شرح جمل الزجّاجى - ج ١

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

شرح جمل الزجّاجى - ج ١

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-2263-0
ISBN الدورة:
2-7451-2263-0

الصفحات: ٥٨٤

«بالفضل ذو فضّلكم الله به والكرامة ذات أكرمكم الله بها» أي : التي أكرمكم الله بها.

وقولنا : و «الألى» بمعنى «الذين» تحرّز منها بمعنى «أصحاب» ، نحو قوله [من الطويل] :

٨١ ـ لقد علمت أولى المغيرة أنّني

لحقت فلم أنكل عن الضّرب مسمعا

معناه : أصحاب المغيرة.

وأما «ذا» إذا كانت مع «من» الاستفهاميّة ، وأريد بها معنى «الذي» ، و «التي» تقع على من يعقل من المذكرين والمؤنثات ، نحو قولك : من ذا عندك؟ أي : من الذي عندك أو التي

______________________

ـ «لأنزحن» : اللام واقعة في جواب القسم ، «أنزحن» : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا. «قعرك» : مفعول به منصوب بالفتحة والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة. «بالدلي» : جار ومجرور متعلقان بالفعل «أنزح». «حتى» : حرف جر وغاية. «تعودي» : فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد حتى وعلامة نصبه حذف النون ، و «الياء» في محل رفع فاعل والمصدر المؤول من أن المضمرة وما بعدها في محل جر بحتى ، والجار والمجرور متعلقان بالفعل «أنزح». «أقطع» : مفعول به منصوب بالفتحة. «الولي» : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

وجملة «يا بئر» : الأولى ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة «يا بئر» : استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة «أنزحن» : جواب قسم لا محل لها من الإعراب. وجملة «تعودي» : صلة موصول حرفي لا محل لها من الإعراب.

والشاهد فيه قوله : «حتى تعودي أقطع الولي» كان الأصل أن يقول «قطعاء الولي» لأن البئر مؤنثة إلا أنه ذكره حملا على المعنى ، فكأنه قال : حتى تعودي قليبا أقطع الولي ، والقليب الأغلب عليه التذكير ، وصف البئر التي ذكرها في كلامه بالمذكر باعتبار أنها قليب ، فحمل صفتها على المعنى.

٨١ ـ التخريج : البيت للمرار الأسدي في ديوانه ص ٤٦٤ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٦٠ ؛ والكتاب ١ / ١٩٣ ؛ وللمرار الأسدي أو لزغبة بن مالك في شرح شواهد الإيضاح ص ١٣٦ ؛ وشرح المفصل ٦ / ٦٤ ؛ والمقاصد النحوية ٣ / ٤٠ ، ٥٠١ ؛ ولمالك بن زغبة في خزانة الأدب ٨ / ١٢٨ ، ١٢٩ ؛ والدرر ٥ / ٢٥٥ ؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ١ / ٢٠٢ ؛ واللمع ص ٢٧١ ؛ والمقتضب ١ / ١٤ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ٩٣.

اللغة : أولى : أصحاب. المغيرة : الخيل تخرج للغارة ، وهنا الفرسان. أنكل : أنكص ، أرجع من الخوف مسمع : هو مسمع بن شيبان.

المعنى : يقول : لقد علم أصحاب المغيرة أنّي هزمتهم ، ولحقت عميدهم ، فلم أنكل عن ضربه بالسيف.

الإعراب : «لقد» : اللام رابطة جواب القسم المحذوف ، «قد» : حرف تحقيق. «علمت» : فعل ماض ، والتاء للتأنيث. «أولى» : فاعل مرفوع ، وهو مضاف. «المغيرة» : مضاف إليه. «أنّني» : حرف مشبّه بالفعل ، والنون للوقاية ، والياء ضمير في محلّ نصب اسم «أنّ». «لحقت» : فعل ماض ، والتاء ضمير في محلّ رفع ـ

١٢١

عندك ، ومنه قوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً*) (١).

وإذا كانت مع «ما» وأريد بها معنى «الذي» و «التي» وقعت على ما لا يعقل من المذكرين والمؤنثات ، نحو : «ماذا عندك»؟ تريد : ما الذي عندك؟ أو ما التي عندك؟ وقولنا : أريد بها معنى «الذي» و «التي» تحرز منها إذا جعلت معها بمنزلة اسم واحد ، فتكون «ماذا» و «من ذا» حينئذ بمنزلة «من» وحدهما.

