شرح المكودي

أبي زيد عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي

شرح المكودي

المؤلف:

أبي زيد عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي


المحقق: الدكتور عبد الحميد الهنداوي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: المكتبة العصريّة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٠٥

الذى إنه قائم فلا يجوز حذفه أيضا. والحذف مبتدأ وخبره كثير ومنجلى خبر بعد خبر وعندهم متعلق بالحذف أو بكثير أو بمنجلى وفى عائد متعلق بكثير أو بمنجلى أو بالحذف فهو من باب التنازع وإن انتصب شرط وبفعل متعلق بانتصب وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم عليه والتقدير وحذف الضمير العائد من الصلة إلى الموصول إذا كان منصوبا متصلا بالفعل أو بالوصف كثير فى كلام العرب ، ثم قال :

كذاك حذف ما بوصف خفضا

كأنت قاض بعد أمر من قضى

يعنى أن حذف الضمير العائد من الصلة إلى الموصول إذا كان مخفوضا بالوصف مثل الضمير المنصوب فى جواز حذفه بكثرة فالإشارة بقوله كذاك عائدة إلى حذف الضمير المنصوب المتقدم ثم مثل بقوله : (كأنت قاض) ، وأشار به إلى قوله عزوجل (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) [طه : ٧٢] أى ما أنت قاضيه واحترز بقوله ما بوصف عن الضمير المجرور بغير وصف فإنه لا يجوز حذفه نحو جاءنى الذى أبوه ذاهب فحذف مبتدأ وما مضاف إليه موصول صلته خفض وبوصف متعلق بخفض والتقدير حذف الضمير الذى خفض بالوصف مثل حذف الضمير المنصوب المتصل بالفعل أو الوصف فى الكثرة ، ثم قال :

كذا الّذى جرّ بما الموصول جرّ

كمرّ بالّذى مررت فهو برّ

يعنى أن حذف الضمير العائد من الصلة إلى الموصول إذا كان مجرورا بحرف الجر كثير لكن بثلاثة شروط. الأول أن يكون الموصول مجرورا بمثل ذلك الحرف الذى جر به الضمير لفظا ومعنى. الثانى أن يكون العامل فى المجرورين متفقا لفظا ومعنى. الثالث أن يكون فى الصلة ضمير غيره وقد نبه على الأول بقوله : كذا الذى جر بما الموصول جر. وعلى الثانى والثالث بالمثال فالذى فى المثال مجرور بمثل الحرف الذى جر به الضمير وهو الباء والعامل فى بالذى مر وفى به مررت ولفظهما ومعناهما واحد وليس فى الصلة ضمير غيره فالذى جر مبتدأ وخبره كذا وصلة الذى جر وبما متعلق به وصلة ما جر الأخيرة والموصول مفعول مقدم بجر والتقدير الذى جر بالحرف الذى جر الموصول مثل المجرور بالوصف فى جواز الحذف بكثرة وفى بعض النسخ كذا الذى جر بما الموصول جر برفع الموصول وضم الجيم من جر بعده فالموصول على هذا مبتدأ وجر فى موضع خبره والضمير المستتر فى جر عائد على الموصول والضمير العائد على ما محذوف والتقدير كذا الذى جر بما جر الموصول به ، وقوله فهو بر تتميم للبيت.

٤١

المعرف بأداة التعريف

هذا هو النوع الخامس من المعارف والمراد بأداة التعريف الألف واللام. واعلم أن الألف واللام على أربعة أقسام : للتعريف وزائدة وللمح الصفة وللغلبة ، وقد أشار إلى الأول بقوله :

أل حرف تعريف أو اللّام فقط

فنمط عرّفت قل فيه النّمط

اختلف فى أل فقيل هى بجملتها للتعريف وهمزتها همزة قطع وحذفت فى الوصل لكثرة الاستعمال وهو مذهب الخليل وكان يسميها أل فهى عنده مثل هل وقد وهى عبارة الناظم فى هذا النظم وقيل هى أيضا بجملتها للتعريف إلا أن همزتها همزة وصل وقيل اللام وحدها للتعريف وضعت ساكنة واجتلبت همزة الوصل للابتداء بالساكن وهذان القولان عن سيبويه فقوله أل حرف تعريف يفهم الأول والثانى أى هى حرف تعريف بجملتها مع كون الهمزة أصلية أو زائدة وقوله أو اللام فقط هذا هو القول الثالث وقوله فنمط عرفت قل فيه النمط أى إذا أردت تعريف نمط أدخلت عليه أل فقلت النمط. والنمط ظهارة الفراش والنمط جماعة من الناس أمرهم واحد والنمط الطريق ولم يذكر المعرف بالأداة إلا فى قوله فنمط عرفت وإنما تكلم فى سائر الباب على الأداة فقط ولكن يفهم من معانيها حكم ما دخلت عليه. وأل مبتدأ وحرف تعريف خبره وأو اللام معطوف على المبتدأ وأو للتخيير وفقط اسم فعل بمعنى حسب ونمط مبتدأ وعرفت فى موضع الصفة للنمط وحذف الضمير العائد من الصفة إلى الموصوف والتقدير عرفته وقل فيه النمط خبر المبتدأ وتصحيح المعنى فيه أنه على حذف الأداة والتقدير فنمط إن أردت تعريفه فقل فيه النمط والنمط مفعول بقل على تضمينه معنى اذكر. ثم أشار إلى القسم الثانى ، وهى الزائدة بقوله :

وقد تزاد لازما كاللّات

والآن والّذين ثمّ اللّات

ولاضطرار كبنات الأوبر

كذا وطبت النّفس يا قيس السّرى

فذكر أن زيادة أل على قسمين : الأول زيادة لازمة وذكر من ذلك أربعة مواضع اللات وهو اسم صنم كان بالطائف وأل فيه زائدة لازمة لأنه علم ، والآن وهو اسم للزمان الحاضر وأل فيه زائدة لازمة لم يستعمل فى كلام العرب مجردا منها وهو مبنى لتضمنه معنى أل التى تعرف بها وهذا من الغرائب لكونهم جعلوه متضمنا معنى أل وجعلوا أل الموجودة فيه زائدة لازمة.

٤٢

والذين من الموصولات وأل فيه أيضا زائدة لازمة لأنه تعرف بالصلة وقيل أل فيه للتعريف وهو مذهب الفراء واللاتى جمع التى وهى مثل الذين فى أن أل فيه زائدة لازمة. الثانى زائدة لضرورة الشعر وذكر من ذلك لفظين الأول بنات الأوبر ، وأشار بذلك إلى قول الشاعر :

٢٠ ـ ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا

ولقد نهيتك عن بنات الأوبر

أراد بنات أوبر وهو علم على نوع من الكمأة. والثانى طبت النفس وأشار بذلك إلى قول الشاعر :

٢١ ـ رأيتك لما أن عرفت وجوهنا

صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو

أراد وطبت نفسا فأدخل أل على التمييز ضرورة لأن التمييز لا يكون إلا نكرة وقوله وقد تزاد يقتضى التقليل أشار بذلك إلى عدم اطراد زيادتها ولازما اسم فاعل من لزم وهو نعت لمصدر محذوف أى زيدا لازما وظاهر كلامه أن الضمير المستتر فى تزاد عائد على أل التى للتعريف كأنه قال أل حرف تعريف ثم قال وقد تزاد وليس الأمر كذلك لأن التى للتعريف لا تزاد وإنما يعنى لفظ أل دون تقييد بالتعريف وقوله ولاضطرار مفعول له وجره باللام مع توفير شروط النصب وهو جائز وطبت النفس إلى آخر البيت مبتدأ خبره كذا والجملة محكية بقول محذوف تقديره كذا قول الشاعر وإنما أتى بالواو فى وطبت لقصد الحكاية إذ هو كذلك فى البيت وتممه بالسرى وهو الشريف. ثم أشار إلى القسم الثالث من أقسام أل وهى التى للمح الصفة بقوله :

