أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه - ج ٢

أبي عبد الله محمّد بن إسحاق ابن العبّاس الفاكهي المكّي

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن إسحاق ابن العبّاس الفاكهي المكّي


المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
الموضوع : الحديث وعلومه
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٩٦

١٣١٦ ـ وحدّثنا أبو بشر بكر بن خلف / قال : ثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، عن أبي جعفر الفرّاء ، عن أبي سلمان ـ مؤذن الجماعة ـ قال : كان أبو محذورة ـ رضي الله عنه ـ إذا قال : حيّ على الفلاح ، قال : الصلاة خير من النّوم ـ مرتين ـ.

١٣١٧ ـ حدّثني الحسن بن مكرم ، قال : حدّثني أبو عبيد بن يونس بن عبيد ـ لصلبه ـ قال : ثنا أبو عامر الخزّاز ، عن ابن أبي مليكة ، عن أبي محذورة ـ رضي الله عنه ـ قال : لمّا قدم عمر ـ رضي الله عنه ـ مكة أذّنت.

فقال لي : يا أبا محذورة ، أما خفت أن ينشق [مريطاؤك](١)؟ قال : قلت : يا أمير المؤمنين ، أحببت أن أسمعك أذاني. قال ـ رضي الله عنه ـ : إنّ مكة بلاد حارّة ، فابرد بالصلاة ، ثم أبرد ، ثم أبرد.

__________________

١٣١٦ ـ إسناده حسن.

أبو سلمان المؤذن : مقبول. التقريب ٢ / ٤٣٠. وأبو جعفر الفرّاء ، هو : الكوفي ، اختلف في اسمه ، وهو ثقة. التقريب ٢ / ٤٠٦.

رواه أحمد ٣ / ٤٠٨ من طريق : عبد الرحمن ، عن سفيان به ، والنسائي ٢ / ١٣ ـ ١٤ ، من طريق عبد الله ، ويحيى ، وعبد الرحمن ، عن سفيان به. ورواه المزّي في تهذيب الكمال ٣ / ١٥٩٣ من طريق : ابن المبارك ، عن سفيان به.

١٣١٧ ـ في اسناده مسكوت عنه.

وهو : أبو عبيد بن يونس ، واسمه عبد الله. ذكره ابن حبّان في : الثقات ٨ / ٣٣٦ ، وسكت عنه ابن أبي حاتم ٥ / ٢٠٥. أما شيخ المصنّف ، فذكره الخطيب في تاريخ بغداد ٧ / ٤٣٢ ، وقال : كان ثقة. وأبو عامر الخزّاز ، هو : صالح بن رستم. صدوق كثير الخطأ. التقريب ١ / ٣٦٠.

رواه البيهقي في الكبرى ١ / ٣٩٧ من طريق : الحسين بن مكرم به. وعبد الرزاق ١ / ٥٤٥ من طريق : خالد الحذّاء ، وفي ٤ / ١٤ من طريق : سفيان بن عبد الله الثقفي.

وابن أبي شيبة ١ / ٣٢٥ من طريق : ابن سابط ، عن أبي محذورة ، بنحوه.

(١) في الأصل (من يطؤك) وهو تصحيف ، والمريطاء : عرقان في مراقي البطن يعتمد عليهما الصائح.

١٤١

١٣١٨ ـ حدّثنا محمد بن يحيى الزمّاني ، قال : ثنا أبو بكر الحنفي ، قال : ثنا عبد الله بن نافع ، عن أبيه ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ عمر ـ رضي الله عنه ـ قال لأبي محذورة : إنّك بأرض حارّة شديدة الحر ، فابرد ، ثم أبرد بالأذان للصلاة.

١٣١٩ ـ حدّثنا محمد بن إدريس ، قال : ثنا الحميدي ، قال : ثنا ابراهيم ابن عبد العزيز ، قال : حدّثني جدي عبد الملك ، عن أبيه أبي محذورة ـ رضي الله عنه ـ مثل ذلك عن عمر ، وزاد فيه : ثم أبرد ـ ثلاثا ـ ثم اركع ركعتين ، وأقم الصلاة آتك ولا تأتني.

١٣٢٠ ـ حدّثني أحمد بن حميد الأنصاري ، عن يحيى بن إسحاق ، قال : أنا حمّاد بن سلمة ، عن عبد الله بن عثمان القرشي ـ وليس بابن خثيم ـ عن بلال بن سعد الدمشقي ، عن الضحاك بن قيس ، قال : إنّ مؤذنا من

__________________

١٣١٨ ـ إسناده ضعيف.

أبو بكر الحنفي ، هو : عبد الكبير بن عبد المجيد. وعبد الله بن نافع المدني : ضعيف.

التقريب ١ / ٤٥٦.

رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١ / ١١١ من طريق : نافع به (أفاد ذلك محقق مصنّف عبد الرزاق ١ / ٥٤٥).

١٣١٩ ـ إسناده حسن.

ابراهيم بن عبد العزيز ، هو : الجمحي : صدوق يخطئ التقريب ١ / ٣٩.

رواه عبد الرزاق ١ / ٤٨٢ من طريق : عكرمة بن خالد بمعناه ، والدار قطني ١ / ٢٣٥ من طريق : الحميدي به ، بنحوه. والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٥٢٧ من طريق : أيوب السختياني ، بمعناه.

