البرهان في علوم القرآن - ج ٢

بدر الدين محمّد بن عبد الله الزّركشي

البرهان في علوم القرآن - ج ٢

المؤلف:

بدر الدين محمّد بن عبد الله الزّركشي


المحقق: الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي ، الشيخ جمال حمدي الذهبي ، الشيخ إبراهيم عبد الله الكردي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٦

وروى مسلم من حديث عمر رضي‌الله‌عنه : «إنّ الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين» (١). وقدّم صلى‌الله‌عليه‌وسلم في قتلى أحد في القبر أكثرهم قرآنا (٢).

__________________

فضائل القرآن باب أهل القرآن هم أهل الله وخاصته ، وأخرجه أبو نعيم في الحلية ٣ / ٦٣ ضمن ترجمة بديل بن ميسرة (٢٠٨).

(١) أخرجه مسلم في الصحيح ١ / ٥٥٩ كتاب صلاة المسافرين وقصرها (٦) ، باب فضل من يقوم بالقرآن ...

(٤٧) ، الحديث (٢٦٩ / ٨١٧).

(٢) ورد الخبر في حديث جابر بن عبد الله رضي‌الله‌عنه ، أخرجه البخاري في الصحيح ٧ / ٣٧٤ كتاب المغازي (٦٤) ، باب من قتل من المسلمين يوم أحد .. (٢٦) ، الحديث (٤٠٧٩).

٦١

النوع السابع والعشرون

معرفة خواصه (١)

وقد صنّف فيه جماعة منهم التميميّ (٢) ، وأبو حامد (٣) الغزاليّ (٤).

قال بعضهم : وهذه الحروف التي في أوائل السور ، جعلها الله [تعالى] حفظا للقرآن من الزيادة والنقصان ؛ قال [الله] تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (الحجر : ٩).

__________________

(١) للتوسع في هذا النوع انظر : مقدمة تفسير القرطبي ١ / ٧٨ والإتقان للسيوطي ٤ / ١٣٧ النوع الخامس والسبعون في خواصّ القرآن ، ومفتاح السعادة لطاش كبري زادة ٢ / ٥٢٥ علم معرفة خواص القرآن ، وكشف الظنون لحاجي خليفة ١ / ٧٢٧ خواص القرآن ، وأبجد العلوم للقنوجي ٢ / ٤٩٧ علم معرفة خواص القرآن ، ومعجم مصنفات القرآن لابتسام الصفار : ٤١٥ ـ ٤١٦ ضمن فضائل القرآن ومعجم مصنفات القرآن لعلي شواخ ٣ / ٣٠٩ ـ ٣٢٢ ضمن فضائل القرآن ، وراجع النوع السابع : في أسرار الفواتح في السور ص : ١٦٤.

(٢) هو محمد بن أحمد بن سعيد التميمي ، أبو عبد الله طبيب عالم بالنبات والأعشاب ولد في القدس وانتقل إلى مصر وتوفي بها نحو سنة ٩٣٠ ه‍ (طبقات الأطباء ٢ / ٨٧) وكتابه : «خواص القرآن الحكيم» مخطوط في الأزهر برقم (٢٠٥ / ٣٤١١٩) ، وفي ايا صوفيا برقم ٢٧٦ / ٢٧٧ ، ومنه نسخة باسم كشف السر المصون والعلم المكنون في مكتبة صوفيا ببلغاريا برقم ١٢٩ ، ومنه نسخ في دار الكتب الظاهرية برقم ١٣٦٩ / ٤٣ تصوف ، وبرقم ١٣٧٠ / ٤٤ تصوف ، برقم ٦٢٤١ ، و ٦٦١٣ ، و ٧٣٦٥ (معجم الدراسات القرآنية : ٤١٦).

(٣) للغزالي مصنفات في خواص آي القرآن هي : «الذهب الإبريز في خواص كتاب الله العزيز» (كشف الظنون ١ / ٨٢٨) ويسمى أيضا «خواص القرآن وفواتح السور» ، (مؤلفات الغزالي : ١٠٦ و ١٩٩) و «خواص الآي» (الم ـ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)» مخطوط في الخزانة العامة في الرباط برقم (٢ / ٥٠٢) (مؤلفات الغزالي : ١٠٨) «وخواص سورة القدر وسورة يس» (مؤلفات الغزالي : ٥٧) ، ويمكن اعتبار كتابه «جواهر القرآن» من هذا النوع ، وهو مطبوع بمطبعة كردستان بالقاهرة عام ١٣٢٩ ه‍ / ١٩١٠ م وبدار الآفاق ببيروت عام ١٤٠٠ ه‍ / ١٩٧٩ م ، وحققه الشيخ رشيد قباني ونشرته دار إحياء العلوم ببيروت ١٤٠٥ ه‍ / ١٩٨٥ م و «فائدة في سرّ فاتحة الكتاب» (مؤلفات الغزالي : ١٠٦)

(٤) ومن الكتب المؤلفة في خواص القرآن ـ سوى ما ذكره المصنف ـ * «خصائص علم القرآن» للوزير المغربي ، حسين بن علي بن الحسين ، ت ٤١٨ ه‍ (إيضاح المكنون ٣ / ٤٣٠) * «التنبيه على الأسرار المودعة في بعض سور القرآن» للرازي فخر الدين محمد بن عمر (ت ٦٠٦ ه‍) مخطوط في الأزهر :

٦٢

__________________

١٠٥ / ٢١١٧ وفي المكتبة القادرية ببغداد : ٦٥٤ ضمن مجموع ، ويوجد له كتاب في الخزانة التيمورية باسم «أسرار القرآن» رقم ٢٥٨ مجاميع (معجم الدراسات القرآنية : ٢١٥ و ٤١٣ و ٤١٤) ولا ندري إن كان الكتاب هو نفسه أم لا* «خصائص السر الكريم في فضل بسم الله الرحمن الرحيم» للبوني أحمد بن علي بن يوسف (ت ٦٢٢ ه‍) مخطوط في المكتبة القادرية ببغداد رقم ٦٨٤ ضمن مجموع (معجم الدراسات القرآنية ٤١٥) ، ومنه نسخة باسم : «فضائل البسملة وشرحها» مخطوط في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء رقم (٢٠) ضمن مجموع (معجم الدراسات القرآنية : ٤١٩) ونسخة باسم «رسالة في خواص بسم الله الرحمن الرحيم» مخطوطة في البحرين رقم : ٩ علوم القرآن (معجم الدراسات القرآنية : ٤١٧) وقد طبع الكتاب باسم «فتح الكريم الوهاب في ذكر فضائل البسملة مع جملة من الأبواب» طبع على الحجر بدون تاريخ (ذخائر التراث العربي : ٤٠٠) وللمؤلف أيضا كتاب باسم «تحفة الأحباب ومنية الأنجاب في أسرار بسم الله وفاتحة الكتاب» (هدية العارفين ١ / ٩٠) * «الدر النظيم في خواص القرآن العظيم» لابن الخشاب محمد بن أحمد بن سهيل (ت ٦٥٠ ه‍) مخطوط في مكتبة الأوقاف العراقية : ٦٧٧٥ و ٢٤٥٦ وفي الأزهر : ٣٣٠ بخيت ٤٥٩٦١ (معجم الدراسات القرآنية : ٤١٦) ومنه نسخة باسم «الدر النظيم في فضائل القرآن العظيم» مخطوطة بدار الكتب الوطنية بتونس : ٣٧٢٩ ، وبمكتبة الحرمين بمكة : ٣٣٣.* «الاختصاص في الفوائد القرآنية والخواص» لنور الدين أبي الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار المغربي الشاذلي المالكي ت ٦٥٦ ه‍ (إيضاح المكنون ٢ / ٢٦٤) * «الدر النظيم في خواص القرآن العظيم» لليافعي أبي محمد عبد الله بن أسعد اليمني (ت ٧٦٨ ه‍) طبع مرارا في مصر ، على الحجر ١٢٨٢ ه‍ / ١٨٦٥ م و ١٣١٥ ه‍ / ١٨٩٧ م ، وفي المطبعة الحميدية ١٣٢١ ه‍ / ١٩٠٣ م ، وطبع ١٣٢٢ ه‍ / ١٩٠٤ م ، وفي البابي الحلبي ١٣٤٩ ه‍ / ١٩٣٠ م وفيها ١٣٧٧ ه‍ / ١٩٥٨ م ، وفي المطبعة السعيدية بدون تاريخ* «شفاء المستشفي وكفاية المكتفي في شرح خواص القرآن» لعبد الله بن محمد الحسيني الكراني (ت ٧٧٦ ه‍) مخطوط في آيا صوفيا : ٣٨٢ (معجم الدراسات القرآنية : ٤١٨) * «خمائل الزهر في فضائل السور» للسيوطي جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (ت ٩١١ ه‍) ذكره المؤلف في الإتقان ٤ / ١٠٢ في النوع ٧٢* «عقود اللئالئ والمرجان بما يتعلق بفوائد القرآن» لأبي البركات عبد البر بن محمد الحلبي ، ت ٩٢١ ه‍ (إيضاح المكنون ٣ / ١١٥) * «خواص القرآن العظيم» للقليوبي شهاب الدين أحمد بن أحمد بن سلامة (ت ١٠٦٩ ه‍) مخطوط في الخزانة التيمورية : ٣١٩ حليم ٢٤١١٨ (معجم الدراسات القرآنية : ٤١٦) * «شفاء الظمآن بسرّ قلب القرآن» للدمنهوري ، أحمد ابن عبد المنعم المصري ت ١١٩٢ ه‍ (إيضاح المكنون ٣ / ٥) * «مواهب الرحمن في خصائص القرآن» للقاوقجي ، محمد بن خليل الطرابلسي ت ١٣٠٥ ه‍ (إيضاح المكنون ٢ / ٦٠١)

