مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٦

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٦

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

قلت : الظاهر أنّ مراد المصنّف أنّه لم يأت بالمأمور به من الاستتار. وهو وإن كان ممّن يقول في اصوله إنّ المندوب غير مأمور به لكن هذه العبارة شائعة. ثم إنّ ما مثّل به في محلّ المنع على الإطلاق. وقد تقدّم الكلام فيه مراراً. وتحصل السترة بالنجس كما نصّ عنه جماعة (١).

ولا فرق بين مكّة شرّفها الله تعالى وغيرها في استحباب السترة كما هو نصّ «المنتهى (٢) والتحرير (٣) ونهاية الإحكام (٤) والدروس (٥) والبيان (٦) والمدارك (٧)» وظاهر «المنتهى (٨)» الإجماع على ذلك حيث نسب الخلاف إلى أهل الظاهر. ونصّ في «نهاية الإحكام (٩)» وغيرها (١٠) أنّ الحرم كذلك. وفي «التذكرة (١١)» لا بأس بعدم السترة في مكّة والحرم كلّه ، للازدحام ولخبر ابن عبّاس (١٢). وفي «الذكرى (١٣)» أنّ في الصحاح أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى بالأبطح فرُكزت له عنزة ، رواه أنس وأبو جحيفة. ثمّ قال : ولو قيل السترة مستحبّة ولكن لا يمنع المارّ في مثل هذه الأماكن لِمَا ذكر كان وجهاً ، انتهى.

__________________

(١) كالشهيد الأوّل في البيان : في مكان المصلّي ص ٦٦ ، وظاهر الحدائق الناضرة : ج ٧ ص ٢٤٤.

(٢) منتهى المطلب : في مكان المصلّي ج ٤ ص ٣٣٥.

(٣) تحرير الأحكام : في مكان المصلّي ج ١ ص ٣٣ س ٢٤.

(٤) نهاية الإحكام : في مكان المصلّي ج ١ ص ٣٥١.

(٥) الدروس الشرعية : في مكان المصلّي ج ١ ص ١٥٥.

(٦) البيان : في مكان المصلّي ص ٦٦.

(٧) مدارك الأحكام : في مكان المصلّي ج ٣ ص ٢٤٠.

(٨) راجع في ص ٢٤٠.

(٩) لم نر في نهاية الإحكام المطبوع في هذا الحكم عينٌ ولا أثر.

(١٠) الدروس الشرعية : في مكان المصلّي ج ١ ص ١٥٥.

(١١) تذكرة الفقهاء : في مكان المصلّي ج ٢ ص ٤٢٠.

(١٢) صحيح مسلم : ج ١ ص ٣٦١ ح ٥٠٤ (٢٥٤) ، وسنن أبي داود : ج ١ ص ١٩٠ ح ٧١٥.

(١٣) ذكرى الشيعة : في مكان المصلّي ج ٣ ص ١٠٢.

٢٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

ولا تجب السترة إجماعاً كما في «التحرير (١) والتذكرة (٢) والذكرى (٣) والبيان (٤)» وفي «المنتهى (٥)» لا خلاف فيه بين علماء الإسلام.

هذا ويكره المرور بين يدي المصلّي كما نصّ عليه جماعة (٦) ، سواءٌ كان له سترة أم لا. وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «لو يعلم المارّ بين يدي المصلّي ما ذا عليه لكان يقف أربعين يوماً أو شهراً أو سنة» (٧) الشكّ من أحد الرواة. وللمصلّي الدفع بحيث لا يؤدّي إلى حرج وضرر. ورواية الخدري (٨) حملوها على ذلك. وفي «السرائر» عليه أن يدرأ ما استطاع بالتسبيح والدعاءِ والإشارة (٩).

وهل جواز الدفع وكراهة المرور مختصّة بمن استتر أو مطلقاً؟ وجهان ، ذكرهما في «الذكرى» وقال : ولو كان في الصفّ الأول فرجة جاز التخطّي بين الصفّ الثاني لتقصيرهم بإهمالها. ولو لم يجد المارّ سبيلاً لم يدفع ، والبعيد عن السترة كفاقدها (١٠) ، انتهى.

وفي «الخلاف (١١)» الإجماع على كراهتها إلى السلاح المشهور. وفي

__________________

(١) تحرير الأحكام : في مكان المصلّي ج ١ ص ٣٣ س ٢٥.

(٢) تذكرة الفقهاء : في مكان المصلّي ج ٢ ص ٤٢١.

(٣) ذكرى الشيعة : في مكان المصلّي ج ٣ ص ١٠٧.

(٤) البيان : في مكان المصلّي ، ص ٦٦.

(٥) منتهى المطلب : في مكان المصلّي ج ٤ ص ٣٣٦.

(٦) منهم الشهيد الأوّل في ذكرى الشيعة : في مكان المصلّي ج ٣ ص ١٠٥ ، والبيان : في مكان المصلّي ص ٦٦ ، والمصنّف في نهاية الإحكام : في مكان المصلّي ج ١ ص ٣٥١ ، والصيمري في كشف الالتباس : في مكان المصلّي ص ١٠٢ س ١٦ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٧) سنن أبي داود : ج ١ ص ١٨٧.

(٨) منتهى المطلب : في مكان المصلّي ج ٤ ص ٣٣٧ ، عن سنن أبي داود : ج ١ ص ١٩١ و ٧١٩ و ٧٢٠ ، ونيل الأطار : ٣ / ١٥ ، وكنز العمّال : ٧ / ٣٤٩ ح ١٩٢١٩.

(٩) السرائر : في مكان المصلّي ج ١ ص ٢٦٧.

(١٠) ذكرى الشيعة : في مكان المصلّي ج ٣ ص ١٠٧.

(١١) الخلاف : مسألة ٢٤٩ في مكان المصلّي ج ١ ص ٥٠٦.

٢٤٢

أو حائط يَنزُّ من بالوعة البول.

______________________________________________________

«المختلف (١) والبحار (٢)» انّه المشهور. وهو نصّ الكاتب (٣) على ما نقل عنه و «المقنعة (٤) والنهاية (٥) والمبسوط (٦) والمراسم (٧) والوسيلة (٨) والسرائر (٩) والمنتهى (١٠) والتحرير (١١) والبيان (١٢) وجامع المقاصد (١٣)» في آخر البحث وغيرها (١٤). وروي ذلك في «الفقيه (١٥)» عن أمير المؤمنين عليه‌السلام. ومنع التقي (١٦) وتردّد في الإفساد.

[في كراهة الصلاة إلى حائط ينزّ من البالوعة]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (أو حائط ينزُّ من بالوعة البول) كما في «النهاية (١٧) والوسيلة (١٨) والشرائع (١٩) والمنتهى (٢٠) ونهاية

__________________

(١) مختلف الشيعة : في مكان المصلّي ج ٢ ص ١٠٩.

