الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل - ج ١

مجير الدين الحنبلي العليمي

الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل - ج ١

المؤلف:

مجير الدين الحنبلي العليمي


المحقق: عدنان يونس عبد المجيد أبو تبّانة
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة دنديس
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٤
الجزء ١ الجزء ٢

لي أبواب رحمتك ، ثم يصلي ركعتين تحية المسجد ، ثم يقصد قبر الخليل (١) ، عليه‌السلام ، فيقف على باب / / حجرته مطرقا رأسه ، ثم يستغفر الله ، ويصلي على محمد (٢) ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم يقول : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا رسول الله (٣) ، وأنك عبد الله ورسوله وخليله ، جزاك الله عنا خيرا (٤) كما هو أهله.

ثم يقول : صلوات الله (٥) البر الرحيم والملائكة المقربين والأنبياء والمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين من أهل السموات وأهل الأرض عليك يا أبا الأنبياء يا خليل الله ، وعلى ولدك السيد الكامل ، الفاتح الخاتم ، سيد الأولين والآخرين ، محمد المصطفى ، حبيب الله ، وعلى آلكما وأصحابكما (٦) كما ذكركما الذاكرون ، وغفل عن ذكركما الغافلون ، ثم يدعو بما شاء من خير (٧) الدنيا والآخرة.

ثم يلتفت نحو السيدة سارة ويقول : السلام عليكم أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ورحمة الله وبركاته ، ثم يقول (٨) : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٣٣) (٩) ، ثم يتوجه إلى قبر السيد إسحاق ، عليه‌السلام ، ويقول : السلام عليك أيها النبي الكريم ورحمة الله وبركاته ويدعو عنده (١٠) ، ثم يلتفت عن شماله ويسلم على زوجته السيدة الجليلة ربقة ويقول : السلام عليكم أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ورحمة الله وبركاته ، ثم يمضي بأدب وسكون ويقصد السيد الجليل نبي الله يعقوب ، عليه‌السلام ، ويفعل عنده كما فعل عند أبيه إسحاق ، وكذلك عند زوجته ليقا ، ثم يقصد نبي الله يوسف الصديق ، عليه‌السلام ، ويفعل كما سبق (١١) ، ثم يقصد شباك الخليل (١٢) ، عليه‌السلام ، الذي تجاه قبر سيدنا

__________________

(١) قبر الخليل أ ج د ه : قبر سيدنا إبراهيم الخليل ب.

(٢) محمد أ ج د ه : نبيه محمد ب.

(٣) رسول الله أ د ه : عبده ورسوله ب ج.

(٤) خيرا أ ب ج د : ـ ه.

(٥) الله أ د ه : رب العالمين ب ج.

(٦) وأصحابكما أ ب ج : وصحبكما د ه.

(٧) خير أ ب ج : خيري د ه.

(٨) ثم يقول ب ج د : ـ أ ه.

(٩) الأحزاب : [٣٣].

(١٠) ويدعو عنده أ ج د ه : + بما شاء ب.

(١١) كما سبق أ ج د ه : كما فعل ب.

(١٢) شباك الخليل أ ج د ه : شباك سيدنا إبراهيم الخليل ب / / عليه‌السلام أ د ه : ـ ب ج.

١٤١

يعقوب ، عليه‌السلام ، ويقف بالقرب منه ثم يسلم (١) ويدعو الله بما شاء فإن الدعاء هناك مستجاب ، ثم يتوجه إلى الله تعالى بجميع أنبيائه خصوصا بسيد الأولين والآخرين ثم يمسح وجهه ، ويمضي مسرورا مقبولا ، إن شاء الله تعالى.

وكل ما ذكره العلماء ، رضي‌الله‌عنهم ، في مناسكهم من آداب (٢) الزيارة في حق النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فهو سائغ في حق ، هذا النبي (٣) الكريم خليل الله إبراهيم صلوات الله عليه وسلامه وعلى أبنائه الأكرمين (٤).

فصل في حكم السور السليماني

هذا البناء المنسوب لسيدنا سليمان ، عليه‌السلام ، المحيط بقبر إبراهيم ، عليه الصلاة والسلام (٥) ، قد صار مسجدا ويثبت له أحكام المساجد.

وقد روي عن ابن عمر (٦)(٧) ، رضي‌الله‌عنهما ، أنه قال : إن آدم ، عليه‌السلام ، رأسه عند الصخرة ورجلاه عند مسجد الخليل (٨) ، عليه‌السلام ، فسماه مسجدا.

وفي رواية : أن قبره في مغارة بين بيت المقدس ومسجد إبراهيم ، رجلاه عند الصخرة ورأسه عند مسجد إبراهيم (٩) ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم (١٠) ، وإذا كان مسجدا جاز الدخول إليه ، وسماه السبكى (١١) ، وكتب بخطه في آخر حديث يسمى تحفة أهل

__________________

(١) ثم يسلم ب ج : ويسلم أ د ه.

(٢) آداب أ ب ج ه : أدب د.

(٣) هذا النبي ... الأكرمين أ ب ج د : ـ ه.

(٤) صلوات الله وسلامه أ د ه : اللهم صل عليه ب : صلوات الله عليه وسلامه ج : وعلى أبنائه الأكرمين أ ج : جميع أولاده الأكرمين ب د : ـ ه.

(٥) الصلاة والسلام أ د ه : عليه‌السلام ب ج.

(٦) عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي ، أبو عبد الرحمن المكي ، هاجر مع أبيه وشهد الخندق ، وبيعة الرضوان ، له ألف وستمائة وثلاثون حديثا ، ومات سنة (٧٤ ه‍ / ٦٩٣ م) ، ينظر : ابن قتيبة ، المعارف ١١٥ ، ابن الأثير ، أسد الغابة ٣ / ٣٤٠ ؛ ابن العماد ١ / ٨١.

(٧) ابن عمر أ ب ج د : ابن عمرانه ه / / عنهما أ : عنه ب ج : ـ د ه.

(٨) الخليل أ : إبراهيم الخليل ب ج ه : إبراهيم د.

(٩) إبراهيم أ د : إبراهيم الخليل ب ج ه / / صلى‌الله‌عليه‌وسلم أ : عليه‌السلام ب ج د ه.

(١٠) ينظر : المقدسي ، مثير ٢٦٩.

(١١) السبكي : قاضي القضاة تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن الشيخ تقي الدين السبكي ، ولد بالقاهرة سنة ٧٢٨ ه‍ / ١٣٢٧ م ، واشتغل على والده وعلى غيره ، وقرأ على الحافظ المزي ، ولازم الذهبي ، وتخرج به ، ودرس بالمدارس الكبرى ، كالمقريزية والعادلية الكبرى وتوفي شهيدا بالطاعون سنة ٧٧١ ه‍ / ١٣٧٠ م ، ينظر : النعيمي ١ / ٣٧ ـ ٣٨ ؛ ابن حجر العسقلاني ، الدرر ٣ / ٣٩ ؛ ابن العماد

١٤٢

الحديث (١) في سماعه على الشيخ برهان الدين الجعبري ، وذكر جماعة سمعوه (٢) معه بالحرم ، ثم قال : وصح وثبت في يوم السبت ثامن عشر صفر لسنة (٣) ثمان وسبعمائة بحرم الخليل ، عليه‌السلام ، وأطلق على المسجد المذكور حرما ، وكلامه صريح في أنه دخله هو والشيخ برهان الدين الجعبري (٤) والسامعون معه ، فدل على جواز دخوله ، وعمل الناس اليوم على دخوله وزيارة (٥) القبور الشريفة والوقوف عند الإشارات التي عليها وصلاة الجماعات والجمعات (٦) هناك ، فإنه بني فيه محراب شريف ، ووضع إلى جانبه منبر ، وقد مضى على ذلك أزمنة متطاولة ، والعلماء وأعيان الإسلام (٧) مطلعون على ذلك ، وقد أقره الخلفاء وملوك الإسلام ولم ينكره منكر ، فصار كالإجماع.

وإذا تقرر هذا يثبت (٨) له أحكام المساجد من جواز الاعتكاف فيه ، وتحريم المكث على الحائض والجنب فيه ، وفعل التحية ، ولا يقال إنه مقبرة ، فإن الأنبياء الذين فيه ، صلوات الله سلامه عليهم ، أحياء في قبورهم ، وأما النساء فعلى خلاف فيه ، والله أعلم.

ذكر ذرعه طولا وعرضا

وهذا المقام الكريم الذي هو دخل السور السليماني ، طوله في سعته قبلة بشام (٩) من صدر المحراب الذي عند المنبر إلى صدر المشهد الذي به ضريح سيدنا يعقوب ، عليه‌السلام ، ثمانون ذراعا بذراع العمل (١٠) ينقص يسيرا نحو نصف ذراع

__________________

٦ / ٢٢١ ؛ الزركلي ٤ / ١٨٤.

