شرح المكودي

أبي زيد عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي

شرح المكودي

المؤلف:

أبي زيد عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي


المحقق: الدكتور عبد الحميد الهنداوي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: المكتبة العصريّة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٠٥

يعنى أن وجود أل فى الوصف المضاف إن كان مثنى أو مجموعا على حده وهو الذى اتبع سبيل المثنى فى كون الإعراب بحرف بعده نون واحترز به من جمع التكسير فإنه يكفى عن وجودها فى المضاف إليه نحو الضاربا زيد والمكرمو عمرو وقوله سبيله اتبع أى سبيل المثنى فيما ذكر. وكونها مبتدأ وإن وقع مبتدأ ثان وكاف خبره والجملة خبر الأول هذا ما أعرب به الشارح هذا البيت وهو صعب التقدير وعندى فى إعرابه غير هذا الوجه وهو أن كونه مبتدأ والظاهر أنه مصدر كان التامة أى وجوده وفى الوصف متعلق به وكاف خبره وإن وقع فى موضع نصب على إسقاط لام التعليل والتقدير وجوده أى أل فى الوصف كاف لوقوعه أى لوقوع الوصف مثنى أو مجموعا على حده ويجوز فى همزة إن الكسر وقد جاء كذلك فى بعض النسخ فوقوع الوصف مثنى أو مجموعا على حده شرط فى الاكتفاء عن وجود أل فى المضاف إليه وسبيله مفعول باتبع والجملة فى موضع الصفة لجمع ، ثم قال :

وربّما أكسب ثان أوّلا

تأنيثا ان كان لحذف موهلا

يعنى أن المضاف المذكور قد يكتسب التأنيث من المضاف إليه إذا كان مؤنثا وذلك بشرط صحة الاستغناء بالثانى عن الأول وهو المنبه عليه بقوله إن كان لحذف موهلا أى إذا كان المضاف صالحا للحذف والاستغناء عنه بالثانى كقول الشاعر :

١٠٦ ـ مشين كما اهتزت رماح تسفهت

أعاليها مرّ الرياح النواسم

فمر فاعل بتسفهت ولحقت التاء الفعل المسند إليه لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه وهو الرياح لأنه يجوز الاستغناء بالرياح عن مر فتقول تسفهت الرياح فلو كان المضاف إلى المؤنث مما لا يصلح الاستغناء عنه بالثانى لم يجز تأنيثه نحو قام غلام هند إذ لا يصح أن تقول قام هند وأنت تريد غلام هند وفهم من قوله وربما أن ذلك قليل وفى ذكر هذا الشرط إشعار بأنه يجوز أن يكتسب المؤنث التذكير من المضاف إليه إذا صح الاستغناء عنه بالثانى كقوله :

__________________

(١٠٦) البيت من الطويل ، وهو لذى الرمة فى ديوانه ص ٧٥٤ ، وخزانة الأدب ٤ / ٢٢٥ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٨ ، والكتاب ١ / ٥٢ ، ٦٥ ، والمحتسب ١ / ٢٣٧ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٦٧ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٥ / ٢٣٩ ، والخصائص ٢ / ٤١٧ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣١٠ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٨٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٨٣٨ ، ولسان العرب ٣ / ٢٨٨ (عرد) ، ٤ / ٤٤٦ (صدر) ، ١١ / ٥٣٦ (قبل) ، ١٣ / ٤٩٩ (سنه) ، والمقتضب ٤ / ١٩٧.

والشاهد فيه قوله : «تسفهت ... مرّ الرياح» حيث أنث الفعل مع أن فاعله «مرّ» مذكر. والذى سوغ ذلك اكتسابه التأنيث من المضاف إليه المؤنث ، وهو قوله : «الرياح» وصحة الاستغناء بالمضاف إليه عنه.

١٦١

١٠٧ ـ رؤية الفكر ما يؤول له الأم

ر معين على اجتناب التوانى

فمعين خبر عن رؤية وذكره وهو خبر عن مؤنث لاكتساب المبتدأ التذكير من المضاف إليه وهو الفكر لصحة الاستغناء بالثانى عن الأول لأنه يجوز أن يقول الفكر معين إذ العلة فى ذلك واحدة. وثان فاعل بأكسب وأوّلا مفعول أول وتأنيثا مفعول ثان وإن كان شرط جوابه محذوف لدلالة ما تقدم عليه ولحذف متعلق بموهلا. ثم قال :

ولا يضاف اسم لما به اتّحد

معنى وأوّل موهما إذا ورد

يجب أن يكون المضاف مغايرا للمضاف إليه ولو بوجه ما لأن المضاف يكتسب من المضاف إليه التخصيص أو التعريف والشىء لا يتخصص ولا يتعرف بنفسه فإن ورد من كلام العرب ما يوهم إضافة الشىء إلى نفسه أوّل ذلك بإضافة الاسم إلى اللقب نحو سعيد كرز فيؤول الأول بالمسمى والثانى بالاسم والاسم خلاف المسمى ونحو مسجد الجامع فى قولهم مسجد الجامع فيؤول على حذف الموصوف والتقدير مسجد المكان الجامع. ومعنى منصوب على التمييز أو على إسقاط فى وموهما مفعول بأول وحذف معموله لاقتضاء المعنى له وتقديره موهما جواز إضافة الشىء إلى نفسه.

وبعض الأسماء يضاف أبدا

وبعض ذا قد يأت لفظا مفردا

ثم اعلم أن من الأسماء ما يلزم الإضافة لفظا ومعنى ولا يخلو عنها البتة ومنها ما يلزمها معنى ويخلو عنها لفظا وقد أشار إلى الأول فقال : (وبعض الأسماء يضاف أبدا) يعنى أن من الأسماء ما لا يستعمل إلا مضافا نحو قصارى الشىء وحماداه وذلك على خلاف الأصل فإن الأصل فى الاسم أن يستعمل مضافا تارة وغير مضاف أخرى ثم إن من اللازم للإضافة ما يلزمها معنى ويجوز إفراده لفظا وإلى ذلك أشار بقوله : (وبعض ذا قد يأت لفظا مفردا) وذلك نحو كل وبعض وقبل وبعد وبعض الأسماء مبتدأ ويضاف خبره وأبدا منصوب على الظرف وبعض ذا مبتدأ وقد يأت خبره وحذف الياء من يأت استغناء بالكسرة ومفردا حال من الضمير المستتر فى يأت ولفظا منصوب على إسقاط الخافض ويجوز نصبه على التمييز.

ثم قال :

__________________

(١٠٧) البيت من الخفيف ، وهو بلا نسبة فى الدرر ٥ / ٢١ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٦٩ ، همع الهوامع ٢ / ٤٩.

والشاهد فيه قوله : «رؤية الفكر ما يؤول له» حيث اكتسب المضاف وهو قوله : «رؤية» التذكير من المضاف إليه ، وهو قوله : «الفكر» فأعاد عليه الضمير مذكّرا فى قوله «له».

١٦٢

وبعض ما يضاف حتما امتنع

إيلاؤه اسما ظاهرا حيث وقع

يعنى أن بعض الأسماء اللازمة للإضافة لفظا ومعنى يمتنع أن تضاف إلى الظاهر فتجب إضافته للمضمر وفى هذا النوع خروج عن الأصل من وجهين لزوم الإضافة وكون المضاف إليه مضمرا.

