شرح جمل الزجّاجى - ج ٢

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

شرح جمل الزجّاجى - ج ٢

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-2263-0

الصفحات: ٥٩٧

باب الفصل ويسميه الكوفيون العماد

الفصل هو وضع ضمائر الرفع المنفصلة بين المبتدأ والخبر بشرط أن يكون المبتدأ والخبر معرفتين ، أو يكونا مقاربين للمعرفتين.

والذي يقارب المعرفة : «أفضل من» ، ونحوه مما لا يقبل الألف واللام ويسميه أهل البصرة فصلا وأهل الكوفة عمادا ، وإنّما يسميه أهل الكوفة عمادا لأنه يعتمد عليه في الفائدة ، وذلك أنّه يتبيّن أنّ الثاني ليس بتابع للأول. فإن قيل : إنّك إذا قلت : «أنت القائم» ، معلوم أنّ الثاني ليس بصفة للأول. فالجواب : إنّه لما اضطر إليه في موضع من المواضع يحمل سائر الباب عليه ، كما أنّ العرب لما حذفت الواو من «يعد» لعلة ، حملوا «أعد» و «نعد» عليه وإن لم تكن فيه تلك العلة.

وتسمية أهل البصرة له فصلا خلافا لما سماه أهل الكوفة ، لأنّ الفصل عندنا هو البيان ، أو لأنّه قد فصل بين المبتدأ والخبر. ولا يحتاج على هذا أن تقول : إنّ بعض هذا الباب محمول على بعض.

وأيضا فإنّهم يستغنون عنه بالبدل والتأكيد ، فاستغناؤهم عنه بالتأكيد دليل على أنّه أريد به التأكيد مع تبيّن أنّ الثاني ليس بتابع للأول.

واختلف النحويون في هذه الضمائر ، فأكثرهم على أنّها حروف في معنى الضمائر

١٦١

تخلصت للحرفية ، كما أنّهم يخلّصون الكاف التي في نحو «ضربك» ، للخطاب مع أسماء الإشارة في نحو ذلك ، فتصير حرفا.

وزعم الخليل ، رحمه‌الله ، أنّها أسماء لا تنتقل عن الاسمية ولا موضع لها من الإعراب. والصحيح أنها حروف لأنّ أسماء لا موضع لها من الإعراب لم توجد في كلامهم.

ومن النحويين من زعم أنّها أسماء ولها موضع من الإعراب. وذلك فاسد لما يبيّن بعد إن شاء الله تعالى.

واعلم أنّ الضمائر المنفصلة لا يخلو أن تقع بعدها الأسماء في هذا الباب أو في غيره. فإن وقعت في غير هذا الباب ، فلا يخلو أن يكون الأول ظاهرا أو مضمرا. فإن كان مضمرا ، لم يجز في الضمير عندنا إلّا أن يكون بدلا إن كان على حسب إعراب الأول. فإن كان تأكيدا كان الضمير على صيغة المرفوع أبدا ، ولم يتغيّر بحسب ما يكون تأكيدا له. وإنّما كان البدل على حسب إعراب الأول ، لأنّه في تقدير أن يلي العامل ، لأنّ الضمير إذا ولي العامل ، اختلفت صيغته بالنظر إلى الرفع والنصب والخفض. وأما التأكيد فاختاروا فيه تغيير صيغة المؤكّد عن تغيير صيغته في نفسه ، لأنّ التأكيد من كمال الكلام الذي يكون فيه ، ولم يفعلوا ذلك في البدل لأنه على تقدير استئناف عامل آخر ، فليس هو إذن من كمال الكلام الذي يكون فيه ، فتغيّرت صيغته إذا لم يكن له ما يقوم مقام ذلك.

فإن كان مظهرا ، لم يجز إلّا البدل ويكون على حسب إعراب الأول ، ولا يجوز التأكيد لأنّه أعرف من الأول فلا يتبعه على طريقة التأكيد ، لأنّ التأكيد يشبه النعت وقد تقدم فيما يشبهه.

وأيضا فإنّه لا يتصور فيه أن يكون تأكيدا لفظيّا ولا معنويّا ، لأنّ لفظ المضمر مخالف للفظ المظهر ، ولأنّ التأكيد المعنويّ بألفاظ محصورة.

فإن وقع المضمر بعد الاسم في هذا الباب ، فلا يخلو من أن يكون الاسم ظاهرا أو مضمرا. فإن كان مضمرا ، فإن حكمه حكم المضمر في غير هذا الباب ، ويجوز أن يكون فصلا.

والضمير لا يخلو من أن يكون بين المبتدأ والخبر ، أو بين ما أصله المبتدأ والخبر.

١٦٢

فإن وقع بين المبتدأ والخبر ، فلا يخلو أن يكون المبتدأ اسما ظاهرا أو مضمرا ، فإن كان المبتدأ مضمرا ، جاز في الضمير أربعة أوجه ، وذلك نحو قولك : «أنت أنت القائم» ، يجوز لك أن تجعل الثاني مبتدأ ، أو تأكيدا ، أو بدلا ، أو فصلا. فإن كان المبتدأ اسما ظاهرا ، نحو قولك : «زيد هو القائم» ، فيجوز فيه أن يكون بدلا ، أو مبتدأ ، أو فصلا.

فإن وقع بعد ما أصله المبتدأ والخبر ، فلا يخلو من أن يكون في باب «كان» أو في باب «إنّ» أو في باب «ظننت». فإن كان في باب «كان» ، فلا يخلو من أن يكون اسم «كان» ظاهرا أو مضمرا ، فإن كان ظاهرا ، فلا يخلو من أن يكون ما بعده مرفوعا أو منصوبا. فإن كان ما بعده مرفوعا ، فالضمير مبتدأ وما بعده خبره والجملة في موضع خبر «كان». فإن كان ما بعده منصوبا ، فلا يجوز فيه إلّا البدل والفصل خاصة.

فإن كان اسم «كان» مضمرا ، فلا يخلو أن يكون ما بعده مرفوعا أو منصوبا. فإن كان ما بعده مرفوعا ، فالضمير مبتدأ وما بعده خبره ، والجملة في موضع خبر «كان». فإن كان ما بعد الضمير منصوبا ، فلا يجوز إلّا البدل والفصل خاصة ، ولا يجوز الرفع على الابتداء ، لأنّه ليس له خبر.

فإن كان في باب «إنّ» ، فلا يخلو من أن يكون اسم «إنّ» ظاهرا أو مضمرا. فإن كان ظاهرا ، فيجوز في الضمير الرفع على الابتداء وما بعده خبره ، والجملة في موضع الخبر لـ «إنّ». ويجوز أن يكون فصلا خاصة ، ولا يجوز أن يكون بدلا لأنّ البدل على حسب إعراب الأول ، ولا يجوز أن يكون تأكيدا لأنّ الظاهر لا يؤكّد بالضمير.

