شرح جمل الزجّاجى - ج ١

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

شرح جمل الزجّاجى - ج ١

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-2263-0
ISBN الدورة:
2-7451-2263-0

الصفحات: ٥٨٤

المعنى أعظم حرمة من اللفظ ، لأن اللفظ إنّما هو خديم المعنى ، ولأنّه إنّما أتي به من أجله.

والناقصة تنقسم قسمين : فأحدهما أن تدخل على المبتدأ والخبر فيبقيا على إعرابهما ويكون في «كان» إذ ذاك ضمير الأمر والشأن أو القصة ، وتكون الجملة في موضع الخبر وذلك ، نحو : «كان زيد قائم» ، فاسم «كان» ضمير الأمر والشأن ، و «زيد قائم» في موضع الخبر ، وتقول : «كانت هند قائمة» ، إذا جعلت الضمير للقصة ، فكأنك قلت : «كانت القصة هند قائمة» ، وكذلك «كانت زيد قائم». هذا مذهب أهل البصرة ، أعني أنه يجوز أن يجعل الضمير للأمر فلا تلحق علامة التأنيث أو للقصة فتلحق علامة التأنيث ، كان المخبر عنه مذكرا أو مؤنثا.

وزعم أهل الكوفة أنّ المخبر عنه إذا كان مذكّرا فالضمير ضمير أمر ، وإن كان مؤنثا فالضمير ضمير قصة ، فتقول : «كان زيد قائم» ، و «كانت هند قائمة» للمشاكلة ، ولا يقال عندهم : «كانت زيد قائم» ، ولا «كان هند قائمة».

وهذا الذي منعوه جائز في القياس ، وقد ورد به السماع أيضا ، وذلك في قراءة من قرأ : (أولم تكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل) (١). ألا ترى أنّ «آية» خبر مقدم لـ «أن يعلمه» و «أن يعلمه» في موضع اسم مبتدأ وهو مذكر ، والضمير في «تكن» ضمير قصة.

فإن قيل : فلعل «آية» اسم «يكن» و «أن يعلمه» في موضع الخبر. فالجواب : أنّ ذلك باطل لأنّه قد تقدم أنّ «أن» وما بعدها محكوم لها بحكم أعرف المعارف ، وهو المضمر ، فلو جعلناه خبرا لـ «يكن» لكان من قبيل ما أخبر فيه بالمعرفة عن النكرة ، وذلك من أقبح الضرائر.

والآخر : أن تدخل على المبتدأ والخبر فترفع المبتدأ على أنّه اسمها وتنصب الخبر على أنّه خبرها ، وذلك نحو : «كان زيد قائما».

______________________

(١) الشعراء : ١٩٧.

جمل الزجاجي / ج ١ / م ٢٦

٤٠١

وهذه تنقسم قسمين : أحدهما أن تكون بمعنى «صار» ، قال الشاعر [من الطويل] :

٢٧٠ ـ بتيهاء قفر والمطيّ كأنّها

قطا الحزن قد كانت فراخا بيوضها

أي : صارت فراخا.

والآخر أن تكون لمجرّد الدلالة على الزمان الماضي ، فتقول : «كان زيد قائما» ، إذا أردت أن تخبر أنّ قيام زيد كان فيما مضى.

واختلف النحويون في «كان» هذه هل هي تقتضي الانقطاع أو لا تقتضيه ، فأكثرهم على أنّها تقتضي الانقطاع ، فإنّك إذا قلت : «كان زيد قائما» ، فإنّ قيام زيد كان فيما مضى وليس الآن بقائم ، وهذا هو الصحيح ، بدليل أنّ العرب إذا تعجّبت من صفة هي موجودة في المتعجّب منه في الحال قالت : «ما أحسن زيدا» ، فإذا قالت : «ما كان أحسن زيدا» ، كان التعجب من الحسن فيما مضى وهو الآن ليس كذلك.

وزعم بعضهم أنّها لا تعطي الانقطاع ، واستدل على ذلك بمثل قوله تعالى : (وَكانَ

______________________

٢٧٠ ـ التخريج : البيت لعمرو بن أحمر في ديوانه ص ١١٩ ؛ والحيوان ٥ / ٥٧٥ ؛ وخزانة الأدب ٩ / ٢٠١ ؛ ولسان العرب ٧ / ١٨٦ (عرض) ، ١٣ / ٣٦٧ (كون) ؛ وله أو لابن كنزة في شرح شواهد الإيضاح ص ٥٢٥ ؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص ١٣٧ ؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٦٨ ؛ وشرح المفصل ٧ / ١٠٢ ؛ والمعاني الكبير ١ / ٣١٣.

اللغة : التيهاء : الصحراء. القفر : الخالي من الأنس. القطا : نوع من الطير يشبه الحمام يعيش في الصحراء. الحزن : الأرض الغليظة. وقد أضاف القطا إلى الحزن لأنّه يكون قليل الماء والقطا أشدّ عطشا ، فإذا أراد الماء أسرع. البيوض : ج البيض.

المعنى : يقول : إنّ المطيّ كانت في صحراء مقفرة تسير بخطى سريعة شبيهة بخطى القطا التي فارقت فراخها لتحمل إليها الماء لتسقيها.

الإعراب : بتيهاء : جار ومجرور متعلقان بـ «تجري» في البيت السابق. قفر : نعت «تيهاء» مجرور بالكسرة. والمطيّ : «الواو» : حاليّة ، «المطيّ» : مبتدأ مرفوع. كأنّها : حرف مشبه بالفعل ، و «ها» : ضمير في محلّ نصب اسم «كأنّ». قطا : خبر «كأنّ» ، وهو مضاف. الحزن : مضاف إليه مجرور. قد : حرف تحقيق. كانت : فعل ماض ناقص ، و «التاء» : للتأنيث. فراخا : خبر «كان» منصوب. بيوضها : اسم «كان» مرفوع ، وهو مضاف ، و «ها» : ضمير متصل مبنيّ في محلّ جرّ بالإضافة.

وجملة «المطيّ كأنها ...» : في محل نصب حال. وجملة «كأنّها قطا الحزن» : في محلّ رفع خبر «المطيّ». وجملة «كانت فراخا بيوضها» : في محلّ رفع نعت «قطا».

الشاهد فيه قوله : «قد كانت فراخا بيوضها» حيث استعمل «كان» بمعنى «صار».

٤٠٢

اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (١) ، أي : كان وهو الآن كذلك. وقوله سبحانه : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) (٢). أي : كان وهو الآن كذلك.

فالجواب : إنّ ذلك قد يتصوّر فيه الانقطاع وذلك بأن يكون المراد به الإخبار بأنّ هذه الصفة كانت له فيما مضى ولم يتعرّض إلى خلاف ذلك ، ويكون معنى قوله : «إنّه كان فاحشة» ، أي : كان عندكم في الجاهلية فاحشة ، فيكون المراد الإخبار عن الزنا كيف كان عندهم في الجاهلية ، ولم يتعرض إلى أكثر من ذلك.

والتامّة هي التي تكتفي بالمرفوع عن المنصوب ، وذلك نحو : «كان الأمر» ، أي : حدث ، و «كان عبد الله» ، أي : خلق ، ومنه قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ) (٣).

أي : إن حدث ذو عسرة ، وذلك أنّ العسر إذا حدث على الشخص فكأنه قد حدث في ذلك الوقت معسر.

وقد تكون التامة بمعنى «حضر» ، يحكى من كلامهم : «أكان لبن»؟ بمعنى : أحضر شيء من هذا الجنس.

