أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه - ج ١

أبي عبد الله محمّد بن إسحاق ابن العبّاس الفاكهي المكّي

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن إسحاق ابن العبّاس الفاكهي المكّي


المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
الموضوع : الحديث وعلومه
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٩١

يزيد بن زريع ، قال : ثنا عمارة بن أبي حفصة ، عن عكرمة ، قال : اختتن ابراهيم ـ عليه السلام ـ وهو ابن ثمانين سنة ، فأوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ إليه : يا ابراهيم ، إنك قد أكملت إيمانك. وقال أبو بشر : الإسلام ، قالا : جميعا إلا بضعة ، قال أبو بشر : منك ، وقال حسين : من جسدك ، فألقها ، فختن نفسه بالفأس ، وزاد أبو بشر : وصرف بصره عن عورته أن ينظر إليها. قالا : جميعا : قال عكرمة : فلم يطف بعد على ملة ابراهيم بالبيت إلا مختتن.

ذكر

الطواف بالصبيان إذا ولدوا ، وإذا اختتنوا ،

وإذا ختموا

٦٢٣ ـ / حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : أنا عبد الله بن الوليد.

٦٢٤ ـ وحدّثنا عبد الجبار بن العلاء ، قال : ثنا بشر بن السري ، جميعا ، عن سفيان الثوري ، عن أبي اسحاق ، قال : طاف أبو بكر بعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم في خرقة.

__________________

ـ الأخيرة. أنظر صحيح البخاري ٦ / ٣٨٨ ، وصحيح مسلم ١٥ / ١٣٢ ، ومسند أحمد ٢ / ٤١٨ ، وغيرها.

٦٢٣ ـ إسناده منقطع.

٦٢٤ ـ إسناده منقطع.

رواه عبد الرزاق ٥ / ٧٠ ، من طريق : الثوري به. لكن وقع تصحيف في كنية أبي اسحاق السبيعي في النسخة المطبوعة. ورواه ابن أبي شيبة ١٣ / ٩٠ ، ١٤ / ٧٩ ، من طريق : يحيى بن آدم ، عن اسرائيل ، عن أبي اسحاق به. ورواه علي بن الجعد في المسند ٢ / ٧٧٨ ، وابن أبي عاصم في الأوائل رقم (١٢٢) كلاهما عن اسرائيل عن أبي إسحاق به.

وذكره ابن حجر في الإصابة ٢ / ٣٠٢ ، وعزاه للبغوي في الجعديات ، ثم نقل الحافظ عن ـ

٣٠١

٦٢٥ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا هشام بن سليمان ، عن ابن جريج ، قال : قلت لعطاء : الغلام لم يبلغ يطاف به أيوضأ؟ قال : ما عليه إلا على من عقل إلا أن يبتغي أهله البركة في وضوءه.

وأهل مكة على هذا إلى اليوم يطوفون بصبيانهم إذا نفسوا (١) وإذا ختموا وإذا أرادوا أن يختنوا.

ذكر

إنشاد الشعر في الطواف وفي المسجد الحرام وتفسير ذلك

٦٢٦ ـ حدّثنا عبد الجبار بن العلاء ، قال : ثنا أبو سعيد ، مولى بني هاشم ،

__________________

ـ ابن سعد أن الواقدي أنكره ـ أي : طواف أبي بكر بابن الزبير ـ وقال : هذا غلط بيّن ، فلا اختلاف بين المسلمين أنه أول مولود ولد بعد الهجرة ، ومكة يومئذ حرب لم يدخلها النبي صلّى الله عليه وسلم حينئذ ، ولا أحد من المسلمين.

قلت : ظاهر الخبر لا يفيد أن طواف أبي بكر بابن الزبير كان بالكعبة ، كما يتوهم في ايراد المصنّف له في هذه الترجمة انما طاف به في المدينة المنوّرة ، لأنه أوّل مولود ولد للمهاجرين وقد زعمت اليهود أن المهاجرين لا يولد لهم ، لأنهم سحروهم فطاف أبو بكر بابن بنته ليشتهر أمر ميلاده. أنظر البداية والنهاية لابن كثير ٨ / ٣٣٣.

٦٢٥ ـ إسناده لا بأس به.

هشام بن سليمان ، هو : ابن عكرمة بن خالد المخزومي.

٦٢٦ ـ إسناده حسن.

ذكره ابن حجر في الإصابة ٢ / ٢١٨ ، من طريق : عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن الطفيل بن مالك به. والشعر المذكور ، ينسب لأبي أحمد بن جحش الأسدي ، الشاعر الأعمى ، أخي زينب بنت جحش أم المؤمنين. وسيذكره المصنّف عنه بعد الخبر (٢١٢١).

وأنظر أنساب الأشراف للبلاذري ١ / ٢٠٠ ، والإصابة ٤ / ٤.

(١) أي إذا طهرت أمهاتهم من نفاسهن ، ويقال للصبي : هو في النفاس ما لم يخرج من الأربعين يوما الأولى من حياته. ولا زال بعض أهل مكة يفعل هذا إلى اليوم. أما إذا ختموا القرآن أو أرادوا أن يختتنوا فلا يعرف اليوم.

٣٠٢

قال : ثنا سعيد بن مسلم بن [بانك](١) عن [عبد الله](٢) بن أبي أوفى ، سمعه منه ، قال : ان أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يطوف بالبيت وهو يقول :

يا حبّذا مكّة من وادي

أرض بها أهلي وعوّادي

فمرّ به رسول الله صلّى الله عليه وسلم فوضع يده على منكبه ، فقال : الله أكبر الله أكبر ، فقال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ : الله أكبر الله أكبر.

