مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٥

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٥

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٨

الثالث : لا يتكرّر الاجتهاد بتعدّد الصلاة

______________________________________________________

ونهاية الإحكام (١) والمختلف (٢) والموجز الحاوي (٣) وكشف اللثام (٤)» العدم. وهو ظاهر «إرشاد الجعفرية (٥)» ، لاشتراط الصلاة بالقبلة أو ما يعلمه قبلة أو يظنّه. ورفع النسيان معناه رفع الإثم ، وعموم أكثر الأخبار منزّل على الخطأ في الاجتهاد ، لكونه هو المتبادر. وفي «المدارك (٦)» الأقرب أنه يعيد في الوقت خاصّة لإخلاله بشرط الواجب دون القضاء ، لأنه فرض مستأنف ، انتهى. فتأمّل فيه ، ووجه التأمّل يظهر ممّا ذكرناه في صدر المسألة السابقة. ويأتي تمام الكلام إن شاء الله تعالى في الفصل الثامن في التروك.

[في عدم تكرار الاجتهاد بتعدّد الصلاة]

قوله قدّس الله تعالى روحه : الثالث : (لا يتكرّر الاجتهاد بتعدّد الصلاة) وفاقاً «للشرائع (٧) والذكرى (٨) وجامع المقاصد (٩) وفوائد الشرائع (١٠) والروض (١١) والمسالك (١٢) والمدارك (١٣)». وقال الشيخ في «المبسوط» : يجب على

__________________

(١) نهاية الإحكام : في القبلة ج ١ ص ٣٩٩.

(٢) مختلف الشيعة : في القبلة ج ٢ ص ٧٣.

(٣) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في القبلة ص ٦٧.

(٤) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٨٢.

(٥) المطالب المظفّرية : في القبلة ص ٨٢ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(٦) مدارك الأحكام : في القبلة ج ٣ ص ١٥٣.

(٧) شرائع الإسلام : في القبلة ج ١ ص ٦٨.

(٨) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٧٥.

(٩) جامع المقاصد : في القبلة ج ٢ ص ٧٥.

(١٠) فوائد الشرائع : في القبلة ص ٣٠ س ١٦ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(١١) روض الجنان : كتاب الصلاة في الاستقبال ص ٢٠٤ س ٥ ٨.

(١٢) مسالك الأفهام : في القبلة ج ١ ص ١٦١ ١٦٢.

(١٣) مدارك الأحكام : في القبلة ج ٣ ص ١٥٥.

٤٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

الإنسان أن يتتبّع أمارات القبلة كلّما أراد الصلاة عند كلّ صلاة ، اللهمّ إلّا أن يكون قد علم أنّ القبلة في جهة بعينها أو ظنّ ذلك بأمارات صحيحة ثمّ علم أنها لم تتغيّر جاز حينئذٍ التوجّه إليها من غير أن يجدّد اجتهاده في طلب الأمارات (١). واقتصر في «المعتبر (٢) والمنتهى (٣) والتحرير (٤)» على نقل ذلك عن الشيخ من دون ترجيح.

بيان : حجّة الأوّلين الأصل وبقاء الظنّ الحاصل واليأس من العلم. واستدلّ الشهيدان (٥) وغيرهما (٦) للشيخ بوجوب السعي في طلب الحقّ أبداً وبأنّ الاجتهاد الثاني إن وافق الأوّل تأكّد الظن ، وطلب الأقوى واجب وإن خالفه عدل إلى مقتضاه ، لأنه إنّما يكون لأمارة أقوى عنده. والحاصل : أنه أبداً متوقّع لظنّ أقوى في غير الحالة الّتي استثناها الشيخ رحمه‌الله تعالى ، خصوصاً إذا علم تغيّر الأمارات وحدوث غيرها فعليه تحصيله. ويرد على الأوّل أنّ طلب الحقّ واجب إذا لم يكن سعي أو احتمل حصول علم أو ظنّ أقوى ممّا حصله موافق أو مخالف. وعلى الثاني أنه يوجب التكرير لصلاة واحدة إذا أخّرها عن اجتهاده لها أو احتمل تغيّر الأمارة أو حدوث غيرها (٧). ولعلّه يقول به ولا مانع منه بل هو جيّد كما في «المدارك (٨)».

وقال الشهيدان (٩) : هذان الاحتمالان جاريان في طلب المتيمّم عند دخول وقت صلاة اخرى وفي المجتهد إذا سئل عن واقعة اجتهد فيها. قلت : ذهب جماعة من المحقّقين (١٠) إلى وجوب النظر على المجتهد فيما اجتهد فيه إذا لم يكن الدليل حاضراً عنده ، وهذا ممّا يؤيّد قول الشيخ.

__________________

(١) المبسوط : في القبلة ج ١ ص ٨١.

(٢) المعتبر : في القبلة ج ٢ ص ٧٢.

(٣) منتهى المطلب : في القبلة ج ٤ ص ١٧٤.

(٤) تحرير الأحكام : في القبلة ج ١ ص ٢٩ س ٤.

(٥) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٧٥ ، روض الجنان : كتاب الصلاة في الاستقبال ص ٢٠٤ س ٧.

(٦) الحدائق الناضرة : في القبلة ج ٦ ص ٤٤١.

(٧) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٨٤.

(٨) مدارك الأحكام : في القبلة ج ٣ ص ١٥٥.

(٩) الأول في ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٧٥ ، والثاني في روض الجنان : كتاب الصلاة في الاستقبال ص ٢٠٤ س ٩.

(١٠) راجع قوانين الاصول وحواشيه ج ٢ ص ٢٤٨ ، والفصول الغروية ص ٤٠٩ ٤١٠.

٤٢٢

إلّا مع تجدّد شكّ.

الرابع : لو ظهر خطأ الاجتهاد بالاجتهاد ففي وجوب القضاء إشكال.

______________________________________________________

وقال الشهيد (١) : ولا فرق بين الفريضة والنافلة ولا بين تغيّر المكان وعدمه ، لأنّ أدلّة القبلة لا تختلف بحسب الأمكنة بخلاف مكان المتيمّم.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (إلّا مع تجدّد شكّ) فلا خلاف في وجوب الاجتهاد ثانياً كما في «كشف اللثام (٢)» والأمر كما قال. وفي «المنتهى (٣) والتحرير (٤) والتذكرة (٥) والذكرى (٦)» في غير هذا المقام أنّه لو تجدّد الشكّ في الصلاة لا يلتفتُ إليه. وفي كشف اللثام (٧) لا بأس عندي بتجديد الاجتهاد إذا أمكنه من غير إبطال للصلاة. قلت : فعلى هذا لو وافق الأوّل استمرّ ، وإن خالفه يسيراً استدار وأتمّ ، وإن خالفه كثيراً كان كظهور الخطأ بالاجتهاد بعد الفراغ ، وإن لم يمكنه الاجتهاد فيها أتمّها ولم يلتفت إلى شكّه ، فإذا فرغ استأنف الاجتهاد ، فتأمّل.

