شرح جمل الزجّاجى - ج ٢

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

شرح جمل الزجّاجى - ج ٢

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-2263-0

الصفحات: ٥٩٧

والصحيح أنه يذكّر ويؤنّث والغالب عليه التأنيث. والدليل على تذكيره قوله [من الرجز] :

٧١٣ ـ وقد علمت يا قفيّ التّتفله

فلم يلحقه التاء لما صغّره. و «الضرس» يذكّر ويؤنّث ، وعليه قوله [من الرجز] :

ففقئت عين وطنّ الضرس (٢)

ويقال : «ضرس طويلة».

وكذلك «العاتق» يذكر ويؤنث ، والدليل على تأنيثه قوله [من السريع] :

٧١٤ ـ [لا صلح بيني فاعلموه] ولا

بينكم ما حملت عاتقي

[سيفي وما كنّا بنجد وما

قرقر قمر الواد بالشاهق]

__________________

٧١٣ ـ التخريج : الرجز بلا نسبة في المخصص ١٧ / ١٣.

اللغة : قفي : تصغير قفا. التتفلة والتتفل : الثعلب أو جروه.

المعنى : يهجو إحداهنّ ، فيناديها : يا قفيّ جرو الثعلب ، أما علمت؟!

الإعراب : وقد : «الواو» : حسب ما قبلها ، «قد» : حرف تحقيق. علمت : فعل ماض مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. يا : حرف نداء. قفيّ : منادى مضاف منصوب بالفتحة. التتفلة : مضاف إليه مجرور بالكسرة ، وسكّن لضرورة القافية.

وجملة «علمت» : حسب ما قبلها ، وجملة «يا قفيّ التتفلة» استئنافية لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «يا قفيّ التتفلة» حيث ذكّر القفا بدليل عدم إلحاقه التاء لمّا صغره.

(١) انظر الشاهد الرقم ٦٨٧.

٧١٤ ـ التخريج : البيتان لأبي عامر جدّ العباس بن مرداس في ذيل سمط اللآلي ص ٣٧ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٠١ ؛ ولسان العرب ٥ / ١١٥ (قمر) ، ١٠ / ٢٣٨ (عتق) ؛ وله أو لأنس بن عباس في الدرر ٦ / ١٧٧ ؛ والمقاصد النحوية ٢ / ٣٥١ ؛ ولأبي الربيس التغلبي في لسان العرب ١٥ / ٣٨٤ (ودي) ؛ وبلا نسبة في لسان العرب ١٥ / ٤٢٠ (يدي) ؛ والمقتضب ٢ / ٧٣.

اللغة : العاتق : المنكب وهو مجتمع رأس الكتف والعضد. نجد : مرتفع. قرقر : صوّت. قمر : جمع قمرية وهي ضرب من الحمام. الشاهق : المرتفع.

المعنى : ألا فاعلموا وتيقّنوا أن لا صلح بيني وبينكم ما حمل كتفي سيفي ، ما عشنا بنجد ، ما صوّت قمر الوادي بهذه المرتفعات ، أي لا صلح أبدا.

الإعراب : «لا» : نافية للجنس تعمل عمل «إنّ». «صلح» : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب.

٥٤١

ومما يذكر ويؤنث من أعضاء الحيوان : «العجز» عند بعضهم ، وقد ألحقه هو بباب ما يؤنث ولا يجوز تذكيره. وكذلك أيضا «المعى» ، ألحقه بباب ما يذكر من أعضاء الحيوان ، والصحيح أنّه مما يذكّر ويؤنث ، بدليل قوله عليه‌السلام : «المؤمن يأكل في معى واحدة والكافر يأكل في سبعة أمعاء» ، فإلحاق الهاء عدده دليل على تذكيره ، ووصفه بواحدة دليل على تأنيثه.

__________________

«بيني» : مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة المقدّرة على ما قبل ياء المتكلم ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة ، والظرف متعلّق بخبر (لا). «فاعلموه» : «الفاء» : اعتراضية ، «اعلموه» : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة ، و «الواو» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. «ولا» : «الواو» : عاطفة ، «لا» : زائدة لتوكيد النفي. «بينكم» : مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة ، و «كم» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. «ما» : ظرفية زمانية تؤول مع ما بعدها بمصدر في محلّ نصب مفعول فيه ظرف زمان ، تقديره (مدة حملي سيفي). «حملت» : فعل ماض مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث. «عاتقي» : فاعل مرفوع بضمة مقدّرة على ما قبل الياء ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. «سيفي» : مفعول به منصوب بالفتحة المقدّرة على ما قبل الياء ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. «وما» : «الواو» : للعطف ، «ما» : ظرفية زمانية تؤول مع ما بعدها بمصدر في محلّ نصب مفعول فيه ظرف زمان (مدة كوننا بنجد). «كنا» : فعل ماض ناقص مبني على السكون ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ رفع اسم «كان». «بنجد» : جار ومجرور متعلّقان بخبر (كان) المحذوف (وما كنا موجودين بنجد). «وما» : «الواو» : للعطف ، «ما» : ظرفية زمانية ... (مدة قرقرة القمري). «قرقر» : فعل ماض مبني على الفتح. «قمر» : فاعل مرفوع بالضمّة. «الواد» : مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدّرة على الياء المحذوفة ، والكسرة هنا دليل عليها. «بالشاهق» : جار ومجرور متعلّقان بـ (قرقر).

وجملة «لا صلح بيني وبينكم» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «فاعلموه» : اعتراضية لا محلّ لها. وجملة «حملت عاتقي» : صلة الموصول الحرفي لا محل لها. وكذلك جملتا : «كنا بنجد» و «قرقر قمر».

والشاهد فيه قوله : «حملت عاتقي» حيث أنّث «عاتقي» بدليل «تاء التأنيث» في الفعل «حملت».

٥٤٢

باب ما يذكر من الأعضاء ولا يجوز تأنيثه

«الرأس» مذكر ، قال الله تعالى : (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً)(١) ، وكذلك «الجبين» مذكر ، يقال : جبين صلت (٢). وكذلك «الخدّ» ، مذكّر ، يقال : «خدّ أسيل». و «الفم» مذكّر وعليه قوله [من البسيط] :

٧١٥ ـ فوه كشقّ العصا لأيا تبيّنه

[أسكّ ما يسمع الأصوات مصلوم]

__________________

(١) سورة مريم : ٤.

(٢) الصلت : الواضح.

٧١٥ ـ التخريج : البيت لعلقمة بن عبدة في ديوانه ص ٥٩ ؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٨٩٦.

اللغة : لأيا : بطيئا ، بصعوبة. الأسكّ : صغير الأذنين ضيّقهما. المصلوم : المقطوع الأذن من الأصل.

المعنى : صغير المنقار ، لا يكاد ترى ما بين منقاريه لشدّة التصاقهما ، صغير الأذنين ، حتى تخاله مصلوما ، وهي من صفات النّعام التي يصف ذكرا منها.

الإعراب : فوه : مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الستة ، و «الهاء» ضمير متصل في محل جر بالإضافة. كشقّ : «الكاف» اسم بمعنى «مثل» ، مبني في محل رفع خبر ، «شق» مضاف إليه مجرور. العصا : مضاف إليه مجرور بكسرة مقدّرة على الألف. لأيا : حال منصوبة بالفتحة. تبينه : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنت) ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. أسك : صفة (خاضب) مرفوعة بالضمة [في بيت سابق]. ما : نافية مهملة. يسمع : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو). الأصوات : مفعول به منصوب بالفتحة. مصلوم : صفة (خاضب) مرفوعة بالضمّة.

