شرح جمل الزجّاجى - ج ٢

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

شرح جمل الزجّاجى - ج ٢

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-2263-0

الصفحات: ٥٩٧

وقسم قد تقدّمه ما يعود عليه الضمير معنى لا لفظا ، نحو قوله تعالى : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى)(١). أي : العدل أقرب للتقوى ، فعاد الضمير على المصدر لدلالة الفعل المتقدم عليه. ومنه قولهم : من كذب كان شرّا له ، أي كان الكذب شرّا له ، فأضمروه لدلالة «كذب» عليه. ومنه قول الشاعر [من الطويل] :

إذا اكتحلت عيني بعينك مسّها

بخير وجلّى غمرة من فؤاديا (٢)

أي : مسّها الاكتحال ، فأضمره لدلالة «اكتحل» عليه.

وقسم تقدّمه ما يعود الضمير عليه لفظا ومعنى. وينقسم ثلاثة أقسام : قسم قد تقدّمه باللفظ والمرتبة ، نحو : «ضرب زيد غلامه» ، فالضمير عائد على «زيد» ، وهو متقدّم عليه في اللفظ والمرتبة ، لأنّ مرتبة الفاعل أن يتقدّم على المفعول.

وقسم يتقدّمه باللفظ دون المرتبة ، وذلك نحو قولك : «ضرب زيدا غلامه» ، فـ «زيد» متقدّم على «الغلام» في اللفظ والنيّة به التأخير لأنّه مفعول.

وقسم تقدّمه بالمرتبة دون اللفظ وذلك نحو قوله : «ضرب غلامه زيد» ، لأنّه فاعل وإن كان مؤخرا في اللفظ.

فأمّا : «ضرب غلامه زيدا» ، فلا يجوز أصلا لئلا يتقدّم الضمير على ما يعود عليه في اللفظ والمرتبة ، وليس من باب ما يفسّره فيه ما بعده. فأما قوله [من الطويل] :

٤٥٥ ـ جزى ربّه عنّي عديّ بن حاتم

جزاء الكلاب العاويات وقد فعل

__________________

(١) سورة المائدة : ٨.

(٢) تقدم بالرقم ٥٦.

٤٥٥ ـ التخريج : البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص ١٩١ ؛ والخصائص ١ / ٢٩٤ ؛ وله أو لأبي الأسود الدؤلي في خزانة الأدب ١ / ٢٧٧ ، ٢٧٨ ، ٢٨١ ، ٢٨٧ ؛ والدرر ١ / ٢١٧ ؛ وللنابغة أو لأبي الأسود أو لعبد الله بن همارق في شرح التصريح ١ / ٢٨٣ ؛ والمقاصد النحويّة ٢ / ٤٨٧ ؛ ولأبي الأسود الدؤلي في ملحق ديوانه ص ٤٠١ ؛ وتخليص الشواهد ص ٤٩٠ ؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ١٢٥ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٥٩ ؛ وشرح ابن عقيل ص ٢٥٢ ؛ ولسان العرب ١٥ / ١٠٨ (عوي) ؛ وهمع الهوامع ١ / ٦٦.

الإعراب : جزى : فعل ماض. ربّه : فاعل مرفوع وهو مضاف ، والهاء : في محلّ جرّ بالإضافة. عنّي : جار ومجرور متعلّقان بـ «جزى». عديّ : مفعول به منصوب. بن : نعت «عديّ» ، منصوب ، وهو مضاف. حاتم : مضاف إليه مجرور. جزاء : مفعول مطلق منصوب ، وهو مضاف. الكلاب : مضاف إليه مجرور.

١٠١

فمنهم من حمله على أنّه ضرورة ، ومنهم من جعل الضمير عائدا على الجزاء الذي يدلّ عليه «جزى» ، فيكون من باب قولهم : «من كذب كان شرّا له» ، أي كان الكذب شرّا له ، وكذلك قوله [من السريع] :

٤٥٦ ـ لمّا عصى أصحابه مصعبا

أدّى إليه الكيل صاعا بصاع

إن ثبتت هذه الرواية فهي محمولة على الضرورة ، ولا يجوز أن يعود الضمير على «العصيان» لأنّ التقدير يكون إذ ذاك : لما عصى أصحاب العصيان مصعبا ، وليس للعصيان أصحاب مختصون به معروفون كما للجزاء ربّ يختص به ، والرواية الصحيحة عند أهل البصرة :

لما عصى المصعب أصحابه

أدّى إليه الكيل صاعا بصاع

__________________

العاويات : نعت «الكلاب» مجرور. وقد : الواو : حالية ، قد : حرف تحقيق. فعل : فعل ماض مبنيّ على الفتح وسكّن للوقف ، والفاعل : هو.

وجملة (جزى ربّه ...) الفعليّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها ابتدائيّة. وجملة (قد فعل) الفعليّة في محلّ نصب حال.

والشاهد فيه قوله : «جزى ربّه عنّي عديّ» حيث عاد الضمير في الفاعل «ربه» إلى المفعول «عديّ» ، والمفعول متأخّر لفظا ورتبة. وهذا ممنوع عند جمهرة النحاة ، وأجازه بعضهم.

٤٥٦ ـ التخريج : البيت للسفاح بن بكير في خزانة الأدب ١ / ٢٨٩ ، ٢٩٠ ، ٦ / ٩٧ ؛ وشرح اختيارات المفضّل ص ١٣٦٢ (الحاشية) ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ١ / ٢٧٩ ؛ ولسان العرب ١٥ / ١٤٨ (فجا).

اللغة : مصعبا : هو مصعب بن الزبير ، وصاحبه يحيى بن شداد بن ثعلبة الذي قتل معه.

المعنى : عند ما انفض أصحاب مصعب عنه ، كان الوحيد الذي بادله الوفاء حتى قضى معه.

الإعراب : لمّا : اسم شرط غير جازم. عصى : فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. أصحابه : فاعل مرفوع وهو مضاف ، و «الهاء» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. مصعبا : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. أدى : فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف للتعذر ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو). إليه : جار ومجرور متعلقان بالفعل (أدى). الكيل : مفعول به منصوب بالفتحة. صاعا : حال منصوب. بصاع : جار ومجرور متعلقان بالفعل (أدى) وسكّن لضرورة الشعر.

وجملة «لما عصى أصحابه مصعبا أدّى» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «أدى إليه الكيل» : جواب شرط غير جازم لا محلّ لها. وجملة «عصى أصحابه» : مضاف إليها محلها الجر.

والشاهد فيه قوله : «عصى أصحابه مصعبا» : فقد تقدم الضمير هنا للضرورة على عائده.

١٠٢

فإذن قد يعود الضمير على متقدّم بالرتبة دون اللفظ ، فلا بدّ من معرفة مراتب الأسماء.

[٢ ـ مراتب الأسماء] :

فلا يخلو الاسمان من أن يكونا مرفوعين أو منصوبين أو مخفوضين ، أو يكونا مختلفي الإعراب ، فإن كانا مرفوعين ، لم يكن بدّ من أن يكون أحدهما متبوعا والآخر تابعا ، والمبتدأ مقدّم على الخبر والمتبوع أيضا مقدّم على التابع. وإن كانا مخفوضين فمرتبة كل واحد منهما حيث وقع ، ولا يقال مرتبة أحدهما قبل الآخر إلّا أن يكون أحدهما في موضع رفع والآخر ليس كذلك. وإن كانا منصوبين فصاعدا ، فلا يخلو أن يكونا من باب «ظننت» أو من باب «أعطيت» أو من باب «أعلمت». فإن كانا من باب «ظننت» فالذي هو مبتدأ في الأصل مقدّم على الذي هو خبر في الأصل.

