١ / ١٠٥.

(٣) وقراءة الباقين (وقالوا) بالواو (التيسير : ٧٦).

(٤) ليست في المطبوعة.

(٥) في المخطوطة (فيهما).

(٦) في المخطوطة (أغنت).

(٧) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

(٨) في المخطوطة (يلحظ).

(٩) هو محمد بن محمد بن أبي علي بن عمرون تقدم التعريف به في ٣ / ٢٢.

٢٨١

الجمل في الكلام المحمول بعضه على بعض ، نحو قوله تعالى : (قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ* قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ* قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ* قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ* قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ* قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) (الشعراء : ٢٣ إلى ٢٨) كله محمول بعضه على بعض ، والواو مزيدة (١) ، حذفت لاستقلال الجمل بأنفسها بخلاف المفرد ؛ ولأنه في المفرد ربّما أوقع لبسا في نحو «رأيت زيدا ورجلا عاقلا» ؛ ولو جاز حذف الواو احتمل أن يكون «رجلا» بدلا بخلاف الجملة. ٣ / ٢١٢

وقريب منه قوله [تعالى] (٢) : (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ) (القصص : ٧٩) ، أي : وقال.

ومنه الفاء في جواب الشرط على رأي ، وخرّج [عليه] (٢) قوله تعالى : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ) (البقرة : ١٨٠) [أي] (٢) فالوصية.

والفاء في العطف كقوله [تعالى] (٣) : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) (البقرة : ٦٧) ، تقديره «فقال أعوذ بالله» ، ذكره ابن الشجري في «أماليه» (٤).

وقوله تعالى : (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ) (الأعراف : ٦٥) (٥) حذف حرف العطف من قوله : (قالَ) ولم يقل : «فقال» كما في قصة نوح ؛ لأنه على تقدير سؤال سائل قال : ما قال لهم هود؟ فقيل : قال يا قوم اعبدوا الله واتقوه (٥).

٣ / ٢١٣ ومنه حذف همزة الاستفهام ، كقوله تعالى : (فَلَمَّا [جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ] (٦) رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي) (الأنعام : ٧٦) ، أي أهذا [ربي] (٧)؟

__________________

(١) في المخطوطة (مزادة).

(٢) ليست في المخطوطة.

(٣) ليست في المطبوعة.

(٤) الأمالي الشجرية ١ / ٧٩ و٣٧١.

(٥) العبارة في المخطوطة كتبت كما يلي (واتقوا الله ، وكذلك قال الملأ ، وأخاهم عطف على قوله نوحا. وهودا عطف بيان).

(٦) ليست في المخطوطة.

٢٨٢

وقوله : (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) (النساء : ٧٩) [أي أفمن نفسك] (١)!

وقوله : (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ [تَمُنُّها عَلَيَ]) (٢) (الشعراء : ٢٢) أي أو تلك نعمة! وقوله : (إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ) (يوسف : ٩٠) على قراءة ابن كثير (٣) بكسر الهمزة ، على خلاف في ذلك جميعه.

ومنه حذف ألف ما الاستفهامية مع حرف الجر للفرق بين الاستفهامية والخبرية كقوله [تعالى] (٤) : (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ) (البقرة : ٩١) ، (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) (النازعات : ٤٣) ، (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) (النبأ : ١) ، و (مِمَّ خُلِقَ) (الطارق : ٥).

ومنه حذف الياء في (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) (الفجر : ٤) للتخفيف ورعاية الفاصلة.

ومنه حذف حرف النداء ، كقوله : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ) (آل عمران : ٦٦) ، [أي يا هؤلاء] (٥).

وقوله : (يُوسُفُ) (يوسف : ٢٩) ، أي يا يوسف.

وقوله : (رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ) (مريم : ٤) ، أي يا رب.

ويكثر في المضاف نحو : (فاطِرَ السَّماواتِ) (يوسف : ١٠١). (رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً) (المائدة : ١١٤).

وكثر ذلك في نداء الربّ سبحانه [وتعالى] (٦) ؛ وحكمة ذلك دلالته على التعظيم والتنزيه ؛ لأن النداء يتشرّب معنى الأمر ؛ لأنك إذا قلت : يا زيد ، فمعناه أدعوك يا زيد ، فحذفت «يا» من نداء الرب ؛ ليزول معنى الأمر ، ويتمحّض التعظيم (٧) والإجلال.

٣ / ٢١٤ وقال الصفار (٨) : يجوز حذف حرف النداء من المنادى ، إلاّ إذا كان المنادى نكرة مقبلا عليها [أولا] (٩) ؛ إذ لا دليل عليه ؛ وإلا إذا كان اسم إشارة.

__________________

(١) ليست في المخطوطة. وانظر البحر المحيط لأبي حيان ٣ / ٣٠١.

(٢) ليست في المخطوطة.

(٣) قرأ ابن كثير إنك لأنت بكسر الهمزة على الخبر ، والباقون على الاستفهام (التيسير : ١٣٠).

(٤) ليست في المخطوطة.

(٥) ليست في المخطوطة.

(٦) ليست في المطبوعة.

(٧) في المخطوطة (للتعظيم).

(٨) هو القاسم بن علي البطليوسي ، تقدم في ٢ / ٤٥١.

(٩) ساقطة من المطبوعة.

٢٨٣

ومنه حذف «لو» في قوله تعالى : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) (المؤمنون : ٩١) ، تقديره [٢٠١ / أ] لو كان معه إله لذهب كلّ إله بما خلق.

وقوله : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) (العنكبوت : ٤٨) ، معناه لو كان كذلك لارتاب المبطلون.

