مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٧

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٧

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٢٤

ويكره جعلهما تحت ثيابه.

______________________________________________________

[كراهة جعل اليدين تحت الثياب]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويكره جعلهما تحت ثيابه) بل تكونان بارزتين أو في كمّه كما في «المبسوط (١)». وفي «الذكرى (٢) والمسالك (٣) وتعليق الإرشاد (٤)» قاله الأصحاب ، وفي «الروض (٥) وجامع المقاصد (٦)» قاله الجماعة ، وفي «المنتهى (٧)» قاله في المبسوط. وفي «المعتبر» قاله في المبسوط وهو حسن ، نعم لو كان زيقه واسعاً ولا ساتر له كاللحمة أو غيرها بحيث ترى عورته لو ركع فالأشبه أنّ صلاته تبطل ، لأنّ ستر العورة مع الإمكان شرط ولم يحصل (٨).

وفي «الغنية (٩)» ويستحبّ أن لا يصلّي ويداه داخل الثياب ، وظاهره دعوى الإجماع عليه. وفي «الذكرى (١٠)» عن الكاتب انّه قال : لو ركع ويداه تحت ثيابه جاز ذلك إذا كان عليه مئزر وسراويل. وقال أبو الصلاح : يكره إدخال اليدين في الكمّين أو تحت الثياب وأطلق ، انتهى ما في الذكرى. وفي «كشف اللثام» عن التقي انّه قال : تحت الثياب أشدّ كراهة (١١).

وفي «النفلية» يستحبّ بروز اليدين ، ودونه أن يكونا في الكمّين وأن لا يكونا تحت ثيابه (١٢). وفي «شرحها» انّ هذا هو المشهور ولم نقف فيه على رواية

__________________

(١) المبسوط : في الركوع ج ١ ص ١١٢.

(٢ و ١٠) ذكرى الشيعة : في الركوع ج ٣ ص ٣٧٢.

(٣) مسالك الأفهام : في الركوع ج ١ ص ٢١٧.

(٤) تعليق الإرشاد : في الركوع ص ٣٠ س ١٤ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٩).

(٥) روض الجنان : في الركوع ص ٢٧٤ س ٢٥.

(٦) جامع المقاصد : في الركوع ج ٢ ص ٢٩٥.

(٧) منتهى المطلب : في الركوع ج ١ ص ٢٨٦ س ١٦.

(٨) المعتبر : في الركوع ج ٢ ص ٢٠٥ ٢٠٦.

(٩) غنية النزوع : في الركوع ص ٨٥.

(١١) كشف اللثام : في الركوع ج ٤ ص ٨٢.

(١٢) النفلية : في سنن الركوع ص ١١٨.

٣٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

بخصوصه (١). ومثل ما في النفلية ما في «الدروس (٢) والبيان (٣)».

وفي «كشف اللثام (٤)» يكره جعلهما تحت ثيابه كلّها في الركوع أو غيره ، قال : وإنّما ذكره المصنّف عند الركوع لأنّه عنده ربما تسبّب لانكشاف العورة ، انتهى. وفي «الوسيلة» يكره أن يجعل يده تحت ثوبه (٥). وفي «الإرشاد» يكره ويده تحت ثيابه (٦) فتأمّل جيّداً.

وفي «جامع المقاصد (٧) والمسالك (٨) والروض (٩)» ليس في أكثر العبارات تصريح بما إذا لم يكن ثمّ ثوب آخر. وفي الأخير : لعلّهم اعتمدوا على ذكر الثياب بصيغة الجمع المضاف فإنّه يفيد العموم ، فتختصّ الكراهة بما إذا كانت اليدان تحت جميع الثياب ، فمع فقد المجموع الّذي يصدق فواته بفوات بعض أجزائه لا تتمّ الكراهة. وفي العبارة يريد عبارة الإرشاد ما يقتضي الاكتفاء في الكراهة بوضع إحدى اليدين والرواية تنفيه ، انتهى.

وفي «الفوائد الملية (١٠)» بعد ذكر الشهيد استحباب بروز اليدين أنّ حدّهما ما اعتيد بروزه هو الراحة والأصابع وما جاوزهما إلى الزند ، انتهى. والأصل في المسألة صحيح محمّد (١١) وخبر عمّار (١٢).

__________________

(١) الفوائد الملية : في سنن الركوع ص ٢٠٣.

(٢) الدروس الشرعية : في الركوع ج ١ ص ١٧٨.

(٣) البيان : في الركوع ص ٨٦.

(٤) كشف اللثام : في الركوع ج ٤ ص ٨١.

(٥) الوسيلة : في المكروهات ص ٩٧.

(٦) إرشاد الأذهان : في الركوع ج ١ ص ٢٥٥.

(٧) جامع المقاصد : في الركوع ج ٢ ص ٢٩٥.

(٨) مسالك الأفهام : في الركوع ج ١ ص ٢١٧.

(٩) روض الجنان : في الركوع ص ٢٧٤ س ٢٧.

(١٠) الفوائد الملية : في سنن الركوع ص ٢٠٢.

(١١) وسائل الشيعة : ب ٤٠ من أبواب لباس المصلّي ح ١ ج ٤ ص ٣١٣.

(١٢) وسائل الشيعة : ب ٤٠ من أبواب لباس المصلّي ح ٤ ج ٣ ص ٣١٤.

٣٤٢

الفصل السادس : في السجود

وهو واجب

______________________________________________________

(الفصل السادس : في السجود)

في «المعتبر (١) والمنتهى (٢) والتحرير (٣) ونهاية الإحكام (٤) وجامع المقاصد (٥) وإرشاد الجعفرية (٦) والمقاصد العلية (٧) والروض (٨)» وغيرها (٩) انّ معناه لغةً الخضوع ، وشرعاً وضع الجبهة على الأرض. وهذا ظاهر في عدم دخول وضع باقي الأعضاء في الحقيقة ، فيكون من واجباته كالذكر. ويلوح من «الذكرى (١٠)» أنّ ما عدا الجبهة له دخل في نفس السجود كما يأتي.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وهو واجب) بإجماع العلماء كما

__________________

(١) المعتبر : في السجود ج ٢ ص ٢٠٦.

(٢) منتهى المطلب : في السجود ج ١ ص ٢٨٦ س ٢١.

(٣) تحرير الأحكام : في السجود ج ١ ص ٤٠ س ١٥.

(٤) نهاية الإحكام : في السجود ج ١ ص ٤٨٧.

(٥) جامع المقاصد : في السجود ج ٢ ص ٢٩٦.

(٦) المطالب المظفّرية : ص ١٠٤ س ١٥ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(٧) المقاصد العلية : في السجود ص ٢٧١.

(٨) روض الجنان : ص ٢٧٤ السطر الأخير.