[١٣ ـ أل] :

واختلف النحويون في الألف واللام بمعنى «الذي» و «التي» ، هل هي اسم أم حرف؟ فمذهب جمهور النحويين أنّها اسم ، واستدلوا على ذلك بعود الضمير عليها في مثل قول العرب : «مررت بالقائم أبوهما» ، والضمائر لا تعود إلّا على الأسماء. وذهب المازني ومن أخذ بمذهبه أنها حرف ، والضمير عنده عائد على موصوف محذوف لأنّ معنى قولك : «بالقائم أبوهما» ، بالرجلين القائم أبوهما.

وهذا الذي ذهب إليه فاسد. بدليل أنه لا يجوز حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه إلّا إذا كانت الصفة خاصة ، نحو : «مررت بمهندس» ، أي : برجل مهندس ، لأنّ الهندسة من صفة من يعقل. أو يتقدّم ما يدل على الموصوف من نعته ، نحو قولهم : «ألا ماء ولو باردا» ، يريد : ولو ماء باردا ، فحذف للدلالة.

ولو كان الأمر على ما زعم ، لوجب أن لا يجوز : «مررت بالقائم أبوهما» وأشباهه ، لأنها صفة غير خاصة ، ولا تقدّم ما يدلّ على الموصوف.

______________________

ـ فاعل. والمصدر المؤول من «أن» وما بعدها سدّ مسدّ مفعولي «علم». «فلم» : الفاء حرف عطف ، «لم» : حرف جزم. «أنكل» : فعل مضارع مجزوم ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : «أنا». «عن الضرب» : جار ومجرور متعلّقان بـ «أنكل». «مسمعا» : مفعول به للمصدر «الضرب».

وجملة القسم المحذوفة : «أقسم» ابتدائية لا محل لها. وجملة : «لقد علمت ...» جواب القسم لا محلّ لها من الإعراب. وجملة : «لحقت» في محلّ خبر «أنّ». وجملة : «لم أنكل» معطوفة على سابقتها.

الشاهد فيه قوله : «أولى المغيرة» حيث يريد بها «أصحاب المغيرة».

(١) البقرة : ٢٤٥ ؛ والحديد : ١١.

١٢٢

واستدلّ على أنها حرف بأنّها لا موضع لها من الإعراب ، ألا ترى أنك إذا قلت : «مررت بالقائم» ، فالإعراب إنما هو في الاسم الذي بعدها.

فالجواب : إنّ الألف واللام لما كانت مع صلتها كالشيء الواحد جعل الإعراب في اسم الفاعل الذي يكمل به الموصول ، وساغ ذلك فيها ولم يسغ في «الذي» وأخواته لكون الصلة فيها اسما مفردا ، والأسماء المفردة يدخلها الإعراب.

[١٤ ـ صلة الموصول] :

وهذه الموصولات لا بد لها من صلات ، ولا توصل إلّا بالظروف والمجرورات والجمل ما عدا الألف واللام بمعنى «الذي» و «التي» ، فإنها لا توصل إلا باسم الفاعل واسم المفعول ، نحو : «جاءني الضارب» ، واسم المفعول ، نحو : المضروب ، ولا توصل بالجمل إلا في ضرورة شعر ، نحو قوله [من الوافر] :

من القوم الرسول الله منهم

لهم دانت رقاب بني معد (١)

ونحو قول الآخر [من البسيط] :

ما أنت بالحكم الترضى حكومته

[ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل] (٢)

ويشترط في الظروف والمجرورات أن تكون تامة ، ومعنى تامة أن يكون في وصل الموصول بها فائدة ، نحو : «جاءني الذي في الدار والذي عندك» ، ألا ترى أنك لو قلت : «جاءني الذي اليوم أو جاءني الذي لك» ، لم تستفد بها فائدة.

ويشترط في الجمل أن تكون محتملة الصدق والكذب ، عريّة من معنى التعجب ، فلا يجوز : «جاءني الذي ما أحسنه» ، ولا : «الذي هل ضربته» ، ولا «الذي لا تضربه» ، لأنّ معنى الجملة لا يحتمل الصدق والكذب. فأما قوله [من الطويل] :

٨٢ ـ وإنّي لرام نظرة قبل التي

لعلّي وإن شطّت نواها أزورها

______________________

(١) تقدّم بالرقم ١٧.

(٢) تقدم بالرقم ١٦.

٨٢ ـ التخريج : البيت للفرزدق في ديوانه ٢ / ١٠٦ ؛ وخزانة الأدب ٥ / ٤٦٤ ؛ والدرر ١ / ٢٧٧ ؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني ٢ / ٨١٠ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٨٥.

