شرح جمل الزجّاجى - ج ٢

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

شرح جمل الزجّاجى - ج ٢

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-2263-0

الصفحات: ٥٩٧

باب أحكام الهمزة في الخط

الهمزة لا يخلو أن تكون في موضع يجوز فيه تسهيلها ، أو لا تكون. فإن كانت في موضع فيها تسهيلها ، كان خطها على حسب ما يسهل. فينبغي أن تبيّن المواضع التي يجوز فيها تسهيلها من المواضع التي لا يجوز فيها ذلك. فالهمزة لا يخلو أن تكون أولا ، أو حشوا ، أو طرفا. فإن كانت أوّلا فلا يجوز تسهيلها ، فإنّها إذا سهلت تقرب من الساكن ، والساكن لا يبتدأ به ، وتكون صورتها ألفا. فإن كانت حشوا ، فلا يخلو أن تكون ساكنة أو متحركة. فإن كانت ساكنة ، فلا يخلو أن يكون ما قبلها متحركا بالضم ، أو بالفتح ، أو بالكسر. وكفيما كان ، فإنّها تدبرها حركة ما قبلها.

فإن كان قبلها فتحة أبدلت ألفا ، مثل : «كأس». وإن كان قبلها ضمة ، أبدلت واوا ، مثل : «نؤمن». وإن كان قبلها كسرة أبدلت ياء ، مثل : «بئر».

وصورتها في الخط على قياس تسهيلها.

فإن كانت الهمزة متحركة ، فلا يخلو أن يكون ما قبلها ساكنا ، أو متحركا. فإن كان الذي قبلها ساكنا ، فلا يخلو أن يكون الساكن حرف علة ، أو حرفا صحيحا.

فإن كان الساكن حرفا صحيحا ، فإنّ تسهيله يكون بأن ينقل حركة الهمزة إلى الساكن قبل ، وتحذف الهمزة ، فتقول في تسهيل «دفئك» و «ينأون» : «دفك» و «ينون» ، ولا صورة لها في الخط لأنّها لا تثبت في التسهيل.

فإن كان الساكن حرف علة : ياء ، أو واو ، أو ألف ، فإن كان حرف العلة ياء ، أو واوا ، فلا يخلو أن يكونا زائدين أو أصليين. فإن كانا أصليين مثل «شيئك» و «ضوؤك» ، فحكمه حكم الساكن قبله حرف صحيح في التسهيل والخط ، فإن كانا زائدين ، فإن تسهيله يكون بأن تقلب الهمزة مع الياء ياء ، ومع الواو واوا ، وتدغم الياء في الياء ، والواو في

٥٠١

الواو ، فتقول في «نبيئك» و «وضوؤك» : «نبيّك» و «وضوك» ، فلا تثبت لها صورة في التسهيل ، وكذلك لا تثبت في الخط.

فإن كان الساكن ألفا ، فإن تسهيلها بينها وبين الحرف الذي منه حركتها ، فإن كانت الحركة فتحة ، فإنّ تسهيلها بينها وبين الألف ، فينبغي أن تكون صورتها ألفا ، فيجتمع ألفان فتحذف ، فلا تثبت لها صورة.

فإن كانت حركة الهمزة كسرة ، فبينها وبين الياء ، فتقول في «سائل» : «سايل» ، فتثبت لها صورة الياء.

فإن كانت حركتها ضمة ، فبينها وبين الحرف الذي منه حركتها ، فتكون صورتها واوا ، فتقول : «طاؤس» (١).

فإن كانت الهمزة متحركة ، وما قبلها متحرك ، فلا يخلو أن تكون متحركة بالفتح أو الضم أو الكسر. فإن كانت متحركة بالفتح فلا يخلو أن يكون ما قبلها متحركا بالفتح ، مثل سأل أو بالضمّ ، مثل : «جؤن» (٢) ، أو بالكسر ، مثل : «مئر» (٣).

وكذلك إن كانت الهمزة متحركة بالضم ، لا يخلو أن يكون ما قبلها متحركا بالفتح مثل : «قؤول» ، أو بالضم ، مثل : «رؤوس» ، أو بالكسر ، مثل : «يستهزئون».

وكذلك إن كانت الهمزة متحركة بالكسر ، لا يخلو أن يكون ما قبلها متحركا بالفتح ، مثل : «سئم» ، أو بالضم ، مثل : «سئم» أو بالكسر ، مثل : «مئين».

وكيفما كانت الهمزة متحركة بضم أو فتح أو كسر ، وكذلك كل ما قبلها ، كان حكم تسهيلها بينها وبين الحرف الذي منه حركتها ، وكذلك صورتها في الخط ، إلا الهمزة المتحركة بالفتح المضموم ما قبلها مثل «جؤن» أو المكسور ما قبلها ، مثل : «مئر» في مذهب سيبويه ، فإنّ تسهيل ذلك بأن تبدل الهمزة حرفا من جنس ما قبلها ، فتقول في «جؤن» : «جون» ، فتبدل الهمزة واوا محضة. وكذلك تقول في مئر «مير» ، فتبدل الهمزة ياء محضة.

وما بقي عند سيبويه بينه وبين الحرف الذي منه حركته على ما تقدّم إلّا أبا الحسن الأخفش والكوفيين فإنّه زاد على ما استثنى سيبويه الهمزة المضمومة المكسور ما قبلها ، مثل : «يستهزئون» ، والهمزة المكسورة المضموم ما قبلها ، مثل : «سئم» ، و «دئل» ، فإنّه

__________________

(١) لغة في «الطاوس».

(٢) الجؤن : جمع جؤنة ، وهي وعاء صغير توضع فيه الحليّ.

(٣) المئر : جمع «مئرة» ، وهي العداوة والحقد.

٥٠٢

يسهلها بإبدال الهمزة حرفا من جنس حركة الحرف الذي قبل الهمزة ، فتقول في مثل «يستهزئون» : «يستهزيون» ، بإبدال الهمزة ياء محضة ، وتقول في تسهيل «سئل» : «سول» ، بإبدال الهمزة واوا محضة. والصحيح في القياس أن تسهّل بينها وبين الحرف الذي منه حركتها قياسا على نظائرها من الهمزات المتحركة ما قبلها.

وكذلك ينبغي أن تفعل بالمفتوحة المكسور ما قبلها أو المضموم لو لا السماع ، على أنّ موجب البدل في المفتوحة المضموم ما قبلها ، أو المكسور ، أقوى من الموجب لذلك في المضمومة المكسور ما قبلها والمكسورة المضموم ما قبلها. ألا ترى أنّه لا يمكن أن يكون ما قبل الألف مكسورا ولا مضموما ، وقد يمكن أن يكون ما قبل الواو الساكنة كسرة ، وما قبل الياء الساكنة ضمّة ، وإن لم تتكلم العرب بذلك.

فإن كانت الهمزة طرفا ، فلا يخلو أن تكون ساكنة أو متحركة. فإن كانت ساكنة فإنّه يدبرها بحركة ما قبلها. فإن كان ما قبلها مكسورا ، سهّلت بإبدالها ياء. فإن كان ما قبلها مضموما سهّلت بإبدالها واوا ، وإن كان ما قبلها مفتوحا سهّلت بإبدالها ألفا ، ويكون الخطّ على ذلك.

