البرهان في علوم القرآن - ج ٣

بدر الدين محمّد بن عبد الله الزّركشي

البرهان في علوم القرآن - ج ٣

المؤلف:

بدر الدين محمّد بن عبد الله الزّركشي


المحقق: الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي ، الشيخ جمال حمدي الذهبي ، الشيخ إبراهيم عبد الله الكردي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٩

ومنه قوله تعالى : (فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) (الأنبياء : ٥) ، (١) [تقديره : إن أرسل فليأتنا بآية كما أرسل الأولون] (١) فأتوا بآية.

وقوله تعالى : (وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) (الأحزاب : ٢٤) (٢) [تقديره كما قال المفسرون : «ويعذب المنافقين إن شاء فلا يتوب عليهم ، أو يتوب عليهم] (٢) فلا يعذّبهم» ، عند ذلك يكون مطلق قوله : فلا يتوب عليهم أو يتوب عليهم مقيّدا (٣) بمدة الحياة الدنيا.

وقوله تعالى : (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَ (٤) [مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) (البقرة : ٢٢٢) ؛ فتقديره : لا تقربوهنّ حتى يطهرن ويطّهرن ، فإذا طهرن وتطهّرن فأتوهنّ] (٤) ؛ وهو قول مركب من أربعة أجزاء ؛ [نسبة] (٥) الأول إلى الثالث كنسبة الثاني إلى الرابع ؛ ويحذف من أحدهما لدلالة الآخر عليه.

واعلم أن دلالة السياق قاطعة بهذه المحذوفات ؛ وبهذا التقدير يعتضد القول بالمنع من وطء الحائض إلا بعد الطهر والتّطهر جميعا ؛ وهو مذهب الشافعيّ.

٣ / ١٣٠ ومنه قوله تعالى : (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) (النمل : ١٢) ، تقديره : «أدخل يدك تدخل (٦) ، وأخرجها تخرج» ؛ إلا أنه قد عرض في هذه المادة تناسب بالطباق ؛ فلذلك بقي القانون فيه ، الذي هو نسبة (٧) الأول إلى الثالث ، ونسبة الثاني إلى الرابع على حالة الأكثرية (٧) ؛ فلم يتغيّر عن موضعه (٨) ؛ ولم يجعل بالنسبة التي بين الأول والثاني ، وبين الثالث والرابع وهي نسبة النّظير (٩) ، كقوله :

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٢) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٣) في المخطوطة (مقيد).

(٤) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٥) ساقطة من المخطوطة.

(٦) في المخطوطة (تخرج).

(٧) العبارة في المخطوطة (الأول دون الثاني إلى الرابع على حاله الأكثرية).

(٨) في المخطوطة (وضعه).

(٩) في المخطوطة (النضير).

٢٠١

وإنّي لتعروني لذكراك هزّة

كما انتفض العصفور بلّله القطر (١)

أي هزة بعد انتفاضة ، كما انتفض العصفور بلله القطر ، ثم [اهتزّ] (٢). كذا قاله جماعة. وأنكره ابن الصائغ (٣) ، وقال : هذا التقدير لا يحتاج إليه ولو يكون لكان خلفا ؛ وإنّما أحوجهم إليه أنهم رأوا أنه لا يلزم من إدخالها خروجها ؛ و «يخرج» مجزوم على الجواب ، فاحتاج أن نقدّر جوابا لازما ، وشرطا [ملزوما] (٤) ؛ حذفا لأنهما نظير (٥) ما ثبت ؛ لكن وقع في تقدير ما لا يفيد ؛ لأنه معلوم أنه إن أدخلها تدخل ، لكنّه قد يقدّره تقديرا بعيدا ؛ وهو : أدخلها تدخل [كما هي] (٦) ، وأخرجها تخرج بيضاء ؛ وهو بعد (٧) ذلك ضعيف ، فيقال له : لا يلزم في الشرط وجوابه أن يكون اللزوم بينهما ضروريّا بالفعل (٨) ؛ فإذا قيل : إن جاءني زيد أكرمته ؛ [فهذا] (٩) اللازم بالوضع ؛ وليس بالضرورة ، والإكرام لازم للمجيء ، بل لوضع المتكلم فالموضوع [هنا] (٩) أن الإدخال سبب في خروجها بيضاء بقدرة الله تعالى ؛ ألا ترى أنه لا يلزم من إخراجها أن تخرج بيضاء لزوما (١٠) ضروريّا إلا بضرورة صدق الوعد. فإن قال : لم أرد هذا ؛ وإنما أردت أنها لا تخرج إلا حتى تخرج. قيل : هذا (١١) من المعلوم الذي لا معنى للتنصيص عليه.

٣ / ١٣١ [١٨٥ / أ] ومنه قوله تعالى : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) (التوبة : ١٠٢) ، (١٢) [أصل الكلام : خلطوا عملا صالحا بسيّئ ، آخر سيئا] (١٢) بصالح ؛ لأن الخلط يستدعي مخلوطا ومخلوطا به ؛ أي تارة أطاعوا وخلطوا الطاعة بكبيرة ، وتارة عصوا وتداركوا المعصية بالتوبة.

__________________

(١) البيت لأبي صخر الهذلي انظر الأمالي لأبي على القالي ١ / ١٤٩ (طبعة دار الكتب) ، وهو من شواهد ابن عقيل الشاهد رقم (٢٠٧) حروف الجر. والإنصاف ١ / ٢٥٣. المسألة (٣٢).

(٢) ساقطة من المخطوطة.

(٣) علي بن محمد الكتامي تقدم التعريف به في ٢ / ٣٦٤.

(٤) ساقطة من المخطوطة.

(٥) في المخطوطة (نظيرا).

(٦) ساقطة من المخطوطة.

(٧) في المخطوطة (مفيد).

(٨) في المخطوطة (بالعقل).

(٩) ساقطة من المخطوطة.

(١٠) في المخطوطة (لضرر ما).

(١١) في المخطوطة (هاهنا).

(١٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

٢٠٢

وقوله : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ ...) (طه : ١٢٣) الآية ، فإنّ مقتضى التقسيم اللفظيّ : من اتبع الهدى فلا خوف ولا حزن يلحقه ، وهو صاحب الجنة ، ومن كذب يلحقه الخوف والحزن وهو صاحب النار ؛ فحذف من كلّ ما أثبت نظيره في الأخرى.

