أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه - ج ٤

أبي عبد الله محمّد بن إسحاق ابن العبّاس الفاكهي المكّي

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه - ج ٤

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن إسحاق ابن العبّاس الفاكهي المكّي


المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
الموضوع : الحديث وعلومه
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٣٦

٢٣٥٠ ـ حدّثنا محمّد بن زنبور ، قال : ثنا اسماعيل بن جعفر بن أبي كثير ، قال : ثنا العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ، قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : «بادروا بالأعمال ستا : طلوع الشمس من مغربها ، والدخان ، والدجّال ، والدابّة ، وخاصة أحدكم ، وأمر العامة».

٢٣٥١ ـ حدّثنا حسين ، قال : ثنا اسماعيل بن ابراهيم ، قال : ثنا أيوب السختياني ، عن محمد بن سيرين ، قال : نبّئت أن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ كان يقول : كلّ ما وعد الله رسوله قد رأينا غير أربع : الدجال ، والدابّة ، وطلوع الشمس من مغربها ، ويأجوج ومأجوج.

قال : ونبئت أن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ كان يقول : قد مضى الدخان ، كان سنين كسنيّ يوسف / والبطشة الكبرى يوم بدر ، وقد انشق القمر (١).

٢٣٥٢ ـ وحدّثنا علي بن الحسين بن إشكاب ، قال : ثنا محمد بن ربيعة الكلابي.

__________________

٢٣٥٠ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ٢ / ٣٧٢ ، ومسلم ١٨ / ٨٧ كلاهما من طريق : إسماعيل بن جعفر ، به.

ورواه الطيالسي ٢ / ٢١٢ من طريق : عبد الله بن رباح ، عن أبي هريرة ، به.

٢٣٥١ ـ إسناده منقطع.

رواه ابن أبي شيبة ١٥ / ١٧٩ ـ ١٨٠ ، والطبري ٨ / ١٠١ ، كلاهما من طريق : ابن سيرين ، به.

٢٣٥٢ ـ إسناده ضعيف.

(١) رواه الطبري ٢٥ / ١١٢ بإسناده إلى مسروق ، عن ابن مسعود به ، وإسناده صحيح.

٤١

٢٣٥٣ ـ وحدّثنا عبد الله بن أحمد ، قال : ثنا خالد بن عبد الرحمن ـ جميعا ـ قالا : ثنا الفضيل بن مرزوق ، عن عطية ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : تخرج الدابّة من صدع في الصفا ، كحضر الفرس ثلاثة أيام ، ولا يخرج ثلثها.

٢٣٥٤ ـ وحدّثنا أبو علي الحسين بن منصور الأبرش ، قال : ثنا سعيد بن هبيرة ، قال : ثنا حمّاد بن سلمة ، قال : أنا طلحة ـ يعني ابن يحيى بن طلحة ـ عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ ، قال : تخرج دابّة الأرض ، فيفزع الناس إلى الصلاة ، فتأتي الرجل وهو يصلّي فتقول : طوّل ما أنت مطوّل ، فو الله لأخطمنّك.

٢٣٥٥ ـ حدّثنا محمد بن موسى الواسطي ، قال : ثنا محمد بن اسماعيل ،

__________________

٢٣٥٣ ـ إسناده ضعيف.

عطية بن سعد العوفي. صدوق يخطيء كثيرا وكان شيعيا مدلسا. التقريب ٢ / ٢٤.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ٦٧ ، والطبري ٢ / ١٤ كلاهما من طريق : فضيل بن مرزوق ، به.

٢٣٥٤ ـ إسناده ضعيف.

سعيد بن هبيرة بن عديس بن أنس بن مالك ، قال أبو حاتم ، ليس بالقوي ، روى أحاديث أنكرها أهل العلم. الجرح ٤ / ٧٠ ـ ٧١ وقال ابن حبّان : يروي الموضوعات عن الثقات ، كأنّه كان يضعها أو توضع له ، فيجيب فيها. اللسان ٣ / ١٤٨.

ذكره السيوطي في الدرّ ٥ / ١١٥ وعزاه لعبد بن حميد.

٢٣٥٥ ـ إسناده ضعيف.

رواه البخاري في التاريخ الكبير ٣ / ٣١٦ عن يحيى بن معين ، عن هشام بن يوسف ، به. ورواه من طريق البخاري ، العقيلي في الضعفاء ٢ / ٦١ وابن عدي في الكامل ٣ / ١٠١٣. ورواه ابن عدي أيضا ٧ / ٥٦٩ ، من طريق : يحيى بن معين عن هشام ، به.

٤٢

[قال : ثنا يحيى بن معين](١) قال : ثنا هشام بن يوسف ، عن رباح بن عبيد الله ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «بئس الشعب شعب أجياد ، تخرج منه الدابّة ، تصيح ثلاث صيحات يسمعها من بين الخافقين».

٢٣٥٦ ـ وحدّثنا أبو زيد ـ محمد بن حسّان ـ قال : ثنا أبو بكر بن عياش ، عن المغيرة ، عن ابراهيم ، قال : قلنا له : (أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ) أو تكلمهم؟ قال : لا ، بل (تُكَلِّمُهُمْ) ، يعني : الكلام.

٢٣٥٧ ـ حدّثنا أبو بشر ، قال : ثنا مهنّا أبو شبل ، قال : ثنا حمّاد ، عن علي بن زيد ، عن أوس بن خالد ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال :

__________________

وذكره الهيثمي في المجمع ٨ / ٧ وعزاه للطبراني في الأوسط ، وقال : وفيه رباح بن عبيد الله ابن عمر ، وهو ضعيف. وذكره السيوطي في الدرّ ٥ / ١١٧ وعزاه لابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور.

