شرح المكودي

أبي زيد عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي

شرح المكودي

المؤلف:

أبي زيد عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي


المحقق: الدكتور عبد الحميد الهنداوي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: المكتبة العصريّة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٠٥

فصل

فى تابع المنادى

تابع ذى الضّمّ المضاف دون أل

ألزمه نصبا كأزيد ذا الحيل

شمل قوله تابع جميع التوابع ، والمراد ما سوى البدل وعطف النسق على ما سيأتى وشمل ذى الضم العلم والنكرة المقصودة والمضاف نعت لتابع وخرج به التابع المفرد ودون أل خرج به المضاف المقرون بأل وقوله ألزمه نصبا يعنى فى التابع المستوفى للشروط وذلك إذا كان التابع غير عطف النسق والبدل وكان مضافا مجردا من أل فمثال ما استوفى الشروط فى وجوب النصب وهو نعت يا زيد ذا الحيل ومثاله وهو توكيد يا زيد نفسه ويا تميم كلهم ومثاله وهو عطف بيان يا زيد عائد الكلب فلو كان التابع من هذه غير مضاف جاز فيه النصب والرفع وإلى ذلك أشار بقوله : (وما سواه ارفع أو انصب) فمثال النعت يا زيد الظريف والظريف ومثال عطف البيان يا زيد قفة ومثال التوكيد يا تميم أجمعون ومثال المضاف المقرون بأل يا زيد الحسن الوجه فهذه أربع صور كلها يجوز فيها الرفع والنصب وتابع مفعول بفعل مضمر من باب الاشتغال يفسره ألزمه والمضاف نعت لتابع ودون متعلق بالاستقرار على أنه حال من تابع ونصبا مفعول ثان لألزمه والمفعول الأول الهاء وما مفعول بارفع وهو مطلوب لا نصب فهو من باب التنازع وهى موصولة وصلتها سواه. ثم قال :

(واجعلا* كمستقلّ نسقا وبدلا)

يعنى أن عطف النسق والبدل إذا تبعا المنادى حكمهما حكم المستقل فيجب بناؤهما على الضم إن كانا مفردين ونصبهما إن كانا مضافين وسواء كان المنادى مبنيا على الضم أو منصوبا فتقول يا أخانا وزيد ويا أخانا عمرو ويا زيد وأخانا ويا عمرو صاحبنا. وسبب ذلك أن البدل فى نية تكرار العامل وحروف العطف بمنزلة العامل فإذا كررت حرف النداء معهما كانا كالمباشرين لحرف النداء. والألف فى اجعلا بدلا من نون التوكيد الخفيفة ونسقا وبدلا مفعول أول باجعلا وكمستقل فى موضع المفعول الثانى لأن معنى اجعلا صير. ثم إن المعطوف عطف نسق إذا كان مقرونا بأل ففيه وجهان وإلى ذلك أشار بقوله :

٢٤١

وإن يكن مصحوب أل ما نسقا

ففيه وجهان ورفع ينتقى

يعنى أن المعطوف عطف النسق إذا كان مصحوبا لأل يجوز فيه وجهان الرفع والنصب ، والرفع هو المختار وهو مفهوم من قوله : (ورفع ينتقى) وعلم أن ثانى الوجهين هو النصب من ذكر الرفع ومما تقدم فى بعض التوابع من جواز الرفع والنصب فتقول يا زيد والحارث والحارث ، ومنه قوله :

١٦٢ ـ ألا يا زيد والضحاك سيرا

فقد جاوزتما خمر الطريق

يروى برفع الضحاك ونصبه وفهم من قوله ورفع ينتقى أنه موافق للقائلين باختياره وهو الخليل وسيبويه والمازنى وإنما اختير لمناسبة الحركتين ، ولما حكى سيبويه أنه أكثر فى كلام العرب من النصب. ومصحوب خبر يكن وما نسقا اسمها ويجوز العكس والأول أرجح وفيه وجهان جملة من مبتدأ وخبر وهى جواب الشرط ورفع ينتقى جملة من مبتدأ وخبر وهى مستأنفة ثم اعلم أن من المناديات أى ويلزم أن يوصف بأحد ثلاثة أشياء : أل وذا والذى ، وقد أشار إلى الأول فقال :

وأيّها مصحوب أل بعد صفه

يلزم بالرّفع لدى ذى المعرفه

يعنى أن أيا إذا كانت منادى لزم وصفها بمصحوب أل واجب الرفع نحو يا أيها الرجل وإنما لزم رفع وصفها وإن كان يجوز فيه الرفع والنصب إذا كان المنادى غير أى لإبهامها وهى نكرة مقصودة وإنما لزمتها الهاء لتكون عوضا مما تستحق من الإضافة ، والأرجح فى ضبط هذا البيت أن يكون مصحوب منصوبا فأى مبتدأ ويلزم خبره ومصحوب مفعول مقدم بيلزم وصفة منصوب على الحال من مصحوب أل وبالرفع فى موضع الحال من مصحوب ولدى متعلق بيلزم وبعد فى موضع الحال والمضاف إليه بعد ضمير عائد على أى والتقدير وأيها يلزم مصحوب أل فى حال كونه صفة لها مرفوعة واقعة بعدها ويجوز أن يكون مصحوب أل مرفوعا على أنه مبتدأ ويكون خبره يلزم بالياء والجملة خبر أيها والضمير العائد على المبتدأ محذوف تقديره يلزمها. ثم أشار إلى الثانى والثالث بقوله :

__________________

(١٦٢) البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة فى الأزهية ص ١٦٥ ، والدرر ٦ / ١٦٨ ، وشرح قطر الندى ص ٢١٠ ، وشرح المفصل ١ / ١٢٩ ، ولسان العرب ٤ / ٢٥٧ (خمر) ، واللمع ص ١٩٥ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٤٢.

والشاهد فيه قوله : «يا زيد والضحاك» حيث روى بنصب «الضحاك» ورفعه ، فدلّ ذلك على أن المعطوف على المنادى المبنىّ ، إذا كان مفردا ، يجوز فيه وجهان : الرفع على لفظ المنادى ، والنصب على محلّه.

٢٤٢

(وأىّ هذا أيّها الّذى ورد) يعنى أنه ورد فى كلام العرب صفة أيها باسم الإشارة نحو يا أيها ذا الرجل وشمل المفرد والمثنى كقوله :

١٦٣ ـ أيها ذان كلا زاديكما

ودعانى واغلا فيمن وغل

وبالموصول المصدر بأل كقوله تعالى : (وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) [الحجر : ٦] ثم قال :

(ووصف أىّ بسوى هذا يردّ) يعنى أن أىّ لا توصف إلا بما ذكر ولا يجوز أن توصف بغير ذلك فلا يقال يا أيها صاحب عمرو ونحوه. ثم قال :

وذو إشارة كأىّ فى الصّفه

إن كان تركها يفيت المعرفه

يعنى أن اسم الإشارة يجرى مجرى أى فى وجوب وصفه بما وصفت به أى من واجب الرفع يعرف بأل أو الموصول المصدر بأل فتقول يا ذا الرجل كما تقول يا أيها الرجل ويا ذا الذى كما تقول يا أيها الذى آمن فذا فى هذا المثال ونحوه بمنزلة أى فى التوصل إلى نداء ما فيه أل وفهم من قوله : إن كان تركها يفيت المعرفة ، أن اسم الإشارة قد لا يفيت المعرفة فلا يفتقر إلى وصف فتكون كسائر الأسماء المناديات كما إذا قلت يا هذا وأنت مقبل على رجل تعينه وهذا ليس من هذا الفصل. ثم قال :

فى نحو سعد سعد الأوس ينتصب

ثان وضمّ وافتح أوّلا تصب

يعنى أن المنادى المبنى على الضم إذا تكرر وأضيف لما بعده وجب نصب الثانى لأنه مضاف وجاز فى الأول الضم على الأصل والفتح على الإتباع وفيه أقوال وذلك نحو قوله :

١٦٤ ـ يا تيم تيم عدى لا أبا لكم

لا يلفينّكم فى سوأة عمر

__________________

(١٦٣) البيت من الرمل ، وهو بلا نسبة فى الدرر ٣ / ٣٣ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٥٤ ، وشرح شذور الذهب ص ١٩٩ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٨١ ، ومجالس ثعلب ص ٥٢ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٣٩ ، ٢٤١ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٥.