(٩) كالحدائق الناضرة : في السجود ج ٨ ص ٢٧٣ ، وذخيرة المعاد : في السجود ص ٢٨٤.

(١٠) ذكرى الشيعة : في السجود ج ٣ ص ٣٨٩.

٣٤٣

في كلّ ركعة سجدتان ،

______________________________________________________

في «المعتبر (١) والذكرى (٢)» وبالإجماع كما في «الوسيلة (٣) والغنية (٤) والمنتهى (٥) والتذكرة (٦) ونهاية الإحكام (٧) وجامع المقاصد (٨) وكشف اللثام (٩) والمدارك (١٠)» بل في الأخير و «المفاتيح (١١)» انّه من ضروريّات الدين.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (في كلّ ركعة سجدتان) بإجماع العلماء كافّة كما في «المعتبر (١٢) والتذكرة (١٣)» وبلا خلاف بين علماء الإسلام كما في «المنتهى (١٤)».

__________________

(١) لم يذكر في المعتبر إجماع العلماء على المدّعى ، نعم قال فيه : تجب في كلّ ركعةٍ سجدتان وهما ركنٌ في الصلاة ، فلو أخلّ بهما عمداً أو سهواً أعاد وهو مذهب العلماء كافة ، انتهى. راجع المعتبر : ج ٢ ص ٢٠٦. وقد نبّهنا سابقاً أن الإجماع حسب الاصطلاح يفترق عن التعبير بالمذهب أو بالاتفاق ونحوهما ، فإنّ الأحكام المتعلّقة بالإجماع في اصطلاح الفقهاء انّما تتعلّق على خصوص التعبير بالاجماع خاصّة ، فراجع رسائل شيخنا الأنصاري وغيره من الكتب الاصولية.

(٢) ذكرى الشيعة : في السجود ج ٣ ص ٣٨٥.

(٣) الوسيلة : فيما يقارن حال الصلاة ص ٩٣.

(٤) غنية النزوع : في كيفية فعل الصلاة ص ٧٩.

(٥) منتهى المطلب : في السجود ج ١ ص ٢٨٦ س ٢٢.

(٦) تذكرة الفقهاء : في السجود ج ٣ ص ١٨٤.

(٧) نهاية الإحكام : الصلاة في السجود ج ١ ص ٤٨٧.

(٨) جامع المقاصد : في السجود ج ٢ ص ٢٩٦.

(٩) كشف اللثام : في السجود ج ٤ ص ٨٣.

(١٠) مدارك الأحكام : في السجود ج ٣ ص ٤٠١.

(١١) مفاتيح الشرائع : في أحكام السجود ج ١ ص ١٤١.

(١٢) المعتبر : في السجود ج ٢ ص ٢٠٦.

(١٣) تذكرة الفقهاء : في السجود ج ٣ ص ١٨٥.

(١٤) منتهى المطلب : في السجود ج ١ ص ٢٨٦ س ٢٣.

٣٤٤

هما معاً ركن ،

______________________________________________________

[في ركنية السجدتين]

قوله : (هما معاً ركن) بالإجماعات المستفيضة كما ستسمع. وقضيّة ذلك أنّ المجموع ركن ، وأورد عليه لزوم بطلان الصلاة بفوات السجدة الواحدة ، لفوات المجموع بفوات الجزء. قالوا : وإن كان المراد أنّ مسمّى السجود فيهما ركن وهو الأمر الكلّي الصادق بالواحدة ومجموعهما ولا يتحقّق الإخلال به إلّا بترك السجدتين معاً ، فيرد عليه لزوم بطلان الصلاة بزيادة الواحدة سهواً كما هو مقتضى الركن.

وأجاب في «الذكرى (١)» عن الأوّل بأنّ انتفاء الماهيّة هنا غير مؤثّر وإلّا لكان الإخلال بعضو من أعضاء السجود مبطلاً. وردّه المحقّق الثاني (٢) والشهيد الثاني (٣) بأنّ الركن على تقدير كونه هو المجموع يجب أن يكون الإخلال به مبطلاً ، فاللازم إمّا عدم ركنيّته أو بطلان الصلاة بكلّ ما يكون إخلالاً به. قالا : وما ادّعاه من لزوم البطلان بالإخلال بعضو من أعضاء السجود غير ظاهر ، لأنّ وضع ما عدا الجبهة لا دخل له في نفس السجود كالذكر والطمأنينة. وقالا : ولو قيل مراد الأصحاب أنّ الركن مسمّى السجود من السجدتين لم يسلّم أيضاً ، لأنّ زيادة سجدتين معاً سهواً مبطل قطعاً. وقالا : إنّ ما ذكره الأصحاب من ضابط الركن لا يخلو من مناقشة وأنّ الحكم لا شبهة فيه. وقال الشهيد الثاني : وحينئذٍ فيمكن جعل الركن مجموع السجدتين كما أطلقه الأصحاب ولا يبطل بنقصان الواحدة سهواً وإن استلزم فوات الماهيّة المركبّة أو يلتزم كون الركن مسمّى السجود ولا يبطل بزيادة الواحدة سهواً فيكون أحدهما مستثنى كنظائره.

__________________

(١) ذكرى الشيعة : في السجود ج ٣ ص ٣٨٧.

(٢) جامع المقاصد : في السجود ج ٢ ص ٢٩٧.

(٣) روض الجنان : في السجود ص ٢٧٥ ، ومسالك الأفهام : في السجود ج ١ ص ٢١٨.

٣٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ومثله قال شيخه الفاضل الميسي وسبطه في «المدارك (١)» حيث قال : انتفاء الماهيّة غير مؤثّر. وهذا الإشكال غير مختصّ بهذه المسألة بل هو آتٍ في الإخلال بحرف واحد من القراءة لفوات الماهيّة المركّبة أعني الصلاة بفواته. والجواب عن الجميع واحد وهو إثبات الصحّة بدليل من خارج ، انتهى.

وقال مولانا الأردبيلي (٢) : الدليل على ركنيّتهما بمعنى أنّهما لو زيدتا أو تركتا معاً بطلت الصلاة هو الإجماع وبعض الأخبار ، وهما ما دلّا على البطلان بزيادة إحداهما أو تركها ، فالمراد بترك الركن تركه بالكلّية بحيث ما يبقى منه ما يعتبر جزءً أو عبادةً ، ولا شكّ في اعتبار السجدة الواحدة وكونها عبادة للأخبار والإجماع ، وعدم ذلك في أجزاء النيّة والتكبير ، بل قيل لا جزء للنيّة فإنّه ما لم يصحّ الكلّ لم يعدّ ذلك الجزء عبادة ، وعلى تقدير التسليم يقال : إنّما ثبت شرعاً البطلان بترك هذا بالكلّية بخلاف غيره ، انتهى.