قيل : ومنه قوله [تعالى] (١) : (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعاءً وَنِداءً) (البقرة : ١٧١) ، قال سيبويه (٢) : في «باب استعمال الفعل في اللفظ لا في المعنى» : «لم يشبّهوا بالناعق ؛ وإنما شبّهوا بالمنعوق به ؛ وإنما المعنى : ومثلكم (٣) ومثل الذين كفروا كمثل الناعق والمنعوق به الذي لا يسمع إلا دعاء ؛ ولكنه جاء على سعة الكلام والإيجاز لعلم المخاطب بالمعنى». انتهى.

والذي أحوجه إلى هذا التقدير ، أنّه لمّا شبّه (٤) الذين كفروا بالنّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ـ وهذا بناه على أن الناعق بمعنى الداعي ؛ وليس بمتعين ؛ لجواز ألاّ يراد به الداعي ؛ بل الناعق من الحيوان ـ شبّههم في تألّفهم وتأتّيهم بما ينعق من الغنم بصاحبه ؛ من أنهم يدعون ما لا يسمع ولا يبصر ولا يفهم ما يريده ، فيكون (٥) ثمّ حذف.

٣ / ١٣٢ وقيل : ليس من هذا النوع إلا الاكتفاء من (٦) الأول بالثالث ؛ لنسبة بينهما ؛ وذلك أنه اكتفى بالذي ينعق ـ وهو الثالث المشبه به ـ عن المشبّه ، وهو الكناية (٧) المضاف إليها في قوله : ومثلك ، وهو الأول وأقرب إلى هذا التشبيه المركب والمقابلة ؛ وهو الذي غلط من وضعه في هذا النوع ؛ وإنما هو من نوع الاكتفاء للارتباط العطفي ؛ على ما سلف. وقد قال الصّفار (٨) : هذا الذي صار إليه سيبويه ـ من أنه حذف من الأول المعطوف عليه ، ومن الثاني المعطوف ـ ضعيف لا ينبغي أن يصار إليه إلا عند الضرورة ، لأنّ فيه حذفا كثيرا مع إبقاء حرف

__________________

(١) ليست في المخطوطة.

(٢) في الكتاب ١ / ٢١٢.

(٣) في المخطوطة (ومثلك).

(٤) في المخطوطة (لمناسبة) بدل (لما شبه).

(٥) في المخطوطة (فلا يكون).

(٦) في المخطوطة (عن).

(٧) في المخطوطة (الكاف).

(٨) هو القاسم بن علي البطليوسي تقدم التعريف به في ٢ / ٤٥١.

٢٠٣

العطف ؛ وهو الواو. ألا ترى أن ما قبلها مستأنف ، والأصل مثلك ومثلهم ؛ إلا أن يدّعي أنّ الأصل ومثلك ومثلهم ، ثم حذف «مثلك» والواو التي عطفت ما بعدها ، وبقيت الواو الأولى ؛ ويزعم أنّ الكلام ربط مع ما قبله بالواو ؛ وليس بينهما ارتباط. وفيه ما ترى (١).

وقال ابن الحاج (٢) : عندي [أنه] (٣) لا حذف في الآية ، والقصد تشبيه الكفّار في عبادتهم لأصنام (٤) بالذي (٥) ينعق بما لا يسمع ؛ فهو تمثيل داع بداع محقق لا حذف فيه ؛ والكفار على هذا داعون ؛ وعلى التأويل الأول مدعوّون (٦).

ونظيرها قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الملك : ٢٢) فإن فيه جملتين ؛ حذف نصف كل واحدة منهما (٧) اكتفاء (٨) بنصف الأخرى. وأصل الكلام : أفمن يمشي مكبّا على وجهه أهدى ممّن (٩) يمشي سويّا على صراط مستقيم ، أمّن (١٠) يمشي سويّا على صراط مستقيم أهدى ممن يمشي مكبّا!

وإنما قلنا : إن أصله هكذا ؛ لأن أفعل التفضيل لا بدّ في معناه من المفضّل [١٨٥ / ب] عليه. وهاهنا وقع السؤال عمّن في نفس الأمر : هل هذا أهدى من ذلك أم ذاك (١١) أهدى من هذا؟ فلا بد من ملاحظة أربعة أمور ، وليس في الآية إلا نصف إحدى الجملتين ونصف الأخرى ، والذي حذف من هذه مذكور في تلك ، والذي حذف من تلك

__________________

(١) في المخطوطة (نرى).

(٢) تصحفت في المطبوعة إلى (الحجاج) ، وابن الحاج هو أحمد بن محمد بن أحمد الأزدي أبو العباس الإشبيلي ، عرف بابن الحاج قرأ على أبي علي الشلوبين مقرئ ، أصولي ، محدث ، أديب ، لم يكن في أصحاب الشلوبين مثله وله على كتاب سيبويه إملاء غريب ومصنف في علم القوافي ، ومختصر لخصائص ابن جني ت ٦٤٧ ه‍ (الفيروزآبادي ، البلغة : ٦٣).

(٣) ساقطة من المخطوطة.

(٤) في المخطوطة (للأصنام).

(٥) في المخطوطة (للذي).

(٦) في المخطوطة (يدعون).

(٧) في المخطوطة (منها).

(٨) في المخطوطة (فاكتفى).

(٩) في المخطوطة (أمّن).

(١٠) في المخطوطة (أو من).

(١١) في المخطوطة (ذلك).

٢٠٤

مذكور في هذه ، فحصل المقصود مع الإيجاز والفصاحة. ثم ترك أمر آخر لم يتعرّض له ؛ وهو الجواب الصحيح لهذين (١) الاستفهامين ، وأيّهما (٢) هو الأهدى؟ لم يذكره في الآية أصلا ، اعتمادا على أن العقل يقول : الذي يمشي على صراط مستقيم أهدى ممن يمشي مكبّا على وجهه.

٣ / ١٣٣ وهذا كقوله تعالى : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) (النحل : ١٧). وقوله : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (الزمر : ٩).

فائدة

(٣) قد يحذف من الأول لدلالة الثاني عليه ، وقد يعكس ، وقد يحتمل اللفظ الأمرين (٤).

