شرح جمل الزجّاجى - ج ١

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

شرح جمل الزجّاجى - ج ١

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-2263-0
ISBN الدورة:
2-7451-2263-0

الصفحات: ٥٨٤

زيد» ، و «لم يقم زيد» : «لم قائم» ولا «لن قائم» ، ويسوغ ذلك دونها ، نحو : «يقوم زيد». لأنك تقول : «قائم زيد» ، فيحلّ الاسم محلّه ، وكذلك أيضا : زيد يقوم ، لأنّك تقول : «زيد قائم» ، فيحلّ الاسم محله.

فإن قيل : لا يسوغ ذلك في باب «كاد» لأنك لا تقول في «كاد زيد يقوم» : «كاد زيد قائما» ، وقد ارتفع الفعل. فالجواب : إنّه واقع موقعه ، وإنّما لم يجز الإتيان به فيقال : «كاد زيد قائما» ، لعلّة ستذكر في باب أفعال المقاربة إن شاء الله تعالى. وممّا يدلّ على أنّه واقع موقع الاسم رجوعهم إليه في الضرورة. قال الشاعر [من الطويل] :

٢٧ ـ فأبت إلى فهم وما كدت آيبا

وكم مثلها فارقتها وهي تصفر

فقال : «وما كدت آيبا» ، وما قال : «وما كدت أؤوب».

______________________

٢٧ ـ التخريج : البيت لتأبّط شرّا في ديوانه ص ٩١ ؛ والأغاني ٢١ / ١٥٩ ؛ وتخليص الشواهد ص ٣٠٩ ؛ وخزانة الأدب ٨ / ٣٧٤ ، ٣٧٥ ، ٣٧٦ ؛ والخصائص ١ / ٣٩١ ؛ والدرر ٢ / ١٥٠ ؛ وشرح التصريح ١ / ٢٠٣ ؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٨٣ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٦٢٩ ؛ ولسان العرب ٣ / ٣٨٣ (كيد) ؛ والمقاصد النحويّة ٢ / ١٦٥ ؛ وبلا نسبة في الإنصاف ٢ / ٥٤٤ ؛ وخزانة الأدب ٩ / ٣٤٧ ؛ ورصف المباني ص ١٩٠ ؛ وشرح ابن عقيل ص ١٦٤ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٨٢٢ ؛ وشرح المفصّل ٧ / ١٣ ؛ وهمع الهوامع ١ / ١٣٠.

شرح المفردات : أبت : عدت. فهم : اسم قبيلة الشاعر. تصفر : تتأسف.

المعنى : يقول : عدت إلى قومي بعد أن عزّ الرجوع إليهم لمشارفتي على التلف ، وكم مثلها فارقتها وهي تتأسّف.

الإعراب : «فأبت» : الفاء بحسب ما قبلها ، «أبت» : فعل ماض ، والتاء ضمير متّصل مبنيّ في محلّ رفع فاعل. «إلى فهم» : جار ومجرور متعلّقان بـ «أبت». «وما» : الواو حالية ، «ما» حرف نفي. «كدت» : فعل ماض ناقص من أفعال المقاربة ، والتاء ضمير متّصل مبنيّ في محل رفع رفع اسم «كاد». «آئبا» : خبر «كاد» منصوب. «وكم» : الواو حرف استئناف ، «كم» خبريّة في محلّ رفع مبتدأ وهو مضاف. «مثلها» : مضاف إليه مجرور ، وهو مضاف ، و «ها» ضمير متّصل مبني في محل جرّ بالإضافة. «فارقتها» : فعل ماض ، والتاء ضمير متّصل في محلّ رفع فاعل ، و «ها» : ضمير في محلّ نصب مفعول به. «وهي» : الواو حاليّة ، «هي» : ضمير منفصل مبني في محلّ رفع مبتدأ. «تصفر» : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : «هي».

وجملة : «أبت ...» بحسب ما قبلها. وجملة «وما كدت آئبا» في محلّ نصب حال. وجملة : «كم مثلها فارقتها ...» استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «فارقتها» في محل رفع خبر المبتدأ «كم». وجملة «وهي تصفر» في محل نصب حال.

الشاهد فيه قوله : «كدت آيبا» حيث دلّ أن الفعل الذي هو خبر «كاد» واقع موقع الاسم بدليل رجوعهم إلى الاسم في الضرورة.

٦١

وزعم أهل الكوفة أنه ارتفع لتعريه من العوامل ، وذلك فاسد ، لأن التعري من عوامل الأسماء المبتدآت ، وعوامل الأسماء لا تعمل في الأفعال ، فإن دخل عليه ناصب نصبه ، وإن دخل عليه جازم جزمه.

[٢ ـ أقسام النواصب] :

والناصب ينقسم قسمين : ناصب بنفسه وناصب بإضمار «أن» بعده. فالناصب بنفسه : «أن» و «لن» ، و «إذن» ، و «كي» في لغة من قال : لكي. والناصب بإضمار «أن» بعده ما بقي ، وينقسم قسمين : ناصب بإضمار «أن» بعده ويجوز إظهارها ، وهي لام «كي» إذا لم يكن بعدها «لا» وحرف العطف المعطوف به الفعل على الاسم الملفوظ به ، نحو قوله [من الوافر] :

٢٨ ـ للبس عباءة وتقرّ عيني

أحبّ إليّ من لبس الشفوف

______________________

٢٨ ـ التخريج : البيت لميسون بنت بحدل في خزانة الأدب ٨ / ٥٠٣ ، ٥٠٤ ؛ والدرر ٤ / ٩٠ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ١ / ٢٧٣ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٢٤٤ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٥٠ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٥٣ ؛ ولسان العرب ١٣ / ٤٠٨ (مسن) ؛ والمحتسب ١ / ٣٢٦ ؛ ومغني اللبيب ١ / ٢٦٧ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٣٩٧ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٤ / ٢٧٧ ؛ وأوضح المسالك ٤ / ١٩٢ ؛ والجنى الداني ص ١٥٧ ؛ وخزانة الأدب ٨ / ٥٢٣ ؛ والرد على النحاة ص ١٢٨ ؛ ورصف المباني ص ٤٢٣ ؛ وشرح الأشموني ٣ / ٥٧١ ؛ وشرح ابن عقيل ص ٥٧٦ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٣٤٤ ؛ وشرح قطر الندى ص ٦٥ ؛ وشرح المفصل ٧ / ٢٥ ؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ١١٢ ، ١١٨ ؛ والكتاب ٣ / ٤٥ ؛ والمقتضب ٢ / ٢٧.

اللغة والمعنى : العباءة : الرداء الواسع. تقرّ عيني : تطمئنّ ، أو يرتاح بالي. الشفوف : الثوب الرقيق الناعم.

تقول : إنّ لبس العباءة مع راحة البال أحبّ إليها من لبس الثياب الناعمة التي تلبسها المتحضّرات ، وفي قلبها فراغ.

الإعراب : للبس : اللام : لام الابتداء ، لبس : مبتدأ مرفوع ، وهو مضاف. عباءة : مضاف إليه مجرور. وتقرّ : الواو : حرف عطف ، تقرّ : فعل مضارع منصوب بـ «أن مضمرة». والمصدر المؤوّل من «أن تقرّ» معطوف على «لبس» في محل رفع. عيني : فاعل مرفوع بالضمّة المقدّرة على ما قبل الياء ، وهو مضاف ، والياء : ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. أحبّ : خبر المبتدأ مرفوع. إليّ : جار ومجرور متعلّقان بـ «أحب». من لبس : جار ومجرور متعلّقان بـ «أحبّ» ، وهو مضاف. الشفوف : مضاف إليه.

وجملة (لبس عباءة ...) الاسميّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها ابتدائية.

والشاهد فيه قولها : «وتقرّ» حيث نصب الفعل المضارع بـ «أن» مضمرة بعد الواو التي بمعنى «مع».

٦٢

وقول الآخر [من الطويل] :

٢٩ ـ ولو لا رجال من رزام أعزّة

وآل سبيع أو أسوءك علقما

فإن كان بعدها «لا» لزم إظهارها هروبا من اجتماع المثلين ، نحو : «جئت لئلا يقوم زيد» ، لأنّك لو لم تظهرها لقلت : «للا يقوم زيد».

