البرهان في علوم القرآن - ج ١

بدر الدين محمّد بن عبد الله الزّركشي

البرهان في علوم القرآن - ج ١

المؤلف:

بدر الدين محمّد بن عبد الله الزّركشي


المحقق: الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشلي ، الشيخ جمال حمدي الذهبي ، الشيخ إبراهيم عبد الله الكردي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣٦

١
٢

٣
٤

بسم الله الرحمن الرحيم

تصدير

إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، من يهد الله فلا مضلّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران ٣ : ١٠٢).

(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً ، وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ ، إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء ٤ : ١).

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ، وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب ٣٣ : ٧٠ ـ ٧١).

أما بعد ، فهذا كتاب «البرهان في علوم القرآن» للإمام الأصولي الفقيه المحدّث بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي ، نقدّمه للقارئ الكريم بحلّة جديدة ، بعد أن قمنا بتحقيقه وخدمته بما يسّر الله به وأعان ، وهو كتاب جليل القدر ، كثير الفوائد ، يجمع خلاصة أقوال الأئمة الأعلام حول القرآن الكريم ، كتاب الله المعجز ، ويمثّل دائرة معارف قرآنية لا غنى عنها لكل باحث وطالب علم من علوم القرآن الكريم.

ولقد كنت شغوفا بوضع تأليف جامع لعلوم القرآن وما كتب فيها منذ أيام الدراسة بسبب ما واجهني من الصعاب ممّا يواجه كل طالب وباحث ، وكنت أعجب من تأليف أئمتنا الجامعة لعلوم القرآن والتي تدل على همم عالية ، وتوفيق من الله عزوجل لمثل

٥

هذه المؤلفات ، على الرغم من الظروف التي كانوا يعيشون فيها من أساليب التنقل والاتصالات ، والحصول على الكتب ومعلوماتها... ممّا إذا قيس بما نراه في أيامنا هذه لعدّ من المعجزات الخوارق للعادات ، رحمهم‌الله وجزاهم عنّا خير الجزاء ، لكني أجد هذه المؤلفات الكثيرة تحتاج إلى تأليف جامع لشملها يعين الباحث على حسن الإفادة منها.

وظلت فكرة وضع هذا التأليف الجامع للعلوم والدراسات القرآنية تراودني ، وتزداد أهميتها عندي يوما بعد يوم ، ثم بدأت تأخذ حيّز التنفيذ مع مطلع هذا القرن ، حين بدأت أجمع مواد هذه الدراسة على جزازات صغيرة كنت أجمع فيها الفوائد التي تقع لي من هنا وهناك ، وأرتبها على حروف المعجم ، ويزيدها الله سبحانه وتعالى بفضله وتوفيقه يوما بعد يوم ، حتى اجتمع لي منها الشيء الكثير ، وكان زملائي ممن يرى هذا العمل يشجعني على طبعه وتوفيره بين أيدي الباحثين ، ليعم به النفع فأتعلّل لهم بعدم اكتماله ، وعدم صلاحيته للنشر ، رغبة مني بتحسينه ومراجعته ، وإضافة ما يستجد يوما بعد يوم من المعلومات حول الدراسات القرآنية ، ليكتمل هذا العمل ويخرج بالصورة اللائقة.

ثم حدث أن رغب إليّ مدير دار المعرفة الفاضل بتحقيق كتاب «البرهان» فاعتذرت له بانشغالي بتحقيق كتاب «المجمع المؤسس بالمعجم المفهرس» وهو مشيخة وفهرسة الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ ه‍) وهو كتاب حافل بالفوائد الحديثية ، وكنت قد انتسخت نصفه الأول ، فما زال يلحّ عليّ ويشجعني على تحقيق كتاب «البرهان» ، وأنا أتردّد في شأنه ، حتى شرح الله صدري للعمل به ، فاستحضرت نسخة خطية له ، وألهمني الله لخدمة الكتاب بما تيسّر لي وجمعته من فوائد ، وتجلّت لي حكمة الباري سبحانه وتعالى من تسخيري ـ قبل عشر سنوات ـ بجمع ما يتعلق بكتابه الكريم ، لوضعه في مكانه من هذا الكتاب ، فسبحان علاّم الغيوب ، جلّ جلاله ، وتعاظمت قدرته.

ولما عزمت أمري على مباشرة العمل بالبرهان ، وجدت أنه قد طبع سابقا عام ١٣٧٦ ه‍ / ١٩٥٧ م بتحقيق شيخ من شيوخ المحققين في أيامنا ، وهو الأستاذ المرحوم محمد أبو الفضل إبراهيم ، وهو من هو ممّن لهم فضل السبق بتحقيق الكثير من أمهات

٦

كتب التراث وممّن عرف بالأمانة والتدقيق ، وقلت في نفسي : ما ذا عساي أن أقدّم للكتاب أكثر مما قدّمه أستاذنا الكبير! لكن جلالة الموضوع ، وأهميّة الكتاب ، وصدور كثير من الدراسات القرآنية ، وغيرها من مصادر الزركشي في «البرهان» ، وفهارس المخطوطات منذ صدور الطبعة الأولى للكتاب إلى أيامنا هذه ، وما هيأه الله لي من فوائد ، كل هذه الأمور جعلتني أقتنع بضرورة عملي ، وهذا هو الكتاب بين يدي القارئ يفصح عن نفسه ، ويترك له الحكم فيه.