٢٣٥٦ ـ إسناده صحيح.

محمد بن حسّان ذكره ابن أبي حاتم ٧ / ٢٣٨ وقال : سمعت منه مع أبي. وهو صدوق ثقة. ومغيرة ، هو : ابن مقسم. وابراهيم ، هو : النخعي.

٢٣٥٧ ـ إسناده ضعيف.

علي بن زيد بن جدعان : ضعيف. ومهنا بن عبد الحميد : ثقة.

رواه أحمد ٢ / ٢٩٥ ، والترمذي ١٢ / ٦٢ ـ ٦٣ ، وابن ماجه ٢ / ١٣٥١ ـ ١٣٥٢ ، والطبري ٢٠ / ١٥ ، والحاكم ٤ / ٤٨٥ كلّهم من طريق : حمّاد بن سلمة ، به. وذكره السيوطي في الدرّ ٥ / ١١٦ وعزاه لأحمد ، والطيالسي ، وعبد بن حميد ، والترمذي ، وابن ماجه ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم ، وابن مردويه ، والبيهقي في البعث والنشور.

(١) سقط من الأصل واستدركته من المراجع.

٤٣

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «تخرج الدابّة معها عصا موسى ، وخاتم [سليمان](١) ، فتجلو وجه المؤمن بالعصا ، وتخطم أنف الكافر ، حتى أنّ أهل الخوان ليقعدون ، فيقول هذا لهذا : يا مؤمن ، وهذا لهذا : يا كافر».

٢٣٥٨ ـ وحدّثنا أبو بشر ، قال : ثنا أبو شبل ـ مهنّا ـ عن حمّاد ، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز ، وقتادة ، عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ ، أنه أخذ نعله ، وقال : لو شئت أن لا أنتعل حتى أضع رجلي حيث تخرج الدابة من قبل أجياد مما يلي الصفا.

٢٣٥٩ ـ وحدّثني أحمد بن صالح ـ عرضته عليه ـ قال : ثنا نعيم ، قال : ثنا محمد بن الحارث ، عن محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني ، عن أبيه ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «إذا كان الوعد الذي قال الله ـ تبارك وتعالى ـ : (أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ) قال : ليس ذاك بحديث ولا كلام ، ولكنه سمة تيسم من أمرها الله ـ تعالى ـ ويكون خروجها من الصفا ليلة أهل منى ، فيصبحون بين رأسها وذنبها ، لا يدخل أحد ولا يخرج خارج ، حتى إذا فرغت مما أمرها الله ـ تعالى ـ به كانت أول خطوة تضعها ، بإنطاكية».

__________________

٢٣٥٨ ـ إسناده صحيح.

رواه الطبري ٢٠ / ١٥ بإسناده إلى قيس بن سعيد ، عن عطاء ، قال : فذكره.

٢٣٥٩ ـ إسناده ضعيف جدا.

محمد بن الحارث ضعيف. وابن البيلماني ، ضعيف ، وقد اتّهمه ابن عدي وابن حبّان. التقريب ٢ / ١٨٢.

ذكره السيوطي في الدرّ ٥ / ١١٥ وعزاه لنعيم بن حمّاد في «الفتن».

(١) في الأصل (إسماعيل).

٤٤

٢٣٦٠ ـ وحدّثنا أبو بشر بكر بن خلف ، وعبد الله بن أحمد ، قالا : ثنا عمر بن [سهل](١) ، قال : ثنا مهدي بن عمران ، قال : سئل أبو الطفيل [وأنا عنده](٢) ، فقيل له : من أين تخرج الدابّة؟ فقال : بلغني أنّها تخرج من الصفا أو المروة.

٢٣٦١ ـ وحدّثنا بكر بن خلف ، قال : ثنا أبو شبل ، عن حمّاد ، عن هشام بن حسان ، عن حفصة بنت سيرين ، عن أبي العالية ، قال : الآيات كلّها في ستة أشهر.

ذكر

أخشبي مكة وما جاء فيهما

وأخشبا مكة : الجبل الذي يقال له : أبو قبيس ، وهو الجبل المشرف على الصفا ، وهو ما بين / أجياد الصغير إلى السويداء ، إلى الخندمة. وكان يسمّى في الجاهلية : الأمين (٣).

__________________

٢٣٦٠ ـ إسناده ليّن.

مهدي بن عمران الحنفي ، قال عنه البخاري : لا يتابع على حديثه. اللسان ٦ / ١٠٦.

وذكره ابن حبّان في ثقات التابعين ٥ / ٤٣٦.

٢٣٦١ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ١٥ / ١٨٢ عن يزيد بن هارون ، عن هشام ، به.

(١) في الأصل (سهيل) ، وهو خطأ. وعمر بن سهل ، هو : المازني.

(٢) في الأصل (وأبا عبدة).

(٣) الأزرقي ٢ / ٢٦٦.

٤٥

٢٣٦٢ ـ وحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني يحيى بن محمد بن ثوبان ، عن سليم بن مسلم ، عن عبد الوهاب بن مجاهد ، قال : أبو قبيس أول جبل وضعه الله ـ عزّ وجلّ ـ على الأرض حين مادت الأرض.

٢٣٦٣ ـ حدّثنا أحمد بن سليمان ، قال : ثنا زيد بن المبارك ، قال : أنا ابن ثور ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، في قوله ـ تعالى ـ : (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) قال : رأوه منشقا ، فقال : (سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) ذاهب. قال : أخبرني أبو معمر ، عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : رأيت القمر منشقّا شقتين قبل مخرج النبي صلّى الله عليه وسلم بمكة ، شقة على أبي قبيس ، وشقة على كدى وكدى ، فقالوا : سحر القمر فنزلت : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) ، كما أريناكم القمر منشقا ، فإنّ الذي يخبركم عن الساعة حقّ (١).

