من هدى القرآن - ج ٨

السيّد محمّد تقي المدرّسي

من هدى القرآن - ج ٨

المؤلف:

السيّد محمّد تقي المدرّسي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار محبّي الحسين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-5648-11-4
ISBN الدورة:
964-5648-03-3

الصفحات: ٤٩٥

وصفوها ووبرها ، الى ان تصلوا مكة. كما أكدت ذلك أحاديث عديدة. (١)

ثُمَّ مَحِلُّها

اي منزلها الأخير.

إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ

العتق هو التحرير بعد العبودية ، ولقد أعتق الله البيت الحرام من ملكية الإفراد أيا كانوا وجعله للناس سواء ، وهو في نفس الوقت مكان العتق ، اي ان الإنسان يستطيع ان يحرر نفسه من ذنوبه ، ومن كل من يستعبده من شياطين الجن والانس.

[٣٤] وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ .

لكل امة من الأمم شعائر ، وضعت من أجل ذكر اسم الله ، فتقديس هذه الشعائر لذاتها هو نوع من الرجس والوثنية ، اما نحن فعلينا الّا نقدس المناسك لذاتها ، انما نقدس المناسك لأنها تدعونا الى ذكر الله ، وقد سبق القول : بان المناسك المذكورة في هذه السورة تهدف ـ فيما تهدف ـ الى بيان خلفياتها ، لئلا تقدس المناسك ذاتها ويهمل ما وراءها من قيم واهداف ، والهدف من الانعام التي تذبح لله ليس إهداء لحمها الى الله ، لان الله لا ينال لحومها ولا شحومها ، بل تناله التقوى وذكر الله ، فذكر الله هو الهدف الرئيسي من كل المناسك ، لذلك قال : «لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ» وذكر الله ليس ذلك الذكر اللساني ، بل نيّة القلب ، وإخلاص العمل ، كذل قال الله : «وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ» والمنسك حسب الراغب ـ العبادة. وحسب الطبري والرازي يقال المنسك ويقصد الذبيحة. (٢)

__________________

(١) راجع نور الثقلين ج ٣ ص ٤٩٧.

(٢) تفسير نمونه ج ١٣ ـ ص ١٠٢.

٦١

فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ

ليس إلهكم الانعام التي تفدونها ، وليس إلهكم الزينة التي تتزينون بها في يوم العيد ، وليس إلهكم مجتمعكم. كلا .. انما إلهكم اله واحد ، وكل هذه النعم من الله وتحترم بأمر الله.

فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ

المخبتون : الذين سلّموا لا وأمره ، وسلّموا لوحدانيته.

[٣٥] ويتميز المخبتون بعدة صفات هي :

١ ـ وجل القلب بذكر الله. وهو تعبير عن قوة الروح ، وعمق الايمان ، وقد بلغت تقوى الله في أنفسهم ، درجة تجري عبراتهم بمجرد ذكره ، اي وصلوا الى درجة العرفان ، فكان الله اجلى وأعظم حقيقة في نفوسهم كما جاء في الدعاء المأثور عن سيدهم الأمام الحسين عليه السّلام : «الهي كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك ، أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو الدليل عليك ، متى غبت حتى تحتاج الى دليل يدّل عليك ، ومتى بعدت حتى توصلنا الآثار إليك ، عميت عين لا تراك عليها رقيبا»

٢ ـ الصبر على الرسالة ، وعلى ظلم الناس ، والصبر أيضا على قمع الأهواء والشهوات.

٣ ـ اقامة الصلاة التي هي رمز لسائر العبادات.

٤ ـ حرصهم ومحافظتهم على بناء صرخ المجتمع بالإنفاق.