وقد هيّأ الله للعمل بجانبي في الكتاب شيخين جليلين عرفا بالديانة والعلم ، هما فضيلة أستاذنا الشيخ جمال حمدي الذهبي ، وفضيلة أخينا الشيخ إبراهيم عبد الله الكردي حفظهما الله. ومن الأمانة أن أذكر أنهما هما اللذان قاما بتحقيق الكتاب ، وقبلاني مساعدا لهما في عملهما ، فلهما مني خالص التقدير والشكر.

كما أشكر كل الذين ساهموا في الكتاب نسخا وتصحيحا وفهرسة لا سيما الشيخ عامر البوتاري ، ومحمد عبد الرحمن المرعشلي ، ورياض عبد الله عبد الهادي ، ومحمد الحصري ، ومحمد دغيش ، ومصطفى الجعفري ، كما أتوجه بخالص الشكر والتقدير لادارة دار المعرفة التي ساهمت بتمويل هذا المشروع الكبير حتى رأى النور ، جزى الله الجميع خير الجزاء.

وأخيرا ، فهذه خلاصة جهود عشر سنوات مستمرة في خدمة القرآن الكريم ، حوت بين أسطرها جهود آلاف العلماء منذ نزول القرآن إلى أيامنا هذه ، أرجو بها أن أكون قد خدمت كتاب ربنا جل جلاله بما يليق بجلالة قدره على المنهج العلمي السليم ، واستغفر الله العلي العظيم من كل خطإ وزلل وقع منّي فيه ، وأسأله تعالى أن يتقبّله مني وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم ، ومن العمل الذي لا ينقطع ثوابه وأجره بعد موت صاحبه ، وأرجو كل قارئ نظر فيه أن يدعو لي بالرحمة والمغفرة وأن يتجاوز عما يرى فيه من تقصير فالكمال لله وحده ، هو المرتجى لحسن القبول ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وكتب الفقير إلى عفو ربّه

يوسف المرعشلي

بيروت في غرة ربيع الأول ١٤٠٩ ه

الموافق له ١٢ أوكتوبر ١٩٨٨ م

٧
٨

مقدمة التحقيق

التعريف بالإمام بدر الدين الزركشي

علوم القرآن ، نشأتها وتطورها ، أشهر ما ألف فيها.

قيمة كتاب «البرهان في علوم القرآن»

خطة التحقيق ووصف النسخ الخطية للكتاب.

٩
١٠

الإمام بدر الدين الزركشي (*)

اسمه ونسبه ـ مولده ونشأته ـ مؤلفاته ـ وفاته

اسمه ونسبه وكنيته ولقبه

هو الإمام العلاّمة الفذ بدر الدين محمد بن عبد الله (١) بن بهادر ، أبو عبد الله ، المنهاجيّ ، الزّركشيّ (٢) التّركي الأصل ، المصري ، الشافعي. أحد العلماء الأثبات ، وجهبذ من جهابذة أهل النظر والاجتهاد ، وعلم من أعلام القرآن والحديث وأصول الدين والفقه في القرن الثامن الهجري.

كان يلقّب بالمنهاجيّ (٣) نسبة لكتاب «المنهاج» للإمام النووي. وهو كتاب في

__________________

(*) للتوسع في ترجمته انظر تاريخ ابن الفرات ٩ / ٣٢٦ ، والسلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي ٣ / ٢ / ٧٧٩ ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ٤ / ١٣٩ ، وتاريخه ١ / ٤٥١ ـ ٤٥٢ ، والدرر الكامنة لابن حجر ٣ / ٣٩٧ ، وإنباء الغمر بأبناء العمر له أيضا ٣ / ١٣٨ ، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي ١٢ / ١٣٤ ، والمنهل الصافي له أيضا ونزهة النفوس والابدان للجوهري ١ / ٣٥٤ ، وحسن المحاضرة للسيوطي ١ / ٤٣٧ ، وبدائع الزهور في وقائع الدهور لابن إياس ١ / ٢ / ٤٥٢ ، وطبقات المفسرين للداودي ٢ / ١٦٢ ، وطبقات الشافعية لابن هداية الله : ٢٤١ ، وكشف الظنون لحاجي خليفة : ١٢٥ و ٢٢٦ و ٢٤٠ و ٣٨٦ و ٤٤٨ و ٤٧٦ و ٥٤٩ و ٥٩٥ و ٦٩٨ و ٦٩٩ و ٨٣٤ و ٨٧٦ و ٩٦٠ و ٩٩٥ و ١١٦٢ و ١٢٠١ و ١٢٢٣ و ١٣٣٤ و ١٣٥٩ و ١٣٨٤ و ١٤٩٥ و ١٥٥٩ و ١٨٧٤ و ١٩٢٧ و ١٩٥٣ و ٢٠٠٣ و ٢٠١٨ ، وشذرات الذهب لابن العماد ٦ / ٣٣٥ ، وهدية العارفين للبغدادي ٢ / ١٧٤ ، والرسالة المستطرفة للكتاني : ١٩٠ ، وتاريخ الأدب العربي لبروكلمان ٢ / ٩١ ـ ٩٢ ، وذيله ٢ / ١٠٨ ، والأعلام للزركلي ٦ / ٦٠ ـ ٦١ ، ومعجم المؤلفين لكحالة ٩ / ١٢١ و ١٠ / ٢٠٥ ، والزركشي ومنهجه في علوم القرآن لعبد العزيز إسماعيل صقر (رسالة دكتوراه بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر ١٤٠١ ه‍ / ١٩٨١ م.

