الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل - ج ١

مجير الدين الحنبلي العليمي

الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل - ج ١

المؤلف:

مجير الدين الحنبلي العليمي


المحقق: عدنان يونس عبد المجيد أبو تبّانة
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة دنديس
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٤
الجزء ١ الجزء ٢

وفي رواية (١) : أن عمر قال لكعب : أين ترى نجعل المصلى؟ قال : إلى الصخرة ، فقال : ضاهيت والله يا كعب اليهودية ، بل نجعل قبلته صدره كما جعل رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قبلة مساجدنا صدورها ، اذهب إليك فإنا لم نؤمر بالصخرة ولكن أمرنا بالكعبة. ولما فرغ عمر من فتح إيلياء وعزل الصخرة من القمامة ، وأبقى النصارى على حالهم بأداء الجزية ، فسمى المسلمون كنيسة النصارى العظمى (٢) عندهم قمامة تشبيها بالمزابل وتعظيما للصخرة الشريفة ، ثم ارتحل من القدس إلى أرض فلسطين.

وكان هذا الفتح في سنة خمس عشرة (٣) (٤) من الهجرة الشريفة ، قاله ابن الجوزي (٥) ، رضي‌الله‌عنه ، وغيره من المؤرخين. وقيل : كان في سنة ستة عشر (٦) في ربيع الأول. وقيل : لخمس خلون من ذي القعدة ، والله أعلم. ووجد على رأس بعض التصاوير التي كانت في المسجد الأقصى عقب ما استنقذه المسلمون منهم هذه الأبيات ويقال إنها لابن ضامن الضبعي بعكا :

أدمى الكنائس أن تكن عبثت

بكم أيدي الحوادث أو تغير حال

فلطالما سجدت لكن شمامس

شم الأنوف ضراغم أبطال

بعدا على هذا المصاب لأنه

يوم بيوم والحرب سجال (٧)

روي أن أمير المؤمنين عمر لما فتح بيت المقدس وكتب كتاب الأمان والصلح وقبضوا كتابهم وأمنوا الناس بعضهم في بعض وأقام عمر أياما ، ثم قال لأبي عبيدة : لم يبق (٨) أمير من أمراء الأجناد غيرك إلا استزارني ، فقال أبو عبيدة : يا أمير المؤمنين إني أخاف أن أستزيرك فتعصب عينيك في بيتي. قال : فاستزرني ، قال : فزرني ، فلما أتاه عمر في بيته فإذا ليس فيه (٩) إلا لبد فرسه ، وإذا هو فراشه وسرجه ووسادته ، وإذا كسر يابسة في كوة بيته فجاء بها فوضعها (١٠) على الأرض بين يديه

__________________

(١) وفي رواية أن عمر قال لكعب أ : وروي أن عمر قال لكعب ب ج د ه.

(٢) العظمى أ ب ج د : المعظمة ه.

(٣) سنة ١٥ ه‍ / ٦٣٦ م.

(٤) خمس عشرة أ ج : خمسة عشر ب د ه.

(٥) ورد هكذا في كتاب فضائل القدس لابن الجوزي ، ينظر : السيوطي ، إتحاف ١ / ٢٤٠.

(٦) سنة ١٦ ه‍ / ٦٣٧ م.

(٧) ينظر هذه الأبيات : المقدسي ، مثير ١٦٩ ـ ١٧٠.

(٨) لم يبق ... استزارني أ ب ج : ـ د ه.

(٩) فيه أ : + شيء ب ج د ه / / ووسادته أ لا : وإذا هو وسادته ب ج د ه.

(١٠) فوضعها أ ب ج : ووضعها د ه.

٣٨١

وأتاه بملح جريش وكوز خزف فيه ماء. فلما نظر عمر إلى ذلك بكى ، ثم التزمه وقال : أنت أخي ، وما من أحد من أصحابي إلا وقد نال من الدنيا ونالت منه غيرك ، فقال له أبو عبيدة : ألم أخبرك أنك ستعصب عينيك.

ثم إن عمر قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله وصلى على النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم قال : «يا أهل الإسلام إن الله تعالى قد صدقكم الوعد ونصركم على الأعداء وورثكم (١) البلاد ، ومكن لكم في الأرض فلا يكونن جزاؤه منكم إلا الشكر وإياكم والعمل بالمعاصي فإن العمل بالمعاصي كفر النعم. وقلما كفر قوم بما أنعم الله عليهم ثم لم يفزعوا إلى التوبة إلا سلبوا عزهم وسلط عليهم عدوهم». ثم نزل ، وحضرت (٢) الصلاة فقال : يا بلال ألا تؤذن لنا رحمك الله ، قال بلال : يا أمير المؤمنين والله ما أردت أن أؤذن لأحد بعد رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولكن سأطيعك إذا (٣) أمرتني في هذه الصلاة وحدها.

فلما أذن بلال وسمعت الصحابة صوته ذكروا نبيهم ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فبكوا بكاء شديدا (٤) ولم يكن من المسلمين يومئذ أطول بكاء من أبي عبيدة (٥) ومعاذ بن جبل ، حتى قال لهما عمر : حسبكما رحمكما الله.

فلما قضى صلاته انصرف أمير المؤمنين راجعا (٦) إلى المدينة واجتهد فيما هو بصدده من إقامة شعائر الإسلام والنظر في مصالح المسلمين والجهاد في سبيل الله. ولم يزل كذلك حتى توفي ، رضي‌الله‌عنه ، وجمعنا به وجمع بيننا وبينه في دار الكرامة إنه ولي الحسنات وغافر السيئات عنه وكرمه.

وقد حكى المصنفون بفضائل (٧) بيت المقدس قصة الفتح من طرق كثيرة بروايات وألفاظ مختلفة وأحسن ما رأيت منها ما نقلته هنا ، والله الموفق.

__________________

(١) وورثكم أ ج ه : وأورثكم ب د.

(٢) وحضرت أ ب ج د : وحضرته ه.

(٣) إذا أ ج د ه : إذ ب.

(٤) ينظر : ابن الأثير ، الكامل ٢ / ٣٩٤.

(٥) أبي عبيدة ب ج د : ـ أ ه.

(٦) راجعا إلى المدينة أ ب ج : ـ د ه.

(٧) بفضائل أ د ه : لفضائل ب ج / / وأحسن أ د ه : فأحسن ب ج.

٣٨٢

ذكر وفاة عمر رضي‌الله‌عنه

روي أنه خرج لصلاة الصبح في جماعة فضربه أبو لؤلؤة / / غلام المغيرة بن شعبة ، لما وقف يصلي ـ بخنجر برأسين وطعنه ثلاث طعنات إحداها (١) تحت سرته وهي التي قتلته ، وطعن اثني عشر رجلا من أهل المسجد. فمات منهم ستة. ثم نحر نفسه بخنجره ، فمات لعنه الله.

ولما طعنه أبو لؤلؤة وقع على الأرض ثم قال : أفي الناس عبد الرحمن بن عوف؟ قالوا : نعم ، قال : مروه يصلي بالناس ، وقال لولده عبد الله : انظر من الذي قتلني؟ فقال : يا أمير المؤمنين (٢) ذلك أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة ، فقال : الحمد لله الذي لم يجعل قتلي على يد رجل سجد لله سجدة واحدة.

ثم بعث ابنه عبد الله إلى عائشة ، رضي‌الله‌عنها ، فقال : قل لها : يقرأ عليك عمر السلام ، ولا تقل لها (٣) أمير المؤمنين ، فإني لست اليوم أمير المؤمنين ـ ويقول لك أنه لا حق بربه أفتأذنين له أن يدفن مع صاحبيه (٤) ، فجاء عبد الله إلى عائشة فاستأذن عليها فأذنت له ، فبلغها رسالة أمير المؤمنين عمر ، رضي‌الله‌عنه (٥) ، فتأوهت وبكت ، وقالت : لقد كنت أشم رائحة رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في أبي بكر ، فلما مات أبو بكر كنت أشم رائحته في أمير المؤمنين عمر ، ما لي وللدنيا أفقد فيها الأحباب واحدا واحدا (٦) ، ثم قالت : بلغ أمير المؤمنين مني السلام ، وقل له : ألا إنها كانت (٧) ادخرت ذلك لنفسها ولكنها آثرتك اليوم على نفسها.