(٢) بحار الأنوار : باب ما يكون بين يدي المصلّي ج ٨٣ ص ٣٠٣.

(٣) نقله عنه الشهيد الأوّل في ذكرى الشيعة : في مكان المصلّي ج ٣ ص ٩٦.

(٤) المقنعة : في مكان المصلّي ص ١٥١.

(٥) النهاية : في ما يجوز فيه الصلاة .. ص ١٠٠.

(٦) المبسوط : في مكان المصلّي ج ١ ص ٨٦.

(٧) المراسم : في مكان المصلّي ص ٦٦.

(٨ و ١٨) الوسيلة : في مكان المصلّي ص ٩٠.

(٩) السرائر : في مكان المصلّي ج ١ ص ٢٧٠.

(١٠ و ٢٠) منتهى المطلب : في مكان المصلّي ج ٤ ص ٣٤٤.

(١١) تحرير الأحكام : في مكان المصلّي ج ١ ص ٣٣ س ٣٢.

(١٢) البيان : في مكان المصلّي ص ٦٦.

(١٣) جامع المقاصد : في مكان المصلّي ج ٢ ص ١٤٠.

(١٤) كإصباح الشيعة : في مكان المصلّي ص ٦٧ ، والجامع للشرائع : في مكان المصلّي ص ٦٩.

(١٥) من لا يحضره الفقيه : في لباس المصلّي ح ٧٥٩ ج ١ ص ٢٥٠.

(١٦) الكافي في الفقه : في مكان المصلّي ص ١٤١ ذيل الصفحة.

(١٧) النهاية : في ما يجوز فيه الصلاة .. ص ١٠١.

(١٩) شرائع الإسلام : في مكان المصلّي ج ١ ص ٧٢.

٢٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الإحكام (١) والتذكرة (٢) والذكرى (٣) وكشف الالتباس (٤) والروض (٥)» لكن في أكثر هذه بالوعة يُبال فيها ، ولعلّ بين العبارتين فرقاً. وفي «المبسوط (٦) والدروس (٧) والبيان (٨)» بالوعة بول أو قذَر. ونقل ذلك عن «الإصباح (٩) والجامع (١٠)» ولعلّ القدَر يعمّ سائر النجاسات كما صرّح به بعض المحشّين (١١). وفي «جامع المقاصد (١٢) وكشف الالتباس (١٣) والروضة (١٤) والمسالك (١٥) والمدارك (١٦)» بالوعة بول أو غائط ، وعلّلوه بأنّ الغائط أفحش فيكون أولى. ونسبه في «الروض (١٧)» إلى القيل.

وفي «الروضة (١٨)» في إلحاق غير الغائط من النجاسات وجه.

__________________

(١) نهاية الإحكام : في مكان المصلّي ج ١ ص ٣٤٨.

(٢) تذكرة الفقهاء : في مكان المصلّي ج ٢ ص ٤١٢.

(٣) ذكرى الشيعة : في مكان المصلّي ج ٣ ص ٩٧.

(٤) كشف الالتباس : في مكان المصلّي ص ١٠١ س ٤ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٥) روض الجنان : في مكان المصلّي ص ٢٣٠ س ١٧.

(٦) المبسوط : في مكان المصلّي ج ١ ص ٨٦.

(٧) الدروس الشرعية : في مكان المصلّي ج ١ ص ١٥٥.

(٨) البيان : في مكان المصلّي ص ٦٥.

(٩) إصباح الشيعة : في مكان المصلّي ص ٦٧.

(١٠) الجامع للشرائع : في مكان المصلّي ص ٦٩.

(١١) إن كان المراد من بعض المحشّين بعض محشّي القواعد فلم نجد فيها شي‌ء غير فوائد الشهيد الثاني ولم نرفيها طرحاً للمسألة فضلاً عن الحكم في فروعها وإن كان المراد مطلق المحشّين فقد ذكره المحقّق الخونساري في حاشية الروضة ، راجع الروضة البهية الرحليّة : ج ١ ص ٩٨.

(١٢) جامع المقاصد : في مكان المصلّي ج ٢ ص ١٤٠.

(١٣) كشف الالتباس : في مكان المصلي ص ١٠١ س ٤ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(١٤) الروضة البهية : في مكان المصلّي ج ١ ص ٥٥٣.

(١٥) مسالك الأفهام : في مكان المصلّي ج ١ ص ١٧٧.

(١٦) مدارك الأحكام : في مكان المصلّي ج ٣ ص ٢٣٨.

(١٧) روض الجنان : في مكان المصلّي ص ٢٣٠ س ١٩.

(١٨) تقدّم في هامش ٥٩.

٢٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي «التذكرة (١) والمسالك (٢)» في التعدّي إلى الماء النجس تردّد ، وهو أي التردّد ظاهر «جامع المقاصد (٣) والروض (٤)» حيث نقلا تردّد التذكرة من دون ترجيح. وفي «نهاية الإحكام (٥)» وفي التعدّي إلى الماء النجس والخمر وشبهها إشكال. وفي «النافع (٦) والإرشاد (٧) واللمعة (٨) والكفاية (٩) والمفاتيح (١٠)» إلى حائط ينزُّ من بالوعة من دون تقييد ببول أو غائط ، وظاهرها عموم النجاسات وفي «مجمع البرهان (١١)» ورد النهي عن مسجد حائط قبلته ينزُّ من بالوعة يُبال فيها.

وفي «التلخيص (١٢) والذكرى (١٣) والبحار (١٤)» تكره إلى النجاسة الظاهرة. وظاهر «التخليص» انّه المشهور. وفي «المقنعة (١٥)» تكره إلى شي‌ء من النجاسات. وفي «التحرير (١٦)» تكره إلى بيوت الغائط. وقال الكاظم عليه‌السلام في خبر محمد بن أبي حمزة : «إذا ظهر النزُّ من خلف الكنيف وهو في القبلة يستره بشي‌ء (١٧)».

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : في مكان المصلّي ج ٢ ص ٤١٢.

(٢) مسالك الأفهام : في مكان المصلّي ج ١ ص ١٧٧.

(٣) جامع المقاصد : في مكان المصلّي ج ٢ ص ١٤٠.

(٤) روض الجنان : في مكان المصلّي ص ٢٣٠ س ٢٠.

(٥) نهاية الإحكام : في مكان المصلّي ج ١ ص ٣٤٨.

(٦) المختصر النافع : في مكان المصلّي ص ٢٦.

(٧) إرشاد الأذهان : في مكان المصلّي ج ١ ص ٢٤٩.

(٨) اللمعة الدمشقية : في مكان المصلّي ص ٣١.