فالأول كقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) (٥) (الأحزاب : ٥٦) في قراءة (٦) [من] (٥) رفع «ملائكته» ، [أي] (٥) إن الله يصلي ، فحذف من الأول لدلالة الثاني عليه ، وليس عطفا عليه.

والثاني كقوله [تعالى] (٧) : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ [وَيُثْبِتُ]) (٨) ، (الرعد : ٣٩) أي ما يشاء.

وقوله : (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) (التوبة : ٣) ، أي بريء أيضا.

وقوله : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) (إبراهيم : ٤٨).

وقوله : ([وَاللاَّئِي] (٩) يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ) (الطلاق : ٤) ، أي كذلك.

__________________

(١) في المخطوطة (كهذا من).

(٢) في المخطوطة (وإنما).

(٣) في المخطوطة (قاعدة).

(٤) في المخطوطة (للأمرين).

(٥) ليست في المخطوطة.

(٦) القراءة ذكرها ابن خالويه في «المختصر» : ١٢٠ وقال : هي قراءة عبد الوارث عن أبي عمرو.

(٧) ليست في المطبوعة.

(٨) ليست في المخطوطة.

(٩) ليست في المطبوعة.

٢٠٥

وجعل منه أبو الفتح قوله تعالى : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) (مريم : ٣٨) التقدير : وأبصر بهم ؛ لكنه حذف لدلالة ما قبله عليه ؛ حيث كان بلفظ الفضلة ؛ وإن كان ممتنعا في الفاعل.

وهذا التوجيه إنما يتم إذا قلنا : إن الجارّ والمجرور ؛ في «أسمع بهم وأبصر» في محل الرفع : فإن قلنا في محل النصب فلا.

٣ / ١٣٤ وقوله (١) تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَ) (٢) اللهُ (الزمر : ٣٨) ، [والتقدير خلقهنّ الله] (٣) ، فحذف «خلقهنّ» لقرينة تقدمت في السؤال.

وقوله : (سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ* كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (الصافات : ١٠٩ ـ ١١٠) ، ولم يقل : «إنا كذلك» اختيارا واستغناء عنه (٤) بقوله فيما سبق : (إِنَّا كَذلِكَ) (الصافات : ١٠٥).

والثالث كقوله [تعالى] (٥) : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) (التوبة : ٦٢) ، فقد قيل : إن «أحقّ» خبر عن اسم الله [تعالى] (٦) ، وقيل بالعكس.

وأما قوله تعالى : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها) (النساء : ١٤٠) ، فالفائدة في إعادة الجار والمجرور ؛ أعني «بها». لأنه لو حذف من الثاني لم يحصل الربط لوجوب الضمير فيما وقع مفعولا ثانيا ، أو كالمفعول الثاني ل «سمعتم» ، ولو حذف من الأول لم يكن نصّا على أن الكفر يتعلق بالإثبات ؛ لجواز أن يكون متعلق الأول غير متعلق الثاني ...

الثامن الاختزال ؛ وهو الافتعال ؛ من خزله ، قطع وسطه ، ثم نقل في الاصطلاح إلى حذف كلمة أو أكثر. وهي إما اسم ، أو فعل ، أو حرف.

__________________

(١) في المخطوطة (وكقوله).

(٢) تصحفت في المخطوطة إلى (لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) (الزخرف : ٩).

(٣) العبارة ساقطة من المخطوطة.

(٤) في المخطوطة (واستغفارا) بدل (واستغناء عنه).

(٥) ليست في المطبوعة.

(٦) ليست في المخطوطة.

٢٠٦

الأول الاسم

فمنه حذف المبتدإ ، كقوله تعالى [(سَيَقُولُونَ] (١) ثَلاثَةٌ) (٢)(خَمْسَةٌ) و (سَبْعَةٌ) (الكهف : ٢٢) ، أي] (٢) هم ثلاثة ، وهم خمسة ، وهم سبعة.

وقوله : (قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ) (آل عمران : ١٣) ، أي إحداهما (٣) ، بدليل قوله بعده (٤) : (وَأُخْرى (٥) كافِرَةٌ) (آل عمران : ١٣).

وقوله : (بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ) (الأحقاف : ٣٥) ، أي هذا بلاغ.

وقوله [١٨٦ / أ] : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) (الأنبياء : ٢٦) ، أي هم عباد.

وعلى هذا قال أبو عليّ : قوله تعالى : (بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ) (الحج : ٧٢) ، أي هي النار.

وقوله : (وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ) (٦) [النَّارُ (غافر : ٤٥ ـ ٤٦) ، أي هو النار.

ويمكن أن يكون «النار» في الآيتين مبتدأ والخبر الجملة التي بعدها ، ويمكن في الثانية أن تكون النار بدلا من «سوء العذاب»] (٦).

وقوله : (فَقالُوا) (٩) ساحِرٌ كَذَّابٌ (غافر : ٢٤) ، أي [هذا] (٧) ساحر. ٣ / ١٣٦

وقوله : (إِلاَّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) (الذاريات : ٥٢). (وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (الفرقان : ٥).

(وَقُلِ (٨) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ) (الكهف : ٢٩) ، أي هذا الحق من ربكم ؛ وليس هذا

__________________

(١) ليست في المطبوعة.

(٢) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٣) في المخطوطة (إحداهما فيه).

(٤) في المخطوطة (بعد).

(٥) في المخطوطة (أخرى) تصحيف.

(٦) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٧) في المخطوطة (قالوا).

(٨) ساقطة من المطبوعة.

(٩) في المخطوطة (قل).

٢٠٧

كما يظنّه بعض الجهّال ، أي قل القول الحق ؛ فإنه لو أريد هذا لنصب «الحق» ؛ والمراد إثبات أن القرآن حقّ ، ولهذا قال : (مِنْ رَبِّكُمْ) ؛ وليس المراد هنا قول حق مطلق ؛ بل هذا المعنى مذكور في قوله : (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) (الأنعام : ١٥٢) ، وقوله : (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَ) (الأعراف : ١٦٩).

وقوله : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها) (النور : ١) ؛ أي هذه سورة.

(مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) (فصلت : ٤٦) ، أي فعمله لنفسه وإساءته عليها.

وقوله : (وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ) (فصلت : ٤٩) أي [فهو] (١) يئوس.

(لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ* مَتاعٌ قَلِيلٌ) (آل عمران : ١٩٦ ـ ١٩٧) ، أي تقلّبهم متاع ، أو ذاك (٢) متاع.

(وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ* نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ) (الهمزة : ٥ ـ ٦) ، [أي والحطمة نار الله] (٣).

(إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) (المرسلات : ٣٢) ، أي كلّ واحدة منها (٤) كالقصر ؛ فيكون من باب قوله : (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) (النور : ٤) ، أي كلّ واحد منهم ، والمحوج إلى ذلك أنه لا يجوز أن يكون الشّرر كله كقصر واحد ؛ والقصر هو البيت من أدم ، ٣ / ١٣٧ كان يضرب على المال ويؤيده (٥) قوله : (جِمالَتٌ صُفْرٌ) (المرسلات : ٣٣) ، أفلا تراه (٦) كيف شبّهه بالجماعة! أي كلّ واحدة من الشّرر كالجمل لجماعاته ، فجماعاته إذن مثل الجمالات الصّفر ، وكذلك الأول ، شررة منه كالقصر. قاله أبو الفتح بن جني (٧).

وأما قوله : (وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ) (النساء : ١٧١) ، فقيل : إن «ثلاثة» خبر مبتدإ محذوف تقديره : «آلهتنا ثلاثة».

__________________

(١) ساقطة من المخطوطة.

(٢) في المخطوطة (أذل).

(٣) العبارة ليست في المخطوطة.

(٤) في المخطوطة (منهما).

(٥) في المخطوطة (ويؤكده).

(٦) في المخطوطة (فلا يزده).

(٧) انظر المحتسب ٢ / ٣٤٦ ـ ٣٤٧.

٢٠٨

واعترض باستلزامه إثبات الإلهية لانصراف النفي الداخل على المبتدإ أو الخبر إلى المعنى المستفاد من الخبر لا إلى معنى المبتدأ ، وحينئذ يقتضي نفي عدة الآلهة لا نفي وجودهم.

قيل : وهو مردود ؛ لأنّ [نفي] (١) كون آلهتهم ثلاثة (٢) يصدق بألاّ (٣) يكون للآلهة الثلاثة وجود بالكليّة ؛ لأنه من السالبة المحصلة ، فمعناه : ليس آلهتكم ثلاثة ، وذلك يصدق بألاّ (٤) يكون لهم آلهة وإنما حذف إيذانا بالنهي عن مطلق العدد المفهم للمساواة بوجه ما (٥) ؛ فما ظنّك بمن صرّح بالشركة ؛ كما قال تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) (المائدة : ٧٣) ، وقال سبحانه : (وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ إِلهٌ واحِدٌ) (المائدة : ٧٣) (٦) [فأفهم أنه لو وجد الإله يكون غيره معه خطأ لإفهامه مساواة ما ، كقوله تعالى : (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) (الأنعام : ١) ، ولزم من نفي الثلاثة لامتناع المساواة المعلومة عقلا ، والمدلول عليها بقوله : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ)] (٦) (النساء : ١٧١) ، نفي الشركة مطلقا ؛ فإنّ تخصيص [النهي] (٧) وقع في مقابلة الفعل ، ودليلا عليه : فإنهم كانوا يقولون في الله وعيسى وأمه : ثلاثة.

٣ / ١٣٨ ونحوه في الخروج على السبب : (لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً) (آل عمران : ١٣٠). وقال صاحب (٨) «إسفار الصباح» : «الوجه تقدير كون ثلاثة ، أو «في الوجود» ،

__________________

(١) ساقطة من المخطوطة.

(٢) في المخطوطة (منه).

(٣) في المخطوطة (بأن لا).

(٤) في المخطوطة (بأن لا).

(٥) في المخطوطة (يوجد) بدل (بوجه ما).

(٦) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٧) ساقطة من المخطوطة.

(٨) هو محمد بن يعقوب بن إلياس (ابن النحوية) بدر الدين الدمشقي ، قال الذهبي في «معجمه» : «الإمام البارع بدر الدين أبو عبد الله النحوي ، أخذ عن القاضي نجم الدين البارزي وجمال الدين ابن واصل وغيرهما وصار رأسا في العربية والمعاني والبيان خيرا كيسا متواضعا وقورا مقتصدا ... ، ت ٧١٨ ه‍ (ابن حجر الدرر الكامنة ٤ / ٢٨٦) ، وكتابه ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ١ / ٨٥ و٢ / ١٧٠٧ و١٧٦٤ ضمن كلامه عن «مفتاح العلوم» للسكاكي ٦٢٦ ه‍ فقال (اختصره بدر الدين محمد بن محمد بن مالك الدمشقي ت ٦٨٦ ه‍ وسماه «المصباح في اختصار المفتاح» ... ثم اختصر هذا المختصر بدر الدين محمد بن يعقوب الحموي المعروف بابن النحوية سماه «ضوء المصباح» ثم شرحه في مجلدين وسماه «إسفار الصباح عن ضوء المصباح» وانظر الدرر الكامنة أيضا.

٢٠٩

ثم حذف الخبر الذي هو «لنا» ، أو «في الوجود» الحذف المطّرد ، وما دلّ عليه توحيد لا إله إلا الله».

ثم حذف المبتدإ حذف الموصوف كالعدد ؛ إذا كان معلوما. كقولك : عندي ثلاثة.

أي دراهم ؛ وقد علم بقرينة قوله [تعالى] (١) : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) (النساء : ١٧١).

وقد عورض هذا بأن نفي وجود ثلاثة لا ينفي وجود إلهين. وأجيب (٢) بأن تقديره (٣) «آلهتنا ثلاثة» يوجب ثبوت الآلهة ؛ وتقدير «لنا آلهة» لا يوجب ثبوت إلهين.

فعورض بأنه كما لا يوجبه فلا ينفيه.

فأجيب بأنه إذا لم ينفه فقد [١٨٦ / ب] نفاه ما بعده من قوله : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) (النساء : ١٧١).

فعورض بأنّ ما بعده إن (٤) نفي ثبوت إلهين فكيف ثبوت آلهة! فأجاب بأنه (٥) لا ينفيه ، ولكن يناقضه ، لأن تقدير آلهتنا ثلاثة يثبت وجود إلهين (٦) ؛ لانصراف النفي (٧) [في الخبر عنه ، بخلاف تقدير : «لنا آلهة ثلاثة» ، فإنه لا يثبت وجود إلهين لانصراف النفي] (٧) إلى أصل الإثبات للآلهة.

