شرح المكودي

أبي زيد عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي

شرح المكودي

المؤلف:

أبي زيد عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي


المحقق: الدكتور عبد الحميد الهنداوي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: المكتبة العصريّة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٠٥

١
٢

بسم الله الرّحمن الرّحيم

مقدمة المحقق

الحمد لله الذى أنزل الكتاب تبيانا ، وأصلى وأسلم على أفصح الخلق بيانا ، محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان.

وبعد ..

فإن ألفية الإمام محمد بن مالك قد بلغت شهرتها الآفاق ، وانتهت إليها همة الطلاب والحذّاق ، فلا غرو أن تكثر شروحها وتتعدد مناهج شراحها ما بين مطول ومقصر ، وما بين مسهب ومختصر ، ومفرط ومقتصد.

وإذا كان خير الأمور أوسطها ؛ فإن شرح المكودى (١) هذا يعد من أوسط هذه الشروح حيث سلك صاحبه طريقة وسطا بين الإسهاب الممل والاختصار المخل ، فكان شرحه قصدا وسطا بين شروح الألفية على كثرتها.

هذا ، ولم نأل جهدا فى ضبط هذا الكتاب ، وتخريج شواهده فى مظانها من كتب اللغة والنحو ، مع الاجتهاد فى توجيهها وبيان محل الشاهد فيها ، فيما تدعو الحاجة إلى بيانه.

وقد اعتمدنا فى تخريج شواهد هذا الكتاب وتوجيهها بصورة كلية على المعجم المفصل فى شواهد النحو.

__________________

(١) هو أبو زيد عبد الرحمن بن على بن صالح المكودى الفاسى المالكى ، نحوى ، صرفى ، لغوى ، توفى بفاس فى الحادى عشر من شعبان سنة ثمانمائه وسبع من الهجرة ، وذكر فى الضوء اللامع أن وفاته كانت سنة ثمانمائة وواحدة ، وفى الشذرات والنور السافر أنه توفى سنة تسعمائة وواحدة. ومن مصنفاته : كتابه هذا فى شرح الألفية ، ونظم المعرب والألفاظ ، والبسط والتعريف فى التصريف ، والمقصورة فى مدحه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعمدة البيان فى معرفة فرائض الأعيان. انظر ترجمته فى بغية الوعاة للسيوطى ص ٣٠٠ ، والضوء اللامع للسخاوى ٤ / ٩٧ ، والنور السافر للعيدروسى ص ١٣ ، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلى ٨ / ٤ ، وكشف الظنون لحاجى خليفة ص ١٥٢ ـ ١١٦٦ ، وهدية العارفين ١ / ٥٢٩.

٣

هذا ، والله نسأل أن يجزل لنا المثوبة على عملنا كله دقّه وجلّه ، وأن ينفع به عباده ، وأن يثيب عنّا كل من ساعد فى إخراجه بجهد مشكور فى ضبطه أو مراجعته أو تخريجه أو غير ذلك ، إنه سبحانه وتعالى واسع الفضل ، وإنه سميع مجيب.

الجيزة فى ٢٧ ربيع الثانى ١٤٢١ ه

والموافق ٢٨ أغسطس ٢٠٠٠ م

الدکتور عبد الحمد هنداوى

٤

[مقدمة الشارح]

قال الشيخ الأستاذ النحوى المحقق المقرئ اللغوى أبو زيد عبد الرحمن بن على بن صالح المكودى أبقى الله بركته بمنه وفضله وكرمه ونفعنا الله به آمين.

الحمد لله رب العالمين وصلاته وسلامه على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين والرضا عن آله وأصحابه الهادين المهتدين.

أما بعد فهذا شرح مختصر على ألفية ابن مالك مهذب المقاصد ، واضح المسالك ، تفهم به ألفاظها ، ويحظى بمعانيها حفاظها ، معرب عن إعراب أبياتها ، ومقرب لما شرد من عباراتها من غير تعرض للنقل عليها ولا إضافة غيرها إليها ولا إنشاد شواهد إلا ما لا بد منه ولا إيراد مذاهب إلا ما لا مندوحة عنه يستفيد به البادى ويستحسنه الشادى والباعث على ذلك أن بعض الطلبة المبتدئين والفئة المجتهدين المعتنين بحفظها القانعين بمعرفة لفظها طلب منى أن أضع شرحا على نحو ما ذكرته وأبين ألفاظها ومعانيها على حسب ما وصفته فأجبته إلى ما اقترح على وأسعفته بما أمّل لدى.

والله سبحانه وتعالى ينفعنا وإياه بالعلم ويرزقنا وإياه سلامة الإدراك والفهم بمنّه وكرمه آمين.