(٩) كفاية الأحكام : في مكان المصلّي ص ١٧ س ١.

(١٠) مفاتيح الشرائع : في مكان المصلّي ج ١ ص ١٠٣.

(١١) مجمع الفائدة والبرهان : في مكان المصلّي ج ٢ ص ١٣٧.

(١٢) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية) : في مكان المصلّي ج ٢٧ ص ٥٥٩.

(١٣) ذكرى الشيعة : في مكان المصلّي ج ٣ ص ٨٩.

(١٤) بحار الأنوار : باب ما يكون بين يدي المصلّي ج ٨٣ ص ٣٠٣ نقلاً عن أبي الصلاح.

(١٥) المقنعة : في مكان المصلّي ص ١٥١.

(١٦) تحرير الأحكام : في مكان المصلّي ج ١ ص ٣٣ س ١٧.

(١٧) وسائل الشيعة : ب ١٨ من أبواب مكان المصلّي ح ١ ج ٣ ص ٤٤٤.

٢٤٥

[المطلب الثاني في المساجد]

______________________________________________________

وقد تمّ بلطف الله تعالى وفضله وإحسانه وكرمه وعفوه ورحمته وبركة خير خلقه محمد وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الجزء الرابع من كتاب مفتاح الخير والكرامة. والحمد لله كما هو أهله بجميع محامده كلّها على جميع نعمه كلّها ، وصلّى الله على خير خلقه محمد وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلاةً لا يقوى على إحصائها سواه ، ورضي الله تعالى عن مشايخنا وعلمائنا أجمعين وعن رواتنا المقتفين آثار الأئمّة الطاهرين صلّى الله عليهم أجمعين. ونسأله سبحانه ونتوجّه إليه بخير خلقه صلّى الله عليهم أجمعين أن يدرجنا إدراج المكرمين وأن يرحمنا برحمته الواسعة إنّه رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما. ويأتي إن شاء الله تعالى في الجزء الخامس المطلب الثاني في المساجد.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله كما هو أهله ربّ العالمين ، وصلّى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ورضي الله تعالى عن علمائنا ومشايخنا أجمعين وعن رواتنا المقتفين آثار الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، ونتوجّه إليه سبحانه بهم صلّى الله عليهم أن يجعلنا ممن يقتصّ آثارهم ويسلك سبيلهم ويحشر في زمرتهم إنّه أرحم الراحمين.

[كيفيّة وقف المسجد]

قال المصنّف الإمام العلّامة توّجه الله بتاج الكرامة : (المطلب الثاني في المساجد) المسجد حقيقة شرعية في المكان الموقوف على المسلمين للصلاة ، من دون اختصاص ببعض دون بعض ، مع الصلاة فيه أو قبض الحاكم ، كما يفهم ذلك من كلامه في مسألة من بنى مسجداً لنفسه وأهله وأراد تغييره. وقال الشهيد والكركي والصيمري في «الذكرى (١) وجامع

__________________

(١) ذكرى الشيعة : في المساجد ج ٣ ص ١٣٣.

٢٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

المقاصد (١) وكشف الالتباس (٢)» : إنّما تصير البقعة مسجداً بالوقف ، إمّا بصيغة وقفت وشبهها ، وإمّا بقوله جعلته مسجداً ويأذن في الصلاة فيه ، فإذا صلّى فيه واحد تمّ الوقف. ولو قبضه الحاكم أو أذن في قبضه فكذلك ، لأنّ له الولاية العامّة. ولو بناه بنيّة المسجد لم يصر مسجداً. وقد ذكر مثل ذلك في «التذكرة (٣) والبيان (٤) والدروس (٥)». وفي «التذكرة (٦)» أيضاً : إذا كان له مسجد في داره جاز له تغييره ، لأنّه لم يجعله عامّاً وإنّما قصد اختصاصه بنفسه وأهله. وهذا صريح في اشتراط العموم في تحقّق المسجدية. ونحوه ما ذكره هو وغيره (٧) في هذه المسألة من أنّه إذا وقفه وجعله مسجداً لا يختصّ به وبأهله ، بل يصير عامّاً.

وقال الشيخ في «المبسوط (٨)» إذا بنى مسجداً خارج داره في ملكه فإن نوى به أن يكون مسجداً يصلّي فيه كلّ من أراده زال ملكه عنه وإن لم ينو ذلك فملكه باقٍ عليه ، سواء صلّى فيه أو لم يصلّ. قال في «الذكرى (٩)» : ظاهره الاكتفاء بالنيّة وليس في كلامه دلالة على التلفّظ ، ولعلّه الأقرب ، انتهى. واستظهر ذلك في «مجمع البرهان (١٠)» فاكتفى بمجرّد قصد كونه وقفاً. وفي «جامع المقاصد (١١)» انّ في النفس من ذلك شيئاً. وأمّا الاستناد إلى أنّ معظم المساجد في الإسلام على هذه الصورة كما في الذكرى فليس ذلك بمعلوم ولا حاجة إلى الفحص عن كيفية الوقف إذا شاع

__________________

(١) جامع المقاصد : في المساجد ج ٢ ص ١٥٧.

(٢) كشف الالتباس : في المساجد ص ١٠٥ س ٥.

(٣) تذكرة الفقهاء : في المساجد ج ٢ ص ٤٣١.

(٤) البيان : الصلاة في المساجد ص ٦٨.

(٥) الدروس الشرعية : في المساجد ج ١ ص ١٥٦ درس ٣٢.

(٦) تذكرة الفقهاء : في المساجد ج ٢ ص ٤٣٠ ٤٣١.

(٧) كشف اللثام : في المساجد ج ٣ ص ٣٤٠.

(٨) المبسوط : الصلاة في أحكام المساجد ج ١ ص ١٦٢.

(٩) ذكرى الشيعة : في المساجد ج ٣ ص ١٣٣.

(١٠) مجمع الفائدة والبرهان : في المساجد ج ٢ ص ١٦٠.

(١١) جامع المقاصد : في المساجد ج ٢ ص ١٥٧.

٢٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

كونه وقفاً. وصرّح به المالك كما في غيره من العقود مثل النكاح وما جرى هذا المجرى ، انتهى. قلت : قد صرّح في وقف «المبسوط (١)» وغيره (٢) من غير خلاف ولا تردّد في خصوص المسألة أنّه لا بدّ من التلفّظ بالوقف ، وأطبقوا عند ذكر صيغ الوقف على أنّه لا بدّ من التصريح أو الكناية القريبة أو النيّة. وقال العجلي (٣) : إن وقفه ونوى القربة وصلّى فيه الناس ودخلوه زال ملكه عنه ، ولو لم يتلفّظ بالوقف ولا نواه جاز له تغييره ، انتهى. وفي «كشف الالتباس (٤)» بعد أن نقل عبارة العجلي قال : هذا هو المشهور وهو المعتمد ، انتهى.

