شرح المكودي

أبي زيد عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي

شرح المكودي

المؤلف:

أبي زيد عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي


المحقق: الدكتور عبد الحميد الهنداوي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: المكتبة العصريّة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٠٥

النكرة والمعرفة

النكرة هى الأصل والمعرفة فرع عنها ولذلك ابتدأ بالنكرة فقال :

نكرة قابل أل مؤثّرا

أو واقع موقع ما قد ذكرا

يعنى أن النكرة هى ما تقبل أل وهى الألف واللام وقوله مؤثرا أى مؤثرة التعريف واحترز بذلك من أل التى لا تؤثر التعريف كالألف واللام الزائدة كاللاتى والتى للمح الصفة كالحرث فإن كلا منهما لم يؤثر فيما دخل عليه تعريفا. وقوله : (أو واقع موقع ما قد ذكرا) يعنى أن من النكرات ما لا يقبل أل كذى بمعنى صاحب وما الموصوفة فهما نكرتان لا يقبلان أل لكنهما فى معنى ما يقبلها فذو بمعنى صاحب وما بمعنى شىء وكلاهما يقبل أل ثم قال :

وغيره معرفة كهم وذى

وهند وابنى والغلام والّذى

يعنى أن غير النكرة معرفة فالمعرفة هو ما لا يقبل أل ولا واقع موقع ما يقبلها وذكر من المعارف ستة الضمير كهم واسم الإشارة كذى والعلم كهند والمضاف إلى المعرفة كابنى والمعرف بأل كالغلام والموصول كالذى ، ولم يذكر المقصود فى النداء نحو يا رجل وهو من المعارف لأنه داخل كما قيل فى المعرف بأل أو فى اسم الإشارة ولم يرتبها فى المثل ورتبها فى الفصول. ثم شرع فى أول المعارف وأعرفها وهو الضمير فقال :

فما لذى غيبة أو حضور

كأنت وهو سمّ بالضّمير

يعنى أن ما دل على غيبة نحو هو أو حضور نحو أنت وأنا يسمى ضميرا ودخل فى قوله أو حضور اسم الإشارة لأنه حاضر لكنه أخرجه بالمثال ولما كان الضمير متصلا ومنفصلا أشار إلى المتصل منه بقوله :

وذو اتّصال منه ما لا يبتدا

ولا يلى إلّا اختيارا أبدا

كالياء والكاف من ابنى أكرمك

والياء والها من سليه ما ملك

يعنى أن الضمير المتصل هو ما لا يصح الابتداء به أى وقوعه فى أول الكلام ولا يلى إلا فى الاختيار وفهم منه أنه يلى إلا فى غير الاختيار كقول الشاعر :

٥ ـ وما نبالى إذا ما كنت جارتنا

أن لا يجاورنا إلاك ديّار

__________________

(٥) البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ١٢٩ ، وأمالى ابن الحاجب ص ٣٨٥ ، وأوضح المسالك ـ ـ

٢١

وقوله كالياء البيت أتى بهذه المثل محتوية على أربعة ألفاظ من الضمائر المتصلة وهى ياء المتكلم من ابنى وهى مجرورة بالإضافة وكاف الخطاب من أكرمك وهو منصوب بأكرم وياء المخاطبة وهاء الغائب من سليه والياء من سليه مرفوعة بسل والهاء منصوبة به ، ثم قال:

وكلّ مضمر له البنا يجب

ولفظ ما جرّ كلفظ ما نصب

يعنى أن الضمائر كلها مبنية وقوله ولفظ ما جر كلفظ ما نصب يعنى أن كل ضمير نصب صالح للجر وأن كل ضمير جر صالح للنصب ففهم منه أن الياء من ابنى تصلح للنصب لأنها مجرورة وأن الكاف من أكرمك تصلح للجر لأنها منصوبة وأن الهاء من سليه تصلح للجر لأنها منصوبة وأن الياء من سليه لا تصلح لا للجر ولا للنصب بل تختص بالرفع ، ثم قال :

للرّفع والنّصب وجرّ ناصلح

كاعرف بنا فإنّنا نلنا المنح

هذا هو اللفظ الخامس من ألفاظ الضمائر المتصلة وهو نا الدال على المتكلم ومعه غيره أو المتكلم المعظم نفسه وهو صالح للإعراب كله رفعه ونصبه وجره وقد مثل به مجرورا فى قوله كاعرف بنا ومنصوبا فى قوله فإننا ومرفوعا فى قوله نلنا المنح جمع منحة وهى العطية وفهم منه أن الياء من سليه مرفوعة وما لم يذكر من الضمائر المتصلة خاص بالرفع لأنه لما ذكر ما يشترك فيه الجر والنصب وهو ياء المتكلم والكاف والهاء وما يستعمل فى الإعراب كله وهو نا علم أن ما عدا القسمين خاص بالرفع وهو ياء المخاطبة وتاء الضمير متكلما كان أو مخاطبا وواو الضمير وألف الاثنين ونون الإناث فمجموع الضمائر المتصلة تسعة ألفاظ ، ثم قال :

وألف والواو والنون لما

غاب وغيره كقاما واعلما

يعنى أن ألف الاثنين وواو الجمع ونون الإناث للغائب والمخاطب فمثالها للغائب الزيدان قاما والزيدون قاموا والهندات قمن ومثالها للمخاطب قوما وقوموا وقمن إلا أن قوله وغيره شامل للمتكلم والمخاطب ولا تكون هذه الضمائر للمتكلم لكن تمثيله بقاما وهو للغائب واعلما وهو للمخاطب يرشد إلى مراده ولو قال عوض وغيره وخوطب لكان أنص وقوله وألف مبتدأ والواو والنون معطوفان عليه وسوغ الابتداء بالألف عطف المعرفة عليه ولما

__________________

ـ ١/ ٨٣ ، وتخليص الشواهد ص ١٠٠ ، وخزانة الأدب ٥ / ٢٧٨ ، ٢٧٩ ، ٣٢٥ ، والخصائص ١ / ٣٠٧ ، ٢ / ١٩٥ ، والدرر ١ / ١٧٦ ، وشرح الأشموني ١ / ٤٨ ، وشرح شواهد المغنى ص ٨٤٤ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٢ ، وشرح المفصل ٣ / ١٠١ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٤٤١ ، والمقاصد النحوية ١ / ٢٥٣ ، وهمع الهوامع ٥٧/١.

٢٢

غاب خبر المبتدأ وقد ذكر الضمائر المتصلة كلها إلا التاء وإنما استغنى عنها لتقدم ذكرها فى قوله : بتا فعلت ، ثم قال :

ومن ضمير الرّفع ما يستتر

كافعل أوافق نغتبط إذ تشكر

يعنى أن من ضمائر الرفع ما يجب استتاره وفهم من قوله ومن ضمير الرفع أن ذلك لا يكون فى ضمائر النصب ولا فى ضمائر الجر وذكر أربعة مواضع يجب فيها استتار الضمير : الأول فعل الأمر للواحد المذكر وهو المشار إليه بقوله كافعل. الثانى الفعل المضارع المفتتح بهمزة المتكلم وهو المشار إليه بقوله «أوافق». الثالث الفعل المضارع المفتتح بنون المتكلم ومعه غيره أو المعظم نفسه وهو المشار إليه بقوله نغتبط. الرابع الفعل المضارع المفتتح بتاء المخاطب وهو المشار إليه بقوله إذ تشكر وما موصولة فى موضع رفع بالابتداء ، وخبرها فى المجرور ، وأوافق مجزوم على جواب الأمر ونغتبط معطوف على أوافق على حذف حرف العطف ، ولما فرغ من الضمير المتصل شرع فى بيان المنفصل وهو ضربان مرفوع ومنصوب وقد أشار إلى المرفوع بقوله :