٥

قال محمّد هو ابن مالك

أحمد ربّى الله خير مالك

مصلّيا على النّبىّ المصطفى

وآله المستكملين الشّرفا

وأستعين الله فى ألفيّه

مقاصد النّحو بها محويّه

تقرّب الأقصى بلفظ موجز

وتبسط البذل بوعد منجز

وتقتضى رضا بغير سخط

فائقة ألفيّة ابن معط

وهو بسبق حائز تفضيلا

مستوجب ثنائى الجميلا

والله يقضى بهبات وافره

لى وله فى درجات الآخره

قال فعل ماض لفظا والمراد به الاستقبال ، ووضع الماضى فى موضع المستقبل وارد فى كلام العرب كقوله عزوجل : (أَتى أَمْرُ اللهِ) [النحل : ١] ومحمد اسم الناظم ـ رحمه‌الله ـ وهو جمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الطائى النسب الأندلسى الإقليم الجيانى المنشأ الدمشقى الدار ، وبها توفى لاثنتى عشرة ليلة خلت من شعبان سنة اثنتين وسبعين وستمائة وهو ابن خمس وسبعين سنة. وقوله هو ابن مالك جملة من مبتدأ وخبر معترضة بين قال ومحكيه ، وأحمد فعل مضارع من حمد وربى مفعول والله بدل منه وخير مالك بدل بعد بدل ومصليا حال من فاعل أحمد وعلى الرسول متعلق به والمصطفى مفتعل من الصفو وهو الخالص والمستكملين صفة لآله والشرفا مفعول بالمستكملين وأستعين جملة معطوفة على أحمد وما بعده محكى يقال إلى آخر الرجز. وقوله فى ألفية أى فى نظم قصيدة ألفية والظاهر أن فى بمعنى على فإن الاستعانة وما تصرف منها إنما جاءت متعدية بعلى كقوله تعالى : (وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ) [الفرقان : ٤] ؛ (وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) [يوسف : ١٨] ؛ إلا أن يجعل أستعين مضمنا معنى فعل يتعدى بفى كأستخير وشبهه. ومقاصد النحو أى معظم النحو وجل مهماته والقصد فى الشىء عدم الإفراط فيه ومحوية أى مجموعة وهو خبر عن مقاصد وبها متعلق به والباء بمعنى فى وتقرب الأقصى أى تقرب البعيد للأفهام والموجز الكلام الكثير المعانى القليل الألفاظ وتبسط البذل أى توسع العطاء والوعد المنجز الموفى بسرعة وتقتضى رضا أى تطلب الرضا من قارئها غير المشوب بالسخط وفائقة منصوب على الحال من فاعل تقتضى وألفية منصوب بفائقة وهو مبتدأ مخبر عنه بخبرين وهما حائز ومستوجب وثنائى مفعول بمستوجب والجميلا صفته والله يقضى أى يحكم والهبات العطايا والوافرة الكثيرة والدرجات الطبقات من المراتب.

٦

الكلام وما يتألف منه

الكلام خبر مبتدأ مضمر وهو على حذف مضاف وما موصولة واقعة على الكلم والضمير العائد عليها من الصلة هو المجرور بمن وفاعل يتألف ضمير عائد على الكلام والتقدير هذا باب الكلام والأشياء التى يتألف منها الكلام وهى الكلم ولو قال وما يتألف منها مراعاة لما وقعت عليه ما جاز ثم قال :

كلامنا لفظ مفيد كاستقم

واسم وفعل ثم حرف الكلم

قوله كلامنا يعنى الكلام عند النحويين فاكتفى عن ذلك بإضافته إلى الضمير الدال على المتكلم ومعه غيره وهو نا وقوله لفظ مخرج لما ليس بلفظ كالإشارة وقوله مفيد مخرج لما لا فائدة فيه كقولنا النار حارة وشمل قوله مفيد الفائدة التى يحسن السكوت عليها وهى التركيبية وفائدة دلالة الاسم على مسماه كزيد ولذلك احتاج إلى إخراج الثانى بقوله كاستقم فالمثال تتميم للحد وفاقا للشارح لا مثال بعد تمام الحد خلافا للمرادى وقوله واسم وفعل ثم حرف الكلم. الكلم مبتدأ وخبره مقدم عليه وهو اسم وفعل ثم حرف والمراد أسماء وأفعال وحروف وثم بمعنى الواو وليست على بابها من المهلة لتأخر رتبة الحرف عن الاسم والفعل كما قيل وقد بسطت الكلام على ذلك فى غير هذا المختصر ثم قال :

واحده كلمة والقول عمّ

وكلمة بها كلام قد يؤمّ

أى واحد الكلم كلمة والكلم اسم جنس مما يفرق بينه وبين مفرده بسقوط التاء وهذا النوع يجوز تذكيره وتأنيثه فلذلك قال واحده وقال ابن معطى واحدها. قوله والقول عم يعنى أن القول يطلق على ما ذكر من الكلام والكلم والكلمة وهو مبتدأ وعم فعل ماضى فى موضع الخبر وحذف مفعوله اختصارا وتقديرا عم جميع ما ذكر. وقوله وكلمة بها كلام قد يؤم يعنى أن الكلمة يقصد بها الكلام ويعنى بذلك فى اللغة لا فى الاصطلاح كقوله فى لفظ الشهادة كلمة وهو من باب تسمية الشىء باسم بعضه وجاز الابتداء بكلمة للتنويع لأنه نوعها إلى كونها إحدى الكلم وإلى كونها يقصد بها الكلام وخبرها فى الجملة بعدها وبها متعلق بيؤم ومعنى يؤم يقصد ثم قال :

٧

بالجرّ والتّنوين والنّدا وأل

ومسند للاسم تمييز حصل

يعنى أن الاسم يمتاز ويتبين بخمسة أشياء الأول الجر وهو عبارة البصريين وعبارة الكوفيين الخفض وشمل الجر بحرف الجر وبالإضافة وبالتبعية الثانى التنوين وهو نون ساكنة زائدة بعد كمال الاسم تفصله عما بعده والمراد به التنوين الخاص بالأسماء وهو تنوين التمكين كرجل وتنوين التنكير كصه وتنوين العوض كيومئذ وتنوين المقابلة كمسلمات.

الثالث النداء وهو الدعاء بيا أو إحدى أخواتها الرابع أل وهى الألف واللام وأل عبارة الخليل وشملت الزائدة نحو اليزيد وغير الزائدة نحو الرجل. الخامس الإسناد وهو المعبر عنه بمسند فإن مسندا يطلق على المصدر وهو اسم مفعول والتقدير وإسناد إليه ويحتمل هذا البيت وجوها كثيرة من الإعراب أظهرها أن يكون تمييز مبتدأ وحصل فى موضع الصفة له وخبره للاسم وبالجر متعلق بحصل والتقدير للاسم تمييز حاصل بكذا ثم قال :

بتا فعلت وأتت ويا افعلى

ونون أقبلنّ فعل ينجلى

يعنى أن الفعل ينجلى أى يظهر بأربعة أشياء الأول تاء فعلت والمراد بها تاء الضمير اللاحقة للفعل الماضى ويجوز ضبطه بالضم على أنها للمتكلم وبالفتح على أنها للمخاطب وبالكسر على أنها للمخاطبة وجميعها خاص بالفعل. الثانى تاء أتت وهى تاء لتأنيث فاعله الثالث ياء افعلى وهى ياء المخاطبة وتلحق الأمر والمضارع الرابع نون أقبلن وهى نون التوكيد وتكون مشددة ومخففة وتلحق أيضا الأمر والمضارع وفعل مبتدأ وسوغ الابتداء به ما ذكر فى كلمة وينجلى خبره وبتا فعلت متعلق بينجلى ثم قال :