٦٢٧ ـ حدّثني عبد الله بن شبيب الربعي ، قال : حدّثني ذويب بن عمامة السهمي ، قال : حدّثني عمرو بن عثمان التيمي ، قال : حدّثني عبد الرحمن ابن عبد الله بن أبي صعصعة المازني ، عن الحارث بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن كعب بن مالك ، عن أبيه ، عن أم عمارة الأنصارية ـ رضي الله عنها ـ قالت : شهدت عمرة القضيّة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكنت قد شهدت الحديبية ، فكأني أنظر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين انتهى إلى البيت وهو على راحلته حتى دنا من الركن ، فاستلم الركن بمحجنه مضطبعا ، والمسلمون مضطبعون ، وعبد الله بن رواحة ـ رضي الله عنه ـ بين يديه صلّى الله عليه وسلم يقول :

خلّوا بنّي الكفّار عن سبيله

أنا الشّهيد إنّه رسوله

حقّا وكلّ الخير في سبيله

نحن قتلناكم على تأويله

كما قتلناكم على تنزيله

__________________

٦٢٧ ـ إسناده ضعيف.

هكذا رويت هذه الأبيات هنا ، ولم أجد في المراجع ذكر هذه الأبيات مجتمعة بهذا الشكل ، وكلهم يذكرونها بتقديم أو تأخير أو زيادة أو نقصان.

أنظر سيرة ابن هشام ٤ / ١٣ ، وتاريخ الطبري ٣ / ١٠٠ ، وسبل الهدى والرشاد ٥ / ٢٩١ ـ ٢٩٢.

(١) في الأصل (مالك) وهو تصحيف.

(٢) في الأصل (عثمان) وهو خطأ.

٣٠٣

٦٢٨ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني محمد بن فضالة ، عن صالح بن كيسان ، وعن عبد الله بن أبي بكر [بن](١) محمد بن عمرو بن حزم ، قالا : قدم وفد من أهل العراق على عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ فأتوه في المسجد الحرام ، فسلموا عليه ، فسألهم عن مصعب بن الزبير ، وعن سيرته فيهم ، فقالوا : أحسن الناس سيرة وأقضاهم لحق ، وأعدلهم في حكم ، وذلك في يوم جمعة ، فلما صلّى عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ بالناس الجمعة صعد المنبر ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، وصلّى على نبيه صلّى الله عليه وسلم ثم تمثل :

قد جرّبوني ثم جرّبوني

من غلوتين ومن [المئين](٢)

حتّى إذا شابوا وشيّبوني

خلّوا عناني ثم سيّبوني

ثم قال ـ رضي الله عنه ـ : أيها الناس اني قد سألت هذا الوفد من أهل العراق عن عاملهم مصعب بن الزبير ، فأحسنوا الثناء ، وذكروا منه أن مصعبا أطبى القلوب حتى لا تعدل به ، والأهواء حتى لا تحول عنه ، واستمال الألسن بثنائها ، والقلوب بصحتها (٣) ، والأنفس بمحبتها ، فهو المحبوب في خاصته ، المأمون في عامته ما (٤) أطلق فيه / لسانه من الخير ، وبسط يديه من

__________________

٦٢٨ ـ رجاله موثقون ، إلا أن محمد بن فضالة قد سكت عنه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٨ / ٥٦.

رواه أبو علي القالي في الأمالي ١ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩ ، بإسناده إلى أبي عبيدة ، قال : فذكره بطوله.

ومعنى (الغلوة) : قد رمية بسهم ، أي المسافة التي يقطعها السهم بعد الرمي ، وقد تستعمل في سباق الخيل ، فتطلق على المسافة التي تقطعها الخيل عند السباق وغيره. أنظر لسان العرب ١٥ / ١٣٢.

(١) في الأصل (عن) وهو خطأ.

(٢) في الأصل (المكين) والتصويب من الأمالي.

(٣) كذا في الأصل ، وفي الأمالي (بنصحها).

(٤) كذا في الأصل ، وفي الأمالي (بما).

٣٠٤

البذل ثم نزل. وقتل مصعب ـ رضي الله عنه ـ في سنة اثنتين وسبعين.

٦٢٩ ـ حدّثنا الفضل بن حسن البصري ـ ببغداد ـ قال : ثنا أبو الشعثاء ، قال : ثنا أحمد بن [بشير](١) ، قال : ثنا مجالد ، عن عامر ، قال : لقي ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ وهو يطوف بالكعبة ابنا لخالد بن جعفر الكلابي ، فقال له : أنشدني ما قال أبوك لزهير (٢) ، أو ابن زهير ، فقال : يا أمير المؤمنين ، اني محرم. قال ابن الزبير : وأنا محرم ، فانشده حتى بلغ هذا البيت :

فإمّا تأخذوني فاقتلوني

وإن أسلم فليس إلى خلودي

قال ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ : فإن مثلي ومثل بني أمية ما قال أبوك :

فإمّا تأخذوني فاقتلوني

وإن أسلم فليس إلى خلودي

٦٣٠ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، وعبد الجبار بن العلاء ، قالا : ثنا سفيان ، عن محمد بن السائب بن بركة ، عن أمه ، قالت : طفت مع عائشة

__________________

٦٢٩ ـ إسناده ضعيف.

مجالد ، هو : ابن سعيد. ليس بالقوي ، وقد تغير في آخر عمره.

٦٣٠ ـ تقدم هذا الإسناد برقم (٣٩٤).

