شرح المكودي

أبي زيد عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي

شرح المكودي

المؤلف:

أبي زيد عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي


المحقق: الدكتور عبد الحميد الهنداوي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: المكتبة العصريّة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٠٥

ومذهب سيبويه أنه لا يجوز حذفها قبل الساكن وفهم من إطلاق الناظم أنه موافق لمذهب يونس وقوله وهو حذف ما التزم أى لا يلزم حذفها بل هو جائز ومن مضارع متعلق بتحذف ولكان متعلق بمضارع وهو حذف مبتدأ وخبر وما نافية وهى وما بعدها صفة لحذف.

فصل فى ما ولا ولات وإن المشبهات بليس

إنما فصل هذه الحروف من باب كان وإن كان عملها كلها واحدا لأن هذه أحرف وتلك أفعال. ثم قال :

إعمال ليس أعملت ما دون إن

مع بقا النّفى وترتيب زكن

ما النافية مع الحروف المشتركة بين الأسماء والأفعال فأصلها أن لا تعمل ولذلك أهملها بنو تميم على الأصل ، وأما أهل الحجاز فأعملوها عمل ليس لشبهها بها فى نفى الحال. ولما كان عملها على خلاف الأصل شرطوا فى عملها أربعة شروط الأول أن لا يزاد بعدها إن وهو المشار إليه بقوله دون إن نحو ما إن زيد قائم لأن إن لا تزاد بعد ليس فبعدت عن الشبه. الثانى بقاء النفى فلو بطل النفى لم تعمل نحو ما زيد إلا قائم وهو المنبه عليه بقوله مع بقا النفى.

الثالث أن لا يتقدم خبرها على اسمها فلو تقدم لم تعمل نحو ما قائم زيد وهو المنبه عليه بقوله وترتيب زكن أى علم والترتيب هو تقديم الاسم على الخبر. الرابع أن لا يتقدم معمول خبرها على اسمها وهو غير ظرف أو مجرور فلو كان ظرفا أو مجرورا جاز التقديم وهو المنبه عليه بقوله :

وسبق حرف جرّ أو ظرف كما

بى أنت معنيا أجاز العلما

يعنى أن معمول الخبر إذا كان ظرفا أو مجرورا جاز تقديمه على اسمها لتوسعهم فى الظروف والمجرورات نحو ما فى الدار زيد جالسا وما عندك عمرو مقيما وفهم منه أنه إذا كان غير ظرف أو مجرور امتنع تقديمه فلا يجوز النصب بعد تقديمه نحو ما طعامك زيد آكلا وهذا هو الشرط الرابع فمثال ما توفرت فيه الشروط ما زيد قائما وبهذه اللغة جاء القرآن وهو قوله تعالى : (ما هذا بَشَراً) [يوسف : ٣١] و (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ) [المجادلة : ٢] فقوله إعمال منصوب على المصدر بأعملت ودون متعلق بأعملت وسبق حرف جر مفعول مقدم بأجاز وبى فى المثال متعلق بمعنيا فهو مجرور معمول للخبر. ثم قال :

٦١

ورفع معطوف بلكن أو ببل

من بعد منصوب بما الزم حيث حلّ

يعنى أن المعطوف بلكن أو ببل على المنصوب بما يلزم رفعه لأن المعطوف بهما موجب وما لا تعمل فى الموجب فتقول ما زيد قائما لكن قاعد وما عمرو منطلقا بل مقيم وتجوّز فى تسمية ما بعد بل ولكن معطوفا وإنما هو خبر مبتدأ محذوف والتقدير لكن هو قاعد وبل هو مقيم وفهم من تخصيصه العطف بلكن وببل أن العطف إذا كان بغيرهما من حروف العطف ينصب المعطوف. فرفع مفعول مقدم بالزم وهو مصدر مضاف إلى مفعول والباء فى بلكن وببل متعلقان بمعطوف ومن بعد كذلك ويجوز أن يكون متعلقا بالزم أو برفع وحيث متعلقة بالزم والتقدير والزم رفع معطوف بلكن أو ببل بعد المنصوب بما حيث جاء. ثم قال :

وبعد ما وليس جرّ البا الخبر

وبعد لا ونفى كان قد يجرّ

يعنى أن باء الجر تدخل على خبر ما وخبر ليس فتجرهما نحو قوله تعالى : (وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) [إبراهيم : ٢٠](أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) [الزمر : ٣٦] وهو كثير وهذه الباء زائدة لتأكيد النفى وتزاد أيضا الباء للتوكيد فى خبر لا نحو قوله :

٣٢ ـ فكن لى شفيعا يوم لا ذو شفاعة

بمغن فتيلا عن سواد بن قارب

وفى خبر كان المنفية كقوله :

٣٣ ـ وإن مدّت الأيدى إلى الزاد لم أكن

بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل

وفهم من قوله قد يجر أن زيادتها فى هذين المثالين الأخيرين قليل والباء فاعل بجر

__________________

(٣٢) البيت من الطويل ، وهو لسواد بن قارب فى الجنى الدانى ص ٥٤ ، والدرر ٢ / ١٢٦ ، ٣ / ١٤٨ ، وشرح التصريح ١ / ٢٠١ ، ٢ / ٤١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢١٥ ، والمقاصد النحوية ٢ / ١١٤ ، ٣ / ٤١٧ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٣ / ١٢٥ ، وأوضح المسالك ١ / ٢٩٤ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٢٣ ، وشرح شواهد المغنى ص ٨٣٥ ، وشرح ابن عقيل ص ١٥٦ ، ومغنى اللبيب ص ٤١٩ ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٧ ، ٢١٨.

الشاهد فيه دخول الباء الزائدة فى خبر «لا» العاملة عمل «ليس» كما تدخل على «ما» العاملة عمل «ليس».

(٣٣) البيت من الطويل ، وهو للشنفرى فى ديوانه ص ٥٩ ، وتخليص الشواهد ص ٢٨٥ ، وخزانة الأدب ٣ / ٣٤٠ ، والدرر ٢ / ١٢٤ ، وشرح التصريح ١ / ٢٠٢ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨٩٩ ، والمقاصد النحوية ٢ / ١١٧ ، ٤ / ٥١ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٣ / ١٢٤ ، وأوضح المسالك ١ / ٢٩٥ ، والجنى الدانى ص ٥٤ ، وجواهر الأدب ص ٥٤ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٢٣ ، وشرح ابن عقيل ص ١٥٧ ، وشرح قطر الندى ص ١٨٨ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٥٦٠ ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٧.

والشاهد فيه إدخال الباء الزائدة على خبر «كان» المنفية ب «لم».

٦٢

وقصرها ضرورة والخبر مفعول بجر وفى يجر آخر البيت ضمير مستتر عائد على الخبر المتقدم. فإن قلت كيف يصح أن يعود على الخبر المتقدم وهو غيره لأن الخبر المتقدم خبر ما أو ليس والضمير فى يجر عائد فى المعنى على خبر لا أو كان المنفية فلم يتحدا معنى؟ قلت هو مما يفسره لفظا لا معنى كقولهم عندى درهم ونصفه. ثم قال :

فى النّكرات أعملت كليس لا

وقد تلى لات وإن ذا العملا

يعنى أن لا النافية أعملت إعمال ليس فترفع الاسم وتنصب الخبر بشرط أن يكون اسمها نكرة فتقول لا رجل قائما ، ومنه قوله :

٣٤ ـ تعزّ فلا شىء على الأرض باقيا

ولا وزر مما قضى الله واقيا

وقوله : وقد تلى لات وإن ذا العملا ، يعنى أن لات وإن النافية مثل ليس يرفعان الاسم وينصبان الخبر فلات مركبة من لا النافية وتاء التأنيث مفتوحة وفهم من قوله وقد تلى أن ذلك قليل وفهم من إطلاقه أيضا أنهما لا يختصان بالعمل فى النكرة كلا فمن إعمال إن فى النكرة قولهم إن أحد خيرا من أحد إلا بالعافية ومن إعمالها فى المعرفة قولهم :

٣٥ ـ إن هو مستوليا على أحد

إلا على أضعف المجانين

وأما لات فلا تعمل إلا فى الحين على ما سيأتى فلا مفعول ما لم يسمّ فاعله بأعملت وفى النكرات متعلق بأعملت وكليس نعت لمصدر محذوف على حذف مضاف والتقدير أعملت

__________________

(٣٤) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٢٨٩ ، وتخليص الشواهد ص ٢٩٤ ، والجنى الدانى ص ٢٩٢ ، وجواهر الأدب ص ٢٣٨ ، والدرر ٢ / ١١١ ، وشرح الأشمونى ١ / ٢٤٧ ، وشرح التصريح ١ / ١٩٩ ، وشرح شذور الذهب ص ٢٥٦ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦١٢ ، وشرح ابن عقيل ص ١٥٨ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢١٦ ، وشرح قطر الندى ص ١١٤ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٣٩ ، والمقاصد النحوية ٢ / ١٠٢ ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٥.