والشاهد فيه قوله : «أيهذان كلا» حيث وصف المنادى باسم الإشارة ، ولم ينعت اسم الإشارة باسم محلّى بالألف واللام.

(١٦٤) البيت من البسيط ، وهو لجرير فى ديوانه ص ٢١٢ ، والأزهية ص ٢٣٨ ، والأغانى ٢١ / ٣٤٩ ، وخزانة الأدب ٢ / ٢٩٨ ، ٣٠١ ، ٤ / ٩٩ ، ١٠٧ ، والخصائص ١ / ٣٤٥ ، والدرر ٦ / ٢٩ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٤٢ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨٥٥ ، وشرح المفصل ٢ / ١٠ ، والكتاب ١ / ٥٣ ، ٢ / ٢٠٥ ، واللامات ص ١٠١ ، ولسان العرب ١٤ / ١١ (أبى) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٤٠ ، والمقتضب ٤ / ٢٢٩ ، ونوادر أبى زيد ص ١٣٩ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ٢٠٤ ، وأمالى ابن الحاجب ٢ / ٧٢٥ ، وجواهر الأدب ص ١٩٩ ، ٤٢١ ، ـ ـ

٢٤٣

ومثله قوله يا سعد سعد الأوس ، وفهم من قوله نحو أن ذلك جائز فى العلم وفى النكرة المقصودة نحو يا غلام غلام زيد وهو مذهب البصريين ، وفهم من تقديمه الضم أنه أحسن الوجهين وأرجحهما وفى نحو متعلق بينتصب وتصب مضارع مجزوم على جواب الأمر.

المنادى المضاف إلى ياء المتكلم

قوله :

واجعل منادى صحّ إن يضف ليا

كعبد عبدى عبد عبدا عبديا

شمل قوله منادى الصحيح والمعتل فأخرج المعتل بقوله صح فإنه فى النداء كحاله فى غير النداء وعلم أنّ يا فى قوله ليا ياء المتكلم إذ لا يضاف لياء المخاطبة وليس فى الضمائر ياء غيرهما وقد ذكر فى الاسم المضاف إلى ياء المتكلم خمس لغات الأولى يا عبد بحذف الياء والاستغناء بالكسر عنها وهى أفصحها الثانية يا عبدى بإثبات الياء الساكنة. الثالثة يا عبد بقلب الياء ألفا وحذفها والاستغناء عنها بالفتحة. الرابعة يا عبدا بقلب الياء ألفا وإثباتها. الخامسة يا عبدى بفتح الياء وهى الأصل ولم يذكرها فى النظم على الترتيب فى القوة والضعف بل على ما سمح به الوزن ، وأفصحها حذف الياء وإبقاء الكثرة ثم إثبات الياء ساكنة ومتحركة ثم قلبها ألفا ثم حذف الألف وإبقاء الفتحة وفيه لغة سادسة لم يذكرها الناظم لضعفها وهى بناؤه على الضم كقوله تعالى : وقل (رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ) فى قراءة. وفى قوله كعبد إلخ البيت فائدتان : إحداهما التنبيه على اللغات المذكورة والأخرى التنبيه على أن جواز اللغات المذكورة مشروط بأن تكون الإضافة للتخفيف وذلك مفهوم من المثال احترازا مما فيه الإضافة للتخفيف كاسم الفاعل وسائر ما إضافته للتخفيف فإنه لا يجوز فيه إلا وجهان إثبات الياء متحركة أو ساكنة ومنادى مفعول أول باجعل وصح فى موضع الصفة له والمفعول الثانى كعبد إلى آخر البيت وإن يضف شرط محذوف الجواب لدلالة ما تقدم عليه. ثم إن المنادى

__________________

ـ وخزانة الأدب ٨ / ٣١٧ ، ١٠ / ١٩١ ، ورصف المبانى ص ٢٤٥ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٥٤ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٢٢ ، وشرح المفصل ٢ / ١٠٥ ، ٣ / ٢١ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٤٥٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٢٢.

والشاهد فيه قوله : «يا تيم تيم عدى» حيث أقحم «تيم» الأول وما أضيف إليه ، فعامل الثانى فى منع التنوين معاملة الأول. ويجوز أن يضم «تيم» الأول على أنه منادى علم والثانى بدل منه

٢٤٤

إذا كان مضافا إلى مضاف إلى ياء المتكلم فإن حكم الياء فيه كحكمها فى غير النداء نحو يا ابن أخى ويا ابن صاحبى إلا إذا كان ابن أم وابن عم وإلى ذلك أشار بقوله :

وفتح او كسر وحذف اليا استمرّ

فى يا ابن أمّ يا ابن عمّ لا مفرّ

يعنى أن يا ابن أم ويا ابن عم يجوز فى كل واحد منهما الفتح والكسر فتقول يا ابن أمّ ويا ابن أمّ وقرئ بهما وكذلك ابن عم وذلك لكثرة استعمالهما وفهم من قوله استمر اطراد ذلك وعدم اطراد غيره وهو إثبات الياء نحو يا ابن أمى ومنه قوله :

١٦٥ ـ يا ابن أمى ويا شقيّق نفسى

وقلبها ألفا ، ومنه قوله :

١٦٦ ـ كن لى لا على يا ابن عمّا

وفهم من تمثيله يا بن أم وابن عم أن ذلك أيضا مطرد فى يا ابنة أم ويا ابنة عم إذ لا فرق ثم إن من المضاف إلى ياء المتكلم يا أبى ويا أمى وفيه لغتان زائدتان على اللغات المتقدمة ، وقد أشار إليهما بقوله :

وفى النّدا أبت أمّت عرض

واكسر أو افتح ومن اليا التّا عوض

فهم من قوله وفى الندا أن ذلك خاص بالنداء فلا يجوز قام أبت ولا جاءت أمت وفهم من تعيين اللفظين أن ذلك خاص بهما وفهم من قوله عرض أن ذلك غير لازم لهما فإنه عرض بعد اللغات المذكورة فى المضاف إلى ياء المتكلم. وفهم من تقديمه الكسر على الفتح أن الكسر أكثر وفهم من قوله : ومن اليا التا عوض أنه لا يجمع بينهما لما علم من أنه لا يجمع بين العوض والمعوض منه فلا تقول يا أبتى ولا يا أمتى ، وقد جاء الجميع فى ضرورة الشعر ، قال :

__________________

(١٦٥) عجزه :

أنت خلّفتنى لدهر شديد

والبيت من الخفيف ، وهو لأبى زبيد فى ديوانه ص ٤٨ ، والدرر ٥ / ٥٧ ، وشرح التصريح ٢ / ١٧٩ ، والكتاب ٢ / ٢١٣ ، ولسان العرب ١٠ / ١٨٢ (شقق) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٢٢ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٤٠ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٥٧ ، وشرح قطر الندى ص ٢٠٧ ، وشرح المفصل ٢ / ١٢ ، والمقتضب ٤ / ٢٥٠ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٤.