قوله قدّس الله تعالى روحه : الرابع : (لو ظهر خطأ الاجتهاد بالاجتهاد ففي وجوب القضاء إشكال) الأصحّ عدم القضاء كما هو خيرة «المنتهى (٨) والتذكرة (٩) والتحرير (١٠) والإيضاح (١١) والذكرى (١٢) وكشف الالتباس (١٣)

__________________

(١) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٧٥.

(٢ و ٧) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٨٤.

(٣) منتهى المطلب : في القبلة ج ٤ ص ١٧٥.

(٤) تحرير الأحكام : في القبلة ج ١ ص ٢٩ س ٦.

(٥) تذكرة الفقهاء : في المستقبل ج ٣ ص ٣١.

(٦) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٨٣.

(٨) منتهى المطلب : في القبلة ج ٤ ص ١٧٤.

(٩) تذكرة الفقهاء : في المستقبل ج ٣ ص ٣٠.

(١٠) تحرير الاحكام : في القبلة ج ١ ص ٢٩ س ٧.

(١١) ايضاح الفوائد : كتاب الصلاة في المستقبل ج ١ ص ٨٢ ٨٣.

(١٢) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٧٦.

(١٣) كشف الالتباس : في القبلة ص ٩١ س ٤ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

٤٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وجامع المقاصد (١)» بل في الأوّلين (٢) لا نعلم فيه خلافاً. ونقل في «الذكرى (٣)» عدم العلم بالخلاف عن المصنّف ساكتاً عليه. وقد يستنبط من عبارة «المبسوط (٤)» فيما مضي أنه ممّن يقول بالقضاء حيث أناط وجوب الانحراف إلى اليمين بالظنّ كما تقدّمت الإشارة إليه (٥).

وفي «نهاية الإحكام» لو صلّى أربع صلوات بأربع اجتهادات لم يجب قضاء واحدة ، لأنّ كلّ واحدة قد صلّيت باجتهاد لم يتبيّن فيه الخطأ ، ويحتمل قضاء الجميع ، لأنّ الخطأ متيقّن في ثلاث صلوات منها وإن لم تتعيّن فأشبه ما لو فسدت صلاة من صلوات وقضاء ما سوى الأخيرة ويجعل الاجتهاد الأخير ناسخاً لما قبله ، انتهى (٦).

وفي «الذكرى» بعد أن حكم بعدم الإعادة في هذا المثال احتمل إعادة الكلّ بناءً على احتمال اعتبار العين إن كانت مختلفة العدد وإعادة ثلاث مردّدة إن اتّفق العدد وإعادة ما سوى الأخيرة كما ذكر المصنّف ، ثمّ ضعّف الأوّل بأنه لو وجبت لم يؤمر بالصلاة مع تغيّر الاجتهاد ، والثاني بأنه تحكّم ، إذ الاجتهادات متعاقبة متنافية. ثمّ احتمل قوّياً أنه مع تغيّر الاجتهاد يؤمر بالصلاة إلى أربع ، لأنّ الاجتهاد عارضه مثله فتساقطا فتخيّر. قال : ولا تجب إعادة ما صلّاه أوّلاً لإمكان صحّته وكون دخوله مشروعاً ، انتهى (٧).

والإشكال من الأصل وحصول الامتثال ، أمّا على التصويب فظاهر وأمّا على التخطئة فلأنه لا ينقض الاجتهاد إلّا بالعلم ولا علم. نعم ، لا يعول على الأوّل بعد الاجتهاد الثاني وانتفاء الرجحان ، كما لا ينقض قضاء القاضي وفتوى المجتهد لتغيّر اجتهاده ومن أنّ الاجتهاد مساوٍ للعلم ، واحتمال أن يكون شرط الصلاة

__________________

(١) جامع المقاصد : في القبلة ج ٢ ص ٧٥.

(٢) منتهى المطلب : في القبلة ج ٤ ص ١٧٥ ، تذكرة الفقهاء : في المستقبل ج ٣ ص ٣٠.

(٣) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٧٦.

(٤) المبسوط : في القبلة ج ١ ص ٨١.

(٥) تقدّم في ص ٤٢١.

(٦) نهاية الإحكام : في القبلة ج ١ ص ٤٠٠.

(٧) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٨٦.

٤٢٤

الخامس : لو تضادّ اجتهاد اثنين لم يأتمّ أحدهما بالآخر

______________________________________________________

التوجّه لا ما ظنّه قبلة ، وقد ظنّ اختلال الشرط فظنّ أنه لم يخرج عن العهدة ، وعلى المكلّف أن يعلم خروجه عنها أو يظنّه إن لم يمكنه العلم ، أو نقول شرط الصلاة استقبال ما يعلمه أو يظنّه قبلة بشرط استمراره ولذا يعيد إذا علم الخطأ ولم يستمرّ الظنّ هنا ، وأيضاً قد تعارض فتعارض ، فيجب عليه الصلاة مرّتين وإن خرج الوقت لوجوب قضاء الصلاة ظاهراً إجماعاً وقد فاتته إحدى الصلاتين الواجبتين عليه. ويرد على الأوّل منع المساواة وأين العلم من الظنّ ، وعلى الثاني أنا إنّما نسلّم اشتراط عدم ظهور الخطأ والعلم به وخصوصاً إذا خرج الوقت ، وعلى الأخير أنّ الصلاتين إنّما تجبان لو تعارض الظنّان في الوقت. وفي العبارة تجوّز إذ المراد بالقضاء إعادة ما صلّاها بالاجتهاد الأوّل مطلقاً أو في الوقت خاصّة على حسب ما مرَّ من وجوه الخطأ وتصوير الفرض ، كأن يرى نجماً فيظنّه سهيلاً ثمّ يظنّه جدياً أو نحو ذلك.

وفي «التحرير (١) والمنتهى (٢)» لو بان له (لو تيقّن خ ل) الخطأ في الأثناء ولم يعرف القبلة إلّا بالاجتهاد المحوج إلى الفعل الكثير فإنّه يقطع ويجتهد. قلت : ينبغي تقييده بما إذا كان الوقت متّسعاً ، أمّا إذا ضاق فإنّه يتمّها على أقوى الوجهين كما اختاره ثاني المحقّقين (٣) والشهيدين (٤) كما مرَّ ، وتقييده أيضاً بما إذا علم أنه يمكنه الاجتهاد أو تحصيل العلم لفقد الغيم مثلاً وإلّا أتمّها وجعلها إحدى الأربع في وجه قوي ، فليتأمّل. ولعلّ هذا القيد يغني عنه قوله : ولم يعرف القبلة إلّا بالاجتهاد .. إلى آخره ، فتأمّل.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (الخامس : لو تضادّ اجتهاد اثنين

__________________

(١) تحرير الأحكام : في القبلة ج ١ ص ٢٩ س ٧.