فلما رجع عبد الله ، قال له عمر : ما ورائك يا عبد الله؟ قال : الذي تحب قد أذنت لك عائشة ، قال : الحمد لله ما كان شيء أهم إليّ من ذلك ، فإذا أنا قبضت فارجع إلى عائشة فاستأذنها ثانيا فربما تكون استحيت مني وأنا حي ، فلا تستحي مني وأنا ميت ، وأوصاهم أن يقتصروا في كفنه ، ولا يتغالوا.

وتوفي يوم السبت خلت ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين (٨) للهجرة الشريفة.

__________________

(١) إحداها ب ج : أحدها أ د : ـ ه.

(٢) يا أمير المؤمنين ب ج ه : ـ أ د.

(٣) ولا تقل لها أ ج ه : ولا تقل ب : ـ د / / المؤمنين ب ج د ه : ـ أ.

(٤) صاحبيه ب ج د ه : صاحبه أ.

(٥) عمر رضي‌الله‌عنه ب ج د ه : ـ أ.

(٦) واحدا واحدا أ ج د ه : واحد بعد واحد ب.

(٧) كانت أ ج : + قد ب د ه.

(٨) ٢٣ ه‍ / ٦٤٣ م.

٣٨٣

ودفن يوم الأحد هلال المحرم سنة أربع وعشرين (١) ، وغسله ابنه عبد الله وحمل على سرير رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وصلى عليه صهيب وكبر عليه أربعا ونزل في قبره (٢) ابنه عبد الله وعثمان بن عفان وسعيد بن زيد وعبد الرحمن بن عوف وكانت خلافته ، رضي‌الله‌عنه ، عشر سنين وستة أشهر وثمانية أيام ، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة على الصحيح المشهور (٣).

والصحيح : أن عمر رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعمر أبي بكر ، رضي‌الله‌عنه ، وعمر وعلي وعائشة ، رضي‌الله‌عنهم ، ثلاث وستون سنة ، وكان عمر ، رضي‌الله‌عنه ، طوالا (٤) أصلع أبيض يعلوه حمره. وقيل : كان طويل الأصابع (٥) شديد الأدمة كث اللحية. وعليه أكثر العلماء وفضائله أشهر من أن تذكر وأكثر من أن تحصر : جاهد في الله حق جهاده ، فجيش الجيوش وفتح البلاد ومصر الأمصار وأعز الإسلام وأذل الكفر وأجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز (٦) ، وفي أيامه فتح العراق والموصل ومصر والإسكندرية وغيرها (٧). وهو الذي اختط الكوفة ووسع في المسجد الحرام ، وعمر مسجد النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والمسجد الأقصى ، وهو أول من جمع الناس لصلاة التراويح ، وأول من كتب التاريخ وأرخ من السنة التي هاجر فيها رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٨) ، وأول من عسس بالليل ، وأول من نهى عن بيع أمهات الأولاد ، وأول من جمع الناس في صلاة الجنازة على أربع تكبيرات وكانوا يكبرون أربعا وخمسا وستا ، وأول من حمل الدرة وضرب بها ، ودون الدواوين (٩) ولو لم يكن من فضائله إلا فتح هذا البيت المقدس وتطهيره من الشرك لكفاه ، رضي‌الله‌عنه (١٠) ، ونفعنا ببركته وبركات علومه في الدنيا والآخرة.

__________________

(١) سنة ٢٤ ه‍ / ٦٤٤ م.

(٢) ينظر : القلقشندي ، مآثر ١ / ٨٩.

(٣) ونزل في قبره أ : ونزله في قبره ب ج ه : ـ د.

(٤) طوالا أ ج ه : طويلا ب : ـ د / / يعلوه أ ج ه : تعلوه ب : ـ د.

(٥) طويل الأصابع أ : ـ ب ج د ه / / شديد الأدمة أ : كان آدم شديد الأدمة ب ج ه : ـ د / / اكثر العلماء أ : أكثر أهل العلم ب ج د ه : ـ د.

(٦) أرض الحجاز أ ه : بلاد الحجاز ب ج : ـ د.

(٧) ينظر : القلقشندي ، مآثر ١ / ٨٩.

(٨) ينظر : المصدر نفسه ١ / ٩٢.

(٩) ودون الدواوين ب ج ه : ـ أ د.

(١٠) رضي‌الله‌عنه ... والآخرة ب ج ه : ـ أ د.

٣٨٤

وأما من دخل بيت المقدس من الصحابة ، رضي‌الله‌عنهم ، فهم خلق كثير

لا يحصيهم إلا الله سبحانه وتعالى ، ولنذكر جماعة من أعيانهم تبركا

بذكرهم ونجعل ترتيب أسمائهم على الوفيات من غير استقصاء في ذكر

تراجمهم فأقول وبالله التوفيق :

أبو عبيدة بن الجراح (١) واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح الفهري ، أحد العشرة المبشرة والمشهود لهم بالجنة ، وتقدم ذكره عند ابتداء الفتح ، توفي في طاعون عمواس في سنة ثمان عشرة (٢)(٣) من الهجرة الشريفة / / وقبره في قرية يقال لها عثما تحت جبل عجلون (٤) بين فقارس والعادلية بزاوية دير علّا (٥) من الغور (٦) الغربي. ووفاته في خلافة عمر وله ثمان وخمسون سنة.

معاذ بن جبل الأنصاري ، استخلفه أبو عبيدة على الناس عند موته. فمات أيضا بالطاعون بناحية الأردن في سنة ثمان عشرة وله ثمان وثلاثون سنة ، وقيل : ثلاث وثلاثون سنة (٧) ، والله أعلم. وقبره بالقصر الذي من الغور ومات من الناس (٨) في هذا الطاعون خمسة وعشرون ألف نفس ، وطال مكثه شهرا وطمع العدو في المسلمين.

بلال بن رباح ، مولى أبي بكر الصديق ، وهو مؤذن رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، شهد فتح بيت المقدس مع عمر بن الخطاب ، رضي‌الله‌عنه ، ولم يؤذن بعد رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، سوى مرة واحدة لما أمره عمر بالأذان بعد الفتح ـ كما تقدم ـ توفي بدمشق في سنة تسعة عشر (٩) من الهجرة ، ودفن عند الباب الصغير وهو ابن بضع وستين سنة.

وقيل : مات بحلب سنة عشرين (١٠). وقيل : ثماني عشرة ، والله أعلم.

__________________

(١) ينظر : ابن سعد ، الطبقات ٣ / ٤٠٩ ؛ ابن حبان ، تاريخ ٢٩ ؛ ابن حجر ، الإصابة ٢ / ٢٥٢.

(٢) سنة ١٨ ه‍ / ٦٣٩ م.

(٣) ثمان عشرة ج د ه : ثمان عشر أ : ثمانية عشر ب.

(٤) عجلون : حصن وربض يقع شرقي بيسان ، ينظر : أبو الفداء ، تقويم ٢٤٥.

(٥) دير علا ب ج ه : دير سلام أ : ـ د.

(٦) الغور : غور الأردن بالشام ، بين بيت المقدس ودمشق ، وهو واد مسيرة ثلاثة أيام ، ينظر : أبو الفداء ، تقويم ٤٦٤ ؛ البغدادي ، مراصد ٢ / ١٠٠٤.

(٧) وقيل ثلاث وثلاثون سنة ب ج ه : ـ أ د / / والله أعلم أ ج ه : ـ ب د.

(٨) من الناس أ ج ه : من العسكر ب : ـ د / / مكثه شهرا أ ب ج : ـ د ه.

(٩) سنة ١٩ ه‍ / ٦٤٠ م.

(١٠) سنة ٢٠ ه‍ / ٦٤١ م.