ومنه حذف «قد» في قوله [تعالى] (١) : (أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) (الشعراء : ١١١) ، أي وقد اتبعك ؛ لأن الماضي لا يقع موقع (٢) الحال إلا و «قد» معه ظاهرة أو مقدرة.

ومثلها : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً [فَأَحْياكُمْ]) (٣) (البقرة : ٢٨) [أي وقد كنتم] (٤).

وقوله : (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) (النساء : ٩٠) (٥) [قيل معناه «قد حصرت» بدلالة قراءة يعقوب (٦). «حصرة صدورهم». وقال الأخفش : الحال محذوفة ، و «حصرت صدورهم»] (٥) صفتها ؛ أي جاءوكم يوما حصرت [صدورهم] (٧) ؛ دعاء عليهم (٥) [بأن تحصر صدورهم عن قتالهم لقومهم] (٥) على طريقة (٨) قاتلهم الله. وردّه أبو عليّ بقوله «أي قاتلوا قومهم» فلا يجوز أن يدعى عليهم بأن تحصر صدورهم عن قتالهم لقومهم ؛ لكن بقول : اللهم ألق (٩) بأسهم بينهم.

ومنه [حذف] (١٠) «أن» في قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ [خَوْفاً وَطَمَعاً]) (١٠) (الروم : ٢٤) ، المعنى أن يريكم.

__________________

(١) ليست في المخطوطة.

(٢) في المخطوطة (في موضع).

(٣) ليست في المطبوعة.

(٤) ليست في المخطوطة.

(٥) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٦) ذكرها ابن الجزري في النشر في القراءات العشر ٢ / ٢٥١ ، وانظر الأمالي الشجرية ١ / ٣٧٢.

(٧) ليست في المطبوعة.

(٨) في المطبوعة (طريقته) بدون (على).

(٩) في المخطوطة (ألحق).

(١٠) ليست في المخطوطة.

٢٨٤

وحذف «لا» في قوله : (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ) (يوسف : ٨٥) ، أي لا تفتأ ، لأنها ملازمة للنفي ومعناها لا تبرح. ٣ / ٢١٥

قوله : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) (النحل : ١٥) ، أي لا تميد.

وقوله : (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) (المائدة : ٢٩) ، أي لا تبوء.

وبهذا [التقدير] (١) يزول الإشكال من الآية : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ) (البقرة : ١٨٤) أي لا يطيقونه ، على قول.

فائدة (٢)

كثر في القرآن حذف الجار ، ثم إيصال الفعل إلى المجرور به ، كقوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) (الأعراف : ١٥٥) ، أي من قومه.

(وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ) (البقرة : ٢٥٣).

(لا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ) (البقرة : ٢٣٥) ، أي على عقدة.

(إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) ، أي يخوفكم بأوليائه ، ولذلك قال : (فَلا) (٣) تَخافُوهُمْ (آل عمران : ١٧٥).

(وَيَبْغُونَها عِوَجاً) (الأعراف : ٤٥) ، أي يبغون لها.

(وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ) (يس : ٣٩) أي قدرنا له.

(سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا) (طه : ٢١) [أي على سيرتها] (٤).

***

فصل (٥)

من الأنواع ما حذف في آية ، وأثبت في أخرى ؛ وهو قسمان :

__________________

(١) ساقطة من المطبوعة.

(٢) في المخطوطة (فصل).

(٣) في المخطوطة (فهل لا).

(٤) ليست في المخطوطة.

(٥) في المخطوطة (تنبيه).

٢٨٥

أحدهما : أن يكون ما حذف منه محمولا على المذكور ؛ [وهذا] (١) كالمطلق في الرقبة في كفارة الظهار (٢) ، مقيّدا بالمؤمنة [كما] (٣) في كفارة القتل (٤).

وكقوله : (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) (آل عمران : ١٣٣) ، قيدت بالتشبيه في موضع آخر (٥).

ومنه قوله تعالى في سورة البقرة : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ) (البقرة : ٢١٠) ، وقوله في سورة النحل : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) (النحل : ٣٣) ، فإن هذه تقتضي أن الأولى على حذف مضاف.

***

٣ / ٢١٧ والقسم الثاني : لا يكون مرادا. فمنه قوله تعالى في سورة المؤمنين : (لَكُمْ (٦) فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ) (المؤمنون : ١٩) ، وفي الزخرف : ([لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ]) (٧) مِنْها (٨) تَأْكُلُونَ (الزخرف : ٧٣).

وقوله في [سورة] (٩) البقرة : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الآية : ٥) وفي سورة الأعراف : (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) (الآية : ١٧٩).

وحكمته أنه قد اختلف الخبران في سورة البقرة ؛ فلذلك دخل العاطف ، بخلاف الخبرين

__________________

(١) ساقطة من المطبوعة.

(٢) من قوله تعالى في سورة المجادلة (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ...) [الآية : ٣].

(٣) ليست في المطبوعة.

(٤) من قوله تعالى في سورة النساء (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) [الآية : ٩٢].

(٥) وهو قوله تعالى في سورة الحديد (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) [الحديد : ٢١].

(٦) تصحفت في المخطوطة إلى (ولكم).

(٧) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٨) تصحفت في المخطوطة إلى (ومنها).

(٩) ليست في المطبوعة.

٢٨٦

في الأعراف ، فإنهما متفقان لأن التسجيل عليهم بالغفلة وتشبيههم بالبهائم واحد ؛ فكانت (١) الجملة الثالثة مقرّرة ما في الأولى فهي من العطف بمعزل.

