مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٥

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٥

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٨

ويجعل السجود أخفض ،

______________________________________________________

إليه علماؤنا أجمع كما في «المنتهى (١)» لكنّه ذكر ذلك في الماشي ولا قائل بالفصل. ولا يجب في الإيماء إلى السجود وضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه وإن كان مقتضى الأصل ذلك لقول الصادق عليه‌السلام في صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله : «ويضع بوجهه في الفريضة على ما أمكنه من شي‌ء (٢)» وقد دلّ على أنه إنّما يؤمي إذا لم يتمكّن من السجود على القربوس ونحوه. وفي «نهاية الإحكام» لا يجب عليه وضع الجبهة على عرف الدابّة والسرج لما فيه من المشقّة وخوف الضرر من نفور الدابّة (٣). ودلّ قوله عليه‌السلام «لا يسقط الميسور بالمعسور (٤)» أنه إنّما يؤمي لهما إذا لم يتمكّن من النزول.

وفي خبر سعيد بن يسار الضبعي «أنّه إذا أومأ بوجهه للسجود في النافلة فليكشفه (٥)» ولعلّ ذلك لأنّ الإيماء بالوجه بدل من السجود الّذي يشترط فيه كشف الجهة بخلاف القراءة.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويجعل السجود أخفض) بالإجماع المذكور في «المنتهى (٦)» والنصوص المتضافرة (٧) وهذا إن لم يتمكن من الانحناء ، فإن تمكّن منه انحنى إلى منتهى ما يمكنه ، فإن لم يمكنه إلّا الانحناء بقدر الراكع أو دونه فإنّه يسوّي بينهما ، لأنّ الميسور لا يسقط بالمعسور. وفي

__________________

(١) منتهى المطلب : فيما يستقبل له ج ٤ ص ١٩١.

(٢) وسائل الشيعة : ب ١٤ من أبواب القبلة ح ١ ج ٣ ص ٢٣٦.

(٣) نهاية الإحكام : كتاب الصلاة في ما يستقبل له ج ١ ص ٤٠٧.

(٤) عوالي اللآلي : ج ٤ ص ٥٨.

(٥) الوسائل : ب ١٥ من أبواب القبلة ح ٤ ج ٣ ص ٢٤٠.

(٦) منتهى المطلب : فيما يستقبل له ج ٤ ص ١٩١.

(٧) الوسائل : ب ١٥ من أبواب القبلة ح ١٤ و ١٥ و ١٧ ج ٣ ص ٢٤١ ٢٤٢ ، وباب ١٦ من أبواب القبلة ح ٣ وح ٤ ج ٣ ص ٢٤٤.

٣٦١

والماشي كالراكب

______________________________________________________

«نهاية الإحكام» الأقرب أنه لا يجب عليه أن يبلغ فيه غاية وسعه في الانحناء (١)

[في صلاة الفريضة ماشياً]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (والماشي كالراكب) لا تجوز له صلاة الفريضة ماشياً مع الاختيار والأمن ، وهو قول أهل العلم كافّة كما في «المنتهى (٢)» وقال فيه أيضاً : وإذا اضطرّ يصلّي على حسب حاله ماشياً يستقبل القبلة ما أمكنه ويؤمي بالركوع والسجود ويجعل السجود أخفض من الركوع ، ذهب إليه علماؤنا أجمع (٣).

ويجب عليه التحرّز عن ملاقات النجاسة غير المعفوّ لثوبه أو بدنه بحسب الإمكان كما نصّ على ذلك جماعة (٤).

وجوّز في «نهاية الإحكام» الركض على الدابّة للراكب والعدو للماشي من غير ضرورة ، لأنّهما نوعان من المشي والركوب (٥).

وفي «الشرائع» اعتبار ضيق الوقت في المضطرّ للصلاة ماشياً (٦). ولم أجد أحداً اعتبره سواه لكن قال في «المدارك» : إنه أحوط ، وإطلاق الآية الكريمة وصحيح عبد الرحمن وكلام الأصحاب يقضي بعدم الفرق بين ضيق الوقت وسعته (٧) لكن عبارة «الفقه الرضوي» صريحة في اعتبار آخر الوقت للراكب (٨).

__________________

(١) نهاية الإحكام : فيما يستقبل له ج ١ ص ٤٠٧.

(٢ و ٣) منتهى المطلب : فيما يستقبل له ج ٤ ص ١٩١.

(٤) منهم : العلّامة في نهاية الإحكام : كتاب الصلاة فيما يستقبل له ج ١ ص ٤٠٨ والشهيد الثاني في مسالك الإفهام : كتاب الصلاة في القبلة ج ١ ص ١٥٩ ، والصيمري في كشف الالتباس : في القبلة ص ٩٠ س ٤ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٥) نهاية الإحكام : كتاب الصلاة في ما يستقبل له ج ١ ص ٤٠٨.

(٦) شرائع الإسلام : كتاب الصلاة في المستقبل ج ١ ص ٦٧.

(٧) مدارك الأحكام : في القبلة ج ٣ ص ١٤٢.

(٨) فقه الرضا : باب ١٤ في صلاة الخوف ص ١٤٨.

٣٦٢

ويسقط الاستقبال مع التعذّر كالمطاردة والدابّة الصائلة والمتردّية.

______________________________________________________

ولو أمكن الركوب والمشي في الفريضة فالأجود تقديم أكثرهما استيفاءً للأفعال كما في «الذكرى (١) وحاشية الميسي والمسالك (٢) والروض (٣) والمدارك (٤)» فإن تساويا رجّح المشي كما في «المسالك (٥)». وفي «المدارك (٦)» أنه يتخيّر. وفي «روض الجنان (٧)» إن تساويا ففي التخيير أو ترجيح الركوب لحصول الاستقرار الذاتي فلا تؤثّر الحركة العرضية أو ترجيح المشي لحصول أصل القيام أوجُه أجودها الأخير ، لأنّ فوات وصف القيام مع المشي أسهل من فوات أصله مع الركوب. وفي «الذكرى (٨)» ظاهر الآية التخيير ، ويمكن ترجيح المشي لحصول ركن القيام. ويعارضه أنّ حركته ذاتية وحركة الراكب عرضية فهو مستقرّ بالذات. ومع ذلك فالآية يجوز أن تكون لبيان شرعيّة الأمرين وإن كان بينهما ترتيب كآية كفّارة الصيد. ثمّ قال : ولو أمكن الراكب النزول للركوع والسجود وجب ولا يكون ذلك منافياً للصلاة لأنّه من أفعالها كما يأتي في صلاة الخوف.

[في سقوط الاستقبال مع التعذّر]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويسقط الاستقبال مع التعذّر كالمطاردة والدابّة الصائلة والمتردّية) هذان الحكمان ثابتان بإجماع العلماء والأخبار (٩) بذلك مستفيضة. وسيجي‌ء تحقيقه إن شاء الله تعالى ، وبيان

__________________

(١) ذكرى الشيعة : فيما يستقبل له ج ٣ ص ١٩٤.