وحكي أيضا أنّها تكون بمعنى : «غزل» ، وأنّه يقال : «كان زيد الصوف» ، بمعنى : غزل زيد الصوف ، و «الصوف» مفعول بـ «كان» ، ويجوز حذفه حذف اختصار واقتصار كما يجوز حذف مفعول «ضرب».

[١٤ ـ معاني أخوات «كان» وأحكامها] :

أما «أمسى» ، و «أصبح» ، و «أضحى» فإنها تستعمل تامة فتكتفي بالمرفوع عن المنصوب ، وتستعمل ناقصة فتحتاج إلى اسم مرفوع وخبر منصوب ، تقول في التامة : «أصبح زيد» ، و «أضحى عمرو» ، و «أمسى عبد الله» ، وتكون للدلالة على دخول الفاعل في الوقت الذي اشتقّت من اسمه على حسب ما تقتضيه الصيغة من مضيّ أو غيره ، فكأنّك قلت : دخل زيد في الصباح أو في السماء أو في الضحى.

______________________

(١) النساء : ٩٦.

(٢) الإسراء : ٣٢.

(٣) البقرة : ٢٨٠.

٤٠٣

وقد تكون للدلالة على انقطاع الفاعل لفعله في الزمان الذي اشتقّت من اسمه ، فتقول : «أصبح زيد» ، تريد : فعل فعلا في الصباح ، إلّا أنّ ذلك لا يكون إلّا بقرينة ، ومنه قولهم : إذا سمعت بسرى القين فاعلم أنّه مصبح (١). ألا ترى أنّ المعنى : فاعلم بأنّه مقيم بالصباح لا داخل في الصباح ، لأنّه معلوم أنّ كلّ شخص داخل في الصباح ، ودلّ على الإقامة «السرى».

وأما الناقصة إذا دخلت على المبتدأ والخبر ، كان لك فيها وجهان : أحدهما أن ترفع المبتدأ على أنّه اسم لها وتنصب الخبر على أنّه خبر لها ، فتقول : «أمسى زيد قائما» ، و «أضحى زيد منطلقا» ، و «أصبح زيد ضاحكا».

والآخر أن تدخل على المبتدأ والخبر ، وتضمر فيها ضمير الأمر والشأن أو القصة.

ويبقى المبتدأ والخبر على إعرابهما ، وتكون الجملة في موضع الخبر كما كان ذلك في «كان» ، فتقول : «أمسى زيد قائم» ، و «أصبح عبد الله منطلق» ، و «أضحى عبد الله ضاحك».

وتكون هذه الأفعال في الوجهين للدلالة على اقتران مضمون الجملة بالزمان الذي اشتقت من اسمه ، فكأنّك قلت : «كان قيام فلان في المساء أو في الصباح أو في الضحى» ، وقد تكون بمعنى «صار» ، فلا تتعرض للزمان الذي اشتقت من اسمه «أصبح» ، فكأنّك قلت : «صار فلان قائما أو ضاحكا» ، ومن ذلك قوله [من المنسرح] :

٢٧١ ـ أصبحت لا أحمل السّلاح ولا

أملك رأس البعير إن نفرا

______________________

(١) هذا القول من أمثال العرب وقد ورد في ثمار القلوب ص ٢٤٠ ؛ وجمهرة الأمثال ١ / ٢٣ ؛ وجمهرة اللغة ص ٩٨٠ ؛ والدرّة الفاخرة ٢ / ٣٦٥ ؛ وزهر الأكم ١ / ٧٢ ؛ وفصل المقال ص ٣٥ ، ١٠٧ ؛ وكتاب الأمثال ص ٤٧ ؛ ولسان العرب ٤ / ٢٨٨ (درر) ، ١٣ / ٣٥١ (قين) ؛ ومجمع الأمثال ١ / ٤١ ، ٢٦٦ ؛ والمستقصى ١ / ١٢٤ ؛ والوسيط في الأمثال ص ٦٠.

والسّرى : السّير ليلا. والقين : الحداد. وأصل المثل أنّ القين بالبادية يتنقّل في مياه العرب ، فيقيم بالموضع أيّاما ، فيكسد عليه عمله ، ثمّ يقول لأهل الماء : إني راحل عنكم الليلة ، وإن لم يرد ذلك ، ولكنه يشيعه ليستعمله من يريد استعماله ، فكثر ذلك من قوله حتى صار لا يصدّق وإن قال الصدق ، ذلك أنّ من عرف بالصدق جاز كذبه ، ومن عرف بالكذب لم يجز صدقه.

٢٧١ ـ التخريج : البيت للربيع بن ضبع في أمالي المرتضى ١ / ٢٥٥ ؛ وحماسة البحتري ص ٢٠١ ؛ وخزانة الأدب ٧ / ٣٨٤ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٣٦ ؛ والكتاب ١ / ٨٩ ؛ ولسان العرب ١٣ / ٢٥٩ (ضمن) ، ـ

٤٠٤

ألا ترى أن المعنى : صرت لا أحمل السلاح. ومن ذلك قوله [من البسيط] :

٢٧٢ ـ أضحى يمزّق أثوابي ويشتمني

أبعد ستّين عندي تبتغي الأدبا

______________________

ـ والمقاصد النحوية ٣ / ٣٩٨ ؛ وبلا نسبة في الرد على النحاة ص ١١٤ ؛ وشرح المفصل ٧ / ١٠٥ ؛ والمحتسب ٢ / ٩٩.

اللغة : نفر البعير : شرد وتباعد خوفا.

المعنى : لقد صرت كبيرا غير قادر على حمل السلاح ، ولا على ضبط الجمل إن تحرّك خائفا.

الإعراب : أصبحت : فعل ماض ناقص ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع اسمها. لا أحمل : «لا» : نافية ، «أحمل» : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنا). السلاح : مفعول به منصوب بالفتحة. ولا : «الواو» : حرف عطف ، «لا» : حرف لتوكيد النفي. أملك : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنا). رأس : مفعول به منصوب بالفتحة. البعير : مضاف إليه مجرور بالكسرة. إن : حرف شرط جازم. نفرا : فعل ماض مبني على الفتح ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو) ، و «الألف» : للإطلاق.

وجملة «أصبحت ...» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «لا أحمل» : في محل نصب خبر (أصبحت). وجملة «لا أملك» : معطوفة على سابقتها في محلّ نصب. وجملة «إن نفرا» : في محلّ نصب حال. وجملة «نفر» جملة الشرط غير الجازم لا محل لها ، والفعل (نفرا) محله الجزم.

والشاهد فيه قوله : «أصبحت لا أحمل» حيث جاء الفعل الناقص بمعنى (صرت) أي ليس فيه معنى الصباح.

٢٧٢ ـ التخريج : لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.

اللغة : شرح المفردات : يبغي : يريد. الأدب : أدب النفس.

المعنى : يقول : إنّه حاول تأديبي بتمزيق أثوابي وضربي بعد أن كبرت بي السنّ ، وأصبح من المتعذّر ذلك.

الإعراب : أضحى : فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : «هو». يمزّق : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : «هو». أثوابي : مفعول به منصوب بالفتحة منع من ظهورها اشتغال المحلّ بالحركة المناسبة ، وهو مضاف ، والياء : ضمير متّصل مبنيّ في محلّ جرّ بالإضافة. ويشتمني : الواو حرف عطف ، «يشتمني» : فعل مضارع مرفوع بالضمّة الظاهرة ، والنون للوقاية ، والياء : ضمير متّصل مبنيّ في محل نصب مفعول به. وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره «هو». أبعد : الهمزة للاستفهام ، «بعد» : ظرف زمان منصوب بالفتحة ، متعلّق بالفعل «تبتغي» ، وهو مضاف. ستين : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. يبتغي : فعل مضارع مرفوع بالضمّة المقدّرة على الياء للثقل ، وفاعله ضمير مستتر فيه تقديره «أنت». عندي : ظرف مكان منصوب بالفتحة المقدّرة على ما قبل الياء متعلّق بالفعل «يبتغي». وهو مضاف. والياء : ضمير متّصل مبنيّ في محلّ جرّ بالإضافة. الأدبا : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة ، والألف للإطلاق.