(١) الحديث أ ب ج ه : حديثي د.

(٢) سمعوه أ ب ج ه : سمعوا معه د.

(٣) لسنة أ : سنة ب ج د ه.

(٤) برهان الدين الجعبري : برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن خليل المقري الجعبري الخليلي الشافعي ، وكان يقال له شيخ الخليل ، ولد بجعبر في شدود سنة أربعين وستمائة ، ثم قدم دمشق ، ثم رحل إلى بلد الخليل ، عليه‌السلام ، وصنف نزهة البررة في قراءة الأئمة العشرة ، وشرح الشاطبية ، وله الكثير من المصنفات التي تقارب المائة ، ولي مشيخة الخليل إلى أن توفي عام ٧٣٢ ه‍ / ١٣٣١ م ، ينظر : العليمي ٢ / ١٥٣ ؛ ابن العماد ٦ / ٩٨ ؛ البغدادي ، هدية ٥ / ١٥.

(٥) وزيارة أ د ه : وزيارتهم ب : وزيارته ج.

(٦) الجماعات والجمعات أ ج ه : الجماعة والجماعات ب : ـ د / / بني فيه أ ب ج ه : ـ د.

(٧) وأعيان الإسلام أ : وأئمة الإسلام ب ج د ه.

(٨) يثبت أ : ثبتت ب : ثبت ج د ه.

(٩) بشام أ ج د ه : بشمال ب.

(١٠) ذراع العمل : وهو الذراع الذي يستخدم لقياس البناء ، ويعادل ثلاثة أشبار بشبر رجل معتدل ، ويساوي

١٤٣

أو ثلثي ذراع تقريبا ، / / وعرضه شرقا بغرب من السور الذي به باب الدخول إلى صدر الرواق (١) الغربي الذي به شباك يتوصل منه إلى ضريح سيدنا يوسف ، عليه‌السلام ، أحد وأربعون ذراعا ، ويزيد على ذلك يسيرا نحو ثلث ذراع أو نصف ذراع تقريبا بذراع العمل المذكور ، وهو الذي تذرع به الأبنية في عصرنا (٢) ، وسمك السور ثلاثة أذرع ونصف من جانب ، وعدد (٣) مداميكه في البناء خمسة عشر مدماكا من الأماكن وهو الذي عند باب القلعة من جهة الغرب إلى القبلة ، وارتفاع البناء عن الأرض من البناء المذكور ستة (٤) وعشرون ذراعا بذراع العمل غير البناء الرومي الذي فوق السليماني ، ومن حملة الأحجار بالبناء السليماني حجر عند مكان الطبلخانة (٥) ، طوله أحد عشر ذراعا بالعمل ، وعرض كل مدماك (٦) من البناء السليماني نحو ذراع وثلثي ذراع بالعمل (٧) ، وعلى السور المذكور منارتان إحداهما من جهة (٨) الشرق مما يلي القبلة ، والثانية من جهة الغرب مما يلي الشمال ، وبناؤهما في غاية اللطف.

وأما صفة البناء الموجود بداخل السور على ما هو عليه في عصرنا وقد صار مسجدا ، كما تقدم القول فيه ، فهو يشتمل على بناء معقود من داخل السور على نحو النصف من جهة القبلة إلى جهة الشمال ، والبناء من عهد الروم وهو ثلاثة أكوار (٩) : الأوسط منها مرتفع عن الكورين (١٠) الملاصقين له من جهتي (١١) المشرق والمغرب ، والسقف مرتفع على أربعة أسوار محكمة البناء وبصدد هذا البناء المعقود

__________________

٧٥ سم ، ينظر : القلقشندي ، صبح ٣ / ٤٤٣ ؛ هنتز ٨٩.

(١) الرواق : سقف في مقدمة البيت أو ممر محصور بين جدار مبني وعقود تقوم على أعمدة ، ينظر : ابن منظور ، لسان ١٠ / ١٣٢ ؛ غالب ٢٠٧.

(٢) عصرنا أ د ه : عصرنا هذا ب : عصرنا به ج.

(٣) وعدد أ : وعدة ب ج د ه.

(٤) ستة أ ج د ه : ست ب.

(٥) الطبلخاناة : جمعها طبلخانات ، وتطلق على جماعة من الأمراء يؤدون الزفة على باب السلطان ، والمقصود هنا مكان عمل الدشيشة ، ينظر : القلقشندي ، صبح ٤ / ١٦ ؛ المقريزي ، الخطط ٢ / ٢١٣ ؛ الحسيني ٤٥٣ ؛ عطا الله ١٣٣.

(٦) وعرض كل مدماك ... بالعمل أ ب ج ه : ـ د.

(٧) بالعمل أ ج د ه : بالعملي ب.

(٨) جهة أ ج د ه : ـ ب.

(٩) كوّر الشيء : جعله على شكل الاستدارة ، ينظر : ابن منظور ٣ / ١١٨ ؛ المعجم الوسيط ٢ / ٨٤ ؛ غالب ٢٣٨.

(١٠) عن الكورين ... والسقف أ ب ج د : ـ ه.

(١١) جهتي أ د : جهة ب ج : ـ ه.

١٤٤

تحت الكور الأعلى المحراب وإلى جانبه المنبر ، وهو من الخشب وهو في غاية الإتقان والحسن ، وهذا المنبر عمل في زمن (١) المستنصر بالله أبي تميم معد الفاطمي (٢) ، خليفة مصر بأمر بدر الجمالي (٣) ، مدبر دولته برسم مشهد عسقلان (٤) ، الذي زعمت الفاطمية أن به رأس الحسين بن علي بن أبي طالب (٥) ، رضي‌الله‌عنهما.

وكان عمل المنبر في شهور سنة أربع وثمانية وأربعمائة (٦) وعليه تاريخ عمله مكتوب (٧) بالكوفي ، والظاهر أن الذي نقله ووضعه بمسجد الخليل ، عليه‌السلام ، الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ، رحمه الله ، لما هدم عسقلان ، وهذا المنبر موجود إلى عصرنا هذا ، ويقابله دكة المؤذنين على عمد من رخام في غاية الحسن ، والرخام مستدير على حيطان المسجد من الجهات الأربع وهو من عمارة تنكز (٨) ، نائب الشام في سلطنة الملك الناصر محمد بن قلاوون (٩)

__________________

(١) زمن أ ج : زمان ب د ه.

(٢) المستنصر بالله الفاطمي : معد بن علي ابن الحاكم بأمر الله أبو تميم من خلفاء الدولة الفاطمية بمصر ، بويع وهو طفل بعد موت أبيه سنة ٤٢٧ ه‍ / ١٠٣٥ م ، واستمر في الخلافة إلى أن توفي سنة ٤٨٧ ه‍ / ١٠٩٤ م ، ينظر : ابن خلكان ٥ / ٢٢٩ ؛ ابن العماد ٥ / ٣٧٦ ؛ الزركلي ٧ / ٢٦٦.

(٣) بدر الجمالي : بدر بن عبد الجمالي ، أبو النجم ، أمير الجيوش المصرية ووالد الملك الأفضل شاهنشاه ، ولي إمارة دمشق للمستنصر صاحب مصر سنة ٤٥٥ ه‍ / ١٠٦٣ م ، وتقلد وزارة السيف والقلم وأصبح الحاكم الفعلي زمن المستنصر ، توفي في القاهرة عام ٤٨٧ ه‍ / ١٠٩٤ م ، ينظر : ابن الأثير ، الكامل ٨ / ١٧٢ ؛ ابن العماد ٥ / ٣٧٩ ؛ الزركلي ٢ / ٤٥.

(٤) عسقلان : مدينة شامية على الساحل الفلسطيني ، تشرف على البحر المتوسط بين غزة وبيت جبرين ، ينظر : البغدادي ، مراصد ٢ / ٩٤٠.

(٥) الحسين بن علي بن أبي طالب : ولد في شعبان سنة أربع من الهجرة وله من الولد علي الأكبر ، وعلي الأصغر والعقب وجعفر وفاطمة وسكينة ، قتل الحسين بن علي يوم الجمعة الذي صادف يوم عاشوراء في محرم سنة إحدى وستين هجرية ، وهو ابن ست وخمسين سنة وخمسة أشهر وقيل كان ابن ثمان وخمسين ، ينظر : ابن خياط ، الطبقات ٤٠٣ ـ ٤٠٤ ؛ ابن قتيبة ، المعارف ١٢٤ ؛ ابن الجوزي ، صفوة ١ / ٣٤٣ ـ ٣٤٤.