سواهما الحرف كهل وفى ولم

فعل مضارع يلى لم كيشم

وماضى الأفعال بالتّا مز وسم

بالنّون فعل الأمر إن أمر فهم

(سواهما الحرف) يعنى أن ما لا يقبل العلامات المذكورة هو حرف فسواهما مبتدأ والحرف خبره ويجوز عكسه وهو الأظهر فإن سوى عند الناظم بمعنى غير فإضافتها لا تعرف ولما كانت الحروف على ثلاثة أقسام مشترك بين الأسماء والأفعال ومختص بالأسماء ومختص بالأفعال أتى لكل واحد من الأقسام بمثال فقال : (كهل وفى ولم) فهل مثال للمشترك وفى مثال للمختص بالاسم ولم مثال للخاص بالفعل ثم قال (فعل مضارع يلى لم

٨

كيشم) لما أتى فى تعريف الفعل بالعلامات التى تخصه على الجملة وكانت الأفعال على ثلاثة أقسام بين المضارع من قسيميه بما يختص به وهو لم أو إحدى أخواتها ففعل مبتدأ ومضارع نعت له وخبره الجملة وقوله كيشم مثال للمضارع فهو متأخر من تقديم والتقدير فعل مضارع كيشم يلى لم لا مثال للمضارع المقترن بلم إذ لو كان كذلك لقال كلم يشم والماضى شمم بالكسر لأنك تقول شممت هذه اللغة الفصيحة ويقال شممت بالفتح ومضارعه على هذه اللغة أشم بالضم ثم قال : (وماضى الأفعال بالتا مز) يعنى أن الفعل الماضى يمتاز عن المضارع والأمر بصلاحيته للتاء وأل فى التاء للعهد وشملت التاءين المذكورتين وهما تاء الضمير وتاء التأنيث الساكنة. ثم قال : (وسم* بالنون فعل الأمر إن أمر فهم) يعنى أن فعل الأمر يمتاز بشيئين صلاحيته لنونى التوكيد وهو معنى قوله وسم بالنون وإفهام الأمر وهو معنى قوله إن أمر فهم وأل فى النون للعهد وهى نون التوكيد المتقدمة ثم قال :

والأمر إن لم يك للنّون محلّ

فيه هو اسم نحو صه وحيّهل

يعنى أن اللفظ إذا أفهم الأمر ولم يكن صالحا للنون فهو اسم فعل ولذلك مثله بصه ومعناه اسكت وحيهل معناه أقبل أو عجل أو أقدم وليس فى هذا البيت زيادة على ما أفهم البيت الذى قبله إلا كون غير القابل للنون مما أفهم الأمر يقال فيه اسم فعل لأنه صرح بأنه اسم فى قوله هو اسم وفهم كونه اسم فعل من تمثيله بصه وحيهل.

٩

المعرب والمبنى

قوله :

والاسم منه معرب ومبنى

لشبه من الحروف مدنى

يعنى أن الاسم على قسمين منه معرب ومنه مبنى وقدم المعرب لأنه الأصل ومعرب مبتدأ خبره منه ومبنى مبتدأ خبره محذوف تقديره ومنه ولما كان المبنى من الأسماء على خلاف الأصل وأنه لا يبنى إلا لعلة نبه على ذلك بلام التعليل فقال لشبه من الحروف ولما كان الشبه منه مقرب من الحروف وغير مقرب نبه على المقرب بقوله مدنى والشبه غير المدنى ما عارضه معارض كأى فى الاستفهام والشرط فإنها أشبهت الحرف فى المعنى لكن عارض شبه الحرف لزومها الإضافة لأن الإضافة من خصائص الأسماء فألغى شبه الحرف ثم قال :

كالشّبه الوضعىّ فى اسمى جئتنا

والمعنوىّ فى متى وفى هنا

وكنيابة عن الفعل بلا

تأثّر وكافتقار أصّلا

فنوع شبه الحرف إلى أربعة أنواع الأول الشبه الوضعى وهو ما أشبه الحرف فى كونه موضوعا على حرف واحد أو على حرفين وهو المشار إليه بقوله كالشبه الوضعى فى اسمى جئتنا أى فى الاسمين من قولك جئتنا وهما التاء ونا فالتاء مبنية لشبهها بالحرف فى وضعها على حرف واحد ونا مبنى أيضا لشبهه بالحرف فى وضعه على حرفين الثانى المعنوى وهو ما أشبه الحرف فى المعنى وهو المسار إليه بقوله والمعنوى أى والشبه المعنوى فى متى وفى هنا أما متى فأشبهت همزة الاستفهام إذا كانت استفهاما وإن الشرطية إذا كانت شرطا وأما هنا فأشبهت معنى حرف لم يستعمل لأن هنا اسم إشارة والإشارة معنى من معانى الحروف فحقها أن يوضع لها حرف كالتنبيه والخطاب الثالث الشبه الاستعمالى والمراد به أن الاسم يبنى إذا أشبه بعض الحروف كأسماء الأفعال فلأنها أشبهت إن فى كونها عاملة غير معمولة وهو المشار إليه بقوله وكنيابة عن الفعل بلا تأثر فعبر عن هذا الشبه بالنيابة عن الفعل لأن الفعل عامل غير معمول فيه وما ناب عنه كذلك ولم يرد أن الشبه هو النيابة عن الفعل فكون أسماء الأفعال نائبة عن الفعل يستلزم أن تكون عاملة غير معمول فيها وكونها كذلك يستلزم أن تكون شبيهة بإن واحترز بقوله بلا تأثر من المصدر النائب عن الفعل فإنه مؤثر للفعل الذى

١٠

ناب عنه الرابع الشبه الافتقارى وهو أن يكون الاسم مفتقرا إلى غيره افتقارا مؤصلا كالموصولات وهو المشار إليه بقوله : وكافتقار أصلا واحترز به من الافتقار غير المؤصل كافتقار النكرة الموصوفة بالجملة إلى ما بعدها فإنه غير مؤصل إذ لا يلزم ذكر الجملة بعدها ثم قال :

ومعرب الأسماء ما قد سلما

من شبه الحرف كأرض وسما

إنما أخر المعرب وإن كان الأصل لأن المبنى محصور فيما ذكر وما عداه معرب. وقوله :

ومعرب الأسماء ما قد سلما يعنى أن ما سلم من شبه الحرف فى الأوجه المذكورة هو معرب ولما كان المعرب على قسمين ظاهر الإعراب ومقدره أتى بمثال ظاهر من الإعراب وهو أرض ومثال من المقدر وهو سما مقصورا وهى لغة من اللغات الواردة فى الاسم.