ومنه قوله تعالى في البقرة : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ) (البقرة : ٦) وقال في يس : (وَسَواءٌ (٢) [عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ] (٢)) (يس : ١٠) مع العاطف ، وحكمته أنّ ما في يس وما بعده جملة معطوفة على جملة أخرى ، فاحتاجت إلى العاطف. والجملة هنا ليست معطوفة ، فهي من العطف بمعزل.

ومنه قوله تعالى : (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى(٢) [لا يَتَّبِعُوكُمْ] (٢)) (الأعراف : ١٩٣) فأثبت الواو في الأعراف ، وحذفها في الكهف ، فقال : (وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى) (الكهف : ٥٧) والفرق [٢٠١ / ب] بينهما أن الذي في الأعراف خطاب لجمع ، وأصله «تدعونهم» (٣) ، حذفت [النون] (٤) للجزم ، والتي في الكهف خطاب للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو واحد ، وعلامة الجزم فيه سقوط الواو.

٣ / ٢١٨ ومنه في آل عمران : (جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ) (آل عمران : ١٨٤) وفي فاطر : (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) (فاطر : ٢٥) والفرق [بينهما] (٥) أن الأولى حذفت الباء فيها للاختصار استغناء بالتي قبلها ، و [الثانية] (٦) خرجت عن (٧) الأصل للتوكيد (٨) ، وتقدير المعنى كما تقول : مررت بك وبأخيك وبأبيك ؛ إذا اختصرت.

[ومنه] (٩) قوله في قصة ثمود : (ما أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا) (الشعراء : ١٥٤) ، وفي قصة شعيب : (وَما أَنْتَ) (الشعراء : ١٨٦) بالواو ، والفرق أن الأولى جرى على انقطاع الكلام عند النحويين ، واستئناف (ما أَنْتَ) (الشعراء : ١٥٤) ، فاستغنى عن الواو لما تقرّر من الابتداء ،

__________________

(١) في المخطوطة (وكانت).

(٢) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٣) تصحفت في المخطوطة إلى (تدعهم).

(٤) ساقطة من المخطوطة.

(٥) ساقطة من المطبوعة.

(٦) ساقطة من المطبوعة.

(٧) عبارة المخطوطة (عن أن الأصل التوكيد).

(٨) ساقطة من المخطوطة.

٢٨٧

وفي الثانية جرى في العطف (١) ، وأن يكون قوله : (وَما أَنْتَ) (الشعراء : ١٨٦) معطوفا على (إِنَّما أَنْتَ) (الشعراء : ١٨٥).

ومنه (٢) قوله [تعالى] (٣) في سورة النحل : (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) (الآية : ١٢٧) ، وفي سورة النمل (وَلا تَكُنْ [فِي ضَيْقٍ]) (٣) (الآية : ٧٠) ، بإثبات النون ، وحكمته أن القصة لما طالت في سورة النحل ناسب التخفيف بحذف النون ، بخلافه في سورة النمل ؛ فإنّ الواو استئنافية ، ولا (٤) تعلّق لها بما قبلها.

وقوله [في البقرة] (٥) : (فَلا (٦) تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (الآية : ١٤٧) ، وفي آل عمران : (فَلا تَكُنْ [مِنَ الْمُمْتَرِينَ]) (٥) (الآية : ٦٠) ؛ وحكمته أنّ الخطاب في البقرة لليهود وهم (٧) أشدّ جدالا (٨).

ومنه (٩) قوله [تعالى] (١٠) [في الأعراف] (١١) : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا [بَلى] (١١) شَهِدْنا) (الآية : ١٧٢) وفي الأنعام : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا) (الآية : ١٣٠).

٣ / ٢١٩ ومنه قوله تعالى في سورة البقرة : (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِ) (الآية : ٦١) ، وفي سورة آل عمران : (بِغَيْرِ حَقٍ) (الآية : ٢١). والحكمة فيه أن الجملة في آل عمران خرجت (١٢) مخرج الشرط ، وهو عام ، فناسب أن يكون النفي بصيغة التنكير ؛ حتى يكون عاما ،

__________________

(١) في المخطوطة (على المعطوف).

(٢) في المخطوطة (ومنها).

(٣) ليست في المخطوطة.

(٤) في المخطوطة (لا).

(٥) ليست في المخطوطة.

(٦) تصحفت في المخطوطة إلى (ولا).

(٧) تصحفت في المخطوطة إلى (وهي).

(٨) في المخطوطة (ضلالا).

(٩) في المخطوطة (ومنها).

(١٠) ليست في المطبوعة.

(١١) ليست في المخطوطة.

(١٢) في المخطوطة (أخرجت).

٢٨٨

وفي سورة البقرة جاء عن أناس معهودين ؛ وهو قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِ) (الآية : ٦١) ، فناسب أن يؤتى بالتعريف ، لأن الحق الذي كان يستباح به قتل الأنفس (١) [عندهم كان معروفا ، كقوله تعالى : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) (المائدة : ٤٥) ، فالحقّ هنا الذي تقتل به الأنفس] (١) معهود معروف ، بخلاف ما في سورة آل عمران.

و [منه] (١) قوله تعالى في [سورة] (٢) هود حاكيا عن شعيب : (وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (الآية : ٩٣) ، (٣) [وأمر نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يقول لقريش : (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)] (٣). (النحل : ٥٥).

ويمكن أن يقال : لما كررت مراجعته (٤) لقومه ، ناسب اختصاص قصته بالاستئناف الذي هو أبلغ في الإنذار والوعيد ؛ وأما نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم فكانت مدة إنذاره لقومه قصيرة ، فعقّب عملهم على مكافأتهم بوعيدهم بالفاء ؛ إشارة إلى قرب نزول الوعيد لهم بخلاف شعيب ، فإنه طالت مدته في قومه ، فاستأنف لهم ذكر (٥) الوعيد.