__________________

(٢٠) البيت من الكامل ، وهو بلا نسبة فى الاشتقاق ص ٤٠٢ ، والإنصاف ١ / ٣١٩ ، وأوضح المسالك ١ / ١٨٠ ، وتخليص الشواهد ص ١٦٧ ، وجمهرة اللغة ص ٣٣١ ، والخصائص ٣ / ٥٨ ، ورصف المبانى ص ٧٨ ، وسر صناعة الإعراب ص ٣٦٦ ، وشرح الأشمونى ١ / ٨٥ ، وشرح التصريح ١ / ١٥١ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ١٦٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٩٦ ، ولسان العرب ٢ / ٢١ (جوت) ، ٤ / ١٧٠ (حجر) ٤ / ٣٨٥ (سور) ، ٤ / ٦٢٢ (عير) ، ٥ / ٢٧١ (وبر) ، ٦ / ٢٧١ ، (جحش) ، ١١ / ٧ (أبل) ، ١١ / ١٥٩ (حفل) ، ١١ / ٤٤٨ (عقل) ، ١٢ / ١٨ (اسم) ، ١٤ / ١٥٥ (جنى) ، ١٥ / ٣٠٩ (نجا) ، والمحتسب ٢ / ٢٢٤ ، ومغنى اللبيب ١ / ٥٢ ، ٢٢٠ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٩٨ ، والمقتضب ٤ / ٤٨ ، والمنصف ٣ / ١٣٤.

والشاهد فيه «بنات الأوبر» حيث زاد «أل» فى العلم مضطرا لأن «بنات أوبر» علم على نوع من الكمأة ردىء ، والعلم لا تدخله «أل» فرارا من اجتماع معرّفين : العلمية و «أل» فزادها هنا ضرورة.

(٢١) البيت من الطويل ، وهو لرشيد بن شهاب فى الدرر ١ / ٢٤٩ ، وشرح اختيارات المفضل ص ١٣٢٥ ، وشرح التصريح ١ / ١٥١ ، ٣٩٤ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥٠٢ ، ٣ / ٢٢٥ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ١٨١ ، وتخليص الشواهد ص ١٦٨ ، والجنى الدانى ص ١٩٨ ، وجواهر الأدب ص ٣١٩ ، وشرح الأشمونى ١ / ٨٥ ، وشرح ابن عقيل ص ٩٦ ، وشرح عمدة الحافظ ص ١٥٣ ، ٤٧٩ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٠ ، ٢٥٢.

والشاهد فيه قوله : «وطبت النفس» حيث ذكر التمييز معرّفا بالألف واللام ، وكان حقّه أن يكون نكرة ، وإنّما زاد الألف واللام فيه للضرورة.

٤٣

وبعض الأعلام عليه دخلا

للمح ما قد كان عنه نقلا

كالفضل والحارث والنّعمان

فذكر ذا وحذفه سيّان

يعنى أن أل دخلت على بعض الأعلام للمح الأصل الذى كانت عليه قبل نقلها للعلمية وذكر ثلاثة مثل الفضل وهو منقول من المصدر والحرث وهو منقول من اسم الفاعل والنعمان وهو منقول من اسم عين وهو من أسماء الدم. وقوله فذكر ذا وحذفه سيان يعنى أنه يجوز أن يؤتى بهذه الأسماء التى ذكرت مقترنة بأل ومجردة منها وفهم من قوله وبعض الأعلام أن ذلك لا يكون فى جميع الأعلام وفهم من قوله نقلا أن ذلك لا يكون فى الأعلام المرتجلة. وقوله وبعض الأعلام مبتدأ ودخل خبره وعليه متعلق به والضمير المجرور عائد على بعض وهو الرابط بين المبتدأ والخبر وفى دخل ضمير مستتر يعود على أل واللام فى قوله للمح لام التعليل وهو متعلق بدخل وما اسم موصول وهو واقع على الحال الذى كانت هذه الأسماء عليه قبل النقل وقد كان إلى آخر البيت صلة لما والعائد من الصلة إلى الموصول الضمير فى عنه وفى كان ضمير هو اسمها وهو عائد على بعض وعنه متعلق بنقل والتقدير وبعض أسماء الأعلام دخل عليه أل للمح الشىء الذى كان عليه قبل النقل من قبول أل وقوله فذكر ذا مبتدأ وحذفه معطوف عليه وسيان خبرهما ومعناه مثلان ومفرده سىّ ثم انتقل إلى القسم الرابع من أقسام أل وهى التى للغلبة فقال :

وقد يصير علما بالغلبه

مضاف أو مصحوب أل كالعقبه

ذو الغلبة كل اسم اشتهر به بعض أفراد معناه وهو على ضربين مضاف كابن عمر وابن الزبير وذو أداة كالنابغة والأعشى والعقبة وهذا النوع تعرف قبل الغلبة بالإضافة أو بأل ثم غلبت عليه الشهرة فصار علما وألغى التعريف السابق والمراد بابن عمر عبد الله بن عمر بن الخطاب وابن الزبير عبد الله بن الزبير رضى الله تعالى عنهم وإنما ذكر الناظم المضاف فى هذا الفصل وليس من الباب لاشتراكه فى الغلبة مع ذى الأداة وفهم من قوله وقد يصير أن العلمية طرأت عليه وأن التعريف بالإضافة والأداة سابق للعلمية وعلما خبر يصير وهو مقدم على اسمها واسمها مضاف أو مصحوب أل. ثم قال :

وحذف أل ذى إن تناد أو تضف

أوجب وفى غيرهما قد تنحذف

٤٤

يعنى أن أل التى للغلبة إذا نودى ما هى فيه أو أضيف إلى ما بعده وجب حذفها فمثال المنادى يا نابغة ويا أعشى ومثال المضاف نابغة ذبيان وأعشى همدان وقوله وفى غيرهما قد تنحذف يعنى أن أل المذكورة قد تحذف فى غير النداء والإضافة وفهم من قوله قد قلة ذلك ومن حذفها فى غيرهما قولهم هذا يوم اثنين مباركا فيه وقول الشاعر :

٢٢ ـ إذا دبران منك يوما لقيته

أؤمّل أن ألقاك غدوا بأسعد

وحذف أل مفعول مقدم بأوجب وفى غيرهما متعلق بتنحذف والضمير فى غيرهما عائد على النداء والإضافة المفهومين من قوله إن تناد أو تضف.

الابتداء

الابتداء هو الاسم صريحا أو مؤولا مجردا عن العوامل اللفظية غير الزائدة مخبرا عنه أو وصفا رافعا لمكتفى به وقد فهم من هذا الحد أن المبتدأ على قسمين ذو خبر ووصف رافع لما يغنى عن الخبر وقد أشار إلى الأول بقوله :

مبتدأ زيد وعاذر خبر

إن قلت زيد عاذر من اعتذر

فاكتفى بالمثال عن الحد فزيد من قولك زيد عاذر مبتدأ وعاذر من المثال المذكور خبر ومن اعتذر تتميم للبيت ومبتدأ خبر مقدم وزيد مبتدأ وعاذر مبتدأ وخبر خبر عنه وإن قلت شرط وزيد عاذر مبتدأ وخبر ومن اعتذر مفعول بعاذر وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم عليه ، ولو قال :

إن قلت زيد عاذر من اعتذر

فالمبتدأ زيد وعاذر خبر

لم يكن فيه حذف ولا تقديم ولا تأخير. ثم أشار إلى النوع الثانى من المبتدأ بقوله :

وأوّل مبتدأ والثّانى

فاعل أغنى فى أسار ذان

وقس وكاستفهام النّفى وقد

يجوز نحو فائز أولو الرّشد

والثّان مبتدا وذا الوصف خبر

إن فى سوى الإفراد طبقا استقر

__________________

(٢٢) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة فى تخليص الشواهد ص ١٧٦ ، والدرر ١ / ٢٢٨ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥٠٨ ، وهمع الهوامع ١ / ٧٢.

والشاهد فيه قوله : «دبران» حيث حذف «أل» من العلم الغلبى فى غير النداء والإضافة ، وهو قليل. والدبران : علم بالغلبة على الكوكب الذى يدبر الثريا.

