شرح جمل الزجّاجى - ج ٢

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

شرح جمل الزجّاجى - ج ٢

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-2263-0

الصفحات: ٥٩٧

وكذلك قوله [من الطويل] :

٥٨٣ ـ ولست بحلّال التلاع لبيته

ولكن متى يسترفد القوم أرفد

وزعم بعضهم أنه يجوز في الكلام والشعر ، والصحيح ما بدأنا به.

وإذا عطفت في هذا الباب ، فلا يخلو أن تعطف على الفعل الأول أو على الجواب ، فإن عطفت على الفعل الأول لم يجز فيها إلّا الجزم ، نحو : «إن يقم زيد ويخرج عمرو يغضب بكر».

فإن عطفت على الجواب ، فلا بدّ أن تعطف بالفاء ، أو بغير ذلك من حروف العطف. فإن عطفت بالفاء ، جاز في المعطوف ثلاثة أوجه : الجزم على العطف ، والرفع على الاستئناف ، والنصب بإضمار «ان» ، وهو أضعف الوجوه.

__________________

والشاهد فيه قوله : «على حين من تلبث ... يجد» حيث أضيف إلى اسم الشرط ظرف زمان ، فكان الواجب هنا إبطال عمل اسم الشرط ، ولكن الشاعر أعمله فجزم الفعلين بعده ضرورة.

٥٨٣ ـ التخريج : البيت لطرفة بن العبد في ديوانه ص ٢٩ ؛ وخزانة الأدب ٩ / ٦٦ ، ٦٧ ، ٤٧١ ؛ والكتاب ٣ / ٧٨ ؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب ٢ / ٦٠٦.

اللغة والمعنى : التلاع : ج التلعة ، وهي المرتفع من الأرض أو المنخفض ، وهي من الأضداد. وهنا بمعنى المنخفض أو الوادي. استرفد : طلب الرافد أي العطاء ، أو المساعدة.

يقول : لست ممّن يسكنون الأودية خوفا من الأعداء ، أو من الضيوف ، ولكن متى يطلبني قومي للمساعدة أسارع بلا إبطاء.

الإعراب : ولست : الواو : بحسب ما قبلها. لست : فعل ماض ناقص ، والتاء : ضمير في محلّ رفع اسم «ليس». بحلّال : الباء : حرف جر زائد ، حلّال : اسم مجرور لفظا منصوب محلّا على أنّه خبر «ليس» ، وهو مضاف. التلاع : مضاف إليه مجرور. لبيته : جار ومجرور متعلقان بـ «حلّال» ، و «الهاء» : في محل جر بالإضافة. ولكن : الواو : حرف استئناف. لكن : حرف استدراك. متى : ظرف جازم متعلّق بـ «أرفد». يسترفد : فعل مضارع مجزوم لأنّه فعل الشرط وحرك بالكسر منعا من التقاء الساكنين. القوم : فاعل مرفوع. أرفد : فعل مضارع مجزوم لأنّه جواب الشرط. وحرّك بالكسر للضرورة الشعريّة ، والفاعل : أنا.

وجملة (لست بحلال التلاع) الفعليّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها ابتدائيّة أو استئنافيّة ، أو معطوفة على جملة سابقة. وجملة (يسترفد) الفعلية في محلّ جرّ بالإضافة. وجملة (أرفد) الفعلية لا محلّ لها من الإعراب لأنّها جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء أو «إذا».

والشاهد فيه قوله : «ولكن متى يسترفد القوم أرفد» وهو كالشاهد السابق.

٣٢١

وإن عطفت بغير ذلك من حروف العطف ، لم يجز في المعطوف إلّا الجزم ، نحو : «إن يقم زيد يقم عمرو ويغضب بكر»

وإذا وقع بين فعل الشرط وفعل الجزاء فعل آخر ، فلا يخلو أن يكون في معنى الفعل الأول ، أو لا يكون. فإن كان في معنى الأول جاز فيه وجهان : الرفع على معنى الحال ، والجزم على أنه بدل ، نحو : «من يقصدني يمش أحسن إليه». ونظير ذلك قوله [من الطويل] :

متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا

تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا (١)

فإن لم يكن في المعنى الأول ، لم يجز إلّا الرفع على الحال ، كقول الحطيئة [من الطويل] :

٥٨٤ ـ متى تأته تعشو إلى ضوء ناره

تجد خير نار عندها خير موقد

__________________

(١) تقدم بالرقم ١٨٢.

٥٨٤ ـ التخريج : البيت للحطيئة في ديوانه ص ٥١ ؛ وإصلاح المنطق ص ١٩٨ ؛ والأغاني ٢ / ١٦٨ ؛ وخزانة الأدب ٣ / ٧٤ ، ٧ / ١٥٦ ، ٩ / ٩٢ ـ ٩٤ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٦٥ ؛ والكتاب ٣ / ٨٦ ؛ ولسان العرب ١٥ / ٥٧ (عشا) ؛ ومجالس ثعلب ص ٤٦٧ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٤٣٩ ؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٨٧١ ؛ وخزانة الأدب ٥ / ٢١٠ ؛ وشرح الأشموني ٣ / ٥٧٩ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٣٦٣ ؛ وشرح المفصل ٢ / ٦٦ ، ٤ / ١٤٨ ، ٧ / ٤٥ ، ٥٣ ؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٨٨ ؛ والمقتضب ٢ / ٦٥.

اللغة : تعشو إلى ناره : تأتيها في العشاء. تجد خير نار : أي تجد نارا معدّة للأضياف.

الإعراب : «متى» : شرطيّة جازمة في محل نصب مفعول فيه ظرف زمان متعلق بـ «تجد». «تأته» : فعل مضارع مجزوم لأنّه فعل الشرط ، والهاء ضمير في محلّ نصب مفعول به ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : «أنت». «تعشو» : فعل مضارع مرفوع ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : «أنت». «إلى ضوء» : جار ومجرور متعلّقان بـ «تعشو» ، وهو مضاف. «ناره» : مضاف إليه مجرور ، وهو مضاف ، والهاء ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. «تجد» : فعل مضارع مجزوم لأنّه جواب الشرط ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : «أنت». «خير» : مفعول به ، وهو مضاف. «نار» : مضاف إليه مجرور. «عندها» : ظرف مكان متعلق بخبر محذوف ، وهو مضاف ، و «ها» في محلّ جرّ بالإضافة. «خير» : مبتدأ مؤخّر مرفوع ، وهو مضاف. «موقد» : مضاف إليه.

وجملة : «متى تأته تجد» الشرطية ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة : «تأته» في محل جر بالإضافة. وجملة : «تعشو» في محلّ نصب حال. وجملة «تجد» جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء أو «إذا» لا محل لها من الإعراب. وجملة «عندها خير موقد» محلّ نصب صفة.

الشاهد : قوله : «متى تأته تعشو ... تجد» حيث وقع بين فعل الشرط وفعل الجزاء فعل آخر فرفع لأنه لم يكن في معنى الأول.

٣٢٢

وكذلك إذا وقع بعد فعل الجزاء فعل آخر ، فلا يخلو أن يكون في معناه أو لا يكون. فإن لم يكن ، لم يجز إلّا الرفع على معنى الحال. فإن كان في معناه ، جاز فيه وجهان : الرفع على معنى الحال ، والجزم على البدل ، نحو قوله : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ)(١).

والشاهد (٢) في قوله [من الطويل] :

٥٨٥ ـ ومهماتكن عند امرىء من خليقة

ولو خالها تخفى على الناس تعلم

__________________

(١) سورة الفرقان : ٦٨ ـ ٦٩.

(٢) هذا الشاهد والشواهد الثلاثة التالية أوردها الزجاجي وختم بها الباب.