كوحد لبّى ودوالى سعدى

وشذّ إيلاء يدى للبّى

ثم أتى من ذلك بأربعة ألفاظ فقال : (كوحد لبى ودوالى سعدى) أما وحد فقد تقدم الكلام عليه فى باب الحال وأنه لازم النصب تقول جاء زيد وحده أى منفردا وقد جاء مضافا إليه فى قولهم فى المدح نسيج وحده وفريد دهره وفى الذم فى قولهم جحيش وحده وعيير وحده أما لبى فإنه أيضا لازم الإضافة إلى الضمير نحو لبيك ومعنى لبيك إقامة على إجابتك بعد إقامة وأما دوالى فيضاف أيضا إلى الضمير وجوبا نحو دواليك ومعناه إدالة لك بعد إدالة وسعدى كذلك تقول سعديك ومعناه إسعادا بعد إسعاد وقد جاء فى الشعر إضافة لبى إلى الظاهر على وجه الشذوذ وعلى ذلك نبه بقوله : (وشذ إيلاء يدى للبى) أى وشذ إضافة لبى ليدى وأشار بذلك إلى قول الشاعر :

١٠٨ ـ دعوت لمّا نابنى مسورا

فلبا فلبّى يدى مسور

فأضاف لبى إلى يدى مسور وإيلاء فاعل بشذ وهو مصدر مضاف إلى المفعول الأول واللام فى للبى زائدة فى المفعول الثانى تقوية لضعف العامل لكونه فرعا أعنى فى العمل فإن إيلاء مصدر أولى وهو متعد إلى اثنين بنفسه.

وألزموا إضافة إلى الجمل

حيث وإذ وإن ينوّن يحتمل

إفراد إذ

__________________

(١٠٨) البيت من المتقارب ، وهو لرجل من بنى أسد فى الدرر ٣ / ٦٨ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٨ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩١٠ ، ولسان العرب ١٥ / ٢٣٩ (لبى) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٨١ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٢٣ ، وخزانة الأدب ٢ / ٩٢ ، ٩٣ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٧٤٧ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٧٩ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣١٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٨٣ ، ٣٨٥ ، والكتاب ١ / ٣٥٢ ، ولسان العرب ١ / ٧٣١ (لبب) ، ٤ / ٣٨٨ (سور) ، والمحتسب ١ / ٧٨ ، ٢ / ٢٣ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٥٧٨ ، وهمع الهوامع ١ / ١٩٠.

١٦٣

ثم قال : (وألزموا إضافة إلى الجمل* حيث وإذ) أما حيث فهى ظرف مكان وأما إذ فهى ظرف للزمان الماضى وكلاهما يلزم الإضافة إلى الجمل وشمل قوله الجمل الجملة الاسمية نحو جلست حيث زيد جالس والفعلية نحو جلست حيث جلس زيد وأتيتك إذ زيد قائم وإذ قام زيد ثم إن إذ تنفرد بجواز حذف الجملة بعدها وتعويض التنوين منها وإلى ذلك أشار بقوله : (وإن ينون يحتمل إفراد إذ) الضمير فى ينون عائد على أقرب المذكور وهو إذ أى وإن ينون إذ يحتمل الإفراد كقوله تعالى : (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللهِ) [الروم : ٤ ، ٥] وقوله : (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) [الواقعة : ٨٤] والضمير فى وألزموا عائد على العرب وحيث وإذ مفعول بألزموا وإضافة مفعول ثان وهو مقدم من تأخير وإلى الجمل متعلق بألزموا والضمير فى ينون عائد على إذ وكذلك الهاء فى إفراده. واعلم أن من أسماء الزمان ما يجرى مجرى إذ فى الإضافة إلى الجمل وإلى ذلك أشار بقوله :

وما كإذ معنى كإذ

أضف جوازا نحو حين جا نبذ

يعنى أن ما شابه إذ فى كونه اسم زمان مبهم بمعنى الماضى يجرى مجرى إذ فى إضافته إلى الجملة الاسمية والفعلية جوازا لا لزوما نحو يوم ووقت وحين فتقول قمت يوم قام زيد وحين زيد قائم وفهم منه أنه إذا كان غير مبهم لم يضف إلى الجمل نحو نهار وكذلك إذا كان محدودا نحو شهر فلا يجرى مجرى إذ إلا إذا استوى الشبه فى الأوجه المذكورة وما موصولة واقعة على أسماء الزمان الشبيهة بإذ وهو مفعول مقدم بأضف وصلتها كإذ ومعنى منصوب على إسقاط الخافض وجوازا مصدر وصف لمصدر محذوف تقديره أضف إضافة جائزة ويحتمل أن يكون منصوبا على الحال إذا قدرنا المصدر المحذوف معرفة والأول أظهر وكإذ الثانى متعلق بأضف وهو على حذف مضاف أى كإضافة إذ ويحتمل أن يكون فى موضع الحال على أنه نعت نكرة مقدم عليها والتقدير إضافة كإضافة إذ وهو أظهر ويكون التقدير أضف ما أشبه إذ من ظروف الزمان كإضافة إذ إلى الجمل ولذلك عقبه بقوله جوازا لأنه لو لم يقل جوازا لفهم منه أنها تضاف إلى الجمل لزوما وقوله حين جا نبذ مثال لإضافة حين للجملة الفعلية وهو متعلق بنبذ ومعنى نبذ : طرح. ثم قال :

وابن أو اعرب ما كإذ قد أجريا

واختر بنا متلوّ فعل بنيا

وقبل فعل معرب أو مبتدا

أعرب ومن بنى فلن يفنّدا

١٦٤

يعنى أن ما جرى من أسماء الزمان مجرى إذ فأضيف إلى الجملة يجوز فيه حينئذ البناء والإعراب إلا أن الجملة إذا كانت مصدرة بفعل مبنى اختير البناء ، وشمل قوله فعل بنيا الماضى كقوله :

١٠٩ ـ على حين ألهى الناس جل أمورهم

والمضارع المبنى كقوله :

١١٠ ـ على حين يستصبين كل حليم

وإن كانت الجملة المضاف إليها مصدرة بالفعل المعرب وهو المضارع العارى عن موانع الإعراب نحو قول الله عزوجل (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ) [المائدة : ١١٩] أو بالمبتدأ نحو قول الشاعر :

١١١ ـ ألم تعلمى يا عمرك الله أننى

كريم على حين الكرام قليل

فالوجه الإعراب وهو متفق عليه ولذلك قال : (وقبل فعل معرب أو مبتدا* أعرب) وأجاز الكوفيون فيه البناء وتبعهم الناظم ولذلك قال : (ومن بنى فلن يفندا) ويؤيده قراءة نافع (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) [المائدة : ١١٩] وأن قوله على حين الكرام قليل روى بفتح حين.

والتفنيد التكذيب والذى يبنى عليه الظرف فى هذا الفصل الفتح ولم ينبه عليه الناظم وما موصولة واقعة على أسماء الزمان الجارية مجرى إذ وهى مفعولة بأعرب ومطلوبة لابن فهو

__________________

(١٠٩) عجزه :

فندلا زريق المال ندل الثعالب

والبيت من الطويل ، وهو لأعشى همدان فى الحماسة البصرية ٢ / ٢٦٢ ، ٢٦٣ ، ولشاعر من همدان فى شرح أبيات سيبويه ١ / ٣٧١ ، ٣٧٢ ، ولأعشى همدان أو للأحوص أو لجرير فى المقاصد النحوية ٣ / ٤٦ ، وهو فى ملحق ديوان الأحوص ص ٢١٥ ، وملحق ديوان جرير ١٠٢١ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ص ٢٩٣ ، وأوضح المسالك ٢ / ٢١٨ ، وجمهرة اللغة ص ٦٨٢ ، والخصائص ١ / ١٢٠ ، وسر صناعة الإعراب ص ٥٠٧ ، وشرح الأشمونى ١ / ٢٠٤ ، وشرح التصريح ١ / ٣٣١ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٨٩ ، والكتاب ١ / ١١٥ ، ولسان العرب ٩ / ٧٠ (خشف) ، ١١ / ٦٥٣ (ندل).

(١١٠) صدره :

لأجتذبن منهن قلبى تحلّما

والبيت من الطويل ، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٣٥ ، وخزانة الأدب ٣ / ٣٠٧ ، والدرر ٣ / ١٤٥ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣١٥ ، وشرح التصريح ٢ / ٤٢ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨٣٣ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٥١٨ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤١٠ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٨.