والشاهد فيه قوله «لا شىء باقيا» ، وقوله : «لا وزر واقيا» حيث أعمل «لا» النافية عمل «ليس» فى الموضعين ، واسمها وخبرها نكرتان فى الموضعين ، وهذا هو القياس.

(٣٥) البيت من المنسرح ، وهو بلا نسبة فى الأزهية ص ٤٦ ، وأوضح المسالك ١ / ٢٩١ ، وتخليص الشواهد ص ٣٠٦ ، والجنى الدانى ص ٢٠٩ ، وجواهر الأدب ص ٢٠٦ ، وخزانة الأدب ٤ / ١٦٦ ، والدرر ٢ / ١٠٨ ، ورصف المبانى ص ١٠٨ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٢٦ ، وشرح التصريح ١ / ٢٠١ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٦٠ ، وشرح ابن عقيل ص ١٦٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢١٦ ، والمقاصد النحوية ٢ / ١١٣ ، والمقرب ١ / ١٠٥ ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٥.

والشاهد فيه قوله : «إن هو مستوليا» حيث أعمل «إن» عمل «ليس» فرفع بها المبتدأ ونصب الخبر.

٦٣

لا فى النكرات إعمالا كإعمال ليس ولات فاعل بتلى وإن معطوف عليه وذا العمل مفعول وذا إشارة إلى عمل ليس والعمل نعت لذا. ثم قال :

وما للات فى سوى حين عمل

وحذف ذى الرّفع فشا والعكس قل

يعنى أن لات لا تعمل إلا فى الحين وهو اسم الزمان فلا يقال لات زيد قائما بل يقال لات حين خروج ولات وقت قتال ، ومنه قوله تعالى : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) [ص : ٣] وقوله :وحذف ذى الرفع فشا والعكس قلّ ، يعنى أن حذف المرفوع وهو اسمها فاش أى كثير وعكسه وهو حذف المنصوب وهو خبرها قليل وفهم منه أنه لا يجوز إثباتهما معا فمن حذف اسمها ولات حين مناص ومن حذف خبرها قوله ولات حين مناص برفع حين ، وهى قراءة شاذة وتقدير الخبر لهم وعمل مبتدأ وخبره للات وفى سوى فى موضع الحال على أنه نعت لعمل قدم عليه أو متعلق بعمل.

أفعال المقاربة

ككان كاد وعسى لكن ندر

غير مضارع لهذين خبر

وكونه بدون أن بعد عسى

نزر وكاد الأمر فيه عكسا

وكعسى حرى ولكن جعلا

خبرها حتما بأن متّصلا

وألزموا اخلولق أن مثل حرى

وبعد أوشك انتفا أن نزرا

ومثل كاد فى الأصحّ كربا

وترك أن مع ذى الشّروع وجبا

أفعال هذا الباب على ثلاثة أقسام : قسم لمقاربة الفعل وقسم لرجائه وقسم للشروع فيه.

وسميت كلها أفعال المقاربة تغليبا فالذى لمقاربة الفعل كاد وكرب وأوشك والذى للرجاء عسى واخلولق وحرى والذى للشروع جعل وأخذ وطفق وعلق وأنشأ وقد أشار إلى القسم الأول والثانى بقوله : (ككان كاد وعسى) يعنى أن كاد وعسى مثل كان فى كونها ترفع الاسم وتنصب الخبر إلا أن خبر كاد وعسى لا يكون فى الغالب إلا فعلا مضارعا وقد نبّه على ذلك بقوله : (لكن ندر* غير مضارع لهذين خبر) ومما جاء فيه الخبر غير مضارع على وجه الندور قوله :

٦٤

٣٦ ـ فأبت إلى فهم وما كدت آيبا

وقولهم فى المثل عسى الغوير أبؤسا. وكاد مبتدأ وخبره ككان ، وعسى معطوف على كاد وغير مضارع فاعل بندر ومعنى ندر قلّ ولهذين متعلق بندر وخبر حال ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة ويجوز ضبط غير بالفتح على أن يكون حالا وخبر هو الفاعل بندر إلا أن فى هذا الوجه صاحب الحال نكرة محضة وهو قليل وسوغ ذلك تأخير صاحب الحال وهو خبر وهو قليل. ثم قال : (وكونه بدون أن بعد عسى* نزر) يعنى أن اقتران المضارع الواقع خبرا لعسى بأن كثير كقوله تعالى : (عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) [التوبة : ١٠٢] وخلوّه منها نزر قليل كقول الشاعر :

٣٧ ـ عسى الكرب الذى أمسيت فيه

يكون وراءه فرج قريب

ثم قال : (وكاد الأمر فيه عكسا) يعنى أن القليل فى عسى وهو خلوّه من أن هو الكثير فى كاد نحو قوله عزوجل : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) [البقرة : ٧١] والكثير فى عسى وهو اقترانه بأن هو القليل فى كاد نحو قوله :

٣٨ ـ قد كاد من طول البلى أن يمصحا

__________________

(٣٦) عجزه :

وكم مثلها فارقتها وهى تصفر

والبيت من الطويل ، وهو لتأبط شرا فى ديوانه ص ٩١ ، والأغانى ٢١ / ١٥٩ ، وتخليص الشواهد ص ٣٠٩ ، وخزانة الأدب ٨ / ٣٧٤ ، ٣٧٥ ، ٣٧٦ ، والخصائص ١ / ٣٩١ ، والدرر ٢ / ١٥٠ ، وشرح التصريح ١ / ٢٠٣ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٨٣ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٦٢٩ ، ولسان العرب ٣ / ٣٨٣ (كيد) ، والمقاصد النحوية ٢ / ١٦٥ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٥٤٤ ، وأوضح المسالك ١ / ٣٠٢ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣٤٧ ، ورصف المبانى ص ١٩٠ ، وشرح ابن عقيل ص ١٦٤ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٨٢٢ ، وشرح المفصل ٧ / ١٣ ، وهمع الهوامع ١ / ١٣٠.

والشاهد فيه مجىء خبر «كاد» مفردا وهذا نادر.

(٣٧) البيت من الوافر ، وهو لهدبة بن خشرم فى خزانة الأدب ٩ / ٣٢٨ ، ٣٣٠ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٤٢ ، والدرر ٢ / ١٤٥ ، وشرح التصريح ١ / ٢٠٦ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٩٧ ، وشرح شواهد المغنى ص ٤٤٣ ، والكتاب ٣ / ١٥٩ ، واللمع ص ٢٢٥ ، والمقاصد النحوية ٢ / ١٨٤ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ١٢٨ ، وأوضح المسالك ١ / ٣١٢ ، وتخليص الشواهد ص ٣٢٦ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣١٦ ، والجنى الدانى ص ٤٦٢ ، وشرح ابن عقيل ص ١٦٥ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٨١٦ ، والمقرب ١ / ٩٨ ، وشرح المفصل ٧ / ١١٧ ، ١٢١ ، ومغنى اللبيب ص ١٥٢ ، والمقتضب ٣ / ٧٠ ، وهمع الهوامع ١ / ١٣٠.

والشاهد فيه قوله : «يكون وراءه» حيث وقع خبر «عسى» فعلا مضارعا مجردا من «أن» المصدرية ، وهذا قليل.

(٣٨) الرجز لرؤبة فى ملحق ديوانه ص ١٧٢ ، والدرر ٢ / ١٤٢ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٩٩ ، وشرح المفصل ٧ / ١٢١ ، والكتاب ٣ / ١٦٠ ، ولسان العرب ٣ / ٣٨٣ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢١٥ ، وبلا نسبة فى أدب الكاتب ص ٤١٩ ، وأسرار العربية ص ٥ ، وتخليص الشواهد ص ٣٢٩ ، ولسان العرب ٢ / ٥٩٨ (مصح) ، والمقتضب ٣ / ٧٥ ، وهمع الهوامع ١ / ١٣٠.

والشاهد فيه دخول «أن» بعد «كاد» ضرورة ، والمشهور إسقاطها.