فإن كان الاسم مضمرا ، فيجوز في الضمير الرفع على الابتداء وما بعده خبره ، والجملة في موضع الخبر لـ «إنّ» ، ويجوز أن يكون تأكيدا ، ويجوز أيضا أن يكون فصلا ، ولا يجوز أن يكون بدلا ، لأنه ليس على حسب إعراب الأول.

فإن كان في باب «ظننت» ، فلا يخلو من أن يكون المفعول الأول ظاهرا أو مضمرا. فإن كان مضمرا ، فلا يخلو من أن يكون ما بعد الضمير مرفوعا أو منصوبا. فإن كان ما بعده منصوبا ، فيجوز في الضمير الفصل والتأكيد خاصة ، ولا يجوز أن يكون مبتدأ لأنه ليس له خبر ، ولا يجوز أن يكون بدلا لأنه ليس على حسب إعراب الأول.

فإن كان المفعول الأول ظاهرا ، فلا بدّ من أن يكون ما بعد الضمير مرفوعا أو منصوبا. فإن كان مرفوعا فالضمير مرفوع على الابتداء ، وما بعده خبره ، والجملة في موضع

١٦٣

المفعول الثاني لـ «ظننت». فإن كان ما بعده منصوبا ، فلا يجوز إلّا الفصل خاصة. وهنا تتبيّن الفصلية. ولا يجوز الرفع على الابتداء لأنّه ليس له خبر ، ولا يجوز البدل ، لأنّ البدل على حسب إعراب الأول ، ولا يجوز التأكيد لكون الظاهر لا يؤكّد بالمضمر ، لأنه يخرج عن قياس التأكيد ، فلا بدّ من الفصلية.

وينبغي أن يكون الضمير في الفصل على حسب الأول من غيبة أو خطاب أو تكلم ، فإنّ فيه ضربا من التأكيد كما تقدم ، ولذلك استغنى به عنه ، فأمّا قوله [من الوافر] :

٤٩٣ ـ وكائن بالأباطح من صديق

يراني لو أصبت هو المصابا

ففصل بين المفعول الأول من «يراني» وهو ضمير المتكلم ، وبين المفعول الثاني وهو المصاب بـ «هو» و «هو» ضمير غائب ، وليس من جنس ضمير المتكلم ، فيتخرّج على حذف مضاف ، كأنّه في الأصل : يرى مصابي هو المصاب ، ثم حذف المضاف ، وهو «مصاب» الأول ، وأقام المضاف إليه مقامه ، وهو ضمير المتكلم ، فقال : «يراني» ، ثم حكم الضمير المتكلّم بحكم ما قام ، فعامله معاملة الغائب ، كما قال الله تبارك وتعالى : (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ

__________________

٤٩٣ ـ التخريج : البيت لجرير في خزانة الأدب ٥ / ٣٩٧ ، ٤٠١ ؛ والدرر ١ / ٢٢٤ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٠٠ ؛ وشرح شواهد المغني ص ٨٧٥ ؛ ولم أجده في ديوانه ، وهو بلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص ٦٦٢ ؛ وخزانة الأدب ٤ / ٥٣ ، ٥ / ١٣٩ ؛ ورصف المباني ص ١٣٠ ؛ وشرح الأشموني ٣ / ٦٣٩ ؛ وشرح المفصل ٣ / ١١٠ ، ٤ / ١٣٥ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٦٨ ، ٢٥٦ ، ٢ / ٧٦.

اللغة : الأباطح : ج أبطح ، هو السيل كثير الرمل والحصى مائله.

المعنى : أي رجل على هذه الأرض يرى في مصابي مصابا له ، فالذين يعرفوني كثر.

الإعراب : وكائن : «الواو» : بحسب ما قبلها ، «كائن» : اسم تكثير بمعنى «كم» مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. بالأباطح : جار ومجرور متعلقان بحال محذوفة. من صديق : «من» : حرف جر زائد ، «صديق» : اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه تمييز لـ «كائن». يراني : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر ، و «النون» : للوقاية ، و «الياء» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به ، و «الفاعل» : ضمير مستتر جوازا تقديره هو. لو : حرف امتناع لامتناع. أصبت : فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. هو : ضمير منفصل لا محل له من الإعراب. المصابا : مفعول به ثان منصوب بالفتحة ، و «الألف» : للإطلاق.

وجملة «وكائن بالأباطح .. يراني» : بحسب الواو. وجملة «يراني» : في محل رفع خبر. وجملة «لو أصبت» : اعتراضية لا محل لها. وجملة «أصبت» : فعل شرط لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «أصبت هو المصابا» حيث وقع الضمير (هو) للفصل بين ضمير الغائب ، وضمير المتكلم.

١٦٤

أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ)(١). فأعاد الضمير الذي للجمع وهو «هم» ، على «قرية» لقيامها مقام الأهل لأنّه في الأصل : وكم من أهل قرية ، ثم حذف المضاف ، وهو الأهل ، وأقيم المضاف إليه مقامه ، وهو القرية ، ثم حكم له بحكم ما قام مقامه.

__________________

(١) سورة الأعراف : ٤.

١٦٥

باب الإضافة

[١ ـ الإضافة المحضة وغير المحضة] :

اعلم أنّ الخفض لا يكون إلّا بحروف الجرّ ، وقد تقدّم ذكرها ، أو بتبع مخفوض ، وقد تقدّم ذلك في باب ما يتبع الاسم في إعرابه ، أو بإضافة ، وهي تنقسم قسمين : محضة وغير محضة.

فغير المحضة هي التي لا يكتسب المضاف بها من المضاف إليه تعريفا إن أضيف إلى معرفة ، ولا تخصّصا إن أضيف إلى نكرة.

والمحضة هي عكس ذلك.

فغير المحضة محصورة في أبواب منها اسم الفاعل والمفعول والأمثلة إذا أضيفت إلى المفعول ، وهي بمعنى الحال والاستقبال. وإنّما قلنا : «بشرط أن تكون مضافة إلى المفعول» ، تحرّزا من إضافتها إلى غير مفعولها ، نحو : «ضارب القاضي» ، لأنّ هذا أيضا إضافته محضة ، لأنّك لا تريد بها : الذي ضرب القاضي ، بل الذي يضرب للقاضي لا يضربه نفسه ، وكذلك قوله [من البسيط] :

٤٩٤ ـ ألفيت كاسبهم في قعر مظلمة

فاعف عليك سلام الله يا عمر

__________________

٤٩٤ ـ التخريج : البيت للحطيئة في ديوانه ص ١٦٤ ؛ ولسان العرب ٢ / ٥٣٢ (طلح) ؛ وتاج العروس ٦ / ٥٨٦ (طلح).

اللغة : كاسبهم : الذي يكسب لهم. المظلمة : السجن.

١٦٦

كأنّه قال : ألقيت الذي يكسب لهم لا الذي يكسبهم.

