شرح جمل الزجّاجى - ج ٢

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

شرح جمل الزجّاجى - ج ٢

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-2263-0

الصفحات: ٥٩٧

وقسم الغالب عليه أن يستعمل استعمال أسماء الحيّ ، وهو قريش ، وثقيف ، ومعدّ ، وعاد ، وقد يستعمل اسما للقبيلة.

والدليل على ذلك في معدّ قوله [من الكامل] :

٦٠٩ ـ علم القبائل من معدّ وغيرها

أنّ الجواد محمّد بن عطارد

فمنع صرفه ، لأنه قصد به القبيلة ، وقال آخر في منع صرف قريش [من الكامل] :

٦١٠ ـ غلب المساميح الوليد سماحة

وكفى قريش المعضلات وسادها

__________________

٦٠٩ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في شرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٦٢ ؛ والكتاب ٣ / ٢٥٠.

اللغة : معد : هو ابن عدنان جد العرب العدنانية. محمد بن عطارد : أحد بني تميم وسيدهم في الإسلام.

المعنى : لقد علمت القبائل العربية العدنانية أن الكريم المعطاء هو سيد بني تميم وقائدها محمد بن عطارد.

الإعراب : «علم» : فعل ماض. «القبائل» : فاعل. «من معد» : «من» : حرف جر ، «معد» : اسم مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف. «وغيرها» : الواو عاطفة ، «غيرها» : اسم معطوف والهاء مضاف إليه. «أن» : حرف مشبه بالفعل. «الجواد» : اسمها منصوب. «محمد» : خبرها. والمصدر المؤول من أن وما بعدها سد مسد مفعولي علم. «بن» : صفة محمد مرفوعة بالضمة. «عطارد» : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

وجملة «علم القبائل» : ابتدائية.

والشاهد فيه قوله : «معد» حيث منعه الشاعر من الصرف ، حملا على معنى القبيلة.

٦١٠ ـ التخريج : البيت لعدي بن الرقاع في ديوانه ص ٤٠ ؛ وخزانة الأدب ١ / ٢٠٣ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٨٢ ؛ والطرائف الأدبيّة ص ٩٠ ؛ ولسان العرب ٦ / ٣٣٥ (قرش) ؛ ولجرير في لسان العرب ٢ / ٤٨٩ (سمح) ؛ ولم أقع عليه في ديوانه ؛ وبلا نسبة في ما ينصرف وما لا ينصرف ص ٥٩ ؛ والمقتضب ٣ / ٣٦٢.

اللغة : المساميح : جمع سمح ، وهو الذي خلقه السماحة والجود. المعضلات : الشدائد. سادها : صار سيدها ووالي أمورها.

المعنى : لقد تفوق الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي على أصحاب السماحة والكرم ، وقد ساد بعزته وكبريائه قريش ورفع من شأنها.

الإعراب : «غلب» : فعل ماض مبني على الفتحة. «المساميح» : مفعول به منصوب بالفتحة. «الوليد» : فاعل مرفوع بالضمة. «سماحة» : تمييز منصوب بالفتحة. «وكفى» : «الواو» : عاطفة ، «كفى» : فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة ، والفاعل (هو). «قريش» : مفعول به منصوب بالفتحة. «المعضلات

٣٦١

وقال الآخر في منع صرف «عاد» [من الرجز] :

لو شهد عاد في زمان عاد

لا بتزّها مبارك الجلاد (١)

والعرب تقول : «هذه ثقيف بنت قريش» ، فمنعته الصرف ، لأنّها قصدت به قصد القبيلة.

وقسم يتساوى فيه الأمران وهو «ثمود» و «سبأ» ، فمثل منع صرف «ثمود» قوله تعالى : (أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ)(٢). وقال تعالى : (أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ)(٣). فصرفه.

ومثال منع صرف «سبأ» قوله تعالى في قراءة من قرأ : (لِسَبَإٍ)(٤) ، بفتح الهمزة ، ومثل قول الشاعر [من المنسرح] :

٦١١ ـ من سبأ الحاضرين إذ

يبنون من دون سيله العرما

__________________

مفعول به ثان منصوب بالكسرة بالنيابة عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم. «وسادها» : الواو عاطفة ، «سادها» : فعل ماض مبني على الفتحة و «ها» : مفعول به والفاعل «هو».

وجملة «غلب الوليد» : ابتدائية. وجملة «كفى قريش المعضلات» : معطوفة على ما قبلها لا محل لها من الإعراب. وجملة «سادها» : معطوفة على ما قبلها لا محل لها من الإعراب.

والشاهد فيه قوله : «قريش» منع من الصرف لأن الشاعر أراد بها القبيلة.

(١) تقدم بالرقم ٢٤٢.

(٢) سورة هود : ٩٥.

(٣) سورة هود : ٦٨.

(٤) سورة سبأ : ١٥.

٦١١ ـ التخريج : البيت للنابغة الجعدي في ديوانه ص ١٣٤ ؛ وجمهرة اللغة ص ٧٧٣ ، ١٠٢٢ ؛ وسمط اللآلي ص ١٨ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٤١ ؛ ولسان العرب ١٢ / ٣٩٦ (عرم) ؛ ولأميّة بن أبي الصلت في ديوانه ص ٥٩ ؛ وللنابغة الجعدي أو لأميّة في خزانة الأدب ٩ / ١٣٩ ؛ وللأعشى في معجم ما استعجم ص ١١٧٠ ؛ وبلا نسبة في الاشتقاق ص ٤٨٩ ؛ وجمهرة اللغة ص ١١٠٧ ؛ والكتاب ٣ / ٢٥٣ ؛ ولسان العرب ١ / ٩٤ (سبأ) ؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٥٩.

اللغة : سبأ : اسم بلدة كانت تسكنها بلقيس صاحبة سليمان بن داود. وقيل : سبأ هي مدينة تعرف بمأرب ، من صنعاء على مسيرة ثلاث ليال. الحاضرين : جمع حاضر وأصل الحاضر الحي العظيم ، وقال ابن سيده : الحي إذا حضروا الدار التي بها مجتمعهم. مأرب : اسم بلاد الأزد التي أخرجهم منها سيل العرم. العرم : سد يعترض به الوادي.

٣٦٢

وقسم الغالب عليه اسما للأب وهو تميم ، وقد يقصد به القبيلة وحكي من كلامهم : هذه تميم بنت مرّ.

وما بقي الغالب عليه أن يكون اسما للقبيلة ، فافهم.

[٢ ـ أسماء الأماكن] :

وأمّا أسماء الأماكن فتنقسم قسمين : قسم فيه علامة تأنيث ، وقسم لا علامة تأنيث فيه. فالقسم الذي فيه علامة التأنيث ينقسم قسمين : قسم فيه ألف ولام ، وقسم ليس فيه ألف ولام. فالذي ليس فيه ألف ولام : «مكّة» و «حزوى» (١) وهو ممنوع الصرف. والذي فيه ألف ولام ، نحو : «الرقّة» ، و «الرصافة» ، و «البصرة» ، وهو مصروف.

وما ليس فيه علامة تأنيث الغالب عليه أن يكون مؤنثا للبقعة ، وقد يجوز أن يذكر ويذهب به إلى المكان ، وهو مع ذلك ينقسم خمسة أقسام :

قسم لا يستعمل إلّا مذكرا ، وذلك : بدر ، وثبير ، والشام ، وفلج ، والعراق ، والحجاز ، واليمن ، ونجد.

