الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل - ج ١

مجير الدين الحنبلي العليمي

الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل - ج ١

المؤلف:

مجير الدين الحنبلي العليمي


المحقق: عدنان يونس عبد المجيد أبو تبّانة
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة دنديس
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٤
الجزء ١ الجزء ٢

١
٢

الإهداء

* إلى الذين صنعوا من دمائهم مدادا نكتب به تاريخ القدس والخليل.

* إلى الذين رسموا لنا خارطة القدس عربية إسلامية.

* إلى عمر بن الخطاب ، وصلاح الدين الأيوبي ، وعز الدين القسام ..

* إلى جيل وعد الاخرة الذي ينتظر ساعة الانطلاق لأسوار القدس ..

* إلى روح والدي الذي علمني عشق القدس وحب الخليل ..

* إلى والدتي وأخواتي ، وأخواني وزوجتي وأبنائي الذين قاسموني متاعب هذا الجهد

عرفان أبو تبانة

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

٤

شكر وتقدير

يسعدني أن أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان إلى أستاذي الفاضل الدكتور محمود عطا الله على عطائه الكبير وجهده العظيم في إنجاز هذا العمل ، لقد كان لمتابعته وحسن توجيهاته ، ودقة ملاحظاته الأثر الأكبر في إتمام هذه الرسالة ، حيث لم يبخل عليّ بوقت أو جهد ، وكان دوما مثالا للمربي الفاضل في حسن المتابعة والحث على الإنجاز.

كما أتقدم بالشكر إلى العاملين في مركز التوثيق والمخطوطات والنشر والقائمين عليه الذين لم يبخلوا عليّ بالدعم والتشجيع المتواصل لإتمام هذه الرسالة.

كما أشكر الأستاذ فهمي الأنصاري الذي قدم لي المخطوطات التي لولاها لما قدّر لهذه الرسالة أن تخرج للنور.

وأتقدم بالشكر إلى موظفي مكتبات جامعة الخليل ، وجامعة النجاح ، ومكتبة بلدية الخليل والذين قدموا لي العطاء المتواصل ، وإلى مؤسسات الخليل الصامدة ، وأخص بالذكر الجمعية الخيرية الإسلامية ، وجمعية الإحسان الخيرية ، ومنتدى الخليل الثقافي لدعمهم هذه الرسالة.

أما الزميل والصديق الأستاذ محمود كعابنة فله مني شكر خاص لما بذله من جهد متواصل وما تكبده من عناء السفر لأكثر من مرة مساهمة منه في إخراج هذا الكتاب.

كما أشكر الأخ الدكتور عزيز الدويك على ما بذله من جهد ودعم وتشجيع ، وأشكر الأديب والشاعر الفلسطيني الأستاذ أحمد بصيلة الذي دقق الجانب اللغوي. وأشكر الأخوة الأعزاء جهاد القواسمي ، وجمال التميمي والأخوات لا نا بدر وصفاء مجاهد ، وعزيزة غنيمات ، وغادة الناجي الذين أسهموا في طباعة وتنسيق هذا العمل.

٥
٦

تقديم

يتطلب التحقيق جهدا متميزا لكي يصل العمل المنوي تحقيقه إلى شكل مرض. وترجع فكرة تحقيق الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل إلى بداية التسعينات ، عندما طرحتها على اثنين من تلامذتي هما : عدنان أبو تبانة ومحمود كعابنة ، فلقيت الفكرة قبولا عندهما ، وهكذا أتيح لهما أن يصبحا أول محققين للأنس الجليل.

وكما هو معروف فقد طبع الكتاب أكثر من مرة وبأكثر من صورة إلى أن نجح المحققان في الوصول بالأنس الجليل إلى المستوى الذي نراه اليوم.

ومما هو جدير بالملاحظة أن بعض المحققين العرب نهجوا في تحقيقاتهم منهجا يركز على شرح النص بشكل مفرط أو خلط الهوامش بعضها ببعض وعدم فحص مصادر النقول التي يرجع إليها المؤلفون.

لذا جاء هذا العمل محاولة لإعادة النظر في موضوع التحقيق العربي بشكل عام ، ورسم الخطوط الرئيسة لعملية التحقيق التي ينبغي على الذين ينخرطون في هذا الميدن الاسترشاد بها والسير على نهجها ، آملا في الوصول إلى ترسيخ مدرسة عربية واضحة المعالم والأصول في علم التحقيق.

ويدل هذا العمل على سعة الصبر والأناة التي اتسم بها كل من محقّقي الكتاب ، فعلى الرغم من طول النص الذي كلف به كل منهما من جهة ، وتعدد نسخ المخطوط من جهة أخرى ، إلا أنهما نجحا في تحقيقه وفق المنهج العلمي المتبع في علم التحقيق ، فقد نجحا في ضبط النص ومقارنته بنسخه المختلفة ، وميزا بين هامش المقارنات للنسخ المختلفة وهامش التحقيق ، وخرّجا بشكل نسبي مصادر النقول والوصول به إلى أقرب شكل رسمه مجير الدين العليمي.

وتأتي أهمية هذا العمل في كونه محاولة جدية تسمو إلى تحقيق كتب التاريخ المحلي الفلسطيني ، مما يسهم في توفير المادة العلمية الصحيحة عن تاريخ هذه المنطقة.