المجاهيل : * «شفاء الأبدان المرضى في سرّ القرآن الشريف والاسماء الحسنى من شروح الدر النظيم» لعلي الرومي ، علي خيري الكوتاهي؟ (إيضاح المكنون ٣ / ٥٠) * «لوامع الأسرار في خواص القرآن» لعيسى بن سلامة بن عيسى البكري؟ (إيضاح المكنون ٤ / ٤١٦) * «سرّ القرآن» لسري باشا الكريدي؟ (إيضاح المكنون ٣ / ١٧) «إلهام العزيز العليم في أسرار بسم الله الرحمن الرحيم» لمحمد الازهري الخلوتي؟ (إيضاح المكنون ٢ / ١٢٣) * «الدر النظيم في خواص القرآن العظيم» للوادياشي الاندلسي ، أبي بكر محمد بن أحمد الغساني (؟) نشره محسن جمال الدين في مجلة البلاغ ببغداد ع (٤) س (٢)

٦٣

وذكر بعضهم أنّه وقف على أنّ عبد الرحمن بن عوف رضي‌الله‌عنه كان يكتبها على ما يريد حفظه من الأموال والمتاع ، فيحفظ.

وأخبر رجل من أهل الموصل قال : «كان الكياالهرّاسيّ [] (١) الإمام رحمه‌الله إذا ركب في رحلة يقول هذه الحروف التي في أوائل السور ، فسئل عن ذلك فقال : ما جعل ذلك في موضع أو كتب في شيء إلا حفظ تاليها وماله ، وأمن [في] (٢) نفسه من التّلف والغرق».

وحكي عن الشافعيّ رحمه‌الله أنه شكا إليه رجل رمدا ، فكتب إليه [في] (٢) رقعة : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، (فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (ق : ٢٢) ، (لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ) (فصّلت : ٤٤) ؛ فعلّق الرجل ذلك عليه فبرأ.

وكان سفيان الثوريّ يكتب للمطلّقة رقعة تعلّق عليها (٣) : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ* وَأَذِنَتْ

__________________

ه / ١٩٦٨ م ، ثم نشره مستقلا في الجمعية الإسلامية للخدمات الثقافية في العام نفسه* «خواص القرآن» لكوكبي زاده؟ (معجم الدراسات القرآنية : ٤١٦) * «رسالة في أسرار الخواص القرآنية» للغزنوي محيي الدين بن روح (؟) مخطوط في آيا صوفيا : ٤٠٧ (معجم الدراسات القرآنية : ٤١٨) «رسالة في فوائد سور القرآن» لمجهول ، مخطوط بدار الكتب بتونس : ٤٤٧٠ (معجم مصنفات القرآن ٣ / ٣١٥) * «خواص بعض السور والآيات» لمجهول ، مخطوط في المسجد الأحمدي بطنطا : ٦٩ خ (٤٥ د) (معجم الدراسات القرآنية : ٤١٥) * «فضائل آي القرآن» لمجهول ، مخطوط في صوفيا : ١٣ ق (معجم الدراسات القرآنية : ٤١٩) * «تشييد جوامع خواص أسرار القرآن وتأييد الذخيرة المعدّة لنوائب الزمان» لمجهول (إيضاح المكنون ١ / ٢٩٢) * «خواص سورة ألهاكم التكاثر» لمجهول ، مخطوط في آيا صوفيا : ٣٨٥ (معجم الدراسات القرآنية : ٤١٥) * «خواص سورة الواقعة ودعائها» لمجهول ، طبع في مصر على الحجر ١٣٠٠ ه‍ / ١٨٨٢ م* «رسالة في الأسرار المودعة في بعض سور القرآن» لمجهول ، مخطوط بمكتبة يعقوب سركيس المهداة إلى جامعة الحكمة : ١٧٦ (معجم الدراسات القرآنية : ٢٩٤) * «رسائل في جهل الأوروبيين بأسرار القرآن» لمجهول ، مخطوط في مكتبة الأوقاف العراقية ٤ / ١٣٨١٣ مجاميع (معجم الدراسات القرآنية : ٤١٧) * «رسالة في الكلام على منافع بعض سور القرآن» لمجهول ، مخطوط في صوفيا (معجم الدراسات القرآنية : ٤١٨)

(١) هو أبو الحسن علي بن محمد بن علي الطبري الهرّاسي ، المعروف ب «الكيا ـ ضبطه ابن العماد في الشذرات ٤ / ٨ بهمزة مكسورة ، ولام ساكنة ثم كاف مكسورة بعدها ياء مثناة من تحت ـ ومعناه الكبير بلغة الفرس. كان شيخ الشافعيّة ومدرّس النظامية ، رحل فتفقّه بإمام الحرمين الجويني ، وبرع في المذاهب وأصوله ، ت ٥٠٤ ه‍ (سير أعلام النبلاء ١٩ / ٣٥٠) ، وكلمة الهراسي سقطت من المخطوطة.

(٢) ليست في المخطوطة.

(٣) في المطبوعة : (تعلّق على قلبها).

٦٤

لِرَبِّها وَحُقَّتْ* وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ* وَأَلْقَتْ) (الانشقاق : ١ ـ ٤) ، (فَاخْرُجْ مِنْها) (الحجر : ٣٤) ، (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ) (القصص : ٧٩) [(فَخَرَجَ مِنْها)] (١) (القصص : ٢١).

وروى ابن قتيبة قال : «كان رجل من الصالحين يحبّ الصلاة بالليل وتثقل عليه ، فشكا ذلك لبعض الصالحين فقال : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ : (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي) (الكهف : ١٠٩) إلى قوله : (مَدَداً) (الكهف : ١٠٩) ، ثم أضمر ، في أيّ وقت أضمرت فإنك تقوم [فيه] (٢) ، قال : ففعلت فقمت في الوقت المعيّن».

قال الغزاليّ : «وكان بعض الصالحين في أصبهان أصابه عسر البول ، فكتب في صحيفة : البسملة (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا* فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا) (الواقعة : ٥ و ٦) ، (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً) (الحاقة : ١٤) ، [(دَكًّا دَكًّا)] (٢) (الفجر : ٢١) ، وألقى عليه الماء وشربه فيسّر عليه البول ، وألقى الحصى».

وحكى الثعلبيّ في تفسيره (٣) أن قوله تعالى : (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (الأنعام : ٦٧) يكتب على كاغد ، ويوضع على شقّ الضرس الوجع ، يبرأ بإذن الله تعالى».

ويحكى أنّ الشيخ أبا القاسم القشيريّ (٤) رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في المنام ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما لي أراك محزونا؟ فقال : ولدي قد مرض ، واشتدّ عليه [٦٥ / ب] الحال ؛ فقال له : أين أنت عن آيات الشفاء : (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) (التوبة : ١٤) (وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ) (يونس : ٥٧) ، (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (٥) (النحل : ٦٩) ، (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الإسراء : ٨٢) ، (وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) (الشعراء : ٨٠) ، (قُلْ [هُوَ] (٦) لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ) (فصّلت : ٤٤)! فقرأ هذه الآيات [عليه ثلاث] (٦) مرات فبرأ.