وجملة «فوه كشق العصا» : في محلّ رفع صفة لـ (خاضب). وجملة «تتبينه لأيا» : في محل نصب حال لـ (فوه). وجملة «يسمع» : صفة أخرى لـ «خاضب» محلها الرفع.

والشاهد فيه قوله : «فوه ... تتبيّنه» حيث بين الضمير المتصل في الفعل المضارع (تتبينه) أنّ الفم مذكّر.

٥٤٣

وكذلك الأنف مذكّر بدليل قوله [من الطويل] :

٧١٦ ـفلاينبسطمن بين عينيك ما انطوى

ولا تلقني إلّا وأنفك راغم

وكذلك المنخر ، قال [من المتقارب] :

٧١٧ ـ لها منخر كوجار السّباع

فمنه تريح إذا تنبهر

__________________

٧١٦ ـ التخريج : البيت للأعشى في ديوانه ص ١٢٩ ؛ ولسان العرب ١٤ / ٣٦٤ (زوي) ؛ وتهذيب اللغة ٣ / ٢٧٦ ؛ وتاج العروس (زوا) ؛ وبلا نسبة في المخصص ١٢ / ٧٨.

المعنى : يدعو على يزيد بن مسهر الشيباني بأن لا يبتسم ، ولا يهشّ إليه إلا مرغما مجبرا.

الإعراب : فلا : «الفاء» : بحسب ما قبلها ، «لا» : ناهية جازمة. ينبسط : فعل مضارع مجزوم بالسكون. من بين : جار ومجرور متعلقان بـ (ينبسط). عينيك : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى ، و «الكاف» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. ما : اسم موصول في محلّ رفع فاعل (ينبسط). انطوى : فعل ماض مبني على الفتح المقدّر على الألف ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو). ولا : «الواو» : حرف عطف ، «لا» : ناهية جازمة. تلقني : «تلق» : فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلّة من آخره ، و «النون» : للوقاية ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنت). إلا : حرف يفيد الحصر. وأنفك : «الواو» : حاليّة ، «أنف» : مبتدأ مرفوع بالضمّة ، و «الكاف» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. راغم : خبر مرفوع بالضمّة.

وجملة «لا ينبسط» : بحسب الفاء. وجملة «انطوى» : صلة الموصول لا محلّ لها. وجملة «لا تلقني» : معطوفة على جملة «ينبسط». وجملة «أنفك راغم» : في محلّ نصب حال.

والشاهد فيه قوله : «أنفك راغم» حيث دلّ على تذكير الأنف بوصفه بصفة الذكور (راغم) ولم يقل (راغمة).

٧١٧ ـ التخريج : البيت لامرىء القيس في ديوانه ص ١٦٥ ؛ ولسان العرب ٢ / ٤٦١ (روح) ، ٥ / ٣٠٥ (أبز) ؛ والتنبيه والإيضاح ١ / ٢٤٠ ، ٢ / ٢٣٥ ؛ وتاج العروس ٦ / ٤٢٠ (روح) ، وأساس البلاغة (روح) ؛ وبلا نسبة في المخصص ١ / ١٤٨.

اللغة : الوجار : جحر الضبع ، بيته. تريح : تستريح. تنبهر : تنقطع أنفاسها.

المعنى : يصف فرسه بأن منخريها كبيران ، كلّ منهما كبيت الضبع ، فهي تستريح بالتنفس منهما عند ما تتعب من الركض.

الإعراب : لها : جار ومجرور متعلقان بخبر مقدّم محذوف ، بتقدير (موجود لها منخر). منخر : مبتدأ مرفوع بالضمّة. كوجار : «الكاف» : اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع صفة لـ «منخر» وهو مضاف ، «وجار» : مضاف إليه. السباع : مضاف إليه مجرور بالكسرة. فمنه : «الفاء» : للاستئناف ، «منه» : جار ومجرور متعلقان بـ (تريح). تريح : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي) إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان متعلّق بـ (تريح). تنبهر : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، وسكّن لضرورة الشعر ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي).

٥٤٤

وكذلك «الثغر» مذكر ، يقال : «ثغر رتل» (١). وكذلك «الناب» الذي يراد به السنّ مذكر ، يقال : «نبت نابه» ، وكذلك «الناجذ». واختلف فيه فقيل : هو أقصى الأسنان ، وقيل : هو ما يلي الضاحك ، وهو الأصحّ بدليل ما جاء في الأثر من أنّه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ضحك حتى بدت نواجذه ، وكان عليه‌السلام لا يضحك إلّا تبسّما.

والذي يذهب إلى أنّ النواجذ أقصى الأسنان يحمل هذه على المبالغة ، وإن لم يكن الأمر كذلك.

وكذلك «البطن» و «الذقن» ، وعليه قوله [من الكامل] :

٧١٨ ـ والبطن ذو عكن لطيف طيّه

[والنّحر تنفجه بثدي مقعد]

وأما «المعى» فقد تقدم ما فيه في الباب الذي قبله. وكذلك «السنّ» ، و «الباع» ، يقال : «سنّ جديد» ، و «باع طويل» ، و «الظفر» مذكّر ، يقال : «ظفر طويل». وكذلك «الثدي» ، وذهب بعضهم إلى أنّها قد تؤنّث ، وأنّ تصغيرها «ثديّة».

__________________

وجملة «لها منخر» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «تريح» : استئنافية لا محلّ لها. وجملة «تنبهر» : في محلّ جرّ بالإضافة.

والشاهد فيه قوله : «لها منخر ... فمنه تريح» حيث دلّت (الهاء) في (فمنه) على تذكير المنخر.

(١) الرتل : الحسن التنضيد ، المستوي النبات.

٧١٨ ـ التخريج : البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٩٢ ؛ ولسان العرب ٣ / ٣٦١ (قعد) ؛ والتنبيه والإيضاح ٢ / ٤٩ ؛ وكتاب العين ١ / ١٤٢ ؛ وتاج العروس ٩ / ٥٨ (قعد) ؛ وأساس البلاغة (قعد).

اللغة : العكن : طيّات البطن. النحر : أعلى الصدر. تنفجه : تعطّره ، المقعد : المنتصب ، البارز.

المعنى : إنها ممتلئة قليلا ، فلبطنها طيّات لطيفة ، وثدياها الناهدان يزيّنان ويعطّران صدرها.

الإعراب : والبطن : «الواو» : بحسب ما قبلها ، «البطن» : مبتدأ مرفوع بالضمّة. ذو : خبر مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة. عكن : مضاف إليه مجرور بالكسرة. لطيف : خبر ثان للمبتدأ «البطن». طيّه : فاعل للصفة المشبهة «لطيف» ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ مضاف إليه. والنحر : «الواو» : للعطف ، «النحر» : مبتدأ مرفوع بالضمة. تنفجه : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي) ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. بثدي : جار ومجرور متعلقان بـ (تنفجه). مقعد : صفة (ثدي) مجرورة بالكسرة.