وذو ارتفاع وانفصال أنا هو

وأنت والفروع لا تشتبه

ضمائر الرفع المنفصلة اثنا عشر للمتكلم منها اثنان أنا ونحن ، وللمخاطب خمسة أنت أنت أنتما أنتم أنتنّ وللغائب خمسة هو هى هما هم هن وقد اكتفى منها بذكر ثلاثة لأنها موصول لما لم يذكره ولذلك قال والفروع لا تشتبه فأنا فرعه نحن لأن المفرد أصل للجمع وأنت فروعه أنت وأنتما وأنتم وأنتن لأن أنت لها فرعان فرع من جهة الإفراد وهو أنتما وأنتم وأنتن وفرع من جهة التذكير وهو أنت ، وكذلك هو أيضا فروعه من جهة الإفراد هما وهم وهن ومن جهة التذكير هو. ثم أشار إلى المنصوب من المنفصل بقوله :

وذو انتصاب فى انفصال جعلا

إياى والتّفريع ليس مشكلا

فاكتفى بذكر ضمير المتكلم وكان حقه أن يذكر الأصول الثلاثة كما فعل فى المرفوع لكنه اكتفى بإياى عما سواه لوضوحه ولذكره ذلك فى المرفوع وثبت فى بعض النسخ وذو انتصاب بالواو وإعرابه مبتدأ وجعل إلى آخر البيت خبره وفى جعل ضمير يعود على المبتدأ وإياى مفعول ثان بجعل وفى بعض النسخ وذا انتصاب بالألف وإعرابه مفعول ثان بجعل مقدم وإياى مفعول لما لم يسم فاعله بجعل ، ثم قال :

٢٣

وفى اختيار لا يجىء المنفصل

إذا تأتّى أن يجىء المتّصل

يعنى أن الضمير إذا تأتى اتصاله بما قبله لا يجىء منفصلا فى الاختيار وفهم منه أنه يجىء فى غير الاختيار منفصلا مع تأتى الاتصال كقول الشاعر :

٦ ـ بالباعث الوارث الأموات قدضمنت

إياهم الأرض فى دهر الدهارير

لأنه يتأتى الاتصال فتقول : قد ضمنتهم لكنه فصله لضرورة الوزن وفى اختيار متعلق بيجىء. ثم قال :

وصل أو افصل هاء سلنيه وما

أشبهه فى كنته الخلف انتمى

كذاك خلتنيه واتّصالا

أختار غيرى اختار الانفصالا

يعنى أنه يجوز اتصال الضمير وانفصاله فى الهاء من سلنيه وما أشبهه وهو كل ثانى ضميرين منصوبين بفعل غير ناسخ للابتداء مع تقديم الأخص منهما نحو الدرهم أعطيتكه وأعطيتك إياه والمختار فى ذلك الاتصال عند الجميع ولذلك قدمه فى قوله وصل وقوله فى كنته الخلف انتمى ، أى انتسب ويعنى به خبر كان أو إحدى أخواتها إذا كان اسمها ضميرا متصلا أخص من خبرها وقوله : (كذاك خلتنيه) أى مثل كنته فى الخلف المذكور يعنى فخلتنيه وما أشبهه وهو كل ثانى ضميرين منصوبين بفعل ناسخ للابتداء من باب ظن الأول منهما أخص وظاهر قوله الخلف انتمى أن الخلاف فى جواز الاتصال والانفصال فيما ذكر وليس كذلك لأنه لا خلاف فى جواز الاتصال والانفصال فيما ذكر وإنما المراد الخلف انتمى فى الاختيار ويدل على أن المراد ما ذكر قوله : (واتصالا* أختار غيرى اختار الانفصالا).

وهو موافق فى ذلك لابن الطراوة والرمانى وأو فى قوله أو افصل للتخيير وهاء سلنيه مفعول بافصل فهو من باب التنازع وقد أعمل الثانى ولو أعمل الأول لقال وصل أو افصله واتصالا مفعول مقدم باختار ، ثم قال :

وقدّم الأخصّ فى اتّصال

وقدّمن ما شئت فى انفصال

الأخص هو الأعرف فضمير المتكلم أخص من ضمير المخاطب والغائب وضمير المخاطب أخص من ضمير الغائب فإذا أريد اتصال الضمير الثانى قدم الأخص لأنه لا يتوصل إلى اتصاله إلا بتقديم الأخص وعلى ذلك نبه بقوله وقدم الأخص فى اتصال وإذا أريد انفصاله قدم ما شئت من الأخص وغيره لأنه إذا تقدم غير الأخص وجب انفصال الثانى وعلى

٢٤

ذلك نبه بقوله : (وقد من ما شئت فى انفصال) فإذا تقدم غير الأخص وجب انفصال الثانى وإذا تقدم الأخص جاز اتصال الثانى وانفصاله وقد اجتمع الأمران فى قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله ملككم إياهم ولو شاء لملكهم إياكم» فانفصال الضمير فى قوله ملككم إياهم جائز لتقدم الأخص وهو ضمير المخاطب على غير الأخص وهو ضمير الغائب وانفصال الضمير فى ملكهم إياكم واجب لتقدم غير الأخص ، ثم قال :

وفى اتّحاد الرّتبة الزم فصلا

وقد يبيح الغيب فيه وصلا

يعنى أن الضميرين إذا اتحدا فى الرتبة كأن يكونا لمتكلم أو لمخاطب أو لغائب لزم انفصال الثانى نحو ظننتنى إياى وحسبتك إياك والدرهم إن جاء زيد فأعطه إياه وقوله وقد يبيح الغيب فيه وصلا يعنى أن الضميرين إذا اتحدا فى الغيبة قد يتصل الثانى منهما لكن بشرط أن يختلفا اختلافا ما كأن يكون أحدهما مفردا والآخر مثنى أو مجموعا أو يكون مذكرا والآخر مؤنثا كقوله :

٧ ـ لوجهك فى الإحسان بسط وبهجة

أنا لهماه قفو أكرم والد

وظاهر كلام الناظم عدم اشتراط الاختلاف واعتذر عنه ولده فى شرحه بأن قوله وصلا بلفظ التنكير على معنى نوع من الوصل تعريض بأنه لا يستباح الاتصال مع الاتحاد فى الغيبة مطلقا بل بقيد وهو الاختلاف فى اللفظ وفيه بعد وهذا يقتضى أن البيت الواقع بعد هذا البيت فى بعض النسخ وهو مع اختلاف ما غير ثابت فى الألفية وهو من أبيات الكافية ، ثم قال :

وقبل يا النّفس مع الفعل التزم

نون وقاية وليسى قد نظم

وليتنى فشا وليتى ندرا

ومع لعلّ اعكس وكن مخيّرا

فى الباقيات واضطرارا خفّفا

منّى وعنّى بعض من قد سلفا

وفى لدنّى لدنى قلّ وفى

قدنى وقطنى الحذف أيضا قد يفى

قد تقدم أن من جملة الضمائر ياء المتكلم وهى تتصل بالاسم والفعل والحرف فإذا اتصلت بالفعل لزم أن يفصل بينها وبينه بنون تسمى نون الوقاية لأنها تقى الفعل من الكسر الذى لا

__________________

(٧) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ١٠٥ ، وتخليص الشواهد ص ٩٧ ، وتذكرة النحاة ص ٥٠ ، والدرر ١ / ٢٠٣ ، وشرح الأشمونى ١ / ٥٤ ، وشرح التصريح ١ / ١٠٩ ، والمقاصد النحوية ١ / ٣٤٢ ، وهمع الهوامع ١ / ٦٣.

والشاهد فيه قوله : «أنا لهماه» وكان القياس أن يقال : «أنا لهما إياه» بالانفصال ، فجاء متصلا ، وذلك لأن الضميرين اتحدا رتبة.