وإن كانت متحركة ، فلا يخلو أن يكون ما قبلها ساكنا أو متحركا. فإن كان ساكنا ، فلا يخلو أن يكون حرفا صحيحا ، أو معتلّا. فإن كان حرفا صحيحا ، فقياس تسهيله بحذف الهمزة ، والفاء حركتها على الساكن قبلها ، ولا صورة لها في الخط.

وإن كان الساكن حرف علة ، فلا يخلو أن يكون ياء ، أو واوا ، أو ألفا. فإن كان ياء أو واوا ، فلا يخلو أن يكونا زائدين ، أو غير زائدين. فإن كانا غير زائدين ، فقياس تسهيلها على قياس ما ذكر في الحشو ، وكذلك خطّها.

وكذلك أيضا إن كانا زائدين ، فقياس تسهيل الهمزة وخطها على قياسها حشوا.

وإن كان الساكن ألفا ، فإنك تكتبها على قياس الوقف ، وأنت لو وقفت ، لكانت ساكنة في حال الرفع والخفض ، ولا يمكن إبدالها ، لأنّ ما قبلها ساكن ، ولا إدغامها ، لأنّ الألف لا تدغم ولا يدغم فيها ، فلما لم يمكن تسهيلها ، كتبت ألفا على قياس الهمزة التي لا يجوز تسهيلها.

وأمّا في حال النصب ، فقياس خطّها أن تكتب ألفا على قياس تسهيلها إلّا أنّه يجتمع ألفان ، فتحذف الواحدة منها في الخطّ.

فإن كان ما قبلها متحركا ، فإنّها تكتب على قياس تسهيلها في الوقف ألفا على كلّ حال.

٥٠٣

باب المقصور والممدود

اختلف النحويون في سبب تسمية الأسماء التي في آخرها ألف مقصورة ، فمنهم من زعم أنّه سمي مقصورا ، لأنّه قصر عن الإعراب أي منع منه ، ومنه قوله تعالى : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ)(١) ، أي : ممنوعات.

ومنهم من ذهب إلى أنه سمّي مقصورا لأنّه قصر عن الغاية التي للمد ، ألا ترى أن الألف أطول ما تكون مدّا إذا كان بعدها همزة ، فإذا لم يكن بعدها همزة قصرت عن الغاية التي كانت لها من المد مع الهمزة. وهذا المذهب الأخير عندي أحسن ، وإن كان سيبويه ذهب إلى الأول ، لتسميتهم مثل «حمراء» ممدودا لجعلهم الممدود في مقابلة المقصور ، دليل على أنّ المراد بتسميتها مقصورة أنّها قد قصرت عن رتبة الممدود.

وهذا الباب ينقسم قسمين : مقيس ومسموع. فالمقيس كل ما له قياس يوجب قصره أو مده. والمسموع : ما لا يعرف مده وقصره إلّا بطريق السماع.

فالمقيس من المقصور كلّ مصدر لفعل غير متعد معتل اللام على «فعل» ، واسم الفاعل منه على وزن «فعل» ، أو «أفعل» ، أو «فعلان» ، فإنّه مقصور على وزن فعل ، نحو : «عمي عمى فهو أعمى» ، و «صدي صدى فهو صد» ، و «طوي طوى فهو طيّان». وشذّ من ذلك «الغراء» ، يقال : «غري يغرى فهو غر» ، والمصدر الغراء ، قال الشاعر [من الطويل] :

٦٨١ ـ إذا قلت مهلا غارت العين بالبكا

غراء ومدّتها مدامع حفّل

__________________

(١) سورة الرحمن : ٧٢.

٦٨١ ـ التخريج : البيت لكثيّر عزّة في ديوانه ص ٢٥٥ ؛ وأمالي القالي ١ / ٦٠ ؛ وسمط اللآلي

٥٠٤

وكل جمع لـ «فعلة» أو «فعلة» ، المعتلّتي اللام ، فإنّه مقصور ، ويكون على وزن «فعل» مع «فعلة» ، وعلى وزن «فعل» مع «فعلة» ، نحو : دمية ودمى ، وكسوة وكسى ، ومشية ومشى ، وفرية وفرى.

وكل جمع لـ «فعيل» على معنى «مفعول» على وزن «فعلى» ، فهو مقصور ، نحو : «جريح وجرحى» ، و «صريع وصرعى».

وكلّ ما كان على وزن «فعّيلى» ، فهو مقصور ، نحو : «القبّيلى» ، إلّا ما شذّ كالخصّيصاء والخلّيفاء.

وكل جمع لـ «أفعل» مما هو آفة أو عاهة على وزن «فعلى» ، فهو مقصور ، نحو : «أحمق وحمقى» ، و «أنوك ونوكى».

وكلّ جمع على وزن «فعالى» أو «فعالى» ، نحو «سكارى» و «أسارى» ، فهو مقصور.

وكلّ ما كان من أسماء المعنى في آخره ألف ، فهو مقصور ، نحو : «الخوزلى» (١) ، و «الهيدبى» (٢).

__________________

ص ٢٢٣ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٢٩٢ ؛ وشرح المفصل ٦ / ٣٩ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٥٠٩ ؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٣ / ٦٥٥.

شرح المفردات : غارت بالبكا : فاض دمعها. غراء : إلحاحا. حفّل : غزيرة الدمع.

المعنى : يقول : إذا دعوت نفسي للتجلّد فاضت دموع العين إلحاحا في تعذيبي ، تساعدها المدامع بغزارة.

الإعراب : «إذا» : ظرف زمان يتضمّن معنى الشرط متعلّق بجوابه. «قلت» : فعل ماض والتاء ضمير في محلّ رفع فاعل. «مهلا» : مفعول مطلق لفعل محذوف. «غارت» : فعل ماض ، والتاء للتأنيث. «العين» : فاعل مرفوع بالضمّة. «بالبكا» : جار ومجرور متعلّقان بـ «غار». «غراء» : مفعول مطلق منصوب. «ومدّتها» : الواو حرف عطف ، «مدتها» : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، و «ها» ضمير في محلّ نصب مفعول به. «مدامع» : فاعل مرفوع. «حفّل» : نعت «مدامع» مرفوع بالضمّة.

وجملة : «إذا قلت ...» الشرطية ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة : «قلت» في محلّ جرّ بالإضافة. وجملة «مهلا» في محلّ نصب مفعول به. وجملة «غارت العين» جواب شرط غير جازم لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «مدّتها مدامع» معطوفة على «غارت».

الشاهد : قوله : «غراء» حيث زعم ابن عصفور أنه مصدر «غري بالشيء» وأنّ مدّه شاذّ وقياسه القصر ، والرواية بكسر الغين ، فهو من الفعل «غارى» ولذلك يكون مدّة قياسيّا ، مثل : قاتل قتالا.

(١) الخوزلى : مشية فيها تثاقل.

(٢) الهيدبى : ضرب من مشي الخيل.

٥٠٥

وكلّ ما كان على وزن فعلى ، فهو مقصور ، نحو : «البشكى» (١) ، و «المرطى» (٢) ، و «جمزى» (٣). وكل اسم في آخره ألف بعدها تاء تأنيث وإذا جمع تحذف منه التاء ، فهو مقصور ، نحو : «قطاة وقطا» ، و «نواة ونوى».