(١) ذهب الحافظ ابن حجر إلى أن اسم والده : بهادر بن عبد الله ، وتبعه على ذلك بعض المتأخرين ، وذهب آخرون إلى أن اسمه عبد الله بن بهادر كابن الفرات ، والمقريزي وابن قاضي شهبة في «تاريخه» والسيوطي في «حسن المحاضرة» وفي «الإتقان». وهو ما جاء على كتب الإمام الزركشي الخطية.

(٢) وقال ابن قاضي شهبة في تاريخه ١ / ٤٥١ : المعروف بابن الزركشي.

(٣) المقريزي ، السلوك ٣ / ٢ / ٧٧٩ ، وابن حجر ، إنباء الغمر ٣ / ١٣٨ وقد ألّف الزركشي حول «المنهاج» ثلاثة كتب هي : «تكملة شرح المنهاج للإسنوي» و «الديباج في توضيح المنهاج» و «المعتبر في تخريج أحاديث

١١

الفقه الشافعي كان يهتم به كثيرا حفظا وتعليقا وشرحا. وبالزّركشيّ (١) ـ على وزن جعفريّ ـ نسبة لصناعة الزّركش ـ وهي كلمة فارسية مركبة من «زر» أي الذهب ، و «كش» أي ذو ، والمقصود بها نسج الحرير ؛ ولقّب بذلك لأنه كان يشتغل بها قبل طلبه العلم.

عصره وبيئته (٧٤٥ ـ ٧٩٤ ه‍) (٢)

عاش الإمام الزركشي في القرن الثامن الهجري ، وهو قرن حافل بالأحداث السياسية الهامة في تاريخ الإسلام ، وبالحياة العلمية الذهبية.

فمن الناحية السياسية : كان العالم الإسلامي لا يزال يرزح تحت حكم التتار والمغول الذين نكبوا المسلمين نكبات مؤلمة ، غير أن الله تعالى تجلّى بلطفه ، فدخلت القبائل الذهبية من التتار والمغول في الإسلام في بلاد روسيا والتركستان ، ولا تزال التركستان على إسلامها إلى اليوم. كما شهد هذا القرن نشاط الخلافة العثمانية التي مدّت سيطرتها على أكثر الأراضي الإسلامية ، ووحدت البلاد كلها تحت حكم مركزي قاعدته الأناضول ، ومدّت حكم الإسلام إلى بلاد جديدة هي شبه جزيرة البلقان بعد أن هزم المسلمون البلقان بسهولة ، كما هزموا الجيش الصليبي الذي سيّره عليهم الأوروبيون الغربيون وعزلوا بقاياهم في القسطنطينية وفي عدد قليل من المعاقل الأخرى.

أما مصر ـ موطن الزركشي ـ فكانت في هذه الفترة تحت حكم المماليك البحرية الذين هزموا التتار على يد السلطان الناصر محمد بن قلاوون (٦٨٤ ـ ٧٤١ ه‍) في معركة مرج راهط في الشام (٧٠٢ ه‍) ثم تولّى بعده ابنه الملك المنصور سيف أبو بكر بعهد من أبيه (٧٤١ ه‍) فكانت فترة حكمه وما بعدها قاتمة تسودها الاضطرابات والفتن الداخلية قام خلالها الصليبيّون بنهب الاسكندرية (٧٦٧ ه‍) ثم تولى المماليك الجراكسة (٧٨٤ ه‍) حكم مصر على يد السلطان الملك الظاهر أبي سعيد برقوق بن أنس الذي قتل أكثر المماليك البحرية وشتّتهم.

__________________

المنهاج والمختصر» يمكن الرجوع إليها في فصل مؤلفاته من هذه الدراسة.

(١) انفرد ابن قاضي شهبة في «تاريخه» ١ / ٤٥١ فلقّبه بابن الزركشي ، فتكون النسبة على هذا لأبيه.