٢٥

يكون نظيره فيه وهو الجر ويستوى فى ذلك الماضى والمضارع والأمر وإلى ذلك أشار بقوله : (وقبل يا النفس مع الفعل التزم* نون وقاية) ، وقد حذفت للضرورة مع ليس كقوله :

٨ ـ إذ ذهب القوم الكرام ليسى

وإلى ذلك أشار بقوله : (وليسى قد نظم) ، يعنى أن نون الوقاية حذفت مع ليس فى النظم لضرورة الوزن وقال يا النفس وهو مخالف لعبارات النحويين فإنهم يسمونها ياء المتكلم وقبل متعلق بالتزم ومع الفعل كذلك وإذا اتصلت أعنى ياء المتكلم بالحروف لم تلحق نون الوقاية إلا مع ثمانية أحرف أشار إلى ستة منها وهى إن وأخواتها بقوله :

(وليتنى فشا وليتى ندرا* ومع لعلّ اعكس وكن مخيرا* فى الباقيات)

يعنى أن لحاق نون الوقاية لليت كثير وعدم لحاقها قليل فليتنى أكثر من ليتى ولم يجئ فى القرآن إلا بالنون كقوله تعالى : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ) [النساء : ٧٣] ومن حذفها قول الشاعر :

٩ ـ كمنية جابر إذ قال ليتى

أصادفه وأفقد جلّ مالى

وقوله : ومع لعل اعكس يعنى أن عدم لحاق النون للعل كثير ولحاقها لها قليل فهى بالعكس من ليت ولم تأت فى القرآن إلا بدون نون كقوله تعالى : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ) [غافر : ٣٦] ومن لحاق نون الوقاية لها قول الشاعر :

١٠ ـ فقلت أعيرانى القدوم لعلّنى

أخطّ بها قبرا لأبيض ماجد

__________________

(٨) الرجز لرؤبة فى ملحق ديوانه ص ١٧٥ ، وخزانة الأدب ٥ / ٣٢٤ ، ٣٢٥ ، والدرر ١ / ٢٠٤ ، وشرح التلويح ١ / ١١٠ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٤٨٨ ، ٧٦٩ ، ولسان العرب ٦ / ١٢٨ (طيس) ، والمقاصد النحوية ١ / ٣٤٤. وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ١٠٨ ، وتخليص الشواهد ص ٩٩ ، والجنى الدانى ص ١٥٠ ، وجواهر الأدب ص ١٥ ، وخزانة الأدب ٥ / ٣٩٦ ، ٩ / ٢٦٦ ، وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٣٢ ، وشرح الأشمونى ١ / ٥٥ ، وشرح ابن عقيل ص ٦٠ ، وشرح المفصل ٣ / ١٠٨ ، ولسان العرب ٦ / ٢١١ (ليس) ، ومغنى اللبيب ١ / ١٧١ ، ٢ / ٣٤٤ ، همع الهوامع ١ / ٦٤ ، ٢٣٣.

والشاهد فيه قوله : «ليسى» حيث حذف نون الوقاية التى تلحق الأفعال عند اتصالها بياء المتكلم لتقيها الجر ، وهذا الحذف شاذ.

(٩) البيت من الوافر ، وهو لزيد الخيل فى ديوانه ص ٨٧ ، وتخليص الشواهد ص ١٠٠ ، وخزانة الأدب ٥ / ٣٧٥ ، ٣٧٧ ، والدرر ١ / ٢٠٥ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٩٧ ، وشرح المفصل ٣ / ١٢٣ ، والكتاب ٢ / ٣٧٠ ، ولسان العرب ٢ / ٨٧ (ليت) ، والمقاصد النحوية ١ / ٣٤٦ ، ونوادر أبى زيد ص ٦٨ ، وبلا نسبة فى جواهر الأدب ص ١٥٣ ، ورصف المبانى ص ٣٠٠ ، ص ٣٦١ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٥٠ ، وشرح الأشمونى ١ / ٥٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٦١ ، ومجالس ثعلب ص ١٢٩ ، والمقتضب ١ / ٢٥٠ ، وهمع الهوامع ١ / ٦٤.

والشاهد فيه قوله : «ليتى» والقياس : ليتنى ، فحذف نون الوقاية للضرورة.

(١٠) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة فى تخليص الشواهد ص ١٠٥ ، والدرر ١ / ٢١٢ ، وشرح الأشمونى ١ / ٥٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٦٢ ، وهمع الهوامع ١ / ٦٤.

والشاهد فيه قوله : «لعلنى» حيث لحقت «لعلّ» نون الوقاية ، وحذفها أشهر.

٢٦

وقوله : وكن مخيرا فى الباقيات. يعنى بالباقيات ما بقى من الأحرف الستة وهى إنّ وأن وكأن ولكن فيجوز أن تلحقها نون الوقاية وأن لا تلحقها وقد جاءت فى القرآن بالوجهين كقوله عزوجل : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ ، أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) [هود : ٥٤] وإنما جاز لحاق نون الوقاية لهذه الأحرف لشبهها بالأفعال وكان لحاقها غالبا فى ليت لقوة شبهها بالفعل لأنها تغير معنى الابتداء وكان عدم لحاقها غالبا مع لعل لأنها بعدت عن شبه الفعل فإنها شبيهة بحرف الجر فى تعلق ما بعدها بما قبلها فى نحو تب لعلك تفلح ومخيرا خبر كن ويجوز كسر يائه وفتحها وهو أظهر وفى الباقيات متعلق به ثم أشار إلى الحرفين الباقيين من الثمانية وهما من وعن بقوله : (واضطرارا خففا منى وعنى) البيت ، يعنى أن الوجه فى من وعن إذا دخلا على ياء المتكلم أن يقال منى وعنى بتشديد النون لأنهما لما لحقتهما نون الوقاية وقبلها نون ساكنة أدغمت فيها وأشار بقوله : واضطرارا خففا منى وعنى إلى آخره إلى قول الشاعر :

١١ ـ أيها السائل عنهم وعنى

لست من قيس ولا قيس منى

وقد تلحق نون الوقاية بعض الأسماء المبنية على السكون وإلى ذلك أشار بقوله : (وفى لدنى لدنى قل) البيت يعنى أن لحاق نون الوقاية للدن كثير وعدم لحاقها قليل ولذلك قرأ أكثر القراء من لدنى بالتشديد وقرأ نافع وشعبة بالتخفيف وقوله وفى قدنى وقطنى الحذف أيضا قد يفى يعنى أن قد وقط مثل لدن فى أن لحاقها أكثر من عدم لحاقها وذلك مفهوم من قوله يفى وقد وقط اسما فعل بمعنى حسب وقد جمع الراجز بين لحاقها وعدم لحاقها فى قوله :

١٢ ـ قدنى من نصر الخبيبين قدى

__________________

(١١) البيت من المديد ، وهو بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ٩٠ ، وأوضح المسالك ١ / ١١٨ ، وتخليص الشواهد ص ١٠٦ ، والجنى الدانى ص ١٥١ ، وجواهر الأدب ص ١٥٢ ، وخزانة الأدب ٥ / ٣٨٠ ، ٣٨١ ، ورصف المبانى ص ٣٦١ ، والدرر ١ / ٢١٠ ، وشرح الأشمونى ١ / ٥٦ ، وشرح التصريح ١ / ١١٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٦٣ ، وشرح المفصل ٣ / ١٢٥ ، والمقاصد النحوية ١ / ٣٥٢ ، وهمع الهوامع ١ / ٦٤.

والشاهد فيه قوله : «عنى» و «منى» حيث حذف النون للضرورة الشعرية والقياس : «عنّى» و «منّى».

(١٢) الرجز لحميد بن مالك الأرقط فى خزانة الأدب ٥ / ٣٨٢ ، ٣٨٣ ، ٣٨٥ ، ٣٨٩ ، ٣٩١ ، ٣٩٢ ، والدرر ١ / ٢٠٧ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٤٨٧ ، ولسان العرب ١ / ٣٤٤ (خبب) ، والمقاصد النحوية ١ / ٣٥٧ ، ولحميد بن ثور فى لسان العرب ٣ / ٤٨٩ (لحد) ، وليس فى ديوانه ، ولأبى بجدلة فى شرح المفصل ٣ / ١٢٤ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٤ / ٢٤١ ، وأوضح المسالك ١ / ١٢٠ ، وتخليص الشواهد ص ١٠٨ ، والجنى الدانى ص ٢٥٣ ، وخزانة الأدب ٦ / ٢٤٦ ، ٧ / ٤٣١ ، ورصف المبانى ص ٣٦٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٦٤ ، والكتاب ٢ / ٣٧١ ، ومغنى اللبيب ١ / ١٧٠ ، ونوادر أبى زيد ص ٢٠٥.