وفعل أمر ومضىّ بنيا

ثم قال : (وفعل أمر ومضى بنيا) لما فرغ من مبنى الأسماء ومعربها شرع فى مبنى الأفعال ومعربها وبدأ بالمبنى منها وهو فعل الأمر والماضى فالماضى مبنى على الفتح نحو ضرب والأمر مبنى على السكون إن كان صحيح الآخر نحو اضرب أو على حذف آخره إن كان معتل الآخر نحو اغز وارم واخش ويجوز فى قوله ومضى الرفع والجر والرفع أقيس لأن التقدير وفعل أمر وفعل مضى فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ووجه الجر أنه حذف المضاف وترك المضاف إليه على جره لدلالة ما تقدم عليه وعلى كلا الوجهين فالألف فى قوله بنيا للتثنية ثم أشار إلى المعرب من الأفعال بقوله :

وأعربوا مضارعا إن عريا

من نون توكيد مباشر ومن

نون إناث كيرعن من فتن

يعنى أن الفعل المضارع يعرب بشرط أن يعرى من نون الإناث نحو الهندات يرعن ونون التوكيد نحو هل تقومن ولما كان نون الإناث لا يكون إلا مباشرا للفعل لما يقيده ولما كان نون التوكيد يوجد مباشرا للفعل وغير مباشر وأنه لا يمنع من الإعراب إلا إذا كان مباشرا نبه على ذلك بقوله مباشر ، وفهم منه أنه إذا كان غير مباشر كان الفعل معربا سواء فصل من الفعل بملفوظ به نحو هل تقومان أو مقدر نحو هل تقومنّ يا زيدون وعلامة رفع الفعل غير المباشر نون محذوفة لاجتماع الأمثال.

١١

وكلّ حرف مستحقّ للبنا

والأصل فى المبنى أن يسكّنا

ثم انتقل إلى الحرف فقال : (وكلّ حرف مستحق للبنا) يعنى أن الحروف كلها مبنية وعبارته غير موفية بذلك لأنه لا يلزم من استحقاق شىء لشىء وجوده فيه فإن الشىء قد يكون مستحقا للشىء ويمنع منه ثم قال : (والأصل فى المبنىّ أن يسكّنا) أصل كل مبنى اسما كان أو فعلا أو حرفا أن يبنى على السكون ولا ينتقل عنه للحركة إلا لموجب من تعذر أو غيره ، وقوله :

ومنه ذو فتح وذو كسر وضم

كأين أمس حيث والساكن كم

أى ومن المبنى ما يبنى على الفتح كأين أو على الكسر كأمس أو على الضم كحيث أما أين فاسم مبنى وبنيت لشبهها بالحرف فى المعنى وهو الهمزة إن كانت استفهاما أو إن الشرطية إن كانت شرطا وبنيت على حركة لتعذر السكون وكانت فتحة إما لخفتها وإما إتباعا لحركة الهمزة وأما أمس فاسم وبنيت لشبهها بالحروف لتضمن معنى أل وبنيت على حركة لتمكنها باستعمالها معربة فى نحو ذهب أمسنا لا لتعذر السكون خلافا لبعضهم وكانت كسرة على أصل التقاء الساكنين وأما حيث فاسم وبنيت لشبهها بالحرف فى الافتقار إلى الجملة افتقارا لازما وبنيت على حركة لتعذر السكون وكانت ضمة لشبهها بقبل وبعد. قوله : (والسّاكن كم) مثال للمبنى على السكون وهو المنبه عليه قبل بقوله : (والأصل فى المبنى أن يسكّنا) ، وبنيت لتضمنها معنى همزة الاستفهام إن كانت استفهامية أو لشبهها بالحرف فى الوضع على حرفين إن كانت خبرية أو بالحمل على رب أو لشبهها بكم الاستفهامية ، ثم قال :

والرّفع والنّصب اجعلن إعرابا

لاسم وفعل نحو لن أهابا

والاسم قد خصّص بالجرّ كما

قد خصّص الفعل بأن ينجزما

هذا الفصل تكلم فيه على ألقاب الإعراب بالنسبة إلى الأسماء والأفعال وهى على ثلاثة أقسام : مشترك بين الاسم والفعل وهو الرفع والنصب وإليه أشار بقوله : والرفع والنصب اجعلن إعرابا. لاسم وفعل ، ومثل للفعل فقال : نحو لن أهابا وهو مضارع هاب من الهيبة.

ومختص بالاسم وهو الجر وإليه أشار بقوله : (والاسم قد خصص بالجرّ). ومختص بالفعل وهو الجزم وإليه أشار بقوله : (كما. قد خصّص الفعل بأن ينجزما) وقوله :

١٢

فارفع بضمّ وانصبن فتحا وجرّ

كسرا كذكر الله عبده يسرّ

واجزم بتسكين وغير ما ذكر

ينوب نحو جا أخو بنى نمر

يعنى أن أصل الإعراب أن يكون بالضمة رفعا وبالفتحة نصبا وبالكسرة جرا ثم مثل بقوله : كذكر الله عبده يسر. فذكر مبتدأ وهو مرفوع بالضمة والله مضاف إليه وهو مجرور بالكسرة وعبده مفعول بذكر وهو منصوب بالفتحة ويسر خبر عن ذكر الله وهو أيضا مرفوع بالضمة ووقف عليه بالسكون ثم تمم علامات الإعراب الأصول بعلامة الجزم فقال : (واجزم بتسكين) هذه العلامات التى ذكرها هى الأصول فى علامات الإعراب وغيرها من العلامات إنما هو بالنيابة وإلى ذلك أشار بقوله : (وغير ما ذكر ينوب) ثم أتى بمثال وهو : (نحو جا أخو بنى نمر) فأخو فاعل والواو فيه نائبة عن الضمة وبنى مضاف إليه والياء فيه نائبة عن الكسرة.