__________________

(١) ليست في المطبوعة.

(٢) ليست في المخطوطة.

(٣) في المخطوطة : (في تفسير قوله تعالى).

(٤) هو عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك تقدم في ١ / ٣٦٠

(٥) تصحفت في المخطوطة إلى (يؤمنون).

(٦) ليست في المخطوطة.

٦٥

وحكى (١) ابن الجوزيّ عن ابن ناصر (٢) عن شيوخه عن ميمونة بنت شاقولة البغدادية رضي‌الله‌عنها قالت : «آذانا جار لنا ، فصلّيت ركعتين ، وقرأت من فاتحة كلّ سورة آية حتى ختمت القرآن ، وقلت : اللهم اكفنا أمره ، ثم نمت وفتحت عيني ؛ وإذا به قد نزل وقت السّحر فزلّت قدمه ، فسقط ومات».

«وحكي عن ابنها أنه كان في دارها حائط له خرب (٣) ، فقالت : هات رقعة ودواة ، فناولتها ، فكتبت في الرقعة شيئا ، وقالت : دعه في ثقب منه ، ففعلت ، فبقي نحوا من عشرين سنة ، فلمّا ماتت ذكرت ذلك القرطاس ، فقمت فأخذته فوقع الحائط ، فإذا في الرقعة : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) (فاطر : ٤١) يا ممسك السموات والأرض ، أمسكه».

تنبيه

هذا النوع والذي قبله لن (٤) ينتفع به إلا من أخلص لله قلبه ونيّته ، وتدبّر الكتاب في عقله وسمعه ، وعمر به قلبه ، وأعمل به جوارحه ، وجعله سميره في ليله ونهاره ، وتمسك به وتدبره.

هنالك تأتيه الحقائق من كل جانب ؛ وإن لم يكن بهذه الصفة كان فعله مكذّبا لقوله ؛ كما روي أن عارفا وقعت له واقعة ، فقال له صديق له : نستعين بفلان فقال : أخشى أن تبطل صلاتي التي تقدمت هذا الأمر ، وقد صلّيتها. قال صديقه : وأين هذا من هذا؟ قال : لأني قلت في الصلاة : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة : ٥) فإن استعنت بغيره كذبت ، والكذب في الصلاة يبطلها ، وكذلك الاستعاذة من الشيطان الرجيم لا تكون إلا مع تحقق العداوة ، فإذا قبل إشارة الشيطان واستنصحه فقد كذّب قوله فبطل ذكره.

__________________

(١) في المخطوطة (وعن ابن الجوزي)

(٢) هو محمد بن ناصر بن محمد الحافظ الثقة البغدادي ، أبو الفضل محدث العراق ولد سنة (٤٦٧). كان ثقة ثبتا حسن الطريقة متدينا فقيرا متعففا نزيها ، صحب أبا زكريا التبريزي وقرأ عليه الأدب واللغة حتى مهر في ذلك ، كان ضابطا مفتيا وكان كثير الذكر سريع الدمعة ، توفي سنة (٥٥٠) (ابن العماد ، شذرات الذهب ٤ / ١٥٥).

(٣) تصحفت في المطبوعة إلى (له جوف).

(٤) في المخطوطة (لا ينتفع).

٦٦

النوع الثامن والعشرون

هل في القرآن شيء أفضل من شيء (١)

وقد اختلف الناس في ذلك ، فذهب الشيخ أبو الحسن الأشعريّ ، والقاضي أبو بكر (١) ،

__________________

(١) للتوسع في هذا النوع انظر : الإتقان للسيوطي ٤ / ١١٧ النوع الثالث والسبعون في أفضل القرآن وفاضله ، ومفتاح السعادة لطاش كبري زادة ٢ / ٥١٣ علم معرفة أفضل القرآن وفاضله ، وكشف الظنون لحاجي خليفة ١ / ١٣٣ علم أفضل القرآن وفاضله ، أبجد العلوم للقنوجي ٢ / ٤٩٣ علم معرفة أفضل القرآن وفاضله.

* ومن الكتب المؤلفة في فضائل السور والآيات ، «سورة الحمد تنوب عن جميع القرآن» لأحمد بن سهل البلخي ت ٣٢٢ ه‍ (ياقوت معجم الأدباء ٣ / ٦٧) * «جواهر القرآن» لأبي حامد الغزالي ، محمد بن محمد (ت ٥٠٥ ه‍) طبع بمطبعة كردستان بالقاهرة عام ١٣٢٩ ه‍ / ١٩١٠ م في (١٩٢) ص وطبع بدار الآفاق ببيروت عام ١٤٠٠ ه‍ / ١٩٧٩ م وطبع بتحقيق الشيخ محمد رشيد رضا القباني بدار إحياء العلوم ببيروت عام ١٤٠٥ ه‍ / ١٩٨٥ م في (٢١٦) ص* «رسالة السر الكريم في فضل بسم الله الرّحمن الرّحيم» البوني أحمد بن علي بن يوسف (ت ٦٢٢ ه‍) طبع في مصر (معجم سركيس : ٦٠٧) * وله أيضا : «فتح الكريم الوهاب في ذكر فضائل البسملة مع جملة من الأبواب» ، طبع على الحجر بمصر دون تاريخ (معجم سركيس ٦٠٨) * «جواب أهل العلم والإيمان بتحقيق ما أخبر به رسول الرحمن من أن (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) تعدل ثلث القرآن» لابن تيمية أحمد بن عبد الحليم (ت ٧٢٨ ه‍) بمطبعة التقدم في مصر ١٣٢٢ ه‍ / ١٩٠٢ م (معجم سركيس : ٥٦) «* التجارة الرابحة في الدلالة على مقاصد الفاتحة» لابن بنت الميلق محمد بن عبد الدائم (ت ٧٩٧ ه‍) مخطوط بالأزهر رقم ٢٦٣ / ٤٢٦١ (معجم الدراسات القرآنية : ٢٢٥ ، ٤١٣) * «حاصل كورة الخلاص في فضائل سورة الإخلاص» للفيروزآبادي الشيرازي محمد بن يعقوب ، ت ٨١٧ ه‍ (كشف الظنون ١ / ٦٢٤) «الفيض القدسي في فضل آية الكرسي» للزاهد المقسمي أحمد بن محمد بن سليمان المصري ت ٨١٩ ه‍ (إيضاح المكنون ٤ / ٢١٥) * «الدر النظيم في كلام بسم الله الرحمن الرحيم» لابن كبن محمد بن سعيد بن علي اليمني ، ت ٨٤٢ ه‍ (معجم مصنفات القرآن الكريم ٣ / ٣١٥) * «الاستعانة بالفاتحة على نجاح الأمور» لابن عبد الهادي يوسف بن حسن بن أحمد ، ت ٩٠٩ ه‍ (إيضاح المكنون ١ / ٧١) * «الإبريز الخاص في فضائل البسملة وسورة الإخلاص» لسبط المرصفي محمد بن محمد الغمري ، ٩٦٥ ه‍ (إيضاح المكنون ١ / ١١) * «النشر لفوائد سورة العصر» للشوكاني محمد بن علي (ت ١٢٥٠ ه‍) مخطوط في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء ، رقم ١ مجموع تفسير (معجم

٦٧

وأبو حاتم بن حبّان (٢) وغيرهم إلى أنه لا فضل لبعضه (٣) على بعض ؛ لأنّ الكل (٤) كلام الله ، وكذلك أسماؤه [تعالى] لا تفاضل بينهما. وروي معناه عن مالك ؛ قال يحيى بن يحيى (٥) : تفضيل بعض القرآن على بعض خطأ ، وكذلك كره مالك أن تعاد سورة أو تردّد دون غيرها ، واحتجوا بأنّ الأفضل يشعر بنقص المفضول ، وكلام الله حقيقة واحدة لا نقص فيه.