(٢) منتهى المطلب : في القبلة ج ٤ ص ١٧٦.

(٣ و ٤) لقد مرَّ سابقاً في ص ٤١٩.

٤٢٥

.................................................................................................

______________________________________________________

لم يأتمّ أحدهما بالآخر) هذا مذهب الشيخ والمحقّق وأكثر الأصحاب كما في «المدارك (١)» وقاله الشيخ وجماعة كما في «كشف اللثام (٢)» وهو خيرة «المبسوط (٣) والمعتبر (٤) والمنتهى (٥) ونهاية الإحكام (٦) والتحرير (٧) والذكرى (٨) والموجز الحاوي (٩) وجامع المقاصد (١٠) وكشف الالتباس (١١) وفوائد القواعد (١٢)» ولم يستبعد الجواز في «التذكرة (١٣) والمدارك (١٤)» وقطع به في «كشف اللثام (١٥)» لقطع كلّ بصحّة صلاة الآخر ، لأنّه إنّما كلّف بها فالجماعة هنا كالجماعة حول الكعبة أو في شدّة الخوف كذا ذكر في «التذكرة (١٦)» وردّه في «الذكرى (١٧)» بالمنع من جواز الاقتداء حالة شدة الخوف ، سلّمنا لكنّ الاستقبال هنا ساقط بالكلية بخلاف المجتهدين وبأنّ الفرق بين المصلّين إلى نواحي الكعبة وبين المجتهدين ظاهر ، للقطع بأنّ كلّ جهة قبلة هناك والقطع بخطأ كلّ واحد هنا قال : وكذا نقول في صلاة الشدّة إنّ كلّ جهة قبلة وردّه في «كشف اللثام (١٨)» بأنه لا فرق ، لأنّه كما أنّ كلّ جهة

__________________

(١) مدارك الأحكام : في القبلة ج ٣ ص ١٥٥.

(٢) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٨٦.

(٣) المبسوط : في القبلة ج ١ ص ٧٩.

(٤) المعتبر : في القبلة ج ٢ ص ٧٢.

(٥) منتهى المطلب : في القبلة ج ٤ ص ١٧٨.

(٦) نهاية الإحكام : في القبلة ج ١ ص ٤٠١.

(٧) تحرير الأحكام : في القبلة ج ١ ص ٢٩ س ١٣.

(٨) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٧٦.

(٩) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في القبلة ص ٦٧.

(١٠) جامع المقاصد : في القبلة ج ٢ ص ٧٥ ٧٦.

(١١) كشف الالتباس : في القبلة ص ٩١ س ٧ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(١٢) فوائد القواعد : في القبلة ص ٥٠ س ٩ (مخطوط مكتبة المرعشي برقم ٤٢٤٢).

(١٣) تذكرة الفقهاء : في المستقبل ج ٣ ص ٢٦.

(١٤) مدارك الأحكام : في القبلة ج ٣ ص ١٥٥.

(١٥) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٨٦.

(١٦) تذكرة الفقهاء : في المستقبل ج ٣ ص ٢٦.

(١٧) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٧٦.

(١٨) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٨٧.

٤٢٦

بل يحلّ له ذبيحته

______________________________________________________

من الكعبة قبلة فكذا قبلة كلّ مجتهد ما أدّى إليه اجتهاده فكما تصحّ صلاة اولئك قطعاً للاستقبال تصحّ صلاة هؤلاء قطعاً للاستقبال تصحّ صلاة هؤلاء قطعاً وكما يقطع بصحّة صلاة المصلّين في شدة الخوف للاستقبال ولعدم اشتراطه في حقّهم فكذا صلاة هؤلاء. قال ولا يضرّ الافتراق بأنّ كلّ جهة من الكعبة قبلة على العموم بخلاف ما أدّى إليه الاجتهاد فإنّما هي قبلة لهذا المجتهد انتهى. وقد يظهر من استدلاله في «المنتهى (١)» على المنع أنه فرض المسألة فيما إذا توجّه أحدهما حين الائتمام إلى قبلة صاحبه. وفي «التذكرة (٢)» أنه لو كان الاختلاف في التيامن لم يكن له الائتمام ، لاختلافهما في جهة القبلة. وهو أحد وجهي الشافعي وفي الثاني له ذلك ، لقلّة الانحراف. وهما مبنيّان على أنّ الواجب أصابة العين أو الجهة. ونحوه ما في «نهاية الإحكام (٣)». وفي «الذكرى (٤) والبيان (٥) والدروس (٦) وفوائد القواعد (٧)» أنّ الأقرب الجواز. والقولان مبنيّان على أنّ الواجب إصابة العين أو الجهة كما ذكر المصنّف في «التذكرة ونهاية الإحكام» مع أنه حكم فيهما (٨) بأنّ القبلة للبعيد الجهة لا العين.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (بل يحلّ له ذبيحته) نصّ على ذلك

__________________

(١) ليس في استدلال المنتهى ما نسبه إليه الشارح فإنّ استدلاله على المنع هكذا : لنا أنّ كلّ واحد منهما يعتقد خطأ صاحبه فلا يجوز له أن يأتمّ به ، انتهى. وهذا الاستدلال كما ترى خالٍ عن فرض توجّه أحدهما حين الائتمام إلى قبلة صاحبه ، فراجع المنتهى : ج ٤ ص ١٧٨.

(٢) تذكرة الفقهاء : في المستقبل ج ٣ ص ٢٧.

(٣) نهاية الإحكام : في القبلة ج ١ ص ٤٠٢.

(٤) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٧٧.

(٥) البيان : في القبلة ص ٥٥.

(٦) الدروس الشرعية : في القبلة درس ٣٥ ج ١ ص ١٦٠.

(٧) فوائد القواعد : في القبلة ص ٥٠ س ١٠ ١١ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٤٢٤٢).

(٨) تذكرة الفقهاء : في القبلة ج ٣ ص ١١ ، نهاية الإحكام : في القبلة ج ١ ص ٣٩٢.

٤٢٧

ويجتزي بصلاته على الميّت ، ولا يكمل عدده به في الجمعة ، ويصلّيان جمعتين بخطبة واحدة اتّفقتا أو سبق أحدهما

______________________________________________________

جماعة (١). ويأتي الكلام فيه في محلّه إن شاء الله تعالى. وفي «كشف اللثام (٢)» أنّا لا نعرف خلافاً في أنّ من أخلّ بالاستقبال بها ناسياً أو جاهلاً بالجهة حلّت ذبيحته.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويجتزي بصلاته على الميّت) كما في «الموجز الحاوي (٣) وكشف الالتباس (٤) وجامع المقاصد (٥)». وفي «البيان (٦)» أنه أقرب. وفي «كشف اللثام (٧)» يجتزي وإن كان مستدبراً ، لأنّ المسقط عن سائر المكلّفين إنّما هي صلاة صحيحة جامعة للشرائط عند مصلّيها لا مطلقاً وإلّا وجب على كلّ من يسمع بموت مسلم أن يجتهد في تحصيل علمه بوقوع صلاته جامعة للشرائط عنده ليخرج عن العهدة ، ولا قائل به.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولا يكمل عدده به في الجمعة) هذا مبنيّ على ما سلف من أنّ صلاة أحدهما إلى غير القبلة قطعاً ، وقد مرَّ ما في «كشف اللثام (٨)».