٦٢

كذلك قال ربنا وهو يصف المخبتين :

الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ

٦٣

وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦) لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (٣٧) إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (٣٨) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ

٦٤

عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١)

٦٥

الجهاد حصن المقدسات

هدى من الآيات :

هكذا جعل الله البدن ، وهي الإبل ، من شعائره ، حيث تساق الى البيت الحرام ، من شقة بعيدة ، فاذا صفت أيديها وارجلها للنحر ، التف حولها الناس ، ومنهم الجائعون ، يذكرون اسم الله عليها ، حتى إذا وقعت منحورة أكلوا منها وأطعموا الفقير والمسكين ، وشكروا الله.

لمن هذه اللحوم التي تطعم ، وتلك الدماء التي تراق؟ انما هي للناس ، وفائدة الذبح والنحر تنمية التقوى في النفوس. والهدف من تسخيرها لهم تذكيرهم بعظمة الله. وان يكبروه على ما هداهم ، ويحسنوا الى الناس ..

وبمناسبة الحديث عن الحرمات والشعائر ، يبين السياق حكم الدفاع عنها ، فالله سبحانه يدافع عن الذين آمنوا انه لا يحب كل خوان كثير الخيانة دائم الخيانة ، الكفور بنعم الله. والخونة هم الذين يقاتلون المؤمنين ، ولا يفون بعهد ولا ذمة. اما المؤمنون فعليهم ان يقاتلوا الكفار لأنهم قد ظلموا ويتوكلوا على الله واثقين بنصره ،

٦٦

أو لم يخرجوا من ديارهم بغير حق ، وانما لأنهم يقولون : ربنا الله؟ بلى وانما تبقى للمقدسات حرمة بدفاع المؤمنين عنها. والا هدمت بيوت العبادة والله ينصر من ينصر دينه وهو القوي العزيز.

وانما يهدف المؤمنون بقتالهم التمكن في الأرض واقامة حكم الله فيها.

بينات من الآيات :

اهداف الشعائر :

[٣٦] وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ

البدن هي الإبل التي تقلّد لتنحر في منى ، وهذه من الشعائر المقدسة ، ولنا فيها وأمثالها من الشعائر خير ، خير مادي ومعنوي ، بالاستفادة منها اولا ، وبالحصول على التقوى من خلالها ثانيا.

فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَ

اي اذكروا اسم الله عليها حين تصف أيديها وارجلها استعدادا للنحر ، وذكر الله واجب عند النحر ، وليست هنالك صيغة خاصة له. الا ان الأثر جاء بنص يعتبر الأكمل ، ففي حديث مروي عن أبي عبد الله الصادق عليه السّلام جاء هذا الذكر عند النحر.

«وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما انا من المشركين ، ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وانا من المسلمين ، اللهم منك و لك ، بسم الله وبالله ، والله أكبر ، اللهم تقبل مني». (١)

__________________

(١) تفسير نمونه ج ١٤. ص ١٠٧.

٦٧

وفائدة هذه الشعائر هي أنها تزيد من الكمالات الروحية والمعنوية.

فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها

اي خرت صريعة بعد نحرها ، حتى استقرت جنباتها على الأرض بالكامل كناية عن انتهاء حركتها.

فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ

كلمتي (القانع والمعتر) تدلان على معنيين هما الفقير والمسكين. والفقير هو الذي لا يملك قوت سنته ، اما المسكين فهو الذي أسكنه الفقير بيته ، وهو أشد فقرا منه.

وأصل كلمة القانع هو الفقير الذي يقتنع بما تعطيه ، فهو كما قال الرب سبحانه في آية أخرى : تحسبهم أغنياء من التعفف .. بينما أصل كلمة المعتر الذي لا يملك تعففا من السؤال. والكلمة مشتقة من (العرّ) وهو مرض الجرب يصيب جلد البعير ، وكان المعتر قد أصاب وجهه مرض فسقط جلده كناية عن ذهاب ماء وجهه وعدم الحياء لديه. وجاء في رواية ان المعتر هو الذي يعتريك .. ولا يسأل. و في حديث آخر عن أبي عبد الله الصادق عليه السّلام :

«القانع الذي يرضى بما أعطيته ولا يسخط و لا يكلم ولا يلوي شدقه غضبا ، والمعتر المار بك لتطعمه» (١)

كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

الهدف من تسخير الله الانعام للإنسان هو الشكر له سبحانه ، وعموما فان

__________________

(١) نور الثقلين ج ٣ / ص ٤٩٨.