قال ابن حبان في حديث أبيّ بن كعب [رضي‌الله‌عنه] «ما أنزل الله في التوراة ولا في

__________________

الدراسات القرآنية : ٤٢٤) * «منحة البرايا بما في البسملة من المزايا» للشربيني محمد النشار (كان حيا ١٢٩٥ ه‍) طبع في مطبعة محمد مصطفى بالقاهرة سنة ١٣٠٦ ه‍ / ١٨٨٦ م (معجم سركيس : ١٨٥٧) * «ثواب سورة القدر» لأبي الحسن علي بن محمد الكوفي الملقب بميرزج الشيعي توفي في أواخر القرن ١٣ ه‍ (إيضاح المكنون ١ / ٣٤٨) * «ثواب سورة القدر» لأبي عبد الله محمد بن حسان الرازي؟ (إيضاح المكنون ١ / ٣٤٨) * «يس قلب القرآن» لفهمي خالد مسعود مقال في مجلة الإسلام السنة (٢٨) العدد (٣٩) سنة ١٣٧٩ ه‍ / ١٩٥٩ م* «يصبح المؤمن ويمسي في ظلال آية الكرسي» للشعراوي محمد متولي ، مقال في مجلة الإسلام السنة (٣٢) العدد (١٤) سنة ١٣٨٤ ه‍ / ١٩٦٤ م «فضل سورة يس» لمحمد أمين هلال مقال في مجلة الإسلام السنة (٢٠) العدد (١٧) سنة ١٣٦٨ ه‍ / ١٩٤٨ م* «رسالة في الكلام على منافع بعض سور القرآن» لمجهول ، مخطوط في صوفيا (معجم الدراسات القرآنية : ٤١٨) * «فصل في تصريف دعوة الفاتحة وفضائلها» لمجهول ، مخطوط في الخزانة العامة بالرباط رقم ١ / ٥٠١ (معجم الدراسات القرآنية : ٤١٨) * «رسالة في فضائل البسملة» لمجهول ، مخطوط في الأزهر برقم ٤٠ ج / ١١٠٨٨ مجاميع (معجم الدراسات القرآنية : ٤١٧) * «فصول في فضل البسملة ومن قرأها» لمجهول ، مخطوط بدار الكتب الوطنية بتونس برقم : ٣٩٤١ (معجم مصنفات القرآن الكريم ٣ / ٣٢٠).

(١) هو الباقلاني محمد بن الطيب بن جعفر تقدم التعريف به في ١ / ١١٧.

(٢) هو محمد بن حبان البستي تقدم التعريف به في ١ / ٢٦٤ ، وانظر قوله في الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٢ / ٧٥ ـ ٧٧ باب قراءة القرآن ذكر البيان بأن فاتحة الكتاب من أفضل القرآن عقب الحديث (٧٧١) فقال : (قال أبو حاتم : قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «ألا أخبرك بأفضل القرآن» أراد به بأفضل القرآن لك ، لا أنّ بعض القرآن يكون أفضل من بعض لأن كلام الله يستحيل أن يكون فيه تفاوت).

(٣) في المطبوعة (لبعض على بعض).

(٤) في المخطوطة : (لان الكلام كلام الله).

(٥) هو يحيى بن يحيى بن كثير ، أبو محمد الفقيه المالكي القرطبي الأندلسي ، روى عن مالك ويحيى بن مضر ، والليث ، وابن عيينة وغيرهم ، انتهى السلطان والعامة إلى رأيه ، وكان فقيها حسن الرأي ، ثقة عاقلا حسن الهدي والسمت مجاب الدعوة ت ٢٣٤ ه‍ (الذهبي ، سير أعلام النبلاء ١٠ / ٥١٩) ، وعبارة «مالك» ذكرها القرطبي في التذكار في أفضل الأذكار : ٣٢ ، الباب السادس فيما جاء من تفضيل القرآن بعضه على بعض ، وذكر أيضا القائلين بالمنع من المفاضلة ولعل الزركشي نقل عنه ، كما ذكره ابن تيمية في كتابه : جواب أهل العلم والإيمان ص ٧٠.

٦٨

الإنجيل مثل أمّ القرآن» (١) : إنّ الله لا يعطي لقارئ التوراة والإنجيل من الثواب مثل ما يعطي (٢) لقارئ أمّ القرآن إذ الله بفضله فضّل هذه الأمّة (٢) على غيرها من الأمم ، وأعطاها من الفضل على قراءة كلامه (٣) [أكثر مما أعطى غيرها من الفضل على قراءة كلامه] (٣) ـ قال ـ وقوله : «أعظم سورة» (٤) أراد به في الأجر ، لا أن بعض القرآن أفضل من بعض (٥).

وقال قوم (٦) بالتفضيل لظواهر الأحاديث ، ثم اختلفوا فقال بعضهم : الفضل راجع إلى عظم الأجر ومضاعفة الثواب (٧) بحسب انفعالات النفس وخشيتها وتدبرها وتفكرها عند ورود أوصاف العلا ، وقيل بل يرجع لذات اللفظ ، وأنّ ما تضمنه قوله تعالى : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) (البقرة : ١٦٣) ، وآية الكرسيّ ، وآخر سورة الحشر ، وسورة الإخلاص من الدّلالات على وحدانيته وصفاته ، ليس موجودا مثلا في (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) (اللهب : ١) وما كان مثلها فالتفضيل إنما هو بالمعاني العجيبة وكثرتها ؛ لا من حيث الصفة ، وهذا هو الحق.

__________________

(١) الحديث أخرجه أحمد في المسند ٢ / ٣٥٧ ، وأخرجه الترمذي في السنن ٥ / ١٥٥ ـ ١٥٦ كتاب فضائل القرآن (٤٦) باب ما جاء في فضل فاتحة الكتاب (١) ، الحديث (٢٨٧٥) ، وأخرجه النسائي في المجتبى من السنن ٢ / ١٣٩ كتاب الافتتاح (١١) باب تأويل قول الله عزوجل (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (٢٦) ، الحديث (٩١٤) ، وأخرجه ابن حبان في الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٢ / ٧٥ باب قراءة القرآن ذكر البيان بأن فاتحة الكتاب مقسومة بين القارئ وبين ربه ، الحديث (٧٧٢) ، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٢٥٨ كتاب التفسير باب ذكر فضيلة سورة الفاتحة ... ، وقال (صحيح على شرط مسلم) وافقه الذهبي.

(٢) عبارة المخطوطة (لقارئ أم الكتاب ، إذ الله فضّل هذه الأمة) وما أثبتناه موافق لكلام ابن حبان.

(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة ، وإلى هنا ينتهي كلام ابن حبان في الإحسان ٢ / ٧٥ ثم ينتقل لحديث آخر.

(٤) شطرة من حديث سيأتي بعد قليل.

(٥) الإحسان ٢ / ٧٧ عقب الحديث (٧٧٤).

(٦) قال القرطبي في التذكار في أفضل الأذكار ص ٣٢ الباب السادس فيما جاء من تفضيل القرآن بعضه على بعض (وممن قال بالتفضيل إسحاق بن راهويه وغيره من العلماء والمتكلمين وهو اختيار الحليمي ، والقاضي أبي بكر بن العربي وابن الحصار وغيرهم) وذكره ابن تيمية في جواب أهل العلم والإيمان ص ٦٧ فقال : (وممن ذكر تفضيل بعض القرآن على بعض في نفسه أصحاب الشافعي وأحمد ، وغيرها كالشيخ أبي حامد الإسفرايني والقاضي أبي الطيب ، وأبي إسحاق الشيرازي وغيرهم ، ومثل القاضي أبي يعلى ، والحلواني الكبير ، وابنه عبد الرحمن ، وابن عقيل).

(٧) في المخطوطة (ومضاعفة الأفعال).

٦٩

وممّن قال بالتفضيل إسحاق بن راهويه (١) وغيره من العلماء.

وتوسّط الشيخ عزّ الدين (٢) فقال : كلام الله في الله أفضل من كلام الله في غيره ، ف (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (الإخلاص : ١) أفضل من (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) (اللهب : ١) ، وعلى ذلك بنى الغزالي كتابه المسمى «بجواهر القرآن» (٣) ، واختاره القاضي أبو بكر بن العربيّ (٤) لحديث أبي سعيد [٦٦ / أ] بن المعلى (٥) في «صحيح البخاري» : «إني لأعلمك سورة هي أعظم السّور في القرآن ، قال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (الفاتحة : ٢). ولحديث أبيّ بن كعب في «الصحيحين» (٦) قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أيّ آية في كتاب الله أعظم؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : يا أبيّ ، أتدري أيّ آية في كتاب الله أعظم؟ قال : قلت : (اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (البقرة : ٢٥٥) ، قال : فضرب في صدري وقال : ليهنك العلم أبا المنذر».