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويصلّيان جمعتين بخطبة واحدة)

__________________

(١) منهم : المحقّق الكركي في جامع المقاصد : في القبلة ج ٢ ص ٧٦ ، وابن فهد في الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في القبلة ص ٦٧ ، والصميري في كشف الالتباس : في القبلة ص ٩١ س ١٢ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٢) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٨٨.

(٣) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في القبلة ص ٦٧.

(٤) كشف الالتباس : في القبلة ص ٩١ س ١٥ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٥) جامع المقاصد : في القبلة ج ٢ ص ٧٦.

(٦) البيان : في القبلة ص ٥٥.

(٧) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٨٨.

(٨) لقد مرَّ سابقاً في ص ٤٢٦.

٤٢٨

ويقلّد العامي والأعمى الأعلم منهما بأدلّة القبلة

______________________________________________________

كما في «الموجز الحاوي (١) وكشف الالتباس (٢) وجامع المقاصد (٣)» لأنّ التباعد هنا ليس بشرط ، لأصالة البراءة منه مع اعتقاد كلّ بطلان صلاة الآخر. قال في «كشف اللثام (٤)». فيه نظر. نعم إن تعذّر التباعد لضيق وقت أو لغيره وجبت عليهما عيناً صلّيا كذلك ، وإن وجبت تخييراً احتمل ضعيفاً ، انتهى ، وأشار بقوله «بخطبة واحدة» إلى رفع توهّم أنّ الخطبة الواحدة إنّما تكفي مع اتّفاقهما خصوصاً إذا طال الفصل كما أشار بقوله «اتّفقا أو سبق أحدهما» إلى رفع توهم أنّ عليهما الاتّفاق في الصلاة ليعقد كلّ منهما صلاته ولما تنعقد صلاة اخرى صحيحة شرعاً عند مصلّيها لعموم الدليل. وفي «كشف اللثام (٥)» الاحتياط عندي أنّ عليهما الاتفاق إن جازت صلاتهما لما أشرت إليه من ضعف الدليل.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويقلّد العامي والأعمى الأعلم منهما بأدلّة القبلة) ولا يعتبر تفاوتهما في الورع فإن تساويا في العلم تعيّن تقليد الأورع ، لأنه أوثق والظنّ بقوله أرجح ، فإذا اتّبع غيره كان كمن يعمل بالظنّ وهو قادر على العلم أو كمن يصلّي إلى جهة يظنّ أنها ليست قبلة. وفي «التحرير (٦)» وفاقاً للشافعي (٧) جواز الرجوع إلى المرجوح ، وقد تقدّم ردّه. وتمام الكلام في ذلك في شرح قوله : والأعمى يقلّد (٨)

__________________

(١) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في القبلة ص ٦٧.

(٢) كشف الالتباس : في القبلة ص ٩١ س ١١ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٣) جامع المقاصد : في القبلة ج ٢ ص ٧٦.

(٤ و ٥) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٨٩.

(٦) تحرير الأحكام : في القبلة ج ١ ص ٢٩ س ١٦.

(٧) المغني لابن قدامة : ج ١ ص ٤٧٤.

(٨) راجع ص ٣٨٠ ٣٨٨.

٤٢٩

الفصل الرابع : في اللباس

وفيه مطلبان [وخاتمة] :

(الأوّل) في جنسه :

إنّما تجوز الصلاة في الثياب المتّخذة من النبات أو جلد ما يؤكل لحمه مع التذكية أو صوفه أو شعره أو وبره أو ريشه

______________________________________________________

(الفصل الرابع)

(في اللباس وفيه مطلبان) وخاتمة

قوله قدّس الله تعالى روحه : (إنّما تجوز الصلاة في الثياب المتّخذة من النبات أو جلد ما يؤكل لحمه مع التذكية) مقتضى الحصر عدم جواز الصلاة فيما لا يعدّ ثوباً كالحشيش وورق الأشجار والمنسوج منه ومن نحو خوص النخل ممّا لا يصدق عليه اسم الثوب. ولعلّ المراد أنّ ذلك لا يجوز اختياراً كما هو صريح جماعة كثيرين من الأصحاب كما يأتي ذلك في آخر المطلب الثاني في ستر العوره. وفي «المنتهى» تجوز الصلاة في الثياب القطن والكتّان وفي كلّ ما ينبت من الأرض من أنواع الحشيش إذا كان مملوكاً أو في حكمه خالياً من النجاسة بلا خلاف بين أهل العلم (١). وفي «التذكرة (٢) والتحرير (٣)» الإجماع عليه. وفي «مجمع البرهان» الظاهر عدم الخلاف فيه (٤). وفي «المعتبر»

__________________

(١) منتهى المطلب : في لباس المصلّي ج ٤ ص ٢٦٣.

(٢) تذكرة الفقهاء : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٤٦٣.

(٣) تحرير الأحكام : في لباس المصلّي ج ١ ص ٣٠ س ٣٠.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : فيما يصلى فيه ج ٢ ص ٨١.

٤٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

الإجماع على الستر بالحشيش (١). وسيأتى تمام الكلام في ذلك في آخر المطلب الثاني.

ثمّ إنّ التقييد بالتذكية إنّما هو فيما له نفس سائلة ، أمّا ما لا نفس له فقد قال المحقّق الثاني في «جامع المقاصد» : إنّه نقل في المعتبر الإجماع على جواز الصلاة فيه وإن كان ميتة وأنه استند إلى أنه كان طاهراً في حال الحياة ولم ينجس بالموت (٢).

وفي «المقاصد العليّة (٣) وروض الجنان» أنّ المحقّق الثاني في شرح الألفية نقل الإجماع على جواز الصلاة في ميتة السمك ونسب النقل إلى الذكرى عن المعتبر وفي شرح القواعد نقله عن المعتبر بغير واسطة الذكرى. وينبغي التثبّت في تحقيق هذا النقل فإنّ الّذي ادّعى عليه الإجماع في المعتبر ونقله عنه في الذكرى الصلاة في وبر الخزّ لا في جلده ولا في جلد السمك ، ثمّ ذكر بعد ذلك جلد الخزّ ناقلاً فيه الخلاف ولم يتعرّض لميتة السمك في الكتابين بنفيٍ ولا إثبات فضلاً عن نقل الإجماع ، قال : والّذي أوقع في هذا الوهم أنّ عبارة الذكرى توهم ذلك ، لكن كونها بطريق النقل عن المعتبر مع نقل لفظ المعتبر يكشف المراد ويحقّق أنّ الكلام في وبر الخزّ لا في جلده ولا في جلد ميتة السمك. والتعلّق بأنه لعلّه ذكره في موضع لم يتّفق الوقوف عليه تسلٍّ بالتعلّق بالهباء واتّكال على المنى (٤) انتهى كلام الشهيد الثاني ، والأمر كما ذكر. وعبارة «الذكرى» الّذي نشأ منها الوهم هي قوله : قال في المعتبر : عندي في رواية ابن أبي يعفور (٥) توقّف ، لأنّ في طريقها محمد بن سليمان الديلمي وهو ضعيف ولتضمّنها حلّه مع اتّفاق الأصحاب على أنه لا يحلّ من حيوان إلّا ما له فلس من السمك مع إجماعنا على جواز الصلاة فيه مذكىً

__________________

(١) المعتبر : في لباس المصلّي ج ٢ ص ١٠٣ ١٠٤.