والشاهد فيه قوله «قدنى» و «قدى» حيث أثبت النون فى الأول ، على اللغة المشهورة ، وحذفها فى الثانى ، وهذا قليل.

٢٧

ولم يصرح الناظم بلحاق نون الوقاية فى الحروف والأسماء التى ذكر وإنما صرح بذلك فى الأفعال لكنه اكتفى بالنطق بها مقترنة بالنون فى معرض لحاقها وتجردها منها فى معرض عدم لحاقها والوزن يحفظ جميع ذلك. واضطرارا منصوب على المفعول له وعنى مفعول على حذف مضاف تقديره خفف نون عنى.

العلم

هذا هو النوع الثانى من المعارف وهو العلم وهو ضربان علم شخص وعلم جنس وقد أشار إلى الأول بقوله :

اسم يعيّن المسمّى مطلقا

علمه كجعفر وخرنقا

وقرن وعدن ولاحق

وشذقم وهيلة وواشق

فقوله اسم جنس ويعين المسمى مخرج للنكرة ، ومطلقا مخرج لما سوى العلم من المعارف لأن كل معرفة غير العلم يعين مسماه لكن بقرينة إما لفظية كأل والصلة وإما معنوية كالحضور والغيبة بخلاف العلم فإنه يعين مسماه بغير قرينة ولما كان العلم الشخصى لا يختص بأولى العلم بل يكون لأولى العلم وغيرهم مما يؤلف نوع المثل فقال كجعفر وهو اسم رجل وخرنق وهو اسم امرأة وقرن وهو اسم قبيلة وعدن وهو اسم بلدة ولاحق وهو اسم فرس وشذقم وهو اسم جمل وهيلة وهو اسم شاة وواشق وهو اسم كلب. واسم مبتدأ ويعين المسمى جملة فى موضع الصفة له ومطلقا حال من الضمير المستتر فى يعين وعلمه خبر والضمير فى علمه عائد على المسمى ويجوز أن يكون علمه مبتدأ وخبره اسم يعين المسمى ويكون حينئذ الخبر واجب التقديم لالتباس المبتدأ بضميره ويحتمل غير هذين الوجهين من الإعراب فلا نطيل بها.

واسما أتى وكنية ولقبا

وأخّرن ذا إن سواه صحبا

ثم قال : (واسما أتى وكنية ولقبا) يعنى أن العلم ينقسم إلى اسم ويقال فيه الاسم الخاص كجعفر وإلى كنية وهو كل ما صدر بأب أو أم كأبى زيد وأم كلثوم ، وإلى لقب وهو ما دل على رفعة مسماه كالصديق والفاروق أو ضعة كقفة وأنف الناقة. ثم قال : (وأخرن ذا إن سواه صحبا) الإشارة بذا إلى اللقب يعنى أن اللقب إذا صحب سواه يجب تأخيره وسواه شامل للاسم والكنية نحو هذا زيد قفة وأبو عبد الله أنف الناقة ثم قال :

٢٨

وإن يكونا مفردين فأضف

حتما وإلّا أتبع الّذى ردف

يعنى أن اللقب إذا اجتمع مع الاسم وكانا مفردين أى غير مضافين ولا أحدهما فأضف الاسم إلى اللقب وجوبا نحو هذا سعيد كرز ولا مدخل هنا للكنية فإنها من قبيل المضاف ويلزم حينئذ أن يكون اللقب هو المضاف إليه لأنه قد ذكر قبل أنه يجب تأخيره وقوله وإلا أتبع الذى ردف أى وإن لم يكونا مفردين أتبع الآخر للأول أى اجعله تابعا له فى الإعراب وتبعيته له إما على البدل أو عطف البيان وشمل قوله وإلا ثلاث صور أن يكونا مضافين نحو هذا عبد الله أنف الناقة أو الأول مضافا والثانى مفردا نحو عبد الله كرز أو الأول مفردا والثانى مضافا نحو هذا زيد أنف الناقة والإتباع فى جميع ذلك واجب وحتما منصوب على أنه نعت لمصدر محذوف والتقدير إضافة حتما وأتبع جواب الشرط وحذفت منه الفاء للضرورة. ثم قال :

ومنه منقول كفضل وأسد

وذو ارتجال كسعاد وأدد

يعنى أن العلم ضربان منقول ومرتجل فالمنقول ما تقدم له استعمال قبل العلمية ويكون منقولا من المصدر كفضل ومن اسم العين كأسد ومن الصفة كعباس ومن الجملة كشاب قرناها ومن الفعل المضارع كيزيد ومن الماضى كشمر اسم الفرس. والمرتجل ما لم يتقدم له استعمال قبل العلمية كسعاد اسم امرأة وأدد اسم رجل. ومنه منقول مبتدأ وخبر وذو ارتجال مبتدأ محذوف الخبر والتقدير ومنه ذو ارتجال. ثم قال :

وجملة وما بمزج ركّبا

ذا إن بغير ويه تمّ أعربا

أى ومن العلم جملة كبرق نحره. وقوله وما بمزج ركبا يعنى أن المركب تركيب مزج والمزج الخلط وهو ما ختم بغير ويه كبعلبك وما ختم بويه كسيبويه فالأول يعرب آخره إعراب ما لا ينصرف والثانى يبنى آخره على الكسر وإلى ذلك أشار بقوله : (ذا إن بغير ويه تم أعربا) فذا اسم إشارة للمركب تركيب مزج وأطلق هنا الإعراب ومراده إعراب ما لا ينصرف على ما ينبه عليه فى باب ما لا ينصرف وما بمزج مبتدأ خبره محذوف أى من العلم وذا مبتدأ خبره أعرب وجواب الشرط محذوف ويحتمل أن يكون جملة الشرط والجواب خبرا عن ذا. ثم قال :

٢٩

وشاع فى الأعلام ذو الإضافه

كعبد شمس وأبى قحافه

أى من العلم المركب المضاف وهو أكثر المركبات لأن منه الكنى وغيرها ولذلك قال وشاع ومثل بمثال من غير الكنى وهو عبد شمس ومثال من الكنى وهو أبو قحافة. ثم أشار إلى النوع الثانى من العلم وهو علم الجنس فقال :

ووضعوا لبعض الأجناس علم

كعلم الأشخاص لفظا وهو عمّ

يعنى أن العرب وضعت لبعض الأجناس أعلاما هى فى اللفظ كعلم الأشخاص فتأتى منه الحال فى فصيح الكلام ويمنع من الصرف إن وجدت فيه علة زائدة على العلمية من العلل المانعة للصرف ويوصف بالمعرفة وهذا معنى قوله كعلم الأشخاص لفظا ومدلوله مع ذلك شائع كمدلول النكرة وهذا معنى قوله وهو عم أى ومدلوله شائع وفهم من قوله لبعض الأجناس أنها لم تضع ذلك لجميع الأجناس ووقف على علم بالسكون على لغة ربيعة وعمّ فعل ماض فى موضع خبر هو ويجوز أن يكون مفردا فقصره بحذف ألفه نحو قولهم برّ فى بارّ. ولما كان علم الجنس على ضربين أحدهما جنس ما لا يؤلف كالسباع والحشرات والآخر المعانى أشار إلى الأول بقوله :

من ذاك أمّ عريط للعقرب

وهكذا ثعالة للثّعلب

يعنى من ذاك أى من العلم الجنسى أمّ عريط وهو علم لجنس العقرب ومن علم جنسها أيضا شبوة وهكذا ثعالة أى وكذا أيضا ثعالة علم لجنس الثعلب وهو غير منصرف للعلمية وتاء التأنيث إلا أنه صرفه للضرورة ثم أشار إلى النوع الثانى من علم الجنس ، بقوله :