وناصب بإضمار «أن» بعده ولا يجوز إظهارها وهو لام الجحود ، و «حتى» ، و «كي» ، في لغة من قال : كيمه ، فحذف الألف ، والجواب بالفاء ، والواو ، وأو ، ولام الجحود وهي التي يتقدمها حرف نفي و «كان» أو ما يصرف منها.

فهذه الأماكن التي تضمر فيها «أن» ، وما عدا ذلك لا يجوز فيه النصب بإضمار «أن» إلا في ضرورة شعر أو في نادر كلام ، قال الشاعر [من الطويل] :

٣٠ ـ ألا أيّهذا الزاجري أحضر الوغى

وأن أشهد اللذّات هل أنت مخلدي

______________________

٢٩ ـ التخريج : البيت للحصين بن الحمام في خزانة الأدب ٣ / ٣٢٤ ؛ والدرر ٤ / ٧٨ ؛ وشرح اختيارات المفضل ص ٣٣٤ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٢٤٤ ؛ وشرح المفصل ٣ / ٥٠ ؛ والمقاصد النحويّة ٤ / ٤١١ ؛ وبلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب ١ / ٢٧٢ ؛ والمحتسب ١ / ٣٢٦ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ١٠ ، ١٧.

الإعراب : ولو لا : الواو بحسب ما قبلها ، «لو لا» : حرف امتناع لوجود. رجال : مبتدأ مرفوع خبره محذوف وجوبا. من رزام : جار ومجرور متعلّقان بخبر محذوف. أعزّة : نعت «رجال» مرفوع. وآل : الواو حرف عطف «آل» معطوف على «رجال» مرفوع ، وهو مضاف. سبيع : مضاف إليه مجرور. أو : عاطفة ، ناصبة بـ «أن» مضمرة. أسوءك : فعل مضارع منصوب ، والكاف ضمير في محلّ نصب مفعول به ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره «أنا» ، والمصدر المؤول من «أن» والفعل معطوف على «آل سبيع» مرفوع. علقما : منادى مرخّم مبنيّ في محلّ نصب.

وجملة «لو لا رجال موجودون» بحسب الواو. وجملة جواب الشرط محذوفة. وجملة «أسوءك» : صلة الموصول الحرفي لا محل لها.

الشاهد فيه قوله : «أو أسوءك» حيث عطف الفعل بـ «أو» على الاسم فنصب الفعل بإضمار «أن» ويجوز هنا أن تظهر «أن» والتقدير : أو أن أسوءك.

٣٠ ـ التخريج : البيت لطرفة بن العبد في ديوانه ص ٣٢ ؛ والإنصاف ٢ / ٥٦٠ ؛ وخزانة الأدب ١ / ١١٩ ، ٨ / ٥٧٩ ؛ والدرر ١ / ٧٤ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ١ / ٢٨٥ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٠٠ ؛ والكتاب ٣ / ٩٩ ، ١٠٠ ؛ ولسان العرب ١٣ / ٣٢ (أنن) ، ١٤ / ٢٧٢ (دنا) ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٤٠٢ ؛ ـ

٦٣

يريد : أن أحضر الوغى. وقال الآخر [من الطويل] :

٣١ ـ فلم أر مثلها خباسة واحد

ونهنهت نفسي بعد ما كدت أفعله

يريد : أن أفعله. وحكي من كلامهم : مره يحفرها. ولا بد من تتبعها ، يريد أن يحفرها ولا بدّ من أن تتبعها.

______________________

ـ والمقتضب ٢ / ٨٥ ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ١ / ٤٦٣ ، ٨ / ٥٠٧ ، ٥٨٠ ، ٥٨٥ ؛ والدرر ٣ / ٣٣ ، ٩ / ٩٤ ؛ ورصف المباني ص ١١٣ ؛ وشرح ابن عقيل ص ٥٩٧ ؛ وشرح المفصل ٢ / ٧ ، ٤ / ٢٨ ، ٧ / ٥٢ ؛ ومجالس ثعلب ص ٣٨٣ ؛ ومغني اللبيب ٢ / ٣٨٣ ، ٦٤١ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ١٧.

اللغة والمعنى : الزاجري : المانعي. الوغى : الحرب. مخلدي : ضامن بقائي خالدا.

يقول : أيّها الإنسان الذي يلومني على حضور اللذات والحروب ، هل تضمن لي بقائي خالدا إذا امتنعت عنها؟

الإعراب : ألا : حرف استفتاح وتنبيه. أيهذا : أي : منادى مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب على النداء ، وها : للتنبيه ، ذا : اسم إشارة مبنيّ في محلّ نعت «أي». الزاجري : بدل من اسم الإشارة ، أو عطف بيان مرفوع بالضمّة المقدّرة على ما قبل الياء ، وهو مضاف ، الياء : في محلّ جر بالإضافة ، أو في محلّ نصب مفعول به لاسم الفاعل «الزاجر». أحضر : فعل مضارع منصوب بـ «أن» المصدريّة المحذوفة ، والفاعل : أنا. وتروى بالرفع. الوغى : مفعول به منصوب. وأن : الواو : حرف عطف ، أن : حرف مصدري ناصب. أشهد : فعل مضارع منصوب ، والفاعل : أنا. اللذات : مفعول به منصوب بالكسرة لأنّه جمع مؤنث سالم. هل : حرف استفهام. أنت : ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. مخلدي : خبر المبتدأ مرفوع بالضمّة المقدّرة على ما قبل الياء ، وهو مضاف ، والياء ضمير في محلّ جرّ بالإضافة.

وجملة (ألا أيهذا ...) الفعليّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها ابتدائيّة ، تقديرها : «أنادي». وجملة (احضر) الفعليّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها صلة الموصول الحرفي. والمصدر المؤوّل من «أن» والفعل «أشهد» معطوف على المصدر الأوّل تقديره : «ألا أيهذا الزاجري حضور الوغى وشهود اللذات». وجملة (هل أنت مخلدي) الاسميّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها استئنافية.

والشاهد فيه قوله : «أحضر» حيث نصب الفعل المضارع بـ «أن» المضمرة ضرورة.

٣١ ـ التخريج : البيت لامرىء القيس في ملحق ديوانه ص ٤٧١ ؛ وله أو لعمرو (لعله تحريف عامر) ابن جؤين في لسان العرب ٦ / ٦٢ (خبس) ؛ ولعامر بن جؤين في الأغاني ٩ / ٩٣ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٣٧ ؛ والكتاب ١ / ٣٠٧ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٤٠١ ؛ ولعامر بن جؤين أو لبعض الطائيين في شرح شواهد المغني ص ٩٣١ ؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ١٤٨ ؛ وجمهرة اللغة ص ٢٨٩ ؛ والدرر ١ / ١٧٧ ؛ ورصف المباني ص ١١٣ ؛ وشرح الأشموني ١ / ١٢٩ ؛ ومغني اللبيب ٢ / ٦٤٠ ؛ والمقرب ١ / ٢٧٠ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٥٨. ـ

٦٤

[٣ ـ أقسام الجوازم] :

والجازم ينقسم قسمين : جازم فعل واحد وجازم فعلين ، فالجازم لفعل واحد «لم» ، و «لمّا» ، و «ألم» ، و «ألمّا» ، ولام الأمر و «لا» في النهي ، والجازم لفعلين ما بقي. وينقسم قسمين : حرف واسم ، فالحرف : «إن» و «إذما» في مذهب سيبويه ، والاسم ما بقي ، وينقسم قسمين : ظرف وغير ظرف. فغير الظرف : «من» و «ما» ، و «مهما» ، و «أيّ» ، و «كيف» في مذهب قطرب ومن أخذ بمذهبه ، والظرف ما بقي.

وينقسم قسمين : ظرف زمان وظرف مكان ، فظرف الزمان : «متى» ، و «أيّان» و «أيّ حين» ، و «إذا» في الشعر ، وظرف المكان : «أنّى» ، و «أين» ، و «أيّ مكان» ، و «حيث».

واعلم أنّ جملة الأمر والنهي والاستفهام والتمنّي والفعل الذي لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر وأسماء أفعال الأمر و «حسبك» إذا ضمن كلّ واحد منها معنى الشرط احتاج إلى جواب مجزوم كالشرط.

______________________

ـ اللغة : الخباسة : الغنيمة. نهنهت نفسي : كففتها وزجرتها.

المعنى : لم أر مثلها غنيمة محب وقد زجرت نفسي ومنعتها بعد ما كدت أن أقع فيه.