وأجاب الشهيد في «حواشيه على الكتاب» بأنّ الركن هو الماهيّة من حيث هي هي ، وعدم الكلّ إنّما يكون بعدم كلّ فرد لا بعدم واحد من أفراده. ونقل عن والده جوابين ضعيفين أعرضنا عن ذكرهما لذلك.

وقال الفاضل البهائي في «الرسالة (٣)» : لا بُعد في إجزاء بعض الأجزاء عن الكلّ ، فلو جعل الركن كلا السجدتين أو ما أقامه الشارع مقامهما كالواحدة حال نسيان الاخرى لم يكن بعيداً ، انتهى. وإلى نحو ذلك أشار المحقّق السيّد علي صائغ (٤) وبعض المتأخّرين (٥) ، قال : إنّ المعهود من ترك الركن في عرف الفقهاء هو ما كان بحيث يمتنع تداركه وذلك يتوقّف على شيئين فوات محلّ ذلك الفعل وعدم ورود الشرع بفعله بعد الصلاة ، ومن ذلك يظهر عدم صحّة لزوم البطلان

__________________

(١) مدارك الأحكام : في السجود ج ٣ ص ٤٠٣.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : في السجود ج ٢ ص ٢٦١.

(٣) لا يوجد لدينا كتابه ونقل عنه في الجواهر : ج ١٠ ص ١٣١ في بحث السجود.

(٤ و ٥) نقل عنهما في الجواهر : ج ١٠ ص ١٣٣ في بحث السجود.

٣٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

بترك الواحدة سهواً على تقدير كون الركن مجموع السجدتين ، انتهى فتأمّل.

وقال الشيخ نجيب الدين العاملي : إنّ بعض المتأخّرين أجاب بأنّ الركن هو السجدة الاولى ، قال : ووجهه بما فيه طول وبُعد.

قلت : هذا نقله صاحب «البحار (١)» قال : وربما يتوهّم اندفاع الشبهة بما يومئ إليه خبر المعراج بأنّ الاولى كانت بأمره سبحانه وتعالى والثانية أتى بها الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قِبل نفسه ، فتكون الاولى فريضةً وركناً والثانية سنّةً بالمعنى المقابل للفريضة وغير ركن. وأورد عليه فقال بعد تسليم دلالة الخبر عليه : انّه لا ينفع في رفع الفساد بل يزيده ، إذ لا يعقل حينئذٍ زيادة الركن ، لأنّ السجدة الاولى لا تتكرّر إلّا بأن يفرض أنّه سها عن الاولى وسجد اخرى بقصد الاولى فيلزم زيادة الركن بسجدتين أيضاً (بسجدة خ ل) * مع أنّه يلزم أنّه لو سجد ألف سجدة بغير هذا الوجه لم يكن زاد ركناً ، على أنّه لو اعتبرت النيّة في ذلك يلزم بطلان صلاة من ظنّ أنّه سجد الاولى ثمّ سجد بنيّة الأخيرة فظهر له بعد الصلاة ترك الاولى ولم يقل به أحد.

ثمّ إنّه نقل وجهاً آخر في دفع الشبهة وهو أنّ الركن أحد الأمرين من إحديهما وكلتيهما. وردّه بأنّه إذا سجد ثلاث سجدات سهواً يلزم بطلان صلاته حينئذٍ انتهى. وليس هو ما نقلناه عن البهائي ، لأنّه شرط في ركنيّة الواحدة نسيان الاخرى. اللهمّ إلّا أن يريد ما أراد البهائي فلا يرد عليه ما أورده المجلسي. ونقل عن بعض الأفاضل المقاربين لعصره أنّه حلّ الإشكال بأنّ الركن المفهوم المردّد بين السجدة بشرط لا ** والسجدتين بشرط لا وثلاث سجدات بشرط لا ، إذ ترك الركن حينئذٍ

__________________

(*) كذا وجدناه (كذا بخطّه قدس‌سره).

(**) أي بشرط أن لا يكون معها سجدة اخرى (كذا بخطّه قدس‌سره).

__________________

(١) بحار الأنوار : باب ٤٩ في السجود وآدابه ج ٨٥ ص ١٤١ ١٤٣.

٣٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

إنّما يكون بعدم تحقّق السجدة مطلقاً ، وإذا سجد أربع سجدات أو أكثر لا يتحقّق الركن أيضاً. وردّه بأنّه لا خلاف بأنّ بطلان الصلاة فيما إذا أتى بأربع أو أكثر إنّما هو لزيادة الركن لا لتركه. قال : ويلزم على هذا أن يكون البطلان لترك الركن وعدم تحقّقه لا لزيادته.

ثمّ إنّه قال : ويخطر بالبال وجه آخر لدفع الإشكال على سياق هذا الوجه لكنّه أخصر وأفيد * وهو أن يكون الركن المفهوم المردّد بين سجدة واحدة بشرط لا وسجدتين بلا شرط ، فإذا أتى بسجدة سهواً فقد أتى بفرد من الركن ، وكذا إذا أتى بهما ، ولا ينتفي الركن إلّا بانتفاء الفردين بأن لا يسجد أصلاً ، وإذا سجد ثلاث سجدات لم يأت إلّا بفرد واحد وهو الاثنان لا بشرط شي‌ء ، وأمّا الواحدة الزائدة فليست فرداً له لكونها مع اخرى وما هو فرد له على هذا الوجه هو بشرط أن لا يكون معها شي‌ء ، وإذا أتى بأربع فما زاد أتى بفردين من الاثنين. قال : وهذا وجه متين لم أر أحداً سبقني إليه ومع ذلك لا يخلو عن تكلّف. والأظهر في الجواب أن يقال : غرض هذا المعترض إمّا إيراد الإشكال على الأحاديث الواردة في الباب أو على كلام الأصحاب ، والأوّل لا وجه له لخلوّ الروايات عن ذكر الركن ومعناه وعن هذه القواعد الكلّية ، بل إنّما ورد حكم كلّ من الأركان بخصوصه وورد حكم السجود هكذا ، فلا إشكال يرد عليها. وأمّا الثاني فغير وارد عليه أيضاً ، لتصريحهم بحكم السجود فهو مخصّص للقاعدة الكلّية ، كما خصّصت تلك القاعدة بما ذكر في كلامهم وفصّل في زبرهم ، انتهى.

هذا وفي موضع من «السرائر (١)» التصريح بأنّ السجدة الواحدة ركن كما يأتي نقل ذلك عنه عند نقل كلام الكليني.

__________________

(*) لم نجد هذه الكلمة مستعملة في اللغة (منه عفا الله تعالى عنه).

__________________

(١) السرائر : في أحكام السهو والشكّ ج ١ ص ٢٥٣ ٢٥٤.

