الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل - ج ١

مجير الدين الحنبلي العليمي

الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل - ج ١

المؤلف:

مجير الدين الحنبلي العليمي


المحقق: عدنان يونس عبد المجيد أبو تبّانة
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة دنديس
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٤
الجزء ١ الجزء ٢

ذكر الجن والجان (١) وما كان من ابتداء أمرهم وعبادة إبليس

عن وهب (٢)(٣) قال (٤) : خلق الله نار السموم وهي نار لا حر لها ولا دخان ، ثم خلق الله منها الجان فذلك قوله (٥) : (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ) (٢٧) (٦) ، قال : فخلقه الله خلقا عظيما وسماه مارجا (٧) ، وخلق منه زوجه وسماها مرجة ، فواقعها فولدت الجان ، وولد للجان ولد فسماه الجن ، فمنه تفرعت قبائل الجن ومنهم : إبليس اللعين وكان يلد من الجان ، الذكر والأنثى ، ومن الجن كذلك توأمين ، فصاروا سبعين ألفا ، وتوالدوا حتى بلغوا عدد الرمل ، وتزوج (٨) إبليس امرأة من ولد الجان وكثر أولاده وانتشروا حتى امتلأت الأقطار منهم ، وأسكن (٩) الله الجان في الهواء وإبليس وأولاده في سماء الدنيا وأمرهم بالعبادة والطاعة ، وكانت السماء تفتخر على الأرض بأن الله رفعها وجعل فيها ما لم يكن في الأرض.

فشكت الأرض إلى الله (١٠) الوحشة إذ ليس على ظهرها خلق يذكر الله فنوديت الأرض (١١) : اسكني فإني خالق من أديمك صورة لا مثل لها في الجن ، وأرزقها العقل واللسان ، وأعلمها من علمي ، وأنزل عليها من كلامي ما أملأ منه (١٢) بطنك وظهرك وشرقك وغربك على مزاج تربتك في الألوان والخيرية والشريّة فافتخري يا أرض على السماء بذلك. فاستقرت الأرض وهي مع ذلك بيضاء نقية كأنها الفضة

__________________

(١) ذكر الجن والجان ... وعبادة إبليس أ ب ج د : ـ ه.

(٢) وهب بن منبه : أبو عبد الله وهب بن منبه اليماني ، ولد في آخر خلافة عثمان ، وهو صاحب الأخبار والقصص ، وكانت له معرفة بأخبار الأوائل وهو من علماء التابعين ، له كتاب : الملوك المتوجة من حمير وأخبارهم وقصصهم وأسفارهم ، وكان يكثر النقل عن الإسرائيليات ، توفي سنة (١١٦ ه‍ / ٧٣٤ م) ، ينظر : ابن سعد ٥ / ٣٩٥ ؛ ياقوت ، معجم الأدباء ١٩ / ٢٥٩ ؛ ابن خلكان ٦ / ٧٥ ؛ الذهبي ، تذكرة ٤ / ٣٥٢.

(٣) عن وهب أ ج د : روي عن وهب ب : ـ ه.

(٤) ينظر : الطبري ، تفسير ٨ / ٣١.

(٥) قوله أ ج د ه : تعالى ب.

(٦) الحجر : [٢٧].

(٧) المارج : الشعلة الساطعة ذات اللهب الشديد أو هو اللهب المختلط بسواد النار ، ينظر : ابن منظور ، لسان ٢ / ٣٦٥ ـ ٣٦٦ ؛ المعجم الوسيط ٢ / ٨٩٥.

(٨) وتزوج أ ج د ه : فتزوج ب / / وكثر أ ج د : فكثر ب ه.

(٩) وأسكن أ ج د ه : فأسكن ب.

(١٠) إلى الله أ ج د ه : إلى خالقها ب / / يذكر أ ج د : يذكرون ب ه.

(١١) الأرض أ ب ج د : الأرضين ه / / فإن خالق ب ج د ه : فأنا خالق أ.

(١٢) أملأ منه أ د : فأملأ منها ب ه : أملأ ج.

٨١

البيضاء فأشرفت الجان على الأرض فقالت (١) : ربنا أهبطنا إلى الأرض ، فأذن الله لهم بذلك على أن يعبدوه ولا يعصوه ، فأعطوه العهود على ذلك ، ونزلوا وهم ألوف يعبدوا (٢) الله حق عبادته دهرا طويلا ، ثم أخذوا في المعاصي وسفك الدماء حتى استغاثت الأرض منهم ، وقالت : إن خلوي يا رب أحب إليّ من أن يكون على ظهري من يعصيك ، فأوحى الله إليها أن اسكني فإني باعث إليهم رسلا (٣)(٤).

قال كعب (٥)(٦) : فأول نبي بعثه الله من الجان نبيا منهم يقال له عامر بن عمير ابن الجان فقتلوه ، ثم صاعق (٧) بن ناعق بن مارد بن الجان ، فقتلوه ، حتى بعث (٨) الله إليهم ثمانمائة نبي في ثمانمائة سنة في كل سنة نبيا ، وهم يقتلونهم ، فلما كذبوا الرسل أوحى الله إلى أولاد الجن في السماء أن انزلوا إلى الأرض (٩) وقاتلوا من فيها من أولاد الجن وعليهم إبليس اللعين ، وقاتلهم بمن كان معه حتى أجلوهم (١٠) إلى بقعة من الأرض ، فاجتمعوا فيها ، فأرسل الله عليهم نارا فأحرقتهم ، وسكن إبليس الأرض مع الجن وعبد الله حق عبادته وكانت عبادة إبليس (١١) أكثر من عبادتهم ثم رفعه الله تعالى إلى سماء الدنيا لكثرة عبادته ، فعبد الله فيها ألف سنة حتى سمي فيها العابد ، ثم رفعه الله تعالى إلى السماء الثانية فعبد الله فيها ألف سنة ، ثم رفعه إلى

__________________

(١) فقالت أ ج د ه : وقالت ب.

(٢) يعبدوا أ ه : فعبدوا ب ج د.

(٣) رسلا أ ج د ه : رسلي ب.

(٤) بالنسبة لإفساد الجن في الأرض هي أقوال لابن عباس ، ذكرها ابن كثير في تفسيره ١ / ١٠٨.

(٥) كعب الأحبار : كعب بن فاقع الحميري ، أبو إسحاق المعروف بكعب الأحبار ، قال البخاري : ويقال له كعب الحبر ، يكنى أبا إسحاق ، من آل ذي رعية أو من ذي الكلاع ، وقد أدرك النبي وأسلم في خلافة أبي بكر أو عمر ، وقيل : زمن الرسول ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان مشهور بالقصص ، روى عنه من الصحابة ابن عمر ، وأبو هريرة ، وابن عباس ، وعبد الله بن الزبير ، ومعاوية ، وكان كعب قدم المدينة ثم انتقل إلى حمص الشام ، وتوفي في خلافة عثمان سنة (٣٢ ه‍ / ٦٥٢ م) ، ينظر : الواقدي ٣ / ١٠٨٢ ؛ البخاري ، التاريخ الصغير ٢ / ٨٧ ؛ الذهبي ، تذكرة ١ / ٥٢.

(٦) كعب أ ج د ه : + الأحبار ب / / بعثه ب : بعث أ ج د ه.

(٧) ثم صاعق بن ناعق بن مارد أ ج د : ثم بعث لهم من بعد عامر صاعق بن ماعق بن مارد ب : ثم صاعق بن ناعق بن مارد بن الجان ه.

(٨) حتى بعث ... في كل سنة أ ب ج د : ـ ه / / نبيا ب : نبي أ ج د ه.

(٩) الأرض أ ج د ه : والأرض ب / / وقاتلهم بمن كان معهم أ د ه : فقاتلهم إبليس اللعين ومن كان معه : فقاتلهم بمن كان معه ج.

(١٠) أجلوهم أ ه : أدخلهم إلى بقعة ب ه : أدخلوهم إلى بقعة د.

(١١) وكانت عبادة إبليس أ ج د ه : فكانت عبادته ب / / عبادتهم أ ج د ه : عباداتهم ب / / الله تعالى أ ج : الله ه : ـ ب د.

٨٢

الثالثة فعبد الله كذلك حتى رفع (١) إلى السماء السابعة فيقال : إنه كان يوم السبت في الأولى والأحد (٢) في الثانية حتى إذا كان / / يوم الجمعة يكون في السماء السابعة [٤ / ب] يعبد الله في كل سماء يوما.