(٦) ٤٨٤ ه‍ / ١٠٩١ م.

(٧) مكتوب ب ج د ه : ـ أ.

(٨) تنكز : تنكز الناصري نائب الشام له مآثر خير في المسجد الأقصى وحوله ، بنى المدرسة النكزية وأوصل المياه إلى المسجد الأقصى ، وعمل البركة الرخام بين الصخرة والأقصى ، وله حمام بباب القطانين ، توفي مسموما بالإسكندرية سنة ٧٤١ ه‍ / ١٣٤٠ م ، ينظر : ابن الوردي ٢ / ٤٦٦ ؛ الكتبي ١ / ٢٥١ ؛ ابن حجر ، الدرر ٢ / ٥٥ ؛ المقريزي ، السلوك ٣ / ٢٩١ ؛ ابن تغري بردي ، النجوم ٩ / ١١٦.

(٩) الناصر محمد بن قلاوون : ناصر الدين أبو الفتح محمد بن الملك المنصور قلاوون مولده سنة ٦٨٤ ه‍ / ١٢٨٥ م ، استقر في السلطنة ثلاث مرات وكانت مدة ملكه ثلاثا وأربعين سنة في ولاياته

١٤٥

في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة.

والقبور الشريفة بداخل السور من تحت البناء المذكور قبر سيدنا إسحاق ، عليه‌السلام ، إلى جانب السارية التي عند المنبر ويقابله قبر زوجته ربقة إلى جانب السارية الشرقية. وهذا البناء له ثلاثة أبواب تنتهي إلى صحن المسجد أحدهما وهو (١) الأوسط ينتهي إلى الحضرة الشريفة الخليلية ، وهي مكان معقود والرخام مستدير على حيطانه (٢) الأربعة به إلى جهة الغرب الحجرة الشريفة التي بداخلها القبر المنسوب لسيدنا إبراهيم الخليل ، عليه‌السلام (٣) ، ويقابله من جهة الشرق قبر زوجته سارة ، والباب الثاني من جهة الشرق عند باب السور السليماني خلف قبر سارة ، والباب الثالث من جهة الغرب خلف قبر إبراهيم ، عليه‌السلام.

وإلى جانبه محراب المالكية وينتهي هذا الباب إلى الرواق ، وفتح هذا الباب (٤) ، وعمر محراب المالكية الأمير شهاب الدين اليغموري (٥) ، ناظر الحرمين الشريفين (٦) ونائب السلطنة في دولة الملك الظاهر برقوق (٧) ، وفتح الشباك بالسور السليماني المتوصل منه إلى مقام السيد (٨) يوسف الصديق ، وعمر الأروقة مكان القلال التي كانت هناك ورتب قراءة سبع ، وشيخا لقراءة البخاري (٩) ومسلم (١٠) في

__________________

الثلاث ، وتوفي في ذي الحجة سنة ٧٤١ ه‍ / ١٣٤٠ م ، ينظر : ابن تغري بردي ، النجوم ٨ / ٣٥ ؛ العليمي ٢ / ٩٣.

(١) وهو أ ج د ه : وهي ب.

(٢) حيطانه أ ب ج د : حيطانها ه.

(٣) عليه‌السلام أ د ه : صلى‌الله‌عليه‌وسلم ج : ـ ب.

(٤) وفتح هذا الباب أ ب : وهذا الباب فتحه ج ه : ـ د.

(٥) شهاب الدين اليغموري : شهاب الدين أحمد بن اليغموري ناظر الحرمين الشريفين ونائب السلطنة بالقدس الشريف وبلد الخليل ، أبطل المكوس والمظالم والرسوم التي أحدثها النواب قبله بالقدس الشريف ، ينظر : العليمي ٢ / ٩٥.

(٦) الشريفين أ ب ج ه : ـ د.

(٧) الظاهر برقوق : هو برقوق بن أنص العثماني ، أبو سعيد ، سيف الدين ، الملك الظاهر ، أول من ملك مصر من الشراكسة ، استمر في السلطنة وخلع ثم أعيد سنة إحدى وتسعين وسبعمائة ، توفي سنة ٨٠١ ه‍ / ١٤١٢ م ، ينظر : المقريزي ، السلوك ٥ / ٤٢٧ ـ ٤٤٣ ؛ ابن تغري بردي ، النجوم ٩ / ٣٥٦ ؛ السخاوي ، الضوء ٦ / ١٦٨ ؛ ابن العماد ١ / ١١٢.

(٨) السيد أ ب ج : ـ د ه.

(٩) أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرية الجعفي ، روى عن الإمام أحمد وإبراهيم بن المنذر ، وابن المديني ، وروى عنه مسلم والترمذي وابن أبي الدنيا وله مصنفات أشهرها : الجامع الصحيح ، التاريخ الكبير ، الأدب المفرد ، ينظر : ابن النديم ٢٨٢ ؛ السبكي ٢ / ٢١٢.

(١٠) محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري القرشي ، أبو بكر ، أول من دوّن الحديث ، أحد كبار

١٤٦

الأشهر الثلاثة ، وذلك في شهر (١) رمضان سنة ست وتسعين وسبعمائة (٢) ، وبآخر الساحة (٣) التي بداخل السور السليماني من جهة الشمال الضريح المنسوب لسيدنا يعقوب ، عليه‌السلام (٤) ، وهو من جهة الغرب بحذاء قبر إبراهيم (٥) ، عليه‌السلام ، ويقابله من جهة الشرق قبر زوجته ليقا.

وصحن المسجد المكشوف تحت السماء بين مقام الخليل ومقام يعقوب ، عليهما‌السلام ، والقباب المبنية على الأضرحة المنسوبة للخليل وزوجته سارة ويعقوب وزوجته ليقا ، أخبرت أنهما من بناء بني أمية ، وجميع الأرض / / التي بداخل السور مما هو تحت السقف وبالساحة السماوية مفروشة بالبلاط السليماني الذي رؤيته من العجائب لكبره وهيئته ، وبجوار قبر الخليل ، عليه‌السلام ، من داخل البناء المعقود سفل الأرض مغارة تعرف بالسرداب (٦) بداخلها باب لطيف ينتهي إلى المنبر ، وقد نزل إليه بعض الخدام من مدة قريبة نحو السنة بسبب أوجب ذلك ، وهو أن شخصا معتوها من الفقراء سقط فيه ، فنزل إليه جماعة من الخدام ، ودخلوا من هذا الباب ، فانتهى بهم الحال إلى المنبر تحت القبة التي على عمد من رخام (٧) بجوار بيت الخطابة. وأخبرني من نزل (٨) هناك ، أنه عاين سلما من حجر عدته خمس عشرة درجة ، مبني عند آخر هذا المغارة من جهة القبلة ، وقد سد بالبناء من آخره ، والظاهر (٩) أن هذا الباب كان عند المنبر يتوصل منه إلى السرداب.

وبظاهر السور السليماني من جهة الشرق مسجد في غاية الحسن وبين هذا المسجد والسور السليماين الدهليز (١٠)(١١) ، وهو معقود مستطيل عليه الأبهة

__________________

الحفاظ الفقهاء ، وهو تابعي توفي سنة ١٢٤ ه‍ / ٧٤١ م ، ينظر : ابن النديم ٢٨٢ ؛ الأصفهاني ، حلية ٣ / ٣٦٠ ؛ الذهبي ، سير ٥ / ٣٢٦.

(١) شهر أ ب ج ه : ـ د.

(٢) ٧٩٦ ه‍ / ١٣٩٣ م.

(٣) الساحة ... الشمال أ ب ج د : ـ ه.

(٤) عليه‌السلام أ ج د ه : ـ ب.

(٥) إبراهيم أ ج د ه : + الخليل ب.

(٦) بالسرداب أ ج د ه : بالسرداب ب.

(٧) من رخام أ د ه : الرخام بج.

(٨) من نزل أ ج د ه : الذي نزل ب / / هناك أ ج د ه : ـ ب / / خمس عشرة : خمسة عشر أ ب ج د ه.

(٩) والظاهر أ د : فالظاهر ب ج : ظاهر ه.

(١٠) الدهليز : المدخل بين الباب والدار ، وهو ممر تحت الأرض يصل البناء الخارجي بالصحن الداخلي ، ينظر : ابن منظور ، لسان ٢ / ٣٤٩ ؛ غالب ١٩٠.

(١١) وبين هذا المسجد والسور السليماني أ ج د ه : وبين السور السليماني وهذا المسجد ب.