٣٤٨

لو أخلّ بهما عمداً أو سهواً بطلت صلاته لا بالواحدة سهواً.

______________________________________________________

[في الإخلال بالسجدتين]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (لو أخلّ بهما عمداً أو سهواً بطلت صلاته) في «المعتبر (١) والتذكرة (٢)» إجماع العلماء كافّة على أنّهما معاً ركن لو أخلّ بهما عمداً أو سهواً أو جهلاً بطلت صلاته. وفي «السرائر (٣)» لا خلاف في ذلك. وقد نقلت الشهرة في عدّة مواضع (٤). وفي «المختلف (٥)» الإجماع على أنّهما ركن ، ذكر ذلك في أثناء احتجاجه. وفي «الغنية (٦) ونهاية الإحكام (٧) وتعليق الإرشاد (٨) ومجمع البرهان (٩) والمختلف (١٠)» في أثناء كلامه الإجماع على بطلان الصلاة بالإخلال بهما عمداً أو سهواً. وفي «تعليق الإرشاد (١١)» الإجماع أيضاً على أنّ زيادتهما معاً كذلك. وهو أي الإجماع على ذلك ظاهر «مجمع البرهان (١٢)» وإليه ذهب الأكثر كما في «جامع المقاصد (١٣) والمقاصد

__________________

(١) المعتبر : في السجود ج ٢ ص ٢٠٦.

(٢) تذكرة الفقهاء : في السجود ج ٣ ص ١٨٥.

(٣) السرائر : في احكام السهو والشكّ ص ٢٤٩.

(٤) منها الحدائق الناضرة : ج ٨ ص ٢٩٨ ، وبحار الأنوار : ج ٨٥ ص ١٤١ ، والمقاصد العلية : ص ٢٩٨.

(٥) مختلف الشيعة : في السهو ج ٢ ص ٣٦٧.

(٦) غنية النزوع : فصل ٢٠ ص ١١١.

(٧) نهاية الإحكام : في السجود ج ١ ص ٤٨٧.

(٨) تعليق الإرشاد : في السجود ص ٣٠ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٩).

(٩) مجمع الفائدة والبرهان : في السجود ج ٢ ص ٢٦١.

(١٠) مختلف الشيعة : في السهو ج ٢ ص ٣٦٧.

(١١) تعليق الإرشاد : في السجود ص ٣٠ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٩).

(١٢) مجمع الفائدة والبرهان : في السجود ج ٢ ص ٢٦١.

(١٣) جامع المقاصد : في السجود ج ٢ ص ٢٩٧.

٣٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

العلية (١) وكشف اللثام (٢)» وهو المشهور كما في «الروضة (٣)».

ولا فرق في بطلانها بالإخلال بهما عمداً أو سهواً بين أن يكون ذلك في الاوليين أو الأخيرتين عند علمائنا كما في «التذكرة (٤)» في بحث السهو. وفي موضع من «السرائر (٥)» انّ على ذلك إطباق الطائفة ، وفي موضع آخر (٦) نفى الخلاف فيه ، وفي موضع آخر (٧) : ولا يلتفت إلى ما يوجد في بعض الكتب بخلاف ذلك. وفي «الروض (٨) وغاية المرام (٩) وشرح الشيخ نجيب الدين والبحار (١٠) والمفاتيح (١١)» انّ ذلك هو المشهور. وهو خيرة المفيد في «المقنعة (١٢) والعزّية» والتقي (١٣) على ما نقل عنهما ، والشيخ في «النهاية (١٤)» وموضع من «المبسوط (١٥)» وجمهور من تأخّر عنه (١٦).

__________________

(١) ليس في المقاصد العلية نسبة المسألة إلى الأكثر ، وانّما الذي يُستفاد من عبارته هو الحكم ببطلان الزيادة بهما ، فراجع المقاصد العلية : ص ٢٩٨. نعم في بحث السجود حكم بعدم جواز السجود الزائد على الاثنين إجماعاً وهو يشمل الواحدة بطريق أولى ، إلّا أنّه أعمّ من الحكم بالبطلان كما لا يخفى.

(٢) كشف اللثام : في السجود ج ٤ ص ٨٣.

(٣) الروضة البهية : في أركان الصلاة ج ١ ص ٦٤٤.

(٤) تذكرة الفقهاء : في أحكام السهو ج ٣ ص ٣٠٦.

(٥) السرائر : في أحكام السهو والشكّ ج ١ ص ٢٤٩ ٢٥٠.

(٦) السرائر : في أحكام السهو والشكّ ج ١ ص ٢٤٩.

(٧) السرائر : في التسليم ج ١ ص ٢٤٢.

(٨) روض الجنان : في السجود ص ٢٧٥ س ١.

(٩) غاية المرام : في الخلل ص ١٨ س ٩.

(١٠) بحار الأنوار : باب في أحكام الشكّ والسهو ج ٨٨ ص ١٤١.

(١١) مفاتيح الشرائع : في أحكام السجود ج ١ ص ١٤٢.

(١٢) المقنعة : في مسنونات الصلاة ص ١٣٨.

(١٣) نقل عنها العلّامة في المختلف : ج ٢ ص ٣٦٦.

(١٤) النهاية : الصلاة ص ٨٨.

(١٥) المبسوط : في أحكام السهو والشكّ ج ١ ص ١١٢.

(١٦) منهم ابن إدريس في السرائر : ج ١ ص ٢٤٩ ، والشهيد في البيان : ص ٨٧ ، والمحقّق في المعتبر : ج ٢ ص ٣٧٨ ، وسلّار في المراسم : ص ٨٩.

٣٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي «الجُمل والعقود (١) والوسيلة (٢) وجامع الشرائع (٣) والاقتصاد (٤)» على ما نقل عنه : انّ من ترك سجدتين أو واحدة منهما في الأخيرتين بنى على الركوع الأوّل وسجد السجدتين ، هذه عبارة «الجُمل» وعبارة «الوسيلة» : ومن ترك السجدتين في واحدة من الأخيرتين بعد الركوع لم يعتدّ به وبقيامه وقراءته وجلس وسجد. وعبارة «الجامع» : والسهو عن السجود في الأخيرتين من الرباعية فإنّه لا يسقط ذلك ويتلافى ويتمّم. وفي موضع من «المبسوط (٥)» : من ترك سجدتين من الركعتين الأوّلتين حتى يركع فيما بعدهما أعاد على المذهب الأوّل وعلى الثاني يجعل السجدتين في الثانية للأوّل ويبني على صلاته. وأشار بالمذهب الأوّل إلى ما ذكره في الركوع من أنّه إذا ترك الركوع حتى سجد أعاد (٦). وقد اعترف جملة من المتأخّرين (٧) ومتأخّريهم بعدم الوقوف لهؤلاء على دليل. وتكلّف لهم في «المختلف (٨)» بأنّ السجدتين مساويتان للركوع في جميع الأحكام.