والشاهد فيه قوله : «يا ابن أمّى» حيث أثبت ياء المتكلم وهذا قليل ، فالعرب لا تكاد تثبتها إلا لضرورة.

(١٦٦) الرجز بلا نسبة فى المقاصد النحوية ٤ / ٢٥٠.

والشاهد فيه قوله : «يا ابن عمّا» حيث قلب الشاعر ياء الإضافة ألفا ، وهذا جائز.

٢٤٥

١٦٧ ـ أيا أبتى لا زلت فينا فإنما

لنا أمل فى العيش ما دمت آملا

وفى الندا متعلق بعرض وأبت وأمت مبتدأ وخبره عرض والتاء مبتدأ وخبره عوض ومن اليا متعلق بعوض.

أسماء لازمت النداء

هذه الأسماء التى ذكرت فى هذا الباب على ثلاثة أقسام : مسموع ، ومقيس ، وشائع غير مقيس وقد أشار إلى الأول بقوله :

وفل بعض ما يخصّ بالنّدا

لؤمان نومان كذا

فذكر ثلاثة ألفاظ الأول فل وهو كناية عن نكرة فإذا قلت يا فل فكأنك قلت يا رجل. الثانى لؤمان بلام مضمومة وهمزة ساكنة من اللؤم فإذا قلت يا لؤمان فمعناه يا عظيم اللآمة. الثالث نومان بفتح النون وواو ساكنة من النوم فإذا قلت يا نومان فمعناه يا كثير النوم. ثم أشار إلى الثانى بقوله : (واطّردا. فى سبّ الأنثى وزن يا خباث) يعنى أن بناء وزن فعال من كل فعل دال على السبّ مطرد فتقول يا خباث ويا فساق ويا لكاع ونحوه ومعنى الاطراد فى ذلك أنك لا تفتقر فيه إلى السماع من العرب بل كل فعل دال على السب يجوز أن يبنى منه هذا الوزن فى النداء. ثم قال :

(والأمر هكذا من الثّلاثى) يعنى بالأمر اسم الفعل وفعال مطرد فيه من كل فعل ثلاثى نحو نزال ودراك وضراب وإنما ذكر هذا الفصل هنا وإن لم يكن من الباب لاشتراكه مع فعال الذى للسب فى الاطراد. ثم أشار إلى الثالث بقوله : (وشاع فى سبّ الذكور فعل) يعنى أن فعل يجىء فى سب الذكور كما جاء فعال فى سب الأنثى إلا أن فعل غير مقيس وإليه أشار بقوله : (ولا تقس) فمن المسموع من ذلك يا خبث بمعنى يا خبيث ويا غدر بمعنى يا غادر ويا فسق بمعنى يا فاسق. واعلم أنه قد جاء جر فل المتقدم فى الشعر وإليه أشار بقوله : (وجرّ فى الشّعر فل) يعنى أن فل قد جاء فى الشعر مجرورا فى غير النداء كقوله:

__________________

(١٦٧) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة فى شرح التصريح ٢ / ١٧٨ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٥٨ ، والمقاصد النحوية ، ويروى «ما دمت عائشا» بدل «ما دمت آملا».

٢٤٦

 ١٦٨ ـ فى لجّة أمسك فلانا عن فل

وقوله وفل مبتدأ وخبره بعض وما موصولة وصلتها يخص وبالنداء متعلق بيخص ولؤمان نومان مبتدأ وكذا خبره وباقى الإعراب واضح.

الاستغاثة

هى نداء من يخلص من شدة أو يعين على دفع مشقة ، وتتضمن الاستغاثة المستغيث والمستغاث منه والمستغاث من أجله والمستغاث به. وذكر لها فى هذا الباب حالتين :الأولى أن يجر المستغاث بلام مفتوحة. والثانية أن يزاد فى آخره ألف تعاقب اللام وقد أشار إلى الأول بقوله : (إذا استغيث اسم منادى خفضا* باللّام مفتوحا) يعنى أن المنادى المستغاث تدخل عليه لام الجر مفتوحة فتجره وإنما دخلت عليه اللام دون سائر المناديات للتنصيص على الاستغاثة وكانت مفتوحة لتنزله منزلة الضمير واللام تفتح مع المضمر. ثم مثل بقوله : (كيا للمرتضى) وقد فهم من قوله إذا استغيث اسم أن استغاث متعد بنفسه فقول النحويين مستغاث به مخالف لوضعه العربى قال الله تعالى : (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ) [الأنفال : ٩] وفهم من قوله خفضا أنه معرب بالجر وفهم من المثال أنه يجوز أن يكون مقرونا بأل وإعراب البيت واضح. ثم قال :

وافتح مع المعطوف إن كرّرت يا

وفى سوى ذلك بالكسر ائتيا

يعنى أنك إذا عطفت على المستغاث بتكرير يا فتحت اللام نحو قوله :

١٦٩ ـ يا لقومى ويا لأمثال قومى

لأناس عتوّهم فى ازدياد

__________________

(١٦٨) الرجز لأبى النجم فى جمهرة اللغة ص ٤٠٧ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣٨٩ ، والدرر ٣ / ٣٧ ، وسمط اللآلى ص ٢٥٧ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٣٩ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨٠ ، وشرح المفصل ٥ / ١١٩ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٤٥٠ ، والصاحبى فى فقه اللغة ص ٢٢٩ ، والطرائف الأدبية ص ٦٦ ، والكتاب ٢ / ٢٤٨ ، ٣ / ٤٥٢ ، ولسان العرب ٢ / ٣٥٥ (لجج) ١٣ / ٣٢٤ ، ٣٢٥ (فلن) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٢٨ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٤٣ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٦٠ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٢٧ ، وشرح المفصل ١ / ٤٨ ، والمقتضب ٤ / ٢٣٨ ، والمقرب ١ / ١٨٢ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٧.

والشاهد فيه قوله : «عن فل» حيث استعمل فيه كلمة «فل» فى غير النداء ، فجرها بحرف الجر ، للضرورة وقيل : الأصل «فلان» وحذفت الألف والنون للضرورة.

(١٦٩) البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٤٦ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٦٢ ، وشرح التصريح ١٢ / ١٨١ ، وشرح قطر الندى ص ٢١٨ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٥٦.

والشاهد فيه قوله : «يا لقومى ويا لأمثال قومى» حيث جرّ المستغاث به فى الكلمتين بلام واجبة الفتح.

٢٤٧

وفى سوى التكرار ليا جىء باللام مكسورة كقوله :

١٧٠ ـ يبكيك ناء بعيد الدار مغترب

يا للكهول وللشبّان للعجب

ومفعول افتح محذوف تقديره وافتح اللام وفى سوى متعلق بائتيا والإشارة بذلك للتكرير أى وفى سوى التكرير. ثم قال : (ولام ما استغيث عاقبت ألف) يعنى أن لام الاستغاثة تعاقب الألف فلا يجمع بينهما وفهم منه أن اللام غير لازمة لكون الألف تعاقبها فتقول يا لزيد ويا زيدا ولا يجوز يا لزيدا. ثم قال : (ومثله اسم ذو تعجّب ألف) يعنى أن الاسم المتعجب منه مثل المستغاث فيما تقدم فيجوز أن تدخل عليه لام مفتوحة نحو يا للعجب وأن تزاد آخره ألف فتقول يا عجبا ، ومنه قوله :

١٧١ ـ يا عجبا لهذه الفليقه

هل تذهبى القوباء بالرويقه

وإنما ذكر هنا اسم التعجب وإن لم يكن من هذا الباب لاشتراكهما فى الحكم وعاقبت خبر وألف مفعول بعاقبت ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة ويجوز أن يكون ألف فاعلا بعاقبت وحذف الضمير العائد على المبتدأ والتقدير عاقبتها ألف والأول أظهر ومثله مبتدأ واسم خبره وذو تعجب نعت لاسم وألف جملة فى موضع الصفة للتعجب.

