مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٥

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٥

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٨

ولا صلاة الليل إلّا للشابّ والمسافر ،

______________________________________________________

فيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.

[في جواز تقديم صلاة الليل للشابّ والمسافر]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولا صلاة الليل إلّا للشابّ والمسافر) كما في «المقنعة (١) والنهاية (٢) والنافع (٣) والشرائع (٤) ونهاية الإحكام (٥) وإرشاد الجعفرية (٦) والعزّية والكفاية (٧)». وفي الأخير أنه الأشهر (٨). وفي «المدارك (٩)» أنه مذهب الأكثر. وفي «المبسوط (١٠) والذكرى (١١) والبيان (١٢) واللمعة (١٣) وجامع المقاصد (١٤) وفوائد الشرائع (١٥) وحاشية الإرشاد (١٦) وحاشية الميسي والروض (١٧)

__________________

(١) المقنعة : في أحكام الصلاة ص ١٤٢.

(٢) النهاية : كتاب الصلاة في الأوقات ص ٦١.

(٣) المختصر النافع : كتاب الصلاة في اللواحق ص ٢٢.

(٤) شرائع الإسلام : في وقت النوافل اليومية ج ١ ص ٦٢.

(٥) نهاية الإحكام : كتاب الصلاة في الأوقات ج ١ ص ٣٢٩ ٣٣٠.

(٦) المطالب المظفّرية : في الوقت ص ٦٥ س ١١ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(٧) كفاية الأحكام : كتاب الصلاة في الأوقات ص ١٥ س ٢٣ و ٢٤.

(٨) كفاية الأحكام : كتاب الصلاة في الأوقات ص ١٥ س ٢٣ و ٢٤.

(٩) مدارك الأحكام : في مواقيت الصلاة ج ٣ ص ٧٨.

(١٠) المبسوط : في أوقات الصلاة ج ١ ص ٧٦.

(١١) ذكرى الشيعة : مواقيت الرواتب ج ٢ ص ٣٧٠.

(١٢) البيان : في أوقات الصلاة ص ٥١.

(١٣) اللمعة الدمشقية : كتاب الصلاة في شروطها ص ٢٨.

(١٤) جامع المقاصد : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٤٢.

(١٥) فوائد الشرائع : كتاب الصلاة في المواقيت ص ٢٧ س ١٢ ١٦ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(١٦) حاشية الإرشاد : في الوقت ص ٢٠ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٩).

(١٧) روض الجنان : كتاب الصلاة في الأوقات ص ١٨٢ س ١٩.

٢٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

والروضة (١) والمسالك (٢) ومجمع البرهان (٣) ورسالة صاحب المعالم (٤) وشرحها (٥)» جوازه لكلّ معذور. وفي «الذكرى (٦) وجامع المقاصد (٧)» أنه المشهور. ونسبه في «الدروس (٨)» إلى الرواية ، وقصر الحسن الحكم على المسافر كما نقل (٩) عنه.

وفي «الخلاف (١٠)» الإجماع على أنه يجوز أن يوتر أوّل الليل في السفر مع خوف الفوت وترك القضاء.

ولم يجز العجلي (١١) التقديم مطلقاً. وهو المحكي عن زرارة بن أعين (١٢). وهو خيرة «التذكرة (١٣)» وكذا «المنتهى (١٤) والمختلف (١٥)» إذا تمكّن من القضاء ، لأنّ ذلك ليس وقتاً لها. قال في «المنتهى (١٦)» إلّا أنّا صرنا إلى التقديم في مواضع تعذّر القضاء محافظة على فعل السنن فيسقط في غيرها.

والمراد بصلاة الليل الإحدى عشرة كما صرّح الشهيد الثاني (١٧) وشيخه (١٨)

__________________

(١) الروضة البهية : في أوقات الصلاة ج ١ ص ٤٩٦.

(٢) مسالك الأفهام : في أوقات الصلاة ج ١ ص ١٤٤.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٣٤.

(٤) رسالة الاثنا عشرية : في الوقت ص ٥ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٥) الأنوار القمرية : في الوقت (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٤٩٧٨).

(٦) ذكرى الشيعة : مواقيت الرواتب ج ٢ ص ٣٧٠.

(٧) جامع المقاصد : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٤٣.

(٨) الدروس الشرعية : كتاب الصلاة في تحديد وقت النافلة درس ٢٦ ج ١ ص ١٤١.

(٩) نقله عنه العلّامة في مختلف الشيعة : كتاب الصلاة في الأوقات ج ٢ ص ٥١.

(١٠) الخلاف : كتاب الصلاة مسألة ٢٧٥ ج ١ ص ٥٣٧.

(١١) السرائر : في أوقات الصلاة ج ١ ص ٢٠٣.

(١٢) حكاه عنه الشهيد الأوّل في ذكرى الشيعة : في مواقيت الصلاة ص ١٢٥ س ١٩.

(١٣) تذكرة الفقهاء : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٣٨٤.

(١٤) منتهى المطلب : كتاب الصلاة في أحكام المواقيت ج ٤ ص ١٢٩.

(١٥) مختلف الشيعة : كتاب الصلاة في الأوقات ج ٢ ص ٥٢.

(١٦) منتهى المطلب : كتاب الصلاة في أحكام المواقيت ج ٤ ص ١٣١.

(١٧) مسالك الأفهام : في أوقات الصلاة ج ١ ص ١٤٤.

(١٨) لا يوجد لدينا كتابه.

٢٢٢

وقضاؤها لهما أفضل.

______________________________________________________

ويقصد بنيّته التعجيل ولو نوى الأداء صحّ. وأوّل وقته بعد صلاة العشاء كما صرّح بذلك في «المقنعة (١) والمسالك (٢)» لكن روى علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام أن «لا صلاة حتّى يذهب الثلث الأوّل من الليل (٣)».

بيان : خبر سماعة (٤) ونحوه (٥) مطلق في جواز التقديم وخبر معاوية بن وهب (٦) خصّ فيه جواز التقديم بمن يضيع القضاء والخبر الآخر لمعاوية بن وهب (٧) وخبر مرازم (٨) وخبري زرارة (٩) ومحمّد (١٠) تدلّ على المنع وعدم الجواز وخبر يعقوب الأحمر يدلّ على جوازه للشابّ (١١). وأمّا الدالّ على جوازه للمسافر فأخبار كثيرة ، منها ما رواه في «الذكرى (١٢)» من كتاب محمّد بن أبي قرّة من أنّ «فضل صلاة المسافر أوّل الليل كفضل صلاة المقيم في الحضر من آخر الليل».

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وقضاؤها لهما أفضل) ولأشباههما إجماعاً كما في «كشف اللثام (١٣)» وظاهر «المدارك (١٤) والمفاتيح (١٥)» وهو المشهور

__________________

(١) المقنعة : كتاب الصلاة في الوقت ص ١٤٢.

(٢) مسالك الأفهام : في أوقات الصلاة ج ١ ص ١٤٤.

(٣) وسائل الشيعة : ب ٤٥ من أبواب المواقيت ح ٨ ج ٣ ص ١٨٦.