قال ابن جريج : رفع الركن يوم الغرق على أبي قبيس.

__________________

٢٣٦٢ ـ إسناده متروك.

سليم بن مسلم ، هو : الخشّاب ، قال ابن معين : ليس بثقة. وعبد الوهاب بن مجاهد : متروك ، كذّبه الثوري.

رواه الأزرقي ٢ / ٢٦٧ من طريق : سليم بن مسلم ، عن عبد الوهاب بن مجاهد ، به.

وذكره البسنوي في محاضرة الأوائل ص : ١١٩.

٢٣٦٣ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه.

رواه الطبري ٢٧ / ٨٧ ـ ٨٨ من طريق : ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، به. وذكره الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٧٦ ، نقلا عن الفاكهي.

(١) رواه البخاري ٦ / ٦٣١ ، ٧ / ١٨٣ ، ٨ / ٦١٧ ومسلم ١٧ / ١٤٣ ـ ١٤٤ ، والترمذي ١٢ / ١٧٤ ـ ١٧٥ ، والطبري ٢٧ / ٨٥ كلّهم من طريق : أبي معمر ، به. ونقله الفاسي في الشفاء ١ / ٢٧٦ عن الفاكهي. وأبو معمر ، هو : عبد الله بن سخبرة الأزدي.

٤٦

٢٣٦٤ ـ وحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني يحيى بن محمد بن ثوبان ، عن سليم بن مسلم ، عن [ابن] مجاهد ، قال : إنّ ابراهيم النبيّ ـ عليه الصلاة والسلام ـ لما أمر أن ينادي في الناس بالحجّ ، قام على رأس أبي قبيس ، فقال : يا عباد الله ، أجيبوا داعي الله. قال : وعلى رأس أبي قبيس صخرة يقال لها : صخرة أبي يزيد.

وأبو قبيس : أحد أخشبي مكة ، وهو الجبل المشرف على الصفا ، وهو ما بين حرف أجياد الصغير إلى السويداء التي تلي الخندمة ، وكان يسمى في الجاهلية : الأمين ، ويقال : إنما سمّي الأمين أن الركن كان مستودعا فيه عام الطوفان. فلما بنى ابراهيم ـ صلى الله عليه وسلّم ـ البيت ، ناداه أبو قبيس : إنّ الركن في موضع كذا وكذا.

ويقال : إقتبس الركن من أبي قبيس ، فسمّي أبا قبيس.

ويقال : كان رجل من مذحج ، ويقال : من إياد ، نهض فيه بالبناء أوّل الناس ، وكان الرجل يدعى : قبيسا ، فسميّ : أبا قبيس (١).

والأخشب الآخر : الذي يقال له : الأحمر. وكان يسمّى في الجاهلية : الأعرف. وهو الجبل المشرف وجهه على قعيقعان ، على دور عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنه ـ.

وفيه موضع يقال : الجرّ والميزاب. وانما سمّي : الجر والميزاب أن هنالك موضعين يشرف أحدهما على الآخر ، والأعلى يصب في الأسفل ، فاسم

__________________

٢٣٦٤ ـ إسناده متروك.

ذكره السيوطي في الدرّ المنثور ٤ / ٣٥٤ وعزاه لعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم من قول مجاهد.

(١) الأزرقي ٢ / ٢٦٦ ـ ٢٦٧ ، وشفاء الغرام.

٤٧

الأعلى : الميزاب. واسم الأسفل : الجر. وهذا كله حدّثنا به الزبير (١).

وفي ظهره الآخر موضع يقال له : قرن أبي ريش. وعلى رأسه صخرات مشرفات فوق الجبل الأحمر ، يقال لها : الكبش ، عليها منارة يؤذّن عليها.

وفي ظهره موضع يقال له : قرارة المدحى كان أهل مكة ـ فيما يزعمون ـ يتداحون هنالك بالمداحي والمراصيع (٢).

٢٣٦٥ ـ حدّثنا حسين بن حسن ، قال : أنا هشيم ، قال : أنا حصين ، عن عكيم بن عمرو ، قال : جاءت امرأة إلى ابن عباس ـ رضي الله عنها ـ فقالت : إنها نذرت إن عاش ابنها أن تجعله نصرانيا ، فقال : اذهبي فاجعليه مسلما ، أو جاء رجل فقال : إني نذرت أن أبيت على قعيقعان مجردا حتى يصبح. فضحك منه ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وقال : انظروا إلى هذا أراد الشيطان يبدي عورته فيضحك منه / وأصحابه. ثمّ قال له : انطلق فالبس عليك ثيابك ، وصلّ على قعيقعان حتى تصبح.

٢٣٦٦ ـ حدّثنا حسين بن [عبد المؤمن](٣) ، قال : ثنا علي بن عاصم ، قال : ثنا يزيد بن أبي زياد ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم يوم فتح مكة : «هذه حرّمها الله ـ تعالى ـ يوم خلق السماوات والأرض ووضع هذين الأخشبين».

__________________

٢٣٦٥ ـ عكيم بن عمرو لم أقف عليه ، وحصين ، هو : ابن عبد الرحمن.

رواه عبد الرزاق ٨ / ٤٣٨ من طريق : ابن جريج ، عن ابن أبي حسين ، عن ابن عباس ، مختصرا.

٢٣٦٦ ـ إسناده ضعيف.

رواه أحمد ١ / ٢٥٩ بإسناده إلى مجاهد ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، بنحوه.