الندبة

هى نداء المتفجع عليه أو منه وهى من كلام النساء فى الغالب. قوله : (ما للمنادى اجعل لمندوب) يعنى أن حكم المندوب كحكم المنادى يضم إن كان مفردا وينصب إن كان مضافا أو شبيها به فتقول وا زيد ووا ضارب زيد ووا طالعا جبلا. وما مفعول مقدم باجعل وهى موصولة واقعة على أحكام المنادى السابقة وصلتها للمنادى ثم نبه على ما يمتنع فى الندبة

__________________

(١٧٠) البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٤٧ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٥٤ ، والدرر ٣ / ٤٢ ، ورصف المبانى ص ٢٢٠ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٦٢ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨١ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٠٣ ، وشرح قطر الندى ص ٢١٩ ، ولسان العرب ١٢ / ٥٦١ ، ٥٦٣ (لوم) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٥٧ ، والمقتضب ٤ / ٢٥٦ ، والمقرب ١ / ١٨٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١٨٠.

والشاهد فيه قوله : «وللشبّان» حيث كسرت لام المستغاث المعطوف لأنه لم تعد معه «يا».

(١٧١) الرجز لابن قنان فى لسان العرب ١ / ٦٩٢ ، ٦٩٣ (قوب) ، وبلا نسبة فى إصلاح المنطق ص ٣٤٤ ، وجمهرة اللغة ص ٩٦٥ ، ١٠٢٦ ، ١٢٣٣ ، والجنى الدانى ص ١٧٧ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨١ ، وشرح شواهد الشافية ص ٣٩٩ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٩١ ، وكتاب اللامات ص ٨٨ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٣٧٢ ، والمنصف ٣ / ٦١.

والشاهد فيه قوله : «يا عجبا لهذه» حيث جاءت اللام للتعجب والقوباء داء يعالج بالرّيق.

٢٤٨

بقوله : (وما* نكّر لم يندب ولا ما أبهما) يعنى أن كل واحد من النكرة والمبهم لا يجوز أن يندب لأن الغرض من الندبة الإعلام بعظمة المصاب وذلك غير موجود فيهما. وشمل قوله المبهم اسم الإشارة والموصول بصلة غير معين بها فلو كان الموصول به صلة مشهورة جاز أن يندب وإلى ذلك أشار بقوله : (ويندب الموصول بالذى اشتهر) يعنى أن الموصول إذا كانت صلته شهيرة يعرف بها جاز أن يندب وقد مثل ذلك بقوله : (كبئر زمزم يلى وا من حفر) فتقول وا من حفر بئر زمزم لتنزله فى الشهرة منزلة العلم والذى حفر بئر زمزم عبد المطلب بن هاشم. والموصول مفعول لم يسم فاعله بيندب وبالذى متعلق بالموصول لا بيندب وهو على حذف الموصول والتقدير ويندب الموصول بالوصل المشتهر وبئر منصوب على أنه مفعول مقدم بحفر ووا من مفعول بيلى ثم قال :

(ومنتهى المندوب صله بالألف)

منتهى المندوب هو آخره وشمل العلم نحو وا زيدا والمضاف نحو وا عبد الملكا وعجز المركب نحو وا معدى كربا وعلم أن وصله بالألف جائز لا واجب من قوله قبل ما للمنادى جعل لمندوب. ثم قال : (متلوّها إن كان مثلها حذف) يعنى أنه إذا كان آخر الاسم المندوب ألفا حذف إذ لا يمكن اجتماع ألفين وفهم منه أن المحذوفة الألف التى آخر المندوب لا ألف الندبة لأنها تدل على معنى وهى الدلالة على الندبة. ومنتهى مفعول بفعل محذوف يفسره صله ومتلوها مبتدأ وخبره حذف. ثم قال :

كذاك تنوين الّذى به كمل

من صلة أو غيرها نلت الأمل

يعنى أن التنوين الذى فى آخر المندوب يحذف إذا لحقت ألف الندبة إذ لا حظ له فى الحركة وقوله من صلة نحو وا من حفر بئر زمزما وقوله أو غيرها شامل لآخر المفرد نحو وا زيدا وآخر المضاف إليه نحو وا غلام زيدا والمطول نحو وا طالعا جبلا ثم إن حق ألف الندبة أن يكون قبلها فتحة للمجانسة فإذا كان آخر الاسم فتحة بقيت نحو وا غلام أحمدا وإن كانت كسرة أو ضمة أبدلت فتحة لمكان الألف فتقول فى نحو رقاش وا رقاشا وفى رجل اسمه قام الرجل وا قام الرجلا هذا إذا لم يوقع فتح المكسور أو المضموم فى اللبس ، وإلى هذا أشار بقوله :

٢٤٩

والشّكل حتما أوله مجانسا

إن يكن الفتح بوهم لابسا

المراد بالشكل الحركة يعنى أنه إذا كان فى آخر المندوب كسرة أو ضمة وكان فى إبدالهما فتحة لبس وجب إقرار الحركة وإبدال الألف بمجانس تلك الحركة فتقول فى نحو فتاه وا فتاهو وفى غلام أخيه وا غلام أخيهى إلا أنك لو أبدلتهما فقلت وا فتاها وا غلام أخيها لالتبس بهاء الواحدة وفهم من قوله حتما أن ذلك واجب. والشكل مفعول بفعل محذوف يفسره أوله ومجانسا مفعول ثان لأوله وهو صفة لموصوف محذوف تقديره أوله حرفا مجانسا ومعمول مجانسا محذوف تقديره مجانسا للحركة السابقة. ثم قال :

(وواقفا زد هاء سكت إن ترد)

يعنى أنك إذا وقفت على آخر المندوب فلك أن تزيد بعد الألف هاء السكت لبيان الألف فتقول وا زيداه وفهم من قوله واقفا أن ذلك لا يكون فى الوصل وفهم من قوله إن ترد أن ذلك جائز لا واجب وقد صرح بهذا المفهوم فقال : (وإن تشأ فالمدّ والها لا تزد) أى وإن تشأ فالمدّ كاف ولا تزد الهاء ، هذا ما حمله عليه الشارح والمرادى فلا يندرج فيه إلا صورتان اجتماع الألف والهاء والاستغناء بالألف عن الهاء نحو وا زيدا. وعندى أن ضبط المد بالفتح على أنه مفعول والهاء معطوف عليه وعطف الهاء عليه أحسن ليندرج تحته ثلاث صور : الأولى الجمع بينهما نحو وا زيداه وذلك مفهوم من قوله وواقفا زد هاء سكت. الثانية الاستغناء بالألف عن الهاء نحو وا زيدا وهو مفهوم من قوله إن ترد. الثالثة الاستغناء عنهما معا نحو وا زيد وهو مفهوم من قوله : وإن تشأ فالمد والها لا تزد ، أى لا تزد الألف والهاء وهذه الصور كلها جائزة فى الوقف وواقفا حال من فاعل زد المستتر وهاء سكت مفعول بزد وإن ترد شرط محذوف جوابه لدلالة ما تقدم عليه وإن تشأ شرط والفاء بعدها جواب الشرط والمد مبتدأ وخبره محذوف تقديره كاف على ما قاله الشارحان والهاء مفعول مقدم بتزد فالجواب على هذه جملة اسمية ، والها لا تزد ليس فى شىء من الجواب بل هو مستأنف ، وعلى ما ذكرناه فالجواب لا تزد والتقدير وإن تشأ فلا تزد المد والهاء. ثم قال :