والصفة المشبهة باسم الفاعل ، وغيرك ، وشبهك ، ومثلك ، وخدنك ، وتربك ، وهدّك ، وكفؤك ، وفيه لغات يقال : كفؤ ، وكفو ، وكفاء ، وحسبك ، وشرعك ، وقدك ، وناهيك من رجل ، وقيد الأوابد ، وعبر الهواجر ، وواحد أمّه ، وعبد بطنه.

وهذا كله لا خلاف أنّ إضافته غير محضة. والذي فيه خلاف إضافة الموصوف إلى صفته ، مثل «مسجد الجامع» ، و «صلاة الأولى» ، و «دار الآخرة» ، وإضافة الصفة إلى موصوفها ، نحو قوله تعالى : (جَدُّ رَبِّنا)(١). أي : ربّنا الجدّ ، أي : العظيم ، فقدمت الصفة ، وأضيفت إلى موصوفها ، ومنه قول الشاعر :

يا قرّ إنّ أباك حيّ خويلد

 ... (٢)

أراد : خويلد الحيّ ، فقدّم الصفة وأضافها إلى موصوفها. وإضافة «أفضل» ، فمنهم من قال : إضافة هذا غير محضة ، واستدلّ بأنّ فيه إضافة الشيء إلى نفسه ، وإضافة الشيء إلى نفسه لا تعرف ولا تخصص ، وهذا عندنا ليس من إضافة الشيء إلى نفسه ، لأنّه يتخرّج على أن يكون قولك : «صلاة الأولى» ، معناه : صلاة الساعة الأولى ، وكذلك «مسجد الجامع» معناه : مسجد الوقت الجامع ، وكذلك «دار الآخرة» معناه : دار الإقامة الآخرة» ،

__________________

المعنى : يستعطف الحطيئة الخليفة عمر بن الخطاب الذي رماه في السجن بسبب هجائه ، ويطلب عفوه لأنه معيل أسرته وأولاده.

الإعراب : ألقيت : فعل ماض مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. كاسبهم : مفعول به منصوب بالفتحة ، و «هم» : ضمير متصل في محل جر مضاف إليه. في قعر : جار ومجرور متعلقان بـ (ألقيت). مظلمة : مضاف إليه مجرور بالكسرة. فاعف : «الفاء» : استئنافية ، «اعف» : فعل أمر مبني على حذف حرف العلّة ، والضمة دلالة على الواو المحذوفة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنت). عليك : جار ومجرور متعلقان بخبر مقدّم محذوف. سلام : مبتدأ مرفوع بالضمّة ، خبره محذوف تقديره (سلام حالّ عليك). الله : لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور بالكسرة. يا : حرف نداء. عمر : منادى مفرد علم ، مبني على الضمّ في محلّ نصب مفعول به لفعل النداء المحذوف.

وجملة «ألقيت» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «فاعف» : استئنافية لا محلّ لها. وجملة «سلام الله عليك» : اعتراضية لا محلّ لها ، وجملة «يا عمر» : استئنافية لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «كاسبهم» فالإضافة هنا إلى غير مفعولها فهو لا يكسبهم بل يكسب لهم.

(١) سورة الجن : ٣.

(٢) تقدم بالرقم ١٠٥.

١٦٧

فحذف الموصوف ، وأقيمت الصفة مقامه في ذلك كله.

وأما إضافة الصفة إلى موصوفها ، فيتخرّج على أن لا يكون فيه إضافة الشيء إلى نفسه ، بل يجعل الاسم مضافا إلى المسمى ، فكأنّ قوله تعالى : (جَدُّ رَبِّنا)(١) : عظيم هذا اللفظ الذي هو ربّنا ، كما قالوا : «هو ذو زيد» ، أي : صاحب زيد الذي هو هذا اللفظ. وكذلك يتخرج قوله : «إنّ أباك حيّ خويلد» : إنّ أباك صاحب هذا اللفظ الذي هو خويلد.

وأما «أفعل» التي للمفاضلة ، فاستدلّ الذي زعم أنّ إضافتها غير محضة بأنّك إذا قلت : «مررت برجل أفضل القوم» ، تصف بها النكرة فنعتّ «رجل» بـ «أفضل» القوم دليل على أنّ إضافتها غير محضة إذ لو كانت معرفة لم يجز ذلك. والذي زعم أنّ إضافتها محضة ، خرّج ذلك على البدل ، فيكون من بدل المعرفة بالنكرة ، وذلك باطل ، لأنّ البدل بالمشتق يقل ، وذلك أنّ البدل في نيّة استئناف عامل فهو في التقدير يلي العامل ، والصفة المشبهة لا تلي العامل إلّا بشروط وليس هذا مما فيه الشروط.

وكون العرب تقول : «مررت برجل أفضل القوم» ، كثيرا دليل على أنّه نعت وليس ببدل ، إذ لو كان بدلا لما كان ذلك كثيرا ، فثبت أنّ إضافتها غير محضة ، وهو مذهب سيبويه ، رحمه‌الله.

وأما اسم الفاعل ، واسم المفعول ، والأمثلة ، والصفة المشبهة فلم تتعرّف بالإضافة ، لأنها إضافة من نصب ، والنية بها الانفصال.

ولم يتعرّف «واحد أمّه» و «عبد بطنه» لأنّهما في معنى : واحد تم بطنه وتارك أمّه ، ولم يتعرّف «أفعل» التي للمفاضلة ، لأنّها تتقدر بالفعل والمصدر ، وكلاهما نكرة. ولم يتعرّف «قيد الأوابد» ، و «عبر الهواجر» لأنّهما من قبيل أسماء الفاعلين ، بمعنى الحال والاستقبال ، لأنّ معنى «عبر الهواجر» : عابرة الهواجر ، ومعنى «قيد الأوابد» : مقيّد الأوابد.

وأمّا «غيرك» و «شبهك» ، و «مثلك» ، وأخواتها ففيها خلاف. فزعم الأخفش أنّ الذي أوجب لها أن لا تتعرّف أنّ الأسماء في أول أحوالها نكرات ، ثم يدخلها بعد ذلك التعريف بالألف واللام ، نحو : «الرجل» و «الفرس» ، أو بالإضافة ، نحو : «غلام الرجل» ، أو بالعلمية ، نحو : «زيد» و «عمرو» ، فإنّهما كانا قبل أن يسمّى بهما نكرات ، ثم تعرفا بعد ذلك

__________________

(١) سورة الجن : ٣.

١٦٨

بالعلمية ، و «غيرك» وأخواته استعملت في أول أحوالها مضافات ، وكانت لذلك نكرات ، والدليل على أنّها استعملت في أول أحوالها مضافات أنّه لا يجوز «مثل لك» ، ولا «غير لك» ، ولا «شبه» ، وكذلك سائرها.

فأمّا «شبيهك» فمعرفة وحده لأنّه لم يستعمل في أول أحواله مضافا. والدليل على ذلك أنّهم يقولون : «شبيه بك» ، وهذا حسن جدا.