٤٥

يعنى أنك إذا قلت أسار ذان فالأول الذى هو أسار مبتدأ والثانى الذى هو ذان فاعل أغنى عن الخبر فأسار اسم فاعل من سرى وذان تثنية ذا وإنما لم يحتج هذا النوع من المبتدأ إلى الخبر لأنه بمنزلة الفعل فاكتفى بمرفوعه وقوله وقس أى قس على المثالين وهما زيد عاذر وأسار ذان وقس أيضا على الثانى فى كونه بعد استفهام وقوله : وكاستفهام النفى يعنى أن النفى مثل الاستفهام فى وقوع الوصف المذكور بعده فمثال وقوعه بعد الاستفهام قول الشاعر :

٢٣ ـ أقاطن قوم سلمى أم نووا ظعنا

إن يظعنوا فعجيب عيش من قطنا

ومثاله بعد النفى قوله :

٤٢ ـ خليلىّ ما واف بعهدى أنتما

إذا لم تكونا لى على من أقاطع

وقوله وقد يجوز نحو فائز أولو الرشد ، يعنى أن هذا الوصف المذكور قد يأتى غير معتمد على استفهام ولا نفى وفهم من قوله وقد يجوز قلة ذلك ، ومنه قوله :

٢٥ ـ خبير بنو لهب فلا تك ملغيا

مقالة لهبىّ إذا الطير مرّت

ففائز أولو الرشد فى المثال مثل خبير بنو لهب فى البيت وقوله والثانى مبتدأ وذا الوصف خبر إلخ ، يعنى أن الوصف المذكور إذا كان مطابقا لمرفوعه فى غير الإفراد وهو التثنية والجمع جعل الثانى وهو الذى كان مرفوعا بالوصف مبتدأ وجعل الوصف خبرا مقدما وذلك نحو أقائمان الزيدان وأقائمون الزيدون؟ فالزيدان مبتدأ وخبره قائمان ولا يجوز أن يكون

__________________

(٢٣) البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ١٩٠ ، وتخليص الشواهد ص ١٨١ ، وجواهر الأدب ص ٢٩٥ ، وشرح الأشمونى ١ / ٨٩ ، وشرح التصريح ١ / ١٥٧ ، وشرح شذور الذهب ص ٢٣٣ ، وشرح قطر الندى ص ١٢٢ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥١٢.

والشاهد فيه قوله : «أقاطن قوم سلمى» حيث أتى الوصف وهو «قاطن» ، معتمدا على الاستفهام ، وهو الهمزة ، وبذلك اكتفى بالفاعل الذى هو قوله «قوم سلمى» عن خبر المبتدأ.

(٢٤) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ١٨٩ ، وتخليص الشواهد ص ١٨١ ، والدرر ٢ / ٥ ، وشرح الأشمونى ١ / ٨٩ ، وشرح التصريح ١ / ١٥٧ ، وشرح شذور الذهب ص ٢٣٢ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨٩٨ ، وشرح قطر الندى ص ١٢١ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٥٥٦ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥١٦ ، وهمع الهوامع ١ / ٩٤.

والشاهد فيه قوله : «ما واف أنتما» حيث جاء الوصف مبتدأ وهو «واف» معتمدا على نفى ، وهو «ما» فاستغنى بالفاعل عن الخبر وهو أنتما.

(٢٥) البيت من الطويل ، وهو لرجل من الطائيين فى تخليص الشواهد ص ١٨٢ ، وشرح التصريح ١ / ١٥٧ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥١٨ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ١٩١ ، والدرر ٢ / ٧ ، وشرح الأشمونى ١ / ٩٠ ، وشرح ابن عقيل ص ١٠٣ ، وشرح عمدة الحافظ ص ١٥٧ ، وشرح قطر الندى ص ٢٧٢ ، وهمع الهوامع ١ / ٩٤.

والشاهد فيه قوله : (خبير بنو لهب) حيث سدّ الفاعل ، وهو قوله : «بنو لهب» مسدّ الخبر من غير اعتماده على استفهام أو نفى وهذا قبيح عند سيبويه وسائغ عند الكوفيين والأخفش.

٤٦

الوصف المذكور مبتدأ فى هذا المثال لتحمله ضمير الاسم الذى بعده وهذا الوصف جار مجرى الفعل فلا يثنى ولا يجمع وفهم من قوله فى سوى الإفراد أن المطابق فى الإفراد لا يتعين فيه كون الثانى مبتدأ والوصف خبر بل يجوز فيه الوجهان وذلك نحو أراغب أنت فيجوز فى أراغب أن يكون خبرا مقدما وأن يكون مبتدأ وأنت فاعل سد مسد الخبر فقوله وأول مبتدأ ومبتدأ خبره والثانى مبتدأ وفاعل خبره وأغنى فعل ماض فى موضع صفة للفاعل ومعموله محذوف وتقديره أغنى عن الخبر وفى أسار على حذف القول أى فى قولك أسار ذان وقس فعل أمر ومعموله محذوف أيضا وتقديره وقس على ما ذكر والنفى مبتدأ وخبره وكاستفهام ونحو فاعل يجوز وفائز مبتدأ وأولو الرشد فاعل سد مسد الخبر وهو محكى بقول محذوف أى نحو قولك فائز أولو الرشد والثانى مبتدأ وخبره مبتدأ وذا مبتدأ والوصف صفة له وخبر خبره وإن حرف شرط وفعل الشرط استقر وفى سوى متعلق باستقر وطبقا حال من فاعل استقر المستتر وهو عائد على الوصف والتقدير إن استقر الوصف مطابقا لمرفوعه فى غير الإفراد ويوجد فى بعض النسخ طبق بالرفع وإعرابه فاعل بفعل مقدر يفسره استقر وهو بمعنى مطابقة والتقدير إن استقر مطابقة بين الوصف ومرفوعه. ثم قال :

ورفعوا مبتدأ بالابتدا

كذاك رفع خبر بالمبتدا

يعنى أن الرافع للمبتدأ هو الابتداء والرافع للخبر هو المبتدأ والابتداء هو جعلك الاسم أولا لتخبر عنه ثانيا فهو معنى من المعانى وهذا الذى ذكر هو مذهب سيبويه قال فأما الذى يبنى عليه شىء هو هو فى معنى فإن المبنى عليه يرتفع به كما ارتفع هو بالابتداء وذلك كقولك عبد الله منطلق انتهى والضمير فى رفعوا عائد على العرب ورفع خبر مبتدأ وخبره بالمبتدأ والعامل فى كذاك الاستقرار الذى تعلقت به الباء فى قوله بالمبتدأ. ثم قال :

والخبر الجزء المتمّ الفائده

كالله برّ والأيادى شاهده

يعنى أن الخبر هو الجزء الذى تتم به فائدة الجملة الاسمية وإنما خص الخبر بكونه متم الفائدة وإن كانت الفائدة حصلت بمجموع الجزأين لأن الخبر هو الجزء الأخير من الجزأين فبه تتم الفائدة ولأنه الجزء المستفاد من الجملة ولذلك كان أصله أن يكون نكرة وأتى بمثالين الله برّ لأن الله تعالى بر بعباده والأيادى شاهدة والأيادى النعم وهو جمع أيد وأيد جمع يد فهو جمع الجمع. ثم قال :

٤٧

ومفردا يأتى ويأتى جمله

حاوية معنى الّذى سيقت له

يعنى أن خبر المبتدأ يأتى مفردا وهو الأصل ويأتى جملة والمفرد فى هذا الباب ما ليس بجملة وذلك نحو زيد قائم والزيدان قائمان والزيدون قائمون وشملت الجملة الاسمية نحو زيد أبوه ذاهب والفعلية نحو زيد قام أبوه وقوله حاوية معنى الذى سيقت له يعنى أن الجملة تكون مشتملة على رابط يربطها بالمبتدأ وإنما قال حاوية معنى ولم يقل حاوية ضميرا ليشمل الضمير نحو زيد قام أبوه وغيره مما يقع به الرابط وهو اسم الإشارة كقولة تعالى : (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) [الأعراف : ٢٦] فى قراءة الرفع وتكرر اللفظ بعينه كقوله تعالى : (الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ) [الحاقة : ١ ـ ٢] ومفردا حال من فاعل يأتى الأول المستتر وجملة حال من الضمير فى يأتى الثانى والضميران معا عائدان على الخبر وحاوية وصف لجملة ومعنى مفعول بحاوية والذى واقع على المبتدأ وصلته سيقت له والضمير العائد من الصلة إلى الموصول المجرور باللام وفى سيقت ضمير مستتر يعود على الجملة والتقدير يأتى الخبر مفردا ويأتى جملة مشتملة على رابط يعود على الاسم الذى سيقت له الجملة وهو المبتدأ ولما كان من الجملة الواقعة خبرا ما لا يحتاج إلى رابط نبه على ذلك بقوله :

