من هدى القرآن - ج ٨

السيّد محمّد تقي المدرّسي

من هدى القرآن - ج ٨

المؤلف:

السيّد محمّد تقي المدرّسي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار محبّي الحسين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-5648-11-4
ISBN الدورة:
964-5648-03-3

الصفحات: ٤٩٥

اي ان النطفة صارت نطفتين من الأب والام ، فتعلقتا ببعضهما وأصبحتا علقة.

فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً

والمضغة هي مقدار ما يمضغ من اللحم.

فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ

ويلاحظ ان في الآيات (١٢ ـ ١٤) سبعة افعال تبيّن دور الارادة الالهية في التحولات التي يمر بها الإنسان من كونه طينا حتى يصير بشرا سويا ، وهي (خلقنا ، جعلناه ، خلقنا ، فخلقنا ، فخلقنا ، فكسونا ، أنشأنا) وذلك حتى لا يتصور الإنسان ان القانون الطبيعي هو الذي يخلق ، كلا .. بل الله هو المهيمن والمدبر من فوق القانون «وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ».

ومن هنا نقول بان أمور الإنسان بيد الله ، فهو يخضع لتدبيره تكوينيا ، فكيف لا يخضع لتدبيره تشريعيا و سلوكيا؟! وثمة ملاحظة هامة هي : ان الله في كل مراحل الخلق لم يقل «تبارك الله» الا في المرحلة الاخيرة ، إذ اعطى فيها الإنسان العقل ، وهنا يجب ان نجل صاحب هذا الفضل ونقول «فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ».

[١٥ ـ ١٦] ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ

هكذا ينلقنا القرآن من معرفة النفس ، وتطورات الخلق الى قدرة الله التي لا يعجزها شيء ، ومن قدرة الله الى البعث بعد النشور ، وبالتالي الى المسؤولية ، وهكذا نرى ان منهج القرآن هو التذكرة بالحقائق العلمية من أجل إغناء وعي الإنسان

١٦١

بالحقائق لكي يحس بدوره في هذا الكون.

٢ ـ التفكر في الكون :

[١٧] وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ

سبع سموات لكل واحدة منها طريقتها ، وفلكها ، وطبيعة الخلق عليها ، وحولها.

ماذا تعني الطرائق هذه؟ هل هي السموات السبع ، أم طرقها؟ وما هي السموات السبع هل هي سبعة أغلفة لهذا الكوكب تحافظ عليه؟ أم هي سبع كرات؟ أم سبع مجرات؟ أم سبعة عوالم؟ تقع كل المجرات التي عرفها أو سوف يعرفها البشر في المستقبل ضمن عالم واحد منها فقط ، ولا يعلم الا الله ومن ارتضاه لسره ماذا في العوالم الاخرى؟

المهم ان دقة خلق الله ، ترى في النطفة كما في السموات ، وتناغم الخلق بين النطفة والسموات ، دليل فطري على وحدة التقدير والتدبير ـ سبحان الله ـ!

وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ

فالله خلق السموات ، وهو يدبرها ، ويهيمن عليها ، وهذه سنته في الخلق جميعا ، لا كما يدعي اليهود : انه خلق الكون ثم تركه هكذا ، فهو ـ تعالى ـ وان جعل للحياة سننا ، ولكنه هو الذي يجريها كما يشاء كيف يشاء.

[١٨] وتتجلى هيمنته على السنن الجارية ، في حكمته البالغة ، فالمطر لا ينزل صدفة وبدون حساب ، انما ينزل من السماء لمصلحة الأرض وإحيائها.

وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ

١٦٢

المطر الذي ينزل من السماء يكون بقدر حاجة الأرض حالا ومستقبلا ، فلو ان البحار تبخرت جميعا ، وتحولت الى سحاب ، ثم الى مطر لحدثت الفيضانات وأهلكت الزرع والضرع ، كما فعل طوفان نوح (ع) ، وعلى العكس من ذلك لو صارت الأمطار شحيحة ، ولا تكفي الناس لماتوا عطشا ، ولكن الذي خلق حاجات الإنسان خلق الى جانبها أشياء بقدرها ، فأودع في الأرض مخازن تحفظ مياه الشتاء للصيف.