ومثله برّة للمبرّه

كذا فجار علم للفجره

أى ومثل أم عريط وثعالة فى كونهما علمى جنس برة وهو للمبرة بمعنى البر وفجار علم للفجرة بمعنى الفجور ، وبرة أيضا غير منصرف للعلمية وتاء التأنيث وفجار مبنى على الكسر لشبهه بنزال وقد جمع الشاعر بينهما فى قوله :

٣٠

١٣ ـ إنا اقتسمنا خطّتينا بيننا

فحملت برّة واحتملت فجار

اسم الإشارة

بذا لمفرد مذكّر أشر

بذى وذه تى تا على الأنثى اقتصر

مؤنث النوع الثالث من المعارف. واسم الإشارة إما مفرد مذكر أو مفرد مؤنث أو مثنى مذكر أو مثنى هذا هو أو جمع ويشترك فيه المؤنث والمذكر وقد أشار إلى الأول بقوله : (بذا لمفرد مذكر أشر) يعنى أن ذا إشارة إلى المفرد المذكر وأشار إلى الثانى بقوله : (بذى وذه تى تا على الأنثى اقتصر) يعنى أن المفرد المؤنث يشار إليه بأربعة ألفاظ وهى ذى وذه تى تا أراد وتى وتا فحذف العاطف لضرورة الوزن واقتصر فعل أمر وبذى متعلق به أى اقتصر بهذه الألفاظ على الواحد المؤنث ولا تشر بها إلى غيره وليس المراد أنه لا يشار إلى المفرد المؤنث إلا بها فإنه يشار إليه بغيرها نحو ذه وته وته وذه ويجوز ضبط اقتصر على هذا بضم التاء مبنيا للمفعول. ثم أشار إلى الثالث والرابع بقوله :

وذان تان للمثنّى المرتفع

وفى سواه ذين تين اذكر تطع

فقوله ذان راجع لتثنية الأول وهو ذا ، وتان راجع لتثنية الثانى وهو تا ، ولا يثنى من ألفاظ المؤنث إلا تا وقوله المرتفع يعنى أن هذين اللفظين اللذين مثل بهما مقرونين بالألف إنما يكونان للمرتفع من التثنية لأن الألف فيهما علامة للرفع وقوله وفى سواه أى فى سوى المرتفع أو فى سوى الرفع المفهوم من لفظ المرتفع وسوى الرفع هو النصب والجر فيشار إلى المثنى المنتصب والمنخفض بذين وتين مقرونين بالياء لأن الياء علامة الجر والنصب وذان مبتدأ وتان معطوف عليه على حذف العاطف وللمثنى خبر المبتدأ وذين تين مفعول مقدم باذكر وتطع مجزوم على جواب الأمر. ثم أشار إلى الخامس بقوله :

__________________

(١٣) البيت من الكامل ، وهو للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص ٥٥ ، وإصلاح المنطق ص ٣٣٦ ، وخزانة الأدب ٦ / ٣٢٧ ، ٣٣٠ ، ٣٣٣ ، والدرر ١ / ٩٧ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢١٦ ، وشرح التصريح ١ / ١٢٥ ، وشرح المفصل ٤ / ٥٣ ، والكتاب ٣ / ٢٧٤ ، ولسان العرب ٥ / ٤٢ (برر) ٥ / ٤٨ (فجر) ، ١١ / ١٧٤ (حمل) ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٠٥ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ٣٤٩ ، وجمهرة اللغة ص ٤٦٣ ، وخزانة الأدب ٦ / ٢٨٧ ، والخصائص ٢ / ١٩٨ ، ٣ / ٢٦١ ، ٢٦٥ ، وشرح الأشمونى ١ / ٦٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ١٤١ ، وشرح المفصل ١ / ٣٨ ، ولسان العرب ١٣ / ٣٧ (أنن) ، ومجالس ثعلب ٢ / ٤٦٤ ، همع الهوامع ١ / ٢٩.

والشاهد فيه جعل «فجار» معدولا عن الفجرة المؤنثة.

٣١

وبأولى أشر لجمع مطلقا

والمدّ أولى ...

يعنى أن لفظ أولى يشار به إلى الجمع مطلقا أى سواء كان مذكرا أو مؤنثا فتقول أولى الرجال وأولى النساء وقوله والمد أولى يعنى زيادة الهمزة بعد ألف مكسورة وإنما كان أولى لأنها لغة أهل الحجاز ولم يجئ فى القرآن إلا ممدودا كقوله تعالى : (ها أَنْتُمْ أُولاءِ) [آل عمران: ١١٩] ثم اعلم أن اسم الإشارة عند الجمهور على ثلاث مراتب قريبة ومتوسطة وبعيدة وعند الناظم على مرتبتين قريبة وبعيدة ، وقد أشار إلى البعيدة بقوله :

 ... ولدى البعد انطقا

بالكاف حرفا دون لام أو معه

واللّام إن قدّمت ها ممتنعه

يعنى أنك إذا أردت الإشارة إلى البعيد فأنت مخير بين أن تأتى باسم الإشارة مقرونا بكاف الخطاب دون لام فتقول ذاك وأولاك وبين أن تأتى به مقرونا بالكاف واللام معا فتقول ذلك وأولى لك وفهم منه أن القريب ما لا يقترن بالكاف وحدها ولا بالكاف واللام معا وهى المثل التى أتى بها أول الباب ولدى بمعنى عند وهو متعلق بانطقا وألف انطقا مبدلة من نون التوكيد الخفيفة وحرفا حال من الكاف وإنما نبه على ذلك لئلا يتوهم أن الكاف ضمير كما هى فى نحو غلامك ودون لام فى موضع نصب على الحال من الكاف وأو معه معطوف على دون فهو موضع الحال من الكاف أيضا وتقدير البيت انطق فى البعد بالكاف حرفا غير مقرون باللام أو مقرونا بها. ثم قال : (واللام إن قدمت ها ممتنعه) يعنى أنك إذا قدمت ها التى للتنبيه على اسم الإشارة يمتنع اقترانه باللام فلا يقال ها ذلك وفهم منه أنه يجوز اقتران «ها» بالمجرد نحو هذا وهؤلاء وبالمقرون بالكاف دون اللام نحو هذاك وهؤلائك إلا أن الأول أكثر وهى لغة القرآن ، ومن الثانى قول طرفة :

١٤ ـ رأيت بنى غبراء لا ينكروننى

ولا أهل هذاك الطراف الممدّد

__________________

(١٤) البيت من الطويل ، وهو لطرفة بن العبد فى ديوانه ص ٣١ ، وتخليص الشواهد ص ١٢٥ ، وجمهرة اللغة ص ٧٥٤ ، والجنى الدانى ص ٣٤٧ ، والدرر اللوامع ١ / ٢٣٦ ، ولسان العرب ٥ / ٥ (غبر) ، ١٤ / ٩٢ (بنى) ، والمقاصد النحوية ١ / ٤١٠ ، وبلا نسبة فى الاشتقاق ص ٢١٤ ، وشرح الأشمونى ١ / ٦٥ ، وشرح ابن عقيل ص ٧٣ ، وهمع الهوامع ١ / ٧٦.

والشاهد فيه قوله : «هذاك» حيث جاءت «ها» التى للتنبيه مع اسم الإشارة المقترن بالكاف ، وهذا قليل.

٣٢

وقوله واللام مبتدأ وخبره ممتنعة وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم عليه لأن الخبر مقدم على الشرط فى التقدير ، والتقدير واللام ممتنعة إن قدمت ها فهى ممتنعة. ثم قال :

وبهنا أو ههنا أشر إلى

دانى المكان وبه الكاف صلا

فى البعد أو بثمّ فه أو هنّا

أو بهنالك انطقن أو هنّا

ذكر فى هذين البيتين سبعة ألفاظ يشار بها إلى المكان دون غيره منها اثنان للمكان القريب وهما هنا وههنا وإليهما أشار بقوله : (وبهنا أو ههنا أشر إلى دانى المكان) أى إلى المكان الدانى وهو القريب فأضاف الصفة إلى الموصوف ومنها خمسة للمكان البعيد وإليها أشار بقوله : (وبه الكاف صلا) إلى آخرها يعنى أنك إذا أردت الإشارة إلى المكان البعيد فأنت مخير بين أن تلحق هنا كاف الخطاب فتقول هناك أو تأتى بثم كقوله تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً) [الإنسان : ٢٠] أو تأتى بهنا مفتوح الهاء مشدد النون فتقول هنا أو تلحق هنا الكاف واللام معا فتقول هنالك أو تأتى بهنا مكسور الهاء مشدد النون والكاف مفعول بصل والألف فى صلا مبدلة من نون التوكيد الخفيفة وفى البعد متعلق بصلا وبثم متعلق بفه وهو فعل أمر من فاه يفوه أى نطق ، وكل ما ذكره فى البيتين من أو فهو للتخيير.