الإعراب : «فلم» : «الفاء» : بحسب ما قبلها ، «لم» : حرف نفي وجزم وقلب. «أر» : فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره ، والفاعل : ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا. «مثلها» : مفعول به منصوب. «خباسة» : مفعول به ثان منصوب بالفتحة. «واجد» : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة. «ونهنهت» : الواو استئنافية ، «نهنهت» : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ، والتاء : في محل رفع فاعل. «نفسي» : مفعول به منصوب وهو مضاف ، والياء : ضمير متصل مبني على السكون في محل جرّ بالإضافة. «بعد» : مفعول فيه ظرف مكان منصوب متعلق بالفعل نهنهت. «ما كدت» : «ما» : مصدرية تؤول مع ما بعدها بمصدر في محل جر بالإضافة ، «كدت» : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ، والتاء : ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع اسمها. «أفعله» : فعل مضارع منصوب بأن (المحذوفة) ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا ، والهاء : ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. والمصدر المؤول من «أن» وما بعدها في محل نصب خبر (كإد).

وجملة «لم أر» : بحسب ما قبلها. وجملة «نهنهت نفسي» : جملة فعلية لا محل لها من الإعراب استئنافية. وجملة «كدت أفعله» : صلة الموصول الحرفي لا محل لها. وجملة «أفعله» : صلة الموصول الحرفي لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «ما كدت أفعله» نصب أفعله بأن المحذوفة للضرورة.

جمل الزجاجي / ج ١ / م ٥

٦٥

فمثال جملة الأمر : «أطع الله يغفر لك» ، ومثال جملة النهي «لا تضرب زيدا يكرمك» ، ومثال جملة الاستفهام : «أين بيتك أزرك»؟ ومثال جملة التمنّي : «ليت لي مالا أنفق منه» ، ومثال الفعل الذي لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر : «اتقى الله امرؤ فعل خيرا يثب عليه» ، أي : ليتّق الله امرؤ يفعل خيرا يثب عليه. ومثال الجزم بـ «حسبك» : «حسبك ينّم الناس» ، أي : اكفف عما أنت فيه ينّم الناس. ومثال الجزم بأسماء أفعال الأمر : «نزال أكرمك» ، قال الشاعر [من الوافر] :

٣٢ ـ وقولي كلّما جشأت وجاشت

مكانك تحمدي أو تستريحي

فجزم «تحمدي» على جواب : «مكانك» ، أي : إن تلزمي مكانك تحمدي. والجازم لفعلين ينقسم قسمين : قسم تلحقه «ما» وقسم لا تلحقه ، فالقسم الذي تلحقه ينقسم قسمين : قسم تلحقه وتلزمه ، وهو : «إذ» ، و «حيث» ، وقسم تلحقه ولا تلزمه ، وهو : «متى» ، و «أنّى» ، و «كيف» ، و «أين» ، و «إذا» ، و «أيّ» ، وما عدا ذلك لا تلحقه أصلا.

واعلم أنّ ما كان من الجوازم حرفا فلا موضع له من الإعراب ، وما كان اسما فلا يخلو أن يكون اسم زمان أو اسم مكان أو اسم مصدر أو غير ذلك.

فإن كان اسم زمان أو مكان ، فهو في موضع نصب على الظرفية ؛ وإن كان اسم مصدر فهو في موضع نصب على المصدرية. واسم المصدر هو أيّ المضافة إلى مصدر ، نحو قولك : «أيّ ضرب تضرب أضرب».

وإن كان غير ذلك ، فلا يخلو أن تدخل عليه أداة خفض أو لا تدخل ، فإن دخلت عليه أداة خفض فهو في موضع خفض بها ، نحو : «بمن تمرر أمرر به» ، وإن لم تدخل عليه أداة خفض فلا يخلو الفعل الذي بعده أن يكون متعدّيا أو غير متعدّ.

______________________

٣٢ ـ التخريج : البيت لعمرو بن الإطنابة في إنباة الرواة ٣ / ٢٨١ ؛ وحماسة البحتري ص ٩ ؛ والحيوان ٦ / ٤٢٥ ؛ وجمهرة اللغة ص ١٠٩٥ ؛ وخزانة الأدب ٢ / ٤٢٨ ؛ والدرر ٤ / ٨٤ ؛ وديوان المعاني ١ / ١١٤ ؛ وسمط اللآلي ص ٥٧٤ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٢٤٣ ؛ وشرح شواهد المغني ص ٥٤٦ ؛ ومجالس ثعلب ص ٨٣ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٤١٥ ؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ١٨٩ ؛ والخصائص ٣ / ٣٥ ؛ وشرح الأشموني ٣ / ٥٦٩ ؛ وشرح قطر الندى ص ١١٧ ؛ وشرح المفصل ٤ / ٧٤ ؛ ولسان العرب ١ / ٤٨ (جشأ) ؛ ومغني اللبيب ١ / ٢٠٣ ؛ والمقرب ١ / ٢٧٣ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ١٣.

اللغة والمعنى : جشأت : غلت واضطربت. مكانك : اثبتي ولا تثوري.

يتحدّث الشاعر عن عفته وبلائه في الحروب ، والثبات في المكاره والسيطرة على ثورة النفس ، ـ

٦٦

فإن كان غير متعدّ فهو في موضع رفع بالابتداء ، نحو : «من يقم أقم معه» ، و «من يقم زيد إليه أقم معه» ، وإن كان متعدّيا ، فلا يخلو فاعله من أن يكون ضميرا يعود على اسم الشرط أو لا يكون. فإن كان ضميرا يعود عليه فهو في موضع رفع بالابتداء ، نحو : «من يكرم زيدا أكرمه» ، وإن لم يكن كذلك بل كان ظاهرا أو ضميرا لا يعود على اسم الشرط ، نحو : «من يضرب زيد أضربه» ، و «من تضرب أضربه» ، فلا يخلو أن يكون الفعل قد أخذ مفعوله أو لم يأخذه ، فإن كان لم يأخذه فهو في موضع نصب به ، نحو : «من تضرب أضربه» ، و «من يضرب زيد أضربه» ؛ وإن كان قد أخذ مفعوله جاز فيه وجهان : الرفع بالابتداء والنصب بإضمار فعل ، نحو : «من تضربه أضربه» ، و «من يضربه زيد أضربه».

______________________

ـ وتحصين العرض عن كلّ ما يشينه.

الإعراب : وقولي : الواو : حرف عطف. قولي : معطوف على «أخذي» في بيت سابق ، وهو مضاف ، والياء : ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. كلّما : ظرف متعلّق بـ «جشأت». جشأت : فعل ماض ، والتاء : للتأنيث ، والفاعل : هي. وجاشت : الواو : حرف عطف ، جاشت : فعل ماض ، والتاء : للتأنيث ، والفاعل : هي. مكانك : اسم فعل أمر بمعنى «قفي» ، والفاعل : أنت. تحمدي : فعل مضارع للمجهول مجزوم لأنّه جواب الطلب وعلامة جزمه حذف النون لأنّه من الأفعال الخمسة. والياء : نائب فاعل. أو : حرف عطف. تستريحي : فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. والياء : فاعل.

وجملة (جشأت) الفعليّة في محلّ جرّ بالإضافة. وجملة (جاشت) الفعليّة معطوفة على «جشأت».

وجملة «مكانك» في محلّ نصب مقول القول. وجملة «تحمدي» جواب الأمر ، وجملة «تستريحي» معطوفة على جملة «تحمدي».

والشاهد فيه قوله : «تحمدي» حيث جزمه بحذف النون لكونه واقعا في جواب الأمر ، والأمر هنا باسم الفعل «مكانك».

٦٧

باب التثنية والجمع

[١ ـ تعريف التثنية] :

التثنية ضمّ اسم إلى مثله بشرط اتفاق اللفظين والمعنيين أو كون المعنى الموجب للتسمية فيهما واحدا.

فقولنا : «ضم اسم» تحرّز من ضمّ الفعل والحرف لأنّهما لا يثنيان.

وقولنا : «إلى مثله» ، تحرّز من الجمع لأنّه ضمّ شيء إلى أكثر منه.

وقولنا : «بشرط اتّفاق اللفظين» ، تحرّز من اختلافهما ، نحو : «زيد وعمرو».