__________________

(١) هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد المعروف بابن راهويه ، أحد أئمة المسلمين وعلماء الدين وشيخ الإمام البخاري استوطن نيسابور إلى أن مات بها وانتشر علمه عند أهلها ، قال الدارمي : «ساد إسحاق بن إبراهيم أهل المشرق والمغرب بصدقه» ، روى عنه الجماعة سوى ابن ماجة ، ت ٢٣٨ ه‍ (المزي تهذيب الكمال ٢ / ٣٧٣).

(٢) هو العز بن عبد السلام وقد ذكر السيوطي قوله في الإتقان ٤ / ١١٨ النوع الثالث والسبعون في أفضل القرآن وفاضله.

(٣) طبع الكتاب في مكة المكرمة سنة ١٣٠٢ ه‍ / ١٨٨٤ م ، وفي بومباي ١٣١١ ه‍ / ١٨٩٣ م ، وفي مطبعة فرج الكردي ١٣٢٠ ه‍ / ١٩٠٢ م ، وفي مصر ١٣٢٩ ه‍ / ١٩١١ م (معجم سركيس : ١٤١١) ، وفي القاهرة المطبعة الرحمانية ١٣٥٢ ه‍ / ١٩٣٣ م (قائمة المطبوعات المصرية / ٢٧) ، وفي القاهرة صبيح ١٣٩٦ ه‍ / ١٩٧٦ م (دليل الكتاب المصري : ٦٣) وفي لبنان دار الآفاق ١٤٠٣ ه‍ / ١٩٨٣ م ، وفي لبنان بتحقيق محمد رشيد قباني دار إحياء العلوم ١٤٠٤ ه‍ / ١٩٨٤ م (أخبار التراث ١٧ / ٢٧)

(٤) أحكام القرآن ١ / ٧ سورة الفاتحة قال في المسألة السابعة : «ليس في أم القرآن حديث يدل على فضلها إلا حديثان» وذكر حديث أبيّ

(٥) أبو سعيد بن المعلى صحابي جليل من الأنصار ، أخرج حديثه البخاري في الصحيح ٨ / ١٥٦ ـ ١٥٧ كتاب التفسير (٦٥) ، باب ما جاء في فاتحة الكتاب ... (١) ، الحديث (٤٤٧٤) ، وأطرافه : ٤٦٤٧ ، ٤٧٠٣ ، ٥٠٠٦.

(٦) كذا في المطبوعة والمخطوطة ، والصواب أن الحديث عند مسلم فقط دون البخاري ، انظر تحفة الأشراف ١ / ٢٢ وقد أخرجه مسلم في الصحيح ١ / ٥٥٦ كتاب صلاة المسافرين (٦) ، باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي (٤٤) ، الحديث (٢٥٨ / ٨١٠)

٧٠

وأخرج الحاكم في «مستدركه» بسند صحيح عن أبي هريرة : «سيّدة آي القرآن آية الكرسي» (١).

وفي الترمذي غريبا عنه مرفوعا : «لكل شيء سنام ، وإن سنام القرآن سورة البقرة فيها آية الكرسيّ» (٢).

وروى ابن عيينة في «جامعه» عن أبي صالح عنه : «فيها آية الكرسي وهي سنام آي القرآن ، ولا تقرأ في دار فيها شيطان إلا خرج منها» (٣) ؛ وهذا لا يعارض ما قبله بأفضلية الفاتحة ، لأن تلك باعتبار السّور وهذه باعتبار الآيات.

وقال القاضي شمس الدين الخويّي (٤) : «كلام الله [كله] (٥) أبلغ من كلام المخلوقين ، وهل يجوز أن يقال بعض كلامه أبلغ من بعض؟ جوّزه بعضهم لقصور نظرهم. وينبغي أن يعلم أن معنى قول القائل : هذا الكلام أبلغ من هذا الكلام أنّ هذا في موضعه له حسن ولطف. وذاك في موضعه له حسن ولطف ، وهذا الحسن في موضعه أكمل من ذاك في موضعه. فإن من قال : إنّ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (الإخلاص : ١) أبلغ من (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) (اللهب : ١) يجعل المقابلة بين ذكر الله وذكر أبي لهب ، وبين التوحيد والدعاء على الكافرين ، وذلك غير صحيح ، بل ينبغي أن يقال : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) دعاء عليه بالخسران ، فهل توجد عبارة للدعاء بالخسران أحسن من هذه! وكذلك في (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) لا توجد عبارة تدلّ على الوحدانية أبلغ منها ، فالعالم إذا نظر إلى (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ [وَتَبَ]) (٦) في باب الدعاء بالخسران ، ونظر إلى (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) في باب التوحيد لا يمكنه أن يقول : أحدهما أبلغ من الآخر ، وهذا القيد يغفل عنه بعض من لا يكون عنده [علم] (٦) البيان» (٧).

__________________

(١) أخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٢٦٠ كتاب التفسير باب سيدة آي القرآن ... ، وقال : (صحيح الإسناد ولم يخرجاه) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور ١ / ٦ ، ٣٢ وعزاه أيضا لسعيد بن منصور والبيهقي في شعب الإيمان.

(٢) أخرجه الترمذي في السنن ٥ / ١٥٧ كتاب فضائل القرآن (٤٦) ، باب ما جاء في فضل سورة البقرة وآية الكرسي (٢) ، الحديث (٢٨٧٨) وقال : (حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حكيم بن جبير ، وقد تكلم شعبة في حكيم بن جبير وضعّفه) ، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٢٥٩ كتاب التفسير ، باب سورة البقرة.

(٣) أخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٢٥٩ كتاب التفسير ، باب سورة البقرة من طريق ابن عيينة.

(٤) هو أحمد بن خليل تقدم التعريف به في ١ / ١٠٨.

(٥) ليست في المطبوعة.

(٦) ليست في المخطوطة.

(٧) انتهى قول القاضي شمس الدين الخويي ، وقد ذكره السيوطي في الإتقان ٤ / ١١٨.

٧١

قلت : ولعل الخلاف في هذه المسألة يلفت عن الخلاف المشهور إنّ كلام الله شيء واحد أو لا ؛ عند الأشعري أنه لا يتنوع في ذاته ، إنما هو بحسب متعلّقاته.

فإن قيل : فقد قال تعالى : (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) (آل عمران : ٧) ، فجعله شيئين ، وأنتم تقولون بعدمه ، وأنه صفة واحدة.

قلنا : من حيث إنّه كلام الله لا مزية لشيء منه على شيء. ثم قولنا : «شيء منه» يوهم التبعيض ، وليس لكلام الله الذي هو صفته بعض ، ولكن بالتأويل والتفسير وفهم السامعين اشتمل على جميع أنواع المخاطبات ، ولو لا تنزّله في هذه المواقع لما وصلنا الى فهم شيء منه.

وقال الحليميّ (١) : «قد ذكرنا أخبارا تدلّ على جواز المفاضلة بين السّور والآيات. وقال الله تعالى : (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) (البقرة : ١٠٦) ومعنى ذلك يرجع إلى أشياء :

* أحدها [أن تكون] (٢) آيتا عمل ثابتتان في التلاوة ؛ إلا أنّ إحداهما منسوخة والأخرى ناسخة ، فنقول : إن الناسخ خير ، أي أن العمل بها أولى بالناس وأعود عليهم ، وعلى هذا فيقال : آيات الأمر والنهي والوعد والوعيد خير من آيات القصص ؛ لأن القصص إنما أريد بها تأكيد الأمر والنهي والتبشير ، ولا غنى بالناس عن هذه الأمور ، وقد يستغنون عن القصص ، فكل ما هو أعود عليهم وأنفع لهم ممّا يجري مجرى الأصول خير لهم مما يحصل تبعا لما لا بدّ منه.

* والثاني أن يقال : إنّ الآيات التي تشتمل على تعديد أسماء الله تعالى وبيان صفاته والدّلالة على عظمته وقدسيّته أفضل أو خير ، بمعنى أن مخبراتها أسنى وأجلّ قدرا.