وزعم المبرّد أنّ الذي منع من تعريفها بالإضافة إلى المعرفة أنّها بمعنى اسم الفاعل بمعنى الحال والاستقبال ، ألا ترى أنّ «غيرك» بمعنى : «مغايرك» و «مثلك» بمعنى : «مماثلك» ، و «شبهك» بمعنى : «مشابهك» ، فكما أنّ اسم الفاعل بمعنى الحال والاستقبال لا يتعرّف بالإضافة ، فكذلك ما في معناه. وأما «شبيهك» فيتعرّف عنده بالإضافة ، لأنّ «فعيلك» للمبالغة فدخله لذلك معنى الذي عرف بـ «شبيهك» ، لأنّه إذا كثر شبه شخص بآخر صار معروفا بذلك ، فلما دخله معنى المضيّ تعرّف بالإضافة ، لأنّ اسم الفاعل إذا كان بمعنى المضيّ يتعرّف بالإضافة. وهذا التعليل حسن جدا.

وزعم أبو بكر بن السراج أنّ هذه الأسماء لا تكون نكرة أبدا ، بل تكون حسب المعنى ، فإن كان المغاير أو المماثل أكثر من شخص واحد ، كانت نكرة ، نحو : «مررت برجل مثلك وغيرك وشبهك». ألا ترى أنّ «غيرك» و «شبهك» و «مثلك» لا ينحصر كثيره.

وإن كان المغاير أو المماثل أو المشابه واحدا ، كانت معرفة ، نحو : «الساكن غير المتحرّك» ، ألا ترى أنّ «غير المتحرك» شيء واحد ، وهو الساكن. ومن ذلك قوله تبارك وتعالى : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ)(١). فـ «غير المغضوب» عنده معرفة ، لأنّه نعت للذين ، وهو معرفة ، وصار معرفة عنده لأنّ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) صنف واحد وهم الذين أنعم الله عليهم. وهذا الذي استدلّ به لا حجة فيه ، لأنّه يحتمل أن يكون (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) نكرة بدلا من «الذين». وهذا أيضا فاسد من طريق القياس ، لأنّه لا يلزم من كون المماثل والمغاير أكثر من واحد أن يكون «غيرك» ، و «مثلك» نكرة ، بل كان ينبغي أن لا يقع إلا مغايرا أو مماثلا لواحد معهود من بينهم ، فإن أردت مماثلا أو مغايرا أو مشابها غير معهود قلت : «غير لك» ، أو «مثل لك ، أو «شبه لك» ، ألا ترى أنّك إذا قلت :

__________________

(١) سورة الفاتحة : ٧.

١٦٩

«جاءني غلام زيد» ، و «كان لزيد غلمان كثيرة» لم يتناول منهم قولك : «غلام زيد» إلّا واحدا معهودا عند المخاطب ، فإن أردت غلاما واحدا من غلمان زيد غير معهود ، قلت : «جاءني غلام لزيد» ، فكذلك ينبغي أن يكون «غيرك» و «مثلك».

وكذلك أيضا لا يلزم من كون المماثل أو المغاير واحدا أن يكون معرفة ، ألا ترى أنّ الشمس واحدة في الوجود وكذلك القمر ، وأنت إذا قلت : «شمس وقمر» ، كانا نكرتين ، فدلّ ذلك على أنّ كون الشيء مفردا في الوجود لا يلزم منه أن يكون اللفظ الواقع عليه معرفة.

وما عدا هذا فإضافته محضة ، وهي مع ذلك تنقسم قسمين : إضافة بمعنى اللام وإضافة بمعنى «من». وزاد أهل الكوفة قسما ثالثا ، وهي إضافة بمعنى «عند» ، واستدلّوا على صحة مذهبهم بقول العرب : «ناقة رقود الحلب» ، قالوا : معناه رقود عند الحلب. وهذا باطل ؛ لأنّه يمكن أن يكون ذلك من باب الصفة المشبّهة باسم الفاعل ، وكأنّه قال أولا : «رقود الحلب» ، مثل «حسن الوجه» ، فيكون في اللفظ للأول وفي المعنى للثاني ، وكأنّ أصلها : هذه ناقة رقود حلبها ، وإنّما وصف الحلب بأنّه رقود لما كان الرّقاد عنده ، فجعل «رقودا» مبالغة ، قال الله تعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ)(١). والليل والنهار لا يمكران وإنّما يمكر فيهما ، فجعلا ماكرين لذلك مبالغة ، وهذا كثير في كلام العرب.

فالإضافة بمعنى «من» هي إضافة البعض إلى الكلّ بشرط أن يصدق على البعض اسم الكلّ ، نحو : «خاتم حديد». ألا ترى أنّ الخاتم يصدق عليه اسم الحديد. وقوله : بشرط أن يصدق على البعض اسم الكل ، تحرز من مثل : «يد زيد» ، لأنها إضافة بعض إلى كلّ ولا يصدق على «اليد» زيد ، فهي بمعنى اللام والإضافة بمعنى اللام ما عدا ذلك.

[٢ ـ حذف التنوين] :

ويحذف التنوين من الإضافة المحضة وغير المحضة ، لأنّ التنوين يدل على انفصال الاسم وكماله ، والإضافة تدلّ على اتصال الاسم ، فتناقض معناهما. ويحذف من الإضافة

__________________

(١) سورة سبأ : ٣٣.

١٧٠

المحضة التنوين من الأول واللام أو «من» من الثاني ، ويخفف التنوين كما ذكرت لك ، وتحذف اللام أو «من» من الثاني ، لأنّ المضاف مع المضاف إليه كالشيء الواحد ، فلو بقي العامل لبقي حشوا بين ما هو كالكلمة الواحدة ، والعامل لا يقع حشو كلمة أبدا.

[٣ ـ عامل الجر في المضاف إليه] :

وفي الاسم المضاف إليه إذا حذف حرف الجر خلاف بم انخفض. فمنهم من زعم أنّه مخفوض بذلك الحرف المحذوف المقدّر. وذلك باطل لأنّ ذلك يؤدّي إلى حذف حرف الجرّ وإبقاء عمله ، وذلك لا يجوز إلّا في ضرورة أو نادر كلام.

ومنهم من زعم أنّه مخفوض بالمضاف لنيابته مناب حرف الجرّ المحذوف ، وهو الصحيح.

[٤ ـ الفصل بين المضاف والمضاف إليه] :

واعلم أنه يجوز الانفصال في جميعها إلّا في «غيرك» وأخواته وما استثنى أبو القاسم في حروف الخفض.

ويجوز في الإضافة بمعنى «من» أربعة أوجه : الإضافة ، والفصل ، والنصب على الحال والتمييز ، والإتباع أقلّها ، لأنّ الإتباع لا يكون في معنى المشتق إلّا قليلا ، والحال يكثر في ذلك.