وقولنا : والمعنيين ، تحرّز من اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين ، نحو : «عين وعين» ، إذا أردت بإحداهما البصر وبالأخرى الماء ، لأنّهما قد اتفقا في اللفظ واختلفا في المعنى الموجب للتسمية.

ومثال اتفاق اللفظين والمعنيين الموجبين للتسمية : رجل ورجل ، لأنّهما قد اتفقا في اللفظ والمعنى الموجب للتسمية برجل وهو الرجوليّة. وكذلك «مبدآن». في مبدأ الحائط وهو أساسه وفي مبدأ الخط مثلا وهو النقطة ، فقد اتفقا في اللفظ والمعنى الموجب للتسمية بمبدأ وهو الأولية ، لأنّ أول الحائط أساسه وأول الخط النقطة.

فعلى هذا لا يخلو أن يتّفق الاسمان في اللفظ أو يختلفا ، فإن اختلفا فالعطف ولا يجوز التثنية إلا فيما غلّب فيه أحد الاسمين على الآخر ، وذلك موقوف على السماع ، نحو :

٦٨

«العمرين» ، في أبي بكر وعمر ، قال الشاعر [من البسيط] :

٣٣ ـ ما كان يرضى رسول الله فعلهما

والعمران أبو بكر ولا عمر

و «القمرين» في الشمس والقمر ، قال الشاعر [من الطويل] :

٣٤ ـ أخذنا بآفاق السماء عليكم

لنا قمراها والنجوم الطّوالع

______________________

٣٣ ـ التخريج : البيت لجرير في ديوانه ص ٢٠١ (طبعة صادر) ؛ والكامل ص ١٨٧ ؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص ٢٧٣ ؛ ولسان العرب ١٥ / ٤٦٥ (لا).

المعنى : لم يرض عن فعلهما الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وخليفتاه : أبو بكر الصدّيق وعمر الفاروق ، رضي‌الله‌عنهما.

الإعراب : ما كان : «ما» : حرف نفي ، «كان» فعل ماض ناقص .. يرضى : فعل مضارع مرفوع بضمّة مقدّرة على الألف. رسول : فاعل للفعل (يرضى) أو اسم لـ (كان) على ما يعرف بالتنازع. الله : لفظ الجلالة ، مضاف إليه مجرور بالكسرة. فعلهما : مفعول به منصوب بالفتحة ، و «هما» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. والعمران : «الواو» : للعطف ، «العمران» : معطوف على (رسول) مرفوع بالألف لأنه مثنّى ، والنون بدل التنوين في الاسم المفرد. أبو : بدل بعض من كل مرفوع بالواو لأنّه من الأسماء الستّة. بكر : مضاف إليه مجرور بالكسرة. ولا : «الواو» : للعطف ، «لا» : حرف نفي. عمر : معطوف على (أبو) مرفوع بالضمّة.

وجملة «ما كان يرضى رسول» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «يرضى» : خبر (كان) محلها النصب.

والشاهد فيه قوله : «والعمران» حيث غلّب اسم (عمر) على اسم (أبي بكر) فثنّى قائلا (العمران).

٣٤ ـ التخريج : البيت للفرزدق في ديوانه ١ / ٤١٩ ؛ والأشباه والنظائر ٥ / ١٠٧ ؛ وخزانة الأدب ٤ / ٣٩١ ، ٩ / ١٢٨ ؛ وشرح شواهد المغني ١ / ١٣ ، ٢ / ٩٦٤ ؛ وبلا نسبة في لسان العرب ١٠ / ١٧٣ (شرق) ، ١١ / ٥٣٩ (قبل) ؛ والمقتضب ٤ / ٣٢٦.

اللغة : آفاق السماء : جهاتها. قمراها : الشمس والقمر.

المعنى : لقد ملكنا السماء بمجدنا ، وخضع لنا ما فيها من شمس وقمر.

الإعراب : أخذنا : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بـ «نا» الدالة على الفاعلين و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل. بآفاق : جار ومجرور متعلقان بالفعل أخذنا ، و «أطراف» : مضاف. السماء : مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. عليكم : جار ومجرور متعلقان بالفعل أخذنا و «الميم» : للجماعة. لنا : جار ومجرور متعلقان بخبر مقدم محذوف. قمراها : مبتدأ مؤخر مرفوع بالألف لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة و «ها» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. والنجوم : «الواو» : عاطفة ، و «النجوم» : اسم معطوف على «قمراها» مرفوع بالضمة الظاهرة. الطوالع : صفة مرفوعة بالضمة الظاهرة.

وجملة «أخذنا بآفاق السماء» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «لنا قمراها» : استئنافية لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «قمراها» وهما الشمس والقمر فغلب القمر وثناهما ، وقيل : هما إبراهيم الخليل ـ

٦٩

و «العجّاجين» في رؤبة بن العجاج وأبيه.

وغلّب «عمر» على «أبي بكر» لخفّته ، لأنّ «عمر» مفرد و «أبا بكر» مضاف ، وغلّب «القمر» على «الشمس» لأنّه مذكّر والشمس مؤنثة ، وغلّب العجاج على رؤبة لأنه ليس فيه تاء التأنيث وفي رؤبة تاء التأنيث.

وإن اتفقا في اللفظ فلا يخلو أن يتّفقا في المعنى أو يختلفا ، فإن اختلفا فلا يخلو أن يكون المعنى الموجب للتسمية فيهما واحدا أو لا يكون ، فإن لم يكن فالعطف ولا تجوز التثنية ، نحو : عين وعين ، وإن كان المعنى الموجب للتسمية واحدا جازت التثنية ، نحو : الأحمرين ، في اللحم والخمر ، والأصفرين : في الذهب والزعفران ، والأبيضين في الشحم والشباب (١).

وإن اتفقا في اللفظ والمعنى فلا يخلو أن يكونا علمين باقيين على علميتهما أو لا يكونا فإن كانا علمين باقيين على علميتهما فالعطف ولا تجوز التثنية. لأنّ الاسم لا يثنى إلا بعد تنكيره. قال الفرزدق [من الكامل] :

٣٥ ـ إنّ الرزّية لا رزيّة بعدها

فقدان مثل محمّد ومحمّد

______________________

ـ والنبي محمد عليهما الصلاة والسّلام وقيل : إنما أراد بهما عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز رضي‌الله‌عنهما ، والنجوم هم الصحابة.

(١) انظر باب التغليب في إصلاح المنطق ص ٤٠٠ ـ ٤٠٢.

٣٥ ـ التخريج : البيت للفرزدق في ديوانه ص ١ / ١٦١ ؛ والدرر ٦ / ٧٤ ؛ وشرح التصريح ٢ / ١٣٨ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٧٥ ؛ والمقرب ٢ / ٤٤ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ١٢٩ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ٢١١.

اللغة : الرزية : المصيبة العظيمة وأصلها الرزيئة.

المعنى : إن المصيبة العظيمة التي لا مصيبة بعدها ، هي هلاك محمد بن الحجاج وهلاك محمد أخي الحجاج في يوم واحد.

الإعراب : إن : حرف مشبه بالفعل. الرزية : اسم إن منصوب بالفتحة. لا رزية : «لا» : نافية للجنس تعمل عمل إن «رزية» : اسم لا مبني على الفتح. بعدها : مفعول فيه ظرف زمان منصوب ، متعلق بخبر «لا» المحذوف. و «ها» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. فقدان : خبر لمبتدأ محذوف مرفوع بالضمة. مثل : مضاف إليه مجرور بالكسرة. محمد : مضاف إليه مجرور بالكسرة. ومحمد : «الواو» : حرف عطف ، «محمد» : اسم معطوف على سابقه مجرور مثله. ـ

٧٠

يريد محمّد بن الحجّاج ومحمدا أخاه. ومنه قول الحجّاج لما بلغه موتهما : «إنا لله محمّد ومحمّد في يوم».

وإن لم يكونا علمين باقيين على علميتهما فالتثنية ، ولا يجوز العطف إلّا في ضرورة شعر ، نحو قوله [من الرجز] :

٣٦ ـ ليث وليث في محلّ ضنك

وقول الآخر [من الرجز] :

٣٧ ـ كأنّ بين فكّها والفكّ

فأرة مسك ذبحت في سكّ

______________________

ـ وجملة «لا رزية بعدها» : خبر أول لـ (إن) محلها الرفع. وجملة «هي فقدان» خبر ثان.