(٢) جامع المقاصد : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٧٧.

(٣) المقاصد العليّة : في ستر العورة ص ٨٢ س ٧ (مخطوط في المكتبة الرضويّة برقم ٨٩٣٧).

(٤) روض الجنان : في لباس المصلّي ص ٢٠٦ س ٧.

(٥) وسائل الشيعة : ب ٨ من أبواب لباس المصلّي ح ٤ ج ٣ ص ٢٦١.

٤٣١

أو الخزّ الخالص

______________________________________________________

كان أو ميتاً ، لأنّه طاهر في حال الحياة ولم ينجس بالموت. قلت : مضمونها مشهور بين الأصحاب فلا يضرّ ضعف الطريق (١) انتهى ما في «الذكرى».

وفهم بعض الفضلاء (٢) من عبارة «الألفية» أنه لا يجوز التستّر بجلود السمك في الصلاة وإن كانت طاهرة ، وردّه الشهيد الثاني بأنه لا مانع من الصلاة فيه ، لأنّه طاهر حال الحياة ولا ينجس بالموت وبأنّ أكثر الأصحاب جوّزوا الصلاة في جلد الخزّ وإن كان غير مذكّى مع كون لحمه غير مأكول ، فجوازها في جلد السمك أولى (٣). وتمام الكلام في بحث الجلود.

[الصلاة في وبر الخزّ وجلده]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (أو الخزّ الخالص) جواز الصلاة فيما ذكر من الثياب عليه الإجماع المستفيض ، وأمّا جوازها في وبر الخزّ الخالص فقد نقل عليه الإجماع في «المعتبر (٤) ونهاية الإحكام (٥) والتذكرة (٦) والذكرى (٧) وجامع المقاصد (٨) وحاشية الإرشاد (٩) وإرشاد الجعفرية (١٠) وكشف

__________________

(١) ذكرى الشيعة : في الساتر ج ٣ ص ٣٦.

(٢) لم نر اسماً لهذا الفاضل في الكتب الّتي تفحّصنا بعينه إلّا أن الكركي في شرح الألفية (رسائل المحقّق الكركي) : ج ٣ ص ٢٣٦ عبّر عنه ببعض مَن لا تحصيل له ، وفي المقاصد العليّة : ص ٨٢ س ١ عبّر عنه ببعض الشرّاح ، فراجع.

(٣) المقاصد العليّة : في لباس المصلّي ص ٨٢ وفيه : «وبأنّ المصنّف وأكثر الأصحاب ..».

(٤) المعتبر : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٨٤.

(٥) نهاية الإحكام : في لباس المصلّي ج ١ ص ٣٧٤.

(٦) تذكرة الفقهاء : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٤٦٨.

(٧) ذكرى الشيعة : في الساتر ج ٣ ص ٣٥.

(٨) جامع المقاصد : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٧٨.

(٩) حاشية الإرشاد : في لباس المصلّي ص ٢٣ (مخطوط في مكتبة المرعشي رحمه‌الله برقم ٧٩).

(١٠) المطالب المظفّرية : في لباس المصلّي ص ٦٩ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

٤٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الالتباس (١) وغاية المرام (٢) وروض الجنان (٣) والمسالك (٤) والمقاصد العليّة (٥) وشرح الشيخ نجيب الدين» وظاهر «الغنية (٦)» ونفى عنه الخلاف في «التنقيح (٧) وفوائد الشرائع (٨) ومجمع البرهان (٩) والمفاتيح (١٠)» ونسبه في «المنتهى (١١)» إلى علمائنا في موضعين ، فما في «كشف اللثام (١٢)» من أنه نسبه فيه إلى الأكثر فيكون مؤذناً بدعوى الخلاف فسهو من قلمه الشريف قطعاً.

وفي «المعتبر» الإجماع على عدم الفرق بين المذكّى وغيره (١٣). ونسبه في «التذكرة» إلى علمائنا (١٤).

والمراد بالخالص الخالص عن وبر الأرانب والثعالب وقد نقل الإجماع على اشتراط الخلوص من هذين في «التذكرة (١٥) ونهاية الإحكام (١٦) وكشف الالتباس (١٧) وجامع المقاصد (١٨)» وظاهر «الغنية (١٩)». وفي «المنتهى» أنه فتوى

__________________

(١ و ١٧) كشف الالتباس : في لباس المصلّي ص ٩٦ س ١٧ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٢) غاية المرام : الصلاة في لباس المصلّي ص ١٢ س ٢٣ (من كتب مكتبة گوهرشاد برقم ٥٨).

(٣) روض الجنان : الصلاة في لباس المصلّي ص ٢٠٦ س ٢٠.

(٤) مسالك الأفهام : الصلاة في لباس المصلّي ج ١ ص ١٦٣.

(٥) المقاصد العلية : الصلاة في لباس المصلّي ص ٨٢ س ١ (مخطوط في المكتبة الرضوية برقم ٨٩٣٧).

(٦) غنية النزوع : الصلاة في ستر العورة ص ٦٦.

(٧) التنقيح الرائع : في لباس المصلّي ج ١ ص ١٧٨.

(٨) فوائد الشرائع : في لباس المصلّي ص ٣٠ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(٩) مجمع الفائدة والبرهان : فيما يصلّى فيه ج ٢ ص ٨٢.

(١٠) مفاتيح الشرائع : في لباس المصلّي ج ١ ص ١٠٩.

(١١) منتهى المطلب : فيما يحرم الصلاة فيه ج ٤ ص ٢١٠ فيما تجوز الصلاة فيه ص ٢٣٧.

(١٢) كشف اللثام : في لباس المصلّي ج ٣ ص ١٩٣.

(١٣) المعتبر : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٨٤.

(١٤ و ١٥) تذكرة الفقها : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٤٦٨ ٤٦٩.

(١٦) نهاية الإحكام : في لباس المصلّي ج ١ ص ٣٧٤.

(١٨) جامع المقاصد : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٧٨.

(١٩) غنية النزوع : الصلاة في ستر العورة ص ٦٦.