وكان إبليس ، لعنه الله ، بمنزلة عظيمة بحيث إذا مر به جبريل وميكائيل (٣) وغيرهما يقول بعضهم لبعض : لقد أعطى الله هذا العبد من القوة على طاعة ربه ما لم يعط أحدا (٤) من الملائكة. فلما كان بعد ذلك بدهر طويل أمر الله تعالى جبريل ، عليه‌السلام ، أن يهبط إلى الأرض ويقبض قبضة من شرقها وغربها ووعرها وسهلها ليخلق منها خلقا جديدا يجعله (٥) أفضل الخلائق ، فعرف ذلك إبليس فهبط (٦) حتى وقف في وسط الأرض وقال لها : إني جئتك ناصحا ، فقالت : وما نصحك يا زين العابدين وإمام الزاهدين؟ فقال لها : إن الله يريد أن يخلق منك خلقا يفضله على جميع خلقه وأخاف منه أن يعصيه فيعذبه وقد أرسل إليك (٧) جبريل فإذا جاءك فأقسمي عليه أن لا يقبض منك شيئا.

فلما هبط جبريل (٨) نادته الأرض وقالت : يا جبريل بحق من أرسلك إليّ ألا (٩) تقبض مني شيئا فإني أخاف أن يخلق مني خلقا فيعصيه ذلك الخلق فيعذبه بالنار ، فارتعد جبريل من هذا القسم ، فرجع ولم يأخذ منها شيئا ، فأخبر ربه (١٠) بذلك ، فبعث الله ميكائيل ليأتيه بالقبضة ، فكانت حالته كحالة جبريل ، فبعث الله ملك الموت ، فلما همّ أن يقبض ما أمره ربه ، أقسمت (١١) عليه أيضا ، فقال ملك الموت (١٢) : وعزة ربي لا أعصيه أمرا ، فقبض منها قبضة من جميع بقاعها عذبها

__________________

(١) رفع أ ج ه : رفعه ب د / / إنه أ ج د ه : + في ب.

(٢) والأحد أ ج د ه : ويوم الأحد ب.

(٣) وميكائيل أ ج د ه : أو ميكائيل ب / / وغيرهما أ ج د ه : أو غيرهما ب / / العبد أ ج د ه : العابد ب.

(٤) أحدا ب ج د ه : أحد أ.

(٥) يجعله أ د : ليجعله ب ه : فيجعله ج.

(٦) فهبط حتى وقف وسط الأرض أ ج د ه : فهبط إلى الأرض حتى وقف في وسطها ب.

(٧) إليك أ د : إليكي ب ج ه.

(٨) جبريل أ ج د ه : + عليه‌السلام ب.

(٩) ألا ب ج د ه : لا أ.

(١٠) فأخبر ربه أ ج د ه : فأخبر جبريل ربه ب.

(١١) أقسمت ب د : فأقسمت أ ج ه.

(١٢) ملك الموت أ ج ه : + عليه‌السلام ب د / / وعزة ربي لا أعصيه أمرا أ : وعزة ربي لا أعصي له أمرا ب ج د ه.

٨٣

ومالحها وحلوها ومرها وطيبها وخبيثها ، وكل ابن آدم مخلوق من تلك القبضة ، فلما رجع ملك الموت بالقبضة وقف في موقفه أربعين عاما لا ينطق ، ثم أتاه النداء : يا ملك الموت ما الذي صنعته؟ ـ وهو أعلم ـ فأخبره بقسمه وقسم الأرض عليه ، قال (١) : وعزتي وجلالي (٢) لأخلقن مما جئت به خلقا ولأسلطنّك على قبض روحه لقلة رحمتك به (٣) ، فجعل نصف تلك القبضة في الجنة ونصفها في النار ، ثم قال : أنا الله أقضي ولا يقضى عليّ (٤).

ذكر آدم ، عليه‌السلام (٥)(٦)

قال النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض منهم الأحمر ، والأسود ، والأبيض وبين ذلك (٧) ، ومنهم السهل والحزن وبين ذلك» (٨) ، وإنما سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض.

وخلق (٩) الله تعالى جسد آدم وتركه أربعين ليلة وقيل : أربعين سنة ملقى بغير روح. وقال الله تعالى للملائكة : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) (٧٢) (١٠)(١١) ، فلما نفخ فيه الروح سجد الملائكة (١٢) كلهم أجمعون

__________________

(١) قال أ ج : فقال تعالى ب د ه.

(٢) وجلالي أ ب ج د : ـ ه / / روحه أ ج د : أرواحهم ب ه.

(٣) به أ ج د : هم ب ه / / أنا الله أ ج د ه : + الذي لا آله إلا أنا ب.

(٤) أقضي ولا يقضى عليّ أ ج د ه : أقبض ولا يقبض عليّ د.

(٥) ينظر : الطبري ، تاريخ ١ / ٨٩ ـ ١٠٦ ؛ الثعلبي ١٦ ـ ٣٠ ؛ ابن كثير ، البداية ١ / ٦٨ ـ ٨١.

(٦) ذكر آدم عليه‌السلام أ ب ج د : ـ ه.

(٧) وبين ذلك أ ج د ه : وما بين ذلك ب / / ومنهم السهل والحزن أ ج د ه : ومنهم الحزن والسهل ب.

(٨) وزاد الطبري : «والحزن والخبيث والطيب ، ثم بلت طينته حتى صارت طينا لازبا ، ثم تركت حتى صارت حما مسنونا ، ثم تركت حتى صارت صلصالا ، كما قال الله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) ، ينظر : الطبري ، تاريخ ١ / ٩١ ؛ الثعلبي ١٧٠ ؛ ابن الأثير ، الكامل ١ / ١٨.

(٩) وخلق أ ج د ه : ولما خلق ب / / وتركه أ ج د ه : تركه ب.

(١٠) ص : [٧٢].

(١١) (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) القرآن الكريم : إذا نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين أ ب ج د ه.

(١٢) سجد الملائكة أ د : سجد له الملائكة ب ه : سجدوا له الملائكة ج.

٨٤

(إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) (٧٤) (١) ، ولم يسجد كبرا وبغيا (٢) ، فأوقع الله تعالى على إبليس اللعنة والإياس من رحمته وجعله شيطانا رجيما وأخرجه من الجنة بعد أن كان ملكا على سماء الدنيا والأرض وخازنا من خزان (٣) الجنة.

وأسكن الله (٤) آدم الجنة ، ثم خلق الله من ضلع آدم حواء زوجته ، وسميت حواء لأنها خلقت من شيء حي ، فأوحى الله تعالى إليه : (يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) (٣٥) (٥) ، ثم إن إبليس (٦) أراد دخول الجنة ليوسوس لآدم وزوجته (٧) ، فمنعه الخزنة ، فعرض نفسه على دواب الأرض أن تحمله حتى يدخل الجنة ليكلم آدم وزوجته ، فكل الدواب أبى ذلك (٨) غير الحية ، فإنها أدخلته الجنة بين نابيها ، وكان إذ ذاك على غير شكلها الآن. فلما أدخل (٩) إبليس الجنة وسوس لآدم وزوجته وحسن عندهما الأكل من الشجرة التي نهاهما الله (١٠) عنها وهي الحنطة في قول ، وقرر عندهما بعد أن حلف لهما أنهما إن أكلا (١١) منها خلدا ولم يموتا ، : (فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما)(١٢) أي ظهرت لهما عوراتهما وكانا لا يريان ذلك.

فقال الله تعالى : (قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ)(١٣)(١٤) وهم : آدم وحواء وإبليس والحية وأهبطهم (١٥) الله من الجنة إلى الأرض ، وسلب آدم وحواء كل ما كانا فيه من النعمة والكرامة ، فهبط آدم بسر نديب (١٦) من أرض الهند على جبل يقال

__________________

(١) ص : [٧٤].

(٢) كبرا وبغيا أ ب ج ه : كبرا وبغضا د.

(٣) خزان أ ج د ه : خزنة ب.

(٤) الله أ ج د ه : + تعالى ب.

(٥) البقرة [٣٥].

(٦) ثم إن إبليس أراد أ د : ثم أراد إبليس عليه اللعنة ب : ثم أراد إبليس إن يدخل ج ه / / دخول الجنة أ د : أن يدخل الجنة ب ج ه.

(٧) لآدم وزوجته ج د : لآدم أ : لآدم وحواء ب ه.

(٨) أبى ذلك أ : أبت ذلك ب : أبوا ذلك ج د ه.

(٩) أدخل أ : دخل ب ج د ه / / وزوجته ج د : وزجه أ : وحواء ب ه.

(١٠) الله أ ج د ه : + تعالى ب.

(١١) إن أكلا أ ب : إذا أكلا ج د ه.

(١٢) طه : [١٢١].

(١٣) الأعراف : [٢٤].

(١٤) وهم آدم ب ه : آدم أ ج د.

(١٥) وأهبطهم أ ج د ه : فأهبطهم ب / / وسلب أ ج د ه : + عن.