٦٥

وكونه مبتدأ وبدون متعلق به وكذلك بعد ونزر خبر المبتدأ وكاد مبتدأ والأمر مبتدأ ثان وخبره عكس والجملة خبر المبتدأ الأول. ثم قال : (وكعسى حرى) يعنى أن حرى مثل عسى فى المعنى الذى هو الرجاء قيل ولم يذكر حرى فى هذا الباب غيره. ثم قال : (ولكن جعلا* خبرها حتما بأن متصلا) يعنى أن حرى وإن كانت بمعنى عسى فهى مخالفة لها فى الاستعمال بلزوم خبرها أن فحرى مبتدأ خبره كعسى وخبرها مرفوع بجعلا ومتصلا مفعول ثان بجعلا وحتما حال من الضمير المستتر فى متصلا أو نعت لمصدر محذوف والتقدير اتصالا حتما أى واجبا. ثم قال رحمه‌الله تعالى : (وألزموا اخلولق أن مثل حرى) يعنى أن اخلولق لا يستعمل خبرها إلا مقرونا بأن فهى إذا مثل حرى إلا أنه لم ينبه على أنها شبيهة فى المعنى بعسى كما نبه على حرى وقد تقدم أنها من باب عسى فتقول اخلولق زيد أن يفعل ولا يجوز يفعل.

وقوله وألزموا يعنى العرب واخلولق مفعول أول بألزموا وأن مفعول ثان ويجوز العكس ومثل منصوب على الحال من اخلولق. ثم قال : (وبعد أوشك انتفا أن نزرا) يعنى أن خلوّ خبر أوشك من أن قليل فهى فى ذلك كعسى فى الاستعمال لا فى المعنى فإن عسى للرجاء وأوشك للمقاربة كما تقدم ، وانتفا أن مبتدأ خبره نزرا وبعد متعلق بنزرا أو بانتفا. ثم قال : (ومثل كاد فى الأصح كربا) يعنى أن الأكثر فى خبر كرب تجرده من أن وقد يقترن بها قليلا كقوله :

٣٩ ـ وقد كربت أعناقها أن تقطعا

وأشار بقوله فى الأصح إلى مخالفة سيبويه فإنه لم يذكر فيها غير التجرد من أن ، ويقال كرب بفتح الراء وكسرها والأول أفصح ومثل كاد مبتدأ وكرب خبره ويجوز العكس وفى الأصح متعلق بمثل. ثم قال (وترك أن مع ذى الشروع وجبا) يعنى أن الأفعال الدالة على الشروع لا يقترن خبرها بأن لأنها دالة على الحال وأن للاستقبال فتنافيا ، وترك أن مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى المفعول ووجب خبره ومع ذى متعلق بترك. ثم مثل بخمسة من أفعال الشروع وجميعها بمعنى واحد فقال :

كأنشأ السّائق يحدو وطفق

كذا جعلت وأخذت وعلق

__________________

(٣٩) صدره :

سقاها ذوو الأحلام سجلا على الظّما

والبيت من الطويل ، وهو لأبى زيد السلمى فى تخليص الشواهد ص ٣٣٠ ، والدرر ٢ / ١٤٣ ، وشرح التصريح ١ / ٢٠٧ ، وشرح عمدة الحافظ ص ١٨٥ ، والمقاصد النحوية ٢ / ١٩٣ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٣١٦ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٢٣ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٥٥ ، وشرح ابن عقيل ص ١٩٦ ، والمقرب ١ / ٩٩ وهمع الهوامع ١ / ١٣٠.

والشاهد فيه قوله : «أن تقطعا» حيث جاء خبر «كرب» فعلا مضارعا مقترنا ب «أن» والأكثر عدم الاقتران.

٦٦

فأنشأ فعل ماض دال على الإنشاء والسائق اسمها وهو الذى يسوق الإبل أى يقدمها ويحدو فى موضع خبرها وطفق معطوف على أنشأ ، ويقال طفق بفتح الفاء وطفق بالفاء المكسورة وطبق بالباء وهى مكسورة ، وفهم من إتيانه بكاف التشبيه مع أنشأ عدم الحصر فإنه زاد فى التسهيل عليها هب وقام. ثم قال :

واستعملوا مضارعا لأوشكا

وكاد لا غير وزادوا موشكا

أفعال هذا الباب كلها لا تتصرف بل تلزم لفظ الماضى كما نطق بها الناظم إلا كاد وأوشك ، أما كاد فيستعمل منها المضارع نحو قوله تعالى : (يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) [النور : ٤٣] وأما أوشك فيستعمل منها المضارع كقوله :

٤٠ ـ يوشك من فرّ من منيّته

فى بعض غرّاته يوافقها

ويستعمل أيضا منه اسم الفاعل ، وإليه أشار بقوله : وزادوا موشكا ، ومنه قوله :

٤١ ـ فموشكة أرضنا أن تعود

خلاف الأنيس وحوشا يبابا

وقوله واستعملوا يعنى العرب وكاد معطوف على أوشك ولا عاطفة عطفت غير على أوشك وكاد ولكنها بنيت على الضم لقطعها عن الإضافة والتقدير لأوشك وكاد لا غيرهما.

ثم قال :

بعد عسى اخلولق أوشك قد يرد

غنى بأن يفعل عن ثان فقد

يعنى أن هذه الأفعال الثلاثة وهى عسى واخلولق وأوشك تسند لأن يفعل ويستغنى به عن ثان من الجزأين وتكون حينئذ أفعالا لازمة تكتفى بالفاعل فتقول عسى أن يقوم زيد واخلولق أن يقوم زيد وأوشك أن تقوم هند ، ومنه قوله عزوجل : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ

__________________

(٤٠) البيت من المنسرح ، وهو لأمية بن أبى الصلت فى ديوانه ص ٤٢ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٦٧ ، وشرح التصريح ١ / ٢٠٧ ، وشرح المفصل ٧ / ١٢٦ ، والعقد الفريد ٣ / ١٨٧ ، والكتاب ٣ / ١٦١ ، ولسان العرب ٦ / ٣٢ (بيس) ، ١٨٨ (كأس) ، والمقاصد النحوية ٢ / ١٨٧ ، ولعمران بن حطان فى ديوانه ص ١٢٣ ، ولأمية أو لرجل من الخوارج فى تخليص الشواهد ص ٣٢٣ ، والدرر ٢ / ١٣٦ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٣١٣ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٢٩ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٥٢ ، وشرح ابن عقيل ص ١٦٨ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٨١٨ ، والمقرب ١ / ٩٨ ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٩ ، ١٣٠.

(٤١) البيت من المتقارب ، وهو لأبى سهم الهذلى فى تخليص الشواهد ص ٣٣٦ ، والدرر ٢ / ١٣٧ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢١١ ، ولأسامة بن الحارث فى شرح أشعار الهذليين ص ١٢٩٣ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ١ / ١٣١ ، وشرح ابن عقيل ص ١٧١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٨٢٣ ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٩.

٦٧

لَكُمْ) [البقرة : ٢١٦] وقد فى قوله قد يرد للتحقيق لا التقليل لكثرة ورود ذلك واخلولق وأوشك معطوفان على عسى على حذف العاطف وينبغى أن ينطق بعد الشين من أوشك بقاف مشددة لأن الكاف من أوشك مدغمة فى القاف بعد قلبه قافا لأجل استقامة الوزن وغنى فاعل بيرد وبأن متعلق بغنى لأنه مصدر وكذلك عن وبعد فى أول البيت متعلق بيرد. ثم قال :

وجرّدن عسى أو ارفع مضمرا

بها إذا اسم قبلها قد ذكرا

يعنى أن عسى إذا ذكر قبلها اسم جاز أن تجرد من الضمير وتسند إلى أن يفعل وجاز أن ترفع ضميرا يعود على الاسم السابق ويظهر أثر الاستعمالين فى التأنيث والتثنية والجمع فتقول على الاستعمال الأول هند عسى أن تفعل والزيدان عسى أن يفعلا والزيدون عسى أن يفعلوا والهندات عسى أن يفعلن وعلى الاستعمال الثانى هند عست أن تفعل والزيدان عسيا أن يفعلا والزيدون عسوا أن يفعلوا والهندات عسين أن يفعلن وظاهره أن هذين الاستعمالين خاصان بعسى لاقتصاره على ذكرها والصواب أن ذلك فى الأفعال الثلاثة المذكورة إذ لا فرق وعليه شرح المرادى ، وقوله : وجردن عسى يعنى من الضمير وعسى مفعول بجردن وأو للتخيير وبها متعلق بارفع وقبلها متعلق بذكر واسم مرفوع بفعل مضمر يفسره ذكر ، ثم قال :

والفتح والكسر أجز فى السّين من

نحو عسيت وانتقا الفتح زكن

يعنى أن عسى إذا أسند إلى ضمير متكلم أو مخاطب أو غائب أو غائبات نحو عسيت وعسيت وعسيتما وعسيتم وعسيتن يجوز فى سينه الفتح والكسر والفتح أجود وبه قرأ غير نافع ولذلك قال : (وانتقا الفتح زكن) ، أى واختيار الفتح علم ، وفهم من قوله نحو عسيت تعميم المثل المتقدمة فإنها كلها مثل عسيت فيما ذكر وقوله والفتح مفعول مقدم بأجز وكسر معطوف عليه وانتقا الفتح زكن جملة من مبتدأ وخبر.