وكل صفة على وزن «فعلاء» لامها حرف علة ، فالصفة منها للمذكّر على وزن «أفعل» مقصور ، نحو : «قنواء أو أقنى» (٤) ، و «عشواء أو أعشى» (٥).

وكل صفة على وزن «فعلى» لامها حرف علة والمذكر منها الأفعل ، فجمعها على وزن «فعا» مقصور ، نحو : «الدنيا والدنا» ، و «العليا والعلى». وتقول في المذكّر الأدنى والأعلى. وكل صفة على وزن «أفعل» للمفاضلة ولم تستعمل بـ «من» فالمؤنث منها على وزن «فعلى» مقصور ، نحو : «الأفضل والفضلى» ، و «الأكبر والكبرى».

وكل مصدر لفعل معتلّ اللام في أوله ميم زائدة ، فهو مقصور ، نحو : «مدعى» و «مرعى» ، و «مسعى» ، و «مغزى».

وكل اسم مفعول من فعل معتل اللام زائدة على ثلاثة أحرف فهو مقصور ، نحو : «أعطيته فهو معطى» ، و «راميته فهو مرامى».

وكل فعل في آخره حرف علة وقبل حرف العلة منه فتحة ، فهو مقصور ، نحو : «أعطى» ، و «ساهى» ، و «رامى».

والمقيس من الممدود كل مصدر من فعل معتل اللام قبل آخره ألف ، فهو ممدود ، نحو : «إعطاء» ، و «استدناء» ، و «رماء».

وكل اسم لصوت على وزن «فعال» أو «فعال» ، فهو ممدود ، مثل : «الثغاء» ، و «الدعاء» ، و «الرغاء» ، و «النداء».

وأما البكاء فيمدّ ويقصر ، فمن ذهب به إلى الصوت مدّه ، ومن ذهب إلى الحزن

__________________

(١) الناقة البشكى : السريعة ، أو الخفيفة المشي.

(٢) المرطى : السريعة.

(٣) الجمزى : الوثّاب ، السريع.

(٤) الأقنى : الذي في أنفه احديداب.

(٥) الأعشى : الذي لا يبصر ليلا ، وقيل : الذي يسوء بصره بالليل والنهار.

٥٠٦

قصره ، قال الشاعر [من الوافر] :

٦٨٢ ـ بكت عيني وحقّ لها بكاها

وما يغني البكاء ولا العويل

فقصر الأول ، لأنه ذهب به إلى الحزن ، ومدّ الثاني لأنه ذهب به إلى الصوت. وكل جمع على وزن «أفعلاء» و «فعلاء» ، فهو ممدود ، نحو : «أنبياء» أو «خلفاء».

وكل اسم جمع على وزن «فعلاء» ، نحو : «الحلفاء» ، و «القصباء» ، و «الطرفاء» (٢) ، فهو ممدود.

وكل أفعل صفة يكون المؤنث منه ممدودا على وزن «فعلاء» ، نحو : «أحمر وحمراء» ، و «أصفر وصفراء».

وكل اسم على وزن «فعلاء» ، فالغالب عليه المد ، نحو : «عشراء» (٣) ، و «نفساء» (٤).

__________________

٦٨٢ ـ التخريج : البيت لحسان بن ثابت في جمهرة اللغة ص ١٠٢٧ ؛ وليس في ديوانه ؛ ولعبد الله بن رواحة في ديوانه ص ٩٨ ؛ ولكعب بن مالك في ديوانه ص ٢٥٢ ؛ ولسان العرب ١٤ / ٨٢ (بكا) ؛ ولحسان أو لكعب أو لعبد الله في شرح شواهد الشافية ص ٦٦ ؛ وبلا نسبة في أدب الكاتب ص ٣٠٤ ؛ ومجالس ثعلب ص ١٠٩ ؛ والمنصف ٣ / ٤٠.

اللغة : العويل : هو البكاء مع صوت ظاهر.

المعنى : يحقّ لعيني أن تبكي على من فقدت ، بالرغم من أنّه لا شيء يجدي أو ينفع.

الإعراب : بكت : فعل ماض مبني على الفتح المقدّر على الألف المحذوفة ، و «التاء» : للتأنيث. عيني : فاعل مرفوع بضمّة مقدّرة على ما قبل الياء ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. وحق : «الواو» : حالية ، «حقّ» : فعل ماض مبني على الفتح ، مبني للمجهول. لها : جار ومجرور متعلقان بـ (حقّ). بكاها : نائب فاعل مرفوع بضمّة مقدّرة على الألف ، و «ها» : ضمير متصل في محل جرّ مضاف إليه. وما : «الواو» : استئنافية ، «ما» : حرف نفي. يغني : فعل مضارع مرفوع بضمّة مقدّرة على الياء. البكاء : فاعل مرفوع بالضمّة. ولا : «الواو» : حرف عطف ، «لا» : حرف نفي. العويل : معطوف على (البكاء) مرفوع بالضمّة.

وجملة «بكت» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «حقّ» : حالية محلها النصب. وجملة «وما يغني» استئنافية لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «بكاها ... البكاء» حيث قصر الأول فقال : (بكاها) لأنه قصد به الحزن ، ومدّ الثاني (البكاء) لأنه أراد به الصوت.

(١) الحلفاء والقصباء والطرفاء : أنواع من النبات.

(٢) الناقة العشراء : التي أتى عليها عشرة أشهر من وقت لقاحها.

(٣) المرأة النفساء : المرأة إذا ولدت.

٥٠٧

وقد يجيء مقصورا ، نحو : «شعبى» ، اسم أرض ، و «أربى» ، اسم للداهية.

وكل اسم في آخره تاء تأنيث قبلها ياء أو واو بعد ألف زائدة وأنك إذا جمعته نحذف الياء فهو ممدود ، نحو : «عظاية» (١) ، و «صلاية» (٢) ، و «سماوة» ، تقول في جمعها : «عظاء» ، و «صلاء» ، و «سماء».

وكل جمع على وزن «أفعلة» ، فالمفرد منه ممدود ، نحو : «أرشية» واحدها «رشاء» (٣) ، و «أكسية» واحدها «كساء» ، إلّا «أندية» فإنّه شاذّ ، والوجه منه : «نداء» ، قال [من البسيط] :

٦٨٣ ـ في ليلة من جمادى ذات أندية

لا يبصر الكلب من ظلمائها الطنبا

وزعم أبو العباس أن «أندية» جمع «نداء» الذي هو جمع «ندى» ، لأن «فعلا» جمع

__________________

(١) العظاية : دويبّة.

(٢) الصلاية : حجر عريض يدقّ به.

(٣) الرشاء : الحبل الذي يربط به الدلو.

٦٨٣ ـ التخريج : البيت لمرّة بن محكان في الأغاني ٣ / ٣١٨ ؛ والخصائص ٣ / ٥٢ ، ٣ / ٢٣٧ ؛ وسر صناعة الإعراب ص ٦٢٠ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٢٩٣ ؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٥٦٣ ؛ ولسان العرب ١٥ / ٣١٨ (ندى) ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٥١٠ ؛ والمقتضب ٣ / ٨١ ؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٣ / ٦٥٦ ؛ وشرح شافية ابن الحاجب ص ٣٢٩ ؛ وشرح المفصل ١٠ / ١٧ ؛ ولسان العرب ١١ / ٢٦٨ (رجل).