(٢) مسالك الإفهام : في القبلة ج ١ ص ١٥٨.

(٣) روض الجنان : كتاب الصلاة في الاستقبال ص ١٩٦ س ١٠.

(٤ و ٦) مدارك الأحكام : في القبلة ج ٣ ص ١٤٢.

(٥) مسالك الإفهام : كتاب الصلاة في القبلة ج ١ ص ١٥٨.

(٧) روض الجنان : كتاب الصلاة في الاستقبال ص ١٩٦ س ١١.

(٨) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٩٤.

(٩) وسائل الشيعة : ب ١٠ من أبواب الذبائح ج ١٦ ص ٢٦٠.

٣٦٣

المطلب الثالث في المستقبل :

ويجب الاستقبال مع العلم بالجهة ، فإن جهلها عوّل على ما وضعه الشرع أمارة ،

______________________________________________________

أنّ ذلك لا يخصّ المطارد بل كلّ خائف من لصّ أو سبع أو غريق. وعن أبي حنيفة (١) جواز ترك الاستقبال للراكب حالة القتال دون الراجل.

وفي العبارة مناقشة لفظية من جهة التكرار والجواب عنها سهل. وفي حواشي الشهيد (٢) أنّ في العبارة دقيقة هي أنّ الاستقبال إنّما هو بالمذبوح لا بالذابح. وقال في «جامع المقاصد (٣)» : في استفادة ذلك منها نظر.

[المطلب الثالث : في المستقبل]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويجب الاستقبال مع العلم بالجهة ، فإن جهلها عوّل على ما وضعه الشرع أمارة) أمّا وجوب الاستقبال في الصلاة مع العلم بجهة القبلة فظاهر كما عرفت. وأمّا وجوب التعويل لفاقد العلم على الأمارات المفيدة للظنّ فعليه اتّفاق أهل العلم كما في «المعتبر (٤) والمنتهى (٥) والتذكرة (٦) والتحرير (٧)» كما يأتي.

وقال في «جامع المقاصد (٨)» : أكثر ما سبق من العلامات يفيد القطع بالجهة في الجملة ، فكان حقّ العبارة أن يقول : فإن جهلها عوّل على ما يفيد القطع من العلامات ثمّ على ما يفيد الظنّ. ثمّ قال : ويمكن أن يقال : العلامات المذكورة

__________________

(١) بدائع الصنائع : ج ١ ص ٢٤٥.

(٢) لا يوجد لدينا حواشي الشهيد ونقله عنه المحقّق الثاني في جامع المقاصد : في القبلة ج ٢ ص ٦٨.

(٣) جامع المقاصد : في القبلة ج ٢ ص ٦٨.

(٤) المعتبر : في القبلة ج ٢ ص ٧٠.

(٥) منتهى المطلب : في القبلة ج ٤ ص ١٧٢.

(٦) تذكرة الفقهاء : في المستقبل ج ٣ ص ٢٢.

(٧) تحرير الأحكام : في المستقبل ج ١ ص ٢٩ س ٢.

(٨) جامع المقاصد : في المستقبل ج ٢ ص ٦٩.

٣٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وإن أفاد بعضها القطع بالجهة في الجملة إلّا أنها بالإضافة إلى نفس الجهة إنّما تفيد الظنّ ، لأنّ محاذاة الكواكب المخصوصة على الوجه المعيّن مع شدّة البعد إنّما يحصل به الظنّ ، فيندرج الجميع فيما وضعه الشارع أمارة ، انتهى.

وأجاب في «فوائد القواعد (١)» بأنّ المراد بالعلم بها للبعيد استفادتها من نحو محراب المعصوم أو قوله ، ومع تعذّره يرجع إلى ما نصبه الشارع وإن كان بعضه مفيداً للعلم إلّا أنه لا يرجع إليه حينئذٍ مطلقاً ، لما تحقّق من عدم جواز الاجتهاد بتلك العلامات بما يخالف محراب المعصوم ، انتهى. وهذا هو الّذي اعتمده المولى الأردبيلي (٢) في تفسير عبارة الإرشاد وصاحب كشف اللثام (٣) في تفسير العبارة. وقال في «فوائد القواعد (٤)» أيضاً : ويمكن أن يراد بالجهة العين كما استعمله مراراً ، وحينئذٍ فيشمل قوله «فإن جهلها» من قرب من العين ولا يمكنه معرفتها كالمحبوس بمكّة والمريض. وهو الّذي استظهره في «الروض (٥)» من عبارة الإرشاد. ثمّ قال : ويمكن أن يراد بالعلم بها معنىً ثالثاً وهو ما يشمل العلامات الشرعية المفيدة للعلم بالجهة ، ويريد بالأمارة الّتي يرجع إليها عند عدم العلم العلامة المنصوبة من الشرع المفيدة للظنّ كالأهوية والقمر ، فإنّ جواز الرجوع إليها مشروط بتعذّر الرجوع إلى العلامات النجومية وما في معناها ممّا يفيد العلم بالجهة (٦) انتهى. وهذا الوجه فهمه الفاضل الميسي في حاشيته والشهيد الثاني في المسالك (٧) من عبارة الشرائع. وإليه أشار في «فوائد الشرائع (٨)».

__________________

(١) فوائد القواعد : في القبلة ص ٤٩ س ٦ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٤٢٤٢).

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : في الاستقبال ج ٢ ص ٦٦.

(٣) كشف اللثام : في المستقبل ج ٣ ص ١٦٠ ١٦١.

(٤) فوائد القواعد : في القبلة ص ٤٩ س ٢ و ٤ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٤٢٤٢).

(٥) روض الجنان : كتاب الصلاة في الاستقبال ص ١٨٩ س ١٥.

(٦) فوائد القواعد : في القبلة ص ٤٩ س ٩ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٤٢٤٢).

(٧) مسالك الافهام : كتاب الصلاة في المستقبل ج ١ ص ١٥٥ ١٥٦.

(٨) فوائد الشرائع : كتاب الصلاة في القبلة ص ٣٠ س ٣ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

٣٦٥

والقادر على العلم لا يكفيه الاجتهاد المفيد للظنّ ،

______________________________________________________

[في عدم جواز الاجتهاد مع إمكان العلم بالقبلة]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (والقادر على العلم لا يكفيه الاجتهاد المفيد للظنّ) ذهب إليه علماؤنا كما في «التذكرة (١)» وعليه الإجماع كما في «المفاتيح (٢)».

وظاهرهم الاتّفاق على أنه إن توقّف العلم على صعود سطح وجب ذلك. ولو وضع محرابه على المعاينة صلّى إليه دائماً ولا يحتاج في كلّ صلاة إلى معاينة الكعبة كما صرّحوا (٣) به. قالوا : وكذا من نشأ بمكّة وعلم إصابة الكعبة وإن لم يشاهدها حين صلاته.