(١٦) سرنديب : جزيرة عظيمة في بحر هركند بأقصى بلاد الهند فيها الجبل الذي نزل فيه آدم ، ينظر :

٨٥

[٥ / أ] له نود ، وحواء (١) بجدة (٢) / / وإبليس بأيلة (٣) ، والحية بأصفهان (٤) ، فجعل كل واحد منهما يطلب صاحبه فاجتمعا بعرفات يوم عرفة ، وتعارفا فسمي اليوم عرفة والموضع عرفات ، وكان هبوط آدم من باب التوبة ، وحواء من باب الرحمة ، وإبليس من باب اللعنة ، والحية من باب السخط ، وكان في وقت العصر.

وكان بين هبوط آدم والهجرة الشريفة الإسلامية (٥) ستة آلاف سنة ومائتان (٦) وستة عشر سنة على حكم التوراة اليونانية وهي المعتمدة عند المحققين من المؤرخين ، وفي ذلك خلاف لا فائدة لذكره خشية الإطالة. وقد مضى من الهجرة الشريفة إلى عصرنا تسعمائة سنة كاملة فيكون الماضي من هبوط آدم إلى سنة تسعمائة من الهجرة الشريفة سبعة آلاف سنة وستة عشر سنة وهو المعتمد عند المؤرخين.

ولما هبط آدم إلى الأرض كان له ولدان هابيل وقابيل ، فقربا قربانا ، فتقبل قربان هابيل (٧) دون قابيل فحسده على ذلك ، وكان لقابيل أخت توأمته ، وكانت أحسن من توأمة هابيل ، وأراد آدم (٨) أن يزوج توأمة قابيل بهابيل وعكسه ، فلم يطب لقابيل ذلك ، ورأى قربان أخيه تقبل (٩) دون قربانه ، فقتل أخاه (١٠) هابيل ، وأخذ قابيل توأمة أخيه وهرب بها ، وعاش آدم تسعمائة وثلاثين سنة باتفاق المؤرخين ،

__________________

ـ ياقوت ، معجم البلدان ٣ / ٢١٥ ؛ البغدادي ، مراصد ٢ / ٧١٠.

(١) وحواء أ ج د ه : وهبوط حواء ب.

(٢) جدة : بليدة على مرحلتين من مكة ، وهي مرسي مكة ، يقال أن بها قبر أمنا حواء ، عليها‌السلام ، ينظر : ياقوت ، معجم البلدان ٢ / ١٣٣ ؛ القرماني ٣ / ٣٤٨.

(٣) أيلة : مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام ، قيل : هي آخر الحجاز وأول الشام ، وهي مدينة اليهود الذين اعتدوا في السبت ، ينظر : ياقوت ، معجم البلدان ١ / ٣٤٧ ـ ٣٤٨ ؛ البغدادي ، مراصد ١ / ٣٣٨ ؛ الحميري ٧٠ ؛ القرماني ٣ / ٣١٠ ؛ شرّاب ١٣٤.

(٤) أصفهان : مدينة عظيمة من أمهات مدن فارس ، بناها الإسكندر ، وهي موصوفة بصحة الهواء وعذوبة الماء ، ينظر : ياقوت ، معجم البلدان ١ / ٢٤٤ ـ ٢٤٩ ؛ أبو الفداء ، تقويم ٣٢٢ ؛ البغدادي ، مراصد ١ / ٣٣٧ ؛ الحميري ٤٣ ؛ القرماني ٣ / ٢٩٩ ـ ٣٠٠.

(٥) والهجرة الشريفة الإسلامية أ ج د ه : والهجرة النبوية ب.

(٦) ومائتان أ ب ج د : ومائتا ه / / وستة أ د ه : ومائة ب : ومائتان ج.

(٧) فتقبل قربان هابيل أ ج د ه : فتقبل من هابيل ب / / دون أ ج د ه : ولم يتقبل قربان قابيل د / / وكان لقابيل ... هابيل ب ج د ه : ـ أ / / توأمته ج : توأمه ب د ه : ـ أ.

(٨) وأراد آدم ج د ه : ـ أ ب.

(٩) تقبل أ ج د ه : قد تقبل ب.

(١٠) أخاه ب ج د ه : أخيه أ.

٨٦

وكان آدم (١) رجلا طويلا ، كأنه نخلة سحوق (٢) ، كثير شعر الرأس ، وقد بلغ عدد ولده (٣) وولد ولده لما توفي أربعين ألفا ، ونزل عليه جبريل (٤) ، عليه‌السلام ، اثنتي عشرة مرة.

وقد تقدم (٥) الخلاف في أنه أول من بنى مسجد بيت المقدس ، وقد اختلف في دفنه فقيل : إن قبره في مغارة بين بيت المقدس ومسجد إبراهيم ، ورجلاه عند الصخرة ورأسه عند مسجد إبراهيم ، عليه‌السلام (٦) ، وعن ابن عمران (٧)(٨) قال : إن آدم ، عليه‌السلام ، رأسه عند الصخرة ورجلاه عند مسجد الخليل ، عليه‌السلام ، والخلاف في ذلك كثير.

وبعد (٩) قتل هابيل ولد لآدم شيث ، وهو وصي آدم ، وتفسير شيث هبة الله ، عاش تسعمائة سنة واثنتي (١٠) عشرة سنة ، ومات لمضى ألف ومائة واثنتين (١١) وأربعين سنة لهبوط آدم ، وإلى شيث تنتهي أنساب بني آدم كلهم.

ثم ولد لشيث أنوش عاش تسعمائة (١٢) وخمسين سنة ، ثم ولد لأنوش قينان عاش تسعمائة وعشرين سنة ، ثم ولد (١٣) لقينان مهلاييل عاش ثمانمائة وخمسا

__________________

(١) آدم أ ج د : + عليه‌السلام ب ه / / طويلا أ ب ج د : طوالا ه.

(٢) نخلة سحوق : أي الطويلة التي بعد ثمرها عن المجتني ، ينظر : ابن منظور ، لسان ١٠ / ١٥٤ ؛ المعجم الوسيط ١ / ٤٢٦.

(٣) ولده أ ج د ه : + لصلبه به.

(٤) جبريل أ : جبريل عليه‌السلام ب ج د ه / / اثنتي عشرة ب : اثنتا عشر أ د : اثنتا عشر ج ه.

(٥) تقدم أ ج د ه : + ذكر ب.

(٦) هذه الخرافة تتناقض مع الحديث الصحيح ، حيث قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «خلق الله عز وجل آدم على صورته طوله ستون ذراعا ...» ، ينظر : مسلم ٤ / ٢١٨٣ ؛ ابن الجوزي ، المنتظم ١ / ٢٠٢ ؛ ابن كثير ، البداية ١ / ٨٨.

(٧) ابن عمران : الشيخ الإمام العلامة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن موسى بن عمران الغزي ثم القدسي الحنفي ، شيخ القراء في القدس الشريف ، سمع الحديث على الحافظ شمس الدين الجزري ، وأخذ عنه علم القراءات ، وتوفي سنة (٨٧٥ ه‍ / ١٤٧٠ م) ، ينظر : العليمي ٢ / ٢٩٩ ـ ٢٣٠ ؛ السخاوي ، الضوء ١٠ / ٣٣.

(٨) وعن ابن عمران أ ج : وعن ابن عمرانه د ه : ـ ب / / وعن ابن عمران ... كثير أ ج د ه : ـ ب.

(٩) وبعد أ ج د ه : ثم بعد ب / / شيث أ ج د ه : + عليه‌السلام ب / / وصي آدم أ ج د ه : وصيه ب / / آدم أ ج د ه : ـ ب.

(١٠) واثنتي أ د : واثني ب ج ه.

(١١) واثنتين أ : واثنين ب ج د ه.

(١٢) تسعمائة أ ج د ه : + سنة ب.

(١٣) ثم ولد ب ج د ه : ولد أ.

٨٧

وتسعين سنة ، ثم ولد لمهلاييل يود ـ بالدال المهملة ـ عاش تسعمائة واثنتين (١) وستين سنة ، ثم ولد ليود خنوخ ـ بخاء ونون وواو وخاء معجمة ـ وهو إدريس (٢) ، عليه‌السلام ، وأدرك إدريس من حياة شيث جد جده عشرين سنة ، ولما صار له من العمر ثلاثمائة (٣) وخمس وستون سنة رفعه الله إلى السماء ، وكان قد نبأه الله وانكشفت له الأسرار السماوية ونزل عليه جبريل ، عليه‌السلام ، أربع مرات وله صحف : (منها) : لا تروموا أن تحيطوا بالله خبرة فإنه أعظم وأعلم أن تدركه فطن المخلوقين إلا من أثره.

ثم ولد لخنوخ (٤) متوشلح ـ بتاء مثناة من فوقها وآخره حاء مهملة ـ ، عاش تسعمائة وتسعا وستين سنة ، ثم ولد لمتوشلح لامخ ، ولما صار له من العمر مائة وثمان وثمانين (٥) سنة ولد له نوح.