(٤ و ٥) وسائل الشيعة : ب ٤٤ من أبواب المواقيت ح ٩ وذيله ج ٣ ص ١٨٣.

(٦) وسائل الشيعة : ب ٤٥ من أبواب المواقيت ح ٢ ج ٣ ص ١٨٥.

(٧) وسائل الشيعة : ب ٤٥ من أبواب المواقيت ح ١ ج ٣ ص ١٨٥.

(٨) وسائل الشيعة : ب ٤٥ من أبواب المواقيت ح ٦ ج ٣ ص ١٨٦.

(٩) وسائل الشيعة : ب ٤٣ من أبواب المواقيت ح ١ ج ٣ ص ١٨٠.

(١٠) وسائل الشيعة : ب ٤٣ من أبواب المواقيت ح ٤ ج ٣ ص ١٨٠.

(١١) وسائل الشيعة : ب ٤٤ من أبواب المواقيت ح ١٧ ج ٣ ص ١٨٤.

(١٢) ذكرى الشيعة : مواقيت الرواتب ج ٢ ص ٣٧١.

(١٣) كشف اللثام : في أوقات الصلاة ج ٣ ص ١١٧.

(١٤) مدارك الأحكام : في مواقيت الصلاة ج ٣ ص ٧٨ ٨٠.

(١٥) مفاتيح الشرائع : في وقت النوافل اليومية ج ١ ص ٩٣.

٢٢٣

الثالث : لو عجز عن تحصيل الوقت علماً أو ظنّاً صلّى بالاجتهاد ،

______________________________________________________

كما في «الذكرى (١) وإرشاد الجعفرية (٢)».

بيان : يدلّ عليه خبر عمر بن حنظلة (٣) وصحيح مسلم (٤) وخبر الحميري في «قرب الإسناد (٥)» وقد يستدلّ بكون القضاء أفضل على جواز التقديم إلّا أنه لا نصوصية في ذلك.

[في التعويل على الاجتهاد مع عدم العلم بالوقت]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (لو عجز عن تحصيل الوقت علماً أو ظنّاً صلّى بالاجتهاد) المراد بالظنّ ما حصل بأمارة كورد وصنعة من غير تجشّم مشقّة الكسب والاجتهاد هو استفراغ الوسع في تحصيل ظنّ دخول الوقت بأمارة ، فالحاصل به ظنّ مع مشقة الكسب ، كذا في «جامع المقاصد (٦)» وحاصله : أنّ الظنّ الحاصل بالاجتهاد ظنّ ضعيف لا يمكنه سواه وليس هو شكّاً ولا وهماً ، فقد رجعت هذه المسألة حينئذٍ إلى قوله فيما مضى : وإن ظنّ ولا طريق له إلى العلم صلّى. وتنطبق عليها الإجماعات السالفة ويجري فيها الخلاف المتقدّم.

وقد صرّح بالرجوع إلى الاجتهاد المصنّف في جملة من كتبه (٧) والمحقّق

__________________

(١) ذكرى الشيعة : مواقيت الرواتب ج ٢ ص ٣٧٠.

(٢) المطالب المظفّرية : في الوقت ص ٦٥ س ١٥ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(٣) وسائل الشيعة : ب ٤٥ من أبواب المواقيت ح ٣ ج ٣ ص ١٨٥.

(٤) وسائل الشيعة : ب ٤٥ من أبواب المواقيت ح ٥ ج ٣ ص ١٨٥.

(٥) قرب الإسناد : ص ٩١.

(٦) جامع المقاصد : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٤٣.

(٧) منتهى المطلب : كتاب الصلاة في أحكام المواقيت ج ٤ ص ١٣٣ ، تحرير الأحكام : في مواقيت الصلاة ج ١ ص ٢٨ س ٧ ، تذكرة الفقهاء : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٣٨١ ، نهاية الإحكام : كتاب الصلاة في الأوقات ج ١ ص ٣٢٨.

٢٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

في «الشرائع (١)» والشهيد في «الذكرى (٢) والبيان (٣)» والمحقق الثاني (٤) وأبو العبّاس (٥) والصيمري (٦) والميسي والشهيد الثاني (٧) وغيرهم (٨) لكن كثيراً منهم يمثلون له بالاعتماد على ا لأمارات الحاصلة من الأوراد والصناعات ونحوها ، فليتأمّل في ذلك.

وفي «الذكرى (٩)» لا يعتدّ باجتهاد غيره. ولو قدّر رجحان اجتهاد غيره في نفسه على اجتهاد نفسه أمكن العدول إلى الغير ، لامتناع العمل بالمرجوح مع وجود الراجح. ويمكن التربّص ليصير ظنّه أقوى من قول الغير وهو قويّ بخلاف القبلة ، فإنّ التربّص فيها غير موثوق فيه باستفادة الظنّ فيرجّح هناك ظنّ رجحان غيره ، بل يمكن وجوب التأخير للمشتبه عليه الوقت مطلقاً حتّى يتيقّن الدخول ولا يكفيه الاجتهاد ولا التقليد ، لأنّ اليقين أقوى وهو ممكن. أمّا لو كان الصبر لا يحصل منه اليقين فلا إشكال في جواز الاجتهاد والتقليد لأنه معرض بالتربّص إلى خروج الوقت ، والوجه عدم التربّص مطلقاً ، لأنّ مبنى شروط العبادات وأفعالها على الظنّ في الأكثر والبقاء غير موثوق به ، انتهى كلامه رضي الله تعالى عنه. وفي «الفقيه» قال أبو جعفر عليه‌السلام : «لأن اصلّي بعد ما مضى الوقت أحبّ إليَّ من أن اصلّي وأنا في شكّ من الوقت وقبل الوقت (١٠)» وقال الصادق عليه‌السلام في خبر عمر بن يزيد : «ليس لأحد أن يصلّي صلاة إلّا لوقتها (١١)».

__________________

(١) شرائع الإسلام : في وقت النوافل اليومية ج ١ ص ٦٣.

(٢) ذكرى الشيعة : أحكام الرواتب ج ٢ ص ٣٩٤.

(٣) البيان : في أوقات الصلاة ص ٥١.

(٤) جامع المقاصد : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٤٣.

(٥) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : كتاب الصلاة في الوقت ص ٦٥.

(٦) كشف الالتباس : كتاب الصلاة في الوقت ص ٨٤ س ١٤ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٧) مسالك الأفهام : في أوقات الصلاة ج ١ ص ١٤٧.

(٨) مجمع الفائدة والبرهان : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٥٢.

(٩) ذكرى الشيعة : أحكام الرواتب ج ٢ ص ٣٩٤.

(١٠) من لا يحضره الفقيه : باب مواقيت الصلاة ح ٦٧١ ج ١ ص ٢٢٣.

(١١) وسائل الشيعة : ب ١٣ من أبواب المواقيت ح ١ ج ٣ ص ١٢٢.

٢٢٥

فإن طابق فعله الوقت أو تأخّر عنه صحّ وإلّا فلا ، إلّا أن يدخل الوقت قبل فراغه.