والذي شاهد المخازن تحت الجبال (كمغارة جعيتا في لبنان) يعرف كيف ان الله جعل في رحم هذه الجبال مخازن ، تستقبل مطر الشتاء ، ليتفجر نهرا طوال الصيف.

ولكن هل تعني هذه الحقيقة العلمية ان المطر بعيد عن ارادة الله؟ كلا ..

وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ

وكمثال على ذهاب الله بالامطار ، ما يقوله الخبراء عن الصحراء الكبرى في افريقيا ، من انها كانت في يوم ما مزروعة ومعمورة ، بسبب هطول الأمطار عليها ، اما الآن فنادرا ما تتلبد سماؤها بالغيوم ، ويداعب المطر حبات الرمال فيها.

[١٩] بعد ان ذكر الله بان المطر تحت إرادته ، ينزله ، ويذهب به متى يشاء ، عاد السياق يوضح بعض منافع الماء والتي من أهمها وأكبرها أثره في الزراعة ، وذلك حتى لا يصاب الإنسان بالغرور ، فيتكبر عن الحمد حين يرى الخيرات.

فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ

فبالاضافة الى الأكل الذي يحصل عليه الإنسان من الجنات والبساتين ، هناك

١٦٣

نعم اخرى في الأشجار ، أو ليست الغابات والمزارع تستمطر السماء ، وتزيد من قدرة الأرض على تخزين المياه بسبب تكوّن الأحواض تحتها ، وتوفر لحوم الطيور وغذاء الانعام ، وتمنع زحف الصحراء برمالها الخطيرة على المدن ، كما تحجز الرياح السامة ، وتلطف الهواء في الصيف والشتاء وهي ـ بالاضافة الى كل ذلك ـ تعتبر المواد الاولية للصناعات المختلفة. وكان الإنسان يعتمد عليها في بناء المساكن ، وتهيئة الملابس ، وتعبيد الطرق ، وبناء الجسور ، وما أشبه؟!

وبعد كل ذلك تزرع المساحات الخضراء البهجة في افئدة الصغار والكبار.

هذا خلق الله ، فكيف ترانا نشكره؟!

[٢٠] وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ

الشجرة هي الزيتون ، والطور الجبل الصغير ، وسيناء اسم للجبل الذي فيه حقل الزيتون ، وكل مكان تزرع فيه أشجار الزيتون يسمى في اللغة العربية (سيناء) ، وهي شجرة نافعة ، من فوائدها : انها تعطي الدهن ، وتشكل غذاء جيدا «صبغ للآكلين».

وفي هذه الآيات يذكر الله بثلاث ثمار هي (التمر ، والعنب ، والزيتون) وهي في الواقع أنفع الثمار للإنسان وفيها حاجاته المختلفة.

[٢١] وكما الفواكه نجد ان الحيوانات أيضا خلقت بشكل يمكننا الاستفادة منها ، وتسخيرها.

وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً

والعبرة كلمة مأخوذة من العبور ، ويعني ان لا نقف على حدود الأشياء ، بل

١٦٤

نتحول منها الى دلالاتها ، فاذا رأينا الإبل يتحمل العطش والجوع مدة طويلة ، يساعده ذلك على حملنا في المفاوز المترامية الأطراف ، وان له من المنافع الشيء الكثير ، فلا يجب علينا ان نقف إجلالا لهذا الإبل أو نعبده ، بل يجب علينا ان نكبّر خالقه.

نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها

من حليبها ومشتقاته.

وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ

من وبرها ، وصوفها ، وجلدها و .. و ..

وَمِنْها تَأْكُلُونَ

لحمها وشحمها.