وإن كانا من باب «أعطيت» فالذي هو فاعل في المعنى مقدّم على ما هو ليس كذلك. وإن كانا من باب «أعلمت» فالذي هو فاعل في المعنى مقدّم على المفعولين اللذين هما مبتدأ وخبر في الأصل ، أمّا المفعولان الثانيان فالذي هو منهما مبتدأ في الأصل مقدّم في الرتبة على الآخر.

وإن كانا مختلفي الإعراب فالمرفوع أبدا مقدّم على المنصوب والمخفوض. والمنصوب أبدا مقدّم على المخفوض.

فعلى هذا القانون تجري المسائل وبه يعلم ما يتقدّم من المضمر على الظاهر وما لا يجوز أن يتقدّم ، فتقول على هذا : «ضرب غلامه زيد» ، لأنّ «زيدا» مرفوع و «الغلام» منصوب ، فـ «زيد» مقدّم في المرتبة ، ولذلك جاز.

وكذلك : «رأيت في داره زيدا» ، جائز لأنّ مرتبة المنصوب قبل المخفوض. وكذلك يجوز : في داره زيد ، لأنّ المجرور في موضع الخبر ورتبة المبتدأ قبل الخبر.

وكذلك أيضا يجوز : «أعطيت درهمه زيدا» ، لأنّ «زيدا» فاعل في المعنى لأنّه آخذ للدرهم فرتبته أن يتقدّم على الدرهم.

١٠٣

كذلك : «ظننت في داره زيدا» ، لأنّ «في داره» في موضع المفعول الذي هو خبر في الأصل ، فـ «زيد» مقدّم عليه في الرتبة.

وكذلك كل ما جاءك من المسائل قد تقدّم فيها المضمر على الظاهر يعتبر الجائز فيها من غير الجائز بما تقدم لك.

[٣ ـ المواضع التي يكون فيها الضمير متصلا أو منفصلا] :

ومما ينبغي أن يبيّن في هذا الباب الموضع الذي يكون فيه المضمر متّصلا من الموضع الذي يكون فيه منفصلا ، لأنّ أبا القاسم لم يجعل لذلك بابا ، فينبغي أن يلحق بهذا الباب ، فنقول والله الموفق للصواب :

الضمائر تنقسم ثلاثة أقسام : مرفوعات ومنصوبات ومخفوضات. أمّا المخفوضات فهي كلّها متصلة إلّا ما شذّ من قولهم : «ما أنا كأنت ولا أنت كأنا» ، أو ما جرى تأكيدا على المخفوض ، نحو : «مررت بك أنت». وأما المرفوع فمتّصل كلّه إلّا أن تفصل بينه وبين العامل بـ «إلّا» ، نحو : «ما ضرب زيدا إلّا أنا» ، ومنه قوله [من السريع] :

٤٥٧ ـ قد علمت سلمى وجاراتها

ما قطّر الفارس إلّا أنا

__________________

٤٥٧ ـ التخريج : البيت لعمرو بن معديكرب في ديوانه ص ١٦٧ ؛ والأغاني ١٥ / ١٦٩ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٩٩ ؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٤١١ ؛ والكتاب ٢ / ٣٥٣ ؛ وله أو للفرزدق في شرح شواهد المغني ٢ / ٧١٩ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٧ / ٢٤٣ ؛ وتخليص الشواهد ص ١٨٤ ؛ وشرح المفصل ٣ / ١٠١ ، ١٠٣ ؛ ولسان العرب ٥ / ١٠٦ (قطر).

اللغة : قطره : قتله.

المعنى : قد علمت سلمى وصويحباتها أنني قاتل الفارس ومجندله.

الإعراب : قد علمت : «قد» : حرف تحقيق ، «علمت» : فعل ماض مبني على الفتحة و «التاء» : للتأنيث. سلمى : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. وجاراتها : «الواو» : عاطفة ، «جارات» : اسم معطوف على سلمى مرفوع بالضمة الظاهرة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محل جرّ بالإضافة. ما قطر : «ما» : نافية ، و «قطر» : فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة. الفارس : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. إلا أنا : «إلا» : حرف حصر ، «أنا» : ضمير رفع منفصل في محل رفع فاعل.

وجملة «قد علمت سلمى» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «ما قطر الفارس» : في محل نصب سد مسد مفعولي علمت.

١٠٤

أو بحرف عطف ، وذلك نحو قولك : «قام زيد فأنا» ، أو يكون في معنى المفصول بينه وبين عامله بـ «إلّا» ، وذلك نحو قول الشاعر [من الطويل] :

٤٥٨ ـ [أنا الذائد الحامي الذّمار] وإنّما

يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي

كأنّه قال : ما يدافع عن أحسابهم إلّا أنا أو مثلي ، على خلاف في هذا. فإنّ سيبويه رحمه‌الله يجعل ما يرد من مثل هذا ضرورة ولم يلتفت للمعنى ، والزجاجي ذهب إلى أنّه غير ضرورة ، لما ذكرناه من معنى «إلّا»

والصحيح أنّ الفصل ضرورة إذ لو كان هذا الموضع موضع فصل للضمير لوجب أن لا يؤتى به متّصلا كما لا يجوز ذلك مع «إلا» ، فقول العرب : إنّما أدفع عن أحسابهم ، وأمثاله دليل على أنّه من مواضع الاتصال وأنّ الانفصال فيه ضرورة.

أو يكون المرفوع مبتدأ نحو قولك : «أنا زيد» ، أو خبرا لمبتدأ ، وذلك نحو قولهم :

__________________

والشاهد فيه قوله : «ما قطر الفارس إلا أنا» حيث فصلت (إلا) الضمير الذي كان يجب أن يكون متصلا.

٤٥٨ ـ التخريج : البيت للفرزدق في ديوانه ٢ / ١٥٣ ؛ وتذكرة النحاة ص ٨٥ ؛ والجنى الداني ص ٣٩٧ ؛ وخزانة الأدب ٤ / ٤٦٥ ؛ والدرر ١ / ١٩٦ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٧١٨ ؛ ولسان العرب ١٥ / ٢٠٠ (قلا) ؛ والمحتسب ٢ / ١٩٥ ؛ ومعاهد التنصيص ١ / ٢٦٠ ؛ ومغني اللبيب ١ / ٣٠٩ ؛ والمقاصد النحويّة ١ / ٢٧٧ ؛ ولأميّة بن أبي الصلت في ديوانه ص ٤٨ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١١١ ، ١١٤ ، ٧ / ٢٤٢ ؛ ولسان العرب ١٣ / ٣١ (أنن) ؛ وهمع الهوامع ١ / ٦٢.

اللغة : شرح المفردات : الذائد : المدافع. الأحساب : الشرف والمجد ، أو مفاخر الآباء والأجداد. الذمار : كلّ ما يجب الحفاظ عليه.

المعنى : يقول : إنّه حامي مجد وشرف ومآثر قومه ، ولا يستطيع القيام بهذه المهمّة إلّا هو ومثله.

الإعراب : «أنا» : ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. «الذائد» : خبر المبتدأ مرفوع بالضمّة. «الحامي» : نعت «الذائد» مرفوع ، أو خبر ثان للمبتدأ. «الذمار» : مفعول به ، أو مضاف إليه مجرور. «وإنما» : الواو حرف استئناف ، «إنما» حرف حصر ، أو حرف دالّ على القصر. «يدافع» : فعل مضارع مرفوع. «عن أحسابهم» : جار ومجرور متعلّقان بـ «يدافع» ، وهو مضاف ، و «هم» : ضمير متّصل مبنيّ في محلّ جرّ بالإضافة. «أنا» : ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع فاعل. «أو» : حرف عطف. «مثلي» : معطوف على «أنا» مرفوع بالضمّة المقدّرة على ما قبل الياء ، وهو مضاف ، والياء ضمير متّصل مبنيّ في محلّ جرّ بالإضافة.