١٣٢٠ ـ إسناده ضعيف.

شيخ المصنّف ، وشيخ شيخه لم أقف عليهما. وعبد الله بن عثمان : مجهول. التقريب ١ / ٤٣٢.

رواه عبد الرزاق ١ / ٤٨٢ من طريق : الضحاك بن قيس ، بنحوه.

١٤٢

مؤذّني الكعبة لقيه ، فقال : إنّي أحبك في الله. فقال : لكني أبغضك في الله.

قال : لم؟ فقال : لأنك تبغي في أذانك ، وتأخذ على أذانك أجرا.

١٣٢١ ـ حدّثنا محمد بن يوسف ، قال ثنا أبو قرّة ، قال : سمعت الثوري يحدّث ، عن عثمان أبي اليقضان (١) ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنّه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : لا يهولهم الفزع الأكبر يوم القيامة ، إمام أمّ قوما يبتغي بذلك وجه الله ـ عزّ وجلّ ـ وهم به راضون ، أو مؤذن أذّن خمس ساعات يبتغي بذلك وجه الله ، وعبد أدى حق الله ، وحق مولاه عليه.

١٣٢٢ ـ حدّثنا محمد بن علي ، قال : ثنا يعلى بن عبيد ، قال : ثنا طلحة ابن يحيى ، عن عيسى بن طلحة ، قال : سمعت معاوية ـ رضي الله عنه ـ يقول : سمعت النبي صلّى الله عليه وسلم يقول : المؤذّنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة.

١٣٢٣ ـ حدّثنا الحسن بن علي الحلواني ، قال : ثنا عبد الله بن صالح.

١٣٢٤ ـ وحدّثنا محمد بن صالح ، قال : ثنا سعيد بن أبي مريم ، وأبو

__________________

١٣٢١ ـ إسناده ضعيف.

١٣٢٢ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ٢٢٥ ، وأحمد (٣ / ٩ الفتح الرباني) ومسلم ٤ / ٨٩ ، وابن ماجه ١ / ٢٤٠ ، والبيهقي ١ / ٤٣٢ ، كلّهم من طريق : طلحة بن يحيى به.

١٣٢٣ ـ إسناده صحيح.

١٣٢٤ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن ماجه ١ / ٢٤١. والحاكم ١ / ٢٠٤ ، والبيهقي ١ / ٤٣٣ ثلاثتهم من طريق أبي صالح به. وقال الحاكم على شرط البخاري ، ووافقه الذهبي. وقال البيهقي : قال أبو عبد الله : هذا حديث صحيح. ورواه الحاكم أيضا ١ / ٢٠٥ ، والبيهقي ١ / ٤٣٣ من طريق : ابن لهيعة ، عن عبيد الله بن أبي جعفر ، عن نافع به.

(١) في الأصل (عثمان بن أبي اليقضان) ـ والصواب ما أثبت ـ وهو : عثمان بن عمير الكوفي.

ضعيف ، اختلط ، وكان يدلس ، ويغلو في التشيّع. التقريب ٢ / ١٣.

١٤٣

صالح ، قالا : ثنا يحيى بن أيوب ، قالوا جميعا : عن ابن جريج ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قال : من أذّن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة. وزاد الحلواني في حديثه : وكتب له بتأذينه في كل يوم ستون حسنة ، وبكل إقامة ثلاثون حسنة.

١٣٢٥ ـ حدّثنا عبد الله بن أبي سلمة ، قال : ثنا محمد بن ابراهيم بن العلاء ، قال : ثنا محمد بن العلاء الأيلي ، قال : ثنا يونس بن يزيد الأيلي ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ عن أبيّ بن كعب ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : دخلت الجنة ، فرأيت فيها خياما من لؤلؤ ، ترابها المسك ، فقلت : لمن هذا يا جبريل؟ فقال : للمؤذنين والأئمة من أمتك يا محمد.

١٣٢٦ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا هشام بن سليمان ، / عن ابن جريج ، قال : قلت لعطاء : هل تعلم تأذين من مضى يخالف [تأذيننا](١) اليوم؟ قال : ما أعلم بينهما من خلاف فيما بلغني. قال ابن جريج : فقال إنسان لعطاء : أعجب لمؤذنيكم يقولون في الأول : الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن

__________________

١٣٢٥ ـ إسناده ضعيف.

محمد بن ابراهيم بن العلاء ، هو : الدمشقي ، منكر الحديث التقريب ٢ / ١٤١. ومحمد بن العلاء الأيلي ، وشيخ المصنّف لم أقف عليهما.

ذكره السيوطي في الجامع الكبير ١ / ٥٢١ ، وعزاه لأبي يعلى ، وأبي الشيخ في الأذان. وقال ابن كثير ، وابن حجر في أطرافه : غريب جدّا.

١٣٢٦ ـ إسناده حسن.

هشام بن سليمان ، هو : المخزومي.

(١) في الأصل (ديننا) وهو تحريف.