وجملة «البطن ذو عكن» : بحسب الواو. وجملة «النحر تنفجه» : معطوفة على الجملة الأولى. وجملة «تنفجه» : في محلّ رفع خبر للمبتدأ (النحر).

والشاهد فيه قوله : «والبطن ذو .. طيّه» حيث دلّت (ذو) و (الهاء) في (طيه) على تذكير (البطن).

٥٤٥

باب ما يذكّر ويؤنث من غير ما ذكرنا

أمّا «السبيل» فالدليل على تذكيره قوله تعالى : (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً)(١). والدليل على تأنيثه قوله تعالى : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي)(٢).

وكذلك «الطريق» ، يقال : «طريق واضح وواضحة» ، قال الشاعر [من الكامل] :

٧١٩ ـ إنّ المروءة [والسماحة ضمّنا

قبرا بمرو على الطريق الواضح]

__________________

(١) سورة الأعراف : ١٤٦.

(٢) سورة يوسف : ١٠٨.

٧١٩ ـ التخريج : البيت لزياد الأعجم في ديوانه ص ٥٤ ؛ والأغاني ١٥ / ٣٠٨ ؛ وأمالي المرتضى ١ / ٧٢ ؛ وسمط اللآلي ص ٩٢١ ؛ والشعر والشعراء ١ / ٤٣٨ ؛ والمقاصد النحوية ٢ / ٥٠٢ ؛ وللصلتان العبدي في أمالي المرتضى ٢ / ١٩٩ ؛ وبلا نسبة في الإنصاف ٢ / ٧٦٣.

اللغة والمعنى : السماحة : الكرم. المروءة : النخوة. مرو : مدينة في خراسان.

يقول : إنّ الكرم والنخوة وسائر الفضائل قد دفنت بموت «المغيرة» الذي دفن في مرو ، لأنّه لا يحقّ لسواه أن يتّصف بها. وهذا من باب الغلوّ.

الإعراب : إنّ : حرف مشبّه بالفعل. المروءة : اسم «إنّ» منصوب. والسماحة : الواو : حرف عطف ، السماحة : معطوفة على «المروءة». ضمّنا : فعل ماض للمجهول ، والألف : في محلّ رفع نائب فاعل. قبرا : مفعول به منصوب. بمرو : جار ومجرور متعلّقان بمحذوف صفة لـ «قبرا». على الطريق : جار ومجرور متعلّقان بمحذوف الصفة أيضا. الواضح : نعت لـ «الطريق» مجرور.

وجملة (إن المروءة ...) الاسميّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها ابتدائيّة. وجملة (ضمّنا) الفعليّة في محلّ رفع خبر «إنّ».

والشاهد فيه قوله : «الطريق الواضح» حيث ذكّر «الطريق» هنا.

٥٤٦

وكذلك «الصراط» ، إلّا أنّ الغالب عليه التذكير. قال الله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)(١). وكذلك «الهدى» ، يقال : «هدى حسنة وحسن». و «السرى» يذكر ويؤنث ، والدليل على تأنيثها قوله [من الرجز] :

٧٢٠ ـ إنّ سرى الليل حرام لا تحلّ

و «القليب» يذكّر ويؤنث والدليل على تأنيثها قوله :

على حين من تلبث عليه ذنوبه

[يجد فقدها إذ في المقام تدابر](٣)

وكذلك «الحال» ، يقال : «حال مستقيم وحال مستقيمة». وقد يؤنث بالهاء ، فيقال : «حالة» ، وعليه قوله [من الطويل] :

على حالة لو أنّ في القوم حاتما

 ... البيت (٤)

و «درع» الحديد أنثى يقال : «درع سابغة» ، قال الله تعالى : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ)(٥).

أي : دروعا سابغات.

__________________

(١) سورة الفاتحة : ٦.

٧٢٠ ـ التخريج : لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.

اللغة : السرى : مسير آخر الليل ، أو مسير الليل عامّة.

المعنى : ليس من الحلال أن تسير كل الليل مجهدا نفسك.

الإعراب : إنّ : حرف مشبّه بالفعل. سرى : اسم (إنّ) منصوب بفتحة مقدّرة على الألف. الليل : مضاف إليه مجرور بالكسرة. حرام : خبر (إنّ) مرفوع بالضمّة. لا تحل : «لا» : نافية ، «تحل» : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، وسكّن لضرورة الشعر ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي).

وجملة «إن سرى الليل حرام» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «لا تحلّ» : في محلّ رفع خبر ثان لـ (إنّ).

والشاهد فيه قوله : «سرى الليل لا تحل» حيث دلّت (التاء) في الفعل المضارع (تحلّ) على تأنيث السّرى.

(٢) تقدم بالرقم ٥٨٢ ، والظاهر أن ثمة سقطا قبل هذا البيت الشاهد ، فالاستشهاد به لتأنيث «الذنوب» لا «القليب».

(٣) تقدم بالرقم ١٩١.

(٤) سورة سبأ : ١١.

٥٤٧

وأمّا «السوق» فالغالب عليها التأنيث ، وقد تذكر ، وعلى التذكير قوله [من الطويل] :

٧٢١ ـ [ألم يعظ الفتيان ما صار لمّتي]

بسوق كثير ريحه وأعاصره

و «السلاح» أنثى بدليل جمعها على «أسلحة». و «الصاع» يذكر ويؤنث ، وكذلك «الصواع» ، وهما بمعنى واحد وهو للملوك ، وقد قيل : «جام من فضة يشرب بها الملوك». قال الله تعالى : (نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ)(٢). وقال : (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها)(٣).

و «الحانوت» يذكّر ويؤنّث ، وهو اسم الخمر ، وقد قيل : بيت الخّمار. وقد قيل : إنّ المراد به الذي نرفعه اليوم عليه (٤)

وكذلك «المنون» يذكر ويؤنث ، وكذلك «العنكبوت» ، والدليل على تأنيثها قوله

__________________

٧٢١ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في لسان العرب ١٠ / ١٦٧ (سوق) ؛ وتاج العروس ٢٥ / ٤٧٦ (سوق) ؛ والمخصص ١٧ / ٢١.

اللغة : يعظ وعظا : يعلّم وينبّه كي نعتبر. اللمّة : الشعر الواصل إلى الكتفين.

المعنى : ألم يعتبر الشباب بما آلت إليه لمتي من شيب ، في هذه الدنيا التي تكثر فيها الرياح والأعاصير والمشاكل؟!

الإعراب : ألم : «الهمزة» : حرف استفهام ، «لم» : حرف جزم وقلب ونفي. يعظ : فعل مضارع مجزوم بالسكون ، وحرّك بالكسر منعا لالتقاء الساكنين. الفتيان : مفعول به منصوب بالفتحة. ما : اسم موصول في محل رفع فاعل لـ (يعظ) ، والعائد إليه من جملة الصلة محذوف ، والتقدير : ما صار إليه لمتي. صار : فعل ماض مبني على الفتح. لمتي : اسم «صار» مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. بسوق : جار ومجرور متعلقان بـ (صار). كثير : صفة (سوق) مجرورة بالكسرة. ريحه : فاعل الصفة المشبّهة (كثير) مرفوع بالضمّة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ مضاف إليه. وأعاصره : «الواو» : للعطف ، «أعاصر» : معطوف على (ريح) مرفوع بالضمّة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة.

وجملة «ألم يعظ» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «صار» : صلة الموصول لا محلّ لها.