والشاهد فيه قوله : «مثل محمد ومحمد» حيث عطف بالواو ولم يثنّ لأن الاسمين علمان ولا يجوز تثنية الاسم إلّا بعد تنكيره.

٣٦ ـ التخريج : الرجز لواثلة بن الأسقع أو لجحدر بن مالك في خزانة الأدب ٧ / ٤٦١ ، ٤٦٤ ؛ والدرر ١ / ١٢٨ ؛ ولجحدر في لسان العرب ١٠ / ٤٢٠ (درك) ؛ وبلا نسبة في المقرب ٢ / ٤١ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٤٣.

اللغة : الليث : الأسد. محلّ ضنك : مكان ضيق.

الإعراب : ليث : مبتدأ مرفوع بالضمّة. وليث : «الواو» : للعطف ، «ليث» : اسم معطوف على (ليث) مرفوع بالضمّة. في محلّ : جار ومجرور متعلقان بخبر (الليث) المحذوف. ضنك : صفة (محلّ) مجرور بالكسرة.

وجملة «ليث وليث في محل ضنك» : ابتدائية لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «ليث وليث» حيث عطف علمين لم يبقيا على علميتهما ، وكان عليه القول (ليثان) ، فعطف ضرورة.

٣٧ ـ التخريج : الرجز لمنظور بن مرثد في خزانة الأدب ٧ / ٤٦٢ ، ٤٦٨ ، ٤٦٩ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ٢٠١ ؛ وأسرار العربية ص ٤٧ ؛ وجمهرة اللغة ص ١٣٥ ؛ وشرح المفصل ٤ / ١٣٨ ، ٨ / ٩١.

اللغة : فأرة المسك : نافجته (وعاؤه) ، وهو ليس بالفأرة ، لكنّه بالخشف أشبه. السك : طيب يتّخذ من الرامك مع المسك المسحوق.

المعنى : إن رائحة فمها جميلة جدّا كما لو أنها تحمل بين فكّيها وعاء فيه مسك مخلوط بالطّيب.

الإعراب : كأن : حرف مشبّه بالفعل. بين : مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق بخبر (كأنّ). فكّها : مضاف إليه مجرور بالكسرة ، و «ها» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. والفك : «الواو» : للعطف ، «الفك» : معطوف على مجرور مجرور مثله بالكسرة. «فأرة» : اسم «كأنّ» منصوب بالفتحة. مسك : ـ

٧١

[٢ ـ أقسام التثنية] :

والتثنية تنقسم ثلاثة أقسام : تثنية في اللفظ والمعنى ، نحو : الزيدين والعمرين ، وتثنية في اللفظ لا في المعنى ، نحو : مقصّين وجلمين ، وتثنية في المعنى لا في اللفظ ، نحو : «قطعت رؤوس الكبشين» ، ألا ترى أن اللفظ لفظ الجمع والمعنى على التثنية؟

والذي نتكلم به في هذا الباب إنّما هو التثنية في اللفظ والمعنى ، وفي اللفظ لا في المعنى.

وجميع الأسماء تجوز تثنيتها إلا أسماء محصورة وهي : كلّ ، وبعض ، وأجمع ، وجمعاء ، وأفعل من ، والأسماء المتوغّلة في البناء وهي التي لم تكن معربة قطّ ، نحو : من ، وكم ، والأسماء المحكية ، نحو : تأبط شرّا ، وبرق نحره ، والأسماء المختصة بالنفي ، نحو : أحد وعريب ، وأسماء العدد ما عدا مائة وألفا ، واسم الجنس ، نحو : ضرب وقتل ، والتثنية وجمع المذكر السالم ، وكذا اسم الجمع أيضا ، نحو : قوم ورهط وجمع التكسير لا يثنيان إلا في ضرورة شعر أو في نادر كلام. قال الشاعر في تثنية اسم الجمع [من الطويل] :

٣٨ ـ وكلّ رفيقي كلّ رحل وإن هما

تعاطى القنا قوماهما أخوان

______________________

ـ مضاف إليه مجرور بالكسرة. ذبحت : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث ، و «نائب الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي). في سك : جار ومجرور متعلقان بـ (ذبحت).

وجملة «كأن فأرة مسك ...» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «ذبحت» : في محلّ نصب صفة لـ (فأرة).

والشاهد فيه قوله : «بين فكّها والفك» حيث عطف اسمين غير علمين باقيين على علميتهما للضرورة الشعرية ، وكان الأولى أن يقول : بين فكّيها.

(١) الجلمان والجلم : الآلة التي يجزّ بها الصوف ونحوه.

٣٨ ـ التخريج : البيت للفرزدق في ديوانه ٢ / ٣٢٩ ؛ وخزانة الأدب ٧ / ٥٧٢ ، ٥٧٣ ، ٥٧٩ ؛ والدرر ٥ / ١٣٢ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٣٦ ؛ ولسان العرب ٥ / ٤٢٤ (يدي).

اللغة : الرحل : أداة توضع فوق البعير ، وتشدّ بأحزمة ، ليجلس الراكب عليها. القنا : الرماح ، وأراد بها الحرب.

المعنى : إن رفيقي الطريق أخوان حقيقيان ، حتى لو كانت قبيلتاهما متحاربتين.

الإعراب : وكلّ : «الواو» : للاستئناف ، «كل» : مبتدأ مرفوع بالضمّة. رفيقي : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى. كلّ : زائدة. رحل : مضاف إليه مجرور بالكسرة. وإن : «الواو» : حالية ، «إن» : حرف شرط ـ

٧٢

وقال الآخر في تثنية جمع التكسير [من الرجز] :

٣٩ ـ تبقّلت في زمن التّبقّل

بين رماحي مالك ونهشل

وحكي من كلامهم : لقاحان سوداوان. وما عدا ذلك من الأسماء تجوز تثنيته.

فلم يثنّ كلّ وبعض لأنّهما لا يعطيان بعد التثنية إلّا ما يعطيان قبلها من الكلّيّة والبعضيّة. ولم يثن أجمع وجمعاء لأنّه استغني عن تثنيتهما بكلا وكلتا ، ولم يثنّ «أفعل من» لتضمّنها معنى الفعل والمصدر ، وكلاهما لا يثنّى ، لأن معنى قولك : «زيد أفضل من عمرو» : زيد يزيد فضله على عمرو.

______________________

ـ جازم. هما : ضمير منفصل في محلّ رفع فاعل لفعل محذوف ، بتقدير (وإن تعاطيا). تعاطى : فعل ماض مبني على الفتح المقدّر على الألف. القنا : مفعول به منصوب بالفتحة المقدّرة على الألف. قوماهما : فاعل مرفوع بالألف لأنه مثنى ، و «هما» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. أخوان : خبر (كلّ) مرفوع بالألف لأنه مثنى.

وجملة «كلّ رفيقي ... أخوان» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «هما» مع فاعله المحذوف جملة الشرط غير الظرفي لا محل لها. وجملة «تعاطى قوماهما» : تفسيرية لا محل لها. وجملة «إن اتفق قوماهما مع جواب الشرط المحذوف» : حالية محلها النصب ، وعطف عليها (إن هما تعاطى القنا) ، ويمكن أن تكون الواو في (وإن) حالية ، و (إن) وصلية زائدة.

والشاهد فيه قوله : «قوماهما» حيث ثنّى اسم الجمع «قوم» للضرورة.

٣٩ ـ التخريج : الرجز لأبي النجم في الأشباه والنظائر ٤ / ٢٠٠ ؛ والأغاني ١٠ / ١٥٨ ؛ وخزانة الأدب ٢ / ٣٩٤ ، ٧ / ٥٨٠ ، ٥٨١ ؛ وسمط اللآلي ص ٥٨١ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ٣١٢ ، ٣١٣ ؛ والطرائف الأدبية ص ٥٧.

اللغة : تبقّلت : رعت البقل ، أو خرجت تطلبه ؛ والبقل : كلّ ما نبت في بزره لا جذور ثابتة له. مالك ونهشل : قبيلتان عربيّتان كانتا متنازعتين.

المعنى : لقد طلبت الكلأ ورعته في وقته بين رماح القبيلتين المتحاربتين دون خوف لكرم وقوّة ومكانة أصحابها.