الرابع : لو ظنّ أنه صلّى الظهر فاشتغل بالعصر عدل مع الذكر ، وإن ذكر بعد فراغه صحّت العصر وأتى بالظهر أداءً إن كان في الوقت المشترك ، وإلّا صلّاهما معاً.

الخامس : لو حصل حيض أو جنون أو إغماء في جميع الوقت سقط الفرض أداءً وقضاءً ،

______________________________________________________

وفي «التذكرة (١) والمنتهى (٢) والتحرير (٣)» فإن صلّى مع الوهم أو الشكّ لم يجزأ وإن وافق الوقت أو تأخّر عنه لعدم الامتثال.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (فإن طابق فعله الوقت أو تأخّر عنه صحّ وإلّا فلا ، إلّا أن يدخل الوقت قبل فراغه) هذا يعلم حاله ممّا سلف.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (الرابع : لو ظنّ أنه صلّى الظهر فاشتغل بالعصر عدل مع الذكر ، وإن ذكر بعد فراغه صحّت العصر وأتى بالظهر أداءً إن كان في الوقت المشترك ، وإلّا صلّاهما معاً) إلى الظهر ، سواء كان اشتغاله بالعصر في الوقت المختصّ أو المشترك ، وقد تقدّم الكلام في ذلك كما تقدّم الكلام بما لا مزيد عليه في قوله : فإن ذكر بعد فراغه صحّت العصر .. إلى آخره ، في أوّل المطلب الثاني.

[في سقوط الصلاة بالحيض في جميع الوقت]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (لو حصل حيض أو جنون أو إغماء في جميع الوقت سقط الفرض أداءً وقضاءً) أمّا سقوطه كذلك

__________________

(١ و ٢ و ٣) ما في الكتب الثلاثة إنّما هو مضمون ما حكاه عنها في الشرح وليس بعين عبارتها ، فراجع تذكرة الفقهاء : ج ٢ ص ٣٨٠ ومنتهى المطلب : ج ٤ ص ١٣٤ وتحرير الأحكام : ج ١ ص ٢٨ س ٢.

٢٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

بحصول الحيض فإجماعيّ كما في «الخلاف (١)» وغيره «كالعزّية والروض (٢) ومجمع البرهان (٣) والمفاتيح (٤)» مضافاً إلى ما مرَّ في بحث الحيض (٥) بل هو ضروري ، بل وإن درّ بفعلها كما في «نهاية الإحكام (٦) والذكرى (٧) والروض (٨) والمسالك (٩) والروضة (١٠)» وكذا الحال في النفاس. ونقل الإجماع على سقوط الفرض به في المقام في «الروض (١١) وشرح الشيخ نجيب الدين ومجمع البرهان (١٢) والمفاتيح (١٣)» ودعوى الإجماع على ذلك ظاهرة من «الخلاف (١٤)» أو صريحة منه ، بل وإن شربت ما يسقط الولد كما في «نهاية الإحكام (١٥) والذكرى (١٦) والروض (١٧) والروضة (١٨) والمسالك (١٩)» لأنّ سقوط الصلاة عن الحائض والنفساء عزيمة لا رخصة حتّى يغلظ عليهما. وزاد في «كشف اللثام» أنّ إدرار الحيض جائز وأمّا

__________________

(١) الخلاف : كتاب الصلاة مسألة ١٥ ج ١ ص ٢٧٤.

(٢) روض الجنان : كتاب الصلاة في القضاء ص ٣٥٥ س ٢٧.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلاة ج ٣ ص ٢٠٦.

(٤) مفاتيح الشرائع : في مورد لزوم قضاء الفريضة ج ١ ص ١٨٢.

(٥) لقد مرَّ سابقاً في ج ٣ ص ٢٣٤ ٢٨١ الفصل الثاني في الاحكام.

(٦) نهاية الإحكام : كتاب الصلاة في الأوقات ج ١ ص ٣١٩.

(٧) ذكرى الشيعة : مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٣٠.

(٨) روض الجنان : كتاب الصلاة في القضاء ص ٣٥٥ س ٢٨ و ٢٩.

(٩) مسالك الأفهام : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٣٠٠.

(١٠) الروضة البهية : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٧٢٩.

(١١) روض الجنان : كتاب الصلاة في القضاء ص ٣٥٥ س ٢٧.

(١٢) مجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلاة ج ٣ ص ٢٠٦.

(١٣) مفاتيح الشرائع : في مورد لزوم قضاء الفريضة ج ١ ص ١٨٢.

(١٤) الخلاف : كتاب الصلاة مسألة ١٥ ج ١ ص ٢٧٤.

(١٥) نهاية الإحكام : كتاب الصلاة في الأوقات ج ١ ص ٣١٩.

(١٦) ذكرى الشيعة : مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٣٠.

(١٧) روض الجنان : كتاب الصلاة في القضاء ص ٣٥٥ س ٢٨ و ٢٩.

(١٨) الروضة البهية : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٧٢٩.

(١٩) مسالك الافهام : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٣٠٠.

٢٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

النفاس فليس مقصوداً بالجناية وإنّما هو تابع للإسقاط (١). وقال في «الذكرى (٢)» : فإن قلت : إنّه منقوض بالصوم مع أمرهما بتركه ، قلت : الصوم إنّما وجب بأمر جديد ونصّ من خارج على خلاف الأصل ، انتهى وتمام الكلام في مبحث القضاء.

وأمّا سقوطه كذلك بالجنون فعليه الإجماع كما في «الخلاف (٣) والتذكرة (٤) والعزّية وإرشاد الجعفرية (٥) والروض (٦)» بل في «المفاتيح (٧)» أنه ضروري. وفي «كشف اللثام (٨)» أنه مذهب المعظم.

وفي «نهاية الإحكام (٩)» لو وثب لحاجة فزال عقله فلا قضاء ، ولو كان عبثاً فالقضاء ، لكن قيّده في «الذكرى (١٠)» بما إذا ظنّ كون مثله يؤثّر ذلك ولو بقول عارف. وفي «الذكرى (١١)» أيضاً أفتى الأصحاب بأنه لو زال عقل المكلّف بشي‌ء من قبله يجب بذلك عليه القضاء ، لأنه مسبّب عن فعله ، انتهى. وظاهره الإجماع على ذلك ، لكن نقل عن فخر الإسلام في «شرح الإرشاد (١٢)» أنه إذا علم أنّ هذا الغذاء يورث الجنون كان أكله حراماً لكن لا يجب عليه قضاء ما فاته ، ونقض عليه بشرب المسكر فإنّ السكر جنون والجنون أقوى أفراد السكر. وقد استوفينا الكلام في المجنون بما لا مزيد عليه في كتاب القضاء ونقلنا عليه إجماعات اخر (١٣).

__________________

(١) كشف اللثام : في أوقات الصلاة ج ٣ ص ١٢٢.

(٢ و ١٠) ذكرى الشيعة : مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٣٠.

(٣) الخلاف : كتاب الصلاة مسألة ١٥ ج ١ ص ٢٧٤.