وفي أجوبة هذه المقدمات نظر.

قلت : وذكر ابن جنّي أن الآية من حذف المضاف ؛ أي ثالث ثلاثة لقوله (٨) في موضع آخر : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) (المائدة : ٧٣).

٣ / ١٣٩

حذف الخبر

نحو : (أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها) (الرعد : ٣٥) ، أي [وظلها] (٩) دائم.

وقوله في سورة ص بعد ذكر من اقتص ذكره من الأنبياء ، فقال : (هذا ذِكْرٌ) (ص : ٤٩) ثم لما ذكر مصيرهم إلى الجنة وما أعد لهم فيها من النعيم قال : (هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ

__________________

(١) ليست في المطبوعة.

(٢) في المخطوطة (فأجيب).

(٣) في المخطوطة (تقدير).

(٤) في المخطوطة (بأن).

(٥) في المخطوطة (أنه).

(٦) في المخطوطة (الآلهة).

(٧) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٨) في المخطوطة (كقوله).

(٩) ساقطة من المطبوعة.

٢١٠

مَآبٍ* جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ* هذا) (ص : ٥٥ ـ ٥٦ ـ ٥٧) قد أشارت الآية إلى مآل [أمر] (١) الطاغين ، ومنه يفهم الخبر.

وقوله : (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) (الزمر : ٢٢) أي أهذا (٢) خير أمّن جعل صدره ضيقا حرجا وقسا قلبه ، فحذف بدليل قوله : (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ) (الزمر : ٢٢).

وقوله تعالى : (قالُوا لا ضَيْرَ) (الشعراء : ٥٠).

(وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ) (سبأ : ٥١).

وقوله : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا) (المائدة : ٣٨) قال سيبويه (٣) : الخبر محذوف ، أي فيما أتلوه السارق والسارقة ، وجاء (فَاقْطَعُوا) جملة أخرى (٤). وكذا قوله : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) (النور : ٢) [أي] (٥) فيما نقصّ [لكم] (٦).

وقال غيره : السارق مبتدأ ، فاقطعوا (٧) خبره ؛ وجاز ذلك لأن الاسم عام ؛ فإنه لا يريد به سارقا مخصوصا ، فصار كأسماء الشرط ؛ تدخل الفاء في خبرها لعمومها ؛ وإنما قدّر سيبويه ذلك لجعل الخبر أمرا ؛ وإذا ثبت الإضمار فالفاء داخلة في موضعها ، تربط بين الجملتين. ٣ / ١٤٠

ومما يدلّ على أنه على الإضمار إجماع القراء على الرفع ؛ مع أن الأمر الاختيار فيه النصب.

قال : وقد قرأ ناس بالنصب (٨) ارتكانا (٩) للوجه القويّ في العربية ؛ ولكن أبت العامة إلا الرفع. وكذا قال في قوله تعالى : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) (الرعد : ٣٥) : مثل ،

__________________

(١) ساقطة من المخطوطة.

(٢) في المخطوطة (هذا).

(٣) في الكتاب ١ / ١٤٢ ـ ١٤٤. وقد نقل قوله أبو حيان في البحر المحيط ٣ / ٤٧٦.

(٤) في المخطوطة (واحدة).

(٥) ساقطة من المطبوعة.

(٦) ساقطة من المخطوطة.

(٧) في المخطوطة (وفاقطعوا).

(٨) وهي قراءة عيسى بن عمرو بن أبي عبلة والسارق والسارقة بالنصب على الاشتغال (أبو حيان ، البحر المحيط ، ٣ / ٤٧٦).

(٩) في المخطوطة (ارتكابا).

٢١١

هنا خبر مبتدأ محذوف ؛ أي فيما نقصّ عليكم مثل الجنّة. وكذا قال أيضا في قوله تعالى : (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما) (النساء : ١٦) : إنه على الإضمار.

وقد ردّ بأنّه أيّ ضرورة تدعو إليه هنا؟ فإنّه إنما صرنا إليه في السارق ونحوه لتقديره (١) دخول الفاء في الخبر ، فاحتيج للإضمار حتى تكون الفاء على بابها في الربط ؛ وأما هذا فقد وصل بفعل هو بمنزلة : الذي يأتيك فله درهم.

وأجاب الصفار (٢) بأنّ الذي حمله على هذا أنّ الأمر دائر مع الضرورة كيف كان ؛ لأنه إذا أضمر فقد تكلّف [كما قلت] (٣) ، وإن لم يضمر كان الاسم مرفوعا وبعده الأمر ، فهو قليل بالنظر إلى «للذين (٤) يأتيانها» فكيفما (٥) عمل [لم] (٦) يخل من قبح.

وإن قدّر منصوبا ، وجاء القرآن بالألف على لغة من يقول «الزيدان» (٧) في جميع الأحوال وقع أيضا في محذور (٨) آخر ؛ فلهذا قدّره هذا التقدير ، لأن الإضمار مع الرفع يتكافآن (٩).

وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ) (فصلت : ٤١) ، الخبر محذوف ، أي يعذّبون. ويجوز أن يكون الخبر : (أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) (فصلت : ٤٤).

٣ / ١٤١ وقوله : (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) (سبأ : ٣١) ؛ فأنتم مبتدأ والخبر محذوف ؛ أي حاضرون ؛ وهو لازم الحذف هنا.

__________________

(١) في المخطوطة (لتقدر).

(٢) هو القاسم بن علي البطليوسي تقدم في ٢ / ٤٥١.

(٣) ساقطة من المطبوعة.

(٤) في المخطوطة (اللذين).

(٥) في المخطوطة (فكيف ما).

(٦) ساقطة من المخطوطة.

(٧) في المخطوطة (الزائد).

(٨) في المخطوطة (محدود).

(٩) في المخطوطة (متكافئان).

٢١٢

وقوله [تعالى] (١) : (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ (٢) [حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ] (٢) مِنْ قَبْلِكُمْ) (المائدة : ٥) ؛ أي حلّ لكم [١٨٧ / أ] [كذلك] (٣).