١٤٤

محمدا رسول الله. فقال لي عطاء : قد أحسنوا من غير أن أقول أنه سنة ، ولكنه زيادة خير ، مع أني لا أعلم إلا أن أبا محذورة ـ رضي الله عنه ـ كان يؤذن لذلك. قلت : لا تعلم أن أبا محذورة ـ رضي الله عنه ـ كان لا يخالفهم في الأول؟ قال : لا. قلت : الإقامة. قال : لا أدري. قال ابن جريج : وأخبرني عمرو بن دينار ، أنه سمع بني سعد القرط ، في إمارة ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ يؤذنون الأول : أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح ، حيّ على الفلاح. قلت لعمرو : وما الإقامة؟ قال : لا أدري كيف كانوا يقولون في الإقامة.

١٣٢٧ ـ وحدّثنا عبد السلام بن عاصم ، قال : ثنا جرير بن عبد الحميد ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن مجاهد ، قال : لما قدم عمر ـ رضي الله عنه ـ مكة أتاه أبو محذورة ـ رضي الله عنه ـ وقد أذّن ، فقال : الصلاة يا أمير المؤمنين ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح ، حيّ على الفلاح ، فقال : ويحك أمجنون أنت ، أما كان في دعائك الذي دعوتنا ما نأتيك حتى تأتينا.

وأما أذان الصبح الأول فليس هو ببلد إلا بمكة ، يؤذن به إذا بقي من الليل ثلثه ، وهو الذي كان العمل عليه بمكة ، ويتناولون قول النبي صلّى الله عليه وسلم ليلا : إلا أن بلالا ينادي بليل ، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم (١). فكانوا على الأذان الأول وحده ، حتى كان عبد الله بن محمد بن داود (٢) ، فأخذهم

__________________

١٣٢٧ ـ إسناده منقطع.

مجاهد لم يدرك عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).

(١) رواه أحمد ٢ / ٩ ، ٥٧ ، من حديث ابن عمر.

(٢) كان واليا على مكة سنة (٢٣٩). أنظر العقد الثمين ٥ / ٢٤٣.

١٤٥

بالأذان الآخر عند طلوع الفجر ، فثبت إلى اليوم بمكة ، ورأوه موافقا للناس ، فهم عليه إلى اليوم ، إلا انهم لا يؤذنون الأذان الأول في شهر رمضان مخافة أن يمتنع الجاهل من السحور ، ويظن انه الأذان الآخر الذي يؤذن مع الفجر.

ذكر

الاستلقاء والاضطجاع في المسجد الحرام والجلوس

على اللّبود والطنافس (١) في المسجد

١٣٢٨ ـ حدّثنا أبو بشر بكر بن خلف ، قال : ثنا غندر محمد بن جعفر ، قال : ثنا ابن جريج ، قال : حدّثني مغيرة بن عبيد بن ركانة ، عن أبيه ، قال : إنه رأى عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ في مسجد بمكة مستلقيا قد وضع احدى رجليه على الأخرى.

١٣٢٩ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، قال : إنه رأى عروة بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ جالسا في المسجد الحرام على طنفسة.

__________________

١٣٢٨ ـ في اسناده من سكت عنه.

فمغيرة بن عبيد بن ركانة سكت عنه البخاري في الكبير ٧ / ٣٢٠ ، وابن أبي حاتم ٨ / ٢٢٦. وذكره ابن حبان في الثقات ٧ / ٤٦٤. وأبوه كذلك سكت عنه البخاري ٥ / ٤٤٨ ، وذكره ابن حبان في الثقات ٥ / ١٣٥.

١٣٢٩ ـ إسناده صحيح.

(١) اللبّود ، نوع من البسط ، يصنع من الصوف ، واحدها : لبد تاج العروس ٢ / ٩٤٠. والطنافس ، واحدها : طنفسة ، وهو البساط الذي له خمل رقيق. النهاية ٣ / ١٤٠.

١٤٦

١٣٣٠ ـ حدّثني مسلم بن الحجاج ، قال : ثنا نصر بن علي الجهضمي ، قال : ثنا وهب بن جرير بن حازم ، قال : حدّثني أبي ، قال : رأيت أبا الطفيل سنة مائة يلقى له مضرّبة (١) في المسجد الحرام فيجلس عليها.

والناس بمكة على ذلك إلى اليوم يجلسون على اللّبود في المسجد الحرام ، ولبعضهم يقول الشاعر :

/ إنّ في المسجد الحرام لقوما

خدعوا النّاس باللّبود الصّغار

وبسود على الجباه حكتها

ركب الشّاء في الرّبا والصّحاري

كلّهم مرصد لمال يتيم

وغريب وحرّة في صرار

اخذ الله للملّتين منهم

وكفى شرّهم رماة الجمار

وأخبرني إسحاق بن محمد ، قال : سمعت أبي ، يقول ، سمعت سفيان بن عيينة ، وهو مضطجع في المسجد الحرام مقابل الركن اليماني ، فمر الفضل (٢) ابن الربيع ، فلما أن جاوز مجلسه ، رفع رأسه كأنه ينظر ثم رجع إلى حاله ، وانشأ يقول :

كم من قويّ قويّ في تقلبه

مهذّب الرّأي عنه الرّزق ينحرف

ومن ضعيف ضعيف العقل مختلط

كأنّما من خليج البحر يغترف

__________________

١٣٣٠ ـ إسناده صحيح.

(١) المضرّبة : البساط ، ذو طاقين بينهما قطن. اللسان ١ / ٥٥١.

(٢) أحد وزراء الدولة العبّاسية في حكم هارون الرشيد ، وكان زوال دولة البرامكة على يديه. مات سنة (٢٠٨) ه البداية والنهاية ١٠ / ٢٦٣.

