البرهان في علوم القرآن - ج ١

بدر الدين محمّد بن عبد الله الزّركشي

البرهان في علوم القرآن - ج ١

المؤلف:

بدر الدين محمّد بن عبد الله الزّركشي


المحقق: الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي ، الشيخ جمال حمدي الذهبي ، الشيخ إبراهيم عبد الله الكردي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣٦

«لا أقسم بيوم القيامة» ، ثم «الهمزة» ، ثم «المرسلات» ، ثم «ق [٢٦ / ب] والقرآن» ، ثم «لا أقسم بهذا البلد» ، ثم «الطارق» ، ثم «اقتربت الساعة» ، ثم «ص والقرآن» ، ثم «الأعراف» ، ثم «الجنّ» ، ثم «يس» ، ثم «الفرقان» ، ثم «الملائكة» ، ثم «مريم» ، ثم «طه» ، ثم «الواقعة» ، ثم «الشعراء» ، ثم «النمل» ، ثم «القصص» ، ثم «بني إسرائيل» ، ثم «يونس» ، ثم «هود» ، ثم «يوسف» ، ثم «الحجر» ، ثم «الأنعام» ، ثم «الصافات» ، ثم «لقمان» ، ثم «سبأ» ، ثم «الزمر» ، ثم «حم* المؤمن» ، ثم «حم* السجدة» ، ثم «حم* عسق» ، ثم «حم* الزخرف» ، ثم «حم* الدخان» ، ثم «حم* الجاثية» ، ثم «حم* الأحقاف» ، ثم «والذاريات» ، ثم «الغاشية» ، ثم «الكهف» ، ثم «النحل» ، ثم «نوح» ، ثم «إبراهيم» ، ثم «الأنبياء» ، ثم «المؤمنون» ، ثم «الم* تنزيل» ، ثم «والطور» ، ثم «الملك» ، ثم «الحاقة» ، ثم «سأل سائل» ، ثم «عمّ يتساءلون» ، ثم «والنازعات» ، ثم «إذا السماء انفطرت» ، ثم «إذا السماء انشقت» ، ثم «الروم».

واختلفوا في آخر ما نزل بمكة ، فقال ابن عباس [هي] : «العنكبوت». وقال الضحاك وعطاء «المؤمنون» ، وقال مجاهد : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ). فهذا ترتيب ما نزل من القرآن بمكة ، وعليه استقرت الرواية من الثقات ، وهو خمس وثمانون سورة.

ذكر ترتيب ما نزل بالمدينة

وهو تسع وعشرون سورة

فأول ما نزل فيها : سورة «البقرة» ، ثم «الأنفال» ، ثم «آل عمران» ، ثم «الأحزاب» ، ثم «الممتحنة» ، ثم «النساء» ، ثم «إذا زلزلت» ، ثم «الحديد» ، ثم «محمد» ، ثم «الرعد» ، ثم «الرحمن» ، ثم «هل أتى» ، ثم «الطلاق» ، ثم «لم يكن» ، ثم «الحشر» ، ثم «إذا جاء نصر الله» ، ثم «النور» ، ثم «الحج» ، ثم «المنافقون» ، ثم «المجادلة» ، ثم «الحجرات» ، ثم «[يأيها النبيّ] لم تحرّم» «التحريم» ، ثم «الصف» ، ثم «الجمعة» ، ثم «التغابن» ، ثم «الفتح» ، ثم «التوبة» ، ثم «المائدة».

٢٨١

ومنهم من يقدّم المائدة على التوبة ، «وقرأ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم [سورة] (١) المائدة في خطبته [يوم] (١) حجة الوداع وقال : يأيها الناس ، إن آخر القرآن نزولا سورة المائدة ، فأحلّوا حلالها ، وحرّموا حرامها» (٢).

فهذا ترتيب ما نزل بالمدينة.

وأما ما اختلفوا فيه

ففاتحة الكتاب ، قال ابن عباس والضحاك ومقاتل وعطاء : إنها مكّية ، وقال مجاهد : مدنية (٣).

واختلفوا في (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) فقال ابن عباس : مدنية ؛ وقال عطاء : هي آخر ما نزل بمكة (٣) ، فجميع ما نزل بمكة خمس وثمانون سورة ، وجميع ما نزل بالمدينة تسع وعشرون سورة ، على اختلاف الروايات.

ذكر [ترتيب] (٤) ما نزل بمكة وحكمه مدنيّ

منها قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ...) (الحجرات : ١٣) الآية ، ولها قصة يطول بذكرها الكتاب ونزولها بمكة يوم فتحها (٥) ، وهي مدنية لأنها نزلت بعد الهجرة.

ومنها قوله في المائدة : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (المائدة : ٣) إلى قوله :

__________________

(١) سقطت من المطبوعة.

(٢) الحديث أخرجه عبد بن حميد من رواية ابن عباس «أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قرأ في خطبته سورة المائدة وسورة التوبة ، ثم قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أحلّوا ما أحلّ الله منهما ، وحرّموا ما حرّم الله منهما» (المطالب العالية لابن حجر ٣ / ٣٢٦). وأخرج الترمذي في سننه ٥ / ٢٦١ في كتاب التفسير الحديث (٣٠٦٣) عن عبد الله بن عمرو قال : «آخر سورة أنزلت المائدة». وأخرجه الحاكم في مستدركه ٢ / ٣١١ وأخرج عن جبير بن نفير قال : «حججت فدخلت على عائشة رضي‌الله‌عنها فقالت لي : يا جبير تقرأ المائدة؟ فقلت : نعم ، قالت : أما إنها آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه ، وما وجدتم من حرام فحرّموه ، وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وأقرّه الذهبي ، وسيأتي الكلام عن آخر ما نزل في النوع التالي ، وهو النوع العاشر وبيان الأحاديث الواردة فيه إن شاء الله.

(٣) انظر تخريج هذه الأقوال في الملحق برقم (٩) و (١٠).

(٤) سقطت من المطبوعة.

(٥) انظر تخريج القصة في الملحق برقم (١١).

٢٨٢

(الْخاسِرِينَ) (المائدة : ٥) نزلت يوم الجمعة والناس وقوف بعرفات ، فبركت ناقة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من هيبة القرآن (١). وهي مدنية لنزولها بعد الهجرة ، وهي عدة آيات يطول ذكرها.

ذكر ما نزل بالمدينة وحكمه مكّيّ

منه الممتحنة إلى آخرها ؛ وهي قصة حاطب بن أبي بلتعة (٢) وسارة والكتاب الذي دفعه إليها ـ وقصتها مشهورة (٣) ـ فخاطب [بها] (٤) أهل مكة.

ومنها قوله تعالى في سورة النحل : (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا...) (النحل : ٤١) إلى آخر السورة ، مدنيات يخاطب بها أهل مكة.

ومنها سورة الرعد يخاطب أهل مكة ، وهي مدنية.

ومن أول براءة إلى قوله [تعالى] : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) (التوبة : ٢٨) خطاب لمشركي مكة ؛ وهي مدنية فهذا من جملة ما نزل بمكة في أهل المدينة وحكمه مدنيّ (٥) ، وما نزل بالمدينة في أهل مكة (٥) وحكمه مكّيّ.

ما يشبه تنزيل المدينة في السور المكية

من ذلك قوله تعالى في النجم : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ) (الآية : ٣٢) (٦) [يعني كلّ ذنب عاقبته النار] (٦) (وَالْفَواحِشَ) يعني كلّ ذنب فيه حدّ (إِلاَّ اللَّمَمَ) ، وهو بين الحدّين من الذنوب ، نزلت في نبهان (٧) والمرأة التي راودها عن نفسها فأبت ؛ والقصة مشهورة واستقرت الرواية بما قلنا ؛ والدليل على صحته أنه لم يكن بمكة حدّ ولا غزو.

__________________

(١) انظر تخريج الرواية في الملحق برقم (١٢).