[٢٢] وبعضها كالجمال ، والحمير ، والبغال ، والخيول تصلح ان تكون وسيلة للتنقل عليها.

وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ

وهكذا نجد الحياة مليئة بنعم الله ، فالدواب تحملنا في البر ، حتى إذا وصلنا الى البحر وجدنا السفينة تحملنا في عرضه.

وكلمة اخيرة :

ان القلب الطاهر ، والاذن الواعية ، والعين البصيرة ، شرط لاستقبال نور المعرفة الالهية ، المنبثق من آياته الظاهرة ، فانّى نظرت ، رأيت تناسقا ، وتنظيما ، وتدبيرا ،

١٦٥

ورأيت عمق الصلة بين المخلوقات ، وبالذات بين الإنسان ، وسائر ما خلق له.

انه يخلق من سلالة من طين ، وتقيده يد الرب في تطوراته ، ثم إذا خرج الى الدنيا وجد امامه كل حاجاته. وجد السماء سقفا محفوظا ، ووجد الماء يهبط له منها ، وهو أصل كل خير ، ووجد الزراعة تتناسب وحاجاته المختلفة ، ووجد الحيوانات مسخرة له. أفلا يدعوه ذلك الى الخضوع والتسليم لرب العالمين؟!

١٦٦

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٢٣) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ (٢٤) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (٢٥) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٢٦) فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٢٧) فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٨) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ

___________________

٢٥ [جنّة] : جنون.

١٦٧

الْمُنْزِلِينَ (٢٩) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (٣٠) ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (٣١) فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٣٢) وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (٣٣) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (٣٤) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (٣٥) هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ (٣٦) إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٣٧) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (٣٨) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٣٩)

١٦٨

ربي انصرني بما كذبون

هدى من الآيات :

في سياق الحديث عن الايمان في هذه السورة يحدثنا هذا الدرس عن عاقبة الذين استكبروا على الله ، ولم يؤمنوا بالرسالة الإلهية أو من يمثلها ، ويأتي هذا الدرس بعد تذكير القرآن بآيات الله ، بهدف تذليل العقبات التي تعترض طريق الايمان بالله ، وأبرزها الاستكبار ، وكان يمثل الولاية في الأرض آنئذ رسول الله نوح (ع) حيث استكبر قومه فلم يسمعوا له ، زاعمين بأنه ما دام بشرا ، فلا يمكن الخضوع له ، وعلوا في الأرض ، فما ذا كانت عاقبتهم؟

لقد أمر الله نوحا ان يصنع الفلك ، فلما اكتملت جرى الطوفان ، فأنجى الله من في السفينة ، وأغرق الباقين ، وقد تجلى علم الله ، وقدرته على يد نوح في الأرض ، وهذا يكفي دليلا على انه يمثل ولاية الله الحق.

اذن لا داعي للاستكبار على من يمثل هذه الولاية ، ولا نعتقد يوما ان رفضنا له سيغير من الواقع شيئا ، إذ سيبقى وليّا قبلنا أم رفضنا ، وإذا لم نقبل بولايته تشريعيا

١٦٩

بالطوع. فسنقبلها تكوينيا بالإكراه ، ولنا في الماضين عبرة.

ان ولاية نوح لم تكن ذاتية ، وانما كانت بأمر الله وقدرته ، ولذلك دعا ربه ان ينزله منزلا مباركا. فيه الخير والامان.

وتكررت قصة قوم نوح مع آخرين بعدهم ، إذ لم يتعظوا بمن قبلهم ـ وهذه سنة الهية عامة ـ فقد اهلكهم الله لأنهم كذبوا بالرسول ، واستكبروا على الرسالة ، والأسباب هي :

١ ـ انهم كانوا ينظرون للرسول نظرة مادية. حيث أرادوه صاحب مال ومنصب ، أما ان يكون مثلهم ، فقد زعموا انهم سوف يخسرون لو أطاعوه ، وغاب عنهم ان القيمة الحقيقية للإنسان هي بما يملك من قيم وسلوك صالح ، وبالتالي اذن الله.