الموصول

موصول الأسماء الّذى الأنثى الّتى

واليا إذا ما ثنّيا لا تثبت

بل ما تليه أوله العلامه

والنّون إن تشدد فلا ملامه

هذا هو النوع الرابع من المعارف. والموصول إما مفرد مذكر أو مفرد مؤنث أو مثنى مذكر أو مثنى مؤنث أو جمع مذكر أو جمع مؤنث وقد أشار إلى الأول بقوله : (موصول الأسماء الذى) إنما قال موصول الأسماء احترازا من موصول الحروف فإنه لم يذكره وقد ذكر أحكامه فى أبواب وقوله موصول الأسماء مبتدأ والذى مبتدأ وخبره محذوف والتقدير موصول الأسماء منه الذى ثم أشار إلى الثانى بقوله : (الأنثى التى) يعنى أن التى للمفرد المؤنث وفهم منه أن الذى للمذكر والأنثى مبتدأ والتى خبره والتقدير والأنثى منه التى أى من الموصول ويجوز أن يكون أل فى الأنثى عوضا من الضمير والتقدير وأنثاه أى وأنثى الذى ثم أشار إلى الثالث والرابع بقوله : (واليا إذا ما ثنيا لا تثبت بل ما تليه أوله العلامه) يعنى أن الذى والتى إذا

٣٣

ثنيا لا تثبت ياؤهما لسكونها وسكون علامة التثنية. والياء مفعول مقدم بتثبت ولا ناهية وقوله بل ما تليه أوله العلامة ما تليه هو الذال من الذى والتاء من التى وأل فى العلامة للعهد لتقدم علامة التثنية وهى الألف رفعا والياء جرا ونصبا فى قوله : بالألف ارفع المثنى وقوله وتخلف اليا فى جميعها الألف فتقول اللذان واللتان رفعا واللذين واللتين جرا ونصبا. وما موصولة وصلتها تليه وموضعها نصب بفعل مقدر من باب الاشتغال يفسره أوله ويجوز أن تكون فى موضع رفع بالابتداء وخبرها أوله والأول أجود والهاء فى أوله مفعول أول والعلامة مفعول ثان ثم قال : (والنون إن تشدد فلا ملامه) يعنى أنه يجوز فى نون اللذين واللتين التشديد ومذهب البصريين أنها لا تشدد إلا بعد الألف ومذهب الكوفيين أنها تشدد بعد الألف وبعد الياء وهو اختيار المصنف ولذلك أطلق فى قوله : والنون إن تشدد فلا ملامه. والنون مبتدأ والخبر جملة الشرط والجواب والضمير المستتر فى تشدد هو الرابط ، ثم قال :

والنّون من ذين وتين شدّدا

أيضا وتعويض بذاك قصدا

يعنى أنه يجوز أيضا تشديد النون من ذين وتين وإنما ذكر هنا ذين وتين وليسا من الموصولات لاشتراكهما مع اللذين واللتين فى جواز تشديد نونهما وليس التشديد خاصا بالياء كما مثل به بل هو عام مع الياء ومع الألف وإذا جاز التشديد مع الياء كما فى المثالين فيكون التشديد مع الألف أحرى لأن التشديد مع الألف متفق عليه ومع الياء مختلف فيه.

وقوله وتعويض بذاك قصدا يعنى أن تشديد النون قصد به التعويض من المحذوف فى جميع ما ذكر فالمعوض منه فى اللذين واللتين الياء من الذى والتى ومن ذين وتين الألف من ذا وتا فإن ذلك كله حذف فى التثنية وعوض منه التشديد فالإشارة من قوله بذاك راجعة إلى التشديد وتعويض مبتدأ وقصد خبره وبذاك متعلق بقصد وهو الذى سوغ الابتداء بالنكرة ويجوز أن يكون بذاك متعلقا بقصد وسوغ الابتداء بالنكرة ما فيها من معنى الحصر لأن المراد ما قصد بذاك إلا تعويض فهو كقولهم شىء جاء بك وشر أهرّ ذا ناب وفيه تعريض بإبطال قول من جعل التشديد فى ذين وتين دالا على البعد ، ثم أشار إلى الخامس وهو جمع الذى فقال :

جمع الّذى الألى الّذين مطلقا

وبعضهم بالواو رفعا نطقا

فذكر للذى جمعين أحدهما الألى فتقول جاءنى الألى قاموا أى الذين قاموا والثانى الذين

٣٤

بالياء فى الرفع والنصب والجر وعلى ذلك نبه بقوله مطلقا أى فى جميع الأحوال. وقوله : وبعضهم بالواو رفعا نطقا يعنى أن من العرب من يجرى الذى مجرى جمع المذكر السالم فيرفعه بالواو وينصبه ويجره بالياء فيقول نصر الذون آمنوا على الذين كفروا وهى لغة هذيل وقيل لغة تميم. وجمع الذى مبتدأ والألى خبره والذين معطوف على الألى على حذف العاطف وبعضهم مبتدأ ونطق خبره وبالواو متعلق بنطق ورفعا منصوب على إسقاط حرف الجر أى فى رفع ويجوز أن يكون مصدرا فى موضع الحال والتقدير نطق بالواو رافعا.

باللّات واللّاء الّتى قد جمعا

واللّاء كالّذين نزرا وقعا

ثم أشار إلى السادس وهو جمع التى فقال : (باللات واللائى التى قد جمعا) فذكر أيضا للتى جمعين الأول اللاتى والثانى اللائى فتقول جاءنى اللاتى قمن واللائى خرجن فالتى مبتدأ وقد جمع خبره وباللات متعلق بجمع والتقدير التى قد جمع باللاتى واللائى. ثم قال : (واللاء كالذين نزرا وقعا) يعنى أن اللائى الذى هو جمع التى قد يطلق على الذين فيكون جمعا للذى على وجه الندور والقلة ومنه قوله :

١٥ ـ فما أبناؤنا بأمن منه

علينا اللاء قد مهدوا الحجورا

يعنى الذين قد مهدوا واللاء مبتدأ ووقع خبره وكالذين متعلق بوقع ونزرا منصوب على الحال من الضمير المستكن فى وقع وهو اسم فاعل من نزر أى قل.

ومن وما وأل تساوى ما ذكر

وهكذا ذو عند طيّئ شهر

ولما فرغ من الذى والتى وثنيتهما وجمعهما انتقل إلى ما سواهما من الموصولات فقال : (ومن وما وأل تساوى ما ذكر) يعنى أن من وما وأل تساوى ما ذكر من الذى والتى وثنيتهما وجمعهما ففهم منه أنها تقع على المفرد المذكر والمؤنث والمثنى المذكر والمؤنث والمجموع المذكر والمؤنث فتقول جاءنى من قام ومن قامت ومن قاما ومن قامتا ومن قاموا ومن قمن وكذلك مع ما وأل فمن تقع على من يعقل وما على ما لا يعقل وأل عليهما معا. ثم

__________________

(١٥) البيت من الوافر ، وهو لرجل من بنى سليم فى تخليص الشواهد ص ١٣٧ ، والدرر ١ / ٢١٣ ، وشرح التصريح ١ / ١٣٣ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٢٩ ، وبلا نسبة فى الأزهية ص ٣٠١ ، وأوضح المسالك ١ / ١٤٦ ، وشرح الأشمونى ١ / ٦٩ ، وشرح ابن عقيل ص ٧٩ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٣.