وإن تكن إيّاه معنى اكتفى

بها كنطقى الله حسبى وكفى

يعنى أن الجملة المخبر بها إذا كانت هى المبتدأ فى المعنى اكتفى بها عن الرابط ثم مثل ذلك بقوله كنطقى الله حسبى فنطقى مبتدأ والله حسبى جملة فى موضع الخبر وليس فيها ضمير لأن الله حسبى هو نطقى ونطقى هو الله حسبى ومثل ذلك هجّيرى أبى بكر لا إله إلا الله. وإياه خبر تكن واسمها مستتر يعود على الجملة ومعنى منصوب على إسقاط حرف الجر أى فى المعنى واكتفى جواب الشرط وفيه ضمير مستتر يعود على المبتدأ والضمير فى بها عائد على الجملة. ثم قال :

والمفرد الجامد فارغ وإن

يشتقّ فهو ذو ضمير مستكن

قسم الخبر المفرد إلى جامد وإلى مشتق وذكر أن الجامد فارغ يعنى أن الضمير نحو زيد أخوك وأنت زيد وأن المشتق يتحمل ضميرا مستكنا أى لا يظهر نحو زيد قائم ففى قائم ضمير مستكنّ تقديره هو والمشتق هنا هو اسم الفاعل واسم المفعول وأمثلة المبالغة والصفة المشبهة وأفعل التفضيل ودخل فى قوله إن يشتق ما هو مؤول بالمشتق فإنه يتحمل الضمير نحو زيد تميمى وزيد أسد. فإن قلت ظاهر كلامه أن الضمير فى يشتق عائد على الخبر المفرد

٤٨

الموصوف بالجمود وهو غير صحيح لأن الجامد لا يشتق. قلت هو عائد على الخبر المفرد غير مقيد بالجمود ونظيره فيما تقدم فى قوله وقد تزاد وما ذكره من كون المشتق يستكن فيه الضمير إنما هو فى الخبر الحقيقى حيث يرفع ضمير المبتدأ ، وأما السببى فلا يستتر فيه الضمير بل يجب بروزه ضميرا كان الفاعل أو ظاهرا ، وإلى ذلك أشار بقوله :

وأبرزنه مطلقا حيث تلا

ما ليس معناه له محصّلا

يعنى أن الخبر المفرد المشتق إذا تلا غيره من هو له وجب إبراز الضمير العائد على المبتدأ وشمل صورتين إحداهما أن يكون المرفوع ظاهرا نحو زيد قائم أبوه فالضمير المضاف إليه أب عائد على المبتدأ وهو بارز ، والأخرى أن يكون المرفوع ضميرا وقوله مطلقا يعنى سواء خيف اللبس أو لم يخف وشمل صورتين إحداهما يعرض فيها اللبس نحو زيد عمرو ضاربه هو إذا أردت أن الضارب هو زيد والمضروب هو عمرو ، وهذه الصورة متفق على وجوب إبراز الضمير فيها. والأخرى ما لا لبس فيها نحو زيد هند ضاربها هو وهذه مختلف فيها فمذهب البصريين أنه يجب الإبراز فيها كالتى قبلها ومذهب الكوفيين أنه يجوز فيها الإبراز والاستتار ومذهب الناظم فى هذا الرجز موافق للبصريين ولذلك قال مطلقا وقوله وأبرزنه أى أبرز الضمير ومطلقا منصوب على الحال من الضمير المنصوب فى أبرزنه وفى تلا ضمير يعود على الخبر وما واقعة على المبتدأ وهى موصولة مفعولة بتلا ومعناه اسم ليس والضمير فى معناه عائد على الخبر وهو الرابط بين الصلة والموصول والضمير فى له عائد على المبتدأ وفى قوله محصلا ضمير مستتر يعود على الخبر وتقدير البيت وأبرز الضمير العائد من الخبر إلى المبتدأ مطلقا إذا تلا الخبر مبتدأ ليس معنى ذلك الخبر محصلا لذلك المبتدأ ، ثم قال :

وأخبروا بظرف أو بحرف جر

ناوين معنى كائن أو استقر

من أقسام الخبر أن يكون ظرفا أو جارا ومجرورا وهو راجع بالتقدير إلى المفرد والجملة ولذلك قال ناوين معنى كائن أو استقر فإذا قلت زيد عندك أو زيد فى الدار فالتقدير زيد كائن أو مستقر عندك وزيد كان أو استقر عندك ، وإنما جعلوا هذا النوع قسما ثالثا زائدا على المفرد والجملة لأنه عوض عن الخبر ولذلك لا يجمع بينهما ، واختار الناظم تقديره بالمفرد ولذلك قدمه ووجهه أن أصل الخبر الإفراد واختار أكثر البصريين تقديره بالفعل لأنه أصل فى العمل والضمير فى وأخبروا عائد على العرب وناوين حال منه ومعنى مفعول بناوين ، ثم قال :

ولا يكون اسم زمان خبرا

عن جثّة وإن يفد فأخبرا

٤٩

يعنى أن اسم الزمان لا يخبر به عن الجثة فلا يقال زيد اليوم وفهم منه أن الجثة يخبر عنها باسم المكان نحو زيد أمامك وأن اسم الزمان يخبر به عن المعنى نحو القتال يوم الجمعة وقوله وإن يفد فأخبرا أى وإن يفد الإخبار عن الجثة باسم الزمان فأجز الإخبار به ومنه قولهم الهلال الليلة وهو فى المعنى راجع إلى الإخبار باسم الزمان عن المعنى لأن التقدير حدوث الهلال الليلة وقوله فأخبرا أراد فأخبرن فوقف على نون التأكيد الخفيفة بالألف وفاعل يفد ضمير عائد على الإخبار المفهوم من قوله خبرا ، ثم قال :

ولا يجوز الابتدا بالنّكره

ما لم تفد كعند زيد نمره

وهل فتى فيكم فما خل لنا

ورجل من الكرام عندنا

ورغبة فى الخير خير وعمل

برّ يزين وليقس ما لم يقل

الغالب فى المبتدأ أن يكون معرفة وقد يكون نكرة بشرط حصول الفائدة وقد ذكر النحويون للابتداء بالنكرة مسوغات كثيرة واقتصر الناظم منها على ستة. الأول أن يقدم عليها الخبر وهو ظرف أو مجرور وهو المشار إليه بقوله كعند زيد نمرة. الثانى أن يتقدم عليها أداة استفهام وهو المشار إليه بقوله وهل فتى فيكم. الثالث أن يتقدم عليها أداة نفى وهو المشار إليه بقوله فما خل لنا. الرابع أن تكون موصوفة وهو المشار إليه بقوله ورجل من الكرام عندنا. الخامس أن تكون عاملة فيما بعدها وهو المشار إليه بقوله ورغبة فى الخير خير.