إن وأخواتها

هذا هو الباب الثانى من النواسخ ، ثم قال :

لإنّ أنّ ليت لكنّ لعلّ

كأنّ عكس ما لكان من عمل

تقدم أن كان ترفع الاسم وتنصب الخبر ، وإن وأخواتها تنصب الاسم وترفع الخبر عكس

٦٨

كان وإلى ذلك أشار بقوله : (عكس ما لكان من عمل) ، ومعنى إن وأن التوكيد وليت التمنى ولكن الاستدراك ولعل الترجى والإشفاق وكأن التشبيه وما بعد إن معطوف عليه على إسقاط العاطف وعكس مبتدأ خبره فى المجرور قبله وما موصولة وصلتها لكان ومن عمل متعلق بالاستقرار الذى يتعلق به لكان ثم مثّل ذلك بثلاثة أحرف منها فقال :

كإنّ زيدا عالم بأنّى

كفء ولكنّ ابنه ذو ضغن

الكفء : المثل ، والضغن : الحقد ، والعداوة. ثم قال :

وراع ذا التّرتيب إلّا فى الّذى

كليت فيها أو هنا غير البذى

لما أتى بالمثل فى البيت الذى قبله مرتبة وقدم فيها الاسم على الخبر وهو الأصل نبه على أن الترتيب المذكور مراعى محافظ عليه إلا إذا كان الخبر ظرفا أو مجرورا فإنه يجوز تقديمه على الاسم لتوسع العرب فى الظروف والمجرورات وهو المنبه عليه بقوله : كليت فيها أو هنا غير البذى. والبذى : الفاحش النطق وذا مفعول براع والترتيب نعت لذا وإلا استثناء ولا بد من تقدير حذف كلام ليستقيم مراده والتقدير وراع هذا الترتيب إلا فى المثال الذى يكون فيه الخبر ظرفا أو مجرورا كليت فيها فالذى على هذا نعت لمحذوف وهو المثال. ثم قال :

وهمز إنّ افتح لسدّ مصدر

مسدّها وفى سوى ذاك اكسر

يعنى أن همزة إن المكسورة تفتح إذا سد المصدر مسدها أى : إذا أوّلت هى وما بعدها بالمصدر وفهم من قوله : (وهمز إن افتح) أن الأصل المكسورة الهمزة وهو أشهر القولين ، وقوله : (وفى سوى ذاك اكسر) أى إذا لم يسد المصدر مسدها.

فاكسر فى الابتدا وفى بدء صله

وحيث إنّ ليمين مكمله

أو حكيت بالقول أو حلّت محلّ

حال كزرته وإنّى ذو أمل

وكسروا من بعد فعل علّقا

باللّام كاعلم إنّه لذو تقى

ثم إنّ «إنّ» فى ذلك على ثلاثة أقسام : قسم يجب فيه كسرها ، وقسم يجوز فيه كسرها وفتحها ، وقسم يجب فيه الفتح ثم ذكر المواضع التى يجب فيها الكسر وهى ستة مواضع : الأول أن تقع فى الابتداء وهو المشار إليه بقوله : (فاكسر فى الابتدا) أى فى ابتداء الكلام

٦٩

ودخل فيه صورتان : الأولى أن لا يتقدمها شىء نحو قوله تعالى : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) [الكوثر : ١] والأخرى أن يتقدمها حرف من حروف الابتداء نحو قوله تعالى : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ) [يونس : ٦٢] الثانى أن تقع فى بدء الصلة وهو المشار إليه بقوله : (وفى بدء صله) أى فى أول الصلة نحو قوله عزوجل : (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ) [القصص : ٧٦] واحترز بقوله : فى بدء صلة ، من الواقعة فى حشو الصلة فإنها يجب فتحها نحو جاء الذى فى ظنى أنه قائم. الثالث أن تقع جوابا للقسم ، وهو المشار إليه بقوله : (وحيث إن ليمين مكمله) أى وحيث تكون إن جوابا للقسم فإنها حينئذ مكملة للقسم وشمل المقترن خبرها باللام نحو قوله عزوجل : (وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) [العصر : ١ ـ ٢] والمجرد منها نحو قوله تعالى : (حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا أَنْزَلْناهُ) [الدخان : ١ ـ ٣] الرابع أن تحكى بالقول وهو المشار إليه بقوله : (أو حكيت بالقول) ومثاله قوله تعالى : (وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ) [المائدة : ١٢] الخامس أن تحل محل حال وهو المشار إليه بقوله : (أو حلت محل* حال) وشمل صورتين الأولى أن تكون بعد واو الحال وقد مثله بقوله : (كزرته وإنى ذو أمل) ومثله قوله عزوجل : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ) [الأنفال : ٥] الثانية أن تكون مجردة من الواو كقوله تعالى : (إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ) [الفرقان : ٢٠] السادس أن يقترن خبرها باللام وهو المشار إليه بقوله : (وكسروا من بعد فعل علقا* باللام) ثم مثل ذلك بقوله : (كاعلم إنه لذو تقى) ومنه قوله عزوجل : (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) [المنافقون : ١] فيعلم يطلب أن بالفتح فعلقت اللام الفعل فوجب كسر إن ، فقوله فى الابتدا متعلق با كسر وفى بدء صلة معطوف على فى الابتدا ، وحيث معطوف أيضا ، وإن مبتدأ خبره مكملة ، وحيث مضافة إلى الجملة واليمين متعلق بمكملة. القسم الثانى وهو ما يجوز فيها كسرها وفتحها ، وذكر أن لذلك أربعة مواضع أشار إلى اثنين منها بقوله :

بعد إذا فجاءة أو قسم

لا لام بعده بوجهين نمى

يعنى أن كسر إن وفتحها جائز بعد إذا الفجائية وبعد القسم الذى لم يقترن خبرها فيها باللام فمثال ذلك بعد إذا قول الشاعر :

٧٠

٤٢ ـ وكنت أرى زيدا كما قيل سيدا

إذا أنه عبد القفا واللهازم

يروى بكسر إن على القياس لأن إذا الفجائية لا يليها إلا جملة اسمية وبالفتح على تأويل أن وصلتها بمصدر محكوم عليه بأنه مبتدأ محذوف الخبر والتقدير فإذا العبودية حاصلة ومثال ذلك بعد القسم قوله :

٤٣ ـ أو تحلفى بربك العلى

إنى أبو ذيّالك الصبى

فمن كسر جعلها جوابا للقسم ومن فتح فعلى نية حرف الجر والتقدير على أنى. وفى نمى ضمير مستتر يعود على أن ، وبعد إذا وبوجهين متعلقان بنمى فإذا مضافة لفجاءة أو قسم معطوف على إذا ولا لام لا واسمها. وبعده خبرها والجملة صفة لقسم والتقدير نمى إن بعد إذا الفجائية وبعد قسم ليس بعده لا بوجهين ، وفهم أن المراد بالوجهين الكسر والفتح من ذكرهما قبل.