والدليل على أن «بدرا» مذكّر قوله تعالى : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ)(٢). فصرفه ، والدليل على أن «ثبيرا» مذكّر قوله : «أشرق ثبير كيما نغير» (٣). ولو كان مؤنّثا لقال : أشرقي ثبير.

__________________

المعنى : وهؤلاء القوم قد بنوا سد مأرب حفاظا على مدينتهم.

الإعراب : «من» : حرف جر. «سبأ» : اسم مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف. «الحاضرين» : صفة مجرورة لسبأ مجرورة بالياء. «مأرب» : اسم منصوب بنزع الخافض والتقدير : «في مأرب». «إذ» : مفعول فيه ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بـ (يبنون). «يبنون» : مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل. «من دون» : جار ومجرور متعلقان بالفعل يبنون. «سيله» : مضاف والهاء مضاف إليه. «العرما» : مفعول به منصوب.

وجملة «يبنون» : في محل جرّ بالإضافة.

والشاهد فيه قوله : «سبأ» منع من الصرف ، فجاء الشاعر به مفتوحا من غير تنوين ، مع أنه ليس فيه إلا سبب واحد ، وهو العلمية. ويحمله البصريون على أنه أراد القبيلة حملا على المعنى.

(١) حزوى : موضع بنجد.

(٢) سورة آل عمران : ١٢٣.

(٣) هذا القول من أمثال العرب ، وقد ورد في الدرّة الفاخرة ١ / ٢٧١ ؛ وزهر الأكم ٣ / ٢٤٩ ، ولسان العرب

٣٦٣

والدليل على أنّ «فلجا» مذكّر صرفه في قوله :

إنّ الذي حانت بفلج دماؤهم

هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد (١)

ولم يسمع قط من العرب غير مصروف.

والدليل على أنّ «نجدا» مذكر قوله [من الطويل] :

٦١٢ ـ فإن تدعي نجدا أدعه ومن به

وإن تسكني نجدا فيا حبّذا نجد

فأعاد الضمير عليه مذكّرا وصرفه.

وقسم استعمل مذكرا ومؤنثا ، والغالب عليه التأنيث ، وهما : «فارس» ، و «عمان» ،

__________________

٤ / ١٠٠ (ثبر) ، ١٠ / ١٧٦ (شرق) ؛ والمستقصى ١ / ٢٠٥ ؛ ومجمع الأمثال ١ / ٣٦٢ ، ٤١٠.

وأشرق : ادخل في الشروق. وثبير : جبل بمكّة. والمعنى : ادخل يا ثبير في الشروق كي نسرع إلى الإغارة. يضرب في الإسراع والعجلة.

(١) تقدم بالرقم ٧٢.

٦١٢ ـ التخريج : البيت ليزيد بن الطثرية في ديوانه ص ٦١ ؛ وبلا نسبة في المذكر والمؤنث للأنباري ص ٤٧٤ ؛ وأمالي القالي ١ / ٥٤.

اللغة : النّجد : ما أشرف من الأرض وارتفع ؛ واسم مكان في الحجاز.

المعنى : إن غادرت نجدا فسأغادره ، وأترك من يسكنونه ، أما إذا سكنت فيه فسأحبّه ولن أفارقه.

الإعراب : فإن : «الفاء» : بحسب ما قبلها ، «إن» : حرف شرط جازم. تدعي : فعل مضارع مجزوم (فعل الشرط) بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. نجدا : مفعول به منصوب بالفتحة. أدعه : فعل مضارع مجزوم بالسكون (جواب الشرط) ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنا). ومن : «الواو» : حرف عطف ، «من» : اسم موصول معطوف على «نجدا» فمحله النصب. به : جار ومجرور متعلقان بفعل جملة الصلة المحذوف. وإن : «الواو» : للعطف ، «إن» : حرف شرط جازم. تسكني نجدا : إعراب (تدعي نجدا) نفسه. فيا : «الفاء» : رابطة لجواب الشرط ، «يا» : حرف تنبيه. حبذا : «حبّ» : فعل ماض جامد لإنشاء المدح مبني على الفتح ، و «ذا» : اسم إشارة في محلّ رفع فاعل. نجد : مبتدأ مؤخّر مرفوع بالضمّة.

وجملة «تدعي» : فعل الشرط لا محلّ لها. وجملة «أدعه» : جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محلّ لها. وجملة «تسكني» : لا محلّ لها. وجملة «يا حبذا نجد» : في محلّ جزم جواب الشرط. وجملة «حبذا» : في محلّ رفع خبر مقدّم لـ (نجد). وجملة «إن تدعي .. أدعه» : بحسب الفاء ، وعطف عليها جملة الشرط الثانية.

والشاهد فيه قوله : «نجدا أدعه» حيث ذكّر (نجدا) بدليل الضمير في (أدعه) وصرفه أيضا.

٣٦٤

وعليه قوله [من الطويل] :

٦١٣ ـ لقد علمت أبناء فارس أنّني

على عربيّات النّساء غيور

فمنع الصرف «فارس».

وقسم استعمل مذكّرا ومؤنّثا ، والغالب عليه التذكير وهو «منى» ، و «هجر» و «دابق» ، و «واسط» ، و «حجر» ، و «حنين». وقد تستعمل مؤنثات. والدليل على أن «منى» قد يستعمل مؤنثا قوله [من البسيط] :

٦١٤ ـ ليومنا بمنى إذ نحن ننزلها

أحبّ من يومنا بالعرج أو مال

__________________

٦١٣ ـ التخريج : لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.

المعنى : إن الفرس يعلمون تماما أنني أغار على نساء العرب ، ولا أرضى لهنّ ضيما.

الإعراب : لقد : «اللام» : حرف ابتداء ، و «قد» : حرف تحقيق. علمت : فعل ماض مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث. أبناء : فاعل مرفوع بالضمّة. فارس : مضاف إليه مجرور بالفتحة عوضا عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف. أنني : «أن» : حرف مشبّه بالفعل ، و «النون» : للوقاية ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ نصب اسم (أنّ). على عربيات : جار ومجرور متعلقان بـ (غيور). النساء : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

غيور : خبر (أنّ) مرفوع بالضمّة ، والمصدر المؤول من «أنّ» ومعموليها سدّ مسدّ مفعولي الفعل «علم». وجملة «علمت» : ابتدائية لا محلّ لها.

والشاهد فيه قوله : «علمت أبناء فارس» حيث اعتبر (فارس) مؤنّثا ومنع صرفها ، للتأنيث والعلمية.

٦١٤ ـ التخريج : لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.

اللغة : منى والعرج : موضعان.

المعنى : إنّ يوما نحياه بـ (منى) هو أحبّ إلينا من المال ، أو من يوم نقضيه بـ (العرج).