ثم شرع فى مواضع النيابة فقال :

وارفع بواو وانصبنّ بالألف

واجرر بياء ما من الأسما أصف

يعنى أن الواو تنوب عن الضمة والألف عن الفتحة والياء عن الكسرة فيما أصف لك ، أى فيما أذكر لك بعد هذا البيت ، وهو ستة أسماء أشار إلى اثنين منها بقوله :

من ذاك ذو إن صحبة أبانا

والفم حيث الميم منه بانا

أب أخ حم كذاك وهن

فقوله : إن صحبة أبانا ، أى إن أظهر صحبة نحو جاءنى ذو مال ، أى صاحب مال ورأيت ذا مال ومررت بذى مال واحترز به من ذو بمعنى الذى فى لغة طيئ ، فإن الأشهر فيها ذو بالواو فى جميع الأحوال. وقوله : (والفم حيث الميم منه بانا) أى إذا ذهب منه الميم نحو هذا فوك ورأيت فاك ونظرت إلى فيك واحترز به من فم بالميم فإنه يعرب بالحركة نحو هذا فمك ورأيت فمك ونظرت إلى فمك ، ثم أشار إلى الأربعة الباقية من الأسماء الستة فقال : (أب أخ حم كذاك وهن) فأب مبتدأ وأخ وحم معطوفان عليه بحذف العاطف ، وكذاك خبر المبتدأ وهن مبتدأ وخبره محذوف لدلالة خبر أب عليه أى وهن كذاك فتقول هذا أبوك ورأيت أخاك ومررت بحميك وهذا هنوك ورأيت هناك ونظرت إلى هنيك ، والحم أبو زوج المرأة والهن كناية عما يستقبح كالفرج ثم أشار إلى أن هذه الأسماء الأربعة فيها لغات أخر غير الإعراب بالحروف فقال :

١٣

والنّقص فى هذا الأخير أحسن

وفى أب وتالييه يندر

وقصرها من نقصهنّ أشهر

يعنى أن النقص فى هن وهو الإعراب بالحركات الثلاث فى النون أحسن من إعرابه بالواو رفعا وبالألف نصبا وبالياء جرا وأن النقص فى أب وأخ وحم يقل والقصر فيها أشهر من النقص ، فمن النقص قوله :

١ بأبه اقتدى عدىّ فى الكرم

ومن يشابه أبه فما ظلم

ومن القصر قولهم فى المثل : مكره أخاك لا بطل فأخاك مبتدأ ومكره خبر مقدم. وقوله : (وفى أب وتالييه يندر) ، يعنى أن النقص يقلّ فى تاليى أب وهما أخ وحم وفاعل يندر ضمير يعود على النقص وقصرها مبتدأ وخبره أشهر ومن نقصهن متعلق بأشهر وهو من تقديم من على أفعل التفضيل وذلك قليل.

وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا

للياكجا أخو أبيك ذا اعتلا

ثم قال : (وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا. لليا) الإشارة بذا إلى الإعراب بالحروف يعنى أن هذه الأسماء يشترط فى إعرابها بالواو رفعا وبالألف نصبا وبالياء جرا أن تكون مضافة إلى غير ياء المتكلم نحو قام أبو زيد ورأيت أخاه ومررت بحميك فإن كانت غير مضافة كانت منقوصة معربة بالحركات نحو قام أب ورأيت أخا ومررت بحم ، وإن كانت مضافة إلى ياء المتكلم كانت معربة بحركات مقدرة كسائر الأسماء الظاهرة المضافة إلى ياء المتكلم وشرط مبتدأ وخبره أن وصلتها ولا عاطفة والمعطوف عليه محذوف والتقدير أن يضفن لسائر الأسماء لا للياء ثم مثل بقوله : (كجا أخو أبيك ذا اعتلا) فأخو مضاف إلى أبيك وأبى مضاف لكاف الضمير وذا مضاف إلى اعتلا وهذه الأمثلة محتوية على أنواع غير ياء المتكلم لأن غير ياء المتكلم إما ظاهر أو مضمر والظاهر إما معرفة أو نكرة ومن مواضع النيابة نيابة الألف عن

__________________

(١) الرجز لرؤبة فى ملحق ديوانه ص ١٨٢ ، والدرر ١ / ١٠٦ ، وشرح التصريح ١ / ٦٤ ، والمقاصد النحوية ١ / ١٢٩ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٤٤ ، وتخليص الشواهد ص ٥٧ ، وشرح الأشمونى ١ / ٢٩ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٢ ، وهمع الهوامع ١ / ٣٩.

والشاهد فيه قوله : «بأبه» ، و «يشابه أبه» ؛ حيث أعرب الشاعر هاتين الكلمتين بالحركات الظاهرة ، فجر الأولى بالكسرة الظاهرة ، ونصب الثانية بالفتحة الظاهرة ، مع أنهما مضافتان إلى ضمير الغائب ، وذلك على لغة من لغات العرب ، والأشهر الجر بالياء والنصب بالألف.

١٤

الضمة والياء عن الكسرة والفتحة وذلك فى المثنى وما ألحق به وهو كلا وكلتا واثنان واثنتان وإلى هذا أشار بقوله :

بالألف ارفع المثنّى وكلا

إذا بمضمر مضافا وصلا

كلتا كذاك اثنان واثنتان

كابنين وابنتين يجريان

وتخلف اليا فى جميعها الألف

جرا ونصبا بعد فتح قد ألف

المثنى هو الاسم الدال على اثنين بزيادة فى آخره صالح للتجريد وعطف مثله عليه فقوله بالألف ارفع المثنى يعنى أن الألف تكون علامة للرفع فى المثنى نحو قال رجلان والزيدان قائمان. وقوله وكلا يعنى أن كلا يرفع أيضا بالألف كالمثنى لكن بشرط إضافته إلى المضمر والى هذا أشار بقوله : (إذا بمضمر مضافا وصلا) وفهم من عطفه كلا على المثنى أن كلا ليس بمثنى حقيقة تقول قام الزيدان كلاهما وقيد بإضافته إلى المضمر احترازا من المضاف إلى الظاهر فإنه يعرب حينئذ بحركة مقدرة فى الألف ومضافا حال من الضمير المستتر فى وصل وبمضمر متعلق بوصل والتقدير إذا وصف بمضمر فى حال كونه مضافا إليه أى إلى المضمر.