وقائل وا عبديا وا عبدا

من فى النّدا اليا ذا سكون أبدى

تقدم أن فى المنادى المضاف إلى ياء المتكلم خمس لغات ومن جملتها يا عبدى بياء

٢٥٠

ساكنة فإذا ندبت على هذه اللغة ففيه وجهان أحدهما أن تفتح الياء الساكنة وتلحق ألف الندبة بعدها وهذا معنى قوله وا عبديا ، والآخر أن تحذف الياء لسكونها فتقول وا عبدا وهو معنى قوله وا عبدا وهذا كله على لغة من أثبت الياء ساكنة وهى معنى قوله : (من فى الندا اليا ذا سكون أبدى) وفهم منه أن باقى اللغات التى فى المنادى ليس فيه زيادة ولا نقص فيقال على لغة من قال يا عبد. الثالثة الاستغناء عنهما معا نحو وا زيد وهو مفهوم من قوله : وإن تشأ فالمد والها لا تزدا ليس إلا وفى لغة من قال يا عبدى وا عبديا وفى لغة من قال يا عبد وا عبدا. وقائل خبر مقدم ووا عبديا وا عبدا مفعول بقائل ومن مبتدأ وهى موصولة وصلتها أبدى واليا مفعول بأبدى وفى الندا متعلق بأبدى وذا سكون حال من الياء والتقدير من أبدى الياء ساكنة فى النداء قائل وا عبديا وا عبدا.

الترخيم

الترخيم فى اللغة ترقيق الصوت وتليينه. وفى الاصطلاح حذف بعض الكلمة على وجه مخصوص. قوله : (ترخيما احذف آخر المنادى) يعنى أن المنادى يجوز ترخيمه بحذف آخره ثم مثل ذلك بقوله : (كيا سعا فيمن دعا سعادا) فآخر المنادى مفعول باحذف وترخيما أجاز فى نصبه الشارح أن يكون مفعولا فيكون التقدير احذف لأجل الترخيم أو مصدرا فى موضع الحال فيكون التقدير احذف فى حال كونك مرخما أو ظرفا على حذف مضاف فيكون التقدير احذف وقت الترخيم وزاد المرادى وجها رابعا وهو أن يكون مفعولا مطلقا قال وناصبه احذف لأنه يلاقيه فى المعنى وفيه نظر لأن الحذف أعم من الترخيم فلا يلاقيه فى المعنى ويحتمل عندى وجها خامسا وهو أن يكون مفعولا مطلقا وعامله محذوف والتقدير رخم ترخيما وقوله كيا سعا فيمن دعا أى فى قول من دعا فهو على حذف مضاف والمراد بدعا نادى ثم شرع فى بيان ما يجوز ترخيمه فقال : (وجوّزنه مطلقا فى كلّ ما* أنّث بالها) يعنى أنه يجوز ترخيم المنادى إذا كان مؤنثا بالتاء مطلقا أى من غير شرط من الشروط المذكورة فى غير التاء فيرخم علما نحو :

١٧٢ ـ أفاطم مهلا بعض هذا التدلّل

__________________

(١٧٢) عجزه :

وإن كنت قد أزمعت صرمى فأجملى

٢٥١

ونكرة نحو :

١٧٣ ـ جارى لا تستنكرى عذيرى

وثلاثيا نحو يا خول فى خولة وثنائيا نحو يا ثب فى ثبة. ثم بين حكم ما قبل التاء المحذوفة للترخيم فقال : (والّذى قد رخّما. بحذفها وفّره بعد) يعنى أنك إذا حذفت الهاء للترخيم وفر ما بقى بعد حذفها من الاسم المرخم أى لا تحذف منه شيئا ولا تغيره والذى مفعول بفعل مضمر يفسره وفره وبحذفها متعلق برخم وبعد متعلق بوفره. ولما فرغ من ترخيم ذى الهاء شرع فى ترخيم المجرد منها : (واحظلا* ترخيم ما من هذه الها قد خلا) يعنى أن ما خلا من الهاء لا يجوز ترخيمه إلا بأربعة شروط :

أشار إلى الأول منها بقوله : (إلّا الرّباعىّ فما فوق) فشمل الرباعى الأصول كجعفر والثلاثى المزيد كيعمر وشمل قوله فما فوق الخماسى الأصول كفرزدق والمزيد كسموأل والسداسى والسباعى ولا يكونان إلا مزيدين نحو مستخرج واشهيباب وفهم منه أن الثلاثى لا يرخم وهو شامل للمحرك الوسط نحو عمر والساكن الوسط نحو عمرو.

ثم أشار إلى الشرط الثانى بقوله : (العلم) يعنى أن المنادى لا يرخم إلا إذا كان علما وشمل علمية الشخص نحو جعفر وعلمية الجنس نحو أسامة وفهم منه أن النكرة لا ترخم.

ثم أشار إلى الشرط الثالث بقوله : (دون إضافة) فلا يرخم المضاف ولو كان علما وشمل الكنية كأبى بكر وغيرها كعبد شمس.

ثم أشار إلى الشرط الرابع بقوله : (وإسناد متمّ) يعنى أن المركب تركيب إسناد لا يجوز ترخيمه نحو برق نحره وفهم منه أن المركب تركيب مزج لا يمتنع ترخيمه لتخصيصه المنع بذى الإسناد فتقول فى معديكرب يا معدى وقوله وا حظلا فعل أمر من حظل يحظل بالظاء

__________________

ـ والبيت من الطويل ، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ص ١٢ ، والجنى الدانى ص ٣٥ ، وخزانة الأدب ١١ / ٢٢٢ ، والدرر ٣ / ١٦ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٢٠ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٨٩ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٦٧ ، ورصف المبانى ص ٥٢ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٦٧ ، ومغنى اللبيب ١ / ١٣ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٢.

والشاهد فيه قوله : «أفاطم» يريد : أفاطمة ، فرخّمه ، وهذا الترخيم كثير.

(١٧٣) الرجز للعجاج فى ديوانه ١ / ٣٣٢ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٢٥ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٦١ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٣٥٥ ، وشرح المفصل ٢ / ١٦ ، ٢٠ ، والكتاب ٢ / ٢٣١ ، ٢٤١ ، ولسان العرب ٤ / ٥٤٨ (عذر) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٧٧ ، والمقتضب ٤ / ٢٦٠ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٥٨ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٦٨ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٩٦.

والشاهد فيه حذف حرف النداء ضرورة من «جارى» وهو اسم نكرة قبل النداء لا يتعرّف إلا بحرف النداء ، وإنما يطّرد حذفه فى المعارف والأصل : يا جارية ، فرخم المنادى.

٢٥٢

المعجمة بمعنى امنع وألفه بدل من النون الخفيفة وترخيم مفعول باحظلا وما موصولة وصلتها خلا ومن متعلق بخلا وإلا استثناء والرباعى منصوب على الاستثناء وما معطوفة بالفاء على الرباعى وهى موصولة وصلتها فوق وهو مقطوع عن الإضافة وتقدير المضاف إليه فما فوقه أى فوق الرباعى والعلم عطف بيان على الرباعى ودون إضافة متعلق بمحذوف على أنه حال من متم وإسناد معطوف على إضافة ومتم نعت لإسناد وهو اسم مفعول من أتممت.

ثم قال : (ومع الآخر احذف الذى تلا) يعنى أنك إذا رخمت المنادى بحذف آخره فاحذف أيضا الحرف الذى قبل الآخر لكن بأربعة شروط :

أشار إلى الأول منها بقوله : (إن زيد) أى إذا كان زائدا فلو كان غير زائد لم يحذف نحو مختار ومنقاد لأن الألف فيهما منقلبة عن عين الكلمة فتقول يا مختا ويا منقا.