وإنّما لم يجمع بين الألف واللام والإضافة لئلّا يجمع على الاسم تعريفان ، مثل «الغلام زيد». ولم يجمع بين الإضافة إلى النكرة وبين الألف واللام لئلّا يكون الاسم معرّفا منكرا في حال واحد ، لأنّه يكتسب من المضاف إلى النكرة تخصيصا ومن الألف واللام تعريفا. وإن شئت قلت : لم يجمع بين الألف واللام والإضافة لأنّ الألف واللام يعاقبان التنوين والإضافة ، فكذا لا يجمع بين الألف واللام والإضافة.

١٧١

باب التأريخ

التأريخ ذكر ما بينك وبين شيء متقدّم عليك أو متأخّر عنك من عدد الليالي والأيام ، وذلك أنّك إذا أتيت بعدد واقع على ليال أو أيام ، فلا يخلو من أن تقصد بذلك إعلام قدر ما بينك وبين شيء متقدم عليك أو متأخر ، أو لا تقصد ذلك. فإن لم تقصد ذلك ، فلا بدّ من ذكر مفسر المعدود ، فتقول : «قمت ثلاث ليال أو ثلاثة أيّام» ، ويكون العدد على حسب التمييز من تذكير أو تأنيث ، ولا يجوز حذف التمييز إلّا إذا كان ما يدل عليه.

وإن قصدت بذلك تعريف ما بينك وبين شيء متقدم عليك أو متأخر عنك من الزمان ، فلا يخلو من أن تؤرّخ بالنظر إلى أول سنة أو شهر ، أو بالنظر إلى الليالي والأيام. فإن أرّخت بالنظر إلى الليالي والأيام ، فلا بدّ من ذكر المعدود ، إلّا أن تحذفه إذا كان معك ما يدلّ عليه ، ويكون العدد على حسب التمييز من تذكير أو تأنيث ، فتقول : «فعلت هذا لثلاث ليال خلت ، ولثلاثة أيام مضت».

فإن أرّخت بالنظر إلى شهر أو سنة فلا يخلو من أن تذكر تمييز العدد أو لا تذكر. فإن ذكرت التمييز كان العدد على حسبه من تذكير أو تأنيث ، فتقول : «فعلت هذا لثلاثة أيّام مضت ، ولثلاث ليال خلت من الشهر كذا أو من سنة كذا». فإن لم تذكّر التمييز وأتيت بالعدد خاصة ، فإنك تبنيه على الليالي دون الأيام ، فتقول : «فعلت هذا لثلاث خلت أو بقيت» ، فتحذف منها تاء التأنيث.

واختلف في السبب الموجب لذلك ، فمنهم من قال : إنّما كان ذلك لأنّ أوّل الشهر العربي ليلة ، فلو بقي التاريخ على الأيام دون الليالي ، لسقطت من الشهر ليلة ، فلذلك بني

١٧٢

التأريخ على الليالي دون الأيام ، وغلّب المؤنّث على المذكّر. وهذا المذهب فاسد ، لأنّك إذا أرّخت بالنظر إلى ما تقدّم من الشهر أو من السنة ، وقد علم أنّ الشهر ليلة ، لم يسقط بذلك الليلة الأولى ببنائنا التأريخ على الأيام ، وكما أنّك إذا بنيت التأريخ على الليالي فمعلوم أنّ مع كل ليلة يوما ، فكذلك إن بنيت التأريخ على الأيام لكان معلوما أنّ مع كلّ يوم ليلة ، لأنّك لا تريد أن تعرف القدر الذي بينك وبين المؤرخ بالنظر إلى أول الشهر أو السنة من الليالي والأيام ، وإنّما بني التأريخ على أحدهما فالآخر تابع له.

وليس بناؤهم التأريخ على الليالي من قبيل تغليب المؤنث على المذكر ، لأنّ التغليب إنّما هو أن يجتمع المذكّر والمؤنّث ، فيغلّب أحدهما على الآخر ، وإنّما هذا من باب الاستغناء بالمؤنّث عن المذكّر.

ومنهم من قال إنّما غلّب المؤنّث على المذكّر ، لأنّ المؤنّث في التأريخ قبل المذكر ، لأنّ أول الشهر العربي ليلة ، وإنّما غلّب المذكر على المؤنّث لأنّه أسبق منه ، فلما كان المؤنث في هذا الباب قبل المذكر ، غلّب عليه. وهذا فاسد ، لأنّه قد تقدم أنّ هذا ليس من باب التغليب ، وإنّما هو من باب الاستغناء بالمؤنّث عن المذكّر.

ومنهم من قال : إنّما بني التأريخ على الليالي دون الأيام ، لأنّ أول الشهر ليلة كما تقدم ، فإذا أرخّت ولم يمض من الشهر إلّا ليلة أرخت بها ، فلما ثبّت التاريخ بالليلة الأولى بني التاريخ فيما بقي على الليالي دون الأيام ، ليكون التأريخ عن جهة واحدة. وهذا حسن جدا.

وقد يتصور أن يكون التأريخ إنّما بني على الليالي دون الأيام ، لأنّ عدد المؤنّث أخفّ من عدد المذكّر ، لأنّ عدد المؤنّث لا علامة فيه للتأنيث وعدد المذكر لا بدّ فيه من علامة ، فلما كان عدد المؤنّث أخفّ بني التاريخ عليه. فإذا زاد العدد على عشرة استوى المذكّر والمؤنّث ، فبني التأريخ على الليالي إذ كان قد بني عليها فيما دون العشرة للعلّة التي ذكرت لك.

وأعني بقولي : «استوى عدد المذكّر والمؤنّث» ، أن تقع علامة التأنيث في آخر العدد المركّب إن بنيت على التأنيث ، فتقول : «ثلاث عشرة» ، وتقع في آخر الاسم الأول إن بنيت على التذكير ، فتقول : ثلاثة عشر ، فلما استوى في الثقل بني على التأنيث ، لما كان قد حمل فيما دون العشرة عليه.

١٧٣

وأما قول العرب : «سار خمس عشرة بين يوم وليلة» ، فيتصوّر فيه وجهان : أحدهما أن يريد أنّ «الخمس عشرة» فيها ليال وأيام ، فيكون من باب التغليب. والآخر أنّ «الخمس عشرة» ليال كلّها لكن يتبعها من الأيام عدّتها فيكون قولهم : «بين يوم وليلة» تأكيدا من طريق المعنى ، أو يكون أوقع العدد على المدّة ، فجعل اليوم والليلة مدّة ، فقال : خمس عشرة مدة ، ثم فسّر فقال : من بين يوم وليلة ، فيكون هذا من باب الاستغناء.

وإذا ذكرت تمييز العدد ، فلا يخلو من أن يكون مفردا أو مجموعا. فإن كان مفردا فالأولى أن تقول : «خلت» أو «بقيت» ، حملا على لفظ التمييز ، ويجوز «خلون» و «بقين» على المعنى ، كما قال الشاعر [من الكامل] :

٤٩٥ ـ فيها اثنتان وأربعون حلوبة

سودا كخافية الغراب الأسحم

فحمل سودا على المعنى.