(١) ، (٢) الأزرقي ٢ / ٢٦٧ ـ ٢٦٨. ولا زال اسم القرارة يطلق على هذا الموضع إلى الآن.

(٣) في الأصل (عبد الرحمن). وقد تقدّم مرارا.

٤٨

٢٣٦٧ ـ وحدّثنا ابن أبي عمر ، قال : قال سفيان بن عيينة في قوله ـ تعالى ـ (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ ، أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ ، أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) قال : قالوا : يا محمد : إنّ أرضنا بين جبلين ـ يعني : أبا قبيس ، والأحمر ـ فأخّر عنا هذين الجبلين حتى نزرع ، وأجر لنا فيها عيونا ، وأحي لنا قصيّ بن كلاب فإنه كان له عقل نسأله أحق ما تقول؟ فأنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى ، بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً)(١) قال : لا يكون هذا ، ولم يكن أوّلا ، أو لم يكفهم ما يرون من الآيات : السماوات والأرض والجبال والمطر.

٢٣٦٨ ـ سمعت الزبير بن أبي بكر ، يقول : ما بين أخشبيها ، وجنحتيها أكرم من فلان ، والأخاشب والجباجب : جبال مكة.

وأنشد الزبير بن أبي بكر للعامري في الأخشبين :

نبايع بين الأخشبين وإنّما

يد الله بين الأخشبين نبايع

__________________

٢٣٦٧ ـ إسناده صحيح إلى سفيان.

٢٣٦٨ ـ عن الأخاشب والجباجب أنظر تاج العروس ١ / ٢٣٤ ، ولسان العرب ١ / ٣٥٤.

والعامري ، هو : خدّاش بن زهير ، من بني عامر بن صعصعة ، شاعر جاهلي ، يقال : إنّ قريشا قتلت أباه في حرب الفجار ، فكان خدّاش يكثر من هجوها. ويقال : إنّه أسلم بعد غزوة حنين. والصحيح أنّه جاهلي.

قال أبو عمرو بن العلاء : خدّاش أشعر من لبيد ، وأبى الناس إلّا تقدمة لبيد. أنظر طبقات فحول الشعراء ١ / ١٤٤. والشعر والشعراء ٢ / ٦٤٥. والإصابة ١ / ٤٥٥.

وبيته هذا ذكره ابن عساكر في تاريخه (تهذيبه ٧ / ٢٦١) ، ونسبه للعباس بن مرداس ابن أبي عامر السلمي ، وهو صحابي من مسلمة الفتح ، ولعلّ نسبة البيت للعباس أقرب إلى الصحّة.

(١) سورة الرعد (٣١).

٤٩

ذكر

فضل مقبرة مكة واستقبالها القبلة

وذكر

مقبرة مكة في الجاهلية والإسلام

ولا يعلم بمكة شعب يستقبل القبلة ليس فيه انحراف عنها إلا شعب مقبرة أهل مكة ، فانه يستقبل وجه الكعبة كلها مستقيما (١).

٢٣٦٩ ـ حدّثنا أبو بشر ـ بكر بن خلف ـ وعبد الله بن اسحاق ، قالا : ثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني ابراهيم بن أبي خداش ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قال : «نعم المقبرة هذه».

قال ابن جريج : يعني : مقبرة مكة.

__________________

٢٣٦٩ ـ إسناده صحيح.

إبراهيم بن أبي خدّاش الهاشمي ، ذكره ابن حبّان في ثقات التابعين ٤ / ١٠. وسكت عنه البخاري ١ / ٢٨٤ ، وابن أبي حاتم ٢ / ٩٨.

رواه عبد الرزاق ٣ / ٥٧٩ ، وأحمد ١ / ٣٦٧ ، والبخاري في التاريخ ١ / ٢٨٤ ، والأزرقي ٢ / ٢٠٩ ، والطبراني في الكبير ١١ / ١٣٧ كلّهم من طريق : ابن جريج ، به.

وذكره الهيثمي في المجمع ٣ / ٣٩٧ وعزاه لأحمد ، والبزّار والطبراني في الكبير. وذكره السيوطي في الكبير ١ / ٨٥٦ وعزاه للفاكهي والديلمي.

(١) الأزرقي ٢ / ٢٠٩.

٥٠

٢٣٧٠ ـ وحدّثني أبو جعفر أحمد بن صالح ، قال : ثنا محمد بن يحيى ، عن عبد الرحيم بن زيد العمّي ، عن أبيه ، عن شقيق بن سلمة ، عن عبد الله ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : وقف النبي صلّى الله عليه وسلم على المقبرة ، وليس بها يومئذ مقبرة ، فقال : يبعث الله ـ تبارك وتعالى ـ من هذه البقعة ، ومن هذا الحرم كلّه سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، يشفع كلّ واحد منهم في سبعين ، وجوههم من الأولين والآخرين كالقمر ليلة البدر». فقال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ : يا رسول الله فمن هم؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «من الغرباء». فقال : يا رسول الله ، ما لمن هلك في حرم الله ـ عزّ وجلّ ـ؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «من هلك في حرم الله ـ تعالى ـ محتسبا داره بعثوا آمنين يوم القيامة». قال : فما لمن هلك في حرمك؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «من هلك بالمدينة محتسبا داره حبّا لله ـ تعالى ـ ولرسوله ، بعثوا آمنين يوم القيامة». قال : فما لمن هلك بين الحرمين ـ مكة والمدينة ـ؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «من هلك بين مكة والمدينة / حاجا أو معتمرا أو طلب طاعة من طاعة الله ـ عزّ وجلّ ـ بعثوا آمنين يوم القيامة».