ذكر نوح عليه‌السلام (٦)

اسمه عبد الغفار ولد بعد أن مضى ألف وستمائة واثنتان (٧) وأربعون سنة من هبوط آدم ، عليه‌السلام ، وكان بعد رفع إدريس (٨) بمائة وخمس وسبعين سنة ، ويقال : إن دمشق كانت دار نوح ، عليه‌السلام ، وأرسله الله تعالى إلى قومه وكانوا أهل أوثان (٩) ، فصار يدعوهم إلى طاعة الله وهم لا يلتفتون إليه وكانوا يخنقونه حتى يغشى عليه ، فإذا أفاق قال (١٠) : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ، وكانوا يضربونه حتى يظنوا أنه مات ، فإذا أفاق اغتسل وأقبل عليهم يدعوهم (١١) إلى الله.

__________________

(١) واثنتين أ : واثنين ب ج د ه / / خنوخ أ د ه ، ابن الأثير ، ابن كثير : حنوخ ب ج أبو الفداء : أخنوخ التوراة.

(٢) إدريس أ ج د ه : + عليه‌السلام ب.

(٣) ثلاثمائة أ : ثلثمائة ب ج د ه / / وخمس أ ج د ه : ـ د.

(٤) لخنوخ أ د ه : لحنوخ ب ج / / فوقها أ ج د ه : فوق د.

(٥) وثمانين ب ج ه : وثمانون أ د.

(٦) ينظر : الطبري ، تاريخ ١ / ١٧٩ ـ ١٨٥ ؛ ابن الأثير ، الكامل ١ / ٣٨ ـ ٤٢ ؛ ابن كثير ، البداية ١ / ١٠٠ ـ ١٢٠ ؛ ابن إياس ١ / ٤٧ ـ ٥٦.

(٧) واثنتان أ ب د : واثنان ج ه.

(٨) إدريس أ ج د ه : + عليه‌السلام ب.

(٩) أهل أوثان أ ب ج د : ـ ه.

(١٠) قال أ ب ج د : ـ ه.

(١١) يدعوهم أ ج د ه : وهو يدعوهم ب.

٨٨

فلما طال ذلك شكاهم إلى الله تعالى فأوحى الله (١) أنه لن يؤمن لك من قومك إلّا من قد آمن ، فلما آيس منهم دعا عليهم فقال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (٢٦) (٢). فأوحى الله إليه أن اصنع السفينة فصنعها من خشب الساج ، فلما أقبل على عمل الفلك وجعل يقطع الخشب ويضرب الحديد ، وكان قومه يمرون عليه وهو في عمله ويسخرون (٣) منه ويقولون يا نوح قد صرت نجارا بعد النبوة ويضحكون (٤) : (قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ ـ إذا عاينتم عذاب الله ـ كَما تَسْخَرُونَ) (٣٨) (٥)(٦) ، واتخذ السفينة / / وكان طولها [٥ / ب] ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون ذراعا وطولها في السماء ثلاثون (٧) ذراعا ، وقيل غير ذلك.

فلما فار التنور وكان هو الآية بين نوح وبين ربه حمل نوح من أمره الله بحمله من أهله وغيرهم سوى ولده كنعان فإنه كان كافرا ، ثم أدخل في السفينة ما أمره الله به من الدواب ، واختلف في موضع التنور فقيل : كان بالكوفة (٨) ، وقيل : بالشام ، وقيل غير ذلك.

فلما دخل نوح ومن معه السفينة فتح الله ، عز وجل ، عيون الماء ففارت الأرض والتقت البحار (٩) ، وأمطر الله من السماء ، وارتفع الماء ، وجعلت الفلك تجري بهم في موج كالجبال ، وعلا الماء على رؤوس الجبال أربعين ذراعا فهلك (١٠) من على وجه الأرض ، حيوان ونبات سوى عوج بن عناق ـ نسبة لأمه عناق بنت آدم ـ وهي أول من بغى (١١) وعمل الفجور ، وعملت السحر ، وجاهرت

__________________

(١) الله أ ج د : + تعالى ب ه / / أنه لن يؤمن أ ب ج د : ـ ه / / لك أ ج د ه : ـ ب.

(٢) نوح : [٢٦].

(٣) ويسخرون أ د : فيسخرون ب ج ه.

(٤) ويضحكون أ ج د : + عليه فقال لهم ب : وتضحكون ه.

(٥) هود : [٣٨].

(٦) عذاب الله أ ب ج د : ـ ه.

(٧) ثلاثون أ ج ه : ثلاثين ب د.

(٨) الكوفة : المصر المشهور بأرض بابل من سواد العراق ، سميت بالكوفة لا ستدارتها واجتماع الناس بها ، وهي أول مدينة اختطها المسلمون في العراق ، ينظر : البلاذري ، فتوح ٢٧٠ ـ ٢٨٤ ؛ ياقوت ، معجم البلدان ٤ / ٥٥٧ ـ ٥٦١ ؛ البغدادي ، مراصد ٣ / ١١٨٧ ؛ الحميري ٥٣٠.

(٩) والتقت البحار أ ب ج ه : والتقت الرياح والبحار د / / السماء أ ج د ه : + ماء ب / / وارتفع أ ج د ه : فارتفع ب.

(١٠) فهلك أ د ه : + كل ب د / / حيوان ونبات أ ب د : + وخلق ج ه.

(١١) بغى أ د ه : بغت ب : بغا ج / / وعمل الفجور أ ج د ه : وعمت الفجور ب.

٨٩

بالمعاصي ، وولدت عوجا (١) الجبار ، ولم يغرقه الطوفان ولا بلغ بعض جسده ، وطلب السفينة ليغرقها وكان طوله ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاثين ذراعا وثلث ذراع بالهاشمي (٢) ، والذراع الهاشمي طوله قامة الرجل المعتدل القامة ، وكان يحتجز بالسحاب ويشرب (٣) منه ويتناول الحوت من قرار البحر ويشويه في عين (٤) الشمس يرفعه إليها ثم يأكله (٥).

وعاش ثلاثة آلاف سنة وعمر إلى زمان فرعون وقطع صخرة على قدر عسكر (٦) موسى ، عليه‌السلام ، ليطرحها عليهم وكان العسكر فرسخا (٧) في فرسخ ، فأرسل الله طيرا فنقر تلك (٨) الصخرة فنزلت من رأسه إلى عنقه ومنعته الحركة ، فوثب عليه موسى ، وكانت (٩) وثبته عشرة أذرع وطوله مثل ذلك وطول عصاه مثل ذلك ، ولم يلحق إلا (١٠) عرقوبه ، فقتله وتركه بموضعه وردم عليه بالصخر والرمل فكان كالجبل العظيم في صحراء مصر ، وقيل غير ذلك.

وكان بين أن أرسل (١١) الله الماء في الطوفان وبين أن غاض ستة أشهر وعشر ليال وكان ركوب نوح في السفينة في مستهل شهر رجب ، وقيل (١٢) : لعشر ليال مضت من رجب وكان أيضا لعشر ليال خلت من آب ، وخرج من السفينة يوم عاشوراء (١٣) من المحرم ، وكان استقرار السفينة على الجودي (١٤) وهو جبل من أرض الموصل (١٥).

__________________

(١) عوجا أ د ه : عوج ب ج.

(٢) ذراع بالهاشمي ب ج ه : ـ أ د.

(٣) ويشرب أ : ويشرب منه ب ج د ه.

(٤) في عين أ ج د ه : بعين د.

(٥) يأكله أ ب ج ه : يأكلها د.

(٦) الفرسخ : وحدة للقياس تساوي ثلاثة أميال ، ينظر : ابن منظور ، لسان ٣ / ٤٤ ؛ هنتز ٩٤ ؛ الرفاعي ٢٦٩.

(٧) عسكر أ ج د ه : المعسكر ب.

(٨) تلك أ ب ج د : ـ ه / / من رأسه إلى عنقه أ ب : في عنقه ج : في رأسه د ه.

(٩) وكانت أ ب ج ه : وكان د.

(١٠) إلا أ ج د ه : سوى ب / / بموضعه أ ب د : موضعه ج ه.

(١١) أرسل أ ب ج د : وأرسله ه / / الماء في الطوفان أ ج د ه : ماء الطوفان ب.

(١٢) وقيل ... من أ ب ج د : ه.

(١٣) يوم عاشوراء ... أن السفينة أ ب ج ه : ـ ه.

(١٤) ورد هذا الخبر عن ابن عباس ، ينظر : الأزرقي ١ / ٥٢ ؛ الطبري ، تاريخ ١ / ١٨٥.