وكذلك : «كتبت هذا الكتاب لعشرين يوما خلا» ، حملا على اللفظ ، ويجوز : «خلون» قليلا ، و «خلت» ، كثيرا ، فيكون حملا على المعنى.

وإن كان جمعا ، جاز فيه وجهان : أحدهما أن تخبر عنه إخبار الواحدة المؤنثة ، وذلك

__________________

٤٩٥ ـ التخريج : البيت لعنترة في ديوانه ص ١٩٣ ؛ والحيوان ٣ / ٤٢٥ ؛ وخزانة الأدب ٧ / ٣٩٠ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٤٨٧ ؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٣ / ٦٢٥ ؛ وشرح المفصل ٣ / ٥٥ ، ٦ / ٢٤.

اللغة والمعنى : الحلوبة : أي المحلوبة ؛ ويقال : ناقة حلوب وحلوبة. الخافية : جمعها الخوافي ، وهي ريشات إذا ضمّ الطائر جناحيه خفيت. الأسحم : الأسود.

يقول : في حمولتها اثنتان وأربعون ناقة تحلب ، سود كخوا في الغراب الشديد السواد. وقد ذكر سوادها دون سائر الألوان لأنّها أعزّ النوق وأنفسها.

الإعراب : فيها : جار ومجرور متعلّقان بمحذوف خبر مقدّم. اثنتان : مبتدأ مؤخّر مرفوع بالألف لأنّه ملحق بالمثنّى. وأربعون : الواو : حرف عطف ، أربعون : اسم معطوف على «اثنتان» مرفوع بالواو لأنّه ملحق بجمع المذكّر السالم. حلوبة : تمييز منصوب. سودا : نعت «حلوبة» ، أو حال من العدد «اثنتان وأربعون» ، أو حال من «حلوبة». كخافية : جار ومجرور متعلّقان بمحذوف صفة لـ «سودا» ، وهو مضاف. الغراب : مضاف إليه مجرور. الأسحم : نعت «الغراب».

وجملة (فيها اثنتان ...) الاسميّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها ابتدائيّة أو استئنافيّة.

والشاهد فيه قوله : «سودا» وهو نعت لـ «حلوبة» روعي فيها المعنى.

١٧٤

قليل جدا ، فتقول : «لثلاث ليال خلت وبقيت». والآخر أن تخبر عنه إخبار جماعة المؤنّث وهو الأحسن ، لأنّ النون تعطى التقليل ، فتناسب العدد من الثلاثة إلى العشرة ، قال الشاعر [من الخفيف] :

٤٩٦ ـ خطّ هذا الكتاب في يوم سبت

لثلاث خلون من رمضان

واعلم أنّ الكتّاب اختلفوا في التأريخ. فمنهم من يؤرخ أبدا بما مضى قلّ أو كثر ، فيقول : «كتبت لعشرين ليلة خلت من شهر كذا ، ولثمان وعشرين ليلة خلت من كذا» ، ولا يؤرخ بما بقي لأنّه مجهول ، ألا ترى أن الشهر لا يتحقّق كماله.

ومنهم من يؤرخ بالأقلّ مما بقي أو ممّا مضى ، فإن كان الأقل ما مضى أرّخ به ، وإن كان الأقل ما بقي أرخ به ، فإن تساوى الماضي والباقي جاز التأريخ بأيّهما شئت. ومنهم من يؤرخ بالأقل ممّا مضى أو مما بقي ، فإذا تساويا أرّخ بالماضي. والأحسن ما بدأنا به أولا.

والذي يجيز التاريخ مما بقي منهم من يبني على الكمال ، فيقول : «كتبت هذا لثلاث بقيت أو بقين» ، ومنهم من يذهب مذهب التحقيق ، فيقول : إن بقيت.

__________________

٤٩٦ ـ التخريج : لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.

اللغة : الكتاب : الرسالة.

المعنى : كتبت رسالتي هذه في يوم السبت في الثالث من شهر رمضان.

الإعراب : خطّ : فعل ماض مبني على الفتح ، مبني للمجهول. هذا : اسم إشارة في محلّ رفع نائب فاعل. الكتاب : بدل مرفوع بالضمّة. في يوم : جار ومجرور متعلقان بـ (خطّ). سبت : مضاف إليه مجرور بالكسرة. لثلاث : جار ومجرور بدل من شبه الجملة «من يوم». خلون : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ، و «النون» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. من رمضان : جار ومجرور متعلقان بحال من فاعل «خلون».

وجملة «خطّ» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «خلون» : في محلّ جرّ صفة لـ (ثلاث).

والشاهد فيه قوله : «لثلاث خلون» حيث جاء بالفعل مضافا إلى نون النسوة للإخبار عن الليالي الثلاث.

١٧٥

والغرّة تستعمل في الثلاث الأول من الشهر ، فتقول : «كتبت في غرّة شهر كذا» ، تريد في الثلاث الأول وتفتتح في أول يوم منه.

و «هلال» فيه خلاف ، فمنهم من يجعله مثل الغرّة ومنهم من يجعله في أوّل يوم ، فإن خفي ففي الثاني ، وهو الصحيح ، لأنّه من لفظ «استهلّ» ، ولا يستهل بالهلال إلّا في أول يوم منه ، فإن خفي ففي الثاني.

ولا يسمّى هلالا في هلوك الشهر (١) إلّا مجازا ، كقوله [من الوافر] :

٤٩٧ ـ أرى مرّ السّنين أخذن منّي

كما أخذ السّرار من الهلال

و «المنسلخ» آخر يوم من الشهر ، و «الداديّ» الثلاث الأخيرة من الشهر ، واحدها دأداء ، و «العقب» يقع على ما يقع عليه الغرّة ، فتقول : «جئت في عقب الشهر» إذا جئت بعد ما يمضي. والمنتصف في وسطه. وعقب في الثلاث الأواخر من الشهر فما دونها.

__________________

(١) هلوك الشهر : انقضاؤه.

٤٩٧ ـ التخريج : البيت لجرير في ديوانه ص ٥٤٦ ؛ والدرر ١ / ١٣٥ ؛ وبلا نسبة في لسان العرب ٨ / ٧٣ (خضع) ؛ والمقتضب ٤ / ٢٠٠ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٤٧.

اللغة : السرار : الليلة التي يستتر فيها القمر.

المعنى : إن تتالي السنين ومرورها ، أخذ من قوّتي وشبابي كما أخذت الليالي من البدر فأنقصته حتى امّحى.

الإعراب : أرى : فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الألف للتعذر ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره (أنا). مرّ : مفعول به منصوب بالفتحة. السنين : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. أخذن : فعل ماض مبني على السكون ، و «النون» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. مني : جار ومجرور متعلقان بـ (أخذن). كما : «الكاف» : اسم بمعنى مثل مبني على الفتح في محل نصب صفة لمفعول مطلق محذوف ، «ما» : حرف مصدري. أخذ : فعل ماض مبني على الفتح. السرار : فاعل مرفوع بالضمة. من الهلال : جار ومجرور متعلقان بـ (أخذ) ، والمصدر المؤول من «ما» والفعل «أخذ» مضاف إليه مجرور.