٣٨٥

عياض بن غنم ، رضي‌الله‌عنه ، ابن عم أبي عبيدة دخل بيت المقدس ، وبنى فيها حماما ، وله رواية عن النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، توفي في سنة عشرين للهجرة (١).

خالد بن الوليد (٢) ، سيف الله المسلول ، توفي سنة إحدى وعشرين (٣) للهجرة ، واختلف في موضع قبره ، فقيل : بحمص ، وقيل : بالمدينة.

أبو ذر الغفاري ، واسمه جندب بن جنادة ، دخل بيت المقدس وكانت وفاته بالربذة (٤) في سنة اثنتين وثلاثين (٥) ، والله أعلم.

أبو الدرداء عويمر (٦) ، رضي‌الله‌عنه ، توفي بدمشق سنة اثنتين وثلاثين ، وقيل : إحدى وثلاثين في خلافة عثمان ، رضي‌الله‌عنه.

عبادة بن الصامت الأنصاري ، أبو الوليد (٧) ، وجهه عمر إلى الشام قاضيا ومعلما ، وأقام بحمص ثم انتقل إلى فلسطين ، وهو أول من ولي قضاءها (٨). سكن بيت المقدس ، ومات بفلسطين ، ودفن ببيت المقدس ، وقيل : بالرملة (٩) والأول أشهر. وكانت وفاته في سنة أربع وثلاثين (١٠) للهجرة ، والآن قبره لا يعرف ببيت المقدس ولا بالرملة ، واندثر (١١) لاستيلاء الفرنج على تلك الناحية.

سلمان الفارسي ، توفي سنة ست وثلاثين للهجرة ، ودفن بالمدائن عن مائتين وخمسين سنة ، ويقال أكثر ، ذكره النووي (١٢) في التهذيب (١٣)(١٤) ، وابن

__________________

(١) للهجرة أ ج ه : من الهجرة الشريفة ب د.

(٢) الوليد أ ج د ه : + رضي‌الله‌عنه ب.

(٣) سنة ٢١ ه‍ / ٦٤٢ م.

(٤) الربذة : من قرى المدينة على بعد ثلاثة أميال منها قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز ، ينظر : أبو الفداء ، تقويم ٨٧ ؛ الحميري ٢٦٦.

(٥) سنة ٣٢ ه‍ / ٦٥٢ م.

(٦) عويمر رضي الله ب ج د ه : ـ أ.

(٧) أبو الوليد أ ج د ه : ـ ب.

(٨) قضاءها ج د : قضائها أ ه : قضاها ب.

(٩) الرملة : مدينة بفلسطين كانت رباطا للمسلمين ، اختطها سليمان بن عبد الملك ، بينها وبين بيت المقدس ثمانية عشر ميلا ، ينظر : البغدادي ٢ / ٦٣٣ ؛ الحميري ٢٦٨ ؛ العليمي ٩١ ؛ شراب ٤١٧.

(١٠) سنة ٣٤ ه‍ / ٦٥٤ م.

(١١) واندثر أ : واندرس ب ج ه : اندرس د.

(١٢) ينظر : النووي ، تهذيب ٢ / ٢٢٦.

(١٣) تهذيب الأسماء واللغات للإمام محي الدين يحيى بن شرف النووي المتوفى سنة ٦٧٦ ه‍ / ١٢٧٧ م. ينظر : حاجي خليفة ١ / ٤١٣.

(١٤) في التهذيب أ ه : + والكرماني ب ج : ـ د.

٣٨٦

الجوزي (١) ، في صفوة الصفوة (٢). قال العلماء (٣) بالسير : كان سلمان من المعمرين أدرك وصي عيسى بن مريم. ورد بعض العلماء هذا القول وقال : إنه لم يبلغ المائة ، والله أعلم.

أبو مسعود الأنصاري ، عقبة بن عمرو البدري ، سكن بدرا ولم يشهدها على الراجح (٤) ، توفي سنة تسع وثلاثين (٥) للهجرة ، وقيل : سنة أربعين (٦).

تميم بن أوس الداري (٧) ، وفد هو وأخوه نعيم على رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، سنة تسع (٨) وآسلما ، وصحب تميم رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وغزا معه. وروى عنه ، ولم يزل بالمدينة حتى تحول إلى الشام بعد قتل عثمان ، رضي‌الله‌عنه ، وكان أميرا على بيت المقدس ، وهو الذي أقطعه النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أرض حبرون (٩) ، وسنذكر نسخة الإقطاع (١٠) فيما بعد عند ذكر بلد سيدنا الخليل ، عليه الصلاة والسلام ، إن شاء الله تعالى. توفي سنة أربعين للهجرة الشريفة.

عمرو بن العاص السهمي ، توفي سنة ثلاث وأربعين (١١) للهجرة (١٢) في خلافة معاوية.

عبد الله بن سلام ، أبو الحارث ، الإمام الحبر الإسرائيلي المشهود له بالجنة ، قدم بيت المقدس ، من خواص الصحابة ، كان اسمه الحصيب (١٣) ، فغيره

__________________

(١) ينظر : ابن الجوزي ، صفوة ١ / ٥٢٣.

(٢) صفوة الصفوة : لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي ، المتوفى سنة ٥٩٧ ه‍ / ١٢٠٠ م ، ينظر : حاجي خليفة ، كشف ٢ / ١٠٢.

(٣) قال العلماء أ : قال أهل العلم ب ج ه : ـ د.

(٤) الراجح ب ج ه : الترجيح أ : ـ د / / تسع ب ج ه : تسعة أ : ـ د / / للهجرة أ ج ه : من الهجرة ب : ـ د.

(٥) سنة ٣٩ ه‍ / ٦٥٩ م.

(٦) سنة ٤٠ ه‍ / ٦٦٠ م.

(٧) تميم بن أوس الداري أ ج ه : تميم الداري بن أوس ب : ـ د / / الداري أ ج ه : + رضي‌الله‌عنه ب : ـ د.

(٨) سنة ٩ ه‍ / ٦٣٠ م.

(٩) حبرون : اسم للمدينة التي فيها قبر إبراهيم الخليل ، عليه‌السلام ، وغلب على اسمها الخليل ، ينظر : العليمي ١١١ ؛ البغدادي ١ / ٣٧٧ ؛ شراب ٢٨٨.

(١٠) ينظر : العليمي ١١١.

(١١) سنة ٤٣ ه‍ / ٦٦٣ م.

(١٢) للهجرة أ ج ه : من الهجرة ب : ـ د.

(١٣) الحصيب أ ج ه : الحصين ب : ـ د.

٣٨٧

النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بعبد الله ، شهد فتح بيت المقدس ، توفي سنة ثلاث وأربعين من الهجرة.

سعيد بن زيد (١) ، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، قدم بيت المقدس زمن الفتح ، توفي سنة إحدى وخمسين (٢) من الهجرة بالعقيق (٣) ، وقيل : بالكوفة ، وله بضع وسبعون سنة.

أبو إسحاق سعد بن أبي وقاص ، واسمه مالك بن وهب ، رضي‌الله‌عنه ، قدم بيت المقدس وأحرم منه بعمرة ، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، مات في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة ، فحمل إلى المدينة ، وصلت (٤) عليه أزواج النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في حجرهن ، ودفن بالبقيع في سنة خمس وقيل : ست وخمسين (٥) للهجرة (٦) وهو ابن بضع وسبعين سنة.

مرة بن كعب الفهري ، رضي‌الله‌عنه ، نزل الشام ، وتوفي سنة سبع وخمسين (٧) للهجرة بالأردن.

شداد بن أوس بن أخي حسان بن ثابت ، نزل بالشام ناحية فلسطين ، وكان ممن أوتي العلم والحلم (٨) والحكمة ، روي أنه لما دنت وفاة رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، / / قام ثم جلس ثم قام ثم جلس ، فقال رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا شداد ما سبب قلقك؟» فقال : يا رسول الله ضاقت بي الأرض ، فقال : «ألا إن الشام ستفتح وبيت المقدس سيفتح ، إن شاء الله تعالى ، وتكون أنت وولدك من بعدك أئمة بها إن شاء الله» (٩) ، فكان كما أخبر النبي ، عليه‌السلام (١٠) ، وكان ذا عبادة واجتهاد ، توفي سنة ثمان

__________________

(١) سعيد بن زيد ... الفتح ب ج د ه : ـ أ / / أحد العشرة ... بالجنة ب ج د ه : ـ أ.