(٢) هو حاطب بن أبي بلتعة ابن عمرو اللخمي ، صحابي جليل. كان أحد فرسان قريش في الجاهلية وشعرائها. اتّفق على شهوده بدرا ، وقد ثبت ذلك في الصحيحين. وشهد الحديبية أيضا. توفي سنة (٣٠) في خلافة عثمان رضي‌الله‌عنه (ابن حجر ، الإصابة في تمييز الصحابة ١ / ٢٩٩) وانظر ترجمة «سارة» في الملحق برقم (١٣).

(٣) أخرجها البخاري في صحيحه (بشرح الحافظ ابن حجر) ٨ / ٦٣٣ ، كتاب التفسير (٦٥) ، باب (١) من سورة الممتحنة ، الحديث (٤٨٩٠). وأول الحديث : عن علي قال : بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنا والزبير والمقداد قال انطلقوا حتّى تأتوا روضة خاخ فإنّ بها ظعينة معها كتاب...» ، وانظر تخريجه عن مسلم في الملحق برقم (١٤).

(٤) سقطت من المخطوطة.

(٥) تصحّفت العبارة في المطبوعة كالتالي : (وما أنزل في المدينة).

(٦) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

(٧) هو الصحابي الجليل نبهان التمّار. أخرج مقاتل بن سليمان في تفسيره في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا

٢٨٣

ومنها قوله تعالى في هود : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ...) (الآية : ١١٤) نزلت في (١) أبي اليسر كعب بن عمرو (١) والمرأة التي اشترت منه التمر ، فراودها.

ما يشبه تنزيل المكية في السور المدنية

من ذلك قوله تعالى [٢٧ / أ] في الأنبياء : (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا) (الآية : ١٧) نزلت (٢) في نصارى نجران السيد والعاقب.

ومنها سورة (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) (العاديات : ١) في رواية الحسين (٣) بن واقد ، وقصتها مشهورة.

ومنها قوله تعالى في الأنفال : (وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ [مِنْ عِنْدِكَ]) (٤)... (الآية : ٣٢).

ما نزل بالجحفة

قوله عزوجل في سورة القصص : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) (الآية : ٨٥) نزلت بالجحفة والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مهاجر (٥)

ما نزل ببيت المقدس

قوله تعالى في الزخرف : (وَسْئَلْ [مَنْ أَرْسَلْنا] (٦) مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) (الآية : ٤٥) ، نزلت عليه ليلة أسري به (٧).

__________________

فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) قال : هو نبهان التمار أتته امرأة حسناء جميلة تبتاع منه تمرا فضرب على عجيزتها فقالت : والله ما حفظت غيبة أخيك ولا نلت حاجتك ، فذهب يبكي ثلاثة أيام يصوم النهار ويقوم الليل ، (ابن حجر ، الإصابة في تمييز الصحابة ٣ / ٥٢٠).

(١) تصحف الاسم في المخطوطة والمطبوعة كالتالي : (أبي مقبل الحسين بن عمر بن قيس) وليس هناك صحابي بهذا الاسم. وانظر فتح الباري ٨ / ٣٥٦ في كتاب التفسير. سورة هود : ١١٤ ، باب وأقم الصلاة طرفي النهار الحديث (٤٦٨٧) ، وتفسير ابن كثير ٢ / ٤٨٠ ، والدر المنثور ٣ / ٣٥٢ ـ ٣٥٣.

(٢) انظر الملحق رقم (١٥).

(٣) تصحّف الاسم في المخطوطة إلى الحسن. وهو الحسين بن واقد أبو عبد الله المروزي ، قاضي مرو. روى عن عبد الله بن بريدة وثابت البناني وعمرو بن دينار وغيرهم. وروى عنه الأعمش وعبد الله بن المبارك والفضل بن موسى وغيرهم. قال ابن حبان : كان من خيار الناس وقال ابن سعد : كان حسن الحديث. توفي سنة ١٥٩. (ابن حجر ، تهذيب التهذيب ٣٧٣ ، وانظر الملحق برقم (١٦).

(٤) انظر الملحق برقم (١٧).

(٥) سقطت من المطبوعة.

(٦) سقطت من المطبوعة.

(٧) انظر الملحق برقم (١٨).

٢٨٤

ما نزل بالطائف

قوله تعالى في الفرقان : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ...) (الآية : ٤٥) ولذلك (١) قصة عجيبة.

وقوله في (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ* وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ* فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (الآيات : ٢٢ ـ ٢٤) يعني كفار مكة.

ما نزل بالحديبية

قوله تعالى في الرعد : (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ) (الآية : ٣٠) نزلت بالحديبية حين صالح النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أهل مكة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعليّ : اكتب : (بِسْمِ اللهِ [الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ]) (٢) ، فقال سهيل بن عمرو (٣) : ما نعرف (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ؛ ولو نعلم أنك رسول [الله] (٢) لتابعناك ، فأنزل الله تعالى : (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ) إلى قوله (مَتابِ) (الرعد : ٣٠) (٤).

ما نزل ليلا

قوله تعالى في [أول] (٥) سورة الحج : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) (الحج : ١) ، نزلت ليلا في غزوة بني المصطلق ، وهم حيّ من خزاعة والناس يسيرون (٦).

وقوله تعالى في المائدة : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (المائدة : ٦٧) ، نزلت في

__________________

(١) في المخطوطة : (وله) ، ذكره السيوطي في الإتقان ١ / ٥٥ النوع الثاني في معرفة الحضري والسفري وقال : (قال ابن حبيب نزلت بالطائف ولم أقف له على مستند).

(٢) سقطت من المخطوطة.

(٣) هو سهيل بن عمرو بن عبد شمس القرشي ، صحابي جليل ، كان خطيب قريش ، وهو الذي تولّى أمر الصلح بالحديبية ، وكلامه ومراجعته للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل إسلامه. ثم أسلم يوم الفتح. قال ثابت البناني : قال سهيل بن عمرو : والله لا أدع موقفا وقفته مع المشركين إلا وقفت مع المسلمين مثله ولا نفقة أنفقتها مع المشركين إلا أنفقت على المسلمين مثلها. مات بالطاعون سنة (١٨) ويقال استشهد باليرموك. (ابن حجر الإصابة ٢ / ٩٢).

(٤) حديث صحيح من رواية المسور بن مخرمة رضي‌الله‌عنه ، أخرجه البخارى في صحيحه ٥ / ٣٢٩ كتاب الشروط (٥٤) ، باب الشروط في الجهاد.. (١٥) الحديث (٢٧٣١) وانظر الملحق برقم (١٩).

(٥) سقطت من المخطوطة.

(٦) انظر الملحق برقم (٢٠).

٢٨٥

بعض غزوات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (١) [وذلك «أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يحرس كلّ ليلة ، قال عبد الله بن عامر بن ربيعة (٢) : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم] (١) : من يحرسنا الليلة؟ فأتاه حذيفة وسعد (٣) في آخرين (٤) معهم الحجف (٤) والسيوف ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في خيمة من أدم ، فباتوا على باب الخيمة ، فلما أن كان بعد هزيع (٣) من الليل أنزل الله عليه الآية ، فأخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رأسه من الخيمة فقال : يأيّها الناس ، انصرفوا فقد عصمني الله (٥).

ومنها قوله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ...) الآية (القصص : ٥٦) قالت عائشة رضي‌الله‌عنها : نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنا معه في اللّحاف (٣). ونزل عليه أكثر القرآن نهارا.

ما نزل مشيّعا

سورة الأنعام : نزلت مرة واحدة شيّعها سبعون ألف ملك ، طبّقوا ما بين السموات والأرض ، لهم زجل بالتسبيح ؛ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «سبحان الله»! ، وخرّ ساجدا (٣).

قلت : ذكر [أبو] (٦) عمرو ابن الصلاح (٧) في «فتاويه» أن الخبر المذكور جاء من حديث

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

(٢) هو الصحابي عبد الله بن عامر بن ربيعة العنزي رضي‌الله‌عنه ، حليف بني عدي ، ولد في عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. روى عن أبيه وعمر وعثمان وعائشة وغيرهم ، وروى عنه الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري. وقال أبو زرعة ، «أدرك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم». وقال الهيثم بن عدي : «مات سنة بضع وثمانين». (ابن حجر ، الإصابة ٢ / ٣٢٠).