٢ ـ كانت تلك عقبة الاستكبار ، والعقبة الثانية في طريق الايمان بالرسالات : الريب في البعث ، فقالوا : انه يعدكم بالنشور بعد ان تموتوا ، وتصبحوا ترابا ، وعظاما. انه وعد بعيد ، ثم قالوا : بل هو وعد كاذب ، وانما هي الحياة الدنيا نموت ونحيا فيها.

وتمادوا في غيهم ، فكذبوه ، وقالوا : انه مفتر على الله ، وعقدوا العزم على عدم الايمان به أبدا.

لقد كان التكذيب عظيما على قلب نوح (ع) ذلك العبد الصالح ، الذي غمرت معرفة الرب أرجاء قلبه الخاشع ، ولم يجد لنفسه من نفسه قوة ، فدعا ربه قائلا : «رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ».

بينات من الآيات :

[٢٣] في آيات آنفة رأينا نعم الله على البشر ، ولكن لماذا نجد الإنسان بالرغم

١٧٠

من تجلى الله له في كل شيء ، يكفر به ، ويجعل بينه وبين معرفته حجبا زائفة ، معرضا عن آياته تعالى.

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ

ان خضوع الإنسان لقوى اخرى هو الذي يبعده عن معرفة الله ، والطاعة له ، والآية تبيّن مشكلة قوم نوح انهم كانوا يخضعون لقوى أخرى ، وتتعرض الآية التالية الى اثنتين منها :

[٢٤] الاولى : تقديس الذات الذي يقودهم الى التكبر على الحق.

فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً

ولو كان الإنسان يجعل الحق هو المقياس لا ذاته ، لما همه لمن يخضع ما دام يمثل الحق رسالة وسلوكا.

الثانية : تقليد الاباء.

ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ

[٢٥] وهذان السببان هما اللذان حملاهم على اتهام نبي الله نوح (ع) بالجنون.

إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ

ان المعرفة قريبة من الإنسان ، وميسّرة له ، ولكنه قد يبتلي بالكبر أو التقليد الأعمى ، فيكون ابعد ما يكون عن الايمان والمعرفة ، وحتى نخلق الايمان في نفوسنا يلزم ان ننبذ الكبر ، وان نغير طائفة من عاداتنا وتقاليدنا السلبية التي درج عليها

١٧١

الأولون ، بل وحتى بعض العادات الجيدة قد لا يكون الأنسب توارثها تباعا لاختلاف الظروف بل الأنسب تطويرها أو تقديم غيرها عليها.

وبقي شيء لا بد من ذكره من خلال قصة نوح وقومه هو : انهم حينما أرادوا انكار القيادة الالهية العادلة أنكروا الله من الأصل ، ولكي يكتمل الايمان لا بد من الالتزام بقيادة الهية ، ولذلك قال رسول الله (ص) :

«من مات ولم يعرف امام زمانه ، فقد مات ميتة جاهلية»

و صدق الامام علي (ع) إذ قال :

«هلك من لم يكن له حكيم يرشده»

والذين ينكرون القيادة الالهية منحرفون ، وعليهم ان يشككوا في ايمانهم ، لأنهم لو كانوا مؤمنين حقا لخضعوا لمن وضعه الله عليهم ، ولبرمجوا حياتهم حسب ما أمر الله ، لا حسب الالتزام بالماضي ، فالاصالة جيدة ولكن ليس على حساب الإبداع في حدود موضوعيّة حقة.

[٢٦] قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ

ان اطمئنان الرسول بحتمية نصره ، وتأييده من قبل الله هو الذي يدفعه نحو هذا الدعاء ، وان دل هذا على شيء فانما يدل على الايمان المطلق بالله لدى الرسل والأنبياء والأولياء.