وتقدم تخريج هذا الشعر في (٣٩٩). وقد رواه أبو الفرج في الأغاني ٤ / ١٦٣ ، بإسناده إلى ابن جريج ، عن محمد بن السائب به.

(١) في الأصل (بشر) وهو تصحيف.

(٢) زهير ، هو : ابن جذيمة بن رواحة العبسي ، والد قيس بن زهير ـ صاحب الفرسين داحس والغبراء اللذين بسببهما كانت الحرب المشهورة ـ وكان زهير هذا قد قتل له ولد ، قتله رجل من (غنى) فطالب زهير غنى بدمه ، فتدخل خالد بن جعفر بن كلاب العامري مصلحا بين أخواله الغنويين ، وبين زهير ، ثم كانت حروب بين الطرفين ، وأيام ، انتهت بقتل زهير بن جذيمة ، ثم إستجارة خالد بالنعمان بن المنذر ، ثم مقتل خالد ... الخ. أنظر تفاصيل ذلك في الكامل لابن الأثير ١ / ٣٣٦ ـ ٣٤٣.

٣٠٥

أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ فذكروا حسان بن ثابت ، فسبوه ، فقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : لا تفعلوا ، أليس هو الذي يقول :

هجوت محمّدا فاجبت عنه

وعند الله في ذاك الجزاء

فإنّ أبي ووالده وعرضي

لعرض محمّد منّكم وقاء؟

قالوا : أليس هو الذي قال لك ما قال؟ ثم قرأوا الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ (١) قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : أليس قد عمى؟ والبيت الأول ليس من حديثهما.

٦٣١ ـ حدّثنا عبد الوهاب بن فليح ، قال : ثنا مروان بن معاوية ، عن إلياس السلمي ، عن [ابن](٢) بريدة ، قال : أعان جبريل ـ عليه السلام ـ حسان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ على مدحه النبي صلّى الله عليه وسلم بسبعين بيتا.

٦٣٢ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا عمر بن حبيب البصري ، عن اسماعيل المكي ، عن أم خداش ، قالت : رأيت ابن عباس وأبا سعيد الخدري وجابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهم ـ قال عمر بن حبيب : وأنا أشك في أحد هذين : ابن عمر وأبي هريرة ـ رضي الله عنهم ـ يتحدثون في الطواف ويتناشدون الأشعار.

__________________

٦٣١ ـ في إسناده إلياس السلمي ، ولم أقف على ترجمته.

ولم أجد هذا الأثر ، ولكنه مروي من حديث أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال : اللهم أيّده بروح القدس. أنظر صحيح البخاري ١ / ٥٤٨. وصحيح مسلم ١٦ / ٤٥.

٦٣٢ ـ إسناده ضعيف.

عمر بن حبيب البصري ، هو : ابن محمد القاضي ، ضعيف. واسماعيل المكي ، هو : ابن أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي. وأم خداش ، ذكرها ابن حبان في ثقات التابعين ٥ / ٥٩٣.

(١) سورة النور : ١١.

(٢) في الأصل (أبي) وهو خطأ ، فهو : عبد الله بن بريدة بن الحصيب.

٣٠٦

٦٣٣ ـ وحدّثنا حسين بن حسن ، قال : ثنا يزيد بن زريع ، قال : ثنا النهاس بن قهم ، عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم يتناشدون الشعر ، وهم يطوفون.

٦٣٤ ـ حدّثني أحمد بن محمد القرشي ، قال : ثنا ابراهيم بن المنذر ، قال : حدّثني معن بن عيسى ، قال : حدّثني محمد بن عبد الرحمن الاوقص ، عن علي بن زيد بن جدعان ، قال : أنشد كعب بن زهير ـ رضي الله عنه ـ النبيّ صلّى الله عليه وسلم :

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

في المسجد الحرام.

٦٣٥ ـ وحدّثني أبو سعيد عبد الله بن شبيب الربعي ، قال : حدّثني يحيى ابن ابراهيم بن داود بن أبي قتيلة.

__________________

٦٣٣ ـ إسناده ضعيف.

النهاس بن قهم ، ضعيف. التقريب ٢ / ٣٠٧.

٦٣٤ ـ إسناده ضعيف.

علي بن زيد بن جدعان ، ضعيف ، ومحمد بن عبد الرحمن الأوقص هو : ابن هشام ابن يحيى المخزومي ، قاضي مكة. ذكره ابن أبي حاتم ٧ / ٣١١ ، وسكت عنه. وقال العقيلي : يخالف في حديثه. وقال ابن عساكر : ضعيف. أنظر العقد الثمين ٢ / ١١٨.

والقصيدة مشهورة ، وهي بطولها عند ابن هشام ٤ / ١٤٧ ـ ١٥٦. والمشهور أن كعبا أنشد هذه القصيدة في المدينة. أما ما ذكره المصنّف أنه أنشدها في المسجد الحرام فقد ذكره ابن هشام ٤ / ١٥٨ عن علي بن زيد بن جدعان. ومعنى قوله : متبول ، أي : أمرضه الحب وأسقمه.

٦٣٥ ـ إسناده ضعيف.