(١٥) الموصل : مدينة في شمالي العراق ، وهي مدينة قديمة الأساس ، على طرف دجلة ، ومقابلها من الجانب بالشرقي نينوى ، سميت بذلك لأنها وصلت دجلة بالفرات ، ينظر : البغدادي ، مراصد

٩٠

وقد ورد حديث أن السفينة طافت بالبيت الحرام أسبوعا (١) ، ثم طافت ببيت المقدس أسبوعا ، واستوت على الجودي ، وروي أن السفينة سارت حتى بلغت بيت المقدس ، فوقفت ونطقت بإذن الله تعالى وقالت : يا نوح هذا موضع بيت المقدس الذي يسكنه (٢) الأنبياء من أولادك ، وكان الطوفان بعد هبوط آدم بألفي سنة ومائتين واثنتين وأربعين سنة ، وكان لستمائة (٣) سنة مضت من عمر نوح ، وبين الطوفان والهجرة الشريفة (٤) ثلاثة آلاف وتسعمائة وأربع (٥) وسبعون سنة ، وقد مضى من الهجرة إلى عصرنا تسعمائة سنة كاملة ، فيكون الماضي من الطوفان إلى سنة (٦) تسعمائة من الهجرة الشريفة (٧) أربع آلاف وثمانمائة وأربعا وسبعين سنة ، والله أعلم.

ولما مضت ثلاثمائة (٨) وخمسون سنة للطوفان توفي نوح ، عليه‌السلام ، وله من العمر (٩) تسعمائة وخمسون سنة ، هكذا وقع في كلام المؤرخين أن نوحا عاش القدر المذكور فقط ، وظاهر (١٠) الآية الشريفة يخالفه لأنه يدل على أنه لبث القدر المذكور في قومه بعد إرساله إليهم ينذرهم ، وأن الطوفان وقع بعد ذلك ، وقيل : إن عمر نوح ألف وأربعمائة وخمسون سنة (١١) وهو موافق للآية ، قال الله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ) (١٤) (١٢) ، فظاهر (١٣) الآية الشريفة دل على أنه عاش أكثر مما ذكره المؤرخون ، والله أعلم.

ونزل عليه جبريل ، عليه‌السلام ، خمسين مرة وقبره بكرك نوح (١٤) ، ومن

__________________

٣ / ١٣٣٤ ؛ الحميري ٥٦٣.

(١) أسبوعا ... بلغت ببيت المقدس أ ب ج ه : ـ د.

(٢) يسكنه أ ب د : تسكنه ج ه.

(٣) لستمائة ب ج د ه : لتسعمائة أ.

(٤) الشريفة أ د ه : ـ ب ج.

(٥) وأربع ب ج : وأربعة أ د ه.

(٦) إلى سنة أ ب ج د : إلى عصرنا ه.

(٧) الشريفة أ د ه : ـ ب ج / / أربع ب ج : أربعة أ د ه.

(٨) ثلاثمائة أ د ه : ثلثمائة ب ج.

(٩) وله من العمر ب د ه : ـ أ ج / / وقع أ ب ج د : ـ ه.

(١٠) وظاهر ب : فظاهر أ ج د ه.

(١١) سنة أ ب ج ه : ـ د.

(١٢) العنكبوت : [١٤].

(١٣) فظاهر أ ج د : وظاهر ب ه.

(١٤) كرك نوح : قرية كبيرة تقع قرب بعلبك في لبنان ، وبها قبر يزعم أهل المنطقة أنه قبر النبي نوح ، عليه

٩١

أولاده سام ولد قبل الطوفان بمائة سنة وعاش ستمائة سنة ووفاته بعد الطوفان بخمسمائة سنة وهو أبو العرب وفارس والروم ، وكان هو القيم بعد نوح في الأرض [٦ / أ] ومن ولده (١) / / الأنبياء كلهم عربهم وعجمهم ، وجعل الله في ذريته النبوة والكتاب ونزل بنوه سرّة الأرض ، وهو الذي اختط مدينة القدس (٢) وأسس مسجدها ، وكان ملكا عليها كما تقدم ، وحام أبو السودان ويافث أبو الترك ، ويأجوج ومأجوج والفرنج والقبط من ولد (٣) فوط بن حام.

ولما خرج نوح من السفينة قسم الأرض بين أولاده الثلاثة فأعطى سام الحجاز واليمن والشام والجزيرة ، وأعطى (٤) حام الغرب وأعطى يافث الشرق (٥) ، وولد لسام أرفخشد عاش أربعمائة وخمسا وستين سنة ، وولد لأرفخشد قينان عاش أربعمائة وثلاثين سنة ، وولد لقينان شالح عاش أربعمائة سنة وستين سنة ، وولد لشالح غابر عاش أربعمائة وأربعا وستين سنة ، ثم ولد لغابر فالغ عاش ثلاثمائة وتسعا وثلاثين سنة ، ثم ولد لفالغ رعون عاش ثلاثمائة وتسعا وثلاثين سنة ، وعند مولد رعون تبلبلت الألسن وتقسمت الأرض وتفرقت (٦) بنو نوح وذلك لمضي ستمائة وسبعين سنة للطوفان ، ثم ولد لرعون شاروع واسمه في التوراة (٧) سروج (٨) عاش ثلاثمائة وثلاثين سنة ، ثم ولد لشارع ناحور عاش مائتين وثماني وستين سنة ، ثم ولد لناحور ولد اسمه تارخ وهو آزر عاش مائتين وخمس سنين ، وهو أبو إبراهيم الخليل ، عليه‌السلام.

ذكر هود وصالح عليهما‌السلام (٩)

وهما نبيان أرسلا بعد نوح وقبل إبراهيم الخليل ، وأرسل الله هودا (١٠) إلى

__________________

السلام ، ينظر : ياقوت ، معجم البلدان ٤ / ٥١٤.

(١) ولده أ ج د : ذريته ب ه.

(٢) القدس أ ب ج ه : ـ د.

(٣) من ولد ب ج د ه : من ولده أ.

(٤) وأعطى ب ج د ه : ـ أ / / الغرب أ ب ج : المغرب د ه.

(٥) الشرق أ ب ج : المشرق د ه / / وولد أ ج د ه : ثم ولد ب / / وولد لسام أ ج د ه : وولد لسام ولد سماه ب / / أرفخشذ أ ج د : + ولد سماه ب ه.

(٦) وتفرقت أ د : وتفرقه ب ج ه.

(٧) في التوراة اسمه سروج ، ينظر : التكوين ١١ : ٢٢.

(٨) سروج : التوراة : سرور أ ب ج د ه / / ثلاثمائة أ ج د ه : ثلثمائة ب.

(٩) ينظر : الطبري ، تاريخ ١ / ٢١٦ ـ ٢٣٢ ؛ الثعلبي ٣٦ ـ ٤٣.

(١٠) هودا ب : هود أ ج د ه.

٩٢

عاد ، وكانوا أهل أصنام ، وكان عاد وثمود جبارين طوال القامات (١) ، ودعا (٢) هود قوم عاد فلم يؤمن منهم إلا القليل فأهلك الله الذين لم يؤمنوا بريح سخرها عليهم (٣) سبع ليال وثمانية أيام حسوما ، والحسوم الدائم ، فلم تدع غير هود والمؤمنين معه فإنهم اعتزلوا في حضرموت (٤) ، وبقي هود (٥) كذلك حتى مات وقبره بحضر موت ، وقيل : بالحجر من مكة ، وقيل : إن هودا (٦) هو غابر ، المتقدم ذكره ، والذي صححه جماعة من أكابر العلماء أن هودا هو ابن عبد الله بن رباح ، وليس هو غابر ، والله أعلم. وروي (٧) أنه كان من عاد شخص اسمه لقمان وهو غير لقمان الحكيم الذي كان على عهد سيدنا داود ، عليه‌السلام.

وأما صالح : فهو ابن آسف (٨) ، وأرسله الله تعالى إلى ثمود ، فدعاهم إلى التوحيد ، وكان مسكنهم بالحجر وهي مدينة بين المدينة الشريفة (٩) والشام فلم يؤمن به إلا قليل مستضعفون ، ثم إن كفارهم عاهدوه على أنه إن أتى (١٠) بما يقترحونه عليه آمنوا ، واقترحوا عليه أن يخرج من صخرة معينة ناقة فسأل الله (١١) في ذلك فخرج من تلك الصخرة ناقة ولدت فصيلا ، فلم يؤمنوا وعقروا الناقة فأهلكهم الله تعالى بعد ثلاثة أيام بصيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة فتقطعت قلوبهم ، فأصبحوا في دارهم جاثمين.

وسار صالح إلى فلسطين ، ثم انتقل إلى الحجاز يعبد الله إلى أن مات وهو ابن ثمان وخمسين سنة ، وورد أنه توفي بفلسطين (١٢) ، وأقام بها بعد مهلك قومه ،

__________________

(١) القامات أ ج د : القامة ب ه.