ثم أشار إلى الثانى بقوله : (لينا) أى ذا لين وشمل حرف اللين الألف نحو شملال والواو نحو منصور والياء نحو قنديل فلو كان حرف صحة لم يحذف وشمل المتحرك نحو سفرجل والساكن نحو قمطر فتقول فيهما يا سفرج ويا قمط.

ثم أشار إلى الثالث بقوله : (ساكنا) يعنى أن يكون حرف اللين ساكنا فلو كان متحركا لم يحذف نحو هبيخ وقنور فيهما يا هبى ويا قنو بغير حذف.

ثم أشار إلى الرابع بقوله : (مكمّلا. أربعة فصاعدا) يعنى أن يكون حرف اللين المذكور رابعا فما فوق فشمل الرابع نحو منصور والخامس كمصابيح مسمى به والسادس نحو استخراج مسمى به أيضا وفهم منه أنه لو كان ثالثا لم يحذف نحو عماد وسعيد وثمود فلو كان ما قبل حرف اللين غير مجانس له ففى حذفه خلاف أشار إليه بقوله :

(والخلف فى* واو وياء بهما فتح قفى) يعنى أن حرف اللين إذا كان قبله حركة غير مجانسة له نحو فرعون وغرنيق ففى حذفهما مع الآخر خلاف فمن حذف قال يا فرع ويا غرن ، ومن لم يحذف قال يا فرعو ويا غرنى وقوله مع الآخر متعلق باحذف وصلة الذى تلا والضمير العائد من الصلة إلى الموصول محذوف وفى تلا فاعل مضمر عائد على الآخر والذى صفة لمحذوف والتقدير احذف مع الآخر الحرف الذى تلاه الآخر وقوله إن زيد شرط محذوف الجواب لدلالة ما تقدم عليه ولينا حال من الضمير فى زيد وهو مخفف من لين وساكنا نعت للينا ومكملا نعت بعد نعت وأربعة مفعول لمكملا وصاعدا معطوف على أربعة وإعراب ما بقى واضح. ثم قال : (والعجز احذف من مركّب) يعنى أن المركب تركيب مزج يحذف عجزه وشمل ما آخره ويه نحو سيبويه وما ليس آخره ويه نحو بعلبك وما سمى به من العدد المركب

٢٥٣

نحو خمسة عشر فتقول يا سيب ويا بعل ويا خمسة. وأما المركب تركيب إسناد فإليه أشار بقوله : (وقلّ* ترخيم جملة) قد تقدم فى شروط الترخيم أن لا يكون جملة فى قوله وإسناد متم وذلك موافق لما عليه أكثر النحويين وقد منعه سيبويه فى باب الترخيم وذكر هنا أن ترخيمه جائز بقلة. ثم أشار بقوله : (وذا عمرو نقل) أى إن ترخيمه نقله عمرو يعنى به سيبويه وهو عمرو بن عثمان بن قنبر الفارسى ، وكنيته أبو بشر ولم يذكر الناظم سيبويه فى هذا الرجز إلا فى هذا الموضع ولم يذكره بلقبه المشهور وهو سيبويه وإنما نقله سيبويه فى باب النسب قال تقول فى النسب إلى تأبط شرا تأبطى لأن من العرب من يقول يا تأبط وكأنه إنما منعه فى الترخيم لكونه لم يعتمد على هذه اللغة لقلتها. ثم اعلم أن فى الترخيم لغتين وقد أشار إلى إحداهما فقال :

وإن نويت بعد حذف ما حذف

فالباقى استعمل بما فيه ألف

يعنى أنك إذا نويت المحذوف للترخيم فاترك الحرف الذى قبله على حاله قبل الحذف واستعمله كما كان قبل الحذف وتسمى هذه اللغة لغة من نوى ولغة من ينتظر وشمل قوله بعد حذف ما حذف منه حرف نحو يا جعف فى جعفر وما حذف منه حرفان نحو يا مرو فى مروان وما حذف منه كلمة نحو يا بعل فى بعلبك وشمل الباقى ما كان ساكنا نحو يا قمط فى قمطر ومضموما نحو يا منص فى يا منصور ومكسورا نحو يا حار فى حارث. ثم أشار إلى اللغة الثانية فقال :

واجعله إن لم تنو محذوفا كما

لو كان بالآخر وضعا تمّما

أى اجعل الحرف الذى قبل المحذوف إذا لم ينو المحذوف كما لو كان آخر الكلمة فيتعين بناؤه على الضم فتقول فى قمطر يا قمط وفى جعفر يا جعف وفى حارث يا حار وهذه اللغة تسمى لغة من لم ينو والضمير فى واجعله عائد على الحرف الذى قبل المحذوف وكما فى موضع المفعول الثانى لا جعله والظاهر أن ما فى قوله كما زائدة ولو مصدرية والتقدير ككون الآخر متمما وضعا وقد تقدم نظيره فى باب الاستثناء فى قوله كما لو إلا عدما. ثم أشار إلى ما يظهر به الفرق بين اللغتين ، فقال :

فقل على الأوّل فى ثمود يا

ثمو ويا ثمى على الثّانى بيا

٢٥٤

يعنى بالأول لغة من نوى فتقول على اللغة الأولى فى ترخيم ثمود يا ثمو لأن الواو فى حشو الكلمة لنية المحذوف وتقول على لغة من لم ينو يا ثمى بالياء لعدم النظير إذ ليس فى كلام العرب اسم متمكن آخره واو قبلها ضمة فتقلب الواو ياء والضمة كسرة كما فعلوا فى أدل جمع دلو وأصله أدلو فقلبوا الواو ياء والضمة كسرة. ثم أشار إلى مثالين مبنيين على اللغتين فقال :

والتزم الأوّل فى كمسلمه

وجوّز الوجهين فى كمسلمه

الأول هى لغة من نوى فإذا رخمت مسلمة ونحوه من صفة المؤنث بالتاء الفارقة بين المذكر والمؤنث قلت يا مسلم بفتح الميم الأخيرة على لغة من نوى ولا يجوز أن ترخمه على لغة من لم ينو فتقول يا مسلم لئلا يلتبس بالمذكر وأما نحو مسلمة بفتح الميم الأولى مما ليست فيه التاء فارقة فيجوز فيه الوجهان فتقول يا مسلم بفتح الميم ويا مسلم بضمها والأول صفة لمحذوف والتقدير والتزم الوجه الأول. ثم قال :

ولاضطرار رخّموا دون ندا

ما للنّدا يصلح نحو أحمدا

يعنى أنه يجوز الترخيم فى غير النداء إذا كان للضرورة وفهم منه أنه لا يكون فى الاختيار. وقوله ما للندا يصلح يعنى أنه لا يرخم فى غير النداء إلا ما كان صالحا للنداء أى لمباشرة حرف النداء نحو أحمد فلو كان الاسم مما لا يصلح لمباشرة حرف النداء لم يرخم لا فى الضرورة ولا فى غيرها نحو الرجل وفهم من إطلاقه أنه يرخم على اللغتين السابقتين أما ترخيمه على لغة من لم ينو فمجمع عليه وأما على لغة من نوى فمختلف فيه.