(٣) انظر الملحق برقم (٢١) و (٢٢) و (٢٣) و (٢٤).

(٤) تصحّفت في المخطوطة إلى : (يوم الجحفة) والحجف : التروس.

(٥) الحديث من رواية عائشة رضي‌الله‌عنها ، أخرجه الترمذي في سننه ٥ / ٢٥١ كتاب تفسير القرآن (٤٨) ، باب سورة المائدة (٦) الحديث (٣٠٤٦) وقال : هذا حديث غريب وأخرجه ابن جرير في تفسيره ٦ / ١٩٩ ، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٣١٣ كتاب التفسير باب تفسير سورة المائدة. وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وأقرّه الذهبي ، وأخرجه البيهقي في سننه ٩ / ٨ كتاب السير ، باب مبتدأ الفرض على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم على الناس. وعزاه السيوطي لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وأبو نعيم ، والبيهقي كلاهما في الدلائل وابن مردويه عن عائشة رضي‌الله‌عنها (الدر المنثور ٢ / ٢٩٨).

(٦) سقطت من المخطوطة.

(٧) هو شيخ الإسلام الحافظ تقي الدين أبو عمرو بن الصلاح عثمان بن عبد الرحمن بن موسى الشهرزوري الشافعي تفقه وبرع في المذهب وأصوله وفي الحديث وعلومه. قال ابن خلكان : «كان أحد فضلاء عصره في التفسير والحديث والفقه وأسماء الرجال وما يتعلق بعلم الحديث واللغة من تصانيفه «مقدمة في علوم الحديث» و «الفتاوى» وغيرها. توفي سنة (٦٤٣) بدمشق (ابن العماد ، شذرات الذهب ٥ / ٢٢٢) وكتابه المسمّى

٢٨٦

أبيّ بن كعب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ وفي إسناده ضعف ، ولم نر له إسنادا صحيحا ، وقد روي ما يخالفه ، فروي أنها لم تنزل جملة واحدة بل نزل منها آيات بالمدينة ؛ اختلفوا في عددها فقيل : ثلاث : هي قوله تعالى : (قُلْ تَعالَوْا...) (الأنعام : ١٥١) ، الخ الآيات ، وقيل : ست وقيل : غير ذلك ، وسائرها نزل بمكة (١).

وفاتحة الكتاب نزلت ومعها ثمانون ألف ملك.

وآية الكرسيّ نزلت ومعها ثلاثون ألف ملك.

(٢) [وسورة يونس نزلت ومعها ثلاثون ألف ملك] (٢).

(وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا) (الزخرف : ٤٥) نزلت ومعها عشرون ألف ملك. وسائر القرآن نزل به (٣) جبريل بلا تشييع.

الآيات المدنيات في السّور المكيّة

منها سورة الأنعام ، وهي كلها مكيّة خلا ست آيات ؛ واستقرّت بذلك الروايات. (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) (الأنعام : ٩١) ، نزلت هذه في مالك بن الصّيف (٤) ، إلى آخر الآية ، والثانية والثالثة.

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) (الأنعام : ٩٣) نزلت في عبد الله [بن سعد] (٥) بن أبي سرح ، أخي عثمان من الرضاعة ، حين قال : (سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ)

__________________

«فتاوى ومسائل ابن الصلاح» طبع بتحقيق عبد المعطي أمين قلعجي في دار المعرفة ـ بيروت عام ١٤٠٦ ه‍ ١٩٨٦ م في مجلدين ، وانظر قوله فيه ١ / ٢٤٨ ـ ٢٤٩ في القسم الرابع في الفقه على ترتيبه المسألة (٩٣).

(١) انظر الملحق برقم (٢٥).

(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

(٣) في المخطوطة : (معه) وقد ذكر السيوطي هذه الأقوال في الإتقان ١ / ١٠٩ وعزاها لابن حبيب.

(٤) هو عدو الله مالك بن الصيف كان من أعداء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو الذي قال حين بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وذكر لهم ما أخذ عليهم له من الميثاق وما عهد الله إليهم فيه ـ : والله ما عهد إلينا في محمد عهد وما أخذ له علينا من ميثاق فأنزل الله فيه : (أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (ابن هشام ، السيرة النبوية ٢ / ٥٤٧) ، وانظر الملحق برقم (٢٦).

(٥) سقطت من المطبوعة وهو الصحابي عبد الله بن سعد بن أبي السّرح بن الحارث أخو عثمان بن عفان من الرضاعة. كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد أهدر دمه حين الفتح فاختبأ عند أخيه عثمان وطلب عثمان من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يبايعه فبايعه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد ثلاث. شهد فتح مصر وأمّره عثمان على مصر بعد عزل عمرو بن العاص وغزا ثلاث غزوات افريقية وذات الصواري والاساور توفي سنة (٥٩) في آخر سني معاوية (ابن حجر ، الإصابة ٢ / ٣٠٩). ـ

٢٨٧

(الأنعام : ٩٣) ، وذلك أنه كان يكتب لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنزل الله جل ذكره : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) (المؤمنون : ١٢) ، فأملاها عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما بلغ قوله : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) (المؤمنون : ١٤) ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : اكتب (فَتَبارَكَ) [٢٧ / ب](اللهُ..) الآية ، فقال : إن كنت نبيا فأنا نبيّ ؛ لأنه خطر ببالي ما أمليت عليّ ، فلحق كافرا.

وأما قوله [تعالى] : (أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ) (الأنعام : ٩٣) ، فإنه نزل في مسيلمة الكذاب (١) ، حين زعم أن الله سبحانه [وتعالى] أوحى إليه ، وثلاث آيات من آخرها : (قُلْ تَعالَوْا) (الآية : ١٥١) ، إلى قوله : (تَتَّقُونَ) (الآية : ١٥٣).

سورة الأعراف ، [كلّها] مكية إلا ثمان (٢) آيات : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ) (الآية : ١٦٣) إلى قوله : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ) (الآية : ١٧١).

سورة إبراهيم : مكية ، غير آيتين (٣) نزلتا في قتلى بدر (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً...) إلى آخر (الآيتين : ٢٨ و ٢٩).

سورة النحل : مكية إلى قوله : (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) (الآية : ٤١) والباقي مدنيّ.

سورة بني إسرائيل : مكية غير قوله : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) (الإسراء : ٧٣) يعني ثقيفا ، وله قصة (٤).

__________________

والأثر أخرجه من رواية ابن عباس رضي‌الله‌عنه ، أبو داود في سننه ٤ / ٥٢٧ كتاب الحدود (٣٢) ، باب الحكم فيمن ارتد (١) الحديث (٤٣٥٨ ـ ٤٣٥٩) وأخرجه النسائي في سننه ٧ / ١٠٧ كتاب تحريم الدم (٢٧) ، باب توبة المرتد (١٥) الحديث (٤٠٦٨ ـ ٤٠٦٩) والحاكم في المستدرك ٣ / ٤٥ كتاب المغازي والسرايا.

(١) هو عدو الله مسيلمة بن حبيب الكذّاب من بني حنيفة أتى وقومه إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأسلموا. فلمّا انتهى إلى اليمامة ارتدّ عدو الله وتنبأ وتكذّب لهم وقال : إني قد أشركت في الأمر معه. ثم جعل يسجع السجعات مضاهاة للقرآن قتل على يد الصحابي (وحشي) في معركة المرتدين باليمامة (الطبري ، تاريخ الأمم والملوك ٣ / ١٣٧ وما بعدها) وأخرج الأثر من رواية عكرمة وقتادة ، رضي‌الله‌عنهما ، ابن جرير في تفسيره ٧ / ١٨١.

(٢) انظر الملحق برقم (٢٧).

(٣) انظر الملحق برقم (٢٨).

(٤) ذكرها ابن جرير في تفسيره ١٥ / ٨٨ من رواية ابن عبّاس رضي‌الله‌عنه وذلك أنّ ثقيفا كانوا قالوا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا رسول الله أجّلنا سنة حتى يهدى لآلهتنا فإذا قبضنا الذي يهدى لآلهتنا أخذناه ثم أسلمنا وكسرنا الآلهة ، فهمّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يعطيهم وأن يؤجلهم فقال الله : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً)

٢٨٨

سورة الكهف : مكية غير قوله : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ) (الآية : ٢٨) نزلت في سلمان الفارسيّ وله قصة (١).