وما كان هذا النجاح في هذا العمل العلمي المميز لو لا أن المحقّقين أحبا

٧

عملهما ووصلا به إلى بر الأمان ، وتمكنا بذلك أن يقدما الأنس الجليل في صورة علمية سليمة ومنهجية تيسر سهولة الاطلاع والمتابعة.

ويكفيني في هذا المقام أن أقدم هذا العمل الجاد للقارىء آملا أن يجد في نهجه وأسلوبه ما يدعو إلى السير على هداه في ميدان التحقيق ، لتقديم صورة أفضل لتراثنا ، راجيا للباحثين دوام التوفيق والنجاح.

(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)

جامعة النجاح الوطنية

رئيس قسم التاريخ

رئيس قسم الدراسات العليا د

. محمود علي عطا الل

ه ٢٢ / ٥ / ١٩٩٩

٨

مقدّمة

مدينة القدس التي تعاقب على زيارتها وسكناها الأنبياء والرسل ، والصحابة والتابعون ، وقادة الشعوب والأمم ، ومهوى أفئدة الملايين من شعوب الأرض ، كانت لا بد أن تحظى بكل هذا الاهتمام. كيف لا والقدس هي بؤرة الصراع الدولي منذ أقدم العصور؟ أليست القدس لب الصراع العقدي بين أتباع الأديان الثلاثة؟! أليست القدس أرض الرباط ، والقبلة الأولى وأرض الإسراء والمعراج؟!.

أليست القدس في إنسانها ، وأقصاها ، وأرضها ، وسمائها ، وكل ذرة من ترابها مصدر إلهام للعرب والمسلمين يتعلمون منها الصمود رغم حملات الاقتلاع والتهويد؟!.

ولأن القدس تبقى والغزاة يرحلون .. كان واجبا على أهل القدس خاصة ، وفلسطين عامة المحافظة على تراثها وكتابة تاريخها ، وأن يحفروا صورة الأقصى في وجدان كل طفل عربي مسلم ، وأن يعلموا أبناءهم حب القدس والخليل كما يعلمونهم السورة من القرآن.

ومن هنا جاء الاهتمام بهذا الكتاب العظيم ، والسفر الجليل «الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل» في وقت تكالبت فيه قوى الشر لا بتلاع القدس والخليل.

وهذا الكتاب يؤرخ للمدينتين المقدستين بشكل خاص ، ولفلسطين في فتراتها المتعاقبة بشكل عام.

وقد واجهت منذ بداية عملي في هذه الدراسة صعوبات جمة ، أولاها الانقطاع المتواصل عن الكتب والمكتبات نتيجة الاعتقالات المتكررة في سجون الاحتلال ، والتي كان آخرها الاعتقال الأخير ، حيث قبعت في السجن قريبا من السنتين ، قضيتها متنقلا بين سجون عسقلان ، ومجدو ، والدامون.

أما الصعوبة الثانية فقد واجهتها في جمع هذه المخطوطات حيث إنها موجودة في مكتبات العالم المختلفة ، والتي لا أستطيع الوصول إليها بسبب منعي من السفر منذ مدة طويلة وقد ذلل هذه الصعوبة أخوان فاضلان ، هما : الأخ فهمي الأنصاري

٩

من القدس والأخ الزميل محمود كعابنة ، حيث قام الأول مشكورا بتصوير ما لديه من مخطوطات وتزويدي بها ، وقام الثاني بأعباء السفر لأكثر من مرة لتوفير المخطوطات المطلوبة من الجامعة الأردنية.

أما الصعوبة الثالثة فهي مشكلة الطباعة ، حيث إن هذا النمط من الرسائل غير معتاد عليه خاصة وجود الهوامش والرموز.

ورغم هذه الصعاب فقد قسمت هذا العمل إلى قسمين رئيسين ، تناولت في الأول منهما الحديث عن عصر مجير الدين العليمي ، فركزت على حياته التي تناولت التعريف باسمه ونسبه ولقبه وكنيته ، وولادته ونشأته ، وشيوخه ورحلاته ، ووظائفه ، ووفاته.

وفيما يخص الحياة العلمية في عصر المؤلف فقد بينت أشهر المدارس في الشام ، ونماذج من المدارس في بيت المقدس ، وأشهر المؤرخين في عصر المؤلف.

أما الجزء الأخير من هذا القسم والذي خصصته للتعريف بالكتاب فتناولت فيه عدة أمور شملت : موضوع الكتاب ومصادر المؤلف ونسخ المخطوط.

والقسم الثاني من هذا العمل تم تخصيصه لتحقيق النص.

إن التأريخ للقدس بحاجة إلى عمل موسوعي متخصص يقوم به المؤرخون الفلسطينيون والعرب ، لأن القدس ليست ملكا لأهلها وإنما ملك لأجيال المسلمين المتعاقبة ، وأمة لا تعرف ماضيها ، لن تعرف النهوض في حاضرها.

ولأن الطريق إلى القدس يبدأ من وعي التاريخ ، ووعي الحضارة ، فقد كانت هذه الدراسة ، وهي تحقيق كتاب الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل ، أقل ما نقدمه خدمة لقضية المسلمين الأولى القدس.