والشاهد فيه قوله : «بسوق كثير ريحه وأعاصره» حيث دلّت الصفة (كثير) ، و «الهاء» في (ريحه) وفي (أعاصره) على تذكير السوق.

(١) سورة يوسف : ٧٢.

(٢) سورة يوسف : ٧٦.

(٣) كذا ، وهو غير واضح.

٥٤٨

تعالى : (كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً)(١). والدليل على تذكيرها قوله [من الوافر] :

٧٢٢ ـ [على هطّالهم منهم بيوت]

كأنّ العنكبوت هو ابتناها

وكذلك «الخمر» إلّا أنّ الغالب عليها التأنيث ، وأنكر الأصمعيّ تذكيرها. والذي ذهب إلى تذكيرها استدلّ على ذلك بقوله [من الخفيف] :

٧٢٣ ـ وكأنّ الخمر المدام من الإس

فنط ممزوجة بماء الزّلال

__________________

(١) سورة العنكبوت : ٤١.

٧٢٢ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في لسان العرب ١ / ٦٣٢ (عنكب) ، ١١ / ٦٩٩ (هطل) ؛ وتهذيب اللغة ٣ / ٣٠٩ ؛ والمخصص ١٧ / ١٧ ؛ وديوان الأدب ١ / ٣٢٩ ؛ وتاج العروس ٣ / ٤٤٦ (عنكب) ، (هطل).

اللغة : هطال : اسم جبل.

المعنى : إن بيوتهم صغيرة أو ضعيفة فوق جبلهم (هطال) ، تشبه بيوت العناكب ، أو كأن العناكب هي التي بنتها لهم.

الإعراب : على هطالهم : جار ومجرور متعلّقان بخبر مقدّم محذوف ، بتقدير (بيوت موجودة على ...). منهم : جار ومجرور متعلقان بالخبر المحذوف. بيوت : مبتدأ مرفوع بالضمّة. كأن : حرف مشبّه بالفعل. العنكبوت : اسم (كأن) منصوب بالفتحة. هو : ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. ابتناها : فعل ماض مبني على الفتح المقدّر على الألف ، و «ها» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو).

وجملة «بيوت موجودة على هطالهم» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «كأن العنكبوت ...» : استئنافية لا محل لها. وجملة «هو ابتناها» : في محلّ رفع خبر (كأنّ). وجملة «ابتناها» : في محلّ رفع خبر (هو).

والشاهد فيه قوله : «العنكبوت هو ابتناها» حيث دلّ الضمير المنفصل (هو) ، والضمير المستتر في الفعل (ابتناها) على تذكير (العنكبوت).

٧٢٣ ـ التخريج : البيت للأعشى في ديوانه ص ٥٥ ؛ ولسان العرب ٧ / ٢٥٥ (أسفط) ، ٣١٥ (سفط) ، ١٠ / ٢٣٦ (عتق) ؛ وتاج العروس ١٩ / ٣٥٤ (سفنط) ، (عتق) ؛ والمخصص ١٧ / ١٩.

اللغة : المدام : البارد من الخمر. الإسفنط : من أسماء الخمرة ، وقيل : عصير العنب المطيّب. الزلال : المستساغ شرابه.

المعنى : وكأن هذه الخمرة الباردة المعصورة من العنب الطيب قد سكبت فيها مياه صافية رائقة.

الإعراب : وكأن : «الواو» : بحسب ما قبلها ، «كأن» : حرف مشبّه بالفعل. الخمر : اسم (كأن) منصوب بالفتحة. المدام : صفة (الخمر) منصوبة بالفتحة. من الإسفنط : جار ومجرور متعلّقان بحال من الخمر. ممزوجة : خبر (كأن) مرفوع بالضمّة. بماء : جار ومجرور متعلّقان بـ (ممزوجة). الزلال : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

٥٤٩

فقوله : «مدام» ، دليل على تذكيرها. ورواية الأصمعي :

وكأنّ الخمر المدامة ملأسفنط

 ...

وأما «واسط» و «هجر» ، و «قبا» ، فقد تقدّم ذكرها في أسماء البلدان.

وقد تقدّم أنّ المؤنث بغير علامة يعلم تأنيثه إمّا بالصفة ، أو بالإخبار ، أو بالإشارة إليه ، أو بإضماره ، أو بتصغيره ، أو بجمعه ، أو بعدده ، أو بأن يكون الاسم واقعا على مؤنث حقيقي.

فأمّا التصغير فقد تقدّم حكمه في بابه ، وكذلك العدد. وأمّا الجمع فسيأتي حكمه. وأما الإخبار ، فإذا أخبرت عن مؤنث ، فلا يخلو أن يكون مفردا ، أو مثنى ، أو مجموعا. فإن كان مفردا ، فلا يخلو أن يكون ظاهرا ، أو مضمرا. فإن كان ظاهرا ، فلا يخلو أن يكون حيوانا ، أو مواتا. فإن كان حيوانا ، فلا يخلو أن يكون فاعلا ، أو غير فاعل.

فإن كان فاعلا ، فلا يخلو أن تفصل بينه وبين الفعل ، أو لا تفصل. فإن لم تفصل ، فلا بدّ من إتيان علامة التأنيث في الفعل مثل : «قامت هند» ، ولا يجوز حذفها إلّا حيث سمع. حكى سيبويه : «قال فلانة» ، ولا يقاس عليه.

فإن فصلت ، جاز حذفها ، نحو : «قام اليوم هند» ، ومن كلام العرب : «حضر القاضي اليوم امرأة». والإثبات أحسن. وكلما طال الفصل ، كان الحذف أجود ، والإثبات في هذا كله أحسن.

فإن كان غير عاقل ، فلا يخلو أن تفصل بينه وبين الفعل أو لا تفصل. فإن لم تفصل ، جاز الحذف والإثبات ، نحو : «مشت الدابّة» ، و «مشى الدابّة» ، والحذف قبيح.

فإن فصلت حسن الحذف والإثبات ، مثل : «جرت اليوم الدابة» ، ومشى اليوم الدابة.

وكلما طال الفصل كان الحذف أجود ، والإثبات في هذا كله أحسن. فإن كان مواتا ، فلا

__________________

وجملة «كأن الخمر ممزوجة» : بحسب الواو.

والشاهد فيه قوله : «الخمر المدام» حيث وصف (الخمر) بـ (المدام) وهو مذكر.

٥٥٠

يخلو أن تفصل أو لا تفصل. فإن لم تفصل جاز الحذف والإثبات ، فتقول : «انكسرت وانكسر القدر». والإثبات أحسن.

فإن فصلت ، حسن الحذف ، مثل قولك : «انكسرت اليوم القدر» ، و «انكسر اليوم القدر». وكلما طال الفصل ، كان الحذف أجود ، والإثبات في هذا كله أجود من الحذف.

فإن كان فاعل الفعل في هذا كلّه مضمرا ، فإنّك تلحقه علامة التأنيث ولا يجوز حذفها إلّا في ضرورة ، مثل قوله [من المتقارب] :

٧٢٤ ـ فلا مزنة ودقت ودقها

ولا أرض أبقل إبقالها

يريد : ولا أرض أبقلت إبقالها ، فحذف ضرورة.