٥٨٥ ـ التخريج : البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٣٢ ؛ والجنى الداني ص ٦١٢ ؛ والدرر ٤ / ١٨٤ ، ٥ / ٧٢ ؛ وشرح شواهد المغني ص ٣٨٦ ، ٧٣٨ ، ٧٤٣ ؛ ومغني اللبيب ص ٣٣٠ ؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٣ / ٥٧٩ ؛ ومغني اللبيب ص ٣٢٣ ، وهمع الهوامع ٢ / ٣٥ ، ٥٨.

اللغة وشرح المفردات : الخليقة : الطبيعة. خالها : ظنّها.

المعنى : إذا كان عند امرىء خصلة من الخصال ، وظنّ أنّها تخفى على الناس فإنها لا بدّ ستظهر وسيعرفونها.

الإعراب : ومهما : الواو حرف استئناف ، «مهما» : منهم من يعتبرها حرف شرط جازما ، ومنهم من يعتبرها اسم شرط جازما مبنيّا في محلّ رفع مبتدأ أو في محل نصب خبر «تكن». تكن : فعل مضارع تام مجزوم بالسكون ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره «هي» ، أو فعل مضارع ناقص مجزوم بالسكون ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره «هي». عند : ظرف مكان متعلّق بخبر «تكن» المحذوف ، أو متعلّق بـ «تكن» ، وهو مضاف. امرىء : مضاف إليه مجرور بالكسرة. من : حرف جرّ زائد. خليقة : اسم مجرور لفظا مرفوع محلّا على أنّه اسم «تكن» ، أو فاعل «تكن». وإذا اعتبرت «من» حرف جرّ غير زائد فالجار والمجرور متعلّقان بمحذوف حال من الضمير المستتر. ولو : الواو : حرف عطف أو حاليّة. «لو» : حرف وصل لا يحتاج إلى جواب. خالها : فعل ماض مبنيّ على الفتح ، وهو فعل الشرط ، والهاء : ضمير متّصل مبنيّ في محلّ نصب مفعول به. وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : «هو». تخفى : فعل مضارع مرفوع بالضمّة المقدّرة على الألف للتعذّر. على : حرف جرّ. الناس : اسم مجرور بالكسرة. والجار والمجرور متعلّقان بالفعل «تخفى». تعلم : فعل مضارع للمجهول مجزوم لأنّه جواب الشرط ، وعلامة جزمه السكون وحرّك بالكسر للضرورة الشعريّة ؛ ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي.

وجملة «مهما تكن ...» استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة «لو خالها ...» في محل نصب حال. وجملة «تخفى» في محل نصب مفعول به ثان لـ «خالها». وجملة «تعلم» لا محلّ لها من الإعراب لأنّها جواب لشرط جازم غير مقترن بالفاء أو بـ «إذا». وجملة فعل الشرط وجوابه في محلّ رفع خبر للمبتدأ «مهما».

الشاهد فيه قوله : «مهما تكن .. تعلم» حيث جزم الفعلين «تكن» و «تعلم» بـ «مهما».

٣٢٣

جزم تكن وتعلم بـ «مهما». وكذلك الشاهد في قول الآخر [من الكامل] :

٥٨٦ ـ إذ ما أتيت على الرّسول فقل له

حقّا عليك إذا اطمأنّ المجلس

إدخال الفاء على «قل» ، وجعله جوابا لازما. والشاهد في قوله [من الطويل] :

٥٨٧ ـ فأصبحت أنّى تأتها تشتجر بها

كلا مركبيها تحت رجليك شاجر

__________________

٥٨٦ ـ التخريج : البيت للعباس بن مرداس في ديوانه ص ٧٢ ؛ وخزانة الأدب ٩ / ٢٩ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٩٣ ؛ وشرح المفصل ٤ / ٩٧ ، ٧ / ٤٦ ؛ والكتاب ٣ / ٥٧ ؛ ولسان العرب ٣ / ٤٧٦ (أذذ) ؛ وبلا نسبة في الخصائص ١ / ١٣١ ؛ ورصف المباني ص ٦٠ ؛ والمقتضب ٢ / ٤٧.

اللغة : اطمأنّ المجلس : انعقد.

المعنى : إذا قدمت على الرسول عند ما ينعقد المجلس ، ووقفت بين يديه ، فقل له ما هو الحقّ عليك ولا تخف شيئا.

الإعراب : إذما : حرف شرط جازم. أتيت : فعل ماض مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل ، والفعل في محل جزم. على الرسول : جار ومجرور متعلقان بـ (أتيت). فقل : «الفاء» : رابطة للجواب ، «قل» : فعل أمر مبني على السكون ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنت). له : جار ومجرور متعلقان بـ (قل). حقا : صفة لمفعول مطلق محذوف ، والتقدير (فقل له قولا حقا). عليك : جار ومجرور متعلقان بالمصدر (حقا). إذا : ظرفية حينية متعلقة بالفعل «قل». اطمأنّ : فعل ماض مبني على الفتح. المجلس : فاعل مرفوع بالضمّة.

وجملة «إذ ما أتيت فقل» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «فقل له» : جواب شرط جازم مقترن بالفاء محلها الجزم. وجملة «اطمأن» : في محلّ جرّ بالإضافة ، وجملة «أتيت» جملة الشرط لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «إذ ما أتيت ... فقل» حيث أدخل الفاء على فعل الأمر بعد «إذما» وجعله جوابا لازما.

٥٨٧ ـ التخريج : هذا جزء من بيت أكمله السّجاعي (أحمد بن أحمد ١١٩٧ ه‍ / ١٧٨٣ م) على النحو التالي :

* تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا*

(انظر : حاشية السجاعي على شرح القطر ص ٥٠). ونقده محمد محيي الدين عبد الحميد بأنّه كالمؤلّف تابع لجماعة من النحويين وإنّهم لبمعزل عن الصواب ، وذلك أنّهم ركّبوا بيتا من بيتين لشاعرين مختلفين ، فأخذوا صدر أحدهما مع تغيير في بعض ألفاظه فركبوه على عجز الآخر. وبيان ذلك أنّ لبيد بن ربيعة العامريّ يقول [من الطويل] :

فأصبحت أنّى تأتها تلتبس بها

كلا مركبيها تحت رجليك شاجر

[ديوانه ص ٢٢٠ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٤٣ ؛ وشرح المفصل ٤ / ١١٠ ؛ والكتاب ٣ / ٥٨ ؛ ولسان العرب ٥ / ٤٧ (فجر)] ... ـ وقال شاعر آخر [عبد الله بن الحر][من الطويل] :

٣٢٤

جزم «تأتها» و «تشتجر» بـ «أنّى». والشاهد في قول الآخر [من الطويل] :

٥٨٨ ـ إذا قصرت أسيافنا كان وصلها

خطانا إلى أعدائنا فنضارب

__________________

متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا

تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا

[شرح أبيات سيبويه ٢ / ٦٦ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ص ٦٧٨ ؛ وشرح المفصل ٧ / ٥٣ ؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص ٥٨٣ ؛ وشرح المفصل ١٠ / ٢٠ ؛ والكتاب ٣ / ٨٦]. فأخذ النحاة من بعده صدر بيت لبيد ، فركّبوه على عجز ذلك البيت الآخر مع أنّ أحدهما لا يلتئم مع الآخر ، وقد أكمله بعضهم هكذا

* تجد فرجا منها إليك قريبا*

(عن تحقيقه لكتاب «شرح قطر الندى وبلّ الصدى» ، ص ١٦١ ، الهامش).