ولعلّ قوم شعيب سألوه السؤال المتقدم ، فأجابهم بهذا الجواب ، والفاء لا تحسن فيه ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يقل ذلك جوابا للسؤال (٦) ، ولا يحسن معه الحذف.

٣ / ٢٢٠ ومنه أنه تعالى قال في خطاب المؤمنين : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) (الصف : ١٠) ، إلى أن قال : (يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) (الصف : ١٢) ، وقال في خطاب الكافرين : (٧) (يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) (إبراهيم : ١٠) ، (يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ) [٢٠٢ / أ](مِنْ ذُنُوبِكُمْ) (٧) (الأحقاف : ٣١).

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٢) ليست في المطبوعة.

(٣) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٤) في المخطوطة (مجامعته).

(٥) في المخطوطة (ذلك).

(٦) في المخطوطة (لسؤال).

(٧) وقع تقديم وتأخير في المخطوطة وجاءت العبارة فيها كالتالي : (واتقوا الله وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم) ، (يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا يغفر لكم من ذنوبكم) ، (يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ).

٢٨٩

قال الزمخشريّ (١) في تفسير سورة إبراهيم : ما علمته (٢) جاء الخطاب هكذا في القرآن إلاّ (٣) في خطاب الكافرين (٣) ، وكان ذلك للتفرقة بين الخطابين ، ولئلا يسوّى (٤) بين الفريقين في الميعاد.

واعترض الإمام فخر الدين (٥) بأن هذا التبعيض إن حصل فلا حاجة إلى ذكر هذا الجواب ، وإن لم يحصل كان هذا الكلام فاسدا.

وقال الشيخ أثير الدين (٦) أبو حيان في «تفسيره» : ويقال : ما فائدة الفرق في الخطاب والمعنى مشترك؟ إذ الكافر إذا آمن والمؤمن إذا تاب مشتركان في الغفران ، وما تخيلت فيه مغفرة (٧) بعض الذنوب من الكافر إذا هو آمن (٨) موجود في المؤمن إذا تاب. وسيأتي بسط الكلام على ذلك في آخر الكتاب (٩) [عند الكلام على «من».

فصل (١٠)

ومن لواحق ذلك الإدغام في موضع وتركه في آخر ، في سورة النساء (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ) (الآية : ١١٥) ، وفي الأنفال : (وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ) (الآية : ١٣) ، وجاء بالإدغام في الحشر (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ) (الآية : ٤) ، وذلك لأن الإدغام تخفيف وليس بالأصيل فورد في النساء على الأصل ، ولم يقترن به ما يقتضي تخفيفه ، ولما تقدم في سورة الحشر قوله (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ) وتقدم الماضي مدغما ولم يسمع في الماضي فجيء بما حمل عليه من قوله (وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ) مدغما ليحصل التناسب.

__________________

(١) في الكشاف ٢ / ٢٩٤.

(٢) في المخطوطة (علمت).

(٣) عبارة المخطوطة (على هذا الوجه).

(٤) في المخطوطة (يسري).

(٥) انظر التفسير الكبير ١٩ / ٩٤ ، المسألة الرابعة.

(٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٠٩ ـ ٤١٠.

(٧) في المخطوطة (معرفة).

(٨) في المخطوطة (آمن هو).

(٩) ما بين الحاصرتين ليس في المطبوعة.

(١٠) هذا الفصل بكامله ليس في المطبوعة.

٢٩٠

وأما سورة الأنفال فتعارض فيها شيئان مجيء الإدغام قبله في الماضي من قوله (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ) وعطف (وَرَسُولَهُ) على اسم الله وقد وردت نسبة المشاقة لله ورسوله ورد ذلك بالعطف بالواو الجامعة وهو مما يناسب الشك فاستدعى الموضع داعيان ، أحدهما ما قبل من الإدغام ، والثاني ما بعده من العطف المشبه للفظ ، فروعي البعديّ لأنه أقوى من القبلي كما فعلوا في «الأمام» فلم يميلوا نحو «مناشيط» ونحوه مما تأخر فيه حرف الاستعلاء ، وإن حال بينه وبين الألف حرفان ومع ذلك فإنه ينفع الإمالة وليس ذلك في قوة المنع إذا تقدم مع حائل.

ومنه في الأنعام (فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) (الآية : ٤٢) بالإدغام ووجّه أن العرب تراعي مجاورة الألفاظ فيحمل اللفظ على مجاورة المشاكلة للمشاكلة القطعية ، وفيه الاتباع في «نسوك وبنوك» والأصل بنيك ، وماضي الفعل من الضراعة لا إدغام فيه إنما نقول «يضرع» إذ لا حرف مضارعة فيه يسوغ الإدغام فلما أورد الماضي فيما بني على آية الأنعام من قوله (فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا) (الآية : ٤٣) ولا إدغام فيه ورد الأول مفكوكا غير مدغم دعيا للمناسبة بخلاف آية الأعراف ، إذا لم يرد فيه ما يستدعي هذه المناسبة فجاء مدغما على الوجه الأخف إذ لا يقتضي بخلافه.

ومنه (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ) في البقرة (٣٨) ، (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ) في طه (١٢٣) وكذلك في الأنعام : (وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) (الآية : ٩٩) وقال بهذه في هذه السورة (وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) (الآية : ١٤١) فورد في آخر الأمر على أخف التباين وفي الثاني على أثقلهما دعيا للترتيب].