(٢) ودعا أ ج د ه : فدعا ب / / القليل أ ب ه : قليل ج د.

(٣) سخرها عليهم أ ب : ـ ج د ه.

(٤) حضرموت : ناحية باليمن مشتملة على مدينتين ، يقال لإحداهما شيام ، وللأخرى تريم ، وهي بقرب البحر في شرقي عدن ، وهي بلاد قديمة فيها قبر هود ، عليه‌السلام ، ينظر : القرماني ٣ / ٣٥٣.

(٥) وبقي هود ب ج د : مضى هود أ : ـ ه.

(٦) هودا ب : هود أ ج د ه.

(٧) وروي أ : ويروى ب ج د ه.

(٨) ابن آسف أ ب ج د : بن يوسف ه / / وأرسله أ د : أرسله ب : فأرسله ج : فإنه أرسله ه / / تعالى أ د ه : ـ ب ج.

(٩) المدينة الشريفة أ ب ج د : بيت المقدس الشريف ه.

(١٠) أتى أ ج د ه : أتاهم ب / / يخرج أ ج د ه : + لهم ب.

(١١) الله أ ج د ه : + تعالى ب / / ولدت أ ه : وولدت ب ج د.

(١٢) بفلسطين أ د ه : في فلسطين ب ج / / بها أ ب ج ه : ـ د.

٩٣

ويقال : إن قبره بالمغارة التي بالجامع الأبيض بالرملة (١).

ذكر قصة إبراهيم الخليل وأبنائه الكرام عليهم‌السلام (٢)

أقول والله الموفق (٣) : إبراهيم خليل الرحمن وأبو الأنبياء الكرام من أولي العزم من المرسلين ، روي أنه أنزل الله تعالى (٤) عليه عشرة صحف كانت (٥) كلها أمثالا ، وجعل له لسان صدق في الآخرين أي ثناء حسنا فليس أحد من الأمم إلا يحبه (٦) ، وأكرمه الله تعالى بالخلة ، وجعل أكثر الأنبياء من ذريته ، وختم ذلك (٧) بسيد المرسلين محمد ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وشرف وكرم ، وإبراهيم (٨) بن تارخ وهو آزر.

ولما أراد الله (٩) ، عز وجل ، أن يبعث السيد إبراهيم ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حجة على قومه ، ورسولا إلى عباده ، رأى نمروذ (١٠) في منامه ، كأن كوكبا قد طلع فذهب بضوء الشمس والقمر حتى لم يبق لهما ضوء ففزع الملك (١١) فزعا شديدا وجمع السحرة والكهنة وسألهم عن ذلك فقالوا له : هو مولود يولد في ناحيتك هذه السنة ، ويكون هلاكك وذهاب ملكك على يديه (١٢). ويقال إنهم وجدوا ذلك في كتب (١٣) الأنبياء ، [٦ / ب] عليهم‌السلام ، وكانت الملوك / / الذين ملكوا الأرض أربعة (١٤) : مؤمنان وهما : سليمان بن داود وذو القرنين ، وكافران وهما : نمروذ وبخت نصر (١٥).

فنمروذ هو ابن كنعان بن كوش بن سام بن نوح ، وهو أول من وضع التاج

__________________

(١) بالرملة أ : + والله أعلم ب ج ه : ـ ه.

(٢) عليهم‌السلام أ د : عليهم الصلاة والسلام ب : عليهم أفضل الصلاة وأتم السلام ج : عليهم أفضل الصلاة والسلام ه.

(٣) والله الموفق أ ج د ه : وبالله التوفيق ب / / وأبو أ ج د ه : وهو أبو ب.

(٤) تعالى أ ج د ه : ـ ب / / عشرة صحف أ ج ه : عشر صحف ب : عشر صحايف د.

(٥) كانت أ د : وكانت ب ج ه.

(٦) إلا يحبه ب ج د ه : لا يحبه أ.

(٧) ذلك ب ج د ه : بذلك أ / / محمد أ ج د : + المصطفى ب ه.

(٨) وإبراهيم أ ج د ه : + هو ب.

(٩) الله ، عز وجل أ ب ج ه : الله تعالى د / / صلى‌الله‌عليه‌وسلم أ ج د ه : عليه‌السلام ب.

(١٠) نمروذ أ ج د ه : النمرود ب.

(١١) الملك أ د : ـ ب ج ه / / عن ذلك أ ب ج ه : ـ د.

(١٢) يديه أ ج د ه : يده ب.

(١٣) كتب أ ب ج د : كتاب ه.

(١٤) أربعة أ ب ج د : أربع ه.

(١٥) بخت نصر أ ب ج د : بخت النصر ه.

٩٤

على رأسه وتجبر في الأرض ، ودعا الناس إلى عبادته ، فلما أخبر (١) نمروذ بذلك أمر بذبح كل غلام يولد في تلك الناحية تلك السنة ، وأمر بعزل الرجال عن النساء ، وجعل على كل حامل أمينا ، وكانت (٢) الحامل إذا وضعت ولدها (٣) وكان ذكرا ذبحه ، وقيل : بل حبس جميع الحوامل إلا ما كان من أم إبراهيم فإنه لم يعلم بحملها وعميت عنها الأبصار ، وخرج نمروذ بجميع (٤) الرجال إلى المعسكر ونحاهم عن النساء كل ذلك تخوفا من ذلك المولود الذي أخبر به.

وقيل : إن نمروذ لما خرج بعسكره بدت له حاجة في المدينة ولم (٥) يأمن عليها أحدا من قومه إلا (٦) آزر ، وذلك قبل حمل أم إبراهيم ، فبعث إلى آزر وأسرّ إليه (٧) حاجته وقال له : أما إني لم أبعثك إلا لثقتي بك فأقسمت عليك أن لا تدنو من أهلك ، فقال آزر (٨) : أنا أشح على ديني منك ، ودخل آزر المدينة وقضى حاجته ، ثم بدا له الدخول على أهله (٩) لرؤية حالهم وإصلاح شأنهم ، ولما (١٠) دخل الدار واجتمع بأهله حكم عليه نفوذ الأقدار ونسي ما التزم به لنمروذ (١١) فواقع أهله واسمه يونا ، وقيل غير ذلك ، فحملت بإبراهيم ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما استقر (١٢) في بطنها تنكست الأصنام وظهر نجم إبراهيم ، عليه‌السلام ، وله طرفان : أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب ، فلما رآه نمروذ (١٣) تحير وازداد خوفه.

ولما تم حمل إبراهيم وجاء لأمه الطلق أرسل الله (١٤) إليها ملكا على

__________________

(١) أخبر أ ب ج د : أخبروا ه.

(٢) وكانت أ ه : فكانت ب ج د.

(٣) ولدها أ ج د ه : حملها ب / / بل حبس أ ج د ه : إنه حبس ب.

(٤) بجميع أ ج ه : يجمع ب / / المعسكر أ ب د : العسكر ج ه / / ونحاهم أ ب ج د : وطحاهم ه.

(٥) ولم أ د : لم ب ج ه.

(٦) إلا أ ج د ه : سوى ب / / إبراهيم أ ج د ه : + به ب.

(٧) وأسرّ إليه أ د : وأسر له ب : وسر له ج ه.

(٨) فقال آزر أ ب ج ه : ـ د / / ودخل أ ج د ه : ثم دخل ب.

(٩) أهله أ د ه : زوجته ب ج.

(١٠) ولما أ د ه : فلما ب ج / / الأقدار أ ج د : القدر ب ه / / ونسي أ ج د ه : فنسي ب.

(١١) لنمروذ أ ج د ه : للنمروذ ب / / أهله أ د ه : زوجته ب ج / / يونا أ ج د ه : نونا ب / / صلى‌الله‌عليه‌وسلم أ د ه : عليه‌السلام ب ج.

(١٢) استقر أ ب ج ه : ظهر د.

(١٣) رآه نمروذ أ ج د : رأى ذلك النجم ب ه.

(١٤) الله أ ج د ه : + تعالى ب.

٩٥

أجمل (١) صورة من بني آدم فأنسها وسكن خوفها وبشرها بولد يكون له شأن عظيم ، فلما ثقل عليها الحال قال لها : انهضي معي (٢) فقامت معه وتبعته فتوجه بها حتى أدخلها غارا هناك معميّ عن الخلق (٣). فلما دخلت الغار وجدت فيه جميع ما تحتاج إليه (٤) ، وخفف الله عنها الطلق فوضعت السيد إبراهيم ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٥) ، ليلة الجمعة ، ليلة عاشوراء.