وقضية اشتراط القربة في صحّة وقف المساجد كما صرّح به جماعة (٥) ، واشتراط عدم كونها لغرض فاسد كما صرّح به آخرون (٦) قالوا : ولا تجوز الصلاة فيما بني لغرض فاسد ، تستلزم عدم جواز الصلاة في المساجد التي بناها المخالفون ، وكذا البِيَع والكنائس ، لأنّ الوقف باطل فتعود ملكاً لهم ، فلا تجوز الصلاة فيها بغير إذنهم. ومن المعلوم أنّ غرض المخالفين الوقف لصلاة أهل مذهبهم وكذا غرض اليهود والنصارى الوقف على أهل ملّتهم.

وقد أشار الاستاذ الشريف أدام الله تعالى حراسته في حلقة درسه الشريف إلى هذه الشبهة ، وأظنّ أنّ الّذي استقرّ عليه رأيه الشريف في الجواب عنها ما

__________________

(١) المبسوط : الوقوف والصدقات ج ٣ ص ٢٩١ و ٣٠٠.

(٢) كشرائع الإسلام : الوقف في العقد وفي شرائط الوقف ج ٣ ص ٢١١ و ٢١٧ ٢١٨ ، ومسالك الأفهام : الوقف في شرائط الوقف ج ٥ ص ٣٧٤.

(٣) السرائر : في أحكام صلاة الجماعة ج ١ ص ٢٨٠.

(٤) كشف الالتباس : الصلاة في المساجد ص ١٠٥ س ١٥ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٥) منهم ابن إدريس في السرائر : في أحكام صلاة الجماعة ج ١ ص ٢٨٠ ، والكركي في جامع المقاصد : كتاب الوقف ج ٩ ص ٤٧ ، والشهيد الثاني في المسالك : ج ٥ ص ٣٣٤ والمجلسي في البحار : ج ٨٣ ص ٣٤٥.

(٦) لم نعثر على هؤلاء الذين نقل عنهم الشارح القول بعدم جواز الوقف على ما بُني لغرض فاسد إلّا على ما أفتى الشهيد الثاني في المسالك : ج ٥ ص ٣٣٤ ، والمحقّق الكركي في جامع المقاصد : ج ٩ ص ٤٦ بما يدلّ على ذلك بمضمون تلك العبارة ظاهراً ، فراجع.

٢٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

حاصله : إنّ هؤلاء يقصدون القربة في بنائها ووقفها ، لكنّهم أخطأوا في أنّ مستحقّه من وافق مذهبهم ، فوقفهم صحيح وظنّهم فاسد. ولا يعلم أنّه شرطوا في الوقف عدم عبادة غير أهل ملّتهم فيها. ولو ثبت أنّهم شرطوا ذلك أيضاً فيمكن أن يقال بصحّة وقفهم وبطلان شرطهم المبتني على ظنّهم الفاسد. وتزيد المساجد بأنّ المأخوذ فيها عدم الاختصاص كما سمعت. وقد اختار المصنّف في وقف الكتاب صحّة الوقف وبطلان الشرط ، وخالفه ولده (١) والمحقّق الثاني (٢) وقالا : إنّهما يبطلان معاً. وقوّى في «التذكرة (٣)» جواز الشرط بمعنى أنّه يصحّ شرطه ويتّبع. وقال في «الدروس» ما نصّه : وفي جواز التخصيص في المسجد نظر من خبر العسكري «الوقوف على حسب ما يقفها أهلها (٤)» ومن أنّه كالتحرير فلا يجوز ولا يتصوّر فيه التخصيص ، فإن أبطلنا التخصيص ففي بطلان الوقف نظر من حصول صيغته ولغو الشرط ومن عدم القصد إلى غير المخصص (٥) ، انتهى. وقد فرّقوا بين المسجد وبين المدرسة والرباط ، فجوّز اشتراط التخصيص فيهما قولاً واحداً كما في «الإيضاح (٦)» كما أوضحنا ذلك في بابه.

وقال الاستاذ (٧) أيضاً : ولو قيل ببطلان الوقف ففي البِيَع والكنائس لا يضرّ ذلك ، لأنّ الملك للمسلمين وإنّما قرّروهم فيها لمصلحة ، وأمّا في مساجد المخالفين فلمكان الإعراض عن تلك البقعة بالكلّية وتقرير الأئمّة صلوات الله عليهم

__________________

(١) إيضاح الفوائد : كتاب الوقف في اللواحق ج ٢ ص ٣٩٩.

(٢) جامع المقاصد : كتاب الوقف في اللواحق ج ٩ ص ٨٩.

(٣) تذكرة الفقهاء : كتاب الوقف في شرائط الوقف ج ٢ ص ٤٣٥ س ٣٥.

(٤) وسائل الشيعة : باب ٢ في أحكام الوقوف والصدقات ح ١ ج ١٣ ص ٢٩٥.

(٥) الدروس الشرعية : كتاب الوقف في وقف المسلم على الكافر ج ٢ ص ٢٧٦.

(٦) إيضاح الفوائد : كتاب الوقف في اللواحق ج ٢ ص ٣٩٩.

(٧) الظاهر أنّ هذا القول أيضاً منقول عن استاذه الشريف رحمه‌الله لا من استاذه البهبهاني حسب ما يتراءى من إرادته إيّاه من هذا التعبير في غير هذا المقام ، ويؤيّده كلمة «أيضاً» وقوله «هذا ما فهمته من مجموع كلامه» مضافاً إلى أنّه لا يوجد شي‌ء من هذا الكلام في مصابيح استاذه البهبهاني ولا في حاشيته على المدارك ، فراجع.

٢٤٩

يستحبّ اتخاذ المساجد استحباباً مؤكّدا. قال الصادق عليه‌السلام : «من بنى مسجداً كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنّة».

وقصدها مستحبّ ، قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «من اختلف إلى المسجد أصاب أحد الثماني : أخاً مستفاداً في الله تعالى ، أو علماً مستطرفاً ، أو آيةً محكمة ، أو رحمةً مستنظرة ، أو كلمةً تردّه عن ردى ، أو يسمع كلمة تدلّه على هدى ، أو يترك ذنباً خشيةً ، أو حياءً».

______________________________________________________

الشيعة على ذلك وحثّهم إياهم على الصلاة معهم يكفينا للجواز ، وإن كان الأحوط عدم الصلاة فيما علم اشتراطهم عدم صلاة الشيعة فيه (فيها خ ل) وهذا نادر. هذا ما فهمته من مجموع كلامه أيّده الله تعالى. واستند بعضهم (١) على القول ببطلان الوقف إلى أنّ الأرض للإمام ، قال : كما ورد في كثير من الأخبار أنّ الأرض له عليه‌السلام وبعد ظهور الحقّ يخرجهم منها ، انتهى ، فتأمّل فيه. وقد تقدّم تمام الكلام في المسألة في مكان المصلّي.