واختلفوا فيما إذا توقّف العلم على صعود جبل فظاهر الشيخ في «المبسوط» أنه يجب الصعود ، قال : ومن كان وراء جبل وهو في الحرم وأمكنه معرفة القبلة من جهة العلم لم يجز أن يعمل على الاجتهاد بل يجب عليه طلبه من جهة العلم ، انتهى (٤). وكلامه هذا كاد يكون صريحاً في وجوب الصعود على الجبل كما هو المنقول عن المحقّق (٥). وهو خيرة «التذكرة (٦) والدروس (٧) والموجز الحاوي (٨) وكشف الالتباس (٩) وغاية المرام (١٠)» واستبعده الشهيد في «الذكرى» لأنه يلزم عدم جواز الصلاة في

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : في المستقبل ج ٣ ص ٢٢.

(٢) مفاتيح الشرائع : في القبلة ج ١ ص ١١٣ ١١٤.

(٣) منهم : الشيخ البحراني في الحدائق الناضرة : في القبلة ج ٦ ص ٣٧٦ والشهيد الأول في ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٦٩ ، والصيمري في كشف الالتباس : في القبلة ص ٨٧ س ١٩ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٤) المبسوط : في القبلة ج ١ ص ٧٨.

(٥) لم نعثر عليه.

(٦) تذكرة الفقهاء : في المستقبل ج ٣ ص ٢٢.

(٧) الدروس الشرعية : في القبلة درس ٣٤ ج ١ ص ١٥٨.

(٨) الموجز الحاوي (الرسائل العشر لابن فهد) : في القبلة ص ٦٦.

(٩) كشف الالتباس : في القبلة ص ٨٧ س ٢٢ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(١٠) غاية المرام : في القبلة ص ١١ س ١٥ (من كتب مكتبة گوهرشاد برقم ٢٧٣٣).

٣٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الأبطح إلّا بعد مشاهدة الكعبة ، قال : ومن كان في نواحي الحرم فلا يكلّف الصعود إلى الجبال ليرى الكعبة ولا الصلاة في المسجد ليراها ، للحرج ، بخلاف الصعود على السطح. ولأنّ الغرض هنا * المعاينة قبل حدوث الحائل فلا يتغيّر بما طرأ منه ** قالوا : فيه مشقّة ، قلنا مطلق المشقّة ليست مانعة وإلّا لارتفع التكليف. وأوجب الشيخ والفاضلان (١) صعود الجبل مع القدرة ، وهو بعيد وإلّا لم تجز الصلاة في الأبطح وشبهه من المنازل إلّا بعد مشاهدة الكعبة ، لأنه ممكن. ولعلّه أسهل من صعود الجبل (٢) انتهى ما في «الذكرى».

ومن الغريب أنه في «نهاية الإحكام (٣)» في المقام جعل من الاجتهاد استقبال الحجر لمشاهدة الكعبة على إشكال ، قال : ينشأ أنّ كونه من الكعبة بالاجتهاد

__________________

(*) يعني إذا افتقر إلى صعود السطح (منه قدس‌سره).

(**) يعني بخلاف ما إذا حال الجبل ، أمّا إذا كان الحائل هو الحيطان وتوقّفت المعاينة على صعود الجبل فهو كصعود السطح من هذه الجهة (منه قدس‌سره).

__________________

(١) المذكور في الذكرى : ج ٣ ص ١٦٩ حكايته عن الشيخ والفاضل موحّداً لا تثنيةً والفاضل حسب الاصطلاح بين المتأخّرين هو العلّامة أو المحقّق الأوّل إلّا أنه ليس في كتب المحقق ذلك الّذي حكاه ، فمن القريب أن يكون المراد هو العلّامة هذا إذا كان المنقول عنه هو الفاضل موحّداً ، وأمّا لو كان تثنيةً فالمراد هو العلّامة والمحقّق إلّا أنّ المحذور منه هو عدم ذكره في كتب المحقّق كما بيّناه ، ولكن ذلك أيضاً ينافي ما حكاه الشارح قبل ذلك عن المحقّق إلّا أن يقال : إنّ المراد به المحقّق الثاني وعليه فالعبارة بضبط الفاضلين صحيحة ، إلّا أنّا لم نتذكّر التعبير عن الكركي بالفاضل في كتب القوم.

(٢) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٦٩.

(٣) لا نرى في كلامه رحمه‌الله غرابةً فإنه قال في بحث ماهية القبلة : ويجوز أن يستقبل الحجر لأنه عندنا من الكعبة. ومراده من كلمة «عندنا» أنه منه برأيه ونظرة ولذا قال في بحث الاجتهاد في القبلة : ففي استقبال الحجر لمشاهد الكعبة إشكال ينشأ من كونه من الكعبة بالاجتهاد لا بالنصّ ، والأقرب الجواز لأنه منها ، أنتهى. ومفاد هذا الكلام أنَّ احتساب الحجر من الكعبة بالاجتهاد ولا نصّ فيه حتى نقطع به بسببه ، واجتهادنا أنه منها على الأقرب. ولعلّ الشارح حمل كلمة «عندنا» على الاتفاق بين الأصحاب فحسبه مع كلامه الآخر منها ، فتأمّل ، وراجع نهاية الإحكام : ج ١ ص ٣٩٢ ٣٩٦.

٣٦٧

والقادر على الاجتهاد لا يكفيه التقليد.

______________________________________________________

لا بالنصّ مع أنه قال : إنّه منها عندنا. وظاهره فيها كظاهر «التذكرة» دعوى الإجماع كما سلف نقل ذلك عنه.

وفي «التذكرة (١)» عن الشافعي أنه جوّز الاجتهاد إذا كان الحائل أصلياً كالجبل مع التمكّن من الصعود ، وله في الحادث قولان.

[في عدم جواز التقليد مع إمكان الاجتهاد]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (والقادر على الاجتهاد لا يكفيه التقليد) بل يعول على اجتهاده وهو قول أهل العلم كما في «المعتبر (٢) والمنتهى (٣) والتذكرة (٤) والتحرير (٥) وكشف الالتباس (٦)» ولا دليل على التقليد كما هو نصّ «المبسوط والخلاف» كما يأتي.

وفي «نهاية الإحكام (٧)» لا يجوز له التقليد سواء قلّد من يخبره عن علم أو اجتهاد ، انتهى. وفي «كشف اللثام (٨)» عنها لا يكفيه التقليد أي الرجوع إلى اجتهاد غيره. قلت : فيها أيضاً وفي «الذكرى (٩) وجامع المقاصد (١٠) والعزّية» وغيرها (١١) التقليد قبول خبر الغير المستند إلى الاجتهاد ، وأمّا المخبر عن يقين فهو مخبر. وفي «جامع المقاصد (١٢)» فهو شاهد. وفي «الذكرى (١٣)» أيضاً لو وجد القادر على

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : في المستقبل ج ٣ ص ٢٢.

(٢) المعتبر : في القبلة ج ٢ ص ٧٠.

(٣) منتهى المطلب : في القبلة ج ٤ ص ١٧٢.

(٤) تذكرة الفقهاء : في المستقبل ج ٣ ص ٢٢.

(٥) تحرير الأحكام : في المستقبل ج ١ ص ٢٩ س ٢.