شرح المفردات : جمادى : من الأشهر العربيّة. الأندية : ج الندى ، وهو البلل. الطنب : ج الأطناب ، وهو الحبل الذي تشدّ به الخيمة.

الإعراب : «في ليلة» : جار ومجرور متعلّقان بـ «ضمّي» في بيت سابق. «من جمادى» : جار ومجرور متعلّقان بمحذوف نعت لـ «ليلة». «ذات» : نعت «ليلة» مجرور بالكسرة ، وهو مضاف. «أندية» : مضاف إليه مجرور. «لا» : حرف نفي. «يبصر» : فعل مضارع مرفوع بالضمّة. «الكلب» : فاعل مرفوع بالضمّة. «من ظلمائها» : جار ومجرور متعلّقان بـ «يبصر» ، وهو مضاف ، و «ها» ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. «الطنبا» : مفعول به منصوب ، والألف للإطلاق.

وجملة «لا يبصر ...» في محلّ جرّ نعت ليلة.

الشاهد فيه قوله : «أندية» حيث جمع «نداء» على «أندية» ، و «نداء» هو جمع «ندى».

٥٠٨

على «فعال» ، نحو : «جمل وجمال».

وهذا الذي قال يجوز قياسا إلّا أنّه لم يسمع «نداء» في جمع «ندى».

وكل اسم على فعلة معتل اللام ، فإنّه يجمع على وزن «فعال» ، فيكون ممدودا ، نحو : «ركوة وركاء» ، و «فسوة وفساء» ، وشذّ من ذلك «قرية وقرى» ، و «كوّة وكوى». وكل اسم على «فعل» معتل اللام ، فجمعه على وزن «فعال» ممدود ، نحو : «ظبي وظباء» ، و «دلو ودلاء».

وكل اسم على «فعل» أو «فعل» معتل اللام ، فجمعه على وزن «أفعال» ، نحو : «صدى وأصداء» ، و «قفا وأقفاء» ، و «نضو وأنضاء» ، و «شلو وأشلاء».

وكل اسم على وزن «فعللاء» ، نحو : «عقرباء» ، و «حرملاء» (١) ، أو على وزن «فاعلاء» ، نحو : «السابياء» (٢) ، و «القاصعاء» (٣) ، أو على وزن «فاعولاء» ، نحو : «عاشوراء» ، أو «فعالاء» ، نحو «عجاساء» (٤) ، و «براكاء» (٥) ، فهو ممدود.

فهذا جميع ما يدرك من المقصور والممدود قياسا. وألحق بعض النحويين بمقيس الممدود والمقصور كل مقصور أو ممدود له من الصحيح ما هو على وزنه ومعناه ، وذلك نحو «السنا» ، إذا أردت اللهب أو النبات ، فإنّه مقصور لأنّ نظيره في اللفظ والمعنى إذا أريد به الضوء اللهب وإذا أريد به النبات شجر. وإذا أريد به الشرف فهو ممدود ، تقول : «السناء» ، لأنّ نظيره من الصحيح في الوزن والمعنى «الجلال».

وهذا فاسد ، لأنّه من حيث كان له من الصحيح الذي في معناه ما هو وزنه لا يلزم أن يكون مقصورا ولا ممدودا ، ألا ترى أنه لو لزم أن يقصر «السنا» لأنّ نظيره «اللهب» ، للزم أيضا أن يقال «سنو» لأنّ نظيره «ضوء». ولو لزم أن يمدّ السّنا لأنّ نظيره «الجلال» للزم أيضا أن يقصر ، لأنّ نظيره «الشرف» ، فدلّ ذلك على فساد إلحاق مثل هذا بالمقيس.

__________________

(١) حرملاء : اسم موضع.

(٢) السابياء : التراب الدقيق الذي يخرجه اليربوع من جحره ، والمواشي الكثيرة.

(٣) القاصعاء : جحر اليربوع ، أو فم الجحر.

(٤) العجاساء : الإبل السمان.

(٥) البراكاء : الثبات في الحرب.

٥٠٩

وما بقي من المقصور والممدود فلا يدرك إلّا أن النحويين ذكروا منه ما يكثر دوره في الكلام ، وهو ينقسم ثلاثة أقسام.

قسم لا يجوز فيه إلّا المد أو القصر ، وقسم يمدّ ويقصر بمعنيين ، وقسم يمد ويقصر بمعنى.

فالذي يمدّ ويقصر بمعنيين : «الفتى» ، إذا أردت به واحد الفتيان كان مقصورا ، وإن أردت به معنى الفتوّة كان ممدودا.

و «السنا» مقصور إذا أردت به الضوء أو النبات المعلوم ، وإن أردت به الشرف فهو ممدود.

و «الحيا» إذا أردت به المطر ، فهو مقصور ، وإن أردت به فرج الناقة أو الاستحياء ، كان ممدودا.

و «النسا» إذا أردت به العرق الذي يكون في الفخذ ويجري إلى الساق ، كان مقصورا ، وإذا أردت به التأخير ، كان ممدودا. قال عليه‌السلام : «من سرّه النساء في الأجل والسعة في الرزق فليصل رحمه».

و «اللّوى» إذا أردت به الرمل كان مقصورا ، وإن أردت به الراية كان ممدودا ، وعليه قوله [من الطويل] :

فجاءت به سبط العظام كأنّما

عمامته بين الرجال لواء (١)

والذي يمدّ ويقصر بمعنى : «الحمى» المكان المحمى يمدّ ويقصر ، و «الهيجاء» : الحرب تمدّ وتقصر ، قال الشاعر [من الطويل] :

أخاك أخاك إنّ من لا أخا له

كساع إلى الهيجا بغير سلاح (٢)

فقصر. وقال الآخر [من الطويل] :

٦٨٤ ـإذا كانت الهيجاء وانشقّت العصا

فحسبك والضحّاك سيف مهنّد

__________________

(١) تقدم بالرقم ٢٢٥.

(٢) تقدم بالرقم ١٦٥.

٦٨٤ ـ التخريج : البيت لجرير في ذيل الأمالي ص ١٤٠ ؛ وليس في ديوانه ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٧ / ٥٨١ ؛ وسمط اللآلي ص ٨٩٩ ؛ وشرح الأشموني ١ / ٢٢٤ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٣٧٤ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٠٠ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٤٠٧ ، ٦٦٧ ؛ وشرح المفصل ٢ / ٥١ ؛ ولسان العرب ١ / ٣١٢ (حسب) ، ٢ / ٣٩٥ (هيج) ، ١٥ / ٦٦ (عصا) ؛ والمقاصد النحوية ٣ / ٨٤.

٥١٠

و «الفحوى» الذي تعني به معنى الكلام يمدّ ويقصر. و «فيضوضاء» بمعنى مختلط يمدّ ويقصر. و «السيماء» بمعنى العلامة يمدّ ويقصر. وأما «البكاء» ، فقد تقدم أنّ من قصره أراد به خلاف المعنى الذي يريد به إذا مده ، وكذلك «الزنا» إذا أردت به المصدر من «زنى» كان مقصورا ، ويكون واقعا على فعل الواحد ، وإن أريد به مصدر «زانى» فهو ممدود ، ويقع على فعل الاثنين.