[٢٧] حينما أحس نوح من قومه الكفر والجحود ، طلب من الله النصر ليتبيّن لهم انه بالفعل يمثل الولاية الالهية ، فجاءه النصر ، وهذا يدل على انه كلما ازدادت الضغوط على الرسالي وهو يؤدي مسئوليته في الإصلاح كلما قرب النصر ، ونصر الله قريب ممن لم تنصره العوامل الذاتية ، والمادية شرط ان يبذل قصارى جهده.

١٧٢

ان نصر الله لا يأتي دائما على هيئة صيحات وزلازل ، بل يجري قسم منه على يد المؤمنين ، أو لم يكن الرب الذي أمر السماء والأرض ان تتفجر طوفانا هائلا في لحظات بقادر على ان يخلق لنوح سفينة ، ثم يأمره بالصعود؟ بلى. ولكنه أراد ان يشارك هو في نجاة نفسه ومن آمن معه.

وفي الأحاديث انه بعد ان دعا نوح ربه جاءه جبرائيل بنواة تمر ، وقال له : نجاتك في هذه ، ازرعها ، فزرعها حتى صارت نخلا ، وبعد ثلاثين سنة أمره ان يأكل الثمر ويزرع النوى ، وهكذا مرة ثانية ، ثم أمره ان يقطع جذوع النخل ويصنع السفينة ، وعند ما بدأ بصنعها كان الله يرعاه بعلمه ، وقدرته ، وكان قومه يستهزءون به عند ما يمرون عليه ، لأنه كان يصنع السفينة في بلاد لا بحر فيها.

فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا

نحن قريبون منك ننظر إليك ، ونساعدك.

وأما قولنا : تحت عين الله فيعني تحت رعايته وظله ، أما الوحي : فاشارة الى العلم والمعرفة التي زود الله بها نوحا (ع).

فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ

روي في نور الثقلين «انه قيل لنوح : إذا رأيت الماء يفور من التنور ، فاركب أنت ومن معك في السفينة ، فلما نبع الماء أخبرته امرأته فركب». (١)

ولعل التنور كان يوضع في مكان مرتفع ، فاذا فار ماء دل على أن أمرا خارقا للقوانين الطبيعية قد وقع ، ولذلك جعل ذلك علامة لنوح (ع) ببدء الطوفان.

فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ

__________________

(١) ج ٣ ص ٥٤٣.

١٧٣

الْقَوْلُ مِنْهُمْ)

فإنهم سيغرقون.

وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ

وهذه اشارة لحب نوح الى قومه ، وكيف انه كان يأمل هدايتهم ، ولكن الله نهاه ان يخاطبه في الظالمين.

[٢٨] فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ

أي السفينة.

فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

حينما يأتي نصر الله يجب ان نشكره ، ونذكر ان النصر ليس من ذواتنا ، وذلك حتى لا نصاب بالغرور ، وقد امر الله نوحا ان يحمده حتى لا يتصور قومه انه إله ، وانه هو الذي أنقذهم.

[٢٩] وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ

فلا تفكر ان حاجتك الى الله قد انتهت ، فأنت تحتاجه في كل لحظة ، فقد ترسوا هذه السفينة في منطقة قاحلة ، لا زرع فيها ، ولا ضرع ، وكلمة البركة تدل على ما تدل عليه كلمتي التكامل والتنامي بإضافة مفاهيم وايحاءات أخرى ، وحينما ندعوا الله ان يبارك لنا في شيء ، ويكمل حياتنا به ، فلندعه ان يعطينا التكامل في أبعاد الحياة.

وسؤال نوح ربه بالمنزل المبارك دعاء بان لا يجعل نزوله على الأرض نهاية لنعم الله عليه ، بل بداية لذلك ، وبالفعل حينما نزلوا الى الأرض شرعوا في بناء حضارة ،

١٧٤

لا ليأكلوا على حساب ميراث السابقين ، والمؤمنون حينما ينتصرون ، ويسقطون الطاغوت يعرفون بأنها نقطة البداية ، وآنئذ تبدأ مسئوليتهم الأصعب في البناء الحضاري والتكامل.