٣٠٧

٦٣٦ ـ وحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني هارون بن أبي بكر ، قال : حدّثني يحيى بن ابراهيم بن قتيلة ، مولى لبني بهز بن سليم ـ يزيد أحدهما على صاحبه في اللفظ ـ عن سليمان بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير ، عن أبيه ، عن عمّه عبد الله بن عروة ، قال : أقحمت السنة نابغة بني جعدة ونحن مع عبد الله بن الزبير بمكة ، قال الزبير في حديثه : فدخل على ابن الزبير المسجد الحرام ، ونحن معه ، فقال : /

حكيت لنا الصّديق لمّا وليتنا

وعثمان والفاروق فارتاح معدم

وسويّت بين الناس في الحقّ فاستووا

فعاد ضياء حالك اللون مظلم

اتاك أبو ليلى يجوب به الدّجى

دجى الليل جوّاب الفلاة عثمثم (١)

لترفع منّا جانبا ذعذعت به

صروف اللّيالي والزّمان المصمّم (٢)

__________________

٦٣٦ ـ في إسناده محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير ، سكت عنه ابن أبي حاتم ٨ / ١٢٣.

وأما هارون بن أبي بكر ، فهو أخو الزبير بن أبي بكر ، ذكره ابن حبان في الثقات ٩ / ٢٤٠.

رواه أبو الفرج في الأغاني ٥ / ٢٨ ، من طريق : الزبير بن بكار وغيره به بنحوه.

وذكره المبرد في الكامل ٣ / ١١٧٥ ، من طريق : يحيى بن محمد بن عروة به. وابن عساكر في التاريخ ٧ / ٤٠٧ (تهذيبه) ، وابن كثير في البداية والنهاية ٨ / ٣٣٦ ، من طريق : الزبير بن بكار به. وذكره ابن حجر في الاصابة ٣ / ٥١٠ ـ ٥١١ بإسناده إلى الزبير بن بكار به. وقال : أخرجه ابن أبي خيثمة في تأريخه ، وابن جرير في تأريخه عنه ـ أي عن ابن أبي خيثمة ـ وابن أبي عمر في مسنده ، وابن السكن ، والطبراني في الصغير. أه. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ١٠ / ٢٥ وعزاه للطبراني في الكبير ، وقال : فيه راو لم أعرفه ، ورجاله مختلف فيهم. وذكره السيوطي في جمع الجوامع ١ / ٧٣٤ ، وعزاه للزبير بن بكار ، وثعلب في اماليه.

(١) العثمثم : هو الجمل الشديد الطويل.

(٢) (لترفع) وردت في الأصل (أترفع) بالاستفهام وهو خطأ ، وصوّبناه من بعض المراجع ، وجاء في بعضها (لجبر). ومعنى قوله (ذعذعت) أي فرّقت به ، وزعزعته. أنظر لسان العرب ٨ / ٩٨.

٣٠٨

قال : فقال له ابن الزبير : امسك عليك أبا ليلى ، فإن الشعر أهون وسائلك عندنا ، أما صفوة ما لنا فلآل الزبير ، وأما عفوته (١) فإن بني أسد ، وتيما تشغله عنك ، ولكن لك في مال الله حقان : حق برؤيتك رسول الله صلّى الله عليه وسلم وحق بشركتك أهل الإسلام في فيّهم ، ثم نهض به إلى دار النّعم ، فأعطاه قلائص سبعا ، وجملا رحيلا (٢) ، وأوقر له الركاب برّا وتمرا وثيابا ، فجعل أبو ليلى يعجل فيأكل الحب صرفا ، وابن الزبير يقول : ويح أبي ليلى لقد بلغ به الجهد ، فقال النابغة : أشهد لسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول : ما وليت قريش فعدلت ، واسترحمت فرحمت ، وحدّثت فصدقت ، ووعدت خيرا فأنجزت ، فأنا والنبييون فرط القاصفين (٣). زاد ابن الزبير في حديثه : والقاصفون الذين يرسلون الإبل مرة واحدة.

٦٣٧ ـ وحدّثني أحمد بن محمد ، قال : ثنا ابراهيم بن المنذر ، قال : ثنا معن بن عيسى قال : بينا سعيد بن جبير يطوف بالبيت ، وبين يديه رجل اضلع يطوف بين يديه فقيل له : أتعرف هذا؟ فقال : لا ، ومن هذا؟ قال : هذا الذي يقول له الشاعر :

حميد الّذي أمج داره

أخو الخمر ذو الشّيبة الأصلع

علاه المشيب على شربها

وعاش حميدا ولم ينزع

فقال سعيد بن جبير : بل : عاش شقيا ولم ينزع.

__________________

٦٣٧ ـ إسناده منقطع ، لأن معن بن عيسى لم يدرك سعيد بن جبير.

(١) عفوته : أي ما يفضل عن النفقة. أنظر النهاية ٣ / ٢٦٥.

(٢) رحيلا : أي قويا على الرحلة معوّد عليها. كذا في هامش الكامل. أما القلائص : فهي جمع قلوص ، وهي الناقة الشابة كما في النهاية ٤ / ١٠٠.

(٣) القصف : الكسر والدفع الشديد لفرط الزحام ، يريد أنهم يتقدمون الأمم إلى الجنة ، وهم على أثرهم ، بدارا متدافعين ومزدحمين. النهاية ٤ / ٧٣.