(٦) كشف الالتباس : في القبلة ص ٨٨ س ١٠ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٧) نهاية الإحكام : في القبلة ج ١ ص ٣٩٦ ٣٩٧.

(٨) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٦٢.

(٩) ذكرى الشيعة : في المستقبل ج ٣ ص ١٧٣.

(١٠) جامع المقاصد : في المستقبل ج ٢ ص ٦٩.

(١١) كمدارك الأحكام : في القبلة ج ٣ ص ١٣٥ ، ونهاية الإحكام : في القبلة ج ١ ص ٣٩٨.

(١٢) جامع المقاصد : في المستقبل ج ٢ ص ٦٩.

(١٣) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٧٥.

٣٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الاجتهاد مخبراً عن علم ففي جواز الاجتهاد وجهان. وقطع بعض العامّة بمنعه ثمّ مال فيها إلى المنع ، لأنّ الاجتهاد ظنّي في طريقه وغايته وإخبار المتيقّن ظنّي في طريقه لا في غايته. وفي «كشف اللثام (١)» وأمّا الرجوع إلى إخبار الغير عن مشاهدة الكعبة أو أمارة من أماراتها من كوكب أو محراب أو قبر أو صلاة فهو من الاجتهاد. وكذا إذا اجتهد الغير فاستخبره عن طريق اجتهاده كان أيضاً من الاجتهاد دون التقليد ، انتهى.

وفي «المنتهى (٢) والدروس (٣) والذكرى (٤) والموجز (٥) وكشفه (٦)» لا يكفيه التقليد إلّا مع خوف فوت الوقت بالاجتهاد. وفي «كشف اللثام (٧)» إن ضاق الوقت عن الاجتهاد كان كفاقد الأمارات ، ويأتي حكمه ، فإن لم يجد من يقلّده صلّى أربعاً إن اتّسع الوقت وإلّا فما وسعه ، وإن وجده فالاحتياط الجمع بين التقليد والأربع أو ما يسعه الوقت ، انتهى.

وفي «نهاية الإحكام (٨) والتذكرة (٩) والذكرى (١٠) والدروس (١١) والبيان (١٢) وجامع المقاصد (١٣)» أنّ المتمكّن من المعرفة يجب عليه التعلّم ولا يكفيه الظنّ لعدم المشقّة بخلاف العامي بالنسبة إلى دلائل الفقه. ثمّ قال في «الذكرى (١٤)» : والأقرب أنه من

__________________

(١) كشف اللثام : في المستقبل ج ٣ ص ١٦٢.

(٢) منتهى المطلب : في القبلة ج ٤ ص ١٧٨.

(٣) الدروس الشرعية : في القبلة درس ٣٥ ج ١ ص ١٥٩.

(٤) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٧١.

(٥) الموجز الحاوي (الرسائل العشر لابن فهد) : في القبلة ص ٦٦.

(٦) كشف الالتباس : في القبلة ص ٨٧ س ١١ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٧) كشف اللثام : في المستقبل ج ٣ ص ١٦٤.

(٨) نهاية الإحكام : في الفبلة ج ١ ص ٣٩٧.

(٩) تذكرة الفقهاء : في المستقبل ج ٣ ص ٢٣.

(١٠ و ١٤) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٧٤.

(١١) الدروس الشرعية : في القبلة درس ٣٥ ج ١ ص ١٥٩.

(١٢) البيان : في القبلة ص ٥٤.

(١٣) جامع المقاصد : في القبلة ج ٢ ص ٦٩.

٣٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

فروض الأعيان ، لتوقّف صحّة فرض العين عليه فهو كباقي شرائط الصلاة ، سواء كان يريد السفر أو لا ، لأنّ الحاجة قد تعرض بمجرّد مفارقة الوطن ، ويحتمل كون ذلك من فروض الكفاية كالعلم بالأحكام الشرعية * ولندور ** الاحتياج إلى مراعاة العلامات فلا يكلّف آحاد الناس بها ، ولأنّه لم ينقل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة بعده صلوات الله عليهم الزام آحاد الناس بذلك. إذا تقرّر ذلك فإن قلنا : إنّه من فروض الكفاية فللعامي أن يقلّد كالمكفوف ولا قضاء عليه ، وإن قلنا بالأوّل وجب تعلّم الأدلة ما دام الوقت ، فإذا ضاق ولم يستوف المحتاج إليه صلّى إلى أربع أو قلّد على الخلاف ولا قضاء ***. ويحتمل قويّاً وجوب تعلّم الأمارات عند عروض حاجته إليها عيناً بخلاف ما قبله ، لأنّ توقّع ذلك وإن كان حاصلاً لكنّه نادر. وعلى كلّ حال فصلاة غير المتعلّم عند عدم الحاجة صحيحة ولو قلنا بالوجوب العيني ، لأنّه موسع على الاحتمال القوي إلى عروض الحاجة. ويكفي في الحاجة إرادة السفر عن بلده ولو كان بقربه ممّا يخفى عليه فيه جهة القبلة أو التيامن والتياسر. ولو قلنا بأنه واجب مضيّق عيناً لم يقدح تركه في صحّة الصلاة ، لأنه إخلال بواجب لم تثبت مشروطية **** لصلاة به ، انتهى ما ذكره في الذكرى.

__________________

(*) يعني كما أنّ معرفتها واجبة ويكفي التقليد ، وإنّما يجب الاجتهاد فيها كفاية إجماعاً لانتفاء الحرج والعسر (منه قدس‌سره).

(**) للاكتفاء بصلاة المسلمين إلى جهة وبناء قبورهم ومحاريبهم (منه قدس‌سره).

(***) ولا فرق في ذلك بين أن يفرط في التأخير أو لا للأصل ، إلّا أن يظهر إذا قلّد الاستدبار ونحوه ، ولا يأتي القضاء عليه مع الإصابة على ما يأتي من بطلان صلاة الأعمى إذا صلّى برأيه لا لأمارة وإن أصاب ، لأنّه خالف الواجب عليه عند الصلاة وهو إنّما يجب عليه التقليد عندها. (منه قدس‌سره).

(****) لحصول العلم بالقبلة بصلاة المسلمين ومساجدهم وقبورهم. (منه قدس‌سره).

٣٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

هذا وقد يقال (١) على قولهم يجب على المتمكّن التعلّم لعدم المشقّة إنّه إنّما يسهل معرفة الجدي مثلاً وإنّ من وقف بحيث حاذى منكبه الأيمن كان مستقبلاً ومعرفة مجرّد ذلك تقليد. وأمّا دليل كونه مستقبلاً إذا حاذى منكبه الأيمن فهو إمّا الإجماع أو الخبر أو البرهان الرياضي فهو كسائر أدلّة سائر الأحكام مع أنّ النصّ إنّما ورد بالجدي على وجهين وهو مخصوص ببعض الآفاق ، ولا إجماع على سائر العلامات وإنّما استنبطت بالبراهين الرياضية. والجواب أنه يكفي في الدليل مشاهدة المسلمين في بلدة متّفقين على الصلاة إلى جهة ، إذ يكفي العامي حينئذٍ أن يريه معلّمه الجدي أو سائر العلامات بحيث يحصل له العلم.

