شرح المكودي

أبي زيد عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي

شرح المكودي

المؤلف:

أبي زيد عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي


المحقق: الدكتور عبد الحميد الهنداوي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: المكتبة العصريّة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٠٥

وأخبروا هنا بأل عن بعض ما

يكون فيه الفعل قد تقدّما

يعنى أن الإخبار يكون بأل كما يكون بالذى إلا أن الإخبار بالذى يكون بالجملة الاسمية والفعلية وفهم ذلك من إطلاقه هناك ، والإخبار بأل لا يكون إلا بالجملة الفعلية ، وفهم ذلك من تقييده ذلك بقوله : عن بعض ما يكون فيه الفعل قد تقدما ، فكل جملة تقدمها الفعل فهى فعلية وليس ذلك مطلقا بل بشرط أن يكون الفعل متصرفا ، وإلى ذلك أشار بقوله : (إن صحّ صوغ صلة منه لأل) يعنى أن الجملة الفعلية التى يخبر فيها بأل يشترط فى ذلك الفعل أن يكون متصرفا ليصاغ منه ما يصح أن يكون صلة لأل وهى الصفة الصريحة لما علم أن صلة أل لا تكون إلا وصفا صريحا ولا يصح ذلك فى الفعل الذى لا يتصرف لأنه لا يصاغ منه الوصف ، ثم أتى بمثال من ذلك فقال :

(كصوغ واق من وقى الله البطل)

فإذا قيل لك أخبر عن لفظ الله من قولك وقى الله البطل قلت الواقى البطل الله ولو قيل لك أخبر عن البطل قلت الواقيه الله البطل. والضمير فى وأخبروا عائد على النحويين أو على العرب والأول أظهر لأن أكثر مسائل الإخبار إنما وضعها النحويون تمرينا لقارئه. وهنا ظرف مكان متعلق بأخبروا وبأل متعلق بأخبروا وكذلك عن وما موصولة واقعة على الأسماء المشتملة عليها الجملة وصلتها يكون إلى آخر البيت وإن شرط وصوغ فاعل بصح وهو مصدر مضاف إلى المفعول ومنه متعلق بصوغ وكذلك لأل وكصوغ مصدر مضاف أيضا إلى المفعول والمجرور بمن قول محذوف ووقى إلى آخر البيت محكى به والتقدير كصوغ واق من قولك وقى الله البطل وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم عليه والتقدير إن صح فأخبر. ثم قال :

وإن يكن ما رفعت صلة أل

ضمير غيرها أبين وانفصل

يعنى أن الوصف الواقع صلة أل إذا رفع ضميرا يعود على غير أل وجب إظهاره كما إذا قيل أخبر عن زيد من قولك ضربت زيدا قلت الضاربه أنا زيد فالضمير العائد على أل وهو أنا ضمير غيرها فوجب إظهاره وفهم منه أن الضمير إذا كان لأل وجب اتصاله كما إذا قيل لك أخبر عن التاء من ضربت زيدا ، قلت الضارب زيدا أنا ففى الضارب ضمير مستتر وهو عائد

٣٠١

على أل فلذلك وجب استتاره فى الوصف. وإن يكن شرط وما اسم يكن وهى موصولة واقعة على الضمير العائد على غير أل وصلتها رفعت وصلة أل فاعل برفعت والضمير العائد على الموصول محذوف أى ما رفعته وضمير خبر يكن وأبين وانفصل جواب الشرط.

العدد

ثلاثة بالتّاء قل للعشره* فى عدّ ما آحاده مذكّره. فى الضّدّ جرّد

يعنى أن ألفاظ العدد من ثلاثة إلى عشرة إذا كان واحد المعدود مذكرا لحقته التاء ، وإن كان واحده مؤنثا لم تلحقه التاء فتقول ثلاثة رجال بالتاء لأن واحد الرجال رجل وهو مذكر وثلاث نسوة بغير تاء لأن واحد النسوة امرأة وهى مؤنثة. واعلم أن مراده بقوله فى الضد جرد المؤنث يعنى فى ضد المذكر وهو المؤنث وثلاثة مفعول مقدم بقل ، وقل مضمن معنى اذكر وبالتاء متعلق بقل وللعشرة كذلك وفى عد كذلك وعد مصدر مضاف للمفعول وما موصولة واقعة على المعدود وآحاده مذكرة جملة من مبتدأ وخبر صلة لما وفى الضد متعلق بجرد ومعمول جرد محذوف والتقدير جردها أى ألفاظ العدد من التاء ولا يصح ضبط ثلاثة بالضم لأنه لا وجه له فى الإعراب ثم انتقل إلى تمييز ألفاظ العدد من ثلاثة إلى عشرة فقال :

(والمميّز اجرر*جمعا بلفظ قلّة فى الأكثر)

يعنى أن تمييز العدد من ثلاثة إلى عشرة جمع قلة نحو ثلاثة أكلب وعشرة أحمال وثلاثة أينق ، وعشرة أكتاف ، وفهم من قوله فى الأكثر أنه يميز قليلا بجمع الكثرة نحو ثلاثة قروء فإن لم يسمع للاسم إلا جمع كثرة ميز به نحو ثلاثة رجال. والمميز مفعول باجرر وجمعا حال منه وبلفظ متعلق بجمعا ثم قال : (ومائة والألف للفرد أضف) يعنى أن مائة وألفا يضافان إلى مفرد فتقول مائة رجل وألف وفهم من إطلاقه أن تثنية ألف ومائة وجمعهما كذلك نحو ألفا رجل وآلاف رجل ومائتا رجل وقد تضاف المائة إلى الجمع وقد نبه على ذلك بقوله : (ومائة بالجمع نزرا قد ردف) يعنى أن مائة تضاف قليلا للجمع وأشار به إلى قراءة حمزة والكسائى (ثلاثمائة سنين) بإضافة مائة إلى سنين. ومائة والألف مفعول بأضف وللفرد متعلق بأضف ومائة مبتدأ وسوغ الابتداء به التفصيل وخبره قد ردف وردف مبنى للمفعول أى

٣٠٢

تبع بالجمع ونزرا حال من الضمير المستتر فى ردف وإنما قدم الناظم مائة وألفا على ما دونهما من العدد إلى أحد عشر لاشتراكهما مع ثلاثة وعشرة وما بينهما فى كون تمييزهما مجرورا بالإضافة. وبعد ذلك رجع إلى الترتيب الطبيعى فقال :

وأحد اذكر وصلنه بعشر

مركّبا قاصد معدود ذكر

يعنى إذا قصدت المذكر قلت أحد عشر بغير تاء وأحد مفعول باذكر وبعشر متعلق بصلنه ومركبا وقاصدا حالان من الفاعل المستتر فى اذكر فمركبا على هذا اسم فاعل ويصح أن يكون مركبا حالا من أحد عشر فيكون اسم المفعول والأول أجود للمناسبة. ثم قال : (وقل لدى التأنيث إحدى عشره) يعنى أنك إذا قصدت المؤنث قلت إحدى عشرة بسكون الشين وزيادة التاء فتقول إحدى عشرة امرأة هذه هى اللغة الفصيحة ولغة تميم كسر الشين وإلى ذلك أشار بقوله : (والشّين فيها عن تميم كسره) فتقول إحدى عشرة امرأة ولدى هنا بمعنى فى وإحدى عشره مفعول بقل مضمنا معنى اذكر كما تقدم فى قوله : ثلاثة بالتاء قل للعشرة والشين مبتدأ وكسرة مبتدأ ثان وخبره فيها والجملة خبر المبتدأ الأول وعن تميم متعلق بما فى المجرور من معنى الاستقرار. ثم قال :