٢٣٧١ ـ حدّثنا ميمون بن الحكم الصنعاني ، قال : ثنا محمد بن جعشم ، قال : أنا ابن جريج ، قال : أخبرني ابن أبي مليكة في حديث رفعه إلى

__________________

٢٣٧٠ ـ إسناده متروك.

عبد الرحيم بن زيد العمّي ، ضعيف ، كذّبه ابن معين.

ذكره الفاسي في الشفاء ١ / ٢٨٤ وعزاه للجندي في فضائل مكة من طريق : عبد الرحيم العمّي ، به.

٢٣٧١ ـ إسناده مرسل.

رواه عبد الرزاق ٣ / ٥١٧ ، ٥٧٠ ، وابن أبي شيبة ٣ / ٣٤٣ ـ ٣٤٤ ، والترمذي ٤ / ٢٧٥ ، وابن ماجه ١ / ٥٠٠ ، والأزرقي ٢ / ٢١١ كلّهم من طريق : ابن جريج ، به.

٥١

النبي صلّى الله عليه وسلم قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قال : «ائتوا موتاكم فسلّموا عليهم ، وصلّوا ، [فإنّ](١) لكم فيهم عبرة».

قال ابن أبي مليكة : ورأيت أنا عائشة زوج النبي صلّى الله عليه وسلم ـ رضي الله عنها ـ تزور قبر أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر ـ رضي الله عنهم ـ ، ومات بالحبشي على بريد من مكة ، وقبر ـ رضي الله عنه ـ بمكة.

٢٣٧٢ ـ وحدّثنا ميمون بن الحكم ، قال : ثنا محمد بن جعشم ، قال : أنا ابن جريج ، قال : حدّثت عن مسروق بن الأجدع ، عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ ، قال : خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوما وخرجنا معه ، حتى انتهينا إلى المقابر ، فأمرنا فجلسنا ، ثم تخطّا إلى القبور حتى انتهى إلى قبر منها ، فجلس إليه ، فناجاه طويلا ، ثم ارتفع نحيب رسول الله صلّى الله عليه وسلم باكيا ، فبكينا لبكاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثمّ إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم أقبل إلينا ، فلقيه عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ، فقال : ما الذي أبكاك يا رسول الله؟ لقد أبكانا وأفزعنا ، فأخذ صلّى الله عليه وسلم بيد عمر ـ رضي الله عنه ـ ، وأومأ إلينا فأشار ، فقال : «أفزعكم بكائي؟»فقلنا : نعم يا رسول الله. فقال صلّى الله عليه وسلم : «إن القبر الذي رأيتموني عنده قبر آمنة بنت وهب ، واني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي ، ثم استأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي ، فأنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) كذلك حتى تقصّى الآيات

__________________

٢٣٧٢ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه وبقيّة رجاله ثقات.

رواه عبد الرزاق ٣ / ٥٧٢ ـ ٥٧٣ ، والأزرقي ٢ / ٢١٠ ـ ٢١١ وابن ماجه ١ / ٥٠١ ، وابن حبّان (ص : ٢٠١ موارد الظمآن) كلّهم من طريق : ابن جريج به.

ورواه ابن أبي شيبة ٣ / ٣٤٣ من طريق : جابر بن يزيد ، عن مسروق به مختصرا.

(١) في الأصل (كأن) والتصويب من المراجع.

٥٢

كلّها : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ) فأخذني ما يأخذ الولد لوالده في الرّقة ، فذاك الذي أبكاني ، ألا إني كنت نهيتكم عن ثلاث : عن زيارة القبور ، وأكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث ، ليسعكم ، وعن نبيذ الأوعية ، فزوروا القبور ، فانها تزهّد في الدنيا وتذكّر الآخرة ، وكلوا لحوم الأضاحي ، وأبقوا منها ما شئتم ، فإنما نهيتكم أنّ الخير قليل توسعة على الناس ، ألا وإنّ كلّ وعاء لا يحرّم شيئا ، كلّ مسكر حرام».

قال ابن جريج : وأخبرني عثمان بن صفوان ، قال : إنّ آمنة بنت وهب أمّ النبي صلّى الله عليه وسلم دفنت في شعب أبي دبّ (١).

قال ابن جريج : وأخبرني ابراهيم بن أبي خداش ، قال : إنّ ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، قال : لمّا أشرف النبي صلّى الله عليه وسلم على المقبرة ، وهو على طريقه الأول ، فأشار بيده وراء الضفيرة. فقال : نعم المقبرة هذه (٢).

قلت للذي يخبرني : أخصّ الشعب؟ قال : هكذا قال ، ولم يخبرني أنه خص شيئا إلا كذلك أشار بيده وراء الضفيرة (٣).

قال ابن جريج : وحدّثت عن سعيد بن جبير ، وجاء مقبرة مكة فقيل له : اتطأ على القبر؟ فقال : أين أطأ؟ أها هنا؟ وأشار إلى ثنية المدنيّين (٤).

قال ابن جريج في حديثه هذا : قال لي عطاء : يكره أن توطأ القبور ، وأن يجلس عليها ، فقلت : اتخطّا؟ قال : أكرهه. قال وما يفعل ذلك؟ إنّا إذا بلغنا قبر أحدهم انا لنطؤه (٥).

__________________

(١) رواه عبد الرزاق ٣ / ٥٧٣ عن ابن جريج ، به.

(٢) تقدّم تخريجه برقم (٢٣٦٩).

(٣) رواه عبد الرزاق ٣ / ٥٧٩ عن ابن جريج ، به.

(٤) رواه عبد الرزاق ٣ / ٥١١ عن ابن جريج ، عن رجل ، عن سعيد ، به.

(٥) رواه عبد الرزاق ٣ / ٥١٠ عن ابن جريج ، به.