وليعلم أنّ أكثر الأصحاب (٢) على تقديم الاجتهاد وجوباً على الصلاة إلى أربع جهات إذا تمكّن من الاجتهاد والصلاة كذلك ، بل في «كشف اللثام (٣) الظاهر إجماع المسلمين على تقديمه وجوباً على الأربع قولاً وفعلاً وإن فعل الأربع حينئذٍ كان بدعة. واستظهر الشهيد في «الذكرى (٤)» من «التهذيب والخلاف» أنّ الاجتهاد لا يكون إلّا إذا لم تتيسّر الصلاة إلى أربع جهات. قلت : حمل الشيخ (٥) في «التهذيبين» أخبار الاجتهاد على ما إذا لم تتيسّر الصلاة لأربع جهات لمانع. وظاهر المحدّث الكاشاني والاستاذ دام ظلّه أو صريحهما التخيير بين الأمرين. ويأتي نقل عبارتيهما كما يأتي تأويل كلام الشيخ ، لأنه لا يقول به على الظاهر أحد ، لأنه لو وجب تقديم الأربع على الاجتهاد لوجب على عامّة الناس ، وذلك لأنّ غير المشاهد للكعبة ومَن بحكمه ليس إلّا مجتهداً أو مقلّداً. فلو تقدّمت الأربع

__________________

(١) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٦٨.

(٢) منهم : الصيمري في كشف الالتباس : في القبلة ص ٨٩ س ١٧ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣) والمحقّق في الشرائع : كتاب الصلاة في المستقبل ج ١ ص ٦٦.

(٣) كشف اللثام : في المستقبل ج ٣ ص ١٦٢.

(٤) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٧١.

(٥) تهذيب الأحكام : باب ٥ في القبلة ذيل ح ١٤٨ ج ٢ ص ٤٦ والاستبصار : أبواب القبلة ذيل ح ١٠٨٩ ج ١ ص ٢٩٥ ٢٩٦.

٣٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

على الاجتهاد لوجبت على عامّة الناس وهم غيرهما ، ولا قائل به قطعاً ، وأقصى ما هناك خبر خراش عن أبي عبد الله عليه‌السلام «قال : قلت له : جعلت فداك إنّ هؤلاء المخالفين علينا يقولون إذا أطبقت علينا أو أظلمت فلم نعرف السماء كنّا وأنتم سواء في الاجتهاد. فقال : ليس كما يقولون إذا كان ذلك فليصلّ لأربع وجوه (١)» ويمكن تأويله بأنّ المراد بالاجتهاد فيه التحرّي لا لمرجح بقرينة إطباق السماء. وحمل الشيخ صحيح زرارة (٢) ومضمر سماعة (٣) محمول على ذلك.

وفي «حاشية الاستاذ (٤)» أيّده الله تعالى : المراد بقوله «كنّا وأنتم سواء في الاجتهاد» أنّا وأنتم سواء في مسألة الاجتهاد وحكمه ، وهو أنه إذا تأتي الظنّ عمل به وإلّا سقط اعتبار القبلة ، لأنّ أدنى ما يتحقّق به اعتبارها هو الظنّ ، على أنّا نقول الظاهر من الآثار والأخبار أنّ الاجتهاد كان اصطلاحاً في العمل بالرأي من دون استناد إلى النصّ ، بل بمجرّد الرأي والاستحسان ولذا صرّح بحرمته من صرّح من قدمائنا مثل السيّد المرتضى فلاحظ كلامهم حتّى تظهر ما ذكرناه لك ، فحرمة ذلك كان من شعار الشيعة وضروريّات مذهبهم كما يظهر ذلك من الخبر أيضاً. فحاصل اعتراض المخالف أنكم تنكرون علينا الاجتهاد وفي هذه الصورة توافقونا. وحاصل الجواب أنه يجب تحصيل العلم وعدم الاكتفاء بالاجتهاد وبالصلاة إلى أربع وجوه يحصل العلم إلّا أن يرد نصّ من الشارع بعدم لزوم تحصيل العلم والاكتفاء بالتحرّي. فإذا أطبقت السماء تجب الصلاة إلى أربع وجوه مطلقاً إلّا أن ينصّ الشارع على عدم الوجوب. فإذا نصّ فليس هناك اجتهاد. والحاصل : أنّ مقتضى قاعدتنا وجوب الصلاة لأربع وجوه ولا تنخرم هذه القاعدة لو فرض

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ٨ من أبواب القبلة ح ٥ ج ٣ ص ٢٢٦.

(٢) تهذيب الأحكام : ب ٥ في القبلة ح ١٤٦ ج ٢ ص ٤٥ ، الاستبصار : أبواب القبلة ح ١٠٨٧ ج ١ ص ٢٩٥ ، وسائل الشيعة : ب ٦ من أبواب القبلة ح ١ ج ٣ ص ٢٢٣.

(٣) تهذيب الأحكام : ب ٥ في القبلة ح ١٤٧ ج ٢ ص ٤٦ ، الاستبصار : أبواب القبلة ح ١٠٨٨ ج ١ ص ٢٩٥ ، وسائل الشيعة : ب ٦ من أبواب القبلة ح ٢ ج ٣ ص ٢٢٣.

(٤) حاشية المدارك : في القبلة ص ٩٣ س ٢٢ (مخطوط في المكتبة الرضوية برقم ١٤٧٩٩).

٣٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

صدور نصّ من الشارع بالتحرّي في صورة خاصّة ، فتأمّل. مع أنّ الوارد في الأخبار أنّ التحرّي يجزي لا أنه يجب بحيث لو صلّى لأربع وجوه وحصل الغيم فعل حراماً ، ففي الصورة الخاصّة أيضاً مجرّد الإجزاء والاجتهاد عندهم حجّة مثل اليقين ، ولمّا كان النصّ بالإجزاء إنّما صدر منهم صلّى الله عليهم فلعلّه رأى المصلحة في تركه والتصريح بما ذكر في الجواب لأنه في صدد الجواب عن اعتراض العامة. ولعلّ وجه المصلحة أنهم صلّى الله عليهم ما كان يعجبهم إظهار أنهم شرع وأنّ نصّهم نصّ الشارع عند أمثال هؤلاء العامّة. ثمّ إنّه دام ظلّه استشعر بأنّ الرواية احتجّوا بها للمشهور من وجوب الصلاة إلى الأربع عند فقد العلم والظنّ إن كان الوقت واسعاً فقال : فإن قلت : الرواية قد خرجت عن الحجّية لأنّ المأمور به فيها لا قائل به ومحلّ النزاع لم يأمر به ، قلت : إطباق السماء أعمّ من التمكّن من الاجتهاد وعدمه. وقوله «سواء في الاجتهاد» يعني إذا تمكّنا فقوله عليه‌السلام «إذا كان ذلك فليصلّ إلى أربع وجوه» يعني إذا كان مطلق الإطباق لا بشرط الاجتهاد إذ يصير حينئذٍ فيه حزازة ، لأنّ المعنى أنه تجب الصلاة إلى جهة بشرط الظنّ بعدم كونها قبلة لو لم يظنّ بكونها قبلة أو بشرط التمكّن من الظنّ بعدم كونها قبلة ، وفيه ما فيه ، لأنّه مع الظنّ بالعدم لو كان واجباً فمع الاحتمال بطريق أولى فكيف وأن لا يكون مساوياً ، انتهى فتأمّل وعبارته غير نقيّة من الغلط.