[في استحباب بناء المسجد]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (يستحبّ اتخاذ المساجد استحباباً مؤكّداً) استحباب اتخاذ المساجد أي بناؤها من ضروريات الدين وفضله متّفق عليه بين المسلمين كما في «المدارك (٢)» ومجمع عليه كما في «الذكرى (٣)» وكذا قصدها لمن لا يمنعه مانع شرعاً بل هو المقصد الأقصى من عمارتها. وفي «كشف اللثام (٤)» الإجماع فيهما ولأنّهما ضروريان لم يتعرّض قدماء

__________________

(١) لم نعثر على كلام هذا البعض المنقول عنه في الشرح في شي‌ء من كتب القوم التي بأيدينا فراجع انت ايها الناظر لعلك تجده ، نعم ذكره في الجواهر بعنوان قد يقال ولم يصرح بقائله أو موضع المقال راجع الجواهر : في المساجد ج ١٤ ص ٧١.

(٢) مدارك الأحكام : في أحكام المساجد ج ٤ ص ٣٩٠.

(٣) ذكرى الشيعة : في المساجد ج ٣ ص ١٢٠.

(٤) كشف اللثام : في المساجد ج ٣ ص ٣١٥ و ٣١٦.

٢٥٠

ويستحبّ الإسراج فيها ليلاً ، وتعاهد النعل ، وتقديم اليمنى ، وقول : بسم الله وبالله السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وافتح لنا باب رحمتك واجعلنا من عمّار مساجدك جلّ ثناء وجهك. وإذا خرج قدّم اليسرى وقال : اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وافتح لنا باب فضلك.

______________________________________________________

الأصحاب لذكر الإجماع فيهما.

[في استحباب الإسراج في المسجد ليلاً]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويستحبّ الإسراج فيها ليلاً) ولا يشترط في شرعية الإسراج تردّد أحد أو إمكان تردّده كما في «حاشية الميسي والروض (١) والمسالك (٢) والمدارك (٣)» وفي الأوّل أنّ محلّه الليل أجمع.

وفي «الروض (٤)» لا يشترط في حصول الثواب المذكور كون ما يسرج به من الزيت ونحوه من مال المسرج لعموم الخبر. وفي «المدارك (٥)» يعتبر إذن الناظر إذا كان من مال المسجد ، ولو لم يكن ناظر معيّن وتعذّر استيذ ان الحاكم لم يبعد جواز تعاطي ذلك لآحاد الناس.

[في استحباب تعاهد النعل عند باب المسجد]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وتعاهد النعل) وفي حكم النعل

__________________

(١) روض الجنان : في المساجد ص ٢٣٥ س ٢٤.

(٢) هذا الذي حكاه عن المسالك وإن لم تكن عبارته نصّاً فيه إلّا أنّ ظاهر عبارته حيث إنّه بعد عبارة الشرائع «والاسراج فيها» قال : ومحلّه الليل ، ولا فرق بين صلاة أحدٍ فيه أو إقامته حالة الضوء وعدمه ، انتهى ، راجع المسالك : في المساجد ج ١ ص ٣٢٦ ٣٢٧.

(٣) مدارك الأحكام : في المساجد ج ٤ ص ٣٩٧.

(٤) روض الجنان : في المساجد ص ٢٣٥ س ٢٣ و ٢٤.

(٥) مدارك الأحكام : في المساجد ج ٤ ص ٣٩٧.

٢٥١

والصلاة المكتوبة في المسجد أفضل من المنزل ، والنافلة بالعكس

______________________________________________________

ما يصحبه الإنسان من مظنّات النجاسة كالعصى ونحوها كما في «حاشية الميسي والروض (١) والروضة (٢) والمسالك (٣)». وفي «المبسوط (٤)» يتعاهد نعله أو خفّه أو غير ذلك. وقال جماعة (٥) تبعاً للصحاح : «إنّ التعهّد في مثل المقام أفصح من التعاهد ، لأنه إنّما يكون بين اثنين». قلت : إن صحّ الخبر النبوي (٦) سقط كلام الجوهري.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وصلاة الفرائض المكتوبة في المسجد أفضل من المنزل) باتفاق المسلمين ، بل الظاهر أنه من ضروريّ الدين كما في «المدارك (٧)» وبلا خلاف بين المسلمين كما في «مجمع البرهان (٨)» وبين أهل العلم إلّا في الكعبة كما في «المنتهى (٩)» ونقل عليه الإجماع في «التذكرة (١٠) وجامع المقاصد (١١) وكشف اللثام (١٢)».

قوله قدّس الله تعالى روحه : (والنافلة بالعكس) كما هو فتوى

__________________

(١) روض الجنان : في المساجد ص ٢٣٥ س ١١ و ١٢.

(٢) الروضة البهية : في أحكام المساجد ج ١ ص ٥٤٢.

(٣) مسالك الأفهام : في المساجد ج ١ ص ٣٢٥.

(٤) المبسوط : في أحكام المساجد ج ١ ص ١٦١.

(٥) منهم الشهيد الثاني في مسالك الأفهام : في أحكام المساجد ج ١ ص ٣٢٥ ، والسيّد العاملي في مدارك الأحكام : في المساجد ج ٤ ص ٣٩٥ ، والسبزواري في الذخيرة : ص ٢٤٩ س ٢٠.

(٦) وسائل الشيعة : ب ٢٤ من أبواب أحكام المساجد ح ١ و ٣ ج ٣ ص ٥٠٤.

(٧) مدارك الأحكام : في أحكام المساجد ج ٤ ص ٤٠٧.

(٨) مجمع الفائدة والبرهان : في مكان المصلّي ج ٢ ص ١٤٤.

(٩) منتهى المطلب : في مكان المصلّي ج ٤ ص ٣٠٩.

(١٠) تذكرة الفقهاء : في مكان المصلّي ج ٢ ص ٤٢١.

(١١) جامع المقاصد : في أحكام المساجد ج ٢ ص ١٤٣.

(١٢) كشف اللثام : في مكان المصلّي ج ٣ ص ٣١٩.