وأمّا «السرى» فيمدّ ويقصر بمعنى واحد (١) ، وأنكر الأصمعي مدّه بين يدي الرشيد ، وخالف في ذلك اليزيدي. واستدل على مده بالمثل السائر : «لا تنظر إلى الحرّة عام هدائها ولا إلى الأمة عام سرائها» (٢).

ومما بقي مما يمدّ ولا يجوز فيه القصر ، ويقصر ولا يجوز فيه المد ، فقد ذكر أبو

__________________

اللغة : انشقت العصا : تفرق القوم. الهيجاء : الحرب الطاحنة الشرسة.

المعنى : إذا نشبت الحرب ، وتفرقت الجماعات ، فيكفيك أن تصحب السيف الضحاك بيمناك.

الإعراب : إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لفعله متعلق بجوابه مبني على السكون في محل نصب متضمّن معنى الشرط. كانت : فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة و «التاء» : للتأنيث ، وحركت بالسكون منعا لالتقاء الساكنين. الهيجاء : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. وانشقت : «الواو» : عاطفة ، «انشقت» : فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة ، و «التاء» : للتأنيث ، وحركت بالكسر منعا لالتقاء الساكنين. العصا : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. فحسبك : «الفاء» : رابطة لجواب الشرط و «حسبك» : مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة وهو مضاف ، و «الكاف» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. والضحاك : «الواو» : عاطفة ، «الضحاك» : مفعول به منصوب لفعل محذوف. سيف : خبر مرفوع بالضمة الظاهرة. مهند : صفة مرفوعة بالضمة الظاهرة.

وجملة «إذ كانت الهيجاء فحسبك ...» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «كانت الهيجاء» : في محل جر بالإضافة. وجملة «وانشقت العصا» : معطوفة في محل جر بالإضافة. وجملة «فحسبك سيف» : جواب شرط غير جازم لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «الهيجاء» حيث مدّ الاسم هنا.

(١) هو مصدر تسرّى ، وتسرّى الجارية : اتخذها سريّة.

(٢) المثل برواية : «لا تحمدنّ أمة (أو : لا تحمد أمة) عام (أو : حال) شرائها (أو : اشترائها) ، ولا حرّة عام بنائها (أو : هدائها) في العقد الفريد ٣ / ٨٦ ؛ والفاخر ص ٢٦٥ ؛ وفصل المقال ص ٧٧ ؛ وكتاب الأمثال ص ٦٧ ؛ والمستقصى ٢ / ٢٥٤ ؛ ومجمع الأمثال ٢ / ٢١٣ ؛ والوسيط في الأمثال ص ٢٠١.

يضرب في النهي عن مدح الشيء قبل اختباره.

٥١١

القاسم منه جملة كافية إلّا أنه ذكر من المسموع أشياء تدرك قياسا ، فمنها «التوى» : الهلاك ، وهو من المقيس لأنّه يقال : «توى يتوى توى» ، و «طوى يطوي طوى» ، وقد تقدم في المقيس.

ومنه «الدمى» ، وهو من المقيس ، يقال : «دمية ودمى» ، كما يقال : «عروة وعرى». ومنها «الجلى» ، وهو انحسار الشعر عن مقدم الرأس ، وهو من المقيس لأنه يقال : «جلى يجلى جلى فهو أجلى» ، و «امرأة جلواء».

وذكر فيه «النوى» جمع «نواة» ، وهو مثل «حصى» جمع «حصاة». وذكر «الغوى» : بشم الفصيل ، وهو مقيس يقال : «غوى يغوى غوى فهو غو» ، وذكر «اللوى» في البطن ، و «الغبى» : الجهل ، وهذا من المقيس يقال : «لوى يلوى لوى» ، و «غبي يغبى غبى».

وذكر «الكسى» جمع «كسوة» ، مثل «عروة وعرى». وذكر «الرقى» جمع «رقية». وذكر «الفجى» : الفحج (١) ، وهو مقيس يقال : «فجى يفجى فجى» ، فهو فج. وذكر «القنى» : احديداب في الأنف ، وهو مقيس ، يقال : «قنى يقنى قنى» ، ورجل أقنى وامرأة قنواء ، قال سلامة بن جندل [من البسيط] :

٦٨٥ ـ ليس بأقنى ولا أسفى ولا سغل

[يسقى دواء قفيّ السّكن مربوب]

__________________

(١) الفجج : تباعد ما بين الفخذين.

٦٨٥ ـ التخريج : البيت لسلامة بن جندل في ديوانه ص ٩٨ ؛ ولسان العرب ١ / ٤٠١ (ربب) ، ١١ / ٣٣٧ (سغل) ، ١٣ / ٢١٢ (سكن) ، ١٤ / ٢٧٩ (دوا) ، ٣٨٨ (سفا) ، ١٥ / ١٩٧ (قفا) ، ٢٠٣ (قنا) ؛ والتنبيه والإيضاح ١ / ٧٨ ؛ وكتاب العين ٥ / ٣١٣ ؛ وتهذيب اللغة ٨ / ٣٦ ، ١٠ / ٦٥ ؛ وتاج العروس ٢ / ٤٦٥ (ربب) ، (سغل) ، (سكن) ، (سفي) ، (قفا) ، (قفي) ؛ وأساس البلاغة (سغو) ، وبلا نسبة في لسان العرب ١١ / ٣٨١ (صقل) ؛ وكتاب العين ٥ / ٢٢٣ ، ٧ / ٣٠٩ ؛ وتهذيب اللغة ٨ / ٣٧٢ ، ٩ / ٣١٦ ، ٣٢٩ ، ١٣ / ٩٤.

اللغة : الأقنى : الذي في أنفه احديداب. الأسفى : الخفيف الناصية. السغل : السيّىء الغذاء. القفيّ والقفيّة : ما يكرم به الضيف من الطعام ، وأراد به هنا اللبن ، لأنهم يضمّرون الخيل بسقيها اللبن. المربوب : المدلّل ، المعتنى به جيّدا.

المعنى : ينفي عن حصانه العيوب المذكورة ، ويخبرنا بأنهم يسقونه لبن أهل الدار دواء كي يضمر ويلقى عناية جيدة.

الإعراب : ليس : فعل ماض ناقص ، و «اسمه» : ضمير مستتر تقديره (هو). بأقنى : «الباء» : حرف جرّ زائد ، «أقنى» : اسم مجرور لفظا ، منصوب محلّا على أنه خبر (ليس). ولا : «الواو» : حرف عطف ، و «لا» :

٥١٢

وذكر «الضوى» : الهزال ، و «القوى» : جمع قوّة ، و «القذى» : قذى العين ، و «القطا» : جمع قطاة ، و «الفلا» : جمع فلاة ، و «الكرى» : من النوم ، و «الكلى» : جمع كلية ، و «اللّثى» : جمع لثة ، و «منى» : جمع منية من التمنّي.

ومما أدخله في الممدود المسموع وهو مقيس : الدعاء ، والرغاء ، والثغاء ، والمكاء : الصفير ، والغناء ، لأنّها أسماء أصوات فبابها المدّ.

ومن الغالب عليه المد «قطواء» (١) ، وزنه «فعلاء» ، وقد تقدم أن الغالب على «فعلاء» المد ، ومنها «الهداء» : هداء العروس إلى زوجها ، لأنّه من المصادر التي قبل آخرها ألف ، وفعلها معتل اللام.