ومع غير أحد وإحدى

ما معهما فعلت فافعل قصدا

يعنى أن ما فعلت فى عشرة مع أحد وإحدى من إسقاط التاء فى المذكر وإثباتها فى المؤنث افعله فيما فوقهما من غيرهما فشمل ذلك العدد من اثنى عشر واثنتى عشرة إلى تسعة عشر وتسع عشرة فتقول اثنا عشر رجلا وثلاثة عشر رجلا واثنتا عشرة امرأة وثلاث عشرة امرأة. ومع متعلق بافعل وما مفعول بافعل وهى موصولة واقعة على الحكم المجعول لعشر وصلتها فعلت ومعهما متعلق بفعلت والضمير العائد على ما محذوف تقديره فعلته.

ولما ذكر حكم العجز من المركب وهو عشر من أحد عشر إلى تسعة عشر انتقل إلى حكم الصدر من ثلاثة إلى تسعة فقال :

ولثلاثة وتسعة وما

بينهما إن ركّبا ما قدّما

٣٠٣

يعنى أن حكم ثلاثة وتسعة وما بينهما فى التركيب كحكمهما فيما تقدم من أن التاء تثبت مع المذكر وتسقط مع المؤنث فتقول ثلاثة عشر رجلا وثلاث عشرة امرأة إلى تسعة عشر رجلا وتسع عشرة امرأة. وما الأخيرة مبتدأ وهى موصولة واقعة على الحكم المنسوب لعشرة وقدّما صلتها ولثلاثة خبره وما الأولى موصولة معطوفة على تسعة وهى واقعة على ما بين الثلاثة والعشرة من ألفاظ العدد وصلتها بينهما والتقدير الذى قدم لثلاثة وأخواتها من الحكم السابق مستقر لها فى التركيب. وبقى عليه حكم ما بين أحد عشر وثلاثة عشر فأشار إليه بقوله :

وأول عشرة اثنتى وعشرا

اثنى إذا أنثى تشا أو ذكرا

يعنى أنك تقول فى تركيب اثنين واثنتين اثنا عشر واثنتا عشرة فتحذف النون منهما وتجعل عشرة وعشرا مكانه ثم بين أنهما معربان بقوله : (واليا لغير الرفع وارفع بالألف) غير الرفع هو الجر والنصب فتقول فى الرفع اثنا عشر واثنتا عشرة وفى الجر والنصب اثنى عشر واثنتى عشرة ففهم منه أن هذين الجزأين أعنى اثنين واثنتين معربان إعراب المثنى. وعشرة مفعول أوّل ب «أول» واثنتى مفعول ثان وعشرا معطوف على عشرة واثنى معطوف على اثنتى وأنثى مفعول مقدم بتشا وأو ذكرا معطوف على أنثى وفيه رد الأول إلى الأول والثانى إلى الثانى وقصر تشا لضرورة الوزن ويجوز أن يكون حذف الهمزة من تشا لاجتماعها مع همزة أو. ثم قال :

(والفتح فى جزأى سواهما ألف)

يعنى أن ما سوى اثنين واثنتين من الجزأين المركبين يفتح آخر الصدر وآخر العجز منه فيفتح العجز فى عشر وعشرة المذكورين بعد اثنين واثنتين والصدر والعجز من سوى اثنين واثنتين فتقول أحد عشر وثلاثة عشر بفتح الجزأين معا وهما مبنيان معا أما الثانى فلتضمنه معنى حرف العطف وأما الأول فلتنزل العجز منه منزلة تاء التأنيث.

والفتح مبتدأ وفى جزأى متعلق بالفتح وألف فى موضع خبر المبتدأ ثم انتقل إلى التمييز فقال :

وميّز العشرين للتّسعينا

بواحد كأربعين حينا

٣٠٤

يعنى أن تمييز العشرين وبابه إلى التسعين مفرد نحو عشرين دينارا وتسعين غلاما وأربعين حينا أى زمانا وفهم من قوله بواحد أن حكم النيف على العشرين إلى تسعة وتسعين كحكم عشرين فتقول أحد وعشرون درهما وفهم منه أنه لا يميز بجمع وفهم من المثال أنه لا يكون إلا منصوبا واللام فى «للتسعينا» للغاية فهى بمعنى إلى. ثم قال :

وميّزوا مركّبا بمثل ما

ميز عشرون فسوّينهما

يعنى أن العدد المركب يميز بواحد كما كان ذلك فى عشرين وبابه ، وشمل قوله مركبا أحد عشر وتسعة عشر وما بينهما فتقول أحد عشر رجلا وإحدى عشرة امرأة إلى تسعة عشر رجلا وتسع عشرة امرأة. ومركبا مفعول بميزوا والضمير فيه عائد على العرب وبمثل متعلق بميزوا وما موصولة واقعة على التمييز وصلتها ميز عشرون والضمير العائد عليها محذوف تقديره بمثل ما ميز به عشرون وفسوينهما تتميم للبيت لصحة الاستغناء عنه. ثم قال:

وإن أضيف عدد مركّب

يبق البنا وعجز قد يعرب

العدد المركب هو أحد عشر وتسعة عشر وما بينهما إلا اثنى عشر واثنتى عشرة لأن عشر فيهما بمنزلة نون الاثنين ولذلك أعربا فإذا أضيف العدد المركب إلى اسم بعدده ففيه لغتان إحداهما وهى الفصحى بقاء البناء فتقول هذه أحد عشرك وتسعة عشر زيد بالبناء فى الجزأين وهى المنبه عليها بقوله : يبقى البنا. والثانية بقاء آخر الصدر على البناء وإعراب آخر العجز فتقول هذه أحد عشرك بضم الراء على أنه معرب ومررت بأحد عشرك بكسر الراء وهى المنبه عليها بقوله وعجز قد يعرب وفهم من قد أنها لغة قليلة وإن أضيف شرط وجوابه يبق ويجوز ضبطه يبقى بالألف على أنه مرفوع لكون الشرط ماضيا وبالقاف دون الألف على أنه مجزوم على جواب الشرط وهو أحسن وسوّغ الابتداء بعجز التفصيل. ثم قال :

وصغ من اثنين فما فوق إلى

عشرة كفاعل من فعلا

واختمه فى التّأنيث بالتّا ومتى

ذكّرت فاذكر فاعلا بغير تا

يعنى أن أسماء العدد من اثنين إلى عشرة يصاغ منها وزن فاعل كما يصاغ من الأفعال فإن كان مذكرا اكتفى به وإن كان مؤنثا لحقته تاء التأنيث الفارقة بين المذكر والمؤنث فتقول فى المذكر ثان وثالث إلى عاشر وفى المؤنث ثانية وثالثة إلى عاشرة وفهم من قوله من اثنين

