أسماء البقاع والجبال في القرآن الكريم

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

أسماء البقاع والجبال في القرآن الكريم

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


المحقق: محمّد عبد الرحيم
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الأنوار
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٥٦

وطور سيناء والكهف الرّقيم كذا

حجر وأيكة جمع مشعر قاف

__________________

٣

[طور سيناء] : قال الله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(١).

(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(٢).

(وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثاقِهِمْ وَقُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً)(٣).

(وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا)(٤).

(يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى)(٥).

(وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ)(٦).

__________________

(١) سورة البقرة الآية ٦٣.

(٢) سورة البقرة الآية ٩٣.

(٣) سورة النساء الآية ١٥٤.

(٤) سورة مريم الآية ٥٢.

(٥) سورة طه الآية ٨٠.

(٦) سورة المؤمنون الآية ٢٠.

١٢١

.................................................................................................

__________________

(فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ)(٧).

(وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)(٨)(وَالطُّورِ. وَكِتابٍ مَسْطُورٍ)(٩).

(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. وَطُورِ سِينِينَ)(١٠).

* طور سيناء : قال الليث : طور سيناء جبل ، وقال أبو إسحاق : قيل إن سيناء حجارة ، والله أعلم ، وهو اسم جبل بقرب أيلة (١١) وعنده بليد فتح في زمن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سنة تسع صلحا ، على أربعين دينارا ، ثم فورقوا على دينار كل رجل فكانوا ثلاثمائة رجل.

وقال الجوهري : طور سيناء جبل بالشام ، وهو طور أضيف إلى سيناء ، وهو شجر ، وكذلك طور سينين.

__________________

(٧) سورة القصص الآية ٢٩.

(٨) سورة القصص الآية ٤٦.

(٩) سورة الطور الآية ١ ـ ٢.

(١٠) سورة التين الآية ١ ـ ٢.

(١١) أيلة : مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام ، قيل : هي آخر الحجاز ، وأول الشام ، وهي مدينة اليهود الذين اعتدوا في السبت ، وإليها يجتاز حجاج مصر ، وأيلة : موضع برضوى ، وهو جبل ينبع بين مكة والمدينة ، قال كثير عزة :

رأيت وأصحابي بأيلة موهنا

وقد غار نجم الفرقد المتصوب

(مراصد الإطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع : ١ / ١٣٨).

١٢٢

.................................................................................................

__________________

قال الأخفش (١٢) : السنين شجر ، واحدتها سينينة (١٣).

[الكهف] : قال الله تعالى :

(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً)(١٤).

(إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً)(١٥).

(وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً)(١٦).

(وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً)(١٧).

__________________

(١٢) الأخفش : هو هارون بن موسى بن شريك التغلبي ، أبو عبد الله ، شيخ القرّاء بدمشق ، كان يعرف بالأخفش الدمشقي ، أو أخفش باب الجابية (من أحياء دمشق) وكان قيما بالقراآت السبع ، عارفا بالتفسير والنحو والمعاني والغريب والشعر ، ولد سنة ٢٠١ ه‍ الموافق ٨١٦ م ، وتوفي سنة ٢٩٢ ه‍ الموافق ٩٠٥ م ، صنّف كتبا في القراآت العربية. قال السيوطي : وهو خاتمة الأخفشين ، وعنه اشتهرت قراءة أهل الشام. (انظر : طبقات القراء : ٢ / ٣٤٧ ، ومرآة الجنان : ٢ / ٢٢٠ ، وبغية الوعاة : ٤٠٦ ، والنجوم الزاهرة : ٣ / ١٣٣ ، والأعلام : ٨ / ٦٣).

(١٣) معجم البلدان لياقوت : ٤ / ٤٨. وفي المنجد في الأعلام : الطور (٤٣٩) بلدة في سيناء جنوب غربي جبل موسى على خليج السويس ، تمر به القوافل.

(١٤) سورة الكهف الآية ٩.

(١٥) سورة الكهف الآية ١٠.

(١٦) سورة الكهف الآية ١٦.

(١٧) سورة الكهف الآية ١٧.

١٢٣

.................................................................................................

__________________

(فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً)(١٨).

(وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً)(١٩) : الكهف : هو الرقيم : وقد استوفى الشرح في الرقيم. أما ذات الكهف ، فهو موضع في قول عوف بن الأحوص :

يسوق حريم شاءها من جلاجل

إليّ ودوني ذات كهف وقورها

وقال بشر بن أبي حازم (٢٠) :

يسومون الصّلاح بذات كهف

وما فيها لهم سلع وقار

* * *

[الرقيم] : قال الله تعالى :

(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً)(٢١).

الرقيم : موضع بقرب البلقاء (٢٢) من أطراف الشام ، يزعم أن به أهل الكهف ، وكان يزيد بن عبد الملك (٢٣) ينزله ، وقد ذكرته الشعراء.

__________________

(١٨) سورة الكهف الآية ١١.

(١٩) سورة الكهف الآية ٢٥.

(٢٠) ديوان بشر بن حازم

(٢١) سورة الكهف الآية ٩.

(٢٢) البلقاء : بلدة بين الشام ووادي القرى ، قصبتها عمّان ، فيها قرى كثيرة ومزارع واسعة. (مرصد الاطلاع : ١ / ٢١٩).

(٢٣) يزيد بن عبد الملك : بن مروان ، أبو خالد ، من ملوك الدولة الأموية في الشام ، ولد في دمشق

١٢٤

.................................................................................................

_________________

أمير المؤمنين إليك نهوي

على البخت الصلادم والعجوم (٢٤)

إذا اتخذت وجوه القوم نصبا

أجيج الواهجات من السّموم (٢٥)

فكم غادرن دونك من جهيض

ومن نعل مطرّحة جذيم (٢٦)

يزرن ، على تنائيه ، يزيدا

بأكناف الموقّر والرّقيم (٢٧)

تهنئّه الوفود إذا أتوه

بنصر الله والملك العظيم (٢٨)

__________________

سنة ٧١ ه‍ الموافق ٦٩٠ م ، وولي الخلافة بعد وفاة عمر بن عبد العزيز سنة ١٠١ ه‍ بعهد أخيه سليمان بن عبد الملك ، وكانت في أيامه غزوات أعظمها حرب الجراح الحكمي مع الترك ، وانتصاره عليهم ، وخرج عليه يزيد بن المهلب بالبصرة ، فوجه إليه أخاه مسلمة فقتله ، وكان أبيض جسيما مدّور الوجه مليحة ، فيه مروءة كاملة مع إفراط في الانصراف إلى الملذات ، مات في إربد سنة ١٠٥ ه‍ الموافق ٧٢٤ م ، أو بالجولان بعد موت قينة له اسمها (حبابة) بأيام يسيرة ، وحمل على أعناق الرجال إلى دمشق فدفن فيها ، وكان لحبابة هذه أثر في أحكام التولية والعزل على عهده ، ونقل الديار بكري في تاريخ الخميس (٢ / ٣١٨) أنه مات عشقا ، قال : ولا يعلم خليفة مات عشقا غيره ، وكان يلقب : بالقادر بصنع الله ، ونقش على خاتمه : فني الشباب يا يزيد ، (انظر : الكامل لابن الأثير : ٥ / ٤٥ ، والنجوم الزاهرة : ١ / ٢٥٥ ، وتاريخ الطبري : ٨ / ١٧٨ ، وتاريخ الخميس : ٢ / ٣١٨ ، وبلغة الظرفاء : ٢٥ ، ورغبة الآمل : ١ / ٦٠ ، و ٦ / ١٨١ ، والوزراء الكتاب : ٥٦ ـ ٥٨ ، مرآة الجنان : ١ / ٢٢٤ ، ومعجم ما استعجم : ٩٥٠ ـ ١٠٩٧ ، والأعلام : ٨ / ١٨٥).

(٢٤) الصلادم : المفرد : الصلدم أي : الصلب المتين. العجوم : المفرد : عجم أي : امتحن واختبر.

(٢٥) الأجيج : تلهب النار.

(٢٦) الجهيض : أجهضت الناقة والمرأة ولدها إجهاضا : أسقطته ناقص الخلق فهي جهيض. الجذيم : جذم الشيء : قطعه فهو فجذوم وجذيم.

(٢٧) أكناف : المفرد : كنف أي : الجانب والظل والناحية.

(٢٨) معجم البلدان : ٣ / ٦٠.

١٢٥

.................................................................................................

__________________

قال الفرّاء في قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً)(٢٩) : قالوا : هو لوح رصاص كتبت فيه أنسابهم وأسماؤهم ودينهم ومما هربوا.