٦٨

الهدف من النعم المادية هو التكامل المعنوي.

ونستوحي من هذه الآية : ان النعم المادية في الحياة الدنيا وسيلة للتكامل المعنوي ، فالإنسان الجائع الذي لا يمتلك مأوى يأوى اليه ليحميه من قيظ الصيف وبرد الشتاء ، من الصعب عليه ان يسعى من أجل بناء كيانه المعنوي ، ان ينمي علمه وايمانه وتقواه ، اما الذي استطاع ان يتجاوز ضرورات حياته ، فان باستطاعته ان يتفرغ لما هيئ له.

وضرورات الحياة تشبه وقود السيارة ، فحينما تمتلئ السيارة بالوقود آنئذ تصبح مهيأة للسير ، فسير السيارة هو الهدف بينما الوقود ضرورة الهدف ، فالسيارة لم تصنع لكي تبتلع الوقود ، انما صنعت لكي تنطلق ، وكذلك الإنسان لم يأت الى الحياة لكي يأكل ويشرب وينام ، و .. و .. انما أتى الى الحياة وفرضت عليه تلك السنن ، لكي يسمو بروحه ويعرج في مدارج الكمال .. وهذه الفكرة نستوحيها من الآيتين الاوليتين من هذا الدرس.

[٣٧] ثم ان التقوى كالشجرة التي تنبت في القلب بحاجة الى تنمية ، والاضحية تنمي شجرة التقوى في القلب.

لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها

ثم يبين الله سبحانه بأنه ليس لربها نصيب في لحومها أو دمائها ، انما النصيب راجع الى الناحر الذي يزداد بذلك تقوى وايمانا.

وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ

كذلك جاء في الحديث الشريف : ما علة الاضحية؟ قال :

٦٩

الإنسان ، هل هو مستقر أم مستودع؟

حينما ينزل في حلبة الصراع ، فيعرف مدى إيمانه ، وللصراع فوائد كثيرة أهمها :

١ / انه يجعل الإنسان مؤمنا صادقا ، ويزيل عنه رواسب كفره وشكه ، وجهله وغفلته ، كما انه يكشف الإفراد الضعفاء ايمانا وارادة في المجتمع الاسلامي والذين لا يستحقون ان يكونوا أعضاء مؤثرين فيه. وبكلمة موجزة : ان الجهاد يكرس الواقع الايماني في المجتمع.

٢ / والجهاد حصن المقدسات ودرع الحرمات والشعائر ، فاذا كانت الحرية مكفولة لجميع الناس عند حرم الله ، وإذا كان المؤمنون يقصدون ـ بكل أمان ـ بيت الله ومعهم شعائرهم من أقصى الأرض ، فلأن المجاهدين يحمون البلاد من أطرافها ، وإذا كانت القوى الكافرة والمنافقة والمترفة لا تهتك حرمات الناس داخل البلاد فلأن المجاهدين يقفون لهم بالمرصاد. وإذا كانت مراكز الطاعة المقدسة تعلو في آفاق الأرض فلان حولها ليوث الجهاد الأشداء. يحمونها كما يحمي الأسد عرينه.

وبالتالي فان المساجد ، والمعابد ، والكنائس انما تقوم على أساس دفاع المؤمنين عنها ، ولو لا دفاع المؤمنين عن مراكز عبادتهم ، ومحل اقامة شعائرهم ومناسكهم ، اذن لتهدمت هذه المساجد والمعابد والكنائس على ايدي أعداء الله وأعداء دينه.