وكان مولده لمضي ألف وإحدى وثمانين سنة من الطوفان ، وكان الطوفان بعد هبوط آدم ، عليه‌السلام ، بألفين ومائتين واثنتين وأربعين سنة (٦) ، وبين مولد إبراهيم الخليل ، عليه‌السلام ، والهجرة الشريفة النبوية ، على صاحبها (٧) ، أفضل الصلاة والسلام ، ألفان وثمانمائة وثلاثا وتسعين سنة (٨) على اختيار المؤرخين ، وقد مضى من الهجرة الشريفة إلى عامنا هذا تسعمائة سنة كاملة ، فيكون الماضي من مولد سيدنا إبراهيم ، عليه‌السلام ، إلى آخر تسعمائة من الهجرة الشريفة ثلاث آلاف وسبعمائة وثلاثا وتسعين سنة ، والاختلاف في ذلك كثير. فلما سقط إلى الأرض ، نزل عليه جبريل ، عليه‌السلام ، وقطع سرته وأذن في أذنه وكساه ثوبا أبيض ، ثم عاد بها (٩) الملك إلى منزلها (١٠) ، وتركت ولدها في الغار.

ولما طالت غيبة نمروذ عن أرضه (١١) عاد في تدبير ما أهمه ، فبينما هو جالس يوما (١٢) على سريره إذ هو قد انتفض من تحته انتفاضا شديدا ، وسمع (١٣) هاتفا

__________________

(١) أجمل أ ج د : أحسن صورة وأجمل وجه من بني آدم ب ه / / خوفها أ ج د : روعها ب ه / / شأن عظيم أ ج د : + وهو خليل رب العالمين ب : + وهو خليل الرحمن ه.

(٢) انهضي معي أ ب ج د : امضي معي ه.

(٣) معمي عن الخلق أ ب ج ه : معمي عن الأبصار د.

(٤) ما تحتاج إليه أ ج د ه : ما تحتاجه ب.

(٥) إبراهيم صلى‌الله‌عليه‌وسلم أ ج د ه : إبراهيم الخليل عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ب / / ليلة عاشوراء أ ج د : وكانت ليلة عاشوراء ب : فكانت عاشوراء ه.

(٦) واثنتين وأربعين ب ج د ه : وأربعين أ.

(٧) على صاحبها ... والسلام أ ج د : ـ ب ه.

(٨) وثلاثا وتسعين أ ج د : وثلاث وتسعون ب : ـ ه / / على اختيار ... كاملة ب ج د ه : ـ أ.

(٩) عاد بها أ ج د : عاد بأمه ب ه.

(١٠) منزلها أ ج د ه : مكانها ب / / في أ ب ج د : ـ ه.

(١١) عن أرضه أ ج د : + وبلاده ب ه / / عاد في أ د : عاد إلى ب ج ه / / ما أ ج د ه : + كان ب.

(١٢) جالس يوما أ ج د : ذات يوم ب ه / / إذ هو أ : وإذا هو بالسرير ب : إذا وقد ج : إذ هو بالسرير د ه / / شديدا ب ج د : ـ ه.

(١٣) وسمع أ ج د : فسمع نمروذ ب / / تعس أ ب ج د : ـ أ.

٩٦

يقول : تعس من كفر بإله إبراهيم ، فقال لآزر : هل سمعت ما سمعت؟ قال : نعم ، قال : فمن إبراهيم؟ قال آزر : لا أعرفه ، فأرسل للسحرة (١) والكهنة يدلونك عليه (٢) واسألهم عن إبراهيم ، فلم يخبروه بشيء مع علمهم به ، وكان ذلك في يوم ولادته ، ثم توالت (٣) على نمروذ الهواتف ونطقت (٤) الوحوش والطيور مثل ذلك فكان نمروذ لا يمر بمكان إلا ويسمع قائلا يقول : تعس من كفر بإله إبراهيم (٥) ، ثم إن نمروذ رأى رؤيا أخرى هالته ، وذلك أنه رأى القمر قد طلع من ضلع (٦) آزر وبقي نوره كالعمود الممدود بين السماء والأرض ، وسمع قائلا يقول : جاء الحق وزهق الباطل ، ونظر (٧) إلى الأصنام وهي منكسة عن كراسيها فاستيقظ نمروذ فزعا ، فقص رؤياه على آزر ، فخاف آزر على نفسه منه وقال له : إنما ذلك لكثرة عبادتي لها.

وكان نمروذا بليدا جبانا (٨) ، فرضي بقول آزر وسكت ثم بدا له الدخول إلى البلد (٩) ، فلما دخلها / / دخل آزر على الأصنام ، وكان هو القيّم لها ، فلما وقع [٧ / أ] نظره عليها ، تساقطت عن كراسيها ، فسجد آزر حين رأى ذلك ، وأنطقها (١٠) الله تعالى وقالت : يا آزر جاء الحق وزهق الباطل ، ووافى نمروذ ما كان يحذره فدخل آزر بيته ، وكان (١١) قد توهم في زوجته أنها حامل ، فلما رآها وهي نشيطة (١٢) سألها عن حالها فقالت : إن الذي كان ببطني لم يكن ولدا وإنما كان ريحا ، وقد تصرف عني ، فصدقها على ذلك ، وألقى الله على (١٣) نمروذ النسيان لأمر إبراهيم ، فكانت

__________________

(١) فأرسل للسحرة أ ب ج د : فأرسل نمروذ جلف السحرة ه.

(٢) يدلونك ب د ه : ـ أ ج / / واسألهم عن إبراهيم أ ج د ه : + وسألهم عن ذلك ب.

(٣) توالت أ ب ج د : تواترت ه.

(٤) ونطقت أ ج د : حتى نطقت ب ه / / مثل ب ج د ه.

(٥) بإله إبراهيم أ ج د : + فازداد همه ب : برب إبراهيم الخليل ه / / ثم إن نمروذ رأى رؤيا أخرى هالته أ ج د ه : ورأى رؤيا هائلة في منامه ب.

(٦) ضلع أ ب ج د : ظهر ه / / كالعمود أ ب : العامود ج د ه.

(٧) ونظر أ ج د ه : فنظر ب / / وهي منكسة عن كراسيها أ د : فوجدها كلها منكسة على رؤوسها ب : وهي منكسة على رؤوسها ج ه / / فاستيقظ فزعا أ ج د ه : فاستيقظ النمروذ فزعا خائفا مرعوبا ب / / فقص ب ه : وقص أ ج د.

(٨) بليدا جبانا أ ب ج د : جبارا عنيدا ه.

(٩) إلى البلد أ ب ج د : على البلد د / / دخلها أ ب ج ه : ـ د.

(١٠) وأنطقها أ ب ج د : فأنطقها ه.

(١١) وكان أ ب ج د : ـ ه.

(١٢) نشيطة أ ج د : نشطة ب ه.

(١٣) الله أ ج د ه : + تعالى ب.

٩٧

أمه تتوجه إلى الغار (١) في كل ثلاثة أيام مرة ترى حاله (٢) ، فتراه في أحسن هيئة ، فتوجهت إليه مرة فرأت الوحوش والطيور على المغارة فخافت واضطربت ، فظنت (٣) أن ولدها هالك ، فلما دخلت عليه وجدته بنعمة وعافية (٤) وهو جالس على فراش من السندس (٥) وهو مدهون مكحول (٦) ، فلما رأت ذلك منه ازدادت تعظيما له ، وعلمت أن له شأنا عظيما ، وأن له ربا يتولاه (٧) ووجدته يمص من أصابعه من أصبع ماء ، ومن أصبع لبنا ، ومن أصبع عسلا (٨) ، ومن أصبع زبدا ، ومن أصبع سمنا ، صلوات الله وسلامه عليه ، وكان يشب شبا (٩) لا يشبه الغلمان ، يومه كالشهر وشهره كالسنة.

ولم يمكث في الغار إلا (١٠) خمسة عشر شهرا ، وتكلم فقال لأمه يوما : من ربي (١١)؟ قالت : أنا ، قال : فمن ربك؟ قالت : أبوك ، قال : فمن رب أبي؟ قالت : نمروذ ، قال : فمن رب نمروذ (١٢)؟ قالت له : اسكت ، فسكت ، فرجعت (١٣) إلى زوجها ، وقالت له : أ رأيت الغلام الذي يتحدث به أنه بغير دين أهل الأرض؟ قال (١٤) : لا ، قالت : إنه ابنك ، ثم أخبرته بأمره ومكانه ، فأتاه أبوه ونظره وفرح به (١٥) ، وقال له إبراهيم : يا أبتاه من ربي؟ قال : أمك ، قال : فمن رب أمي؟ قال : أنا ، قال : فمن ربك؟ قال : النمروذ (١٦) ، قال : فمن رب النمروذ؟

__________________

(١) الغار أ ب ج ه : المغار د.

(٢) ترى حاله أ ج د : لترى حال ولدها ب ه / / هيئة أ ب ج د : صورة ه.