١٢٣

فيحتمل وجهين : أحدهما أن يكون «أزورها» صلة «التي» وفصل بينها وبين «التي» بـ «لعلّي وإن شطت نواها» على جهة الاعتراض ، فيكون خبر «لعلّي» محذوفا تقديره : لعلّي أبلغ ذلك ، والفصل بين الصلة والموصول بجمل الاعتراض جائز. قال الشاعر [من الكامل] :

٨٣ ـ ذاك الذي ، وأبيك ، يعرف مالكا

والحق يدفع ترّهات الباطل

ففصل بين الصلة والموصول بالقسم.

والآخر : أن يكون على إضمار القول ، كأنّه قال : أقول : لعلّي وإن شطّت نواها

______________________

اللغة : شطت : بعدت. النوى : البعد والفراق.

المعنى : سأرسل نظرة الوداع إلى الحبيبة رغم التباعد راجيا لقاءها رغم التفرق بيننا.

الإعراب : «الواو» : بحسب ما قبلها. إني : «إن» : حرف مشبه بالفعل ، «الياء» : ضمير متصل في محل نصب اسمها. لرام : «اللام» : مزحلقة ، «رام» : خبرها مرفوع بالضمة المقدرة على الياء المحذوفة. نظرة : مفعول به لاسم الفاعل «رام» منصوب بالفتحة الظاهرة. قبل : مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة الظاهرة متعلق باسم الفاعل «رام» وهو مضاف. التي : اسم موصول في محل جر بالإضافة. لعلّي : «لعل» : حرف مشبه بالفعل ، «الياء» : ضمير متصل في محل نصب اسمها. وإن : «الواو» : اعتراضية ، «إن» : حرف شرط جازم. شطت : فعل ماض مبني على الفتح الظاهر ، و «التاء» للتأنيث. نواها : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر وهو مضاف ، و «ها» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. أزورها : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة و «ها» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به ، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا.

وجملة «إني لرام نظرة» : بحسب الواو. وجملة «إن شطت» : اعتراضية لا محل لها. وجملة «أزورها» : في محل رفع خبر لعلّي. وجملة جواب الشرط دل عليها سياق الكلام. وجملة «شطت نواها» جملة الشرط غير الظرفي لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «التي لعليّ أزورها» حيث جاء بعد الاسم الموصول «التي» جملة إنشائية ، وشرط جملة الصلة أن تكون خبريّة. فخرّج البيت على أحد وجهين : إمّا أن تكون جملة «أزورها» هي جملة الصلة وعندها يكون خبر «لعلّي» محذوفا وإمّا على إضمار القول والتقدير : التي أقول : لعلّي أزورها.

٨٣ ـ التخريج : البيت لجرير في ديوانه ص ٥٨٠ ؛ والدرر ١ / ٢٨٧ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٨١٧ ؛ وبلا نسبة في الخصائص ١ / ٣٣٦ ؛ ولسان العرب ١٣ / ٤٨٠ (تره) ؛ والمقرب ١ / ٦٢ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٨٨ ، ٢٤٧.

اللغة : الترهات : الأباطيل.

المعنى : إن الذي حمى النساء من السبي ، والمال من السلب هو الذي تعرفه قبيلة مالك بشجاعته ـ

١٢٤

أزورها ، والقول كثيرا ما يضمر ، قال الله تعالى : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ) (١). وكذلك قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) (٢). تقديره ؛ فيقال لهم : أكفرتم؟

وتكون الجملة تارة اسمية وتارة فعلية إلّا في الحرف الموصول ، لأنّ «أنّ» و «أن» الخفيفة لا توصلان إلّا بما هو جملة اسمية في الأصل ، و «أن» الناصبة للفعل و «كي» لا توصلان إلا بالفعل. وأما «ما» المصدرية فمذهب سيبويه أنّها لا توصل إلا بالفعل ، نحو : «يعجبني ما صنعت» ، تريد : صنيعك. ومذهب طائفة من النحويين منهم الأعلم أنها توصل بالجملة الاسمية ، وجعل من ذلك قوله [من الكامل] :

٨٤ ـ أعلاقة أمّ الوليّد بعد ما

أفنان رأسك كالثّغام المخلس

______________________

ـ وصفاته العربية الكريمة ، من نجدة الملهوف ، وإغاثة الضعيف ، والحق يدحض الباطل.