فالكعبة مثلا قائمة على دفاع المؤمنين ، عن وجودها وحرية العبادة فيها ، فاذا ترك المؤمنون الدفاع عنها فانها تزول حرمتها وقداستها.

ان ربط المقدسات بعمل المؤمنين وجهادهم هي أهم وابرز فكرة حضارية يحتاجها المسلمون اليوم ، ان بعض المسلمين اليوم يظنون ان وجود رسم القرآن بينهم

٧٠

«انه يغفر لصاحبها عند أول قطرة تقطر من دمها الى الأرض وليعلم الله عز وجل من يتقيه بالغيب وأضاف : انظر كيف قبل الله قربان هابيل ورد قربان قابيل».

كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ

ان نحر الانعام أو ذبحها يهدف شكر الله. وفي آية سابقة ، ذكر الله. إنّ هدف الشعائر هو تقوى القلوب ، اما هدف التسخير فهو تكبير الله ، كل ذلك يوحي بان الهدف الأسمى من النعم المادية التكامل المعنوي. وتكبير الله هو إخراجه من حدّ التعطيل والتشبيه ، كما جاء في الحديث ، وتكبير الله على الهداية تمجيده على ان هدانا للايمان ، وأرشدنا الى الحنيفية البيضاء. والآية تشير الى التكبير أيام التشريق في الصلوات بمنى في عقيب خمس عشرة صلاة ، وفي الأمصار عقيب عشر صلوات. (١)

وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ

كيف يمكن للإنسان ان يستفيد من النعم في مجال تكامله المعنوي والروحي؟

يجيب القرآن على هذا السؤال ويقول : «وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ» ، فبالاحسان تخرج من شح الذات الى فضاء الخير ، فالعطاء مفتاح الرزق ، وطريق الايمان.

شرعية الجهاد :

[٣٨] الايمان ليس مجرد كلام يقال ، ولا حتى عقيدة مقطوعة الجذور ، كلا ذلك لان الايمان حقيقة راسخة في القلب يصدّقها العمل ، وانما يتضح إيمان

__________________

(١) راجع الكتب الفقهية. وأيضا نور الثقلين ج ٣ ص ٥٠٠.

٧١

يجعلهم أعزاء ، كلا .. ان ايمانهم بالقرآن ودفاعهم عنه هو الذي يجعل القرآن عزيزا بينهم وعزيزا في العالم أجمع.

فليس وجود الكعبة يعز المؤمنين فقط ، انما وجود المؤمنين حولها يجعلها عزيزة أيضا ، ومن دون هذه العزة التي يسبغها المؤمنون على مقدساتهم ، فانها لا تبقى ، ونحن هنا نؤمن بدور الغيب الذي يظلل المؤمنين بظلال من التأييد والرعاية ، ذلك ان الصراع بين الحق والباطل ليس بعيدا عن هيمنة الغيب ، أو ليس الله يدافع عن المؤمنين ، بلى. ولكنه قد يدافع عنهم بأيديهم ، وبكلمة : ان بداية أي تحرك يكون من الناس ، ثم يأتي التأييد والنصر من الله.

إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ

وهذه الآية تزرع الأمل والثقة والاطمئنان في قلوبنا ، لان الله يدافع عنا ، ومعلوم ان الأمل وقود الثورة ، والثقة وقود العمل ، والاطمئنان قاعدة السعي.

[٣٩] ان شياطين الجن والانس يحيطون بقلب الإنسان ويملأونه باليأس والخوف ، اما ذكر الله فهو ـ على العكس من ذلك ـ ينمّي فينا التطلع ، ويحفزنا للأخذ بحقنا ، كما انه يزرع الخوف والقلق في نفوس أعداء الدين ، وسرّاق الحرية ، الذين لا يزالون يخونون امانة الله والناس ، ويكفرون بنعم الله.

أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ

يبحث الإنسان المؤمن عن شرعية الجهاد ، والله يعطيه هنا الشرعية بقوله : «اذن» فلقد اذن الله للمعتدى عليهم المظلومين ، ان يرفعوا راية القتال لرد ظلامتهم ، وذلك لأنك ، مهما أصابك من الظلم والاستضعاف ، لا يجوز ان تيأس من النصر ، بل جدد العزم لان الله قادر على نصرك ، فما دمت تملك شرعية الجهاد

٧٢

وتحمل في جنبيك الأمل ، وكان هنالك من يدافع عنك ويحميك ، فما ذا تنتظر بعدئذ؟ اقتحم كل حصن ووكر ، وجاهد كل طاغية ، فان قوة الله وعزته تتجلى في سواعد المؤمنين وبهم يدفع الله أعداءه وأعداء دينه ، وأعداء البشر.

[٤٠] الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ

هذه أبرز صورة من صور الظلم الذي قال عنه سبحانه «بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا».

ذلك لأنّ أولئك الذين قالوا ربنا الله بصدق ، هم الذين رفضوا تسلط الطغاة ، وقاوموا هيمنة الجبارين. الذين أرادوا فرض قوانينهم وثقافتهم على الناس. فكفروا بهم وآمنوا بالله الواحد. ثم استقاموا واخرجوا من ديارهم لأنهم احتفظوا باستقلالهم. ولعل الطغاة لم يفرضوا عليهم الخروج بل انهم هاجروا خشية بطش الجبارين ، واستعدوا للقتال حتى تحرير الأرض من هيمنتهم. كما فعل المسلمون عند ما أمرهم الله ورسوله بالهجرة الى المدينة. حيث نزلت الآية فيهم وجرت في غيرهم.

جاء في الحديث المروي في كتاب الكافي عن الامام أبي جعفر الباقر عليه السّلام انه قال :

«نزلت في رسول الله وعليّ وحمزة وجعفر وجرت في الحسين عليهم السّلام أجمعين» (١)

وكلمة (ربنا الله) هي هدف الهجرة وهدف الجهاد ، وهي في ذات الوقت وسيلة النصر وسبب الفتح. إذ ان أهم شروط الانتصار الاتجاه الكلي الى الله ، والمحافظة على استقلالية العمل في سبيله ، والا نتصور يوما ان النصر يمر عبر عواصم

__________________

(١) المصدر ـ ص ٥٠١.

٧٣

الشرق أو الغرب ، لأنهما أعجز من ان يتوليا نصرنا ، وهم أعجز من نصر أنفسهم ، بل ان الله أمرنا بمقاومتهم لأنهم مصدر بلائنا ، وهم المسؤولون الحقيقيّون عمّا يجري علينا.

فهؤلاء المخرجون من ديارهم ـ هم المظلومون الذين تكفل الله بنصرهم وبتأييدهم ، شريطة أن يتجهوا اليه سبحانه.

وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً

صوامع : معابد يبنيها البعض في الأصقاع النائية يتعبدون فيها ، اما البيع : فهي معابد اليهود ، والصلوات : هي معابد النصارى وكنائسهم ، والمساجد : محاريب المؤمنين ، وكل هذه المراكز تهدف ذكر الله ، وذكر الله لا يتم إلّا بالتحشيد الاجتماعي ، وتعبئة الناس ايمانيا من خلالها ، فاذا هدمت فان سببا من أسباب تجميع الناس على الايمان سوف ينهار ، فالمسجد والكنيسة والدير هي رمز للمؤمنين فتحطم هذا الرمز يعني زوال سبب وحدة المؤمنين وتجمعهم حول مبادئهم ، لذلك فان المؤمنين مأمورون بالحفاظ على مقدساتهم هذه.

وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ

انصروا الله والقيم ، حافظوا على المقدسات وكرامتها ، دافعوا عن حرية الإنسان انكم حين تعملون كل ذلك ينصركم الله ، وإذا نصركم فلا غالب لكم ، ان الله قوي يمتلك أدوات القوة فهو : «تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ» وهو عزيز «تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ» فهو يعزكم ان نصرتموه والا اذلكم ، وان نصرتموه حقا أذل أعداءكم.