١٤٧

والوقار ، والذي عمر المسجد والدهليز (١) الأمير أبو السعيد سنجر الجاولي (٢) ناظر الحرمين الشريفين ونائب السلطنة ، فعرف هذا المسجد بالجاولية ، وهو من العجائب قطع في جبل ، ويقال : إنه كان مقبرة يهود على هذا الجبل فقطعه الجاولي وجوفه وبنى السقف عليه والقبة ، وهو مرتفع على اثنتي (٣) عشرة سارية قائمة في وسطه ، وفرش أرض المسجد وحيطانه وسواريه بالرخام ، وعمل شبابيك حديد على آخره من جهة الغرب ، وهذا المسجد طوله قبلة (٤) بشام ثلاثة وأربعون ذراعا ، وعرضه شرقا بغرب خمسة وعشرون ذراعا بذراع العمل ، وكان الابتداء في عمارة هذا المسجد في ربيع الآخر سنة ثماني عشرة ، وانتهت العمارة في ربيع الآخر سنة عشرين وسبعمائة (٥) في دولة الملك الناصر محمد بن قلاوون ، ومكتوب في حائطه أن سنجر عمر ذلك من خالص ماله لم ينفق عليه شيئا من مال الحرمين الشريفين ، رحمه الله تعالى (٦).

وبجوار المسجد الجاولي من جهة القبلة المطبخ الذي يعمل به الجريشة (٧) للمجاورين والواردين وعلى باب المطبخ تدق الطبلخانات في كل يوم بعد العصر عند تفرقة السماط الكريم.

وهذا السماط من عجائب الدنيا يأكل منه أهل البلد والواردين (٨) ، وهو خبز يعمل في كل يوم ، ويفرق في ثلاثة أوقات بكرة النهار وبعد الظهر لأهل المدينة وبعد العصر تفرقة عامة لأهل البلد ، والواردين ، ومقدار ما يمل فيه من الخبز كل يوم أربعة عشر ألف رغيف ، ويبلغ إلى خمسة عشر ألف رغيف في بعض الأوقات (٩).

وأما سعة وقفه : فلا تكاد تنضبط ، ولا يمتنع من سماطه الكريم (١٠) أحد لا

__________________

(١) المسجد والدهليز أ ج د ه : الدهليز والمسجد ب.

(٢) أبو سعيد سنجر الجاولي : الأمير علم الدين الجاولي كان نائبا للشوبك ، ثم نقل منها وجعل أميرا ثم نائبا وولي بلد الخليل والقدس ونابلس وقافون والرملة وهو الذي عمر الجامع في بلد الخليل وعمر حماما ومدرسة وجامعا في غزة وتوفي سنة ٧٤٥ ه‍ / ١٣٤٤ م ، ينظر : الصفدي ١٥ / ٤٨٣ ؛ ابن العماد ٦ / ١٤٢ ؛ عطا الله : ٢٨٠ ـ ٢٨٣.

(٣) اثنتي أ ج د ه : اثني ب.

(٤) قبلة أ ج د ه : من القبلة ب.

(٥) ٧٣٠ ه‍ / ١٣٢٠ م.

(٦) رحمه الله تعالى أ ج د ه : ـ ب.

(٧) الجريشة أ د : الدشيشة ب ه : الجشيشة ج / / الطبلخانات أ ه : الطبلخانة ب ج د.

(٨) والواردين أ ج ه : والواردون ب د / / وهو خبز ... والواردين أ ب ج د : ـ ه.

(٩) في بعض الأوقات أ ج د ه : + إذا كان عندهم زائر ب.

(١٠) ولا يمتنع من سماطه الكريم أ د : وأما سماطه الكريم فإنه لا يمنع منه ب ه : ولا يمنع سماطه

١٤٨

من الأغنياء ولا من الفقراء.

وأما السبب في دق الطبلخانة في كل يوم عند تفرقة السماط بعد العصر فيقال : أن الأصل في ذلك أن سيدنا إبراهيم الخليل (١) ، عليه‌السلام ، كان لما يأتي إليه الضيوف (٢) ، ويصنع لهم ما يأكلونه ويكونون جماعة متفرقين في المنازل التي أنزلهم فيها ، فإذا قصد إطعامهم دق الطبل لإعلامهم (٣) أنه هيأ لهم ما يأكلونه ليجتمعوا ، فإذا سمعوا بادروا واجتمعوا لأكل سماطه الكريم (٤) ، فصارت سنة بعده تعمل في كل يوم عند تفرقة السماط بحضرته الشريفة ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٥) ، وعلى باب المسجد الذي تدق عنده الطبلخانات (٦) المكان الذي يصنع فيه السماط من الأفران والطواحين ، وهو مكان متسع يشتمل على ثلاثة أفران وستة أحجار للطحن ، وخلف (٧) هذا المكان الحاصل التي يوضع فيها القمح والشعير ورؤية هذا المكان علوا وسفلا (٨) من العجائب فإنه يدخل إليه بالقمح فلا يخرج منه إلا وقد صار خبزا.

وأما الاهتمام بعمل سمطاه وكثرة (٩) الرجال في تعاطي أسبابه من طحن القمح وعجنه وخبزه وتجهيز آلاته (١٠) من الحطب وغيره والاعتناء بأمره ، فذلك من العجائب لا يكاد يوجد مثل ذلك عند ملوك الأرض ، ولا يستكثر مثل ذلك في معجزات هذا / / النبي الكريم ، عليه (١١) أفضل الصلاة والتسليم (١٢).

ذكر إسحاق عليه‌السلام

هو إسحاق بن إبراهيم (١٣) خليل الرحمن النبي بن النبي بن النبيين ، صلوات

__________________

الكريم ج.

(١) الخليل أ ج د ه : ـ ب.

(٢) كان لما يأتي إليه الضيوف أ ج ه : لما كانت تأتيه الضيوف ب : كان لما يأتي إليه الأعيان د.

(٣) لإعلامهم أ ج د ه : ليعلموا ب / / ما يأكلونه أ د ه : الطعام ب ج / / ليجتمعوا أ ج د ه : ـ ب.

(٤) الكريم أ ج د ه : ـ ب / / عند تفرقة ـ ب ج د ه : تفرقة أ.

(٥) صلى‌الله‌عليه‌وسلم أ ج د : صلى الله على نبينا وعليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين ه : ـ ب.

(٦) الطبلخانات أ ه : الطبلخانة ب ج د / / السماط أ ج د ه : خبز السماط ب.

(٧) وخلف أ : وعلو ب ج د ه.

(٨) علوا وسفلا أ ب ج د : من العلو والسفل ه.

(٩) وكثرة أ : من كثرة ب ج د : من كثيرة ه.

(١٠) آلاته أ ب ج د : آلته ه.

(١١) عليه أ ج د : + أفضل ب ه.

(١٢) والتسليم أ د ه : والسلام ب ج.

(١٣) إبراهيم أ ج د ه : ـ ب.

١٤٩

الله وسلامه عليهم أجمعين ، وأمه سارة حملت به في الليلة التي خسف الله تعالى بقوم لوط فيها ، وولدته ولها من العمر تسعون سنة ، ومن ولده الروم واليونان والأرمن ومن يجري مجراهم بنو إسرائيل. وكان إبراهيم ، صلوات الله عليه (١) ، يضيف من نزل به ، وقد أوسع الله تعالى عليه وبسط له في (٢) الرزق والخدم.

فلما (٣) أراد الله هلاك قوم لوط ، أمر رسله من الملائكة أن ينزلوا بإبراهيم ، فيبشروه (٤) هو وسارة بإسحاق ومن وراء إسحاق بعقوب ، فلما نزلوا على إبراهيم ، عليه‌السلام ، كان الضيف قد حبس عنه خمسة عشر يوما حتى شق ذلك عليه ، وكان لا يأكل إلا مع الضيف ما أمكنه ، فلما رآهم على صورة الرجال سرّ بهم ، ورأى أضيافا لم يضفه مثلهم حسنا وجمالا. فقال : لا يخدم هؤلاء القوم إلا أنا ، فخرج إلى أهله فجاء بعجل سمين حنيذ (٥) ، وهو المشوي بالحجارة ، فلما رأى أيديهم لا تصل إلى العجل أنكرهم وأوجس منهم خيفة ، وذلك أنهم كانوا إذا نزل بهم ضيف فلم (٦) يأكل من طعامهم ، ظنوا أنه لم يأت (٧) بخير وإنما جاء بشر ، قالوا : لا تخف يا إبراهيم إنا ملائكة الله تعالى ، أرسلنا إلى قوم لوط ، وامرأته (٨) سارة قائمة من وراء الستر تسمع كلامهم ، وإبراهيم جالس معهم ، فضحكت لزوال الخوف عنها وعن إبراهيم (٩) حين قالوا (١٠) : لا تخف ، وقيل : فضحكت بالبشارة.