وجملة «أنا الحامي ..» الاسميّة ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «إنّما يدافع ...» استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب.

الشاهد : قوله : «إنّما يدافع أنا أو مثلي» حيث تعيّن انفصال الضمير لأنّه في معنى المفصول بينه وبين عامله بـ «إلّا».

١٠٥

«القائم أنت» ، أو اسم «ما» ، وذلك نحو قولهم : «ما أنت قائما» ، أو خبر «إنّ» ، نحو قولك : «إنّ القائم أنت» ، أو يكون العامل فيه صفة جارية على غير من هي له ، وذلك نحو قولك : «زيد هند ضاربها هو» ، أو مصدرا مضافا إلى المفعول ، نحو قولك : «زيد عجبت من ضربك هو» ، تريد : من أن ضربك هو. وما عدا ذلك فمتصل.

والمنصوب كلّه متّصل إلّا أن تفصل بينه وبين عامله «إلّا» أو حرف عطف ، نحو قولك : «ما ضرب زيد إلّا إيّاك» ، و «ضربت زيدا فإيّاك» ، ولا يجوز أن تقول : «ما ضربت إلّاك» ، إلّا في ضرورة كقول الشاعر [من البسيط] :

 ...

ألّا يجاورنا إلاك ديّار (١)

وفي ما هو مفصول بينه وبين عامله بـ «إلّا» في المعنى من الخلاف مثل ما في المرفوع ، وذلك نحو قول الشاعر [من الهزج] :

٤٥٩ ـ كأنّا يوم قرّى إنّ

ما نقتل إيّانا

فسيبويه رحمه‌الله جعله ضرورة والزجاج ذهب إلى أنّه غير ضرورة ، وقد بيّنت لك الصحيح من المذهبين.

__________________

(١) تقدم بالرقم ٢٦٩.

٤٥٩ ـ التخريج : البيت لذي الإصبع العدوانيّ في خزانة الأدب ٥ / ٢٨٠ ، ٢٨٢ ؛ والخصائص ٢ / ١٧٩ ؛ وشرح المفصل ٣ / ١٠١ ، ١٠٢ ؛ ولسان العرب ١٣ / ١١٥ (حسن) ، ١٥ / ٤٣٩ (أيا) ؛ وبلا نسبة في الخصائص ٢ / ١٩٤ ؛ والكتاب ٢ / ١١١ ، ٣٦٢.

اللغة : قرّى : موضع في بلاد بني الحارث بن كعب.

المعنى : كأن أعداءنا الذين أوقعنا فيهم القتل هم نحن في السيادة والحسن.

الإعراب : «كأنا» : حرف مشبه بالفعل ، و «نا» : ضمير متصل مبني على السكون في محلّ نصب اسمه. «يوم» : مفعول فيه ظرف زمان متعلق بالفعل «نقتل». «قرّى» : مضاف إليه مجرور بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر نيابة عن الكسرة لأنّه ممنوع من الصرف. «إنما» : كافّة ومكفوفة. «نقتل» : فعل مضارع مرفوع بالضمة ، والفاعل : ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن. «إيانا» : ضمير نصب منفصل في محل نصب مفعول به.

وجملة «كأنا إنما نقتل» : ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة «نقتل» : في محل رفع خبر.

والشاهد فيه قوله : «نقتل إيانا» حيث انفصل الضمير عن عامله لإنه في معنى المفصول بينه وبين عامله بـ «إلّا» ، كأنه قال : ما نقتل إلّا إيّانا.

١٠٦

أو يكون المنصوب خبر «ما» ، نحو : «ما زيد إيّاك» ، أو يكون العامل فيه مصدرا مضافا إلى الفاعل ، نحو : «عجبت من ضرب زيد إيّاك» ، أو يكون مفعولا ثانيا أو ثالثا لباب «أعلمت». فهذه الأماكن لا يكون فيها إلّا منفصلا.

والمواضع التي يجوز فيها الاتّصال والانفصال هو أن يكون الضمير مفعولا ثانيا لباب «أعطيت» ، والاتّصال فيه أحسن من الانفصال ، أو يكون مفعولا ثانيا لباب «ظننت» ، أو ثالثا لباب «أعلمت» ، أو خبرا لـ «كان» ، أو مصدرا مضافا إلى مضمر فاعل ، نحو قولك : «زيد عجبت من ضربكه ومن ضربك إيّاه».

والانفصال في جميع هذا أحسن من الاتصال لعلّة استحكامها في الضمائر. فمثال فصله في باب «كان» قول الشاعر [من مجزوء الرمل] :

ليت هذا الليل شهر

لا نرى فيه عريبا

ليس إيّاي وإيّاك

ولا نخشى رقيبا (١)

وكذلك أيضا قول عمر بن أبي ربيعة [من الطويل] :

لئن كان إيّاه لقد حال دوننا

عن العهد والإنسان قد يتغيّر (٢)

ومثال اتّصاله قول الشاعر [من الرجز] :

٤٦٠ ـ [عددت قومي كعديد الطيس]

قد ذهب القوم الكرام ليسي

__________________

(١) تقدم بالرقم ٢٦٢.

(٢) تقدم بالرقم ٢٦٣.

٤٦٠ ـ التخريج : الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص ١٧٥ ؛ وخزانة الأدب ٥ / ٣٢٤ ، ٣٢٥ ؛ والدرر ١ / ٢٠٤ ؛ وشرح التصريح ١ / ١١٠ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٤٨٨ ، ٧٦٩ ؛ ولسان العرب ٦ / ١٢٨ (طيس) ؛ والمقاصد النحوية ١ / ٢٤٤ ؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ٩٩ ؛ والجنى الداني ص ١٥٠ ؛ وجواهر الأدب ص ١٥ ؛ وخزانة الأدب ٥ / ٣٩٦ ، ٩ / ٢٦٦ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٣٢ ؛ وشرح الأشموني ١ / ٥٥ ؛ وشرح ابن عقيل ص ٦٠ ؛ وشرح المفصل ٣ / ١٠٨ ؛ ولسان العرب ٦ / ٢١١ (ليس) ؛ ومغني اللبيب ١ / ١٧١ ٢ / ٣٤٤ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٦٤ ، ٢٣٣.

شرح المفردات : عددت قومي : أحصيتهم. الطيس : العدد الكثير. ليسي : غيري.

المعنى : يقول : أحصيت قومي فوجدتهم كثيري العدد غير أنّي لم أجد فيهم كريما ، إذ ذهب الكرام ، ولم يبق سواي.

١٠٧

ومن كلامهم : «عليه رجلا ليسني» ، ومنه قول الشاعر [من الطويل] :

فإن لا يكنها أو تكنه فإنّه

أخوها غذته أمّه بلبانها (١)

ومثال اتصاله بالمصدر قول الشاعر [من الطويل] :

٤٦١ ـ وقد جعلت نفسي تطيب لضغمة

بضغمهماها يقرع العظم نابها

__________________

الإعراب : «عددت» : فعل ماض والتاء ... فاعل. «قومي» : مفعول به منصوب ، وهو مضاف ، والياء ... في محلّ جر بالإضافة. «كعديد» : جار ومجرور متعلّقان بمحذوف صفة لموصوف محذوف تقديره : «عددت قومي عدا مماثلا لعديد ...» أو الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني في محلّ نصب مفعول مطلق نائب عن المصدر ، وهو مضاف ، «عديد» : مضاف إليه مجرور بالكسرة ، وهو مضاف. «الطيس» : مضاف إليه مجرور بالكسرة. «قد» : حرف تحقيق. «ذهب» : فعل ماض. «القوم» : فاعل مرفوع. «الكرام» : نعت «القوم» مرفوع بالضمّة. «ليسي» : فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا يعود على معنى الكليّة المفهوم من «ذهب القوم الكرام» ، والياء ضمير متصل مبني في محلّ نصب خبر «ليس».