مع تلو فا الجزا وذا يطّرد

فى نحو خير القول إنى أحمد

ثم أشار إلى الموضع الثالث بقوله : (مع تلو فا الجزا) يعنى أنه يجوز أيضا الفتح والكسر فى إن الواقعة بعد فاء الجزاء كقوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الأنعام : ٥٤] قرئ بالكسر على الأصل لأن الأصل فى جواب الشرط أن يكون بجملة وبالفتح على تأويل أن بمصدر مجعول خبرا والمبتدأ محذوف تقديره فجزاءه الغفران أو العكس والتقدير فالغفران جزاؤه. ومع متعلق بنمى فى البيت الذى قبله على حذف العاطف والتقدير نمى جواز الوجهين بعد إذا وبعد القسم وبعد فاء الجزاء. ثم أشار

__________________

(٤٢) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٣٣٨ ، وتخليص الشواهد ص ٣٤٨ ، والجنى الدانى ص ٣٧٨ ، ٤١١ ، وجواهر الأدب ص ٣٥٢ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٢٦٥ ، والخصائص ٢ / ٣٩٩ ، والدرر ٢ / ١٨٠ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٣٨ ، وشرح التصريح ١ / ٢١٨ ، وشرح شذور الذهب ص ٢٦٩ ، وشرح ابن عقيل ص ١٨١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٨٢٨ ، وشرح المفصل ٤ / ٩٧ ، ٨ / ٦١ ، والكتاب ٣ / ١٤٤ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٢٤ ، والمقتضب ٢ / ٣٥١ ، وهمع الهوامع ١ / ١٣٨.

والشاهد فيه : جواز فتح همزة «إن» وكسرها بعد «إذا» الفجائية.

(٤٣) الرجز لرؤبة فى ملحق ديوانه ص ١٨٨ ، وشرح التصريح ١ / ٢١٩ ، والمقاصد النحوية ١ / ٢٣٢ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٣٤٠ ، وتخليص الشواهد ص ٣٤٨ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٣٨ ، والجنى الدانى ص ٤١٣ ، وشرح ابن عقيل ص ١٨٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٣١ ، ولسان العرب ١٥ / ٤٥٠ (ذا) ، واللمع فى العربية ص ٣٠٤.

والشاهد فيه قوله : «أنى» حيث يجوز كسر همزه «إنّ» وفتحها ، لكونها واقعة بعد قسم لا لام بعده ، أما الفتح فعلى تأويل «أنّ» واسمها وخبرها بمصدر مجرور بحرف جر محذوف ، والتقدير : أو تحلفى على كونى أبا لهذا الصبى وأمّا الكسر فعلى اعتبار «إنّ» واسمها وخبرها جملة جواب القسم لا محل لها من الإعراب.

٧١

إلى الموضع الرابع بقوله : (وذا يطرد* فى نحو خير القول إنى أحمد) يعنى أنه يطرد فى هذا المثال وما أشبهه كسر إن وفتحها فالكسر على معنى خير القول إنى أحمد أى خير القول هذا اللفظ الذى أوله إنى فيكون من الإخبار بالجملة عن مبتدأ فى معنى الجملة ولذلك لم يحتج إلى ضمير يربطها بالمبتدأ ، ومعنى الفتح خير القول حمد الله ويحتمل أن يكون بهذا اللفظ أو بغيره مما يفهم الحمد ويكون من باب الإخبار بالمفرد لأن أن وما بعدها مؤولة بمفرد فذا مبتدأ أو هو إشارة إلى جواز الوجهين وخبره يطرد وفى متعلق بيطرد ونحو مضاف إلى مقدر أى فى نحو قولك خير القول. ثم قال :

وبعد ذات الكسر تصحب الخبر

لام ابتداء نحو إنّى لوزر

يعنى أن اللام تدخل فى غير إن وفهم من اقتصاره على إن المكسورة أنها لا تزاد بعد غيرها من أخواتها خلافا لمن أجاز زيادتها بعد أن المفتوحة ولكنّ وفهم من قوله لام ابتداء أنها اللام التى تدخل على المبتدأ فى نحو لزيد قائم خلافا لمن قال إنها غيرها وإنما أخرت للخبر مع إن كراهية اجتماع حرفى تأكيد والخبر فاعل بتصحب ولام ابتداء مفعول ، ويجوز العكس وهو أظهر وإنى لوزر محكى بقول محذوف والتقدير نحو قولك إنى لوزر والوزر الحصن. ثم إن مواضع هذه اللام أربعة : الخبر ومعمول الخبر والفصل والاسم ، وأشار إلى الأول بقوله :

ولا يلى ذى اللّام ما قد نفيا

ولا من الأفعال ما كرضيا

وقد يليها مع قد كإنّ ذا

لقد سما على العدا مستحوذا

وتصحب الواسط معمول الخبر

والفصل واسما حلّ قبله الخبر

يعنى أن هذه اللام لا تصحب الخبر إذا كان منفيا نحو إن زيدا لم يقم ولا الفعل الماضى والمتصرف الخالى من قد نحو إن زيدا لرضى وفهمت هذه الثلاثة من تمثيله برضى فى كونه ماضيا متصرفا خاليا من قد ، وفهم منه أيضا أنها تصحب المفرد نحو إن زيدا لقائم والجملة الاسمية نحو إن زيدا لأبوه قائم والفعل المضارع نحو قوله عزوجل : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) [النحل : ١٢٤] والماضى الغير المتصرف نحو إن زيدا لنعم الرجل. وبقى من الشروط المفهومة من تمثيله برضى أن لا يلى الماضى قد فنبه عليه بقوله وقد يليها مع قد وفهم من قوله قد أن ذلك قليل ثم مثل ذلك بقوله : (كإن ذا* لقد سما على العدا مستحوذا) ومعنى مستحوذا غالبا. ثم أشار إلى الثانى بقوله : (وتصحب الواسط معمول الخبر) أى

٧٢

تصحب اللام معمول الخبر المتوسط وشمل الظرف والمجرور وغيرهما نحو إن زيدا لعندك قاعد وإن عمرا لفيك راغب وإن زيدا لطعامك آكل. والواسط مفعول بتصحب ومعمول الخبر بدل منه أو حال ويجوز أن يكون المفعول معمول الخبر والواسط حال على مذهب من أجاز تعريف الحال وهذا الوجه أظهر من جهة المعنى. ثم أشار إلى الثالث فقال : والفصل أى تصحب الفصل فهو مفعول بفعل محذوف أو معطوف على الواسط فلا يحتاج إلى تقدير فعل ومثاله قوله تعالى : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الشعراء : ٩] ولم يقيد الفصل بشىء لأنه معلوم أنه لا يكون إلا متوسطا بين الاسم والخبر. ثم أشار إلى الرابع بقوله : واسما حل قبله الخبر يعنى أن لام الابتداء تدخل أيضا على الاسم بشرط تقديم الخبر عليه لئلا يجمع بين حرفى توكيد مثاله قوله تعالى : (وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى) [الليل : ١٣] وفهم مما تقدم أن الخبر فى ذلك لا يكون إلا ظرفا أو مجرورا وفهم من اشتراط الفصل فى الاسم أن ذلك مشروط فى الخبر أيضا لاتحاد العلة ونصب اسما بالعطف على الفصل أو بفعل محذوف والأول أظهر وحل قبله الخبر جملة فى موضع الصفة لاسم. ثم قال :

ووصل ما بذى الحروف مبطل

إعمالها وقد يبقّى العمل

إذا اتصلت ما الزائدة بهذه الحروف كفت عملها لزوال اختصاصها بالأسماء نحو قوله تعالى : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) [النساء : ١٧١]. وقد سمع الإعمال فى ليت فى قول النابغة:

٤٤ ـ قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا

إلى حمامتنا أو نصفه فقد

على رواية النصب وقاس بعضهم على ليتما سائرها وهو مذهب الناظم لإطلاقه فى قوله:وقد يبقى العمل ووصل مبتدأ ومبطل خبره وإعمالها مفعول وبذى الحروف متعلق بوصل وقد يبقى العمل جملة مستأنفة ثم قال :

__________________

(٤٤) البيت من البسيط ، وهو للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص ٢٤ ، والأزهية ص ٨٩ ، ١١٤ ، والأغانى ١١ / ٣١ ، والإنصاف ٢ / ٤٧٩ ، وتخليص الشواهد ص ٣٦٢ ، وتذكرة النحاة ص ٣٥٣ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٢٥١ ، ٢٥٣ ، والخصائص ٢ / ٤٦٠ ، والدرر ١ / ٢١٦ ، ٢ / ٢٠٤ ، ورصف المبانى ص ٢٩٩ ، ٣١٦ ، ٣١٨ ، وشرح التصريح ١ / ٢٢٥ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٦٢ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٧٥ ، ٢٠٠ ، ٢ / ٦٩٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٣٣ ، وشرح المفصل ٨ / ٥٨ ، والكتاب ٢ / ١٣٧ ، واللمع ص ٣٢٠ ، ومغنى اللبيب ١ / ٦٣ ، ٢٨٦ ، ٣٠٨ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٥٤ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٣٤٩ ، وخزانة الأدب ٦ / ١٥٧ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٤٣ ، وشرح قطر الندى ص ١٥١ ، ولسان العرب ٣ / ٣٤٧ (قدد) ، والمقرب ١ / ١١٠ ، وهمع الهوامع ١ / ٦٥.