الإعراب : ليومنا : «اللام» : لام الابتداء لإفادة التوكيد ، «يوم» : مبتدأ مرفوع بالضمة ، و «نا» : ضمير متصل في محل جرّ بالإضافة. بمنى : جار ومجرور بكسرة مقدّرة على الألف متعلّقان بحال (يومنا) المحذوفة. إذ : ظرف لما مضى من الزمان متعلّق بـ (أحبّ). نحن : ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. ننزلها : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «ها» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (نحن). أحب : خبر (يومنا) مرفوع بالضمّة. من يومنا : جار ومجرور متعلقان بـ (أحب) ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ جرّ مضاف إليه. بالعرج : جار ومجرور متعلقان بحال من «يومنا». أو مال : «أو» : حرف عطف ، و «مال» : معطوف على (يومنا) مجرور بالكسرة.

وجملة «ليومنا أحبّ» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «إذ نحن ننزلها» : في محل نصب حال. وجملة «ننزلها» : في محلّ رفع خبر لـ (نحن) ، وجملة «نحن ننزلها» : مضاف إليها محلها الجر.

٣٦٥

والدليل على تأنيث «هجر» قوله [من البسيط] :

٦١٥ ـ منهنّ أيّام صدق [قد عرفت بها

أيّام واسط والأيّام من هجرا]

فمنع صرف «هجر».

ومنه قولهم في المثل : «كجالب التمر إلى هجر» (٢). ومنه قولهم : «سطي مجرّ ترطب

__________________

والشاهد فيه قوله : «بمنى إذ نحن ننزلها» فأنّث (منى) بدليل عودة الضمير في (ننزلها) عليها.

٦١٥ ـ التخريج : البيت للفرزدق في ديوانه ١ / ٢٣٥ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٥٩ ؛ والكتاب ٣ / ٢٤٣ ؛ ولسان العرب ٧ / ٤٣٢ (وسط) ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ١١ / ١٣٦ ؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٥٣ ؛ ومعجم البلدان ٥ / ٣٤٧ (واسط).

اللغة : واسط وهجر : موضعان.

المعنى : يتذكّر الأيام التي أبلى فيها عمر بن عبيد الله بن معمر بلاء حسنا في واسط وفي هجر.

الإعراب : منهن : جار ومجرور متعلقان بخبر مقدّم محذوف. أيام : مبتدأ مرفوع بالضمّة. صدق : مضاف إليه مجرور بالكسرة. قد : حرف تحقيق. عرفت : فعل ماض مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. بها : جار ومجرور متعلّقان بـ (عرفت). أيام : مفعول به منصوب بالفتحة. واسط : مضاف إليه مجرور بالفتحة عوضا عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف. والأيام : «الواو» : حرف عطف ، «الأيام» : معطوف على (أيام) منصوبة بالفتحة. من هجرا : جار ومجرور بالفتحة عوضا عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف ، متعلّقان بحال من «الأيام».

وجملة «موجودة منهنّ أيام صدق» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «عرفت» : في محلّ رفع صفة لـ (أيام).

والشاهد فيه قوله : «هجرا» حيث أنّثها فلم يصرفها.

(١) هذا القول من أمثال العرب ، وقد ورد برواية «كمستبضع ...» في لسان العرب ٥ / ٢٥٧ (هجر) ؛ وورد برواية كمستبضع التمر (أو : كمستبضع تمرا) إلى هجر (أو : إلى أهل خيبر) في جمهرة الأمثال ٢ / ١٥٣ ؛ والعقد الفريد ٣ / ١١٧ ؛ وفصل المقال ص ٤١٣ ؛ وكتاب الأمثال ص ٢٩٢ ؛ ولسان العرب ٨ / ١٥ (بضع) ؛ والمستقصى ٢ / ٢٣٢ ؛ ومجمع الأمثال ٢ / ١٥٢.

وهجر : بلدة كانت معدن التمر. يضرب في وضع الشيء في غير موضعه ، وفي الخطأ في نقل الأشياء من الأماكن التي تعزّ فيها إلى الأماكن التي تكثر فيها.

٣٦٦

هجر» (١). والدليل على أن دابقا مذكّر قوله [من الرجز] :

٦١٦ ـ ودابق وأين منّي دابق

و «واسط» الغالب عليه التذكير ، ولو قصد به قصد البقعة لكان بالتاء ، لأن «واسطا» في الأصل صفة غلبت ، وكان ينبغي أن تكون فيه بالألف واللام كالصفات الغالبة إلّا أنّها حذفت منها الألف واللام ، كما حذفت من قوله [من الطويل] :

٦١٧ ـ ونابغة الجعديّ بالرّمل بيته

عليه صفيح من تراب مصوّب

يريد النابغة.

__________________

(١) هذا القول من أمثال العرب ، وقد ورد في لسان العرب ٤ / ١٢٩ (جرر) ؛ والمستقصى ٢ / ١١٨ ؛ ومعناه : توسّطي السماء يا مجرّة ، ترطب النخل بهجر ، وذلك أن المجرّة إذا توسّطت ، فذلك وقت إرطاب النخل.

يضرب في تمني أوقات الخصب والدعة.

٦١٦ ـ التخريج : الرجز لغيلان بن حريث في الكتاب ٣ / ٢٤٣ ؛ وله أو للهدار في لسان العرب ١٠ / ٩٥ (دبق) ؛ وبلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب ص ٤٩٥ ؛ وشرح المفصل ٩ / ٣٠ ؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٥٤.

اللغة : دابق : اسم موضع.

المعنى : لقد صار دابق بعيدا عني جدّا.

الإعراب : ودابق : «الواو» : حرف جر وقسم ، «دابق» : اسم مجرور بواو القسم ، والجار والمجرور متعلقان بفعل القسم المحذوف. وأين : «الواو» : استئنافية ، «أين» : اسم استفهام في محل نصب مفعول فيه ظرف مكان. مني : جار ومجرور متعلقان بحال من «دابق». دابق : مبتدأ مرفوع بالضمة مؤخّر ، خبره محذوف بتقدير (وأين موجود مني دابق).

وجملة «أين مني دابق» : استئنافية لا محلّ لها.

والشاهد فيه قوله : «ودابق ... دابق» حيث ذكّر وصرف (دابق) وهذا هو الشائع ، وقد تؤنث وتمنع من الصرف.

٦١٧ ـ التخريج : البيت لمسكين الدارمي في ديوانه ص ٤٩ ؛ وخزانة الأدب ٢ / ٢٦٨ ، ٦ / ٣٢٨ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٢٤ ؛ وبلا نسبة في الكتاب ٣ / ٢٤٤ ؛ ولسان العرب ٧ / ٤٣١ (وسط) ، ٨ / ٤٥٣ (نبغ) ؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٥٤. والرواية في جميع هذه المصادر «موضّع» مكان «مصوّب».

اللغة : النابغة الجعدي : هو قيس بن عبد الله بن عدس بن ربيعة الجعدي العامري ، شاعر ، صحابي. اشتهر في الجاهلية ، ثم وفد على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأسلم. ومات في زمن معاوية (الزركلي : الأعلام ٥ / ٢٠٧). الرمل : موضع قبر النابغة. الصفيح : الحجارة العريضة الرقيقة. المصوّب : الذي أتاه ماء المطر.

٣٦٧

والدليل على أنّ «حنينا» يستعمل مؤنّثا قوله [من الكامل] :

٦١٨ ـ نصروا نبيّهم وشدّوا أزره

بحنين حين تواكل الأبطال

فمنعه الصرف. وقال تعالى : (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ)(٢). فصرفه ، وذهب به إلى المكان.