٣٠٥

أن اسم الفاعل المذكور لا يصاغ من أحد. وصغ فعل أمر ومن اثنين متعلق به وما معطوفة وهى موصولة واقعة على العدد الفائق اثنين وفوق صلتها وهو مقطوع عن الإضافة والتقدير من اثنين فما فوقها وإلى عشرة متعلق بصغ وكفاعل مفعول بصغ وهو على حذف الموصوف والتقدير صغ من اثنين وزنا أو صيغة كوزن فاعل وحذف صفة فاعل والتقدير كفاعل المصوغ من فعل ومن متعلق بفاعل أو بالمصوغ المقدر وإعراب البيت الآخر واضح. ثم إن اسم الفاعل من العدد يستعمل مفردا كما تقدم ويستعمل مضافا فيضاف تارة إلى العدد المشتق منه وتارة إلى العدد الذى تحته وقد أشار إلى الأول بقوله :

وإن ترد بعض الّذى منه بنى

تضف إليه مثل بعض بيّن

يعنى أن اسم الفاعل من العدد إذا أضيف إلى موافقه يجب إضافته إليه على معنى بعض فتقول ثانى اثنين وثانية اثنتين إلى عاشر عشرة وعاشرة عشر ومعناه بعض اثنين وبعض عشرة وإن ترد شرط وبعض مفعول بترد والذى واقع على العدد المضاف إليه اسم الفاعل وصلته بنى ومنه متعلق ببنى والضمير العائد على الموصول الهاء فى منه وفى بنى ضمير مستتر عائد على اسم الفاعل والتقدير وإن ترد بعض الشىء الذى بنى اسم الفاعل منه وتضف مجزوم على جواب الشرط وإليه متعلق بتضف ومفعول تضف محذوف تقديره تضف إليه اسم الفاعل من العدد ومثل منصوب على الحال من المفعول المحذوف والتقدير تضف إليه اسم الفاعل فى حال كونه مماثلا للبعض أى فى معناه وبين تتميم للبيت لصحة الاستغناء عنه ، ثم أشار إلى الثانى بقوله :

وإن ترد جعل الأقلّ مثل ما

فوق فحكم جاعل له احكما

يعنى أنك إذا أردت باسم الفاعل من العدد أن يصير العدد الذى مثله تحته فاحكم له أى لاسم الفاعل بحكم جاعل فإذا كان بمعنى الماضى وجب إضافته فتقول هذا ثالث اثنين أمس وإذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال جاز فى المضاف إليه النصب والجر فتقول هذا رابع ثلاثة بنصب ثلاثة وجرّها وإنما قال جاعل ولم يقل فاعل تنبيها على أن اسم الفاعل بمعنى جاعل ففيه ما فى الفاعل وزيادة وهو اسم الفاعل حقيقة لأنهم قالوا ربعت الثلاثة أربعهم بمعنى صيرتهم بنفسى أربعة. وإن ترد شرط وجعل مفعول ثان وما موصولة واقعة على العدد الأعلى وفوق صلتها وهو مقطوع عن الإضافة والتقدير مثل ما فوقه

٣٠٦

أى العدد الأدنى والفاء جواب الشرط وحكم مصدر منصوب باحكما وله متعلق باحكما. ثم قال :

وإن أردت مثل ثانى اثنين

مركّبا فجئ بتركيبين

يعنى أنك إذا أردت بالمركب من أحد عشر إلى تسعة عشر ما أردت بثانى اثنين من الإضافة على معنى بعض فجئ بتركيبين فتقول هذا ثانى عشر اثنى عشر وثانية عشرة اثنتى عشرة إلى تاسع عشر تسعة عشر وتاسعة عشرة تسع عشرة بأربعة ألفاظ كلها مبنية وفهم البناء فيها من قوله بتركيبين فإن التركيب يقتضى البناء والمركب الأول مضاف إلى المركب الثانى إضافة ثانى إلى اثنين هذا هو الأصل ويجوز فيه وجهان آخران أشار إلى الأول منهما بقوله :

أو فاعلا بحالتيه أضف

إلى مركّب بما تنوى يفى

يعنى أو تضيف فاعلا بحالتيه أى من التذكير والتأنيث إلى المركب الثانى فيعرب الأول لزوال التركيب ، وهو المراد بقوله بما تنوى يفى. ثم أشار إلى الثانى بقوله :

(وشاع الاستغنا بحادى عشرا* أو نحوه)

يعنى أنه يحذف من المركب الأول العجز ومن المركب الثانى الصدر وفيه حينئذ ثلاثة أوجه : بناؤهما وهو المشهور ، وإعراب الأول ، وبناء الثانى وإعرابهما ، وفهم من المثال أن عشر مبنى لنطقه به فيحتمل الأول والثانى دون الثالث لاحتمال أن يكون حادى مبنيا أو معربا لعدم الحركة فيه. وفائدة التمثيل بحادى التنبيه على أنه مقلوب وأصله واحد ونحوه أى حادى عشر فتقول حادى عشر وحادية عشرة إلى تاسع عشر وتاسعة عشرة. وإن أردت شرط ومثل مفعول بأردت ومركبا حال من مثل ويجوز أن يكون مركبا مفعولا بأردت ومثل ثانى اثنين نعت لمركب فهو نعت النكرة وتقدم عليها فانتصب على الحال والفاء وما بعدها جواب الشرط أو عاطفة جملة على جملة وفاعلا مفعول بأضف وبحالتيه فى موضع الصفة لفاعل وإلى المركب متعلق بأضف وبما متعلق بيفى ويفى فى موضع الصفة لمركب ونحوه معطوف على حادى عشر. ثم قال :

٣٠٧

وقبل عشرين اذكرا

وبابه الفاعل من لفظ العدد

وبابه الفاعل من لفظ العدد

يعنى أن اسم الفاعل من العدد إذا ذكر مع عشرين وبابه يعنى العقود إلى التسعين يذكر بحالتيه من التذكير والتأنيث قبل الواو فتقول حادى وعشرون وحادية وعشرون إلى تاسع وتسعين وتاسعة وتسعين. وقبل متعلق باذكرا والألف فى اذكرا بدل من نون التوكيد الخفيفة وبابه معطوف على عشرين والفاعل مفعول باذكرا ومن لفظ وبحالتيه متعلقان أيضا باذكرا.

كم وكأين وكذا

إنما ذكر هذا الباب بعد العدد لأن هذه الألفاظ كناية عن العدد وبدأ منها بكم وهى على قسمين استفهامية وخبرية ، وقد أشار إلى الأول بقوله :

ميز فى الاستفهام كم بمثل ما

ميّزت عشرين ككم شخصا سما

يعنى أن كم الاستفهامية تميز بمثل ما ميز به عشرون يعنى بمفرد منصوب فتقول كم درهما عندك وكم شخصا سما ، وفهم من قوله فى الاستفهام أنها تقدر بهمزة الاستفهام والعدد فإذا قلت كم شخصا سما فتقديره أعشرون شخصا أم ثلاثون أم أقلّ أم أكثر سما.