[٣٠] إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ

الدنيا ليست على شاكلة واحدة ، فهي مليئة بالمصاعب والمشاكل ، ومسئوليتنا الاستعداد لهذه الحياة ، لا ان نفقد عزيمتنا ، أو تخور ارادتنا امام الشدائد.

وقوله «وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ» فيه تأكيدات على البلاء.

[٣١] ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ

القرن في تعبير القرآن هو الجيل أو الامة. إذ يعاصر بعضهم بعضا ، ويقرن اليه ، ولا ندري من هم هؤلاء ، فلعلهم كانوا قوم ثمود ، فهم الذين اهلكوا بالصيحة ، ولعلهم قوم عاد ، إذ هم أقرب تاريخيا الى عصر نوح.

ولعل إخفاء اسمهم كان بهدف جعلهم أقرب الى واقعنا ، وان عذاب المكذبين سنة الهية ، لا تختص بقوم دون قوم ، ولا عصر دون عصر ، لذلك قال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ وهو ينصح قومه :

«ايها الناس : ان الله قد أعاذكم من ان يجور عليكم ، ولم يعذكم من ان يبتليكم ، وقد قال جل من قائل : إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ » (١)

فالله لا يجور علينا ، ولكنه يبتلينا ، وعلينا ان نخشاه أبدا ، لأنه لا يخص قوما دون قوم في الابتلاء.

__________________

(١) المصدر ص ٥٤٤.

١٧٥

[٣٢] فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ

ونؤكّد مرة بعد مرة : ان دعوة الأنبياء لم تكن مجردة أو ناقصة ، بل كانت دعوة ذات وجهين : الاول : إسقاط الطغاة ، والثاني : اقامة حكم الله ، تحت ولاية أوليائه ، ويدل على ذلك جواب قومهم ..

[٣٣] وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ

الاشراف الذين كانت سلطتهم على الناس مهددة ، والذين يسميهم القرآن بالملإ ، هم الذين كانوا يعارضون الرسل قبل غيرهم ، ولماذا كانوا يعارضون؟ يقول القرآن :

الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا

فالأسباب ثلاثة

١ ـ كفرهم ، وحجبهم أنفسهم عن الحقيقة.

٢ ـ تكذيبهم بالآخرة.

٣ ـ ترفهم في الحياة الدنيا ، وبطرهم ، وغرورهم بنعمها. حيث كان ترفهم مهددّا بهذه الدعوة ، لأنه قائم على الظلم ، والابتزاز ، والاستغلال ، والرسالات تعارض كل ذلك.

ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ

١٧٦

اي ان هذا من طبقتكم ، وطبيعتكم ، فلا تطيعوه ، وإذا عرفنا ان أكثر الطغاة كانوا يضللون الناس البسطاء بأن عنصرهم أفضل من عنصر الناس ، وأنهم متميّزون عنهم ذاتيّا ، ووراثيّا ، ولأنهم الأقوى والأغنى. إذن عرفنا بعدا من أبعاد مثل هذه الآية ، وكان الملأ يقولون للناس : بأنهم اولى بالطاعة من الأنبياء ، لان الأنبياء من طبقة المحرومين ، يأكلون مثلهم ، ويشربون مثلهم ، فهم لا يستحقون القيادة ، بينما هم ـ اي الطغاة ـ يتميزون عن الناس في مأكلهم ومشربهم.

[٣٤] وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ

عند ما ندرس حياة الأنبياء قد نتصور أنهم رجال ضخام ، ونتخيلهم ضمن هالة من القيم المادية ، اما إذا تصورناهم رعاة للغنم ، ثيابهم خلقة .. ويأتي أحدهم الى فرعون وهو جالس في قصره ، تحيط به الجنود ، وشهرته طبّقت الافاق ، ويطلب منه ان يطيعه ، ويسلم الأمر اليه ، فاننا نعرف مدى صعوبة الايمان بهم.