الإعراب : فأصبحت : الفاء حرف استئناف ، و «أصبح» : فعل ماض ناقص ، مبنيّ على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرّك ، والتاء ضمير متصل مبنيّ على الفتح في محلّ رفع اسم «أصبح». أنّى : اسم شرط جازم مبنيّ على السكون في محل نصب مفعول فيه. تأتها : فعل مضارع مجزوم بـ «أنّى» ، وعلامة جزمه حذف حرف العلّة من آخره ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت ، و «ها» : ضمير متصل مبنيّ على السكون في محلّ نصب مفعول به. تستجر : فعل مضارع مجزوم بـ «أنّى» لأنه بدل من «تأتها» ، وعلامة جزمه السكون الظاهر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. بها : جار ومجرور متعلّقان بـ «تستجر». تجد : فعل مضارع مجزوم بـ «أنّى» ، وعلامة جزمه السكون ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت.

وجملة فعل الشرط وجوابه في محلّ نصب خبر «أصبح» ، وجملة «أصبح» واسمها وخبرها استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب.

الشاهد فيه قوله : «أنّى تأتها ... تجد» حيث جزم باسم الشرط «أنّى» فعلين مضارعين هما «تأتها» ، و «تجد».

٥٨٨ ـ التخريج : البيت لقيس بن الخطيم في ديوانه ص ٨٨ ؛ وخزانة الأدب ٧ / ٢٥ ، ٢٧ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٣٧ ؛ وشرح المفصل ٧ / ٤٧ ؛ والشعر والشعراء ص ٣٢٧ ؛ والكتاب ٣ / ٦١ ؛ وللأخنس بن شهاب في خزانة الأدب ٥ / ٢٨ ؛ وشرح اختيارات المفضّل ص ٩٣٧ ؛ ولكعب بن مالك في فصل المقال ص ٤٤٢ ؛ وليس في ديوانه ؛ ولشهم بن مرّة في الحماسة الشجرية ١ / ١٨٦ ؛ ولعمران بن حطان في شعر الخوارج ص ٤٠٦ ؛ وبلا نسبة في شرح المفصل ٤ / ٩٧ ؛ والمقتضب ٢ / ٥٧.

المعنى : إذا لم تكن سيوفنا طويلة كفاية ، وصلناها بخطواتنا إلى صدور أعدائنا فطالت صدورهم وأعناقهم ضربا بها.

الإعراب : إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان متضمن معنى الشرط متعلق بالفعل «كان». قصرت : فعل ماض مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث. أسيافنا : فاعل مرفوع بالضمّة ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. كان : فعل ماض ناقص. وصلها : اسم (كان) مرفوع بالضمّة ، و «ها» : ضمير متصل في محلّ جرّ مضاف إليه. خطانا : خبر (كان) منصوب بفتحة مقدّرة على الألف ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ جرّ مضاف إليه. إلى أعدائنا : جار ومجرور متعلقان بالمصدر «وصل» ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ جرّ

٣٢٥

جزم «فنضارب» بالعطف عليه. فافهم.

__________________

مضاف إليه. فنضارب : «الفاء» : حرف عطف ، «نضارب» : فعل مضارع مجزوم لأنه معطوف على محل جواب الشرط ، وعلامة جزمه السكون ، وحرّك بالكسرة لضرورة القافية ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (نحن).

وجملة «قصرت» : في محلّ جرّ بالإضافة. وجملة «كان وصلها خطانا» : جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محلّ لها. وجملة «فنضارب» : معطوفة على جملة «كان ...» لا محل لها. وجملة «إذا قصرت .. كان» ابتدائية لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «فنضارب» حيث جزم الفعل المضارع المعطوف على جواب «إذا» الشرطية مما يدل أنها جازمة هنا ، وهذا ضرورة شعرية.

٣٢٦

باب ما ينصرف وما لا ينصرف

[١ ـ تعريف الممنوع من الصرف] :

الاسم الذي ينصرف هو الذي ينون ويخفض ، وغير المنصرف هو الذي لا ينون ولا يخفض. واختلف في تسمية المنصرف منصرفا ، فمنهم من قال : إنّما سمّي منصرفا لأنّ في آخره صريفا وهو الصوت ، لأنّ التنوين صوت ، ومنهم من قال : إنّما سمّي منصرفا لأنّه انصرف عن شبه الفعل ، ومنهم من جعل المنصرف مشتقا من الصريف وهو اللبن الخالص ، فكأنّ الاسم المنصرف قد تخلص من شبه الفعل والحرف.

والأول أجود لأنه يلزم على الثاني أن يكون كل منصرف قد أشبه الفعل أوّلا ، ثم زال بعد ذلك عن شبه الفعل ، وذلك باطل في جميع الأسماء المنصرفة ، لأنّ من الأسماء غير المنصرفة ما لم يشبه الفعل قط.

ويلزم على الثالث أن يضموا مثل : «مررت بأحمدكم» ، منصرفا وهم يسمونه منجرّا ، فدلّ ذلك على صحة القول الأول.

والاسم الذي لا ينصرف هو كل اسم اجتمعت فيه علتان فرعيتان فصاعدا عن علل تسع على حسب ما يذكر بعد. أو وجد فيه علّة تقوم مقام علّتين.

[٢ ـ علل الممنوع من الصرف] :

والعلل التسع : العدل ، والتعريف ، والصفة ، والعجمة ، والتركيب ، والتأنيث ، وزيادة

٣٢٧

الألف والنون ، ووزن الفعل ، والجمع الذي لا نظير له في الآحاد. والعلة التي تقوم من هذه العلل مقام علتين ، التأنيث اللازم ، والجمع الذي لا نظير له في الآحاد.

والتأنيث اللازم هو ما كان بالهمزة مثل «حمراء» وبالألف مثل «حبلى». والجمع الذي لا نظير له في الآحاد ، هو ما كان من الجموع على وزن «مفاعل» أو «مفاعيل».

وهذه العلل التي ذكرت لا تمنع الصرف على الإطلاق ، لكن تحتاج في ذلك إلى تفصيل.

فأمّا العدل فيمنع الصرف ، وكذلك الصفة ، وكذلك الجمع الذي لا نظير له في الآحاد.

وأمّا التعريف الذي يمنع الصرف منه تعريف العلمية ، أو ما أشبه من تعريف «سحر» ، وذلك أنه معدول على الألف واللام ، فصار كالعلم في أنّه معرفة ، وليس بمضاف ، ولا معرّف بالألف واللام.

وأمّا وزن الفعل ، فيقسم ثلاثة أقسام : غالب ، ومختص ، ومشترك ، فالغالب هو الذي يوجد في الأسماء والأفعال ، وأكثر وجوده في الأفعال مثل «يفعل» ، و «أفعل» ، و «تفعل».

والمختص هو الذي لا يوجد إلّا في الأفعال ، ولا يوجد في الأسماء إلّا منقولا من الفعل ، وهو «فعّل» و «فعّل» المضعّف العين.

وأمّا المشترك فهو الذي يوجد في الأسماء والأفعال على التساوي.