وجملة «أضحى يمزّق أثوابي» ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «يمزّق أثوابي» في محلّ نصب ـ

٤٠٥

ألا ترى أنّ المعنى : صار يمزّق أثوابي.

وزعم أهل الكوفة أنّ «أمسى» و «أصبح» تزادان كـ «كان» ، وحكوا : «ما أصبح أبردها وأمسى أدفأها». يعنون الدنيا ، بزيادة «أمسى» و «أصبح» بين «ما» التعجبية وخبرها.

وهذا إذا ثبت هو من القلّة بحيث لا يقاس عليه ، وهو مع ذلك خارج عن القياس لأنّ القياس في اللفظ أن لا يزاد.

وأجاز بعض النحويين زيادة «أضحى» وسائر أفعال هذا الباب إذا لم تنقص المعنى ، وزيادة كلّ فعل متعدّ من غير هذا الباب ، واستدلّ بأنّ العرب قد زادت الأفعال في نحو قوله [من البسيط] :

الآن قرّبت تهجونا وتشتمنا

فاذهب فما بك والأيام من عجب (١)

ألا ترى أنّ المعنى : فما بك والأيّام من عجب ، ولم ترد أن تأمره بالذهاب.

وكذلك قولهم : «فلان قعد يتهكّم بعرض فلان» ، ألا ترى أنّ «قعد» هنا لا معنى لها ، وإنّما أراد أن يقول : «فلان يتهكم بعرض فلان» ، وكذلك قوله [من الوافر] :

٢٧٣ ـ على ما قام يشتمني لئيم

كخنزير تمرّغ في رماد

ألا ترى أنّ المعنى : «علام يشتمني لئيم»؟ ولا فائدة لـ «قام»؟

______________________

ـ خبر «أضحى». وجملة : «يشتمني» معطوفة على «يمزق». وجملة «يبتغي ...» استئنافية لا محلّ لها من الإعراب.

الشاهد فيه قوله : «أضحى يمزّق» بمعنى «صار» للدلالة على التحوّل من حال إلى حال.

(١) تقدم بالرقم ١٤٠.

٢٧٣ ـ التخريج : البيت لحسّان بن ثابت في ديوانه ص ٣٢٤ ؛ والأزهية ص ٨٦ ؛ وخزانة الأدب ٥ / ١٣٠ ، ٦ / ٩٩ ، ١٠١ ، ١٠٢ ، ١٠٤ ؛ والدرر ٦ / ٣١٤ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٣٤٥ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ٢٢٤ ؛ ولسان العرب ١٢ / ٤٩٧ (قوم) ؛ والمحتسب ٢ / ٣٤٧ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٥٥٤ ؛ ولحسان بن منذر في شرح شواهد الإيضاح ص ٢٧١ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٠٩ ؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ٤٠٤ ؛ وشرح الأشموني ٣ / ٧٥٨ ؛ وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٢٩٧ ؛ وشرح المفصل ٤ / ٩ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ٢١٧.

اللغة : تمرّغ : تقلّب وتلطّخ.

المعنى : على أي شيء يشتمني ، هذا الدنيء القبيح كخنزير تلطّخ بالطين الآسن والرماد.

الإعراب : على ما : «على» : حرف جر ، «ما» : اسم استفهام مبني على السكون في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بالفعل (يشتمني). قام : فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة ، و «الفاعل» : ـ

٤٠٦

وهذا الذي ذهبوا إليه باطل ، لأنّ ما جاء مما ظاهره الزيادة فإن يخرج على أنّه غير زائد ـ إن أمكن ـ حمل على ذلك ، وإلّا قيل بزيادته حيث ثبت ذلك فيه ، ولا يقاس ذلك.

وأما «غدا» و «راح» فيستعملان تامّين وناقصين ، فإذا استعملا تامّين دلّا على دخول الفاعل في الوقت الذي اشتقّا من اسمه على حسب ما تقتضيه الصيغة من مضيّ أو غيره ، فنقول : «غدا زيد وراح» ، أي : دخل في الغدوّ والرواح. وقد يدلّان على إيقاع الفاعل مشيا في الوقت الذي اشتقا منه ، يقال : «غدا زيد وراح» ، أي : مشى في الغدوّ والرواح.

وإذا استعملا ناقصتين جاز أن يكون فيهما ضمير الأمر والشأن ، وأن لا يكون كما تقدّم في أخواتهما. ويكون حكمهما في ذلك كحكم ما تقدّم ، ويكونان إذ ذاك للدلالة على اقتران مضمون الجملة بالزمان الذي اشتقّا منه ، وذلك نحو : غدا زيد قائما ، أي وقع قيامه في وقت الغدو ، وراح عبد الله منطلقا أي وقع انطلاقه في وقت الرواح.

وقد يكونان بمعنى «صار» ، فتقول : «غدا زيد منطلقا» ، و «راح عبد الله ضاحكا» ، أي : صارا في حال ضحك وانطلاق.

ولا يكونان زائدين على مذهب من يرى زيادة أفعال هذا الباب ، وقد تقدّم الرد عليه ،

وأما «آض» فتكون تامة وناقصة ، فإن كانت تامة كانت بمعنى «رجع» ، وإن كانت ناقصة جاز أن يكون فيها ضمير الأمر والشأن أو لا يكون كما تقدّم في أخواتها ، وذلك نحو : «آض زيد قائما» ، فتكون إذ ذاك بمعنى «صار».

وأما «صار» فتكون أيضا تامة وناقصة ، فإن كانت تامة كانت بمعنى «انتقل» ، فتتعدّى بـ «إلى» فتقول : «صار زيد إلى موضع كذا» ، أي : انتقل ، وإن كانت ناقصة كانت لانتقال

______________________

ـ ضمير مستتر جوازا تقديره هو. يشتمني : فعل مضارع مرفع بالضمة ، و «النون» : للوقاية ، و «الياء» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به. لئيم : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. كخنزير : جار ومجرور متعلقان بصفة محذوفة. تمرغ : فعل ماض مبني على الفتحة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر جوازا تقديره هو. في رماد : جار ومجرور متعلقان بالفعل تمرغ.

وجملة «قام يشتمني» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «يشتمني لئيم» : في محل نصب حال. وجملة «تمرغ في رماد» : في محل جرّ صفة خنزير.

والشاهد فيه قوله : «على ما قام يشتمني» حيث اعتبر البعض أن الفعل «قام» ، زائد.

٤٠٧

الشيء من حالة إلى حالة أخرى لم يكن عليها ، فتقول : «صار زيد عالما» ، أي : انتقل عن الجهل إلى العلم.