٤٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

علمائنا (١). وفي «الذكرى» أنه الأشهر (٢). قلت : وعلى ذلك اقتصر في «الوسيلة (٣) والمراسم (٤) والسرائر (٥) والشرائع (٦) والمعتبر (٧)» وأكثر كتب علمائنا بل في «المعتبر (٨) والمنتهى (٩)» أنّ أكثر أصحابنا ادّعوا الإجماع على العمل بمضموني مرفوعي أحمد ابن محمد وأيّوب بن نوح فسقط خبر داود الصرمي ويمكن حمله على التقيّة ، لكن في «الفقيه (١٠) والخلاف (١١)» الاقتصار على اشتراط خلوصه من وبر الأرانب وادّعى الإجماع في «الخلاف» على اشتراط خلوصه من ذلك. وقال في «الفقيه» بعد إيراد خبر داود الصرمي الّذي ظاهره جواز الصلاة في المغشوش بوبر الأرانب : هذه رخصة الآخذ بها مأجور والرادّ لها مأثوم ، والأصل ما ذكره أبي في رسالته إليَّ : وصلّ في الخزّ ما لم يكن مغشوشاً بوبر الأرانب.

وفي «المقنعة (١٢)» خلوصه عن وبر الأرانب والثعالب وأشباههما. وفي «المبسوط (١٣)» خلوصه عن وبر الأرانب وغيرها ممّا لا يؤكل لحمه. وفي «المنتهى (١٤)» بعد القطع بالمنع من المغشوش بوبر الأرانب والثعالب قال : وفي المغشوش بصوف ما لا يؤكل لحمه وشعره تردّد والأحوط فيه المنع ، لأنّ الرخصة وردت في الخالص ولأنّ العموم الوارد في المنع من الصلاة في شعر ما لا يؤكل لحمه وصوفه يتناول المغشوش وغيره ، انتهى. قلت : ويدلّ عليه ما في

__________________

(١) منتهى المطلب : في لباس المصلّي ج ٤ ص ٢٣٧.

(٢) ذكرى الشيعة : في الساتر ج ٣ ص ٣٧.

(٣) الوسيلة : فيما يجوز فيه الصلاة ص ٨٧.

(٤) المراسم : أحكام ما يصلّى فيه ص ٦٣.

(٥) السرائر : في لباس المصلّي ج ١ ص ٢٦١.

(٦) شرائع الإسلام : في لباس المصلّي ج ١ ص ٦٩.

(٧ و ٨) المعتبر : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٨٥.

(٩) منتهى المطلب : في لباس المصلّي ج ٤ ص ٢٣٩.

(١٠) من لا يحضره الفقيه : في لباس المصلّي ج ١ ص ٢٦٣ ذيل ح ٨٠٩.

(١١) الخلاف : في لباس المصلّي مسألة ٢٥٧ ج ١ ص ٥١٣.

(١٢) المقنعة : فيما تجوز الصلاة فيه من اللباس ص ١٥٠.

(١٣) المبسوط : فيما يجوز الصلاة فيه من اللباس ج ١ ص ٨٢.

(١٤) منتهى المطلب : في لباس المصلّي ج ٤ ص ٢٤٠.

٤٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

المرفوعين (١) من قوله عليه‌السلام : «وغير ذلك ممّا يشبه هذا فلا تصلّ فيه».

وفي «التحرير (٢)» الأقرب المنع من الخزّ المغشوش بصوف ما لا يؤكل لحمه وشعره ، بل قد تعطي عبارة «التحرير (٣)» التأمّل في أصل الحكم أعني جواز الصلاة في الخزّ الخالص ، قال : لا تجوز الصلاة في شعر كلّ ما يحرم أكله ولا في صوفه ولا في وبره إلّا الخزّ الخالص والحواصل والسنجاب على قول. وفي «البيان» إلّا الخزّ والسنجاب على الأصحّ (٤). وظاهر الصدوق في «الهداية (٥)» عدم جواز الصلاة فيه حيث قال : باب ما تجوز الصلاة فيه وما لا تجوز فيه ، ثمّ اقتصر في الباب جميعه على قول الصادق عليه‌السلام : «صلّ في شعر ووبر كلّ ما أكلت لحمه وما لم تأكل لحمه فلا تصلّ في شعره ووبره» ولم يستثن الخزّ ولا ذكره. وكذا صنع الشيخ في «كتاب عمل يوم وليلة (٦)» على ما نقل عنه. وكذا المصنّف في «التبصرة (٧)». وفي «أمالي الصدوق» الأولى ترك الصلاة (٨) فيه.

__________________

(١) لم يكن في المقام خبران مرفوعان مستقلّان متناً وسنداً كما هو ظاهر عبارة الشارح ، بل هنا متن واحد رواه الشيخ في التهذيب : ج ٢ ص ٢١٢ ح ٣٩ بسنده عن أيّوب بن نوح رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام تارةً والكليني في الكافي : ج ٣ ص ٤٠٣ ح ٢٦ بسنده إلى أحمد بن محمد مرفوعاً إليه عليه‌السلام اخرى ، فتذكّر.

(٢) تحرير الأحكام : فيما يجوز الصلاة فيه ج ١ ص ٣٠ س ٣٢.

(٣) ظاهر عبارة التحرير الحكم بجواز الصلاة في الخزّ الخالص فإنّه بعد العبارة المحكية عنه في الشرح بأسطر قال : تجوز الصلاة في الخزّ الخالص لا المغشوش بوبر الثعالب والأرانب ، انتهى. فبقرينة هذه العبارة الصريحة في حكمه بالجواز يحمل قوله «على قول» في عبارته المحكية على تعلّقه بقوله «والحواصل والسنجاب» لا بقوله «إلّا الخزّ الخالص» فتدبّر. ولعلّ منشأ نسبة المسألة إليه على قول هو كشف اللثام حيث إنّه صرّح فيه بذلك ، راجع كشف اللثام : ج ٣ ص ١٩٣.

(٤) البيان : في لباس المصلّي ص ٥٧.

(٥) الهداية : باب ما يجوز الصلاة وما لا يجوز ص ١٤٠.

(٦) عمل اليوم والليلة (الرسائل العشر للطوسي) : ص ١٤٤ والناقل هو الفاضل الهندي في كشف اللثام : ج ٣ ص ٢٠٧.

(٧) تبصرة المتعلّمين : في لباس المصلّي ص ٢٢.

(٨) أمالي الصدوق : المجلس ٩٣ ص ٥١٣.

٤٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وعن الحلبي أنه لم يتعرّض لذكر الخزّ.