٣٠٩

٦٣٨ ـ حدّثني أحمد ، قال : قال ابراهيم : حدّثني مطرف بن عبد الله الهذلي ، عن أبيه ، قال : طفت مع أبي ـ يعني جده ـ بالبيت ، فإذا أنا بعجوز يضرب أحد لحييها الأرض ، فالتفت إليّ أبي ، فقال : يا بنيّ تعرف هذه العجوز؟ قلت : لا والله يا أبه من هذه؟ قال : ما كان بمكة امرأة أجمل من هذه ، ثم أنظر إلى ما صيرها الدهر ، هذه الذي يقول فيها الشاعر :

سلام ليت لسانا تنطقين به

قبل الذي نالني من قيله قطعا

أدعو إلى هجرها قلبي فيتبعني

حتّى إذا قلت هذا صادق نزعا

يلومني فيك أقوام أجالسهم

فما أبالي أطار اللّوم أو وقعا

٦٣٩ ـ وحدّثنا أبو بشر قال : ثنا خالد بن الحارث ، عن أشعث ، عن محمد ، عن كثير بن أفلح ، قال : إن آخر مجلس جلسته من زيد بن ثابت عند باب الكعبة يناشدنا فيه الشعر.

__________________

٦٣٨ ـ في إسناده مطرّف بن عبد الله ، وهو : ابن خويلد الهذلي عن أبيه ، عن جدّه ولم نقف على تراجمهم. وابراهيم ، هو : ابن المنذر. وأحمد ، هو : ابن محمّد.

رواه أبو علي القالي في ذيل الأمالي والنوادر ص : ٢١٥ ، من طريق : ابراهيم بن المنذر به.

٦٣٩ ـ إسناده حسن.

أشعث ، يحتمل أن يكون أشعث بن عبد الملك الحمراني ، الفقيه الثقة ، ويحتمل أن يكون أشعث بن عبد الله بن جابر الحداني ، الصدوق ، وذلك لأنهما يرويان عن محمد بن سيرين ، ويروي عنهما خالد بن الحارث.

٣١٠

ذكر

طواف النساء الغرباء بالبيت في المواسم في الإسلام والجاهلية

والطواف بالجواري الأحرار والإماء بمكة إذا بلغن وتفسير ذلك

٦٤٠ ـ / حدّثنا أحمد بن محمد القرشي قال : ثنا ابراهيم بن المنذر قال : ثنا هشام بن عبد الله بن عكرمة المخزومي ، قال : أخبرني هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : كانت امرأة تطوف بالبيت في الجاهلية ، ومعها بنون لها أمثال الرماح ، وهي تقول :

أنت وهبت الفتية السّلاهب

وهجمة يحار فيها الحالب

وثلّة مثل الجراد السّارب

متاع أيّام وكلّ ذاهب

قال هشام بن عبد الله : وحدّثني هشام بن عروة ، عن أبيه ، أن هذه المرأة أسلمت ورؤيت بعد ذلك وهي تطوف بالبيت وهي تقول هذه الأبيات.

٦٤١ ـ وحدّثني حاتم بن منصور ، قال : حدّثني ابراهيم بن شماس ، قال : ثنا حفص بن ميسرة الصنعاني ، عن عامر بن يحيى ، قال : إن رجلا كان

__________________

٦٤٠ ـ هشام بن عبد الله ، ذكره المزي في ترجمة هشام بن عروة ولم أقف على ترجمته.

والأبيات ذكرها الجاحظ في البيان والتبيين ٣ / ١٩٤ ، والحيوان ٣ / ٧٥.

ومعنى قوله (السلاهب) : جمع سلهب ، وهو : الطويل في كل شيء. اللسان ١ / ٤٧٤.

والهجمة من الإبل : قريب من المائة. النهاية ٥ / ٢٤٧.

وقوله (وثلة) هكذا في الأصل ، ووردت في المرجعين السابقين (وغنما) فذكرها باللفظ ، وما عند الفاكهي بالمعنى. والسارب : الذاهب على وجهه في الأرض.

٦٤١ ـ إسناده منقطع.

عامر بن يحي لم يدرك عمر بن الخطاب. أنظر تهذيب الكمال ص : ٦٤٧. وشيخ المصنّف لم أقف على ترجمته أيضا. ـ

٣١١

يطوف بالبيت يحمل أمه على ظهره ، وهو يقول :

أحمل أمّي وهي الحمّاله

ترضعني الدّرّة والعلاله

هل يجزينّ والد فعاله

فقال له عمر ـ رضي الله عنه ـ : لا ولا طلقة. فقال عمر. لوددت أن أمي أسلمت فاحملها كما حملت امك كان أحب إلي ممّا طلعت عليه الشمس أو غربت.

٦٤٢ ـ حدّثنا حسين بن حسن ، قال : أنا ابن المبارك ، قال : أنا شعبة ، عن سعيد بن أبي بردة ، عن أبيه ، قال : كان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يطوف بالبيت ، فرأى رجلا يطوف بالبيت حاملا أمه ، وهو يقول :

إنّي لها بعيرها المذلّل

إذا ذعرت ركابها لم أذعر

احملها ما حملتني أكثر

أو قال : أطول ، أتراني يا ابن عمر جزيتها؟ قال : لا ولا زفرة واحدة.

٦٤٣ ـ حدّثنا حسين قال : أنا ابن المبارك ، قال : أنا جعفر بن حيان ، عن الحسن قال : ابن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ رأى رجلا يطوف بالبيت حاملا أمه وهو يقول : أتريني جزيتك يا أمه؟ ، فقال ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ : أي لكع ، ولا طلقة واحدة.

__________________

ـ والدرّة ـ بكسر الدال ـ هي : اللبن إذا كثر وسال. النهاية ٢ / ١١٢.

والعلالة ـ بضم العين ـ هي : بقية اللبن في الضرع. النهاية ٣ / ٢٩١.

٦٤٢ ـ إسناده حسن.

٦٤٣ ـ إسناده حسن.

الحسن ، هو : البصري.