والشاهد فيه قوله : «على حين يستصبين» حيث بنى «حين» على الفتح لإضافته إلى الفعل المضارع المبنى لاتصاله بنون النسوة.

(١١١) البيت من الطويل ، وهو لمبشر بن هذيل فى ديوان المعانى ١ / ٨٩ ، ولموبال بن جهم المذحجى فى شرح شواهد المغنى ٢ / ٨٨٤ ، ولمبشر بن هذيل أو لموبال بن جهم فى المقاصد النحوية ٣ / ٤١٢ ، وبلا نسبة فى الدرر ٣ / ١٤٧ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣١٥ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٥١٨ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٨.

والشاهد فيه قوله : «على حين الكرام قليل» حيث بنيت «حين» على الفتح رغم إضافتها إلى جملة معربة الصّدر ، والأكثر إعرابها قبل المعرب.

١٦٥

من باب التنازع وأو للتخيير وصلة ما قد أجريا وكإذ متعلق بأجريا وقصر بنا لضرورة الوزن ، وبنيا فى موضع الصفة لفعل ، وقبل متعلق بأعرب ، وأو للتقسيم ومن شرط فى موضع رفع بالابتداء وخبره بنى ، والفاء جواب الشرط. ثم قال :

وألزموا إذا إضافة إلى

جمل الأفعال كهن إذا اعتلى

يعنى أن العرب ألزمت إذا الإضافة إلى الجمل الفعلية ، ويعنى بإذا الظرفية دون الفجائية ، والجملة بعدها فى موضع جر عند الجمهور ، والعامل فيها جوابها على المشهور وإذا مفعول أول بألزموا وإضافة مفعول ثان وإلى متعلق بإضافة وهن فعل أمر من هان يهون ضد صعب.

ثم قال :

لمفهم اثنين معرّف بلا

تفرّق أضيف كلتا وكلا

من الأسماء اللازمة للإضافة لفظا ومعنى كلتا وكلا وفهم من قوله لمفهم اثنين أنهما لا يضافان للمفرد وشمل مفهم اثنين المثنى نحو كلا الرجلين وضميره نحو كلاهما وما دل عليه نحو كلانا واسم الإشارة نحو كلا ذينك ، وفهم من قوله معرف أنهما لا يضافان إلى نكرة فلا يقال كلا رجلين. وفهم من قوله بلا تفرق أنه يقال كلا زيد وعمرو وقد جاء فى ضرورة الشعر كقوله :

١١٢ ـ كلا أخى وخليلى واجدى عضدا

فى النائبات وإلمام الملمّات

ومعرف نعت لمفهم واللام فيه متعلقة بأضيف وكذلك كلا ولا زائدة بين الجار والمجرور.

ولا تضف لمفرد معرّف

أيا وإن كرّرتها فأضف

أو تنو الأجزا واخصصن بالمعرفه

موصولة أيّا وبالعكس الصّفه

ثم قال : (ولا تضف لمفرد معرف* أيا) من الأسماء اللازمة للإضافة معنى دون لفظ أى.

وقوله ولا تضف نهى أن تضاف أى لمفرد معرف وفهم منه أنها تضاف للجمع والمثنى مطلقا

__________________

(١١٢) البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٤٠ ، والدرر ٣ / ١١٢ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣١٧ ، وشرح التصريح ٢ / ٤٣ ، وشرح شواهد المغنى ص ٥٥٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٩٠ ، ومغنى اللبيب ص ٢٠٣ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤١٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٠.

والشاهد فيه قوله : «كلا أخى وخليلى» حيث أضيفت «كلا» إلى كلمتين ، وهذا ضرورة نادرة ، وأجاز ابن الأنبارى إضافتها إلى المفرد بشرط تكررها.

١٦٦

نكرة كان أو معرفة نحو أى رجال وأى رجلين وأى الرجال وأى الرجلين وفهم منه أيضا أنها تضاف للمفرد النكرة نحو أى رجل ويمتنع أن تضاف إلى المفرد المعرفة إلا فى صورتين أشار إلى الأول بقوله :

(وإن كررتها فأضف) يعنى أنك إذا كررت أيا جاز أن تضيفها إلى المفرد المعرفة نحو أى زيد وأى عمرو عندك يعنى أى الرجلين قيل ولا تأتى إلا فى الشعر كقوله :

١١٣ ـ ألا تسألون الناس أيّى وأيّكم

غداة التقينا كان خيرا وأكرما

ثم أشار إلى الصورة الثانية بقوله : (أو تنو الأجزا) أى يجوز إضافتها إلى المفرد المعرفة إذا نويت أجزاء ذلك الاسم كقولك أى زيد ضربت والتحقيق أنها فى هذه الصورة مضافة إلى الجمع لأن التقدير أى أجزائه ضربت ولذلك يكون الجواب يده أو رأسه. ثم اعلم أن أيا بالنظر إلى إضافتها إلى المعرفة والنكرة على ثلاثة أقسام أشار إلى القسم الأول منها بقوله : (واخصصن بالمعرفة* موصولة أيا) يعنى أن أيا إذا كانت موصولة تختص بإضافتها إلى المعرفة نحو مررت بأى الرجال هو أفضل وأيهم هو أكرم ثم أشار إلى الثانى بقوله : (وبالعكس الصفة) يعنى أن أيا إذا كانت صفة بعكس الموصولة ، وهى أنها تختص بإضافتها إلى النكرة نحو مررت برجل أى رجل وكذلك إذا كانت حالا كقولك جاء زيد أىّ فارس ثم أشار إلى الثالث بقوله :

وإن تكن شرطا أو استفهاما

فمطلقا كمّل بها الكلاما

يعنى أن أيا إذا كانت شرطا أو استفهاما جاز أن تضاف إلى المعرفة والنكرة نحو أىّ رجل تضرب أضربه وأى الرجال تكرم أكرمه وأىّ رجل عندك وأىّ رجال عندك. وأيا مفعول بتضف وإن كررتها شرط وجوابه فأضف وحذف مفعول فأضف والمجرور المتعلق به لدلالة ما تقدم عليه والتقدير فأضفها للمعرفة ، وأو تنو معطوف على كررتها فهو شرط والتقدير وإن كررتها أو نويت الأجزاء فأضفها ، وفيه نظر لأن ما عطف على الشرط شرط وتقدم عليه فأضف وهو جواب ولا يجوز تقديم الجواب على الشرط ولم أر فيما وقفت عليه من كلام العرب مثل هذا التركيب ، ونظيره : إن قام زيد فأكرمه أو يقعد ، على أن الإكرام مرتب على

__________________

(١١٣) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة فى شرح الأشمونى ٢ / ٣١٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٩١ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٢٣.

والشاهد فيه قوله : «أيّى» و «أيّكم» حيث أضاف «أى» إلى مفرد معرفة ، والذى جوّز ذلك تكريرها.

١٦٧

الفعلين ويتخرج على أن يكون حذف إن الشرطية قبل تنو على مذهب من أجاز ذلك فيكون التقدير أو إن تنو الأجزاء فأضف وحذف فأضف لدلالة الأول عليه. فإن قلت مذهب من أجاز ذلك أن الفعل يرتفع بعد حذف إن كقوله :

١١٤ ـ وإنسان عينى يحسر الماء تارة

فيبدو ...

قلت يجوز أن يكون تنو مرفوعا واكتفى بالكسرة عن الياء كقوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) فى قراءة من حذف الياء أو تكون حذفت من تنو لالتقاء الساكنين على مذهب من لا يعتد بحركة الثقل فى أل. وقوله أيا مفعول باخصصن وبالمعرفة متعلق به وموصولة حال من أى مقدم عليها والصفة مبتدأ خبره بالعكس وإن تكن شرطا شرط جوابه فمطلقا إلى آخر البيت ومطلقا حال من أى يعنى مضافة إلى المعرفة أو النكرة ومعنى كمل بها الكلام أى الكلام الذى هى جزؤه لأنها مع ما أضيفت إليه جزء كلام.