الإعراب : تبقّلت : فعل ماض مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي). في زمن : جار ومجرور متعلقان بـ (تبقّلت). التبقل : مضاف إليه مجرور بالكسرة. بين : مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق بالفعل (تبقلت). رماحي : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنّى ، وحذفت النون للإضافة. مالك : مضاف إليه مجرور بالكسرة. ونهشل : «الواو» : للعطف ، «نهشل» : معطوف على (مالك) مجرور بالكسرة.

والشاهد فيه قوله : «بين رماحي مالك ونهشل» حيث ثنّى جمع تكسير (رماح) ، للضرورة.

٧٣

ولم تثنّ الأسماء المتوغلّة في البناء لأنّها لما بنيت أشبهت الحروف في البناء ، والحروف لا تثنّى فكذلك ما أشبهها. ولم تثنّ الأسماء المحكية لأنّ التثنية تبطل الحكاية. ولم تثنّ الأسماء المختصة بالنفي لأنها وضعت للعموم ، والتثنية تخرجها عما وضعت له من العموم ولم تثنّ أسماء العدد لأنّ بعضها يغني عن تثنية بعض ، ألا ترى أنّ قولك : «ستة» ، تعني ثلاثتان؟ وكذلك سائر أسماء العدد.

ولم يثنّ اسم الجنس لأنّه ليس له ما يضمّ إليه ، فإن ثنّ فبعد الذهاب مذهب النوع. ولم تثنّ التثنية ولا جمع المذكر السالم لأن تثنيتهما تؤدّي إلى جمع علامتي إعراب في كلمة واحدة ، ألا ترى أنّ زيدان وزيدون مرفوعان ولو ثنيتهما لكانت علامة التثنية فيهما تعطي الإعراب؟

ولم يثنّ اسم الجمع وجمع التكسير لأنّهما لا يعطيان بعد التثنية إلّا ما يعطيان قبلها ، ألا ترى أن «قوما» يقع على ما يقع عليه «قومان» ، وكذا «رجال» يقع على ما يقع عليه «رجالان».

[٣ ـ قسما الاسم المثنى] :

والاسم المثنّى ينقسم قسمين : منقوص وغير منقوص ، فالمنقوص هو ما نقص حرف من آخره ، أي حذف. وينقسم قسمين : مقيس : وغير مقيس. والمقيس ما قدّر إعرابه في الحرف المحذوف ، نحو : «جاءني قاض» ، و «مررت بقاض» ، لأن علامة الرفع والخفض الحركة المقدّرة في الياء المحذوفة. وغير المقيس ما لم يقدّر إعرابه بل ظهر فيما ولي المحذوف ، نحو : «جاءني أخ وأب» ، لأنّ الأصل فيهما : أخو وأبو.

فإذا ثنّيت المقيس رددت المحذوف وهو الياء وألحقت العلامتين ، نحو : «جاءني قاضيان» ، و «رأيت قاضيين» ، و «مررت بقاضيين».

وإذا ثنّيت غير المقيس ، ألحقت العلامتين من غير أن تردّ المحذوف ، نحو : «يدين» في تثنية «يد» ، و «دمين» في تثنية «دم» ، إلا في أربعة أسماء أو في ضرورة شعر ، فإنّك تردّ المحذوف.

٧٤

قال [من الكامل] :

٤٠ ـ يديان بيضاوان عند محلّم

قد يمنعانك أن تضام وتضهدا

وقال آخر [من الوافر] :

٤١ ـ فلو أنّا على حجر ذبحنا

جرى الدميان بالخبر اليقين

______________________

٤٠ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في خزانة الأدب ٧ / ٤٧٦ ، ٤٨٥ ؛ وشرح الأشموني ٣ / ٦٦٨ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ١١٣ ؛ وشرح المفصل ٤ / ١٥١ ، ٥ / ٨٣ ، ٦ / ٥ ، ١٠ / ٥٦ ؛ ولسان العرب ١٥ / ٤٢٠ (يدي) ؛ والمقرب ٢ / ٤٢ ؛ والمنصف ١ / ٦٤ ، ٢ / ١٤٨.

اللغة : اليد : هنا بمعنى النعمة والأعطية. تضام وتضهد : تظلم وتذلّ.

المعنى : إن نعمه وعطاياه السنيّة توفّر لقاصده العزّ والكرامة فلا يرى ظلما أو ذلّا.

الإعراب : «يديان» : خبر لمبتدأ محذوف تقديره : «هما» ، مرفوع بالألف لأنّه مثنى ، و «النون» : عوض عن التنوين في الاسم المفرد. «بيضاوان» : صفة مرفوعة بالألف لأنها مثنى ، و «النون» : عوض عن التنوين ... «عند» : ظرف مكان منصوب متعلّق بصفة محذوفة. «محلم» : مضاف إليه مجرور بالكسرة. «قد» : حرف توقّع. «يمنعانك» : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة ، و «الألف» : ضمير متصل ، في محل رفع فاعل ، و «الكاف» ضمير متصل ، في محل نصب مفعول به. «أن» : حرف مصدرية ونصب. «تضام» : فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بالفتحة الظاهرة ، و «نائب الفاعل» : ضمير مستتر تقديره : «أنت». والمصدر المؤول من «أن» والفعل بعدها في محل نصب مفعول به ثان لـ «يمنع» ، أو في محل جر بحرف جر مقدر ، والجار والمجرور متعلقان بـ «يمنع». «وتضهدا» : «الواو» : حرف عطف «تضهدا» : فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بالفتحة ، و «نائب الفاعل» : ضمير مستتر تقديره : «أنت».

وجملة «هما يديان» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «يمنعانك» : في محل رفع صفة لـ «يدان».

والشاهد فيه قوله : «يديان» حيث جعلهما مثنى «يد» ، فردّ الحرف المحذوف من «يد» للضرورة ، والقياس : يدان.

٤١ ـ التخريج : البيت للمثقب العبديّ في ملحق ديوانه ص ٢٨٣ ؛ والأزهية ص ١٤١ ؛ والمقاصد النحوية ١ / ١٩٢ ؛ ولعلي بن بدال في أمالي الزجاجي ص ٢٠ ؛ وخزانة الأدب ١ / ٢٦٧ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ١١٢ ؛ وللمثقب أو لعلي بن بدال في خزانة الأدب ٧ / ٤٨٢ ، ٤٨٥ ، ٤٨٦ ، ٤٨٨ ؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٦٨٦ ، ١٣٠٧ ؛ ورصف المباني ص ٢٤٢ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ١ / ٣٩٥ ؛ وشرح الأشموني ٣ / ٦٦٩ ؛ وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٦٤ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٨١ ؛ وشرح المفصل ٤ / ١٥١ ، ١٥٢ ، ٥ / ٨٤ ، ٦ / ٥ ، ٩ / ٢٤ ؛ ولسان العرب ١٤ / ٢١ (أخا) ، ٢٦٨ (دمى) ؛ والمقتضب ١ / ٢٣١ ، ٢ / ٢٣٨.

المعنى : كانت العرب تعتقد أن دماء العدوّين تسيل كلّ في جهة حتى لو ذبحا على حجر واحد ، وهو هنا يشير إلى هذا الاعتقاد. لو أننا ذبحنا على حجر لسار دمي بعيدا عن دمك مخبرا عن عداوتنا.

الإعراب : «فلو» : «الفاء» : بحسب ما قبلها ، «لو» : حرف شرط غير جازم. «أنا» : «أنّ» : حرف مشبّه بالفعل ، «نا» : ضمير متصل في محلّ نصب اسمها. «على حجر» : جار ومجرور متعلّقان بـ (ذبحنا). ـ

٧٥

والأربعة الأسماء هي : أخ وأب وحم وهن. تقول في تثنيتهما : أخوان وأبوان وحموان وهنوان ، فترد المحذوف.

وغير المنقوص لا يخلو أن يكون صحيح الآخر أو معتلّه أو مهموزه ، فإن كان صحيح الآخر ، ألحقت العلامتين من غير تغيير إلا ما شذّ من قولهم : «أليان» و «خصيان» في تثنية «ألية» و «خصية». قال [من الرجز] :

٤٢ ـ ترتجّ ألياه ارتجاج الوطب

وقال الآخر [من الرجز] :

٤٣ ـ كأنّ خصييه من التّدلدل

ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل

______________________

ـ «ذبحنا» : فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ رفع نائب فاعل. «جرى» : فعل ماض مبني على الفتح المقدّر على الألف. «الدميان» : فاعل (جرى) مرفوع بالألف لأنه مثنى. «بالخبر» : جار ومجرور متعلّقان بـ (جرى). «اليقين» : صفة مجرورة بالكسرة.