وجملة : «عددت ...» الفعليّة ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «ذهب ...» في محل نصب حال.

الشاهد فيه قوله : «ليسي» حيث اتصل بـ «ليس» الضمير «ياء المتكلم» وهو خبرها. وهذا من المواضع التي يجوز فيها الاتصال والانفصال.

(١) تقدم بالرقم ٢٦٤.

٤٦١ ـ التخريج : البيت لمغلس بن لقيط في تخليص الشواهد ص ٩٤ ؛ وخزانة الأدب ٥ / ٣٠١ ، ٣٠٣ ، ٣٠٥ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٧٥ ؛ والمقاصد النحوية ١ / ٣٣٣ ؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص ٣٨١ ؛ والكتاب ٢ / ٣٦٥ ؛ ولسان العرب ١٢ / ٣٥٧ (ضغم).

اللغة : الضغمة : العضّة.

المعنى : وقد شفى نفسي أن آلمتهما بعضّة ناب موجعة يستحقّانها.

الإعراب : الواو : بحسب ما قبلها. قد : حرف تحقيق. جعلت : فعل ماض ناقص مبني على الفتحة ، و «التاء» : للتأنيث. نفسي : اسمها مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم لاشتغال المحل بالحركة المناسبة ، و «الياء» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة و «نفس» مضاف. تطيب : فعل مضارع مرفوع بالضمة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره «هي». لضغمة : جار ومجرور متعلقان بالفعل «تطيب». بضغمهماها : جار ومجرور متعلقان بالفعل «يقرع» ، و «هما» ضمير متصل في محل جر بالإضافة ، و «ها» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. يقرع : فعل مضارع مرفوع بضمة ظاهرة. العظم : مفعول به منصوب بفتحة ظاهرة. نابها : فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف ، و «ها» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

وجملة «وقد جعلت نفسي» : ابتدائية لا محل لها : وجملة «تطيب» : في محل نصب خبر (جعلت). وجملة «يقرع العظم نابها» : في محل جر صفة لـ «ضغمة».

١٠٨

وما عدا ذلك فمتصل ولا يجوز انفصاله إلّا في ضرورة كقوله [من الرجز] :

٤٦٢ ـ إليك حتّى بلغت إيّاكا

وفي هذه الضمائر خلاف في أماكن فينبغي أن يبين.

فمن ذلك أنّهم اختلفوا في الياء من «تفعلين» ، فمنهم من ذهب إلى أنّها ضمير ، وهو مذهب سيبويه رحمه‌الله ، ومنهم من ذهب إلى أنّها علامة تأنيث وهو الأخفش.

استدلّ أبو الحسن الأخفش على فساد مذهب من ذهب إلى أنها ضمير بأنّ فاعل الفعل المضارع إذا كان مفردا لا يجوز إظهاره ، فإذا ثبت بذلك أنّها ليست ضميرا كما ذكر تبيّن أنها حرف ، إذ لا موضع لها من الإعراب وجعلها حرف تأنيث لأنّ التأنيث مفهوم منها.

ومما يؤكد عنده أنها للتأنيث أنّ التأنيث قد جاء بالكسرة ، وهي مجانسة للتاء في نحو : «ضربت» ، في خطاب المؤنّث.

__________________

والشاهد فيه قوله : «بضغمهاها يقرع العظم نابها» : فقد أجاز اتصال «هما» بالمصدر ، وفصلها أحسن.

و «ها» وهي عائدة على «ضغمة» ، قبلها ، وموضع اتصالها صحيح ، والتقدير : بضغمها إياهما.

٤٦٢ ـ التخريج : الرجز لحميد الأرقط في تخليص الشواهد ص ٩٢ ؛ وخزانة الأدب ٥ / ٢٨٠ ، ٢٨١ ؛ وشرح المفصل ٣ / ١٠١ ، ١٠٣ ؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص ١٦٩ ؛ وتخليص الشواهد ص ٨٥ ؛ والخصائص ١ / ٣٠٧ ، ٢ / ١٩٤ ؛ ورصف المباني ص ١٣٨ ؛ والكتاب ٢ / ٣٦٢ ؛ واللمع في العربية ص ١٨٩.

المعنى : لقد جاهدت هذه الناقة في مسيرها حتى وصلت إليك وتنعمت بقربك.

الإعراب : إليك : جار ومجرور متعلقان بالفعل «تقطع» في بيت سابق. «حتى» : حرف جر وغاية. «بلغت» : فعل ماض مبني على الفتح لاتصاله بتاء التأنيث الساكنة. والفاعل : ضمير مستتر جوازا تقديره هي. «إياكا» : ضمير نصب منفصل في محل نصب مفعول به. والمصدر المؤول من أن المضمرة وجملة بلغت في محلّ جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بالفعل (تقطع) بكلام سابق.

وجملة «بلغت» : صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب.

والشاهد فيه قوله : «بلغت إياك» مجيء الضمير المنفصل في المكان الذي يكون فيه الضمير المتصل ، وكان من حق العربية على الشاعر أن يقول «حتى بلغتك».

١٠٩

واستدلّ من ذهب إلى أنها ضمير بأشياء منها أنّ الياء لم تثبت بنفسها من علامات التأنيث في موضع من المواضع غير هذا الموضع وقد ثبتت ضميرا باتفاق في نحو : «ضربني».

ومنها أنّ علامة التأنيث لم تلحق الفعل المضارع في موضع من آخره. ومنها أنّ علامة التأنيث ثبتت في التثنية في نحو : «قامتا» ، و «الهندان تقومان» ، فلو كانت الياء حرف تأنيث لثبتت في التثنية.

ومنها أنّه لم يرفع من الأفعال المضارعة بالنون إلّا ما اتّصل به ضمير ، نحو : «يقومان» و «يقومون».

فإن قيل : فما العذر عن بروز الضمير في حال الإفراد؟

فالجواب : إنّ الذي أوجب بروزه في التثنية والجمع موجود هنا وهو خوف اللبس.

ألا ترى أنّ الضمير في التثنية والجمع لو لم يبرز لالتبس بفعل المفرد ، وكذلك هنا لو لم يبرز الضمير لالتبس بفعل المذكّر ، لأنّك تقول : «تفعل» في خطاب المذكّر.

ومن ذلك أنهم اختلفوا في الذي هو الضمير من «إيّاك» فمنهم من ذهب إلى أنّه بجملته ضمير.

ومنهم من ذهب إلى أنّ الضمير من «إيّا» والكاف حرف خطاب.

ومنهم من ذهب إلى أنّ الضمير الكاف و «إيّا» عمدة للكاف أعني زيادة ليتصل به الكاف.

ومنهم من ذهب إلى أنّ «إيّا» اسم ظاهر ، والكاف ضمير مضاف إليه «إيّا» ، وهو صيغة خفض. وهذا المذهب الأخير ذهب إليه الخليل رحمه‌الله ، واستدلّ على صحة مذهبه بقولهم : «إذا بلغ الرجل الستين فإيّاه وإيّا الشوابّ».

وهذا من الشذوذ والقلّة بحيث لا يقاس عليه ، بل لنا أن نقول : هذه المضافة إلى الظاهر ليست بـ «إيّا» من «إيّاك» ، وإن اتفقتا في اللفظ بل هي اسم مظهر لأنّ المضمر لا يضاف لأنّه لا يفارقه التعريف ولا يضاف إلّا إلى ما يتنكّر.