* والثالث أن يقال : سورة خير من سورة ، أو آية خير من آية ، بمعنى أن القارئ يتعجّل [له] (٣) بقراءتها (٤) [فائدة سوى الثواب الآجل ، ويتأدّى منه بتلاوتها عبادة ، كقراءة آية الكرسيّ ، وسورة الإخلاص ، والمعوذتين ؛ فإنّ قارئها يتعجّل بقراءتها] (٤) الاحتراز مما يخشى ، والاعتصام

__________________

(١) هو أبو عبد الله حسين بن الحسن تقدم التعريف به في ١ / ٣٢٢ وانظر قوله في كتابه «المنهاج في شعب الإيمان» ٢ / ٤٤٤.

(٢) ليست في المخطوطة.

(٣) ليست في المطبوعة والصواب إثباتها كما جاء في كتاب الحليمي.

(٤) ليست في المخطوطة.

٧٢

بالله جل ثناؤه ، ويتأدّى بتلاوتها منه لله تعالى عبادة ، لما فيها من ذكر [اسم] (١) الله تعالى ، جدّه بالصفات العلا على سبيل الاعتقاد [لها] (١) وسكون النفس إلى فضل الذكر وبركته ؛ فأما آيات الحكم فلا يقع بنفس تلاوتها إقامة حكم ، وإنما يقع [٦٦ / ب] بها علم (٢) [وإذكار فقط ، فكان ما قدمناه قبلها أحق باسم الخير والأفضل] (٢).

قال : ثم لو قيل في الجملة : إن القرآن خير من التوراة والإنجيل والزبور ، بمعنى أن التعبّد بالتلاوة والعمل واقع به دونها ، والثواب يحسب بقراءته لا بقراءتها ، أو أنه من حيث الإعجاز حجة النبيّ المبعوث ، وتلك الكتب لم تكن معجزة ، ولا كانت حجج أولئك الأنبياء بل كانت دعوتهم والحجج غيرها ؛ وكان ذلك أيضا نظير ما مضى.

وقد يقال : إن سورة أفضل من سورة ؛ لأن الله تعالى اعتدّ قراءتها كقراءة أضعافها ممّا سواها ، وأوجب بها من الثواب ما لم يوجب بغيرها ، وإن كان المعنى الذي لأجله بلغ بها هذا المقدار لا يظهر لنا ، كما يقال : (٣) إن يوما أفضل من يوم (٣) ، وشهرا أفضل من شهر ؛ بمعنى أن العبادة فيه تفضل على العبادة في غيره ، والذنب يكون أعظم من الذنب منه في غيره. وكما يقال : إن الحرم أفضل من الحلّ لأنه يتأدّى فيه من المناسك ما لا يتأدّى في غيره ، والصلاة فيه تكون كصلاة مضاعفة مما تقام في غيره. والله أعلم» (٤).

فصل

قال ابن العربيّ (٥) : إنّما صارت آية الكرسي أعظم لعظم مقتضاها ، فإن الشيء [إنما] (٦) يشرف بشرف ذاته ومقتضاه ومتعلّقاته ، وهي [في] (٦) آي القرآن ك (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) في سوره ، إلاّ أن سورة الإخلاص تفضلها بوجهين : أحدهما أنها سورة وهذه آية ، فالسورة أعظم [من الآية] (٦) ، لأنه وقع التحدي بها ، فهي أفضل من الآية التي [لم] (٦) يتحدّ بها. والثاني أن سورة الإخلاص اقتضت التوحيد في خمسة عشر حرفا وآية الكرسي اقتضت التوحيد في خمسين

__________________

(١) ليست في المخطوطة.

(٢) ليست في المطبوعة والصواب إثباتها كما عند الحليمي.

(٣) تحرفت في المطبوعة والمخطوطة إلى (إن قوما أفضل من قوم) والتصويب من الحليمي.

(٤) هذا تمام قول الحليمي ، وقد ساقه في كتابه المنهاج في شعب الإيمان ٢ / ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ضمن الباب التاسع عشر وهو في تعظيم القرآن.

(٥) هو محمد بن عبد الله بن محمد أبو بكر بن العربي تقدم التعريف به في ١ / ١٠٩.

(٦) ليست في المخطوطة.

٧٣

حرفا فظهرت القدرة في الإعجاز بوضع معنى معبّر عنه مكتوب ، مدده السبعة الأبحر ، لا ينفد ، عدد حروفه خمسون كلمة ، ثم يعبر عن معنى الخمسين كلمة خمسة عشر كلمة وذلك كله بيان لعظم القدرة والانفراد بالوحدانية» (١).

وقال أبو العباس أحمد بن المنيّر المالكيّ (٢) : كان جدي (٣) رحمه‌الله يقول : اشتملت آية الكرسي على ما لم يشتمل عليه اسم من أسماء الله تعالى ؛ وذلك أنها مشتملة على سبعة عشر موضعا فيها اسم الله [تعالى] ظاهرا في بعضها ، ومستكنّا في بعض ، ويظهر للكثير من العادّين فيها ستة عشر إلاّ على [بصير] (٤) حاد البصيرة لدقة استخراجه : ١ (اللهُ) ، ٢ ـ (هُوَ) ، ٣ ـ (الْحَيُ) ، ٤ ـ (الْقَيُّومُ) ، ٥ ـ ضمير (لا تَأْخُذُهُ) ، ٦ ـ ضمير (لَهُ) ، ٧ ـ ضمير (عِنْدَهُ) ، ٨ ـ ضمير (إِلاَّ بِإِذْنِهِ) ، ٩ ـ ضمير (يَعْلَمُ) ، ١٠ ـ ضمير (عِلْمِهِ) ، ١١ ـ ضمير (شاءَ) ، ١٢ ـ ضمير (كُرْسِيُّهُ) ، ١٣ ـ ضمير (يَؤُدُهُ) ، ١٤ ـ (وَهُوَ) ، ١٥ ـ (الْعَلِيُ) ، ١٦ ـ (الْعَظِيمُ) فهذه عدّة الأسماء.

وأما الخفيّ [في] (٥) الضمير الذي اشتمل عليه المصدر في قوله : (حِفْظُهُما) فإنه مصدر مضاف إلى المفعول ، وهو الضمير البارز ، ولا بدّ له من فاعل وهو (اللهُ) ويظهر عند فكّ المصدر ، فتقول : ولا يئوده أن يحفظهما هو» (٦).

قال : وكان الشيخ أبو عبد الله محمد بن [أبي] (٧) الفضل المرسيّ قد رام الزيادة على هذا

__________________

(١) قول ابن العربي ذكره السيوطي في الإتقان ٤ / ١٢٢.

(٢) تقدم التعريف به في ١ / ١٧٦.

(٣) لعل المراد بجده هنا ، جده لأمه حيث بيّنه الداودي في طبقات المفسرين ١ / ٨٩ ضمن ترجمة أحمد بن المنيّر.

إذ ساق أبياتا له وفيها :

لقد سئمت حياتي اليوم لو لا

مباحث ساكن الإسكندرية

كأحمد سبط أحمد حين يأتي

بكل غريبة كالعبقرية

ثم قال الداودي عقب الأبيات (وقوله «سبط أحمد» أشار به إلى جده لأمه وهو : كمال الدين الإمام أحمد بن فارس).

(٤) ليست في المطبوعة.

(٥) ليست في المخطوطة.

(٦) قول ابن المنيّر ذكره السيوطي في الإتقان ٤ / ١٢٢ ـ ١٢٣.

(٧) ليست في المطبوعة ، وأبو عبد الله هو محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل السلمي المرسيّ ، الإمام

٧٤

العدد لما أخبرته عن الجدّ ، فقال : يمكن أن تعدّ ما في الآية من الأسماء المشتقة كلّ واحدة منها باثنين ، لأن كلّ واحد منها يحمل ضميرا ضرورة كونه مشتقا وذلك الضمير إنما يعود إلى الله وهو باعتبار ظهورها اسم ، وقد اشتملت على آخر مضمر (١) ، فتكون جملة العدد على هذا أحدا وعشرين اسما فأجريت معه وجها لطيفا ، وهو أن الاسم المشتق لا يحتمل الضمير بعد صيرورته بالتسمية علما على الأصح ، وهذه الصفات كلّها أسماء [الله تعالى] (٢) ثم ولو فرضناها محتملة للضمائر بعد التسمية على سبيل التنزل ، فالمشتق إنما يقع على موصوفه باعتبار تحمله ضميره ، ألا تراك إذا قلت : زيد كريم ، وجدت (كريما) ، إنما يقع على «زيد» لأن فيه ضميره ؛ حتى لو جردت النظر إليه لم تجده مختصا بزيد ، بل لك أن توقعه على كل موصوف بالكرم من الناس ، ولا تجده مختصا بزيد إلا باعتبار اشتماله على ضميره فليس المشتقّ إذا مستقلا بوقوعه على موصوفه إلا بضميمة الضمير إليه ، فلا يمكن أن يحل له حكم الانفراد عن الضمير مع الحكم برجوعه إلى معيّن البتة. قال : فرضي عن هذا البحث وصوّبه.