فإن كان فاعل الفعل مثنى ، فحكمه حكم المفرد. فإن كان مجموعا ، فلا يخلو أن يكون جمع سلامة ، أو جمع تكسير ، أو اسم جنس. فإن كان اسم جنس ، فالعرب تخبر عنه

__________________

٧٢٤ ـ التخريج : البيت لعامر بن جوين في تخليص الشواهد ص ٤٨٣ ؛ وخزانة الأدب ١ / ٤٥ ، ٤٩ ، ٥٠ ؛ والدرر ٦ / ٢٦٨ ؛ وشرح التصريح ١ / ٢٧٨ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٣٣٩ ، ٤٦٠ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٤٣ ؛ والكتاب ٢ / ٤٦ ؛ ولسان العرب ٧ / ١١١ (أرض) ، ١١ / ٦٠ (بقل) ؛ والمقاصد النحوية ٢ / ٤٦٤ ؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ١ / ٣٥٢ ؛ وجواهر الأدب ص ١١٣ ؛ والخصائص ٢ / ٤١١ ؛ وشرح الأشموني ١ / ١٧٤ ؛ والرد على النحاة ص ٩١ ؛ ورصف المباني ص ١٦٦ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٥٧ ؛ وشرح ابن عقيل ص ٢٤٤ ؛ وشرح المفصّل ٥ / ٩٤ ؛ ولسان العرب ١ / ٣٥٧ (خضب) ؛ والمحتسب ٢ / ١١٢ ؛ ومغني اللبيب ٢ / ٦٥٦ ؛ والمقرب ١ / ٣٠٣ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ١٧١.

شرح المفردات : المزنة : قطعة من السحاب الماطر. ودقت : قطرت. أبقلت : أنبتت البقل ، أعشبت.

الإعراب : «فلا» : الفاء بحسب ما قبلها ، «لا» : حرف نفي تعمل عمل «ليس». «مزنة» : اسم «لا» مرفوع. «ودقت» : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : «هي». «ودقها» : مفعول مطلق منصوب ، وهو مضاف ، و «ها» : ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. «ولا» : الواو حرف عطف ، «لا» : نافية للجنس. «أرض» : اسم «لا» مبنيّ على الفتح. «أبقل» : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره «هي». «إبقالها» : مفعول مطلق منصوب ، وهو مضاف ، و «ها» : ضمير متّصل في محلّ جرّ بالإضافة.

وجملة : «لا مزنة ودقت ...» بحسب ما قبلها. وجملة : «ودقت ...» في محلّ نصب خبر «لا». وجملة : «ولا أرض أبقل» معطوفة على السابقة. وجملة : «أبقل» في محل رفع خبر «لا».

الشاهد : قوله : «ولا أرض أبقل إبقالها» والقياس : «أبقلت إبقالها ...» لأنّ الفعل مسند إلى ضمير عائد على الأرض ، وهو مؤنّث مجازيّ ، فحذفت التاء للضرورة.

٥٥١

إخبار المؤنث والمذكر ، فتقول : «انكسرت الشجر». و «انكسر الشجر». فإن كان اسم جمع ، فلا يخلو أن يكون عاقلا ، أو غير عاقل. فإن كان عاقلا ، فهو مذكر ، وليس من هذا الباب. وإن كان لما لا يعقل ، فالعرب تخبر عنه إخبار المؤنث ، فتقول : «جرت الدود».

فإن كان جمع تكسير ، فالعرب تخبر عنه إخبار المؤنث والمذكر ، فتقول : «انكسرت الجذوع» ، و «انكسر الجذوع» ، فتذكّر إن ذهبت به مذهب جمع ، وتؤنّث إن ذهبت به مذهب جماعة.

فإن كان جمع سلامة ، ففيه خلاف. فمذهب أهل البصرة أنّ حكمه حكم المفرد ، ومذهب أهل الكوفة أنّ حكمه حكم التكسير ، فيذكّر على معنى جمع ، ويؤنّث على معنى جماعة.

وأبو علي الفارسي يفصّل فيقول : إن وقع جمع السلامة على مذكر فالإخبار عنه إخبار المذكر ، وإن وقع على مؤنث فتخبر عنه إخبار المؤنث والمذكر بدليل قول الشاعر [من الطويل] :

٧٢٥ ـ عشيّة قام النّائحات وشقّقت

[جيوب بأيدي مأتم وخدود]

وقوله عزوجل : (إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ)(٢).

__________________

٧٢٥ ـ التخريج : البيت لأبي عطاء السندي في أمالي القالي ١ / ٢٧٢ ؛ ولسان العرب ١٢ / ٣ ، ٤ (أتم) ؛ وبلا نسبة في أدب الكاتب ص ٢٤ ؛ ورصف المباني ص ١٦٧ ، والخزانة ٩ / ٥٤٠.

اللغة : النائحات : الباكيات على الميت ؛ وكانت عادة المرأة في الجاهلية أن تشقّ جيب قميصها إشارة لما تعانيه من فقدها للميت العزيز ، وتخمش خدودها.

الإعراب : عشية : بدل من «يوم» في البيت السابق ، و «يوم» : منصوب على الظرفية الزمانية ، متعلق بالفعل «تجد». قام : فعل ماض مبني على الفتح. النائحات : فاعل مرفوع بالضمّة. وشقّقت : «الواو» : للعطف ، «شقّقت» : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث. جيوب : نائب فاعل مرفوع بالضمّة. بأيدي : جار ومجرور متعلّقان بـ (شققت). مأتم : مضاف إليه مجرور بالكسرة. وخدود : «الواو» : للعطف ، «خدود» : معطوف على (جيوب) مرفوع بالضمّة.

وجملة «قام» : في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة «شققت» : معطوفة عليها في محلّ جرّ بالإضافة.

والشاهد فيه قوله : «قام النائحات» حيث أخبر عن جمع الإناث بـ (قام) مكان (قامت).

(١) سورة الممتحنة : ١٢.

٥٥٢

وذلك فاسد ، لأنّه لم يكثر كثرة توجب القياس. وحمل قوله تعالى : (إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ ،) على أن يكون قد حذف منه التاء ، مثل قوله : «قال فلانة» ، وكذلك قوله [من الطويل] :

عشيّة قام النّائحات ...

 ... البيت (١)

وأمّا [من البسيط] :

٧٢٦ ـ قالت بنو عامر [خالوا بني أسد

يا بؤس للجهل ضرّارا لأقوام]

فيكون مؤنثا على المعنى لأنّه إذا قال : قالت بنو عامر ، فكأنّه قال : قالت أولاد عامر ، مثل قوله [من البسيط] :

٧٢٧ ـ [يا أيّها الراكب المزجي مطيّته]

سائل بني أسد ما هذه الصوت

__________________

(١) تقدم بالرقم ٧٢٥.

٧٢٦ ـ التخريج : البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٨٢ ؛ وتذكرة النحاة ص ٦٦٥ ؛ وخزانة الأدب ٢ / ١٣٠ ـ ١٣٢ ، ١١ / ٣٣ ، ٣٥ ؛ والدرر ٣ / ١٩ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ١ / ٣٣٢ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢١٨ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٤٥٨ ؛ والشعر والشعراء ١ / ١٠١ ؛ والكتاب ٢ / ٢٧٨ ؛ ولسان العرب ١٤ / ٢٣٩ (خلا) ؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ١١٥ ، ٢٨٨ ؛ وخزانة الأدب ٤ / ١٠٨ ؛ والخصائص ٣ / ١٠٦ ؛ ورصف المباني ص ١٦٨ ، ٢٤٥ ؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٤٨٣ ؛ وشرح المفصل ٣ / ٦٨ ، ٥ / ١٠٤ ؛ واللامات ص ١٠٩ ؛ وهمع الهوامع ١ / ١٧٣.