__________________

حرف لتوكيد النفي. أسفى : معطوف على (أقنى). ولا : «الواو» : للعطف ، و «لا» : حرف لتوكيد النفي. سغل : معطوف على (أسفى) مجرور بالكسرة (على اللفظ). يسقى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بضمّة مقدّرة على الألف ، و «نائب الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو). دواء : مفعول به منصوب بالفتحة. قفي : مضاف إليه مجرور بالكسرة. السكن : مضاف إليه مجرور بالكسرة. مربوب : صفة (حثّ) في البيت السابق مجرورة بالكسرة.

وجملة «ليس بأقنى» : في محلّ جرّ صفة لـ (حثّ). وجملة «يسقى» : في محلّ جرّ صفة لـ (حثّ) ؛ والحثّ : السريع.

والشاهد فيه قوله : «ليس بأقنى» حيث جاء بالبيت مستشهدا على أن (أقنى) مذكّر (قنواء).

(١) القطواء : التي تقارب الخطو مع النشاط ، والمذكر قطوان.

٥١٣

باب المذكّر والمؤنّث

قد تقدم أن أقسام الكلام ثلاثة ، إذ لا يمكن أن تكون أزيد بالدليل الذي تقدم.

فأمّا الأفعال فمذكرة كلها لأمرين : أحدهما أنّ الفعل مدلوله الجنس ، والجنس مذكّر ، فكذلك الفعل. والآخر : أنّ العرب إذا سمّت بالفعل الزائد على ثلاثة أحرف الذي وزنه مشترك صرفته.

قال سيبويه : سمعناهم يصرفون الرجل يسمّى بكعسب وهو «فعلل» من «الكعسبة» ، وهي شدة المشي مع تداني الخطى. ولو كان مؤنثا لامتنع الصرف للتعريف والتأنيث.

فإن قيل : ولعل الفعل مؤنث ، بدليل لحاق علامة التأنيث له ، بدليل قولهم : «قامت هند». فالجواب : إنّ هذه التاء ، إنّما لحقت لتأنيث الفاعل لا لتأنيث الفعل بدليل أنّها تثبت مع المؤنث وتسقط مع المذكر. ولو كانت لتأنيث الفعل لثبتت في كل موضع سواء كان الفاعل مذكرا أو مؤنثا.

فإن قيل : وكيف تلحق علامة التأنيث الفعل والمراد بها الاسم؟

فالجواب : إنّ العرب قد فعلت مثل ذلك في قولهم : «هذا حبّ رمّاني» ، و «هذا جحر ضبّ خرب» ، والمعنى إنّما للجحر والحبّ.

وأمّا الحروف فتذكر وتؤنث ، فإن ذهبت بها إلى الحرف ، ذكّرت وإن ذهبت بها إلى الكلمة أنّثت ، والغالب عليها التأنيث.

وأما الأسماء فتذكّر وتؤنّث. فالمؤنث ينقسم قسمين : قسم لا علامة فيه للتأنيث ، وقسم يؤنث بعلامة.

٥١٤

وعلامة التأنيث الألف ، والتاء ، وأما الهمزة فمنقلبة عن الألف ، وذلك أنّه اجتمع في مثل «صحراء» ألفان ، قلبت إحداهما همزة بدليل جمعهم لها «صحارى» ، ولو كانت غير منقلبة لم تحذف ولقالوا : «صحارىء» ، كما قالوا في جمع «قرّاء» : «قرارىء» ، فإن قيل :

فلعلها منقلبة عن ياء ، أو واو ، وليست منقلبة عن الألف ، فالجواب : إنّ الألف قد ثبتت علامة للتأنيث ، ولم تثبت الياء ولا الواو ، فالأولى أن يدعى ما يثبت.

وأمّا المؤنث فينقسم سبعة أقسام : قسم يدخل فيه تاء التأنيث فارقة بين المذكر والمؤنث ، وذلك في الصفة الجارية ، نحو : «قائم» و «قائمة».

وقسم تدخل فيه تاء التأنيث ، وينقسم هذا قسمين : قسم ليس له مذكر يلتبس به مثل بلدة ومدينة. وقسم له مذكّر إلّا أنه من غير لفظه مثل شيخ وعجوز (١).

وقسم يدخل فيه التأنيث فرقا بين المفرد والجمع ، وذلك في الجمع الذي بينه وبين واحده حرف التاء ، مثل : «تمرة وتمر» ، و «شعيرة وشعير» ، و «بقرة وبقر» ، وليس له مفرد مذكر وإنّما المفرد مثل المفرد المؤنث.

وأجاز أهل الكوفة أن تكون ألفاظ الجموع من هذا المفرد المذكر ، فيقولون «بقر» للواحد المذكّر ، وحكوا من كلام العرب : «رأيت عقربا على عقربة» ، و «رأيت حماما على حمامة» ، إلّا في «حيّة» فإنهم يقولون : «حيّة» ، للمذكر والمؤنث.

وسبب ذلك أنّهم لم يجمعوه بحذف التاء ، لئلا يلتبس بالحيّ الذي هو ضد الميت ، فلما لم يجمعوه لم يكن للمذكّر ما يقع عليه هذا.

وهذا شذوذ لا يقاس عليه ، لأنّه لم يكثر ، بل المذكّر من هذا ، والمؤنث بالتاء نحو : «حمامة» و «عقربة» ، ولم يكن بغير التاء لئلا يلتبس بالجمع.

وقسم تدخل فيه تاء التأنيث للمبالغة ، وتدخل في المؤنث والمذكر ، مثل : «علامة» ، و «مطرابة».

واختلف في سبب دخولها في المذكر ، فزعم ثعلب أنّهم كأنّهم أرادوا به في صفات المدح «داهية» ، وفي صفات الذم «بهيمة» ، و «داهية» و «بهيمة» مؤنثتان ، فلذلك دخلت فيه. وهذا الذي ذهب إليه فاسد ، لأنّ هذا التقدير لا يصح في كل صفة للمبالغة ، ألا ترى أنّ «مطرابة» لا يقال فيه : «داهية» ولا «بهيمة». والصحيح أن تقول : دخلت في المذكر من هذا

__________________

(١) لم يذكر المؤلف القسم الذي له مذكّر يلتبس به.

٥١٥

الجنس تاء التأنيث ، لأنّهم أرادوا به في صفة المدح ، وصفة الذم «غاية» ، و «غاية» مؤنثة ، فلذلك دخلت تاء التأنيث.

وقسم تدخل فيه في المذكر والمؤنث بغير مبالغة ، مثل : «امرأة ربعة» ، و «رجل ربعة» ، كأنهم أرادوا : نفسا ربعة.

وقسم تدخل فيه تاء التأنيث إمّا عوضا ، أو للدلالة على العجمة ، أو على النسب ، وذلك في كل جمع على وزن «مفاعل» أو «مفاعيل» ، فمثال ما دخلت فيه عوضا : «زنادقة» ، التاء عوض من الياء في «زناديق» فلم يجمع بينهما. ومثال ما دخلت فيه للدلالة على العجمة «موازجة» (١) و «سبابجة» (٢).

ومثال ما دخلت فيه عوضا من ياءي النسب «مهالبة» ، و «أشاعثة».