٢٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

علمائنا كما في «المعتبر (١) والمنتهى (٢)» ذكرا ذلك في مكان المصلّي. وهو المشهور كما في «مجمع البرهان (٣) والكفاية (٤)» وقول الأكثر كما في «المدارك (٥)» ونصّ على ذلك في «النهاية (٦) والمبسوط (٧) والشرائع (٨) والنافع (٩) والإرشاد (١٠) والتحرير (١١) ونهاية الإحكام (١٢) والبيان (١٣) والموجز الحاوي (١٤) وكشف الالتباس (١٥) والنفلية (١٦) والروض (١٧) وحاشية الميسي» وغيرها (١٨). ونقل ذلك عن «المهذّب والجامع (١٩)». وفي «السرائر (٢٠)» صلاة نافلة الليل خاصّة في البيت أفضل منها في المسجد. وفي «المدارك (٢١)» عن جدّه ترجيح فعلها في المسجد كالفريضة واستحسنه. ونقله في «الكفاية (٢٢)» عن الشهيد.

__________________

(١) المعتبر : في مكان المصلّي ج ٢ ص ١١٢.

(٢) منتهى المطلب : في مكان المصلّي ج ٤ ص ٣١٠.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : في مكان المصلّي ج ٢ ص ١٤٧.

(٤ و ٢٢) كفاية الأحكام : كتاب الصلاة في مكان المصلّي ص ١٧ س ٢.

(٥ و ٢١) مدارك الأحكام : في أحكام المساجد ج ٤ ص ٤٠٧.

(٦) النهاية : في فضل المساجد ص ١١١.

(٧) المبسوط : في أحكام المساجد ج ١ ص ١٦٢.

(٨) شرائع الإسلام : في المساجد ج ١ ص ١٢٨.

(٩) المختصر النافع : في مكان المصلّي ص ٢٦.

(١٠) إرشاد الأذهان : في مكان المصلّي تتمة ج ١ ص ٢٤٩.

(١١) تحرير الأحكام : في مكان المصلّي ج ١ ص ٣٣ س ٨.

(١٢) نهاية الإحكام : في المساجد ج ١ ص ٣٦٠.

(١٣) البيان : في أحكام المساجد ص ٦٨.

(١٤) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : ص ٧١.

(١٥) كشف الالتباس : في المساجد ص ١٠٣ س ٢١ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(١٦) النفلية : في المكان ص ١٠٢.

(١٧) روض الجنان : في المساجد ص ٢٣٤ س ٣.

(١٨) كجامع المقاصد : في المساجدج ٢ ص ١٤٣ ، وتذكرة الفقهاء : في مكان المصلّي ج ٢ ص ٤٢١.

(١٩) نقله عنهما الفاضل الهندي في كشف اللثام : في المساجد ج ٣ ص ٣١٩.

(٢٠) السرائر : في أحكام صلاة الجماعة ج ١ ص ٢٨٠.

٢٥٣

خصوصاً نافلة الليل ،

______________________________________________________

وفي «مجمع البرهان (١)» : ما رأيت له دليلاً إلّا ما ذكره في المنتهى من مفسدة التهمة بالتصنّع. قلت : استدلّوا عليه بوصيته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبي ذر (٢) وخبر زيد بن ثابت (٣) * وأورد في «مجمع البرهان (٤) والمدارك (٥) وكشف اللثام (٦)» أخبار كثيرة تدلّ خصوصاً وعموماً على استحباب النافلة في المسجد. وعن «الكافي (٧)» في فضل صلاة الجمعة انّه قال : يستحبّ لكلّ مسلم تقديم دخول المسجد لصلاة النوافل بعد الغسل وتغيير الثياب ومسّ النساء والطيب وقصر الشارب والأظافير ، فإن اختلّ شرط من شروط الجمعة المذكورة سقط فرضها وكان حضور مسجد الجامع لصلاة النوافل وفرضي الظهر والعصر مندوباً إليه ، انتهى.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وخصوصاً نافلة الليل) كما في «المبسوط (٨) والنهاية (٩) والمنتهى (١٠) والتحرير (١١) ونهاية الإحكام (١٢)

__________________

(*) خبر زيد : «أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلّا المكتوبة» وفيه : أنّ المكتوبة قد تعمّ النوافل الراتبة (منه قدس‌سره).

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : في مكان المصلّي ج ٢ ص ١٤٥.

(٢) أمالي الشيخ الطوسي : ج ٢ ص ١٤١.

(٣) سنن أبي داود : ج ٢ ص ٦٩ ح ١٤٤٧.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : في مكان المصلّي ج ٢ ص ١٤٥ ١٤٧.

(٥) مدارك الأحكام : في أحكام المساجد ج ٤ ص ٤٠٧ ٤٠٨.

(٦) كشف اللثام : في مكان المصلّي ج ٣ ص ٣١٩ ٣٢٠.

(٧) الكافي في الفقه : في فضل صلاة الجمعة ص ١٥٢.

(٨) المبسوط : في أحكام المساجد ج ١ ص ١٦٢.

(٩) النهاية : في فضل المساجد ص ١١١.

(١٠) منتهى المطلب : في مكان المصلّي ج ٤ ص ٣١٠.

(١١) تحرير الأحكام : في مكان المصلّي ج ١ ص ٣٣ س ٨.

(١٢) نهاية الإحكام : في المساجد ج ١ ص ٣٦٠.

٢٥٤

والصلاة في بيت المقدس تعدل ألف صلاة ، وفي المسجد الأعظم مائة ، وفي مسجد القبيلة خمساً وعشرين ، وفي مسجد السوق اثنتي عشرة وفي البيت صلاة واحدة.

______________________________________________________

والتذكرة (١) وجامع المقاصد (٢) والروض (٣) والنفلية (٤)» ونقل ذلك عن «المهذّب والجامع (٥)» وقد سمعت ما في «السرائر».

[في فضيلة الصلاة في بيت المقدس و..]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (والصلاة في بيت المقدس تعدل ألف صلاة ، وفي المسجد الأعظم مائة ، وفي مسجد القبيلة خمساً وعشرين ، وفي مسجد السوق اثنتي عشرة) هذا ذكروه قاطعين به. وفي «جامع المقاصد (٦)» رواه الأصحاب عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (٧). وفي «النهاية (٨) والمعتبر (٩) والشرائع (١٠) والتحرير (١١)» وغيرها (١٢) : وفي السوق اثنتي عشرة من دون ذكر المسجد ، ولعلّه بناه في «التحرير (١٣)» على ما صرّح به في بحث مكان

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : في مكان المصلّي ج ٢ ص ٤٢١.

(٢) جامع المقاصد : في المساجد ج ٢ ص ١٤٤.

(٣) روض الجنان : في المساجد ص ٢٣٤ س ٥.

(٤) النفلية : في مكان المصلّي ص ١٠٣.

(٥) نقله عنها الفاضل الهندي في كشف اللثام : في مكان المصلّي ج ٣ ص ٣١٩.

(٦) جامع المقاصد : في أحكام المساجد ج ٢ ص ١٤٤.

(٧) وسائل الشيعة : ب ٦٤ من أبواب أحكام المساجد ح ٢ ج ٣ ص ٥٥١.