والذي يمنع الصرف من هذه الأقسام الغالب والمختص خاصة. وأمّا المشترك فلا يمنع الصرف أصلا إلّا أن يكون المشترك منقولا من مثل أن تسمّي رجلا بـ «ضرب» ، فزعم عيسى بن عمر أنّه يمتنع الصرف ، واستدلّ على ذلك بقوله [من الوافر]

٥٨٩ ـ أنا ابن جلا وطلّاع الثنايا

متى أضع العمامة تعرفوني

__________________

٥٨٩ ـ التخريج : البيت لسحيم بن وثيل في الاشتقاق ص ٢٢٤ ؛ والأصمعيات ص ١٧ ؛ وجمهرة اللغة ص ٤٩٥ ، ١٠٤٤ ؛ وخزانة الأدب ١ / ٢٥٥ ، ٢٥٧ ، ٢٦٦ ؛ والدرر ١ / ٩٩ ؛ وشرح شواهد المغني ١ / ٤٥٩ ؛ وشرح المفصل ٣ / ٦٢ ؛ والشعر والشعراء ٢ / ٦٤٧ ؛ والكتاب ٣ / ٢٠٧ ؛ والمقاصد النحويّة ٤ / ٣٥٦ ؛ وبلا نسبة في الاشتقاق ص ٣١٤ ؛ وأمالي ابن الحاجب ص ٤٥٦ ؛ وأوضح المسالك ٤ / ١٢٧ ؛ وخزانة الأدب ٩ / ٤٠٢ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٥٣١ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٤٩ ؛ وشرح المفصل ١ / ٦١ ، ٤ / ١٠٥ ؛ ولسان العرب ١٤ / ١٢٤ (ثنى) ، ١٥٢ (جلا) ؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٢٠ ؛ ومجالس ثعلب ١ / ٢١٢ ؛ ومغني اللبيب ١ / ١٦٠ ؛ والمقرب ١ / ٢٨٣ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٣٠.

٣٢٨

ولا دليل في هذا البيت له ، لأنّ ذلك محتمل أن يكون صفة لمحذوف ، فكأنّه قال : أنا ابن رجل جلا ، ومحتمل أن يكون في «جلا» ضمير ، وحكيت الجملة ، وهو الأولى ، فكأنّه قال : أنا ابن الذي يقال له جلا ، مثل تأبّط شرّا. والدليل على فساد مذهب عيسى بن عمر ما حكاه سيبويه ، رحمه‌الله ، من أنّ العرب تصرف الرجل يسمى «كعسبا» ، وهو في الأصل «فعلل» من «الكعسبة» ، وهي شدّة العدو مع تداني الخطى.

وأمّا التأنيث ، فلا يخلو أن يكون باقيا على مسماه المؤنث أو منقولا إلى مذكر ، فإن كان باقيا على مؤنثه ، فلا يخلو أن يكون التأنيث تأنيثا لازما أو لا يكون. فإن كان التأنيث لازما ، فيمتنع الصرف وإن كان غير لازم ، فلا يخلو أن يكون التأنيث بعلامة أو بغير علامة. فإن كان بعلامة فيمنع الصرف ، وإن كان بغير علامة ، فلا يخلو أن يكون ثلاثيا أو أزيد ، فإن كان أزيد فيمنع الصرف ، وإن كان ثلاثيا فلا يخلو أن يكون متحرك الوسط أو ساكن الوسط.

__________________

اللغة وشرح المفردات : جلا : في الأصل فعل ماض فسمّي به كما سمّي بـ «يزيد» و «يحمد» ... وابن جلا : كناية عن أنّه شجاع. طلّاع : صيغة مبالغة لـ «طالع». الثنايا : ج الثنية ، وهي الطريق في الجبل. أضع العمامة : أي عمامة الحرب. وقيل : العمامة تلبس في الحرب وتوضع في السلم.

المعنى : يصف شجاعته وإقدامه بأنّه لا يهاب أحدا ، وأنّه قادر على الاضطلاع بعظائم الأمور.

الإعراب : أنا : ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ. ابن : خبر المبتدأ مرفوع بالضمّة الظاهرة.

وهو مضاف. جلا : مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدّرة على الألف للتعذّر. وطلّاع : الواو حرف عطف ، «طلاع» : معطوف على «ابن» مرفوع بالضمّة الظاهرة ، وهو مضاف. الثنايا : مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدّرة على الألف للتعذّر. متى : اسم شرط مبنيّ في محل نصب مفعول فيه متعلّق بالفعل «تعرفوني». أضع : فعل مضارع مجزوم بالسكون ، وحرّك بالكسر منعا من التقاء الساكنين ، وهو فعل الشرط ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره «أنا». العمامة : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. تعرفوني : فعل مضارع مجزوم بحذف النون ، والنون الثانية للوقاية ، والواو : ضمير متّصل مبنيّ في محل رفع فاعل ، والياء : ضمير متّصل مبني في محل نصب مفعول به.

وجملة : «أنا ابن جلا ...» ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «تعرفوني» لا محلّ لها من الإعراب لأنّها جواب لشرط جازم غير مقترن بالفاء أو بـ «إذا».

الشاهد فيه قوله : «جلا» حيث منع من الصرف ، واختلف في سبب منعه ، فقال عيسى بن عمر : إنّه ممنوع من الصرف للعلميّة ووزن الفعل ، وقال الجمهور إنه لم ينوّن للحكاية لا لمنع الصرف ، فهو منقول عن جملة ، أي عن فعل وضمير الغائب المستتر فيه ، أو هو فعل ماض باق على فعليّته ، وفيه ضمير مستتر هو فاعله ، وجملة الفعل وفاعله في محل جرّ صفة لموصوف مجرور محذوف ، والتقدير : أنا ابن رجل جلا الأمور وكشفها.

٣٢٩

فإن كان متحرك الوسط فيمنع الصرف ، وإن كان ساكن الوسط فلا يخلو أن يكون منقولا من مذكّر ، أو لا يكون. فإن كان منقولا من مذكر فيمتنع الصرف مثل «حمص» ، و «جور». فإن انضافت إليه أزيد من علة واحدة ، فيجوز فيه وجهان : الصرف ومنع الصرف ، فإن كان الاسم المؤنّث قد سمّي به مذكّر ، فلا يخلو أن يكون مؤنثا بعلامة أو لا يكون. فإن كان مؤنثا بعلامة فيمنع الصرف ، وإن كان مؤنثا بغير علامة ، فلا يخلو أن يكون ثلاثيا أو أزيد.

فإن كان أزيد فيمنع الصرف إلا أن يكون التأنيث تأنيث جمع ، فإنّه لا يمنع الصرف ، مثال ذلك أن تسمّي بـ «كلاب» ، فإذا سمّيت به انصرف إلّا «ذراعا» و «كراعا» ، فإنّما سمّي بهما المذكّر ، وهما مع ذلك مصروفان لكثرة تسمية المذكر بهما. فإن كان ثلاثيا فإنّه لا يمنع الصرف.

وأما التركيب وهو جعل الاسمين اسما واحدا ، فلا يخلو أن يتضمن معنى الحرف ، مثل «خمسة عشر» أو لا يتضمّن ، فإن تضمّن معنى الحرف فإنّه مبنيّ ، وإن كان لا يتضمن معنى الحرف ، فيمنع الصرف ، مثل : «بعلبك».

وأما زيادة الألف والنون ، فلا يخلو أن تكون في اسم علم أو لا تكون ، فإن كانت في اسم علم ، منعت الصرف ، وإن لم يكن علما ، فلا يخلو أن يكون صفة أو لا يكون. فإن كان غير صفة ، فلا يمنع ، وإن كان صفة فلا يخلو أن يؤنّث بالتاء أو لا يؤنث. فإن أنّث بالتاء انصرف. وإن أنّث بغير التاء امتنع الصرف.

وأما العجمة فلا يخلو أن تكون شخصية أو جنسية. والجنسية هي أن تنقل الاسم من كلام العجم إلى كلام العرب في أول أحواله إلى نكرة ، مثل : «لجام» ، و «نيروز» ، و «يرندج» ، و «ديباج».