__________________

المعنى : ها هو قبر النابغة الجعدي في موضع الرمل مغطّى بحجارة عريضة وتراب جاءه المطر من عل فجعله كالحجارة.

الإعراب : ونابغة : «الواو» : بحسب ما قبلها ، «نابغة» : مبتدأ مرفوع بالضمة. الجعدي : صفة (النابغة) مرفوعة بالضمّة. بالرمل : جار ومجرور متعلقان بخبر مقدّم محذوف للمبتدأ (بيته). بيته : مبتدأ مرفوع بالضمّة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ مضاف إليه. عليه : جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدّم للمبتدأ (صفيح). صفيح : مبتدأ مؤخّر مرفوع بالضمة ، والتقدير (موجود بالرمل بيته وساتر عليه صفيح). من تراب : جار ومجرور متعلقان بصفة محذوفة لـ (صفيح). مصوب : صفة (تراب) مجرورة بالكسرة.

وجملة «نابغة الجعديّ بيته بالرمل» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «بيته موجود بالرمل» : في محلّ رفع خبر لـ (نابغة). وجملة «صفيح ساتر عليه» : خبر ثان للمبتدأ «نابغة».

والشاهد فيه قوله : «نابغة الجعدي» حيث حذف (ال) التعريف للمبتدأ مع إرادتها ، بدليل اتباعها بصفة معرّفة بـ (ال).

٦١٨ ـ التخريج : البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص ٣٩٣ ؛ ولسان العرب ١٣ / ١٣٣ (حنن).

اللغة : حنين : اسم واد بين مكة والطائف.

المعنى : لقد نصر المسلمون نبيهم الكريم يوم حنين ووقفوا بجانبه وقفة الأبطال وحموه من كل يد غادرة.

الإعراب : «نصروا» : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة ، و «الواو» : فاعل. «نبيّهم» : مفعول به منصوب ، و «هم» : مضاف إليه. «وشدوا» : «الواو» : عاطفة ، «شدوا» : فعل وفاعل. «أزره» : مفعول به والهاء مضاف إليه. «بحنين» : الباء حرف جر ، «حنين» : اسم مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث ، (بمعنى : بقعة ، لا موضع) وهما متعلقان بالفعل (شدوا). «حين» : مفعول فيه ظرف زمان ، متعلق بالفعل (شدوا). «تواكل» : مضاف إليه مجرور بالكسرة. «الأبطال» : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

وجملة «نصروا» : ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة «شدوا» : معطوفة على السابقة لا محل لها من الإعراب.

والشاهد فيه قوله : «بحنين» حيث استعمله مونثا فلم يصرفه.

(١) سورة التوبة : ٢٥.

٣٦٨

وقسم يستعمل مذكّرا ومؤنثا على السواء ، وذلك «حراء» ، و «قباء» ، و «بغداد». قال [من الوافر] :

٦١٩ ـ ستعلم أيّنا خير مكانا

وأعظمنا ببطن حراء نارا

فمنع «حراء» الصرف. وقال آخر [من الرجز] :

٦٢٠ ـ وربّ وجه من حراء منحن

فصرف. وما بقي فمؤنّث ليس إلّا.

__________________

٦١٩ ـ التخريج : البيت لجرير في الكتاب ٣ / ٢٤٥ ؛ ولسان العرب ١٤ / ١٧٤ (حري) ؛ ولم أقع عليه في ديوانه ؛ وبلا نسبة في المقتضب ٣ / ٣٥٩.

اللغة : حراء : اسم جبل.

المعنى : لا بد أن تعرف من منّا الأفضل مكانة ومكانا ، ومن منّا صاحب النار الكبرى في بطن حراء.

الإعراب : ستعلم : «السين» : حرف استقبال ، «تعلم» : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنت). أيّنا : «أيّ» : اسم موصول في محلّ نصب مفعول به ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. خير : خبر لمبتدأ محذوف مرفوع بالضمّة ، بتقدير (أينا هو خير). مكانا : تمييز منصوب بالفتحة. وأعظمنا : «الواو» : للعطف ، «أعظم» : معطوف على (خير) مرفوع بالضمّة ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. ببطن : جار ومجرور متعلّقان بـ (أعظم). حراء : مضاف إليه مجرور بالفتحة عوضا عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف. نارا : تمييز منصوب بالفتحة.

وجملة «ستعلم» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «هو خير مكانا» : صلة الموصول الاسمي لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «ببطن حراء» حيث منع (حراء) من الصرف.

٦٢٠ ـ التخريج : الرجز لرؤبة في ديوانه ص ١٦٣ ؛ ولسان العرب ٤ / ٥٥٨ (عرر) ؛ ومعجم ما استعجم ٢ / ٤٣٢ ؛ وللعجاج في ملحق ديوانه ٢ / ٣٦٦ ؛ والكتاب ٣ / ٢٤٥ ؛ وبلا نسبة في لسان العرب ١٤ / ١٧٤ (حرى) ؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٥٤.

الإعراب : وربّ : «الواو» : بحسب ما قبلها ، «رب» : حرف جرّ شبيه بالزائد. وجه : اسم مجرور بـ (ربّ) بالكسرة لفظا ، مرفوع محلّا على أنه مبتدأ. من حراء : جار ومجرور متعلقان بصفة محذوفة من «وجه» ، بتقدير (وجه منحن كائن من حراء). منحن : صفة (وجه) على اللفظ ، أو على المكان ، بكسرة أو ضمّة ، مقدّرة على الياء المحذوفة بسبب التنوين.

٣٦٩

[٣ ـ أسماء السور] :

وأمّا السور فتنقسم ثلاثة أقسام : قسم مسمّى بجملة ، وقسم مسمّى بفعل ، وقسم مسمّى باسم.

فالمسمى بجملة يحكى ، لا يدخله إعراب نحو : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَ)(١). أو : (أَتى أَمْرُ اللهِ)(٢). وأشباه ذلك.

والمسمى بفعل يعرب إعراب ما لا ينصرف. وإن كان فيه ألف وصل ، قطعت لأنّه قد صار من جملة الأسماء ، وألف الوصل لا تكون في الأسماء إلّا في أسماء معلومة نحو : (اقْتَرَبَتِ)(٣).

والمسمى باسم ينقسم قسمين : قسم سمّي باسم حرف من حروف التهجي ، وقسم سمّي بغير ذلك من الأسماء.

فالمسمى باسم ليس من حروف التهجي لا يخلو أن يكون فيه ألف ولام ، أو لا يكون. فإن كان لا ألف ولا لام فيه ، فيمنع الصرف للتعريف والتأنيث ، نحو : «هود» ، و «نوح» ، تقول : «هذه هود» ، و «قرأت هود» ، و «تبركت بهود».

فإن أضفت إليه سورة في اللفظ أو التقدير ، بقي على ما كان عليه قبل ؛ فإن كان فيه ما يوجب منع الصرف ، لم تصرفه ، وإلّا صرفته ، تقول : «سورة يونس» ، فتمنع «يونس» الصرف للتعريف والعجمة ، وتقول : «هذه سورة نوح» ، فتصرفه.