السادس أن تكون مضافة إلى نكرة وهو المشار إليه بقوله : وعمل برّ يزين ثم قال وليقس ما لم يقل ففهم منه أنه لم يستوف المسوغات ولم يشترط سيبويه فى الابتداء بالنكرة إلا حصول الفائدة ، وحكى من كلام العرب : أمت فى الحجر لا فيك ، وليس فيه شىء من المسوغات التى ذكرها النحويون وما فى قوله ما لم تفد ظرفية مصدرية أى مدة كونها غير مفيدة واللام فى قوله وليقس لام الأمر والفعل مجزوم بها وما موصولة أو نكرة موصوفة فى موضع رفع على النيابة عن الفاعل ، ثم قال :

والأصل فى الأخبار أن تؤخّرا

وجوّزوا التّقديم إذ لا ضررا

فامنعه حين يستوى الجزآن

عرفا ونكرا عادمى بيان

كذا إذا ما الفعل كان الخبرا

أو قصد استعماله منحصرا

أو كان مسندا لذى لام ابتدا

أو لازم الصّدر كمن لى منجدا

٥٠

إنما كان الأصل فى الخبر أن يتأخر عن المبتدأ لأنه وصف له فى المعنى وحق الوصف أن يكون متأخرا عن الموصوف والخبر بالنسبة إلى تقديمه على المبتدأ وتأخيره عنه على ثلاثة أقسام : الأول جواز تقديمه وهو المشار إليه بقوله : (وجوزوا التقديم) وقوله : (إذ لا ضررا) أى إن لم يعرض عارض يمنع من تقديمه كما سيأتى ، ومن تقديم الخبر على المبتدأ جوازا قولهم تميمى أنا ومشنوء من يشنؤك. الثانى وجوب تأخيره وذلك فى خمسة مواضع : الأول أن يستوى المبتدأ والخبر فى التعريف أو التنكير وهو المشار إليه بقوله : (فامنعه حين يستوى الجزءان* عرفا ونكرا) فمثال استوائهما فى التعريف زيد أخوك ومثال استوائهما فى التنكير أفضل منى أفضل منك ، وقوله : (عادمى بيان) يعنى أنه لا يمتنع تقديم الخبر على المبتدأ إذا كانا متساويين فى التعريف أو التنكير إلا مع عدم البيان كالمثالين المذكورين وفهم منه أنه إذا كان فى الكلام ما يبين المبتدأ من الخبر جاز تقديم الخبر على المبتدأ نحو أبو حنيفة أبو يوسف فأبو حنيفة خبر مقدم وأبو يوسف مبتدأ مؤخر ، وعلم ذلك من أن أبا يوسف هو المشبه بأبى حنيفة فهو المبتدأ ، ومن ذلك قول الشاعر :

٢٦ ـ بنونا بنو أبنائنا وبناتنا

بنوهنّ أبناء الرجال الأباعد

فبنونا خبر مقدم لأن المعنى تشبيه أبناء البنين بالبنين. الموضع الثانى أن يكون فعلا مسندا إلى ضمير المبتدأ مع كون المبتدأ مفردا وهو المشار إليه بقوله : (كذا إذا ما الفعل كان الخبرا) ، يعنى أنه يمتنع أيضا تقديم الخبر على المبتدأ إذا كان فعلا فأطلق وهو مقيد بما تقدم فإنه لا يمتنع تقديمه فى نحو الزيدان قاما وزيد قام أبوه وإنما يمتنع تقديمه فى نحو زيد قام وهند قامت.

الموضع الثالث أن يكون الخبر محصورا بإلا أو بإنما وهو المشار إليه بقوله : (أو قصد استعماله منحصرا) مثاله ما زيد إلا قائم وإنما زيد قائم. الموضع الرابع أن يكون الخبر مسندا لمبتدأ مقرون بلام الابتداء وهو المشار إليه بقوله : (أو كان مسندا لذى لام ابتدا) يعنى أنه يمتنع تقديم الخبر إذا كان مسندا لمبتدأ ذى لام ابتداء نحو لزيد قائم. الموضع الخامس أن يكون مسندا

__________________

(٢٦) البيت من الطويل ، وهو للفرزدق فى خزانة الأدب ١ / ٤٤٤ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ١ / ٦٦ ، وأوضح المسالك ١ / ١٠٦ ، وتخليص الشواهد ص ١٩٨ ، والحيوان ١ / ٣٤٦ ، والدرر ٢ / ٢٤ ، وشرح الأشمونى ١ / ٩٩ ، وشرح التصريح ١ / ١٧٣ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨٤٨ ، وشرح ابن عقيل ص ١١٩ ، وشرح المفصل ١ / ٩٩ ، ٩ / ١٣٢ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٤٥٢ ، وهمع الهوامع ١ / ١٠٢.

والشاهد فيه قوله : «بنونا بنو أبنائنا» حيث جاز تقديم الخبر على المبتدأ مع مساواتهما فى التعريف ، لأجل القرينة المعنوية لأن الخبر هو محط الفائدة ، فما يكون فيه التشبيه الذى تذكر الجملة لأجله ، فهو الخبر ، وهو قوله : «بنونا» إذ المعنى أن بنى أبنائنا مثل بنينا ، لا أن بنينا مثل بنى أبنائنا.

٥١

لمبتدأ من أدوات الصدر وهو المشار إليه بقوله : (أو لازم الصدر) يعنى أو كان مسندا للازم الصدر وذلك نحو أدوات الاستفهام وأدوات الشرط ومثل للاستفهام بقوله : (كمن لى منجدا) ، ومثال الشرط من يقم أقم معه. الثالث وجوب تقديمه أعنى تقديم الخبر وذلك فى أربعة مواضع : الموضع الأول أن يكون ظرفا أو مجرورا مع كون المبتدأ نكرة وهو المشار إليه بقوله :

ونحو عندى درهم ولى وطر

ملتزم فيه تقدم الخبر

الموضع الثانى أن يعود على الخبر ضمير من المبتدأ وهو المشار إليه بقوله :

كذا إذا عاد عليه مضمر

ممّا به عنه مبينا يخبر

هذا على حذف مضاف أى على ملابسه والتقدير كذا يلزم تقديم الخبر إذا عاد على ملابسه ضمير من المبتدأ الذى يخبر بالخبر عنه نحو على التمرة مثلها زبدا فلا يجوز مثلها على التمرة لئلا يعود الضمير من مثلها على التمرة وهو متأخر لفظا ورتبة. الموضع الثالث أن يكون الخبر من ذوات الصدور وهو المشار إليه بقوله.

كذا إذا يستوجب التّصديرا

كأين من علمته نصيرا

يعنى أنه يلزم تقديمه إذا كان صدرا ومثل ذلك بقوله : كأين من علمته نصيرا فأين ظرف مكان مضمن معنى همزة الاستفهام ومن مبتدأ موصول وعلمته صلته ونصيرا مفعول ثان أو حال من الهاء فى علمته إذا جعلت علم بمعنى عرف.

وخبر المحصور قدّم أبدا

كما لنا إلّا اتباع أحمدا

الموضع الرابع أن يكون المبتدأ محصورا بإلا أو بإنما وهو المشار إليه بقوله : (وخبر المحصور قدّم أبدا) ومثل ذلك بقوله : (كما لنا إلا اتباع أحمدا) فلنا خبر واجب التقديم لأن المبتدأ هو اتباع أحمد إذ هو محصور بإلا ، ومثاله محصورا بإنما إنما فى الدار زيد ، وقوله والأصل مبتدأ وفى الأخبار متعلق به وأن تؤخرا خبر المبتدأ والضمير فى وجوّزوا عائد على العرب ، وضررا اسم لا ، والخبر محذوف تقديره فى التقديم والضمير فى امنعه عائد على التقديم وعرفا ونكرا منصوبان على إسقاط الجار والتقدير فى عرف ونكر وعادمى منصوب على الحال من الجزأين والعامل فى كذا محذوف تقديره ويمتنع والفعل مرفوع بكان مقدرة من باب الاشتغال وفى كان ضمير مستتر عائد على الفعل وأو قصد استعماله جملة معطوفة على الجملة

٥٢

التى بعد إذا والهاء فى استعماله عائدة على الخبر والتقدير كذا إذا كان الفعل خبرا أو قصد استعمال الخبر منحصرا وكذا متعلق بمحذوف كما تقدم فى الذى قبله ومضمر فاعل بعاد والضمير فى عليه عائد على الخبر وما فى قوله مما واقعة على المبتدأ وهى موصولة وصلتها يخبر وبه وعنه متعلقان بيخبر والضمير العائد على الموصول الضمير فى عنه والضمير فى به عائد على الخبر ومبينا حال من الضمير فى به وهذا البيت من الأبيات المعقدة فى هذا الرجز وكذا متعلق أيضا بمحذوف كما سبق والفاعل بيستوجب ضمير عائد على الخبر والتصديرا مفعول بيستوجب وخبر المحصور مفعول مقدم بقدّم وأبدا منصوب على الظرف.