ومن زعم أنّ الكاف هو الضمير «وإيّا» عمدة استدل على صحة ذلك بأنّ الكاف هي التي ثبتت ضميرا في غير هذا الموضع ، وأيضا فإنّها تختلف باختلاف أحوال المخاطب من إفراد وتثنية وجمع وتذكير وتأنيث. وهذا فاسد ، لأنّه لا يسوغ أن يكون الاسم عمدة.

١١٠

ومن ذهب إلى أنّه كلّه اسم مضمر مذهب فاسد ، لأنّ الاسم المضمر لا يتغيّر بعضه بتغيّر أحوال المراد به من غيبة وتكلم وخطاب.

فالصحيح إذن أنّ «إيّا» اسم مضمر والكاف والهاء والياء من «إيّاك» و «إيّاي» و «إيّاه» حروف لاحقة تفصل ما بين المتكلم والمخاطب والغائب.

وكذلك أيضا اختلفوا في الذي هو اسم من «أنا». فمذهب البصريين أنّ الاسم الهمزة والنون والألف زائدة ، بدليل حذفها في الوصل إذا قلت : «أنّا فعلت». ومذهب أهل الكوفة أنّه كلّه اسم ، واستدلوا على صحة مذهبهم بإثبات الألف في قول حميد [من الوافر] :

أنا سيف العشيرة فاعرفوني

حميدا قد تذرّيت السّناما (١)

وذلك ضرورة لا يلتفت إليها.

وفيه لغات أفصحها : أنا ، بإثبات الألف في الوقف وحذفها في الوصل. والآخر : «آن» ، بإدخال الهمزة بين الألف والنون. والآخر : «أن» ، بغير ألف بتسكين النون. والآخر : إبدال الألف من «أنا» في الوقف هاء ، فتقول : «أنه» ، وحكي من كلامهم : «هذا فصدي أنه».

[٤ ـ الاسم في الضمائر] :

واختلف في الاسم من «هو» ، فمذهب البصريين أنّه بجملته اسم لثباته في جميع الأحوال على صورته.

ومذهب أهل الكوفة أنّ الاسم الهاء والواو زائدة ، واستدلوا على صحة مذهبهم بحذفها في قول الشاعر [من الطويل] :

٤٦٣ ـ فبيناه يشري رحله قال قائل

لمن جمل رخو الهلاط نجيب

__________________

(١) تقدم بالرقم ١٩٢.

٤٦٣ ـ التخريج : البيت للعجير السلوليّ في خزانة الأدب ٥ / ٢٥٧ ، ٢٦٠ ، ٩ / ٤٧٣ ؛ والدرر ١ / ١٨٨ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٣٢ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٨٤ ؛ والكتاب ص ١٤١ ؛ ولسان العرب ٣ / ٤٣٥ (هوبد) ، ١٥ / ٤٧٦ (ها) ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ١ / ١٥٠ ، ٥ / ٢٦٥ ؛ والخصائص ١ / ٦٩ ؛ ورصف المباني ص ١٦ ؛ وشرح المفصل ١ / ٦٨ ، ٣ / ٩٦.

١١١

واختلفوا في ياء «هي» هل هي من الاسم أم لا. والصحيح أنّها من الاسم ولا يلتفت إلى قوله [من الرجز] :

٤٦٤ ـ دار لسعدى إذه من هواكا

لأنّه ضرورة.

__________________

المعنى : وبينما هو يبيع رحله بعد أن أضل بعيره ويئس من عوده إذ سمع من يعرف البعير ليطلبه صاحبه.

الإعراب : «فبيناه» : الفاء بحسب ما قبلها ، «بينا» : ظرف زمان مبني على السكون ، متعلق بـ «قال» ، وأصل «الهاء» : «هو» : ضمير متصل مبني في محل رفع مبتدأ. «يشري» : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة للثقل والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. «رحله» : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة ، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. «قال» : فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة. «قائل» : فاعل مرفوع وعلامة رفع الضمة الظاهرة. «لمن» : اللام حرف جر ، «من» : اسم استفهام مبني على السكون في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بخبر مقدم محذوف. «جمل» : مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة. «رخو» : صفة أولى لجمل مرفوعة بالضمة. «الملاط» : مضاف إليه مجرور بالكسرة. «نجيب» : صفة ثانية مرفوعة بالضمة.

وجملة «يشري» : في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة «هو يشري» : في محل جر بالإضافة. وجملة «قال قائل» : استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة «لمن جمل نجيب» : في محل نصب مفعول به.

والشاهد فيه قوله : «فبيناه» فإن أصل هذه الكلمة «فبينا هو» حيث حذف الواو للضرورة.

٤٦٤ ـ التخريج : الرجز بلا نسبة في خزانة الأدب ٢ / ٦ ، ٨ / ١٣٨ ؛ والخصائص ١ / ٨٩ ؛ والدرر ١ / ١٨٨ ؛ ورصف المباني ص ١٧ ؛ وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٣٤٧ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٨٣ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ٢٩٠ ؛ وشرح المفصل ٣ / ٩٧ ؛ والكتاب ١ / ٢٧ ؛ ولسان العرب ١٥ / ٣٧٦ (هيا) ؛ وهمع الهوامع ١ / ٦١.

المعنى : هلا عرفت دار سعدى القائمة في منطقة تبراك ، هي دار الحبيبة التي لم يقم لها قائم إلا بفضل عشقك لها.

الإعراب : «دار» : خبر لمبتدأ محذوف تقديره : «هي» مرفوع بالضمة الظاهرة. «لسعدى» : جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لـ «دار». «إذه» : «إذ» : ظرف زمان مبني في محل نصب مفعول متعلق بمحذوف صفة لـ «دار» ، و «الهاء» : ضمير (هي) : في محل رفع مبتدأ. «من هواكا» : جار ومجرور متعلقان بالخبر المحذوف ، والكاف : في محل جر بالإضافة.

وجملة «دار لسعدى» : ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة «هي من هواكا» : في محل جر بالإضافة.

والشاهد فيه قوله : «إذه» أراد «إذ هي» فحذف الياء ويرى ابن عصفور أن هذا الحذف ضرورة ، وأن الصحيح كون الياء من أصل الاسم.

١١٢

وأمّا «أنت» و «أنت» فالاسم منهما الهمزة والنون ، والتاء حرف تدل على الخطاب لثباتها اسما في ضمير المتكلم واختلاف التاء باختلاف أحوال المخاطب.

وأما «أنتما» و «أنتم» و «أنتنّ» ، فالتاء والميم والألف والواو والنون المشدّدة زوائد ، والاسم الهمزة والنون.

وكذلك «هما» و «هم» و «هنّ» ، الاسم منها إنّما هو الهاء والواو المحذوفة من «هما» و «هم» ، والهاء والياء المحذوفة من «هما» و «هنّ» ، وهي «هما» للاسم ، وإنّما حذفتا لاستثقالهما ، والدليل على ذلك ثبات «هو» و «هي» اسمين قبل ذلك ، واختلاف أحوال الياء باختلاف أحوال المراد بالاسم من تثنية وجمع وتذكير وتأنيث.