وأمّا «قعد» و «جاء» فتكونان تامّتين وناقصتين ، فإن كانتا تامّتين كانت «قعد» بمعنى «جلس» و «جاء» بمعنى «أتى» ، وإن كانتا ناقصتين كانتا بمعنى «صار». إلا أنهما لم يستعملا كذلك إلّا في الموضع الذي سمعتا فيه. وقولهم : «شحذ شفرته حتّى قعدت كأنّها حربة» ، أي : صارت ؛ وأمّا «فلان قعد يتهكّم بعرض فلان». فقد تقدّمت الدلالة على أنّها زائدة. وقولهم : «ما جاءت حاجتك» ، روي برفع «الحاجة» ونصبها ، فمن رفع «الحاجة» جعلها اسم «جاءت» ، ومن نصب «الحاجة» جعلها خبر «جاءت» ، وجعل في «جاءت» ضمير مؤنث عائدا على «ما» على معناها ، لأنّها واقعة على «جاءت الحاجة» ، كأنه قال : أيّة الحاجة جاءت حاجتك؟ أي : صارت هي حاجتك. فإن قيل : فهل يجوز : «ما جاء حاجتك» ، على لفظ «ما» لأنّ لفظها مذكّر؟ فالجواب : إنّ هذا كلام جرى مجرى المثل ، فلا يغيّر عما سمع عليه.

وأما «ظلّ» و «بات» فتكونان تامتين وناقصتين ، فإن كانتا تامتين كانت «ظلّ» تدل على إقامة الفاعل نهاره ، و «بات» على إقامة الفاعل ليله ، وإن كانتا ناقصتين جاز أن يكون فيهما ضمير أمر وشأن وأن لا يكون فيهما كما تقدم في أخواتهما ، وتكون «ظلّ» للدلالة على وقوع مضمون الجملة في النهار ، و «بات» للدلالة على وقوع مضمون الجملة في الليل ، فتقول : «ظلّ زيد قائما» ، أي : وقع قيامه في النهار ، و «بات زيد ضاحكا» ، أي : وقع ضحكه في الليل.

وقد يكونان بمعنى «صار» ، ومنه قوله تعالى : (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) (١). أي : صار وجهه مسودا. وقد حمل قوله عليه‌السلام : «فإنّ أحدكم لا يدري أين باتت يده» على ذلك ، أي : صارت يده.

وأما «ما زال» و «ما انفك» و «ما فتىء» و «ما برح» فتستعمل تامة وناقصة ، فتكون

______________________

(١) الزخرف : ١٧.

٤٠٨

تامة للدلالة على عدم انتقال الفاعل عن أمر ما فتقول : ما زال زيد عن وطنه. وما زال عمرو عن الضحك ، وكذلك باقي أخواتها.

وزعم بعض نظار النحويين أنّ ما برح تدل على نفي انتقال الفاعل عن مكانه ، فإذا قلت «ما برح» ، فمعناه عنده : ما انتقل زيد عن المكان الذي كان فيه ، واستدلّ على ذلك بأنّ «برح» مشتقّ من البراح الذي هو اسم المكان ، فكأنك إذا قلت : «ما برح زيد» ، أردت : ما زال زيد عن البراح الذي كان فيه.

وهذا الذي ذهب إليه فاسد ، بدليل قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) (١). ألا ترى أنّ من المحال أن يريد : لا أزال عن مكاني حتى أبلغ مجمع البحرين ، لأنّه معلوم أنّه ما دام في مكانه لا يبلغ مجمع البحرين ، فدلّ ذلك على أنّ «برح» بمعنى «زال» ، وأنّها غير مشتقة من «البراح» الذي هو المكان.

وأما «ما دام» فتستعمل أيضا تامة وناقصة ، فإن كانت تامة دلت على اتصال ما قبلها مدّة بقاء الفاعل ، نحو : «أقوم ما دام زيد» ، أي : يتصل قيامي مدة بقاء زيد. وإن كانت ناقصة فإنها قد يكون فيها ضمير الأمر والشأن ، وقد لا يكون. وتدل في الحالتين على اتصال ما قبلها مدة بقاء الصفة للموصوف ، فتقول : «أقوم ما دام زيد ضاحكا» ، أي : مدّة بقاء الضحك صفة لـ «زيد».

وأما «ليس» فلا تكون إلّا ناقصة ، وقد يكون فيها ضمير الأمر والشأن وقد لا يكون ، وهي في الحالتين لنفي الخبر. فإن كان الخبر مختصا بزمان ، نفته على حسب ما هو عليه من الاختصاص ، وإن كان محتملا للحال والاستقبال خلّصته للحال ، فتقول : «ليس زيد قائما الآن» ، و «ليس زيد قائما غدا» ، وإذا قلت : «ليس زيد قائما» ، فإنّما نفيت القيام عن «زيد» في الحال.

______________________

(١) الكهف : ٦٠

٤٠٩

[١٥ ـ الرافع لأسماء هذه الأفعال] :

واختلف الناس في الرافع لأسماء هذه الأفعال ، فمنهم من ذهب إلى أنّ هذه الأفعال دخلت على المبتدأ والخبر فنصبت الخبر وبقي المبتدأ على رفعه وهو مذهب كوفي.

ومنهم من ذهب إلى أنّ «كان» وأخواتها دخلت على المبتدأ والخبر فرفعت ما كان مبتدأ ونصبت ما كان خبرا ، وهو مذهب أهل البصرة ، وهو صحيح. والذي يدلّ على ذلك اتصال ضمير الرفع بها ، فلو كان المرفوع غير معمول للفعل لم يتصل به ضمير لأنّ الضمير لا يتصل إلّا بعامله ، وأيضا فإنّ الرافع له قبل دخول هذه الأفعال إنّما كان التعرّي من العوامل اللفظية كما تقدم في باب الابتداء.

والتعرّي قد ذهب بدخول العامل ، وأيضا فإنّه يؤدّي إلى الفصل بين العامل ومعموله بأجنبيّ ، أعني بما ليس بمعمول للعامل ، ألا ترى أنّك إذا قلت : «كان زيد قائما» ، وقدّرت «زيدا» غير معمول لـ «كان» فصلت به وهو أجنبي بين «كان» ومنصوبها.

[١٦ ـ وجوب عدم حذف أسمائها] :

وينبغي أن تعلم أن المرفوع بهذه الأفعال لا يجوز حذفه اختصارا ولا اقتصارا وإن كان مبتدأ في الأصل ، والمبتدأ يجوز حذفه لفهم المعنى. وسبب ذلك أنّه لمّا ارتفع بالفعل صار يشبه الفاعل ، والفاعل لا يحذف ، فكذلك ما أشبهه ، وكذلك لا يجوز حذف الخبر أيضا اختصارا ولا اقتصارا.

فإن قيل : وما الذي يمنع من ذلك وأنت لا يخلو أن تحكم له بحكم أصله أو بحكم لفظه الآن ، فإن حكمت له بحكم ما أشبهه في اللفظ فإنّه يشبه المفعول ، والمفعول يجوز حذفه ، وإن حكمت له بحكم أصله فهو خبر في الأصل ، وخبر المبتدأ يجوز حذفه اختصارا لفهم المعنى ، فكان ينبغي أن يجوز حذفه على كلّ حال.

فالجواب : إنّ الذي منع من حذفه أنّه صار عوضا من المصدر ، فلذلك لا يجوز «كان زيد قائما كونا» ، كراهية الجمع بين العوض والمعوض منه ، وإنّما عوّض منه لأنّه في المعنى المصدر ، ألا ترى أنّ القيام كون من أكوان زيد ، فلما كان الخبر المصدر في المعنى استغني به عنه ، كما استغني بـ «ترك» عن «وذر» و «ودع» لمّا كان في معناهما. ولو لا أنّه عوض لصرّح بالمصدر إذ لا فعل إلّا وله مصدر أخذ منه ، وقد تقدّم الدليل على ذلك ، فلمّا صار الخبر عوضا من المصدر صار كأنه من كمال الفعل وكأنه جزء من أجزائه ، فلم يحذف

٤١٠

لذلك. وأيضا فإنّ الأعواض لازمة لا يجوز حذفها.