١٤٧

ذكر

الاعتكاف في المسجد الحرام وفي الحرم كله

والنذر في ذلك

١٣٣١ ـ حدّثنا يعقوب بن حميد ، قال : ثنا عبد العزيز بن محمد ، وأنس ابن عياض ، وعبد الله بن رجاء ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : إن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ كان نذر في الجاهلية أن يعتكف في المسجد الحرام ليلة. قال ابن رجاء : أو قال : شهرا ، فلما كان الإسلام سأل النبي صلّى الله عليه وسلم فقال : أوف بنذرك. قال : فاعتكف ليلة.

١٣٣٢ ـ حدّثنا عبد الجبّار ، قال : ثنا مؤمّل ، عن سفيان ، عن عبيد الله ابن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ بنحوه.

__________________

١٣٣١ ـ إسناده صحيح.

رواه البخاري ٤ / ٢٧٤ ، ٢٨٤ ومواضع أخرى من صحيحه ، ومسلم ١١ / ١٢٤ ـ ١٢٦ ، وأبو داود ٣ / ٣٢٨ ، والترمذي ٧ / ٢٢ ـ ٢٣ ، والنسائي ٧ / ٢١ ـ ٢٢ ، وابن ماجه ١ / ٥٦٣ ، والبيهقي ١٠ / ٧٦ كلّهم من طريق : عبيد الله العمري به.

ورواه عبد الرزاق ٤ / ٣٥٢ من طريق : معمر ، عن أيوب ، عن نافع به.

١٣٣٢ ـ إسناده حسن.

مؤمّل ، هو : ابن اسماعيل البصري ، نزيل مكة : صدوق سيء الحفظ. التقريب ٢ / ٢٩٠.

رواه البيهقي ١٠ / ٧٦ من طريق : سفيان به.

١٤٨

١٣٣٣ ـ وحدّثنا أبو العبّاس ، أحمد بن محمد ، قال : ثنا أبو سلمة ، عن سعيد بن زيد ـ أخي حماد بن زيد ـ قال : ثنا علي ـ يعني ابن الحكم ـ قال : سمعت عطاء بن أبي رباح ، يقول : من اعتكف بهذا المسجد ـ يعني : المسجد الحرام ـ من أهل مكة فعليه الصوم ، ومن اعتكف من غير أهل مكة فليس عليه الصوم ، الا أن يجعله على نفسه ، كذلك قال ابن عمر وابن عباس ـ رضي الله عنهم ـ.

١٣٣٤ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، ومحمد بن أبي عمر ، قالا : ثنا سفيان ، عن جامع بن أبي راشد ، عن أبي وائل ، قال : إنّ حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ قال لعبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : إنّ ناسا عكوفا بين دارك ودار أبي موسى ، وانت لا تغيّر ، وقد علمت أنه لا اعتكاف إلا في المسجد الحرام ، أو في المساجد الثلاثة مسجد المدينة ومسجد بيت المقدس؟.

١٣٣٥ ـ حدّثنا ميمون بن الحكم الصنعاني ، قال : ثنا محمد بن جعشم ، عن ابن جريج ، قال : قلت له ـ يعني عطاء ـ : فامرؤ نذر جوارا في مسجد خيف منى أتوجبه أم لا من أجل أنه مسجد غير جامع إلا أيام منى قط أم

__________________

١٣٣٣ ـ إسناده صحيح.

أبو سلمة. هو : موسى بن اسماعيل التبوذكي.

رواه عبد الرزاق ٤ / ٣٥٣ ، والبيهقي ٤ / ٤١٨ كلاهما من طريق : ابن جريج عن عطاء به.

١٣٣٤ ـ إسناده صحيح.

أبو وائل ، هو : شقيق بن سلمة.

رواه عبد الرزاق ٣ / ٣٤٨ من طريق : سفيان به. ورواه أيضا ٣ / ٣٤٧ ، وابن أبي شيبة ٣ / ٩١ من طريق : واصل الأحدب ، عن ابراهيم ، عن حذيفة به.

١٣٣٥ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه ، وبقية رجاله ثقات.

١٤٩

بمكة؟ قال : بل يوفيه. ثم قال بعد : لا جوار إلا في مسجدين ، مسجد مكة ، ومسجد المدينة (١).

قال ابن جريج : وسمعت عطاء ، يخبر عن يعلى بن أمية ، قال : إني لأمكث في المسجد وما أمكث إلا لأعتكف : قال : حسبت أن صفوان بن يعلى أخبرنيه (٢).

قال ابن جريج : قلت له : فنذر جوارا على رؤوس هذه الجبال ، جبال مكة ، أيقضي عنه أن يجاور في المسجد ، قال : نعم ، المسجد خير وأطهر.

قلت له : وكذلك في كل أرض إن نوى الإنسان / جوارا في جبالها ، أمسجدها أحب إليك أن يجعل فيه جواره؟ قال : نعم. ثم أخبرني عند ذلك ، قال : نذرت عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ جوارا في جوف ثبير مما يلي منى.

قلت : نعم فقد جاورت؟ قال : أجل ، وقد كان عبد الرحمن بن أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ [نهاها](٣) عن ذلك عن أن تجاور ، ثم أراه منعها خشية أن يتخذ ذلك سنة. قال : فقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : حاجة كانت في نفسي (٤).