(٢) سنة ٥١ ه‍ / ٦٧١ م.

(٣) العقيق : هو كل مسيل ماء شقه السيل في الأرض ومنه عقيق المدينة فيه عيون ونخل كثير ، ينظر : البغدادي ، مراصد ٢ / ٩٥٢.

(٤) وصلت عليه ب : وصل عليه أ ج ه : ـ د.

(٥) سنة ٥٦ ه‍ / ٦٧٥ م.

(٦) للهجرة أ ج ه : من الهجرة ب : ـ د.

(٧) سنة ٧٥ ه‍ / ٦٧٦ م.

(٨) والحلم ب ج ه : ـ أ د / / روي أنه أ ج ه : يروى أنه ب : ـ د / / رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أ ج ه : النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ب : ـ د.

(٩) ينظر : المقدسي ، مثير ٣١٦.

(١٠) عليه‌السلام أ ه : صلى‌الله‌عليه‌وسلم ب ج : ـ د.

٣٨٨

وخمسين (١) من الهجرة (٢) وله خمس وسبعون سنة. وقيل : مات سنة إحدى وأربعين (٣) ، وقبره ظاهر ببيت المقدس يزار في مقبرة باب الرحمة تحت سور المسجد الأقصى (٤) ، رضي‌الله‌عنه.

أبو هريرة ، رضي‌الله‌عنه ، اسمه عبد الرحمن بن صخر ، قدم بيت المقدس وشهد فتحه ، مات بمدينة رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، سنة تسع وخمسين (٥) للهجرة (٦) ، وهو ممن لازم خدمة رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وروى عنه الكثير ، وليس هو المدفون بقرية يبنى (٧) التي هي من أعمال مدينة غزة وإنما بها بعض ولده.

معاوية بن أبي سفيان ، أمير المؤمنين ، رضي‌الله‌عنه (٨) ، قدم بيت المقدس ، وقدم عليه عمرو بن العاص ، فبايعه على طلب دم عثمان ، وكتبا (٩) كتابا بينهما : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما تعاهد عليه معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ببيت المقدس بعد قتل عثمان وحمل كل واحد منهما صاحبه الأمانة أن بيننا عهد الله على التناصر والتخالص والتناصح في أمر الله والإسلام ، ولا يخذل أحدنا صاحبه بشيء ، ولا يتخذ من دونه وليجة ولا يحول بيننا ولد ولا والد أبدا ما حيينا فيما استطعنا ، توفي بدمشق في النصف من رجب في سنة ستين للهجرة (١٠)(١١) ، وله ثمان وسبعون سنة ، وقيل : ست وثمانون ، وقيل غير ذلك ، وصلى عليه الضحاك (١٢) ، ودفن بمقبرة دمشق.

عبد الله بن عمرو بن العاص ، أسلم قبل أبيه ولم يكن أصغر من أبيه إلا باثنتي عشرة سنة ، وكان يقرأ القرآن والتوراة ، ويصوم يوما ويفطر يوما ، توفي في سنة

__________________

(١) سنة ٥٨ ه‍ / ٦٧٧ م.

(٢) من الهجرة أ ب : للهجرة ج ه : ـ د.

(٣) ٤١ ه‍ / ٦٦١ م.

(٤) الأقصى رضي‌الله‌عنه ب ج ه : ـ أ د.

(٥) ٥٩ ه‍ / ٦٧٨ م.

(٦) للهجرة أ ج ه : من الهجرة ب : ـ د / / رسول الله أ ج ه : النبي ب : ـ د.

(٧) يبنى : بليدة قرب الرملة ، بها قبر يقولون إنه لأبي هريرة ، وقيل : قبر عبد الله بن أبي سرح ، وقد دمرها الأعداء عام ١٩٤٨ م ؛ ينظر : البغدادي ، مراصد ٣ / ١٤٧٣ ؛ شراب ٧٣٠.

(٨) رضي‌الله‌عنه أ ج ه : ـ ب د / / معاوية ... قدم بيت المقدس أ ب ج ه : ـ د.

(٩) وكتبا ب : وكتب أ ج ه : ـ د.

(١٠) ٦٠ ه‍ / ٦٧٩ م.

(١١) للهجرة أ ج ه : من الهجرة ب : ـ د.

(١٢) الضحاك بن قيس بن خالد بن وهب ، قتل بمرج راهط بعد موت يزيد بن معاوية سنة ٦٥ ه‍ / ٦٨٤ م ينظر : ابن حبان ، تاريخ ١٤١.

٣٨٩

خمس وستين للهجرة (١).

عبد الله بن عباس ، رضي‌الله‌عنهما ، مولده قبل الهجرة بثلاث سنين ، ودعا له النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» (٢) ، فكان كذلك ، وكان يسمى الحبر لكثرة علومه ، وأهل من بيت المقدس في الشتاء ، توفي سنة ثمان وستين (٣) ، من الهجرة بالطائف بقرية تدعى السلامة وقبره ظاهر معروف بها عليه قبة مبنية وحولها مسجد جامع.

عبد الله بن عمر بن الخطاب ، رضي‌الله‌عنهما ، قدم بيت المقدس وأهل منه بعمرة ، توفي في سنة ثلاث وسبعين (٤) للهجرة (٥) ، بعد قتل عبد الله بن الزبير بثلاثة أشهر ، وله سبع وثمانون سنة.

عوف بن مالك بن عوف الأشجعي ، أبو محمد شهد فتح بيت المقدس ونزل حمص (٦) وهو صحابي جليل ، توفي سنة ثلاث وسبعين للهجرة (٧) ، بايع رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، على أن يعبد الله لا يشرك به شيئا ، والصلوات الخمس ، وأن لا يسأل الناس شيئا.

أبو جمعة الأنصاري ، واسمه جندب بن سباع ، وقيل : جنيد بن سباع ، وقيل : ابن وهب ، وقيل : ابن فديك ، قدم بيت المقدس ليصلي فيه (٨) ، مات بالشام أول محرم سنة سبع وسبعين (٩) من الهجرة.

وائلة بن الأسقع الهوازني (١٠) ، أسلم والنبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، متوجه إلى تبوك ، ويقال : إنه خدمه ثلاث سنين وهو من أهل الصفة (١١) ، سكن البصرة ثم الشام ، وشهد

__________________

(١) للهجرة أ ج ه : من الهجرة ب : ـ د.

(٢) روى ابن حبان أن الرسول ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال له : «اللهم علمه الحكمة» ، ينظر : ابن حبان ، تاريخ ١٤٨.

(٣) ٦٨ ه‍ / ٦٧٨ م.

(٤) ٧٣ ه‍ / ٦٩٢ م.

(٥) للهجرة أ ج ه : من الهجرة ب : ـ د.

(٦) حمص أ : بحمص ب ج ه : ـ د.

(٧) للهجرة أ ج ه : من الهجرة ب : ـ د.

(٨) ليصلي فيه أ ج ه : + يعد في الشاميين ب : ـ د.

(٩) ٧٧ ه‍ / ٦٩٦ م.

(١٠) وائلة بن الأسقع أ ب ج : وابلة بن الأشجع ه : ـ د.

(١١) أهل الصفة : هم فقراء المسلمين ومعظمهم من المهاجرين الذين كانوا يصطفون في مؤخرة مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حتى يجود الأغنياء عليهم حيث كانوا منقطعين للعبادة ، ينظر : الأصفهاني ١ / ٣٣٧ ـ ٣٤٧ ؛ السيوطي ، إتحاف ٢ / ٣٤.