٧٤

اهداف الحركة الاسلامية :

[٤١] الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ

تبين هذه الآية اهداف الحركة الاسلامية التي يجب ان يبصرها كل فرد رسالي ، ويخلص نيته في السعي ورائها ، والعمل الجدّي من أجل بلوغها وهي :

١ ـ اقامة الصلاة : إذ انها رمز لكل العبادات من ناحية ، ومن ناحية ثانية : فان اقامة الصلاة تعني توفير الشروط الموضوعية لإقامتها ، كبناء مساجد الله ، والسلامة الروحية ، و ...

٢ ـ إيتاء الزكاة : وهو يشمل كل ابعاد الإنفاق الواجب والمستحب ويساهم في إرساء العدالة الاجتماعية ، بل وفي توفير الرخاء في المجتمع المسلم.

٣ ـ الأمر بالمعروف : القيام بما أمر به الشارع المقدس ، من التشجيع على الصالح من الأعمال.

٤ ـ النهي عن المنكر : القضاء على كل المفاسد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، و .. و ..

وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ

ان الذي يجعل عمله وحركته متجهة الى الله ، فانه سوف يمسك بزمام الأمور وبالتالي فان له من الله العاقبة الحسنى ..

وهذه الآيات الكريمة توضح أهداف الحركة الاسلامية ، وشروط المجاهدين في سبيل الله ، الذين اذن لهم بالقتال ، وهم الذين يطبقون بأنفسهم التعاليم

٧٥

الإسلامية ، ثم يندفعون لنشرها بين الناس وفي الحديث المفصل التالي تبيان بالغ الاهمية لاهداف الحركة الاسلامية ، وشروط القائمين بها ، ونكمل هذا الدرس به :

جاء في الكافي مسندا عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله (ع) قال : قلت له : أخبرني عن الدعاء الى الله والجهاد في سبيله أهو لقوم لا يحل الا لهم ولا يقوم به الا من كان منهم أم هو مباح لكل من وحد الله عز وجل وآمن برسوله (ص) ، ومن كان كذا فله أن يدعو الى الله عز وجل والى طاعته وان يجاهد في سبيله؟ فقال : ذلك قوم لا يحل الا لهم ولا يقوم بذلك الا من كل منهم ، قلت : من أولئك؟ قال : من قام بشرائط الله تعالى في القتال والجهاد على المجاهدين فهو مأذون له في الدعاء الى الله تعالى ، ومن لم يكن قائما بشرائط الله في الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد ولا الدعاء الى الله حتى يحكم في نفسه ما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد ، قلت : فبين لي رحمك الله.

قال : ان الله تعالى أخبر في كتابه الدعاء اليه ووصف الدعاة اليه ، فجعل ذلك لهم درجات يعرف بعضها بعضا ، ويستدل ببعضها على بعض. الى ان قال (ع) : ثم أخبر تبارك وتعالى انه لم يؤمر بالقتال الا أصحاب هذه الشروط ، فقال سبحانه وتعالى : أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وذلك ان جميع ما بين السماء والأرض لله عز وجل ولرسوله ولأتباعهم من المؤمنين من أهل هذه الصفة ، فما كان من الدنيا في ايدي المشركين والكفار والظلمة والفجار من أهل الخلاف لرسول الله (ص) والمولى عن طاعتهما مما كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات ، وغلبوهم عليه ما أفاء الله (١) على رسوله فهو حقهم أفاء الله عليهم ورده إليهم (٢).

__________________

(١) وفي المصدر «مِمَّا أَفاءَ اللهُ» وفي الوافي «فما أفاء الله».

(٢) لعلنا نستفيد من هذه الكلمة : ان السلطة في العالم يجب أن تكون للمؤمنين الصادقين فهي لهم حقا.