وقد يحذف الخبر في الضرورة ، نحو قوله [من الكامل] :

لهفي عليك للهفة من خائف

يبغي جوارك حين ليس مجير (١)

يريد : ليس في الدنيا مجير. فحذف لفهم المعنى. فأمّا قوله [من الكامل] :

٢٧٤ ـ إنّي ضمنت لكلّ شخص ما جنى

فأبى فكان وكنت غير غدور

وقوله [من الطويل] :

٢٧٥ ـ رماني بأمر كنت منه ووالدي

بريئا ومن أجل الطّويّ رماني

______________________

(١) تقدم بالرقم ١٢٢.

٢٧٤ ـ التخريج : البيت للفرزدق في الرد على النحاة ص ١٠٠ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٢٢٦ ؛ والكتاب ١ / ٧٦ ؛ ولسان العرب ٣ / ٣٦٠ (قعد) ؛ ولم أقع عليه في ديوانه.

المعنى : لقد كفلت لكل واحد ما حصل عليه ، فأبى ورفض ذلك وكان غير غادر وكذلك أنا لم أكن غادرا.

الإعراب : «إني» : «إنّ» : حرف مشبّه بالفعل ، و «الياء» : ضمير متصل في محل نصب اسم «إنّ». «ضمنت» : فعل ماض مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محل رفع فاعل. «لكل» : «اللام» : حرف جر ، «كل» : مجرور بالكسرة. والجار والمجرور متعلّقان بـ «ضمنت». «ما» : اسم موصول بمعنى «الذي» مبني في محل نصب مفعول به. «جنى» : فعل ماض مبني على الفتح ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو). «فأبى» : «الفاء» : استئنافية ، «أبى» : فعل ماض مبني على الفتح المقدر. «فكان» : «الفاء» : عاطفة ، «كان» : فعل ماض ناقص ، و «اسمها» ، ضمير مستتر تقديره : هو ، و «خبرها» محذوف ، تقديره : غير غدور. «فكنت» : «الفاء» : استئنافية ، «كنت» : فعل ماض ناقص ، و «التاء» : ضمير متصل في محل رفع اسمها ، و «خبرها» محذوف تقديره «غير غدور». «وكان» : «الواو» : حرف عطف ، «كان» : فعل ماض ناقص ، و «اسمها» : ضمير مستتر تقديره (هو). «غير» : خبر «كان» منصوب بالفتحة. «غدور» : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

وجملة «إني ضمنت» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «جنى» : صلة الموصول لا محل لها. وجملة «أبى» : استئنافية لا محل لها. وجملة «كان غير غدور» معطوفة على جملة «أبى» فهي مثلها. وجملة «كنت غير غدور» استئنافية لا محل لها.

الشاهد فيه قوله : «فكان وكنت غير غدور» حيث استغنى الشاعر بالحذف عن خبر «كان» الأولى لدلالة خبر «كان» الثانية عليه.

٢٧٥ ـ التخريج : البيت لعمرو بن أحمر في ديوانه ص ١٨٧ ؛ والدرر ٢ / ٦٢ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٢٤٩ ؛ والكتاب ١ / ٧٥ ؛ وله أو للأزرق بن طرفة بن العمرد الفراصيّ في لسان العرب ١١ / ١٣٢ (جول). ـ

٤١١

فإنّه يتصوّر أن يجعل مما حذف فيه الخبر لفهم المعنى ضرورة ، كأنّه قال : فكان غير غدور وكنت غير غدور ، وكأنّه قال أيضا : وكنت منه بريئا ووالدي بريئا. ويحتمل أن يكون ممّا وضع فيه المفرد في موضع الاثنين ضرورة ، فيكون نحو قوله [من البسيط] :

٢٧٦ ـ كأنّه وجه تركيّين قد غضبا

[مستهدف لطعان غير منجحر]

ويحتمل أن يكون «غدورا» و «بريئا» ، من الألفاظ الواقعة على المفرد والمثنى والمجموع بلفظ واحد ، كما قالوا : «عدوّ» في معنى أعداء ، قال الله تعالى : (هُمُ

______________________

اللغة : الطوي : البئر.

المعنى : لقد ألصق بي تهمة ، أنا ووالدي بريئان منها ، وبسبب البئر كان اتهامه لي.

الإعراب : رماني : فعل ماض مبني على الفتح المقدّر على الألف ، و «النون» : للوقاية ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو). بأمر : جار ومجرور متعلّقان بـ (رماني). كنت : فعل ماض ناقص ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع اسم (كان). منه : جار ومجرور متعلّقان بـ (بريئا). ووالدي : «الواو» : واو المعيّة ، «والدي» : مفعول معه منصوب بفتحة مقدّرة على ما قبل ياء المتكلم ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. بريئا : خبر (كنت) منصوب بالفتحة. ومن أجل : «الواو» : استئنافية ، «من أجل» : جار ومجرور متعلّقان بـ (رماني). الطوي : مضاف إليه مجرور بالكسرة. رماني : فعل ماض مبني على الفتح المقدّر على الألف ، و «النون» : للوقاية ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو).

وجملة «رماني» : بحسب ما قبلها ، أو ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «كنت منه بريئا» : في محلّ جرّ صفة لـ (أمر). وجملة «رماني» (الثانية) : استئنافية لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «كنت منه ووالدي بريئا» حيث حذف الخبر والفعل الماضي الناقص لوضوح المعنى ، فالمراد (كنت بريئا منه وكان والدي بريئا).

٢٧٦ ـ التخريج : البيت للفرزدق في ديوانه ص ٣٧١ (طبعة الصاوي) ؛ وخزانة الأدب ٧ / ٥٣٢ ، ٥٣٨ ، ٥٤٠ ؛ وبلا نسبة في شرح المفصل ٤ / ١٥٧ ؛ ولسان العرب ١٣ / ٢٦٦ (طعن).

اللغة : غير منجحر : لا تدخل الطعنات فيه.

المعنى : يهجو ، فيصف مهجوّه بهن امرأة يشبه وجهي تركيين غاضبين ، هذا الهنو هدف لطعنات لا تدخل فيه.

الإعراب : كأنّه : حرف مشبه بالفعل ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ نصب اسمها. وجه : خبر (كأنّ) مرفوع بالضمّة. تركيين : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى. قد غضبا : «قد» : حرف تحقيق ، «غضبا» : فعل ماض مبني على الفتح ، و «الألف» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. مستهدف : صفة (وجه) مرفوع بالضمّة. لطعان : جار ومجرور متعلّقان بـ (مستهدف). غير : صفة (طعان) مجرورة بالكسرة. منجحر : مضاف إليه مجرور بالكسرة. ـ

٤١٢

الْعَدُوُّ) (١). وكما قال : (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) (٢). في معنى مفترقين مفترقين. قال الشاعر [من الوافر] :

٢٧٧ ـ [أحقا أن جيرتنا استقلوا]

فنيّتنا ونيّتهم فريق

أي : مفترقتان ، وكذلك «صديق» ، قال [من الطويل] :

٢٧٨ ـ [دعون الهوى ثمّ ارتمين قلوبنا]

بأعين أعداء وهنّ صديق

______________________

ـ وجملة «كأنّه وجه تركيين» : بحسب ما قبلها. وجملة «قد غضبا» : في محلّ جرّ صفة لـ (تركيين).

والشاهد فيه قوله : «وجه تركيين» حيث أراد (وجها تركيين) فوضع المفرد موضع الاثنين للضرورة.

(١) المنافقون : ٤.

(٢) الشورى : ٧.