وجملة «لو أنا» : بحسب ما قبلها. وجملة «ذبحنا» : في محلّ رفع خبر «إن». وجملة «جرى الدميان» : جواب شرط غير جازم لا محلّ لها.

والشاهد فيه قوله : «الدميان» حيث جعلهما مثنى «دم» ، فردّ الحرف المحذوف من «دم» للضرورة ، والقياس : الدمان.

٤٢ ـ التخريج : الرجز بلا نسبة في أدب الكاتب ص ٤١٠ ؛ وجمهرة اللغة ص ٢٤٧ ، ٩٩١ ؛ وخزانة الأدب ٧ / ٥٠٨ ، ٥٢٥ ، ٥٢٨ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٤٠٤ ؛ ولسان العرب ١٤ / ٤٣ (إلا) ، ٢٣٠ (خصا) ؛ والمقتضب ٣ / ٤١ ؛ والمقرب ٢ / ٤٥ ؛ والمنصف ٢ / ١٣١ ؛ ونوادر أبي زيد ص ١٣٠.

اللغة : ترتجّ : تهتزّ. ألياه : مثنى ألية وهي العجيزة. الوطب : سقاء اللبن ، والثدي العظيم.

المعنى : تهتز عجيزته كما يهتزّ ثديان كبيران أثناء المسير ، أو كما يهتزّ سقاء اللبن المعلّق على رحل ناقة.

الإعراب : ترتجّ : فعل مضارع مرفوع بالضمّة. ألياه : فاعل مرفوع بالألف لأنه مثنى ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. ارتجاج : مفعول مطلق منصوب بالفتحة. الوطب : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

وجملة «ترتجّ» : في محلّ نصب حال (صاحب الحال في ما تقدّم من الرجز).

والشاهد فيه قوله : «ألياه» حيث جاء مثنى (ألية) ، والقياس «أليتان» ، وهو مسموع.

٤٣ ـ التخريج : الرجز لخطام المجاشعي أو لجندل بن المثنى أو لسلمى الهذلية أو لشماء الهذلية في خزانة الأدب ٧ / ٤٠٠ ، ٤٠٤ ؛ ولجندل بن المثنى أو لسلمى الهذلية في المقاصد النحوية ٤ / ٤٨٥ ؛ ولخطام المجاشعي أو لجندل بن المثنى أو لسلمى الهذلية أو للشماء الهذلية في الدرر ٤ / ٣٨ ؛ ولجندل بن المثنى في شرح التصريح ٢ / ٢٧٠ ؛ وللشماء الهذلية في خزانة الأدب ٧ / ٥٢٦ ، ٥٢٩ ، ٥٣١ ؛ وبلا نسبة في إصلاح

٧٦

كان القياس أن يقول : أليتان وخصيتان. وقد جاء ذلك فيهما على القياس (١). وإن كان معتل الآخر فلا يخلو أن يكون معتلّا بالواو أو بالألف أو بالياء. فإن كان معتلّا بالياء أو بالواو ، نحو : «ظبي» و «غزو» ألحقته العلامتين من غير تغيير ، فتقول : ظبيان وغزوان ، في الرفع ، وظبيين وغزوين في النصب والخفض.

وإن كان معتلّا فلا يخلو أن يكون ثلاثيّا أو رباعيّا أو غير ذلك فإن كان ثلاثيّا ، قلبت الألف إلى أصلها إن كان أصلها ياء قلبتها ياء ، وإن كان أصلها واوا قلبتها واوا ، وألحقت العلامتين ، فتقول : رحيان وعصوان في الرفع ، ورحيين وعصوين ، في النصب والخفض ، في تثنية رحى وعصا ، لأنّك تقول : رحيت بالرحى وعصوت بالعصا ، أي : ضربت بها. فإن جهل أصل الألف فلا يخلو أن تمال الألف ، نحو ؛ «بلى» ، إذا سميت بها ، أو تقلب ياء في حال من الأحوال ، نحو : لدى وعلى وإلى ، إذا سميت بها أيضا ، لأنك تقول : لديه وعليه وإليه ، أو لا تمال ولا تقلب. فإن كانت قد أميلت أو قلبت فتقلبها ياء ، نحو : بليان ولديان وعليان ، وفي «إلى» : إليان في الرفع ، وبليين ولديين وعليين وإليين في النصب والجر. وإن كانت لم تمل ولم تقلب ياء في حال ، نحو : إلى ، إذا سمّيت بها فتقلبها واوا.

وأما أهل الكوفة فيقولون : المعتل الآخر بالألف إن كان ثلاثيّا على وزن «فعل» فالأمر

______________________

ـ المنطق ص ١٨٩ ؛ وخزانة الأدب ٧ / ٥٠٨ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٦١ ؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٨٤٧ ؛ وشرح المفصل ٤ / ١٤٣ ، ١٤٤ ، ٦ / ١٦ ، ١٨ ؛ والكتاب ٣ / ٥٦٩ ، ٦٢٤ ؛ ولسان العرب ١١ / ٢٤٩ (دلل) ، ٦٩٢ (هدل) ، ١٤ / ١١٧ (ثنى) ، ٢٣٠ (خصى).

اللغة : التدلدل : التهدّل. ظرف العجوز : مزودها الذي تخزن فيه متاعها. الحنظل : الشجر المرّ المعروف.

المعنى : كأن خصيتيه وعاء عجوز مهترىء فيه ثمرتا حنظل تتحرّكان متدليتين.

الإعراب : كأن : حرف مشبّه بالفعل. خصييه : اسم (كأن) منصوب بالياء لأنه مثنى ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. من التدلدل : جار ومجرور متعلقان بالحرف (كأن) لما فيه من معنى التشبيه. ظرف : خبر (كأن) مرفوع بالضمة. عجوز : مضاف إليه مجرور بالكسرة. فيه : جار ومجرور متعلقان بخبر (ثنتا) المحذوف. ثنتا : مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنّى ، وحذفت النون للإضافة. حنظل : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

وجملة «كأن خصييه ظرف عجوز» ابتدائيّة لا محل لها. وجملة «ثنتا حنظل موجودتان فيه» : في محلّ رفع صفة لـ (ظرف).

والشاهد فيه قوله : «خصييه» حيث ثنّى (خصية) شذوذا على «خصيين» ، والقياس «خصيتان».

(١) انظر الشواهد في لسان العرب (خصي).

٧٧

على ما وصفتم ، وأما إن كان على وزن «فعل» أو «فعل» ، نحو : هدى وغنى ، فيقلبون الألف واوا إلّا لفظتين شذّتا فبنيتا بالياء والواو ، فقالوا : حميان وحموان وربوان وربيان ، في تثنية «حمى» و «ربا».

وإن كان رباعيّا قلبت الألف ياء بالاتفاق وألحقت العلامتين ، فتقول : ملهيان وموسيان في الرفع ، وموسيين وملهيين في النصب والخفض ، في تثنية موسى وملهى.

وإن كان أزيد من أربعة أحرف قلبت الألف ياء في مذهب أهل البصرة كالرباعيّ ، وحذفتها في مذهب أهل الكوفة وألحقت العلامتين ، فتقول في تثنية «حبارى» و «جمادى» على مذهب البصريين : حباريان وجماديان ، وعلى مذهب الكوفيين : حباران وجمادان. والصحيح في القياس ما ذهب إليه البصريون وبه ورد السماع نحو قوله [من الرجز] :

٤٤ ـ أصبح زيد خفش العينينه

فعلته لا تنقضي شهرينه

شهري ربيع وجماديينه

فقال : جماديين.

وإن كان مهموز الآخر ، فلا يخلو ما قبل الهمزة أن يكون ساكنا أو متحركا ، فإن كان متحركا ، نحو : نبأ وأجأ ، ألحقت العلامتين من غير تغيير ، فتقول : نبآن وأجآن ، في الرفع ونبأين وأجأين ، في النصب والخفض وإن كان ساكنا فلا يخلو أن يكون حرف علة أو حرفا صحيحا ، فإن كان حرفا صحيحا ، نحو : عبء ودفء ، جاز فيه وجهان : إلحاق العلامتين من غير تغيير ، فتقول : عبئان ودفئان ، في الرفع ، وعبأين ودفأين في النصب والخفض ، ونقل حركة الهمزة إلى الساكن وحذفها ، فتقول : عبان ودفان ، في الرفع ، وعبين ودفين ، في النصب والخفض.