١٠

مجير الدين العليمي (١)(٢)

أولا ـ حياته :

[١ : ١] اسمه ونسبه ولقبه وكنيته :

هو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن يوسف بن عيسى بن عبد الواحد بن عبد الرحيم بن محمد بن عبد المجير بن عبد السلام بن إبراهيم بن أبي الفياض بن علي بن عليل بن محمد بن يوسف بن يعقوب بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي ، القرشي.

ويقال له العمري (٣) نسبة إلى عمر بن الخطاب ، رضي‌الله‌عنه ، وقد حملها عن والده مع ما حمل عنه في انتسابه.

ونسبة العليمي ارتبطت بمجير الدين عن طريق أحد أجداده يدعى عليل (٤) ، واشتهر مجير الدين الحنبلي بنسبته إلى المذهب الحنبلي ، ورغم أن أجداده كانوا شافعية ، إلا أن والده عكف على دراسة المذهب الحنبلي حتى صار حنبليا مخالفا بذلك سائر أجداده (٥).

واشتهر عبد الرحمن بلقب مجير الدين (٦) الحنبلي ، ونسب أحيانا إلى هذا

__________________

(١) قسم هذا البحث بيني وبين الزميل محمود كعابنة الذي حقق الجزء الثاني من المخطوط وقد تحدث عن عصر العليمي من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وكذلك أسلوب العليمي ومؤلفاته.

(٢) ينظر ترجمته في : ابن العماد ٧ / ٣١٦ ؛ حاجي خليفة ١ / ١٩١ ، ٥ / ٤٤١ ؛ الشطي ٧٤ ؛ العامري ٢١٢ ـ ٢١٤ ؛ الزركلي ٣ / ٣٣١ ؛ سركيس ١ : ١ / ٣٥٨ ؛ الأنصاري ، ماميلا ٩٧ ؛ الأنصاري ، مؤرخ ٩ ـ ١٠ ؛ العسلي ، فضائل ١٠٥ ؛ أبو حمد ٣٦٧ ، الحسيني ٢.

(٣) ينظر : ابن الأثير ، اللباب ٢ / ٣٥٩ ، الأنصاري ، مؤرخ ١١.

(٤) ينظر : العليمي ١٠٠ ، الأنصاري ، مؤرخ ١٣ ـ ١٤.

(٥) ينظر : العليمي ٣٥٨ ـ ٣٥٩ ، ابن العماد ٧ / ٣١٦ ؛ الشطي ٦٧ ؛ أبو حمد ٣٦٧.

(٦) ينظر : البغدادي ، هداية ٥ / ٤٤١ ؛ النابلسي ٣١٥ ؛ الشطي ٧٣ ؛ كحالة ٥ / ٥٤٤ ، الأنصاري ، مؤرخ ٢٤.

١١

اللقب ، ودعي المجيري (١) مجير الدين ، ومصدر هذه النسبة مجهول ولا ندري إن كان هذا اللقب متداولا في زمانه أم أنه جاء بعد وفاته ، كما لقب أيضا بالزين بن الشمس (٢).

[١ : ٢] ولادته ونشأته :

ولد العليمي بالقدس في الثالث عشر من ذي القعدة سنة (٨٦٠ ه‍ / ١٤٥٦ م) ، وقد أشار بنفسه إلى تاريخ ولادته فقال : «فإن مولدي بالقدس الشريف في ليلة يسفر صباحها عن يوم الأحد ثالث عشري ذي القعدة ، سنة ستين وثمانمائة» (٣)

ونشأ في بيت عرف عنه حب العلم والعلماء ، فقد كان أبوه أحد العلماء الأفذاذ في زمنه ، حافظا للقرآن الكريم ، تدرج في تحصيل العلم وارتحل في سبيله إلى الشام ومصر وبيت المقدس ، فأخذ الفقه الحنبلي عن علمائه والحديث عن أئمته ، وتمكن من علوم اللغة مما أهّله ليكون فقيها ومحدثا وخطيبا وقاضيا إلى أن انتهى به الأمر أن يصبح قاضيا للقضاة الحنابلة (٤).

ويقول العليمي عن أبيه : «كان خيرا متواضعا ، حسن الشكل ، متبعا للسنة ، كثير التعظيم للأئمة الأربعة ، ليس عنده تعصب ، وكان سخيا مع قلة ماله ، مكرما لمن يرد عليه ، لا يحب الكبر ولا الخيلاء ، ويدخل إلى المسجد الأقصى الشريف في أوقات الصلاة بمفرده مع ما كان عليه من الهيبة والوقار ، وله معرفة تامة بالمصطلح في الأحكام وكتابة المستندات ، وباشر القضاء بالأعمال المذكورة نحو أربعين سنة ، وكانت أحكامه مرضية وأموره مسددة» (٥).

وفي رحاب المسجد الأقصى ، وفي مدارس بيت المقدس العامرة بالعلماء والتلاميذ نشأ مجير الدين منذ نعومة أظفاره على حب العلم والعلماء ، وأخذ والده يستجيز (٦) له وهو في السادسة من عمره (٧) ، كما اهتم والده بتحفيظه

__________________

(١) ينظر : الأنصاري ، مؤرخ ٢٤ ، نقلا عن سجل ٣ / ٩٤.

(٢) ينظر : العامري ٢١٢ ؛ الحسيني ٢.

(٣) ينظر : العليمي ٢٦٩.