(٤) تذكرة الفقهاء : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٣٢٨.

(٥) المطالب المظفّرية : كتاب الصلاة في القضاء ص ١٣٥ س ١٩ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(٦) روض الجنان : كتاب الصلاة في القضاء ص ٣٥٥ س ١٩.

(٧) مفاتيح الشرائع : في مورد لزوم قضاء الفريضة ج ١ ص ١٨٢.

(٨) كشف اللثام : في أوقات الصلاة ج ٣ ص ١٢٢.

(٩) نهاية الإحكام : كتاب الصلاة في الأوقات ج ١ ص ٣١٩.

(١١) ذكرى الشيعة : مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٢٩.

(١٢) نقله عنه الفاضل الهندي في كشف اللثام : في أوقات الصلاة ج ٣ ص ١٢٢.

(١٣) وسيأتي بحثه في أول الفصل الثاني من المطلب الرابع في التوابع فإنّ المصنّف رحمه‌الله لم يراع الترتيب المعمول بين أكثر الفقهاء في تأليف الفقه.

٢٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وأمّا سقوطه كذلك بالإغماء فعليه الإجماع في «الغنية (١)» وظاهر «الخلاف (٢)» أو صريحه. وهو المشهور كما في «الذكرى (٣) والروض (٤) وغاية المرام (٥) ومجمع البرهان (٦)» ومذهب المعظم في «كشف اللثام (٧)» والأشهر كما في «الروضة (٨)» ومذهب الأكثر كما في «شرح الشيخ نجيب الدين والمفاتيح (٩)» وبه صرّح في «المبسوط (١٠) والنهاية (١١) وجمل العلم (١٢) والمراسم (١٣) والسرائر (١٤) والشرائع (١٥) والمعتبر (١٦) والنافع (١٧) وكتب المصنّف (١٨) وكتب

__________________

(١) غنية النزوع : كتاب الصلاة في القضاء ص ٩٩.

(٢) الخلاف : كتاب الصلاة مسألة ١٥ ج ١ ص ٢٧٤.

(٣) ذكرى الشيعة : مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٢٥.

(٤) روض الجنان : كتاب الصلاة في القضاء ص ٣٥٥ س ٢٢.

(٥) غاية المرام : في قضاء الصلاة ص ٢٠ س ١١ (من كتب مكتبة گوهر شاد).

(٦) مجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلاة ج ٣ ص ٢٠٧.

(٧) كشف اللثام : في أوقات الصلاة ج ٣ ص ١٢٢.

(٨) الروضة البهية : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٧٢٩.

(٩) مفاتيح الشرائع : في موارد لزوم قضاء الفريضة ج ١ ص ١٨٢.

(١٠) المبسوط : في حكم قضاء الصلاة ج ١ ص ١٢٥.

(١١) النهاية : كتاب الصلاة في القضاء ص ١٢٧.

(١٢) جُمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) المجموعة الثالثة : في أحكام قضاء الصلاة ص ٣٨.

(١٣) المراسم : ما يلزم المفرط في الصلاة ص ٩٢.

(١٤) السرائر : في أحكام قضاء الصلاة ج ١ ص ٢٧٦.

(١٥) شرائع الإسلام : في قضاء الصلاة ج ١ ص ١٢٠.

(١٦) المعتبر : كتاب الصلاة في قضاء الفوائت ج ٢ ص ٤٠٤.

(١٧) المختصر النافع : كتاب الصلاة في القضاء ص ٤٦.

(١٨) تبصرة المتعلّمين : كتاب الصلاة ص ٣٧ ، منتهى المطلب : كتاب الصلاة في الأحكام ج ٤ ص ١١٣ ١١٤ ، تحرير الأحكام : كتاب الصلاة في قضاء الفوائت ج ١ ص ٥٠ س ٣٠ ، نهاية الإحكام : كتاب الصلاة في الأوقات ج ١ ص ٣١٩ ، تذكرة الفقهاء : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٣٢٩ ، إرشاد الأذهان : كتاب الصلاة في القضاء ج ١ ص ٢٧٠.

٢٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الشهيدين (١) والمحقّق الثاني (٢) والموجز (٣) وشرحه (٤) وحاشية الميسي وشرحي الجعفرية (٥) ومجمع البرهان (٦) والكفاية (٧)» وغيرها (٨). وهو خيرة «الفقيه (٩)» حيث حمل الروايات الدالّة على القضاء على الندب كالشيخ (١٠) وجماعة من الأصحاب (١١) وقد استوفينا الكلام فيه في مبحث القضاء.

وفي «الذكرى (١٢) عن المقنع» أنّ فيه : واعلم أنّ المغمى عليه يقضي جميع ما فاته من الصلوات. وروي : أنه ليس عليه أن يقضي إلّا صلاة اليوم الّذي أفاق فيه أو الليلة الّتي أفاق فيها (١٣). وروي : أنه يقضي صلاة ثلاثة أيّام (١٤). وروي : أنه يقضي ما أفاق في وقتها (١٥) وقال في «الذكرى (١٦)» أيضاً : إنّ الجعفي رحمه‌الله

__________________

(١) ذكرى الشيعة : مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٢٥ ، البيان : في أوقات الصلاة ص ٥١ ، الدروس الشرعية : في صلاة القضاء درس ٢٨ ج ١ ص ١٤٥ ، الروضة البهية : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٧٣٩ ، روض الجنان : كتاب الصلاة في القضاء ص ٣٥٥ س ١٧ ، مسالك الأفهام : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٣٠١.

(٢) جامع المقاصد : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٤٥.

(٣) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : كتاب الصلاة في أحكام القضاء ص ١٠٩.

(٤) كشف الالتباس : كتاب الصلاة في أحكام القضاء ص ١٧٠ س ١ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٥) المطالب المظفّرية : كتاب الصلاة في القضاء ص ١٣٥ س ١ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٦٦). والشرح الآخر لا يوجد لدينا.

(٦) مجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلاة ج ٣ ص ٢٠٧.

(٧) كفاية الأحكام : في أحكام الصلاة ص ٢٧ س ٣٥.

(٨) الجامع للشرائع : كتاب الصلاة في قضاء الفوائت ص ٨٧.

(٩) من لا يحضره الفقيه : باب المريض والمغمى عليه .. ذيل ح ١٠٤٠ ١٠٤٢ ج ١ ص ٣٦٣.

(١٠) تهذيب الأحكام : ب ٣٠ في صلاة المضطرّ ذيل ح ٩٣٩ ج ٣ ص ٣٠٥.

(١١) كالمهذّب : في قضاء الفائت من الصلاة ج ١ ص ١٢٧ ، جامع المقاصد : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٤٥ ، الحدائق الناضرة : كتاب الصلاة في هل يقضي المغمى عليه .. ج ١ ص ٨.

(١٢ و ١٦) ذكرى الشيعة : مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٢٧.

(١٣ و ١٤ و ١٥) وسائل الشيعة : ب ٣ من أبواب قضاء الصلاة ح ١٠ و ١١ و ١٢ ج ٥ ص ٣٥٣.