وقال ابن عباس ووهب : فضحكت تعجبا من أن يكون (١١) لها ولد على كبر سنها وسن زوجها وعلى هذا القول تكون الآية على التقديم والتأخير تقديره : (وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ (٧١) قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً)(١٢) ، وكان سن إبراهيم ، عليه‌السلام ، مائة وعشرين سنة ،

__________________

(١) صلوات الله عليه أ د ه : عليه‌السلام ب ج.

(٢) في أ ج د ه : من ب.

(٣) فلما أ ج د ه : ولما ب.

(٤) فيبشروه أ ج د ه : ويبشروه ب.

(٥) حنيذ أ ج د : حينئذ ب ه.

(٦) فلم أ ج د ه : ولم ب.

(٧) يأت أ ج د : يأتهم ب : يأتي ه / / جاء أ ج د ه : جاءهم ب.

(٨) وامرأته أ ج د ه : وكانت امرأته ب.

(٩) عنها وعن إبراهيم أ ج د ه : عنهما ب.

(١٠) قالوا أ ج د ه : + لإبراهيم ب / / فضحكت أ ج د ه : ضحكت ب.

(١١) من أن يكون أ ب ج ه : ـ د.

(١٢) هود : [٧١].

١٥٠

وفي قول ابن إسحاق (١) : (إن هذا الشيء عجيب ـ قالوا : يعني الملائكة ـ أتعجبين من أمر الله ، رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ، إنه حميد مجيد).

وسنذكر ما تكلم به إبراهيم ، عليه‌السلام ، في أمر قوم لوط عند ذكره ، عليه‌السلام.

ثم إن إسحاق (٢) تزوج بنت عمه ربقة بنت بتويل ، عليه‌السلام ، وكان إسحاق ضريرا ، فولدت (٣) له العيص ويعقوب ولم يمت إبراهيم ، عليه‌السلام ، حتى بعث الله إسحاق ، عليه‌السلام ، إلى أرض الشام ، وبعث يعقوب إلى أرض كنعان ، وإسماعيل إلى جرهم ، ولوطا إلى سدوم ، وكانوا (٤) أنبياء على عهد إبراهيم ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

وعاش إسحاق (٥) مائة سنة وثمانين سنة ومات بالأرض المقدسة ، ودفن عند أبيه إبراهيم ، عليهما‌السلام.

ذكر يعقوب عليه‌السلام

هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم النبي بن النبي أبو (٦) الأنبياء ، صلوات الله وسلامه عليهم (٧) ، وهو الذي يسمى إسرائيل ، قيل : معناه صفوة الله ، وهو أخ (٨) العيص ، وسمي يعقوب لأنه كان هو والعيص توأمين ، فخرج من بطن أمه آخذا بعقب أخيه العيص ، قيل : وفيه نظر لأن هذا الاشتقاق (٩) عربي ويعقوب اسم أعجمي (١٠).

وكان مولده بعد مضي ستين سنة من عمر أبيه إسحاق ، ورزق يعقوب من

__________________

(١) محمد بن إسحاق بن يسار : صاحب المغازي ، القرشي المطلبي ، أحد الأئمة ، روى عن أبيه وأبان بن عثمان وجعفر الصادق والزهري وعطاء ، وروى عنه شعبة ويحيى الأنصاري وغيرهم ، وثقه ابن معين مرة وضعفه أخرى ، قال أحمد : حسن الحديث ، مات سنة ١٥١ ه‍ / ٧٦٨ م ، ينظر : ابن النديم : ١٢١ ؛ السيوطي ، طبقات ٧٥ ـ ٧٦ ؛ ابن العماد ١ / ٢٣٠.

(٢) إسحاق أ ج ه : عليه‌السلام ب د / / بتويل أ ج د ه الثعلبي : تنويل ب : بتوئيل التوراة.

(٣) فولدت أ ج د ه : وولدت ب.

(٤) وكانوا أ : فكانوا كلهم ب ج د ه.

(٥) وعاش إسحاق ... إبراهيم عليه‌السلام أ ب ج د : ـ ه.

(٦) أبو أ ج د ه : أبي ب.

(٧) عليهم أ د : + أجمعين ب ج ه / / وهو الذي أ ب ج د : ـ ه.

(٨) وهو أخ أ ج د ه : وهو أخو ب.

(٩) الاشتقاق ب ه : اشتقاق أ ج د.

(١٠) أعجمي أ ب : عجمي ج د ه.

١٥١

زوجته ليقة (١) روبيل ، وهو أكبر أولاده ، ثم شمعون ولاوي ويهودا ، ثم تزوج أختها راحيل (٢) فرزق منها يوسف وبنيامين وولد له من سريتين ستة أولاد. فكان بنو يعقوب اثني عشر رجلا ، وهم الأسباط الإثنا (٣) عشر ، وهم : روبيل وشمعون ولاوي ويهودا ويسافر وزيلون ويوسف وبنيامين ودان ونفتالي (٤) وكاد وأشر.

وسموا بالأسباط لأنه ولد لكل منهم جماعة ، وعاش لاوي بن يعقوب مائة وسبعا وثلاثين سنة ، وولد له فاهت وعاش مائة وسبعا وعشرين سنة ، ثم ولد لفاهت عمران وعاش مائة وستا وثلاثين سنة ، ثم ولد لعمران موسى ، عليه‌السلام (٥) ، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.

وعاش يعقوب مائة وسبعا وأربعين سنة ، ومات بمصر ، وأوصى بأن يحمل إلى الأرض المقدسة ، ويدفن عند أبيه / / وجده ، فحمله ابنه يوسف ودفنه عندهما ، وسنذكر ذلك في قصة ولده يوسف ، إن شاء الله تعالى.

وتقدم ذكر الخلاف في أن يعقوب ، عليه‌السلام (٦) ، أول من بنى مسجد بيت المقدس ، وأري (٧) موضعه بوحي من الله تعالى ، وتقدم لفظ الأثر الوارد في ذلك ، ونقل بلفظ آخر غير المتقدم وهو : أن والده إسحاق أوصى (٨) إليه أن لا ينكح امرأة من الكنعانيين ، وأن ينكح من بنات خاله ـ وكان مسكن يعقوب ، عليه‌السلام ، القدس ـ فتوجه إلى خاله ، وأدركه (٩) الليل في بعض الطريق ، وبات (١٠) متوسدا حجرا ، فرأى فيما يرى النائم : أن سلما منصوبا إلى باب (١١) من أبواب السماء عند رأسه والملائكة تنزل فيه وتعرج منه ، فأوحى الله إليه أني إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسحاق (١٢) ، وقدر ورثك هذه الأرض المقدسة لك ولذريتك من بعدك ، وباركت

__________________

(١) ليقة أ د ه : ليا ب ج : ليئة التوراة.

(٢) أختها راحيل أ ب ج ه : ـ ب.

(٣) الاثنا ب ج د ه : الاثني أ.

(٤) ونفتالي أ ب ج د : ومعتالي ه : نفتالي التوراة.

(٥) عليه‌السلام أ د ه : ـ ب ج.

(٦) عليه‌السلام أ د ه : ـ ب ج.

(٧) وأري أ ب ج ه : ـ د.

(٨) ينظر : التكوين ٢٨ : ١ ـ ٢٢.

(٩) وأدركه أ : فأدركه ب ج د ه.

(١٠) وبات أ : فبات ب ج د ه.

(١١) إلى باب أ ب ج د : ـ ه.

(١٢) إسحاق أ ب ج ه : ـ د.

١٥٢

فيك وفيهم وجعلت لكم الكتاب والحكم والنبوة ، ثم أنا معك أحفظك حتى أردك إلى هذا المكان ، فأجعله بيتا تعبدني فيه أنت وذريتك (١) ، وقد حكى الحافظ أبو محمد (٢) هذا الأثر (٣) المتقدم قبله ، وليس في أحدهما ما ينافي الآخر سوى اختلاف في بعض اللفظ.

ذكر يوسف عليه‌السلام (٤)

هو يوسف الصديق بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، فهو نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله وخليله ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، ولد يوسف ، عليه‌السلام ، لما كان ليعقوب إحدى وتسعون سنة.

ولما كان (٥) يوسف ثماني عشرة سنة ، كان فراقه ليعقوب وبقيا مفترقين (٦) إحدى وعشرين سنة ، ثم اجتمع يعقوب بيوسف في مصر وليعقوب من العمر (٧) مائة وثلاثون سنة ، وبقيا مجتمعين سبع عشرة سنة ، وقيل غير ذلك.