وفى الاستفهام متعلق بميز وكم مفعول بميز وما موصولة واقعة على تمييز عشرين وصلتها ميزت عشرين والضمير العائد على الموصول محذوف تقديره بمثل ما ميزت به ، ويجوز أن تكون ما مصدرية والتقدير ميز بمثل تمييز عشرين. ثم قال :

وأجز ان تجرّه من مضمرا

إن وليت كم حرف جرّ مظهرا

يعنى أن تمييز كم الاستفهامية يجوز جره بمن مضمرة بشرط أن يدخل على كم حرف جر ظاهر نحو بكم درهم اشتريت أى بكم من درهم فحذفت من وبقى عملها ، وشمل قوله حرف جر سائر حروف الجر نحو على كم فرس ركبت وإلى كم مذهب انتميت وفى كم دار

٣٠٨

جلست ونحوها ، وفهم من قوله أجز أن جرها غير لازم فتقول بكم درهما اشتريت بالنصب وفهم منه أيضا أنه يجوز إظهار من فتقول بكم من درهم اشتريت. وإن تجره فى موضع نصب بأجز والضمير فى تجره عائد على التمييز ومن فاعل بتجرّ ومضمرا حال من «من» وإن وليت شرط وكم فاعل بوليت وحرف جر مفعول بوليت وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم عليه. ثم انتقل إلى حكم الخبرية فقال :

واستعملنها مخبرا كعشره

أو مائة ككم رجال أو مره

يعنى أن كم الخبرية هى بمنزلة عدد مفرد فتستعمل تارة بمنزلة عشرة فيكون تمييزها جمعا نحو كم رجال عندى وكم عبيد ملكت وتارة بمنزلة مائة فيكون تمييزها مفردا نحو كم امرأة عندى وكم عبد ملكت ، فكم رجال مثال لاستعمالها استعمال عشرة وكم مرة مثال لاستعمالها استعمال مائة ، ومرة لغة فى المرأة نقلت فتحة الهمزة إلى الراء وحذفت الهمزة ومعنى كم الخبرية الدلالة على التكثير فإذا قلت كم غلام ملكت فمعناها كثير من الغلمان ملكت. ومخبرا حال من الضمير المستتر فى استعملنها والكاف متعلقة باستعملنها ومائة معطوف على عشرة. ثم قال : (ككم كأين وكذا) يعنى أن كأين وكذا مثل كم الخبرية فى الدلالة على تكثير العدد وفى الافتقار إلى مميز إلا أن تمييزها مخالف لتمييز «كم» وإلى ذلك أشار بقوله :

وينتصب

تمييز ذين أو به صل من تصب

يعنى أن تمييز كأين وكذا إما منصوب نحو كأين رجلا رأيت ، وكذا رجلا رأيت ، أو مجرور بمن نحو كأين من رجل رأيت إلا أن النصب بعد كذا أكثر والجر بمن بعد كأين أكثر كقوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ) [يوسف : ١٠٥] وهو فى القرآن كثير. وكأين وكذا مبتدأ وخبره ككم وينتصب جملة مستأنفة وذين إشارة إلى كأين وكذا وأو للتفصيل ويحتمل أن تكون للإباحة إذا أول ينتصب بانصب فيكون التقدير انصب تمييز ذين أو صل به من.

الحكاية

ذكر فى هذا الباب ثلاثة أنواع من الحكاية : الحكاية بأى وبمن وحكاية العلم بعد من وبدأ بأى فقال :

٣٠٩

احك بأىّ ما لمنكور سئل

عنه بها فى الوقف أو حين تصل

فى الحكاية بأى لغتان : إحداهما وهى الفصحى أى يحكى بها وصلا ووقفا من مذكور منكر ما له من إعراب وتذكير وتأنيث وإفراد وتثنية وجمع تصحيح موجود فيه أو صالح لوصفه كقولك لمن قال رأيت رجلا أو امرأة وغلامين وجاريتين وبنين وبنات أيا وأية وأيين وأيتين وأيين وأيات والأخرى أن يحكى بها ما له من إعراب وتذكير وتأنيث فقط. فقوله احك بأى محتمل لهما والذى ينبغى أن يحمل عليه كلامه الأولى لكونها أفصح ولذكره ذلك بعد فى من. وما مفعول باحك وهى موصولة واقعة على الحروف المحكية وصلتها لمنكور أى ما ثبت لمنكور وسئل فى موضع الصفة لمنكور وعنه متعلق بسئل والهاء عائدة على منكور وهى الرابط بين الصفة والموصوف وبها متعلق بسئل وها عائدة على أى وفى الوقف وحين متعلقان باحك. ثم انتقل إلى الحكاية بمن فقال :

ووقفا احك ما لمنكور بمن

والنّون حرّك مطلقا وأشبعن

يعنى أن من يحكى بها فى الوقف دون الوصل ما للمسئول عنه المنكور من إعراب وإفراد وتذكير وفروعهما وتشبع الحركة فى الإفراد وذلك كقولك لمن قال قام رجل منو ورأيت رجلا منا ومررت برجل منى. وما مفعول باحك وهى موصولة وصلتها لمنكور وبمن متعلق باحك ووقفا مصدر منصوب على الحال من فاعل احك المستتر والنون مفعول بحرك ومطلقا نعت لمصدر محذوف أى تحريكا مطلقا يعنى بالحركات الثلاث وأشبعن معطوف على حرك هذا حكم حكاية المفرد المذكر وأما المثنى فقد أشار إليه بقوله :

وقل منان ومنين بعد لى

إلفان بابنين وسكّن تعدل

يعنى أنك إذا قلت لى إلفان كابنين وأردت حكاية هذين الاسمين قلت منان فى حكاية إلفان ، ومنين فى حكاية ابنين. ولما لم يتمكن له النطق بسكون النون من منان ومنين فى النظم إذ لا يجمع فيه بين ساكنين نطق بهما محركين للضرورة. ثم نبه على أنهما ساكنان إذ لا يحكى بهما إلا وقفا والوقف متضمن للسكون. ومنان ومنين مفعول بقل والمراد قل هذين اللفظين وإلفان مبتدأ وخبره فى المجرور قبله وكابنين نعت لإلفان وهو على حذف القول والتقدير بعد قولك لى إلفان وتعدل مجزوم فى جواب الأمر. ثم انتقل إلى حكاية المفرد