وقوله : (كلتا كذاك) أى كلتا مثل كلا فى أنه يرفع بالألف بشرط إضافته إلى مضمر ، وفهم أيضا من قوله كلتا كذاك أن كلتا ليس بمثنى حقيقة على مقتضى التشبيه وكلتا مبتدأ وكذاك خبره. وقوله : (اثنان واثنتان) كابنين وابنتين يجريان. يعنى أن اثنين واثنتين يرفعان بالألف كالمثنى من غير شرط ولذلك شبههما بالمثنى الحقيقى وهو ابنان وابنتان وإنما حكم على كلا وكلتا واثنين واثنتين أنها ليست مثناة حقيقة لأنها لا تصلح للتجريد وعطف مثلها عليها.

وقوله : (وتخلف اليا فى جميعها الألف) ، البيت يعنى أن الياء تخلف الألف فى الجر والنصب فى جميع ما ذكر فتكون الياء علامة للجر والنصب نحو مررت بالزيدين والاثنين كليهما ورأيت الهندين والاثنتين كلتيهما. وقوله : (بعد فتح قد ألف) : يعنى أن الياء فى الجر والنصب يفتح ما قبلها كالفتح المعهود فى الرفع وهو المراد بقوله : بعد فتح قد ألف ، واليا فاعل بتخلف والألف مفعول به وقصر الياء ضرورة ونصب جرا ونصبا على إسقاط حرف الجر ، أى فى جر ونصب ويجوز أن يكونا مصدرين فى موضع الحال والتقدير فى حال كون هذه الأشياء مجرورة ومنصوبة وفى جميعها وبعد فتح متعلقان بتخلف. ومن مواضع النيابة نيابة الواو عن الضمة والياء عن الكسرة والفتحة وذلك فى جمع المذكر السالم وما ألحق به وإلى ذلك أشار بقوله :

١٥

وارفع بواو وبيا اجرر وانصب

سالم جمع عامر ومذنب

وشبه ذين وبه عشرونا

وبابه ألحق والأهلونا

أولو وعالمون علّيّونا

وأرضون شذّ والسّنونا

وبابه ومثل حين قد يرد

ذا الباب وهو عند قوم يطّرد

يعنى أن جمع المذكر السالم يرفع بالواو ويجر وينصب بالياء ولما كان على نوعين أحدهما اسم ويشترط فى مفرده أن يكون علما لمذكر عاقل خاليا من تاء التأنيث ومن التركيب ، والآخر وصف ويشترط فى مفرده أن يكون مذكرا عاقلا خاليا من تاء التأنيث لا يمتنع مؤنثه من الجمع بالألف والتاء أتى بمثال من الأول للأول وهو عامر والثانى للثانى وهو مذنب. قوله : (وشبه ذين) يعنى شبه عامر ومذنب فى كونهما على ما ذكر بواو متعلق بارفع وبيا متعلق باجرر أو بانصب وهو من باب التنازع وفيه تقديم المتنازع فيه وهو جائز عند بعضهم وسالم جمع منصوب بأحد العاملين فهو أيضا من باب التنازع ، وقوله : وشبه ذين مجرور بالعطف على عامر ومذنب والتقدير جمع هذين الاسمين وما أشبههما وقوله : (وبه عشرونا) هذه هى الكلم التى ألحقت بجمع المذكر السالم فى الإعراب وذكر منها سبعة ألفاظ عشرون وهو اسم جمع لأنه لا مفرد له من لفظه وبابه يعنى ثلاثين إلى التسعين ويتضمن أيضا سبعة ألفاظ والأهلون وهو جمع غير مستوف الشروط لأنه ليس بعلم ولا صفة وأولو وهو اسم جمع لأنه لا مفرد له من لفظه وعالمون وهو أيضا اسم جمع لا مفرد له من لفظه وليس جمعا لعالم لأن عالما أعم وعليون اسم لأعلى الجنة فهو مفرد فى المعنى جمع فى اللفظ وأرضون جمع أرض وقوله شذ راجع لأرضون ووجه شذوذه أنه من باب سنين وباب سنين مطرد فيما حذف من مفرده حرف أصلى وعوض منه تاء التأنيث كسنة وعدة ولم يحذف من أرض حرف أصلى فيعوض منه بل حذف منه تاء التأنيث بدليل رجوعها فى التصغير فى قولهم أريضة فشذ على هذا جملة فى موضع الحال من أرضين والتقدير وأرضون فى حال كونه شاذا والسنون وبابه يعنى كل ما حذف من مفرده حرف أصلى وعوض منه تاء التأنيث كعزين وثبين وسنين ومئين وقوله : (ومثل حين قد يرد ذا الباب) الإشارة بذا إلى سنين وبابه يعنى أنه قد يستعمل باب سنين استعمال حين فيلزم فيه الياء ويعرب بالحركات الثلاث فى النون ولا تحذف النون للإضافة وفهم من قوله قد يرد أن ذلك قليل ومنه قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف» فى إحدى الروايتين وقوله : (وهو عند قوم يطرد) يعنى أن هذا الاستعمال المذكور يطرد عند قوم من العرب كقوله :

١٦

٢ ـ دعانى من نجد فإن سنينه

لعبن بنا شيبا وشيّبننا مردا

ثم قال :

ونون مجموع وما به التحق

فافتح وقلّ من بكسره نطق

يعنى أن نون الجمع وما ألحق به مفتوحة وكسرها قليل ، قيل وهو مخصوص بالضرورة كقوله :

٣ ـ وما ذا يدرى الشعراء منى

وقد جاوزت حد الأربعين

ثم قال :

ونون ما ثنّى والملحق به

بعكس ذاك استعملوه فانتبه

يعنى أن نون المثنى وما ألحق به بالعكس من نون الجمع فكسرها كثير وفتحها قليل وهو لغة مع الياء وقيل مطلقا ، ومنه قوله :

٤ ـ أعرف منها الجيد والعينانا

ومنخرين أشبها ظبيانا

__________________

(٢) البيت من الطويل ، وهو للصمة بن عبد الله القشيرى فى تخليص الشواهد ص ٧١ ، وخزانة الأدب ٨ / ٥٨ ، ٥٩ ، ٦١ ، ٦٢ ، ٧٦ ، وشرح التصريح ١ / ٧٧ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٥٩٧ ، وشرح المفصل ٥ / ١١ ، ١٢ ، والمقاصد النحوية ١ / ١٦٩ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٥٧ ، وجواهر الأدب ص ١٥٧ ، وشرح الأشمونى ١ / ٣٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٩ ، ولسان العرب ٣ / ٤١٣ (نجد) ، ١٣ / ٥٠١ (سنه) ، ومجالس ثعلب ص ١٧٧ ، ٣٢٠.