٣١٢

٦٤٤ ـ وحدّثني أحمد بن محمد القرشي ، قال : ثنا ابراهيم بن المنذر ، قال : ثنا معن بن عيسى ، قال : حدّثني عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ـ حسبته عن أبيه شك ابراهيم في أبيه ـ قال : بينما عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يطوف بالبيت إذا هو برجل على عنقه مثل المهاة وهو يقول :

عدت لهذي جملا ذلولا

موطّأ أتّبع السّهولا (١)

أعدلها بالكفّ أن تزولا

احذر أن تسقط أو تميلا

أرجو بذاك نائلا جزيلا

فقال له عمر ـ رضي الله عنه ـ : من هذه [التي](٢) وهبت لها حجك؟ قال : امرأتي يا أمير المؤمنين. قال : بم؟ قال : انها حمقاء مرغامة (٣) ، أكول قامة (٤) ، ما تبقي لنا خامة (٥) ، قال : فما لك لا تطلقها؟ قال : يا أمير المؤمنين ، حسناء فلا تفرك (٦) ، وأم عيال فلا تترك. قال : فشأنك بها.

__________________

٦٤٤ ـ إسناده منقطع.

ذكره ابن منظور في لسان العرب ١٢ / ٢٤٦ بطوله.

(١) في الأصل (أتبع به السهولا) والتصويب من اللسان.

(٢) في الأصل (الذي).

(٣) المرغامة : المغضبة لزوجها. اللسان ١٢ / ٢٤٦.

(٤) كذا في الأصل وفي اللسان. ولعلّ معناها (تلقامة) وهي : الكبيرة اللقم.

(٥) الخامة : السنبلة ، أي : ما تبقي لنا خبزا نأكله. راجع اللسان ٢ / ١٩٤. وردت هذه العبارة في اللسان (ما تبقي لها خامة).

(٦) تفرك : أي تبغض ، والفرك : بغضة الرجل امرأته أو بالعكس. أنظر اللسان ١ / ٤٧٤.

٣١٣

٦٤٥ ـ حدّثنا أحمد بن محمد بن حمزة بن واصل أبو الحسن ، قال : ثنا أبو الوليد ، قال : ثنا عبد الملك بن حبيب ، قال : بينما أبو حازم يطوف بالبيت ، إذ مرت به امرأة ذات حسن وجمال ، مسفرة عن وجهها ، وهي تطوف بالبيت ، فقال لها : يا أمة الله ان هذا موضع رغبة ، فلو استترت فلم تفتني الرجال. فقالت : يا أبا الحازم أنا من اللائي قال فيهن العرجي.

من اللّائي لم يحججن يبغين حسبة

ولكن ليقتلن التّقيّ المغفّلا

/ فقال لها أبو حازم : صان الله هذا الوجه عن النار. فقيل له : أفتنتك يا أبا حازم؟ فقال : لا ، ولكن الحسن مرحوم.

٦٤٦ ـ وقد قال ابن أذينة (١) : حدّثني بذلك أبو سعيد بن شبيب الربعي ، قال : ثنا ابراهيم بن المنذر ، قال : أنشدني محمد بن طلحة التيمي لابن أذينة.

وقد حدّثني غير [أبي](٢) سعيد بهذه الأبيات أيضا :

__________________

٦٤٥ ـ شيخ المصنّف لم نقف على ترجمته. وأبو الوليد ، هو : موسى بن أبي الجارود المكي. وأبو حازم ، هو : سلمة بن دينار المدني الثقة العابد.

رواه أبو الفرج في الأغاني ١ / ٤٠٤ ، من طريق آخر به. وذكره ابن عبد ربّه في العقد الفريد ٧ / ١٠٢ ، قال : نظر ابن أبي ذئب إلى عائشة بنت طلحة تطوف بالبيت ، ثم ذكر القصة ، وكأنها قصة أخرى. والله أعلم.

والعرجي ، هو : عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفّان الأموي ولقّب بالعرجي ، لأنه كان يسكن منطقة تسمي (العرج) قرب الطائف. أنظر الأغاني ١ / ٣٨٣.

٦٤٦ ـ إسناده ضعيف.

(١) هو : عروة بن أذينة ، وأذينة لقب ، واسمه : يحيى بن مالك الليثي. روى عنه مالك وعبيد الله العمري.

وله شعر حسن ، وهو من رجال التعجيل ص : ٢٨٥. وأنظر الأغاني ١٨ / ٣٢٢. وقد جمع شعره الذكتور يحيى الجبوري في بغداد. أنظر شخصيات الأغاني ص ١٦٤.

(٢) في الأصل (ابن) وهو خطأ.

٣١٤

نزلوا ثلاث منى بمنزل غبطة

وهم على غرض لعمرك ما هم

متجاورين بغير دار إقامة

لو قد أجدّ رحيلهم لم يندموا

ولهنّ بالبيت الحرام لبانة

والبيت يعرفهن لو يتكلّم

لو كان حيّا قبلهن ظعائنا

حيّا الحطيم وجوههنّ وزمزم

وكأنّهن وقد أفضن لواغيا

درّ بأفنية المقام مكرم

ثمّ انصرفن لهنّ أفضل زينة

وأفضن في رفه ، وحلّ المحرم (١)

ولم يذكر أبو سعيد بيتا في هذه الأبيات قوله. ـ متجاورين بغير دار إقامة.

وقد قال الشعراء في هؤلاء النساء اشعارا كثيرة ، سأذكر بعضها.