وقال في «الوافي» : في هذا الاعتراض من المخالفين دلالة واضحة على عدم جواز الاجتهاد عند الإمامية ، وجوابه أنّ هذا ليس اجتهاداً في الحكم الشرعي وإنّما هو اجتهاد فيما يتبع الحكم الشرعي وهو جائز عند الجميع ، إلّا أنّ الإمام عليه‌السلام عدل عن هذا الجواب إلى جواب آخر لمصلحة رآها وإرشاداً لأصحابه إلى المجادلة بالّتي هي أحسن ، فقال : أنّا لا نضطرّ قطّ إلى الاجتهاد في أمر ، لأنّ لنا أن نأخذ بالاحتياط في كلّ ما اشتبه حكمه وإن جاز لنا الاجتهاد فيه إذا لم يكن حكماً شرعياً. قال : وبهذا يحصل التوفيق بين الأخبار في هذا المقام (١)

__________________

(١) الوافي : في القبلة ج ٧ ص ٥٥٠ ذيل ح ٦٥٦٩.

٣٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال في «الذكرى» : هذه الرواية معتضدة بالعمل من عظماء الأصحاب وبالبعد من قول العامّة ، إلّا أنه يلزم من العمل بها سقوط الاجتهاد بالكلّية في القبلة ، لأنها مصرّحة به والأصحاب مفتون بالاجتهاد. ويمكن أن يكون الاجتهاد الّذي صار إليه الأصحاب هو ما أفاد القطع بالجهة في نحو مطلع الشمس ومغربها ودلالة الكوكب دون الاجتهاد المفيد للظنّ كالرياح أو ظنّ بعض الكواكب ، الكوكب الّذي هو العلامة مع عدم القطع به (١).

قلت : هذا الاحتمال كاد يكون صريح «الوسيلة (٢)» وظاهر «الشيخين (٣)» وقد احتمله في «كشف اللثام» قال بعد أن ذكر الاحتمال الّذي ذكرناه أوّلاً : ويحتمل أن يكون الاجتهاد الجائز ما استند إلى رؤية الجدي أو المشرق أو المغرب أو العلم بها للنصّ عليها ، فإذا فقد العلم بها تعيّنت الصلاة أربعاً مع الإمكان ولم يجز الاجتهاد بوجه آخر. قال : ولعلّه ظاهر قول الشيخين في المقنعة والنهاية والمبسوط والجُمل والاقتصاد والمصباح بعد ذكرهما الأمارة السماوية : من فقدها صلّى أربعاً. ونحوهما ابن سعيد. وأظهر فيه منه قول ابن حمزة : إنّ فاقد الأمارات يصلّي أربعاً مع الاختيار ، ومع الضرورة يصلّي إلى جهة تغلب على ظنّه. قال : وأمّا السيّد والحلبيّان وسلّار والقاضي والفاضلان فأطلقوا أنّ الأربع إذا لم تعلم القبلة ولا ظنّت ، وكلام ابن ادريس يحتملهما ، انتهى والأمر كما نقل (٤).

وهل يقلّد العارف الّذي فقد الأمارات أو تعارضت عنده أو يصلّي إلى الأربع؟ قولان ، ذهب إلى الأوّل في موضع من «المبسوط (٥)» حيث قال : ومتى فقد أمارات القبلة أو يكون ممّن لا يحسن ذلك وأخبره عدل مسلم بكون القبلة في جهة بعينها جاز له الرجوع إليه ، انتهى. وقد فهم منه ذلك المحقّق (٦)

__________________

(١) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٨٢.

(٢) الوسيلة : في القبلة ص ٨٦.

(٣) المقنعة : في القبلة ص ٩٦ ، المبسوط : في القبلة ج ١ ص ٧٨.

(٤) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٦٣ ١٦٤.

(٥) المبسوط : في القبلة ج ١ ص ٧٩.

(٦) المعتبر : في القبلة ج ٢ ص ٧١.

٣٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

والمصنّف (١) فنصّا على تجويزه التقليد في المبسوط. وهو خيرة «المختلف (٢) والمنتهى (٣) والبيان (٤) والألفية (٥) والروضة (٦)» وظاهر «الكتاب» فيما يأتي و «الشرائع (٧) واللمعة (٨) والدروس (٩)» وأنكره المحقّق الثاني في «شرح الألفية» وقال : إنّه لم يقل به أحد (١٠). والثاني خيرة «المبسوط» في موضع آخر منه حيث قال : ومتى كان الإنسان عالماً بدليل القبلة غير أنه اشتبه عليه الأمر لم يجز له أن يقلّد غيره في الرجوع إلى أحد الجهات ، لأنه لا دليل له عليه ، بل يصلّي إلى أربع جهات مع الاختيار ومع الضرورة يصلّي إلى أيّ جهة شاء. وإن قلّد في حال الضرورة جازت صلاته ، لأنّ الجهة الّتي قلّد فيها هو مخيّر في الصلاة إليها وإلى غيرها (١١)

__________________

(١ و ٢) مختلف الشيعة : في القبلة ج ٢ ص ٧١ و ٧٢.

(٣) منتهى المطلب : في القبلة ج ٤ ص ١٧٥.

(٤) البيان : في القبلة ص ٥٤.

(٥) الألفية : في القبلة ص ٥٣.

(٦) الروضة البهية : في القبلة ج ١ ص ٥١٧.

(٧) شرائع الإسلام : كتاب الصلاة في المستقبل ج ١ ص ٦٦.

(٨) اللمعة الدمشقية : في القبلة ص ٢٩.

(٩) الدروس الشرعية : في القبلة ج ١ ص ١٥٩ و ١٦٠.

(١٠) عبارة شرح الألفية هنا غير مفيدة للمحكيّ عنه ، فإنّه رحمه‌الله نسب إلى ظاهر المصنّف في الألفية فيمن فقد الأمارات أنّ إفتاءه بالتقليد في المقام خلاف ما في سائر كتبه ولم يتذكّر لقول سائر الأصحاب ، ثمّ قال في الفرع الآخر وهو ما لو جهل الأمارات : أن المصنّف وعامة الأصحاب جوّزوا التقليد ، وأمّا ما حكاه عنه الشارح في المقام من إنكاره ذهاب أحدٍ من القوم إلى جواز التقليد في فاقد الأمارات فلم نعثر عليه في شرحه. فراجع شرح الألفية (رسائل المحقّق الكركي) : ج ٣ ص ٢٤٤. فما نسبه إلى عامّة الأصحاب ليس ما هو فرعُنا وهو ما لو فقد الأمارات ، وما هو فرعنا المذكور لم يتعرّض فيه لفتوى الأصحاب إلّا فتوى الشهيد في كتبه ، ثمّ إنّ غالب ما رأيناه في كتب القوم في الفرع المبحوث عنه إلّا الذكرى هو ذهابهم إلى جواز التقليد كالشهيد في الدروس والبيان واللمعة والألفية ، فلو كان المراد عدم ذهابهم إلى التقليد في المقام فهو خلاف ما في كتبهم ، فتأمّل.