وسبب فراقه (٨) عن أبيه حسد إخوته ، فألقوه في الجب كما أخبر الله تعالى في كتابه العزيز ، واختلف في الجب فقال قتادة : هو في بيت المقدس ، وقال وهب : بأرض (٩) الأردن ، وقال مقاتل : هو على بعد ثلاثة فراسخ من منزل أبيه (١٠) يعقوب.

وكان بالجب ماء وبه صخرة فآوى إليها ، وأقام في الجب ثلاثة أيام ، فمرت به

__________________

(١) هذا النص من الإسرائيليات بل هو نص توراتي ذكر في سفر التكوين «فخرج يعقوب من بئر سبع وذهب حاران وصادف مكانا وبات هناك لأن الشمس كانت قد غابت ، وأخذ من حجارة المكان ووضعه تحت رأسه فاضطجع في ذلك المكان ورأى حلما وإذا سلم منصوبة على الأرض ورأسها يصل السماء وملائكة الله صاعدة ونازلة عليها وهو ذا الرب واقف عليها فقال : أنا الرب إله إبراهيم أبيك ، وإله إسحاق ، الأرض التي أنت مضطجع عليها أعطيها لك ولنسلك». ينظر : الكتاب المقدس ، التكوين : ١٢ ـ ١٥.

(٢) أي ابن عساكر.

(٣) الأثر أ : + والأثر ب : + والمتقدم ج د ه.

(٤) عليه‌السلام أ ب ج د : عليه الصلاة والسلام ه.

(٥) ولما كان أ ج ه : ولما صار ب د / / ثماني عشرة ج د ه : ثمانية عشر أ ب / / كان أ : صار ب ج د ه / / ليعقوب أ ج د ه : + من العمر ب.

(٦) مفترقين أ ه : متفرقين ب ج د.

(٧) من العمر أ ب ج د : ـ ه / / سبع عشرة ج د ه : سبعة عشر أ ب.

(٨) فراقه أ ب ج د : ـ ه.

(٩) بأرض أ د ه : في أرض ب ج / / بعد أ د ه : ـ ب ج.

(١٠) ينظر : الثعلبي ٦٧ ؛ المقدسي ، مثير ٢٧٢.

١٥٣

السيارة فأخرجته (١) ، وأخذوه ، فجاء أخوه يهودا إلى الجب بطعام ليوسف ، فلم يجده في الجب ورآه عند تلك السيارة ، فأخبر يهودا بقية إخوته ، بذلك ، فأتوا السيارة وقالوا : هذا عبدنا أبق منا ، فاشتروه من أخوته بثمن بخس ، قيل : عشرون درهما ، وقيل : أربعون درهما ، ثم ذهبوا به إلى مصر ، فباعوه (٢) لأستاذهم الذي على خزائن مصر واسمه العزيز.

وكان فرعون مصر حين ذلك الريان بن الوليد رجلا من العماليق ، والعماليق من ولد (٣) عملاق بن سام بن نوح ، فهويته امرأته راعيل ، وراودته عن نفسها ، فأبى وهرب ، فلحقته من خلفه ، وأمسكته بقميصه فانقد ، ووصل أمرها (٤) إلى زوجها العزيز وابن عمها بتحقيق وبيان ، فظهر لهما براءة يوسف ، ثم بعد ذلك ما زالت تشكو إلى زوجها وتقول إنه يقول للناس : أني راودته عن نفسه وفضحني ، فحبسه زوجها سبع سنين ، ثم أخرجه (٥) فرعون مصر بسبب تعبير الرؤيا التي رآها.

ثم مات العزيز فجعل (٦) فرعون يوسف موضعه على خزائنه ، وجعل القضاء إليه ، ودعا (٧) يوسف الريان فرعون مصر إلى الإيمان ، فآمن به. وبقي كذلك إلى أن مات الريان ، وملك بعده مصر قابوس بن مصعب من العمالقة أيضا ولم يؤمن.

وكان يوسف إذ سار في أزقة (٨) مصر يتلألأ نور وجهه على الجدران ، وكان من صفته ، عليه‌السلام ، أنه أبيض اللون ، حسن الوجه ، جعد الشعر ، ضخم العين (٩) ، مستوي الخلقة ، غليظ الساعدين والعضدين والساقين ، أقنى الأنف ، صغير السرة ، بخده الأيمن خال أسود ، وكان ذلك الخال يزين وجهه ، وبين عينيه شامة تزيده حسنا وجمالا ، كأنه القمر ليلة البدر ، وكان إذا تبسم رأيت النور من ضواحكه ، وإذا تكلم رأيت شعاع النور يثور من بين ثناياه ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ووصل إلى يوسف أبوه يعقوب وأخوته جميعا من كنعان ، وهي الشام (١٠) ،

__________________

(١) فأخرجته أ ج د ه : فأخرجوه ب / / إلى الجب بطعام أ د ه : بطعام إلى الجب ب ج.

(٢) فباعوه لأستاذهم ب ه : فباعه أستاذه أ : فباعوه لأستاذه د : فباعه أستاذن ه.

(٣) من ولد أ د ه : هم ولد ب : ولد ج.

(٤) أمرها أ ج د ه : أمرهما ب / / فظهر لهما أ ج د ه : وظهر لهما ب.

(٥) ثم أخرجه أ ج : + لما ب د ه.

(٦) فجعل أ : جعل ب ج د ه / / يوسف موضعه أ ج د ه : موضعه يوسف ب.

(٧) ودعا أ ج د ه : ثم دعا ب.

(٨) أزقة أ ب ج د : الأزقة ه / / نور وجهه أ ج د ه : نوره ب.

(٩) ضخم العين أ د : ضخم العينين ب ج : صحيح العين ه / / الخلقة أ ه : الخلق ب ج د.

(١٠) الشام أ د ه : أرض الشام ب ج.

١٥٤

وقد ذكر الله قصته في القرآن مبسوطة / / مفصلة ، ومات يعقوب ، وأوصى إلى يوسف (١) أن يدفنه مع أبيه إسحاق ، فسار به إلى حبرون ، ودفنه مع أبيه (٢) ، وقبره بحذاء قبر الخليل ، عليه‌السلام ، من جهة الشمال وهو مشهور.

وكان عمر يوسف لما توفي والده يعقوب ستا وخمسين سنة ، فلما دفنه (٣) عاد إلى مصر ، وعاش يوسف مائة وعشرين سنة ، وبينه وبين موسى (٤) أربعمائة سنة ، ونزل جبريل ، عليه‌السلام ، أربع مرات ، وتوفي بمصر ، ودفن بها حتى كان زمن (٥) موسى ، عليه‌السلام ، وفرعون.

فلما سار موسى من مصر ببني إسرائيل إلى التيه نبش قبر يوسف (٦) ، عليه‌السلام (٧) ، وحمله معه في التيه (٨) حتى مات موسى ، فلما قدم يوشع (٩) ببني إسرائيل إلى الشام ، دفنه بالقرب من نابلس ، وقيل : عند الخليل وهو المشهور ، عند الناس فإن قبره عند الخليل ، ظاهر مشهور ، وقد استفاض عند الناس (١٠) فلم ينكر.

وروي أن الله تعالى أوحى إلى موسى ، عليه‌السلام ، أن أحمل يوسف إلى بيت المقدس عند آبائه فلم يدر أين هو ، فسأل بني (١١) إسرائيل ، فلم يعرف أحد منهم أين هو (١٢) ، فقال شيخ له ثلاثمائة سنة : يا نبي الله ما يعرف قبر يوسف إلا والدتي ، قال له (١٣) : قم معي إلى والدتك ، فقام الرجل ودخل منزله ، فأتاه (١٤) بقفة

__________________

(١) وأوصى إلى يوسف أ ج د ه : وأوصى ولده يوسف ب.

(٢) مع أبيه أ ج د ه : عند أبيه ب / / قبر الخليل أ ج د ه : قبر جده الخليل ب.

(٣) فلما دفنه أ ج د ه : ولما دفنه ب.

(٤) موسى أ د : + عليه‌السلام ب ج : عليه الصلاة والسلام ه.

(٥) زمن أ ب ج د : زمان ه.

(٦) قبر يوسف أ : نبش على يوسف ب ج : فنبش يوسف د ه.

(٧) عليه‌السلام أ د : ـ ب ج ه / / يوشع أ : + بن نون ب ج د ه.

(٨) التيه : هو الموضع الذي ضل فيه موسى بن عمران ، عليه‌السلام ، وقومه ، وهي أرض بين أيلة ومصر وبحر القلزم وجبال السراة من أرض الشام ، ينظر : ياقوت ، معجم البلدان ٢ / ٨١.

(٩) يوشع بن نون بن أفرايم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، عليهم‌السلام ، قادة بني إسرائيل بعد وفاة موسى عليه‌السلام ، وحارب العماليق وفتح أريحا ، ينظر : المسعودي ١ / ٥٠.