والشاهد فيه قوله : «واللاء» حيث جاء بمعنى «الذين» وهو قليل.

٣٥

قال : (وهكذا ذو عند طيئ شهر) يعنى أن ذو فى لغة طيئ تستعمل موصولة وهى أيضا مساوية للذى والتى وثنيتهما وجمعهما وإلى ذلك أشار بقوله : وهكذا ذو ، أى هى مثل من وما وأل فى مساواتها لما ذكر فتقول جاءنى ذو قام وذو قامت وذو قاما وذو قامتا وذو قاموا وذو قمن وهى مبنية والواو لازمة لها فى الرفع والنصب والجر فى اللغة الشهيرة وفهم ذاك من تمثيله لها بالواو فذو مبتدأ وشهر خبره وعند طيئ متعلق بشهر وهكذا كذلك أيضا أو فى موضع نصب على الحال والتقدير ذو شهر عند طيئ مثل من وما وأل ، ثم قال :

وكالّتى أيضا لديهم ذات

وموضع اللّاتى أتى ذوات

يعنى أن من طيىء من إذا أراد معنى التى قال ذات وإذا أراد معنى اللاتى قال ذوات كقول بعضهم : بالفضل ذو فضلكم الله به والكرامة ذات أكرمكم الله به ، يريد بها فنقل حركة الهاء إلى الباء ووقف عليها بالسكون ، وكقول الشاعر :

١٦ ـ جمعتها من أينق سوابق

ذوات ينهضن بغير سائق

فذات مبتدأ وكالتى خبر مقدم ولديهم متعلق بالاستقرار العامل فى الخبر وموضع اللاتى ظرف متعلق بأتى وذوات فاعل بأتى والتقدير وذات مساوية للتى عندهم أى عند طيئ وأتى ذوات فى موضع اللاتى ، ثم قال :

ومثل ما ذا بعد ما استفهام

أو من إذا لم تلغ فى الكلام

يعنى أن ذا إذا وقعت بعد ما أو من الاستفهاميتين ولم تكن ملغاة فهى مثل ما ، يعنى ما الموصولة وفهم من تشبيهه بها أنها تساوى أيضا الذى والتى وتثنيتهما وجمعهما تقول من ذا يقوم ومن ذا تقوم ومن ذا يقومان ومن ذا تقومان ومن ذا يقومون ومن ذا يقمن واحترز بقوله إذا لم تلغ فى الكلام من أن تكون ملغاة وذلك أن يغلب الاستفهام فيصير مجموع من ذا وما ذا استفهاما ويظهر أثر ذلك فى البدل إذا قلت من ذا ضربت أزيد أم عمرو فإذا رفعت فذا غير ملغاة لأنك أبدلت من اسم الاستفهام بالرفع فعلم أنه مرفوع بالابتداء وذا خبره وهو اسم

__________________

(١٦) الرجز لرؤبة فى ملحق ديوانه ص ١٨٠ ، والدرر ١ / ٢٦٧ ، وبلا نسبة فى الأزهية ص ٢٩٥ ، وأوضح المسالك ١ / ١٥٦ ، وتخليص الشواهد ص ١٤٤ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٣.

والشاهد فيه قوله : «ذوات» حيث جاء بمعنى «اللواتى» وبناه على الضم ، وصلته جملة «ينهضن». وقيل : «ذوات» ، هنا بمعنى : صاحبات.

٣٦

موصول وإذا نصبت فقلت من ذا ضربت أزيدا أم عمرا علم أن ذا ملغاة لأنك أبدلت من اسم الاستفهام بالنصب فعلم أنه مفعول مقدم بضربت وذا ملغاة. وذا مبتدأ وخبره مثل ما وبعد فى موضع الحال من ذا وإذا متعلق بمثل ومن مضاف فى التقدير لاستفهام أى بعد ما استفهام أو من استفهام والتقدير وذا فى حال كونه تاليا لمن أو ما الاستفهاميتين مساوية لما إذا لم تلغ.

ولما فرغ من ذكر الموصولات شرع فى بيان صلاتها فقال :

وكلّها يلزم بعده صله

على ضمير لائق مشتمله

يعنى أن الموصولات كلها لا بد أن يكون بعدها صلة تكملها ورابط يربط بينها وبين الموصول ولذلك سميت موصولات ونواقص وقد نبه على ذلك بقوله على ضمير لائق مشتملة أى مطابق للموصول فى الإفراد والتذكير وفروعهما فتقول جاءنى الذى قام أبوه والتى قامت أمه واللذان قاما وما أشبه ذلك. وكلها مبتدأ وخبره يلزم وبعده متعلق بيلزم والضمير فى بعده عائد على لفظ كل وهو الرابط بين المبتدأ والخبر وصلة فاعل بيلزم ومشتملة صفة لصلة وعلى ضمير متعلق بمشتملة. ثم إن الموصولات بالنظر إلى ما توصل به على قسمين قسم يوصل بجملة وشبهها وقسم يوصل بصفة. وقد أشار إلى الأول بقوله :

وجملة أو شبهها الّذى وصل

به كمن عندى الّذى ابنه كفل

فقوله وجملة شامل للجملة الاسمية والفعلية وقوله وشبهها هو الظرف والمجرور وأتى بمثال للموصول بشبه الجملة وهو قوله كمن عندى ومثال للموصول بالجملة وهو قوله الذى ابنه كفل ويشترط فى الجملة الموصول بها أن تكون خبرية ولم ينبه على ذلك لكن تمثيله بالذى ابنه كفل يرشد إليه وجملة مبتدأ وأو شبهها معطوف عليه وهو الذى سوغ الابتداء بالنكرة والذى خبر ويجوز العكس وهو أظهر ووصل صلة الذى وفيه ضمير يعود على الموصول والضمير فى به عائد على الجملة وشبهها وهو الرابط بين الصلة والموصول والتقدير والذى وصل به الموصول جملة أو شبهها ويحتمل أن يكون به نائبا عن الفاعل ولا ضمير حينئذ فى وصل والتقدير والذى وقع الوصل به جملة أو شبهها. ثم أشار إلى القسم الثانى من الموصولات وهو ما يوصل بالصفة فقال :

وصفة صريحة صلة أل

وكونها بمعرب الأفعال قل

٣٧

الصفة الصريحة هى اسم الفاعل واسم المفعول وأمثلة المبالغة والصفة المشبهة وفى وصل أل بالصفة المشبهة خلاف فتقول جاءنى القائم أبوه والضاربه زيد أى الذى قام أبوه والذى ضربه زيد وقام المكرم والمضروب أبوه أى الذى أكرم والذى ضرب أبوه وقام الضاربه زيد أى الذى يضربه زيد وجاء الحسن وجهه أى الذى حسن وجهه. والصريحة الخالصة واحترز بها من الصفة غير الصريحة وهى الصفات التى أجريت مجرى الأسماء نحو أبطح وأجرع وصاحب فلا يوصل بها أل وقوله : (وكونها بمعرب الأفعال قل) يعنى أنه جاءت صلة أل بمعرب الأفعال وهو الفعل المضارع قليلا ومنه قوله :

١٧ ـ ما أنت بالحكم الترضى حكومته

ولا الأصيل ولا ذى الرأى والجدل

أى الذى ترضى حكومته وقوله وصفة صريحة خبر مقدم وصلة أل مبتدأ وكونها مبتدأ وبمعرب الأفعال متعلق به وقل خبر المبتدأ والظاهر أن كونها مصدر لكان التامة وتقدير البيت وصلة أل صفة صريحة ووقوعها بالفعل المضارع قليل وقوله :