قال ابن جريج : فرّق لي عطاء بين جوار القروي والبدوي ، فقال : أما القروي إذا نذر الجوار هجر بيته وهجر الزوج وصام ، وأما البدوي الذي ليس من أهل مكة فإذا نذر الجوار كانت مكة كلها حينئذ مجاورا له في أي نواحي مكة شاء ، وفي أي بيوتها شاء ، ولم يصم وأصاب أهله ان شاء (٥).

__________________

(١) رواه عبد الرزاق ٤ / ٣٤٩ عن ابن جريج ، عن عطاء به.

(٢) المصدر السابق ٤ / ٣٤٦.

(٣) في الأصل (نهانا) والتصويب من عبد الرزاق.

(٤) رواه عبد الرزاق ٤ / ٣٥٠ ـ ٤٥٤ عن ابن جريج به.

(٥) رواه عبد الرزاق ٤ / ٣٦٧ عن ابن جريج به.

١٥٠

ذكر

السمر والحديث في المسجد الحرام

١٣٣٦ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، قال : كان عمرو بن دينار يسمر إلى ربع الليل وقريب من مثله ، وعنده أيوب السختياني والناس.

١٣٣٧ ـ ووجدت في مكان آخر من كتابي : حدّثنا ابن ابي عمر ، قال : ثنا سفيان ، قال : كان أيوب يجلس مع عمرو بن دينار ، ويسمر عنده إلى نحو من ربع الليل ، فإذا قام عمرو دخل أيوب الطواف فأدخل معه ، فيقول : أرأيت لو لا أنا كنت تطوف؟ فأقول : لا ، فيقول : سل ، فيحدّثني ، ثم يقول : اذهب فانقلب.

١٣٣٨ ـ حدّثنا محمد بن يحيى ، قال : ثنا سفيان ، قال : كان عمرو بن دينار ، يسمر بعد العشاء ، فقال له رجل : رأيت ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يسمر بعد العشاء؟ قال : نعم.

١٣٣٩ ـ حدّثني محمد بن عبيد بن سفيان الأموي ، عن الهيثم بن عدي ،

__________________

١٣٣٦ ـ إسناده صحيح.

رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ ٢ / ١٩ من طريق : الحميدي ، عن سفيان به.

١٣٣٧ ـ إسناده صحيح.

رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ ٢ / ١٩ من طريق : الحميدي به.

١٣٣٨ ـ إسناده صحيح.

١٣٣٩ ـ إسناده متروك.

الهيثم بن عدي ، قال ابن معين : ليس بثقة ، كذاب. وقال أبو حاتم : متروك. الجرح ٩ / ٨٥. وأبو حمزة الثمالي ، هو : ثابت بن أبي حفصة : ضعيف ، رافضي. التقريب ١ / ١١٦.

١٥١

عن أبي حمزة الثمالي ، قال : خرج قوم يسمرون بمكة ليلا فسمعوا قائلا يقول : دان الزّمان ، وخسي الشّيطان ، وذلّ السّلطان ، لعمر بن عبد العزيز بن مروان ، فلم يلبثوا أن جاءتهم خلافته. فلما كان بعد ذلك وهم في سمرهم سمعوا قائلا يقول :

جزاك عنّا مليك النّاس صالحة

في جنّة الخلد والفردوس يا عمر

أنت الّذي لا نرى عدلا نسرّ به

من بعده ما جرت شمس ولا قمر

ذكر

الصلاة في المسجد الحرام في شهر رمضان واقامة الناس

خلف المقام والترغيب في ذلك وطلبه وشرفه وصفة

قيام أهل مكة في شهر رمضان وتفسير ذلك

١٣٤٠ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا هشام بن سليمان ، وعبد المجيد بن أبي روّاد ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني محمد بن عباد بن جعفر ، عن عبد الله بن السائب بن أبي السائب ، قال : اني لأقوم بالناس في شهر رمضان إذ دخل عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ معتمرا ، فسمعت تكبيره على باب المسجد وأنا أؤم الناس ، فدخل فصلى بصلاتي.

١٣٤١ ـ وحدّثني أبو العباس أحمد بن محمد ، قال : ثنا سعيد بن أبي

__________________

١٣٤٠ ـ إسناده صحيح.

تقدّم برقم (١٠٢٤).

١٣٤١ ـ إسناده منقطع.

نافع بن عمر الجمحي مات سنة (١٦٩) ، وهو ثقة ثبت ، لكنه لم يدرك عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).

١٥٢

مريم ، عن نافع بن عمر الجمحي ، قال بلغني أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أمر عبد الله بن السائب حين جمع الناس / في رمضان أن يقوم بأهل مكة ، فكان يصلي مستأخرا عن المقام ، فيصلي بصلاته من شاء ، ومن شاء أن يطوف طاف ، ومن شاء أن يصلي لنفسه في ناحية المسجد صلّى ، فكان على ذلك حتى مات عبد الله بن السائب في زمن ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ.