اللغة : خالوا : قاطعوا واتركوا.

المعنى : قالت قبيلة عامر : قاطعوا بني أسد ، فما أجهلهم ، والجهل يضرّ الناس كثيرا.

الإعراب : «قالت» : فعل ماض مبني على الفتح ، و «التاء» : تاء التأنيث الساكنة. «بنو» : فاعل مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكّر السالم. «عامر» : مضاف إليه مجرور بالكسرة. «خالوا» : فعل أمر مبني على حذف النون لاتصاله بواو الجماعة ، و «الواو» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل ، والألف للتفريق. «بني» : مفعول به منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكّر السالم. «أسد» : مضاف إليه مجرور بالكسرة. «يا» : حرف نداء للتعجب. «بؤس» : منادى شبيه بالمضاف منصوب بالفتحة. «للجهل» : جار ومجرور متعلّقان بـ «بؤس». «ضرارا» : حال منصوبة بالفتحة. «لأقوام» : جار ومجرور متعلّقان بـ «ضرارا».

وجملة «قالت بنو عامر» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «خالوا» : في محلّ نصب مفعول به مقول القول. وجملة «يا بؤس» : استئنافية لا محلّ لها.

والشاهد فيه قوله : «قالت بنو عامر» حيث ألحق تاء التأنيث بالفعل مع أن الفاعل مذكّر ، وحمل هذا على أنه أنث على المعنى : قالت أولاد عامر.

٧٢٧ ـ التخريج : البيت لرويشد بن كثير الطائي في الدرر ٦ / ٢٣٩ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ص ١١ ؛

٥٥٣

فأنّث على معنى الصيحة.

فإن كان مضمرا ، فلا يخلو أن يكون المضمر العائد على الجمع مفردا أو جمعا. فإن كان مفردا ، فلا بد من التاء إلّا في ضرورة ، نحو قوله [من المتقارب] :

٧٢٨ ـ وإما تري لمّتي بدّلت

فإنّ الحوادث أودى بها

__________________

وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٦٦ ؛ وشرح المفصل ٥ / ٩٥ ؛ ولسان العرب ٢ / ٥٧ (صوت) ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٠٣ ، ٥ / ٢٣٧ ؛ والخصائص ٢ / ٤١٦ ؛ وتخليص الشواهد ص ١٤٨ ؛ وخزانة الأدب ٤ / ٢٢١ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ١٥٧.

اللغة : المزجي : اسم الفاعل من أزجى يزجي ، ومعناه السائق. المطيّة : كل ما يركبه الإنسان.

المعنى : يا حادي هذه الإبل سلهم ما هذه الأصوات الصادرة هناك (أهي أصوات حرب وشجار أم أصوات فرح وغناء؟)

الإعراب : «يا أيها» : «يا» : حرف نداء «أي» : منادى نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب على النداء ، و «ها» : للتنبيه. «الراكب» : بدل أو صفة مرفوعة وعلامة رفعها الضمة الظاهرة. «المزجي» : صفة مرفوعة بالضمة المقدرة على الياء. «مطيته» : مفعول به لاسم الفاعل «المزجي» منصوب وعلامة نصبه الفتحة ، و «الهاء» : ضمير متصل مبني على الضم في محلّ جر بالإضافة. «سائل» : فعل أمر مبني على السكون الظاهر ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. «بني» : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم ، وحذفت النون للإضافة. «أسد» : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره. «ما» : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع خبر مقدم. «هذه» : الهاء للتنبيه ، و «ذه» : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ مؤخر. «الصوت» : بدل من اسم الإشارة مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

وجملة «يا أيها الراكب» : ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة «سائل» : استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة «ما هذه الصوت» : في محل نصب مفعول به لسائل.

والشاهد فيه قوله : «هذه الصوت» حيث جاء باسم الإشارة الموضوع للمفردة المؤنثة مشيرا به إلى الصوت وهو مفرد مذكر ، والشاعر فعل ذلك لأن الصوت يطلق عليه لفظ الجلبة أو الصيحة وكل واحد من هذه الألفاظ مؤنث.

٧٢٨ ـ التخريج : البيت للأعشى في ديوانه ص ٢٢١ (مع تغيير فيه) ؛ وخزانة الأدب ١١ / ٤٣٠ ، ٤٣١ ، ٤٣٢ ، ٤٣٣ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٧٧ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٣٤٦ ؛ وشرح المفصل ٥ / ٩٥ ، ٩ / ٤١ ؛ والكتاب ٢ / ٤٦ ؛ ولسان العرب ٢ / ١٣٢ (حدث) ، ١٥ / ٣٨٥ (ودي) ؛ والمقاصد النحوية ٢ / ٤٦٦ ؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص ٧٦٤ ؛ ورصف المباني ص ١٠٣ ، ٣١٦ ؛ وشرح الأشموني ١ / ١٧٥ ؛ وشرح المفصل ٩ / ٦.

شرح المفردات : اللمّة : الشعر المجاوز شحمة الأذن. الحوادث : المصائب. أودى بها : ذهب بها.

المعنى : يقول : فإذا رأيت شعر رأسي قد تبدّل فذلك لما أصابني من مصائب الدهر وآلامه.

٥٥٤

وإن كان المضمر ضمير جمع ، لا يحتاج إلى علامة ، نحو قولك : «الجذوع انكسرت». وأمّا الضمير فلا يخلو أن يعود على مفرد ، أو مثنى ، أو مجموع.

فإن عاد على مفرد أو مثنى كان على حسب ما يعود عليه من إفراد وتثنية وجمع ، نحو : «هند ضربتها» ، و «الهندان ضربتهما».

فإن عاد على مجموع ، فلا يخلو أن يكون جمع سلامة ، أو جمع تكسير ، أو اسم جمع ، أو اسم جنس. فإن كان اسم جنس ، فيعود الضمير عليه مفردا ، مثل قولك : «الشجر قطعتها» ، و «التين أكلتها».

فإن كان اسم جمع ، فلا يخلو أن يكون لمن يعقل أو لما لا يعقل. فإن كان لمن يعقل ، فيعود الضمير عليه كما يعود على المذكر وليس من هذا الباب.

فإن كان لما لا يعقل ، فيعود الضمير عليه كما يعود على المؤنث المفرد ، مثل قولك : «الإبل حلبتها».

فإن كان جمع تكسير ، فلا يخلو أن يكون لمن يعقل أو لما لا يعقل. فإن كان لمن يعقل ، فلا يخلو أن يكون مذكرا أو مؤنثا.

فإن كان مذكرا ، فيعود الضمير عليه كما يعود على جماعة المذكرين. وقد يعود الضمير عليه كما يعود على واحد المؤنث ، نحو : «الرجال والنساء وأعجازها».