(٢) للتوسع في تفاصيل تاريخ القرن الثامن الهجري يمكن مراجعة : ابن كثير ، البداية والنهاية ١٤ / ١٤ ـ ٣٣٤ ، وابن إياس ، بدائع الزهور ١ / ٦٧ ، وابن تغري بردي ، النجوم الزاهرة ٧ / ٤٧ ، والسيوطي حسن المحاضرة ٢ / ١١٦.

١٢

وشهد آخر هذا القرن اجتياحا مغوليا جديدا على أيدي تيمور لنك ـ أي الأعرج ـ وهو من أحفاد جنكيز خان ، فأنزل ببلاد المسلمين الكثير من الدمار والخراب.

هذا ما كان يسود العالم الإسلامي في القرن الثامن الهجري ، فالخطر يحدق بالمسلمين من كل جانب ، وآثار الدمار والخراب التي ألحقها بهم المغول والتتار لا تزال جاثمة ، والوثنية والزندقة تحاصر المسلمين ، والصليبية لم تتوقف عن هجماتها الوحشية ضد المسلمين. والمسلمون في الداخل مشتتون يتنازعون على السلطة ، والفرق الضالة والأفكار الهدامة تفتك بجسم الأمة ، كالباطنية والإسماعيلية الحشاشين.

أما الحياة العلمية فكانت ـ بحمد الله ـ على النقيض من الحالة السياسية ، فقد كانت مزدهرة ازدهارا ذهبيا في هذا القرن ، إذ هيّأ الله فيه علماء موهوبين في شتى الاختصاصات العلمية شمّروا عن ساعد الجدّ ، ولم يتأثّروا بالحوادث السياسية ، ونهضوا بالحركة العلمية إلى أوج عظمتها ، فكثرت المدارس العلمية والمكتبات ، وظهرت المؤلفات والموسوعات في شتى الميادين والاختصاصات.

ومن أسباب ازدهار الحركة العلمية في هذا العصر ، تجمّع العلماء في مصر عقب سقوط بغداد على أيدي المغول (٦٥٦ ه‍) وقد وضع هؤلاء العلماء نصب أعينهم العودة بالعلوم إلى سابق أوانها ، لما شعروا من خطورة زوال هذه العلوم ، فضاعفوا جهودهم ، ولاقوا تشجيعا من الحكام المماليك.

ويكفي للدلالة على خصوبة النتاج العلمي في هذا العصر ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ ه‍) في كتابه «الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة» حيث بلغ ما عدّه من الأعيان أكثر من خمسة آلاف عالم من أمثال ابن تيمية (ت ٧٢٨ ه‍) والمزّي (ت ٧٤٢ ه‍) وأبي حيان (ت ٧٤٥ ه‍) والذهبي (ت ٧٤٨ ه‍) وابن القيم (ت ٧٥١ ه‍) ومغلطاي (ت ٧٦٢ ه‍) واليافعي (ت ٧٦٨ ه‍) وجمال الدين الإسنوي (ت ٧٧٢ ه‍) وابن كثير (ت ٧٧٤ ه‍) وابن قدامة المقدسي (ت ٧٨٠ ه‍) وشهاب الدين الأذرعي (ت ٧٨٣ ه‍) والكرماني (ت ٧٨٦ ه‍) والتفتازاني (ت ٧٩١ ه‍) وابن رجب الحنبلي (ت ٧٩٥ ه‍) وسراج الدين البلقيني (ت ٨٠٥ ه‍) وزين الدين العراقي (ت ٨٠٦ ه‍)...

١٣

هذه هي البيئة السياسية والعلمية التي كان الإمام الزركشي يعيش فيها ، وما من شك في أن هذه البيئة كان لها أثر في تكوين شخصيته العلمية.

مولده ونشأته وطلبه للعلم

ولد الزركشي في القاهرة عام (٧٤٥ ه‍) (١) من أسرة تركية ، وكان أبوه مملوكيا ، تعلّم في حداثته صناعة الزركش ثم توجه في صغره لطلب العلم مخلصا في طلبه ، جادّا فيه ، فصادف بيئة علمية عامرة بالمدارس والعلماء ، زاخرة بدور الكتب الخاصة والعامّة ، حافلة بالمساجد الغاصّة بطلاب العلم والمعرفة الوافدين من شتى البلاد إلى مصر للاستفادة من علمائها ، فانتظم في حلقات الدروس ، وحفظ كتاب «المنهاج» (٢) للإمام النووي وهو كتاب في الفقه الشافعي ، وصار يلقب بالمنهاجي نسبة إليه.

ولازم حلقة الشيخ جمال الدين الإسنوي (٣) (ت ٧٧٢ ه‍) في المدرسة الكاملية ، وكان الإسنوي رئيس الفقهاء الشافعية بالديار المصرية فنهل من علمه ، وكان من أنجب تلاميذه وأذكاهم ، كما لازم الشيخ سراج الدين البلقيني (٤) (ت ٨٠٥ ه‍) والحافظ

__________________

(١) قال الحافظ ابن حجر في إنباء الغمر ٣ / ١٣٩ : رأيت بخطه ـ أنه ولد ـ سنة خمس وأربعين وسبعمائة.