الاختصاص

إنما ذكر هذا الباب بعد أبواب النداء لشبهه به فى اللفظ وإلى ذلك أشار بقوله :

(الاختصاص كنداء دون يا) يعنى أن الاختصاص شبيه بالنداء وفهم منه أنه ليس منادى وفهم من قوله دون يا أنه لا يصحب حرف النداء ثم مثل فقال : (كأيّها الفتى بإثر ارجونيا) وفهم من المثال أن أيا لا توصف باسم الإشارة ولا بالموصول كما فى النداء وفهم من قوله بإثر ارجونيا أنه لا بد أن يتقدمها كلام وأن الكلام الذى يتقدمها لا بد أن يكون فيه ضمير المتكلم فهم ذلك

٢٥٥

من قوله بإثر ارجونيا ثم إن الاختصاص يكون فيه الاسم مقرونا بأل أو مضافا ، وقد أشار إلى الأول بقوله :

وقد يرى ذا دون أى تلو أل

كمثل نحن العرب أسخى من بذل

يعنى أن الاختصاص يكون بالاسم المقرون بأل وليس معه أى وفهم من المثال أنه لا بد أن يتقدمه ضمير متكلم مرفوعا بالابتداء كقولهم : نحن العرب أقرى الناس للضيف ، ولم ينبه على القسم الثالث وهو المضاف كقوله عليه الصلاة والسّلام : «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» ومع هذا فقد أجحف الناظم بهذا الباب إذ لم يصرح بما يتعلق به من المعنى والإعراب.

وحاصله أن المختص على قسمين قسم مبنى على الضم وهو أيها الفتى ونحوه وبنى لشبهه بالمنادى لفظا وموضعه نصب بفعل واجب الحذف فإذا قلت أنا أفعل كذا أيها الرجل فتقدير عامله أخص بذلك أيها الرجل والمراد بأيها المتكلم نفسه وقسم معرب نصبا وهو المضاف وذو الألف واللام نحو : نحن العرب أقرى الناس للضيف فنحن مبتدأ وخبره أقرى الناس والعرب منصوب بفعل واجب الحذف تقديره أخص وكذلك المضاف نحو قوله عليه الصلاة والسّلام : «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» فنحن مبتدأ وخبره لا نورث ومعاشر الأنبياء مفعول بفعل واجب الحذف وفى قوله الاختصاص كنداء إشعار بأنه منصوب بفعل واجب الإضمار كالمنادى لشبهه به.

التحذير والإغراء

التحذير : تنبيه المخاطب على مكروه يجب الاحتراز منه. والإغراء : إلزام المخاطب العكوف على ما يحمد عليه ، وإنما ذكرهما بعد الاختصاص لشبههما به فى أنهما منصوبان بفعل لا يظهر ؛ ثم إن التحذير يكون بثلاثة أشياء : الأول إياك وأخواته. الثانى ما ناب عنه من الأسماء المضافة إلى ضمير المخاطب. الثالث ذكر المحذر منه ، وقد أشار إلى الأول فقال:

إيّاك والشّرّ ونحوه نصب

محذّر بما استتاره وجب

٢٥٦

يعنى أن قولك إياك والشر ونحوه من الضمائر المنصوبة المنفصلة إذا عطف عليه نصب بفعل يجب استتاره نحو إياكما والأسد وإياكم والمخالفة. وفهم منه أن التحذير إذا كان بالضمير لا يكون إلا مخاطبا ولا يكون بضمير الغائب إلا فى الشذوذ على ما سيأتى. وفهم منه أن العامل المقدر يقدر بعد الضمير لما يلزم من تقديره قبله اتصاله به فيلزم تعدى فعل الضمير المتصل إلى ضميره المنفصل وهو ممتنع فى غير باب ظن وأخواتها فإياك والشر ونحوه مفعول بنصب ومحذر فاعل بنصب وبما متعلق بنصب وما موصولة واستتاره مبتدأ ووجب خبره والجملة صلة ما وهى واقعة على الفعل الناصب الواجب الإضمار. ثم اعلم أن إياك وأخواته تستعمل فى التحذير معطوفا عليها كما تقدم ، ودون عطف ، وإلى ذلك أشار بقوله:

(ودون عطف ذا لإيا انسب) الإشارة بذا للنصب بإضمار فعل لا يظهر يعنى أن إياك وأخواتها غير معطوف عليها تنصب بفعل واجب الحذف نحو : إياك من الشر. وذا مفعول بانسب ودون ولإيا متعلقان بانسب. ثم أشار إلى الثانى والثالث بقوله :

(وما* سواه ستر فعله لن يلزما) فشمل قوله وما سواه النوعين أعنى ما ناب عن إيا من الأسماء المضافة لضمير المخاطب والمحذر منه وقوله ستر فعله لن يلزما يعنى أنهما منصوبان بفعل مضمر ويجوز إظهاره فتقول رأسك فيكون منصوبا بفعل محذوف ولك إظهاره فتقول نحّ رأسك ونحوه وتقول فى المحذر منه الأسد ولك إظهار العامل فتقول احذر الأسد وقد استثنى من ذلك نوعين أشار إليهما بقوله : (إلّا مع العطف أو التّكرار) فالعطف نحو رأسك والحائط والتكرار نحو الأسد الأسد وقد مثله بقوله : (كالضيغم الضيغم يا ذا السّارى) والضيغم الأسد والسارى اسم فاعل من سرى إذا مشى ليلا وهو مظنة الخوف من الضيغم وإنما وجب حذف العامل مع إيا لكثرة الاستعمال وأما مع العطف والتكرار فقد جعل كالبدل من اللفظ بالفعل وما مبتدأ وصلته سواه وستر فعله مبتدأ ثان وخبره لن يلزما والجملة خبر الأول وستر بفتح السين مصدر ستر والستر بكسرها هو الشىء الذى يستر به والمراد هنا الأول وقوله إلا إيجاب لنفى لن ومع متعلق بيلزم وذا فى قوله يا ذا السارى منادى والسارى صفته.

ثم قال : (وشذّ إيّاى وإياه أشذّ) قد تقدم أن إياك فى التحذير تكون للمخاطب غالبا وقد شذ ذلك للمتكلم كقول بعضهم إياى وأن يحذف أحدكم الأرنب وأشذّ منه أن يكون للغائب كقول بعضهم : إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشوابّ. ثم قال :

٢٥٧

(وعن سبيل القصد من قاس انتبذ) وفهم منه أن بعضهم قاس ذلك فى المتكلم والغائب إلا أنه جعل قياسه منتبذا أى مطروحا وإياى فاعل وشذ وإياه مبتدأ وخبره أشذ وحذف من مع أشذ والتقدير وإياه أشذ من إياى ومن قاس مبتدأ وخبره انتبذ وعن سبيل متعلق بانتبذ. ولما فرغ من التحذير انتقل إلى الإغراء فقال :

وكمحذّر بلا إيّا اجعلا

مغرى به فى كلّ ما قد فصّلا

قد تقدم حدّ الإغراء يعنى أن المغرى حكمه حكم المحذر فى جميع ما تقدم فينصب بفعل واجب الإضمار إن كان مكررا كقوله :

١٧٤ ـ أخاك أخاك إن من لا أخا له

كساع إلى الهيجا بغير سلاح

أو معطوفا عليه كقولك : الأهل والولد ، وبفعل جائز الإضمار فى غير العطف والتكرار نحو أخاك فيجوز الزم أخاك وقد فهم من كلامه هنا ومن الترجمة ومن البيت الأول أن الباب يشتمل على التحذير وهو مصدر حذر وهو مصرح به فى الترجمة والمحذّر منه وهو مفهوم من قوله : والشر والمحذر وهو مصرح به فى قوله محذر ، والمحذر به وهو اللفظ المدلول به على التحذير وهو مفهوم من قوله بما استتاره وجب. وألف اجعلا بدل من نون التوكيد الخفيفة ومغرى مفعول أول لا جعلا وكمحذر فى موضع المفعول الثانى وبلا متعلق باجعلا.