الإيجاز

وهو قسم من الحذف ، ويسمى إيجاز القصر ؛ فإن الإيجاز عندهم قسمان : وجيز بلفظ ، ووجيز بحذف.

فالوجيز باللفظ (١) أن يكون اللفظ بالنسبة إلى المعنى أقلّ من القدر المعهود عادة ؛ وسبب [٢٠٢ / ب] حسنه أنه يدلّ على التمكن في الفصاحة ، ولهذا قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أوتيت جوامع الكلم (٢)». ٣ / ١٢٢

__________________

(١) في المخطوطة (بلفظه).

(٢) قطعة من حديث عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه أخرجه البخاري في الصحيح ٦ / ١٢٨ ، كتاب الجهاد

٢٩١

واللفظ لا يخلو إما أن يكون مساويا لمعناه وهو المقدر ؛ أو أقل منه وهو المقصور.

أما المقدّر فكقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ ...) (النحل : ٩٠) الآية. وقوله : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) (عبس : ١٧) ، وهو كثير.

وأما المقصور ؛ فإما أن يكون نقصان لفظه عن معناه لاحتمال لفظه لمعان كثيرة ، أو لا.

***

الأول (١) كاللفظ المشترك الذي (٢) له مجازان (٣) ، أو حقيقة ومجاز إذا أريد معانيه ؛ كما في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) (الأحزاب : ٥٦) ؛ فإن الصلاة من الله مغايرة للصلاة من الملائكة ، والحق أنه من القدر المشترك وهو الاعتناء والتعظيم.

وكذلك قوله [تعالى] (٤) : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ ...) (الحج : ١٨) الآية ؛ فإن السجود في الكل يجمعه معنى واحد ؛ وهو الانقياد.

***

والثاني (٥) كقوله : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) (الأعراف : ١٩٩).

وقوله : (أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام : ٨٢).

٣ / ٢٢٢ وكذلك قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) (البقرة : ١٧٩) ، إذ معناه كبير (٦) ، ولفظه يسير.

وقد نظر لقول العرب : «القتل أنفى للقتل» ؛ وهو بنون ثم فاء ، ويروى (٧) [بتاء ثم قاف ويروى] (٧) «أوقى». والمعنى أنه إذا أقيم وتحقق حكمه خاف من يريد قتل أحد أن

__________________

(٥٦) ، باب قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «نصرت بالرعب مسيرة شهر» ... (١٢٢) ، الحديث (٢٩٧٧) ، ومسلم في الصحيح ١ / ٣٧١ ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة (٥) الحديث (٧ / ٥٢٣).

(١) في المخطوطة (والأول).

(٢) في المخطوطة (والذي).

(٣) في المخطوطة (مجازات).

(٤) ليست في المخطوطة.

(٥) في المخطوطة (الثاني).

(٦) في المخطوطة (كثير).

(٧) ليست في المخطوطة.

٢٩٢

يقتصّ منه ، وقد حكاه الحوفيّ (١) في «تفسيره» عن علي بن أبي طالب [رضي‌الله‌عنه] (٢) ، وقال : قول عليّ في غاية البلاغة ؛ وقد أجمع الناس على بلاغته وفصاحته (٣) ؛ وأبلغ منه قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) (البقرة : ١٧٩) انتهى (٤) وقد تكلّموا في وجه الأبلغية.

وقد أشار صاحب (٥) «المثل السائر» إلى إنكار ذلك ، وقال : لا نسبة بين كلام الخالق عزوجل وكلام المخلوق ؛ وإنما العلماء يقدحون أذهانهم فيما يظهر لهم من ذلك. وهو كما قال ، وكيف يقابل المعجز بغيره مفاضلة ، وهو منه في مرتبة العجز (٦) عن إدراكه :

وما ذا يقول القائلون إذا بدا

جمال خطاب فات (٧) فهم الخلائق

وجملة ما ذكروا في ذلك وجوه (٨) :

أحدها أن قوله : (الْقِصاصِ حَياةٌ) (البقرة : ١٧٩) أوجز ؛ فإن حروفه عشرة ، وحروف «القتل أنفى للقتل» أربعة عشر حرفا ، والتاء وألف الوصل ساقطان لفظا ، وكذا التنوين لتمام الكلام المقتضي للوقف.

الثاني : أن قولهم فيه كلفة بتكرير القتل ، ولا تكرير في الآية.

الثالث : أنّ لفظ «القصاص» فيه حروف متلائمة ؛ لما فيه من الخروج من القاف إلى الصاد ، إذ القاف من حروف الاستعلاء ، (٩) [والصاد من حروف الاستعلاء] (٩) والإطباق ؛ بخلاف الخروج من القاف إلى التاء ، التي هي حرف منخفض ، فهو غير ملائم [للقاف] (١٠) ، وكذا ٣ / ٢٢٣ الخروج من الصاد إلى الحاء أحسن من الخروج من اللام إلى الهمزة ، لبعد ما دون (١١) طرف اللسان وأقصى الحلق.

__________________

(١) هو أبو الحسن علي بن إبراهيم تقدم التعريف به وبكتابه في ١ / ٤٠٩.

(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.

(٣) تقديم وتأخير في المخطوطة. (بلاغته وفصاحته).

(٤) تأخرت في المطبوعة بعد قوله (وجه الأبلغية).

(٥) هو ضياء الدين محمد بن محمد ، ابن الاثير الجزري تقدم التعريف به وبكتابه ٣ / ١٨٩.

(٦) في المخطوطة (المعجوز).

(٧) في المخطوطة (ذات).

(٨) في المخطوطة (وجوها).

(٩) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

(١٠) ساقطة من المطبوعة.