ثم قال :

وألزموا إضافة لدن فجرّ

لدن من الأسماء اللازمة للإضافة لفظا ومعنى ومعناها قيل بمعنى عند وقيل هى لأول غاية من الزمان والمكان وفهم من قوله فجرّ أنها لا تضاف إلا للمفرد وجعل المرادى قوله فجر شاملا للجر فى اللفظ والمحل لتندرج الجملة وجعل من إضافتها إلى الجملة قوله :

__________________

(١١٤) عجزه :

فيبدو وتارات يجم فيغرق

والبيت من الطويل ، وهو لذى الرمة فى ديوانه ص ٤٦٠ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٩٢ ، والدرر ٢ / ١٧ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥٧٨ ، ٤ / ٤٤٩ ، ولكثير فى المحتسب ١ / ١٥٠ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٣ / ١٠٣ ، ٧ / ٢٥٧ ، وأوضح المسالك ٣ / ٣٦٢ ، وتذكرة النحاة ص ٦٦٨ ، وشرح الأشمونى ١ / ٩٢ ، ومجالس ثعلب ص ٦١٢ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٥٠١ ، والمعرب ١ / ٨٣ ، وهمع الهوامع ١ / ٩٨.

والشاهد فيه قوله : «يحسر الماء» حيث حذف منه «إن» ، إذ أصله : «إن يحسر الماء» فلمّا حذف ارتفع الفعل ، وإنما قدّروا فيه «إن» محذوفة وأن تقديره : وإنسان عينى إن يحسر الماء تارة فيبدو ، لأن قوله : «وإنسان عينى» مبتدأ و «يحسر الماء تارة» جملة في موضع الخبر ولا رابط فيه لهذه الجملة بالمبتدأ ، فلمّا عدم الرابط ذهب من ذهب إلى أن أصلها جملة شرطية لأنه لا يشترط فى الشرط إذا وقع خبرا أن يكون الرابط فى جملة الشرط ، بل قد يكون فى الجزاء نحو : «زيد إن تقم هند يغضب». وقال أبو حيّان : «ولا ضرورة إلى تكلف إضمار أداة الشرط لأن فى الروابط ما تقع الجملة خالية عن الرابط فيعطف بالفاء وحدها من بين سائر حروف العطف ـ جملة فيها رابط فيكتفى به لانتظام الجملتين ...» (المقاصد ٤ / ٤٤٩).

١٦٨

 ١١٥ ـ لدن شب حتى شاب سود الذوائب

والفعل عند المصنف فى نحو هذا على تقدير أن ، قال فى الكافية :

واثر ربت ولدن إن قدرا

من قبل فعل نحو من لدن قرا

وأجاز المرادى أيضا أن يضاف إلى الجملة الاسمية كقوله : لدن أنت يافع ، وليس فيه دليل لاحتمال أن تكون الجملة صفة لزمان محذوف تقديره لدن وقت أنت فيه يافع وقد سمع نصب غدوة بعد لدن وقد أشار إليه بقوله :

ونصب غدوة بها عنهم ندر

يعنى أنه قد نصب غدوة بعد لدن كقول ذى الرمة :

١١٦ ـ لدن غدوة حتى إذا امتدّت الضحى

وحثّ القطين الشّحشحان المكلّف

ونصبه قيل على تشبيه لدن باسم الفاعل المنون وقيل على إضمار كان الناقصة وقيل على التمييز وقد سمى بعض المتأخرين تنوين غدوة مع لدن تنوين الفرق. ولدن مفعول أول بألزموا وإضافة مفعول ثان ومفعول فجر محذوف تقديره فجر ما أضيف إليه ونصب مبتدأ خبره ندر وبها متعلق بنصب. ثم قال :

ومع مع فيها قليل ونقل

فتح وكسر لسكون يتّصل

من الأسماء اللازمة للإضافة مع وهى اسم لموضع الاجتماع ملازمة للظرفية وتفرد فيلزم نصبها على الحال نحو جاء الزيدان معا أى جميعا وقد حكى جرها وحكى سيبويه من قولهم ذهبت من معه. وقوله مع فيها قليل يعنى أن فيها لغتين فتح العين وسكونها ولغة السكون

__________________

(١١٥) صدره :

صريع غوان راقهنّ ورقنه

والبيت من الطويل ، وهو للقطامى فى ديوانه ص ٤٤ ، وخزانة الأدب ٧ / ٧٦ ، والدرر ٣ / ١٣٧ ، وسمط اللآلى ص ١٣٢ ، وشرح التصريح ٢ / ٤٦ ، وشرح شواهد المغنى ص ٤٥٥ ، ومعاهد التنصيص ١ / ١٨١ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٢٧ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٤ / ٤٢٧ ، وأوضح المسالك ٣ / ١٤٥ ، وتخليص الشواهد ص ٢٦٣ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣١٨ ، ومغنى اللبيب ص ١٥٧ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٥.

والشاهد فيه قوله : «لدن شبّ» حيث أضاف لفظ «لدن» إلى جملة «شبّ» وفاعله المستتر فيه.

(١١٦) البيت من الطويل ، وهو فى ديوان ذى الرمة ص ١٥٦٥ ، وشرح المفصل ٤ / ١٠٢ ، ولسان العرب ٢ / ٤٩٦ (شحح) ، ١٣ / ٣٨٣ (لدن).

والشاهد فيه قوله : «لدن غدوة» حيث نصب «غدوة» ب «لدن».

١٦٩

قليلة وقوله ونقل فتح وكسر يعنى فى لغة السكون إذا التقت العين الساكنة مع ساكن بعدها وجب تحريكها فمن حركها بالفتح فتخفيف ومن حركها بالكسر فعلى أصل التقاء الساكنين وقول المرادى هما مرتبان لا مفرعان غير صحيح بل هما مفرعان لا مرتبان لأن لغة الفتح لا يحدث الساكن فيها حكما وإنما يحدثه فى الساكنة ويدل على صحة ما ذكرته قوله لسكون فجعل الفتح والكسر لأجل السكون ومع معطوف على لدن فى البيت الذى قبله والتقدير وألزموا إضافة لدن ومع ومع الساكن العين مبتدأ وقليل خبره وفيها متعلق بقليل ولا يصح أن يكون مع المفتوح العين مبتدأ والجملة بعده خبر لأن ذلك لا يؤخذ منه حكم مع فى لزومها الإضافة بل يؤخذ منه أن فيها لغتين فقط بخلاف الإعراب الأول. ثم قال :

واضمم بناء غيرا ان عدمت ما

له أضيف ناويا ما عدما

غير من الأسماء اللازمة للإضافة وقد تخلو منها لفظا وذلك مفهوم من قوله إن عدمت ما له أضيف يعنى إن عدمته فى اللفظ وقوله ناويا ما عدما يعنى أن المضاف إليه يكون محذوفا لفظا ومنويا معنى وفهم منه أنه إن لم يعدم المضاف إليه لم يبن على الضم وأنه إن حذف ولم ينو لم يبن أيضا على الضم وأن المعنى ناويا معنى ما عدم دون لفظه فهو على حذف مضاف لأنه إذا نوى لفظه ومعناه كان معربا كما لو لفظ بالمضاف إليه وغير مفعول باضمم وبناء مصدر فى موضع الحال أى بانيا وإن عدمت شرط وما مفعول بعدمت واقع على المضاف إليه وأضيف صلة لما وله متعلق بأضيف والضمير العائد من الصلة إلى الموصول الهاء فى له والضمير فى أضيف عائد على غير وناويا حال من الفاعل باضمم أو من التاء فى عدمت وما مفعول بناويا وهى واقعة على المضاف إليه وصلته عدما. ثم قال :