(٤) ينظر : العليمي ٣٥٨ ـ ٣٦٢ ؛ ابن العماد ٧ / ٣١٦ ـ ٣١٧ ؛ العامري ٢١٢ ؛ الشطي ٦٦ ـ ٦٧ ؛ الزركلي ٢ / ٥٩٨ ؛ كحالة ١٠ / ١٩٣ ، أبو حمد ٣٦٧.

(٥) ينظر : العليمي ٣٥٥.

(٦) الإجازة : إذن يعطى لطالب العلم من شيخه ؛ أو من عالم عرض عليه ما حفظه من علم من العلوم ، ينظر : القلقشندي ، صبح ١٤ / ٣٢٢ ـ ٣٣٥.

(٧) العليمي ٢٦٩.

١٢

القرآن الكريم برواية عاصم (١).

حتى إذا ما بلغ العاشرة (٢) من عمره ، أتم حفظ القرآن ، وأخذ بتلك الإجازة ، واستمر عالمنا في طلب العلم والاجتهاد ، ويعود الفضل في ذلك إلى أصدقاء والده من العلماء والقراء والمحدثين الذين أولوا عبد الرحمن عنايتهم الفائقة ، فحصل على إجازة في الحديث وله من العمر أحد عشر عاما (٣) ، وفي سن الثانية عشرة ، نراه يحضر ختم «صحيح البخاري» في الصخرة الشريفة ، ويأخذ إجازة أخرى بذلك (٤).

واصل عبد الرحمن في الارتقاء فبعد إجازته في العربية والقرآن الكريم والحديث انتقل إلى الفقه ليأخذ أكثر من إجازة ، وهو في الثالثة عشرة (٥).

ورغم وفاة والده سنة (٨٧٣ ه‍ / ١٤٦٨ م) إلا أن عناية الله ، ثم عناية أصدقاء والده به ، جعلت العليمي يستمر في طريقه.

[١ : ٣] شيوخه :

إن عالما حافظا كالعليمي ، رحمه الله ، اشتغل في طلب العلم قبل الخامسة من عمره ، وأكثر من الرحلات في طلبه قاصدا خيرة شيوخ عصره متلقيا عنهم سماعا وقراءة حتى كون شخصية متعددة الجوانب ، ضاربة جذورها في كل فن وعلم كالتفسير ، والحديث ، واللغة ، والتاريخ ، لا بد أن يكثر شيوخه تبعا لتلك الروافد كي ينهل من بحار علمهم خاصة أن الفترة المملوكية المتأخرة كانت تزخر بالعلماء في مجالات العلوم المختلفة.

أما أشهر شيوخ العليمي فهم :

١ ـ الشيخ تقي الدين عبد الله بن إسماعيل القرقشندي (٦) :

هو شيخ الإسلام تقي الدين أبو بكر عبد الله بن شيخ الإسلام أبي عبد الله محمد بن الشيخ العلامة تقي الدين إسماعيل القرقشندي ، ولد بالقدس سنة (٧٨٣ ه‍ / ١٣٨١ م) ، اشتغل في صغره على والده وغيره ، كما أخذ العربية

__________________

(١) هي قراءة عاصم بن أبي النجود ، وهي إحدى قراءات أهل الكوفة ينظر : ابن قتيبة ، المعارف ٢٩٥ ؛ ابن النديم ٤٧ ؛ البستاني ٧ / ١٦٩٥.

(٢) ينظر : العليمي ٣٢٩ ؛ العامري ٢١٣.

(٣) ينظر : العليمي ٣٢٠.

(٤) المصدر نفسه ٣٧٢.

(٥) المصدر نفسه ١٦٧.

(٦) ينظر العليمي ٢٦٨ ـ ٢٧٠ ؛ السخاوي ، الضوء ١١ / ٦٩ ـ ٧١ ؛ ابن العماد ٧ / ٣٠٦ ، الأنصاري ، تراجم ٩٧ ـ ١٠٠.

١٣

والفرائض والحساب على عدد من الشيوخ والعلماء ، وكان من أهل العلم والبراعة والمنطق ، متقنا عالما بالحديث وعلم القرآن والنحو والمنطق.

وحج مرارا وزار القاهرة أكثر من مرة ، وقد وصفه السخاوي بأنه : «كان خيرا ثقة متقنا متحريا متواضعا ، تام العقل ، حسن التفكير ، جيد الخط ، وافر المحاسن ، غزير المروءة ، مكرما للغرباء والوافدين» (١).

كان الشيخ تقي الدين أول شيخ يتتلمذ العليمي على يديه ، وقد عرض عليه ملحة الأعراب (٢) وأجازه بها ، كما عرض عليه ما يجوز روايته من الحديث الشريف (٣).

توفي الشيخ تقي الدين يوم الخميس ثاني عشر جمادى الآخرة سنة (٨٦٧ ه‍ / ١٤٦٢ م) ، ودفن في تربة ماملا ببيت المقدس (٤).

٢ ـ شهاب الدين أحمد بن زين الدين عمر بن خليل العميري الشافعي ويعرف بالعميري (٥) :

ولد سنة (٨٣٢ ه‍ / ١٤٢٨ م) ببيت المقدس ، حفظ القرآن الكريم ، ودرس النحو والحديث والأصول والتصوف من أهل بلده والواردين عليها ، وأخذ في القاهرة ، التفسير وغيره من شيوخها ، عينه الأشرف قايتباي في مشيخة المدرسة الأشرفية بالقدس (٦).