وجملة «أرى» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «أخذن» : في محلّ نصب مفعول به ثان للفعل (أرى). وجملة «أخذ» : صلة الموصول الحرفي لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «أخذ السرار من الهلال» حيث أطلق (الهلال) على القمر في آخر الشهر ، وهذا من المجاز.

١٧٦

باب النداء

[١ ـ تعريف النداء وأحرفه] :

النداء دعاء المخاطب ليصغي إليك. وحروف النداء : يا ، وأيا ، وهيا ، وأي ، والهمزة ، نحو : «أزيد» ، و «وا» ، وزاد أبو الحسن الأخفش «آ» ممدودة ، و «آي» كذلك ، وأما الهمزة فللقريب ، ولا تستعمل في غيره أصلا.

وزعم أبو موسى الجزولي أنّ «أي» : تكون للقريب خاصة ، وذلك باطل لأنّ سيبويه ، رحمه‌الله ، حكى خلاف ذلك. وما عداها للبعيد مسافة أو حكما كالنائم والساهي وأمثالهما. وقد يجوز أن تستعمل للقريب تأكيدا ، وذلك قولهم : «يا ألله» ، لأنّ الله تبارك وتعالى ليس ببعيد.

وأمّ هذا الباب «يا» ، والدليل على ذلك أنّها تستعمل في جميع ضروب النداء ، وما عداها لا يستعمل إلّا في النداء الخالص الذي لا يدخله معنى التعجب ، ولا الندبة ، ولا الاستغاثة ، إلّا «وا» فإنّها لا تستعمل إلّا في الندبة.

[٢ ـ المنادى المعرب والمبنيّ] :

والاسم المنادى لا يخلو من أن يكون معربا أو مبنيا. فإن كان مبنيّا فحكمه بعد النداء كحكمه قبله ، نحو : «يا هذا» ، و «يا هؤلاء».

وإن كان معربا فلا يخلو من أن يكون مفردا ، أو مضافا ، أو مشبّها بالمضاف ، وهو

١٧٧

المطوّل. وسمّي «مطولا» لأنّه قد طال بمعموله ، نحو : «ضاربا زيدا». فإن كان مضافا ، أو مطوّلا ، كان منصوبا بإضمار فعل ، ولا يجوز إظهاره ، ولا يجوز بناؤه. وزعم بعض النحويين أنّ النكرة قد تطول بصفتها. وذلك باطل لأنّه لو كان الأمر كذلك ، للزم أن لا تبنى المعرفة إذا وصفت. وإن كان غير مطوّل ، فلا يخلو من أن يكون معرفة أو نكرة. فإن كان معرفة بني على الضم ، وكان في موضع نصب بإضمار فعل لا يجوز إظهاره. وإن كان نكرة ، فلا تخلو من أن تكون مقبلا عليها ، أو غير مقبل. فإذا كنت مقبلا عليها فهي مبنية على الضم ، كالعلم ، نحو : «يا رجل» ، و «يا فرس». وإن كنت غير مقبل عليها ، فحكمها حكم المضاف.

ومن النحويين من أنكر نداء النكرة غير المقبل عليها ، وزعم أنّه لا يتصوّر نداء إلّا مع إقبال ، وتأوّل جميع ما استشهد به النحويون على صحة ذلك ، فجعل قول الشاعر [من الطويل] :

٤٩٨ ـ لعلّك يا تيسا نزا في مريرة

معذّب ليلى أن تراني أزورها

من نداء النكرة المقبل عليها ، لأنّه يريد شخصا بعينه ، وإنّما نصب لأنّه نوّن في ضرورة

__________________

٤٩٨ ـ التخريج : البيت لتوبة بن الحمير في شرح أبيات سيبويه ١ / ٦٠٣ ؛ والكتاب ٢ / ٢٠٠؟ ونوادر أبي زيد ص ٧٢ ؛ وبلا نسبة في المقتضب ٤ / ٢٠٣.

اللغة : نزا : وثب. المريرة : طاقة الحبل.

الإعراب : لعلّك : حرف مشبه بالفعل ، و «الكاف» : ضمير متصل مبني ، في محل نصب اسم «لعلّ». يا : حرف نداء. تيسا : منادى نكرة مقصودة مبني على الضم ، ونوّن للضرورة. نزا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف والفاعل : ضمير مستتر تقديره : هو. في مريرة : جار ومجرور متعلقان بحال محذوفة من الفاعل. معذّب : خبر «لعل» منصوب بالضمة الظاهرة. ليلى : مفعول به منصوب لاسم الفاعل «معذّب» ، منصوب بالفتحة المقدرة على الألف. أن : حرف مصدرية ونصب. تراني : فعل مضارع منصوب بالفتحة المقدرة على الألف ، و «النون» : للوقاية ، و «الياء» : ضمير متصل مبني ، في محل نصب مفعول به ، والفاعل : ضمير مستتر تقديره : أنت. والمصدر المؤول من «أن» والفعل بعدها في محل جر بحرف جر مقدر ، والتقدير : لرؤيتك إيّاي أزورها. أزورها : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة ، و «ها» : ضمير متصل مبني ، في محل نصب مفعول به ، والفاعل : ضمير مستتر تقديره : أنا.

وجملة «لعلّك ... معذّب ليلى» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «يا تيسا نزا» : اعتراضية لا محل لها. وجملة «أزورها» : في محل نصب حال.

والشاهد فيه قوله : «يا تيسا» حيث نوّن بالنصب المنادى النكرة المقصودة ، والقياس فيه البناء على الضم ، وهذا التنوين ضرورة.

١٧٨

الشعر ، فردّه إلى أصله. وكذلك جعل قول الآخر [من الطويل] :

٤٩٩ ـ أدارا بحزوى هجت للعين عبرة

فماء الهوى يرفضّ أو يترقرق

لأنّه لا يهيج عبرته دار لا يعرفها ، لكنّه نوّن في ضرورة الشعر فردّه إلى أصله ، نحو قول الشاعر [من الخفيف] :

٥٠٠ ـ ضربت صدرها إليّ وقالت

يا عديّا لقد وقتك الأواقي

__________________

٤٩٩ ـ التخريج : البيت لذي الرمّة في ديوانه ص ٤٥٦ ؛ وخزانة الأدب ٢ / ١٩٠ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٨٨ ؛ والكتاب ٢ / ١٩٩ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٢٣٦ ، ٥٧٩ ؛ وبلا نسبة في الأغاني ١٠ / ١١٩ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٤٤٥ ؛ والمقتضب ٤ / ٢٠٣.