١٣٤٢ ـ حدّثني أبو العباس أحمد بن محمد ، قال : ثنا ابن أبي مريم عن نافع ـ [بن عمر](١) ـ قال : أخبرني ابن أبي مليكة قال : فجئت إلى اسماء فكلمتها في أن تكلم لي عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ أن يأمرني أن أقوم بالناس ، فقالت له ذلك ، فقال : ترينه يطيق ذلك؟ قالت : قد طلبه. قال : فأمرني فقمت بالناس حتى قدم عمر بن عبد العزيز ـ رضي الله عنه ـ فقال عمر بن عبد العزيز ـ رضي الله عنه ـ : لقد هممت أن أجمع الناس على إمام واحد ، ثم قلت : سنّة كانت قبلي.

١٣٤٣ ـ حدّثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر ، قال : كلمت محمد بن عبد الرحمن القاضي للحميدي [ان](٢) يقرأ بالناس في شهر رمضان.

__________________

١٣٤٢ ـ إسناده صحيح.

١٣٤٣ ـ محمد بن عبد الرحمن القاضي ، هو : ابن أبي سلمة بن سفيان بن عبد الأسد القرشي المخزومي ، المشهور ب (السفياني) ، قاضي مكة وأميرها ، ولي مكة ثماني وعشرين سنة ، أو أكثر ، وعزل عن القضاء في خلافة المأمون سنة (١٩٨). أنظر العقد الثمين ٢ / ١٠.

(١) في الأصل (عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ).

(٢) في الأصل (أبي).

١٥٣

١٣٤٤ ـ وحدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : إنه أدرك أهل مكة لا يقنتون إلا في النصف الثاني من شهر رمضان في الوتر. وقال غيره من أهل مكة : كانوا يسلمون فيما مضى في ركعتي الوتر.

١٣٤٥ ـ حدّثنا محمد بن يحيى ، قال : ثنا سفيان ، عن ابان بن أبي عياش ، عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : لما دخلت العشر [قنت](١) إمامنا أبيّ بن كعب ـ رضي الله عنه ـ وكان يصلي بالرجال.

ولا أعلم إلا أن في حديث أبان عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن أبيا لم يقنت حتى مضى النصف الأول من شهر رمضان. قال سفيان : قد ثبت ذلك عندنا.

قال ابن أبي عمر : وكذلك كان العمل بمكة.

١٣٤٦ ـ حدّثنا حسين بن حسن ، قال : أنا ابن عليّة ، قال : ثنا أيوب ، قال : رأيت ابن أبي مليكة يصلي بالناس في شهر رمضان خلف المقام بمن صلى معه من الناس ، والناس في سائر المسجد من بين مصلّ وطائف بالبيت.

وقد فسّرنا هذا.

١٣٤٧ ـ حدّثنا أحمد بن جعفر المعقري ، قال : ثنا النضر بن محمد ، قال : ثنا عكرمة بن عمّار ، قال : أمّنا عبد الله بن عبيد بن عمير في المسجد

__________________

١٣٤٤ ـ قلت : أمّا الآن فيقنتون في أيام الشهر كلّها ، ويسلّمون في ركعتي الوتر.

١٣٤٥ ـ إسناده ضعيف جدا.

أبان بن عيّاش البصري : متروك. التقريب ١ / ٣١.

١٣٤٦ ـ إسناده حسن.

١٣٤٧ ـ إسناده حسن.

(١) في الأصل (أبق) وهو تحريف.

١٥٤

الحرام ، وكان يؤمّ الناس ، فكان يقرأ بنا في الوتر بالمعوذات ـ يعني في شهر رمضان ـ وكان أهل مكة على القنوت في الوتر في النصف الأخير من شهر رمضان ، وكانوا يقنتون في صلاة الصبح أيضا من السنة إلى السنة ، وإنما ترك ذلك بمكة من قبل الولاة من أهل العراق.

وقال بعض أهل مكة : كان الناس بمكة في قديم الدهر يقومون قيام شهر رمضان في أعلى المسجد الحرام ، تركز حربة خلف المقام بربوة ، فيصلي الإمام دون الحربة والناس معه ، فمن أراد صلى ، ومن أراد طاف وركع خلف المقام كما فعل ابن أبي مليكة ، فلما ولي خالد بن عبد الله القسري أمر القرّاء أن يتقدموا فيصفوا خلف المقام ، فقيل له : تقطع الطواف لغير صلاة مكتوبة؟ قال : فأنا آمرهم أن يطوفوا بين كل ترويحتين سبعا ، فأمرهم ففصلوا بين كل ترويحتين بطواف سبع ، فقيل له : فكيف بمن يكون في مؤخر المسجد وجوانبه حتى يعلم انقضاء الطواف فيتهيأ الناس للصلاة ، فأمر عبيد الكعبة أن يكبّروا حول الكعبة ، ويقولون : الحمد لله والله أكبر ، فإذا بلغوا الركن الأسود في الطواف السادس سكتوا بين التكبير سكتة / حتى يتهيأ من كان في الحجر وفي جوانب المسجد من مصل وغيره ، فيعرفون ذلك بانقطاع التكبير فيخفف المصلى صلاته ثم يعودوا إلى التكبير حتى يفرغوا من السبع ، ويقوم مسمّع من غلمان الكعبة فينادي على زمزم : الصلاة رحمكم الله. [وكان](١) عطاء وعمرو بن دينار ـ فيما ذكر المكيون ـ : يرون ذلك ولا ينكرونه (٢). فإذا فرغ الإمام من التراويح فاحرس المسجد على أبواب المسجد ، فأذنوا للنساء ، فخرجن أولا حتى ينفذ آخر النساء وذلك بعد طواف سبع بعد القيام ، فإذا طاف الطائف

__________________

(١) في الأصل (وقال).