وقد تأثر به العليمي منذ نعومة أظفاره ، وأخذ عنه علوم الفقه ، كما كان متابعا لدروسه ووعظه في المسجد الأقصى ، وحصل منه على أكثر من إجازة (٧).

وقد توفي سنة (٨٩٠ ه‍ / ١٤٨٤ م) ، ودفن في تربة ماملا ببيت المقدس ، وكان خيرا فاضلا متوددا متأدبا (٨).

__________________

(١) ينظر : السخاوي ، الضوء ١١ / ٧٠.

(٢) يعني ملحة الإعراب وهي منظومة في النحو ألفها أبو محمد ، القاسم بن علي بن محمد الحريري صاحب المقامات المشهورة (ت ٥١٦ ه‍ / ١١٢٢ م) ، ينظر : البغدادي ، هدية ٥ / ٦٥٩ ؛ كحالة ٨ / ١٠٨.

(٣) ينظر : العليمي ٢٦٩.

(٤) ينظر : العليمي ٢٦٩ ؛ السخاوي ، الضوء ١١ / ٧٠ ؛ ابن العماد ٧ / ٣٠٦ ؛ الدباغ ٩ / ٣٧٧.

(٥) ينظر : العليمي ٢٨٥ ـ ٢٨٦ ؛ السخاوي ، الضوء ٢ / ٢٠٣ ؛ الدباغ ٩ / ٣٩١.

(٦) ينظر : العليمي ٢٨٦.

(٧) ينظر : المصدر نفسه.

(٨) ينظر : المصدر نفسه ؛ السخاوي ، الضوء ٢ / ٥٣.

١٤

٣ ـ علاء الدين علي بن عبد الله بن محمد الغزي المغربي الحنفي المعروف بابن قماموا (١).

: ولد سنة (٨٢٢ ه‍ / ١٤١٦ م) ، وأقام ببيت المقدس دهرا ، حفظ القرآن الكريم ، وتميز بالقراءات السبع ، وكان مؤدبا للأطفال ، وكتب بخطه مصحفا على الرسم العثماني مع بيان القراءات السبع ، وسمع الحديث في آمد والقدس والقاهرة (٢).

وقد أفاد العليمي من ابن قماموا في علم القراءات ، وكرر ختم القرآن على مسامعه أكثر من مرة ، وقرأ عليه بعضه برواية عاصم وحصل على الإجازة منه (٣).

توفي الشيخ ابن قماموا في الثاني عشر من ذي الحجة سنة (٨٩٠ ه‍ / ١٤٨٤ م).

٤ ـ الشيخ كمال الدين ، محمد بن محمد بن أبي بكر بن علي بن أبي شريف (٤)

عالم بيت المقدس ، ولد سنة (٨٢٢ ه‍ / ١٤١٦ م) وحصّل العلوم في القدس ومصر ومكة ، وكان مفتيا ومدرسا ، تولى مشيخة الصلاحية ، وكذلك مشيخة المدرسة الأشرفية ، وأصبح من أعيان علماء الإسلام.

وقد عرض العليمي عليه قطعة من كتاب المقنع في الفقه وأجازه ، وحضر مجالسة من الدروس والإملاء بالمدرسة الصلاحية ، وحضر كثيرا من مجالسه بالمسجد الأقصى الشريف قبل رحلته إلى القاهرة ، وبعد قدومه إلى بيت المقدس (٥).

وتوفي الشيخ في بيت المقدس في الخامس عشر من جمادى الأولى سنة (٩٠٦ ه‍ / ١٥٠٠ م) ، ودفن في مقبرة ماملا (٦)

٥ ـ قاضي القضاة نور الدين علي بن إبراهيم البدرشي القاهري المالكي المصري (٧) :

صاحب ديوان الإنشاء الشريف ، ومن قراء الحديث بقلعة الجبل ، ناب في

__________________

(١) ينظر : العليمي ٣٢٩ ؛ السخاوي ، الضوء ٥ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤ ؛ الأنصاري ، مؤرخ ٤٥.

(٢) ينظر : السخاوي ، الضوء ٥ / ٢٥٣.

(٣) ينظر : العليمي ٣٢٩.

(٤) ينظر : العليمي ٤٧٤ ـ ٤٧٩ ؛ السخاوي ، الضوء ٩ / ٦٤ ـ ٦٧ ؛ ابن العماد ٨ / ٢٩ ؛ كحالة ١١ / ٢٠٠ ؛ الزركلي ٧ / ٥٣ ؛ الأنصاري ، تراجم ٢٠٣ ـ ٢١٤.

(٥) ينظر : ابن العماد ٨ / ٢٩.

(٦) ينظر : العليمي ٤٧٨.

(٧) ينظر : العليمي ٣٤٤ ؛ السخاوي ، الضوء ٥ / ١٦٠ ؛ ابن العماد ٧ / ٣٢٤ ، كحالة ٧ / ٤.

١٥

الحكم بالقاهرة ، ثم ولي قضاء المالكية بالقدس الشريف ، وكان من أهل العلم ، وله معرفة بالعربية ، وعلم الفرائض ، والحساب ، والحديث الشريف ، وكان يحفظ القرآن الكريم حفظا جيدا (١).