والمسمى باسم حرف من حروف التهجي لا يخلو أن يكون مسمى باسم واحد أو بأكثر ، فإن كان مسمى باسم واحد من حروف التهجي ، فإن أضفت إليه سورة كان موقوفا لا إعراب فيه ، فتقول : «هذه سورة صاد». وإن لم تضف إليه سورة في اللفظ ولا في التقدير ،

__________________

وجملة «رب وجه .. مع الخبر المحذوف» : بحسب الواو.

والشاهد فيه قوله : «من حراء» حيث صرفها ، وبعضهم لا يصرفها على إرادة البقعة كما ورد في الشاهد السابق.

(١) سورة الجن : ١.

(٢) سورة النحل : ١.

(٣) سورة القمر : ١.

٣٧٠

جاز فيه ثلاثة أوجه : الوقف على الحكاية ، وأن تعربه إعراب ما ينصرف إن قدرته منقولا من مذكّر ، وإعراب ما ينصرف وما لا ينصرف إن قدّرته منقولا من مؤنث ، لأنّ أسماء الحروف يجوز فيها وجهان : التذكير على معنى الحرف ، والتأنيث على معنى الكلمة.

وإن كان مسمّى بأكثر من اسم واحد ، فلا يخلو أن يكون على وزن من أوزان الأسماء الأعجمية أو لا يكون.

فإن كان على وزن من أوزان الأعجمية ، فلا يخلو أن تضيف إليه سورة أو لا تضيف. فإن أضفت إليه سورة لفظا أو تقديرا ، فالوقف. وإن لم تضفها إليه لا لفظا ولا تقديرا ، فإعراب ما لا ينصرف ، والوقف على الحكاية. من ذلك : (طس)(١) و (حم)(٢) ، هما على وزن «قابيل» و «هابيل».

فإن لم يكن على وزن من أوزان الأعجمية ، فلا يخلو من أن يمكن جعله اسما مركبا ، أو لا يمكن. فإن أمكن ، فإن أضفت إليه سورة لفظا أو تقديرا فالوقف ، وإن لم تضفها إليه لا لفظا ولا تقديرا ، فثلاثة أوجه :

الوقف على الحكاية ، والبناء ، نحو : «خمسة عشر» ، وإعراب ما لا ينصرف ، نحو : «بعلبك» ، وكذلك (طسم)(٣)(حم)(٤).

فإن لم يمكن جعله اسما واحدا ، فالوقف ليس إلّا أضفت إليه سورة أم لم تضفها. نحو : (كهيعص)(٥) ، و (حم* عسق)(٦).

__________________

(١) سورة النمل : ١.

(٢) سورة غافر : ١.

(٣) سورة الشعراء : ١.

(٤) سورة غافر : ١.

(٥) سورة مريم : ١.

(٦) سورة الشورى ١ ـ ٢.

٣٧١

باب «فعال»

[١ ـ أقسام فعال] :

«فعال» تنقسم قسمين : معدول وغير معدول ، فالمعدول ينقسم خمسة أقسام : أحدها أن يكون اسم أمر ، نحو : «نزال» ، وعليه قوله [من الكامل] :

٦٢١ ـ ولنعم حشو الدّرع أنت إذا

دعيت نزال ولجّ في الذعر

ودراك.

__________________

٦٢١ ـ التخريج : البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٨٩ ؛ وإصلاح المنطق ص ٣٣٦ ؛ وخزانة الأدب ٦ / ٣١٧ ، ٣١٨ ، ٣١٩ ؛ والدرر ٥ / ٣٠٠ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٣١ ؛ وشرح التصريح ١ / ٥٠ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ٢٣٠ ؛ وشرح المفصل ٤ / ٢٦ ؛ والشعر والشعرء ١ / ١٤٥ ؛ والكتاب ٣ / ٢٧١ ؛ ولسان العرب ١١ / ٦٥٧ ، ٦٥٨ (نزل) ، ١٢ / ١٨ (أسم) ؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٧٥ ؛ والمقتضب ٣ / ٣٧٠ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ١٠٥ ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٧ / ٢٤٧ ؛ ورصف المباني ص ٢٣٢.

اللغة : أسامة : اسم علم جنسي على الأسد. نزال : اسم فعل أمر بمعنى انزل.

المعنى : أنت شجاع مقدام كأسد جبار ، وعند ما تشتد الحرب تنادي الأبطال : نزال ، ويصير الناس من الذعر في مثل لجة البحر.

الإعراب : «ولنعم» : «الواو» بحسب ما قبلها ، و «اللام» : حرف ابتداء وتوكيد ، «نعم» : فعل ماض جامد لإنشاء المدح ، مبني على الفتح. «حشو» : فاعل مرفوع بالضمة. «الدرع» : مضاف إليه مجرور. «أنت» : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ ، وجملة «نعم حشو الدرع» : خبره ، أو «أنت» : في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف. «دعيت» : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ، والتاء تاء التأنيث الساكنة. «نزال» : اسم فعل أمر بمعنى «انزل» مبني على الكسر ، في محل رفع نائب فاعل على الحكاية. «ولجّ» : الواو عاطفة ، «لجّ» : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ، ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. «في الذعر» : جار ومجرور متعلقان بالفعل لجّ.

٣٧٢

والثاني : أن يكون معدولا عن مصدر معرفة ، نحو : «فجار» و «يسار» ، قال الشاعر [من الطويل] :

٦٢٢ ـ فقلت امكثي حتّى يسار لعلّنا

[نحجّ معا قالت أعاما وقابله]

وقال الآخر [من الكامل] :

٦٢٣ ـ أنّا اقتسمنا خطّتينا بيننا

فحملت برّة واحتملت فجار

__________________

وجملة «لنعم حشو الدرع أنت» : بحسب ما قبلها. وجملة «دعيت ...» : في محل جرّ بالإضافة. وجملة «لجّ في الذعر» : معطوفة على ما قبلها في محلّ جر.

والشاهد فيه قوله : «نزال» أراد بها «انزل».

٦٢٢ ـ التخريج : البيت لحميد بن ثور في ديوانه ص ١١٧ (الحاشية) ؛ وخزانة الأدب ٦ / ٣٣٨ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣١٧ ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٦ / ٣٢٧ ؛ والدرر ١ / ٩٦ ؛ وشرح التصريح ١ / ١٢٥ ؛ وشرح المفصل ٤ / ٥٥ ؛ والكتاب ٣ / ٢٧٤ ؛ ولسان العرب ٥ / ٢٩٦ (يسر).

اللغة : اليسار : الغنى ، ويسار : الميسرة والسّعة.

المعنى : اصبري معنا حتى نصير إلى الغنى والسّعة ، فربّما نقدر على الحجّ إلى بيت الله الحرام معا ، فتساءلت بمرارة : أأنتظر عاما وعاما يقبل بعده؟!

الإعراب : فقلت : «الفاء» : بحسب ما قبلها ، «قلت» : فعل ماض مبني على السكون و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. امكثي : فعل أمر مبني على حذف النون لاتصاله بياء المخاطبة المؤنثة ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. حتى : حرف غاية وجر. يسار : اسم مجرور بـ (حتى) بالكسرة ، والجار والمجرور متعلقان بـ (امكثي). لعلنا : «لعل» : حرف مشبّه بالفعل ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ نصب اسمها. نحجّ : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (نحن). معا : حال منصوبة بالفتحة. قالت : فعل ماض مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي). أعاما : «الهمزة» : حرف استفهام ، «عاما» : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة ، متعلّق بفعل محذوف تقديره (أنتظر عاما). وقابله : «الواو» : للعطف ، «قابل» : معطوف على (عاما) منصوب بالفتحة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة.