سورة القصص : مكية غير آية [وهي قوله] (٢) : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) (الآية : ٥٢) (٣) [يعني الإنجيل (مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ) (الآية : ٥٢) يعني الفرقان. نزلت في أربعين رجلا من مؤمني أهل الكتاب] (٣) قدموا من الحبشة مع جعفر بن أبي طالب فأسلموا ، ولهم قصة (٤).

سورة الزمر : مكية ، غير قوله [تعالى] : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا [عَلى أَنْفُسِهِمْ]) (٥)... (الآية : ٥٣).

الحواميم كلها مكيات ، غير آية في الأحقاف نزلت في عبد الله بن سلام (٦) : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ) (الآية : ١٠).

(البرهان ـ ج ١ ـ م ١٩)

__________________

(١) أمّا قصته فقد ذكرها ابن جرير في تفسيره ١٥ / ١٥٦ من رواية سلمان الفارسي نفسه رضي‌الله‌عنه ، قال : «جاءت المؤلفة قلوبهم إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : عيينة بن بدر ، والأقرع بن حابس وذووهم ، فقالوا : يا نبي الله إنك لو جلست في صدر المسجد ونفيت عنا هؤلاء وأرواح جبابهم ـ يعنون : سلمان وأبا ذر وفقراء المسلمين وكانت عليهم جباب الصوف ولم يكن عليهم غيرها ـ جلسنا إليك وحادثناك وأخذنا عنك. فأنزل الله (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) (الكهف : ٢٧) حتى بلغ (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً) (الكهف : ٢٩) يتهددهم بالنار ، فقام نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يلتمسهم حتى أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله ، فقال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي معكم المحيا ومعكم الممات».

(٢) سقطت من المطبوعة.

(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

(٤) القصّة ذكرها البغوي في تفسيره معالم التنزيل ٣ / ٤٤٩ قال سعيد بن جبير : «هم أربعون رجلا قدموا مع جعفر من الحبشة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلما رأوا ما بالمسلمين من الخصاصة قالوا : يا نبي الله إنّ لنا أموالا فإن أذنت لنا انصرفنا وجئنا بأموالنا فواسينا المسلمين بها فأذن لهم فانصرفوا فأتوا بأموالهم فواسوا بها المسلمين ، فنزل فيهم (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) إلى قوله تعالى (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ)».

(٥) سقطت من المخطوطة.

(٦) هو الصحابي عبد الله بن سلام بن الحارث أبو يوسف من ذرية يوسف النبي عليه‌السلام. أسلم قبل وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعامين روى عنه ابناه يوسف ومحمد ومن الصحابة أبو هريرة وعبد الله بن معقل وقيس بن عباد وغيرهم. وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال بأنه عاشر عشرة في الجنة. توفي سنة (٤٣) بالمدينة المنوّرة. (ابن حجر ، الإصابة ٢ / ٣١٢). والأثر أخرجه من رواية عوف بن مالك الأشجعي رضي‌الله‌عنه ، ابن جرير في

٢٨٩

الآيات المكية في السور المدنية

منها قوله تعالى في الأنفال : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ [وَأَنْتَ فِيهِمْ]) (١)... (الآية : ٣٣) يعني أهل مكة [يا محمد] (١) حتى يخرجك من بين أظهرهم. استقرت به الرواية (٢).

سورة التوبة : مدنية غير آيتين : (لَقَدْ جاءَكُمْ [رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ]) (٣)... (الآية : ١٢٨) الخ السورة.

سورة الرعد : مدنية غير قوله : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) إلى قوله : (جَمِيعاً) (الآية : ٣١).

سورة الحج : مدنية وفيها أربع آيات مكيات : قوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذا تَمَنَّى) إلى قوله : (عَقِيمٍ) (الآيات : ٥٢ ـ ٥٥) وله قصة (٤).

سورة «أرأيت» : مكية إلا قوله : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) (الماعون : ٤) إلى آخرها فإنها مدنية ؛ كذا قال مقاتل بن سليمان (٥).

ما حمل من مكة إلى المدينة

أول سورة حملت من مكة إلى المدينة سورة يوسف ، انطلق بها عوف بن عفراء (٦) في

__________________

تفسيره جامع البيان ٢٦ / ٨ وأخرجه الحاكم في المستدرك ٣ / ٤١٥ كتاب معرفة الصحابة ، باب ذكر مناقب عبد الله بن سلام رضي‌الله‌عنه.

(١) سقطت من المخطوطة.

(٢) الأثر أخرجه من رواية أنس بن مالك رضي‌الله‌عنه ، البخاري في صحيحه ٨ / ٣٠٨ كتاب التفسير (٦٥) ، باب (وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ...) (٣) الحديث (٤٦٤٨) وباب (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ...) (٤) الحديث (٤٦٤٩) وعزاه السيوطي لابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل (الدر المنثور ٣ / ١٨٠).

(٣) سقطت من المطبوعة.

(٤) قال ابن جرير الطبري : «قيل : إن السبب الذي من أجله أنزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن الشيطان كان ألقى على لسانه في بعض ما يتلوه مما أنزل الله عليه من القرآن ما لم ينزل الله عليه فاشتدّ ذلك على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم واغتمّ به ، فسلاه الله مما به من ذلك بهذه الآيات» ثم ساق الروايات بذلك.

(٥) وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : «أنزلت (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ) بمكة» (السيوطي ، الدر المنثور ٦ / ٣٩٩).

(٦) هو الصحابي عوف بن الحارث وهو ابن عفراء أخو معاذ ومعوّذ ، وكانوا جميعا ممن شهد بدرا ، وكان قد استشهد في يوم بدر : (ابن حجر ، الإصابة ٣ / ٤٢).

٢٩٠

الثمانية الذين قدموا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مكّة ، فعرض عليهم الإسلام فأسلموا ؛ وهو (١) أول من أسلم من الأنصار ، قرأها على أهل المدينة في بني زريق ، فأسلم يومئذ بيوت من الأنصار ؛ روى ذلك يزيد بن رومان (٢) عن عطاء بن يسار عن ابن عباس ؛ ثم حمل بعدها : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ...) (سورة الإخلاص) إلى آخرها. ثم حمل بعدها الآية التي في الأعراف : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) إلى قوله (تَهْتَدُونَ) (الآية : ١٥٨) فأسلم عليها طوائف من أهل المدينة ، وله قصة (٣).

ما حمل من المدينة إلى مكة

من ذلك الأنفال التي في البقرة : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ...) (الآية : ٢١٧) وذلك حين أورد عبد الله بن جحش (٤) كتاب مسلمي مكة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : بأن المشركين عيّرونا قتل ابن الحضرميّ (٥) وأخذ الأموال والأسارى في الشهر الحرام ، فكتب بذلك عبد الله بن جحش إلى مسلمي مكة ؛ إن عيّروكم فعيّروهم بما صنعوا بكم (٦).

ثم حملت آية الرّبا من المدينة إلى مكة في حضور ثقيف وبني المغيرة إلى عتّاب بن أسيد (٧) عامل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على مكة ، فقرأ عتّاب عليهم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا

__________________

(١) تصحّفت في المطبوعة إلى : (وهم).

(٢) هو يزيد بن رومان الأسدي أبو روح المدني. روى عن ابن الزبير وأنس وعبيد الله وغيرهم. وروى عنه هشام بن عروة وعبيد الله بن عمر بن حفص وسلمة بن دينار وغيرهم. كان عالما كثير الحديث ثقة. ذكره ابن حبان في الثقات توفي سنة ١٣٠ (ابن حجر ، تهذيب التهذيب ، ١١ / ٣٢٥).

(٣) انظر السيرة النبوية لابن هشام ص ٤٢٩ ، فصل بدء اسلام الأنصار.