والشاهد فيه جواز إعمال «ليت» التى اتصلت بها «ما» وعدم إعمالها.

٧٣

وجائز رفعك معطوفا على

منصوب إنّ بعد أن تستكملا

يعنى أنه يجوز رفع المعطوف على اسم إن بشرط أن تستكمل خبرها نحو إن زيدا قائم وعمرو ، وفهم من قوله : وجائز أن النصب أيضا جائز وهو الأصل ، وفهم من قوله بعد أن تستكملا أنه لا يجوز الرفع فى المعطوف على اسم إن قبل أخذها الخبر نحو إن زيدا وعمرو قائمان ورفع المعطوف على اسم إن بشرطه إما على العطف على الموضع وإما على تقديره مبتدأ محذوف الخبر لدلالة ما تقدم عليه والتقدير إن زيدا قائم وعمرو قائم فيكون من عطف الجمل وإما معطوف على الضمير المستتر فى الخبر وفيه ضعف لعدم الفصل ورفعك مبتدأ وخبره جائز ومعطوفا منصوب برفعك وعلى متعلق بمعطوف وبعد متعلق بجائز ويجوز أن يكون متعلقا برفعك والتقدير ورفعك معطوفا على منصوب إن بعد استكمالها الخبر جائز. ثم قال :

وألحقت بإنّ لكنّ وأن

من دون ليت ولعلّ وكأن

يعنى أنه يجوز أيضا رفع المعطوف على اسم أن المفتوحة ولكن بالشرط المذكور فمثاله بعد أن قوله تعالى : (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) [التوبة : ٣] وبعد لكن نحو ما قائم بكر لكن زيدا قائم وعمرو وإنما ألحقت أن ولكن بإن لأنهما لا يغيران معنى الابتداء بخلاف البواقى ثم تمم البيت بقوله : (من دون ليت ولعل وكأن) ولو استغنى عن قوله من دون ليت إلخ لم يخل بالمعنى ثم قال :

وخفّفت إنّ فقلّ العمل

وتلزم اللّام إذا ما تهمل

يعنى أن إن المكسورة إذا خففت قلّ عملها وذلك لزوال اختصاصها نحو قوله عزوجل : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ) [هود : ١١١] وفهم منه أن إهمالها هو الكثير كقوله تعالى : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) [الطارق : ٤] وأل فى العمل إما للعهد أى العمل المذكور وإما بدل من الضمير والتقدير فقلّ عملها. ثم قال : (وتلزم اللام إذا ما تهمل) يعنى أنها إذا خففت يلزم خبرها اللام وإنما لزمت اللام للفرق بينها وبين إن النافية واللام فاعل تلزم والمفعول محذوف وتقدير الكلام وتلزم اللام الخبر وأل فى اللام للعهد وهى التى تصحب إن المشددة المتقدم ذكرها وفهم منه أنها ليست غيرها خلافا للفارسى. ثم قال :

٧٤

وربّما استغنى عنها إن بدا

ما ناطق أراده معتمدا

يعنى أنه قد يستغنى عن اللام بعد إن المخففة إذا أمن اللبس بينها وبين إن النافية لاعتماد الناطق بها على ذلك كقول الشاعر :

٤٥ ـ أنا ابن أباة الضّيم من آل مالك

وإن مالك كانت كرام المعادن

فإن صدر البيت مدح فعلم أن إن فى عجزه ليست للنفى لئلا يتناقض صدر البيت وعجزه فلم يحتج إلى اللام الفارقة. وعنها فى موضع رفع باستغنى على أنه نائب عن الفاعل وما موصولة مرفوعة ببدا وناطق مبتدأ وأراده خبره والجملة صلة لما والضمير فى أراده عائد على ما ومعتمدا بكسر الميم حال من فاعل أراده ويجوز فتح الميم على أنه حال من مفعول أراده والتقدير إن ظهر المعنى الذى أراده الناطق معتمدا عليه. ثم قال :

والفعل إنّ لم يك ناسخا فلا

تلفيه غالبا بإن ذى موصلا

يعنى أن الفعل إذا وقع بعد إن المخففة لا يكون إلا من نواسخ الابتداء فى الغالب كقوله تعالى : (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً) [البقرة : ١٤٣](وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ) [القلم : ٥١] وفهم من قوله غالبا أنه قد يكون غير ناسخ كقوله :

٤٦ ـ شلّت يمينك إن قتلت لمسلما

حلّت عليك عقوبة المتعمّد

وقولهم إن يزينك لنفسك وإن يشينك لهيه والفعل مبتدأ وإن لم يك ناسخا شرط والجواب

__________________

(٤٥) البيت من الطويل ، وهو للطرماح فى ديوانه ص ٥١٢ ، والدرر ٢ / ١٩٣ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٧٦ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٣٦٧ ، وتخليص الشواهد ص ٣٧٨ ، وتذكرة النحاة ص ٤٣ ، والجنى الدانى ص ١٣٤ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٤٥ ، وشرح ابن عقيل ص ١٩١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٣٧ ، وشرح قطر الندى ص ١٦٥ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤١.

والشاهد فيه قوله : «وإن مالك كانت كرام المعادن» حيث خفف «إنّ» المؤكدة وأهملها ، فلم ينصب بها الاسم ، ويرفع الخبر ، ولم يدخل اللام فى خبرها لتكون فارقة بينها وبين «إن» النافية ، وذلك لأمن اللبس ، فالشاعر يمدح نفسه وآباءه.

(٤٦) البيت من الكامل ، وهو لعاتكة بنت زيد فى الأغانى ١٨ / ١١ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٣٧٣ ، ٣٧٤ ، ٣٧٦ ، ٣٧٨ ، والدرر ٢ / ١٩٤ ، وشرح التصريح ١ / ٢٣١ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٧١ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٧٨ ، ولأسماء بنت أبى بكر فى العقد الفريد ٣ / ٢٧٧ ، وبلا نسبة فى الأزهية ص ٤٩ ، والإنصاف ٢ / ٢٤١ ، وأوضح المسالك ١ / ٣٦٨ ، وتخليص الشواهد ص ٣٧٩ ، والجنى الدانى ص ٢٠٨ ، ورصف المبانى ص ١٠٩ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٤٨ ، ٥٥٠ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٤٥ ، وشرح ابن عقيل ص ١٩٣ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٣٦ ، وشرح المفصل ٨ / ٧١ ، ٩ / ٢٧ ، واللامات ص ١١٦ ، ومجالس ثعلب ص ٣٦٨ ، والمحتسب ٢ / ٢٥٥ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٤ ، والمقرب ١ / ١١٢ ، والمنصف ٣ / ١٢٧ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٢.

والشاهد فيه قوله «إن قتلت لمسلما» حيث ولى «إن» المخففة من الثقيلة فعل ماض غير ناسخ ، وهو «قتلت» وهذا شاذ لا يقاس عليه إلا عند الأخفش.

٧٥

فلا تلفيه أى لا تجده وغالبا حال من الهاء فى تلفيه وموصلا مفعول ثان لتلفيه وبإن متعلق بموصلا وذى بدل من إن أو نعت لها والجملة من الشرط والجواب خبر الفعل والضمير العائد من الخبر إلى المبتدأ مستتر فى يك. ثم قال :

وإن تخفّف أنّ فاسمها استكنّ

والخبر اجعل جملة من بعد أن

يعنى أن أن المفتوحة إذا خففت لم تهمل كما أهملت إن بل يستكن فيها اسمها وفهم عدم إهمالها من قوله اسمها فإنه لا يطلق عليه اسمها إلا وهى عاملة فيه وتجوّز فى قوله استكن وإنما هو محذوف إذ لا يستكن الضمير إلا فى الفعل أو ما أجرى مجراه. ثم قال : (والخبر اجعل جملة من بعد أن) يعنى أن خبر أن بعد ذلك الاسم المستكن فى أن لا يكون إلا جملة فشمل الجملة الاسمية والفعلية وفهم منه أنه لا يكون مفردا والخبر مفعول أول باجعل وجملة هو المفعول الثانى ومن متعلق باجعل. ثم قال :