٥٣

٢٣٧٣ ـ حدّثنا حسين بن حسن الأزدي ، قال : ثنا سويد ، قال : أخبرني أسد / بن راشد ، عن حرب بن [سريج](١) ، عن أبي بشر [الندبي](٢) عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ ، قال : كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى أتى مقبرة ، فخلّا عن ناقته ، ولم يكن أحد يأخذ برأسها ، ولم تكن تقرّ لمنافق فأخذ رجل برأسها ، ففتل رأسها ، فدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فجعل يدنو حتى ظننا أنه قد نزل فينا شيء ، فتوجّه عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ، فلمّا رآه أقبل عليه بوجهه ، فقال : «هذا قبر آمنة بنت وهب الزهرية أم رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، واني سألت ربي أن يشفّعني فيها ، وأنه أبى عليّ».

وقد زعم بعض أهل مكة عن أشياخهم أنّ أهل الجاهلية كانوا يدفنون موتاهم في شعب أبي دبّ (٣) وقام الإسلام على ذلك ، وهم يدفنون هنا لك وبالحجون (٤) أيضا إلى شعب الصفي ، صفي السباب. [وفي الشعب](٥) اللاصق بثنيّة المدنيين ، الذي هو اليوم مقبرة أهل مكة ، ثم تمضي المقبرة مصعدة بالجبل (٦) إلى ثنية أذاخر بحائط خرمان. وكان يدفن في هذه المقبرة

__________________

٢٣٧٣ ـ أسد بن راشد لم أعرفه ، وبقيّة رجاله موثّقون.

(١) في الأصل (حرب بن أبي شريح) وهو خطأ. فهو حرب بن سريج بن المنذر المنقري.

(٢) في الأصل (الندى) وهو خطأ ، فهو بشر بن حرب ، أبو عمرو الندبي ، بفتح النون والدال ، بعدها باء موحّدة.

(٣) شعب أبي دبّ ، هو الشعب المسمّى اليوم (دحلة الجنّ) وسوف يأتي التعريف به في الفصل الجغرافي ـ إن شاء الله ـ.

(٤) الحجون هنا ، هو الحجون القديم ، والمراد هنا المنطقة التي يطلق عليها اليوم (برحة الرشيدي). وقد امتدّ أمامها موقف طويل للسيارات بعدّة أدوار. وسوف يأتي التعريف بالحجون ـ إن شاء الله ـ.

(٥) سقطت من الأصل ، وألحقتها من الأزرقي والفاسي. وهذا الشعب هو الذي على يسارك وأنت هابط من ثنيّة المدنيّين (ريع الحجون اليوم) ، ويقولون إنّ فيه قبر خديجة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ.

(٦) أي جبل (أبي دجانة) أو (جبل البرم) على ما سيأتي ، وعلى ما سمّاه الفاكهي ، فتمتدّ المقبرة هذه لتأخذ جزءا من المنطقة المسمّاة (الجعفرية) حتى تتّصل قبورها بمقبرة الخرمانية ، ثم تصعد المقبرة

٥٤

التي عند ثنية أذاخر آل أسيد بن أبي العيص بن أمية ، وفيها دفن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ إذ مات بمكة ، وكان نازلا على عبد الله بن خالد بن أسيد في داره ، وكان صديقا له وخاصّا (١).

٢٣٧٤ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، قال : كان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ إذا قدم مكة أهدى إلى عبد الله بن خالد من صدقة عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ. قال : فلما حضرت ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ الوفاة أوصى عبد الله بن خالد أن لا يصلي عليه الحجّاج ـ وكان الحجّاج بمكة واليا بعد مقتل ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ فصلّى عليه عبد الله بن خالد ليلا على ردمهم عند باب داره ، ودفنه في مقبرتهم هذه ، عند ثنية أذاخر بحائط خرمان ـ رحمه الله وغفر له ـ.

ويدفن في هذه المقبرة مع آل خالد بن أسيد آل سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم إلى يومنا هذا (٢).

وشعب أبي دبّ الذي يعمل فيه الجزّارون بمكة فسمّي به. وعلى فم الشعب سقيفة من حجارة بناها أبو موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ ، ونزلها

__________________

٢٣٧٤ ـ إسناده صحيح.

ذكره الأزرقي ٢ / ٢١٠.

الخرمانية فتصل قبورها إلى ثنية أذاخر (ربع ذاخر اليوم) من الجهة اليسرى وأنت خارج إلى الثنية من مكة. وقد غمر العمران هذه المنطقة كلّها ، ولم يعد للقبور هذه عين ولا أثر ، إلّا جزءا صغيرا من مقبرة الخرمانية لا زال قائما إلى اليوم ، أحاط به سور أمانة العاصمة الحديدي ، على شكل مثلّث ، ويحيط بها الطريق العام من الجهة الشمالية ، تقابل فوّهة شعب أذاخر ، ويقابلها مركز صحي المعابدة اليوم ، وفي هذه المقبرة قبر عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ.

(١) الأزرقي ٢ / ٢٠٩ ـ ٢١٠.

(٢) الأزرقي ٢ / ٢١٠.

٥٥

حين انصرف من الحكمين ، وقال فيما ذكروا : أجاور قوما لا يغدرون ولا يمكرون ـ يعني بذلك : أهل المقابر ـ (١).

وقال بعض المكيين : إنّ في هذا الشعب قبر آمنة بنت وهب ابن عبد مناف بن زهرة أم رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

وقال بعضهم : قبرها في دار رائعة ، فالله أعلم (٢).

٢٣٧٥ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا مروان بن معاوية ، عن يزيد ابن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ، قال : قال النبي صلّى الله عليه وسلم : «استأذنت ربي في أن أزور قبر أمي فأذن لي ، واستأذنته في أن أدعو لها فأبى أن يأذن لي».