(٨) النهاية : في فضل المساجد ص ١٠٨.

(٩) المعتبر : في مكان المصلّي ج ٢ ص ١١١.

(١٠) شرائع الإسلام : في المساجد ج ١ ص ١٢٨.

(١١) تحرير الأحكام : في المساجد ج ١ ص ٥٤ س ١١ ١٢.

(١٢) كروض الجنان : في أحكام المساجد ص ٢٣١ س ٢٤.

(١٣) تحرير الأحكام : في مكان المصلّي ج ١ ص ٣٣ س ٧.

٢٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

المصلّي من أنّ للسوق مزية كالمسجد. وعن الشهيد (١) أنّه قال : أكثر عبارات الأصحاب والرواية لم يكن فيها مسجد ، فالمراد بالسوق مسجد السوق لا السوق مجرّداً عن مسجده ، انتهى.

والمراد بالمسجد الأعظم أعظم مسجد في البلد الذي يكثر اختلاف عامّة أهله إليه ، وبمسجد القبيلة المعروف بقبيلة بخصوصها كما في «جامع المقاصد (٢)». وفي «كشف اللثام (٣)» انّه الّذي لا يأتيه غالبا إلّا طائفة من الناس كمساجد القرى والبدو عند قبيلة قبيلة والّتي في بعض أطراف البلد بحيث لا يأتيه غالباً إلّا من قرب منها ، وبمسجد السوق المسجد الذي لا يأتيه غالبا إلّا أهل ذلك السوق.

قال في «كشف اللثام (٤)» : واختار المصنّف هذا الخبر لاشتماله على مساجد سائر البلاد والقرى والبوادي. وأغفل ذكر الحرمين ومسجد الكوفة وسائر المساجد المخصوصة لشهرة أخبارها وخروج ذكرها من غرض الكتاب ، انتهى.

وفي «روض الجنان (٥)» بعد أن ذكر الأخبار الواردة في ذلك أورد سبع سؤالات وأجاب عنها ، فلتلحظ فإنّ في مطاويها بعض الفوائد. وقال : وما ورد في الأخبار من تضاعف الصلاة في المساجد الموصوفة بوصف مع اشتراك مساجد فيها بعضها أفضل من بعض فيمكن حمله على اشتراكها في ذلك القدر بسبب ذلك الوصف ، ولا ينافي زيادة بعضها لمزية اخرى أو على أنّ الثواب المترتّب على تلك الصلوات المعدودة مختلف بحسب اختلافها في الفضيلة ، فجاز أن يترتّب على كلّ صلاة عشر حسنات مثلاً وعلى الاخرى عشرون ، انتهى.

__________________

(١) لم نعثر على هذا النقل في الكتب المعدّة لنقل الأقوال ولا في كتب الشهيد نفسه ، فراجع.

(٢) جامع المقاصد : في أحكام المساجد ج ٢ ص ١٤٤.

(٣ و ٤) كشف اللثام : في المساجد ج ٣ ص ٣٢٠ و ٣٢١.

(٥) روض الجنان : تتمة في أحكام المساجد ص ٢٣١ ٢٣٤.

٢٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وهل شرعية إتيان المساجد للرجال خاصّة أو لهم وللنساء *؟ ففي «نهاية الإحكام (١) وكشف الالتباس (٢)» هذا الحكم يعني إتيان المساجد مختصّ بالرجال دون النساء ، لأنّهن امرن بالاستتار. وفي «حاشية الميسي» انّما تستحبّ الفريضة في المسجد في حقّ الرجال ، أمّا النساء فبيوتهنّ مطلقاً. وفي «مجمع البرهان (٣)» خبر يونس بن ظبيان (٤) يدلّ على اختصاص فضيلة المسجد بالرجال كما هو المذكور في الكتب والمشهور بينهم. وفي «التذكرة (٥)» يكره للنساء الإتيان إلى المساجد. وفي «الدروس (٦)» يستحبّ للنساء الاختلاف إليها كالرجال وإن كان البيت أفضل وخصوصاً لذوات الهيئات. وفي «النفلية (٧)» صلاة المرأة في دارها. وفي «الذكرى (٨)» الأقرب شرعية إتيان المساجد للنساء. وفي موضع آخر من «كشف الالتباس (٩)» انّ صلاة المرأة في بيتها أفضل من المسجد. وفي «اللمعة (١٠) والروضة (١١)» الأفضل المسجد لغير المرأة أو مطلقاً بناءً على إطلاق المسجد على بيتها ، وقالا أيضاً : ومسجد المرأة بمعنى أنّ صلاتها فيه أفضل من خروجها

__________________

(*) في الأخبار الواردة في المواقيت ما يدلّ على أنّ النساء كن يصلين الصبح معه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (بخطه قدس‌سره).

__________________

(١) نهاية الإحكام : في المساجد ج ١ ص ٣٥٣.

(٢) كشف الالتباس : في المساجد ص ١٠٤ س ٢٠ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : في المساجد ج ٢ ص ١٥٩.

(٤) وسائل الشيعة : ب ٣٠ من أبواب أحكام المساجد ح ٤ ج ٣ ص ٥١٠.

(٥) تذكرة الفقهاء : في المساجد ج ٢ ص ٤٢٦.

(٦) الدروس الشرعية : في أحكام المساجد ج ١ ص ١٥٦.

(٧) النفلية : في مكان المصلّي ص ١٠٣.

(٨) ذكرى الشيعة : في المساجد ج ٣ ص ١٣١.

(٩) كشف الالتباس : في المساجد ص ١٠٣ س ٢٢. (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(١٠) اللمعة الدمشقية : في مكان المصلّي ص ٣٠.

(١١) الروضة البهية : في مكان المصلّي ج ١ ص ٥٣٦ و ٥٣٨.

٢٥٧

ويُكره تعلية المساجد بل تبنى وسطاً

______________________________________________________

إلى المسجد أو بمعنى كون صلاتها فيه كالمسجد في الفضيلة ، فلا تفتقر إلى طلبها بالخروج. وهل هو كمسجد مطلق أو هو كما تريد الخروج إليه فتختلف بحسبه؟ الظاهر الثاني. قلت : ومن تتبّع مباحث الجماعة والأوقات ومباحث الحيض والاستحاضة وغيرها ظهر له أنّ الأصحاب (١) قائلون بشرعية إتيان المساجد للنساء فينبغي التأمّل في محل النزاع.

وفي «النفلية (٢) والمفاتيح (٣)» صلاتها في بيتها أفضل منها في صُفّتها وفيها أفضل من صحن دارها وفيه أفضل من سطح بيتها.