٢٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

تعالى في «الفاخر» أورد الروايات من الجانبين ولم يجنح إلى شي‌ء منها فكأنه متوقّف. قال : وقال ابن الجنيد : والمغمى عليه أيّاماً من علّة سماويّة غير مدخل على نفسه ما لم يبح إدخاله عليها إذا أفاق في آخر نهار إفاقةً يستطيع معها الصلاة قضى صلاته ذلك اليوم ، وكذا إن أفاق آخر ليل قضى صلاة تلك الليلة ، فإن لم يكن مستطيعاً لذلك كانت إفاقته كإغمائه إذا لم يقدر على الصلاة بحال من الأحوال الّتي ذكرناها في صلاة العليل. فإن كانت إفاقته في وقت لا يصلح له إلّا صلاة واحدة صلّى تلك الصلاة فقط ، انتهى. وظاهره وجوب قضاء صلاة يومه أو ليلته إن وسعها زمان الإفاقة وإلّا فصلاة واحدة إن وسعها. قال في «كشف اللثام» : ويدلّ إلى ما ذهب إليه أبو علي خبر العلاء بن فضيل (١). ثمّ قال : ويجوز أن يكون الخبر وكلام أبي علي بمعنى فعل صلاة يومه الّتي أفاق في وقتها أداءً ، فإن تركها قضاها (٢) انتهى.

وفي «فوائد الشرائع (٣)» بعد أن قال : لا يجب القضاء مع الإغماء إذا استوعب الوقت كالجنون قال : وقال المفيد وغيره بوجوب القضاء انتهى. ولم نجد أحداً نسب إلى المفيد ذلك.

وفي «الذكرى (٤)» أنه إذا تعمّد ما يؤدّي إلى الإغماء وجب عليه القضاء ، وبه أفتى الأصحاب. وظاهره دعوى الإجماع كما قد تظهر دعواه من «الغنية (٥)» ونقل الشيخ نجيب الدين حكاية الإجماع على ذلك. وبه صرّح من المتأخّرين عن الشهيد المحقّق الثاني (٦) وتلميذه الميسي وتلميذه الشهيد الثاني (٧)

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ٣ من أبواب قضاء الصلاة ح ١٩ ج ٥ ص ٣٥٤.

(٢) كشف اللثام : في أوقات الصلاة ج ٣ ص ١٢٤.

(٣) فوائد الشرائع : في قضاء الصلاة ص ٥٤ س ٥ (مخطوط في مكتبة المرعشي رحمه‌الله برقم ٦٥٨٤).

(٤) ذكرى الشيعة : مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٢٩.

(٥) غنية النزوع : كتاب الصلاة في القضاء ص ٩٩.

(٦) جامع المقاصد : في قضاء الصلاة ج ٢ ص ٤٩٤.

(٧) مسالك الافهام : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٣٠١.

٢٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

وأبو العبّاس (١) والصيمري (٢) وغيرهم (٣).

وقال في «الغنية» من أُغمي عليه قبل دخول الوقت لا بسبب أدخله على نفسه بمعصية إذا لم يفق حتّى خرج الوقت لم يجب قضاؤها بدليل الإجماع (٤). وبهذا القيد أعني عدم كون السبب منه مع ذكر المعصية صرّح في «جمل العلم (٥) والسرائر (٦)» وبدون ذكرها صرّح به في «المراسم (٧) والإشارة (٨)» وهو الظاهر من «المبسوط (٩)» وإليه أشار في «التحرير (١٠)». وفي موضع آخر من «المراسم (١١)» التصريح بوجوب القضاء إذا كان الإغماء من قبله. وتمام الكلام في بحث القضاء. وفرّق المتأخّرون (١٢) بينه وبين شرب ما درّ منه الحيض أو يسقط الولد بأنّ سقوط الصلاة عن الحائض والنفساء عزيمة لا رخصة .. إلى آخر ما تقدّم.

وفي «الذكرى (١٣) والمسالك (١٤)» أنه إذا علم أنّ متناوله يغمى عليه في وقت

__________________

(١) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : كتاب الصلاة في أحكام القضاء ص ١٠٩.

(٢) كشف الالتباس : كتاب الصلاة في أحكام القضاء ص ١٧٠ س ٢ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلاة ج ٣ ص ٢٠٧.

(٤) غنية النزوع : كتاب الصلاة في القضاء ص ٥٠٠ ٥٠١ السطر الأخير.

(٥) جُمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) المجموعة الثاثة : كتاب الصلاة في أحكام القضاء ص ٣٨.

(٦) السرائر : في أحكام قضاء الصلاة ج ١ ص ٢٧٦.

(٧) المراسم : في ما يلزم المفرط من الصلاة ص ٩١.

(٨) إشارة السبق : في صلاة الجمعة وشروطها ص ٩٩.

(٩) عبارة المبسوط صريحة في ذلك ، راجع المبسوط ج ١ ص ١٢٨.

(١٠) تحرير الأحكام : كتاب الصلاة في القضاء ج ١ ص ٥٠ س ٣٠.

(١١) المراسم : في ما يلزم المفرط من الصلاة ص ٩٢.

(١٢) منهم الشهيد الأول في ذكرى الشيعة : في أحكام الصلاة ص ١٣٥ س ١٩ و ٢٠ ، والشهيد الثاني في مسالك الأفهام : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٣٠٠ ، والعلّامة في نهاية الإحكام : كتاب الصلاة في الأوقات ج ١ ص ٣١٩.

(١٣) ذكرى الشيعة : مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٢٩.

(١٤) مسالك الأفهام : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٣٠١.

٢٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

فتناوله في غيره ممّا يظنّ أنه لا يغمى عليه فيه لم يعذر لتعرّضه للزوال. ونحوه ما في «نهاية الإحكام (١)».

وعن «شرح الإرشاد (٢)» لفخر الإسلام أنه إذا علم أنّ هذا الغذاء يورث الإغماء كان أكله حراماً ولا يجب عليه القضاء كما مرَّ ، نقل مثل ذلك عنه في الجنون. وإلى ذلك مال المولى الأردبيلي (٣) قال : وتقييده بعدم علمه بكونه موجباً للإغماء فيه تأمّل ، لما فيه من تخصيص النصوص العامّة بغير دليل وهو تصرّف في النصّ بالاجتهاد ، انتهى فتأمّل.

وقال المصنّف في «نهايته (٤)» والشهيدان في «الذكرى (٥) والبيان (٦) والروضة (٧)» والمحقّق الثاني (٨) وغيرهم (٩) : إنّه إذا شرب المسكر غير عالم به أو اكره عليه أو اضطرّ إليه لحاجة لم يجب عليه القضاء وأنّ حكمه حكم الإغماء. ونسبه صاحب «الكفاية» إلى جماعة من الأصحاب ثمّ قال : ودليله غير واضح (١٠). وقد تبع بذلك المولى الأردبيلي حيث نفى وضوح الدليل مستنداً إلى أنه ليس دليل القضاء كونه حراماً ، قال : ولهذا وجب القضاء على النائم والناسي ، بل الظاهر هو الروايات وفوت ما اعتدّ به الشارع من العبادات ، إلّا أن يقال ليس دليله إلّا الإجماع وليس هو إلّا في المحرّم ، فهو محلّ التأمّل ، للعموم في عبارات الأصحاب معلّلاً بالخبر المذكور فإنّه يفيد العموم على الظاهر فتأمّل ، انتهى (١١). ويريد ب «الخبر المذكور»

__________________

(١ و ٤) نهاية الإحكام : كتاب الصلاة في الأوقات ج ١ ص ٣١٩.