٢٣٧٦ ـ وحدّثنا محمد بن علي ، قال : ثنا يعلى بن عبيد ، قال : ثنا أبو منين ـ يزيد بن كيسان ـ عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ، قال : زار النبي صلّى الله عليه وسلم قبر أمه ، فبكى ، فذكر نحوه ، وزاد فيه : «فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت».

__________________

٢٣٧٥ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ٢ / ٤٤١ ، وابن أبي شيبة ٣ / ٣٤٣ ، ومسلم ٧ / ٤٥ ، وأبو داود ٣ / ٢٩٦ ، وابن ماجه ١ / ٥٠٠ ـ ٥٠١ ، والنسائي ٤ / ٩٠ ، والبيهقي في السنن ٤ / ٧٦ ، والدلائل ١ / ١٩٠ كلّهم من طريق : يزيد بن كيسان ، به.

٢٣٧٦ ـ إسناده صحيح.

رواه الحاكم ١ / ٣٧٥ ـ ٣٧٦ من طريق : يعلى بن عبيد ، به. وقال : هذا الحديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه.

(١) المرجع السابق ٢ / ٢١٠.

(٢) المصدر السابق ٢ / ٢١٠. ودار رائعة تقع ما بين شعب علي ، وشعب عامر ، وقد تقدّم ذكرها في الرباع.

٥٦

٢٣٧٧ ـ حدّثنا محمد بن سليمان ، ومحمد بن اسماعيل ، قالا : ثنا قبيصة بن عقبة ، عن سفيان الثوري ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه / قال : لما افتتح رسول الله صلّى الله عليه وسلم مكة أتى جذم قبر فجلس إليه ، وجلس الناس حوله ، فجعل صلّى الله عليه وسلم كهيئة المخاطب ، ثم قام صلّى الله عليه وسلم وهو يبكي ، فاستقبله عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ، وكان من أجرأ الناس عليه صلّى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله بأبي وأمي ، ما الذي أبكاك ، قال صلّى الله عليه وسلم : «هذا قبر أمي ، استأذنت ربّي أن أزور قبرها فأذن لي ، واستأذنته أن أستغفر لها ، فلم يأذن لي ، فذكرتها ، فوقفت ، فبكيت». قال : فلم ير باكيا أكثر من ذلك اليوم.

٢٣٧٨ ـ وحدّثني أبو ابراهيم ، قال : حدّثني عيسى بن اسحق المكّي ، قال : خرجت مع عبد الله بن قنبل في جنازة ، فقال لي : كنت مع عمي الزنجي ابن خالد ها هنا في جنازة ، فدعا داود الأعور الذي كان يكون على المقابر ، فقال له : يا داود أنت بيتك في المقابر ، وأنت تنام فيها ، فهل رأيت فيها شيئا يعجبك أو تنكره؟ فقال : والله لاحدثنّك ، إني كنت في ليلة شاتية شديدة البرد مقمرة ، فدخلت في المقبرة ساعة في أول الليل ، ثم أتيت خيمتي

__________________

٢٣٧٧ ـ إسناده حسن.

رواه ابن سعد ١ / ١١٧ ، وابن أبي شيبة ٣ / ٣٤٣ ، والحاكم ١ / ٣٧٥ ، والبيهقي في الدلائل ١ / ١٨٩ كلّهم من طريق : الثوري به. ورواه الطبري ١١ / ٤٢ من طريق : علقمة ابن مرثد ، به. قال ابن سعد : وهذا غلط ، وليس قبرها بمكة ، وقبرها بالأبواء. قلت : لا يعني قوله (لما افتتح رسول الله صلّى الله عليه وسلم مكة أتى جذم قبر) أنّ ذلك الفعل كان بمكة ، ومعناه أنّه في طريقه إلى الفتح ، أو في رجوعه من فتح مكة جاء ذلك القبر ؛ وقبرها بالأبواء على الصحيح ، ولا دلالة في الأحاديث الصحيحة السابقة أن قبرها بمكة.

٢٣٧٨ ـ في سنده من لم أقف عليه.

٥٧

لأرقد ، فلما تلففت بكسائي ، سمعت صوتا من أقصى المقبرة : لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو حي لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير. فقعدت أسمع ساعة ، فو الله ما رأيت أحدا ، فلمّا ان هويت لأرقد ، إذا أنا بالصوت يقول مثل قوله الأول : لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو حي لا يموت ، بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، فخرجت ، وقلت : والله لا أنتهي حتى أنظر ما الخبر؟ فدرت في المقبرة ساعة ما أسمع شيئا ولا أرى أحدا ، حتى إذا هويت لأخرج سمعت الصوت ، فخرجت أؤمّ الصوت ، فقعدت ليلا لاستمع ، فإذا بالصوت يخرج من القبر : لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو حي لا يموت ، بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، فأتيت القبر فعلّمته بحجارة ، ثم خرجت فرقدت ثم ترددت إلى القبر أطلب أين هو ، فوجدت عجوزا عنده ، فقلت لها : أيا أمة من صاحب هذا القبر؟ فارتاعت لمسألتي عنه ، وقالت : ما له وما سؤالك عنه؟ فأخبرتها بالذي سمعت ، فقالت : وسمعته؟ قلت : نعم. قالت : فو الله ما فاتته في رقاده ، يتكلم بها لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ، وهو حي لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير.

ويقال : إنّ قصي بن كلاب دفن بالحجون ، وهي المقبرة الأولى.