قال بعضهم :

يا حبّذا الموسم من مشهد

ومسجد الكعبة من مسجد

وحبّذا اللائي يواجهنها

عند استلام الحجر الأسود (٢)

كوفية أو غير كوفية

بصرية تسكن في المربد

علّقها القلب عراقية

مالت من الشّمس إلى مقعد

وقال عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة يذكر نساء رآهن :

أفسد الحجّ علينا نسوة

من عبد شمس كنّ للموسم زينا

وقالوا : نسوة من حيّ بكر

تهادين رويدا ثمّ لا يقضين دينا

__________________

(١) هذه الأبيات أوردها أبو علي القالي في ذيل الأمالي والنوادر ص : ١٢٦ باختلاف يسير ، وأبو الفرج الأصبهاني ١ / ٢٨٣ باختلاف يسير أيضا.

(٢) ذكر هذين البيتين الأزرقي ٢ / ٢١ ولم ينسبهما لقائل.

٣١٥

وقال شاعر آخر :

وبالبلد الميمون ممّا يلي الصّفا

فتاة كقرن الشّمس أحسن من مشى

تعلّقها قلبي وهي في طوافها

تريد استلام الرّكن في نسوة عشا

فجلّت [نهارا] لاح في ضوء وجهها

وايقنت انّ الله يخلق ما يشاء

وقال عمر بن أبي ربيعة أيضا يذكر نسوة رآهن عند الركن فيهن فتاة :

أبصرتها ليلة ونسوتها

يمشين بين المقام والحجر (١)

يجلسن عند الطّواف إن جلست

طورا وطورا يطئن في الأزر

وقال شاعر أيضا يذكر بعض هؤلاء النسوة :

أبصرتها ليلة ونسوتها

يسعين بين المقام والحجر

بيضا حسانا نواعما قطفا

يمشين هونا كمشية البقر (٢)

وقال شاعر أيضا يذكر بعض هؤلاء النسوة :

طرقتك بين مسبّح ومكبّر

بحطيم مكّة حيث سال الأبطح

فحسبت مكّة والمشاعر كلّها

ورحالنا بانت بمسك تنفح (٣)

__________________

(١) ذكره أبو الفرج في الأغاني ١ / ١٧٠.

(٢) ذكره الأصبهاني في الأغاني ١ / ١٧٠. والقطف : ضرب من المشي تقارب فيه الخطا ، مع السرعة. أنظر النهاية ٤ / ٨٤.

(٣) ذكره أبو علي القالي في الأمالي ٢ / ١٧٩. وذكر محققه أن هذين البيتين للحارث بن خالد ، كما في اللآلي في شرح الأمالي للبكري. وورد في الأصل (بين مسبح ومبكر) وهو سبق قلم.

٣١٦

/ وقد زعم بعض أهل مكة أنهم كانوا فيما مضى إذا بلغت الجارية ما تبلغ النساء ألبسها أهلها أحسن ما يقدرون عليه من الثياب ، وجعلوا عليها حليا إن كان لهم ، ثم ادخلوها المسجد الحرام مكشوفة الوجه بارزته ، حتى تطوف بالبيت ، والناس ينظرون إليها ويبدونها أبصارهم ، فيقولون : من هذه؟ فيقال : فلانة بنت فلان ، إن كانت حرة ، ومولدة آل فلان إن كانت مولدة ، قد بلغت أن تخدّر ، وقد أراد أهلها أن يخدرونها ، وكان الناس إذ ذاك أهل دين وأمانة ، ليسوا على ما هم عليه من المذاهب المكروهة ، فإذا قضت طوافها خرجت كذلك ينظر الناس إليها لكي يرغب في نكاحها ان كانت حرة ، وشرائها ان كانت مولدة مملوكة ، فإذا صارت إلى منزلها خدّرت في خدرها ، فلم يرها أحد حتى تخرج إلى زوجها ، وكذلك كانوا في الجواري الاماء يفعلون ، يلبسونها ثيابها وحليها ، ويطوفون بها مسفرة حول البيت ليشهروا أمرها ، ويرغّبوا الناس في شرائها ، فيأتي الناس فينظرون ويشترون.

٦٤٧ ـ حدّثني أبو بشر ـ بكر بن خلف ـ ، قال : ثنا روح بن عبادة.

٦٤٨ ـ وحدّثنا محمد بن زنبور ، قال : ثنا عيسى بن يونس ـ جميعا ـ عن الأوزاعي ، قال : سألت عطاء. وقال عيسى : سئل عطاء : عن النظر إلى الجواري اللائي يطاف بهن من حول البيت للبيع ، فكره ذلك إلا لمن أراد أن يشتري.

__________________

٦٤٧ ـ إسناده صحيح.

٦٤٨ ـ إسناده صحيح.

عطاء ، هو : ابن أبي رباح.

٣١٧

٦٤٩ ـ حدّثني أحمد بن حميد الأنصاري ، عن الأصمعي ، قال : حدّثني صالح بن أسلم ، قال : نظرت إلى امرأة تطوف بالبيت مستثفرة بثوب ، فنظر إليها عمر بن أبي ربيعة من وراء الثوب ، ثم قال :

ألمّا بذات الخال واستطلعا لنا

على العهد باق عهدها أم تصرّما

وقولا لها إنّ النّوى أجنبيّة

بنا وبكم قد خفت أن تتيّمما

فقلت له : امرأة مسلمة محرمة غافلة قد سيّرت فيها شعرا وهي لا تدري! فقال : لقد سيّرت من الشعر ما بلغك ، ورب هذه البنيّة ما حللت ازاري على فرج امرأة حرام قط.