وأما قوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) (التوبة : ٣٠) ، أمّا على قراءة التنوين (٤) فلا حذف لأنه يجعله مبتدأ ؛ و «ابن الله» خبر ؛ حكاية عن مقالة اليهود ؛ وأما على قراءة من لم ينوّن ؛ فقيل : إنه صفة والخبر محذوف ؛ أي عزير ابن الله إلهنا ، وقيل : بل المبتدأ محذوف ، أي إلهنا عزير ، وابن صفة.

وردّ بوجهين :

أحدهما : أنه لا يطابق : (وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) (التوبة : ٣٠).

والثاني : أنه يلزم عليه أن يكون التكذيب ليس عائدا إلى النبوّة ، فكذّب لأنّ صدق الخبر وكذبه راجع إلى نسبة الخبر لا إلى الصفة. فلو قيل : زيد القائم فقيه ، [فكذب] (٥) انصرف التكذيب لإسناد فقهه ؛ لا لوصفه بالقائم.

٣ / ١٤٢ وفيه نظر ؛ لأن الصّفة ليست إنشاء فهي خبر ؛ إلاّ أنها غير تامة الإفادة ، فيصحّ تكذيبها. والأولى تقويته ، وأن يقال الصفة والإضافة ونحوهما في المسند إليه لواحق بصورة الإفراد (٦) ؛ أي يريد أن يصوّره بهيئة خاصّة ؛ ويحكم عليه كذلك ؛ لكن لا سبيل إلى كذبها ، مع أنها تصوّرت ، فالوجه أن يقال : إن كذب الصفة بإسناد مسندها إلى معدوم الثبوت. ونظير هذه المسألة في (٧) الفقه ما لو قال : والله لا أشرب ماء هذا الكوز ؛ ولا ماء فيه.

وقال بعضهم : (عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) (التوبة : ٣٠) خبر الجملة ، أي حكى فيه لفظهم ، أي قالوا هذه العبارة القبيحة ؛ وحينئذ فلا يقدّر خبر ولا مبتدأ.

__________________

(١) ليست في المخطوطة.

(٢) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٣) ليست في المخطوطة.

(٤) وهي قراءة عاصم والكسائي والباقون بدون تنوين (التيسير : ١١٨ ، والبحر المحيط ٥ / ٣١).

(٥) ليست في المخطوطة.

(٦) في المخطوطة (الإفرادي).

(٧) في المخطوطة (من).

٢١٣

وقيل : «ابن الله» خبر وحذف التنوين من «عزير» للعجمة والعلمية.

وقيل : حذف تنوينه لالتقاء الساكنين ؛ لأن الصفة مع الموصوف كشيء واحد ، كقراءة (١) : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ* اللهُ الصَّمَدُ) (الإخلاص : ١ ـ ٢) ، على إراد التنوين ؛ بل هنا أوضح ؛ لأنه في جملة واحدة.

وقيل : «ابن الله» نعت ولا محذوف ؛ وكأنّ الله تعالى حكى أنهم ذكروا هذا اللفظ إنكارا عليهم ؛ إلا أن فيه بعدا (٢) ، لأن سيبويه قال : إن قلت وضعته العرب لتحكي به ما كان كلاما لا قولا. وأيضا إنه لا يطابق قوله : (وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) (التوبة : ٣٠) والظاهر أنه خبر. والقولان منقولان.

والصحيح في هذه القراءة أنه ليس الغرض إلا أن اليهود قد بلغوا في رسوخ الاعتقاد في هذا الشيء إلى أن يذكرون هذا النكر (٣) ، كما تقول في قوم تغالوا في تعظيم صاحبهم : أراهم اعتقدوا فيه أمرا عظيما ثابتا ، يقولون : زيد الأمير!

ما يحتمل الأمرين

قوله تعالى : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) (يوسف : ١٨) يحتمل حذف الخبر ، أي أجمل ، أو حذف (٤) المبتدأ ، أي فأمري صبر جميل. وهذا أولى لوجود قرينة حالية ـ هي قيام الصبر به ـ ٣ / ١٤٣ دالة على المحذوف ، وعدم قرينة حالية أو مقالية تدلّ على خصوص الخبر ، وأنّ الكلام مسوق للإخبار بحصول الصبر له واتصافه به ، وحذف المبتدأ يحصّل (٥) ذلك دون حذف الخبر ؛ لأن معناه أن الصبر الجميل ؛ أجمل ممن (٦) لأن المتكلم متلبس به.

وكذلك يقوله من لم يكن وصفا له ؛ ولأن الصبر مصدر ، والمصادر معناها الإخبار ؛ فإذا حمل على حذف المبتدأ فقد أجري على أصل معناه ؛ من استعماله خبرا ، وإذا حمل على حذف الخبر فقد أحرج عن أصل معناه.

__________________

(١) في المخطوطة كقوله تعالى.

(٢) تصحفت المخطوطة إلى (نعتا).

(٣) في المخطوطة (الذكر).

(٤) في المخطوطة (وحذف).

(٥) في المخطوطة (يجعل).

(٦) كذا وردت العبارة في المخطوطة والمطبوعة ، وفيها غموض.

٢١٤

ومثله (١) قوله : (طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) (٢) (النور : ٥٣) أي أمثل ، أو أولى لكم من هذا ، أو أمركم الذي يطلب منكم.

ومثله قوله [في] (٣) (سُورَةٌ أَنْزَلْناها) (النور : ١) [١٨٧ / ب] ؛ إما أن يقدر : فيما أوحينا إليك سورة ، أو هذه سورة.

وقد يحذفان جملة ، كقوله تعالى : (وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ ...) (الطلاق : ٤) الآية.

حذف الفاعل

المشهور امتناعه إلا في ثلاثة مواضع :

أحدها : إذا بني الفعل للمفعول.

ثانيها : في المصدر ، إذا لم يذكر معه الفاعل ؛ مظهرا يكون محذوفا ، ولا يكون مضمرا ، نحو (أَوْ إِطْعامٌ) (البلد : ١٤).

ثالثها (٤) : إذا لاقى الفاعل ساكنا من كلمة أخرى ، كقولك للجماعة : اضرب القوم ، وللمخاطبة : اضرب القوم. ٣ / ١٤٤

وجوز الكسائيّ حذفه مطلقا إذا وجد ما يدلّ عليه ؛ كقوله تعالى : (كَلاَّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) (القيامة : ٢٦) أي بلغت الروح.