وقيل : الرقيم اسم القرية التي كانوا فيها.

وقيل : إنه إسم الجبل الذي فيه الكهف.

وروى عكرمة عن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما أنه قال : ما أدري ما الرقيم أكتاب أم بنيان.

وروى غيره عن ابن عباس : أصحاب الرقيم سبعة ، وأسماؤهم :

١ ـ يمليخا.

٢ ـ مكسملينا.

٣ ـ مشلينا.

٤ ـ مرطونس.

٥ ـ دبريوس.

٦ ـ سرابيون.

٧ ـ افستطيوس (٣٠).

__________________

(٢٩) سورة الكهف الآية ٩.

(٣٠) أورد ابن حبيب في المحبر أسماءهم بهذا الشكل : يمليخا ، مرطولس ، مكسملنا ، ذانوانس ، ديودنس ، ساربيونس ، كشفوطدبيوس ، وبطينوسوس (المحبر : ٣٥٦). أما السيوطي فقد أوردهم في الإتقان في علوم القرآن بهذا النص : تمليخا ، تكسملينا ، مرطوش ، يرافش ، أيونس ، أويسطانس ، وشلططيوس. (الإتقان : ١ / ١٥٥).

١٢٦

.................................................................................................

__________________

واسم كلبهم : قطمير ، واسم ملكهم : دقيانوس ، واسم مدينتهم التي خرجوا منها : أمسس ورستاقها الرّسّ ، واسم الكهف : الرقيم (٣١).

والكهف المذكور الذي فيه أصحاب الكهف بين عمورية (٣٢) ونيقية (٣٣) ، وبينه وبين طرسوس عشرة أيام أو أحد عشر يوما.

وكان الواثق (٣٤) قد وجّه محمد بن موسى (٣٥) المنجّم إلى بلاد الروم

__________________

(٣١) أضاف ابن حبيب في المحبر : ٣٥٦ قائلا : اسم الكلب : قطمير وكان خلنجيا ، واسم الراعي : دلس ، واسم المدينة : إفسوس ، واسم الرستاق الذي كانوا منه : أنوس ، واسم الكهف أنجلوس ، وكانت لهم في السنة تقليبتان : واحدة في الشتاء ، وواحدة في الصيف ، وكان باب الكهف بحذاء بنات نعش. ا. ه.

(٣٢) عمورية : بلد ببلاد الروم ، غزاه المعتصم ففتحه ، وكان من أعظم فتوح الإسلام ، قال أبو تمام :

يا يوم وقعة عمّورية انصرفت

عنك المنّى حفّلا معسولة الحلب

(٣٣) نيقية : من أعمال اسطنبول على البر الشرقي ، اجتمع بها آباء ملّة النصارى الثلاثمائة والثمانية عشر ، وهو أول مجمع لملّتهم ، وأظهروا لهم الأمانة التي هي أصل دينهم واعتقادهم ، وصورهم وصور كراسيهم بهذه المدينة في بيعتها ، ولهم فيها اعتقاد عظيم. (مراصد الاطلاع ٣ / ١٤١٢).

(٣٤) الواثق : بن محمد المعتصم بالله ابن هارون الرشيد العباسي ، أبو جعفر ، من خلفاء الدول العباسية بالعراق ، ولد ببغداد سنة ٢٠٠ ه‍ الموافق ٨١٥ م ، ولي الخلافة بعد وفاة أبيه سنة ٢٢٧ ه‍ ، فامتحن الناس في خلق القرآن ، وسجن جماعة ، وقتل في ذلك أحمد بن نصر الخزاعي بيده سنة ٢٣١ ه‍ ، قال أحد مؤرخيه : كان في كثير من أموره يذهب مذهب المأمون وشغل نفسه بمحنة الناس في الدين ، فأفسد قلوبهم ، ومات في سامرا سنة ٢٣٢ ه‍ الموافق ٨٤٧ م ، قيل بعلة الاستسقاء ، وقال ابن دحية : كان مسرفا في حب النساء ، ووصف له دوا للتقوية فمرض منه ، وعولج بالنار فمات محترقا ، وأورد ابن دمية في النبراس ٧٣ ـ ٨٠ تفصير احتراقه. وخلافته خمس سنين وتسعة أيام. كان كريما عارفا بالآداب والأنساب طروبا يميل إلى

١٢٧

.................................................................................................