والشخصية هي أن تنقل الاسم من كلام العجم في أول أحواله معرفة ، مثل : «إبراهيم» و «إسماعيل». فإن كانت العجمة جنسية فلا تمنع الصرف ، وإن كانت شخصية ، فلا يخلو أن يكون الاسم الأعجمي على ثلاثة أحرف أو أزيد. فإن كان على أزيد من ثلاثة أحرف يمنع الصرف. فإن كان على ثلاثة أحرف فلا يمنع الصرف عند النحويين إلّا عيسى بن عمر وابن قتيبة فيقولان : حكمه حكم المؤنث الثلاثي. وذلك فاسد لأنّه لم يسمع في مثل «نوح» أو «هود» إلّا الصرف.

وهذه العلل لا تمنع الصرف إلا على ما يذكر. فالتصريف يمنع الصرف مع هذه العلل

٣٣٠

كلها إلّا مع الصفة أو مع ما يمنع وحده ، فإنّه لا أثر للتعريف فيه. فالتأنيث غير اللازم والعجمة والتركيب لا تمنع الصرف إلّا مع التعريف خاصة ، والعدل لا يمنع الصرف إلّا مع التعريف أو الصفة.

والجمع الذي لا نظير له في الآحاد يمنع الصرف وحده. وكذلك التأنيث اللازم والصفة لا تمنع الصرف إلّا مع وزن الفعل وزيادة الألف والنون.

[٣ ـ أقسام الاسم الممنوع من الصرف] :

والأسماء التي لا تنصرف تنقسم ثلاثة أقسام ، قسم لا ينصرف في معرفة ولا نكرة. وقسم لا ينصرف في معرفة وينصرف في نكرة ، وقسم ينصرف في المعرفة ولا ينصرف في النكرة.

فالذي لا ينصرف في معرفة ولا نكرة هو كل ما ليس إحدى علتيه التعريف ، أو ما كان إحدى علتيه التعريف ، فإذا سقط التعريف خلفته علّة أخرى.

وأمّا الذي ينصرف في النكرة ولا ينصرف في المعرفة فهو كل اسم إحدى علتيه التعريف ، فإذا سقط التعريف لم تعقبه علة أخرى.

وأمّا الذي ينصرف في المعرفة ولا ينصرف في النكرة فهو كل اسم معدول في النكرة ، فإذا سميت به انصرف ، لأنّه ليس فيه إلّا التعريف ، وليس معدولا في التسمية ، ولا يثبت حاله وقت إن كان معدولا ، لأنّه عدل في النكرة وهو الآن معرفة. فإذا نكّرت امتنع الصرف ، لأنه فيه شبه أصله ، وقد كان في الأصل لا ينصرف.

قوله : «فأمّا ما لا ينصرف في معرفة ولا نكرة» فذلك خمسة أجناس : منها أفعل التفضيل ...

«أفعل» لا يخلو أن يكون اسما أو صفة ، فإن كان اسما ، فلا يخلو أن يكون معرفة أو نكرة. فإن كان معرفة فيمنع الصرف لوزن الفعل والتعريف. وإن كان نكرة فينصرف.

فإن كان صفة فلا يخلو أن يكون «أفعل من» مضمرة كانت (١) معه أو مظهرة ملفوظا بها ، أو «أفعل» الذي مؤنثه «فعلاء» ، أو «أفعل» الذي مؤنثه «فعلى» ، أو «أفعل» الذي مؤنثه

__________________

(١) أي : من.

٣٣١

بالتاء ، نحو : «أرمل وأرملة» ، أو «أفعل» الذي هو في الأصل اسم ، فوصف به نحو «أربع» ، فإنّه اسم عدد في الأصل ثم وصف به.

فإن كان «أفعل» الذي مؤنثه «فعلى» ، أو «أفعل» الذي مؤنثه بالتاء ، أو «أفعل» الذي مؤنثه في الأصل اسم ، لينصرف قولا واحدا.

أمّا «أفعل» الذي مؤنثه بالتاء فينصرف لأنه قد زال عن شبه الفعل بدخول تاء التأنيث عليه المنقلبة في الوقف هاء ، وهي من خواص الأسماء.

وأمّا «أفعل» الذي هو في الأصل اسم ، فينصرف إمّا لأنه قد كان اسما فلم يؤكّد في الوصفية ، وإمّا لأنّه قد تدخله التاء فيقال : «أربعة».

وأمّا «أفعل» الذي مؤنثه «فعلى» ، فلا يستعمل إلّا بالألف واللام أو مضافا ، وكذلك مؤنثه. ولذلك صرف ، ولذلك لحن الحسن بن هاني في قوله [من البسيط] :

كأنّ صغرى وكبرى من فواقعها

حصباء درّ على أرض من الذّهب (١)

لأنه لا يخلو أن يجعل «من» زائدة و «كبرى» مضافة إلى «فواقعها» أو لا ، فإن جعلها زائدة ، فقد أخطأ لأنّها لا تزاد في الواجب. وإن جعل «من» غير زائدة ، فيكون قد استعمل «فعلى» غير معرّفة بالألف واللام ولا مضافة.

فإن سميّت بـ «أفعل» الذي مؤنثه بالتاء أو «أفعل» الذي هو في الأصل اسم ، فإنّه يمنع الصرف لوزن الفعل والتعريف ، وإن نكرتهما انصرفا قولا واحدا.

وإن سميّت بـ «أفعل» الذي مؤنثه «فعلى» ، صرف على كلّ حال لأجل الألف واللام أو الإضافة.

فإن كان «أفعل» الذي مؤنثه فعلاء ، فإنّه يمتنع الصرف لوزن الفعل والصفة ، فإن سمّيت به فإنّه يمتنع الصرف لوزن الفعل والتعريف ، فإن نكرته ففيه خلاف.

فسيبويه لا يجيز الصرف ، وأبو الحسن الأخفش يصرف ، وأبو علي الفارسي يجيز فيه الوجهين فقال : إن لحظت فيه أنّه كان صفة فتمنعه الصرف ، وإن لحظت أنّه انتقل عن الصفة إلى الاسمية فتصرفه ، والدليل على صحة هذا أنّ العرب إذا سمّت بالصفة ، فتارة تحكم لها

__________________

(١) تقدم بالرقم ٣٤٦.

٣٣٢

بحكم الصفة ، وتارة تحكم لها بحكم الأسماء. ألا ترى أنّها لما سمت بـ «أحوص» حكمت له بحكم الصفة ، وتارة تجمعه جمع الصفات ، قال [من الطويل] :

٥٩٠ ـأتاني وعيد الحوص من آل جعفر

فيا عبد عمرو لو نهيت الأحاوصا

فـ «أحوص» صفة لكنه سمّي به فجمعه جمع الصفات ، فقال : «وعيد الحوص» ، وجمعه جمع الأسماء فقال : «أحاوص».

وهذا الذي قال ليس بصحيح ، لأنّه يشبه أصله قبل التسمية ، لأنّه نكرة كما كان وقت أن كان صفة ، وشبه العلّة علّة في هذا الباب. وسيأتي بيان ذلك.

وأمّا أبو الحسن فقال : ليس فيه إلّا علّة واحدة فلا يمنع الصرف. وهذا الذي قاله باطل لما تقدّم.

والصحيح ما ذهب إليه سيبويه. وأيضا فإنّ أبا زيد حكى أنّ العرب تقول : «عندي عشرون أحمر» ، في رجال اسم كل واحد منهم «أحمر».

__________________

٥٩٠ ـ التخريج : البيت للأعشى في ديوانه ص ١٩٩ ؛ والاشتقاق ص ٢٩٦ ؛ وإصلاح المنطق ص ٤٠١ ؛ وخزانة الأدب ١ / ١٨٣ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ١٤٤ ؛ ولسان العرب ٧ / ١٩ (حوص) ؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٦٣١ ؛ وشرح المفصل ٥ / ٦٣.