(٤) هو الصحابي الجليل عبد الله بن جحش بن رياب الأسدي أحد السابقين هاجر إلى الحبشة وشهد بدرا. آخى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بينه وبين عاصم بن ثابت ، وكان أول أمير في الإسلام. دعا الله أن يرزقه الشهادة يوم أحد فاستشهد بها. وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم استشاره بأسارى بدر وأبا بكر وعمر. (ابن حجر ، الإصابة ٢ / ٢٧٨).

(٥) عمرو بن الحضرمي كان قد قتل على يد الصحابي واقد بن عبد الله اليربوعي وذلك أثناء اتجاه عبد الله بن جحش على رأس سرية فتمكن واقد من ابن الحضرمي فقتله وكان أول مشرك يسقط بين المشركين. (ابن كثير ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٢٦٠ وما بعدها).

(٦) القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن ٣ / ٤٢.

(٧) هو الصحابي الجليل عتاب بن أسيد بن أبي العيص الأموي أسلم يوم الفتح. استعمله النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على مكة لما سار إلى حنين وأقره أبو بكر على مكة وكان شديدا على المريب لينا على المؤمنين. وعن ابن عباس في تفسير قوله تعالى : (وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) قال هو عتاب بن أسيد. توفي في خلافة عمر. (ابن حجر ، الإصابة ٢ / ٤٤٤).

٢٩١

ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا) (البقرة : ٢٧٨) فأقرّوا بتحريمه ، وتابوا وأخذوا رءوس الأموال ، ثم حملت مع الآيات من أول [سورة] (١) براءة من المدينة إلى مكة ، قرأهنّ عليّ بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه يوم النحر على الناس ، وفي ترتيبها قصة (٢).

ثم حملت من المدينة إلى مكة ، الآية التي في النساء : (إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ) (الآية : ٩٨) ، إلى قوله : (عَفُوًّا غَفُوراً) (الآية : ٩٩) فلا تعاقبهم على تخلّفهم عن الهجرة ؛ فلما بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بها إلى مسلمي مكة ، قال جندع بن ضمرة الليثيّ (٣) ، ثم الجندعيّ لبنيه ـ وكان شيخا كبيرا : ألست من المستضعفين وأني لا أهتدي إلى الطريق! فحمله بنوه على سريره متوجها إلى المدينة ، فمات بالتّنعيم (٤) ، فبلغ أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم موته فقالوا : لو لحق بنا لكان أكمل لأجره ، فأنزل الله [تعالى] (٥) : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) (النساء : ١٠٠) إلى قوله (غَفُوراً رَحِيماً) (الآية : ١٠٠)

ما حمل من المدينة إلى الحبشة

هي ست [٢٨ / أ] آيات ، بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى جعفر بن أبي طالب في خصومة الرهبان والقسيسين : (يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ) (آل عمران : ٦٤) ، فقرأها جعفر بن أبي طالب عليهم عند النجاشيّ ، فلما بلغ قوله : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا) (الآية : ٦٧) قال النجاشيّ : صدقوا ، ما كانت اليهودية والنصرانية إلا من بعده ، ثم قرأ جعفر : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ...) (الآية : ٦٨) قال النجاشيّ : اللهم إنّي وليّ لأولياء إبراهيم ، وقال : صدقوا والمسيح (٦) ، ثم أسلم النجاشيّ وأسلموا (٧).

__________________

(١) سقطت من المخطوطة.

(٢) القرطبي ، الجامع ٣ / ٣٦٣.

(٣) هو الصحابي جندع بن ضمرة بن أبي العاص الليثي لحق بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مهاجرا فمات في الطريق. فأنزل الله فيه (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) إلى قوله : (غَفُوراً رَحِيماً). (ابن حجر ، الإصابة في تمييز الصحابة ١ / ٢٥٢).

(٤) التنعيم ـ بالفتح ثم السكون وكسر العين المهملة وياء ساكنة وميم ـ موضع بمكة في الحل ، وهو بين مكة وسرف على فرسخين من مكة (ياقوت ، معجم البلدان ٢ / ٤٩).

(٥) القرطبي ، الجامع ٥ / ٣٤٩.

(٦) تصحّفت في المخطوطة إلى : (والشيخ).

(٧) أخرجه ابن إسحاق في سيرته : ٢١٣ عن أم سلمة ، وأخرجه الكلبي في تفسيره عن أبي صالح عن ابن عباس في قصة طويلة فيها هجرة الحبشة الأولى ، (انظر أسباب النزول للواحدي : ٧٦ ـ ٧٩) وذكر البغوي أنها نزلت في أهل نجران الذين وفدوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المدينة. انظر تفسيره ١ / ٣١١.

٢٩٢

النوع العاشر

معرفة أول ما نزل من القرآن وآخر ما نزل (١)

فأما أوله : ففي «صحيح البخاري» (٢) في حديث بدء الوحي ما يقتضي أن أول ما نزّل عليه صلى‌الله‌عليه‌وسلم (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) (العلق : ١ ـ ٥) ثم المدثّر. وأخرجه الحاكم في «مستدركه» (٣) من حديث عائشة رضي‌الله‌عنها صريحا وقال : صحيح الإسناد. ولفظ مسلم : «أوّل ما نزل من القرآن (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) إلى قوله : (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) (٤)» ووقع في «صحيح البخاري» إلى قوله : (وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) وهو مختصر ، وفي الأول

__________________

(١) للتوسع في هذا النوع انظر : الفهرست لابن النديم ص ٤٠ ، الكتب المؤلفة في نزول القرآن ، والإتقان للسيوطي ١ / ٦٨ ، و ٧٧ : النوعين السابع والثامن معرفة أول ما نزل ومعرفة آخر ما نزل ، ومفتاح السعادة لطاش كبري زاده ٢ / ٣٤٧ ، الدوحة السادسة : العلوم الشرعية ، الشعبة الثامنة : فروع العلوم الشرعية ، المطلب الثالث : فروع علم التفسير ، علم معرفة أول ما نزل ، وأبجد العلوم للقنوجي ٢ / ٤٨٩ ، علم معرفة أول ما نزل ، ومناهل العرفان للزرقاني ١ / ٨٥ ـ ٩٩ ، المبحث الرابع : في أول ما نزل وآخر ما نزل من القرآن ، ومباحث في علوم القرآن للصالح : ١٢٧ ـ ١٦٣ ، الباب الثالث : علوم القرآن ، الفصل الثاني : علم أسباب النزول.

ومن الكتب المؤلفة في هذا النوع : «منظومة في ترتيب نزول القرآن العظيم» للديريني ، عز الدين عبد العزيز (ت ٦٩٤ ه‍) مخطوط في الخزانة التيمورية بالقاهرة رقم ٣٥٢ مجاميع (معجم الدراسات القرآنية : ٣٨٤) وانظر النوع الثاني عشر : في كيفية إنزاله ، ص ٢٢٨.

(٢) البخاري ، الصحيح ١ / ٢٢ ، كتاب بدء الوحي (١) ، باب (٣) ، الحديث (٣).

(٣) الحاكم ، المستدرك ٢ / ٢٢٠ ـ ٢٢١ كتاب التفسير ، باب أول سورة نزلت (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ).

(٤) كذا في المخطوطة أن لفظ مسلم : «أول ما نزل...» وقد رجعنا لنسخ صحيح مسلم المطبوعة فوجدنا اللفظ فيها : «أول ما بدئ...» ولم نجد لفظ «نزل» في نسخة منها. وقد علق النوويّ في شرحه على لفظ : «أول ما بدئ...» بقوله : «هذا دليل صريح في أن أول ما نزل من القرآن اقرأ وهذا هو الصواب الذي عليه الجماهير من السلف والخلف». (انظر صحيح مسلم بتحقيق عبد الباقي ، ١ / ١٣٩ ، كتاب الإيمان (١) ، باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٧٣) ، الحديث ٢٥٢ / ١٦٠ ، وشرح النووي ٢ / ١٩٩.

٢٩٣

زيادة ، وهي من الثقة مقبولة (١).