٧٦

ثم قال عليه السّلام : وانما اذن للمؤمنين الذين قاموا بشرائط الايمان التي وصفناها ، وذلك انه لا يكون مأذونا له في القتال حتى يكون مظلوما ، ولا يكون مظلوما حتى يكون مؤمنا ، ولا يكون مؤمنا حتى يكون قائما بشرائط الايمان التي اشتراط الله تعالى على المؤمنين والمجاهدين ، فاذا تكاملت فيه شرائط الله تعالى كان مؤمنا ، وإذا كان مؤمنا كان مظلوما ، وإذا كان مظلوما كان مأذونا له في الجهاد ، لقوله عز وجل : أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ وان لم يكن مستكملا لشرائط الايمان فهو ظالم ممن يبغي ويجب جهاده حتى يتوب ، وليس مأذونا له في الجهاد والدعاء الى الله عز وجل ، لأنه ليس من المؤمنين المظلومين الذين اذن لهم في القرآن في القتال ، فلما نزلت هذه الآية : «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا» في المهاجرين الذين أخرجهم أهل مكة من ديارهم وأموالهم أحل لهم جهادهم بظلمه إياهم واذن لهم في القتال.

فقلت : فهذه نزلت في المهاجرين بظلم مشركي أهل مكة لهم فما بالهم في قتال كسرى وقيصر ومن دونهم من مشركي قبائل العرب؟ فقال : لو كان انما اذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة فقط لم يكن لهم الى قتال جموع كسرى وقيصر و غير أهل مكة من قبائل العرب سبيل ، لان الذين ظلموهم غيرهم ، وانما اذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة لإخراجهم إياهم من ديارهم وأموالهم بغير حق ، ولو كانت الآية انما عنت المهاجرين الذين ظلمهم أهل مكة كانت الآية مرتفعة الفرض عمن بعدهم ، إذ لم يبق من الظالمين والمظلومين أحد ، وكان فرضها مرفوعا عن الناس بعدهم إذا لم يبق من الظالمين والمظلومين أحد ، وليس كما ظننت ولا كما ذكرت ، ولكن المهاجرين ظلموا من جهتين ظلمهم أهل مكة بإخراجهم من ديارهم وأموالهم ، فقاتلوهم بإذن الله لهم في ذلك ، وظلمهم كسرى وقيصر ومن كان دونهم من قبائل العرب والعجم بما كان في أيديهم ، مما كان

٧٧

المؤمنون أحق به منهم ، فقد قاتلوهم بإذن الله تعالى لهم في ذلك. (١)

وبحجة هذه الآية يقاتل مؤمنوا كل زمان ، وإنما أذن الله للمؤمنين الذين قاموا بما وصف الله ـ تعالى ـ من الشرائط التي شرطها الله على المؤمنين في الايمان والجهاد ، ومن كان قائما بتلك الشرائط فهو مؤمن ، وهو مظلوم ، ومأذون له في الجهاد بذلك المعنى ، ومن كان على خلاف ذلك فهو ظالم وليس من المظلومين ، وليس بمأذون له في القتال ، ولا بالنهي عن المنكر ، والأمر بالمعروف ، لأنه ليس من أهل ذلك ، ولا مأذون له في الدعاء الى الله تعالى ، لأنّه ليس يجاهد مثله ، وأمر بدعائه الى الله ، ولا يكون مجاهدا من قد أمر المؤمنون (٢) بجهاده ، وحضر الجهاد عليه ، ومنعه منه ، ولا يكون داعيا الى الله ـ تعالى ـ من أمر بدعاء مثله الى التوبة ، والحق ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، ولا يأمر بالمعروف من قد أمر أن يؤمر به ، ولا ينهى عن المنكر من قد أمر أن ينهى عنه ، فمن كانت قد تمت فيه شرائط الله ـ تعالى ـ التي وصف بها أهلها من أصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله) وهو مظلوم ، فهو مأذون له في الجهاد ، كما أذن لهم (٣) في الجهاد ، لأن حكم الله ـ تعالى ـ في الأولين والآخرين ، وفرائضه عليهم سواء الأمن علة أو حادث يكون ، والأولون والآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء ، والفرائض عليهم واحدة ، يسأل الآخرون عن أداء الفرائض عما يسأل عنه الأولون ، ويحاسبون عما به يحاسبون.