(٢) كتاب «منهاج الطالبين وعمدة المفتين» للإمام النووي ، يحيى بن شرف (ت ٦٧٧ ه‍) وهو مختصر محرّر في فروع الشافعية مشهور ومتداول اعتنى به الشافعية حفظا وشرحا طبع بمصر ١٢٩٧ ه‍ / ١٨٧٨ م في (١٥٥) صفحة ، وطبع بالمطبعة الميمنية في مصر ١٣٠٥ ه‍ / ١٨٨٦ م وفي المطبعة الجمالية في مصر ١٣٢٩ ه‍ / ١٣١٠ م في (١٤٦) صفحة. وطبع مع ترجمة باللغة الفرنسية بأسفل صحائفه للمستشرق فون دنبرج في ليدن ١٣٠١ ه‍ / ١٨٨٢ م. وطبع بالمطبعة الميمنية في مصر وبهامشه «منهج الطلاب» للشيخ زكريا الأنصاري ١٣٠٨ ه‍ / ١٨٨٩ م في (١٣٩) صفحة ، وطبع في مصر ١٣١٤ ه‍ / ١٨٩٥ م وفي مكة ١٣٠٦ ه‍ / ١٨٨٧ م. وطبع بمطبعة عيسى الحلبي في مصر وبهامشه متن «المنهج» لزكريا الأنصاري ١٣٦١ ه‍ / ١٩٤٠ م في (١٦٠) صفحة. وصوّر بدار المعرفة في بيروت ١٤٠١ ه‍ / ١٩٨١ م.

(٣) هو الإمام عبد الرحيم بن الحسن بن علي الإسنوي ، جمال الدين ، أبو محمد فقيه أصولي من علماء العربية ولد بإسنا وانتقل إلى القاهرة (٧٢١ ه‍) انتهت إليه رئاسة الشافعية فيها. من كتبه «المبهمات على الروضة» (ت ٢٢٧ ه‍) (البدر الطالع ١ / ٣٥٢).

(٤) هو الإمام عمر بن رسلان بن نصير ، سراج الدين أبو حفص البلقيني المجتهد الحافظ للحديث. ولد في بلقينة من غربية مصر وتعلم بالقاهرة وولي قضاء الشام (٧٦٩ ه‍) وتوفي بالقاهرة (٨٠٥ ه‍) (الضوء اللامع ٦ / ٨٥).

١٤

مغلطاي (١) (ت ٧٦٢ ه‍) فتخرّج به في الحديث.

رحلاته وعودته إلى مصر

ثم رحل سنة اثنتين وخمسين (٢) لبلاد الشام فسمع الحديث من الشيخ صلاح الدين بن أميلة وأخذ الفقه والحديث عن الحافظ عماد الدين ابن كثير (٣) (ت ٧٧٤ ه‍) وقرأ عليه مختصره في الحديث ومدحه ببيتين (٤) ، ثم ترامت له شهرة الشيخ شهاب الدين الأذرعي (٥) بحلب فقصد إليه وأخذ عنه الفقه والأصول (٦).

ثم عاد إلى مصر بعد أن جمع أشتات العلوم ، فتصدّر للتدريس والإفتاء وولي مشيخة خانقاه كريم الدين (٧) بالقرافة الصغرى (٨) ، وأقبل على التصنيف فكتب بخطه ما لا يحصى (٩). واجتمع له من المؤلفات في عمره القصير ما لم يجتمع لغيره من أفذاذ الرجال.

__________________

(١) هو الإمام مغلطاي بن قليج بن عبد الله أبو عبد الله البكجري المصري الحنفي ، محدّث مؤرخ ، تركي الأصل ، ولي تدريس الحديث في المدرسة المظفرية بمصر ، له أكثر من مائة تصنيف ، ت ٧٦٢ ه‍ (لحظ الألحاظ : ١٣٣).

(٢) انفرد الداودي في طبقات المفسرين ٢ / ١٦٢ بذكر تاريخ رحلته لدمشق ، وقد ذكره بالحروف ، وهو أمر ملفت للنظر لأن عمر الزركشي في هذه السنة كان سبع سنين!

(٣) هو الإمام الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي الشافعي المفسّر المحدث الفقيه. ولد في نواحي بصرى الشام ثم انتقل لدمشق فطلب فيها العلم وبرع وفاق أقرانه ت ٧٧٤ ه‍ (ذيل تذكرة الحفاظ للحسيني ص ٥٧).

(٤) ابن حجر الدرر الكامنة ٣ / ٣٩٧.

(٥) هو الإمام أحمد بن حمدان بن أحمد ، شهاب الدين أبو العباس الأذرعي ، فقيه شافعي ، ولد بأذرعات الشام ، وتفقه بالقاهرة وولي نيابة القضاء بحلب (ت ٧٨٣ ه‍) (الدرر الكامنة ١ / ١٢٥).