وقوله : (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) (ص : ٣٢) أي الشمس.

(فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ) (الصافات : ١٧٧) يعني العذاب ، لقوله قبله : (أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ) (الصافات : ١٧٦).

(فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ) (النمل : ٣٦) تقديره : فلما جاء الرسول سليمان.

والحق أنه في المذكورات مضمر لا محذوف ، وقد سبق الفرق بينهما.

__________________

(١) في المطبوعة (ومثاله).

(٢) في المخطوطة تصحيف إلى (طاعة وقول معروف).

(٣) ليست في المطبوعة.

(٤) في المخطوطة (الثالثة).

٢١٥

أما حذفه وإقامة المفعول مقامه ، مع بناء الفعل للمفعول فله أسباب :

منها العلم به ، كقوله تعالى : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) (الأنبياء : ٣٧). (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) (النساء : ٢٨) ، ونحن نعلم أن الله خالقه.

قال ابن جني (١) : وضابطه أن يكون الغرض إنما هو الإعلام بوقوع الفعل بالمفعول ؛ ولا غرض في إبانة الفاعل من هو.

ومنها تعظيمه ، كقوله : (قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ) (يوسف : ٤١) ، إذ كان الذي قضاه عظيم القدر.

وقوله : (وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ) (هود : ٤٤).

٣ / ١٤٥ وقوله : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) (البقرة : ٤) قال الزمخشري في «كشافه القديم» : هذا أدلّ على كبرياء المنزّل وجلالة شأنه من القراءة الشاذة «أنزل» (٢) مبنيّا للفاعل ، كما تقول : الملك أمر (٣) بكذا ، [ورسم بكذا] (٤) ؛ وخاصّة إذا كان الفعل فعلا لا يقدر [عليه] (٤) إلا الله ، كقوله : (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) (هود : ٤٤) قال : كأن طيّ ذكر الفاعل كالواجب ؛ لأمرين :

أحدهما : أنه إن تعيّن الفاعل وعلم أن الفعل مما لا يتولاّه إلاّ هو وحده ، كان ذكره فضلا ولغوا.

والثاني : الإيذان بأنه منه ؛ غير مشارك ولا مدافع عن الاستئثار به والتفرّد بإيجاده.

وأيضا فما في ذلك من مصير أن اسمه جدير بأن يصان ويرتفع (٥) به عن الابتذال والامتهان. وعن الحسن : لو لا أني مأذون لي في ذكر اسمه لربأت به عن مسلك الطعام والشراب.

ومنها مناسبة الفواصل ، نحو : (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى) (الليل : ١٩) ، ولم يقل يجزيها (٦).

__________________

(١) في الخصائص ٢ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤.

(٢) وهي قراءة يزيد بن قطيب انظر الكشاف ١ / ٢٤.

(٣) في المخطوطة (أمرك).

(٤) ساقطة من المخطوطة.

(٥) في المخطوطة (ونرفع).

(٦) في المخطوطة (تجزيها).

٢١٦

ومنها مناسبة ما تقدمه ، كقوله في سورة براءة : (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) (التوبة : ٨٧) ؛ لأنّ قبلها : (وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) (التوبة : ٨٦) على بناء الفعل للمفعول ؛ فجاء قوله : (وَطُبِعَ) (التوبة : ٨٧) ليناسب بالختام المطلع ، بخلاف قوله فيما بعدها : (وَطَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (التوبة : ٩٣) ، فإنه لم يقع قبلها ما يقتضي البناء ، فجاءت على الأصل.

حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه

٣ / ١٦٤ وهو كثير ، قال ابن جنّي (١) : وفي القرآن منه زهاء ألف موضع. وأما أبو الحسن (٢) ، فلا يقيس عليه ؛ ثم ردّه بكثرة المجاز في اللغة ، وحذف المضاف مجاز. انتهى.

وشرط المبرّد في كتاب «ما اتّفق لفظه واختلف معناه» (٣) لجوازه وجود دليل على المحذوف من عقل أو قرينة ، نحو : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (يوسف : ٨٢) ، أي أهلها ، قال : «ولا يجوز على هذا أن نقول : جاء زيد ، وأنت تريد غلام زيد ؛ لأنّ المجيء يكون [١٨٨ / أ] له ، ولا دليل على المحذوف».

وقال الزمخشريّ في «الكشاف القديم» : لا يستقيم تقدير حذف المضاف في كل موضع ؛ ولا يقدم عليه إلا بدليل واضح وفي غير ملبس ؛ كقوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (يوسف : ٨٢) [(وَجاءَ رَبُّكَ)] (٤) (الفجر : ٢٢) وضعّف بذلك قول من قدّر في قوله : (وَهُوَ خادِعُهُمْ) (النساء : ١٤٢) ، أنّه على حذف مضاف.

فإن قلت : كما لا يجوز مجيئه لا يجوز خداعه ؛ فحين جرّك إلى تقدير المضاف امتناع مجيئه ، فهلاّ (٥) جرّك إلى مثله امتناع خداعه!

__________________

(١) في الخصائص ٢ / ٣٦٢ ، حذف الاسم على أضرب.

(٢) الأخفش.

(٣) «ما اتفق لفظه واختلف معناه» طبع بتحقيق عبد العزيز الميمني الراجكوتي ، القاهرة بالمطبعة السلفية عام ١٣٥٠ ه‍ / ١٩٣١ م (معجم مصنفات القرآن ٤ / ٢١٥ ، معجم الدراسات القرآنية : ٢٥٩) ذكره ابن النديم في الفهرست : ٦٤ وانظر قوله ص ٣٣ من الكتاب.

(٤) ليست في المطبوعة.

(٥) في المخطوطة (فهل).

٢١٧

قلت : يجوز في اعتقاد المنافقين تصوّر خداعه ؛ فكان الموضع ملبسا فلا يقدّر. انتهى.

فمنه قوله تعالى : (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) (الأحزاب : ٢١) ، أي رحمة (١) (٢) [الله ، وقوله : (يَخافُونَ رَبَّهُمْ) (النحل : ٥٠) أي عذاب ربهم ، وقد ظهر من هذا أن المضافان من قوله تعالى : (يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ)] (٢). (الإسراء : ٥٧).