وقد جاء ما يعارض هذا ، ففي «صحيح مسلم» عن جابر : «أوّل ما نزل من القرآن سورة المدّثر» (٢) وجمع بعضهم بينهما بأن جابرا سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يذكر قصة بدء الوحي ، فسمع آخرها ولم يسمع أولها فتوهّم أنها أول ما نزلت (٣) ؛ وليس كذلك ، نعم هي أول ما نزل (٤) بعد سورة (اقرأ) وفترة الوحي ؛ لما ثبت في الصحيحين أيضا عن جابر رضي‌الله‌عنه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يحدّث عن فترة الوحي ، قال في حديثه : «بينما (٥) أنا أمشي [إذ] (٦) سمعت صوتا من السّماء فرفعت رأسي ، فإذا الملك الّذي جاءني بحراء جالس على كرسيّ بين السّماء والأرض ، فجئثت منه (٧) ، فرجعت فقلت : زمّلوني ، زمّلوني (٨) ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (٩) * قُمْ فَأَنْذِرْ (١٠)» (المدثر : ١ و ٢).

فقد أخبر في هذا الحديث عن الملك الذي جاءه بحراء قبل هذه المرة ، وأخبر في حديث عائشة (١١) بأن نزول : (اقرأ) كان في غار حراء ، وهو أول وحي ، ثم فتر بعد ذلك.

وأخبر في حديث جابر أن الوحي تتابع بعد نزول (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) فعلم بذلك أن (اقرأ) أول ما نزل مطلقا ، وأن سورة المدثّر بعده ؛ وكذلك قال ابن حبّان (١٢) في «صحيحه» : «لا تضادّ بين الحديثين (١٣) ؛ بل أول ما نزل : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) بغار حراء ، فلما رجع إلى

__________________

(١) وقد جاء الحديث عند البخاري أيضا موافقا لما عند مسلم إلى قوله تعالى : (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) ٨ / ٦٥ ، كتاب التفسير (٦٥) ، باب (٩٦) سورة (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) ، الحديث (٤٩٥٣).

(٢) أخرجه مسلم في الصحيح ١ / ١٤٤ ، كتاب الإيمان (١) ، باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٧٣) ، الحديث (٢٥٧ / ١٦١).

(٣) في المخطوطة : «أنزلت».

(٤) في المخطوطة : «نزلت».

(٥) في صحيح مسلم «فبينا».

(٦) سقطت من المطبوعة.

(٧) في المطبوعة : «فجثثت منه فرقا» وهما بمعنى واحد ، أي فزعت ورعبت (النووي ، شرح صحيح مسلم ٢ / ٢٠٧).

(٨) عبارة الصحيحين «زملوني ، زملوني فدثروني».

(٩) تصحّفت في المخطوطة (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ...).

(١٠) الحديث متفق عليه ، أخرجه البخاري في الصحيح ١ / ٢٧ ، كتاب بدء الوحي (١) ، باب (٣) الحديث (٤) ، وفي ٨ / ٦٧٨ ـ ٦٧٩ ، كتاب التفسير (٦٥) ، سورة المدثّر (٧٤) ، باب (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) (٤) ، الحديث ٤٩٢٥. وأخرجه مسلم في الصحيح ١ / ١٤٣ ، كتاب الإيمان (١) باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٧٣) الحديث (٢٥٥ / ١٦١).

(١١) تقدم تخريجه أول النوع.

(١٢) انظر قوله في الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (بتحقيق كمال يوسف الحوت) ١ / ١٢١. بتصرف.

(١٣) في المخطوطة : «الخبرين».

٢٩٤

خديجة رضي‌الله‌عنها وصبّت عليه الماء البارد ، أنزل الله عليه في بيت خديجة : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) فظهر أنه لما نزل عليه (اقرأ) رجع فتدثّر ، فأنزل (١) عليه (يا أيها المدثر)».

وقيل : أول ما نزل سورة الفاتحة ، روي ذلك من طريق أبي إسحاق عن أبي ميسرة قال : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا سمع الصّوت انطلق هاربا ، وذكر نزول الملك عليه وقوله قل : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (الفاتحة) إلى آخرها (٢)».

وقال : القاضي أبو بكر في «الانتصار (٣)» : و «هذا الخبر منقطع ؛ وأثبت الأقاويل (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) ، ويليه في القوة (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ). وطريق الجمع بين (٤) الأقاويل أنّ أوّل (٤) ما نزل من الآيات (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) ، وأول ما نزل من أوامر التبليغ (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) ، وأول ما نزل من السور سورة الفاتحة. وهذا كما ورد في الحديث «أول ما يحاسب به العبد الصّلاة ـ [وورد] (٥) ـ وأوّل ما يقضى فيه الدّماء (٦) ، وجمع بينهما بأن أوّل ما يحكم فيه

__________________

(١) في المخطوطة : (فنزل».

(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنّف ؛ وأخرجه الثعلبي في الكشف والبيان (ذكره السيوطي في الدر المنثور ١ / ٢) عند تفسير سورة الفاتحة ، وأخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة (ذكره السيوطي في الدر المنثور ١ / ٢) ، وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة ٢ / ١٥٨ ، جماع أبواب المبعث ، باب أول سورة نزلت من القرآن ، وأخرجه الواحدي في أسباب النزول ص : ١١ ، باب القول في سورة الفاتحة.

(٣) هو محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر البصري البغدادي ابن الباقلاني ، تقدم ذكره ١ / ١١٧ وتقدم التعريف بكتابه : ١ / ٢٧٨.

(٤) عبارة المخطوطة «الأقوال أول».

(٥) ساقطة من المطبوعة.

(٦) الحديث يروى كاملا بشطريه ، وتروى كل شطرة منه على حدة :

أخرجه بشطريه عن ابن مسعود : النسائي في السنن ٧ / ٨٣ ، (بتحقيق أبي غدّة) ، كتاب تحريم الدم (٣٧) باب تعظيم الدم (٢) الحديث (٣٩٩١).

وأما الشطرة الأولى من الحديث فتروى مفردة من أربع طرق : عن أبي هريرة ، وأنس ، وتميم الداري ، ورجل من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ أما طريق أبي هريرة رضي‌الله‌عنه فأخرجها أحمد في المسند (ط. الميمنية) ٢ / ٢٩٠ ، وأبو داود في السنن ١ / ٥٤٠ ، كتاب الصلاة (٢) ، باب قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوعه» (١٤٩) ، الحديث (٨٦٤) ، وابن ماجة في السنن ١ / ٤٥٨ ، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (٥) ، باب ما جاء في أول ما يحاسب به العبد الصلاة (٢٠٢) ، الحديث (١٤٢٥) ، والترمذي في السنن ٢ / ٢٦٩ ، كتاب أبواب الصلاة (٢) ، باب ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة (١٨٨) ، الحديث (٤١٣). والنسائي في السنن ١ / ٢٣٢ (بتحقيق أبي غدّة) ، كتاب الصلاة (٥) ، باب المحاسبة على

٢٩٥

[من] (١) المظالم التي بين العباد [الدماء] (٢) ، وأول ما يحاسب به العبد من الفرائض البدنية الصلاة».

وقيل : أول ما نزل للرسالة : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (المدثر : ١) ، وللنبوة : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) (العلق : ١) ، فإن العلماء قالوا [(اقْرَأْ) في] (٣) قوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) دالّ على نبوّة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لأنّ النبوة عبارة عن الوحي إلى الشخص على لسان الملك بتكليف خاص ، وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ) (المدثر : ١ و ٢) دليل على رسالته صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ لأنها عبارة عن الوحي إلى الشخص على لسان الملك بتكليف عام.

وذكر القاضي في «الانتصار» [٢٨ / ب] رواية : «ثم نزل بعد سورة (اقرأ) ثلاث آيات من أول نوح ، وثلاث آيات من أول المدثر».