______________________

(١) الحبارى : نوع من الطيور.

٤٤ ـ التخريج : الرجز لامرأة من فقعس في خزانة الأدب ٧ / ٤٥٦ ـ ٤٥٧ ؛ وسر صناعة الإعراب ٢ / ٤٨٩ ؛ وشرح المفصل ٤ / ١٤٢ ؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ١٣١١ ؛ والمقرب ٢ / ٤٥ ، ٤٦ ؛ والممتع في التصريف ٢ / ٦٠٩.

الإعراب : ... «شهري» : بدل من «شهرينه» منصوب وحذفت النون للإضافة. «ربيع» : مضاف إليه مجرور بالكسرة. «وجماديينه» : معطوف على شهري ربيع ، منصوب بالياء لأنه مثنى والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد والهاء للسكت.

والشاهد فيه قوله : «جماديينه» فيجوز سقوط الألف في تثنية الاسم الذي كثرت حروفه ويجوز أن تذكر وتقلب ياء ، وهنا لم تحذف بل قلبت ياء ، وبقاء الألف هنا لا يرد على الكوفيين رأيهم ، لأنهم قالوا بجواز الحذف لا بوجوبه.

٧٨

وإن كان حرف علة فلا يخلو أن يكون ياء أو واوا أو ألفا ؛ فإن كان ياء أو واوا فلا يخلو أن يكون زائدا أو غير زائدا ، فإن كان غير زائد ، نحو : شيء وضوء ، فحكمه حكم الصحيح ، فتقول في تثنية «شيء» و «ضوء» : شيئان وضوءان. وإن كان زائدا جاز في الاسم وجهان : إلحاق العلامتين من غير تغيير ، تقول : نبيء (١) ووضوء ، تقول في تثنيتهما : نبيئان ووضوءان ونبيئين ووضوءين ، وإن شئت قلبت الهمزة مع الياء ياء أو مع الواو واوا ، وأدغمت الياء في الياء والواو في الواو ، وألحقت العلامتين ، فتقول : نبيّان ووضوّان ، في الرفع ، ونبيّين ووضويّن في النصب والخفض.

وإن كان ألفا فلا تخلو الهمزة أن تكون أصلا أو منقلبة عن أصل أو زائدة إمّا للإلحاق وإمّا للتأنيث. فإن كانت أصلا ، نحو : قرّاء لأنّه من قرأ يقرأ ، ألحقت العلامتين من غير تغيير ، فتقول : قرّاءان ، في الرفع وقرّاءين ، في النصب والخفض ، وقد يجوز قلبها واوا وذلك قليل جدا ، فيقال : قرّاوان وقرّاوين. وإن كانت زائدة للتأنيث قلبتها واوا وألحقت العلامتين ، نحو : حمراء ، فتقول : حمراوان في الرفع وحمراوين في النصب والخفض. وقد يجوز إقرارها ، فتقول : حمراءان وحمراءين ، وذلك شاذّ.

وإن كانت بدلا من أصل ، نحو : كساء ، أو زائدة للإلحاق ، نحو : علباء (٢) ، جاز فيها وجهان : إلحاق العلامتين من غير تغيير وقلبها واوا ، نحو : كساءين وكساوين ، وعلباءين وعلباوين. والأحسن في «علباء» وبابه القلب ، والأحسن في «كساء» وبابه الإقرار ، وبعض بني فزارة يقلبون الهمزة فيها ياء ، فيقولون : كسايان وعلبايان.

وإذا اجتمع مذكّر ومؤنّث فلا يخلو أن يتّفقا في اللفظ أو يختلفا ، فإن اختلفا فالعطف ولا تجوز التثنية إلا فيما غلّب فيه أحد الاسمين على الآخر ، وذلك موقوف على السماع ، نحو : أب وأم ، قالوا فيهما : أبوان. وأما مثل شيخ وعجوز ورجل وامرأة فلا تجوز تثنيتهما ، فلا تقول : شيخان ولا رجلان إلا على لغة من قال : شيخ وشيخة ، فيكون في باب ما اتفق فيه اللفظان ، قال الشاعر في شيخة [من الطويل] :

٤٥ ـ وتضحك منّي شيخة عبشميّة

كأن لم ترى قبلي أسيرا يمانيا

______________________

(١) النبيء : لغة في النبيّ.

(٢) العلباء : عصب العنق.

٤٥ ـ التخريج : البيت لعبد يغوث بن وقاص الحارثي في الأغاني ١٦ / ٢٥٨ ؛ وخزانة الأدب ٢ / ١٩٦ ، ٢٠٢ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ١ / ٧٦ ؛ وشرح اختيارات المفضل ص ٧٦٨ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٤١٤ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٧٥ ؛ ولسان العرب ٣ / ٥١٧ (هذذ) ، ٥ / ٧٥ (قدر) ، ٦ / ١١٥ ـ

٧٩

وقال آخر في رجلة [من المديد] :

٤٦ ـ خرّقوا جيب فتاتهم

لم يبالوا حرمة الرّجله

______________________

ـ (شمس) ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٥ ؛ وشرح الأشموني ١ / ٤٦ ؛ وشرح المفصل ٥ / ٩٧ ، ١٠ / ١٠٧ ؛ والمحتسب ١ / ٦٩.

اللغة : شيخة : امرأة عجوز. عبشمية : نحت مشتق من آل عبد شمس. يمانيا : نسبة إلى اليمن.

المعنى : تضحك ساخرة مني امرأة عجوز من بني عبد شمس ، وكأنني الأسير الأول من اليمن في قومها.

الإعراب : وتضحك : «الواو» : حسب ما قبلها ، و «تضحك» : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة. مني : جار ومجرور متعلقان بالفعل تضحك و «النون» : للوقاية. شيخة : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. عبشمية : صفة مرفوعة بالضمة الظاهرة. كأن : حرف مشبه بالفعل مخفف ، واسمه محذوف. لم : حرف نفي وقلب وجزم. ترى : فعل مضارع مجزوم ، وأثبتت ألفه للضرورة الشعريّة. و «الفاعل» : ضمير مستتر جوازا تقديره هي. قبلي : ظرف زمان منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء لانشغال المحل بالحركة المناسبة ، وهو مضاف ، متعلق بالفعل «تر» و «الياء» : ضمير متصل في محل جرّ بالإضافة. أسيرا : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. يمانيا : صفة منصوبة بالفتحة الظاهرة.

وجملة «وتضحك شيخة» ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «كأن لم تر ...» : حالية محلها النصب. وجملة «لم تر أسيرا» : في محل رفع خبر كأن.

والشاهد فيه قوله : «شيخة» حيث استعمل مؤنث «شيخ» فقال : «شيخة».

٤٦ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في شرح شواهد الإيضاح ص ٤١٦ ؛ وشرح المفصل ٥ / ٩٨ ؛ ولسان العرب ١١ / ٢٦٦ (رجل).

اللغة : الجيب : القلب والصدر ، وجيب الأرض : مدخلها ، وهذا ما أراده. الحرمة : كلّ ما عليك حمايته والدفاع عنه. الرجلة : جمع الرجل (بسكون الجيم) ، ومؤنّث الرجل (بضمّها).

المعنى : اغتصب «بنو جبلة» فتاة جيرانهم ، ولم يهتمّوا لقومها ومكانتها.

الإعراب : خرقوا : فعل ماض مبني على الضم ، و «الواو» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل ، و «الألف» : للتفريق. جيب : مفعول به منصوب بالفتحة. فتاتهم : مضاف إليه مجرور بالكسرة ، و «هم» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. لم يبالوا : «لم» : حرف جزم وقلب ونفي ، «يبالوا» : فعل مضارع مجزوم بحذف النون من آخره لأنّه من الأفعال الخمسة ، و «الواو» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل ، و «الألف» : للتفريق. حرمة : مفعول به منصوب بالفتحة. الرجلة : مضاف إليه مجرور بالكسرة ، وسكّن لضرورة القافية.

وجملة «خرقوا» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «لم يبالوا» : في محلّ نصب حال من فاعل (خرّقوا).

والشاهد فيه قوله : «الرجلة» في تأنيث «الرجل» ، وهذا نادر.

٨٠