٣٩٠

المغازي بدمشق وحمص ، ثم تحول إلى بيت المقدس ، ومات به وهو ابن مائة سنة ، وقيل : توفي (١) بدمشق في آخر خلافة عبد الملك بن مروان ، سنة خمس ـ أو ست ـ وثمانين (٢) للهجرة (٣) ، رضي‌الله‌عنه (٤).

أبو أمامة ، صدى بن عجلان الباهلي ، سكن بيت المقدس ودمشق (٥) الشام ، وكان آخر من مات (٦) بالشام من الصحابة ، شهد حجة الوداع وهو ابن ثلاثين سنة ، توفي سنة ثمان وثمانين (٧)(٨) للهجرة.

محمود بن الربيع (٩) ، أبو نعيم ، وقيل : أبو محمد ، وفي الصحيح من حديث الزهري عن محمود بن الربيع ، كان يزعم أنه أدرك النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو ابن خمس سنين ، وزعم أنه عقل مجة مجها النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في وجهه (١٠) ، نزل بيت المقدس وأهل منه بحج وعمرة ، وهو ختن عبادة بن الصامت ، مات سنة تسع وتسعين (١١) / / للهجرة (١٢) وهو ابن ثلاث وتسعين سنة.

يزيد بن أبي سفيان ، صخر بن حرب كان أميرا بالشام على جند من الأجناد ولما توفي (١٣) أمر عمر مكانه أخاه معاوية بن أبي سفيان.

أبو ريحانة (١٤) ، واسمه شمعون ـ بشين معجمة ، وقيل : بالمهملة ـ القرظي من بني قريظة ، ويقال : من بني النضير ، ويقال له مولى رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وسكن أبو

__________________

(١) توفي أ ج ه : مات ب : ـ د.

(٢) ٨٦ ه‍ / ٧٠٥ م.

(٣) للهجرة أ ج ه : من الهجرة ب : ـ د.

(٤) رضي‌الله‌عنه ب ج ه : ـ أ د.

(٥) دمشق أ ج ه : + الشام ب : ـ د.

(٦) من مات أ : من أتى ب : من بالشام ج : من توفي ه : ـ د.

(٧) ٨٨ ه‍ / ٧٠٧ م.

(٨) ثمان وثمانين أ ج ه : ثمان وقيل : ست وثمانين ب : ـ د.

(٩) محمود بن الربيع بن سراقة الخزرجي الأنصاري من بني عبد الأشهل مات سنة ٩٧ ه‍ / ٧١٦ م ، ينظر : ابن عبد البر ٣ / ١٣٧٨.

(١٠) ينظر : المقدسي ، مثير ٣٢٨.

(١١) ٩٩ ه‍ / ٧١٨ م.

(١٢) للهجرة أ ج ه : من الهجرة ب : ـ د.

(١٣) توفي ب : مات أ ج ه : ـ د.

(١٤) أبو ريحانة : شمعون الأزدي وقيل : الأنصاري ، من المجتهدين ، معدود في أهل الصفة ، ينظر : الأصفهاني ٢ / ٣٠.

٣٩١

ريحانة ببيت المقدس وكان يعظ في المسجد الأقصى (١).

الشريد بن سويد (٢) ، قدم بيت المقدس لأنه كان قد نذر أن يصلي فيه إن فتح الله مكة على رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واستأذنه في ذلك ، فأذن له.

ابن أبي الجدعاء ، وهو عبد الله بن أبي الجدعاء التميمي (٣) ، ويقال له : الكناني ، ويقال له : العبدي.

فيروز الديلمي (٤) ، أبو عبد الله ، ويقال : أبو عبد الرحمن ، ويقال : أبو الضحاك ، ويقال : الحميري لنزوله بحمير ، وهو من أبناء فارس من فرس صنعاء ، وفيروز من الذين بعثهم كسرى إلى اليمن ، فنفوا الحبشة منها وغلبوا عليها ، سكن بيت المقدس ، ويقال : إنه مات (٥) بها وقبره به ، مات في خلافة عثمان.

ذو الأصابع التميمي (٦) ، ويقال : الخزاعي ، ويقال : الجهني ، سكن بيت المقدس وهو من أهل اليمن من المدد الذين نزلوا الشام ببيت المقدس.

أبو محمد النجاري (٧)(٨) ـ بالجيم ـ الأنصاري البدري ، قال صاحب (مثير الغرام) : أظنه مسعود بن أويس بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك النجار ، كذا نسبه الواقدي (٩) وغيره ، وهو الذي زعم أن الوتر واجب ، فقال عبادة بن الصامت : كذب أبو محمد. قيل : توفي في خلافة عمر بن الخطاب ، رضي‌الله‌عنه (١٠) ، وقيل : شهد صفين (١١) مع علي ، رضي‌الله‌عنه.

__________________

(١) في المسجد أ ب ج : بالمسجد ه : ـ د.

(٢) ينظر : المقدسي ، مثير ٣٢٤.

(٣) ينظر : الرازي ، الجرح والتعديل ٢ / ٢٨ ؛ المقدسي ، مثير ٣٠٣.

(٤) ينظر : ابن خياط ، الطبقات ٣٤.

(٥) ويقال إنه مات ... عثمان ب ج د : ـ أ ه.

(٦) ينظر : ابن الأثير ، أسد ٢ / ١٧٠ ؛ المقدسي ، مثير ٣٢٥.

(٧) ينظر : ابن الأثير ، أسد ٤ / ٣٥٦ ؛ المقدسي ، مثير ٣٦٢.

(٨) أبو محمد النجاري بالجيم ب ج د ه : ـ أ.

(٩) الواقدي : محمد بن عمر بن واقد الأسلمي ، أحد الأعلام وقاضي العراق ، مؤرخ ، محدث ، مات سنة ٢٠٧ ه‍ / ٨٢٣ م ، ينظر : ابن قتيبة ، المعارف ٢٥٨ ؛ ابن العماد ٢ / ١٨ ؛ الجابي ٧٦٤.

(١٠) رضي‌الله‌عنه أ ج ه : ـ ب د.

(١١) صفين : قامت موقعة صفين بين جند الإمام علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان سنة ٣٧ ه‍ / ٦٥٧ م ، وهي الوقعة التي أعقبها التحكيم وما اقترن من ظهور الخوارج واستيلاء معاوية على مصر ثم على الخلافة ، ينظر : ابن قتيبة ، الإمامة ١ / ١٧٢ ؛ نصر بن مزاحم ، صفين ؛ أبو الفداء ، تقويم ٢٦٩ ؛ البغدادي ، مراصد ٢ / ٨٤٦.

٣٩٢

سلام بن قيصر (١) ، وقيل : سلامة ، له صحبة وكان واليا لمعاوية على بيت المقدس وله عقب به ، وأنكر بعضهم صحبته ، والله أعلم.

أبو أبي بن أم حرام (٢) بن عمرو ، ويقال : أبي ، ويقال : عبد الله بن أبي (٣) ، وقيل : عبد الله بن كعب ، وقيل : عبد الله بن عمرو بن شمعون بن خليفة بن قيس. وأمه أم حرام بنت ملحان أخت أم سليم. أسلم قديما ويعد في الشاميين ، سكن بيت المقدس ، وكان ربيب (٤) عبادة بن الصامت ، وهو آخر من مات من الصحابة ببيت المقدس.

وقال الحافظ أبو بكر الخطيب (٥) فيمن ذكر : أنه كان ببيت المقدس من الصحابة والتابعين ، ومات به عبادة بن الصامت وشداد بن أوس وأبي بن أم حرام وأبو ريحانة وسلامة بن قيصر وفيروز الديلمي وذو الأصابع وأبو محمد النجاري (٦) ، وهؤلاء من أهل بيت المقدس ، ماتوا به ، وأعقب منهم : عبادة (٧) وشداد وسلامة وفيروز ، وهؤلاء الذين أعقبوا وأولادهم ببيت المقدس وقبورهم به ، ولم يعقب أبو ريحانة ولا ذو الأصابع ولا أبو محمد النجاري ، والله أعلم.

غطيف (٨) بن الحارث (٩) ، وهو الصواب في اسمه ، قدم بيت المقدس هو وأهله فصلى فيه وجماعة من الصحابة.