وأمّا جلد الخزّ فقد يفهم من مفهوم القيد في عبارة الكتاب وغيرها ممّا اقتصر فيه (فيها خ ل) على الخزّ الخالص من دون تنصيص على الجلد «كالمقنعة (١) والفقيه (٢) والمبسوط (٣) والخلاف (٤) والمصباح (٥) والمراسم (٦) والوسيلة (٧) والغنية (٨)» وغيرها (٩) عدم جواز الصلاة فيه ، لأنّ الخالص إنّما يتّصف به الوبر دون الجلد كما في «جامع المقاصد (١٠)» فتأمّل ، بل عبارة «المبسوط (١١)» كادت تكون ظاهرة في ذلك ، لأنّه بعد ذلك تعرّض للجلود ولم يذكره ، وكذا عبارة «الوسيلة (١٢)» وغيرها (١٣) وهو خيرة العجلي (١٤) والمصنّف في «المنتهى (١٥) والتحرير (١٦)» واحتاط به الفاضل في «كشف اللثام (١٧)» وظاهر «غاية المرام (١٨)» التردّد. وتردّد في

__________________

(١) المقنعة : فيما تجوز الصلاة فيه من اللباس ص ١٥٠.

(٢) من لا يحضره الفقيه : في لباس المصلّي ج ١ ص ٢٦٣ ذيل ح ٨٠٩.

(٣) المبسوط : فيما يجوز الصلاة فيه من اللباس ج ١ ص ٨٢.

(٤) الخلاف : في لباس المصلّي مسألة ٢٥٧ ج ١ ص ٥١٣.

(٥) مصباح المتهجّد : في لباس المصلّي ص ٢٥.

(٦) المراسم : أحكام ما يصلّى فيه ص ٦٣.

(٧) الوسيلة : في بيان ما يجوز فيه الصلاة ص ٨٧.

(٨) غنية النزوع : في ستر العورة ص ٦٦.

(٩) كالجُمل والعقود : فيما تجوز الصلاة فيه من اللباس ٦٣ ، وشرائع الإسلام : في لباس المصلّي ج ١ ص ٦٩ ، وكفاية الأحكام : في لباس المصلّي ص ١٦ س ١٣.

(١٠) جامع المقاصد : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٧٨.

(١١) المبسوط : فيما يجوز الصلاة فيه من اللباس ج ١ ص ٨٢.

(١٢) الوسيلة : في بيان ما يجوز فيه الصلاة ص ٨٨.

(١٣) كنهاية الشيخ : فيما يجوز الصلاة فيه .. ص ٩٧ وغنية النزوع : في ستر العورة ص ٦٦.

(١٤) السرائر : في لباس المصلّي ج ١ ص ٢٦١.

(١٥) منتهى المطلب : في لباس المصلّي ج ٤ ص ٢٤٠.

(١٦) تحرير الأحكام : فيما يجوز الصلاة فيه ج ١ ص ٣٠ س ٣٣.

(١٧) كشف اللثام : في لباس المصلّي ج ٣ ص ١٩٥.

(١٨) استفادة التردّد من عبارة غاية المرام مشكلة ، فإنّه قال : يجوز الصلاة في وبر الخالص

٤٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

«المعتبر (١)» ثمّ قرّب الجواز.

وهو أي الجواز خيرة «المختلف (٢) والتذكرة (٣) ونهاية الإحكام (٤) والدروس (٥) والذكرى (٦) والنفلية (٧) والبيان (٨) والتنقيح (٩) وجامع المقاصد (١٠) وفوائد الشرائع (١١) وحاشية الإرشاد (١٢) والجعفرية (١٣) وشرحيها (١٤) وكشف الالتباس (١٥) والروض (١٦)

__________________

إجماعاً وفي جلده على خلاف ، ولم يحصل الفرق بين الوبر والجلد إلّا هنا ، انتهى. والظاهر أنّ قوله «على خلاف» يشير إلى مجرّد وجود الخلاف هنا ووجود الإتّفاق في وبر الخزّ الخالص ، لا إلى تردّده في الجلد ، ولا أقلّ من احتمال ذلك فلا ظهور لعبارته في تردّده في الفتوى ، راجع غاية المرام ص ١٢ س ٢٣ (من كتب مكتبة گوهرشاد برقم ٥٨).

(١) المعتبر : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٨٥.

(٢) مختلف الشيعة : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٧٧.

(٣) تذكرة الفقهاء : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٤٦٩.

(٤) نهاية الإحكام : في لباس المصلّي ج ١ ص ٣٧٥.

(٥) الدروس الشرعية : في لباس المصلّي ج ١ ص ١٥٠.

(٦) ذكرى الشيعة : في الساتر ج ٣ ص ٣٦.

(٧) النفلية : في سنن الستر ص ١٠٢.

(٨) البيان : في لباس المصلّي ص ٥٨.

(٩) التنقيح الرائع : في لباس المصلّي ج ١ ص ١٧٨.

(١٠) جامع المقاصد : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٧٨.

(١١) فوائد الشرائع : في لباس المصلّي ص ٣١ س ٢ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(١٢) حاشية الإرشاد : الصلاة في لباس المصلّي ص ٢٣ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٩).

(١٣) الرسالة الجعفرية (رسائل المحقّق الكركي) : في ستر العورة ج ١ ص ١٠١.

(١٤) المطالب المظفّرية : في لباس المصلّي ص ٦٩ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦) والشرح الآخر لا يوجد لدينا.

(١٥) كشف الالتباس : في لباس المصلّي ص ٩٧ س ١١ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(١٦) روض الجنان : في لباس المصلّي ج ص ٢٠٦ س ٢١.

٤٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

والمسالك (١) والمقاصد العليّة (٢) والمدارك (٣) ومجمع البرهان (٤) والمفاتيح (٥)». وفي «كشف الالتباس (٦)» أنه المشهور وقال : إنّه خيرة الموجز الحاوي. وفي «الذكرى (٧)» أنّ مضمون رواية ابن أبي يعفور مشهور بين الأصحاب ، ووافقه (وأقره خ ل) على ذلك جماعة (٨). قلت : هذه الرواية أغفلوا الاستدلال بها على ذلك وهي أقعد ممّا استدلّوا به ، لأنّها واردة في الصلاة. وأمّا ما استدلّوا به (٩) من قول الرضا عليه‌السلام في صحيح سعد بن سعد : «إذا حلّ وبره حلّ جلده» (١٠) ففيه أنه خالٍ عن ذكر الصلاة فقد يكون السائل توهّم نجاستها لكون الخزّ كلباً. فظهر أنّ ما في «الذكرى (١١) وكشف الالتباس (١٢)» وغيرهما (١٣) من أنه لا وجه لما ذكره ابن إدريس لعدم افتراق الجلود والأوبار في الحكم غالباً ليس بواضح.

__________________

(١) مسالك الأفهام : في لباس المصلّي ج ١ ص ١٦٣.

(٢) المقاصد العليّة : في لباس المصلّي ص ٨٢ س ١ (مخطوط في المكتبة الرضوية برقم ٨٩٣٧).

(٣) مدارك الأحكام : في لباس المصلّي ج ٣ ص ١٦٩.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : فيما يصلّى فيه ج ٢ ص ٩٧.