١١٣

باب إضافة المصدر إلى ما بعده

[١ ـ أقسام المصدر] :

اعلم أنّ المصدر ينقسم ثلاثة أقسام : مصدر مؤكّد لفعله ، أو مبيّن ، نحو : «ضربت ضربا» ، و «ضربت ضرب شرطيّ» ، ومصدر مقدّر بـ «أن» والفعل ، ومثاله : «يعجبني ضرب زيد عمرا» ، يريد : أن ضرب زيد عمرا. ومصدر موضوع موضع الفعل ، نحو : «ضربا زيدا» ، أي : اضرب زيدا ضربا ، فحذف «اضرب» ووضع «ضربا» موضعه. قال الله تعالى : (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ)(١). أي : فاضربوا الرقاب. ومثله قول الشاعر المرار الفقعسي [من الكامل] :

أعلاقة أمّ الوليّد بعد ما

أفنان رأسك كالثغام المخلس (٢)

فأوقع «علاقة» موضع «تعلق».

فأما المصدر المؤكّد والمبيّن فلا يعملان أصلا ؛ وأما المصدر المقدّر بـ «أن» والفعل والموضوع موضع الفعل فيعملان عمل الفعل.

والذي نتكلم فيه في هذا الباب إنما هو المصدر المقدّر بـ «أن» والفعل. وينقسم ثلاثة أقسام : مصدر منوّن ومصدر مضاف ومصدر معرّف بالألف واللام. فأما إذا كان المصدر منونا فإنّك ترفع به الفاعل وتنصب المفعول ، وذلك نحو قولك : «يعجبني ضرب زيد

__________________

(١) سورة محمد : ٤.

(٢) تقدم بالرقم ٨٤.

١١٤

عمرا» ، ويجوز لك أن تحذف الفاعل إذا كان في الكلام ما يدل عليه ، وذلك نحو قول الله تبارك وتعالى : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً)(١).

التقدير : أو أن يطعم أحدكم يتيما. وكذلك قوله [من الوافر] :

٤٦٥ ـ بضرب بالسيوف رؤوس قوم

أزلنا هامهنّ عن المقيل

وكذلك قوله [من الوافر] :

٤٦٦ ـ أخذت بسجلهم فنفحت فيه

محافظة لهنّ إخا الذّمام

وزعم الفراء أنّه لا يجوز أن يلفظ بالفاعل مع المصدر المنوّن ، والذي حمله على ذلك

__________________

(١) سورة البلد : ١٤ ـ ١٥.

٤٦٥ ـ التخريج : البيت للمرار بن منقذ التميميّ في المقاصد النحوية ٣ / ٤٩٩ ؛ وبلا نسبة في شرح أبيات سيبويه ١ / ٣٩٣ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٣٣٣ ؛ وشرح المفصل ٦ / ٦١ ؛ واللمع ص ٢٧٠ ؛ والمحتسب ١ / ٢١٩ ؛ والكتاب ١ / ١٩٠.

اللغة : الهام : ج الهامة ، الرأس.

الإعراب : «بضرب» : جار ومجرور متعلّقان بـ «أزلنا». «بالسيوف» : جار ومجرور متعلّقان بـ «ضرب». «رؤوس» : مفعول به للمصدر «ضرب» ، وهو مضاف. «قوم» : مضاف إليه مجرور بالكسرة. «أزلنا» : فعل ماض ، و «نا» : ضمير متّصل في محلّ رفع فاعل. «هامهن» : مفعول به منصوب ، وهو مضاف ، «هنّ» ضمير متّصل مبنيّ في محلّ جرّ بالإضافة. «عن المقيل» : جار ومجرور متعلّقان بـ «أزلنا».

الشاهد : قوله : «بضرب ... رؤوس» حيث عمل المصدر المنوّن عمل فعله ، فنصب مفعولا به.

٤٦٦ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في الكتاب ١ / ١٨٩.

اللغة : السجل : هو الدلو المملوء ماء.

المعنى : أخذت من ماء لهم علّني أبقي على الودّ بيننا ، فالماء سقيا الحياة ، والمودّة والإخاء سقيا العيش.

الإعراب : أخذت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل ، و «التاء» : ضمير متصل في محل رفع فاعل. بسجلهم : جار ومجرور بكسرة ظاهرة ، متعلقان بالفعل «أخذت» و «الهاء» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة ، و «الميم» : للجماعة. فنفحت : «الفاء» : حرف عطف ، «نفحت» : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل ، و «التاء» : ضمير متصل في محل رفع فاعل. فيه : جار ومجرور متعلقان بالفعل (نفحت). محافظة : مفعول لأجله منصوب بفتحة ظاهرة. لهنّ : جار ومجرور متعلقان بالمصدر «محافظة» ، و «النون» حرف تأنيث لا محل له. إخا : مفعول به منصوب بفتحة مقدّرة على الهمزة المخفّفة ، وهو مضاف. الذمام : مضاف إليه مجرور بكسرة ظاهرة.

وجملة «أخذت» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «فنفحت» : معطوفة على (ابتدائية) لا محلّ لها.

١١٥

أنّه لم يحفظ في كلامهم ، وذلك باطل بدليل قوله [من الكامل] :

٤٦٧ ـ حرب تردّد بينهم بتشاجر

قد كفّرت آباؤها أبناؤها

تقديره : بتشاجر أبنائها قد كفّرت آباؤها ، أي : لبست الدروع.

ويجوز لك أن تحذف المفعول وترفع الفاعل ، فتقول : «عجبت من ضرب زيد». فإذا كان المصدر مضافا ، فلا يخلو من أن تضيفه إلى الفاعل أو إلى المفعول. فإن أضفته إلى الفاعل نصبت المفعول ، وذلك نحو قول الشاعر [من الطويل] :

٤٦٨ ـ وهنّ وقوف ينتظرن قضاءه

بضاحي عذاة أمره وهو ضامز

__________________

والشاهد فيه قوله : «محافظة لهن إخا الذمام» فقد عمل المصدر المنون المنصوب «محافظة» عمل فعله فنصب مفعولا به ، ولم يذكر فاعل المصدر لدلالة السياق عليه ..

٤٦٧ ـ التخريج : البيت للفرزدق في تهذيب اللغة ١٠ / ٢٠١ ؛ ولسان العرب ٥ / ١٤٨ (كفر) ؛ ولم أقع عليه في ديوانه.

اللغة : كفّرت آباؤها : دخلت في السلاح ، ولبست الدروع.

المعنى : يا لها من حرب استنفرت الجميع للطعان ، فلبسوا الدروع واهتموا لها.

الإعراب : حرب : خبر مرفوع بضمة ظاهرة ، و «المبتدأ» محذوف تقديره (هي). تردّد : فعل مضارع مرفوع بضمة ظاهرة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي). بينهم : مفعول فيه ظرف مكان منصوب بفتحة ظاهرة ، وهو مضاف ، متعلق بالفعل «تردّد» ، و «الهاء» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة ، و «الميم» : للجماعة. بتشاجر : جار ومجرور بكسرة ظاهرة ، متعلقان بالفعل «تردد». قد : حرف تحقيق وتقريب. كفّرت : فعل ماض مبني على الفتحة ، و «التاء» : للتأنيث. آباؤها : فاعل (كفرت) مرفوع بالضمة ، و «ها» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. أبناؤها : فاعل المصدر المنوّن (تشاجر) مرفوع بالضمّة ، و «ها» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة.

وجملة «هي حرب» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «تردّد» : في محلّ رفع صفة لـ (حرب). وجملة «قد كفّرت» : في رفع صفة ثانية لـ (حرب).

والشاهد فيه قوله : «بتشاجر قد كفّرت آباؤها أبناؤها» حيث صرّح بفاعل المصدر المنون كما لاحظنا في الإعراب ، مخالفا رأي الفرّاء الذي لا يجيزه.