أسماء الأفعال والأصوات

إنما ذكر أسماء الأفعال بعد التحذير والإغراء لأن بعض أسماء الأفعال مغرى به نحو : عليك ودونك وفهم من قوله أسماء الأفعال أنها أسماء وهو مذهب البصريين قوله :

__________________

(١٧٤) البيت من الطويل ، وهو لمسكين الدارمى فى ديوانه ص ٢٩ ، والأغانى ٢٠ / ١٧١ ، ١٧٣ ، وخزانة الأدب ٣ / ٦٥ ، ٦٧ ، والدرر ٣ / ١١ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٢٧ ، وشرح التصريح ٢ / ١٩٥ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٠٥ ، ولمسكين أو لابن هرمة فى فصل المقال ص ٢٦٩ ، ولقيس بن عاصم فى حماسة البحترى ص ٢٤٥ ، ولقيس بن عاصم أو لمسكين الدارمى فى الحماسة البصرية ٢ / ٦٠ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٧٩ ، وتخليص الشواهد ص ٦٢ ، والخصائص ٢ / ٤٨٠ ، والدرر ٦ / ٤٤ ، وشرح شذور الذهب ص ٢٨٨ ، وشرح قطر الندى ص ١٣٤ ، والكتاب ١ / ٢٥٦.

والشاهد فيه وجوب الإضمار إذ كرّر المغرى به ، ف «أخاك» يلزم نصبه بتقدير : الزم أخاك ، و «أخاك» الثانى : توكيد.

٢٥٨

ما ناب عن فعل كشتّان وصه

هو اسم فعل وكذا أوّه ومه

شمل قوله ما ناب عن فعل اسم الفعل واسم الفاعل والمصدر النائب عن الفعل وخرج بالمثال اسم الفاعل والمصدر لأن معناه كشتان فى كونه غير معمول ولا فضلة فهو تتميم للحدّ وقد احتوى البيت على أربعة أسماء : الأول شتان وهو بمعنى بعد ، وصه وهو بمعنى اسكت ، وأوّه وهو بمعنى أتوجع ، ومه وهو بمعنى اكفف ، وما مبتدأ وهو موصول وصلته ناب وعن متعلق بناب وهو مبتدأ ثان وخبره اسم فعل والجملة خبر الأول ثم إن اسم الفعل يكون بمعنى الأمر وبمعنى المضارع وبمعنى الماضى وقد أشار إلى الأول بقوله : (وما بمعنى افعل كآمين كثر) يعنى أن ورود اسم الفعل فى كلام العرب بمعنى الأمر كثير وكفى بكثرته أن منه نوعا مقيسا وهو فعال من الثلاثى كنزال وليس من الثانى والثالث مقيس ومثل بآمين وهو بمعنى استجب ثم أشار إلى الثانى والثالث بقوله : (وغيره كوى وهيهات نزر) يعنى أن غير اسم الفعل بمعنى نزر أى قل وشمل قوله غيره ما بمعنى المضارع وقد مثله بقوله كوى ومعناه أتعجب ، وما بمعنى الماضى وقد مثله بقوله هيهات ومعناه بعد. ثم اعلم أن من أسماء الأفعال ما هو فى الأصل جار ومجرور وظرف ، وقد أشار إليهما بقوله :

والفعل من أسمائه عليكا

وهكذا دونك مع إليكا

فأتى بثلاثة أمثلة اثنان من الجار والمجرور وواحد من الظرف فعليك بمعنى الزم وهو متعد بنفسه كقوله تعالى : (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) [المائدة : ١٠٥] وبالباء نحو عليك بزيد ودونك بمعنى خذ كقولك دونك زيدا أى خذ زيدا وإليك بمعنى تنح ويتعدى بعن نحو إليك عنى أى تنح عنى وهذا النوع مسموع والمسموع منه أحد عشر لفظا الثلاثة المذكورة وكذلك كما أنت وعندك ولديك ووراءك وأمامك ومكانك وبعدك. والفعل مبتدأ ومن أسمائه عليك مبتدأ وخبره فى موضع خبر الأول ودونك مبتدأ وخبره هكذا وها للتنبيه. ثم قال :

(كذا رويد بله ناصبين)

يعنى أن رويد وبله من أسماء الأفعال بشرط كونهما ناصبين كقولك رويد زيدا وبله عمرا فلو خفضا ما بعدهما كانا مصدرين وإلى ذلك أشار بقوله : (ويعملان الخفض مصدرين) نحو رويد زيد وبله عمرو ومعنى رويد إذا كان اسم فعل أمهل وإذا كان مصدرا إمهالا ومعنى بله إذا

٢٥٩

كان اسم فعل دع وإذا كان مصدرا تركا ، وفهم منه أن الفتحة فى رويد وبله فتحة بناء لأن أسماء الأفعال كلها مبنية وإذا كانا مصدرين ففتحتهما فتحة إعراب لأن المصادر معربة ، وفهم من قوله مصدرين أنه يجوز فيهما التنوين ونصب ما بعدهما بهما وهو الأصل فى المصدر المضاف ورويد وبله مبتدآن والخبر فى كذا وناصبين حال من الضمير المستتر فى المجرور الواقع خبرا ومصدرين حال من فاعل يعملان والضمير فى يعملان عائد على رويد وبله فى اللفظ لا فى المعنى فإن رويد وبله إذا كانا اسمى فعل غير اللذين يكونان مصدرين فى المعنى ثم قال : (وما لما تنوب عنه من عمل* لها) يعنى أن أسماء الأفعال تعمل عمل الأفعال التى بمعناها فترفع الفاعل إن كانت لازمة نحو هيهات زيد ويكون فاعلها واجب الإضمار إذا كان أمرا نحو نزال وتتعدى بحرف الجر إن كان فعلها كذلك نحو عليك بزيد وتنصب المفعول إن كان متعديا نحو نزال زيدا ثم قال : (وأخّر ما الذى فيه العمل) يعنى أنها فارقت الأفعال فى كونها لا يتقدم عليها منصوبها كما يتقدم فى الفعل فلا يقال فى نزال زيدا ؛ زيدا نزال. وما مبتدأ وهو موصول وصلته لما وما المجرورة باللام موصولة أيضا وصلتها تنوب وعنه متعلق بتنوب وكذلك من عمل ولها خبر ما الأولى والعائد على ما الأولى ضمير مستتر فى الاستقرار الذى ناب عنه المجرور والضمير العائد على ما الثانية الهاء فى عنه والتقدير والعمل الذى استقر للأفعال التى نابت أسماء الأفعال عنها مستقر لها أى لأسماء الأفعال ، والظاهر أن «ما» فى قوله ما الذى فيه العمل زائدة ولا يجوز أن تكون موصولة لأن الذى بعدها موصولة ولو قال وأخر الذى فيه العمل لكان أجود لسقوط الاعتذار عن ما وليس فى قوله عمل إيطاء مع قوله عمل لأن أحدهما نكرة والآخر معرفة. ثم قال :

واحكم بتنكير الّذى ينوّن

منها وتعريف سواه بيّن

يعنى أن ما نوّن من أسماء الأفعال نكرة وما لم ينون منها معرفة فتقول صه ومه فيكونان معرفتين وصه ومه فيكونان نكرتين ومن أسماء الأفعال ما يلزم التعريف كنزال فإنه لم يسمع فيه تنوين وما يلزم التنكير كواها وهذا التنوين الذى يسميه النحويون تنوين التنكير وقد تقدم.

ولما فرغ من أسماء الأفعال شرع فى بيان أسماء الأصوات ، وهى نوعان أحدهما ما خوطب به ما لا يعقل إما لزجره كعدس للبغل وإما لدعائه كأو للفرس ، والآخر ما وضع لحكاية صوت حيوان كغاق فى صوت الغراب أو غير حيوان نحو قب لوقع السيف وقد أشار إلى النوعين السابقين فقال :

٢٦٠