(٢) قارن بالأزرقي ٢ / ٦٥ ـ ٦٦ ، فقد روى هذه الأخبار عن جدّه ، عن عبد الرحمن بن حسن بن القاسم ابن عقبة الأزرقي ، عن أبيه.

١٥٥

سبعا قام غلام من غلمان الكعبة وهو المسمّع في الصلاة وراء المقام ، فصاح بأعلى صوته بالحرس : أرسل أرسل ، فإذا سمع ذلك الحرسي الذي على أبواب المسجد أرسلوا الرجال حينئذ ، وقد صار النساء إلى منازلهن ، فإذا كان بعد القيام بليل وذلك مقدار الأذان الأول أو أرجح جاء المؤذّن إلى المنارة التي تلي أجياد ، وقد جمع مؤذني الجبال قبل ذلك تحت المنارة من خارج في الوادي ، فصاح بأعلى صوته : السحور رحمكم الله ، اشربوا رحمكم الله ، فيفعل ذلك مرتين أو ثلاثا ، فيجيبه مؤذّنو الجبال الذي (١) تحت المنارة ويصيحون : اشربوا ، ويتفرقون في فجاج مكة يؤذّنون الناس بالسحور إلى قريب من الفجر.

* وسمعت بعض فقهاء أهل مكة وأشياخها يقول : كان من أمر الناس قديما أن يختموا القرآن في شهر رمضان ليلة سبع وعشرين في الترويحة الأولى من التراويح في الركعة الثالثة من الترويحة الأولى ، فإذا فرغ الخاتم دعا وهو قائم قبل ركوعه ، ودعا الناس معه ساعة لا يطول فيها ولا يقصر لكيلا يضر بالضعيف ، ثم يركع ، فإذا قام في الرابعة قرأ بفاتحة الكتاب وآيات من سورة البقرة ليكون قد ختم وابتدأ.

قال : ويروى عن بعض من مضى من قرّاء أهل مكة أنهم كانوا في الختمة إذا بلغوا (والضحى) كبّر الخاتم بعد فراغه من كل سورة يقول : الله أكبر في الصلاة ثم تركوا ذلك بعد ، وجعلوا التكبير عند قراءة القرآن في المسجد الحرام في غير شهر رمضان ، ثم تركوه بعد ذلك ، فإذا كانت ليلة تسع وعشرين من شهر رمضان وفرغ الناس من أربع من التراويح الخمس قاموا فأداروا بالكعبة من جوانبها ووقفوا يدعون الله ، ويكبّرون ، ويسألون المغفرة لذنوبهم ، والقبول لصيامهم وأعمالهم ، وأن لا يجعله آخر العهد من صيام شهر

__________________

(١) كذا في الأصل.

١٥٦

رمضان وقيامه في المسجد الحرام ، فيفعلون ذلك ليلا طويلا ثم ينادون : الصلاة ، فيصلى الامام ترويحته الخامسة ، فإن تم الشهر فعلوا مثل ذلك في ليلة ثلاثين أيضا.

١٣٤٨ ـ حدّثنا الحسن بن علي الحلواني قال : ثنا عبد الرزاق ، قال : أنا معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : كان النبي صلّى الله عليه وسلم يرغّب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة يقول : من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، فتوفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم والأمر على ذلك. وكان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ وصدرا من خلافة عمر ـ رضي الله عنه ـ.

ذكر

عمارة المسجد الحرام والزيادات التي زادها

الأئمة والخلفاء فيه وتفسير ذلك

ذكر

زيادة عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ

في المسجد الحرام كيف كانت

١٣٤٩ ـ حدّثنا أحمد بن صالح ، عن محمد بن عمر الواقدي ، قال : كان

__________________

١٣٤٨ ـ إسناده صحيح.

رواه عبد الرزاق ٤ / ٢٥٨ ، وأحمد ٢ / ٢٨١ ، والبخاري ٤ / ٢٥٠ ، ومسلم ٦ / ٤٠ ، وأبو داود ٢ / ٦٦ ، والترمذي ٤ / ٢٠ ، والنسائي ٣ / ٢٠٢ ، كلّهم من طريق : الزهري به.

وقوله (فتوفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم ... الخ) من كلام الزهري ، كما عند البخاري.

١٣٤٩ ـ ذكره ابن جرير في تاريخه ٤ / ٢٠٦ نقلا عن الواقدي. كانت هذه الزيادة سنة (سبع عشرة). وأنظر إتحاف الورى ٢ / ٨ ، وشفاء الغرام ١ / ٢٢٤.

١٥٧

المسجد الحرام جدارا محاطا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ حتى كان عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فضاق على الناس ، فوسّع عمر ـ رضي الله عنه ـ المسجد ، واشترى دورا فهدمها ، وهدم ما قرب من المسجد حين أبوا أن يبيعوا ، وأعطاهم أثمان الدور بعد ذلك ، ثم أحاط عليه بجدر قصير دون القامة ، ورفع المصابيح على الجدر ، وجعل الردمين (١) : ردم أجياد ، وردم أعلى مكة.