٢٧٧ ـ التخريج : البيت للمفضل النكري في الأصمعيّات ص ٢٠٠ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٠٨ ؛ وله أو لعامر بن أسحم بن عدي في الدرر ٥ / ١٢٠ ؛ وشرح شواهد المغني ١ / ١٧٠ ؛ ولرجل من عبد القيس أو للمفضل بن معشر البكريّ في تخليص الشواهد ص ٣٥١ ؛ والمقاصد النحويّة ٢ / ٢٣٥ ؛ وللعبديّ في خزانة الأدب ١٠ / ٢٧٧ ؛ والكتاب ٣ / ١٣٦ ؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٣٩١ ؛ وشرح الأشموني ١ / ٩٢ ؛ ولسان العرب ١٠ / ٣٠١ (فرق) ؛ وهمع الهوامع ٢ / ٧١.

اللغة : استقلّوا : ارتحلوا مرتفعين صعدا. فريق : متفرّقة.

المعنى : هل ارتحل جيراننا حقّا ، وهل ستكون وجهاتنا متفرّقة ، بحيث لا نلتقي ثانية؟!

الإعراب : أحقّا : «الهمزة» : حرف استفهام ، «حقّا» : منصوب على الظرفيّة متعلق بالخبر المحذوف. أن : حرف مشبّه بالفعل. جيرتنا : اسم (أن) منصوب بالفتحة ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ جرّ مضاف إليه. والمصدر المؤول من (أن) ومعموليها مبتدأ مؤخر ، والتقدير (أفي الحق استقلال جيرتنا). استقلّوا : فعل ماض مبني على الضمّ ، و «الواو» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. فنيّتنا : «الفاء» : للاستئناف ، «نيتنا» : مبتدأ مرفوع بالضمّة ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ جرّ مضاف إليه. ونيتهم : «الواو» : للعطف ، «نيّتهم» : معطوف على (نيتنا) مرفوع مثله ، و «هم» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. فريق : خبر مرفوع بالضمّة.

وجملة «أفي الحق استقلال جيرتنا» ابتدائية لا محل لها. وجملة «استقلوا» : في محلّ رفع خبر (أنّ). وجملة «فنيتنا فريق» : استئنافية لا محلّ لها.

والشاهد فيه قوله : «فنيّتنا ونيّتهم فريق» حيث استخدم «فريق» بمعنى مفترقتين.

٢٧٨ ـ التخريج : البيت لجرير في ديوانه ص ٣٧٢ ؛ والاشباه والنظائر ٥ / ٢٣٣ ؛ ولسان العرب ١٠ / ١٩٥ (صدق) ؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ١٨٤ ؛ والخصائص ٢ / ٤١٢.

المعنى : إنّ الأوانس يدّعين الحبّ ، ولكنهم يصيبون قلوبنا بلحاظ عيونهن ، وكأنهن أعداء ، مع أنّهن صديقات. ـ

٤١٣

.....

______________________

ـ الإعراب : دعون : فعل ماض مبني على السكون ، و «نون النسوة» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. الهوى : مفعول به منصوب بفتحة مقدّرة على الألف. ثم : حرف عطف. ارتمين : فعل ماض مبني على السكون ، و «نون النسوة» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. قلوبنا : مفعول به منصوب بالفتحة ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. بأعين : جار ومجرور متعلّقان بـ (ارتمين). أعداء : مضاف إليه مجرور بالكسرة. وهن : «الواو» : حاليّة ، «هن» : ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. صديق : خبر (هن) مرفوع بالضمّة.

وجملة «دعون» : في محلّ رفع صفة لـ (أوانس) في البيت السابق. وجملة «ارتمين» : معطوفة عليها في محلّ رفع صفة. وجملة «هن صديق» : في محلّ نصب حال.

والشاهد فيه قوله : «وهنّ صديق» حيث استخدم المفرد المذكر في الإخبار عن جمع الإناث.

٤١٤

باب الحروف التي تنصب الاسم وترفع الخبر

[١ ـ عملها] :

العمل أصل في الأفعال فرع في الأسماء والحروف ، بدليل أنّ الأفعال كلّها عاملة ، وأما الأسماء والحروف فلا يعمل منها إلا ما أشبه الأفعال ، فدلّ ذلك على أنّ العمل كحق للأصالة إنّما هو للفعل ، فما وجد على هذا من الأسماء والحروف عاملا فينبغي أن يسأل عن الموجب لعملها فـ «إنّ» وأخواتها من الحروف العاملة ، فينبغي أن يسأل عن الموجب لعملها. والذي أوجب لها العمل عند محقّقي النحويين هو شببها بالأفعال في الاختصاص. ذلك أن هذه الحروف تختص بالأسماء ولا تدخل على غيرها ، كما أن الأفعال تختص بالأسماء ولا تدخل على غيرها ، وكلّ حرف مختصّ بما يدخل عليه ولا يكون كالجزء ، فإنّه يعمل فيما يختصّ به من اسم أو فعل. ألا ترى أنّ عوامل الأسماء كلّها مختصة بها ولا تدخل على غيرها ، وكذلك عوامل الأفعال تدخل على الأفعال ولا تدخل على غيرها.

وإنّما تحرّزت بقولي : ولم تكن كالجزء مما دخل عليه كـ «قد» والسين وسوف والألف واللام ، وكذلك إنّ السين وسوف قد اختصت بالأفعال إلّا أنها صارت كالجزء من الفعل ، والدليل على ذلك أنّه لا يجوز الفصل بين هذه الحروف وبين الأفعال بشيء إلا «قد» ، فإنه قد يجوز الفصل بينها وبين الفعل بالقسم ، نحو قوله : «قد والله قام زيد». ومما يدلّ على ذلك أنّك تقول : «لقد قام زيد» ، «لسوف يقوم زيد» ، فتفصل بين لام التأكيد وبين الفعل بها ، ولام التأكيد لا يجوز الفصل بينها وبين الفعل بغير هذه الأشياء ، فلو لا أنّ هذه الأشياء تنزّلت من الفعل منزلة الجزء بدليل أنّك تقول : «مررت بالرجل» ، فتفصل بها بين حرف الجرّ والمجرور ، ولا يجوز الفصل بينهما بشيء ، فلو لا أنّها مع الاسم كالشيء الواحد لما جاز ذلك.

٤١٥

فإن قيل : إنّ حروف التحضيض لا يليها إلا الفعل ظاهرا أو مضمرا ، فهي مختصة به ولا تعمل مع ذلك في الأفعال ، وذلك نحو : «هلّا تضرب زيدا» ، فالجواب : إنّ أدوات التحضيض يجوز فيها أن يليها الاسم في اللفظ ويضمر معها الفعل وتارة لا يضمر الفعل بل يكون ظاهرا ، فصارت مثل الحروف التي لا تختص باللفظ.

ومن النحويين من ذهب إلى أنّها أشبهت الأفعال في أنها على ثلاثة أحرف فصاعدا مثلها ، وأنّها مفتوحة الأواخر كالفعل الماضي ، وأنّ معانيها معاني الأفعال في التأكيد ، والتشبيه ، والترجي ، والتمنّي ، وأنّها تلحقها نون الوقاية كما تلحق الفعل ، نحو : إنّني وكأنّني وليتني ولعلّني ولكنني ، وأنّها تتّصل بها ضمائر النصب كما تتّصل بالأفعال ، وأنّها تطلب اسمين طلب الفعل المتعدّي لهما. وهذا باطل ، لأنّ ضمائر النصب إنّما اتصلت بها بعد عملها النصب ، وكذلك نون الوقاية إنّما ألحقت من أجل ياء المتكلم وياء المتكلم إنّما اتصلت بها بعد العمل. وأما كونها على ثلاثة أحرف ، وأنّ أواخرها مفتوحة ، وأنّ معانيها الأفعال ، فليس ذلك موجبا لعملها ، ألا ترى «ثمّ» على ثلاثة أحرف ومفتوحة الآخر كـ «إنّ» ومعناها العطف ، فكأنّك قلت : عطفت ، وهي مع ذلك لا تعمل ، وأما طلبها الاسمين طلب الفعل المتعدّي لهما ، فإن كان يراد بذلك أنّها تطلب الاسمين على الاختصاص ، فإنّ ذلك وحده موجب للعمل كما قدمناه.