وحذف ما يعلم جائز كما

تقول زيد بعد من عندكما

ثم قال : (وحذف ما يعلم جائز) يعنى أنه يجوز حذف كل واحد من المبتدأ والخبر إذا علم ثم مثل حذف الخبر للعلم به بقوله : (كما* تقول زيد بعد من عندكما) فزيد مبتدأ والخبر محذوف للعلم به وتقديره زيد عندنا ثم مثل حذف المبتدأ للعلم به بقوله :

وفي جواب كيف زيد قل دنف

فزيد استغنى عنه إذ عرف

فدنف خبر والمبتدأ محذوف تقديره زيد دنف وفهم من قوله وحذف ما يعلم جائز أنه يجوز حذف المبتدأ والخبر معا إذا علما ومنه قوله تعالى : (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) [الطلاق : ٤] أى فعدتهن ثلاثة أشهر فحذف المبتدأ والخبر لدلالة ما تقدم عليه وفى جواب متعلق بقل وقوله فزيد استغنى عنه إذ عرف تتميم للبيت ولو استغنى عنه لصح المعنى.

وبعد لو لا غالبا حذف الخبر

حتم وفى نصّ يمين ذا استقر

وبعد واو عيّنت مفهوم مع

كمثل كلّ صانع وما صنع

ثم إن الخبر يحذف وجوبا فى أربعة مواضع. الأول بعد لو لا الامتناعية وإليه أشار بقوله :(وبعد لو لا غالبا حذف الخبر* حتم) وفهم من قوله غالبا أن للو لا استعمالين غالبا وغير غالب وأنه لا يجب الحذف إلا بعد الاستعمال الغالب والاستعمال الغالب فيها أن يعلق الامتناع على نفس المبتدأ نحو لو لا زيد لأكرمتك ففى مثل هذا يجب حذف الخبر لسدّ الجواب مسده وغير غالب أن يعلق الامتناع على صفة فى المبتدأ نحو لو لا زيد باك لضحكت فالامتناع فى هذه الصورة معلق على بكاء زيد لا على زيد ففى مثل هذا لا يجب حذف الخبر بل يجوز إذا دل عليه دليل فغالبا حال من لو لا ، وحذف الخبر حتم جملة من مبتدأ وخبر وبعد متعلق بحذف أو بحتم والتقدير وحذف الخبر متحتم بعد لو لا فى غالب أمرها وهو تعليق الامتناع على نفس المبتدأ.

٥٣

الثانى بعد مبتدأ هو نص فى القسم وإليه أشار بقوله : (وفى نص يمين ذا استقر) وذلك نحو قولك لعمرك لأفعلن فالخبر واجب الحذف تقديره قسمى ووجب حذفه لسد الجواب مسده وذا إشارة لتحتم حذف الخبر. الثالث بعد واو المعية وهو المشار إليه بقوله : (وبعد واو عينت مفهوم مع) أى يجب حذف الخبر بعد الواو التى بمعنى مع ، ومثل ذلك بقوله : (كمثل كل صانع وما صنع) فكل صانع مبتدأ وما معطوفة عليه وهى موصولة أو مصدرية وهو أظهر والخبر محذوف وجوبا تقديره مقرونان. وبعد واو متعلق بمحذوف تقديره ويحذف. الرابع أن يقع المبتدأ قبل حال لا يصح جعلها خبرا عن المبتدأ وهو المشار إليه بقوله:

وقبل حال لا يكون خبرا

عن الّذى خبره قد أضمرا

أى يجب حذف الخبر أيضا قبل الحال الممتنع جعلها خبرا عن المبتدأ المذكور قبلها فقبل متعلق بمحذوف تقديره ويحذف ولا يكون خبرا جملة فى موضع الصفة لحال وعن الذى متعلق بخبرا والذى نعت لمحذوف تقديره عن المبتدأ الذى وشرط هذا المبتدأ أن يكون مصدرا عاملا فى مفسر صاحب الحال المذكورة أو أفعل التفضيل مضافا إلى المصدر المذكور وقد مثل للأول بقوله :

كضربى العبد مسيئا وأتمّ

تبيينى الحقّ منوطا بالحكم

والتقدير ضربى العبد إذا كان مسيئا فضربى مبتدأ وهو مصدر عامل فى العبد والعبد مفسر للضمير المستتر فى كان المحذوفة وكان المحذوفة تامة ومسيئا اسم فاعل من أساء وهو حال من الضمير المذكور فالخبر على هذا الاستقرار العامل فى إذا المحذوفة أى ضربى كائن إذا.

ثم مثل للثانى أيضا بقوله : (وأتم* تبيينى الحق منوطا بالحكم) فأتم أفعل تفضيل وهو مبتدأ مضاف إلى تبيينى والحق مفعول بتبيينى ومنوطا حال من الضمير المستتر فى كان المقدرة ومعنى منوطا متعلق وبالحكم متعلق به. ثم قال :

وأخبروا باثنين أو بأكثرا

عن واحد كهم سراة شعرا

يعنى أن المبتدأ الواحد قد يتعدد خبره فيكون أكثر من واحد وذلك على وجهين : أحدهما أن تتعدد لفظا لا معنى نحو الرمان حلو حامض لأن معنى الخبرين راجع إلى شىء واحد إذ معناهما مزّ فهذا لا يجوز فيه عطف أحد الخبرين على الآخر لأنهما بمنزلة اسم واحد والثانى

٥٤

أن يتعدد لفظا ومعنى نحو زيد كاتب شاعر فهذا يجوز أن يعطف الثانى على الأول وأن لا يعطف وإلى هذا المثال أشار بقوله : (كهم سراة شعرا) فهم مبتدأ وسراة خبر أول وشعرا خبر بعد خبر وسراة جمع سرى على غير قياس وهو الشريف قال الجوهرى وهو جمع عزيز أن يجمع فعيل أصلا على فعلة ولا يعرف غيره وجمع السراة سروات.

كان وأخواتها

لما فرغ من المبتدأ والخبر شرع فى نواسخ الابتداء وسميت نواسخ الابتداء لأن الابتداء رفع المبتدأ فلما دخلت عليه النواسخ نسخت عمله وصار العمل لها. وبدأ بكان وأخواتها فقال رحمه‌الله تعالى :

ترفع كان المبتدا اسما والخبر

تنصبه ككان سيّدا عمر

يعنى أن كان ترفع ما كان قبل دخولها مبتدأ على أنه اسمها وتنصب ما كان قبل دخولها خبرا على أنه خبرها ثم مثل بقوله ككان سيدا عمر ، وفهم من تمثيله جواز تقديم خبرها على اسمها وسينص عليه بعد وكان فاعل بترفع والمبتدأ مفعول واسما حال من المبتدأ والخبر منصوب بإضمار فعل يفسره تنصبه ويجوز أن يكون مبتدأ والجملة بعده خبر والأول أجود لعطفه على الجملة الفعلية ، ثم قال :

ككان ظلّ بات أضحى أصبحا* أمسى وصار ليس زال برحا* فتئ وانفكّ

يعنى أن ظل وما بعدها مثل كان فى رفعها الاسم ونصبها الخبر ثم إن هذه الأفعال على ثلاثة أقسام : قسم يعمل بلا شرط وهو كان وليس وما بينهما وقسم يعمل بشرط تقدم النفى أو شبهه وهو النهى وذلك زال وانفك وما بينهما. وقسم يعمل بشرط تقدم ما المصدرية وهو دام وإلى هذا القسم أشار بقوله :

وهذى الأربعه*

لشبه نفى أو لنفى متبعه

ومثل كان دام مسبوقا بما*

كأعط ما دمت مصيبا درهما

يعنى أن زال وبرح وفتىء وانفك لا تعمل العمل المذكور إلا بشرط أن تكون متبعة لنفى أو شبهه وشمل قوله أو لنفى جميع أدوات النفى ، والمراد بشبهه النهى كقوله :