(٢) نقله عنه الفاضل الهندي في كشف اللثام : في أوقات الصلاة ج ٣ ص ١٢٢.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلاة ج ٣ ص ٢٠٧.

(٥) ذكرى الشيعة : مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٢٩.

(٦) البيان : في قضاء الصلاة ص ١٥٢.

(٧) الروضة البهية : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٧٢٩.

(٨) فوائد الشرائع : في قضاء الصلاة ص ٥٤ س ٨ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(٩) كصاحب رياض المسائل : كتاب الصلاة في أحكام القضاء ج ٤ ص ٢٧٢.

(١٠) كفاية الأحكام : في أحكام الصلاة ص ٢٧ س ٣٢ و ٣٣.

(١١) مجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلاة ج ٣ ص ٢٠٥.

٢٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ما نقل عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : «من فاتته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته (١)».

وفي «المبسوط (٢) والذكرى (٣) والمسالك (٤)» أنّ النوم الخارج عن العادة جدّاً ملحق بالإغماء. ثمّ إنّ المولى الأردبيلي (٥) جعل القضاء للمغمى عليه مطلقاً أحوط.

بيان : يدلّ على عدم القضاء في المغمى عليه مطلقاً عشرة أخبار (٦) أو أكثر ، وفيها الصحيح الصريح والحسن وغيرهما ممّا اعتضد بالشهرة القريبة من الإجماع ، بل المخالف نادر كما عرفت ، مضافاً إلى الإجماع والمنقول. والأخبار الدالّة على القضاء مطلقاً فيها الصحيح أيضاً كصحيح محمّد (٧) وصحيح عبد الله بن سنان (٨) وصحيح ابن أبي عمير (٩) وصحيح منصور بن حازم (١٠) وفيها غير الصحيح كخبر أبي كهمس (١١) ومرسل إبراهيم بن هاشم (١٢). وقد حملها الصدوق (١٣) في «الفقيه» والشيخ (١٤) وعامّة من تأخّر (١٥) عنه على الاستحباب. فإن قلت : ينافي هذا الحمل قول الصادق عليه‌السلام في خبر ابن أبي عمير : «إنّ أمر الصلاة شديد» قلت : المبالغة في المندوبات كثيرة جدّاً. ويمكن الجمع بطريق آخر بأن يحمل ما دلّ

__________________

(١) عوالي اللآلي : ح ١٤٣ ج ٢ ص ٥٤.

(٢) المبسوط : في حكم قضاء الصلاة ج ١ ص ١٢٦.

(٣) ذكرى الشيعة : مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٢٩.

(٤) مسالك الأفهام : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٣٠٠.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلاة ج ٣ ص ٢٠٩.

(٦) وسائل الشيعة : ب ٣ من أبواب قضاء الصلاة ج ٥ ص ٣٥٢.

(٧ و ٨ و ٩ و ١٠) وسائل الشيعة : ب ٤ من أبواب قضاء الصلاة ح ٢ و ١ و ٤ و ٣ ج ٥ ص ٣٥٦.

(١١) وسائل الشيعة : ب ٤ من أبواب قضاء الصلاة ح ٣ ج ٥ ص ٣٥٧.

(١٢) وسائل الشيعة : ب ٤ من أبواب قضاء الصلاة ح ١٣ ج ٥ ص ٣٥٨.

(١٣) من لا يحضره الفقيه : باب صلاة المريض والمغمى عليه .. ذيل ح ١٠٤٢ ج ١ ص ٣٦٢.

(١٤) تهذيب الأحكام : ب ٣٠ في صلاة المضطرّ ذيل ح ٩٣١ ج ٣ ص ٣٠٤.

(١٥) منهم : المحقّق في المعتبر : كتاب الصلاة في القضاء ج ٢ ص ٤٠٥ ، وابن سعيد الحلّي في الجامع للشرائع : كتاب الصلاة في قضاء الفوائت ص ٨٧ ، والمولى الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلاة ج ٣ ص ٣٠٩.

٢٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

على القضاء على ما إذا كان الإغماء ما وصل إلى ذهاب العقل أو على ما إذا كان الإغماء مسبّباً عن فعل نفسه كما إذا تناول الغذاء المؤدّى إليه مع علمه بذلك من غير ضرورة ولا إكراه.

ويدلّ على قضاء يوم الإفاقة مكاتبة الحجال (١) وصحيح حفص (٢) على الصحيح وخبر في «قرب الإسناد» عن علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام (٣) وهي محمولة على الاستحباب ، مع إمكان حملها على الصلاة الّتي أفاق في وقتها كما في عدّة أخبار (٤).

ويدلّ على قضاء ثلاثة أيّام خبر حفص (٥) وأبي بصير (٦) ومضمرة سماعة الموثّقة (٧) وهي قابلة للحمل على الوجوه السابقة. ويدلّ على مذهب الكاتب خبر العلاء وقد سمعت الوجه فيه (٨).

فإن قلت : قضية الجمع حمل المطلق على المقيّد والعامّ على الخاصّ ، وأخبار عدم القضاء عامّة أو مطلقة وأخبار القضاء كذلك. والأخبار الدالّة على القضاء في البعض دون البعض مقيّدة أو خاصّة فليجمع بين جميع الأخبار بحمل المطلق منها مطلقاً على المقيّد. قلت : الجمع فرع التعادل والأخبار المقيّدة على اختلافها ليست كأخبار عدم القضاء في الصحّة والكثرة والشهرة وغيرها ، ولا كأخبار القضاء في الصحّة والكثرة ، وأخبار القضاء قد رجعت إلى أخبار عدم القضاء فلا منافاة ، فأين تقع الأخبار المفصّلة على ما فيها من هذه الأخبار فالواجب طرحها ، ولمّا كانت قابلة للتأويل بما عرفت جمعنا بينها وبين تلك لا على سبيل الوجوب. وبهذا يندفع تأمّل من تأمّل في إطلاق الأصحاب حمل الأخبار المخالفة للمشهور على الاستحباب.

__________________

(١ و ٢) وسائل الشيعة : ب ٣ من أبواب قضاء الصلاة ح ٢٢ و ٢٠ ج ٥ ص ٣٥٥.

(٣) قرب الإسناد : ص ٩٧ ، وسائل الشيعة : ب ٣ من أبواب قضاء الصلوات ح ٣٥ ج ٥ ص ٣٥٥.

(٤) وسائل الشيعة : ب ٤ من أبواب قضاء الصلاة ج ٥ ص ٣٥٦.