قبل كغير بعد حسب أوّل

ودون والجهات أيضا وعل

لما قدم حكم غير وهو أنها تبنى على الضم إذا قطعت عن الإضافة ونوى المضاف إليه ألحق بغير فى ذلك الحكم قبل وما بعده فقبل وبعد نحو قوله عزوجل : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) [الروم : ٤] وحسب كقولك ما عندى غير درهم حسب وأول نحو ابدأ بذا من أول ودون نحو من دون والجهات يعنى الجهات الست وهى يمين وشمال وفوق وتحت ووراء وأمام تقول جئتك من تحت ومن فوق وعن يمين وشمال فهذه كلها تبنى على الضم كغير إذا عدم ما أضيف إليه ونوى معناه دون لفظه. ثم قال :

١٧٠

وأعربوا نصبا إذا ما نكّرا

قبلا وما من بعده قد ذكرا

هذا تصريح بما فهم من قوله ناويا ما عدما فإنه إن لم ينو لم يبن على الضم فلم يبق إلا الإعراب وهو الأصل إلا أن قوله نصبا يوهم أنه لا يعرب حال قطعه عن الإضافة إلا بالنصب وليس كذلك بل يعرب بالنصب إن كان ظرفا كقوله :

١١٧ ـ فساغ لى الشراب وكنت قبلا

أكاد أغصّ بالماء الزلال

وبالجر إذا دخل عليه حرف الجر نحو قوله عزوجل : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) [الروم : ٤] فى قراءة من جر ونون وكأنه استغنى عن ذكر الجر لشمول المفهوم الأول له وخص النصب بالذكر لكثرته. والحاصل أن قبلا وما بعدها لها أربعة أحوال تصريح بالمضاف إليه ونيته معنى ولفظا وعدمه لفظا ومعنى وهى فى هذه الأحوال الثلاثة معربة وعدم ذكر المضاف إليه ونيته معنى لا لفظا وهى فى هذه الحالة مبنية على الضم وإنما بنيت فى هذه الصورة لأن لها شبها بالحرف لتوغلها فى الإبهام فإذا انضم إلى ذلك تضمن معنى الإضافة ومخالفة النظائر بتعريفها بمعنى ما هى مقطوعة عنه كمل بذلك شبه الحرف فاستحقت البناء وبنيت على الضم لأنه أقوى الحركات تنبيها على عروض شبه البناء. وقبل مبتدأ وخبره كغير ويجوز ضبط غير وقبل بالضم من غير تنوين وبالتنوين والرفع وهو الأصل لأنها أسماء ليس فيها ما يوجب البناء ووجه الضم أنه ذكرها على الحالة التى تكون عليها فى حال قطعها عن الإضافة وأما بعد ودون وما بينهما فيتعين فيها الضم من غير تنوين إذ لا يستقيم الوزن إلا به ووجهه ما تقدم فى قبل وغير وهى معطوف على قبل والجهات وعلى كذلك والواو فى أعربوا تعود على العرب ونصبا مصدر فى موضع الحال أى ناصبين ويجوز أن يكون منصوبا على حذف الجار أى بنصب وقبلا مفعولا بأعربوا ولا يجوز فيه الضم كما جاز فيما قبل إذ لا وجه فيه للضم وما موصولة معطوفة على قبل وصلتها قد ذكرا ومن متعلق بذكر وغير داخل فيما بعد قبل لأنه قال قبل كغير ونطق بعل مبنيا على الضم ووجهه ما تقدم فى بعد ودون. ثم قال :

__________________

(١١٧) البيت من الوافر ، وهو ليزيد بن الصعق فى خزانة الأدب ١ / ٤٢٦ ، ٤٢٩ ، ولسان العرب ١٢ / ١٥٤ (حمم) ، ولعبد الله بن يعرب فى الدرر ٣ / ١١٢ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٣٥ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٥٦ ، وتذكرة النحاة ص ٥٢٧ ، وخزانة الأدب ٦ / ٥٠٥ ، ٥١٠ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٢ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٠ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٩٧ ، وشرح قطر الندى ص ٢١ ، وشرح المفصل ٤ / ٨٨ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٠ ، ويروى «الفرات» و «الحميم» مكان «الزلال».

١٧١

وما يلى المضاف يأتى خلفا

عنه فى الإعراب إذا ما حذفا

ما يلى المضاف هو المضاف إليه والغرض بهذا الكلام الإعلام بأن المضاف قد يحذف ويقام المضاف إليه مقامه فى الإعراب كقوله تعالى : (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) [البقرة : ٩٣] أى حب العجل وكقوله عزوجل : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] أى أهل القرية وما موصولة وهى مبتدأ وصلتها يلى المضاف وخبرها يأتى خلفا ونصب خلفا على الحال من الضمير فى يأتى العائد على ما وعنه متعلق بخلفا وفى الإعراب متعلق بيأتى وإذا متعلق بخلفا أو بيأتى. ثم قال :

وربّما جرّوا الّذى أبقوا كما

قد كان قبل حذف ما تقدّما

الوجه فى حذف المضاف أن ينوب عنه المضاف إليه فى الإعراب كما تقدم وقد يجىء المضاف إليه مجرورا كما لو صرح بالمضاف والذى أبقوا هو المضاف إليه لأنه هو الباقى بعد حذف المضاف ومعنى قوله أبقوا كما إلى آخر البيت أى تركوه على الحالة التى كان عليها قبل حذف المضاف وهى الجر وفهم من قوله وربما أن ذلك قليل وفيه مع قلته شرط نبه عليه بقوله :

لكن بشرط أن يكون ما حذف

مماثلا لما عليه قد عطف

يعنى أنه لا يجوز بقاء المضاف إليه مجرورا إذا حذف المضاف إلا بشرط أن يكون المحذوف معطوفا على ما قبله لفظا ومعنى كقوله :

١١٨ ـ أكلّ امرئ تحسبين امرأ

ونار توقّد بالليل نارا

فنار مضاف إليه كل وحذف كل وبقى نار مجرورا لأن المضاف الذى هو كل معطوف على كل المنطوق به المضاف إلى امرئ وما موصولة واقعة على المضاف وحذف صلتها وهى

__________________

(١١٨) البيت من المتقارب ، وهو لأبى دؤاد فى ديوانه ص ٣٥٣ ، والأصمعيات ص ١٩١ ، وأمالى ابن الحاجب ١ / ١٣٤ ، ٢٩٧ ، وخزانة الأدب ٩ / ٥٩٢ ، ١٠ / ٤٨١ ، والدرر ٥ / ٣٩ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٦ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٩٩ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٠٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٠٠ ، وشرح المفصل ٣ / ٢٦ ، والكتاب ١ / ٦٦ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٤٥ ، ولعدى بن زيد فى ملحق ديوانه ص ١٩٩ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٨ / ٤٩ ، والإنصاف ٢ / ٤٧٣ ، وأوضح المسالك ٣ / ١٦٩ ، وخزانة الأدب ٤ / ٤١٧ ، ٧ / ١٨٠ ، ورصف المبانى ص ٣٤٨ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٢٣٥ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٩٩ ، وشرح المفصل ٣ / ٧٩ ، ١٤٢ ، ٨ / ٥٢ ، ٩ / ١٠٥ ، والمحتسب ١ / ٢٨١ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٩٠ ، والمقرب ١ / ٢٣٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٢.

والشاهد فيه قوله : «ونار» حيث حذف المضاف «كلّ» وأبقى المضاف إليه مجرورا كما كان قبل الحذف ، وذلك لأن المضاف المحذوف معطوف على مماثل له ، وهو قوله : «كل امرئ».