٦٥٠ ـ حدّثني أبو العباس الكديمي ، قال : ثنا محمد بن يزيد بن خنيس ، قال : ثنا [وهيب](١) بن الورد ، قال : بينما امرأة تطوف بالبيت إذ قالت لأخت لها : يا أختاه قد فتح بيت ربي ، فهلا تدخلينه. فقالت : والذي نفسي بيده إني لأرغب أن أطأ حول بيت ربي ـ يعني : من عظم قدره عندها ـ فكيف أطأ بقدمي جوف بيت ربي.

٦٥١ ـ حدّثنا أحمد بن حميد الأنصاري ، عن الأصمعي ، قال : ثنا [أبو عمرو](٢) بن العلاء ، قال : بينما أنا أطوف ذات ليلة بالبيت إذا أنا بجويرة

__________________

٦٤٩ ـ شيخ المصنّف ، وصالح بن مسلم لم نقف عليهما.

ذكر هذا الخبر بطوله الفاسي في العقد الثمين ٦ / ٣١٧ ، عن الفاكهي. والبيتان في ديوانه ص : ٣٥٢ ، في أبيات له.

٦٥٠ ـ إسناده لا بأس به.

٦٥١ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه.

(١) في الأصل (وهب).

(٢) في الأصل (أبو عمر).

٣١٨

متعلقة بأستار الكعبة ، وهي تقول : يا رب أما لك عقوبة ولا أدب إلا بالنار ، حتى قال المؤذن : الله أكبر الله أكبر ، فانصرفت فلحقتها حتى خرجت من باب المسجد ، فتعلقت بثوبها ، فقلت لها : يا هذه فالتفتت إليّ بوجه لقد والله فضح عندي حسن وجهها ضوء القمر ، ولقد كانت في عيني أحسن من القمر. فقلت لها : يا هذه لو عذب بغير النار لكان ماذا؟ قالت : يا عماه لو عذب بغير النار لقضينا أوطارا.

٦٥٢ ـ حدّثني أحمد بن حميد ، عن سيار ، عن جعفر بن سليمان ، قال : سمعت مالك بن دينار ، يقول : بينما أنا أطوف بالبيت ذات ليلة إذا أنا بجويرية متعلقة بأستار الكعبة ، وهي تقول : يا رب ذهبت اللذات ، وبقيت التبعات ، يا رب كم من / شهوة ساعة قد أورثت صاحبها حزنا طويلا ، يا رب أما لك عقوبة ولا أدب إلا بالنار؟ فما زال ذاك مقالتها حتى طلع الفجر. قال : فوضع مالك يده على رأسه صارخا يبكي ، يقول : ثكلت مالكا أمّه وعدمته ، جويرية منذ الليلة قد بطّلته.

٦٥٣ ـ قال ابن حميد : وحدّثني ابن الجنيد ، قال : أنشدني محمد بن الحسين في مثل هذا :

__________________

٦٥٢ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه. وبقية رجاله موثقون.

سيّار ، هو : ابن حاتم العنزي. وجعفر بن سليمان ، هو : الضبعي.

٦٥٣ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه.

وابن الجنيد ، لم أعرفه.

٣١٩

وطائفة بالبيت واللّيل مظلم

تقول ومنها دمعها يتسجّم

أيا ربّ كم من شهوة قد رزيتها

ولذّة عيش حبلها يتصرّم

أما لك يا ربّ العباد عقوبة

ولا أدب إلّا الجحيم المضرّم

فما زال ذاك القول منها تضرّعا

إلى أن بدا فجر الصّباح المقوّم

فشبكت بين الكفّ اهتف صارخا

على الرّأس أبدي بعض ما كنت اكتم

وقلت لنفسي إذ تطاول ما بها

فأعيا عليها وردها المتعتّم

ألا ثكلتك أمّك اليوم مالكا

جويريّة ألهاك منها المكلّم

٦٥٤ ـ وحدّثني حسن بن حسين الأزدي ، عن الهيثم بن عدي ، عن الحسن بن عمارة ، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهم ـ قال : حججت مع أبي وأنا غلام ، فرأيت عمر بن أبي ربيعة يتعرّض لامرأة في الطواف ، وهو على طريقها كلما مرت عبث بها وكلّمها ، فقالت لأخيها أو زوجها : ليكن بعضكم قريبا مني إذا أتيت الطواف ، فجعلت تمر به ، فإذا رأى معها رجلا لم يكلمها ، فتمثلت بقول الحارث بن حلزّة ، او الزبرقان :

تعدوا السّباع على من لا كلاب له

وتحتمي مريض المستنفر الحامي

قال : فما خجلت من شيء خجلي منها.

__________________

٦٥٤ ـ إسناده متروك.

الهيثم بن عدي ، قال ابن معين : ليس بثقة ، كذّاب ، وقال أبو حاتم : متروك. الجرح والتعديل ٩ / ٨٥. والحسن بن عمارة متروك أيضا. التقريب ١ / ١٦٩.

نقل هذا الخبر الفاسي في العقد الثمين ٦ / ٣١٤ عن الفاكهي وذكره أبو الفرج في الأغاني ١ / ٧٨ ، ونسبه للنابغة. وفي الحاشية عن نسخ أخرى ، منسوب إلى جرير. وعلق المحقق بقوله : هذا تحريف. وذكر أن البيت ورد في كتاب (شرح الأشعار الستة) للأعلم الشنتمري المخطوط بدار الكتب المصرية تحت رقم (٨١ أدب) ـ ضمن قصيدة ميمية للنابغة مطلعها :

قالت بنو عامر : خالو ابني أسد

يا بؤس للجهل ضرّارا لأقوام. ـ

٣٢٠