__________________

الصلاة (٩) ، الحديث (٤٦٥). وأما طريق أنس رضي‌الله‌عنه فأخرجها الطبراني في الأوسط (انظر فيض القدير للمناوي ٣ / ٨٧). وأما طريق تميم الداري رضي‌الله‌عنه فأخرجها أحمد في المسند (ط. الميمنيّة) ٤ / ١٠٣ ، والدارمي في السنن ١ / ٣١٣ كتاب الصلاة ، باب أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة (٩١) ، وأبو داود في السنن ١ / ٥٤١ ، كتاب الصلاة (٢) ، باب قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوّعه» (١٤٩) ، الحديث (٨٦٦) ، وأخرجه ابن ماجة في السنن ١ / ٤٥٨ ، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (٥) ، باب ما جاء في أوّل ما يحاسب به العبد الصلاة (٢٠٢) ، الحديث (١٤٢٦). وأما طريق رجل من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقد أخرجها أحمد في المسند (ط. الميمنية) ٤ / ٦٥ ـ ١٠٣ ، ٥ / ٧٢ ـ ٣٧٧.

وأما الشطرة الثانية فوردت من طريقين : عن عبد الله بن مسعود رضي‌الله‌عنه ، وعن عمرو بن شرحبيل ؛ أما طريق ابن مسعود فأخرجها : أحمد في المسند (ط. الميمنية) ١ / ٣٨٨ ـ ٤٤٢ ـ ٤٤٣ ، والبخاري في الصحيح ١١ / ٣٩٥ ، كتاب الرقاق (٨١) ، باب القصاص يوم القيامة (٤٨) ، الحديث (٦٥٣٣) ، وفي ١٢ / ١٨٧ كتاب الديات (٨٧) ، باب قول الله تعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ...) الآية (النساء : ٩٣) (١) ، الحديث (٦٨٦٤) ، ومسلم في الصحيح ٣ / ١٣٠٤ ، كتاب القسامة (٢٨) ، باب المجازاة بالدماء في الآخرة ، وأنها أول ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة (٨) ، الحديث (٢٨ / ١٦٧٨) ، وابن ماجة في السنن ٢ / ٨٧٣ ، كتاب الديات (٢١) ، باب التغليظ في قتل مسلم ظلما (١) ، الحديث (٢٦١٥ ـ ٢٦١٧) ، والترمذي في السنن ٤ / ١٧ ، كتاب الديات (١٤) ، باب الحكم في الدّماء (٨) ، الحديث (١٣٩٦ ـ ١٣٩٧) ، والنسائي في السنن ٧ / ٨٣ ، كتاب تحريم الدم (٣٧) ، باب تعظيم الدم (٢) ، الحديث (٣٩٩٢ ـ ٣٩٩٣ ـ ٣٩٩٤ ـ ٣٩٩٦) ، وأما طريق عمرو بن شرحبيل فأخرجها النسائي في الموضع نفسه الحديث (٣٩٩٥).

(١) في المخطوطة : (في).

(٢) ساقطة من المخطوطة.

(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.

٢٩٦

وعن مجاهد قال : «أوّل سورة أنزلت اقرأ ثم [نون] (١)» (٢).

وذكر الحاكم في «الإكليل (٣)» : «أن أول آية أنزلت في الإذن بالقتال قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ)» (التوبة : ١١١).

وروى في «المستدرك» عن ابن عباس : «أول آية أنزلت فيه : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ...) (٤)» الآية (الحج : ٣٩).

***

وأما آخره : فاختلفوا فيه ، فعن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ) (٥) (النصر : ١).

وعن عائشة سورة المائدة (٦).

__________________

(١) تصحّفت في المطبوعة إلى : (نوح) والتصويب من المخطوطة وتفسير الطبري ٣٠ / ١٦٢ ، والإتقان ١ / ٦٩.

(٢) أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن ق ٥٦ / ب (مخطوطة توبنجن) ، والطبري في تفسيره ٣٠ / ١٦٢ ، في تفسير سورة اقرأ ولم نجد قوله في تفسيره المطبوع.

(٣) «الإكليل في علوم الحديث» للحاكم «مخطوط بمكتبة الإسكوريال بمدريد رقم (١٥٩٩) في (١٣٨) ورقة ، يوجد منه صورة ميكروفيلمية بدار الكتب القطرية رقم (٧٨). وللحاكم أيضا «المدخل إلى معرفة الإكليل» طبع في حلب عام ١٣٥٢ ه‍ / ١٩٣٢ م ، وطبع بتحقيق ج روبسون بلندن عام ١٣٧٣ ه‍ / ١٩٥٣ م (سيزكين ١ / ٣٦٨).

(٤) أخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٢٤٦ ، كتاب التفسير ، باب أول آية نزلت في القتال وأخرجه النسائي في السنن ٦ / ٢ ، كتاب الجهاد (٢٥) باب وجوب الجهاد (١) الحديث (٣٠٨٥) ، وأخرجه بأصله دون ذكر قول ابن عباس رضي‌الله‌عنه الترمذي في السنن ٥ / ٣٢٥ ، كتاب تفسير القرآن (٤٨) باب «ومن سورة الحج» (٣) الحديث (٣١٧١).

(٥) أخرجه مسلم في الصحيح ٤ / ٥٤ ، كتاب التفسير (٥٤) ، الحديث (٢١ / ٣٠٢٤). والنسائي في السنن الكبرى (ذكره المزّي في تحفة الأشراف ٥ / ٥٧).

(٦) أخرجه أحمد في المسند ٦ / ١٨٨ ، والنسائي في السنن الكبرى ، كتاب التفسير (ذكره المزي في تحفة الأشراف ١١ / ٣٨٨) ، والحاكم في المستدرك ٢ / ٣١١ ، كتاب التفسير ، سورة المائدة ، باب المائدة آخر سورة نزلت. والبيهقي في السنن الكبرى ٧ / ١٧٢ ، كتاب النكاح. باب ما جاء في تحريم حرائر أهل الشرك دون أهل الكتاب وتحريم المؤمنات على الكفار. وأخرجه أبو عبيد في فضائله ق ٣٢ / أ(مخطوطة توبنجن). والنحاس في ناسخه ص ١١٤ ، في سورة المائدة وابن المنذر ، وابن مردويه. (ذكره السيوطي في الدر المنثور ٢ / ٢٥٢).

٢٩٧

وقيل (١) : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) (البقرة : ٢٨١) وقال السّديّ : «آخر ما نزل : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) (٢) (التوبة : ١٢٩)».

وفي «صحيح البخاريّ» في تفسير سورة براءة عن البراء بن عازب رضي‌الله‌عنهما : «آخر آية نزلت : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) (النساء ١٧٦) وآخر سورة نزلت براءة (٣)». وفي رواية غيره : «آخر سورة أنزلت كاملة سورة براءة ، وآخر آية نزلت (٤) خاتمة النّساء (٥)».

__________________

(١) ورد في هذه الآية أنها آخر ما نزل من القرآن الكريم حديث لفظه : «آخر آية نزلت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ...) وقد روي هذا الحديث من عدة طرق : عن ابن عباس ، وابن جبير ، والسدي ، وعطية العوفي ، وأبي صالح.

أما حديث ابن عباس رضي‌الله‌عنهما. فأخرجه النسائي في السنن الكبرى ، كتاب التفسير (ذكره المزّي في تحفة الأشراف ٥ / ١٧٨) ، وأخرجه الطبري في التفسير ٣ / ٧٦ ، عند تفسير قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ...) الآية. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١٢ / ٢٣ ، الحديث (١٢٣٥٧) ، وقال الهيثمي ، في مجمع الزوائد ٦ / ٣٢٤ : «رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما ثقات». وأخرجه البيهقي في دلائل النبوّة ٧ / ١٣٧ ، (جماع أبواب نزول الوحي على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وظهور آثاره على وجهه...) ، (باب آخر سورة نزلت وآخر آية نزلت...).

وأما حديث ابن جبير ، فأخرجه ابن أبي حاتم ، وابن الأنباري (ذكره السيوطي في الدر المنثور ١ / ٣٧٠).

وأما حديث السّدّي فأخرجه عبد الرزاق (ذكره المتّقي الهندي في كنز العمال ٢ / ٣٧١ الحديث : ٤٢٧٨) ، وأخرجه ابن أبي شيبة (ذكره السيوطي في الدر المنثور ١ / ٣٧٠). وأخرجه الطبري في جامع البيان ٣ / ٧٦ عند تفسير قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ...) الآية.