٥٥

٢٧ ـ صاح شمّر ولا تزل ذاكر المو

ت فنسيانه ضلال مبين

وقوله : ومثل كان دام مسبوقا بما يعنى أن دام مثل كان فى عملها ويشترط فى عملها العمل المذكور أن يتقدم عليها ما ثم مثل بقوله كأعط ما دمت مصيبا درهما وفهم من المثال أن ما المذكورة ظرفية مصدرية إذ التقدير أعط درهما مدة دوامك مصيبا وفهم من المثال اشتراط تقدم النفى أو شبهه فى زال وأخواتها وتقدم ما فى دام وأن ما بقى من الأفعال المذكورة لا يشترط فيه شىء. ولما ذكر هذه الأفعال بلفظ الماضى وكان غير الماضى كالمضارع والأمر والمصدر واسم الفاعل يعمل عمل الماضى أشار إلى ذلك بقوله :

وغير ماض مثله قد عملا

إن كان غير الماض منه استعملا

وفهم من قوله : إن كان غير الماضى منه استعملا ، أن منها ما لا يتصرف بل يلزم لفظ الماضى وذلك ليس ودام. فغير مبتدأ وخبره قد عملا ومثله نعت لمصدر محذوف وهو أيضا على حذف مضاف بين مثل والهاء والتقدير قد عمل عملا مثل عمله وإن كان شرطا والجواب محذوف لدلالة ما تقدم عليه.

وفى جميعها توسّط الخبر أجز

ثم اعلم أن خبر هذه الأفعال أصله التأخير عن الاسم ويجوز تقديمه فأما تقديمه على اسمها فجائز فى جميعها وإلى ذلك أشار بقوله : (وفى جميعها توسط الخبر* أجز) أى فى جميع هذه الأفعال ومنه قوله عزوجل : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم : ٤٧] وتوسط الخبر مفعول مقدم بأجز وأما تقديمه عليها فهى فى ذلك ثلاثة أقسام : قسم يمتنع تقديمه عليه باتفاق وهو ما دام وما اقترن منها بما النافية وإلى ذلك أشار بقوله :

وكلّ سبقه دام حظر

كذاك سبق خبر ما النّافيه

فجئ بها متلوّة لا تاليه

يعنى أن النحويين كلهم منعوا أن يسبق الخبر دام ولذلك صورتان : إحداهما أن يسبق ما

__________________

(٢٧) البيت من الخفيف ، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٢٣٤ ، وتخليص الشواهد ص ٢٣٠ ، والدرر ٢ / ٤٤ ، وشرح الأشمونى ١ / ١١٠ ، وشرح التصريح ١ / ١٨٥ ، وشرح ابن عقيل ص ١٣٦ ، وشرح عمدة الحافظ ص ١٩٩ ، وشرح قطر الندى ص ١٢٧ ، والمقاصد النحوية ٢ / ١٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١١١.

والشاهد فيه قوله : «ولا تزل ذاكر الموت» حيث عمل الفعل «زال» عمل «كان» لأنه سبق بنهى.

٥٦

المقرونة بدام نحو قائما ما دام زيد فهذا ممتنع اتفاقا لأن ما مصدرية وما بعدها صلة لها والصلة لا تتقدم على الموصول والأخرى أن يسبق دام ويتأخر عن ما نحو ما قائما دام زيد وفى هذا خلاف وظاهر كلامه أن منع هذا مجمع عليه فإنه أتى بدام مجردة من ما فشمل الصورتين.

ومما لا يتقدم عليه الخبر فى هذا الباب ما النافية الداخلة على هذه الأفعال وإلى ذلك أشار بقوله : (كذلك سبق خبر ما النافية) أى كذاك أيضا يمتنع أن يسبق الخبر ما النافية الداخلة على هذه الأفعال لأن ما لها صدر الكلام فلا يجوز قائما ما كان زيد ولا مقيما ما صار عمرو فكل مبتدأ وحظر خبره ومعناه منع وسبقه مفعول بحظر وهو مصدر مضاف إلى الفاعل ودام مفعول بالمصدر والتقدير كل النحويين منعوا أن يسبق الخبر دام. وسبق خبر مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى الفاعل وما مفعول بالمصدر والنافية نعت لما وخبره كذاك والتقدير أن يسبق الخبر ما النافية مثل سبق الخبر دام فى المنع. وقوله : (فجئ بها متلوة لا تالية) تصريح بما فهم من وجوب تأخير الخبر عن ما المقرونة بالفعل وفهم من تخصيص الحكم بها أنه لا يمتنع التقديم إذا كان النفى بغيرها وفهم من قوله : (فجئ بها متلوة لا تالية) أنه يجوز أن يتوسط الخبر بين ما والفعل نحو ما قائما كان زيد وفهم من إطلاقه أن ذلك فى جميع الأفعال فشمل نحو ما قائما كان زيد وما مقيما زال عمرو وفى هذا الأخير خلاف والمشهور المنع ومتلوة حال من ما وفى بعض النسخ بها وهو عائد على ما ومتلوة حال منها وتالية معطوف فهو تتميم للبيت لصحة الاستغناء عنه.

ومنع سبق خبر ليس اصطفى

وذو تمام ما برفع يكتفى

وما سواه ناقص

القسم الثانى ما فى تقديمه خلاف وهو ليس وإلى ذلك أشار بقوله : (ومنع سبق خبر ليس اصطفى) يعنى أن فى تقديم خبر ليس عليها خلافا والمختار عند الناظم المنع لعدم تصرفها وفى ذلك خلاف مشهور. ومنع مبتدأ مضاف إلى سبق وسبق مصدر مضاف إلى الفاعل وهو خبر وليس مفعول بسبق واصطفى خبر المبتدأ والتقدير منع أن يسبق الخبر ليس مصطفى.

القسم الثالث ما يجوز تقديم الخبر عليه من غير خلاف وهو ما بقى منها. فإن قلت من أين يفهم من كلامه هذا القسم. قلت من سكوته عنه فإنه لما ذكر ما يمتنع تقديمه وما فى تقديمه خلاف علم أن ما بقى يجوز تقديمه ثم قال : (وذو تمام ما برفع يكتفى* وما سواه ناقص)

٥٧

يعنى أن ما اكتفى من هذه الأفعال بالمرفوع عن المنصوب يسمى تاما كقوله تعالى : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ) [البقرة : ٢٨٠] أى وإن حضر ، وما لم يكتف بالمرفوع يسمى ناقصا نحو وكان الله بكل شىء عليما ولكونه لا يكتفى بالمرفوع يسمى ناقصا وقيل سميت ناقصة لأنها نقصت عن الأفعال لأنها لا تدل على الحدث وما موصولة والظاهر أنها مبتدأ وخبرها ذو تمام وبرفع متعلق بيكتفى وهو مصدر فى معنى المفعول أى بمرفوع وما الثانية موصولة أيضا وصلتها سواه هى مبتدأ وخبرها ناقص. ثم قال :

والنّقص فى

فتئ ليس زال دائما قفى

يعنى أن هذه الأفعال الثلاثة وهى فتئ وليس وزال لا تستعمل إلا ناقصة أى غير مكتفية بالمرفوع فالنقص مبتدأ وخبره قفى أى تبع ودائما حال من الضمير المستتر فى قفى وفى فتئ متعلق بقفى أو بالنقص وليس وزال معطوفان على حذف حرف العطف ، ثم قال:

ولا يلى العامل معمول الخبر

إلّا إذا ظرفا أتى أو حرف جرّ

مراده بالعامل هنا كان وأخواتها يعنى أن معمول الخبر لا يلى كان وأخواتها فلا تقول كان طعامك زيد آكلا فإذا كان المعمول ظرفا أو مجرورا جاز أن يليها نحو كان عندك زيد مقيما وكان فى الدار عمرو جالسا. والعامل مفعول بيلى وفاعله معمول الخبر وظرفا أو حرف جر حالان من الضمير المستتر فى أتى وهو عائد على معمول الخبر وأجاز الكوفيون أن يليها المعمول وهو غير ظرف ولا مجرور مستدلين بقول الشاعر :

٢٨ ـ قنافذ هدّاجون حول بيوتهم

بما كان إيّاهم عطيّة عوّدا

وهو عند البصريين مؤول بتقدير ضمير الشأن ، وإليه أشار بقوله :

ومضمر الشّان اسما انو إن وقع

موهم ما استبان أنّه امتنع

__________________

(٢٨) البيت من الطويل ، وهو للفرزدق فى ديوانه ١ / ١٨١ ، وتخليص الشواهد ص ٢٤٥ ، وخزانة الأدب ٩ / ٢٦٨ ، ٢٦٩ ، والدرر ٢ / ٧١ ، وشرح التصريح ١ / ١٩٠ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٤ ، والمقتضب ٤ / ١٠١ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٢٤٨ ، وشرح ابن عقيل ص ١٤٤ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٦١٠ ، وهمع الهوامع ١ / ١١٨.