٤٦٨ ـ التخريج : البيت للشماخ في ديوانه ص ١٧٧ ؛ وجمهرة اللغة ص ١٣٢١ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٩٥ ؛ ولسان العرب ٥ / ٣٦٥ (ضمز) ؛ والمقتضب ١ / ١٥ ؛ والمقرب ١ / ١٣٠.

اللغة : الضاحي : الظاهر. العذاة : الأرض التي لا وباء فيها. الضامز : الساكت.

المعنى : لقد وقفت الأتن صافنات ساكنات ينتظرن أمر حمارهن بالورود إلى المنهل وهن عطشات.

الإعراب : وهن : «الواو» : بحسب ما قبلها ، «هن» : ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. وقوف :

١١٦

يريد قضاءه أمره.

وإن أضفته إلى المفعول رفعت الفاعل ، كقوله [من البسيط] :

٤٦٩ ـ أفنى تلادي وما جمّعت من نشب

قرع القواقيز أفواه الأباريق

__________________

خبر مرفوع بالضمة الظاهرة. ينتظرن : فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة و «النون» : ضمير متصل في محل رفع فاعل. قضاءه : مفعول به منصوب بالفتحة ، وهو مضاف ، و «الهاء» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. بضاحي : جار ومجرور متعلقان بالمصدر قضاء ، و «ضاحي» : مضاف. عذاة : مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. أمره : مفعول به منصوب بالفتحة وهو مضاف و «الهاء» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. وهو : «الواو» : حالية ، و «هو» : ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. ضامز : خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.

وجملة «وهن وقوف» : بحسب الواو. وجملة «ينتظرن» : في محل نصب حال. وجملة «وهو ضامن» : في محل نصب حال.

والشاهد فيه قوله : «قضاءه ... أمره» فقد أضاف المصدر ، وهو قوله «قضاء» إلى فاعله ، ثم نصب المفعول به ، وهو قوله «أمره».

٤٦٩ ـ التخريج : البيت للأقيشر الأسديّ في ديوانه ص ٦٠ ؛ والأغاني ١١ / ٢٥٩ ؛ وخزانة الأدب ٤ / ٤٩١ ؛ والدرر ٥ / ٢٥٦ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٦٤ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٩١ ؛ والشعر والشعراء ص ٥٦٥ ؛ ولسان العرب ٥ / ٣٩٦ (ققز) ؛ والمؤتلف والمختلف ص ٥٦ ؛ والمقاصد النحويّة ٣ / ٥٠٨ ؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص ٣٣٨ ؛ والإنصاف ١ / ٢٣٣ ؛ وأوضح المسالك ٣ / ٢١٢ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٣٣٧ ؛ واللمع ص ٢٧١ ؛ ومغني اللبيب ٢ / ٥٣٦ ؛ والمقتضب ١ / ٢١ ؛ والمقرب ١ / ١٣٠ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ٩٤.

اللغة والمعنى : التلاد : الأصلي القديم من المال والمواشي ونحوها. النشب : الثابت من الأموال كالدور والأراضي. القواقيز : ج القاقوزة ، وهي القدح.

يقول : إنّ إدماني على شرب الخمر من أفواه الأباريق أدّى إلى إتلاف ما جمّعت من أموال وعقارات.

الإعراب : أفنى : فعل ماض. تلادي : مفعول به منصوب ، وهو مضاف ، والياء : ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. وما : الواو : حرف عطف ، ما : اسم موصول معطوف على «تلادي» في محلّ نصب مفعول به. جمّعت : فعل ماض ، والتاء : فاعل. من نشب : جار ومجرور متعلّقان بـ «جمّعت». قرع : فاعل مرفوع ، وهو مضاف. القواقيز : مضاف إليه مجرور. أفواه : فاعل مرفوع ، وهو مضاف. الأباريق : مضاف إليه مجرور.

وجملة (أفنى تلادي) الفعليّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها ابتدائيّة. وجملة (جمعت ...) الفعليّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها صلة الموصول الاسميّ.

والشاهد فيه قوله : «قرع القواقيز أفواه» ، فقد أضاف المصدر ، وهو قوله «قرع» إلى مفعوله ، وهو قوله «القواقيز» ، ثم رفع بعد ذلك فاعله ، وهو قوله : «أفواه» ، ويروى بنصب «أفواه» ، وعلى هذه الرواية تكون الإضافة إلى الفاعل ، والمذكور ، بعد ذلك ، هو المفعول ، على عكس الأوّل.

١١٧

برواية من رواه برفع «الأفواه» ، ومن رواه بالنصب فهو على إضافته إلى الفاعل. ويجوز أن تضيفه إلى المفعول وتحذف الفاعل ، مثل قوله تعالى : (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ)(١). أي : من أن يدعو الخير ، ويجوز أن تضيفه إلى الفاعل وتحذف المفعول وقد جاء في الحديث : «مطل الغنيّ ظلم» ، معناه : أن يمطل الغنيّ ظلم.

وأمّا المصدر المعرّف بالألف واللام ، فحكمه حكم المصدر المنوّن يرفع الفاعل وينصب المفعول ، فتقول : «يعجبني الضرب زيد عمرا».

وزعم بعضهم أنّه لا يجوز أن يعمل المصدر المعرّف بالألف واللام. وحجته أن قال : إنّ المصدر لا يعمل إلا بالحمل على الفعل والفعل نكرة ، فلمّا عرّف زال شبهه بالفعل. وأيضا فإنّه لم يوجد.

وهذا خطأ محض لأنّه يلزمه على هذا أن لا يعمل المصدر المضاف. فإن قيل : الإضافة قد تكون منفصلة ، فالجواب أن يقال له : لا يخلو أن تقدّر الإضافة في هذا الباب محضة أو غير محضة ، وباطل أن تكون غير محضة لأنّ الإضافة في هذا الباب يتعرّف بها المضاف ، فثبت أنّها محضة.

وأما «قوله إنّه لم يوجد» فباطل ، لأنّ السماع ورد به في قوله [من المتقارب] :

٤٧٠ ـ ضعيف النكاية أعداءه

يخال الفرار يراخي الأجل

__________________

(١) سورة فصلت : ٤٩.

٤٧٠ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في أوضح المسالك ٣ / ٢٠٨ ؛ وخزانة الأدب ٨ / ١٢٧ ؛ والدرر ٥ / ٢٥٢ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٩٤ ؛ وشرح الأشموني ١ / ٣٣٣ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٦٣ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ١٣٦ ؛ وشرح ابن عقيل ص ٤١١ ؛ وشرح المفصل ٦ / ٥٩ ، ٦٤ ؛ والكتاب ١ / ١٩٢ ؛ والمقرب ١ / ١٣١ ؛ والمنصف ٣ / ٧١ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ٩٣.

اللغة والمعنى : النكاية : إغضاب الغير وقهره. الفرار : الهرب. يراخي الأجل : يبعد الموت.

يقول : إنه جبان ، لا يقهر الأعداء ، ويعتمد على الهرب ظنّا منه بأنّه يبعد الموت.

الإعراب : ضعيف : خبر لمبتدأ محذوف تقديره «هو» ، وهو مضاف. النكاية : مضاف إليه مجرور. أعداءه : مفعول به للمصدر «النكاية» منصوب ، وهو مضاف ، والهاء : في محلّ جرّ بالإضافة. يخال : فعل مضارع مرفوع ، والفاعل : هو. الفرار : مفعول به منصوب. يراخي : فعل مضارع مرفوع بالضمّة المقدّرة على الياء للثقل ، والفاعل : هو. الأجل : مفعول به منصوب ، وسكّن للضرورة الشعرية.