صفية بنت حيي ، أم المؤمنين ، رضي‌الله‌عنها ، قدمت بيت المقدس ، فصلت فيه ، وصعدت على طور زيتا فصلت ، وقامت على طرف الجبل فقالت : من هاهنا يتفرق الناس يوم القيامة إلى الجنة والنار (١٠)(١١) ، توفيت صفية في سنة

__________________

(١) ينظر : المقدسي ، مثير ٣٢٨.

(٢) أم حرام أ ب ج د : أم حزام د / / ابن عمرو أ : ـ ب ج د ه.

(٣) أبو أبي الأنصاري ، وأمه أم حرام هي زوج عبادة بن الصامت ، يعرف بربيب عبادة كان خيرا فاضلا ، صلى القبلتين مع رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ينظر : ابن عبد البر ٤ / ١٥٩٢.

(٤) وكان ربيب .... الصحابة ب ج : ـ أ د ه.

(٥) ينظر : المقدسي ، مثير ٣٢٦.

(٦) النجاري ب ج : النجار أ : البجاري ه : ـ د / / وهؤلاء أ ه : هؤلاء ب ج : ـ د.

(٧) عبادة أ ج ه : + ابن الصامت ب : ـ د.

(٨) غطيف أ : عصيف ب ج : ـ د.

(٩) غطيف ، ويقال : غضيف بن الحارث الكندي ، ويقال : السكوني ، له صحبة ، بعد في أهل الشام ، ينظر : ابن عبد البر ٣ / ١٢٥٤.

(١٠) ينظر : المقدسي ، مثير ٣٢٩.

(١١) والنار أ ه : وإلى النار ب ج : ـ د.

٣٩٣

خمسين (١) ، وقيل : اثنتين وخمسين (٢)(٣) ، وقيل : ستة وثلاثين (٤) ، ودفنت بالبقيع ، رضي‌الله‌عنها.

وحكى صاحب (مثير الغرام) (٥) : أن حبرا من أحبار بيت المقدس قدم المدينة بعد موت النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقال : يروى عن أبي هريرة ، رضي‌الله‌عنه (٦) ، قال : لما توفي رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لاثنتي (٧) عشرة خلت من ربيع الأول ، فلما كانت صبيحة الخميس إذا نحن بشيخ أبيض الرأس واللحية ملثم (٨) بعمامة على قعود له فجاء ونزل فعقل قعوده بباب المسجد فنادى : السلام عليكم ورحمة الله هل فيكم محمد رسول الله؟ ثم قال (٩) علي : ما تريد؟ فقال : أنا حبر من أحبار بيت المقدس ، قرأت التوراة ثمانين سنة وتدبرتها أربعين سنة صفاحا (١٠) ، فوجدت فيها ذكر محمد وأنه / / ليس بكذاب (١١) ولا قوال للكذب وقد جئت أطلب الإسلام على يديه ، فذكر أثرا طويلا مع علي ، رضي‌الله‌عنه.

ذكر المهدي الذي يكون في آخر الزمان بالقدس الشريف

روى صاحب (مثير الغرام) (١٢) عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع الناس ببلاء أشد

__________________

(١) ٥٠ ه‍ / ٦٧٠ م.

(٢) ٥٢ ه‍ / ٦٧٢ م.

(٣) اثنتين ب : اثنين أ ج ه : ـ د.

(٤) ٣٦ ه‍ / ٦٥٦ م.

(٥) ينظر : المقدسي ، مثير ٣٣٠.

(٦) رضي‌الله‌عنه ب ج ه : ـ أ د.

(٧) لاثنتي أ : لثنتي ب : لست ج ه : ـ د / / فلما كانت أ ج ه : وكما كان ب د / / كانت أ ج ه : كان ب : ـ د.

(٨) ملثم أ ج هت مثير الغرام : متلثم ب : ـ د / / ونزل أ : فنزل ب ج ه : ـ د / / فعقل قعوده أ ج ه مثير الغرام : فعقل بعيره ب : ـ د.

(٩) ثم قال أ : فقال ب ج ه : ـ د.

(١٠) صفاحا ب ج ه : صباحا أ : ـ د.

(١١) بكذاب أ ج : بكاذب ب ه : ـ د.

(١٢) اشتهر بين العلماء سلفا وخلفا أنه في آخر الزمان لا بد من ظهور رجل من أهل البيت يسمى المهدي يستولي على الممالك الإسلامية ويتبعه المسلمون ، ويعدل بينهم ، وبعده يظهر الدجال وينزل عيسى بن مريم فيقتله ، وقد روى أحاديث المهدي جماعة من خيار الصحابة ، وخرجها أكابر المحدثين أبي داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، والطبراني وأبي يعلى ، ينظر : ناصف ٥ / ٣٤١.

٣٩٤

منه ، حتى تضيق عليهم الأرض الرحبة (١) ، وحتى تملأ الأرض جورا وظلما ، ثم إن الله تعالى يبعث رجلا يملأ الله به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض (٢) ، لا تدخر الأرض من بذرها شيئا إلا أخرجته ، ولا السماء من قطرها شيئا إلا صبه الله عليهم مدرارا ، يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان (٣) أو تسعا ، يتمنى الأحياء الأموات بما صنع الله بأهل الأرض من الخير (٤) ، ورواه أبو القاسم البغوي بنحوه وفيه : وينزل بيت المقدس (٥).

وروي عن علي قال : المهدي يولد بالمدينة من أهل بيت النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واسمه اسم نبي ، ويهاجر بيت (٦) المقدس (٧).

وعن محمد بن الحنفية (٨) قال : تخرج راية سوداء لبني العباس ، وتخرج (٩) من خراسان أخرى سوداء وثيابهم بيض على مقدمتهم رجل يقال له : شعيب بن صالح ، مولى بني تميم ، يهزمون أصحاب السفياني (١٠) حتى ينزل بيت المقدس ، يوطىء للمهدي سلطانه ، ويفد إليه ثلاثمائة من الشام ، يكون بين خروجه وبين أن يسلم إليه الأمر ثلاثة وسبعون شهرا (١١).

وعن شريح بن عبيد عن راشد بن سعد (١٢) وحمزة (١٣) بن حبيب (١٤)

__________________

(١) الرحبة أ مثير الغرام : بما رحبت ب ج ه : ـ د / / الله أ ج ه : ـ ب د.

(٢) وساكن الأرض أ ب ج : ـ د ه.

(٣) ثمان أ ه : ثماني سنين ب ج : ـ د.

(٤) ينظر : المقدسي ، مثير ٢٩٦.

(٥) أخرجه الحاكم ، ينظر : الحاكم ٤ / ٥٥٧ ؛ البغوي ١٥ / ٨٤ ـ ٨٥.

(٦) لبيت أ ه : ببيت ب ج : ـ د.

(٧) ينظر : البغوي ٤٢٨٠.

(٨) محمد بن الحنفية : محمد بن علي بن أبي طالب المعروف بالحنفية ، مات سنة ٨١ ه‍ / ٦٩٩ م ، ينظر : ابن قتيبة ، المعارف ١٢٦ ؛ ابن العماد ١ / ٨٨.

(٩) وتخرج أ : ثم تخرج ب : تخرج ج ه : ـ د.

(١٠) السفياني : الأمير أبو الحسن علي بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ، ثائر من بقايا بني أمية في الشام ، انتهز فرصة الخلاف بين الأمين والمأمون في العراق ، فطرد عامل الأمين ، ومات سنة ١٩٨ ه‍ / ٨١٣ م ، ينظر : ابن الأثير ، الكامل ٦ / ٨٢ ؛ ابن كثير ، البداية ١٠ / ٢٢٧ ؛ الزركلي ٤ / ٣٠٣.

(١١) ينظر : السيوطي ، إتحاف ٢ / ١٩.

(١٢) راشد بن سعد الحمصي ، شهد صفين ، وروى عن سعد وثوبان ، وعوف بن مالك وثقه ابن معين وأبو حاتم ، وابن سعد ، توفي سنة ١٠٨ ه‍ / ٧٢٦ م ، ينظر : الذهبي ، ميزان ٢ / ٣٥.