فإن قيل : فإذا وجب لها العمل كما ذكرتم فلأيّ شيء رفع أحد الاسمين ونصب الآخر ، وهلّا كان الأمر بالعكس بخلاف ذلك؟

فالجواب : إنّها أشبهت من الأفعال «ضرب» ، فكما أنّ «ضرب» ترفع أحد الاسمين وتنصب الآخر ، فكذلك هذه الحروف ، وأيضا فإنّه لا يمكن فيها أكثر من ذلك ، وذلك أنّه لا يخلو من أن ترفعهما ، أو تنصبهما ، أو تخفضهما ، أو ترفع أحدهما وتنصب الآخر ، أو ترفع أحدهما وتخفض الآخر ، أو تنصب أحدهما وتخفض الآخر ، ولا يتصوّر أكثر من ذلك ، فباطل أن ترفعهما ، لأنّه لم يوجد عامل واحد يعمل في اسمين رفعا من غير أن يكون أحدهما تابعا للآخر.

وباطل أن تنصبهما أو تخفضهما ، لأنّه لم يوجد عامل واحد يعمل نصبا أو خفضا من غير أن يعمل مع ذلك رفعا.

٤١٦

وكذلك أيضا يبطل أن تنصب أحدهما وتخفض الآخر ، أو ترفع أحدهما وتخفض الآخر إذ لا يكون خفض إلّا بواسطة حرف.

فلم يبق إلّا أن ترفع أحدهما وتنصب الآخر.

فإن قيل : فلم كان المنصوب الاسم والمرفوع الخبر ، وهلّا كان الأمر بالعكس؟ فالجواب : إنّه لمّا وجب رفع أحدهما تشبيها بالعمدة ونصب أحدهما تشبيها بالفضلة ، كان أشبههما بالعمدة الخبر ، لأنّ هذه الحروف إنّما دخلت لتوكيد الخبر أو تمنّيه أو ترجّيه أو التشبيه به ، فصارت الأسماء كأنّها غير مقصودة ، فلمّا رفع الخبر تشبيها بالعمدة نصب الاسم تشبيها بالفضلات.

وزعم بعض النحويين أنّه يجوز فيها أن تنصب الاسم والخبر معا ، وممن ذهب إلى ذلك ابن سلام في طبقات الشعراء له ، وزعم أنّها لغة ، واستدلّ على ذلك بقول عمر بن أبي ربيعة [من الطويل] :

٢٧٩ ـ إذا اسودّ جنح اللّيل فلتأت ولتكن

خطاك خفافا إنّ حرّاسنا أسدا

______________________

٢٧٩ ـ التخريج : البيت لعمر بن أبي ربيعة في الجنى الداني ص ٣٩٤ ؛ والدرر ٢ / ١٦٧ ؛ وشرح شواهد المغني ص ١٢٢ ؛ ولم أقع عليه في ديوانه ؛ وهو بلا نسبة في خزانة الأدب ٤ / ١٦٧ ، ١٠ / ٢٤٢ ؛ وشرح الأشموني ١ / ١٣٥.

اللغة : جنح الليل : أوّله ، أو آخره. أسدا وأسودا : جمع أسد.

المعنى : يتحدث على لسان محبوبته تخاطبه قائلة : إذا حلّ الليل بظلامه الأسود ، فلتقدم علينا في أوّله (أو آخره) متيقّظا ، متسلّلا بحذر لأنّ حراسنا شجعان كالأسود.

الإعراب : إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان ، متضمّن معنى الشرط متعلق بجوابه. اسودّ : فعل ماض مبني على الفتح. جنح : فاعل مرفوع بالضمة. الليل : مضاف إليه مجرور بالكسرة. فلتأت : «الفاء» : رابطة لجواب الشرط ، و «اللام» : لام الأمر تجزم الفعل المضارع ، و «تأت» : فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلّة من آخره ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره (أنت). ولتكن : «الواو» : للعطف ، و «اللام» : لام الأمر ، و «تكن» : فعل مضارع ناقص مجزوم باللام. خطاك : اسم (تكن) مرفوع بضمّة مقدّرة على الألف ، و «الكاف» : ضمير متصل في محلّ جرّ مضاف إليه. خفافا : خبر (تكن) منصوب بالفتحة. إن : حرف مشبه بالفعل. حراسنا : اسم (إنّ) منصوب بالفتحة ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. أسدا : خبر (إنّ) منصوب بالفتحة على رأي من ينصبون المبتدأ والخبر بها ، وحال منصوبة عند من قدّر الخبر فعلا محذوفا.

وجملة «اسودّ» : في محل جرّ بالإضافة. وجملة «فلتأت» : لا محلّ لها (جواب شرط غير جازم). ـ

جمل الزجاجي / ج ١ / م ٢٧

٤١٧

فنصب «الحرّاس» و «الأسد» بـ «إنّ». وكذلك قول الآخر [من الرجز] :

٢٨٠ ـ إنّ العجوز خبّة جروزا

تأكل كلّ ليلة قفيزا

فنصب بـ «إنّ» «العجوز خبّة جروزا» ، وكذلك قول أبي نخيلة العماني [من الرجز] :

٢٨١ ـ كأنّ أذنيه إذا تشوّفا

قادمة أو قلما محرّفا

______________________

ـ وجملة «ولتكن ...» : معطوفة عليها لا محلّ لها. وجملة «إن حراسنا» : استئنافية لا محلّ لها. وجملة «إذا اسودّ ... فلتأت» ابتدائية لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «إن حراسنا أسدا» حيث نصبت (إن) المبتدأ والخبر (في لغة) كما قال.

٢٨٠ ـ التخريج : الرجز بلا نسبة في الدرر ٢ / ١٦٧ ؛ ونوادر أبي زيد ص ١٧٢ ؛ وهمع الهوامع ١ / ١٣٤.

اللغة : الخبة : المخادعة. الجروز : الكثيرة الأكل. القفيز : مكيال قديم ؛ والقفيز من الأرض : قدر مئة وأربع وأربعين ذراعا.

المعنى : إنها امرأة عجوز مخادعة ، كثيرة الأكل ، تأكل في الليلة الواحدة شيئا كثيرا.

الإعراب : إن : حرف مشبّه بالفعل. العجوز : اسم (إنّ) منصوب بالفتحة. خبة : مفعول به لفعل محذوف تقديره : أذم. جروزا : صفة لـ (خبة). تأكل : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي). كلّ : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بالفعل (تأكل). ليلة : مضاف إليه مجرور بالكسرة. قفيزا : مفعول به منصوب بالفتحة.

وجملة «إن العجوز ... تأكل» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «تأكل» : خبر (إن) محلها الرفع ، وجملة «أذم خبة» : اعتراضية لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «إن العجوز خبّة» حيث نصب المبتدأ والخبر بعد دخول (إنّ) عليهما.