وجملة (... ضعيف النكاية) الاسميّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها ابتدائيّة. وجملة (يخال الفرار)

١١٨

[٢ ـ عمل الاسم الذي بمعنى المصدر] :

وهذا الذي ذكر من إعمال المصدر في هذا الباب إنّما يجوز في المصدر الجاري وأما الاسم الذي في معنى المصدر ، فلا يعمل إلّا حيث سمع ، وذلك في مثل قول الشاعر [من الوافر] :

٤٧١ ـ أكفرا بعد ردّ الموت عني

وبعد عطائك المئة الرتاعا

لأنّ العطاء في معنى الإعطاء. وكذلك قوله [من الكامل] :

٤٧٢ ـ أظلوم إنّ مصابكم رجلا

أهدى السّلام تحية ظلم

__________________

الفعليّة في محلّ رفع خبر ثان. وجملة (يراخي الأجل) الفعليّة في محلّ نصب حال أو مفعول به ثان لـ «يخال».

والشاهد فيه قوله : «النكاية أعداءه» حيث نصب بالمصدر المقترن بـ «أل» ، وهو قوله : «النكاية» ، مفعولا به ، وهو قوله : «أعداء».

٤٧١ ـ التخريج : البيت للقطاميّ في ديوانه ص ٣٧ ؛ وتذكرة النحاة ص ٤٥٦ ؛ وخزانة الأدب ٨ / ١٣٦ ، ١٣٧ ؛ والدرر ٣ / ٦٢ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٦٤ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٤٨٩ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٦٩٥ ؛ ولسان العرب ٩ / ١٤١ (رهف) ، ١٥ / ٦٩ (عطا) ؛ ومعاهد التنصيص ١ / ١٧٩ ؛ والمقاصد النحوية ٣ / ٥٠٥ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ٤١١ ؛ وأوضح المسالك ٣ / ٢١١ ؛ والدرر ٥ / ٢٦٢ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٣٣٦ ؛ وشرح ابن عقيل ص ٤١٤ ؛ ولسان العرب ٨ / ١٦٣ (سمع) ، ١٥ / ١٣٨ (غنا) ؛ وهمع الهوامع ١ / ١٨٨ ، ٢ / ٩٥.

اللغة والمعنى : الكفر : جحود النعمة. الرتاع : ج الراتعة ، وهي الإبل السمينة التي ترتع في خصب وسعة.

يقول : أمن المعقول أن أجحد نعمتك بعد أن دفعت عني الموت (أي أطلقتني من الأسر) وأعطيتني مئة من الإبل السمينة؟!

الإعراب : أكفرا : الهمزة : للاستفهام ، كفرا : مفعول مطلق منصوب. بعد : ظرف متعلّق بـ «كفرا» ، وهو مضاف. ردّ : مضاف إليه مجرور ، وهو مضاف. الموت : مضاف إليه مجرور. عني : جار ومجرور متعلّقان بـ «ردّ». وبعد : الواو : حرف عطف. بعد : معطوف على «بعد» السابقة ، وهو مضاف. عطائك : مضاف إليه مجرور ، وهو مضاف ، والكاف : في محلّ جرّ بالإضافة. المئة : مفعول به لاسم المصدر «عطاء» منصوب. الرتاعا : نعت «المئة» منصوب ، والألف : للإطلاق.

وجملة (... كفرا) الفعليّة لا محلّ لها من الإعراب لأنها ابتدائيّة أو استئنافيّة تقديره «أكفر كفرا» أو «أضمر كفرا».

والشاهد فيه قوله : «عطائك المئة» فقد عمل اسم المصدر الذي هو «عطاء» عمل الفعل ، فنصب المفعول الذي هو قوله «المئة» بعد إضافته لفاعله ، وهو ضمير المخاطب.

٤٧٢ ـ التخريج : البيت للحارث بن خالد المخزومي في ديوانه ص ٩١ ؛ والاشتقاق ص ٩٩ ، ١٥١ ؛

١١٩

يريد : إنّ إصابتكم ، وأهل الكوفة يجيزون ذلك ، ويجعلونه مقيسا. وهذا خطأ لأنّه لم يكثر كثرة توجب القياس.

وأجاز أهل الكوفة إعمال ضمير المصدر في مثل : «ضربي زيدا حسن وهو عمرا قبيح». واستدلوا على ذلك بقوله [من الطويل] :

٤٧٣ ـ وما الحرب إلّا ما علمتم وذقتم

وما هو عنها بالحديث المرجّم

__________________

والأغاني ٩ / ٢٢٥ ؛ وخزانة الأدب ١ / ٤٥٤ ؛ والدرر ٥ / ٢٥٨ ؛ ومعجم ما استعجم ص ٥٠٤ ؛ وللعرجي في ديوانه ص ١٩٣ ؛ ودرّة الغوّاص ص ٩٦ ؛ ومغني اللبيب ٢ / ٥٣٨ ؛ وللحارث أو للعرجي في إنباه الرواة ١ / ٢٨٤ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٦٤ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٩٢ ؛ والمقاصد النحويّة ٣ / ٥٠٢ ؛ ولأبي دهبل الجمحي في ديوانه ص ٦٦ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٦ / ٢٢٦ ؛ وأوضح المسالك ٣ / ٢١٠ ؛ وشرح الأشموني ٢ / ٣٣٦ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٧٣١ ؛ ومجالس ثعلب ص ٢٧٠ ؛ ومراتب النحويين ص ١٢٧ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ٩٤.

اللغة والمعنى : ظلوم : اسم امرأة. مصابكم : أي إصابتكم.

يقول : يا ظلوم ، إنّ مقابلة تحيّة إنسان بالجفاء والأذى تجنّ وظلم.

الإعراب : أظلوم : الهمزة : للنداء ، ظلوم : منادى مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب على النداء. إنّ : حرف مشبّه بالفعل. مصابكم : اسم «إنّ» منصوب ، وهو مضاف ، و «كم» : في محل جرّ بالإضافة. رجلا : مفعول به للمصدر الميمي «مصابكم» منصوب. أهدى : فعل ماض ، والفاعل : هو. السّلام : مفعول به منصوب. تحيّة : مفعول لأجله منصوب ، أو مفعول مطلق. ظلم : خبر «إن» مرفوع.

وجملة (أظلوم) الفعليّة لا محلّ لها من الإعراب لأنها ابتدائيّة. وجملة (إنّ مصابكم رجلا ظلم) الاسميّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها استئنافيّة. وجملة (أهدى السّلام) الفعليّة في محلّ نصب نعت «رجلا».

والشاهد فيه قوله : «مصابكم رجلا» حيث أعمل الاسم الدالّ على المصدر عمل المصدر لكونه ميميّا ، فقد أضاف «مصاب» إلى فاعله ، وهو كاف الخطاب ، ثم نصب به مفعوله ، وهو قوله : «رجلا» ، وكأنّه قد قال : إن إصابتكم رجلا.

٤٧٣ ـ التخريج : البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ١٨ ؛ وخزانة الأدب ٣ / ١٠ ، ٨ / ١١٩ ؛ والدرر ٥ / ٢٤٤ ؛ وشرح شواهد المغني ١ / ٣٨٤ ؛ ولسان العرب ١٢ / ٢٢٨ (رجم) ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ١٠ / ٤٧٣ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ٩٢.

اللغة : شرح المفردات : ذقتم : خبرتم. الحديث المرجّم : الذي في غير موضع اليقين.

المعنى : يقول : ليست الحرب إلّا ما عهدتموها وجرّبتموها ومارستم كراهتها ، والذي أقوله ليس بحديث تظنّ به الظنون.

الإعراب : الواو : بحسب ما قبلها ما : حرف نفي. الحرب : مبتدأ مرفوع بالضمّة الظاهرة. إلّا : حرف حصر. ما : اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع خبر للمبتدأ. علمتم : فعل ماض مبنيّ على السكون ، والتاء

١٢٠