(١١) في المخطوطة (بين).

٢٩٣

الرابع : في النطق بالصاد والحاء والتاء حسن الصوت ، ولا كذلك تكرير القاف والفاء.

الخامس : تكرير ذلك في (١) كلمتين [متماثلتين] (٢) بعد فصل (٣) طويل ، وهو ثقل في الحروف أو الكلمات.

السادس : الإثبات أوّل والنفي ثان عنه ؛ والإثبات أشرف.

السابع : أنّ القصاص المبنيّ على (٤) المساواة أوزن في المعادلة من مطلق القتل ، ولذلك يلزم التخصيص ، بخلاف الآية.

الثامن : الطباع أقبل للفظ «الحياة» (٥) [من كلمة «القتل» ، لما فيه من الاختصار ، وعدم تكرار الكلمة ، وعدم تنافر الحروف ، وعدم تكرار الحرفين ؛ وقبول الطبع للفظ «الحياة»] (٥) وصحة الإطلاق.

التاسع : أنّ نفي القتل لا يستلزم الحياة ، والآية ناصّة على ثبوتها التي هي الغرض المطلوب منه.

العاشر : أن قولهم لا يكاد يفهم إلا بعد فهم أن القصاص هو الحياة ، وقوله : (فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) (البقرة : ١٧٩) مفهوم لأوّل (٦) وهلة [٢٠٣ / أ].

الحادي عشر : أنّ قولهم خطأ ؛ فإن القتل كلّه ليس نافيا للقتل ؛ فإنّ القتل العدوانيّ (٧) لا ينفي القتل ، وكذا القتل في الرّدة والزنا لا ينفيه ؛ وإنما ينفيه قتل خاص وهو قتل القصاص ؛ فالذي في الآية تنصيص على المقصود ، والذي في المثل لا يمكن حمله على ظاهره. ٣ / ٢٢٤

الثاني عشر : فيه دلالة على ربط المقادير بالأسباب ، وإن كانت الأسباب أيضا بالمقادير ، وكلام العرب يتضمنه ؛ إلاّ أنّ فيه زيادة وهي الدلالة على ربط الأجل في الحياة ؛ بالسبب ، لا (٨) من مجرد نفي القتل.

الثالث عشر : في تنكير «حياة» نوع تعظيم ؛ يدلّ على أنّ في القصاص حياة متطاولة ،

__________________

(١) في المخطوطة (من).

(٢) ساقطة من المخطوطة.

(٣) في المخطوطة (بغير مطل).

(٤) في المخطوطة (عن).

(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

(٦) في المخطوطة (أول).

(٧) في المخطوطة (العدوان).

(٨) في المخطوطة (إلا).

٢٩٤

كقوله : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) (البقرة : ٩٦) ولا كذلك المثل ؛ فإنّ اللام فيه للجنس ؛ ولهذا فسروا الحياة فيها بالبقاء.

الرابع عشر : فيه بناء أفعل التفضيل من [فعل] (١) متعد ، والآية سالمة منه.

الخامس عشر : أنّ «أفعل» في الغالب تقتضي الاشتراك ؛ فيكون ترك القصاص نافيا القتل ؛ ولكن القصاص أكثر نفيا ، وليس الأمر كذلك ، والآية سالمة من هذا.

السادس عشر : أنّ اللفظ المنطوق به إذا توالت حركاته تمكّن اللسان من النطق ، وظهرت فصاحته ، بخلافه (٢) إذا تعقب كل حركة سكون ، والحركات تنقطع بالسكنات نظيره : إذا تحركت الدابة أدنى حركة ، فخنست ، ثم تحركت فخنست ، لا يتبين انطلاقها (٣) ، ولا تتمكن من حركتها على ما نختاره ؛ وهي كالمقيّدة ، وقولهم : «القتل [أنفى للقتل] (٤)» ، حركاته متعاقبة بالسكون بخلاف الآية.

السابع عشر : الآية اشتملت على فنّ بديع ؛ وهو جعل أحد الضدين الذي هو الفناء والموت محلا ومكانا لضدّه الذي هو الحياة ، واستقرار الحياة في الموت مبالغة عظيمة. ذكره في «الكشاف (٥)».

الثامن عشر : أنّ في الآية طباقا ؛ لأنّ القصاص (٦) مشعر بضدّ الحياة ، بخلاف المثل. ٣ / ٢٢٥

التاسع عشر : القصاص في الأعضاء والنفوس ، وقد جعل في الكلّ حياة ؛ فيكون جمعا بين حياة النفس والأطراف ، وإن فرض

قصاص بما لا حياة فيه كالسنّ ؛ فإن مصلحة الحياة تنقص بذهابه ، ويصير (٧) كنوع آخر ؛ وهذه اللطيفة لا يتضمنها المثل.

العشرون : أنها أكثر فائدة لتضمنه القصاص في الأعضاء ، وأنه نبّه على حياة النفس من وجهين : من وجه به القصاص صريحا ، ومن وجه القصاص في الطرف ؛ لأن أحد أحوالها أن يسري إلى (٨) النفس فيزيلها ، ولا كذلك المثل.

__________________

(١) ساقطة من المطبوعة.

(٢) في المخطوطة (بخلاف ما).

(٣) في المخطوطة (إطلاقها).

(٤) ساقطة من المخطوطة.

(٥). ١ / ١١١.

(٦) في المخطوطة (في القصاص).

(٧) في المخطوطة (فيصير).

(٨) في المخطوطة (تسري في).

٢٩٥

وقد قيل غير ذلك.