وهذا كلّه إنّما هو فيما إذا تركهما ولم يذكرهما إلّا بعد الركوع ، وأمّا إذا تركهما وذكرهما بعد قيامه وقبل ركوعه فصريح «السرائر (٩)» وظاهر «المقنعة (١٠)» أو صريحهما وجوب الإعادة. وهو الّذي يظهر من المنقول من عبارة التقي (١١).

__________________

(١) الجُمل والعقود : في أحكام السهو ص ٧٨.

(٢) الوسيلة : في أحكام السهو ص ١٠٠.

(٣) الجامع للشرائع : في أحكام السهو ص ٨٣.

(٤) الاقتصاد : في أحكام السهو ص ٢٦٦.

(٥) المبسوط : في أحكام السهو والشكّ ج ١ ص ١٢٠.

(٦) المبسوط : في أحكام السهو والشكّ ج ١ ص ١١٩.

(٧) منهم السيّد في مدارك الأحكام : ج ٤ ص ٢٢٠ ، والحلّي في السرائر : ج ١ ص ٢٤٩ ، والسبزواري في الذخيرة : ص ٣٥٨ السطر ما قبل الأخير.

(٨) مختلف الشيعة : في أحكام السهو ج ٢ ص ٣٦٧.

(٩) السرائر : في احكام السهو ج ١ ص ٢٤١.

(١٠) المقنعة : ب ١٠ في تفصيل أحكام الصلاة ص ١٣٨.

(١١) الكافي في الفقه : في السجود ص ١١٩.

٣٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

وعن المفيد في «العزّية (١)» أنّه إن تيقّن أنّه ترك السجدتين معاً وذكر ذلك قبل ركوعه في الثانية سجد السجدتين واستأنف القراءة. وهو المشهور بين المتأخّرين (٢) بل كاد يكون وفاقياً كما هو الشأن في السجدة الواحدة. وهذا أعني ما ذكره المفيد هو ظاهر السيّد (٣) والشيخ (٤) وسلّار (٥) وغيرهم (٦) حيث عدّوا في الّذي يوجب إعادة الصلاة السهو عن سجدتين في ركعة ولم يذكر ذلك حتّى ركع في الثانية ، ومفهوم ذلك عدم الإعادة عند الذكر قبل الركوع. نعم قد يشعر قولهم فيما يوجب التلافي أنّه إن نسي سجدة واحدة وذكرها في حال قيامه وجب عليه أن يرسل نفسه فيسجدها ويعود إلى القيام ، بأنّ هذا الحكم مختصّ بالواحدة ، فتأمّل.

وقال الطوسي في «الوسيلة (٧)» : ومن نسي السجدتين من الركعتين الأخيرتين وذكر بعد القيام فحكمه مثل حكم من نسي سجدة واحدة. وكلامه يعطي الفرق بين الاوليين والأخيرتين ، وتمام الكلام يأتي في محلّه إن شاء الله تعالى.

وفي «المبسوط (٨) والجُمل (٩) والتهذيب (١٠) والاستبصار (١١) والوسيلة (١٢)

__________________

(١) نقل عنه العلّامة في مختلف الشيعة : السهو ج ٢ ص ٣٧٦.

(٢) كالمدارك : ج ٤ ص ٢٣٥ ، والمسالك : ج ١ ص ٢٩١ ، والمقاصد العلية : ص ٦٠٤ ، ومنتهى المطلب : ج ١ ص ٤١٤ س ١٧.

(٣) جُمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة) : ص ٣٥.

(٤) النهاية : باب السهو في الصلاة ص ٩٢.

(٥) المراسم : ص ٨٩.

(٦) كرياض المسائل : في الخلل ج ٤ ص ٢١٥.

(٧) الوسيلة : في أحكام السهو ص ١٠٠.

(٨) المبسوط : في السجود ج ١ ص ١١٩.

(٩) الجُمل والعقود : في أحكام السهو ص ٧٨.

(١٠) التهذيب : ج ٢ ص ١٤٩ ذيل ح ٥٨٤.

(١١) الاستبصار : ج ١ ص ٣٥٦ ح ١٣٤٨.

(١٢) الوسيلة : في أحكام السهو ص ٩٩.

٣٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وجامع الشرائع (١)» انّ الصلاة لا تبطل بزيادة سجدتين في إحدى الأخيرتين سهواً لكن في موضع من «المبسوط (٢) وجامع الشرائع (٣)» انّ ذلك في الأخيرتين من الرباعية ، وقد تقدّمت الإشارة إلى هذه العبارات في بحث الركوع ، بل عن علي بن بابويه (٤) أنّها لا تبطل بزيادتهما في الثانية أيضاً ، وعن الكاتب (٥) أنّه يرجو له الإجزاء إذا زادهما في الثانية وأنّ الإعادة مع اتساع الوقت أحبّ إليه ، وقد استند الشيخ ومن تبعه إلى خبر محمّد (٦) ، وهو يحتمل الاستئناف مع معارضته بغيره ، مضافاً إلى ما مرَّ ولعلّ علياً وأبا علي استندا إلى اختصاص الإعادة في خبر البزنطي (٧) بالاولى.

ولا تبطل الصلاة لو أخلّ فيها بالسجدة الواحدة سهواً إجماعاً كما في «التذكرة (٨) والذكرى (٩)» وإجماعاً إلّا من الحسن كما في «المسالك (١٠)» وهو مذهب الشيخين والسيّد وأتباعهم كما في «المختلف (١١)» وهو مذهب المعظم كما في

__________________

(١) الجامع للشرائع : في أحكام السهو ص ٨٥.

(٢) المبسوط : الصلاة في السجود ج ١ ص ١٠٩.

(٣) الجامع للشرائع : ص ٨٢.

(٤ و ٥) نقل عنهما العلّامة في مختلف الشيعة : في السهو ج ٢ ص ٣٦٣.

(٦) وسائل الشيعة : ب ١١ من أبواب الركوع ح ٢ ج ٤ ص ٩٣٤.

(٧) وسائل الشيعة : ب ١٤ من ابواب السجود ح ٣ ج ٤ ص ٩٦٨.

(٨) يُستفاد ذلك من عبارة التذكرة حيث قال : هما معاً ركنٌ في الصلاة لو أخلّ بهما عمداً أو سهواً بطلت صلاته بالإجماع ، انتهى ، راجع التذكرة : ج ٣ ص ١٨٤ ١٨٥ فإنّ مفهوم بطلانها بالإخلال بهما عدم البطلان بالإخلال بواحدٍ منهما سهواً. وأظهر من ذلك ما ذكره في أحكام السهو في البحث الثالث حيث يقول : كلّ ساهٍ أو شاكٍّ في شي‌ءٍ وإن كان ركناً وهو في محلّه فانّه يأتي به على ما تقدّم. وإن تجاوز المحلّ فمنه ما يجب معه سجدتا السهو إجماعاً وهو نسيان السجدة أو السجدتين فتذكّر قبل الركوع ، انتهى ، راجع المصدر : ص ٣٣٣.