وقد التقاه العليمي وأفاد منه وقرأ عليه في الفقه والنحو ، وأكثر من مجالسته والتردد إليه ، وحصل له منذ غاية الخير والنفع (٢).

توفي الشيخ البدرشي في الثاني من جمادى الأولى سنة (٨٧٨ ه‍ / ١٤٧٣ م) ودفن ، بباب الرحمة (٣).

٦ ـ شمس الدين أبو مساعد محمد بن عبد الوهاب بن خليل بن غازي المقدسي الشافعي (٤) :

ولد ببيت المقدس سنة (٨١٩ ه‍ / ١٤١٣ م) ، ونشأ بها ، فقرأ القرآن وجوّده ، ودرس العربية ، والفقه ، والحديث على شيوخ القدس والقاهرة والشام ، وكان من أعيان بيت المقدس ، ومعيدا بالمدرسة الصلاحية وله كتاب الإرشاد (٥) في الأصول ، وكان خيرا متواضعا ، وقد عرض العليمي عليه قطعة من كتاب المقنع وأجازه ، توفي في سنة (٨٧٣ ه‍ / ١٤٦٨ م) (٦).

٧ ـ الشيخ برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن الأنصاري السعدي الخليلي الشافعي (٧) :

ولد بالخليل سنة (٨١٩ ه‍ / ١٤١٣ م) ، وتلقى علومه على شيوخ الخليل والقدس والقاهرة والشام ومكة ، وصار من أعيان العلماء ، وأذن له بالإفتاء والتدريس ، وانتقل من الخليل إلى القدس ، وباشر نيابة الحكم فيه ، وسكن القاهرة سنين ، لكونه منع من التوجه لبيت المقدس ، ثم سمح له بالإقامة في الخليل فتوجه إليها (٨).

__________________

(١) ينظر : العليمي ٣٤٤.

(٢) المصدر نفسه.

(٣) المصدر نفسه.

(٤) ينظر : العليمي ٢٧٢ ؛ السخاوي ، الضوء ١١ / ١٤٢ ؛ كحالة ١٠ / ٢٦٨.

(٥) ينظر : السخاوي ، الضوء ١١ / ١٤٢.

(٦) ينظر : العليمي ٢٧٢.

(٧) ينظر : العليمي ٢٨٩ ـ ٢٩١ ؛ السخاوي ، الضوء ١ / ٥٦ ـ ٥٧.

(٨) ينظر : العليمي ٢٩١ ـ ٢٩٢.

١٦

وقد عرض عليه العليمي قطعة من كتاب المقنع في الفقه وأجازه (١).

توفي الشيخ برهان الدين في مدينة الخليل في السادس والعشرين من ربيع الآخر سنة (٨٩٣ ه‍ / ١٤٨٨ م) ، ودفن في تربة الشيخ علي البكاء (٢) بالخليل (٣).

٨ ـ الشيخ شمس الدين محمد بن عمران الغزي الحنفي (٤) :

ولد في غزة سنة (٧٩٤ ه‍ / ١٣٩١ م) وكان رجلا صالحا ملازما لقراءة القرآن حتى أصبح شيخا للقرّاء في بيت المقدس.

وقد سمع العليمي عليه صحيح البخاري بقراءة القاضي شهاب الدين بن عبيد الشافعي في سنة (٨٧١ ه‍ / ١٤٦٦ م) وأجازه بروايته وبرواية غيره (٥).

توفي الشيخ شمس الدين سنة (٨٧٣ ه‍ / ١٤٦٨ م) ، ودفن في مقبرة ماملا بالقدس.

٩ ـ الشيخ محمد بن محمد بن أبي بكر السعدي (٦) :

ولد في القاهرة سنة (٨٣٦ ه‍ / ١٤٣٢ م) ، سمع على الحافظ ابن حجر وغيره ، واشتغل بالفقه ، وقرأ كثيرا من العلوم وحققها ، وبرع في المذهب الحنبلي وصار من أعيانه ، وأخذ عن علماء الديار المصرية ، وأتقن العربية وغيرها من العلوم الشرعية والنقلية.

وعندما انتقل العليمي من القدس إلى القاهرة انكب على طلب العلم ، ولزم الشيخ السعدي ، وتفقه عليه (٧).

يقول ابن العماد : «وبالجملة فقد كان آية باهرة من حسنات الدهر ذكر تلميذه العليمي في طبقاته ، وهو آخر من ذكرهم فيها» (٨) ، توفي في سنة (٩٠٠ ه‍ / ١٤٩٤ م).

__________________

(١) ينظر : المصدر نفسه ٢٩٠.

(٢) أحد مشايخ الخليل ، اشترك في الحروب مع الفرنج وخاصة معركة أرسوف أيام الظاهر بيبرس ، توفي عام (٦٧٠ ه‍ / ١٢٧١ م) ، ينظر : ابن كثير ، البداية ١٣ / ٢٦٢ ؛ ابن الملقن ٤٦١ ؛ العليمي ٢١٦ ؛ أبو سارة ٢٧.

(٣) ينظر : العليمي ٢٩١.

(٤) ينظر : العليمي ٣١٩ ـ ٣٢٠ ؛ السخاوي ، الضوء ٩ / ٥٨ ـ ٥٩ ؛ أبو حمد ٤٠٣ ، الأنصاري ، تراجم ٢٢٧ ـ ٢٢٨.