__________________

للنظر إلى أصحاب الكهف والرقيم.

قال : فوصلنا إلى بلد الروم ، فإذا هو جبل صغير كان أسفله أقلّ من ألف ذراع ، وله سرب من وجه الأرض ، فتدخل السّرب فتمرّ في خسف من الأرض مقدار ثلاثمائة خطوة ، فيخرجك إلى رواق في الجبل على أساطين (٣٦) منقورة وفيه عدة أبيات ، منها : بيت مرتفع العتبة مقدار قامة عليها باب حجارة فيه الموتى ، ورجل موكل بهم يحفظهم معه خصّيان. وإذا هو يحيدنا عن أن نراهم ونفتشهم ، وزعم أنه لا يأمن أن يصيب من التمس ذلك آفة في بدنه ، يريد التمويه ليدوم كسبه.

فقلت : دعني أنظر إليهم وأنت بريء.

فصعدت بمشقّة عظيمة مع غلام من غلماني ، فنظرت إليهم ، وإذا هم في مسوح شعر تتفتت في اليد ، وإذا أجسادهم مطليّة بالصبر (٣٧)

__________________

السماع ، عالما بالموسيقى. قال أبو الفرج : صنع الواثق مئة صوت ما فيها صوت ساقط ، وكان كثير الإحسان لأهل الحرمين حتى قيل أنه لم يوجد بالحرمين في أيامه سائل. (انظر : الكامل لابن الأثير : ٧ / ١٠ ، وتاريخ الطبري : ١١ / ٢٤ ، والأغاني : ٩ / ٢٧٦ ـ ٣٠٠ ، وتاريخ الخميس : ٢ / ٣٣٧ ، ومروج الذهب : ٢ / ٢٧٨ ـ ٢٨٨ ، وتاريخ بغداد : ١٤ / ١٥ ، والنبراس : ٧٣ ـ ٨٠ ، والأعلام : ٨ / ١٦٢.

(٣٥) محمد بن موسى : بن شاكر ، أبو عبد الله ، عالم بالهندسة والحكمة والموسيقى والنجوم ، وهو أحد الإخوة التي تنسب إليهم «حيل» بني موسى في الميكانيك ، وهم مشهورون بها. توفي سنة ٢٥٩ ه‍ الموافق ٨٧٣ م. (انظر : وفيات الأعيان : ٢ / ٧٩ ، ومرآة الجنان : ٢ / ١٧٠ ، وأخبار الحكماء : ٢٠٨ ، والأعلام : ٧ / ١١٦).

(٣٦) أسباطين : أعمدة العلم.

(٣٧) الصبر : عصارة شجر مر تستعمل في الطب.

١٢٨

.................................................................................................

__________________

والمرّ والكافور (٣٨) ليحفظها ، وإذا جلودهم لا صقة بعظامهم ، غير أني أمررت يدي على صدر أحدهم فوجدت خشونة شعره وقوّة ثيابه ، ثم أحضرنا المتوكّل بهم طعاما وسألنا أن نأكل منه ، فلما أخذناه منه ذقناه ، وقد أنكرت أنفسنا ، وتهوّعنا ، وكأنّ الخبيث أراد قتلنا أو قتل بعضنا ليصحّ له ما كان يموّه به عند الملك أنه فعل بنا هذا الفعل أصحاب الرّقيم.

فقلنا له : إنّا ظننا أنهم أحياء يشبهون الموتى وليس هؤلاء كذلك ، فتركناه وانصرفنا.

قال غيرهم : إن بالبلقاء (٣٩) بأرض العرب من نواحي دمشق موضعا يزعمون أنه الكهف والرقيم قرب عمّان.

وفي برّ الأندلس موضع يقال له جنان الورد (٤٠) به الكهف والرقيم ، وبه قوم لا يبلون كما ذكر أهلها.

وذكر علي بن يحيى (٤١) أنه لما قفل من غزاته دخل ذلك الموضع فرآهم

__________________

(٣٨) الكافور : شجر كبير من الفصيلة الغاريّة ، ينبت في الهند والصين ، تتخذ منه مادة عطرية بلورية الشكل يميل لونها إلى البياض تستعمل في الطب ، وهو أصناف كثيرة ، الجمع : كوافير.