(١٣) وحمزة أ ج ه : وضمره ب : ـ د.

(١٤) حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل التميمي الزيات ، وكان عالما بالقراءات ، مات سنة

٣٩٥

ومشايخهم قالوا : يخرج شعيب بن صالح ، مولى بني تميم مختفيا إلى بيت المقدس يوطىء للمهدي منزله ، إذا بلغه خروجه إلى الشام (١).

وعن محمد بن علي قال : إذا سمع العابد الذي بمكة بالخسف ، خرج مع اثني عشر ألفا فيهم الأبدال (٢) حتى ينزلوا بإيلياء (٣) ـ يعني بيت المقدس ـ الأثر.

وعن أبي هريرة ، رضي‌الله‌عنه ، قال : قال رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا رأيتم خليفتين خليفة بيت المقدس يقتل الذي هو دونه ، يعني بالخليفة الذي ببيت المقدس المهدي والذي دونه السفياني» (٤).

وعن سليمان بن عيسى قال : بلغني أنه على يد المهدي يظهر تابوت السكينة من بحيرة طبرية (٥) حتى يحمل ، فيوضع بين يديه في بيت المقدس ، فإذا نظرت إليه اليهود (٦) أسلموا إلا قليلا منهم ، ثم يموت المهدي.

وأما ما روي عن أنس بن مالك عن النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنه قال : «لا يزداد الأمر إلا شدة ، ولا الناس إلا شحا ، ولا الدنيا إلا إدبارا ، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق ، ولا مهدي إلا عيسى بن مريم» (٧) ، فقال الحافظ أبو محمد ؛ أنه حديث واه جدا لا يعارض ما تقدم.

وعن هشام بن عمار قال : سمعت أن رجلا انتقل إلى بيت المقدس فقيل له : ما نقلك إليها؟ قال : بلغني أنه لا يزال في بيت المقدس رجل يعمل (٨) بعمل آل داود (٩) ، والله أعلم.

__________________

١٥٦ ه‍ / ٧٧٣ م ، ينظر : ابن سعد ٦ / ٣٥٩ ، الزركلي ٢ / ٢٧٦.

(١) ينظر : المقدسي ، مثير ٢٩٨.

(٢) الأبدال مفردها بدل وهو الشريف الكريم ويستخدم المصطلح عند الفرق الصوفية ، ينظر : ابن منظور ، لسان ١١ / ٤٩ ؛ المعجم الوسيط ١ / ٤٥.

(٣) بإيلياء ب ج ه : إيلياء أ : ـ د.

(٤) لم أعثر على هذا الحديث في كتب الصحيح.

(٥) طبرية : بليدة مطلة على البحيرة المعروفة بها وهي من أعمال الأردن في طرف الغور وفيها عيون ملحة حارة للمرضي ، ينظر : أبو الفداء ، تقويم ٢٤٣ ؛ البغدادي ، مراصد ٢ / ٨٧٨ ؛ الحميري ٣٨٥ ؛ شراب ٤٩٨.

(٦) فإذا نظرت إليه اليهود ب ج ه : فإذا نظر اليهود إليه أ : ـ د.

(٧) ينظر : السيوطي ، إتحاف ٢ / ٢٠.

(٨) بعمل أ ه : عمل ب ج : ـ د.

(٩) ينظر : المقدسي ، مثير ٢٩٩.

٣٩٦

ذكر بناء عبد الملك بن مروان لقبة الصخرة الشريفة

والمسجد الأقصى الشريف وما وقع في ذلك

لما توفي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، رضي‌الله‌عنه ، وعهد بالخلافة إلى النفر الذين مات رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو راض عنهم (١) وهم : عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف ، رضي‌الله‌عنهم ، وشرط أن يكون ابنه عبد الله شريكا في الرأي ولا يكون له حظ في الخلافة.

بويع بعده بالخلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، رضي‌الله‌عنه ، واستقر فيها لثلاث مضين من المحرم سنة ٢٤ من الهجرة (٢) ، واستمر إلى أن استشهد في يوم الأربعاء لثماني عشر ليلة خلت من ذي الحجة سنة ٣٥ من الهجرة (٣) ، وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة (٤) إلا اثني عشر يوما وفضائله ومناقبه مشهورة.

ثم استقر بعده في الخلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، رضي‌الله‌عنه ، وبويع له بالخلافة في يوم الجمعة لخمس بقين من ذي الحجة سنة ٣٥ / / من الهجرة. ووقع بينه وبين معاوية بن أبي سفيان ، رضي‌الله‌عنه (٥) ، ما هو مشهور مما ليس في ذكره فائدة والسكوت عنه أولى.

واستمر إلى أن استشهد بالكوفة ، وكانت وفاته ليلة الأحد تاسع عشر من رمضان سنة ٤٠ من الهجرة (٦) ، وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر.

ثم استقر بعده في الخلافة ولده الحسن بن علي (٧) ، رضي‌الله‌عنه ، بويع له يوم وفاة والده ، واستمر في الخلافة نحو ستة أشهر وهي تمام ثلاثين سنة لوفاة رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقد روي عن النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنه قال : «الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثم تعود ملكا عضوضا» (٨).

__________________

(١) وهو راض عنهم أ ه : وهو عنهم راضي ب ج د.

(٢) ٢٤ ه‍ / ٦٤٤ م.

(٣) ٣٥ ه‍ / ٦٥٥ م.

(٤) اثنتي عشرة ب ه : اثني عشر أ ج : ـ د.

(٥) رضي‌الله‌عنه أ ج د ه : ـ ب.

(٦) ٤٠ ه‍ / ٦٦٠ م.

(٧) ابن علي أ ج د ه : ـ ب.

(٨) ينظر : القلقنشدي ، مآثر ١ / ١٠٨.

٣٩٧

وكان آخر ولاية الحسن تمام ثلاثين سنة ، وسلم الأمر لمعاوية ، فاستقر في الخلافة في شهر ربيع الأول سنة ٤١ من الهجرة الشريفة (١) ، واستمر في الخلافة نحو عشرين سنة إلى أن توفي بدمشق في النصف من رجب سنة ستين من الهجرة ، وكان يلقب بالناصر لحق الله تعالى.

فلما توفي استقر بعده في الخلافة ولده يزيد بن معاوية (٢)(٣) ولقب نفسه بالمستنصر على أهل الزيغ ، وكان قد بويع له بالخلافة قبل وفاة أبيه ، ثم جددت له البيعة بعد وفاته ، فأساء السيرة ، وجار على الرعية وتجاهر بالمعاصي.

فلما اشتهر جوره وكثر ظلمه ، وقتل آل الرسول ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، اجتمع أهل المدينة ، على إخراج عامله عثمان بن محمد بن أبي سفيان ومروان بن الحكم (٤) وسائر بني أمية ، وذلك بإشارة عبد الله بن الزبير. فلما بلغ ذلك يزيد بن معاوية سير الجيوش لأهل المدينة وجهز مسلم بن عقبة المزني فانتهب المدينة الشريفة وقتل أهلها. ثم قصد مكة فمات قبل وصوله إليها ، واستخلف على الجيش الحصين بن نمير. فأتى مكة وحصر (٥) ابن الزبير أربعين يوما ، ونصب المجانيق وهدم الكعبة الشريفة وأحرقها (٦) ، وكان ذلك قبل موت يزيد بأحد عشر يوما.

فأهلك الله يزيد ومات وكان موته بحوارين من عمل حمص لأربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة ٦٤ من الهجرة (٧) ، وهو ابن ثمان وثلاثين سنة ، وكانت مدة خلافته ثلاث سنين وثمانية أشهر.

وكانت سيرته أقبح السير ، ولو لم يكن منها إلا قتل الحسين في أيامه وما وقع في حق (٨) ذرية النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لكفاه ذلك في قبح السيرة.