ذكر

زيادة عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ

في المسجد الحرام

١٣٥٠ ـ حدّثنا أحمد بن صالح ، عن محمد بن عمر الواقدي : قال : ثنا معمر مولى ابن قسيط ، عن ابن قسيط ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، قال : إنّ عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ لمّا ولي الخلافة وسّع المسجد الحرام ، واشترى من قوم ، وأبى آخرون أن يبيعوا ، فهدم عليهم ، فصيّحوا به عند البيت ، فدعاهم ، فقال : إنما جرّأكم عليّ حلمي عنكم ، فعل هذا عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فلم يصيّح به أحد.

__________________

١٣٥٠ ـ الواقدي متروك. ومعمر ، هو : ابن عبد الرحمن ، ذكره ابن أبي حاتم ، وسكت عنه ٨ / ٢٥٥.

رواه الأزرقي ٢ / ٦٩ ، والطبري في التاريخ ٥ / ٤٧.

وكانت هذه الزيادة سنة (٢٦). وأنظر إتحاف الورى ٢ / ١٩ ، وشفاء الغرام ١ / ٢٢٤.

(١) سيأتي الكلام عنهما مفصّلا ـ إن شاء الله ـ.

١٥٨

١٣٥١ ـ فحدّثنا أبو عمار الحسين بن حريث ، أنه سمع عبد الله بن رجاء المكّي ـ منذ ستين سنة ـ يحدّث عن اسماعيل بن أمية ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : لقد عابوا على عثمان ـ رضي الله عنه ـ أشياء لو فعلها عمر ـ رضي الله عنه ـ ما عابوها عليه.

ثم رجعنا إلى حديث الواقدي ، قال : قال عثمان ـ رضي الله عنه ـ واتبعت اثر عمر ـ رضي الله عنه ـ في ذلك فصحتم ، ثم أمر بهم إلى السجن ، فكلم فيهم عبد الله بن خالد بن أسيد.

ذكر

زيادة ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ في المسجد

الحرام بعد عثمان بن عفان ـ رضي الله تعالى عنه ـ

وقال بعض المكيّين : كان المسجد الحرام على ما جعله عليه عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ بحائط قصير غير مسقّف ، إنما يجلس الناس في المسجد بالغداة والعشي يتبعون الأفياء ، فإذا قلص الظل قامت المجالس (١).

وكان ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ قد بلغ بالمسجد في بنائه إلى أن أشرعه على الوادي مما يلي الصفا ، والوادي يومئذ في موضع المسجد الحرام اليوم ، ثم مضى به مصعدا من وراء بيت الشراب لاصقا به ليس بين جدر بيت الشراب الذي يلي الصفا وبين جدر المسجد إلا قدر ما يمر الرجل ، وهو منحرف ، ثم أصعد به عن بيت الشراب مصعدا بقدر سبعة أذرع أو نحو

__________________

١٣٥١ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن شبّة في تاريخ المدينة ٣ / ١١١٦ من طريق : أيوب ، عن نافع به.

(١) رواه الأزرقي ٢ / ٦٩ عن جدّه.

١٥٩

ذلك ، ثم رده في العراض ، وكانت زاوية المسجد [التي](١) تلي المسعى ، ونحر الوادي الزاوية الشرقية ، ليس بينها وبين زاوية بيت الشراب الشرقية إلا نحو من سبعة أذرع ، ثم رده عرضا على المطمار (٢) إلى باب دار شيبة / بن عثمان ، وهي يومئذ أدخل منها اليوم في المسجد ، ثم رد جدر المسجد منحدرا على وجه دار الندوة ، وهي يومئذ داخلة في المسجد الحرام (٣).

قال عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة يذكر نسوة رآهن هناك :

با قلبي بريم ساكن المروة

رخيم الدّلّ مقتبع هضيم قاصر الخطوة

سيأتي ليلة الاثنين بين الحجر والنّدوة (٤)

وكان بابها في وسط الصحن بينه وبين الصف الأول مثل ما بينه وبين الطيقان الأولى من المسجد الحرام اليوم ، فكان على النصف من ذلك أو نحوه من الاسطوانة الحمراء إلى موضع الصف الأول ، فيقال : إنّ باب دار الندوة كان فيما هنالك (٥). ويروى عن داود بن عبد الرحمن العطار أنه قال : رأيت ابن هشام المخزومي وهو أمير مكة يخرج من باب دار الندوة وهو يومئذ في هذا الموضع. قال داود : فربما طفت سبعا بعد خروجه من الدار قبل أن يصل هو إلى الركن الأسود ، وكان عظيما جسيما طويلا وكان يضع يديه على أكبر شيخين من قريش ، ثم يمشي الاطاريح قليلا قليلا ويتقهقر أبدا حتى يبلغ الركن الأسود فيستلمه ، وكان باب دار الندوة في موضعه هذا حتى زاد أبو جعفر أمير المؤمنين في المسجد فأخّره إلى ما هو عليه اليوم ، فكان هذا بناء ابن

__________________

(١) في الأصل (الذي).

(٢) هو : الخيط الذي يقوّم عليه البناء ، ويسمّى (التّرّ). النهاية ٣ / ١٣٨.

(٣) أخبار مكة للأزرقي ٢ / ٦٩ ـ ٧٠.

(٤) لم أجده في ديوانه.

(٥) الأزرقي ٢ / ٧٠.

١٦٠