وإن يكن فعلا ولم يكن دعا

ولم يكن تصريفه ممتنعا

فالأحسن الفصل بقد أو نفى أو

تنفيس أو لو وقليل ذكر لو

يعنى أن الخبر الذى ذكر أنه يكون جملة إذا كان مصدرا بفعل غير دعاء متصرف فالأحسن أن يفصل بينه وبين أن بقد أو بأداة نفى أو بالسين أو بسوف أو لو أما قد فيفصل بها بينها وبين الماضى كقوله تعالى : (وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا) [المائدة : ١١٣] وأما النفى فيكون بلا وبلن فيفصل بهما بين أن وبين المضارع كقوله تعالى : (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً) [طه : ٨٩] وأما السين وسوف فيفصل بهما بينها وبين المضارع كقوله تعالى : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ) [المزمل : ٢٠] ومثله قولك علمت أن سوف يقوم زيد وأما لو فيفصل بها بين أن وبين الماضى كقوله تعالى : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا) [الجن : ١٦] وقوله : وقليل ذكر لو أى قليل من يذكرها من النحويين لا إن الفصل بها قليل وفهم من قوله فالأحسن أنه يجوز أن يأتى بغير فصل كقوله :

٤٧ ـ علموا أن يؤمّلون فجادوا

قبل أن يسألوا بأعظم سؤل

__________________

(٤٧) البيت من الخفيف ، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٣٧٣ ، وتخليص الشواهد ص ٣٨٣ ، والجنى الدانى ص ٢١٩ ، والدرر ٢ / ١٩٧ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٤٧ ، وشرح التصريح ١ / ٢٢٣ ، وشرح ابن عقيل ص ١٩٦ ، وقطر الندى ص ١٥٥ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٩٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٣.

والشاهد فيه قوله : «أن يؤمّلون» حيث استعمل فيه «أن» المخفّفة من الثقيلة ، وأعملها فى الاسم الذى هو ضمير الشأن المحذوف ، وفى الخبر الذى هو جملة «يؤمّلون» ومع أنّ جملة الخبر فعلية فعلها متصرف غير دعاء ، ولم يأت بفاصل بين «أن» وجملة الخبر.

٧٦

وفهم من سكوته على الجملة الاسمية أنها لا يفصل بينها وبين أن وذلك على نوعين الأول أن يتقدم المبتدأ على الخبر نحو قوله تعالى : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [يونس : ١٠] والآخر أن يتقدم الخبر كقول الشاعر :

٤٨ ـ فى فتية كسيوف الهند قد علموا

أن هالك كلّ من يحفى وينتعل

وفهم من اشتراطه فى الفعل الشروط المذكورة أنه لا يفصل بينهما إذا كان الفعل دعاء كقوله تعالى : (وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها) [النور : ٩] أو غير متصرف كقوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) [النجم : ٣٩] واسم يكن ضمير عائد على الخبر وفعلا خبرها ولم يكن دعا جملة معطوفة على الجملة قبلها والفاء جواب الشرط والأحسن الفصل جملة اسمية وبقد متعلق بالفصل لأنه مصدر وذكر لو مبتدأ وقليل خبر مقدم. ثم قال :

وخفّفت كأنّ أيضا فنوى

منصوبها وثابتا أيضا روى

يعنى أن كأن تخفف أيضا ولا تهمل وفهم عدم إهمالها من قوله : فنوى منصوبها فهى إذا كأن المفتوحة المخففة إلا أن اسم كأن قد يكون منويا وقد يكون ثابتا وفهم ذلك من قوله :وثابتا أيضا روى وفهم أيضا من كونه لم يشترط فى خبرها أن يكون جملة كما ذكر فى أن أن خبرها يكون جملة ويكون مفردا فمثال الجملة قوله :

٤٩ ـ ووجه مشرق النحر

كأن ثدياه حقّان

فاسمها فى هذا البيت ضمير الشأن وهو محذوف والجملة من قوله ثدياه حقان فى موضع الخبر ومثاله مفردا قوله :

__________________

(٤٨) البيت من البسيط ، وهو للأعشى فى ديوانه ص ١٠٩ ، والأزهية ص ٦٤ ، والإنصاف ص ١٩٩ ، وتخليص الشواهد ص ٣٨٢ ، وخزانة الأدب ٥ / ٤٢٦ ، ٨ / ٣٩٠ ، ١٠ / ٣٩٣ ، ١١ / ٣٥٣ ، ٣٥٤ ، والدرر ٢ / ١٩٤ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٧٦ ، والكتاب ٢ / ١٣٧ ، ٣ / ٧٤ ، ١٦٤ ، ٤٥٤ ، والمحتسب ١ / ٣٠٨ ، ومغنى اللبيب ١ / ٣١٤ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٨٧ ، والمنصف ٣ / ١٢٩ ، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ١٠ / ٣٩١ ، ورصف المبانى ص ١١٥ ، وشرح المفصل ٨ / ٧١ ، والمقتضب ٣ / ٩ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٢.

والشاهد فيه قوله : «أن هالك كلّ من يحفى» حيث أضمر اسم «أن» المخففة والتقدير : أنه هالك ... والخبر جملة «كل من يحفى وينتعل هالك» ف «هالك» خبر مقدّم ل «كل».

(٤٩) البيت من الهزج ، وهو بلا نسبة فى الإنصاف ١ / ١٩٧ ، وأوضح المسالك ١ / ٣٧٨ ، وتخليص الشواهد ص ٣٨٩ ، والجنى الدانى ص ٥٧٥ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٣٩٢ ، ٣٩٤ ، ٣٩٨ ، ٣٩٩ ، ٤٠٠ ، ٤٤٠ ، والدرر ٢ / ١٩٩ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٤٧ ، وشرح التصريح ١ / ١٣٤ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٦٩ ، وشرح ابن عقيل ص ١٩٧ ، وشرح قطر الندى ص ١٥٨ ، وشرح المفصل ٨ / ٧٢ ، والكتاب ٢ / ١٣٥ ، ١٤٠ ، ولسان العرب ١٣ / ٣٠ ، ٣٢ (أنن) ، والمقاصد النحوية ٢ / ٣٠٥ ، والمنصف ٣ / ١٢٨ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٣.

٧٧

٥٠ ـ ويوما توافينا بوجه مقسّم

كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم

وكأن ثدييه حقان فى رواية النصب وفهم من اقتصاره على إن وأن وكأن أن باقيها لا يكون فيه هذا الحكم ، أما لعلّ وليت فلا يخففان وأما لكن فإنها تخفف لكنها لا تعمل مخففة.

ثم قال :

لا التى لنفى الجنس

قوله لا التى لنفى الجنس أى التى يقصد بها نفى الجنس على سبيل الاستغراق ورفع احتمال الخصوص فإذا أريد بها ذلك كانت مختصة بالأسماء فعملت. ثم قال :

عمل إنّ اجعل للا فى نكره

مفردة جاءتك أو مكرّره

وإنما عملت عمل إن لأنها فى النفى نظيرة إن فى الإيجاب إذ إن توكيد للإيجاب ولا توكيد للنفى ولما كان عملها بالحمل على إن ضعفت فلم تعمل إلا فى النكرة ولذلك قال فى نكرة وقوله مفردة جاءتك نحو لا رجل فى الدار أو مكررة نحو لا حول ولا قوة إلا بالله إلا أن عمل المفردة واجب وعمل المكررة جائز وسيأتى ، وعمل مفعول باجعل وللا متعلق باجعل وكذلك فى نكرة مفردة ومكررة حالان من الضمير فى جاءتك العائد على لا. ثم إن النكرة التى تعمل فيها لا على ثلاثة أقسام : مضافة ، ومشبهة بالمضاف ، ومفردة ، وقد أشار إلى الأول والثانى بقوله :

فانصب بها مضافا أو مضارعه

وبعد ذاك الخبر اذكر رافعه

__________________

(٥٠) البيت من الطويل ، وهو لعلباء بن أرقم فى الأصمعيات ص ١٥٧ ، والدرر ٢ / ٢٠٠ ، وشرح التصريح ١ / ٢٣٤ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٨٤ ، ولأرقم بن علباء فى شرح أبيات سيبويه ١ / ٥٢٥ ، ولزيد بن أرقم فى الإنصاف ١ / ٢٠٢ ، ولكعب بن أرقم فى لسان العرب ١٢ / ٤٨٢ (قسم) ، ولباغت بن صريم اليشكرى فى تخليص الشواهد ص ٣٩٠ ، وشرح المفصل ٨ / ٨٣ ، والكتاب ٢ / ١٣٤ ، وله أو لعلباء بن أرقم فى المقاصد النحوية ٢ / ٣٠١ ، ولأحدهما أو لأرقم بن علباء فى شرح شواهد المغنى ١ / ١١١ ، ولأحدهما أو لراشد بن شهاب اليشكرى أو لابن أصرم اليشكرى فى خزانة الأدب ١٠ / ٤١١ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٣٧٧ ، وجواهر الأدب ص ١٩٧ ، والجنى الدانى ص ٢٢٢ ، ٥٢٢ ، ورصف المبانى ص ١١٧ ، ٢١١ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٦٨٣ ، وسمط اللآلى ص ٨٢٩ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٤٧ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٤١ ، ٣٣١ ، وشرح قطر الندى ص ١٥٧ ، والكتاب ٣ / ١٦٥ ، والمحتسب ١ / ٣٠٨ ، ومغنى اللبيب ١ / ٣٣ ، والمقرب ١ / ١١١ ، ٢ / ٢٠٤ ، والمنصف ٣ / ١٢٨ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٣.