و من لم يكن على صفة من أذن الله له في الجهاد من المؤمنين فليس من أهل الجهاد ، وليس بمأذون له فيه حتى يفيء بما شرط الله ـ تعالى ـ عليه ، فاذا تكاملت فيه شرائط الله تعالى على المؤمنين والمجاهدين فهو من المأذون لهم في

__________________

(١) قال المجلسي (ره) : حاصل الجواب انا قد ذكرنا ان جميع ما في ايدي المشركين كان من أموال المسلمين ، فجميع المسلمين مظلومون من هذه الجهة المهاجرون ظلموا من هذه الجهة ، ومن جهة إخراجهم من خصوص مكة.

(٢) وفي بعض النسخ «أمر المؤمنين» ولعله الأوفق بالسياق لقوله «ومنعه منه».

(٣) اي لأصحاب النبي صلّى الله عليه وآله.

٧٨

الجهاد ، فليتق الله ـ تعالى ـ عبد ، ولا يغتر بالأماني التي نهى الله ـ تعالى ـ عنها ، من هذه الأحاديث الكاذبة على الله ، التي يكذبها القرآن ويتبرأ منها ، ومن حملتها ورواتها ، ولا يقدم على الله بشبهة لا يعذر بها ، فانه ليس وراء المعترض للقتل في سبيل الله منزلة يؤتى الله من قبلها ، وهي غاية الأعمال في عظم قدرها ، فليحكم امرء لنفسه ، وليرها كتاب الله ـ تعالى ـ ويعرضها عليه ، فانه لا أحد أعرف بالمرء من نفسه ، فان وجدها قائمة بما شرط الله عليه في الجهاد فليقدم على الجهاد ، وان علم تقصيرا فليصلحها وليقمها على ما فرض الله عليها من الجهاد ، ثم ليقدم بها وهي طاهرة مطهرة من كل دنس يحول بينها وبين جهادها ، ولسنا نقول لمن أراد الجهاد وهو على خلاف ما وصفنا من شرائط الله عز وجل على المؤمنين والمجاهدين لا تجاهدوا ، ولكن نقول : قد علّمنا كم ما شرط الله ـ تعالى ـ على أهل الجهاد ، الذين بايعهم واشترى منهم أنفسهم وأموالهم بالجنان ، فليصلح امرء ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك ، وليعرضها على شرائط الله ، فان رأى انه قد وفّى بها ، وتكاملت فيه فانه ممن أذن الله ـ تعالى ـ له في الجهاد ، وإن أبى أن لا يكون مجاهدا على ما فيه من الإصرار على المعاصي والمحارم ، والاقدام على الجهاد بالتخبيط والعمى ، والقدوم على الله ـ عز وجل ـ بالجهل والروايات الكاذبة ، فلقد لعمري جاء الأثر فيمن فعل هذا الفعل ان الله ـ تعالى ـ ينصر هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ، فليتق الله امرء ، وليحذر أن يكون منهم ، فقد بين لكم ولا عذر لكم بعد البيان في الجهل ، ولا قوة إلّا بالله ، وحسبنا الله عليه توكلنا وإليه المصير(١)

__________________

(١) المصدر ص ٥٠٢ / ٥٠٥.

٧٩

وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٤) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٤٧) وَكَأَيِّنْ مِنْ

________________________

٤٥ [كأيّن] : كم من.

[خاوية على عروشها] : يقال خوت الدار أي خلت من ساكنيها.

[قصر مشيد] : المرتفع من الأبنية.

٨٠