وجملة «فقلت» : بحسب ما قبلها. وجملة «امكثي» : في محلّ نصب مفعول به (مقول القول). وجملة «لعلنا نحجّ» : استئنافية لا محلّ لها. وجملة «نحج» : في محلّ رفع خبر (لعلّ). وجملة «قالت» : استئنافية لا محلّ لها. وجملة «أأنتظر عاما» : في محلّ نصب مفعول به (مقول القول).

والشاهد فيه قوله : «حتّى يسار» حيث جاء بالاسم (يسار) على وزن (فعال) معدولا عن المصدر (اليسار).

٦٢٣ ـ التخريج : البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٥٥ ؛ وإصلاح المنطق ص ٣٣٦ ؛ وخزانة

٣٧٣

والثاث : أن يكون معدولا عن صفة غالبة على وزن «فاعلة» ، مثل : «حلاق» ، اسم للمنية ، و «وقاع» ، للكيّة في الرأس ، وعليه قوله [من الوافر] :

٦٢٤ ـ وكنت إذا بليت بخصم سوء

دلفت له وأكويه وقاع

__________________

الأدب ٦ / ٣٢٧ ، ٣٣٠ ، ٣٣٣ ؛ والدرر ١ / ٩٧ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢١٦ ؛ وشرح التصريح ١ / ١٢٥ ؛ وشرح المفصل ٤ / ٥٣ ؛ والكتاب ٣ / ٢٧٤ ؛ ولسان العرب ٤ / ٥٢ (برر) ، ٥ / ٤٨ (فجر) ، ١١ / ١٧٤ (حمل) ؛ والمقاصد النحوية ١ / ٤٠٥ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ٣٤٩ ؛ وجمهرة اللغة ص ٤٦٣ ؛ وخزانة الأدب ٦ / ٢٨٧ ؛ والخصائص ٢ / ١٩٨ ، ٣ / ٢٦١ ، ٢٦٥ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ١٤١ ؛ وشرح المفصل ١ / ٣٨ ؛ ولسان العرب ١٣ / ٣٧ (أنن) ؛ ومجالس ثعلب ٢ / ٤٦٤ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٢٩.

اللغة : برّة : اسم للبرّ. فجار : اسم من الفجور.

المعنى : يهجو الشاعر زرعة الذي دعاه إلى الغدر بحلفائه بني أسد فأبى.

الإعراب : إنّا : حرف مشبّه بالفعل ، و «نا» : ضمير متصل مبنيّ في محل نصب اسم «إنّ». اقتسمنا : فعل ماض مبنيّ على السكون ، و «نا» : ضمير متصل مبني في محلّ رفع فاعل. خطّتينا : مفعول به منصوب بالياء لأنّه مثنّى ، وهو مضاف ، و «نا» : ضمير متصل مبنيّ في محلّ جرّ بالإضافة. بيننا : ظرف مكان متعلّق بـ «اقتسمنا» ، وهو مضاف ، و «نا» : ضمير متصل مبنيّ في محلّ جرّ بالإضافة. فحملت : «الفاء» : حرف استئناف ، «حملت» : فعل ماض مبنيّ على السكون ، و «التاء» : ضمير متّصل مبنيّ في محل رفع فاعل. برّة : مفعول به منصوب بالفتحة. واحتملت : «الواو» : حرف عطف ، «احتملت» : فعل ماض مبنيّ على السكون ، و «التاء» : ضمير متّصل مبنيّ في محلّ رفع فاعل. فجار : مفعول به مبنيّ على الكسر في محلّ نصب.

وجملة «أنّا اقتسمنا» : ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «اقتسمنا» : في محل رفع خبر «إنّ». وجملة «حملت» : استئنافية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «احتملت» : معطوفة على سابقتها.

الشاهد : قوله : «فجار» حيث جاء بالاسم (فجار) على وزن (فعال) معدولا عن المصدر.

٦٢٤ ـ التخريج : البيت لعوف بن الأحوص في شرح المفصّل ٤ / ٦٢ ؛ ومعجم الشعراء ص ٢٧٦ ؛ ونوادر أبي زيد ص ١٥١ ؛ وله أو لقيس بن زهير في لسان العرب ٨ / ٤٠٥ (وقع) ؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٩٤٥ ؛ وشرح المفصل ٤ / ٥٩.

اللغة : دلفت له : تقدّمت إليه. أكويه وقاع : أي أكويه بين قرني رأسه ، وقيل : أكوي أمّ رأسه.

المعنى : لقد كنت قادرا ـ إذا ما ابتلاني الله ، جلّ وعزّ ، بخصم شرير ـ على التقدّم إليه بثبات ، وصرعه ، وكيّ رأسه كما تكون الدواب تمييزا لها عن غيرها.

الإعراب : وكنت : «الواو» : بحسب ما قبلها ، «كنت» : فعل ماض ناقص ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع اسم (كان). إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان متضمّن معنى الشرط ، متعلق بجوابه. بليت : فعل ماض مبني للمجهول ، مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محل رفع (نائب فاعل). بخصم : جار ومجرور متعلقان بـ (بليت). سوء : مضاف إليه مجرور بالكسرة. دلفت : فعل ماض مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. له : جار ومجرور متعلقان بـ (دلفت). وأكويه : «الواو» : للعطف ، «أكويه» : فعل مضارع مرفوع بالضمّة المقدّرة على الياء ، و «الهاء» : ضمير متصل في

٣٧٤

والرابع : أن يكون اسما علما معدولا عن «فاعلة» ، مثل : «حذام» ، و «رقاش».

والخامس : أن يكون معدولا في النداء ، نحو : «فساق» و «خباث» ، وقد تقدّم ذكره في بابه.

وغير المعدول ينقسم أربعة أقسام : أحدها أن يكون اسما مفردا نكرة مثل : «جماد» و «جناح».

والثاني : أن يكون مصدرا ، مثل : «ذهاب».

والثالث : أن يكون صفة ، مثل : «جواد».

والرابع : أن يكون جمعا وبينه وبين واحده حذف الهاء ، نحو : «سحاب». فغير المعدول مصروف إلّا أن يسمّى به ، فإن سمّيت به ، فلا يخلو أن تسمّي به مذكّرا أو مؤنثا.

فإن سمّيت به مذكرا ، انصرف قولا واحدا ، لأنه ليس فيه إلّا علّة واحدة خاصة ، إلّا أن يكون منقولا من مؤنث ، نحو : «رجل» سمّيته بـ «عناق» ، فإن سميت به مؤنثا امتنع الصرف للتأنيث والتعريف.

وأما «فعال» الذي هو اسم أمر فمبنيّ ، إمّا لوقوعه موقع المبنيّ وهو الأمر ، ألا ترى أنّ «نزال» في معنى «انزل» ، أو لتضمّنه معنى الحرف وهو اللام ، لأنّ «نزال» في معنى : «لتنزل».

وأما «فعال» العلم المعدول عن «فاعلة» فبنو تميم يعربونه إعراب ما لا ينصرف. وأهل الحجاز يبنون ، ما لم يكن في آخره راء فإنّ بني تميم يبنونه. وذلك أنّ مذهبهم الإمالة ،

__________________

محلّ نصب مفعول به ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنا). وقاع : اسم مبني على الكسر في محلّ نصب مفعول مطلق.