وحدّ الحجون (١) : الجبل المشرف الذي بحذاء المسجد الذي يلي شعب

__________________

(١) ما ذكر في طرفي الحجون لا يعرف اليوم ، فالمسجد الذي بحذاء شعب الجزّارين (شعب أبي دبّ) لا يوجد اليوم ، كما أنّ حائط عوف ، وبيوت ابن الصيقل لا يعرفان اليوم كذلك. فكأنّ الفاكهي يريد بالمسجد هنا : المسجد الذي أقامه بغا بالقرب من بئر أبي موسى الأشعري ، عندما نثلها وأصلحها وبنى عندها سقّاية وجنبذا ، ومسجدا. وكما قلت : إنّ المسجد لا يوجد اليوم ، وأمّا البئر

٥٨

الجزّارين إلى ما بين الحوضين اللذين في حائط عوف ، وبيوت ابن الصيقل على الحجون (١).

وابن الصيقل مولى لآل الزبير بن العوام ـ رضي الله عنه ـ.

٢٣٧٩ ـ فحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني ابراهيم بن المنذر ، عن الواقدي ، قال : مات قصيّ بن كلاب بمكة فدفن بالحجون ، فتدافن الناس بعده بالحجون. قال : فكان أهل مكة يدفنون موتاهم في جنبتي الوادي يمينا وشمالا في الجاهلية وصدر الاسلام ، ثم إنّ الناس حوّلوا مقبرتهم في الجانب الأيسر (٢) لما جاء عن / رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الخبر لقوله : «نعم المقبرة ونعم الشعب»فهي مقبرة أهل مكة ، إلّا آل عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية ، وأبي سفيان بن عبد الأسد ، فهم يدفنون في المقبرة العليا بحائط خرمان إلى يومنا هذا.

__________________

٢٣٧٩ ـ ذكره الأزرقي ٢ / ٢١١.

والحوض ، فأغلب ظنّي : أنّها البئر التي كانت تسمّى (بئر غيلمة) وكان عندها حوض تسمّيه العامة : حوض أبي طالب ، والبئر والحوض يقعان في أسفل فوّهة دحلة الجنّ ، وقد طمّ البئر ، وأزيل الحوض وأدخلا في توسعة طريق الحرم.

فحدّ الحجون الأعلى ، هو : الضفّة السفلى من دحلة الجنّ.

وأمّا حائط عوف فموضعه في المنطقة المسمّاة اليوم بالكمالية ، مقابل بناية البريد المركزي الآن ، وموضعه يقابل مدخل السيّارات الذي ببرحة الرشيدي ، وتهبط عليه الثنيّة الصغيرة من شعب عامر ، فهذا هو حدّ الحجون الأسفل ، والله أعلم.

(١) الأزرقي ٢ / ٢٧٣.

(٢) وبانتقال المقبرة من الجانب الأيمن للخارج من مكة إلى الجانب الأيسر أهملت المقابر في الجانب الأيمن بالتدريج حتى لم يبق فيه قبر اليوم ، بل منذ زمن بعيد ، وكذلك انتقل اسم الحجون بعد الفاكهي إلى الجانب الأيسر ، فأطلق على المقبرة اليسرى ، ولم يعد يطلق اسم الحجون اليوم إلّا على الجانب الأيسر وهذا منذ عهد الفاسي ، بل قبله كذلك ، ولذلك وقع لبعض الفضلاء في القديم والحديث خبط في ذلك.

٥٩

٢٣٨٠ ـ وفي مقبرة الحجون يقول كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي بعد في الإسلام. حدّثنا بذلك الزبير بن أبي بكر :

عينيّ جودي بعبرة أسراب

بدموع كثيرة التسكاب

إنّ أهل الحصاب قد تركوني

موزعا مولعا بأهل الخراب

كم بذاك الحجون من حيّ صدق

من كهول أعفة وشباب

سكنوا الجزع جزع بيت أبي

موسى إلى النخل من صفيّ السباب

أهل دار تتابعوا للمنايا

ما على الدهر بعدهم من عتاب

فارقوني وقد علمت يقينا

ما لمن ذاق ميتة من إياب

أحزنتني حمولهم يوم ولّوا

من بلادي وآذنوا بالذهاب

وزاد غير الزبير :

فلي الويل بعدهم وعليهم

صرت خلوا وملّني أصحابي

وكانت مقبرة المطيّبين بأعلى مكة (١).

ومقبرة الأحلاف بأسفل مكة (٢).

__________________

٢٣٨٠ ـ الأبيات بعضها في الأزرقي ٢ / ٢١١ ، والأغاني ١ / ٣٢١ ـ ٣٢٢ ، ٨ / ٣٤٣ ، ٩ / ١٧٤.

ومعجم البلدان ٣ / ٤١٥.

(١) هي المقبرة التي سبق ذكرها ، وتسمّى اليوم (مقبرة المعلاة) وهي أكبر مقابر مكة وفيها الدفن اليوم ، وقد سوّرت بأسوار جيّدة ونظّمت تنظيما بديعا.

(٢) هي مقبرة الشبيكة ، على ما أفاده الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٢٨٧ ، مستدلّا على ذلك بأنّه لا يوجد في أسفل مكة مقبرة سواها. قلت : وهذه المقبرة لا زالت قائمة إلى اليوم ، ولكن لا يدفن فيها ، إنّما الدفن في مقبرة المعلاة. ومقبرة الشبيكة عليها سور حديث بني في عهد الملك سعود بن عبد العزيز ، وتقع على يسار الخارج من مكة على ثنية كدي ، ويمين الخارج من مكة على جبل الكعبة على ثنية الحزنة في جبل عمر ، وهي مشهورة معروفة.

وقد تقدّم الكلام عن الأحلاف والمطيّبين.

٦٠