وقال الغزاليّ [٦٧ / أ] في قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن لكلّ شيء قلبا ، وقلب القرآن يس» (٣) : إن ذلك لأنّ الإيمان صحته بالاعتراف بالحشر والنشر ، وهو مقرّر في هذه السورة بأبلغ وجه ، فجعلت قلب القرآن لذلك ، واستحسنه فخر الدين الرازي (٤). قال الجوينيّ : «سمعته يترحم عليه بسبب هذا الكلام» (٤).

وقال عبد الله بن مسعود رضي‌الله‌عنه : «آل حم ديباج القرآن» (٥). وقال ابن عباس : «لكل شيء لباب ولباب القرآن [آل] (٦) حم ـ أو قال : الحواميم» (٥). وقال مسعر بن كدام : «كان يقال لهنّ العرائس» (٥). روى ذلك كله أبو عبيد في كتاب «فضائل القرآن».

__________________

العلامة المفسر المحدّث النحوي ذو الفنون مولده بمرسية سنة ٥٧٠ وهو من الأئمة الفضلاء في جميع فنون العلم وله تصانيف عدة ونظم ونثر ، ت ٦٥٥ ه‍ (ياقوت معجم الأدباء ١٨ / ٢٠٩)

(١) تصحفت في المخطوطة إلى (على أخر مضمونة).

(٢) ليست في المخطوطة.

(٣) الحديث من طريق أنس رضي‌الله‌عنه ، أخرجه الدارمي في السنن ٢ / ٤٥٦ كتاب فضائل القرآن باب في فضل يس ، والترمذي في السنن ٥ / ١٦٢ كتاب فضائل القرآن (٤٦) ، باب ما جاء في فضل يس (٧) ، الحديث (٢٨٨٧).

(٤) التفسير الكبير ٢٦ / ١١٣ آخر تفسير سورة يس ، وأعقبه قول الجويني دون التصريح باسمه.

(٥) تقدم تخريج الحديث في ١ / ٣٤٦.

(٦) ليست في المخطوطة.

٧٥

وقال حميد بن زنجويه : حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال : «إن مثل القرآن كمثل رجل انطلق يرتاد لأهله منزلا ، فمرّ بأثر غيث ، فبينما هو يسير [فيه] (١) ويتعجب منه إذ هبط على روضات دمثات ، فقال : عجبت من الغيث الأول فهذا أعجب وأعجب ، فقيل له : إنّ مثل الغيث الأول مثل عظم القرآن ، وإن مثل هذه الروضات الدمثات مثل آل حم في القرآن» أورده البغوي (٢).

وروى أبو عبيد عن بعض السلف ـ منهم محمد بن سيرين ـ كراهة أن يقال : الحواميم ، وإنما يقال : آل حم (٢).

وفي الترمذي عن ابن عباس قال : «قال أبو بكر [رضي‌الله‌عنه للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم] (١) : يا رسول الله ، قد شبت؟ قال : شيّبتني هود ، والواقعة ، والمرسلات ، وعمّ يتساءلون ، وإذا الشمس كوّرت» (٣). خصّ هذه السور بالشيب لأنهنّ أجمع لكيفية القيامة وأهوالها من غيرهن. ولهذا قال [في] (٤) حديث آخر : «من أحبّ أن يرى القيامة رأي العين فليقرأ : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) (التكوير : ١)» (٥).

وروى [الترمذي] (٥) من حديث ابن عباس ومن (٦) حديث أنس : «إذا زلزلت تعدل نصف القرآن ، (٧) [وقل يأيها الكافرون تعدل ربعه» (٨). وقال في كل منهما : غريب.

__________________

(١) ليست في المخطوطة.

(٢) تقدم تخريج الحديث في ١ / ٣٤٦.

(٣) أخرجه الترمذي في السنن ٥ / ٤٠٢ كتاب تفسير القرآن (٤٨) ، باب ومن سورة الواقعة (٥٧) ، الحديث (٣٢٩٧) ، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٣٤٣ كتاب التفسير باب مثل أهل بيتي ... ، وقال (على شرط البخاري) ووافقه الذهبي.

(٤) ليست في المخطوطة.

(٥) الحديث من رواية ابن عمر رضي‌الله‌عنه ، أخرجه أحمد في المسند ٢ / ٢٧ ، وأخرجه الترمذي في السنن ٥ / ٤٣٣ كتاب تفسير القرآن (٤٨) ، باب ومن سورة (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) (٧٤) ، الحديث (٣٣٣٣) ولفظهما (من سره أن ينظر ...) ، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٥١٥ كتاب التفسير ، باب تفسير سورة (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) وقال (صحيح الإسناد) وأقره الذهبي ، وذكره السيوطي في الدر المنثور ٦ / ٣١٨ وعزاه أيضا لابن المنذر وابن مردويه.

(٦) عبارة المخطوطة (وهو من حديث أنس) والحديث يروى عنهما.

(٧) ساقط من المخطوطة.

(٨) حديث أنس رضي‌الله‌عنه ، أخرجه الترمذي في السنن ٥ / ١٦٥ كتاب فضائل القرآن (٤٦) ، باب ما جاء في إذا زلزلت (١٠) ، الحديث (٢٨٩٣) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور ٦ / ٣٧٩ ضمن تفسير سورة الزلزلة وعزاه

٧٦

وقد تكلّم ابن عبد البر على حديث : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (الإخلاص : ١) تعدل ثلث القرآن» (١) ، وحكى خلاف الناس فيه ؛ فقيل : لأنه سمع شخصا يكرّرها تكرار من يقرأ ثلث القرآن] فخرج الجواب على هذا. وفيه بعد عن ظاهر الحديث. قيل : لأن القرآن يشتمل على قصص وشرائع وصفات ، وقل هو الله أحد كلّها صفات ، فكانت ثلثا بهذا الاعتبار. واعترض على ذلك باستلزام كون آية الكرسي وآخر الحشر ثلث القرآن ولم يرد فيه. وقيل تعدل في الثواب ، وهو الذي يشهد [له] (٢) ظاهر الحديث.

قلت : ضعّف ابن عقيل (٣) هذا وقال : لا يجوز أن يكون المعنى فله أجر ثلث القرآن ؛ لقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من قرأ القرآن فله بكلّ حرف عشر حسنات» (٤).

ثم قال ابن عبد البر : «على أني أقول : السكوت في هذه المسألة أفضل من الكلام فيها وأسلم» ، ثم أسند إلى إسحاق بن منصور (٥) ، قلت لأحمد بن حنبل : قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «(قُلْ هُوَ اللهُ

__________________

لابن مردويه والبيهقي ، وحديث ابن عباس أخرجه الترمذي في السنن ٥ / ١٦٦ كتاب فضائل القرآن (٤٦) ، باب ما جاء في إذا زلزلت (١٠) الحديث (٢٨٩٤) ، وأخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن ص ١٢٦ باب فضل سور شتى ، الحديث (٢٩٨) ، وأخرجه الحاكم في المستدرك ١ / ٥٦٦ كتاب فضائل القرآن باب إذا زلزلت تعدل نصف القرآن ... ، وذكره السيوطي في الدر المنثور ٦ / ٣٧٩ وعزاه لمحمد بن نصر ، وللبيهقي.

(١) الحديث من رواية أبي الدرداء رضي‌الله‌عنه ، أخرجه مسلم في الصحيح ١ / ٥٥٦ كتاب صلاة المسافرين (٦) ، باب فضل قراءة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ٤٥ ، الحديث (٢٥٩ / ٨١١).

(٢) عبارة المطبوعة (يشهد لظاهر الحديث) وما بين الحاصرتين ليس في المطبوعة.

(٣) هو عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي ، سمع ابن عمر ، وجابرا ، والطفيل بن أبي ، وسمع منه الثوري ، وشريك وزهير بن محمد ، وابن عيينة ، وبشر بن المفضل ، وابن عجلان. (البخاري ، التاريخ الكبير ٥ / ١٨٤).