٣١٠

المؤنث فقال : (وقل لمن قال أتت بنت منه) يعنى أنك تقول فى حكاية من قال أتت بنت ؛ منه بهاء ساكنة وأصلها التاء لكن الوقف أوجب رجوعها. ثم انتقل إلى تثنية المؤنث فقال : (والنون قبل تا المثنى مسكنه) يعنى أنه يقال فى حكاية تثنية المؤنث منتان بتسكين النون فتقول فى حكايته جاءت امرأتان منتان ورأيت امرأتين ومررت بامرأتين منتين هذه هى اللغة الفصحى وفيها لغة أخرى أشار إليها بقوله : (والفتح نزر) يعنى أن فتح النون نزر أى قليل فتقول على هذه اللغة فى قامت امرأتان منتان بالفتح. ومنه مفعول بقل كما تقدم فى البيت الذى قبله. والنون مبتدأ وخبره مسكنة والجملة فى موضع الحال من منه وقبل متعلق بمسكنة والفتح نزر جملة من مبتدأ وخبره مستأنفة. ثم انتقل إلى حكاية جمع المؤنث فقال :

وصل التّا والألف

بمن بإثر ذا بنسوة كلف

يعنى أنك تزيد فى حكاية جمع المؤنث على النون من منه ألفا وتاء فتقول لمن قال جاءت نسوة منات ولمن قال ذا بنسوة كلف منات بإسكان التاء أيضا لما علمت من أن من لا يحكى بها إلا فى الوقف. والتاء مفعول بصل والألف معطوف على التاء وذا مضاف إليه على حذف القول والتقدير بإثر قولك ذا وكلف خبر ذا وبنسوة متعلق بكلف ويحتمل أن يكون اسما وفعلا ماضيا. ثم انتقل إلى حكاية جمع المذكر فقال :

وقل منون ومنين مسكنا

إن قيل جا قوم لقوم فطنا

إذا قيل جاء قوم لقوم ، قلت فى حكاية قوم المرفوع منون وفى حكاية قوم المجرور منين بسكون النون فيهما أيضا. ومنون ومنين مفعول بقل كما تقدم ومسكنا حال من الضمير المستكن فى قل وفطنا نعت لقوم المجرور وهو جمع فطن ووزنه فطناء بضم الفاء وفتح الطاء نحو كرماء ولا يصح أن يكون فطنا بضم الطاء لأن منعوته مجرور. ثم قال : (وإن تصل فلفظ من لا يختلف) هذا تصريح بما فهم من قوله ووقفا فتقول من يا فتى فى الأحوال كلها وقد جاء منونا فى ضرورة الشعر ، وعلى ذلك نبه بقوله : (ونادر منون فى نظم عرف) أشار به إلى قول الشاعر :

٣١١

٢٠٢ ـ أتوا نارى فقلت منون أنتم

فقالوا : الجنّ قلت عموا ظلاما

وهو لتأبط شرّا. وإن تصل شرط وجوابه الجملة فى قوله : فلفظ من لا يختلف ، ونادر خبر مقدم والمبتدأ منون وعرف فى موضع الصفة لنظم وفى نظم متعلق بنادر. ثم انتقل إلى النوع الثالث من الحكاية فقال : (والعلم احكينّه من بعد من) يعنى أن العلم إذا سئل عنه بمن حكى إعرابه بعدها فتقول لمن قال قام زيد من زيد ورأيت زيدا من زيدا ، ومررت بزيد من زيد برفع الأول ونصب الثانى وجر الثالث وذلك بشرط أن لا يدخل على من حرف عطف ، وإليه أشار بقوله :

(إن عريت من عاطف بها اقترن)

فإذا قيل رأيت زيدا ومررت بزيد قلت ومن زيد بالرفع فيهما لدخول حرف العطف على من. وقوله احكينه يريد جوازا فإن فيه لغتين لغة أهل الحجاز الحكاية ولغة بنى تميم الرفع.

والعلم مفعول بفعل مضمر يفسره احكينه ومن بعد متعلق باحكينه ، وإن عريت شرط محذوف الجواب لدلالة ما تقدم عليه.

التأنيث

التأنيث فرع التذكير ولذلك يحتاج إلى علامة وإلى ذلك أشار بقوله : (علامة التأنيث تاء أو ألف) فذكر للتأنيث علامتين ثم إن التاء تكون ظاهرة كفاطمة وقصعة وتكون مقدرة وإلى ذلك أشار بقوله : (وفى أسام قدّروا التّا كالكتف) يعنى أن بعض الأسماء لا تكون تاؤه ظاهرة بل

__________________

(٢٠٢) البيت من الوافر ، وهو لشمر بن الحارث فى الحيوان ٤ / ٤٨٢ ، ٦ / ١٩٧ ، وخزانة الأدب ٦ / ١٦٧ ، ١٦٨ ، ١٧٠ ، والدرر ٦ / ٢٤٦ ، ولسان العرب ٣ / ١٤٩ (حسد) ، ١٣ / ٤٢٠ (منن) ، ونوادر أبى زيد ص ١٢٣ ، ولسمير الضبى فى شرح أبيات سيبويه ٢ / ١٨٣ ، ولشمر أو لتأبط شرا فى شرح التصريح ٢ / ٢٨٣ ، وشرح المفصل ٤ / ١٦ ، ولأحدهما أو لجذع بن سنان فى المقاصد النحوية ٤ / ٤٩٨ ، وبلا نسبة فى أمالى ابن الحاجب ١ / ٤٦٢ ، وأوضح المسالك ٤ / ٢٨٢ ، وجواهر الأدب ص ١٠٧ ، والحيوان ١ / ٣٢٨ ، والخصائص ١ / ١٢٨ ، والدرر ٦ / ٣١٠ ، ورصف المبانى ص ٤٣٧ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٦٤٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٦١٨ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢٩٥ ، والكتاب ٢ / ٤١١ ، ولسان العرب ٦ / ١٢ (أنس) ، ١٤ / ٣٧٨ (سرا) ، والمقتضب ٢ / ٣٠٧ ، والمقرب ١ / ٣٠٠ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٥٧ ، ٢١١.

والشاهد فيه قوله : «منون أنتم» يريد : من أنتم ، وفيه شذوذان : الأول إلحاق الواو والنون بها فى الوصل ، والثانى تحريك النون وهى تكون ساكنة. وقال ابن الناظم : فيه شذوذان : أحدهما أنه حكى مقدرا غير مذكور ، والثانى أنه أثبت العلامة فى الوصل وحقها أن لا تثبت فى الوصل. (المقاصد النحوية ٤ / ٥٠٣).