والشاهد فيه قوله : «بما كان إياهم عطية عودا» حيث جاء فى «كان» ضمير مستتر هو ضمير الشأن ، وهو اسمها.

وقيل : «عطية» اسم «كان» وقد فصل الشاعر بين «كان» واسمها بغير الظرف ، وهذا جائز عند الكوفيين وطائفة من البصريين. وقيل غير ذلك.

٥٨

يعنى أنه إذا ورد من كلام العرب ما يوهم تقديم معمول خبر كان على اسمها وهو غير ظرف أو مجرور يؤول على أن ينوى فى كان ضمير الشأن وهو اسمها والجملة بعدها فى موضع خبرها ففى كان من قوله بما كان إياهم ضمير الشأن وهو اسمها وعطية مبتدأ وعودا فى موضع خبره وإياهم مفعول بعوّدا مقدما على المبتدأ. وقوله ومضمر الشأن مفعول بانو واسما منصوب على الحال من مضمر الشأن وإن وقع شرط وموهم فاعل بوقع وما موصولة أو مصدرية أو موصوفة وصلتها أو صفتها استبان إلخ وأن وما بعدها مؤولة بمصدر وهو الفاعل باستبان والرابط بين ما وصلتها أو صفتها الضمير فى أنه. ثم قال :

وقد تزاد كان فى حشو كما

كان أصحّ علم من تقدّما

ويحذفونها ويبقون الخبر

وبعد إن ولو كثيرا ذا اشتهر

وفهم من قوله وقد تزاد قلة زيادتها بالنسبة إلى عدم الزيادة وفهم من قوله كان أنها تزاد بلفظ الماضى وأنه لا يزاد غيرها من أخواتها وفهم من قوله فى حشو أنها لا تزاد أولا ولا آخرا ، وما فى قوله كما تعجبية وهى تامة فى موضع رفع بالابتداء وأصحّ فعل ماض وفاعله ضمير مستتر عائد على ما وعلم مفعول بأصحّ فكان على هذا زائدة بين ما وأصح. ثم قال : (ويحذفونها ويبقون الخبر) يعنى أن العرب يحذفون كان وفهم من قوله ويبقون الخبر أنها تحذف مع اسمها ويطرد حذفها فى ثلاثة مواضع. الأول بعد إن الشرطية. الثانى بعد لو.

الثالث بعد أن المصدرية وقد أشار إلى الأول والثانى بقوله : (وبعد إن ولو كثيرا ذا اشتهر) فمثال حذفها بعد إن قولهم المرء مقتول بما قتل به إن سيفا فسيف وإن خنجرا فخنجر أى إن كان المقتول به سيفا ومثاله بعد لو قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «احفظوا عنى ولو آية» أى ولو كان المحفوظ آية ، وقول الشاعر :

٢٩ ـ لا يأمن الدهر ذو بغى ولو ملكا

جنوده ضاق عنها السهل والوعر

وفهم من قوله اشتهر أن حذفها مع اسمها فى غير ما ذكر قليل ، ومنه ما أنشد سيبويه :

__________________

(٢٩) البيت من البسيط ، وهو للّعين المنقرى فى خزانة الأدب ١ / ٢٥٧ ، والدرر ٢ / ٨٥ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٢٦٢ ، وتخليص الشواهد ص ٢٦٠ ، وشرح الأشمونى ١ / ١١٩ ، وشرح التصريح ١ / ١٩٣ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦٥٨ ، وشرح قطر الندى ص ١٤٢ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٦٨ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٥٠.

٥٩

 ٣٠ ـ من لد شولا فإلى إتلائها

أى من لدن أن كانت شولا فذا إشارة إلى الحذف وهو مبتدأ واشتهر خبره وبعد متعلق باشتهر وكثيرا نعت لمصدر محذوف أى اشتهارا كثيرا ويحتمل أن يكون حالا من الضمير المستتر فى اشتهر ثم أشار إلى الثالث بقوله :

وبعد أن تعويض ما عنها ارتكب

كمثل أمّا أنت برا فاقترب

يعنى أن كان تحذف بعد أن ويعوض عنها ما وفهم من قوله : (تعويض ما عنها) أنها لا يحذف اسمها معها وتعويض مبتدأ وهو مضاف إلى ما وارتكب خبره وبعد وعنها متعلقان بتعويض ومثل بقوله : (أما أنت برا فاقترب) والتقدير اقترب لأن كنت برا فحذفت كان وعوض عنها ما فانفصل الضمير الذى كان متصلا بها وحذفت لام الجر لأن حذفها مع أن مطرد فأنت فى قوله أما أنت اسم كان المحذوفة وبرا خبرها. ثم قال :

ومن مضارع لكان منجزم

تحذف نون وهو حذف ما التزم

إذا دخل الجازم على مضارع كان وهو يكون سكنت نونه وحذفت الواو لالتقاء الساكنين فتقول لم يكن ويجوز بعد ذلك أن تحذف نونه لشبهها بحرف اللين ولكثرة الاستعمال فتقول لم يك زيد قائما ومذهب يونس أنها تحذف قبل المتحرك كالمثال المتقدم وقبل الساكن كقوله :

٣١ ـ لم يك الحقّ سوى أن هاجها

رسم دار قد تعفى بالسرار

__________________

(٣٠) الرجز بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ٣٦١ ، ٨ / ٢٤٨ ، وأوضح المسالك ١ / ٢٦٣ ، وتخليص الشواهد ص ٢٦٠ ، وخزانة الأدب ٤ / ٢٤ ، ٩ / ٣١٨ ، والدرر ٢ / ٨٧ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٤٦ ، وشرح الأشمونى ١ / ١١٩ ، وشرح التصريح ١ / ١٩٤ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨٣٦ ، وشرح ابن عقيل ص ١٤٩ ، وشرح المفصل ٤ / ١٠١ ، ٨ / ٣٥ ، والكتاب ١ / ٢٦٤ ، ولسان العرب ١٣ / ٣٨٤ (لون) ، مغنى اللبيب ٢ / ٤٢٢ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٥١ ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٢.

والشاهد فيه قوله : «من لد شولا» حيث حذف «كان» واسمها وأبقى خبرها وهو «شولا» بعد «لد» وهذا شاذ ؛ لأنه إنما يكثر حذف «كان» بعد «إن» و «لو». وقيل : «شولا» مفعول مطلق لفعل محذوف ، والتقدير : «من لد شالت الناقة شولا».

(٣١) البيت من الرمل ، وهو لحسين (أو الحسن كما فى لسان العرب) ابن عرفطة فى خزانة الأدب ٩ / ٣٠٤ ، والدرر ٢ / ٩٤ ، ولسان العرب ١٣ / ٣٦٤ (كون) ، ونوادر أبى زيد ص ٧٧ ، وبلا نسبة فى تخليص الشواهد ص ٢٦٨ ، والخصائص ١ / ٩٠ ، والدرر ٦ / ٢١٧ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٤٤٠ ، ٥٤٠ ، والمنصف ٢ / ٢٢٨ ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٢ ، ١٥٦.

٦٠