(٥) ينظر : العليمي ٣٢٠.

(٦) ينظر : السخاوي ، الضوء ٩ / ٥٨ ـ ٥٩ ؛ ابن العماد ٧ / ٣٦٦ ـ ٣٦٧ ، الشطي ٧٣ ؛ الزركلي ٧ / ٢٨١.

(٧) ينظر : الشطي ٧٣.

(٨) ينظر : ابن العماد ٧ / ٣٦٧.

١٧

١٠ ـ شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أحمد بن منصور بن نعيم العامري ، الرملي (١) :

ولد بالرملة سنة خمس أو ست أو عشر وثمانمائة ، وأخذ العلم بها وببيت المقدس والخليل ودمشق والشام ومصر ، ولي قضاء الرملة ، ثم انتقل إلى القدس ، وعمل بالمدرسة الصلاحية ، وعرض عليه مجير الدين قطعة من كتاب المقنع وأجازه ، توفي بالرملة في النصف من شعبان سنة (٨٧٧ ه‍ / ١٤٧٢ م) ، ودفن عند الجامع الأبيض (٢).

١١ ـ الشيخ زين الدين عمر بن الشيخ عبد المؤمن الحلبي الشافعي (٣) :

ولد سنة (٧٨٩ ه‍ / ١٣٨٧ م) ، وكان رجلا صالحا له سند عال في الحديث الشريف ، وقد حضر العليمي ختم البخاري على يده وأجازه ، توفي سنة (٨٧٣ ه‍ / ١٤٦٨ م) ، ودفن في مقبرة ماملا (٤).

١٢ ـ الشيخ نجم الدين أبو البقاء محمد بن برهان الدين بن إبراهيم بن عبد الله بن جماعة الكناني (٥) :

ولد بالقدس الشريف سنة (٨٣٣ ه‍ / ١٤٢٩ م) ، واشتغل بالعلم من صغره ، ودأب وحصل ، وأخذ عن العلماء حتى صار من أعيان بيت المقدس ، وتولى الخطابة بالمسجد الأقصى الشريف ، وتولى التدريس في المدرسة الصلاحية ، وقد عرض العليمي عليه قطعة من كتاب المقنع في الفقه ، وأجازه (٦).

[١ : ٤] رحلاته :

استمر مجير الدين في نشاطه واستزادته من العلم ، والتقرب من أهله ، أثناء إقامته ببيت المقدس ، حيث كان يتردد دوما على شيخه الكمالي (٧) ويحضر مجالسه في المدرسة الصلاحية (٨) ، واستمر في تلقي العلم عنده إلى أن ارتحل شيخه

__________________

(١) ينظر : العليمي ٢٧٦ ؛ السخاوي ، الضوء ١ / ٣٢٧ ؛ ابن العماد ٧ / ٣٢٣ ؛ كحالة ١ / ٢٦٥ ؛ أبو حمد ٦١ ـ ٦٢.

(٢) ينظر : العليمي ٢٧٦.

(٣) ينظر : العليمي ٢٧٢ ؛ السخاوي ، الضوء ٦ / ٩٩.

(٤) ينظر : العليمي ٢٧٢.

(٥) ينظر : العليمي ١٦٥ ؛ السخاوي ، الضوء ٦ / ٢٥٦ ؛ ابن العماد ٨ / ١٠ ؛ كحالة ٨ / ٢٠٧.

(٦) ينظر العليمي : ١٦٧.

(٧) ينظر : ص ١٩.

(٨) المدرسة الصلاحية : من أقدم المدارس التي أقيمت في بيت المقدس بعد تحريره من الفرنج ، أنشأها صلاح الدين الأيوبي ، ينظر : ابن واصل ٢ / ٤٠٧ ؛ العليمي ٥٥ ؛ غواتمة ، تاريخ ١٦٦ ـ ١٦٧.

١٨

الكمالي إلى القاهرة ليقيم فيها (١).

بقي عبد الرحمن في القدس وتخلل ذلك مرافقة شيخه الكمالي في رحلة إلى القاهرة في رمضان سنة (٨٧٥ ه‍ / ١٤٧٠ م) ، ويبدو أن هذه الرحلة لم تأخذ الصفة العلمية ، لأن شيخه الكمالي كان على رأس وفد لمقابلة السلطان الأشرف قايتباي حيث حضر العليمي هذه المقابلة ، وسجل أحداثها في كتابه (٢).

وبعد عودته من هذه الزيارة استمر العليمي في الإقامة بالقدس ولم يغادرها.

وفي سنة (٨٨٠ ه‍ / ١٤٧٥ م) انتقل إلى القاهرة ، وليست واضحة طبيعة المهمة التي أخذها على عاتقه ، فهل كانت الرحلة للاستزادة من العلوم أم أنها مهمات سياسية مرتبطة بالوضع السياسي في القدس ، حيث يشير بعض الباحثين إلى إمكانية توكله بمهمات سرية لا ندري طبيعتها (٣). وقد أقام مجير الدين في مصر قريبا من عشر سنوات (٤) ، وغادرها في سنة (٨٨٩ ه‍ / ١٤٨٤ م) ، وعن عودته إلى بيت المقدس يقول : «وفي العشرين من شهر رجب ، دخلت عين العروب إلى القدس الشريف ... وزينت المدينة ثلاثة أيام» (٥).