فإن كان مؤنثا ، فيعود الضمير عليه كما يعود على جماعة المؤنث ، نحو قولك :

__________________

الإعراب : «وإمّا» : الواو بحسب ما قبلها ، «إمّا» : «إن» : حرف شرط جازم ، و «ما» : زائدة. «تري» : فعل مضارع مجزوم بحذف النون لأنّه فعل الشرط ، والياء ضمير في محلّ رفع فاعل. «لمتي» : مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء ، و «الياء» ضمير متصل في محل جر بالإضافة. «بدّلت» : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ، و «التاء» للتأنيث ، و «نائب الفاعل» ضمير مستتر تقديره : هي. «فإنّ» : الفاء رابطة جواب الشرط ، «إنّ» حرف مشبّه بالفعل. «الحوادث» : اسم «إن» منصوب. «أودى» : فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : «هي». «بها» : جار ومجرور متعلّقان بـ «أودى».

وجملة : «إمّا تري ...» الشرطية بحسب ما قبلها ، وجملة «بدّلت» في محلّ نصب حال. وجملة «إن الحوادث ...» في محل جزم جواب شرط. وجملة «أودى بها» في محلّ رفع خبر «إنّ».

الشاهد : قوله : «إن الحوادث أودى بها» حيث لم يلحق تاء التأنيث الفعل الذي هو «أودى» مع كونه مسندا إلى ضمير مستتر عائد إلى اسم مؤنث ، وهو «الحوادث» ، وذلك للضرورة الشعريّة.

٥٥٥

«النساء قمن». وقد يعود الضمير عليه كما يعود على الواحدة المؤنثة ، نحو قوله [من الوافر] :

٧٢٩ ـ تركنا الخيل والنّعم المندّى

وقلنا للنّساء بها أقيمي

فإن كان لما لا يعقل ، فإنّ الضمير يعود عليه مجموعا ، وقد يعود عليه كما يعود على الواحدة المؤنثة ، فتقول : «الجذوع انكسرن وانكسرت» ، و «الأجذاع طلن وطالت» ، إلّا أنّ الأفصح في جمع القلة أن يعامل في الضمير معاملة الجمع ، والأفصح في جمع الكثرة أن يعامل الضمير معاملة الواحدة من المؤنث.

وقد يعود الضمير عليه كما يعود على الواحد المذكر ، نحو قوله تعالى : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ)(٢).

فإن كان جمع سلامة ، فلا يخلو أن يكون مذكرا أو مؤنثا. فإن كان مذكرا ، فيعود عليه ضمير جماعة المذكرين. وإن كان مؤنثا ، فيعود عليه ضمير جماعة المؤنثين.

وأمّا الصفة ، فلا يخلو أن تكون قد عملت في ظاهر أو مضمر. فإن عملت في ظاهر ،

__________________

٧٢٩ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في المقرب ص ٩٤.

اللغة : النعم : الإبل خاصة ، وتطلق على الإبل والغنم. المندّى : التي وردت الماء ثم رعت ثم وردت.

المعنى : لقد تركنا الخيل والإبل التي شربت ورعت حتى الكفاية ، وقلنا للنساء ابقين هنا في إقامة وادعة.

الإعراب : تركنا : فعل ماض مبني على السكون ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. الخيل : مفعول به منصوب بالفتحة. والنعم : «الواو» : للعطف ، «النعم» : معطوف على (الخيل) منصوب بالفتحة. المندّى : صفة (النعم) منصوبة بالفتحة. وقلنا : «الواو» : للعطف ، «قلنا» : فعل ماض مبني على السكون ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. للنساء : جار ومجرور متعلقان بـ (قلنا). بها : جار ومجرور متعلّقان بـ (أقيمي). أقيمي : فعل أمر مبني على حذف النون لاتصاله بياء المخاطبة المؤنّثة ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل.

وجملة «تركنا» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «قلنا» : معطوفة عليها لا محلّ لها. وجملة «أقيمي» : في محلّ نصب مفعول به (مقول القول).

والشاهد فيه قوله : «للنساء بها أقيمي» حيث عاد الضمير المتصل المفرد (ياء المخاطبة المؤنثة) على جمع الإناث (النساء).

(١) سورة النحل : ٦٦.

٥٥٦

فحكمه حكم الفعل إذا رفع الظاهر ، وإن عملت في مضمر ، فحكمها حكم الفعل إذا رفع المضمر.

وأما الإشارة ، فحكمها حكم المضمر المفرد في موضع يفرد فيه ، ويثنى حيث يثنى ، ويجمع حيث يجمع.

وأمّا المذكّر إذا أخبرت عنه إخبار المؤنث ، ألحقت علامة التأنيث ، ولا يخبر عنه إخبار المؤنث إلّا في قليل على المعنى ، نحو قولهم : «فلان لغوب أتته كتابي فاحتقرها». يريد : صحيفتي. إلّا أن يكون المذكر مضافا إلى مؤنّث في المعنى ، ويجوز أن تلفظ بالثاني وأنت تريد الأول ، وذلك نحو قولك : «ذهبت بعض أصابعه». و «البعض» مذكر وأخبر عنه إخبار المؤنث لما ذكر نحو قوله [من الوافر] :

٧٣٠ ـ إذا بعض السّنين تعرّقتنا

كفى الأيتام فقد أبي اليتيم

فأخبر عن «بعض السنين» كما يخبر عن المؤنث لأنّ «بعض السنين» في المعنى سنون. وكذلك : (يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ)(٢). لأنّ بعض السيارة سيارة. أو يكون المذكّر

__________________

٧٣٠ ـ التخريج : البيت لجرير في ديوانه ص ٢١٩ ؛ وخزانة الأدب ٤ / ٢٢٠ ، ٢٢١ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٦ ؛ والكتاب ١ / ٥٢ ، ٦٤ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ١٩٧ ؛ وشرح المفصل ٥ / ٩٦ ؛ ولسان العرب ٢ / ٥٧ (صوت) ، ١٠ / ٢٤٥ (عرق) ؛ والمقتضب ٤ / ١٩٨.

اللغة : تعرقتنا : أذهبت أموالنا ، وأهزلتنا.

المعنى : إذا جاءت بعض السنين الجدباء ، فأذهبت أموالنا ، قام هشام بن عبد الملك برعاية الأيتام فكفاهم فقد آبائهم.

الإعراب : إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان ، متضمّن معنى الشرط ، متعلق بجوابه. بعض : فاعل مرفوع بالضمّة لفعل محذوف تقديره (تعرقتنا). السنين : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكّر السالم ، و «النون» : عوضا عن التنوين في الاسم المفرد. تعرقتنا : فعل ماض مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي). كفى : فعل ماض مبني على الفتح المقدّر على الألف ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو). الأيتام : مفعول به أوّل منصوب بالفتحة. فقد : مفعول به ثان منصوب بالفتحة. أبي : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأسماء الستة. اليتيم : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

وجملة «تعرقت بعض» : في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة «تعرقتنا» : تفسيرية لا محلّ لها. وجملة «كفى» : جواب شرط غير جازم لا محلّ لها. وجملة «إذا تعرفتنا بعض السنين كفى» : ابتدائية لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «بعض السنين تعرقتنا» حيث أخبر عن «بعض» إخبار المؤنث لأنه مضاف إلى مؤنث ، فتلفظ بالثاني وهو يريد الأول.

(١) سورة يوسف : ١٠.