شرح المفردات : حزوى : اسم موضع. هجت : حرّكت. العبرة : الدمعة. يرفضّ : يسيل متناثرا. يترقرق : يظهر في العين دون أن ينحدر.

الإعراب : «أدارا» : الهمزة للنداء ، «دارا» : منادى نكرة مقصودة ، منصوب. «بحزوى» : جار ومجرور متعلقان بمحذوف نعت «دارا». «هجت» : فعل ماض ، والتاء ضمير في محلّ رفع فاعل. «للعين» : جار ومجرور متعلّقان بـ «هجت». «عبرة» : مفعول به منصوب. «فماء» : الفاء استئنافية ، «ماء» : مبتدأ مرفوع ، وهو مضاف. «الهوى» : مضاف إليه مجرور. «يرفضّ» : فعل مضارع مرفوع ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : «هو». «أو» : حرف عطف. «يترقرق» : فعل مضارع مرفوع ، وفاعله ضمير مستتر تقديره «هو».

وجملة : «أدارا» ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة : «هجت» استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة : «ماء الهوى ...» استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة : «يرفضّ» : في محلّ رفع خبر المبتدأ. وجملة : «يترقرق» معطوفة على جملة : «يرفضّ».

الشاهد : قوله : «أدارا» حيث نصب المنادى النكرة المقصودة بالنداء ، والقياس فيه البناء على الضمّ ، ومسوّغ نصبه أنه منكور في اللفظ لاتصافه بالمجرور ، ووقوعه موضع صفته ، فكأنّه قال : أدارا مستقرّة بحزوى ، فجرى لفظه على التنكير ، وإن كان مقصودا بالنداء.

٥٠٠ ـ التخريج : البيت للمهلهل بن ربيعة في ديوانه ص ٥٩ ؛ وخزانة الأدب ٢ / ١٦٥ ؛ والدرر ٣ / ٢٢ ؛ وسمط اللآلي ص ١١١ ؛ ولسان العرب ١٥ / ٤٠١ (وقي) ؛ والمقاصد النحويّة ٤ / ٢١١ ؛ والمقتضب ٤ / ٢١٤ ؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص ١٧٧ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٨٠٠ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٤٤٨ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٣٧٠ ؛ وشرح ابن عقيل ص ٥١٧ ؛ وشرح المفصل ١٠ / ١٠ ؛ والمنصف ١ / ٢١٨ ؛ وهمع الهوامع ١ / ١٧٣.

اللغة والمعنى : وقتك : خفظتك. الأواقي : ج الواقية ، وهي الحافظة.

يقول لمّا رأته ضربت صدرها ، ودعت له أن يحفظه الله ، ويقيه من نوائب الدهر ، لأنّ مرآه كان خيرا عليها.

١٧٩

وكذلك قول الآخر [من الوافر] :

ألا يا نخلة من ذات عرق

عليك ورحمة الله السّلام (١)

لأنّه يريد بالنخلة محبوبته وهي معروفة عنده ، لكنه نصب في ضرورة الشعر كما تقدّم.

فأمّا قول الشاعر [من الطويل] :

٥٠١ ـ فيا راكبا إمّا عرضت فبلّغن

نداماي من نجران أن لا تلاقيا

__________________

الإعراب : ضربت : فعل ماض. والتاء : للتأنيث ، والفاعل : هي. صدرها : مفعول به منصوب. وهو مضاف ، «ها» ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. إليّ : جار ومجرور متعلّقان بـ «ضربت». وقالت : الواو : حرف عطف. قالت : فعل ماض ، والتاء : للتأنيث. والفاعل : هي. يا : حرف نداء. عديّا : منادى مبنيّ على الضمّ المقدّر ، منع من ظهوره اشتغال المحلّ بتنوين النصب للضرورة. لقد : اللّام : موطئة للقسم ، قد : حرف تحقيق. وقتك : فعل ماض ، والتاء : للتأنيث ، والكاف : ضمير في محلّ نصب مفعول به. الأواقي : فاعل مرفوع بالضمّة المقدّرة على الياء للثقل.

وجملة (ضربت ...) الفعليّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها ابتدائية أو استئنافية. وجملة (قالت ...) الفعليّة معطوفة على جملة (ضربت) لا محلّ لها من الإعراب. وجملة (يا عديّا) الفعليّة على تقدير : «أدعو عديّا» في محلّ نصب مفعول به. وجملة (وقتك الأواقي) الفعليّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها جواب القسم.

والشاهد فيه قوله : «يا عديّا» حيث نصبه للضرورة الشّعريّة ، وحقّه البناء على الضمّ لأنه علم.

(١) تقدم بالرقم ١٤٤.

٥٠١ ـ التخريج : البيت لعبد يغوث بن وقاص في الأشباه والنظائر ٦ / ٢٤٣ ؛ وخزانة الأدب ٢ / ١٩٤ ، ١٩٥ ، ١٩٧ ؛ وشرح اختيارات المفضّل ص ٧٦٧ ؛ وشرح التصريح ٢ / ١٦٧ ؛ وشرح المفصّل ١ / ١٢٨ ؛ والعقد الفريد ٥ / ٢٢٩ ؛ والكتاب ٢ / ٢٠٠ ؛ ولسان العرب ٧ / ١٧٣ (عرض) ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٢٠٦ ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ١ / ٤١٣ ، ٩ / ٢٢٣ ؛ ورصف المباني ص ١٣٧ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٤٤٥ ؛ وشرح ابن عقيل ص ٥١٥ ؛ وشرح قطر الندى ص ٢٠٣ ؛ والمقتضب ٤ / ٢٠٤.

اللغة والمعنى : عرضت : أتيت العروض ، وهي مكة والمدينة وما حولهما. نداماي : ج ندمان ، وهو النديم ، أي الجليس إلى الخمر. نجران : مدينة بالحجاز.

يقول الشاعر لراكب : إذا أتيت العروض فبلّغ أصحابي بأنّني لن ألتقي بهم بعد اليوم ، لأنّه سيفارق الحياة.

الإعراب : فيا : الفاء : بحسب ما قبلها ، يا : حرف نداء. راكبا : منادى منصوب. إمّا : إم : حرف شرط جازم ، ما : زائدة. عرضت : فعل ماض مبنيّ على السكون ، والتاء : فاعل. وهو فعل الشرط. فبلّغن : الفاء : رابطة لجواب الشرط ، بلّغن : فعل أمر مبنيّ على الفتح لاتّصاله بنون التوكيد الخفيفة ، والفاعل : أنت. والنون : للتوكيد. نداماي : مفعول به أوّل ، وهو مضاف ، والياء : في محلّ جرّ بالإضافة. من : حرف جرّ. نجران : اسم مجرور بالفتحة لأنّه ممنوع من الصرف. والجار والمجرور متعلّقان بمحذوف حال من «ندامى». أن : مخفّفة من «أنّ» ، واسمها ضمير الشأن المحذوف تقديره : «أنّه» ، أي الحال والشأن. لا :

١٨٠