(٤) الحديث يروى عن أنس وعن ابن مسعود ، أخرجه الديلمي من رواية أنس ـ واللفظ له ـ (ذكره السيوطي في جمع الجوامع ١ / ٨١٨) ، ولم نجده في المطبوعة من فردوس الأخبار (طبعة دار الكتاب العربي ببيروت) وأخرجه من رواية ابن مسعود رضي‌الله‌عنه : الدارمي في السنن ٢ / ٤٢٩ كتاب فضائل القرآن ، باب فضل من قرأ القرآن ، والترمذي في السنن ٥ / ١٧٥ كتاب فضائل القرآن (٤٦) ، باب ما جاء فيمن قرأ حرفا ... (١٦) ، الحديث (٢٩١٠) ، والديلمي في الفردوس ٤ / ٢٩ الحديث (٥٥٨٢) ولفظه : «من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها» ، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ١٠ / ٤٦٤ كتاب فضائل القرآن ، باب ثواب من قرأ حروف القرآن (١٧٥٦) ، الحديث (٩٩٨٤) بلفظ مقارب.

(٥) هو إسحاق بن منصور بن بهرام ، أبو يعقوب التميمي ، روى عن ابن عيينة ، وأبي داود الطيالسي وخلق كثير. وتتلمذ لأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين ، وروى عنه الجماعة سوى أبي داود ، قال مسلم : «ثقة مأمون أحد الأئمة من أصحاب الحديث» توفي سنة ٢٥١ (ابن حجر ، تهذيب التهذيب ١ / ٢٥٠)

٧٧

أَحَدٌ) تعدل ثلث القرآن» ما وجهه؟ فلم يقم لي فيها على أمر. وقال لي إسحاق بن راهويه : معناه أنّ الله [تعالى] لما فضل كلامه على سائر الكلام جعل لبعضه أيضا فضلا في الثواب لمن قرأه تحريضا على تعلّمه ؛ لا أنّ من قرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ثلاث مرات كان كمن قرأ القرآن جميعه ، هذا لا يستقيم ولو قرأها مائتي مرة.

قال أبو عمر (١) : وهذان إمامان بالسنة ما قاما ولا قعدا في هذه المسألة» (٢).

قلت : وأحسن ما قيل فيه إن القرآن قسمان : خبر وإنشاء ، والخبر قسمان : خبر عن الخالق وخبر عن المخلوق ، فهذه ثلاثة [أثلاث] (٣) ، وسورة الإخلاص أخلصت الخبر عن الخالق ، فهي بهذا الاعتبار ثلث [القرآن] (٤).

فائدة

اختلف في أرجى آية في القرآن على بضعة عشر قولا :

(الأول) آية «الدين» (البقرة : ٢٨٢) ومأخذه أن الله [تعالى] (٥) أرشد عباده إلى مصالحهم الدنيوية حتى انتهت العناية بمصالحهم إلى أن أمرهم بكتابة الدين الكبير والحقير فبمقتضى ذلك يرجى (٦) عفو الله تعالى (٦) عنهم لظهور أمر العناية العظيمة بهم ، حتى في مصلحتهم الحقيرة.

(الثاني) (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ) (النور : ٢٢) إلى قوله (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) (الآية : ٢٢) ، وهذا رواه مسلم في «الصحيح» إثر حديث الإفك ، عن الإمام الجليل عبد الله بن المبارك. (٧)

__________________

(١) تصحف في المطبوعة إلى (قال أبو عمرو).

(٢) قول ابن عبد البر ذكره السيوطي في الإتقان ٤ / ١٢٥.

(٣) ليست في المطبوعة.

(٤) ليست في المخطوطة.

(٥) ليست في المخطوطة.

(٦) في المخطوطة (عفوه).

(٨) أخرجه مسلم في الصحيح ٤ / ٢١٣٦ عن حبان بن موسى ، عن عبد الله بن المبارك ، كتاب التوبة (٤٩) ، باب حديث الإفك ... (١٠) ، الحديث (٥٦ / ٢٧٧٠).

٧٨

(الثالث) قال الشّبليّ (١) في قوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ) [٦٧ / ب](كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) (الأنفال : ٣٨) ، فالله تعالى لما أذن للكافرين بدخول الباب إذا أتوا (٢) بالتوحيد والشهادة أتراه يخرج الداخل فيها والمقيم عليها! (الرابع) قوله تعالى : (وَهَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ) (سبأ : ١٧).

(الخامس) قوله : (إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (طه : ٤٨) (السادس) قوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى : ٣٠).

(السابع) قوله تعالى : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) (الإسراء : ٨٤).

(الثامن) قوله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (الضحى : ٥).

(٤) [حكى هذه الأقوال الخمسة الأخيرة الشيخ محيي الدين في «رءوس المسائل» (٣)] (٤).

(التاسع) رأيت في «مناقب الشافعيّ» للإمام أبي محمد إسماعيل الهروي (٥) صاحب الحاكم بإسناده عن ابن عبد الحكم ، قال : سألت الشافعيّ : أيّ آية أرجى؟ قال : قوله تعالى : (يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ* أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) (البلد : ١٥ و ١٦). قال : وسألته عن أرجى حديث للمؤمن؟ قال : حديث : «إذا كان يوم القيامة يدفع إلى كل مسلم رجل من الكفار فيذهب به إلى النار» (٦).

(العاشر ، والحادي عشر) روى الحاكم في «مستدركه» عن محمد بن المنكدر قال :

__________________

(١) هو محمد بن عبد الله الشبلي الدمشقي ثم الطرابلسي الحنفي رحل إلى القاهرة وأخذ عن أبي حيان ، وابن فضل الله وغيرهما ، ولي قضاء طرابلس ، سمع الكثير ، وعني بالرواية ، وقرأ على الشيوخ. كان يتثبت في أحكامه ، ويرابط في السواحل ويلبس السلاح ويقاتل. من تصانيفه «محاسن الوسائل» وغيرها ت ٧٦٩ ه‍ (ابن حجر ، الدرر الكامنة ٣ / ٤٨٧).

(٢) في المخطوطة (أتي).

(٣) كتاب «رءوس المسائل» للإمام محيي الدين النووي ، ذكره طاش كبري زادة في مفتاح السعادة ٢ / ٥٢١ ، وذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ١ / ٩١٥.

(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

(٥) تقدم ذكره في ١ / ٤٧٩ ، وكتابه ذكره السبكي في طبقات الشافعية ٣ / ١١٥ ، وقال : «... وهو كتاب حافل رأيت منه نسخة في مجلدين في خزانة كتب دار الحديث الأشرفية بدمشق».

(٦) أخرجه من رواية أبي موسى الأشعري مسلم في الصحيح ٤ / ٢١١٩ ، كتاب التوبة (٤٩) ، باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله.

٧٩

التقى ابن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص ، فقال ابن عباس : أيّ آية في كتاب الله أرجى عندك؟ فقال عبد الله بن عمرو : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) (الزمر : ٥٣) ، قال : لكن قول إبراهيم : (قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (البقرة : ٢٦٠) (١) [هذا لما في الصدور من وسوسة الشيطان ، فرضي الله تعالى من إبراهيم بقوله : (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى)] (١) وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه (٢).

وقال النحاس (٣) في سورة الأحقاف : (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ) (الآية : ٣٥) فقال : إن هذه الآية من أرجى آية في القرآن إلا أن ابن عباس قال : أرجى آية في القرآن : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) (الرعد : ٦).

وأما أخوف آية فعن الإمام أبي حنيفة أنه قال : هي قوله تعالى : (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) (آل عمران : ١٣١) ولو قيل [لكم] (٤) إنها (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) (الرحمن : ٣١) لكان له وجه (٥) ؛ ولهذا قال بعضهم : لو سمعت هذه الكلمة من خفير الحارة لم أنم.

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

(٢) المستدرك ٤ / ٢٦٠ ، كتاب التوبة والإنابة ، وقال الذهبي في التلخيص «فيه انقطاع» والحديث أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن ق ٣٨ / أ(مخطوطة توبنجن) باب فضل آيات في القرآن.

(٣) النحاس ، إعراب القرآن ٤ / ١٧٥ ، في الكلام على الآية (٣٥) من سورة الأحقاف.

(٤) ساقطة من المطبوعة.

(٥) في المخطوطة (وجها).

٨٠