(٣) فظنت أ ج ه : وظنت ب : ـ د / / ولدها أ ب ج ه : ابنها د / / هالك أ : قد هلك ب ج د ه.

(٤) بنعمة وعافية أ ج د : بخير وعافية وهو جالس ب ه.

(٥) السندس : ضرب من رقيق الديباج ، ينظر : ابن منظور ، لسان ٦ / ١٣٧ ؛ المعجم الوسيط ١ / ٤٧٢.

(٦) مدهون مكحول أ ج د ه : + بأحسن حال ب / / تعظيما له أ ج د : فيه محبة وعظمة ب.

(٧) يتولاه ج د ه : + يحرسه ويتولاه فنظرت إليه ب / / ووجدته أ ج د ه : فوجدته ب / / من أ د ه : في ب ج / / من أصبع ماء ... عليه أ ج د ه : فوجدت يخرج له من أصبع لبن ... عليه ب.

(٨) عسلا أ ج ه : عسل ب : ـ د / / ومن أصبع زبدا أ ج د ه : ـ ب / / سمنا أ ج د ه : سمن ب

(٩) يشب شبا ب د ه : يشب شابا أ ج / / يشبه أ ج د ه : + أحدا من ب.

(١٠) إلا أ ج د ه : سوي ب / / فقال أ ب ج د : وقال ه / / يوما أ ج د : + يا أماه ب : ـ ه.

(١١) من ربي أ ج د ه : يا أماه من ربي ب / / قالت أ ج د ه : فقالت ب / / قال أ ج د ه : فقال لها ب / / فمن ربك أ ج د ه : ومن ربك ب.

(١٢) فمن رب نمروذ أ ج ه : + فلطمته لطمة ب / / فسكت أ ج د ه : ـ د.

(١٣) فرجعت أ ج د : ورجعت ب ه / / له أ ج د ه : ـ د / / أرأيت أ ج د ه : يا آزر أرأيت ب.

(١٤) قال : لا ، قالت ب : ـ أ ج د ه :/ / إنه أ ج د : إنه بعد ب : فإنه ه / / ومكانه أ ج د ه : وبمكانه ب.

(١٥) وفرح به أ ج د ه : + وقال له : أنت ولدي ، فقال إبراهيم ، نعم يا أبت ب / / وقال له إبراهيم أ : ثم قال إبراهيم ب : فقال له إبراهيم ج د ه / / من أ ج د ه : فمن د.

(١٦) النمروذ أ ج د : نمروذ ب ه.

٩٨

فلطمه (١) وقال له : اسكت وذلك قوله تعالى : (* وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ.)(٢)

ثم إن إبراهيم قال لأمه يوما : أخرجيني من الغار ، فأخرجته عشيا (٣) فلما خرج نظر وتفكر في خلق السماوات والأرض ثم قال : إن الذي خلقني ورزقني ويطعمني ويسقيني لربي ما لي إله غيره ، ثم نظر إلى السماء فرأى كوكبا (٤) قال : هذا ربي ، ثم أتبعه بصره ينظر إليه حتى غاب فسأمه وقال : لا أحب الآفلين وهذا يدل على كمال عقله وعلمه إذ الآفل لا يجوز أن يكون إلها ، ثم رأى القمر بازغا قال : هذا ربي وأتبعه (٥) بصره حتى غاب فسأمه (٦) ورجع لفكره متوجها إلى ربه وقال : (لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ.) (٧٧) (٧) ، ومعنى قوله (٨) ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لئن لم يهدني ربي لأن الهداية (٩) والتوفيق بيده سبحانه ، ثم طلعت الشمس فقال : هذا ربي ، هذا أكبر فلما أفلت سئمها وتوجه إلى ربه بقلب سليم ووجه وجهه للحق والصدق (١٠) واليقين ونادى على قومه بالشرك المبين : (قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (٧٩) (١١) ، فنقله الله (١٢) من علم اليقين إلى عين اليقين ، ثم إن أباه ضمه إليه فشب شبابا حسنا ولا زال (١٣) ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في جميع أحواله مجملا مكملا حتى أكرمه الله تعالى بما أكرم من الآيات البينات (١٤) والكرامات الباهرات ثم ألبس (١٥) حلة

__________________

(١) فلطمه أ د : فلطمه لطمة كادت أن تخرج عينيه ب : فلطمه لطمة ج ه / / قوله تعالى أ ب د : قوله عز وجل ج ه.

(٢) الأنبياء : [٥١].

(٣) عشيا أ ج د : عشاء ب : ـ ه.

(٤) فرأى كوكبا أ ج د ه : فرأى كواكبها ورأى كوكبا ب / / قال أ ج د ه : فقال ب / / أتبعه أ ب ج د : فأتبعه ه / / حتى غاب فسأمه أ ج د ه : حتى غاب وهو ينظر إليه فما غاب قال ب.

(٥) وأتبعه أ ب ج د : فأتبعه ه.

(٦) حتى غاب فسأمه أ ج د ه : + وقال أنا لا أحب الآفلين ب.

(٧) الأنعام : [٧٧].

(٨) قوله أ ج د ه : مقاله ب.

(٩) لأن الهداية أ د : أن الهداية ب ج د.

(١٠) والصدق أ : بالصدق ب ج د ه.

(١١) الأنعام : [٧٨ ـ ٧٩].

(١٢) الله أ د : + تعالى ب ج ه.

(١٣) ولا زال أ ج د ه : ولم يزل ب.

(١٤) البينات ب ج د : المبينات أ ه.

(١٥) ألبس أ : ألبسه ب ج د ه / / حالة أ : خلعه ب ج د ه.

٩٩

الخلة ، وجعله من أولي العزم من الرسل وجعله أبا الأنبياء وتاج الأصفياء ، ونصرة أهل الأرض ، وشرف أهل السماء.

وكان مولده ، عليه‌السلام (١) ، بكوثا من إقليم بابل من أرض العراق على أرجح الأقوال ، وكان آزر أبو إبراهيم يصنع الأصنام ويعطيها لإبراهيم ليبيعها (٢) ، فكان إبراهيم يقول : من يشتري ما يضره ولا ينفعه فلا يشتريها أحد فإذا بارت عليه ذهب (٣) إلى نهر فصوّب فيه رؤوسها وقال لها : اشربي استهزاء بقومه وبما هم فيه من الضلالة حتى فشا استهزاؤه بها في قومه وأهل (٤) قريته فحاجه قومه في دينه ، قال لهم : أتحاجّوني في الله وقد هداني للتوحيد والحق ولا أخاف ما تشركون به؟ وذلك [٧ / ب] أنهم قالوا له (٥) : احذر الأصنام / / فإنا نخاف أن تمسك بسوء من خبل أو جنون لعيبك (٦) إياها ، فقال لهم : لا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما ـ أي أحاط علمه بكل شيء ، أفلا تتذكرون.

ثم لما أمر الله تعالى إبراهيم (٧) أن يدعو قومه إلى التوحيد دعا أباه فلم يجبه ، ودعا قومه وفشا أمره واتصل بنمروذ (٨) ، وهو ملك تلك البلاد ، ثم جاهر (٩) إبراهيم قومه بالبراءة مما كانوا يعبدون وأظهر دينه وقال : (قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ) (٧٧) (١٠)(١١) ، قالوا (١٢) : فمن تعبد أنت؟ قال : رب العالمين ، قالوا : ربنا النمروذ ، قال : (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (٨٢) رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (٨٣) وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (٨٥) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ (٨٦) وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ

__________________

(١) عليه‌السلام أ ب ج د : عليه الصلاة والسلام ه.

(٢) ليبيعها أ ج د : يبيعها ه / / ما أ ب ج د : ـ ه.

(٣) ذهب أ ه : + بها ب ج د.

(٤) وأهل أ ب د : وف أهل ج ه / / قال أ ج د ه : فقال ب.

(٥) قالوا له ... لا أخاف أ ج د ه : ـ د.

(٦) لعيبك أ ج د : لسبك ب : ـ ه.

(٧) إبراهيم أ ج د : + عليه‌السلام ب : ـ ه / / دعا أ ج د : ودعا ب : فدعا ه.

(٨) واتصل بنمروذ أ ج د ه : واتصلت أخباره بنمروذ ب.

(٩) جاهر أ : جاهد ب ج د : جاءهم ه / / قومه أ ب ج د : ـ ه.

(١٠) الشعراء : [٧٥ ـ ٧٧].

(١١) فإنهم عدو أ ب ج د : فإنه عدو ه.

(١٢) قالوا أ ج د ه : فقالوا ب / / ربنا النمروذ أ : نحن ربنا نمروذ ب د ه : قالوا ربنا نمروذ ج / / قال أ ب ج د : + أنا عبد الله ب.

١٠٠