(٣٩) البلقاء : كورة من أعمال دمشق ، بين الشام ووادي القرى ، قصبتها عمّان ، فيها قرى كثيرة مزارع واسعة. (مراصد الاطلاع : ١ / ٢١٩).

(٤٠) جنان الورد : بالأندلس ، من أعمال طليطلة.

(٤١) على بن يحيى : الأرمني ، أبو الحسن ، قائد من الأمراء في العصر العباسي ، أصله من الأرمن ، استعرب أبوه ، فنشأ في بيئة عربية ، ولي الثغور الشامية ثم أرمينية وأذربيجان ومصر ، وكان شديد الوطأة على الروم ، له فيها غزوات وفتوح ، وقتل في إحدى وقائعه معهم بالثغور الجزرية. (انظر : النجوم الزاهرة : ٢١ / ٢٤٥ و ٢٧٩ ، والأعلام : ٥ / ٣١).

١٢٩

.................................................................................................

__________________

في مغارة يصعد إليها من الأرض بسلّم مقدار ثلاثمائة ذراع.

قال : فرأيتهم ثلاثة عشر رجلا وفيهم غلام أمرد (٤٢) ، عليهم جباب (٤٣) صوف وأكسية صوف ، وعليهم خفاف ونعال ، فتناولت شعرات من جبهة أحدهم فمددتها فما منعني منها شيء ، والصحيح أن أصحاب الكهف سبعة ، وإنّما الروم زادوا الباقي من عظماء أهل دينهم ، وعالجوا أجسادهم بالصبر وغيره على ما عرفوه.

وروي عن عبادة بن الصّامت (٤٤) قال : بعثني أبو بكر الصديق رضي‌الله‌عنه سنة استخلف إلى ملك الروم أدعوه إلى الإسلام أو أوذنه بحرب ، قال : فسرت حتى دخلت بلاد الروم ، فلما دنوت إلى قسطنطينية لاح لنا جبل أحمر قيل إن فيه أصحاب الكهف والرقيم ، ودفعنا فيه إلى دير ، وسألنا أهل الدير عنهم ، فأوقفونا على سرب في الجبل ، فقلنا لهم :

ـ أنّا نريد أن ننظر إليهم.

__________________

(٤٢) أمرد : مصدر مرد : مرد الشاب مردا مرودة : لم تنبت لحيته ، أو أبطأ نبات وجهه فهو أمرد ، الجمع : مرد.

(٤٣) الجباب : المفرد : جبة أي : ثوب طويل واسع الكمّين ، مشقوق المقدّم يلبس فوق الثياب.

(٤٤) عبادة بن الصامت : بن قيس الأنصاري الخزرجي ، أبو الوليد ، صحابي ، من الموصوفين بالورع ، شهد العقبة ، وكان أحد النقباء ، وشهد بدرا وسائر المشاهد ، ثم حضر فتح مصر. وعباد ابن الصامت أول من ولي القضاء بفلسطين ، مات بالرملة أو ببيت المقدس سنة ٣٤ ه‍ الموافق ٦٥٤ م. روى ١٨١ حديثا ، اتفق الإمام البخاري والإمام مسلم على ستة منها ، وكان من سادات الصحابة. (انظر : حسن المحاضرة : ١ / ٨٩ ، والمحبر : ٢٧٠ ، وتهذيب التهذيب : ٥ / ١١١ ، والإصابة في تمييز الصحابة الترجمة رقم : ٤٤٨٨ ، وخلاصة تذهيب الكمال : ١٥٩ ، وتهذيب ابن عساكر : ٧ / ٢٠٦ ، والأعلام : ٣ / ٢٥٨).

١٣٠

.................................................................................................

__________________

فقالوا : أعطونا شيئا.

فوهبنا لهم دينارا. فدخلوا ودخلنا معهم في ذلك السرب ، وكان عليه باب حديد ، ففتحوه ، فانتهينا إلى بيت عظيم محفور في الجبل فيه ثلاثة عشر رجلا مضطجعين على ظهورهم كأنهم رقود ، وعلى كل واحد منهم جبّة غبراء وكساء أغبر قد غطوا بها رؤوسهم إلى أرجلهم. فلم ندر ما ثيابهم أمن صوف أو وبر أم غير ذلك ، إلا أنها كانت أصلب من الديباج (٤٥) ، وإذا هي تقعقع من الصفاقة (٤٦) والجودة ، ورأينا على أكثرهم خفافا إلى أنصاف سوقهم ، وبعضهم منتعلين بنعال مخصوفة (٤٧) ، ولخفافهم ونعالهم من جودة الخرز ولين الجلود ما لم ير مثله ، فكشفنا عن وجوههم رجلا بعد رجل ، فإذا بهم من ظهر الدم وصفاء الألوان كأفضل ما يكون للأحياء ، وإذا الشيب قد وخط بعضهم ، وبعضهم شبّان سود الشعور ، وبعضهم موفورة شعورهم ، وبعضهم مطمومة (٤٨) ، وهم على زيّ المسلمين. فانتهينا إلى آخرهم فإذا هو مضروب الوجه بالسيف ، وكأنه في ذلك اليوم ضرب.