اللغة : الوعيد : التهديد. الحوص : جمع أحوص وهو الرجل في مؤخر عينيه ضيق ؛ وكذلك الأحاوص جمع أحوص.

المعنى : بلغني تهديد هؤلاء الرجال ضيقي العيون من آل جعفر ، فليتك تزجرهم عن ضلالتهم يا عبد عمرو ؛ والأحاوص هم : عوف وعمرو وشريح أولاد الأحوص بن جعفر.

الإعراب : أتاني : فعل ماض مبني على الفتح المقدّر على الألف ، و «النون» : للوقاية ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. وعيد : فاعل مرفوع بالضمّة. الحوص : مضاف إليه مجرور بالكسرة. من آل : جار ومجرور متعلّقان بحال من «الحوص». جعفر : مضاف إليه مجرور بالكسرة. فيا : «الفاء» : للاستئناف ، «يا» : حرف نداء. عبد : منادى مضاف منصوب بالفتحة. عمرو : مضاف إليه مجرور بالكسرة. لو : حرف تمنّ وتحضيض. نهيت : فعل ماض مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. الأحاوصا : مفعول به منصوب بالفتحة ، والألف للإطلاق.

وجملة «أتاني» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «النداء» : استئنافية لا محلّ لها. وجملة «نهيت» : استئنافية لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «الحوص ... الأحاوصا» فجاء بجمع «أحوص» مرّة على جمع الصفات ، وثانية على جمع الأسماء.

٣٣٣

وأما جمعهم «أحوص» على «حوص» تارة وعلى «أحاوص» أخرى ، فمن قبيل ما لحظ فيه معنى الوصف تارة ، نحو : «العبّاس» ، ولم يلحظ أخرى ، نحو : «عبّاس».

فإن كان «أفعل من» فيمتنع الصرف. واختلف في سبب منعه للصرف ، فمذهب أهل البصرة أنّه امتنع الصرف لوزن الفعل والصفة ، وزعم أهل الكوفة أنّه امتنع الصرف للزوم «من». وهذا باطل ، لأنّه يلزمهم أن يمنع الصرف من «خير» في قولهم : «مررت برجل خير من عمرو» ، و «هذا خير منك» ، والعرب لم تمنعه الصرف قط ، فدل على أنّه إنّما امتنع من الصرف لوزن الفعل والصفة. فلما زال وزن الفعل صرف.

فإن سمّيت به ، فلا يخلو أن تسمّي به مع «من» أو بغير «من». فإن سميّت به مع «من» فإنّه يمتنع الصرف لوزن الفعل والتعريف. فإن تركته امتنع الصرف لوزن الفعل وقوة شبهه أصله في أنّه نكرة مع «من» كما كان وهو صفة.

فإن سمّيت بـ «أفعل» من غير «من» فإنّه يمتنع الصرف لوزن الفعل والتعريف. فإن نكّرته فإنّه ينصرف قولا واحدا ، فإنّه لا يشبه أصله وقت أن كان صفة ، لأنّه لا يستعمل صفة إلّا بـ «من» ظاهرة أو مقدّرة.

وينبغي أن يعلم أن كل اسم في أوله همزة وبعدها ثلاثة أحرف ، فإنّه يحكم عليها بالزيادة ، وعلى ما عداها بالأصالة إلّا أن يقوم دليل على أصالتها من اشتقاق أو تصريف أو فكّ مدغم.

فمثال ما دلّ الاشتقاق على أصالة همزته «أولق» ، فإنّه مشتق من تألّق البرق ، بدلالة قولهم : «ألق الرجل». فأثبت الهمزة وحذفت الواو.

ومثال ما دلّ التصريف على أصالة همزته «أرطى» (١) عند من يقول : «أديم مأروط» ، فيثبت الهمزة.

ومثال ما يدل الفك على أصالة همزته ما وجد في كلام العرب نحو : «أبقق» (٢) ، فك الإدغام فيه دليل على الأصالة ما لم يقم دليل على زيادة الهمزة أيضا من اشتقاق أو غير

__________________

(١) الأرطى : ضرب من الشجر يدبغ به الجلد.

(٢) أبقق المكان : كثر بقّه.

٣٣٤

ذلك ، فيكون الفك شاذّا ، ولا حجة فيه على أصالة الهمزة ، نحو قوله [من الرجز] :

٥٩١ ـ قد علمت ذاك بنات ألببه

فالهمزة في «ألببه» زائدة ، لأنّه من اللبّ ، يريد : بنات لبّه ، و «ألبّ» شاذ.

ومنها «فعلان» ... الفصل.

يقول : كل اسم في آخره ألف ونون زائدتان ، فلا يخلو أن يكون اسما أو صفة. فإن كان اسما ، فلا يخلو أن يكون معرفة أو نكرة. فإن كان معرفة ، فإنّما يمتنع الصرف لزيادة الألف والنون ، والتعريف عند بعضهم. وإن كان نكرة انصرف.

وإن كان صفة ، فلا يخلو أن يؤنث بالتّاء أو لا يؤنث بها. فإن لم يؤنث بها بل يكون مؤنثه على «فعلى» ، امتنع الصرف لزيادة الألف والنون ، والصفة عند بعضهم. وإن أنّث بها انصرف.

فمثال ما أنّث بالتاء «سيفان وسيفانة» (٢) و «سفيان وسفيانة» ، ومثال ما يكون مؤنثه على «فعلى» : «سكران وسكرى» ، و «عطشان وعطشى».

وزعم بعض النحويين أنّ الاسم العلم الذي في آخره ألف ونون زائدتان ، امتنع الصرف لشبه الألف والنون بألفي التأنيث في أنّهما زائدتان في آخر الاسم ، كما أنّ ألفي التأنيث كذلك ، والأولى منهما ألف ، كما أنّ ألفي التأنيث كذلك ، ولا تدخل عليهما تاء التأنيث ، كما لا تدخل على ألفي التأنيث.

__________________

٥٩١ ـ التخريج : الرجز بلا نسبة في خزانة الأدب ٧ / ٣٤٥ ، ٣٤٦ ؛ والكتاب ٣ / ١٩٥ ، ٣٢٠ ، ٤ / ٤٣٠ ؛ والمقتضب ١ / ١٧١ ، ٢ / ٩٩ ؛ والمنصف ١ / ٢٠٠ ، ٣ / ١٣٤ ؛ ولسان العرب ١ / ٧٣٠ (لبب).

اللغة : بنات ألبب : عروق في القلب ، يكون منها الرّقّة ، وقيل : بنات أعقل هذا الحيّ.

المعنى : لقد علمت بما حصل عروق القلب ، أو بنات أعقل هذا الحيّ.

الإعراب : قد : حرف تحقيق. علمت : فعل ماض مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث. ذاك : اسم إشارة في محل نصب مفعول به. بنات : فاعل مرفوع بالضمّة. ألببه : مضاف إليه مجرور بالكسرة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة.

والشاهد فيه قوله : «ألببه» حيث جاء جمع «لب» على ألبب وهو جمع شاذ ، ولا يدلّ على أصالة الهمزة ، فهي زائدة.

(١) السيفان : الطويل من الرجال.

٣٣٥

وزعم أن الصفة التي في آخرها ألف ونون زائدتان ومؤنثها «فعلى» إنّما امتنعت الصرف لشبه الألف والنون أيضا بألفي التأنيث في آخر الصفة ، الأولى منهما ألف كما أنّ ألفي التأنيث كذلك ، ولا تدخل عليهما التاء كما لا تدخل على ألفي التأنيث.

والمؤنث من هذه الصفة بخلاف المذكّر كما كان الأمر فيما كانت فيه ألف التأنيث.