(٩) ذكرى الشيعة : ج ٣ ص ٣٨٦ وج ٤ ص ٣٩.

(١٠) مسالك الأفهام : في السجود ج ١ ص ٢١٧.

(١١) مختلف الشيعة : في السهو ج ٢ ص ٣٧٢.

٣٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

«البحار (١)» والمشهور كما في «المختلف (٢)» أيضاً و «الروض (٣) وشرح نجيب الدين» ومذهب الأكثر كما في «جامع المقاصد (٤) والمدارك (٥) والمفاتيح (٦) وكشف اللثام (٧)» وقد سمعت ما تقدّم في بيان معنى ركنيّة السجدتين ونسبة عدم الإخلال بالواحدة إلى الأصحاب والإيراد الذي انتهضوا لدفعه إنّما أورده بعضهم دليلاً للحسن.

ولا فرق في ذلك أي عدم البطلان في الإخلال بها سهواً بين أن يكون ذلك في الاوليين أو الأخيرتين كما هو خيرة المفيد في «المقنعة (٨)» والسيّد (٩) والطوسي (١٠) والتقي (١١) والديلمي (١٢) والعجلي (١٣) وجمهور المتأخّرين بل جميعهم فيما أجد لكن بعضهم صرّح وبعضهم أطلق ، بل لا فرق في ذلك بين الرباعية وغيرها كما في «الخلاف (١٤)» حيث فرض المسألة في الركعة الاولى من دون تعرّض لذكر الأخيرتين ، وهو الّذي يقتضيه إطلاقهم.

وخالف الحسن وثقة الإسلام فأبطلاها بالإخلال بالواحدة سهواً مطلقاً

__________________

(١) بحار الأنوار : باب السجود وآدابه ج ٨٥ ص ١٤١.

(٢) مختلف الشيعة : في السهو ج ٢ ص ٣٧٢.

(٣) روض الجنان : في السجود ص ٢٧٥ س ٤.

(٤) جامع المقاصد : في السجود ج ٢ ص ٢٩٧.

(٥) مدارك الأحكام : في السجود ج ٣ ص ٤٠١.

(٦) مفاتيح الشرائع : في أحكام السجود ج ١ ص ١٤١.

(٧) كشف اللثام : في السجود ج ٤ ص ٨٣.

(٨) المقنعة : في أحكام السهو ص ١٤٧.

(٩) جُمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) : في أحكام السهو ج ٣ ص ٣٧.

(١٠) الوسيلة : في أحكام السهو ص ١٠٠.

(١١) الكافي في الفقه : باب تفصيل أحكام الصلاة ص ١١٩.

(١٢) المراسم : ما يلزم المفرط في الصلاة ص ٨٩.

(١٣) السرائر : في أحكام الصلاة ج ١ ص ٢٤١.

(١٤) الخلاف : كتاب الصلاة ج ١ ص ٤٥٤ مسألة ١٩٨.

٣٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

أي من غير فرق بين الاوليين والأخيرتين. قال في «الكافي (١)» في فتاواه السبع عشرة : فإن ركع فاستيقن أنّه لم يكن سجد إلّا سجدة أو لم يسجد شيئاً فعليه إعادة الصلاة. وفي «المختلف (٢) والذكرى (٣)» نسبة ذلك إلى ظاهر الحسن. وعن الكاتب (٤) انّ الأحوط الإعادة إن تركها في الاوليين وكان في وقت. ونقل في «الخلاف (٥)» وغيره (٦) عن بعض أصحابنا أنّ نسيان سجدة في الاوليين حتى يركع يوجب الاستئناف.

وفي «المختلف (٧)» انّ الشيخ وغيره نقل عن بعض أصحابنا أنّ كلّ سهو يلحق الاوليين سواء كان في أفعالها أو عددها وسواء كان في الأركان من الأفعال أو غيرها يوجب إعادة الصلاة.

وفي «الذكرى (٨)» عن المفيد والشيخ في التهذيب أنّ كلّ سهو يلحق الاوليين موجب لإعادة الصلاة. وفي «التهذيب (٩)» نسيان السجدة الواحدة في الاوليين مبطل للصلاة لا في الأخيرتين وهو محتمل «الاستبصار (١٠)». وتمام الكلام في مباحث السهو بما لا مزيد عليه.

ولا تبطل لو زاد واحدة سهواً كما هو مذهب كثير من المتقدّمين وجمهور المتأخّرين أو جميعهم. وفي «جامع المقاصد (١١)» نسبته إلى أكثر الأصحاب.

__________________

(١) الكافي : ج ٣ ص ٣٦١.

(٢) مختلف الشيعة : في السهو ج ٢ ص ٣٧١.

(٣) ذكرى الشيعة : في السجود ج ٣ ص ٣٨٦.

(٤) نقل عنه العلّامة في مختلف الشيعة : في السهو ج ٢ ص ٣٦٣.

(٥) الخلاف : كتاب الصلاة ج ١ ص ٤٥٤ مسألة ١٩٨.

(٦) المعتبر : كتاب الصلاة في التوابع ج ٢ ص ٣٨٣.

(٧) مختلف الشيعة : في السهو ج ٢ ص ٣٦٩.

(٨) ذكرى الشيعة : في الخلل .. ج ٤ ص ٤٠.

(٩) التهذيب : ب ٩ ج ٢ ص ١٥٤ ذ ح ٦٠٤.

(١٠) الاستبصار : ب ٢٠٩ ج ١ ص ٣٥٩ ذ ح ٤.

(١١) جامع المقاصد : في السجود ج ٢ ص ٢٩٧.

٣٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وأبطلها بزيادتها ثقة الإسلام (١) مطلقاً ، قال : فإن سجد ولم يدر أسجد سجدتين أم سجدة فعليه أن يسجد اخرى حتى يكون على اليقين من السجدتين ، فإن سجد ثمّ ذكر أنّه قد كان سجد سجدتين فعليه أن يعيد الصلاة ، لأنّه قد زاد في صلاته سجدة ، انتهى كلامه. وقد ذكر ذلك في الفتاوى السبع عشرة. ومثل ذلك عبارة «السرائر (٢)» دون تفاوت إلّا أن قال : لمكان زيادته فيها ركناً ، فقد جعل السجدة ركناً.