٣١٢

مقدرة وسواء كان لمن يعقل كهند أو لمن لا يعقل ككتف. وعلامة مبتدأ وخبره تاء أو ألف والواو فى قدروا عائدة على العرب أو على النحويين وأسام جمع أسماء فهو جمع الجمع ثم أشار إلى ما يعرف به التقدير فقال :

ويعرف التّقدير بالضّمير

ونحوه كالرّدّ فى التّصغير

فالضمير نحو الكتف أكلتها فتعلم أن الكتف مؤنث لإعادة ضمير المؤنث عليه ونحوه أى ونحو الضمير كالرد فى التصغير أى كرد التاء فى التصغير نحو هنيدة فى تصغير هند وكتيفة فى تصغير كتف ومما يعلم به التقدير أيضا اسم الإشارة نحو هذه هند وتلك كتف وإعراب البيت واضح ، ثم إن تاء التأنيث لها فوائد وأصلها التاء الفارقة بين المذكر والمؤنث وتكون فى الأسماء نحو رجل ورجلة وفتى وفتاة وفى الصفات وهى أكثر نحو ضارب وضاربة وفرح وفرحة إلا أنها لم تلحق بعض الصفات ، وإلى ذلك أشار بقوله :

ولا تلى فارقة فعولا

أصلا ولا المفعال والمفعيلا

كذاك مفعل

فذكر خمسة أوزان لا تليها التاء الفارقة : الأول فعول وقيده بالأصل والمراد به اسم الفاعل فإنه أصل لاسم المفعول وذلك نحو رجل صبور وامرأة صبور. واحترز بقوله أصلا من اسم المفعول فإن تاء الفرق تلحقه نحو ركوب وركوبة لأنه بمعنى مركوب. الثانى مفعال نحو رجل معطار وامرأة معطار. الثالث مفعيل نحو معطير ومنطيق. الرابع مفعل نحو مغشم ، ولم يقيد الثلاثة كما قيد الأول لأنها لا تكون أسماء مفاعيل. وفاعل تلى ضمير عائد على التاء وفارقة حال من ذلك الضمير وفعولا مفعول تلى وأصلا حال من فعولا ، ولا المفعال والمفعيلا معطوفان على فعول ومفعل مبتدأ خبره كذاك وقد لحقت تاء الفرق بعض هذه الأوزان شذوذا ، وإلى ذلك أشار بقوله :

وما تليه

تا الفرق من ذى فشذوذ فيه

قالوا عدوّ وعدوة ومسكين ومسكينة وميقان وميقانة. وما مبتدأ وهى موصولة واقعة على الأوزان المذكورة وصلتها تليه والضمير العائد على الموصول الهاء فى تليه وتاء الفرق فاعل بتليه وشذوذ فيه مبتدأ وخبر فى موضع خبر ما ، ثم أشار إلى الوزن الخامس فقال :

٣١٣

ومن فعيل كقتيل إن تبع

موصوفه غالبا التّا تمتنع

يعنى أن فعيلا تمتنع منه تاء الفرق فى المؤنث فى الغالب. وفهم من قوله كقتيل أن يكون بمعنى مفعول لأن قتيلا بمعنى مقتول فلو كان بمعنى فاعل للحقته التاء نحو ظريف وظريفة وفهم من قوله إن تبع موصوفه أنه إن لم يتبعه لحقته التاء نحو رأيت قتيلا وقتيلة للبس وشمل ما كان نعتا نحو رأيت امرأة قتيلا وما ذكر موصوفة قبله وإن لم يكن نعتا نحو هند قتيل ولحيتك دهين لعدم اللبس. وفهم من قوله غالبا أن التاء تلحق مع استيفاء الشروط كقولهم صفة ذميمة وخصلة حميدة فالتاء مبتدأ خبره تمتنع. ومن فعيل متعلق بتمتنع وكقتيل فى موضع الحال من فعيل وغالبا حال من الضمير فى تمتنع وإن تبع شرط وجوابه محذوف لدلالة ما تقدم عليه ، ثم انتقل إلى ألف التأنيث فقال :

وألف التّأنيث ذات قصر

وذات مدّ نحو أنثى الغرّ

فقسمها إلى مقصورة وممدودة وأنثى الغر غراء فهو مثال للممدودة ، ومذكر الغراء أغر وهو مما يستوى فيه المذكر والمؤنث. وألف التأنيث مبتدأ وذات قصر وذات مد خبر المبتدأ. ثم بين الأوزان التى تلحقها المقصورة فقال :

والاشتهار فى مبانى الأولى

يبديه وزن أربى والطّولى

ومرطى ووزن فعلى جمعا

أو مصدرا أو صفة كشبعى

وكحبارى سمّهى سبطرى

ذكرى وحثّيثى مع الكفرّى

كذاك خلّيطى مع الشّقّارى

فذكر اثنى عشر وزنا : الأول فعلى بضم الفاء وفتح العين نحو أربى وهو الداهية. الثانى فعلى بضم الفاء وسكون العين اسما كان كبهمى أو صفة كحبلى والطولى وهو صفة مؤنث الأطول أو مصدرا كرجعى. الثالث فعلى بفتحتين نحو مرطى ، وهو نوع من المشى. الرابع فعلى بفتح الفاء وسكون العين ونوعها إلى جمع نحو قتلى وجرحى وإلى مصدر نحو دعوى وإلى صفة نحو شبعى. الخامس فعالى بضم الفاء وفتح العين نحو حبارى اسم طائر. السادس فعلى بضم الفاء وفتح العين المشددة نحو سمهى للباطل. السابع فعلى بكسر الفاء وفتح العين واللام مشددة نحو سبطرى لنوع من المشى. الثامن فعلى بكسر الفاء وسكون العين نحو ذكرى

٣١٤

مصدر ذكر. التاسع فعيلى بكسر الفاء وتشديد العين نحو حثيثى مصدر حث. العاشر فعلى بضم الفاء وفتح العين وتشديد اللام نحو الكفرى وهو وعاء الطلع. الحادى عشر فعيلى بضم الفاء وفتح العين مشددة ، نحو خليطى للاختلاط. الثانى عشر فعالى بضم الفاء وفتح العين مشددة نحو شقارى اسم نبت وفهم من قوله والاشتهار أنه قد جاء المؤنث بألف التأنيث المقصورة على غير هذه الأوزان ، وهو الذى نبه عليه بقوله :

(واعز لغير هذه استندارا)

والمراد بالأولى ألف التأنيث المقصورة والاشتهار مبتدأ وفى متعلق به والأولى نعت لمحذوف تقديره الألف الأولى ويبديه إلى آخر الكلام خبر المبتدأ وما خلا من هذه المثل من حرف العطف فهو على تقديره ، ثم انتقل إلى الممدودة فقال :

لمدّها فعلاء أفعلاء

مثلّث العين وفعللاء

ثمّ فعالا فعللا فاعولا

وفاعلاء فعليا مفعولا

ومطلق العين فعالا وكذا

مطلق فاء فعلاء أخذا

فذكر لها سبعة عشر بناء. الأول فعلاء نحو حمراء وصحراء. الثانى أفعلاء وشمل قوله أفعلاء مثلث العين ثلاثة أبنية وهى مجموعة فى أربعاء فإن فيه ثلاث لغات كسر العين وفتحها وضمها ، الخامس فعللاء نحو عقرباء وحرملاء لموضعين. السادس فعالاء بكسر الفاء وفتح العين نحو قصاصاء بمعنى قصاص. السابع فعللاء بضم الفاء واللام نحو قرفصاء لنوع من الجلوس. الثامن فاعولاء نحو عاشوراء فى اليوم العاشر من المحرم.