هذا هو الصحيح ، بدليل أنه لو كان مع مجرد الزيادة يمنع الصرف ، لوجب أن يمنع مثل «سيفان» الصرف للصفة والزيادة. ولو كان «عثمان» يمنع الصرف للتعريف والزيادة ، لوجب أن ينصرف «سكران» إذ لا تعريف فيه. وإذن قد تبيّن أنّ الصفة غير مؤثّرة.

وزعم أبو العباس المبرّد أنّ الألف والنون إنّما منعتا الصرف ، لأنّ النون في الأصل بدل من الهمزة ، فأصل «سكران» عنده : «سكراء» ، واستدلّ على ذلك بقول العرب في النسب إلى «بهراء» : «بهراني» ، فأبدلوا النون من الهمزة. وهذا عندنا من شاذ النسب ، فلا تدعى من أجله النون في «سكران» عوضا من الهمزة. فإن سميّت بهذه الصفة التي لا تنصرف ، لم تنصرف أيضا لزيادة الألف والنون والتعريف. فإن نكّرت دخله الخلاف الذي دخل في تنكير «أحمر» بعد التسمية ، وأيضا فإنّه يحتمل أن تكون النون في «بهرانيّ» و «صنعانيّ» بدلا من الواو المبدلة من الهمزة ، كأنّه قبل إبدال النون «بهراويّ وصنعاويّ».

وإن كان ذلك أولى ، لأنّ النون أقرب إلى الواو منها إلى الهمزة.

وقوله : «ومنها كل ما في آخره ألف التأنيث ممدودة أو مقصورة ...» يقول : كل اسم في آخره ألفا التأنيث الممدودة أو المقصورة ، فإنّه يمتنع الصرف أبدا ، سواء كان معرفة أو نكرة ، لأنه من العلل التي تمنع وحدها الصرف ، لأنّها قامت مقام علتين ، لأنّ التأنيث بهما لازم.

واختلف في تسميته لازما ، فمنهم من قال : إنّما سمّي تأنيثا لازما ، لأنّك لو حذفته ، لم تبق كلمته تامة بخلاف ما أنّث بتاء التأنيث ، مثل : «قائمة» ، و «خارجة» ، لأنّه إذا حذفت تاء التأنيث من «قائمة» و «خارجة» تبقى كلمة تامة ، وأنّه لو حذفت الهمزة من «حمراء» لم تبق كلمة تامة.

وهذا باطل ، لأنّه يلزمه أن يمنع الصرف في مثل «لواعية» و «كراهية» ، لأنّه إذا حذفت التاء لم تبق كلمة تامة ، ولم يسمع إلّا صرفه ، فدلّ على بطلان ما ذهب إليه. والصحيح أن

٣٣٦

تقول : إنّما سمي لازما لأنّه بمنزلة حرف من نفس الكلمة ، والدليل على ذلك أنّ العرب إذا صغّرت اسما خماسيّا ليس رابعه حرف مد ولين ، مثل : «سفرجل» يحذفون آخر حرف منه ، وإذا صغّرت ما في آخره تاء التأنيث ، وكان بها على خمسة أحرف ، مثل : «دجاجة» ، فلا تحذف آخره ، وإنما تعامله معاملة الرباعي ، فدلّ على أنّ تاء التأنيث عندهم بمنزلة كلمة أخرى. وهذه الألف عاملوها معاملة حرف من نفس الكلمة ، دليل ذلك أنهم يقولون في تصغير «قرقرى» (١) : «قريقر» ، فيحذفون آخره ، فلهذا سمّوه تأنيثا لازما.

فإن قيل : فينبغي أن لا تسموا التأنيث بالهمزة التي في «حمراء» تأنيثا لازما ، لأنّهم لا يحذفون همزته في التصغير ، فنقول : قد ثبت أن الهمزة في «حمراء» هي غير الألف التي في «قرقرى» ، والدليل على ذلك شيئان : أحدهما أنّ الألف قد ثبتت للتأنيث ، ولم يقم دليل على أنّ الهمزة للتأنيث ، وممكن أن تكون هذه الهمزة منقلبة عن ألف فلا يدعى أنّ الهمزة للتأنيث ، فإذن لم يثبت في غير هذا الموضع فيحمل هذا عليه.

والآخر : أنّها لو كانت غير منقلبة عن حرف لقالوا في «صحراء» : «صحاري» كما يقولون في «قرقرى» : «قراري» ، وكونها تزول لزوال الألف دليل على أنّها حذفت من أجل الألف.

فإن قيل : فلأيّ شيء لم يحذفوها في التصغير كما حذفوا الألف ، فتقول : لمّا حرّكت أشبهت تاء التأنيث ، فلذلك أثبتت في التصغير كما ثبتت الياء.

قوله : ومنها كل جمع ثالث حروفه ألف ، وبعد الألف حرفان أو ثلاثة أحرف ، أو حرف مشدّد ... الفصل».

هذا هو الجمع الذي لا نظير له في الآحاد. واختلف في تسميته جمعا لا نظير له في الآحاد ، فذهب قوم إلى أنه سمّي جمعا لا نظير له في الآحاد ، لأنه ليس في الآحاد على وزنه ، ونعني بوزنه أن يكون موافقا له في الحركات والسكنات وعدد الحروف.

فإن قيل : فإنّ في الآحاد ما هو على وزنه مثل : «سراويل» ، و «ضبع حضاجر» ، ومثل : «ترامى تراميا» ، و «تعاطى تعاطيا» ، و «يمان» ، و «شآم». فالجواب : إنّ «سراويل» أعجمي ، وبتقدير أنّه عربي هو جمع سروالة ، وقد نطق له بمفرده ، قال [من المتقارب] :

٥٩٢ ـ عليه من اللّؤم سروالة

فليس يرقّ لمستعطف

__________________

(١) قرقرى : موضع خصب باليمامة.

٥٩٢ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في خزانة الأدب ١ / ٢٣٣ ؛ والدرر ١ / ٨٨ ؛ وشرح التصريح

٣٣٧

وأما «حضاجر» فـ «حضاجر» جمع.

فإن قيل : وكيف وصف المفرد بالجمع؟ فتقول : جعل الضبع لعظم بطنها كأنّها ضباع ، كما يقال : «برمة أعشار» ، و «ثوب أسمال». والدليل على أنه جمع أنه قد نطق له بمفرد ، وعليه قوله [من الطويل] :

٥٩٣ ـ حضجر كأمّ التّوأمين توكّأت

على مرفقيها مستهلّة عاشر

وأمّا تعاط فهو مصدر «تعاطى» و «تعاطى» على وزن «تفاعل» ومصدر «تفاعل» «تفاعل» ، وأصله : «تعاطي» ، بضم الطاء فقلبت الضمة كسرة لتصبح الياء. وأمّا شآم ويمان

__________________

٢ / ٢١٢ ؛ وشرح شافية ابن الحاجب ١ / ٢٧٠ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ١٠٠ ؛ وشرح المفصل ١ / ٦٤ ؛ ولسان العرب ١١ / ٣٣٤ (سرل) ؛ والمقتضب ٣ / ٣٤٦ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٢٥.

الإعراب : عليه : جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدّم. من اللؤم : جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال «سروالة». سروالة : مبتدأ مؤخّر. فليس : «الفاء» : استئنافية ، «ليس» : فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر تقديره (هو). يرقّ : فعل مضارع مرفوع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : «هو». لمستعطف : جار ومجرور متعلقان بـ «يرقّ».

وجملة «عليه سروالة» : ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «ليس يرق» : استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة «يرق» : في محلّ نصب خبر «ليس».

الشاهد : قوله : «سروالة» حيث ثبت بهذا أن «سراويل» جمع مفرده «سروالة».