فسألنا أولئك الذين أدخلونا إليهم عن حالهم ، فأخبرونا أنهم يدخلون إليهم في كل يوم عيد لهم يجتمع أهل تلك البلاد من سائر المدن والقرى إلى

__________________

(٤٥) الديباج : نسيج من الحرير ملوّن ألوانا ، الجمع : ديابيج. قال أبو منصور الأزهري : دينار وقيراط وديباج أصولها أعجمية غير أن العرب تكلمت بها قديما فصارت عربية (اللسان).

(٤٦) الصفاقة : صفق الثوب : كثف نسجه.

(٤٧) مخصوفة : خصف النعل : خرزها بالمخرز ، والخصاف : من يخصف النعال. والمخصف : المخرز ، الجمع : مخاصيف.

(٤٨) مطمومة : طم الشيء : كثر حتى عظم أو عمّ.

١٣١

.................................................................................................

__________________

باب هذا الكهف ، فنقيمهم أياما من غير أن يمسّهم أحد فتنفض جبابهم وأكسيتهم من التراب ، ونثلّم أظافيرهم ، ونقصّ شواربهم ، ثم نضجعهم بعد ذلك على هيئتهم التي ترونها.

فسألناهم من هم؟ وما أمرهم؟ ومنذكم هم بذلك المكان؟

فذكروا أنهم يجدون في كتبهم أنهم بمكانهم ذلك من قبل مبعث المسيح عليه‌السلام بأربعمائة سنة ، وأنهم كانوا أنبياء بعثوا بعصر واحد ، وأنهم لا يعرفون من أمرهم شيئا غير هذا.

* * *

[كذا] : ترد على ثلاثة أوجه :

١ ـ تكون كلمتين باقيتين على أصلهما ، وهما كاف التشبيه ، وذا الإشارة نحو : علمت أحمدا صادقا ، وعلمت أخاه بلالا كذا ، أي : مثله. وتدخل عليها (ها) للتنبيه نحو (أَهكَذا عَرْشُكِ)(٤٩).

٢ ـ تكون كلمة واحدة مركبة ، يكنّى بها عن الشيء المجهول ، وما لا يراد التصريح به نحو : فعلت كذا ، وقلت كذا.

٣ ـ تكون كناية عن مقدار الشيء ، وعدده ، نحو : اشتريت كذا كتابا ، وكذا وكذا قلما ، وكتبت كذا وكذا صحيفة ، ويكون تمييزها مفردا منصوبا. ولا تدخل عليها (ال) (٥٠).

__________________

(٤٩) سورة النمل الآية ٤٢.

(٥٠) المعجم المدرسي : ٨٩٩.

١٣٢

.................................................................................................

__________________

[الحجر] : قال الله تعالى :

(وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ)(٥١).

الحجر : اسم ديار ثمود (٥٢) بوادي القرى (٥٣) بين المدينة والشام.

قال الإصطخري : الحجر قرية صغيرة قليلة السّكان ، وهو من وادي القرى على يوم بين جبال ، وبها كانت منازل ثمود. قال الله تعالى : (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ)(٥٤).

قال : ورأيتها بيوتا مثل بيوتنا في أضعاف جبال ، وتسمى تلك البيوت الأثالث ، وهي جبال إذا رآها الرائي من بعد ظنها متصلة ، فإذا توسطها رأى كل قطعة منها منفردة بنفسها ، يطوف بكل قطعة منها الطائف وحواليها الرمل لا

__________________

(٥١) سورة الحجر الآية ٨٠.