التاسع فاعلاء بكسر العين نحو نافقاء وهو جحر اليربوع. العاشر فعلياء بكسر الفاء نحو كبرياء للتكبر. الحادى عشر مفعولاء نحو مشيوخاء لجماعة الشيوخ. وقد شمل قوله ومطلق العين فعالا ثلاثة أبنية فعالاء نحو براساء يقال لا أدرى من أى البراساء هو أى الناس وفعيلاء نحو كثيراء فى بذر وفعولاء نحو دبوقاء للعذرة والفاء مفتوحة فى الثلاثة فهذة أربعة عشر وزنا وشمل قوله وكذا مطلق فاء فعلاء أخذا ثلاثة أبنية فعلاء بفتح الفاء والعين نحو جنفاء اسم موضع وفعلاء بضم الفاء وفتح العين نحو عشراء للناقة المرضع وفعلاء بكسر الفاء وفتح العين نحو سيراء لثوب مخطط فهذه سبعة عشر بناء وقد ذكر فى الممدود أبنية أخر وإنما اكتفى بهذه لشهرتها والضمير فى قوله لمدها عائد على ألف التأنيث. وفعلاء مبتدأ وخبره فى

٣١٥

المجرور قبله وأفعلاء معطوف على فعلاء بحذف العاطف ومثلث العين حال من أفعلاء وكذلك فعللاء وما بعدها من الأبنية إلى فعالاء ومطلق العين حال من فعالاء وفعلاء مبتدأ وخبره أخذا ومطلق فاء حال من الضمير المستتر فى أخذ العائد على فعلاء وكذا متعلق بأخذ.

المقصور والممدود

المقصور : هو الاسم الذى حرف إعرابه ألف لازمة ، والممدود هو الاسم الذى حرف إعرابه همزة قبلها ألف زائدة. وبدأ بالمقصور ، وهو قياسى وغير قياسى ، وقد أشار إلى الأول فقال :

إذا اسم استوجب من قبل الطّرف

فتحا وكان ذا نظير كالأسف

فلنظيره المعلّ الآخر

ثبوت قصر بقياس ظاهر

يعنى أن الاسم المعتل الآخر إذا كان له نظير من الصحيح مستوجب فتح ما قبل آخره كان ذلك الاسم المعتل مقصورا قياسا فالجوى مقصور قياسا لأن له نظيرا من الصحيح يستوجب الفتح وهو الأسف إذ كل واحد منهما مصدر فعل بكسر العين لما علمت من أن مصدر فعل اللازم المكسور العين فعل بفتح العين ، فاسم فاعل بفعل مضمر يفسره استوجب ومن قبل متعلق باستوجب ، وفتحا مفعول باستوجب وذا نظير خبر كان والفاء فى قوله فلنظيره جواب إذا والمعلّ نعت لنظيره وثبوت مبتدأ وخبره لنظيره ، ثم أتى بمثالين منه فقال :

كفعل وفعل فى جمع ما

كفعلة وفعلة نحو الدّمى

يعنى أن فعلا بكسر الفاء وفعلا بضمها جمعان لفعلة وفعلة مقصوران قياسا فمثال فعل لحية ولحى ونظيره من الصحيح قربة وقرب ومثال فعل دمية ودمى ونظيره من الصحيح قربة وقرب وغرفة وغرف وإعراب البيت واضح ، ثم انتقل إلى الممدود فقال :

وما استحقّ قبل آخر ألف

فالمدّ فى نظيره حتما عرف

يعنى أن الاسم الصحيح إذا استحق الألف قبل آخره فإن نظيره من المعتل الآخر ممدود قياسا ، ثم مثل لذلك بقوله :

٣١٦

كمصدر الفعل الّذى قد بدئا

بهمز وصل كارعوى وكارتأى

مصدر ارعوى وارتأى ارعواء وارتياء لأن نظيرهما من الصحيح يستحق أن يكون ما قبل آخره ألفا نحو احمرّ احمرارا واقتدر اقتدارا. وما مبتدأ وهى موصولة واقعة على الصحيح المستحق للألف قبل الآخر واستحق صلتها وألف مفعول باستحق ووقف عليه بحذف الألف على لغة ربيعة وقبل متعلق باستحق والمد مبتدأ وخبره عرف وفى نظيره متعلق بعرف وحتما حال من الضمير فى عرف وإعراب البيت الآخر واضح. ثم انتقل إلى غير القياسى من النوعين.

والعادم النّظير ذا قصر وذا

مدّ بنقل كالحجا وكالحذا

يعنى أن ما كان من المعتل الآخر ولا نظير له من الآحاد يطرد فتح ما قبل آخره فهو مقصور سماعا وما كان آخره همزة قبلها ألف ولم يطرد فى نظيره زيادة ألف قبل آخره فهو أيضا ممدود سماعا وقد مثل المقصور بالحجا وهو العقل والثانى وبالحذا وهو النعل وقصره ضرورة. والعادم مبتدأ وهو اسم فاعل مضاف إلى المفعول وبنقل خبر المبتدأ والتقدير والعادم النظير ثابت بنقل وذا قصر وذا مدّ حالان من الضمير المستتر فى الخبر ، ثم قال :

وقصر ذى المدّ اضطرارا مجمع

عليه والعكس بخلف يقع

يعنى أن النحويين اتفقوا على قصر الممدود فى ضرورة الشعر ، واختلفوا فى مد المقصور ، والمنع مذهب البصريين ، والجواز مذهب الكوفيين فمن قصر الممدود قول الشاعر:

ليلى وما ليلى ولم أر مثلها

بين السما والأرض ذات عقاص

ومن مد المقصور قوله :

والمرء يبليه بلاء السربال

تعاقب الإهلال بعد الإهلال

وقصر مبتدأ وهو مصدر مضاف للمفعول ومجمع خبر المبتدأ وعليه متعلق بمجمع واضطرارا مفعول له وهو تعليل لقصر والعكس مبتدأ وخبره يقع وبخلف متعلق بيقع.

٣١٧

كيفية تثنية المقصور والممدود وجمعهما تصحيحا

إنما اقتصر على تثنية ما ذكر وجمعه لوضوح تثنية غيره وجمعه ، وبدأ بتثنية المقصور فقال :

آخر مقصور تثنّى اجعله يا

إن كان عن ثلاثة مرتقيا

يعنى أن الألف الرابعة فما فوق تقلب فى التثنية ياء وشمل ذلك الألف الرابعة نحو ملهى والخامسة نحو منتمى والسادسة نحو مستدعى فتقول فيها ملهيان ومنتميان ومستدعيان. وآخر مفعول بفعل مضمر يفسره اجعله والهاء فى اجعله مفعول أول ويا مفعول ثان وتثنى فى موضع الصفة لمقصور والضمير العائد على الموصوف محذوف تقديره تثنية وإن كان شرط محذوف الجواب لدلالة ما قبله عليه. وأما الألف الثالثة ففيها تفصيل أشار إليه بقوله :