٣ / ١٤٧ (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ) (الأنبياء : ٩٦) أي سدّ يأجوج ومأجوج.

(وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) (مريم : ٤) ، أي شعر الرأس.

(وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) (الإسراء : ١١٠) ، أي بقراءة صلاتك ، ولا تخافت بقراءتها.

(وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ) (البقرة : ١٧٧) ، أي برّ من آمن [بالله] (٣).

(فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ) (طه : ١١) أي ناحيتها ، والجهة التي هو فيها.

و (هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ) (الشعراء : ٧٢) أي هل يسمعون دعاءكم ، بدليل الآية الأخرى.

(إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ) (فاطر : ١٤).

(عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ) (يونس : ٨٣) ، أي من آل فرعون.

(إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ) (الإسراء : ٧٥) ، أي ضعف عذابهما.

(وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ) (البقرة : ١٧١) ، أي ومثل واعظ الذين كفروا كناعق الأنعام.

(وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) (الأحزاب : ٦) ، أي مثل أمهاتهم.

(وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) (الواقعة : ٨٢) ، أي شكر رزقكم. وقيل تجعلون التكذيب شكر رزقكم.

__________________

(١) عبارة المطبوعة (رحمته ويخاف عذابه).

(٢) ما بين الحاصرتين ليس في المطبوعة.

(٣) لفظ الجلالة ليس في المخطوطة.

٢١٨

(١) [وقوله : (وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) (آل عمران : ١٩٤) ، أي على ألسنة رسلك] (١).

٣ / ١٤٨ وقوله : (وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ) (الأنفال : ٢٧) ، أي ذوي أماناتكم ، كالمودع والمعير والموكّل والشريك ، ومن يدك في ماله أمانة لا يد ضمان ، ويجوز أن لا حذف فيه ؛ لأن «خنت» من باب «أعطيت» ؛ فيتعدّى إلى مفعولين ، ويقتصر على أحدهما.

[وقوله] (٢) : (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) (هود : ٨٤) ، أي أهل مدين ؛ بدليل قوله : (وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ) (القصص : ٤٥).

(وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها [وَالْعِيرَ]) (٣) (يوسف : ٨٢) ، أي أهل القرية ؛ وأهل العير.

وقيل : فيه وجهان : أحدهما أنّ القرية يراد بها نفس الجماعة ، والثاني أنّ المراد [سؤال] (٤) الأبنية نفسها ؛ لأنّ المخاطب نبيّ صاحب معجزة.

(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) (البقرة : ١٩٧) ، ويجوز أن يقدر : الحج حجّ أشهر معلومات.

(وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ) (الفجر : ٢٢) ، أي أمر ربك.

(وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ) (البقرة : ٩٣) (٥) [أي حب العجل ؛ قال الراغب (٦) : إنه على بابه ؛ فإنّ في ذكر العجل] (٥) تنبيها على أنّه لفرط محبّتهم صار صورة العجل في قلوبهم لا تمحي (٧).

وقوله : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ* إِرَمَ) (الفجر : ٦ ـ ٧) ؛ فإرم اسم لموضع (٨) [وهو] (٩) في موضع جرّ ؛ إلاّ أنه منع الصرف للعلمية والتأنيث ؛ أما العلمية فواضح ، وأما التأنيث فلقوله : (ذاتِ الْعِمادِ) (الفجر : ٧).

وقوله : (قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ) (المائدة : ١٠٢) أي بسؤالها ؛

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٢) ليست في المخطوطة.

(٣) ليست في المطبوعة.

(٤) ليست في المطبوعة.

(٥) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

(٦) انظر المفردات : ٢٥٧. مادة (شرب).

(٧) في المخطوطة (تسمى).

(٨) في المخطوطة (الموضوع).

(٩) ساقطة من المخطوطة.

٢١٩

فحذف المضاف (١) [وقدرت بالمصدر المحذوف الاضافة إلى المفعول به] (١) ؛ ولم يكفروا بالسؤال ؛ إنما كفروا بربّهم المسئول عنه ، فلما كان السؤال سببا للكفر فيما سألوا عنه نسب الكفر إليه على الاتساع.

٣ / ١٤٩ وقيل : الهاء عائدة على غير ما تقدّم لقوة هذا الكلام ؛ بدليل أنّ الفعل تعدّى (٢) بنفسه والأول بغيره (٣) ؛ وإنما هذه الآية كناية عما سأل قوم [١٨٨ / ب] موسى ، وقوم عيسى [من الآيات] (٤) ، ثم كفروا ، فمعنى السؤال الأول والثاني الاستفهام ، ومعنى الثالث طلب الشيء (٤).

وقوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) (المائدة : ٣) ، أي تناولها ، لأنّ الأحكام لا تتعلق بالأجرام إلا بتأويل الأفعال.

وقيل : إنّ الميتة يعبّر بها عن تناولها فلا حذف ؛ ولو كان ثمّ حذف لم يؤنث الفعل ؛ ولأن المركب إنما يحذف إذا كان للكلام دلالة غير الدلالة الإفرادية ؛ والمفهوم من هذا التركيب التناول من غير تقدير ، فيكون اللفظ موضوعا له ، والمشهور في الأصول أنه من محال الحذف.

وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ) (العنكبوت : ٩) ، (٥) [فهاهنا إضمار ؛ لأنّ قائلا لو قال : «من عمل صالحا جعلته في جملة الصالحين» لم يكن فيه فائدة ؛ وإنما المعنى لندخلنّهم في زمرة الصالحين] (٦).

وقوله : (تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ) (الأنعام : ٩١) ، أي ذا قراطيس ، أو مكتوبا في قراطيس ، (تُبْدُونَها) (الأنعام : ٩١) ، أي تبدون مكتوبها.

وقوله : (وَتُخْفُونَ كَثِيراً) (الأنعام : ٩١) ؛ ليس المعنى تخفونها إخفاء كثيرا ؛ ولكنّ التقدير : تخفون كثيرا من إنكار ذي القراطيس ، أي يكتمونه فلا يظهرونه ، كما قال تعالى : (إِنَ

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ليس في المطبوعة.

(٢) في المخطوطة (يتعدى).

(٣) في المخطوطة (لغيره).

(٤) ليست في المخطوطة.

(٥) في المخطوطة (للشيء).

(٦) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.

٢٢٠