وقد يجتمع النسب والعجمة مثل «البرابرة» فلا تدخل تاء التأنيث على ما كان من الجموع على مثل «مفاعل» أو «مفاعيل» إلّا أن يكون مما ذكرنا. وإنما دخلت تاء التأنيث على العجمة ، لأنّها تناسبها ، لأنّهما معا من العلل المانعة للصرف ، وعوضت من ياء النسب ، لأنّها تناسبهما ، ألا ترى أنّها يفرد بها الواحد من الجمع ، كما يفرد بتاء التأنيث ، تقول : «روميّ» و «روم» ، كما تقول : «شجرة» و «شجر».

وأمّا ألف التأنيث فتعرف كونها للتأنيث بأن يكون الاسم التي هي فيه غير منون ، وليس فيه مانع يمنع صرفه إلّا الألف. وما عدا ذلك لا يعلم أنّ ألفه للتأنيث إلّا في أوزان معلومة ، وهي ما كان من الأسماء على وزن «فعلاء» ، و «فعالى» ، أو «فعلى» الذي مؤنثه «فعلان».

وكذلك الهمزة يعلم أنّها منقلبة من ألف التأنيث بأن يكون الاسم الذي هي فيه ممنوع الصرف ، ولا مانع له منه إلّا الهمزة ، وما عدا ذلك لا يعلم إلّا بأن يكون الاسم على وزن «فعلاء» غير مضاعف ، مثل «ضوضاء» ، أو «فعلاء» ، أو «أفعلاء» ، أو «فعالاء» ، أو «فعولاء» ، نحو : «دبوقاء» (٣) ، أو «فعللاء» ، نحو : «عقرباء» ، أو ما ألحق بـ «فعللاء» ، أو «فعولاء» ، أو «فعلليلاء» ، نحو : «قرقنيساء» (٤).

__________________

(١) الموازجة : جمع موزج ، وهو الخفّ ، فارسيّ معرّب.

(٢) السبابجة : قوم من السند والهند يكونون مع رئيس السفينة البحرية يحرسونها.

(٣) الدبوقاء : فضلات الحيوان.

(٤) لم أقع على معنى هذه الكلمة فيما عدت إليه من معاجم.

٥١٦

باب ما يؤنث من جسد الإنسان ولا يجوز تذكيره

المؤنث بغير علامة يعلم تأنيثه بأشياء. إمّا بالإشارة إليه ، أو بالإخبار عنه ، أو بإضماره ، أو بجمعه ، أو بتأنيثه ، أو بتصغيره إن كان على ثلاثة أحرف. فإن كان على أزيد لم يتغيّر بالتصغير إلّا «قدّام» و «وراء» ، قالوا : «قديديمة» و «وريّثة». أما العين فمؤنثة ولا يجوز تذكيرها ، بدليل قولهم في تصغيرها : «عيينة». وبإلحاقهم التاء لوصفها ، مثل قول امرىء القيس [من المتقارب] :

٦٨٦ ـ وعين لها حدرة بدرة

[شقّت مآقيهما من أخر]

__________________

٦٨٦ ـ التخريج : البيت لامرىء القيس في ديوانه ص ١٦٦ ؛ ولسان العرب ٤ / ١٥ (أخر) ، ٤٩ (بدر) ، ١٧٣ (حدر) ؛ والتنبيه والإيضاح ٢ / ٧٧ ؛ وتهذيب اللغة ٤ / ٢٠٩ ؛ وجمهرة اللغة ص ٥٠٠ ؛ والمخصص ٢ / ٥ ، ١٦ / ١٨٥ ؛ وديوان الأدب ١ / ١٣٨ ؛ وتاج العروس ١٠ / ٣٧ (أخر) ، ١٠ / ١٤٣ (بدر) ، ١٠ / ٥٥٧ (حدر) ؛ وبلا نسبة في مقاييس اللغة ١ / ٢٠٨.

اللغة : الحدرة من العيون : الصلبة المكتنزة ، وقيل : الواسعة الجاحظة. البدرة : الحديدة النظر. من أخر : من أواخرها.

المعنى : لهذه الفرس عين حادّة النظر ، واسعة صلبة ، مفتوحة كأنها شقّت من مؤخّرها.

الإعراب : وعين : «الواو» : بحسب ما قبلها ، «عين» : مبتدأ مرفوع بالضمّة. لها : جار ومجرور متعلقان بصفة محذوفة لـ «عين». حدرة : خبر مرفوع بالضمة. بدرة : خبر ثان مرفوع بالضمّة. شقت : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث. مآقيهما : نائب فاعل مرفوع بضمّة مقدّرة على الياء ، و «هما» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. من أخر : جار ومجرور متعلقان بـ (شقّت) ، وسكّن لضرورة الشعر.

وجملة «عين لها حدرة» : بحسب الواو. وجملة «شقت» : خبر ثالث للمبتدأ «عين».

٥١٧

وإخبارهم عنها إخبار المؤنث ، مثل قوله [من الرجز] :

٦٨٧ ـ اجتمع النّاس وقالوا : عرس

ففقئت عين وفاضت نفس

فأما قوله [من البسيط] :

٦٨٨ ـإذ هي أحوى من الربعيّ حاجبه

والعين بالإثمد الحاريّ مكحول

__________________

والشاهد فيه قوله : «عين لها» حيث أنّث (عين) ، وقال : «شقت» فألحق تاء التأنيث بالفعل العائد عليها.

٦٨٧ ـ التخريج : الرجز لدكين بن رجاء الفقيمي في لسان العرب ٧ / ٤٥٣ (فيظ) ؛ وتاج العروس ١٨ / ٤٩٨ (فيض) ، ٢٠ / ٢٥٤ (فيظ) ؛ وبلا نسبة في لسان العرب ٧ / ٢١١ ، ٢١٢ (فيض) ؛ وتهذيب اللغة ١٢ / ٨٠ ، ١٤ / ٣٩٧ ؛ وتاج العروس ١٨ / ٤٩٩ (فيض) ؛ وجمهرة اللغة ص ٧١٦ ، ٩٣٣ ؛ ومقاييس اللغة ٤ / ٤٦٦ ؛ والمخصص ٦ / ١٢٦.

اللغة : العرس : امرأة الرجل ، ورجلها. فاضت نفسه : خرجت روحه.

المعنى : لقد قيل هناك عروسان فاجتمع الناس ، واقتلعت عين الحاسد لشدّة غيظه ، ومات من قهره وسخطه.

الإعراب : اجتمع : فعل ماض مبني على الفتح. الناس : فاعل مرفوع بالضمّة. وقالوا : «الواو» : للعطف ، «قالوا» : فعل ماض مبني على الضم ، و «الواو» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل ، و «الألف» : للتفريق. عرس : خبر لمبتدأ محذوف تقديره (هو أو هي) مرفوع بالضمّة. ففقئت : «الفاء» : استئنافية ، «فقئت» : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث. عين : نائب فاعل مرفوع بالضمّة. وفاضت : «الواو» : للعطف ، «فاضت» : فعل ماض مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث. نفس : فاعل مرفوع بالضمّة.

وجملة «اجتمع» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «قالوا» : معطوفة عليها لا محلّ لها. وجملة «هو عرس» : في محلّ نصب مفعول به (مقول القول). وجملة «فقئت» : استئنافية لا محلّ لها. وجملة «فاضت» : معطوفة عليها لا محلّ لها.