(٥٢) ثمود : قبيلة بائدة يرجع تاريخها إلى أقدم العصور ، سكنت بالقرب من الحجر في وادي القرى ، ورد ذكرهم في القرآن الكريم في ٢٦ موضع ، وورد ذكرهم أيضا في النصوص الأشورية في عهد سرجون الثاني في القرن الثامن قبل الميلاد ، خضعوا للأنباط حسب النصوص اليونانية والرومانية ، وورد ذكرهم في الشعر الجاهلي. (انظر : المنجد في الأعلام : ٢٠٢). وثمود اليوم : مدينة في جمهورة اليمن.

(٥٣) وادي القرى : واد بين المدينة والشام ، كثير القرى. قال جميل بثينة :

ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة

بوادي القرى إني إذا لسعيد

وهل أرين جملا به وهي أيّم

ومارث من حبل الوصال جديد؟

(معجم البلدان : ٥ / ٣٤٥).

(٥٤) سورة الشعراء الآية ١٤٩ ، وقال تعالى في سورة الحجر الآية ٨٢ : (وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ.)

١٣٣

.................................................................................................

__________________

تكاد ترتقى ، كل قطعة منها قائمة بنفسها ، لا يصعدها أحد إلا بمشقة شديدة ، وبها بئر ثمود التي قال الله تعالى فيها وفي الناقة : (قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ)(٥٥).

قال جميل (٥٦) :

أقول لداعي الحب ، والحجر بيننا

ووادي القرى : لبّيك! لما دعانيا

فما أحدث النأي المفرّق بيننا

سلوّا ، ولا طول اجتماع تقاليا

* * *

[أيكة] : قال الله تعالى :

(وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ)(٥٧).

(كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ)(٥٨).

(وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ)(٥٩).

(وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ)(٦٠).

الأيكة : قيل : هي تبوك التي غزاها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم آخر غزواته. وأهل تبوك

__________________

(٥٥) سورة الشعراء الآية ١٥٥.

(٥٦) ديوان جميل ..

(٥٧) سورة الحجر الآية ٧٨.

(٥٨) سورة الشعراء الآية ١٧٦.

(٥٩) سورة ص الآية ١٣.

(٦٠) سورة ق الآية ١٤.

١٣٤

.................................................................................................

__________________

يقولون ذلك ويعرفونه ، ويقولون إن شعيبا (٦١) عليه‌السلام أرسل إلى أهل تبوك (٦٢).

والأيكة : الغيضة (٦٣) الملتفّة الأشجار ، والجمع : أيك ، وإن المراد بأصحاب الأيكة أهل مدين (٦٤).

قلت : ومدين وتبوك متجاورتان.

[جمع] : قال الله تعالى :

(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ)(٦٥).

__________________

(٦١) شعيب : من أنبياء الله العرب في أرض مدين ، ورد ذكره في القرآن الكريم في ١١ موضعا.

(٦٢) تبوك : واحة في شمال الحجاز على طريق الحج من دمشق إلى المدينة ، اشتهرت بالغزوة العظيمة التي قام بها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لإخضاع عرب الشمال سنة ٩ ه‍ الموافق ٦٣٠ م. (المنجد في الأعلام : ١٨٣).

(٦٣) الغيضة : الشجر الكثير الملتف ، والموضع يجتمع فيه الماء فيبتلعه فينبت في الشجر ، الجمع : غياض ، وأغياض ، وغيضات.

(٦٤) مدين : مدينة قوم شعيب ، وهي تجاه تبوك على بحر القلزم ، بينهما ست مراحل ، وهي أكبر من تبوك ، وبها البئر التي استقى بها موسى لغنم شعيب. قال كثير عزّة :

رهبان مدين والذي عهدتهم

يبكون من حذر العقاب قعودا

لو يسمعون كما سمعت حديثها

خرّوا لعزّة ركّعا وسجودا

(مراصد الاطلاع : ٣ / ١٢٤٦).

(٦٥) سورة البقرة الآية ١٩٨.

١٣٥

.................................................................................................