والشاهد فيه قوله : «فإن سنينه» حيث نصب «سنين» بالفتحة على لغة بعض تميم وبنى عامر ، ولم يعاملها معاملة جمع المذكر السالم فى رفعها بالواو ونصبها وجرها بالياء.

(٣) البيت من الوافر ، وهو لسحيم بن وثبل فى إصلاح المنطق ص ١٥٦ ، وتخليص الشواهد ص ٧٤ ، وتذكرة النحاة ص ٤٨٠ ، وخزانة الأدب ٨ / ٦١ ، ٦٢ ، ٦٥ ، ٦٧ ، ٦٨ ، وحماسة البحترى ص ١٣ ، والدرر ١ / ١٤٠ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٦٢٧ ، وشرح التصريح ١ / ٧٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٤١ ، وشرح المفصل ٥ / ١١ ، ولسان العرب ٣ / ٥١٣ (نجذ) ، ٨ / ٩٩ (ربع) ، ١٤ / ٢٥٥ (درى) ، والمقاصد النحوية ١ / ١٩١ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٧ / ٢٤٨ ، وأوضح المسالك ١ / ٦١ ، وجواهر الأدب ص ١٥٥ ، وشرح الأشمونى ١ / ٣٨ ، ٣٩ ، والمقتضب ٣ / ٣٣٢ ، وهمع الهوامع ١ / ٤٩.

والشاهد فيه قوله : «الأربعين» حيث أعربه بالحركات ، فجره بالكسرة ، ولم يعربه إعراب جمع المذكر السالم على اللغة الأشيع. وقيل : إن كسرة النون ، هنا ، لغة من لغات العرب ، وقيل : كسرت النون على ما هو الأصل فى التخلص من التقاء الساكنين.

(٤) الرجز لرؤبة فى ملحق ديوانه ص ١٨٧ ، ولرؤبة أو لرجل من ضبة فى الدرر ١ / ١٣٩ ، والمقاصد النحوية ١ / ١٨٤ ، ولرجل فى نوادر أبى زيد ص ١٥ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٦٤ ، وتخليص الشواهد ص ٨٠ ، وخزانة الأدب ٧ / ٤٥٢ ، ٤٥٣ ، ٤٥٦ ، ٤٥٧ ، ورصف المبانى ص ٢٤ ، وسر صناعة الإعراب ص ٤٨٩ ، ٧٠٥ ، وشرح الأشمونى ١ / ٣٩ ، وشرح التصريح ١ / ٧٨ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٢ ، وشرح المفصل ٣ / ١٢٩ ، ٤ / ٦٤ ، ٦٧ ، ١٤٣ ، وهمع الهوامع ١ / ٤٩.

١٧

وقوله : فانتبه أى لما استعملته العرب من الفرق بين نون الجمع ونون التثنية ومن مواضع النيابة أيضا نيابة الكسرة عن الفتحة وذلك فى جمع المؤنث السالم وما ألحق به وإليه أشار بقوله :

وما بتا وألف قد جمعا

يكسر فى الجرّ وفى النّصب معا

كذا أولات والذى اسما قد جعل

كأذر عات فيه ذا أيضا قبل

وجرّ بالفتحة ما لا ينصرف

ما لم يضف أو يك بعد أل ردف

يعنى أن المجموع بالألف والتاء وهو جمع المؤنث السالم يجر وينصب بالكسرة فتقول : مررت بالهندات ورأيت الهندات وإنما نصب بالكسرة مع تأتى الفتحة حملا على جمع المذكر السالم لأنه فرع عنه وقدم الجر لأن النصب محمول عليه. وقوله : (كذا أولات) البيت. هذا هو الملحق بجمع المؤنث السالم وهو نوعان الأول : أولات وهو اسم جمع بمعنى ذوات ولا مفرد له من لفظه وإليه أشار بقوله كذا أولات يعنى أن أولات يلحق بجمع المؤنث السالم فيجر وينصب بالكسرة كقوله تعالى : (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ) [الطلاق : ٦] الثانى ما سمى به من جمع المؤنث السالم فيجر وينصب بالكسرة وإليه أشار بقوله : (والذى اسما قد جعل) إلخ فتقول فى رجل اسمه هندات هذا هندات ورأيت هندات ومررت بهندات كما كان قبل التسمية ومنه أذرعات اسم موضع بالشام وذاله معجمة فأولات مبتدأ وخبره كذا والذى مبتدأ وصلته اسما قد جعل وفى جعل ضمير مستتر عائد على الموصول واسما مفعول ثان بجعل وكأذرعات متعلق بجعل أو فى موضع الحال من الضمير المستتر فى جعل وذا مبتدأ وهو إشارة إلى الحكم المتقدم فى جمع المؤنث السالم وهو حمل منصوبه على مجروره وقبل خبره وفيه متعلق بقبل والجملة من المبتدأ الثانى وخبره خبر عن الأول والرابط الضمير المجرور بفى وهو متعلق بقبل وتقديره والذى جعل اسما من جمع المؤنث السالم كأذرعات قبل فيه هذا الاستعمال وهو حمل منصوبه على مجروره. ومن مواضع النيابة نيابة الفتحة عن الكسرة وإليه أشار بقوله : (وجر بالفتحة ما لا ينصرف) يعنى أن الاسم الذى لا ينصرف يجر بالفتحة ولم يذكر الرفع والنصب لأنه على الأصل السابق ولما كان جره بالفتحة مشروطا بأن لا يضاف ولا يدخل عليه أل وأشار إلى ذلك بقوله : (ما لم يضف أو يك بعد أل ردف) فشمل أل الزائدة نحو اليزيد وغير الزائدة نحو الأحسن ومعنى ردف تبع. وقوله وجر يحتمل أن يكون فعلا ماضيا مبنيا للمفعول وما فى موضع رفع نيابة عن الفاعل ويحتمل أن يكون فعل أمر وما فى موضع نصب على أنه مفعول به وما فى قوله ما لم يضف ظرفية مصدرية والتقدير مدة كونه