وجملة «كنت ...» : بحسب ما قبلها. وجملة «إذا بليت ... دلفت» : في محلّ نصب خبر (كان). وجملة «بليت» : في محلّ جرّ بالإضافة. وجملة «دلفت» : جواب شرط غير جازم لا محلّ لها. وجملة «وأكويه» : معطوفة على جملة (دلفت) لا محلّ لها.

والشاهد فيه قوله : «وأكويه وقاع» حيث جاء بالاسم المبني (وقاع) معدولا عن صفة غالبة على وزن (فاعلة) ؛ فالأصل : أكويه كية واقعة على أمّ رأسه.

٣٧٥

والراء المكسورة توجب الإمالة ، فلذلك يبنون ، وقد لا يبنون ، وعليه قول الشاعر [من مخلع البسيط] :

٦٢٥ ـ [ألم تروا إرما وعادا

أودى بها الليل والنهار]

ومرّ دهر على وبار

فهلكت جهرة وبار

وأمّا المعدول عن المصدر المعرفة أو «فعال» المعدول عن الصفة الغالبة فهما مبنيّان.

[٢ ـ سبب بناء «فعال»] :

واختلف في السبب الموجب لبناء هذه الأقسام الثلاثة من «فعال».

فمنهم من قال : إنّما بنيت لشبهها بـ «فعال» الذي هو اسم الأمر ، وهو مذهب سيبويه وهو الصحيح.

__________________

٦٢٥ ـ التخريج : البيتان للأعشى في ديوانه ص ٣٣١ (وفيه «حدّ» مكان «دهر») والبيت الثاني له في شرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٤٠ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٥٣٨ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٢٢٥ ؛ وشرح المفصّل ٤ / ٦٤ ، ٦٥ ؛ والكتاب ٣ / ٢٧٩ ؛ ولسان العرب ٥ / ٢٧٣ (وبر) ؛ والمقاصد النحويّة ٤ / ٣٥٨ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٢٩ ؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص ٣٦٤ ؛ وأوضح المسالك ٤ / ١٣٠ ؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٧٧ ؛ والمقتضب ٣ / ٥٠ ، ٣٧٦ ؛ والمقرب ١ / ٢٨٢.

اللغة والمعنى : إرم : مدينة قديمة مندثرة ، وقيل : اسم قبيلة عربية بائدة. عاد : قبيلة عربيّة قديمة بائدة. أودى بها : أهلكها. وبار : قبيلة كانت تسكن في تخوم صنعاء ، وكانت أكثر الأرضين خيرا. جهرة : عيانا من غير استتار. يقول : ألم تعتبروا بما حلّ بإرم وعاد ووبار.

الإعراب : ألم : الهمزة حرف استفهام ، و «لم» : حرف جزم. تروا : فعل مضارع مجزوم بحذف النون ، والواو ضمير متصل مبنيّ في محلّ رفع فاعل. وجملة (ألم تروا) ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. إرما : مفعول به منصوب. وعادا : الواو حرف عطف ، و «عادا» : اسم معطوف منصوب. أودى : فعل ماضي مبنيّ على الفتحة المقدّرة على الألف للتعذّر. بها : جار ومجرور متعلقان بـ «أودى». الليل : فاعل مرفوع بالضمة. والنهار : حرف عطف واسم معطوف مرفوع. وجملة (أودى بها) استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب. ومرّ : الواو حرف عطف ، مرّ : فعل ماضي مبنيّ على الفتحة. دهر : فاعل مرفوع. وجملة (مرّ دهر) معطوفة لا محلّ لها من الإعراب. على وبار : جار ومجرور متعلقان بـ «مرّ». فهلكت : الفاء حرف عطف ، و «هلك» : فعل ماضي مبنيّ ، والتاء حرف للتأنيث. جهرة : حال منصوبة. وبار : فاعل مرفوع. وجملة (هلكت) معطوفة لا محل لها من الإعراب.

والشاهد فيه : مجيء «وبار» مرّتين. وكانت في الأولى (على وبار) مبنيّة على الكسر ، وفي الثانية (فهلكت وبار) معربة فرفعت بالضمّة.

٣٧٦

ووجه الشبه بينها وبينه هو تساويهما في التعريف ، والتأنيث ، والعدل ، والوزن. ومنهم من قال : إنّما بنيت لتوالي العلل عليها ، وذلك أنها قد كانت ممنوعة الصرف قبل العدل للتأنيث والتعريف ، فلما زاد العدل وليس بعد منع الصرف إلّا البناء بنيت ، وهو مذهب أبي العباس المبرّد.

ومنهم من قال : إنّما بنيت لتضمّنها معنى الحرف وهو تاء التأنيث ، وهو مذهب الربعيّ.

وهذان الوجهان اللذان ذهب إليهما أبو العباس والربعيّ ليسا بصحيحين ، لأنّه لو كان الأمر على ما زعم الربعي ، لم يجز في الاسم العلم المؤنّث إلّا البناء خاصة ، كما لم يجز في المعدول عن المصدر وعن الصفة الغالبة إلّا البناء ، لأنّ الاسم المتضمّن معنى الحرف لا يجوز فيه إلّا البناء خاصة.

وباطل أيضا أن يكون موجب البناء كثرة العلل ، لأنّ هذه العلل إذا وجدت في الاسم كان الاسم بها مشبها للفعل ، وشبه الفعل لا يوجب البناء بل الذي استقر في شبه الفعل بوجود هذه العلل فيه منع الصرف.

فإن قيل : فلأيّ شيء كان في العلم وجهان ، ولم يجز ذلك في المصدر ، ولا في الصفة الغالبة؟

فالجواب : إنّ الاسم العلم له شبهان ، شبه بالمبني المعدول ، وقد تقدّم ، وشبه بالمعرب إعراب ما لا ينصرف في أنّه اسم علم لمؤنّث كـ «سعاد» و «زينب». فمن لحظ من الأوجه الأربعة (١) المتقدّمة شبهه بالمبني بناه ومن لحظ شبهه بالمعرب أعربه ، وليس كذلك المصدر ولا الصفة ، لأنّهما ليسا باسمين علمين لمؤنث.

وأمّا من ردّ على أبي العباس المبرّد بأن كثرة العلل لا توجب البناء ، واستدلّ على ذلك ببعلبك ، وأنك إذا سميت امرأة بسلمان فإنّك تمنع الصرف ولا يجوز البناء ، فلو كانت كثرة العلل توجب البناء لبني ، ألا ترى أن سلمان قد اجتمع فيه زيادة الألف والنون والعلمية والتأنيث وفي بعلبك التعريف والتأنيث والتركيب ، فباطل ، لأنّ أبا العباس إنّما ذهب إلى أنّ الاسم إذا كان لا ينصرف فحدثت عليه علة ، فإنّه يبنى ، لأنّه ليس بعد منع الصرف إلّا البناء ، وأمّا ما دخلته علل كائنة ما كانت في أول أحواله ، ولم يثبت له منع الصرف قبل ذلك ، فإنّ

__________________

(١) كذا ، والذي تقدم ذكره وجهان.