وفي سنة (٩٠٩ ه‍ / ١٥٠٤ م) ، أدى فريضة الحج وأقام بمكة نحو شهر ملازما للتلاوة والعبادة (٦).

[١ : ٥] وظائفه :

وبعد عودته من مصر ولّي قضاء الرملة سنة (٨٨٩ ه‍ / ١٤٨٤ م) ، وسافر إليها وأقام بها سنتين ، ثم توسع عمل عبد الرحمن ، وأصبح قاضيا في أربع مدن هي :

القدس والخليل والرملة ونابلس ، ثم ترك قضاء نابلس باختياره بعد سنتين واستمر على الباقي (٧).

وقد أشار ابن فهد (٨) أن العليمي استمر في القضاء «إلى الدولة العثمانية في

__________________

(١) ينظر : العليمي ٤١٥.

(٢) ينظر : العليمي ٣٢٨٦ ـ ٣٨٩ ، الأنصاري ، مؤرخ ٥٩.

(٣) ينظر : الأنصاري ، مؤرخ ٦٨.

(٤) الشطي ٧٣.

(٥) العليمي ٤٢٩.

(٦) ينظر : العامري ٢١٣.

(٧) ينظر : العامري ٢١٣ ؛ الأنصاري ، مؤرخ ٨٤ ـ ٨٦.

(٨) محب الدين محمد بن عبد العزيز بن تقي الدين محمد بن فهد المعروف بابن فهد ، المتوفى سنة (٩٥٤ ه‍ / ١٥٤٧ م) ؛ من مؤلفاته : بلوغ الأدب بمعرفة الأنبياء من العرب ، بهجة الزمان بعمارة الحرمين لملوك آل عثمان ، التحفة اللطيفة في بناء المسجد الحرام والكعبة الشريفة ، ينظر : السخاوي ، الضوء ٣ / ٥٢ ؛ الغزي ٢ / ١٣١ ؛ ابن العماد ٨ / ٣٠١ ؛ البغدادي ، هدية ٦ / ١٩١ ؛ الزركلي ٦ / ٢٠٩.

١٩

خامس ذي القعدة سنة (٩٢٢ ه‍ / ١٥١٦ م) ، وكانت مدة ولايته للقدس ٣١ سنة ونصفا ، غير السنتين المتقدمتين في الرملة ، لم يتخللها عزل» (١).

غير أن الباحث الفلسطيني فهمي الأنصاري خالفه في ذلك ونشر عدة وثائق (٢) تثبت أن مجير الدين الحنبلي بقي في القضاء إلى سنة (٩٢٧ ه‍ / ١٥١٩ م).

[١ : ٦] وفاته :

توفي العليمي بالقدس ، وقد اختلف المؤرخون في تحديد تاريخ وفاته ، فمنهم من أرخ وفاته في أوائل القرن العاشر دون تحديد السنة أو اليوم (٣) ، ومنهم من قال إنه توفى سنة (٩٢٧ ه‍ / ١٥٢٠ م) (٤) ، ومنهم من ذكر أن تاريخ وفاته في سنة (٩٢٨ ه‍ / ١٥٢١ م) (٥) ، ودفن عبد الرحمن في مقبرة ماملا في بيت المقدس (٦).

ورغم أن العليمي من العلماء الأفذاذ إلا أن المؤرخين وكتاب الطبقات لم يتوسعوا في ترجمته بل نراهم يتغاضون عنه فلا يذكرون عنه إلا نتفا صغيرة هنا أو هناك.

أما الصورة التي رسمها العليمي لنفسه فيعتريها النقص ولا تشفي غليل الباحث ، حيث إن صفحات بيضاء من حياته تبقى بحاجة إلى إبراز معالمها المتناثرة.

فالأحداث المهمة في تاريخ العليمي كمؤرخ وعالم وكذلك التحولات الجذرية في تاريخ فلسطين في بداية القرن العاشر مفقودة ، وإلا فأين عبد الرحمن من دخول العثمانيين إلى القدس؟ وأين تراجم الحكام والقواد والعلماء الذين كانوا في أوائل الحكم العثماني (٧)؟؟.

__________________

(١) ينظر : العامري ٢١٣ ؛ الأنصاري ، مؤرخ ٩٢.

(٢) ينظر : الأنصاري ، مؤرخ ٩٣ ، ٩٩ ، ١٠٦ ، ١٠٧ ، ١٠٨ ، ١١٥.

(٣) ينظر : الشطي ٧٤.

(٤) ينظر : حاجي خليفة ١ / ١٩١ ؛ البغدادي ، هدية ٥ / ٤٤١ ؛ العارف ، المفصل ١ / ٥٥١ ؛ العارف ، تاريخ ٢٤٤ ؛ الأنصاري ، ماملا ٩٧ ؛ الأنصاري ، مؤرخ ١٢٠ ـ ١٢١.

(٥) ينظر : كحالة ٥ / ١٧٧ ؛ الزركلي ٣ / ٣٣١ ؛ نجم ٣١٦ ؛ الموسوعة الفلسطينية ٣ / ١٦٠.

(٦) ينظر : النابلسي ٦٢ ؛ الأنصاري ، مؤرخ ١٢٣.

(٧) ينظر : الأنصاري ، مؤرخ ٩٠.

٢٠