(١١) المبسوط : في القبلة ج ١ ص ٨٠.

٣٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ومن الغريب أنّ المحقّق والمصنّف وجماعة (١) نسبوا القول الأوّل إلى «المبسوط» ولم ينسبوا إليه الثاني وكأنهم لم يلحظوا آخر كلامه ، لأنه ذكر هذا في «المبسوط» بعد ذلك بعشرة أسطر تقريباً أو أنهم فهموا معنى آخر. ونسب المحقّق (٢) القول الثاني إلى «الخلاف» وعبارته ليست صريحة في ذلك ، لأنه قال : الأعمى ومَن لا يعرف أمارات القبلة وجب عليهما أن يصلّيا إلى أربع جهات مع الاختيار ومع الضرورة إلى أيّ جهة شاءا (٣) انتهى. ولعلّ المراد بمن لا يعرف أمارات القبلة الجاهل الصرف ، فتأمّل.

وقد يقال (٤) : لا اختلاف بين عبارات «المبسوط والخلاف» لأنّ العبارة الاولى في «المبسوط» إنّما نطقت بالرجوع إلى خبر الغير لا إلى تقليده ، والعبارة الثانية من «المبسوط» وعبارة «الخلاف» إنّما نطقتا بالمنع من التقليد.

وهو أي الثاني خيرة «التحرير (٥) ونهاية الإحكام (٦) والتذكرة (٧) والذكرى (٨) وجامع المقاصد (٩) والجعفرية (١٠) والعزّية وإرشاد الجعفرية (١١)» وهو ظاهر «الإرشاد (١٢)» والمنقول عن «المهذّب (١٣) والجامع (١٤)» وهو مذهب الأكثر كما في «المسالك (١٥)»

__________________

(١) منهم : الفاضل الهندي في كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٧١ ، والعلّامة في منتهى المطلب : في القبلة ج ٤ ص ١٧٥.

(٢) المعتبر : في القبلة ج ٢ ص ٧١.

(٣) الخلاف : في القبلة ج ١ ص ٣٠٢ مسألة ٤٩.

(٤) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٧١.

(٥) تحرير الأحكام : في القبلة ج ١ ص ٢٩ س ٢ و ٣.

(٦) نهاية الإحكام : في القبلة ج ١ ص ٣٩٧.

(٧) تذكرة الفقهاء : في القبلة ج ٣ ص ٢٨.

(٨) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٧٢.

(٩) جامع المقاصد : في القبلة ج ٢ ص ٧١.

(١٠) الرسالة الجعفرية (رسائل المحقّق الكركي) : في القبلة ج ١ ص ١٠٤.

(١١) المطالب المظفّرية : في القبلة ص ٨٢ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(١٢) إرشاد الاذهان : كتاب الصلاة في الاستقبال ج ١ ص ٢٤٥.

(١٣) المهذّب : في القبلة ج ١ ص ٨٥.

(١٤) الجامع للشرائع : في القبلة ص ٦٣.

(١٥) مسالك الأفهام : في القبلة ج ١ ص ١٥٧.

٣٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وظاهر الأصحاب كما في «جامع المقاصد (١)».

وفي «التذكرة (٢)» العارف بأدلّة القبلة إذا لم يحصل له الظنّ بعد الاجتهاد والوقت متّسع ، فإن كان يرجو حصوله بانكشاف الغيم مثلاً احتمل وجوب التأخير إلى آخر الوقت ثمّ يتخيّر ، وجواز التقديم فيصلّي إلى أربع جهات كلّ فريضة ، ذهب إليه علماؤنا ، انتهى. ولم يرجّح شي‌ء من القولين في «المعتبر (٣) وكشف الالتباس (٤) وروض الجنان (٥)» ويأتي ما له نفع في المقام.

بيان : احتجّ للأوّل في «المختلف» بآية النبأ (٦) وبأنه إن وجب الرجوع إلى قول العدل مع ضيق الوقت وجب مع سعته ، لأنه إذا كان حجّة مع الضيق كان حجّة مع السعة (٧). وقد يقال عليه : إنّ الظنّ حجّة إذا ضاق الوقت عن تحصيل العلم لا في السعة (٨) ، واستدلّ له بعضهم بأنه مع الاشتباه كالعامي فيتعيّن إمّا التقليد أو الصلاة أربعاً ، والرجوع إلى العدل أولى ، لأنّه يفيده الظنّ ، والعمل بالظنّ واجب في الشرعيّات (٩).

واحتجّ بعضهم للثاني بأنّ العمل بالظنّ إنّما يجوز إذا لم يمكن العلم أو أقوى منه وإذا صلّى أربعاً يقلّد في إحداهما العدل تيقّن براءة ذمّته وعلم صلاته إلى القبلة أو ما لا يبلغ يمينها أو يسارها خصوصاً ولا دليل على التقليد وقد قطع الأصحاب بالصلاة إلى الأربع ، وورد بها النصّ. نعم ، عليه الاحتياط في جعل إحدى الأربع إلى الجهة الّتي يخبر بها العدل أو غيره وإن كان صبياً أو كافراً ، وإن ضاق الوقت

__________________

(١) جامع المقاصد : في القبلة ج ٢ ص ٧١.

(٢) تذكرة الفقهاء : في القبلة ج ٣ ص ٢٧ ٢٨.

(٣) المعتبر : في القبلة ج ٢ ص ٧١.

(٤) كشف الالتباس : في القبلة ص ٨٨ س ١٥ ٢٠ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٥) روض الجنان : في القبلة ص ١٩٣ س ٢٣ ٣٠.

(٦) الحجرات : ٦.

(٧) مختلف الشيعة : في القبلة ج ٢ ص ٦٦.

(٨) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٧١.

(٩) منهم : العلّامة في مختلف الشيعة : في القبلة ج ٢ ص ٧١ ٧٢.

٣٧٧

ولو تعارض الاجتهاد وإخبار العارف رجع إلى الاجتهاد ،

______________________________________________________

إلّا عن واحدة لم يصلّ إلّا إلى تلك الجهة احترازاً عن ترجيح المرجوح (١).

واحتجّ عليه في «الذكرى» بأنّ القدرة على أصل الاجتهاد حاصلة والعارض سريع الزوال فلا تقليد (٢). وفيه أنه إنّما يفيد التأخير إلى زوال العارض. وفي «جامع المقاصد» لو رجا حصول العلم بانكشاف الغيم مثلاً وفي الوقت سعة ، ففي وجوب التأخير تردّد. واحتجّ عليه فيها بأنّ الاستقبال واجب وقد أمكن بالأربع والتقليد ممنوع منه بثبوت وصف الاجتهاد وبقول الصادق عليه‌السلام في مرسل خراش (٣).