[٣٥] أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ

هل من الممكن ان يعود الرميم ، وتصير العظام البالية بشرا؟!

[٣٦] هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ

اي بعيد ان يتحقق ما يعده الرسل ، وان يعود الإنسان ثانية بعد الموت ، وهنا احتمال آخر لهذه الكلمة هو : ان الكفار كانوا يسوّفون ، فحتى لو كان البعث حقا ، فانه سيكون في زمان بعيد جدا ، وهكذا يسوف أهل المعاصي ، و جاء في الدعاء : «فاعني بالبكاء على نفسي ، فقد أفنيت بالتسويف والآمال عمري» و جاء في الحديث ان أكثر ما يشكو منه أهل النار «سوف».

[٣٧] إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ

١٧٧

وهذه الفكرة منبعها الكفر بالله والتشكيك في قدرته تعالى.

[٣٨] ثم وجهوا التهمة لشخص الرسول ، ففي البداية قالوا انه رجل مثلكم ، ثم ادعوا ان أفكاره خاطئة ، والآن ينسبون اليه الافتراء.

إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ

الايمان حق ، ويوم الآخرة حق ، ولكن ماذا ينفع كل هذا ، ومن دون ان يتجسد عملا صالحا ، ونظاما اجتماعيا في الحياة الدنيا؟!

هؤلاء بخبثهم ، ومكرهم شأنهم شأن كل المضللين عبر التاريخ ، حاولوا أن يفصلوا الدين عن الدنيا. بين الايمان بالله من جهة ، وبين تطبيق نظام دينيّ قائم على الأرض من جهة ثانية ، فقالوا : ان الله حق ، ولكن هذا الرجل لا يمثله في الأرض ، ولا يملك ولايته.

[٣٩] وعند ما يئس منهم نبيهم دعا ربه :

قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ

وهي نفس الكلمة التي قالها نوح (ع) وقد تركت من الآثار ما هو آية للناس على مرّ الزمان ، وهكذا ينصر الله كل من يجسد قيمه على نفسه.

١٧٨

قالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ (٤٠) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤١) ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ (٤٢) ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٤٣) ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (٤٤) ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٤٥) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ (٤٦) فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ (٤٧) فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (٤٨) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٤٩)

١٧٩

بعدا للقوم الظالمين

هدى من الآيات :

لأن القرآن بذاته شفاء ، ولان سورة (المؤمنون) تعالج النفوس المريضة ، بذكر عبر الماضين لتصفي القلوب ، وتتصل بنور الايمان البهي ، ولان أمر التوحيد لا يخص قوما دون آخر ، فان السياق القرآني هنا يذكّر بعاقبة أولئك الذين كذبوا الرسول ، فأنذرهم بأنهم سيصبحون نادمين حين ينزل الله بهم العقاب ، ويعرفون انه جزاء أفعالهم ، وهكذا أخذتهم الصيحة ، جزاء عادلا لغفلتهم ، وجحودهم ، فاذا بهم غثاء كغثاء السيل ، تلاحقهم اللعنة ، فبعدا لهم لأنهم كانوا ظالمين.

وخلق الله قوما غيرهم ، ومضت سنته تعالى فيهم ، كلما كذبوا امهلهم حتى ينتهي أجلهم ، أما إذا جاء أجلهم ، فلا يتقدم ولا يتأخر ، والرسل يتعاقبون رسولا بعد رسول ، ولكنهم كانوا يكذبونهم ، فجعل الله بعضهم يتبع بعضا في الهلاك. حتى أصبحوا جميعا أحاديث تروى ، ولا أثر لهم في الحياة الا ما تحمله ذاكرة التاريخ من عبرهم ، وأمثالهم ، ولعنات الله لهم ، فبعدا لهم لأنهم لم يؤمنوا.

١٨٠