٥٩٣ ـ التخريج : البيت لسماعة النعامي في شرح أبيات سيبويه ١ / ٥٩٢ ؛ وبلا نسبة في الكتاب ٢ / ٧١ ؛ ولسان العرب ٤ / ٢٠٢ (حضجر).

اللغة : الحضجر : العظيم البطن. مستهلّة عاشر : قد بدأت بشهر حملها العاشر.

المعنى : إنه رجل عظيم البطن ، يشبه بطنه بطن امرأة حبلى بتوأمين ، بدأت بشهرها العاشر ، ثم زاد للسخرية والإشارة إلى تدلّي بطنه ، انها منحنية تستند على مرفقيها وركبتيها.

الإعراب : حضجر : خبر مرفوع بالضمة لمبتدأ محذوف بتقدير (هو حضجر). كأمّ : جار ومجرور متعلقان بخبر ثان. التوأمين : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى ، و «النون» : عوض عن التنوين. توكأت : فعل ماض مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي). على مرفقيها : جار ومجرور بالياء لأنه مثنى متعلقان بـ (توكأت) ، و «ها» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. مستهلة : حال منصوبة بالفتحة. عاشر : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

وجملة «هو حضجر» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «توكأت» : في محلّ نصب حال.

والشاهد فيه قوله : «حضجر» فهي مفرد (حضاجر) ، مما يؤيد أن «حضاجر» جمع لا مفرد.

٣٣٨

فالألف فيهما بدل من إحدى ياءي النسب ، والأصل فيه : يمنيّ وشاميّ ، وسيبين في بابه.

وهذا المذهب ليس بصحيح ، لأنّه يلزمه أن يسمى ما كان على وزن «أفعل» نحو : «أكلب» و «أفلس» وما كان على وزن «أفعال» ، نحو : «أحمال» جمعا لا نظير له في الآحاد ، لأنه ليس في الآحاد على وزنه ، وقد نص على هذا سيبويه رحمه‌الله في الكتاب.

ومنهم من قال : إنّما سمّي جمعا لا نظير له في الآحاد ، لأنّ كل جمع يجمع فيصير إذا جمع مفردا لجمعه ، وهذا لا يجمع ، ولهذا يسمّى الجمع المتناهي. وهذا ليس بصحيح ، لأنّه يلزمهم على هذا أن يمنعوه الصرف إذا دخلت عليه تاء التأنيث ، نحو : «صياقلة» و «جحاجحة» ، فإنّه لا يجمع.

والصحيح أن تقول : سمّي جمعا لا نظير له في الآحاد لأنّه ليس في الآحاد على وزنه ، ولا يجمع.

وهذا الجمع يمنع الصرف لأنّه يقوم مقام علّتين ، فإن سميّت به امتنع الصرف للتعريف وشبه العجمة ، وأشبه العجمة لأنّه دخل في الآحاد مثلما دخل الأعجمي في كلام العرب.

فإن نكّرته ، كان فيه الخلاف الذي تقدم في «أحمر». هذا حكم ما لم يكن معتل اللام. فإن كان معتل اللام ، فلا يخلو أن يكون معرّفا بالألف واللام ، أو بالإضافة ، أو نكرة.

فإن كان معرّفا بالألف واللام ، أو بالإضافة ، فإنّه ينصرف في حال الرفع والخفض ، ويمتنع الصرف في حال النصب مثل : «جواري» وشبهه. وإنّما صرف في حال الرفع والخفض ، لأنّه كان في الأصل «جواري» ، فاستثقلت الضمة في الياء مع ثقل البناء ، فحذفت الياء رأسا لاجتماع الأثقال ، فلما حذفت الياء دخل التنوين لنقصان البناء ، وليكون عوضا من المحذوف.

والدليل على أنّه كالعوض أنّك لا تحذف هذه الياء في حال الرفع والخفض مع الإضافة ، ولا مع الألف واللام ، لأنّه ليس لك ما تعوضه من الياء لذهاب التنوين.

فإن قيل : ينبغي على هذا أن تحذف الياء من «يرمي» لثقل الضمة في الياء مع ثقل الفعل ، وإذا حذفت من الجمع لشبهه بالفعل فالأحرى أن تحذف مع الفعل. فالجواب : إنّ الفعل لم تحذف منه الياء لئلا يلتبس المرفوع بالمجزوم على أنّهم قد حذفوا مع ما فيه من اللبس ، فقالوا في «يرمي» : «يرم» ، وعلى ذلك قراءة من قرأ : (ما كُنَّا نَبْغِ)(١) ، (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ)(٢).

__________________

(١) سورة الكهف : ٦٤.

(٢) سورة الفجر : ٤.

٣٣٩

وأمّا في النصب فالفتحة خفيفة فلا تستثقل.

في مذهب الزجاجي أن التنوين جعل عوضا من الحركة المحذوفة من ياء «جوار» في الرفع والخفض للاستثقال ، ثم عوض التنوين من الحركة ، فاجتمع ساكنان : التنوين والياء ، فحذفت الياء لالتقاء الساكنين ، فصار : «جوار».

وهذا الذي ذهب إليه فاسد ، لأنّ التنوين حرف ، فينبغي أن يكون عوضا من حرف ، لأنّ عوض الحرف من الحرف قد ثبت ولم يثبت عوض الحرف من الحركة ، وأيضا فإنّه يلزمه أن يعوض تنوينا في «يرمي» بابه من الحركة المحذوفة.

فإن قيل : الفعل لا يدخله تنوين ، فلذلك لم يجز تعويض التنوين منه. فالجواب : إنّ هذا الجمع بمنزلة الفعل في أنّه لا يدخله التنوين لا في معرفة ولا في نكرة ، وبعض العرب إذا حذف الياء صيّر الإعراب على ما قبله ، وعليه قوله [من الرجز] :

٥٩٤ ـ لها ثنايا أربع حسان

وأربع فثغرها ثمان

وقد قرىء : (وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ)(٢) ، بضم الراء.

قوله : ومنها المعدول في العدد ... الفصل.

لا يعدل في العدد إلّا إلى «مفعل» أو «فعال» ، والذي يسمع من العدل على «مفعل» : «مثنى» و «موحد» ، وعليه قوله [من الطويل] :

٥٩٥ ـ [ولكنّما أهلي بواد أنيسه]

ذئاب تبغّى الناس مثنى وموحد

__________________

٥٩٤ ـ التخريج : الرجز بلا نسبة في خزانة الأدب ٧ / ٣٦٥ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٢٧٤ ؛ ولسان العرب ٤ / ١٠٣ (ثغر) ، ١٣ / ٨١ (ثمن).

الإعراب : لها : جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر. ثنايا : مبتدأ مرفوع. أربع : نعت «ثنايا» مرفوع. حسان : نعت «ثنانيا» مرفوع. وأربع : «الواو» : حرف عطف ، «أربع» : معطوف على «أربع». فثغرها : «الفاء» : استئنافيّة ، «ثغرها» : مبتدأ مرفوع ، وهو مضاف ، و «ها» : ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. ثمان : خبر المبتدأ مرفوع.

وجملة «لها ثنايا» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «ثغرها ثمان» : استئنافية لا محل لها.

الشاهد : قوله : «ثمان» حيث حذف ياء «ثماني» رغم إفرادها ، جاعلا إعرابها على النون.

(١) سورة الرحمن : ٢٤.

٥٩٥ ـ التخريج : البيت لساعدة بن جؤية الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص ١١٦٦ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٣٥ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٤٢ ؛ والكتاب ٣ / ٢٢٥ ، ٢٢٦ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٣٥٠ ؛

٣٤٠