١٧٢

اسم يكون ومماثلا خبر يكون ولما متعلق به وما موصولة وصلتها قد عطف وعليه متعلق بعطف وفى عطف ضمير يعود على ما والضمير فى عليه عائد على المعطوف عليه. ثم قال :

ويحذف الثّانى فيبقى الأوّل

كحاله إذا به يتّصل

يعنى أن الثانى الذى هو المضاف إليه يحذف ويبقى الأول الذى هو المضاف على الحالة التى كان عليها مع اتصال المضاف به من حذف التنوين إن كان مفردا أو النون إن كان مثنى أو مجموعا على حده لكن بشرط نبه عليه بقوله :

بشرط عطف وإضافة إلى

مثل الّذى له أضفت الأوّلا

يعنى أن بقاء المضاف إذا حذف المضاف إليه على الحالة التى كان عليها مشروط بأن يعطف عليه اسم مضاف إلى مثل المضاف إليه الأول وذلك مثل قولهم قطع الله يد ورجل من قالها أى قطع الله يد من قالها فحذف من قالها وبقى يد غير منون كما كان مع وجود المضاف إليه لأنه قد عطف رجل مضافا إلى مثل المحذوف ، ومنه قول الشاعر :

١١٩ ـ يا من رأى عارضا يسرّ به

بين ذراعى وجبهة الأسد

فذراعى مضاف إلى محذوف مثل الذى أضيف إليه المعطوف عليه وكحاله فى موضع الحال من الأول وإذا متعلق بالاستقرار العامل فى كحاله وهى مضافة إلى يتصل وبه متعلق بيتصل وبشرط متعلق بيحذف وإلى متعلق بإضافة والذى واقع على المضاف إليه المحذوف وصلته أضفت وله متعلق به والضمير المجرور عائد على الموصول. ثم اعلم أن المضاف والمضاف إليه كالشىء الواحد فلا يفصل بينهما كما لا يفصل بين أبعاض الكلمة إلا فى ضرورة الشعر هذا مذهب جمهور النحويين وأما الناظم فالفصل عنده بين المضاف والمضاف إليه على قسمين جائز فى السعة ومخصوص بالضرورة وقد أشار إلى الأول بقوله :

فصل مضاف شبه فعل ما نصب

مفعولا او ظرفا أجز ولم يعب

فصل يمين

__________________

(١١٩) البيت من المنسرح ، وهو للفرزدق فى خزانة الأدب ٢ / ٣١٩ ، ٤ / ٤٠٤ ، ٥ / ٢٨٩ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٩٩ ، وشرح المفصل ٣ / ٢١ ، والكتاب ١ / ١٨٠ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٥١ ، والمقتضب ٤ / ٢٢٩ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ١٠٠ ، ٢ / ٢٦٤ ، ٣٩٠ ، وتخليص الشواهد ص ٨٧ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٨٧ ، والخصائص ٢ / ٤٠٧ ، ورصف المبانى ص ٣٤١ ، وسر صناعة الإعراب ص ٢٩٧ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٣٦ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٠٢ ، ولسان العرب ٣ / ٩٢ (بعد) ، ١٥ / ٤٩٢ (يا) ، ومغنى اللبيب ٢ / ٣٨٠ ، ٦٢١.

١٧٣

فجعل الجائز فى السعة ثلاثة أنواع : الأول أن يكون المضاف شبيها بالفعل والفصل بينهما بمفعول المضاف فشمل نوعين الأول المصدر كقراءة ابن عامر (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ) [الأنعام : ١٣٧] بنصب أولادهم وجر شركائهم وأصله قتل شركائهم أولادهم ففصل بالمفعول بين المضاف والمضاف إليه لأن المضاف مصدر والمصدر شبيه بالفعل. الثانى اسم الفاعل كقوله عزوجل فى قراءة بعضهم : (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) [إبراهيم : ٤٧] ففصل بين مخلف ورسله بالمفعول وهو وعده لأن المضاف اسم الفاعل واسم الفاعل شبيه بالمضاف هذا معنى قوله : (فصل مضاف شبه فعل ما نصب مفعولا) النوع الثانى أن يكون الفصل بين المضاف والمضاف إليه بظرف معمول المضاف كقوله :

١٢٠ ـ كناحت يوما صخرة بعسيل

وهذا معنى قوله أو ظرفا وفهم منه جواز الفصل بالمجرور إذ الظرف والمجرور من واد واحد ومن ذلك قوله :

لا أنت معتاد فى الهيجا مصابرة

ففصل بين معتاد ومصابرة بقوله الهيجا. النوع الثالث الفصل بالقسم ومنه ما حكى الكسائى هذا غلام والله زيد ففصل بين غلام وزيد بالقسم وهذا معنى قوله ولم يعب فصل يمين. ثم أشار إلى الثانى بقوله :

واضطرارا وجدا

بأجنبىّ أو بنعت أو ندا

فجعل الفصل للاضطرار ثلاثة أنواع : الأول أن يكون الفاصل أجنبيا يعنى أجنبيا عن المضاف كقوله :

__________________

(١٢٠) صدره :

فرشنى بخير لا أكون ومدحتى

والبيت من الطويل وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٨٤ ، والدرر ٥ / ٤٣ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٨ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٨ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٣٢٨ ، ولسان العرب ١١ / ٤٤٧ (عسل) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٨١ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٢.

والشاهد فيه قوله : «كناحت يوما صخرة» فإنّ قوله : «ناحت» اسم فاعل مضاف إلى مفعوله ، وهو قوله : «صخرة» وقد فصل بينهما بالظرف وهو قوله : «يوما».

١٧٤

١٢١ ـ كما خط الكتاب بكفّ يوما

يهودىّ يقارب أو يزيل

ففصل بين كف ويهودى بيوم وهو أجنبى من المضاف أى غير معمول له. الثانى أن يفصل بين المضاف والمضاف إليه بالنعت أى ينعت المضاف كقول الشاعر :

١٢٢ ـ نجوت وقد بلّ المرادىّ سيفه

من ابن أبى شيخ الأباطح طالب

أراد ابن أبى طالب شيخ الأباطح وهو المراد بقوله أو بنعت. الثالث النداء كقول الشاعر :

١٢٣ ـ وفاق كعب بجير منقذ لك من

تعجيل تهلكة والخلد فى سقر

وهو المراد بقوله أو ندا وفصل مفعول مقدم بأجز وهو مصدر مضاف إلى المفعول وشبه فعل نعت لمضاف وما موصولة واقعة على الفاصل وصلتها نصب والضمير العائد على الموصول محذوف تقديره نصبه وهى فاعل بفصل ومفعولا أو ظرفا حالان من ما أو من الضمير المحذوف وتقدير البيت أجز أن يفصل المضاف منصوبه فى حال كونه مفعولا أو ظرفا وفصل يمين مفعول لم يسم فاعله بيعب وهو مصدر مضاف إلى الفاعل والتقدير لم يعب أن يفصل اليمين المضاف واضطرارا مفعول له وهو تعليل لوجد وفى وجد ضمير عائد على الفصل وبأجنبى متعلق بوجد.

__________________

(١٢١) البيت من الوافر ، وهو لأبى حية النميرى فى الإنصاف ٢ / ٤٣٢ ، وخزانة الأدب ٤ / ٢١٩ ، والدرر ٥ / ٤٥ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٩ ، والكتاب ١ / ١٧٩ ، ولسان العرب ١٢ / ٣٩٠ (عجم) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٧٠ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٨٩ ، والخصائص ٢ / ٤٠٥ ، ورصف المبانى ص ٦٥ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٨ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٠٣ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٩٥ ، وشرح المفصل ١ / ١٠٣ ، ولسان العرب ٤ / ١٥٨ (حبر) ، والمقتضب ٤ / ٣٧٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٢.

والشاهد فيه قوله : «بكفّ يوما يهودىّ» حيث فصل بالظرف «يوما» بين المضاف والمضاف إليه.

(١٢٢) البيت من الطويل ، وهو لمعاوية بن أبى سفيان فى الدرر ٥ / ٤٦ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٩ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٧٨ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ١ / ٢٥٨ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٠٤ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٩٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٢.