كذا الّذى اليا أصله نحو الفتى

والجامد الّذى أميل كمتى

الإشارة بقوله كذا إلى الحكم السابق فى الألف الرابعة فما فوق وهو قلبها ياء يعنى أن ما كانت فيه الألف الثالثة منقلبة عن ياء والألف الثالثة المجهولة الأصل التى سمعت فيها الإمالة مثل ما تقدم فى وجوب قلبها ياء فمثال المنقلبة عن ياء فتى وفتيان ومثال المجهولة الأصل التى سمعت فيها الإمالة متى مسمى بها فتقول فى تثنيتها متيان ، وفهم منه أن ما عدا القسمين المذكورين من الثلاثى لا تنقلب ألفه ياء بل واوا إذ لا ثالث وقد صرح بهذا المفهوم فقال : (فى غير ذا تقلب واوا الألف) أى فى غير ذا من الثلاثى تقلب الألف واوا. وذا إشارة إلى جميع ما تقلب الألف فيه ياء وشمل قوله فى غير ذا المنقلبة عن واو نحو رحا ورحوان والمجهولة نحو إلى وعلى مسمى بهما. ثم قال : (وأولها ما كان قبل قد ألف) أى وأول هذه الأحرف المنقلبة عن الألف الذى قد ألف قبل يعنى علامة التثنية وهى ألف ونون فى الرفع وياء ونون فى النصب والجر وقوله : (كذا الذى) الذى مبتدأ وصلته الجملة الاسمية من قوله الياء أصله وخبره كذا والجامد معطوف على الذى. والذى أميل صفة للجامد وفى غير متعلق بتقلب وواوا مفعول ثان بتقلب والألف هو المفعول الأول وما مفعول ثان بأولها ومفعوله الأول ها وصلة ما كان وقد ألف فى موضع خبر كان وقبل متعلق بألف ثم انتقل إلى تثنية الممدود فقال :

٣١٨

(وما كصحراء بواو ثنّيا)

يعنى أن ما ألفه للتأنيث نحو صحراء وصحراوان وحمراء وحمراوان تقلب فيه الهمزة واوا فى التثنية وقوله : (ونحو علباء كساء وحيا* بواو او همز) يعنى أنه يجوز قلب الهمزة واوا وإبقاؤها همزة فيما كانت همزته للإلحاق نحو علباء أو منقلبة عن أصل وشمل المنقلبة عن واو نحو كساء والمنقلبة عن ياء نحو حياء فتقول علباوان وعلباآن وكساوان وكساآن وحياوان وحياآن ولم يبق من أنواع الممدود غير ما همزته أصلية وقد أشار إلى حكمها بقوله : (وغير ما ذكر* صحّح) وذلك نحو قراء ووضاء فتقول فى تثنيتهما قراآن ووضاآن ثم قال :

(وما شذّ على نقل قصر)

يعنى أن ما أتى على خلاف ما ذكر فى تثنية المقصور والممدود يقصر على السماع أى لا يقاس عليه فمما شذ فى تثنية المقصور قولهم مذروان بقلب الألف الرابعة واوا وخوزلان بحذف الألف ورضيان فى تثنية رضا بقلب الألف ياء وأصلها واو ومما شذ فى تثنية الممدود حمرآن والأصل حمراوان. وما مبتدأ وهى موصولة وصلتها كالصحراء وثنيا فى موضع خبر ما وبواو متعلق بثنى ونحو علباء مبتدأ وكساء وحيا معطوفان على علباء بحذف العاطف وقصر حيا ضرورة وخبر المبتدأ بواو أو همز وغير مفعول مقدم بصحح وما مبتدأ وهى موصولة وصلتها شذ وخبرها قصر وعلى نقل متعلق بقصر. ثم انتقل إلى جمع المقصور فقال :

واحذف من المقصور فى جمع على

حدّ المثنّى ما به تكمّلا

يعنى أنك إذا جمعت الاسم المقصور الجمع الذى على حد المثنى وهو جمع المذكر السالم فحذفت ما تكمل به وهو الألف وسبب حذفها التقاء الساكنين لأن الألف ساكنة وواو الجمع ساكنة فإذا حذفت الألف لالتقاء الساكنين أبقيت الفتحة التى قبلها لتدل عليها وإلى ذلك أشار بقوله : (والفتح أبق مشعرا بما حذف) فتقول فى نحو موسى ومصطفى موسون ومصطفون رفعا وموسين ومصطفين نصبا وجرا. ومن المقصور وفى جمع متعلقان باحذف وعلى حد فى موضع الصفة لجمع وما مفعول باحذف وهى موصولة واقعة على الألف المقصور وصلتها تكملا والهاء فى به عائدة على الموصول والضمير المستتر فى تكملا عائد على الموصول. ثم انتقل إلى جمع المقصور جمع المؤنث السالم فقال :

٣١٩

وإن جمعته بتاء وألف

فالألف اقلب قلبها فى التّثنيه

ففهم منه أنها إذا كانت رابعة فصاعدا أو ثالثة منقلبة عن ياء أو مجهولة سمعت إمالتها قلبت ياء وإن كانت ثالثة منقلبة عن واو أو مجهولة لم تسمع إمالتها قلبت واوا فإن كان آخر الاسم المقصور تاء فقد أشار إليه بقوله :

(وتاء ذى التّا ألزمنّ تنحيه)

يعنى أن ما آخره تاء من المقصور تحذف منه التاء لئلا يجمع بين تاءى التأنيث فتقول فى فتاة وقناة فتيات وقنوات وإن جمعت شرط وبتاء متعلق بجمعت والفاء جواب الشرط والألف مفعول مقدم باقلب وقلبها مصدر مضاف إلى المفعول وفى التثنية متعلق بالمصدر وتاء مفعول أول بألزمن وتنحية مفعول ثان. ثم قال :

والسّالم العين الثلاثى اسما أنل

إتباع عين فاءه بما شكل

إن ساكن العين مؤنّثا بدا

يعنى أن ما جمع بالألف والتاء وكانت فيه هذه الشروط المذكورة فى هذين البيتين جاز إتباع عينه لفائه فى الحركة فتفتح عينه إن كانت الفاء مفتوحة وتضم إن كانت مضمومة وتكسر إن كانت مكسورة والشروط المذكورة خمسة :

الأول أن يكون سالم العين واحترز به من شيئين : أحدهما المضعف نحو جنة وجنة وجنة. والآخر المعتل العين وشمل ما عينه ألف نحو دار وما أوله مضموم نحو سورة وما أوله مكسور نحو ديمة وما أوله مفتوح نحو جوزة وبيضة فلا يتبع شىء من ذلك إلا ما أوله مفتوح فإنه فيه لغتين على ما سيذكره. الثانى أن يكون ثلاثيا واحترز به من الزائد على الثلاثة فلا يغير. الثالث أن يكون اسما واحترز به من الصفة نحو صعبة وسهلة فإنه لا يتبع وهذه الشروط الثلاثة مفهومة من قوله : (والسالم العين الثلاثى اسما) الرابع أن يكون ساكن العين واحترز به من المحرك العين نحو سمرة. الخامس أن يكون مؤنثا واحترز به من نحو بكر فإنه لا يجمع بالألف والتاء وهذان الشرطان مفهومان من قوله : إن ساكن العين مؤنثا بدا. ولا فرق فى ذلك بين ذى التاء والمجرد منها ، وإلى ذلك أشار بقوله : (مختتما بالتاء أو مجرّدا)

٣٢٠