٢٨١ ـ التخريج : الرجز لمحمد بن ذؤيب في خزانة الأدب ١٠ / ٢٣٧ ، ٢٤٠ ؛ والدرر ٢ / ١٦٨ ؛ وللعماني في سمط اللآلي ص ٨٧٦ ؛ وشرح شواهد المغني ص ٥١٥ ؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ١٧٣ ؛ والخصائص ٢ / ٤٣٠ ؛ وديوان المعاني ١ / ٣٦ ؛ وشرح الأشموني ١ / ١٣٥ ؛ وهمع الهوامع ١ / ١٣٤.

اللغة : تشوّف : رفع رأسه ونظر مستطلعا. القادمة : ريشة في مقدم جناح الطائر. القلم المحرّف : القلم المبري بحيث يكون شقّ أطول من شق.

المعنى : إذا رفع عنقه ونظر مستطلعا ما الخبر ، خلت أن أذنيه ريشتا طائر ، أو قلمان مبريّان.

الإعراب : كأن : حرف مشبّه بالفعل. أذنيه : اسم (كأن) منصوب بالياء لأنه مثنى ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ مضاف إليه. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان في محلّ نصب مفعول فيه ، متعلق بـ (كأنّ) لما فيه من معنى (أشبه) أو (يشبه). تشوّفا : فعل ماض مبني على الفتح ، و «الفاعل» : ضمير مستتر ـ

٤١٨

وزعم الفراء أنّ ذلك كلّه لا يجوز إلّا في «ليت» ، واستدلّ على ذلك بقوله [من الرجز] :

٢٨٢ ـ يا ليت أيّام الصبا رواجعا

فنصب «أيّام الصبا» و «رواجعا» بـ «ليت» ، ولا حجة في شيء من ذلك عندنا.

أما قوله : «إنّ حراسنا أسدا» ، فيكون الخبر محذوفا ، والتقدير : تجدهم أسدا ، أو تلقاهم أسدا ، وكذلك قوله :

يا ليت أيّام الصبا رواجعا

كأنّه قال : «أقبلت رواجعا» ، وخبر هذه الحروف يجوز حذفه إذا فهم المعنى على

______________________

ـ تقديره (هو) ، و «الألف» : للإطلاق. قادمة : خبر (كأن) منصوب بالفتحة. أو قلما : «أو» : للعطف ، «قلما» : معطوف على (قادمة) منصوب بالفتحة. محرّفا : صفة (قلما) منصوبة بالفتحة.

وجملة «كأن أذنيه قادمة» : في محلّ (رفع أو نصب أو جر) صفة للحيوان المذكور سابقا ، لأنّ من عادة الحيوان أن ينصب أذنيه استشعارا للخطر. وجملة «تشوّفا» : في محلّ جرّ مضاف إليه.

والشاهد فيه قوله : «كأن أذنيه قادمة» حيث نصب اسم وخبر (كأن) ، وقد لحن الشاعر في نصب الخبر.

٢٨٢ ـ التخريج : الرجز لرؤبة في شرح المفصل ١ / ١٠٤ ؛ وليس في ديوانه ؛ وللعجاج في ملحق ديوانه ٢ / ٣٠٦ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٩٠ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٤ / ٢٦٢ ؛ والجنى الداني ص ٤٩٢ ؛ وجواهر الأدب ص ٣٥٨ ؛ وخزانة الأدب ١٠ / ٢٣٤ ، ٢٣٥ ؛ والدرر ٢ / ١٧٠ ؛ ورصف المباني ص ٢٩٨ ؛ وشرح الأشموني ١ / ١٣٥ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٤٣٤ ؛ وشرح المفصل ١ / ١٠٤ ؛ والكتاب ٢ / ١٤٢ ؛ وهمع الهوامع ١ / ١٣٤.

المعنى : ليت الزمان يعود بي القهقرى إلى أيام الشباب ولكن هيهات ، هيهات.

الإعراب : يا ليت : «يا» : حرف تنبيه ودعاء ، و «ليت» : حرف مشبه بالفعل. أيام : اسمها منصوب بالفتحة الظاهرة وهو مضاف. الصبا : مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدّرة على الألف للتعذر. رواجعا : خبر منصوب بالفتحة الظاهرة.

وجملة «ليت أيام الصبا رواجعا» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «كن رواجع» : خبر (ليت) محلها الرفع.

والشاهد فيه قوله : «ليت أيام الصبا رواجعا» فقد نصبت ليت الاسم والخبر ـ كما قيل ـ على لغة تميم وقيل بل الخبر ليس للحرف المشبه بل لفعل الكون المحذوف والتقدير «ليت أيام الصبا ، كن رواجعا».

٤١٩

تفصيل في ذلك يذكر بعد إن شاء الله تعالى ، وممّا حذف خبره قوله [من الطويل] :

٢٨٣ ـ فلو كنت ضبّيّا عرفت قرابتي

ولكنّ زنجيّا عظيم المشافر

التقدير : لا يعرف قرابتي ، لدلالة ما تقدم عليه.

وأمّا قول أبي نخيلة فإنّ الأصمعي وأبا عمرو لحّناه بحضرة الرشيد ، ولو لا أنّه غير فصيح لما جاز لهما ذلك.

وأما قول الآخر : «إنّ العجوز خبّة جروزا» ، فانتصاب «خبّة وجروزا» على الذم ، والخبر «تأكل».

______________________

٢٨٣ ـ التخريج : البيت للفرزدق في ديوانه ص ٤٨١ ؛ وجمهرة اللغة ص ١٣١٢ ؛ وخزانة الأدب ١٠ / ٤٤٤ ؛ والدرر ٢ / ١٧٦ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٠١ ؛ وشرح المفصل ٨ / ٨١ ، ٨٢ ؛ والكتاب ٢ / ١٣٦ ؛ ولسان العرب ٤ / ٤١٩ (شفر) ؛ والمحتسب ٢ / ١٨٢ ؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٥٩٠ ؛ وخزانة الأدب ١١ / ٢٣٠ ؛ والدرر ٣ / ١٦٠ ؛ ورصف المباني ص ٢٧٩ ، ٢٨٩ ؛ ومجالس ثعلب ١ / ١٢٧ ؛ ومغني اللبيب ص ٢٩١ ؛ والمنصف ٣ / ١٢٩ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٣٦ ، ٢٢٣.

اللغة : ضبّيّ : منتسب إلى بني ضبّة. الزنجي : واحد الزنوج. المشافر : جمع مشفر وهو للبعير كالشفة للإنسان.

المعنى : يهجو أحدهم فيقول له : لو كنت من بني ضبّة كنت عرفت قرابتي ، ولكنّك أسود وشفتاك غليظتان.

الإعراب : «فلو» : «الفاء» : بحسب ما قبلها ، «لو» : حرف شرط غير جازم. «كنت» : فعل ماض ناقص ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع اسمها. «ضبّيّا» : خبرها منصوب بالفتحة. «عرفت» : فعل ماض مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. «قرابتي» : مفعول به منصوب بالفتحة المقدّرة على ما قبل ياء المتكلّم ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. «ولكن» : «الواو» : استئنافية ، «لكنّ» : حرف مشبّه بالفعل ، و «اسمها» : ضمير المخاطب المحذوف والتقدير : (لكنّك). «زنجيا» : اسم (لكن) منصوب بالفتحة. «عظيم» : صفة منصوبة بالفتحة. «المشافر» : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

وجملة «لو كنت ...» الشرطية : بحسب الفاء. وجملة «عرفت قرابتي» : جواب شرط غير جازم ، لا محل لها. وجملة «لكنك زنجيا» استئنافية لا محل لها. وجملة خبر «لكن» محذوفة.

والشاهد فيه قوله : «ولكن زنجيا» حيث حذف خبر «لكن» لدلالة ما تقدّم عليه.

٤٢٠