(٥ و ٦ و ٧) وسائل الشيعة : ب ٤ من أبواب قضاء الصلاة ح ٧ و ١١ و ٥ ج ٥ ص ٣٥٧.

(٨) تقدّم ذلك الوجه سابقاً في ص ٢٣١ عن كشف اللثام.

٢٣٥

وإن خلا أوّل الوقت عنه بمقدار الطهارة والفريضة كملاً ثمّ تجدّد وجب القضاء مع الإهمال ، ويستحبّ لو قصّر ، ولو زال وقد بقي مقدار الطهارة وركعة وجب الأداء.

السادس : لو بلغ الصبي في الأثناء بغير المبطل استأنف إن بقي من الوقت مقدار ركعة ،

______________________________________________________

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وإن خلا أوّل الوقت عنه بمقدار الطهارة والفريضة كملاً ثمّ تجدّد وجب القضاء مع الإهمال ، ويستحبّ لو قصّر.) تقدّم الكلام في ذلك (١) كلّه وفيما يتعلّق به من الفروع في الفصل الثاني من كتاب الطهارة في أحكام الحائض. كما تقدّم الكلام (٢) في قوله : «ولو زال وقد بقي مقدار الطهارة وركعة وجب الأداء» في كتاب الطهارة في الفصل المذكور وفي صدر المطلب الثاني في أحكام الأوقات.

[لو بلغ الصبي في أثناء الصلاة]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (لو بلغ الصبي في الأثناء بغير المبطل استأنف إن بقي من الوقت مقدار ركعة) يريد أنه إذا بلغ الصبي في أثناء الصلاة بما لا يفسدها كالسنّ والإنبات وإن بعُد الفرض فإنّه يستأنف الصلاة. وهو مذهب الأكثر كما في «المدارك (٣)» وهو خيرة «الخلاف (٤) والشرائع (٥) والتذكرة (٦) والتحرير (٧)

__________________

(١) تقدّم سابقاً في ج ٣ ص ٣٠٨.

(٢) تقدّم سابقاً في ص ١٢٩ ١٣٣.

(٣) مدارك الأحكام : في أحكام مواقيت الصلاة ج ٣ ص ٩٦.

(٤) الخلاف : كتاب الصلاة مسألة ٥٣ ج ١ ص ٣٠٦.

(٥) شرائع الإسلام : كتاب الصلاة في الأحكام ج ١ ص ٦٣.

(٦) تذكرة الفقهاء : كتاب الصلاة في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٣٣٢.

(٧) تحرير الأحكام : في مواقيت الصلاة ج ١ ص ٢٨ س ١.

٢٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

والمنتهى (١) والمختلف (٢) والبيان (٣) والذكرى (٤) والدروس (٥) * والموجز الحاوي (٦) وكشف الالتباس (٧) وجامع المقاصد (٨) وحاشية الميسي والمدارك (٩)». هذا إذا بقي من الوقت مقدار الطهارة وركعة كما صرّح به بعض هؤلاء. ويفهم ذلك من «المنتهى (١٠) والتحرير (١١)» حيث اعتبر وقت الطهارة أيضاً فيمن بلغ بعد الفراغ. لكن نصّ في «التذكرة (١٢)» فيمن بلغ في الوقت على أنّ اعتبار الطهارة مقصور على ما إذا لم يكن متطهراً. وردّه في «كشف اللثام» بأنه لا وجه له (١٣).

وقال الشيخ في «المبسوط (١٤)» : إذا بلغ الصبي في أثناء الصلاة بما لا يفسدها أتمّ. وظاهره الوجوب. ومثله قال في «التحرير (١٥)» في موضع آخر منه. واحتمله

__________________

(*) في مبحث النية (منه قدس‌سره).

__________________

(١ و ١٠) منتهى المطلب : كتاب الصلاة في الأحكام ج ٤ ص ١١٤.

(٢) مختلف الشيعة : كتاب الصلاة في الأوقات ج ٢ ص ٥٦.

(٣) البيان : في أوقات الصلاة ص ٥١.

(٤ و ٥) الظاهر أنّ الشارح اعتمد في العبارة المحكية على عبارة الدروس وإلّا فليس في الذكرى إلّا بعض العبارة المحكية ، فراجع ذكرى الشيعة : ج ٢ ص ٣٥٣ س ٦ ، والدروس الشرعية : ج ١ ص ١٤٧ درس ٢٩.

(٦) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : كتاب الصلاة في الوقت ص ٦٥.

(٧) كشف الالتباس : كتاب الصلاة في الوقت ص ٨٤ س ١ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٨) جامع المقاصد : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٤٦ ٤٧.

(٩) مدارك الأحكام : في أحكام مواقيت الصلاة ج ٣ ص ٩٦.

(١٠) منتهى المطلب : كتاب الصلاة في الأحكام ج ٤ ص ١١٤.

(١١) تحرير الأحكام : في مواقيت الصلاة ج ١ ص ٢٨ س ٢.

(١٢) تذكرة الفقهاء : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٣٣٣.

(١٣) كشف اللثام : في أوقات الصلاة ج ٣ ص ١٢٧.

(١٤) المبسوط : في أوقات الصلاة ج ١ ص ٧٣.

(١٥) المذكور في التحرير في كتاب مواقيت الصلاة هو نقل الإتمام عن المبسوط من غير تعرّض لقبوله أورده ولكن الظاهر أنّ نقل مثل هذه الفتاوى في كتب القوم سيّما المتقدّمين منهم يدلّ على ارتضاء الناقل به كما أنّ ذلك واضح في كثير من المواضع ، وأمّا الّذي صرّح الشارح بوجود مثل عبارة المبسوط في موضع من التحرير فنحن لم نجده إلّا في بحث سترة العورة

٢٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

في «نهاية الإحكام (١)». وفي «المعتبر (٢)» ذكر ما في المبسوط والخلاف من دون ترجيح. وفي «التذكرة (٣)» أيضاً لو بلغ في أثناء الصلاة بغير المفسد استحبّ له أن يتمّ ويعيد بعد ذلك إن كان الوقت متّسعاً ، انتهى. قلت : قد يحمل (٤) كلام «المبسوط» على ذلك.

هذا ، وظاهر «التذكرة (٥) وفوائد الشرائع (٦) والمسالك (٧)» وصريح «الذكرى (٨)» أنّ الخلاف في المسألة مبنيّ على أنّ عبادة الصبي شرعية أو تمرينية. وفي «المدارك (٩)» ربما بني الخلاف في المسألة على أنّ عبادة الصبي شرعية أو تمرينية وهو غير واضح ، أمّا إعادة الطهارة فيتّجه بناؤها على ذلك ، لأنّ الحدث يرتفع بالطهارة المندوبة ، انتهى. وقد تبع بذلك المحقّق الثاني حيث قال في «جامع المقاصد (١٠)» : إنّه يستأنف ، سواء قلنا إنّ أفعال الصبي تمرينية أم شرعية ، أمّا على الأوّل فظاهر وأمّا على الثاني فلأنّ الصلاة لا تجب عليه قبل البلوغ * فلا يجزي

__________________

(*) إن لم تجب عليه فقد امر بهما والأمر للإجزاء كما إذا أتمّها ثمّ بلغ. وكيف كان فقد دخل فيها دخولاً شرعياً فما الّذي أبطلها وليس البلوغ من المبطلات.