والشاهد فيه قوله : «من ابن أبى شيخ الأباطح طالب» حيث فصل بين المضاف وهو قوله «أبى» والمضاف إليه ، وهو قوله : «طالب» بالنعت للضرورة الشعرية.

(١٢٣) البيت من البسيط ، وهو لبجير بن زهير فى الدرر ٥ / ٤٨ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٨٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٣ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ٢ / ٣٢٩ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٠٥.

١٧٥

المضاف إلى ياء المتكلم

آخر ما أضيف لليا اكسر إذا

لم يك معتلا كرام وقذا

أو يك كابنين وزيدين فذى

جميعها اليا بعد فتحها احتذى

وتدغم اليا فيه والواو وإن

ما قبل واو ضمّ فاكسره يهن

وألفا سلّم وفى المقصور عن

هذيل انقلابها ياء حسن

إنما أفرد هذا الباب بالذكر لأن فيه أحكاما ليست فى الباب الذى قبله فمنها أن آخر المضاف إلى الياء يكون مكسورا وإلى ذلك أشار بقوله : (آخر ما أضيف للياء اكسر) نحو هذا غلامى وصاحبى وصديقى ويستثنى من ذلك المعتل الآخر والمثنى وجمع المذكر السالم وقد أشار إلى الأول بقوله : (إذا* لم يك معتلا) يعنى ما لم يكن المضاف إلى الياء معتل الآخر وشمل المقصور والمنقوص ولذلك أتى بمثالين فقال : (كرام وقذا) فرام مثال للمنقوص وقذا مثال للمقصور والقذا ما يقع فى العين ثم نبه على الثانى والثالث بقوله : (أو يك كابنين وزيدين) يعنى أو يك مثنى كابنين أو جمعا على حده كزيدين وفهم من كلامه أن هذه الأشياء التى ذكرت لا يكون ما قبل الياء فيها مكسورا. وأما حكم الياء فى نفسها فقد نبه عليه بقوله : (فذى* جميعها اليا بعد فتحها احتذى) ذى إشارة إلى الأربعة المذكورة يعنى أن هذه الأشياء المذكورة تكون الياء بعدها مفتوحة وفهم من قوله احتذى وجوب فتحها وفهم من تخصيصه الياء فى هذه المواضع أن الياء فى غيرها لا يجب فتحها بل يجوز فتحها وسكونها نحو غلامى وغلامى ثم بين حكم ما قبل الياء بقوله :

(وتدغم اليا فيه والواو وإن

ما قبل واو ضم فاكسره يهن* وألفا سلم)

يعنى أن ما قبل ياء المتكلم إن كان ياء أدغمت فى الياء وشمل المنقوص نحو رامى والمثنى والمجموع على حده فى حالة الجر والنصب نحو مررت بزيدى ورأيت زيدى ومررت بمسلمى فى زيدين ومسلمين والواو يعنى فى جمع المذكر السالم فى حالة الرفع وفهم منه وجوب قلب الواو ياء لأن الحرف لا يدغم إلا فى مثله وفهم من قوله : (وإن ما قبل واو ضم) أن ما قبل الواو فى الجمع يكون مضموما فيجب كسره بعد قلب الواو ياء وإدغامها فى الياء نحو هؤلاء مسلمىّ ويكون مفتوحا فيبقى على حاله نحو هؤلاء مصطفى فى جمع

١٧٦

مصطفى وقوله وألفا سلم أى اتركها على حالها وشمل المقصور نحو فتاى وعصاى والمثنى فى حال الرفع نحو هذان غلاماى هذه لغة جمهور العرب وهذيل يبدلون ألف المقصور ياء ويدغمونها فى ياء المتكلم وهو المنبه عليه بقوله : (وفى المقصور عن* هذيل انقلابها ياء حسن) وفهم من تخصيصه المقصور أن ألف التثنية لا تبدل عندهم وفهم منه أيضا أن الياء المبدلة من الألف تدغم فى ياء المتكلم لاجتماع مثلين : الأول منهما ساكن فتقول هذا فتى ، ومن ذلك قول الشاعر :

١٢٤ ـ سبقوا هوىّ وأعنقوا لهواهم

فتخرّموا ولكلّ جنب مصرع

وقوله آخر مفعول باكسر وأل فى الياء للعهد إما لما فى الترجمة من قوله ياء المتكلم أو فى أول الكتاب من قوله وقبل يا لنفس وقوله فذى مبتدأ وجميعها توكيد له والياء مبتدأ ثان وفتحها مبتدأ ثالث واحتذى خبر المبتدأ الثالث والضمير المستتر فيه عائد على فتحها والجملة خبر المبتدأ الثانى الذى هو الياء والضمير العائد عليه من الجملة الهاء فى فتحها والجملة خبر المبتدأ الأول والضمير العائد عليه محذوف تقديره بعدها فحذف وهو منوى ولذلك بنيت بعد ويجوز أن يكون جميعها مبتدأ ثانيا وهو وما بعده خبر المبتدأ الأول والرابط فى هذا الوجه الهاء فى جميعها والعائد على جميعها هو الضمير المقدر الذى كان يعود على المبتدأ الأول فى الوجه الأول والياء مفعول لم يسمّ فاعله وفيه متعلق بتدغم والهاء فى فيه عائدة على ياء المتكلم وإن شرط وما مفعول لم يسم فاعله بفعل محذوف يفسره ضم ويهن فعل مضارع مجزوم على جواب الأمر وهاؤه مضمومة من هان يهون إذا سهل ولا يصح كسرها لأنه مضارع وهن يهن إذا ضعف لأن المراد به إذا أدغم يسهل ويخفف لا يضعف وألفا مفعول مقدم بسلم وانقلابها مبتدأ وياء منصوب على إسقاط لام الجر وحسن خبر انقلابها وعن هذيل متعلق بحسن وكذلك فى المقصور.

__________________

(١٢٤) البيت من الكامل ، وهو لأبى ذؤيب فى إنباه الرواة ١ / ٥٢ ، والدرر ٥ / ٥١ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٧٠٠ ، وشرح أشعار الهذليين ١ / ٧ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٢٦٢ ، وشرح قطر الندى ص ١٩١ ، وشرح المفصل ٣ / ٣٣ ، وكتاب اللامات ص ٩٨ ، ولسان العرب ١٥ / ٣٧٢ (هوا) ، والمحتسب ١ / ٧٦ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٩٣ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٣ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٩٩ ، وجواهر الأدب ص ١٧٧ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٥٢ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٣١ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٠٨ ، والمقرب ١ / ٢١٧.

والشاهد فيه قوله : «هوىّ» والأصل : هواى فقلب الألف ياء على لغة هذيل ، وأدغمها فى ياء المتكلم.

١٧٧

إعمال المصدر

بفعله المصدر ألحق فى العمل

مضافا أو مجرّدا أو مع أل

إن كان فعل مع أن أو ما يحلّ

محلّه ولاسم مصدر عمل

(بفعله المصدر ألحق فى العمل) يعنى أن المصدر يلحق فى العمل بفعله الذى اشتق منه فى رفع الفاعل إن كان لازما نحو عجبت من قيام زيد وفى رفع الفاعل ونصب المفعول إن كان متعديا لواحد نحو عجبت من ضرب زيد عمرا ويتعدى بحرف الجر إن كان فعله يتعدى بذلك الحرف نحو أعجبنى مرور بزيد ويتعدى إلى مفعولين إن كان فعله يتعدى إليهما نحو عجبت من إعطاء زيد عمرا درهما وكذلك المتعدى إلى ثلاثة نحو عجبت من إعلام زيد عمرا بكرا شاخصا وهذا كله مستفاد من قوله : بفعله المصدر ألحق فى العمل. وهذا سواء كان مضافا أو مجردا من الإضافة أو مقرونا بأل وإلى ذلك أشار بقوله : (مضافا أو مجردا أو مع أل) فإعماله مضافا أكثر من إعماله مجردا وإعماله مجردا أكثر من إعماله مقرونا بأل وإلحاقه بفعله فى العمل المذكور ليس مطلقا بل بشرط نبه عليه بقوله :