أى كما وأعربت ما لم تضف

وصدر وصلها ضمير انحذف

وبعضهم أعرب مطلقا وفى

ذا الحذف أيّا غير أىّ يقتفى

إن يستطل وصل وإن لم يستطل

فالحذف نزر وأبوا أن يختزل

إن صلح الباقى لوصل مكمل

من الموصولات أى وإنما أخرها عنها لما اختصت به دون سائر الموصولات من إعرابها فى بعض المواضع ولزوم إضافتها لفظا أو معنى وجواز حذف صدر صلتها وقوله أى كما ، يعنى أن أيا مثل ما فيما تقدم من كونها تطلق على المذكر والمؤنث وفروعهما فتقول جاءنى أيهم قام وأيهم قاما وأيهم قاموا وأيهم قمن وقوله : (وأعربت ما لم تضف. وصدر وصلها ضمير انحذف) أى بالنظر إلى التصريح بالمضاف إليه وتقديره وإثبات صدر صلتها وحذفه على أربعة أقسام : الأول أن يصرح بالمضاف إليه ويثبت صدر صلتها نحو جاءنى أيهم هو

__________________

(١٧) البيت من البسيط ، وهو للفرزدق فى الإنصاف ٢ / ٥٢١ ، وجواهر الأدب ص ٣١٩ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٢ ، والدرر ١ / ٢٧٤ ، وشرح التصريح ١ / ٣٨ ، ١٤٢ ، وشرح شذور الذهب ص ٢١ ، ولسان العرب ٦ / ٩ (أمس) ، ١٢ / ٥٦٥ (لوم) ، والمقاصد النحوية ١ / ١١١ ، وليس فى ديوانه ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٢٠ ، وتخليص الشواهد ص ١٥٤ ، والجنى الدانى ص ٢٠٢ ، ورصف المبانى ص ٧٥ ، ١٤٨ ، وشرح الأشمونى ١ / ٧١ ، وشرح ابن عقيل ص ٨٥ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٩٩ ، والمقرب ١ / ٦٠ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٥.

والشاهد فيه قوله : «الترضى» حيث أدخل الموصول الاسمى «أل» على الفعل المضارع ، وهذا قليل.

٣٨

قائم. الثانى أن يحذفا معا نحو جاءنى أى قائم. الثالث أن يثبت صدر صلتها ولا يصرح بالمضاف إليه نحو جاءنى أى هو قائم فأى فى هذه الصور الثلاث معربة وإليها أشار بقوله وأعربت. الرابع أن يصرح بالمضاف إليه ويحذف صدر صلتها نحو جاءنى أيهم قائم فأى فى هذه الصورة مبنية على الضم وإلى ذلك أشار بقوله :

(ما لم تضف* وصدر وصلها ضمير انحذف) ، ومن ذلك قوله عزوجل : (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) [مريم : ٦٩] فأى مبتدأ وكما خبره وأعربت مبنى للمفعول والنائب عن الفاعل ضمير عائد عليها وما ظرفية مصدرية وصدر وصلها مبتدأ وضمير خبره وانحذف فى موضع الصفة لضمير والواو الداخلة على المبتدأ واو الحال والتقدير أى مثل ما فى جميع أحوالها وأعربت مدة كونها غير مضافة فى حال كون صدر صلتها محذوفا. وقوله وبعضهم أعرب مطلقا يعنى أن بعض العرب يعرب أيا الموصولة فى جميع الصور الأربع المذكورة وقرأ بعضهم ثم لننزل عن من كل شيعة أيهم أشد بنصب أىّ. ثم قال : (وفى* ذا الحذف أيا غير أى يقتفى) يعنى أن غير أى من الموصولات يتبع أيا فى جواز حذف صدر صلتها فالإشارة بذا إلى حذف صدر صلة أى لكن يشترط فى جواز حذف صدر صلة غير أى أن تطول الصلة وإلى ذلك أشار بقوله : (إن يستطل وصل) أى إن تطل الصلة وطولها أن يكون فيها زائد على المفرد المخبر به عن الصدر نحو ما حكاه سيبويه من قولهم ما أنا بالذى قائل لك سوءا التقدير بالذى هو قائل لك سوءا فالصلة طالت بالمجرور والمفعول ومن ذلك قوله عزوجل (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ) [الزخرف : ٨٤] التقدير وهو الذى هو إله فى السماء فحذف الصدر لطول الصلة بالمجرور ، ثم قال :

(وإن لم يستطل* فالحذف نزر)

يعنى أن حذف صدر صلة غير أى إن لم تطل الصلة قليل ومنه قراءة بعضهم «تماما على الذى أحسن» أى على الذى هو أحسن ، وقوله :

٨١ ـ من يعن بالحمد لم ينطق بما سفه

ولا يحد عن سبيل المجد والكرم

أى بما هو سفه. وغير أى مبتدأ ويقتفى خبره وأيا مفعول مقدم بيقتفى وفى متعلق

__________________

(١٨) البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ١٦٨ ، وتخليص الشواهد ص ١٦٠ ، والدرر ١ / ٣٠٠ ، وشرح الأشمونى ١ / ٧٨ ، وشرح التصريح ١ / ١٤٤ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٦٦ ، وهمع الهوامع ١ / ٩٠.

والشاهد فيه قوله : «بما سفه» حيث حذف العائد إلى الاسم الموصول من جملة الصلة مع كون هذا العائد مرفوعا بالابتداء ولم تطل الصلة ، إذ لم تشتمل إلا على المبتدأ والخبر. والتقدير : بما هو سفه.

٣٩

بيقتفى وإن يستطل شرط ووصل مفعول ما لم يسم فاعله وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم عليه وقوله وإن لم يستطل معطوف على جملة الشرط والجواب وجوابه فالحذف نزر ، ثم قال :

(وأبوا أن يختزل* إن صلح الباقى لوصل مكمل)

يعنى أن الباقى بعد حذف صدر الصلة إذا كان صالحا لأن يوصل به الموصول كأن يكون جملة من مبتدأ وخبر نحو جاءنى الذى هو جاريته قائمة أو فعلا وفاعلا نحو جاءنى الذى هو قام أبوه أو ظرفا نحو جاءنى الذى هو عندك أو مجرورا نحو جاءنى الذى هو فى الدار لا يجوز حذف الصدر فى شىء من ذلك لأن ما بقى بعد حذفه صالح لأن يكون صلة فلا دليل حينئذ على حذفه والضمير فى قوله وأبوا عائد على العرب وأن يختزل فى موضع المفعول بأبوا ، والاختزال القطع وعبر به عن الحذف وقوله إن صلح شرط والباقى فاعل بصلح ولوصل متعلق بصلح ومكمل صفة لوصل وهو اسم فاعل من أكمل لأنه قد أكمل به الموصول فهو مكمل له. ولما فرغ من حكم الضمير المرفوع شرع فى حكم الضمير المنصوب فقال :

والحذف عندهم كثير منجلى

فى عائد متّصل إن انتصب

بفعل أو وصف كمن نرجو يهب

يعنى أن الضمير العائد من الصلة إلى الموصول إذا كان منصوبا متصلا بالفعل أو بالوصف يجوز حذفه بكثرة ومثل للمنصوب بالفعل بقوله كمن نرجو يهب فمن مبتدأ وهو منصوب بمعنى الذى ونرجو صلته يهب خبر عنه والضمير العائد من الصلة إلى الموصول محذوف تقديره من نرجوه ومثال حذفه من الوصف قول الشاعر :

١٩ ـ ما الله موليك فضل فاحمدنه به

فما لدى غيره نفع ولا ضرر

إلا أن حذفه مع الفعل أكثر من حذفه مع الوصف ولم ينبه الناظم على ذلك لكن تقديم الفعل على الوصف يرشد إليه واحترز بقوله متصل من المنفصل نحو جاءنى الذى إياه ضربت فلا يجوز حذفه وبقوله إن انتصب بفعل أو وصف من المنتصب بالحرف نحو جاءنى

__________________

(١٩) البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ١٦٩ ، وتخليص الشواهد ص ١٦١ ، وشرح الأشمونى ١ / ٧٩ ، وشرح التصريح ١ / ١٤٥ ، وشرح ابن عقيل ص ٩٠ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٤٧.

والشاهد فيه قوله : «موليك» حيث حذف عائد الصلة ، والتقدير : «ما الله موليكه».

٤٠