(١٠) وقد استفاض عند الناس أ ب ج د : ـ ه.

(١١) فسأل بني ... أين هو أ ب ج ه : ـ د.

(١٢) هو أ ج د ه : قبره ب / / شيخ له ثلاثمائة سنة أ د ه : له شيخ عمره ثلثمائة ب ج.

(١٣) قال له أ ج د ه : فقال له موسى عليه‌السلام ب / / والدتك أ ج د ه : أمك ب / / الرجل أ د ه : معه ب ج / / ودخل أ ج د ه : إلى ب.

(١٤) فأتاه أ ج د : فدخلا المنزل وأتاه ب : وأتاه ه / / فيها أ ج د ه : وفيها ب.

١٥٥

فيها والدته ، فقال لها موسى ، عليه‌السلام : ألك علم بقبر يوسف؟ قالت : نعم (١) ، أدلك على قبره على أن تدعو الله أن يرد عليّ شبابي إلى سبعة عشر سنة ، ويزيد (٢) في عمري مثل ما مضى ، فدعا موسى ، عليه‌السلام ، لها (٣) وقال : كم عشت؟ فقالت : تسعمائة سنة ، فعاشت ألفا وثمانمائة سنة ، وأرته (٤) قبر يوسف ، عليه‌السلام ، وكان في وسط نيل مصر في صندوق من رخام ، وذلك أنه لما مات تشاحن (٥) عليه الناس ، وكل يحب أن يدفن في محله (٦) لما يرجون من بركته ، عليه‌السلام ، فاختلف رأيهم في ذلك حتى هموا أن يقتتلوا (٧) ، فرأوا أن يدفن في النيل ، فيمر عليه الماء ، ثم يصل جميع مصر ، فيكونون كلهم شركاء في بركته (٨) ، ففعلوا ذلك.

فلما (٩) علم موسى مكانه أخرجه وهو في التابوت ، فحمله على عجل من حديد إلى بيت المقدس ، وقبره في البقيع خلف الحير السليماني حذاء قبر يعقوب وجوار جديه إبراهيم وإسحاق ، عليهم‌السلام (١٠).

وعن إبراهيم بن أحمد الخلنجي (١١) أنه لما سألته جارية المقتدر (١٢) ، وكانت تعرف بالعجوز ، وكانت مقيمة ببيت المقدس ، الخروج إلى الموضع الذي روي أن قبر يوسف ، عليه‌السلام (١٣) ، فيه وإظهاره والبناء عليه ، قال : فخرجت والعمال

__________________

(١) قالت نعم أ ج د ه : + قال : فدليني عليه ، قالت ب / / على قبره ب : ـ أ ج د ه / / على أن أ ج ه : بشرط أن ب : ـ د.

(٢) ويزيد أ ج د : وأن يزيد لي ب : ـ ه / / فدعا أ ج د ه : قال : فدعا ب.

(٣) لها وقال أ ج د : ـ ب ه / / ألفا أ ب ج ه : ألفان د.

(٤) وأرته أ ج د ه : وأورت موسى عليه‌السلام ب.

(٥) تشاحن أ ج : تشاجر ب د ه / / يحب أ ج د ه : أراد ب.

(٦) محله أ د : محلته ب ج ه / / يرجو أ د : يرجوا ب ج : يرونه ه / / حتى هموا أ د ه : حتى أرادوا ب ج.

(٧) أن يقتتلوا أ ب ج د : أن يقتلوا بعضهم بعضهم بعضا ه / / فيمر أ ج د ه : لي يمر ب / / ثم يصل أ ج د ه : فتصل بركته ب / / مصر أ ج د ه : + وما حولها ب.

(٨) شركاء في بركته أ ج د ه : في بركته مشتركين ب.

(٩) فلما أ ج د ه : ولما ب / / فحمله أ ج د ه : وحمله ب.

(١٠) عليهم‌السلام أ ج : عليهما‌السلام ب د : عليهم الصلاة والسلام ه.

(١١) إبراهيم بن أحمد الخلنجي : لم أعثر على ترجمته في المصادر الموجودة.

(١٢) المقتدر بالله : هو أبو الفضل جعفر بن المعتضد ولد في رمضان سنة ٢٨٢ ه‍ / ٨٩٥ م وأمه رومية ولي الخلافة وله ثلاث عشر سنة وفي عهده اختل النظام لصغر سنه وهو أحد الخلفاء العباسيين وتوفي مقتولا سنة ٣٢٠ ه‍ / ٩٣٢ م ، ينظر : المسعودي ٤ / ٢٩٢ ؛ ابن الأثير ، الكامل ٦ / ٢٢١ ؛ المقدسي ، البدء ٦ / ١٢٦ ؛ ابن حبان ، السيرة ٥٨٠ ؛ السيوطي ، تاريخ ٤٤٠ ؛ ابن العماد ٢ / ٢٨٤.

(١٣) عليه‌السلام أ د : عليه الصلاة والسلام ه : ـ ب ج.

١٥٦

معي لكشف (١) البقيع الذي روي أنه فيه خارج الحير حذاء قبر أبيه يعقوب ، عليه‌السلام (٢).

قال : فاشترى البقيع من صاحبه وأخذ في كشفه فخرج في الموضع الذي روي أنه فيه حجر عظيم وأمر (٣) بكسره فكسر منه قطعة قال : وكنت معهم في الحفر ، فلما شالوا القطعة من الحجر ، فإذا (٤) هو بيوسف ، عليه‌السلام ، على الصفة من الحسن والجمال (٥) ، وصارت روائح الموضع مسكا ، ثم جاء ريح عظيم فأطبق العمال الحجر على ما كان (٦) ، ثم بنى عليه القبة التي هي عليه الآن على صحة من رؤيته ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو خارج السور السليماني من جهة الغرب بداخل مدرسة منسوبة للسلطان الملك الناصر حسن (٧) ، وتسمى الآن بالقلعة ، ويدخل إليه من عند باب المسجد الذي عند السوق تجاه عين الطواشي (٨) ، وهو موضع مأنوس وفيه الضريح.

ثم إن بعض النظار على مسجد الخليل (٩) ، عليه‌السلام ، وهو شهاب الدين أحمد اليغموري فتح بابا في السور السليماني من جهة الغرب بحذاء القبر المنسوب لسيدنا يوسف الصديق (١٠) ، وجعل فوق القبر السفلي إشارة تدل عليه كبقية الأضرحة (١١) الكائنة بمسجد الخليل ، عليه‌السلام ، وذلك في سلطنة الملك الظاهر برقوق.

وروي عن أبي هريرة ، رضي‌الله‌عنه ، أنه قال : قال رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، ولو لبثت في

__________________

(١) لكشف أ ج د ه : فكشف ب.

(٢) عليه‌السلام أ ج ه : عليهما‌السلام ب : ـ د.

(٣) وأمر أ ج د ه : فأمر ب.

(٤) فإذا أ ج د ه : وإذا ب.

(٥) من الحسن والجمال أ ج د : بحسنه وجماله ب : من الحسن والكمال ه.

(٦) ما كان أ ج د ه : + سابقا ب.

(٧) الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون ، تولى السلطة بعد مقتل أخيه حاجي وذلك في سنة ٧٤٨ ه‍ / ١٣٤٧ م ، توفي في سنة ٧٦٢ ه‍ / ١٢٧٣ م ، ينظر : ابن حجر ، الدرر ٢ / ٣٨ ـ ٤٠ ، ابن دقماق ٢ / ١٩٥ ؛ ابن تغري بردي ، النجوم ١٠ / ١٨٧ ؛ ابن العماد ٦ / ١٩٦.

(٨) الطواشي : الخصي وهم طواشية ، وعين الطواشي إحدى عيون مدينة الخليل على باب المسجد الإبراهيمي الشمالي بالقرب من السور ، ينظر : العليمي ١١٠ ؛ المعجم الوسيط ٢ / ٦٩ ؛ عاشور ٤٥٥.

(٩) مسجد الخليل أ ج د ه : وقف سيدنا الخليل ب / / عليه‌السلام أ ج د : عليه الصلاة والسلام ب ه.

(١٠) الصديق أ ه : + عليه‌السلام ب ج د.

(١١) الأضرحة ب : الأضرح أ ج د ه : بمسجد أ ه : + سيدنا ب ج د.

١٥٧

السجن ما لبث يوسف ، ثم جاءني الداعي لأجبت» (١)(٢).

وسئل رسول الله ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من أكرم الناس؟ قال : «أتقاهم لله» ، فقالوا : ليس عن هذا نسألك ، قال : «فأكرم الناس يوسف (٣) نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله بن خليل الله» (٤).