٥٥٧

مضافا إلى المؤنث ، إلّا أنّه يجوز أن تلفظ بالثاني ، وأنت تريد الأول ، وذلك نحو قوله [من الطويل] :

٧٣١ ـ وتشرق بالقول الذي قد أذعته

كما شرقت صدر القناة من الدم

أو يكون المذكّر مضافا إلى مؤنث ليس منه ، ولا هو في المعنى مؤنث ، إلّا أنّه يجوز أن تلفظ بالثاني وأنت تريد الأول ، وذلك نحو قولهم : «اجتمعت أهل اليمامة» ، فـ «أهل» مضاف إلى مؤنث ليس منه ، ولا هو في المعنى مؤنث إلّا أنّه يجوز أن تلفظ بالثاني وأنت تريد الأول. فإن لم يجز أن تلفظ بالثاني وأنت تريد الأول ، نحو قولهم [من الطويل] :

٧٣٢ ـ مشين كما اهتزّت رماح تسفّهت

أعاليها مرّ الرياح النواسم

__________________

٧٣١ ـ التخريج : البيت للأعشى في ديوانه ص ١٧٣ ؛ والأزهية ص ٢٣٨ ؛ والأشباه والنظائر ٥ / ٢٥٥ ؛ وخزانة الأدب ٥ / ١٠٦ ؛ والدرر ٥ / ١٩ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٤ ؛ والكتاب ١ / ٥٢ ؛ ولسان العرب ٤ / ٤٤٦ (صدر) ، ١٠ / ١٧٨ (شرق) ؛ والمقاصد النحوية ٣ / ٣٧٨ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٠٥ ؛ والخصائص ٢ / ٤١٧ ؛ والمقتضب ٤ / ١٩٧ ، ١٩٩ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ٤٩.

اللغة : شرق : غصّ. القناة : الرمح. أذاع : فضح وأفشى.

المعنى : إنك غير مستودع للسر ، كالرمح لا يستطيع حفظ الدماء التي عليه.

الإعراب : وتشرق : «الواو» : حسب ما قبلها ، «تشرق» : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. بالقول : جار ومجرور متعلقان بالفعل تشرق. الذي : اسم موصول في محل جر صفة. قد : حرف تحقيق. أذعته : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بالتاء المتحركة و «التاء» : ضمير متصل في محل رفع فاعل و «الهاء» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به. كما : الكاف حرف جر ، «ما» : مصدرية. شرقت : فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة ، و «التاء» : للتأنيث. صدر : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة وهو مضاف. القناة : مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. من الدم : جار ومجرور متعلقان بالفعل شرقت.

والمصدر المؤول من (ما شرقت) في محل جر بحرف الجر ، والجار والمجرور متعلقان بصفة محذوفة لمصدر محذوف.

وجملة «وتشرق» : بحسب الواو. وجملة «أذعته» : صلة الموصول لا محل لها. وجملة «شرقت» : صلة موصول حرفي لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : (صدر القناة) فقد أنث المضاف المذكر من إضافته إلى المؤنث وكان الحق أن يقول شرق صدر.

٧٣٢ ـ التخريج : البيت لذي الرمة في ديوانه ص ٧٥٤ ؛ وخزانة الأدب ٤ / ٢٢٥ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٨ ؛ والكتاب ١ / ٥٢ ، ٦٥ ؛ والمحتسب ١ / ٢٣٧ ؛ والمقاصد النحوية ٣ / ٣٦٧ ؛ وبلا نسبة في الأشباه

٥٥٨

فأنّث «المرّ» لأنّه لا يجوز أن تقول : «تسفّهت أعاليها الرياح» ، وأنت تريد مرّها. وإن لم يجز أن تلفظ بالثاني وأنت تريد الأول ، لم يجز التأنيث ، ألا ترى أنك إذا قلت : «قطعت رأس هند» ، لا يجوز أن تقول : «قطعت هند».

__________________

والنظائر ٥ / ٢٣٩ ؛ والخصائص ٢ / ٤١٧ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٣١٠ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٨٣٨ ؛ ولسان العرب ٣ / ٢٨٨ (عرد) ، ٤ / ٤٤٦ (صدر) ، ١١ / ٥٣٦ (قبل) ، ١٣ / ٤٩٩ (سفه) ؛ والمقتضب ٤ / ١٩٧.

اللغة : تسفّهت الريح الشيء : حرّكته. النواسم : الرياح الضعيفة الهبوب.

المعنى : يصف الشاعر اهتزاز النساء حين يمشين بالرماح التي تستخفّها الرياح فتزعزعها.

الإعراب : «مشين» : فعل ماض ، والنون ضمير في محلّ رفع فاعل. «كما» : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني في محل نصب مفعول مطلق ، «ما» : مصدريّة. «اهتزّت» : فعل ماض ، والتاء للتأنيث. «رماح» : فاعل مرفوع. والمصدر المؤول من «ما» وما بعدها في محل جر بالإضافة. «تسفّهت» : فعل ماض ، والتاء للتأنيث. «أعاليها» : مفعول به منصوب ، وهو مضاف ، و «ها» ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. «مرّ» : فاعل مرفوع ، وهو مضاف. «الرياح» : مضاف إليه مجرور. «النواسم» : نعت «الرياح» مجرور.

وجملة «مشين» ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة : «اهتزت ...» صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب. وجملة «تسفّهت» في محلّ رفع نعت «رماح».

الشاهد فيه قوله : «تسفّهت أعاليها مرّ الرياح» حيث اكتسب المضاف «مرّ» التأنيث من المضاف إليه «الرياح» ولذلك اتصلت بفعله تاء التأنيث.

٥٥٩

باب الأفعال المهموزة

إنّما ذكر الأفعال المهموزة وإن كان ذكرها ليس من قبيل علم العربية ، لأنّه ليس مما يضبط بقياس. لأنّ النحويين اختلفوا فيها. فمنهم من قال : إنه يبدل من الهمزة في كل موضع. ومنهم من منع ذلك في كل موضع ، إلّا أن يسمع. ومنهم من فصّل ، وهو الصحيح. فقال : الهمزة من الفعل لا يخلو أن تقع فاء ، أو عينا ، أو لاما. فإن وقعت لاما ، فالأجود إثبات الهمزة. ولغة للعرب ضعيفة يبدلون من الهمزة ياء ، يقولون : «قريت» ، في «قرأت» ، و «أخطيت» في «أخطأت». حكى ذلك الأخفش.

فإن وقعت فاء ، فلا تبدل إلّا حيث سمع ، والذي سمع من ذلك «واتيته» ، و «وامرته» ، و «واخيته» ، وهو من «أتى» ، و «أمر» ، ومن الأخوة. ولا يقاس على ذلك غيره. لا يقال في «أخوه» : «وخوه» ، فأما «أرّخت» و «ورّخت» فلغتان ، وليست الواو بدلا من الهمزة ، لأنّهما يتصرفان على السواء ، وليست واحدة منهما أكثر تصرفا من الأخرى ، يقال : «أرّخت» و «ورخت» ، و «تأريخ» و «توريخ» ، و «مؤرخ» و «مورخ».

وإن كانت عينا لم يبدل أيضا منها شيء إلّا ما جاء من ذلك ، والذي جاء منه «سال» في «سأل». فمنهم من أبدل الهمزة واوا ، فيقول : «سلت أسال» ، كما يقال : «خفت أخاف» ، وتقول : «المساولة» ، ومنهم من يقول : «المسايلة» ، فيبدل من الهمزة في سأل ياء.

٥٦٠