والشاهد فيه قوله : «ففقئت عين» حيث دلت تاء التأنيث الساكنة في (فقئت) على تأنيث العين.

٦٨٨ ـ التخريج : البيت لطفيل الغنوي في ديوانه ص ٥٥ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٨٧ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٣٤٢ ؛ والكتاب ٢ / ٤٦ ؛ ولسان العرب ٣ / ٢٥١ (صرخد) ؛ وبلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب ٢ / ٦٦٩ ؛ وشرح المفصل ١ / ١٨ ؛ ولسان العرب ٢ / ٣٨٥ (هجج).

اللغة : الأحوى : الظبي الذي في ظهره وجنبتي أنفه خطوط سود ، مأخوذة من الحوة التي هي السواد. من الربعي : أي من الصنف المولود في زمن الربيع ، وهو أبكر وأفضل. الحاري : المنسوب إلى الحيرة على غير قياس ، والقياس حيري.

المعنى : يا لجمالها وروعتها ، فحاجبها أجمل من حاجب الظبي الفتي الرشيق ، وعيناها حوراء تخطف الأبصار.

٥١٨

فالجواب : إنّ هذا ضرورة ، وقد يحتمل أن يكون «مكحول» من صفة «حاجب» ، و «العين» معطوفة على الضمير في «مكحول» ، كأنّه قال : مكحول هو والعين ، وهذا أولى ، وقدم المعطوف على المعطوف عليه ، وذلك سائغ. ومنهم من حمله على الترخيم ضرورة ، وهذا فاسد ، لأن الترخيم في الشعر لا يجوز إلّا حيث يجوز في الكلام ، والصفة لا ترخّم.

وبأن يكون المؤنّث له مذكّر من غير لفظه ، نحو : «اثنان».

وأمّا «الأذن» فمؤنثة بدليل قولهم في تصغيرها : «أذينة» ، وإخبارهم عنها إخبار المؤنّث ، ووصفهم لها بالمؤنث. قال الله تعالى : (أُذُنٌ واعِيَةٌ)(١) فأخبر عنها إخبار المؤنث ، وقال تعالى : (وَتَعِيَها)(٢).

وفيها لغتان : إسكان الذال ، وضمّها.

وأما «الكبد» فمؤنثة بدليل الإخبار عنها ، تقول : «هي الكبد» ، بدليل تصغيرها «كبيدة». وفيها ثلاث لغات : كبد ، وكبد ، وكبد ، على مثال : فعل ، وفعل ، وفعل.

وأما «الكرش» فمؤنّثة ، تقول : هي الكرش ، وفيها لغتان : كرش وكرش. وأما «الورك» فمؤنثة. تقول : «هذه ورك» ، و «هي الورك». وتوصف بالمؤنث ، وتقول : «هذه ورك موريّة» ، أي : غليظة. وفيها لغتان : ورك ، وورك.

وكذلك «الفخذ» مؤنثة ، لإخبارهم عنها إخبار المؤنث. تقول : «انكسرت فخذه».

__________________

الإعراب : «إذ» : ظرف مبني على السكون في محل نصب متعلق بلفظ في بيت سابق. «هي» : ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. «أحوى» : خبر مرفوع بالضمة المقدرة. «من الربعيّ» : جار ومجرور متعلقان بصفة محذوفة من «أحوى». «حاجبه» : مبتدأ مرفوع بالضمة ، والخبر محذوف دل عليه خبر «العين» ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جر بالإضافة. «والعين» : «الواو» : عاطفة ، «العين» : مبتدأ مرفوع بالضمة. «بالإثمد» : جار ومجرور متعلقان باسم المفعول مكحول. «الحاريّ» : صفة مجرورة بالكسرة. «مكحول» : خبر مرفوع بالضمة.

وجملة «هي أحوى» : في محل جر بالإضافة. وجملة «حاجبه» والخبر المحذوف في محل رفع صفة لـ «أحوى». وجملة «العين مكحول» : معطوفة على ما قبلها في محل رفع.

والشاهد فيه قوله : «والعين بالإثمد الحاري مكحول» أخبر بمكحول وهو وصف مذكر عن العين وهي مؤنثة ، وهذا يحمل على الضرورة أو على كون «مكحول» صفة من «حاجب».

(١) سورة الحاقة : ١٢.

(٢) سورة الحاقة : ١٢.

٥١٩

وفيها ثلاث لغات مثل «كبد».

وكذلك «الساق» أيضا مؤنثة بدليل تصغيرها : «سويقة» ، وإخبارهم عنها إخبار المؤنث ، وكذلك القدم أيضا مؤنّثة لإخبارهم عنها إخبار المؤنث ، قال الله تعالى : (فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها)(١). فأعاد الضمير عليها مؤنثا. قال الشاعر [من المديد] :

٦٨٩ ـ للفتى عقل يعيش به

حيث تهدي ساقه قدمه

وأما «العقب» فمؤنثة ، بدليل قولهم : «هذه عقب».

كذلك «العضد» مؤنثة لإخبارهم عنها إخبار المؤنث. قال الشاعر [من الكامل] :

أبني لبينى لستم بيد

إلّا يدا ليست لها عضد (٣)

وفيها لغات : «عضد» وتخفيفه (٤) ، و «عضد» ، وتخفيفه و «عضد» ، وتخفيف العين (٥) منه قياسا.

__________________

(١) سورة النحل : ٩٤.

٦٨٩ ـ التخريج : البيت لطرفة بن العبد في ديوانه ص ٨٦ ؛ وخزانة الأدب ٧ / ١٩ ؛ والدرر ٣ / ١٢٥ ؛ وسمط اللآلي ص ٣١٩ ؛ ولسان العرب ١٠ / ١٦٨ (سوق) ، ١٥ / ٣٥٧ (هدى) ؛ وبلا نسبة في شرح المفصل ٤ / ٩٢ ؛ ومجالس ثعلب ص ٢٣٨ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٢١٢.

المعنى : إن العقل الذي يهدي الفتى أين يضع قدميه اللتين تسوقان ساقيه ، وتقودانه إلى العيش الكريم ، أو إلى الهلاك.

الإعراب : للفتى : جار ومجرور بكسرة مقدّرة على الألف ، متعلّقان بحال مقدّمة محذوفة. عقل : مبتدأ مرفوع بالضمّة ، خبره محذوف. يعيش : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو). به : جار ومجرور متعلقان بـ (يعيش). حيث : ظرف زمان مبني على الضمّ في محلّ نصب مفعول فيه ، متعلّق بـ (يعيش). تهدي : فعل مضارع مرفوع بضمّة مقدّرة على الياء. ساقه : مفعول به منصوب بالفتحة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. قدمه : فاعل (تهدي) مرفوع بالضمّة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة.

وجملة «للفتى عقل» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «يعيش» : في محلّ رفع صفة لـ (عقل). وجملة «تهدي» : في محلّ جرّ بالإضافة.

والشاهد فيه قوله : «تهدي ساقه قدمه» حيث أنّث (قدمه) بدليل (التاء) في (تهدي).

(٢) تقدم بالرقم ١٩٥.

(٣) أي : تخفيف الضاد منه ، فتقول : عضد.

(٤) أي : عين الكلمة ، وهي الضاد هنا ، فتقول : «عضد».

٥٢٠