وفي «جُمل العلم والعمل (٣)» فإن ركع وذكر في حال الركوع أنّه قد كان ركع فعليه أن يرسل نفسه للسجود من غير أن يرفع رأسه ولا يقيم صلبه ، فإن ذكر أنّه قد كان ركع بعد انتصابه كان عليه إعادة الصلاة لزيادة فيها ، وكذلك الحكم فيمن سها ولم يدر أسجد اثنتين أم واحدة عند رفع رأسه وقبل قيامه فليسجد سجدة ليكون من السجدتين على يقين ، فإن ذكر وهو ساجد أو بعد قيامه أنّه كان قد سجد اثنتين فليعد الصلاة. وعدّ في «الغنية (٤)» فيمن يجب عليه إعادة الصلاة من سها فزاد ركعة أو سجدة ، ثمّ قال : كلّ ذلك بدليل الإجماع. ونقل القول بذلك عن التقي (٥). وقد سمعت ما في «الذكرى» وما نقله الشيخ عن بعض أصحابنا. وعن الحسن (٦) أنّ الّذي يفسد الصلاة ويوجب الإعادة عند آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الزيادة في الفرض بركعة أو سجدة.

ولا مستند لهؤلاء من الأخبار إلّا ما رواه الشيخ في «التهذيب (٧)» عن محمد ابن أحمد عن الميثمي عن رجل عن المعلّى بن خنيس «قال : سألت أبا الحسن الماضي عليه‌السلام في الرجل ينسى السجدة من صلاته ، قال : إذا ذكرها قبل ركوعه

__________________

(١) الكافي : ج ٣ ص ٣٦١.

(٢) السرائر : في أحكام السهو والشكّ ج ١ ص ٢٥٣.

(٣) جُمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) : ج ٣ ص ٣٦.

(٤) غنية النزوع : الفصل العشرون ص ١١١.

(٥) مختلف الشيعة : في السهو ج ٢ ص ٣٧٤.

(٦) مختلف الشيعة : في السهو ج ٢ ص ٣٧٤.

(٧) تهذيب الأحكام : ج ٢ ص ١٥٤ ح ٦٠٦.

٣٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

سجدها وبنى على صلاته ثمّ سجد سجدتي السهو بعد انصرافه ، وإن ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة ، ونسيان السجدة في الاوليين والأخيرتين سواء» وقد رموه بالضعف لأن كان المعلّى فيه كلام والإرسال ومعارضته بما هو أقوى منه. وبقي فيه شي‌ء لم ينبّهوا عليه وهو أنّ المعلّى قُتل في زمن الصادق عليه‌السلام وقضية قوله «أبا الحسن الماضي عليه‌السلام» تشير إلى أنّه بقي بعد موت الكاظم عليه‌السلام فليلحظ ذلك. وحمله في «التهذيبين (١)» على ترك السجدتين معاً لا الواحدة وجوّز حمله على السجدة الواحدة وتخصيص الحكم بالركعتين الاوليين ، لأنّك قد سمعت مذهبه في «التهذيب» وحمل التسوية فقط في الخبر على ما إذا كان ترك السجدتين بأن يكون قوله عليه‌السلام : «ونسيان السجدة» حكماً مستأنفاً ، فتأمّل. وحمل بعضهم (٢) الإعادة على الاستحباب.

وخبر إسماعيل بن جابر (٣) حجّة على الحسن والكاتب والكليني. وهو بإطلاقه وصريح خبر موسى بن عمر (٤) عن محمّد بن منصور حجّتان على الشيخ في «التهذيب» كخبر المعلّى بن خنيس ، لكنّه في «التهذيب» حمل الركعة الثانية في خبر ابن منصور على ثانية الأخيرتين ، وهو بعيد كتأويل خبر المعلّى. والذي دعاه إلى ذلك تضافر الأخبار بأنّه لا سهو في الاوليين أو لا بدّ من سلامتهما ، وأقوى مستنده ما رواه في الصحيح (٥) عن البزنطي «أنّه سأل أبا الحسن عليه‌السلام عن رجل يصلّي ركعتين ، ثمّ ذكر في الثانية وهو راكع أنّه ترك سجدة في الاولى ، فقال : كان أبو الحسن عليه‌السلام يقول : إذا تركت السجدة في الركعة الاولى فلم تدر واحدة أو اثنتين استقبلت حتى يصحّ لك اثنتان ، وإذا كان في الثالثة والرابعة فتركت سجدة بعد أن تكون حفظت الركوع أعدت السجود».

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ج ٢ ص ١٥٤ ذيل ح ٦٠٦ ، والاستبصار : ج ١ ص ٣٥٩ ذيل ح ١٣٦٣.

(٢) كذكرى الشيعة : في السجود ج ٣ ص ٣٨٦ ، والوافي : ج ٨ ص ٩٣٣ السطر الأوّل.

(٣) تهذيب الأحكام : ج ٢ ص ١٥٣ ح ٦٠٢.

(٤) تهذيب الاحكام : ج ٢ ص ١٥٥ ح ٦٠٧.

(٥) تهذيب الأحكام : ج ٢ ص ١٥٤ ح ٦٠٥.

٣٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذا الخبر رواه الكليني في «الكافي (١)» والحميري في «قرب الإسناد (٢)» وفيهما «استقبلت الصلاة» وليس في «الكافي» قوله عليه‌السلام «وإذا كان في الثالثة .. إلى آخره» وإنّما آخر الخبر فيه «حتى يصحّ لك اثنتان» وعلى هذا لا ينطبق على مدّعى الشيخ جميعه. وعلى ما رواه هو يحتمل أن يكون المراد استقبال السجدة ، لأنّه لم يذكر الصلاة ، وعلى هذا فيكون المعنى أنّ السائل لمّا سأل عن رجل تيقّن وهو راكع في الثانية أنه ترك سجدة من الاولى أجاب عليه‌السلام بأنّ على الشاكّ أن يأتي بالسجدة في محلّها حتى يكون آتياً بالسجدتين فالمتيقّن أولى ، والراكع في الثانية لم يتجاوز محلّ الإتيان بالسجدة فيهوي إلى السجود الثاني ، بخلاف ما إذا أتمّ الركعتين فتيقّن في الثالثة أو الرابعة أنه ترك سجدة في الاولى فإنّما عليه قضاء السجدة بعد ، بل نقول على ما في «الكافي وقرب الإسناد» من استقبال الصلاة لا منافاة ، فإنّ الرجوع إلى السجود استقبال للصلاة أي رجوع إلى جزء متقدّم منها.