(٥) مفاتيح الشرائع : في لباس المصلّي ج ١ ص ١٠٩.

(٦) كشف الالتباس : في لباس المصلّي ص ٩٧ س ١١ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٧) ذكرى الشيعة : في الساتر ج ٣ ص ٣٦.

(٨) منهم : المحقّق الكركي في جامعه : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٧٩ ، والشهيد الثاني في روضه : في لباس المصلّي ص ٢٠٦ س ٢٨ ، والمحقّق السبزواري في ذخيرته : فيما يجوز الصلاة فيه ص ٢٢٥ س ١٩.

(٩) كما في التنقيح الرائع : في لباس المصلّي ج ١ ص ١٧٨ وجامع المقاصد : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٧٨ ومسالك الأفهام : كتاب الصلاة في لباس المصلّي ج ١ ص ١٦٣ ومدارك الأحكام : في لباس المصلّي ج ٣ ص ١٦٩.

(١٠) وسائل الشيعة : ب ١٠ من ابواب لباس المصلّي ح ١٤ ج ٣ ص ٢٦٥.

(١١) ذكرى الشيعة : في الساتر ج ٣ ص ٣٦.

(١٢) كشف الالتباس : في لباس المصلّي ص ٩٧ س ١٠ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(١٣) كجامع المقاصد : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٧٨.

٤٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي «النفلية (١)» أنّ الصلاة في جلده مكروهة. وفي «المسالك (٢)» وغيرها أنّ فائدة التذكية تظهر في الجلد. وفي «الذكرى (٣) والروض (٤)» وغيرهما لا تشترط ذكاته استناداً إلى رواية ابن أبي يعفور.

وفي «المقاصد العليّة» هل يشترط في تذكيته إخراجه من الماء حيّاً؟ قولان أجودهما الاشتراط (٥). وفي «المعتبر (٦)» بعد أن ذكر رواية ابن أبي يعفور الناطقة بأنه لا بأس بالصلاة فيه وإن كان ميتة وأنّ الله تعالى أحلّه وجعل ذكاته موته كما أحلّ الحيتان وجعل ذكاتها موتها : عندي في هذه الرواية توقّف لضعف محمد بن سليمان ومخالفتها لما اتّفقوا عليه من أنه لا يؤكل من حيوان البحر إلّا السمك ومن السمك إلّا ما له فلس. وأمّا الجواز في الخالص فهو إجماع علمائنا مذكّىً كان أو ميتاً لأنّه طاهر في حال الحياة ولا ينجس بالموت فيبقى على الطهارة ، انتهى. وقال في «الذكرى (٧)» مضمونها مشهور بين الأصحاب فلا يضرّ ضعف الطريق والحكم بحلّه جاز أن يستند إلى حلّ استعماله في الصلاة وإن لم يذكّ كما أحلّ الحيتان بخروجها من الماء حيّة فهو تشبيه للحلّ بالحلّ لا في جنس الحلال ، وكأنّ المحقّق رحمه‌الله يرى أنه لا نفس له سائلة فلذلك حكم بطهارته لا باعتبار الرواية ، انتهى.

قلت : المحقّق لم يصرّح بطهارة ما عدا الوبر ، وما ذكره في «الذكرى» في تأويل الرواية ذكر في «التذكرة (٨) وجامع المقاصد (٩)» وغيرها (١٠). وفي «جامع

__________________

(١) النفلية : في سنن الستر ص ١٠٢.

(٢) مسالك الأفهام : في لباس المصلّي ج ١ ص ١٦٣.

(٣) ذكرى الشيعة : في الساتر ج ٣ ص ٣٥.

(٤) روض الجنان : في لباس المصلّي ص ٢٠٦ س ٢٣.

(٥) المقاصد العليّة : في لباس المصلّي ص ٨٢ س ٢ (مخطوط في المكتبة الرضوية برقم ٨٩٣٧).

(٦) المعتبر : كتاب الصلاة في لباس المصلّي ج ٢ ص ٨٤.

(٧) ذكرى الشيعة : في الساتر ج ٣ ص ٣٦.

(٨) تذكرة الفقهاء : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٤٦٩.

(٩) جامع المقاصد : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٧٩.

(١٠) كروض الجنان : في لباس المصلّي ص ٢٠٧ س ٤.

٤٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

المقاصد (١) وفوائد الشرائع (٢)» أنه ليس بمأكول اللحم عندنا. وظاهرهما دعوى الإجماع «كالمعتبر (٣)». وفي «مجمع البرهان (٤)» أنّ الإجماع المنقول يدلّ على حلّ لحمه حيث أجمعوا على عدم جواز الصلاة في غير المأكول فيكون هو مستثنى من حيوان البحر كالسمك المفلس إن ثبتت كلّية التحريم في حيوان البحر غير السمك إلّا أن يكون مستثنى من تلك القاعدة. واستند في الحلّ أيضاً إلى الأصل والأخبار ، فتأمّل في كلامه.

بيان : احتحّ المانع من الجواز في الجلد باختصاص الرخصة بالوبر ، لأنّه جلدما لا يؤكل لحمه ولا تجوز الصلاة فيه بلا خلاف ويحتجّ له بما خرج من الناحية المقدّسة كما في «الاحتجاج» من أنه سئل عليه‌السلام : روي لنا عن صاحب العسكر عليه‌السلام أنه سئل عن الصلاة في الخزّ الّذي يغشّ بوبر الأرانب ، فوقّع : تجوز. وروي عنه أيضاً أنه لا تجوز ، فبأيّ الخبرين نعمل به؟ فأجاب عليه‌السلام : إنّما حرّم في هذه الأوبار والجلود ، فأمّا الأوبار وحدها فكلّه حلال (٥). قلت : يحتمل أن تكون لفظة «لا» النافية ساقطة من قلم الناسخ في قوله : يغشّ ، لكن الموجود في نسختين تركها وعلى تقديره فيكون الخبر دالاً على الجواز في أوبار الأرانب والخزّ دون جلودهما ويكون فيه إشارة على عدم اختصاص الغشّ بالوبر بل يجري في الجلد خلافاً لما ظنّه المحقّق الثاني في «جامع المقاصد (٦)».

هذا وقد بقي الكلام في معرفة الخزّ ، ففي «المعتبر (٧) والمنتهى (٨) والتذكرة (٩)

__________________

(١ و ٦) جامع المقاصد : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٧٨.

(٢) فوائد الشرائع : في لباس المصلّي ص ٣٠ س ٢١ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(٣) المعتبر : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٨٤.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : فيما يصلّى فيه ج ٢ ص ٨٢.

(٥) الاحتجاج : ج ٢ ص ٤٩٢.

(٧) المعتبر : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٨٤.

(٨) منتهى المطلب : في لباس المصلّي ج ٤ ص ٢٣٧.

(٩) تذكرة الفقهاء : في لباس المصلّي ج ٢ ص ٤٦٩.

٤٤٠