__________________

ج ١ ص ٣١٥ حيث صرّح باستحباب الإتمام لو بلغت الصبية في الأثناء أو بغيره ، ونحوه ما ذكر في كتاب الصوم في شرائطه ، فراجع تحرير الأحكام : في مواقيت الصلاة ج ١ ص ٢٨.

(١) نهاية الإحكام : كتاب الصلاة في الأوقات ج ١ ص ٣١٥.

(٢) المعتبر : كتاب الصلاة في المواقيت ج ٢ ص ٤٧.

(٣) تذكرة الفقهاء : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٣٣٢.

(٤) لم نعثر على هذا الحامل حسب ما تفحّصنا وتصفحّنا كثيراً ، فراجع.

(٥) تذكرة الفقهاء : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٣٣١.

(٦) فوائد الشرائع : كتاب الصلاة في المواقيت ص ٢٧ س ١٠ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(٧) مسالك الأفهام : في أوقات الصلاة ج ١ ص ١٤٧.

(٨) ذكرى الشيعة : في الوضوء ج ٢ ص ١١٧.

(٩) مدارك الأحكام : في أحكام مواقيت الصلاة ج ٣ ص ٩٦.

(١٠) جامع المقاصد : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٤٧.

(١١) المبسوط : في أوقات الصلاة ج ١ ص ٧٣.

(١٢) تحرير الأحكام : أوقات الصلاة ج ١ ص ٢٨.

(١٣) الوسيلة : أحكام الصوم ص ١٤٧.

٢٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ما فعله عمّا صار واجباً عليه. وأمّا الطهارة فلم يتعرّض لها المصنّف ، وينبغي وجوب إعادتها على الأوّل لوجود الحدث لا على الثاني لأنّه يرتفع بالطهارة المندوبة ، انتهى.

وتنقيح البحث أن يقال : إنّ القائلين بالتمرين قالوا : إنّ التكليف مشروط بالبلوغ ومع انتفائه ينتفي المشروط وإنّ أحكام الوضع مشروطة أيضاً بالتكليف فلم يصحّ أن توصف هذه العبادة بالصحّة ، لأنّها لم توافق الشريعة ، لأنّها لم يتعلّق بها خطاب شرعي ولا وضعي. وممّا يدلّ على أنّ الحكم الوضعي مشروط بالتكليف أنّ بعض الاصوليّين (١) زاد قيد الوضع في تعريف الحكم الشرعي ، والآخرون وإن لم يقيّدوا به لكن نصّوا على عوده إليه وصرّحوا بأنه لا معنى للسببية إلّا إيجاب الفعل عنده. وذهب جماعة منهم الشهيد الثاني (٢) إلى أنّ أحكام الوضع غير مشروطة بالتكليف ومن ثمّ حكموا بضمان الصبي والمجنون ما أتلفاه من المال وبوجوب الوضوء للحدث الأصغر الواقع قبل التكليف لو حضر وقت عبادة مشروطة به بعده ، فأبدلوا في التعريف المكلّفين بالعباد ، لكن الأشهر الأظهر اعتبار القيد. ويجاب عمّا استندوا إليه بأنّ المكلّف بأداء المضمون هو الولي كجناية البهائم والوضوء يجب في وقت التكليف لفقده لا للحدث السابق عليه (٣)

__________________

وهو قول الشيخ في «المبسوط (١١)» والفاضل في «التحرير (١٢)» أتمّ. وصاحب «الوسيلة (١٣)» إذا بلغ الصبي نصف النهار ولم يفطر صام واجباً. فبان أنّ الوجه في بناء الخلاف ما ذكره الفاضل والشهيدان وأنّ الأكثرين على التمرين (منه قدس‌سره).

__________________

(١) القواعد والفوائد : قاعدة ٨ ج ١ ص ٣٩ ، تهذيب الوصول : ص ٢ س ٨ من كتب مكتبة نوّاب.

(٢) تمهيد القواعد : في الحكم الشرعي ص ٣٧ قاعدة ٣ وص ٣١.

(٣) تمهيد القواعد المنضمّ إلى الذكرى : ص ٢ س ٣ و ٦.

٢٣٩

وإلّا أتمّ ندباً

______________________________________________________

وقد يقال : إنّ المتوقّف على البلوغ إنّما هو التكليف بالواجب والمحرّم ، وأمّا التكليف بالمندوب وما في معناه فلا مانع منه عقلاً ولا شرعاً (١). ويرشد إلى ذلك أنّ المشهور أنّ عبادة الصبي شرعية ولا وجه له يبني عليه إلّا ما ذكرناه. فيكون الأكثرون قائلين بأنّ التكليف بالمندوب غير متوقّف على البلوغ. فصحّ لنا أن نقول إنّها صحيحة وإنّها شرعية ، وأمّا إذا قلنا إنّها تمرينية فإنّها لا توصف بصحّة ولا فساد. والشهيد الثاني قال : إنّها تمرينية وإنّها توصف بالصحّة بناءً على ما يذهب إليه من أنّ خطاب الوضع غير متوقّف على التكليف (٢) وقد عرفت الحال فيه.

ومعنى كونها صحيحة أنه يثاب عليها وأنه ينوي الندب كما يأتي قريباً. وأمّا أنها تجزي عن الواجب فمحلّ شكّ وتأمّل والأصل العدم. فاتّجه ما في «جامع المقاصد والمدارك» وتمام الكلام يأتي إن شاء الله تعالى قريباً.

والمشهور المعروف أنّ عبادة المميّز شرعية صحيحة والتعريف المشهور تعريف للحكم المتعلّق بأفعال المكلّفين لا تعريف لمطلق الحكم ، فليتأمّل في ذلك ، أو يقال كما قال بعضهم (٣) بأنّ قولهم : «أو الوضع» معطوف على لفظة الجلالة فيصير التقدير خطاب الله أو خطاب الوضع ، فلا يبقى إشكال.

بيان : الحمل على من بلغ في الحجّ قبل الموقف قياس مع الفارق من النصّ والإجماع والحرج ولانفراد كلّ من الأفعال في الحجّ ولذا يجب انفراده بنيّة.

[هل عبادة الصبي صحيحة شرعية أو تمرينية؟]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وإلّا أتمّ ندباً) أي وإن لا يبق من الوقت مقدار ركعة أتمّ ندباً كما صرّح به في كثير من الكتب المتقدّمة (٤)

__________________

(١) مصابيح الظلام : ج ١ ص ١٦.

(٢) تمهيد القواعد المنضمّ إلى الذكرى : ص ٢ س ٥.

(٣) لم نعثر عليه.

(٤) كالبيان : في أوقات الصلاة ص ٥١ ، شرائع الإسلام : في الأحكام ج ١ ص ٦٣ ، جامع المقاصد : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٤٧.

٢٤٠