ويحتمل حمله على استحباب الاستقبال كما في «الذكرى والوافي» وقال في «الذكرى (٣)» ظاهره أنّه شكّ في السجود ويكون الترك بمعنى توهّم الترك وقرينته «فلم يدر واحدة أو اثنتين» وفيه دلالة على أنّ الشكّ في أفعال الاوليين يبطل وفيه مخالفة للمشهور ، انتهى. وقال في «الوافي (٤)» : إن اريد بالواحدة والثنتين الركعة والركعتان فلا إشكال في الحكم وإنّما الإشكال حينئذٍ في مطابقة الجواب للسؤال ، وإن اريد السجدة والسجدتان فيشبه أن يكون «أو» مكان «الواو» في قوله عليه‌السلام «ولم تدر» أو يكون قد سقط الهمزة من قلم النساخ ، انتهى. وأنت خبير بأنّه لا حاجة إلى هذا كلّه لما سمعته في توجيهه ، وقد اعترف بعضهم بإجماله وعدم فهم معناه.

__________________

(١) الكافي : ج ٣ ص ٣٤٩ ح ٣.

(٢) قرب الإسناد : ص ٣٦٥ ح ١٣٠٨.

(٣) ذكرى الشيعة : ج ٣ ص ٣٨٦.

(٤) الوافي : باب السهو في السجود ج ٨ ص ٩٣١.

٣٥٨

ويجب فيه الانحناء بحيث يساوي موضع جبهته موقفه أو يزيد بقدر لبنة لا غير.

______________________________________________________

هذا وليعلم أنّه قد استدلّ الأكثر (١) على البطلان بالإخلال بالسجدتين وبزيادتهما بالأصل وبقول الباقر عليه‌السلام في صحيح (٢) زرارة «لا تعاد الصلاة .. إلى آخره» وبقول الصادق عليه‌السلام في حسن (٣) الحلبي «الصلاة ثلاثة أثلاث» وبالإجماع على أنهما ركن وترك الركن وزيادته تبطل الصلاة.

وناقش في ذلك بعض المتأخّرين (٤) قال في دلالة مفهوم خبر زرارة على أنّ الإخلال بهما مبطل ، تأمّل ، وكذا منطوق خبر الحلبي ، والتمسّك بالإجماع في موضع النزاع مصادرة ، والأصل عدم الركنية وبراءة الذمّة ، انتهى. وهو من الفساد بمكان وأنّ هناك خبرين ظاهرين في أنّ الإخلال بهما مبطل وهما خبر محمد (٥) عن أحدهما عليهما‌السلام «قال : إنّ الله تعالى فرض الركوع .. الخبر» وموثق منصور (٦) «قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّي صلّيت المكتوبة .. الحديث».

[في قدر الانحناء في السجود]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويجب فيه الانحناء بحيث يساوي موضع جبهته موقفه أو يزيد) عليه (بقدر لبنة لا غير) معناه أنّه لا يجوز

__________________

(١) راجع مدارك الأحكام : ج ٣ ص ٤٠١ ، كشف اللثام : ج ٤ ص ٨٣ ، رياض المسائل : ج ٣ ص ٤٣٩.

(٢ و ٣) وسائل الشيعة : ب ٢٨ من أبواب السجود ح ١ و ٢ ج ٤ ص ٩٨٧.

(٤) لم نعثر على هذا الكلام بهذه العبارة في الكتب الفقهية الّتي بأيدينا حسب ما تفحّصنا. نعم في الكفاية في مسألة ما لو ترك السجدتين وشكّ في أنّهما كانتا من ركعة أو ركعتين حكم بالمشهور وهو بطلان الصلاة ، ثمّ قال : وفي دليله تأمّل ، انتهى ، راجع الكفاية : ص ٢٥ س ١٠. والظاهر أن دليلهم هو الّذي أشار اليه الشارح.

(٥) وسائل الشيعة : ب ٢٧ من أبواب القراءة في الصلاة ح ١ ج ٤ ص ٧٦٦.

(٦) وسائل الشيعة : ب ٢٩ من أبواب القراءة في الصلاة ح ٢ ج ٤ ص ٧٦٩.

٣٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

أن يكون موضع جبهته أعلى من موضع رجليه بأزيد من لبنة. وفي «المنتهى (١)» نسبته إلى علمائنا ، وفي «الذكرى (٢)» في بحث ما يسجد عليه و «المدارك (٣)» نسبته إلى الأصحاب. وهو خيرة «النهاية (٤) والمبسوط (٥) والشرائع (٦) والنافع (٧) والمعتبر (٨)» والمصنّف (٩) في غير هذا الكتاب والشهيدين (١٠) والكركي (١١) وتلميذيه (١٢) وأبي العباس (١٣) والصيمري (١٤) وسائر من تأخّر. وهو المنقول عن الكيدري (١٥).

وفي «جامع المقاصد (١٦)» لا بدّ أن يكون موضع جبهته مساوياً لموقفه أو زائداً عليه بمقدار لبنة موضوعة على أكبر سطوحها لا أزيد عند جميع علمائنا. وفي «المعتبر (١٧) والتذكرة (١٨)» لا يجوز أن يكون موضع السجود أعلى من موضع

__________________

(١) منتهى المطلب : في السجود ج ١ ص ٢٨٨ س ٣.

(٢) ذكرى الشيعة : فيما يسجد عليه ج ٣ ص ١٤٩ ١٥٠.

(٣) مدارك الأحكام : في السجود ج ٣ ص ٤٠٧.

(٤) النهاية : باب القراءة والسجود وما .. ص ٧٥.

(٥) المبسوط : في ذكر الركوع والسجود و.. ج ١ ص ١١٥.

(٦) شرائع الإسلام : في السجود ج ١ ص ٨٦.

(٧) المختصر النافع : في السجود ص ٣٢.

(٨) المعتبر : في السجود ج ٢ ص ٢٠٨.

(٩) كنهاية الإحكام : ج ١ ص ٤٨٩ وتذكرة الفقهاء : ج ٣ ص ١٨٩ ، وإرشاد الأذهان : ج ١ ص ٢٥٥.

(١٠) الشهيد الأوّل في البيان : ص ٨٧ ، ذكرى الشيعة : ج ٣ ص ١٤٩ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ص ٢٧٦.

(١١ و ١٦) جامع المقاصد : في السجود ج ٢ ص ٢٩٨.

(١٢) المطالب المظفّرية : ص ١٠٥ س ١١ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(١٣) الموجز الحاوي (الرّسائل العشر) : في السجود ص ٨٠.

(١٤) كشف الالتباس : ص ١٢٦ س ١١ (مخطوط في مكتبة الملك برقم ٢٧٣٣).

(١٥) نقله في كشف اللثام : ج ٤ ص ٨٧.

(١٧) المعتبر : في السجود ج ٢ ص ٢٠٧.

(١٨) تذكرة الفقهاء : ج ٣ ص ١٨٩ لكنّ القول المحكي عن الشيخ في الشرح والمنسوبة حكايته إلى التذكرة لم نجده في التذكرة ، بل أورده في منتهى المطلب : ج ١ ص ٢٨٨ س ٣.

٣٦٠