واستقر بعده في الخلافة بدمشق ولده معاوية بن يزيد بن معاوية ، ولقب

__________________

(١) ٤١ ه‍ / ٦٦١ م.

(٢) ينظر : ابن قتيبة ، المعارف ١٩٨ ؛ القلقشندي ، مآثر ١ / ١١٥ ـ ١١٧ ؛ السيوطي ، تاريخ ٢٤٥ ـ ٢٥٠.

(٣) ابن معاوية أ ج ه : ـ ب د.

(٤) مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، أبو عبد الملك خليفة أموي وهو أول من ملك من بين الحكم بن أبي العاص ، وإليه ينسب بنو مروان ، توفي سنة ٦٥ ه‍ / ٦٨٥ م ، ينظر : ابن قتيبة ، المعارف ١٩٩ ؛ الجابي ٨٣٠.

(٥) وحصر أ ج : وحاصر ب ه : ـ د.

(٦) وأحرقها ب ج ه : ـ د.

(٧) ٦٤ ه‍ / ٦٨٣ م.

(٨) وقع في حق أ ب ج : ـ د ه.

٣٩٨

بالراجع إلى الله ، وكان صالحا فلم يعتن (١) بالخلافة ولا باشرها ، وأقام ثلاثة أشهر وقيل دون ذلك ، وتوفي رحمه الله ، وكان الناس حين موت يزيد بايعوا عبد الله بن الزبير بمكة ، وتلقب (٢) خادم بيت الله ، وكان مروان بن الحكم بالمدينة فقصد المسير إلى عبد الله بن الزبير ومبايعته ، ثم توجه مع من توجه من بني أمية إلى الشام.

وبايع أهل البصرة ابن الزبير واجتمع له العراق والحجاز (٣) واليمن ، وبعث إلى مصر فبايعه أهلها ، وبايع له في الشام نمر الضحاك بن قيس (٤) ، وبايع له بحمص النعمان بن بشير الأنصاري (٥) ، وبايع له بقنسرين (٦) ذفر بن الحارث الكلابي (٧)(٨) ، وكاد يتم له الأمر بالكلية.

وشرع ابن الزبير في بناء الكعبة شرفها الله تعالى ، وكان ذلك في سنة ٦٤ من الهجرة (٩) الشريفة وكانت حيطانها قد مالت من ضرب المنجنيق ، فهدمها وحفر أساسها وشهد عنده سبعون من شيوخ قريش وذلك أن قريشا حين بنوا الكعبة عجزت نفقتهم ، فنقصوا من سعة بناء (١٠) البيت سبعة أذرع من أساس إبراهيم الخليل ، عليه‌السلام ، الذي أسسه هو وإسماعيل ، عليه‌السلام ، فبناه عبد الله بن الزبير وزاد فيه السبعة أذرع ، وأدخل الحجر في الكعبة ، وأعادها على ما كانت عليه أولا ، وجعل لها بابين باب يدخل منه (١١) وباب يخرج منه. فلم يزل البيت على ذلك حتى قتل الحجاج ابن الزبير كما سنذكره ، إن شاء الله تعالى.

فلما مات معاوية بن يزيد بالشام ، بويع بالخلافة لمروان بن الحكم ولقب

__________________

(١) يعتن ب : يعتني أ ج د ه.

(٢) وتلقب خادم ... ومبايعته ب ج ه : ـ أ د.

(٣) واجتمع له العراق والحجاز أ ج ه : واجتمع له الحجاز والعراق ب : ـ د.

(٤) ينظر : ابن قتيبة ، المعارف ١٩٩ ؛ القلقشندي ، مآثر ١ / ١٢١ ؛ السيوطي ، تاريخ ٢٥١.

(٥) النعمان بن بشير الأنصاري : أبو عبد الله ، نزل الكوفة فكان يليها لمعاوية ، ثم ولي قضاء دمشق ، وقيل : حمص ، قتله خالد الكلاعي بعد وقعة المرج براهط وكان عاملا لابن الزبير على حمص ، ينظر : ابن حبان ، تاريخ ٢٤٨.

(٦) قنسرين : مدينة بينها وبين حلب مرحلة ، كانت عامرة بأهلها ولم يبق بها إلا خان لنزول القوافل ، ينظر : أبو الفداء ، تقويم ٢٦٧ ؛ البغدادي ، مراصد ٣ / ١١٢٦ ؛ الحميري ٤٧٣.

(٧) ينظر : الطبري ، تاريخ ٥ / ٥٣١.

(٨) ذفر بن الحارث أ ج ه : بشر بن ذفر ب : ـ د.

(٩) ٦٤ ه‍ / ٦٨٣ م.

(١٠) سعة بناء ب ج ه : ـ أ د.

(١١) ينظر : اليافعي ١ / ١٤٠.

٣٩٩

بالمؤتمن بالله (١) ، وافترق الناس فريقين (٢) : فريق يهوى بني أمية وفريقا (٣) يهوى ابن الزبير ، ووقع بينهم الخلاف ، وجرى بينهم وقائع وحروب.

ثم استقر أمر الشام لمروان ، ودخلت مصر في طاعته (٤) ، ثم أمر الناس بالبيعة لابنه (٥). عبد الملك ومن بعده لأخيه عبد العزيز (٦). فما كان بأسرع من أن انقضت / / مدة مروان ، فمات بالطاعون بدمشق فجأة لثلاث خلون من رمضان سنة ٦٥ من الهجرة (٧) ، وكانت مدة ولايته تسعة أشهر وثمانية عشر يوما وعمره ثلاث وستون سنة (٨).

فلما مات بويع لولده عبد الملك بالخلافة في ثالث شهر رمضان سنة ٦٥ ه‍ ، ولقب بالموفق لأمر الله ، وهو أول من سمي عبد الملك في الإسلام ، وأول من ضرب الدرهم والدينار (٩) في الإسلام ، وكان النقش على الجانب الواحد الله أحد ، وعلى الآخر الله الصمد. وكانت الدنانير والدراهم قبل ذلك رومية وكسروية (١٠).

ولما ولي الخلافة وعد الناس ـ يوم بويع ـ خيرا (١١) ، ودعاهم إلى إحياء الكتاب والسنة وإقامة العدل ، فلما دخلت سنة ٦٦ (١٢) ابتدأ ببناء القبة على الصخرة الشريفة (١٣) ، وعمارة المسجد الأقصى الشريف ، فكان ابن الزبير يشنع على عبد الملك بذلك ، وذلك لأنه منع الناس عن الحج لئلا يميلوا مع ابن الزبير فضجوا ، فقصد أن يشغل الناس بعمارة هذا المسجد عن الحج.

وكان من خبر البناء أن عبد الملك بن مروان حين حضر إلى بيت المقدس ،

__________________

(١) ينظر : الطبري ، تاريخ ٥ / ٥٣٠.

(٢) فريقين أ : فرقتين ب ج ه : ـ د / / فريق أ ج ه : فرقة ب : ـ د / / يهوي أ ج ه : تهوي ب : ـ د.

(٣) فريقا أ ج ه : فرقة ب : ـ د / / بينهم ب ج ه : بينهما أ : ـ د.

(٤) في طاعته أ ج ه : تحت طاعته ب : ـ د.

(٥) لابنه أ : لولده ب ج ه : ـ د.

(٦) ينظر : الطبري ، تاريخ ٥ / ٦١٠.

(٧) سنة ٦٥ ه‍ / ٦٨٤ م.

(٨) ينظر : الطبري ، تاريخ ٥ / ٦١١.

(٩) الدرهم والدينار أ : الدراهم والدنانير ب ج ه : ـ د.

(١٠) ينظر : السيوطي ، تاريخ ٢٥٩.

(١١) خيرا أ ج ه : بخير ب : ـ د.

(١٢) سنة ٦٦ ه‍ / ٦٨٥ م ويروى السيوطي أن البناء ابتدأ سنة ٦٩ ه‍ / ٦٨٨ م ، ينظر : السيوطي ، إتحاف ١ / ٢٤١.

(١٣) على الصخرة الشريفة أ ج ه : قبة الصخرة الشريفة ب : ـ د.

٤٠٠