__________________

جمع : ضد التفرقة ، وهو المزدلفة ، وهو قزح ، وهو المشعر ، سمي جمعا لاجتماع الناس به ، قال ابن هرمة :

سلا القلب ، إلّا من تذكّر ليلة

بجمع وأخرى أسقفت بالمحصّب (٦٦)

ومجلس أبكار ، كأن عيونها

عيون المها أنضين قدّام ربرب (٦٧)

وقال آخر :

تمنى أن يرى ليلى ، بجمع

ليسكن قلبه مما يعاني (٦٨)

فلما أن رآها خوّلته

بعادا ، فتّ في عضد الأماني (٦٩)

إذا سمح الزمان بها وضنّت

عليّ ، فأي ذنب للزمان؟ (٧٠)

وجمع أيضا : قلعة بوادي موسى عليه‌السلام (٧١) ، من جبال الشراة (٧٢)

__________________

(٦٦) سلا : طابت نفسه ، وانكشف ، والسلوة : كل ما يسلّي. المحصب : موضع رمي الحجاز بمنىّ.

(٦٧) عيون المها : أو المهاة : حيوان لبون من فصيلة البقر ومن رتبة شفعية الأظلاف (المعجم الموحد للمصطلحات العلمية مصطلحات علم الحيوان). والبقرة الوحشية ، وقد سميت بها الأنثى لا تساع عينيها وجمالهما. قال الشاعر علي بن الجهم :

عيون المها بين الرّصافة والجسر

جلبن الهوى من حيث أدري ولا ادري

(٦٨) يسكن قلبه : هدأ وارتاح.

(٦٩) خوّلته : دبرته في أمره وكفته. عضد الأماني : عون الأماني.

(٧٠) ضنت : بخلت بخلا شديدا.

(٧١) وادي موسى : منسوب إلى موسى بن عمران عليه‌السلام ، واد في قبليّ بيت المقدس ، بينه وبين أرض الحجاز واد حسن كثير الزيتون ، سمي بذلك لأن موسى عليه‌السلام لما خرج من التيه ومعه بنو إسرائيل كان معه الحجر الذي يخرج منه العيون ، فلما وصل إلى هذا الوادي سمر الحجر في الجبل هناك فخرجت منه اثنتا عشرة عينا ، وتفرّفت على اثنتي عشرة قرية ، كل قرية

١٣٦

.................................................................................................

__________________

قرب الشويك (٧٣).

والمشعر الحرام : وهو مزدلفة وجمع يسمى بها جميعا (٧٤).

* * *

[مشعر] : قال الله تعالى :

(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ)(٧٥).

[المشعر] : العلم المتعبد من متعبداته وهو بين الصفا والمروة وهو مناسك الحج (٧٦).

* * *

__________________

(٧٢) جبال الشراة : جبال مرتفعة تأويه القرود لبني ليث ، عن يسار عسفان ، وبه عقبة تذهب إلى الحجاز لمن سلك عسفان ، يقال لها الخريطة ، والخريطة تلي الشراة : جبل صلد لا ينبت (مراصد الاطلاع : ٢ / ٧٨٨).

(٧٣) الشوبك : قعلة حصينة.

(٧٤) معجم البلدان : ٥ / ١٣٣ ـ ١٣٤.

(٧٥) سورة البقرة الآية ١٩٨.

(٧٦) معجم البلدان : ١٣٣ ـ ١٣٤.

١٣٧

.................................................................................................

__________________

[قاف] : قال الله تعالى :

(ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)(٧٧).

قاف : بلفظ الحرف القاف من حروف المعجم ، إن كان عربيا فهو منقول من الفعل الماضي من قولهم : قاف أثره يقوفه قوفا إذا اتبع أثره فيكون هذا الجبل يقوف أثر الأرض فيستدير حولها.

وقاف مذكور في القرآن : ذهب المفسرون إلى أنه الجبل المحيط بالأرض.

قالوا : وهو من زبرجدة خضراء ، وإن خضرة السماء من خضرته.

قالوا : وأصله من الخضرة التي فوقه ، وإن جبل قاف عرق منها.

قالوا : وأصول الجبال كلها من عرق جبل قاف.

ذكر بعضهم أن بينه وبين السماء مقدار قامة رجل.

وقيل : بل السماء مطبقة عليه ، وزعم بعضهم أن وراءه عوالم وخلائق لا يعلمها إلّا الله تعالى. ومنهم من زعم أن ما وراءه معدود من الآخرة ومن حكمها ، وأن الشمس تغرب فيه وتطلع منه ، وهو السّتار لها عن الأرض ، وتسميه القدماء البرز (٧٨).

__________________

(٧٧) سورة ق الآية ١.

(٧٨) معجم البلدان : ٤ / ٢٩٨.

١٣٨

تم الكتاب بحمد الله تعالى

١٣٩
١٤٠