وأما زيادة (لكم) ففيها (١) لطيفة ؛ وهي بيان (٢) العناية بالمؤمنين على الخصوص ، وأنهم المراد حياتهم (٣) لا غيرهم ، لتخصيصهم بالمعنى مع وجوده فيمن سواهم [من غير حذف] (٤).

والحاصل أنّ هذا من البيان الموجز الذي لا يقترن به شيء.

***

ومن بديع الإيجاز قوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ* اللهُ الصَّمَدُ ...) (الإخلاص : ١ ـ ٢) الآية ، فإنها نهاية التنزيه.

وقوله : (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ) (الدخان : ٢٥ ـ ٢٦) ، وهذا بيان عجيب يوجب التحذير من الاغترار بالإمهال.

وقوله : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ) (الدخان : ٤٠).

وقوله : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ) (الدخان : ٥١) ، وهذا من أحسن الوعد والوعيد.

٣ / ٢٢٦ وقوله : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) (الحجر : ٩٤) ، فهذه ثلاث كلمات اشتملت على جميع [٢٠٣ / ب] ما في (٥) الرسالة.

وقوله : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) (الأعراف : ١٩٩) ، فهذه جمعت مكارم الأخلاق كلّها ؛ لأن في (خُذِ الْعَفْوَ) (الأعراف : ١٩٩) صلة القاطعين ، والصفح عن الظالمين ، وفي الأمر بالمعروف تقوى الله وصلة الأرحام ، وصرف اللسان عن الكذب ، وفي الإعراض عن الجاهلين الصبر والحلم ، وتنزيه النفس عن مماراة السفيه.

وقوله (٦) : (مُدْهامَّتانِ) (الرحمن : ٦٤) ، معناه مسودّتان من شدة الخضرة.

وقوله : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) (البقرة : ٢٨٦).

__________________

(١) في المخطوطة (فيها).

(٢) في المخطوطة (بناء).

(٣) تكررت كلمة (وأنهم) في هذا الموضع.

(٤) ليست في المطبوعة.

(٥) في المخطوطة (معاني).

(٦) في المطبوعة (قوله).

٢٩٦

وقوله : (أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها) (النازعات : ٣١) ، فدلّ بأمرين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتا ومتاعا للأنام ، من العشب ، والشجر ، والحبّ ، والثمر ، والعصف ، والحطب ، واللباس ، والنار ، والملح ؛ لأن النار من العيدان ، والملح من الماء.

وقوله : (يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) (الرعد : ٤) ، فدلّ على نفسه ولطفه ووحدانيته وقدرته ، وهدى للحجة على من ضلّ عنه ؛ لأنه لو كان ظهور الثمرة بالماء والتربة ، لوجب في القياس ألاّ تختلف الطعوم والروائح ، ولا يقع التفاضل في الجنس الواحد إذا نبت في مغرس واحد ؛ ولكنّه صنع اللطيف الخبير.

وقوله : (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ) (الواقعة : ١٩) ، كيف نفى [عنها] (١) بهذين جميع عيوب الخمر ، [وجمع بقوله] (٢) : (لا يُنْزِفُونَ) عدم العقل وذهاب (٣) المال ونفاد الشراب.

٣ / ٢٢٧ وقوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ* وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ) (يونس : ٤٢ ـ ٤٣) فدلّ على فضل السمع [على] (٤) البصر ، حيث جعل مع الصّمم فقدان العقل ، ولم يجعل مع العمى إلا فقدان البصر وحده.

[وقوله] (٥) : (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (هود : ٤٤) كيف أمر ونهى ، وأخبر ونادى ، ونعت وسمّى ، وأهلك وأبقى ، وأسعد وأشقى ، قصّ (٦) من الأنباء ما لو شرح ما اندرج في هذه الجملة من بديع اللفظ والبلاغة والإيجاز والبيان لجفّت الأقلام وانحسرت الأيدي.

وقوله تعالى عن النمل (٧) : (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) (النمل : ١٨) فجمع في هذه اللفظة أحد عشر جنسا من الكلام ، نادت ، وكنت ، ونبهت وسمّعت (٨) ، وأمرت ، وقضت وحذّرت ، وخصت ، وعمّت ، وأشارت ، وغدرت ؛ فالنداء «يا» ، والكناية «أيّ» ، والتنبيه «ها» ، والتسمية النمل ، والأمر ، «ادخلوا» ، والقصص «مساكنكم» ،

__________________

(١) ساقطة من المطبوعة.

(٢) ساقطة من المخطوطة.

(٣) في المخطوطة (ذهاب).

(٤) في المطبوعة (والبصر).

(٥) ليست في المخطوطة.

(٦) في المخطوطة (وقص).

(٧) في المطبوعة (النملة).

(٨) في المخطوطة (وسمّت).

٢٩٧

والتحذير «لا يحطمنكم» ، والتخصيص سليمان ؛ والتعميم جنوده ، والإشارة «وهم» ، والعذر (١) «لا يشعرون». فأدّت خمس حقوق : حق الله ، وحق رسوله ، وحقها ، وحق رعيتها وحق جنود سليمان. فحقّ الله أنها استرعيت (٢) على النمل فقامت بحقهم ، وحق سليمان أنها نبهته على النمل ، وحقها إسقاطها حق الله عن الجنود في نصحهم ، وحق الجنود بنصحها لهم ٣ / ٢٢٨ ليدخلوا مساكنهم ، وحق الجنود إعلامها إياهم وجميع الخلق أن من استرعى (٣) رعيّة فواجب (٤) عليه حفظها والذبّ عنها (٥) ؛ وهو داخل في الخبر المشهور : «كلّكم راع وكلكم مسئول عن رعيته (٦)».