(إن كان فعل مع أن أو ما يحل* محله)

يعنى أنه لا يعمل العمل المذكور إلا إذا صح أن يحل محله الفعل وأن أو ما المصدريتان نحو أعجبنى قيامك أى أن تقوم وعجبت من قيامك الآن أى مما تقوم وشمل قوله أن الناصبة والمخففة وفهم منه أن المصدر إذا لم يحل محله أن أو ما لا يعمل عمل الفعل نحو له صوت صوت حمار ولذلك جعل صوت الحمار معمولا لفعل محذوف وقد تقدم ثم قال :

(ولاسم مصدر عمل)

اسم المصدر هو ما فى أوله ميم مزيدة لغير المفاعلة نحو المحمدة والمضرب أو كان لغير الثلاثى بوزن ما للثلاثى نحو الوضوء والغسل فإن فعلهما توضأ واغتسل ، وإنما فصل الناظم هذا النوع من المصدر لقلة عمله وفى تنكير عمل تنبيه على ذلك كما ذكر الشارح ومن إعماله قول عائشة رضى الله عنها : من قبلة الرجل امرأته الوضوء فأعمل قبلة وهو اسم مصدر لأن فعله قبل. والمصدر مفعول مقدم بألحق وبفعله وفى العمل متعلقان بألحق ومضافا وما بعده أحوال من المصدر وإن كان فعل شرط ومع فى موضع الصفة لفعل وما معطوف على أن ويحل فى موضع خبر كان ومحله نصب على المصدر ولاسم مصدر عمل مبتدأ وخبر. ثم قال :

وبعد جرّه الّذى أضيف له

كمّل بنصب أو برفع عمله

١٧٨

قد تقدم أن المصدر يكون مضافا أو مجردا أو مقرونا بأل فالمضاف إن كان مضافا إلى الفاعل كمل بنصب مفعوله وهذا هو المراد بقوله كمل بنصب نحو أعجبنى أكل زيد الخبز ومنه قوله تعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ) [البقرة : ٢٥١] وإن كان مضافا إلى المفعول كمل برفع فاعله وهذا هو المراد بقوله أو برفع نحو أعجبنى أكل الخبز عمرو ومنه قوله عزوجل :(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ) [آل عمران : ٩٧] فى أحد التأويلات وإضافته إلى الفاعل ونصب المفعول أكثر من إضافته إلى المفعول ورفع الفاعل وقوله كمل بنصب لا يريد أن ذلك واجب بل هو جائز لأنه يجوز أن يضاف إلى الفاعل ولا يذكر معه مفعول نحو أعجبنى أكل زيد وإلى المفعول ولا يذكر فاعل نحو أعجبنى أكل الخبز ، ومنه قوله عزوجل (بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ) وبعد متعلق بكمل والذى مفعول بجره وجره مصدر مضاف إلى الفاعل والذى مفعول به فهو مصدر مضاف كمل بالمنصوب وأضيف له صلة الذى والضمير العائد على المنصوب الهاء فى له وفى أضيف ضمير مستتر عائد على المصدر وعمله مفعول بكمل وأو برفع معطوف عليه وأو للتقسيم لا للتخيير. ثم قال :

وجرّ ما يتبع ما جرّ ومن

راعى فى الاتّباع المحلّ فحسن

قد تقدم أن المصدر يضاف إلى الفاعل وإلى المفعول فإن أضيف إلى الفاعل فلفظه مجرور وموضعه مرفوع وإن أضيف إلى المفعول فلفظه مجرور وموضعه منصوب إن قدر بأن وفعل الفاعل ومرفوع إن قدر بأن وفعل المفعول فيجوز فى تابع المضاف إليه إذا كان فاعلا الجر على اللفظ والرفع على الموضع وشمل قوله ما يتبع جميع التوابع فتقول أعجبنى أكل زيد الظريف بالجر حملا على اللفظ والرفع حملا على الموضع وكذلك أعجبنى أكل زيد وعمرو وأعجبنى أكل اللحم والخبز بالجر حملا على اللفظ وبالنصب حملا على الموضع على تقدير المصدر بأن وفعل الفاعل وبالرفع على الموضع أيضا على تقدير المصدر بأن وفعل المفعول ، والتقدير أن أكل الخبز واللحم وقوله المحل شامل للأوجه المذكورة كلها ، والأحسن فى ذلك الحمل على اللفظ ؛ ولذلك بدأ به. وقوله وجر فعل أمر وما مفعول بجر ، وهى موصولة أيضا ، وصلتها يتبع ، وما الثانية مفعول بيتبع ، وهى موصولة أيضا وصلتها جر ومن شرطية فى موضع رفع بالابتداء وخبرها راعى وفى متعلق براعى والمحل مفعول براعى والفاء جواب الشرط وحسن خبر مبتدأ محذوف تقديره ففعله حسن.

١٧٩

إعمال اسم الفاعل

كفعله اسم فاعل فى العمل

إن كان عن مضيّه بمعزل

المراد باسم الفاعل ما دل على حدث وفاعله جاريا مجرى الفعل فى الحدوث والصلاحية للاستعمال بمعنى الماضى والحال والاستقبال. قوله : (كفعله اسم فاعل فى العمل) يعنى أن اسم الفاعل يعمل عمل فعله فيرفع الفاعل إن كان فعله لازما نحو أقائم زيد وينصب المفعول إن كان متعديا لواحد نحو أضارب زيد عمرا وينصب مفعولين إن كان فعله متعديا إلى اثنين نحو أمعط زيد عمرا درهما وهذه كلها مستفادة من قوله : (كفعله اسم فاعل فى العمل). لكن لا يعمل العمل المذكور إلا بشرطين أشار إلى الأول منهما بقوله : (إن كان عن مضيه بمعزل) يعنى أن اسم الفاعل لا يعمل عمل فعله إلا إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال لأنه أشبه فعله فى الحركات والسكنات وعدد الحروف نحو أنا ضارب زيدا غدا أو الآن فإن كان بمعنى المضىّ لم يعمل لأنه لم يشبه فعله فيما ذكر ، ثم أشار إلى الشرط الثانى بقوله :

وولى استفهاما أو حرف ندا

أو نفيا أو جا صفة أو مسندا

يعنى أن من شرط إعمال اسم الفاعل أن يعتمد على شىء قبله وذكر من ذلك خمسة مواضع الأول أن يلى الاستفهام نحو أضارب أنت عمرا. الثانى أن يلى حرف النداء نحو يا طالعا جبلا والظاهر أن هذا مما اعتمد على الموصوف لأن التقدير يا رجلا طالعا جبلا وليس حرف النداء مما يقرب من الفعل لأنه خاص بالاسم. الثالث أن يلى نفيا نحو ما ضارب أنت زيدا. الرابع أن يكون صفة لموصوف نحو مررت برجل ضارب عمرا وفى ضمن ذلك الحال لأنها صفة فى المعنى نحو جاء زيد راكبا فرسا. الخامس أن يكون مسندا وشمل الخبر وما أصله الخبر نحو زيد ضارب عمرا وإن زيدا ضارب عمرا وكان زيدا ضاربا عمرا وظننت زيدا ضاربا عمرا لأن اسم الفاعل فى هذه المثل كلها مسند. واسم الفاعل مبتدأ وخبره كفعله وفى العمل متعلق بالاستقرار الذى فى الخبر ، وإن كان شرط والباء فى بمعزل ظرفية بمعنى فى والمجرور خبر كان وعن مضيه متعلق بمعزل والهاء فى مضيه عائدة على اسم الفاعل واستفهاما مفعول بولى وأو حرف ندا وأو نفيا معطوفان على استفهام وأو جا معطوف على ولى ومسندا معطوف على صفة. ثم قال :

١٨٠