[في تعارض الاجتهاد وإخبار العارف]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو تعارض الاجتهاد وإخبار العارف رجع إلى الاجتهاد) هذه العبارة ذات وجهين :

الأوّل : أن يكون المراد أنه إذا تعارض اجتهاده مع إخبار العارف عن اجتهاد فإنّه يرجع إلى اجتهاد نفسه كما هو ظاهر المصنّفات كما في «كشف الالتباس (٤)» وهو خيرة الشيخ والأتباع كما في «المدارك (٥)» والمشهور كما في «الكفاية (٦)» وهو خيرة «المنتهى (٧) والتحرير (٨) وجامع المقاصد (٩) وفوائد الشرائع (١٠) وحاشية

__________________

(١) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٧٢.

(٢) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٧٢.

(٣) جامع المقاصد : في القبلة ج ٢ ص ٧١ و ٧٢.

(٤) كشف الالتباس : في القبلة ص ٨٩ س ١١ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٥) مدارك الأحكام : في القبلة ج ٣ ص ١٣٣.

(٦) كفاية الأحكام : في القبلة ص ١٥ س ٣٨.

(٧) منتهى المطلب : في القبلة ج ٤ ص ١٧٨.

(٨) تحرير الأحكام : في القبلة ص ٢٩ س ١٣.

(٩) جامع المقاصد : في القبلة ج ٢ ص ٦٩ ٧٠.

(١٠) فوائد الشرائع : في القبلة ص ٣٠ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

٣٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الميسي والمسالك (١)» حيث صرّح فيها بخصوص ما نحن فيه. وقد سمعت عبارة «نهاية الإحكام (٢)». وفي «التلخيص (٣) والدروس (٤) والذكرى (٥) والبيان (٦) والموجز الحاوي (٧) والكفاية (٨) والمدارك (٩)» أنه يرجع إلى أقوى الظنّين. وهو خيرة «الشرائع» على ما فهم منها الصيمري في «غاية المرام (١٠)» وغيره (١١). وفي «كشف اللثام» وأمّا إذا أخبر عن صلاة عامّة العلماء أو أخبر عن اجتهاد نفسه أو غيره وكان أعلم بطريق الاجتهاد والبراهين ففي تعويله عليه نظر (١٢).

الثاني : أنه إذا تعارض اجتهاده مع إخبار العارف لا عن اجتهاد بل عن محراب معصوم أو صلاته أو محسوس أو نحو ذلك فانّه يرجع إلى اجتهاده كما هو ظاهر المصنّفات أيضاً كما في «كشف الالتباس (١٣)» وبه صرّح في «جامع المقاصد (١٤) والمسالك (١٥)» قال في «جامع المقاصد» : وقيل بالاكتفاء بشهادة العدل المخبر عن يقين في ذلك وفي الوقت. وهو ضعيف ، لأنه مخاطب بالاجتهاد فيهما ولم يثبت الاكتفاء بذلك ، أمّا الشاهدان وهما المخبران عن يقين فيلوح من عبارة

__________________

(١) مسالك الأفهام : في القبلة ج ١ ص ١٥٦.

(٢) تقدّم في ص ١١١ هامش ٢٠.

(٣) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية) : في القبلة ج ٢٧ ص ٥٥٨.

(٤) الدروس الشرعية : كتاب الصلاة في القبلة ج ١ ص ١٦٠.

(٥) ذكرى الشيعة : في القبلة ج ٣ ص ١٧١.

(٦) البيان : في القبلة ص ٥٤.

(٧) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في القبلة ص ٦٦.

(٨) كفاية الأحكام : في القبلة ص ١٥ س ٣٨.

(٩) مدارك الأحكام : في القبلة ج ٣ ص ١٣٣.

(١٠) غاية المرام : في القبلة ص ١١ س ١٨ (من كتب مكتبة گوهرشاد برقم ٥٨).

(١١) مدارك الأحكام : في القبلة ج ٣ ص ١٣٣.

(١٢) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٦٤.

(١٣) كشف الالتباس : في القبلة ص ٨٩ س ١١ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(١٤) جامع المقاصد : في القبلة ج ٢ ص ٧٠.

(١٥) مسالك الأفهام : في القبلة ج ١ ص ١٥٦.

٣٧٩

والأعمى يقلّد المسلم العارف بأدلّة القبلة ،

______________________________________________________

شيخنا الشهيد في قواعده عدم الخلاف في الرجوع إليهما ، وفيه قوّة ، لأنهما حجّة شرعيّة (١) ، انتهى. وسمعت عبارة «نهاية الإحكام (٢)». وفي «الدروس (٣) والبيان (٤) والموجز الحاوي (٥) وكشف اللثام (٦)» أنه يرجع إلى إخبار الغير. وهو الّذي فهمه الفاضل الهندي من عبارة الشرائع. وقد سمعت فيما مضى عبارة «الذكرى (٧)» واحتجّ عليه في «كشف اللثام» بأنّ التعويل عليه حينئذٍ يكون اجتهاداً رافعاً لاجتهاده الأوّل (٨).

[حكم الأعمى]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (والأعمى يقلّد المسلم العارف بأدلّة القبلة) هذا هو المشهور كما في «روض الجنان (٩) والمقاصد العلية (١٠)» ومذهب الأكثر كما في «رسالة صاحب المعالم (١١) وشرحها». وفي «المبسوط (١٢) والشرائع (١٣) والمهذّب (١٤) والإصباح (١٥)» فيما نقل عنهما أنه يرجع إلى قول الغير وهو وإن كان أعمّ من التقليد إلّا أنّ المراد التقليد كما فهم ذلك من عبارتي «المبسوط والشرائع» جماعة (١٦). فالظاهر انحصار الخلاف صريحاً في

__________________

(١) جامع المقاصد : في القبلة ج ٢ ص ٧٠.

(٢) تقدّم في ص ٣٦٨.

(٣) الدروس الشرعية : في القبلة درس ٣٥ ج ١ ص ١٦٠.

(٤) البيان : في القبلة ص ٥٤.

(٥) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في القبلة ص ٦٦.

(٦ و ٨) كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٦٤.

(٧) تقدّم في ص ٣٦٩ ٣٧٠.

(٩) روض الجنان : في القبلة ص ١٩٥ س ١٠.

(١٠) المقاصد العليّة : في القبلة ص ٩٥ س ١٢ (مخطوط في المكتبة الرضوية برقم ٨٩٣٧).

(١١) الاثنا عشرية : في الاستقبال ص ٦١ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٥١١٢).

(١٢) المبسوط : في القبلة ج ١ ص ٧٩.

(١٣) شرائع الإسلام : في القبلة ج ١ ص ٦٦.

(١٤) المهذّب : في القبلة ج ١ ص ٨٧.

(١٥) إصباح الشيعة : في القبلة ص ٦٢.

(١٦) منهم : الفاضل الهندي في كشف اللثام : في القبلة ج ٣ ص ١٦٥ ، والشهيد الثاني في

٣٨٠