ويقال : إن سليمان عليه‌السلام لم يضحك في عمره إلا مرة واحدة ، وأخرى حين أشرف على [٢٠٤ / أ] وادي النمل فرآها على كبر الثعالب (٧) ، لها خراطيم وأنياب ، فقال رئيسهم (٨) : ادخلوا مساكنكم ، فخرج كبير النمل في عظم الجواميس ، فلما نظر إليه (٩) سليمان هاله ، فأراه الخاتم ، فخضع له ، ثم قال : أهذه كلها نمل؟ فقال : إن النمل لكبير (١٠) ، إنها ثلاثة أصناف : صنف في الجبال ، وصنف في القرى ، وصنف في المدن.

فقال سليمان عليه‌السلام : اعرضها عليّ ، فقال له : قف. فبقى [سليمان] (١١) عليه‌السلام تسعين يوما واقفا ، يمرّ (١٢) عليه النمل ؛ فقال : هل انقطعت عساكركم ، فقال ملك النمل : لو وقفت إلى يوم القيامة ما انقطعت. وذكر الجنيد (١٣) أنّ سليمان عليه‌السلام قال لعظيم

__________________

(١) في المطبوعة (الغدر).

(٢) في المخطوطة (استرعت).

(٣) في المطبوعة (استرعاه).

(٤) في المطبوعة (فوجب).

(٥) في المخطوطة (عليها).

(٦) غرّة حديث متفق عليه عن ابن عمر رضي‌الله‌عنهما ، أخرجه البخاري في الصحيح ٢ / ٣٨٠ ، كتاب الجمعة (١١) ، باب الجمعة في القرى والمدن (١١) ، الحديث (٨٩٣). وأخرجه مسلم في الصحيح ٣ / ١٤٥٩ ، كتاب الإمارة (٣٣) ، باب فضيلة الإمام العادل ... (٥) ، الحديث ٢٠ / ١٨٢٩.

(٧) في المخطوطة (البغال).

(٨) في المخطوطة (رائسهم).

(٩) في المخطوطة (رآه) بدل (نظر إليه).

(١٠) في المخطوطة (كثير).

(١١) ليست في المخطوطة.

(١٢) في المخطوطة (تمر).

(١٣) ترجمته في ٢ / ٢١٧.

٢٩٨

النمل : لم قلت للنمل : ادخلوا مساكنكم! أخفت عليهم من ظلمنا؟ قال : لا ، ولكن خفت أن يفتتنوا بما رأوا (١) من ملكك ، فيشغلهم ذلك عن طاعة الله [تعالى] (٢).

وقوله : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ [وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ]) (٣) (يس : ٧٨ ـ ٧٩) ، وهذا أشد (٤) ما يكون من الحجاج.

وقوله : (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) (الزخرف : ٣٩) ، وهذا أعظم ما يكون من التحسير (٥).

وقوله : (الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ) (الزخرف : ٦٧) ، وهذا أشدّ ما يكون من التنفير عن الخلة إلا على التقوى.

وقوله : (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) (الزمر : ٥٦) ، ٣ / ٢٢٩ وهذا أشدّ ما يكون من التحذير من التفريط.

وقوله : (أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ) (فصلت : ٤٠) ، وهذا أشدّ ما يكون من التبعيد.

وقوله : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) (فصلت : ٤٠) ؛ فهذا أعظم ما يكون من التخيير.

وقوله : ((٦) [وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ* وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ*] (٦) وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ* لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (ق : ١٩ ـ ٢٢) ، وهذا أبلغ ما يكون من التذكير.

وقوله : (كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ* أَتَواصَوْا

__________________

(١) في المخطوطة (يرون).

(٢) ليست في المطبوعة.

(٣) تمام الآية ليس في المطبوعة.

(٤) في المخطوطة (أبلغ).

(٥) في المخطوطة (التحيير).

(٦) ما بين الحاصرتين ليس في المطبوعة.

٢٩٩

بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) (الذاريات : ٥٢ ـ ٥٣) ، وهذا أشدّ ما يكون في التقريع على التمادي في الباطل.

وقوله : (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ* يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) (الرحمن : ٤٣ ـ ٤٤) ، وهذا أشدّ ما يكون من التقريع.

[وقوله] (١) (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ) (آل عمران : ١٨٥) ، وهذا غاية الترهيب.

وقوله : (وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ) (٢) وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ (فصلت : ٣١) ، وهذه غاية الترغيب.

٣ / ٢٣٠ وقوله : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) (المؤمنون : ٩١).

وقوله : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا) (الأنبياء : ٢٢) ، وهذا أبلغ ما يكون من الحجاج ؛ وهو الأصل الذي عليه أثبتت دلالة التمانع في علم الكلام.

وقوله : (فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ) (الزخرف : ٧١) ، وهذا أبلغ ما يكون من الوصف بكل ما تميل إليه النفس من الشهوات ، وتلذّ الأعين من المرئيات ، ليعلم أن هذا اللفظ القليل جدّا ، حوى معاني (٣) كثيرة لا تنحصر عددا (٤).

وقوله : (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ) (المنافقون : ٤) ، وهذا أشدّ ما يكون من الخوف.

وقوله : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ) (فاطر : ٤٣).

[٢٠٤ / ب] وقوله : (إِنَّما بَغْيُكُمْ [عَلى أَنْفُسِكُمْ]) (٥) (يونس : ٢٣).

__________________

(١) ليست في المطبوعة.

(٢) تصحفت في المخطوطة إلى (تشتهي الأنفس وتلذ الأعين).

(٣) في المخطوطة (معانيا).

(٤) في المخطوطة (عدّا).

(٥) ليست في المطبوعة.

٣٠٠