١٨

غير مضاف ولا تابع لأل. ومن مواضع النيابة نيابة النون عن الضمة ونيابة حذفها عن السكون والفتحة وذلك فى خمسة أمثلة من الفعل وإليه أشار بقوله :

واجعل لنحو يفعلان النّونا

رفعا وتدعين وتسألونا

وحذفها للجزم والنّصب سمه

كلم تكونى لترومى مظلمه

يعنى أن علامة الرفع فى هذه الأمثلة الثلاثة هى النون وهذه الأمثلة ثلاثة فى اللفظ وفهم من قوله لنحو أنها أكثر وتبلغ بالاستقراء إلى ثمانية لأن يفعلان شامل لما كان ألفه ضميرا نحو الزيدان يفعلان ولما كان ألفه علامة التثنية نحو يفعلان الزيدان على لغة أكلونى البراغيث ، ويتضمن أيضا تفعلان بالتاء فإنه شبيه بيفعلان وتكون ألفه أيضا ضميرا نحو أنتما تفعلان وعلامة التثنية نحو تفعلان الهندان وأما تسألون فيكون واوه ضميرا نحو أنتم تسألون وهو متضمن ليفعلون لأنه شبهه وواو يفعلون يكون ضميرا نحو الزيدون يسألون وعلامة جمع نحو يسألون الزيدون وأما تدعين فلا تكون ياؤه إلا ضميرا فهذه ثمانية أمثلة التقدير وإن كانت ثلاثة فى اللفظ والنون مفعول أول باجعل ورفعا مفعول ثان وهو على حذف مضاف أى علامة رفع والتقدير واجعل النون علامة رفع لنحو يفعلان وتدعين وتسألون. وقوله : (وحذفها للجزم والنصب سمه) ، أى علامة وقدم الجزم على النصب لأن النصب محمول عليه ثم أتى بمثال للجزم وهو قوله : (كلم تكونى) ومثال للنصب وهو قوله : (لترومى مظلمه) يجوز فى لامه الفتح والكسر والقياس الفتح. واعلم أن علامات الإعراب تكون ظاهرة كما تقدم ومقدرة وذلك فى الأسماء والأفعال المعتلة ، وبدأ بالأسماء المعتلة فقال :

وسمّ معتلا من الأسماء ما

كالمصطفى والمرتقى مكارما

فالأوّل الإعراب فيه قدّرا

جميعه وهو الذى قد قصرا

والثّان منقوص ونصبه ظهر

ورفعه ينوى كذا أيضا يجرّ

يعنى أن ما كان من الأسماء حرف إعرابه ألف قبلها فتحة لازمة كالمصطفى أو ياء قبلها كسرة لازمة كالمرتقى يسمى معتلا وليس من الأسماء ما حرف إعرابه واو قبلها ضمة لازمة وما موصولة مفعول أول بسم ومعتلا مفعول ثان وصلة ما كالمصطفى ومكارما مفعول من أجله أو تمييز أو ظرف أو مفعول به ومن الأسماء متعلق بسم ثم إن القسم الأول من المعتل وهو ما حرف إعرابه ألف لازمة يقدر فيه جميع الإعراب أعنى الضمة والفتحة والكسرة لتعذر

١٩

النطق بها نحو قام الفتى ورأيت الفتى ومررت بالفتى ويسمى مقصورا وقد نبه على ذلك بقوله : (فالأول الإعراب فيه قدّرا جميعه) البيت ثم نبه على القسم الثانى بقوله : (والثان منقوص) البيت يعنى أن القسم الثانى من المعتل يسمى منقوصا وتظهر فيه الفتحة فى حال النصب لخفتها فى الياء نحو رأيت القاضى وتنوى فيها الضمة والكسرة فى حال رفعه وجره لثقلهما فى الياء نحو قام القاضى ومررت بالقاضى ثم أشار إلى المعتل من الأفعال بقوله :

وأىّ فعل آخر منه ألف

أو واو أو ياء فمعتلا عرف

فالألف انو فيه غير الجزم

وأبد نصب ما كيدعو يرمى

والرّفع فيهما انو واحذف جازما

ثلاثهنّ تقض حكما لازما

يعنى أن المعتل من الأفعال ثلاثة أقسام : ما آخره ألف نحو يخشى ، وما آخره واو نحو يغزو ، وما آخره ياء نحو يرمى ، وجميع ذلك يسمى معتلا ، وأى فعل شرط وهو مرفوع بالابتداء وكان بعده مقدرة ويحتمل أن تكون شانية وآخر منه ألف جملة من مبتدأ وخبره مفسرة للضمير المستكن فى كان الشانية المقدرة ويحتمل أن تكون ناقصة وآخر منه اسمها وألف خبرها ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة والفاء جواب الشرط وفى عرف ضمير مستتر عائد على فعل ومعتلا حال منه مقدم على عامله. وقوله : (فالألف انو فيه غير الجزم) ، يعنى أن ما آخره ألف من الأفعال المعتلة ينوى فيه غير الجزم وهو الرفع والنصب لتعذر ظهورهما فى الألف نحو زيد يرضى ولن يخشى والألف مفعول بفعل مقدر من باب الاشتغال تقديره اقصد ويجوز رفعه على الابتداء. وقوله : وأبد نصب ما كيدعو يرمى يعنى أن ما آخره واو كيدعو أو ياء كيرمى يظهر نصبه بالفتحة لخفتها نحو لن يدعو ولن يرمى ومعنى أبد أظهر وما موصولة وصلتها كيدعو ويرمى معطوف على يدعو بحذف حرف العطف وقوله والرفع فيهما انو يعنى أن الرفع ينوى فى الواو والياء لثقل الضمة فى الواو والياء والرفع مفعول مقدم بانو وقوله : (واحذف جازما ثلاثهن) إلى آخره يعنى أن هذه الأحرف الثلاثة أعنى الألف والواو والياء تحذف فى الجزم نحو لم يخش ولم يغز ولم يرم وجازما حال من الفاعل المستتر فى احذف وثلاثهن مفعول باحذف ومفعول جازما محذوف تقديره الأفعال وتقض مجزوم على جواب الأمر وحكما مفعول به إن جعلت تقض بمعنى تؤدّ أو مفعول مطلق إن جعلت تقض بمعنى تحكم كأنه قال تحكم حكما لازما.

٢٠