(٦) ابن قاضي شهبة ، طبقات الشافعية ٤ / ٣١٩.

(٧) وتعرف أيضا بالخانقاه الكريمية ، أنشأها في القرافة الصغرى القاضي كريم الدين عبد الكريم بن السديد (ت ٧٢٤ ه‍) قال ابن إياس في بدائع الزهور ١ / ١ / ٤٥٤ في حوادث سنة ٧٢٢ ه‍ : وكان القاضي كريم الدين هذا له برّ ومعروف ، وأنشأ جامعا بالجزيرة الوسطى ، وأنشأ خانقاه بالقرافة الصغرى ، وأوقف على الجامع والخانقاه عدة جهات.

(٨) ابن قاضي شهبة ، طبقات الشافعية ٤ / ٣١٩.

(٩) ابن حجر ، إنباء الغمر ٣ / ١٣٩.

١٥

أخلاقه وفضله

قال ابن قاضي شهبة (١) : (وحكى لي ـ تلميذه ـ الشيخ شمس الدين البرماوي (٢) أنه كان منقطعا إلى الاشتغال بالعلم ، لا يشتغل عنه بشيء ، وله أقارب يكفونه أمر دنياه).

وقال الحافظ ابن حجر (٣) : (وكان منقطعا في منزله ، لا يتردد إلى أحد إلاّ إلى سوق الكتب ، وإذا حضره لا يشتري شيئا ، وإنما يطالع في حانوت الكتبي طول نهاره ، ومعه ظهور أوراق يعلق فيها ما يعجبه ، ثم يرجع فينقله إلى تصانيفه).

علمه وثناء العلماء عليه

كان الزركشي مشاركا في عدة فنون ، كالتفسير ، والحديث ، والفقه ، وأصوله ، والأدب ، وله في كل فن منها مؤلفات تدل على تبحّره فيه ، فقد أحاط بالأصول والفروع ، وعرف الغامض والواضح ، ووعى الغريب والنادر ، واستقصى المقيس والشاذ ، إلى جانب ما وهبه الله إياه من ذكاء وفطنة. وأهّله ذلك كله للتوفّر على الجمع والتصنيف ، فوضع من المؤلفات في عمره القصير ما لم يضعه غيره من أفذاذ الرجال.

وقد وصفه المقريزي (ت ٨٤٥ ه‍) في كتابه «السلوك» (٤) فقال : (الفقيه الشافعي ، ذو الفنون والتصانيف المفيدة).

وعدّه ابن قاضي شهبة (ت ٨٥١ ه‍) من أئمة الشافعية في كتابه «طبقات الشافعية» (٥) فقال : (قال بعض المؤرخين كان فقيها ، أصوليا ، أديبا فاضلا في جميع ذلك).

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ ه‍) في «الدرر الكامنة» (٦) : (وعني الزركشي بالفقه والأصول والحديث) ووصفه الجوهري (ت ٩٠٠ ه‍) في «نزهة

__________________

(١) طبقات الشافعية ٤ / ٣١٩.

(٢) هو الإمام محمد بن عبد الدائم بن موسى ، شمس الدين ، أبو عبد الله البرماوي ، محدّث وفقيه شافعي ، مصري أقام مدّة في دمشق ، تصدر للإفتاء والتدريس بالقاهرة ، وتوفي ببيت المقدس ٨٣١ ه‍ (البدر الطالع ٢ / ١٨١).

(٣) الدرر الكامنة ٣ / ٣٩٨.

(٤) السلوك ٣ / ٢ / ٧٧٩.

(٥) طبقات الشافعية ٤ / ٣١٩.

(٦) الدرر الكامنة ٣ / ٣٩٧.

١٦

النفوس» (١) فقال : (الفقيه المفنن المشهور بالزركشي الشافعي صاحب التصانيف الفائقة المفيدة والفنون الرائعة البديعة).

ووصفه ابن إياس الحنفي (ت ٩٣٠ ه‍) في «بدائع الزهور» (٢) فقال : (وكان عالما فاضلا... وألف تصانيف كثيرة ، وكان فريد عصره).

وعدّه الداودي (ت ٩٤٥ ه‍) من أئمة المفسرين في كتابه : «طبقات المفسّرين» (٣) ووصفه بقوله : (الإمام العالم العلاّمة المصنّف المحرر). ونقل ابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (٤) عن بعض المؤرخين قوله : (وخطه ضعيف جدّا قلّ من يحسن استخراجه) وأجاب الحافظ ابن حجر عن هذا فعلّق على هامش إحدى نسخ «طبقات الشافعية» بقوله : (لم يكن خطه ضعيفا ، فقد نسخ الكثير من تصانيف غيره ، وإنما يوجد له الخط العقد في الذي يكتبه لنفسه ، فإنه كان يسرع جدا ، وكتب بالقلم الوضيع ، ويبالغ في التعليق).