والشاهد فيه قوله : «كأن ظبية» حيث روى برفع «ظبية» ونصبها وجرها. أما الرفع فيحتمل أن تكون «ظبية» مبتدأ ، وجملة «تعطو» خبره ، وهذه الجملة الاسمية خبر «كأن» واسمها ضمير شأن محذوف ، ويحتمل أن تكون «ظبية» خبر «كأنّ» و «تعطو» صفتها واسمها محذوف ، وهو ضمير المرأة ، لأن الخبر مفرد. أمّا النصب فعلى إعمال «كأن» وهذا الإعمال مع التخفيف خاص بضرورة الشعر. وأمّا الجر فعلى أنّ «أن» زائدة بين الجار والمجرور ، والتقدير : كظبية.

٧٨

يعنى أنها تنصب المضاف والمشبه بالمضاف ، والمراد بالمشبه بالمضاف ما عمل فيما بعده فمثال المضاف لا غلام رجل فى الدار ومثال المشبه بالمضاف لا طالعا جبلا عندك ولا ما را بزيد فى الدار ولا حسنا وجهه فى الدار ، وإنما سمى مشبها بالمضاف لعمله فيما بعده كالمضاف ، وقوله : (وبعد ذاك الخبر اذكر رافعه) أى بعد نصبك الاسم مثاله لا ظالم رجل محمود ولا طالب علم محروم ، وفهم من قوله وبعد ذاك أن الخبر لا يجوز تقديمه على الاسم وبعد متعلق باذكر والخبر مفعول مقدم باذكر ورافعه حال من الضمير المستتر فى اذكر والهاء فى رافعه عائدة على الخبر ، ثم قال :

وركّب المفرد فاتحا كلا

حول ولا قوّة ...

المراد بالمفرد فى هذا الباب ما ليس بمضاف ولا مشبه بالمضاف وفاتحا حال أى فى حال كونك فاتحا ثم أتى بمثال لا فيه مكررة وقد تقدم أن لا إذا كررت كان عملها جائزا لا واجبا ، ولذلك قال :

والثّان اجعلا* مرفوعا أو منصوبا أو مركّبا* وإن رفعت أوّلا لا تنصبا

فهذه خمسة أوجه. والأول فتحهما معا وهو المستفاد من المثال ، الثانى فتح الأول ورفع الثانى ، وهو مستفاد من قوله : (والثان اجعلا مرفوعا) الثالث فتح الأول ونصب الثانى وهو مستفاد من قوله : (أو منصوبا) فهذه ثلاثة أوجه فى الثانى مع فتح الأول. والرابع رفع الأول والثانى. والخامس رفع الأول وبناء الثانى على الفتح وهما مستفادان من قوله : (وإن رفعت أوّلا لا تنصبا) فنهى عن نصب الثانى مع رفع الأول وبقى رفعه وبناؤه على الفتح ووجه فتحهما أنهما مبنيان مع لا ووجه نصب الثانى أنه معطوف على موضع اسم لا ووجه رفعه أنه مبتدأ محذوف الخبر أو معطوف على لا مع اسمها لأنهما فى موضع رفع بالابتداء أو على إعمال لا عمل ليس ووجه رفع الأول والثانى أنهما مبتدءان أو أعملا عمل ليس ووجه رفع الأول وفتح الثانى أن الأول مبتدأ أو اسم لا إن عملت عمل ليس ، والثانى مبنى مع لا والثانى مفعول أول باجعلا ومرفوعا مفعول ثان وما بعده معطوف عليه ومعنى أو التخيير وإن رفعت شرط ولا تنصبا جوابه وهو على حذف الفاء أى فلا تنصبا والألف بدل من نون التوكيد الخفيفة. ثم قال :

ومفردا نعتا لمبنىّ يلى

فافتح أو انصبن أو ارفع تعدل

يعنى أنه يجوز فى نعت الاسم لا المبنى على الفتح ثلاثة أوجه فتحه ونصبه ورفعه وذلك

٧٩

بشرطين الأول أن يكون مفردا وهو المنبه عليه بقوله ومفردا. الثانى أن يكون متصلا بالمنعوت وذلك مفهوم من قوله يلى أى يلى المنعوت فتقول لا رجل قائم أو قائما أو قائم فوجه الفتح تركيب الصفة مع الموصوف ووجه النصب الحمل على موضع اسم لا ، ووجه الرفع الحمل على موضع لا مع اسمها ، ومفردا مفعول مقدم بافتح أو انصب أو ارفع فهو من باب التنازع مع تأخير العوامل وقدم مفردا على نعتا وحقه التأخير عنه لأنه وصف له لأجل الضرورة ويجوز نصبه على الحال لأنه نعت نكرة تقدم عليها والمبنى متعلق بنعت ويلى فى موضع الصفة لمبنى وأو للتخيير ، وتعدل مجزوم على جواب الأمر. ثم قال :

وغير ما يلى وغير المفرد

لا تبن وانصبه أو الرّفع اقصد

أشار فى هذا البيت إلى مسألتين : الأولى أن يكون اسم لا مبنيا على الفتح والنعت مفردا إلا أنه مفصول بينهما. الثانية أن يكون النعت يلى المنعوت إلا أنه غير مفرد أى مضاف فمثال الأولى لا رجل فى الدار ظريفا أو ظريف ولا يجوز البناء للفصل بينهما ومثال الثانية لا رجل قاصد غلام فالفتح فيه أيضا ممتنع لمكان الإضافة ووجه النصب فيها على اللفظ لأن المبنى هنا شبيه بالمعرب ووجه الرفع حمله على موضع لا مع اسمها وغير ما يلى مفعول مقدم بتبن والرفع مفعول مقدم باقصد. ثم قال :

والعطف إن لم تتكرّر لا احكما

له بما للنّعت ذى الفصل انتمى

يعنى أنه إذا عطف على اسم لا المبنى ولم تتكرر لأجاز فى المعطوف ما جاز فى النعت المفصول وهو النصب والرفع وامتنع البناء عن الفتح لفصل العاطف فتقول لا رجل وامرأة بالنصب على اللفظ كقول الشاعر :

٥١ ـ فلا أب وابنا مثل مروان وابنه

إذا هو بالمجد ارتدى وتأزّرا

وامرأة بالرفع على المحل كقول الشاعر :

__________________

(٥١) البيت من الطويل ، وهو لربيع بن ضبع الفزارى فى خزانة الأدب ٤ / ٦٧ ، ٦٨ ، وشرح التصريح ١ / ٢٤٣ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٠٧ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٣٥٥ ، وللفرزدق أو لرجل من عبد مناة فى الدرر ٦ / ١٧٢ ، وبلا نسبة في أمالى ابن الحاجب ١ / ٤١٩ ، ٢ / ٥٩٣ ، ٨٤٧ ، وأوضح المسالك ٢ / ٢٢ ، وجواهر الأدب ص ٢٤١ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٥٣ ، وشرح قطر الندى ص ١٦٨ ، وشرح المفصل ٢ / ١٠١ ، ١١٠ ، والكتاب ٢ / ٢٨٥ ، واللامات ص ١٠٥ ، واللمع ص ١٣٠ ، والمقتضب ٤ / ٣٧٢ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٤٣.

والشاهد فيه قوله : «لا أب وابنا» حيث عطف على اسم «لا» النافية للجنس ، ولم يكررها ، وجاء بالمعطوف منصوبا ؛ لأنه عطفه على محل اسم «لا» وهو مبنى على الفتح فى محل نصب. ويجوز فيه الرفع ، ووجهه أن يكون معطوفا على محل «لا» مع اسمها ، فإنهما معا فى محل رفع بالابتداء.

٨٠