فهؤلاء الأنبياء / / الأربعة وهم : إبراهيم الخليل ، وولده إسحاق ، وولده يعقوب ، وولده يوسف ، قبورهم في محل واحد وعليهم من الوقار والجلالة ما لا يكاد يوصف ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

ذكر لوط عليه‌السلام

هو لوط ابن أخي إبراهيم الخليل ، عليه‌السلام (٥) ، وهو لوط بن هازان بن آزر ، قال الثعلبي (٦) : وإنما سمي لوطا لأن حبه ليط (٧) بقلب إبراهيم أي تعلق به ولصق. وكان إبراهيم ، عليه‌السلام (٨) ، يحبه حبا شديدا ، وكان ممن آمن بعمه إبراهيم ، وهاجر معه إلى مصر (٩) ، وعاد معه إلى الشام.

فأرسله الله إلى أهل سدوم وكانوا أهل كفر وفاحشة. ودام لوط يدعوهم إلى الله تعالى وينهاهم فلم يلتفتوا إليه ، وكانوا على ما أخبر الله عنهم في قوله تعالى : (لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (٢٨) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ)(١٠) ، وكانوا يقطعون الطريق ، وإذا مر بهم المسافر (١١) أمسكوه ، وفعلوا به اللواط (١٢) ، فنهاهم فلم ينتهوا ، ولا يزيدهم

__________________

(١) ينظر : ابن كثير ، البداية ١ / ١٧١.

(٢) لأجبت أ ج د : لأجبته ب ه.

(٣) يوسف أ ج د ه : + الصديق ب.

(٤) ينظر : ابن كثير : البداية ١ / ١٧١.

(٥) عليه‌السلام أ ج د ه : عليهما‌السلام ب / / وهو لوط بن هاران أ ج د : واسم أبيه هارون ب : وهو لوط بن هارون ه.

(٦) ينظر : الثعلبي ٦١.

(٧) ليط أ ب ج د ه : لاط الثعلبي / / إبراهيم أ ج د ه : + عليه‌السلام ب.

(٨) عليه‌السلام أ ج د : عليه الصلاة والسلام ه : ـ ب.

(٩) إلى مصر أ ج د ه : + حين هاجر من نمروذ.

(١٠) العنكبوت : [٢٨ ـ ٢٩].

(١١) المسافر أ ج د ه : أحد من المسافرين ب.

(١٢) اللواط أ ب ج د : اللواطة ه / / فنهاهم أ د ه : وهو ينهاهم ب : فينهاهم ج / / ولا يزيدهم أ د ه : ولم يزدهم ب : فلم يزدادوا ج.

١٥٨

وعظه إلا تماديا وضلالا ، فسأل الله النصرة عليهم ، فأرسل الله الملائكة لقلب سدوم وقراها المؤتفكات وهي خمس مدائن.

وكان الملائكة (١) قد أعلموا إبراهيم الخليل بما أمرهم الله تعالى به من الخسف بقوم لوط حين قدموا عليه وبشروه بإسحاق ، كما تقدم ، فسأل إبراهيم جبريل فيهم وقال له : أرأيت إن كان فيهم خمسون (٢) من المسلمين؟ فقال جبريل : إن كان فيهم خمسون من المسلمين لا يعذبهم الله فقال إبراهيم؟ وأربعون؟ قال (٣) : وأربعون ، قال إبراهيم ، وثلاثون ، قال : وثلاثون ، وكذلك حتى قال إبراهيم : وعشرة ، قال جبريل : وعشرة ، فقال إبراهيم (٤) : إن هناك لوطا ، فقال جبريل والملائكة : (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) (٣٢) (٥).

فلما وصلت الملائكة إلى لوط هم قومه أن يلوطوا بهم ، لأن الملائكة جاؤوا إليه على صورة غلمان مرد (٦) ، حسان الوجوه ، فقال لهم لوط : يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم ، يعني بالتزويج ، فاتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي أليس منكم رجل رشيد؟ فلم يرضوا بقوله ، وقالوا : (قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍ)(٧) أي من حاجة وشهوة ، وإنك لتعلم ما نريد من إتيان الرجال فعالجهم وناشدهم وهم على العناد والبغي (٨) ، فأعماهم جبريل بجناحه ، وقالت الملائكة للوط : (إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ)(٩)(١٠).

فلما خرج لوط بأهله قال للملائكة : أهلكوهم الساعة ، فقالوا : لم نؤمر إلا بالصبح : (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) (٨١) (١١).

__________________

(١) وكان الملائكة أ ب ج د : وكانوا ه.

(٢) خمسون أ ج د ه : + رجلا ب.

(٣) قال أ ج د ه : + جبريل ب / / وكذلك حتى قال ... وعشرة أ ج د ه : قال إبراهيم ولم أزل كذلك حتى قال جبريل وعشرة ب.

(٤) فقال إبراهيم أ د ه : قال إبراهيم ، فقلت ب : قال إبراهيم ج.

(٥) العنكبوت : [٣٢].

(٦) مرد أ ج د ه : ـ ب.

(٧) هود : [٧٩].

(٨) والبغي أ ج د ه : والغي ب.

(٩) هود : [٨١].

(١٠) امرأتك ى : أنه مصيبها ما أصابهم ب : ـ ج د ه.

(١١) هود : [٨١].

١٥٩

فلما كان الصبح قلبت (١) الملائكة سدوم وقراها الخمس بمن فيها ، وكان فيها أربعمائة ألف (٢) ، فرفعوا المدائن كلها حتى سمع أهل السماء صياح الديكة ونباح الكلاب ، فلم يكفأ لهم إناء ولم ينتبه نائم ، ثم قلبوها فجعلوا عاليها سافلها ، وسمعت (٣) امرأة لوط الهدة فقالت : واقوماه ، فأدركها حجر فقتلها ، وأمطر الله الحجارة على من لم يكن بالقرى فأهلكهم.

وأما قبر لوط ، عليه‌السلام ، فهو في قرية تسمى كفر بريك (٤)(٥) ، تبعد من مسجد الخليل ، عليه‌السلام ، نحوا من فرسخ ، ونقل أن في المغارة الغربية تحت المسجد العتيق ستين نبيا منهم عشرون مرسلا ، وصار (٦) هذا المكان مشهورا ، يقصد ويزار (٧).

وعلى فرسخ من حبرى (٨) جبل صغير مشرف على بحيرة زغر وموضع قريات (٩) لوط ، ثم مسجد بناه أبو بكر محمد بن إسماعيل الصياحي (١٠) فيه مرقد إبراهيم ، عليه‌السلام ، قد غاص في الصخر نحوا من ذراع يقال إن إبراهيم ، عليه‌السلام (١١) ، لما رأى قريات لوط في الهواء وقف ، أو رقد ، ثم قال : أشهد (١٢) أن هذا لهو الحق اليقين ، فلذلك سمي ذلك المسجد مسجد اليقين ، وكان بناء ذلك المسجد في شهر شعبان سنة اثنتين (١٣) وخمسين وثلاثمائة (١٤) ، وبظاهر المسجد مغارة به قبر فاطمة بنت الحسن بن علي بن أبي طالب ، رضي‌الله‌عنهم أجمعين ، وعند قبرها رخامة مكتوب عليها بالكوفي :

__________________

(١) قلبت أ ب د : قلب ج ه.

(٢) ألف أ : + وقيل : أربعة آلاف ألف ب ج د ه.

(٣) وسمعت أ ج د ه : فسمعت ب.

(٤) كفر بريك : هي قرية بني نعيم الحالية إلى الجنوب الشرقي من مدينة الخليل ، ينظر : شراب ١٧١.

(٥) بريك أ ج د ه : بريك ب.

(٦) وصار أ ج د ه : فصار ب.

(٧) ويزار أ د ه : للزيارة ب ج.

(٨) حبرى أ ج د ه : حبرون ب / / زغر أ ج د ه : زعروا ب.

(٩) قريات أ ج د ه : قرى ب.

(١٠) ينظر : السيوطي ، إتحاف ٢ / ١٢٠.

(١١) عليه‌السلام أ ج د : ـ ب ه / / قريات أ ج د ه : قرية ب / / لوط أ ج د ه : + وهي طائرة ب / / وقف أ ج د ه : + وقيل ب / / أو رقد أ ج د ه : رقد ب.

(١٢) اشهد أ ج د ه : + أن لا إله إلا الله وأن هذا ب / / فلذلك أ ج د ه : ولذلك ب.

(١٣) اثنتين د ه : اثنين أ ب ج.

(١٤) ٣٥٢ ه‍ / ٩٦٣ م.

١٦٠