مؤلفاته

بلغت مؤلفات الزركشي (٤٥) تصنيفا ، وصلنا منها (٢٨) كتابا ، واهتم الباحثون بتحقيق كتبه ونشرها ، فنشروا (١١) كتابا منها ، ولا يزال (١٨) كتابا مخطوطا ، وفقد منها (١٦) كتابا ، نصّت عليها المصادر.

وكان أكثر اهتمام الزركشي بالفقه وأصوله ، فقد وضع فيه (٢٢) كتابا ، ووضع في الحديث الشريف (٩) كتب ، وفي اللغة والأدب (٤) كتب ، وفي علوم القرآن (٣) كتب ، وفي التوحيد (٣) كتب وفي التراجم كتابا واحدا. وهذه قائمة بأسماء مؤلفاته على نسق حروف المعجم مع بيان حال كل منها.

١ ـ الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة (٥). (في الحديث) ذكره

__________________

(١) نزهة النفوس والأبدان ١ / ٣٥٤.

(٢) بدائع الزهور ١ / ٢ / ٤٥٢.

(٣) طبقات المفسّرين ٢ / ١٦٢.

(٤) طبقات الشافعية ٤ / ٣٢٠.

(٥) طبع بتحقيق سعيد الأفغاني بالمطبعة الهاشمية بدمشق ١٣٥٨ ه‍ / ١٩٣٩ م في (٢٢٨) ص. وأعاد نشره بالمكتب الإسلامي في بيروت ١٣٩٢ ه‍ / ١٩٧١ م في (٢١٢) ص.

١٧

الحافظ ابن حجر (١) فقال : (وله استدراك عائشة على الصحابة) ، وذكره حاجي خليفة (٢) فقال : (كتاب الإجابة للزركشي ، جزء لخّصه السيوطي وسمّاه «عين الإصابة في استدراك عائشة على الصحابة» وقد سبق الشيخ بدر الدين إلى التأليف في ذلك الأستاذ أبو منصور عبد المحسن بن محمد بن علي بن طاهر البغدادي ، فعمل كتابا أورد فيه خمسة وعشرين حديثا).

* ـ أحكام المساجد : انظر إعلام الساجد بأحكام المساجد.

٢ ـ الأزهية في أحكام الأدعية. ذكره البغدادي في «هدية العارفين» (٣).

٣ ـ إعلام الساجد بأحكام المساجد (٤). ذكره ابن حجر (٥) باسم «أحكام المساجد».

* ـ استدراك عائشة على الصحابة. انظر الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة.

٤ ـ البحر المحيط (٦) (في أصول الفقه) ذكره ابن قاضي شهبة (٧) فقال : (والبحر في الأصول ، في ثلاثة أجزاء ، جمع فيه جمعا كثيرا لم يسبق إليه) ، وقال الحافظ ابن حجر (٨) : (وجمع في الأصول كتابا سماه «البحر» في ثلاثة أسفار).

٥ ـ البرهان في علوم القرآن. وهو الكتاب الذي بين يديك ، ويأتي الكلام عنه مفصّلا ان شاء الله.

__________________

(١) إنباء الغمر ٣ / ١٤٠

(٢) كشف الظنون : ١٣٨٤.

(٣) هدية العارفين ٢ / ١٧٥.

(٤) طبع بتحقيق أبي الوفا مصطفى المراغي ، بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية في القاهرة ١٣٨٤ ه‍ / ١٩٦٥ م في (٤٤٧) ص.

(٥) إنباء الغمر ٣ / ١٤٠.

(٦) مخطوط بدار الكتب المصرية برقم ٤٨٣ أصول وفي الخزانة التيمورية برقم ١٠١ أصول ، وفي الأزهر (٢) ٧٢٢. وفي باريس : ٨١١ (بروكلمان ٢ / ٩١) ويقوم محمد بن عبد الرزاق الدرويش بتحقيق الجزء الأول منه كرسالة دكتوراه بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض (أخبار التراث العربي ٣ / ٢٣) ويقوم الأستاذ محمد بشير الادلبي أيضا بتحقيقه كرسالة جامعية بجامعة الملك فيصل بالدمام (أخبار التراث العربي ٥ / ١٤).

(٧) طبقات الشافعية ٤ / ٣٢٠ وتاريخه ١ / ٤٥٢.

(٨) الدرر الكامنة ٣ / ٣٩٨.

١٨

٦ ـ تجلي الأفراح في شرح تلخيص المفتاح (في البلاغة) ذكره البغدادي في «هدية العارفين» (١).

* ـ تحرير الخادم (في الفقه). انظر لب الخادم.

* ـ تخريج أحاديث الشرح الكبير للرافعي. انظر : الذهب الإبريز.

* ـ التذكرة في الأحاديث المشتهرة : انظر اللئالئ المنتثرة في الأحاديث المشتهرة.

٧ ـ تشنيف المسامع بجمع الجوامع (٢) (في أصول الفقه) ذكره ابن قاضي شهبة (٣) فقال : (وشرح جمع الجوامع للسبكي في مجلدين). ووصفه حاجي خليفة (٣) بأنه (شرح ممزوج).