وأما حديث عطية العوفي فأخرجه ابن أبي شيبة (ذكره السيوطي في الدّر المنثور ١ / ٣٧٠) ، وأخرجه الطبري في جامع البيان ٣ / ٧٦ ، عند تفسير قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ...) الآية.

وأما حديث أبي صالح فأخرجه ابن الأنباري (ذكره السيوطي في الدّر المنثور ١ / ٣٧٠). وانظر الإتقان للسيوطي ١ / ٧٧ ـ ٧٨.

(٢) الحديث رواه إسحاق بن راهويه في مسنده من طريق أبيّ بن كعب (المطالب العالية ٣ / ٣٣٧) ورواه عبد الله بن أحمد ، والطبراني ، وفيه علي بن زيد بن جدعان وهو ثقة سيئ الحفظ. وبقية رجاله ثقات (مجمع الزوائد ٧ / ٣٦) ، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٣٣٨ وقال : «صحيح على شرط الشيخين» وأقرّه الذهبي.

(٣) أخرجه في الصحيح ٨ / ٨٢ ، كتاب المغازي (٦٤) ، باب حج أبي بكر بالناس في سنة تسع (٦٦) ، الحديث (٤٣٦٤).

(٤) في المخطوطة : «أنزلت».

(٥) أخرجه بلفظه ابن جرير الطبري في تفسيره ٦ / ٢٩ عند تفسير قوله تعالى : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي

٢٩٨

وذكر ابن الأنباري (١) عن أبي إسحاق عن البراء ، قال : «آخر آية نزلت من القرآن : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) (٢)» ، ثم قال : وأخطأ أبو إسحاق ، ثم ساق سنده من طرق إلى ابن عباس (٣) : «آخر آية أنزلت : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) ، وكان بين نزولها ووفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحد وثمانون يوما ، وقيل : تسع ليال». انتهى.

وفي «مستدرك الحاكم» عن شعبة عن عليّ بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس عن أبيّ بن كعب رضي‌الله‌عنه ، أنه قال : «آخر آية نزلت على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) (التوبة : ١٢٨ و ١٢٩) ، ثم قرأها إلى آخر السّورة» (٤). ورواه أحمد في المسند» عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية (٥) ، عن أبيّ بن كعب رضي‌الله‌عنه ، قال «(٦) [آخر آية نزلت على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٦)) : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) ثم قرأ إلى (وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) (التوبة : ١٢٩) قال : هذا آخر ما نزل من القرآن ،

__________________

الْكَلالَةِ...) الآية. وأخرجه ابن أبي شيبة ، والنّسائي في السنن الكبرى (انظر تحفة الأشراف ٢ / ٤٣ ، ٥٢) وابن الضّريس ، وابن المنذر ، (ذكره السيوطي في الدّر المنثور ٢ / ٢٥١) ، وأخرج الحديث بألفاظ مختلفة : البخاري في الصحيح ؛ وقد تقدم) ، ومسلم في الصحيح ٣ / ١٢٣٦ ، كتاب الفرائض (٢٣) ، باب آخر آية أنزلت آية الكلالة (٣) ، الحديث (١٠ ـ ١١ ـ ١٢ ـ ١٣ / ١٦١٨) ، وأخرجه أبو داود في السنن ٣ / ٣١٠ ، كتاب الفرائض (١٣) ، باب من كان ليس له ولد وله أخوات (٣) الحديث (٢٨٨٨) ، وأخرجه الترمذي في السنن ٥ / ٢٤٩ ، كتاب تفسير القرآن (٤٨) ، باب ومن سورة النساء (٥) ، الحديث (٣٠٤١ ، ٣٠٤٢) ، وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة ٧ / ١٣٦ ، جماع أبواب نزول الوحي على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وظهور آثاره على وجهه. باب آخر سورة نزلت وآخر آية نزلت فيما قال البراء بن عازب ثم فيما قال غيره.

(١) محمد بن القاسم بن بشار أبو بكر ابن الأنباري النحوي اللغوي صاحب المصنفات. كان يحفظ فيما قيل ثلاثمائة ألف بيت شاهد في القرآن. وكان املاؤه من حفظه. توفي سنة (٣٢٨ ه‍) (سير أعلام النبلاء ١٥ / ٢٧٤).

(٢) تقدم تخريج حديث البراء عند البخاري.

(٣) تقدم تخريج حديث ابن عباس قريبا.

(٤) الحاكم ، المستدرك ٢ / ٣٣٨ ، كتاب التفسير ، باب آخر ما نزل (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ...) الآية وأخرجه الطبري في جامع البيان ١١ / ٥٧ ، عند تفسير الآية ، والبيهقي في دلائل النبوّة ٧ / ١٣٩ ، جماع أبواب نزول الوحي على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وظهور آثاره على وجهه ، باب آخر سورة نزلت وآخر آية نزلت فيما قال البراء بن عازب ، ثم فيما قال غيره. وأخرجه ابن أبي شيبة ، وإسحاق بن راهويه ، وابن منيع في مسنده ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، (ذكره السيوطي في الدرّ المنثور ٣ / ٢٩٥).

(٥) هو رفيع بن مهران ، أبو العالية الرياحي المفسّر المحدّث ، أدرك الجاهلية ، وأسلم بعد وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، دخل على أبي بكر ، وصلّى خلف عمر ، وثّقه ابن معين والرازيّان ، ت ٩٣ ه‍ (تهذيب التهذيب ٣ / ٢٨٤).

(٦) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.

٢٩٩

فختم بما فتح به ، بالذي لا إله إلا هو ، وهو قول الله تبارك وتعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ) (١)» (الأنبياء : ٢٥).

وقال بعضهم : روى البخاري : «آخر ما نزل آية الرّبا» (٢).

وروى مسلم : «آخر سورة نزلت جميعا : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ) (٣)».

قال القاضي أبو بكر في «الانتصار» (٤) : «وهذه الأقوال ليس في شيء منها ما رفع (٥) إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ويجوز أن يكون قاله قائله بضرب من الاجتهاد ، وتغليب الظن ، وليس العلم بذلك من فرائض الدين ، حتى يلزم ما طعن به الطاعنون من عدم الضّبط.

ويحتمل أن كلاّ منهم أخبر عن آخر ما سمعه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في اليوم الذي مات فيه ، أو قبل مرضه بقليل ، وغيره سمع منه بعد ذلك ، وإن لم يسمعه هو لمفارقته له ، ونزول [الوحي (٦)] عليه بقرآن بعده.

ويحتمل أيضا أن تنزل الآية ، التي هي آخر آية تلاها الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم مع آيات نزلت معها ، فيؤمر برسم ما نزل معها وتلاوتها عليهم بعد رسم ما نزل آخرا وتلاوته ، فيظن سامع ذلك أنه آخر ما نزل في الترتيب».

__________________

(١) أخرجه أحمد في المسند ٥ / ١٣٤ ، وأخرجه ابن أبي داود في المصاحف (ط : جفري) ص : ٣٠ ، باب خبر قوله عزوجل : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ...) الآية ، وأخرجه أيضا ص : ٩ باب جمع القرآن على عهد أبي بكر الصديق رضي‌الله‌عنه. وأخرجه الخطيب البغدادي في تلخيص المتشابه ١ / ٤٠٢ ، وأخرجه ابن الضريس في فضائله ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل ، والضياء في المختارة (ذكره السيوطي في الدرّ المنثور ٣ / ٢٩٥).

(٢) أخرجه البخاري في الصحيح عن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما ٨ / ٢٠٥ ، كتاب التفسير (٦٥) ، باب (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ...) الآية (٥٣) ، الحديث (٤٥٤٤).

(٣) تقدم تخريجه في أول الأقوال بآخر ما نزل.

(٤) هو محمد بن الطيّب بن محمد بن جعفر البصري الباقلاني تقدم ذكره في ص ١١٧ ، وتقدم التعريف بكتابه ص ٢٧٨ وذكر قوله السيوطي في الإتقان ١ / ٨٠ ، النوع الثامن ، معرفة آخر ما نزل.

(٥) تصحّفت في المخطوطة إلى : (وقع».

(٦) ساقطة من المخطوطة.

٣٠٠