٣٧٧

ذلك لا يوجب بناءه ، لأنّها دخلت عليه وهو مصروف ، فنقلته إلى منع الصرف.

فإن قلت : فسلمان قبل التسمية به قد كان لا ينصرف.

فالجواب : إنّه لم يستقر فيه منع ، وهو اسم لمؤنث ، فأشبه ما حدثت فيه العلل في أول أحواله ، ولم يكن قبل ذلك غير ممنوع.

و «فعال» المعدولة إذا سميت بها ، فلا يخلو أن تسمّي بها مذكّرا أو مؤّنثا ، فإن سميت بها مذّكرا فتمنع الصرف أبدا للتأنيث والتعريف ، ولا يجوز غير ذلك. وأما ما قال ابن باب شاذ انّها إذا سمّيت بها مذكرا ، فيجوز فيها الإعراب والبناء حملا على الاسم المؤنث المعدول العلم ، فباطل ، لأنّه لا يشبهه ، لأنّ ذاك مؤنّث وهذا مذكّر.

فإن سميت بها مؤنثا ، فيجوز فيها وجهان : البناء والإعراب إعراب ما لا ينصرف ، وذلك أنّها صارت اسما علما لمؤنث ، فأشبهت «حذام» ، فجاز فيها ما جاز في «حذام».

وزعم أبو العباس أنّ «نزال» إذا سمّي بها ، ليس فيها إلّا البناء. واستدل على ذلك بأنه يبقى على ما كان عليه من البناء ، لأنّه نقل من اسم إلى اسم كما أنّك إذا سميت بـ «انطلق» لا تقطع الهمزة ، لأنّه نقلته إلى بابه ، ولو كان المسمى به فعلا ، قطعت همزته ، لأنه قد خرج عن بابه.

وهذا الذي قال باطل ، لأنّ الإعراب ليس بمنزلة همزة الوصل ، ألا ترى أنّ الفعل إذا سمّي به أعرب ، فإذا أعرب الفعل لأجل التسمية به مع أنّ بابه أن لا يعرب كان إعراب هذا أولى ، لأنّ بابه الإعراب.

واسم الأمر يجوز أن يبنى بقياس من كل فعل ثلاثي. وأمّا الفعل الرباعي فلا يجوز بناؤه منه ، خلافا للمبرّد إلّا فيما سمع ، وذلك لفظان : «قرقار» و «عرعار» ، قال الشاعر [من الرجز] :

٦٢٦ ـ [حتّى إذا كان على مطار

يمناه واليسرى على الثرثار]

قالت له ريح الصبا قرقار

واختلط المعروف بالإنكار

__________________

٦٢٦ ـ التخريج : الرجز لأبي النجم في خزانة الأدب ٦ / ٣٠٧ ، ٣٠٩ ؛ ولسان العرب ٥ / ٨٩ (قرر)

٣٧٨

وقال النابغة [من الكامل] :

٦٢٧ ـ [متكنّفي جنبي عكاظ كليهما]

يدعو وليدهم بها عرعار

فلما لم يكثر ذلك لم يقس.

__________________

؛ ـ وبلا نسبة في شرح المفصل ٤ / ٥١ ؛ والكتاب ٣ / ٢٧٦ ؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٧٧.

المعنى : يصف الشاعر سحابا فيقول : إذا استوى الليل والنهار وهبت ريح الصبا هيّجت رعده قائلة : قرقر بالرعد.

الإعراب : حتى : حرف ابتداء وغاية. إذا : ظرف زمان يتضمّن معنى الشرط متعلّق بجوابه. كان : فعل ماض ناقص. على مطار : جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر «كان». يمناه : اسم «كان» مؤخر مرفوع ، وهو مضاف ، و «الهاء» : ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. واليسرى : «الواو» : حالية ، «اليسرى» : مبتدأ مرفوع. على الثرثار : جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. قالت : فعل ماض و «التاء» : للتأنيث. له : جار ومجرور متعلقان بـ «قالت». ريح : فاعل مرفوع ، وهو مضاف. الصبا : مضاف إليه مجرور. قرقار : اسم فعل أمر بمعنى : «قرقر» ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : «أنت».

وجملة «إذا كان على مطار يمناه» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «كان على مطار يمناه» : مضاف إليها محلها الجر. وجملة «قالت» : جواب شرط غير جازم لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «قرقار» : في محلّ نصب مقول القول. وجملة «واليسرى على الثرثار» : حالية محلها النصب.

الشاهد : قوله : «قرقار» حيث وقع اسم فعل أمر من الرباعي ، وهذا شاذّ.

٦٢٧ ـ التخريج : البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٥٦ ؛ وخزانة الأدب ٦ / ٣١٢ ؛ وشرح المفصل ٤ / ٥٢ ؛ ولسان العرب ٤ / ٥٦١ (عرر) ؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ١٩٧.

اللغة : متكنّفي : محيطي.

الإعراب : متكنّفي : حال منصوب بالياء لأنه مثنى ، وهو مضاف. جنيي : مضاف إليه مجرور بالياء لأنّه مثنى ، وهو مضاف. عكاظ : مضاف إليه مجرور. كليهما : توكيد مجرور بالياء لأنّه ملحق بالمثنّى ، وهو مضاف ، و «هما» ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. يدعو : فعل مضارع مرفوع. وليدهم : فاعل مرفوع ، وهو مضاف ، و «هم» : ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. بها : جار ومجرور متعلقان بـ «يدعو». عرعار : اسم فعل أمر بمعنى «عرعر» ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : «أنتم».

وجملة «يدعو ...» : في محلّ نصب حال. وجملة «عرعار» : في محلّ نصب مفعول به.

الشاهد : قوله : «عرعار» حيث وقع اسم فعل من الرباعي ، وهذا شاذّ.

٣٧٩

باب الاستثناء

[١ ـ تعريف الاستثناء] :

الاستثناء إخراج الثاني مما دخل فيه الأول بالأدوات التي وضعتها العرب لذلك ، وهي : إلّا ، وغير ، وسوى ، وحاشى ، وخلا ، وعدا ، وما خلا ، وما عدا ، وليس ، ولا يكون.

وزاد بعضهم في هذه الأدوات «لا سيّما» ، و «بله». وإدخالهما في هذا الباب خطأ على ما يبيّن بعد إن شاء الله تعالى.

وهذا الإخراج قد يكون مما دخل فيه الأول بعموم لفظ متقدّم أو بحكمه أو بالمعنى. فمثال إخراجك الثاني من عموم لفظ الأول : «قام القوم إلّا زيدا» ، فـ «زيد مخرج من «القوم» المتقدمي الذكر.

ومثال إخراجك الثاني من عموم حكم اللفظ الأول : «ما كلّمت زيدا إلّا يوم الجمعة».

فقولك : «ما كلّمت زيدا» ، يقتضي العموم في الزمان ، فأخرجت «يوم الجمعة» مما يقتضيه حكم اللفظ.

ومثال إخراجك الثاني من عموم مفهوم من معنى الكلام المتقدّم : «ما قام إلّا زيد» ، خرج «زيد» من عموم مفهوم معنى الكلام ، ألا ترى أنّ المعنى «ما قام أحد إلّا زيدا» ، إلّا أنّ هذا النوع لا يسمى استثناء إلّا بالنظر إلى معناه.

٣٨٠