٨ ـ تفسير القرآن. ذكره السيوطي في «حسن المحاضرة» (٤) ، فقال : (وتفسير القرآن وصل إلى سورة مريم) وذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (٥). وأغفل السيوطي ذكره في «طبقات المفسرين» لكن تلميذه الداودي استدرك عليه وذكره في «طبقاته».

٩ ـ تكملة شرح المنهاج للنووي (في الفقه الشافعي) وهو شرح الإسنوي ولم يكمله ، ثم اختصره الزركشي ب «الديباج في توضيح المنهاج» قال ابن قاضي شهبة (٦) : (ومن تصانيفه تكملة شرح المنهاج للإسنوي ، واعتمد فيه على «النكت» لابن النقيب ، وأخذ من كلام الأذرعي والبلقيني وفيه فوائد وأبحاث تتعلق بكلام المنهاج حسنة لكنه يهتم في النقل والبحث كثيرا ، ثم أكمله لنفسه ولكن الربع الأول منه عدم وهو مسوّدة).

__________________

(١) هدية العارفين ٢ / ١٧٤.

(٢) طبع في مصر ١٣٣٢ ه‍ / ١٩١٣ م وحققه موسى بن علي بن موسى فقيهي كرسالة دكتوراه بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض (أخبار التراث العربي ٣ / ٢٣).

(٣) طبقات الشافعية ٤ / ٣٢٠ وكشف الظنون : ٥٩٥.

) حسن المحاضرة ١ / ٤٣٧.

) كشف الظنون ١ / ٤٤٨.

) طبقات الشافعية ٤ / ٣٢٠ وتاريخه ١ / ٤٥١ ـ ٤٥٢ ، ومن الكتاب نسختان خطيتان بدار الكتب الظاهرية بدمشق رقم ٤٩ و ٣٤٥ ـ فقه الشافعي (بروكلمان ، الذيل ٢ / ١٠٨).

١٩

قال حاجي خليفة في «الكشف» (١) : (وشرحه ـ أي المنهاج ـ الشيخ جمال الدين عبد الرحيم بن حسن الإسنوي بلغ فيه إلى المساقاة وسمّاه «الفروق» وأكمل الشيخ بدر الدين ذلك الشرح).

١٠ ـ التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح (٢) (في الحديث الشريف) وهو ملخص من شرحه الكبير ذكره الحافظ ابن حجر في «الدرر الكامنة» (٣) فقال : (وشرع في «شرح البخاري» فتركه مسوّدة ـ وقفت على بعضها ـ ولخّص منه «التنقيح» في مجلد) بينما ذكر في «إنباء الغمر» (٤) أنه ألّف «التنقيح» قبل الشرح الكبير فقال : (وتنقيحه للبخاري في مجلدة ، وشرع في شرح كبير لخصه من شرح ابن الملقن وزاد فيه كثيرا ـ ورأيت منه المجلد الأول بخطّه). ووصفه حاجي خليفة (٥) فقال : (وشرح الشيخ بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي الشافعي وهو شرح مختصر في مجلد ، أوله : الحمد لله على ما عمّ بالإنعام... الخ. قصد فيه إيضاح غريبه وإعراب غامضه وضبط نسب أو اسم يخشى فيه التصحيف منتخبا من الأقوال أصحّها ، ومن المعاني أوضحها مع إيجاز العبارة والرمز بالإشارة وإلحاق فوائد يكاد يستغني به اللبيب عن الشروح ؛ لأن أكثر الحديث ظاهر لا يحتاج إلى بيان ـ كذا قال ـ وسمّاه «التنقيح» وعليه «نكت» (٦) للحافظ ابن حجر العسقلاني ـ وهي تعليقه بالقول ولم تكمل. وللقاضي محبّ الدين أحمد بن نصر الله البغدادي الحنبلي (ت ٨٤٤ ه‍) نكت أيضا على تنقيح الزركشي).

* ـ توضيح المنهاج. انظر الديباج في توضيح المنهاج.

* حاشية على البردة : انظر شرح البردة.

١١ ـ حواشي الروضة للبلقيني (في الفقه). ذكره الحافظ ابن حجر (٧) بقوله :

__________________

(١) كشف الظنون : ١٨٧٤.

(٢) طبع بالمطبعة العصرية في القاهرة ١٣٥١ ه‍ / ١٩٣٣ م.

(٣) الدرر الكامنة ٣ / ٣٩٨.

(٤) إنباء الغمر ٣ / ١٣٩.

(٥) كشف الظنون ١ / ٥٤٩ في الكلام على «صحيح البخاري».

(٦) حققه معوض بلال العوفي كرسالة دكتوراه بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة ١٤٠٦ ه‍ / ١٩٨٦ م (أخبار التراث العربي ٢٥ / ١٧).

(٧) الدرر الكامنة ٣ / ٣٩٧ ، وإنباء الغمر ٣ / ١٤٠.

٢٠