[في كيفيّة بناء المسجد]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويُكره تعلية المساجد بل تبنى وسطاً) اقتداءً بالسلف كما في «جامع المقاصد (٤) والروض (٥)» ولأنّه اتّباع للسنّة كما في «المعتبر (٦)» والوسط عرفي كما في «الروضة (٧)» وبالكراهة والبناء وسطاً صرّح في «النهاية (٨) والمبسوط (٩)

__________________

(١) منهم ابن إدريس الحلّي في السرائر : كتاب الطهارة في الحيض ج ١ ص ١٤٤ ، في صلاة الجماعة ج ١ ص ٢٨١ و ٢٨٣ ، والعلّامة في نهاية الإحكام : في الحيض ج ١ ص ١١٩ وفي الاستحاضة ص ١٢٧ ، وفي صلاة الجماعة ج ٢ ص ١١٢ ، والشهيد الأوّل في اللمعة : في الحيض ص ٢١ وكتاب الصلاة في صلاة الجماعة ص ٤٧.

(٢) النفلية : في مكان المصلّي ص ١٠٣.

(٣) مفاتيح الشرائع : استحباب الصلاة في المساجد ج ١ ص ١٠١.

(٤) جامع المقاصد : في المساجد ج ٢ ص ١٤٤.

(٥) روض الجنان : في المساجد ص ٢٣٦ س ٥.

(٦) المعتبر : في صلاة الجماعة ج ٢ ص ٤٥٢.

(٧) الروضة البهية : في المساجد ج ١ ص ٥٤٥.

(٨) النهاية : في فضل المساجد ص ١٠٨.

(٩) المبسوط : في أحكام المساجد ج ١ ص ١٦٠.

٢٥٨

وتظليلها بل تكون مكشوفة

______________________________________________________

والسرائر (١) والشرائع (٢) والنافع (٣) والمعتبر (٤) ونهاية الإحكام (٥) والبيان (٦) والدروس (٧) وجامع المقاصد (٨)» وغيرها (٩). وهو ظاهر أو صريح كلّ من قال إنّ المنارة يكره أن تكون أعلى من حائط المسجد ، للتحرّز عن الإشراف على دور الناس ، فلعلّ من لم يصرّح بما نحن فيه اكتفى بذكر هذا ، كما في «الإرشاد (١٠)» وغيره (١١).

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وتظليلها بل تكون مكشوفة) كما صرّح به الشيخ (١٢) وأكثر من تأخّر عنه (١٣). وظاهر العجلي (١٤) أنّ ذلك غير مكروه حيث قال : يستحبّ أن لا تعلى بل تكون وسطاً ، وروي أنّه يستحبّ‌أن لا تكون مظلّلة.

__________________

(١) السرائر : في أحكام صلاة الجماعة ج ١ ص ٢٧٨.

(٢) شرائع الإسلام : في المساجد ج ١ ص ١٢٨.

(٣) المختصر النافع : خاتمة في المساجد ص ٤٩.

(٤) المعتبر : في المساجد ج ٢ ص ٤٥٢.

(٥) نهاية الإحكام : في المساجد ج ١ ص ٣٥٨.

(٦) البيان : في أحكام المساجد ص ٦٧.

(٧) الدروس الشرعية : في أحكام المساجد ج ١ ص ١٥٦ درس ٣٢.

(٨) جامع المقاصد : في المساجد ج ٢ ص ١٤٤.

(٩) كالمهذّب : في المساجد ج ١ ص ٧٧ ، ومفاتيح الشرائع : في أحكام المساجد ج ١ ص ١٠٤.

(١٠) إرشاد الأذهان : في مكان المصلّي ج ١ ص ٢٤٩.

(١١) الجامع للشرائع : في المساجد ص ١٠١.

(١٢) المبسوط : في المساجد ج ١ ص ١٦٠.

(١٣) منهم يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : في المساجد ص ١٠١ ، والعلّامة في نهاية الإحكام : في المساجد ج ١ ص ٣٥١ ، والشهيد الأوّل في ذكرى الشيعة : في المساجد ج ٣ ص ١٢٤.

(١٤) السرائر : في أحكام صلاة الجماعة ج ١ ص ٢٧٨.

٢٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي «الذكرى (١)» لعلّ المراد بالتظليل تظليل جميع المسجد أو تظليل خاصّ أو في بعض البلدان وإلّا فالحاجة ماسّة لدفع الحرّ والقُرّ. ونحوه ما في «فوائد الشرائع (٢)» ونقل ذلك في «جامع المقاصد (٣) والمسالك (٤) والروض (٥) وكشف اللثام (٦)» عن الذكرى ساكتين عليه. وردّه في «المدارك» بما يأتي. وفي «حاشية الإرشاد (٧)» المكروه تظليل جميعها. ونحوه ما في «البيان (٨) والنفلية (٩) والروضة (١٠)» قال في «الروضة» : للاحتياج إلى السقف في أكثر البلاد لدفع الحرّ والقرّ. وفي «المفاتيح (١١) وكشف اللثام (١٢)» إلّا أن تجعل عرشاً. وفي «مجمع البرهان (١٣)» لا كلام في استحباب كونها مكشوفة مع كراهة المسقوفة إلّا أن تسقّف بالحصر والبواري من غير طين.

وفي «الشرائع (١٤)» يستحبّ كونها مكشوفة غير مسقّفة. قال الميسي في حاشية : جمع بينهما للتنبيه على أنّ المراد بالأوّل هو الثاني لا مطلق الكشف ، فلو وضع عليه عريش لم يكره. كلّ ذلك مع عدم الحاجة وإلّا انتفت الكراهة.

__________________

(١) ذكرى الشيعة : في المساجد ج ٣ ص ١٢٤.

(٢) فوائد الشرائع : في المساجد ص ٥٨ س ٧.

(٣) جامع المقاصد : في المساجد ج ٢ ص ١٤٥.

(٤) مسالك الأفهام : فيما يتعلق بالمساجد ج ١ ص ٣٢٥.

(٥) روض الجنان : في المساجد ص ٢٣٤ س ٢١.

(٦) كشف اللثام : في المساجد ج ٣ ص ٣٢١ ٣٢٢.

(٧) حاشية الإرشاد : في المسجد ص ٢٥ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٩).

(٨) البيان : في المساجد ص ٦٧.

(٩) النفلية : في خصوصيات باقي الصلوات ص ١٤٣.

(١٠) الروضة البهية : في مكان المصلّي ج ١ ص ٥٤٠.

(١١) مفاتيح الشرائع : أحكام المساجد ج ١ ص ١٠٤.

(١٢) كشف اللثام : في المساجد ج ٣ ص ٣٢١.

(١٣) مجمع الفائدة والبرهان : في مكان المصلّي ج ٢ ص ١٤٨.

(١٤) شرائع الإسلام : في ما يتعلق بالمساجد ج ١ ص ١٢٧.

٢٦٠