الإعراب : ذاك : «ذا» : اسم إشارة في محل رفع مبتدأ ، و «الكاف» : للخطاب. الذي : اسم موصول في محل رفع خبر. وأبيك : «الواو» : حرف قسم وجر ، «أبيك» : اسم مجرور بالياء لأنه من الأسماء الستة وهو مضاف ، و «الكاف» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة ، والجار والمجرور متعلقان بفعل القسم المحذوف. يعرف : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة و «الفاعل» : ضمير مستتر جوازا تقديره هو. مالكا : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. والحق : «الواو» : استئنافية ، «الحق» : مبتدأ مرفوع. يدفع : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. ترهات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة عوضا عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم وهو مضاف. الباطل : مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.

وجملة «ذاك الذي» ابتدائية لا محل لها. وجملة «وأبيك» : مع الفعل المحذوف اعتراضية لا محلّ لها. وجملة «الحق يدفع» : استئنافية لا محل لها. وجملة «يدفع ترهات الباطل» : في محل رفع خبر. وجملة «يعرف» : صلة الموصول لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «ـ وأبيك ـ» فقد اعترضت جملة القسم بين الموصول وصلته.

(١) الرعد : ٢٣ ـ ٢٤.

(٢) آل عمران : ١٠٦.

٨٤ ـ التخريج : البيت للمرار الأسدي في ديوانه ص ٤٦١ ؛ والأزهية ص ٨٩ ؛ وإصلاح المنطق ص ٤٥ ؛ وخزانة الأدب ١١ / ٢٣٢ ، ٢٣٤ ؛ والدرر ٣ / ١١١ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٢٢ ؛ والكتاب ١ / ١١٦ ، ٢ / ١٣٩ ؛ ولسان العرب ١٠ / ٢٦٢ (علق) ، ١٢ / ٧٨ (ثغم) ، ١٣ / ٣٢٧ (فنن) ؛ وبلا نسبة في ـ

١٢٥

و «ما» عندنا ليست مصدرية بل هي كافّة لـ «بعد» عن العمل ، ومهيئّة لها للدخول على الجمل.

وإنّما لم يجز وصل الموصول بجملة التعجّب لأن التعجب خفيّ السبب والصلة مبيّنة للموصول ، ولا يجوز تبيين شيء بما هو خفيّ في نفسه.

ولم يجز وصله بغير الجملة المحتملة للصدق والكذب لأنها غير بائنة في نفسها فكيف يتبيّن بها غيرها.

[١٥ ـ الضمير العائد على الموصول] :

ولا بد في الجملة من ضمير يعود على الموصول ، وقد يغني عنه ظاهر هو الموصول في المعنى إلا أن ذلك من القلة بحيث لا يقاس عليه ولا يقال إلّا حيث سمع. والذي سمع من ذلك : «أبو سعيد الذي رويت عن الخدري» ، و «الحجاج الذي رأيت ابن يوسف» ، أي : الذي رأيته ، ورويت عنه ، ومنه قول الشاعر [من الطويل] :

٨٥ ـ فيا ربّ ليلى أنت في كلّ موطن

وأنت الذي في رحمة الله أطمع

______________________

ـ الأضداد ص ٩٧ ؛ ورصف المباني ص ٣١٤ ؛ وشرح شافية ابن الحاجب ١ / ٢٧٣ ؛ والمقتضب ٢ / ٥٤ ؛ والمقرب ١ / ١٢٩ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٢١٠.

اللغة : العلاقة : علاقة الحب. الفنن : الغصن ، وهنا ذؤابة الشعر. الثغام : نبات إذا يبس ابيض لونه. المخلس : المختلط.

المعنى : أما زلت تحب أم الوليد رغم دخول جند الشيب إلى رأسك.

الإعراب : أعلاقة : «الهمزة» : حرف استفهام ، و «علاقة» : مفعول مطلق لفعل محذوف ، منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أم الوليد : «أم» : مفعول به منصوب بالفتحة وهو مضاف ، «الوليد» : مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. بعد ما : ظرف زمان مكفوف بما. أفنان : مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة وهو مضاف. رأسك : مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة وهو مضاف ، و «الكاف» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. كالثغام : جار ومجرور متعلقان بخبر محذوف. المخلس : صفة مجرورة بالكسرة الظاهرة.

وجملة «أفنان رأسك كالثغام» حالية محلها النصب. وجملة «علاقة أمّ الوليد» مع العامل : ابتدائية لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «بعد ما» حيث جاءت «ما» هنا حرفية كافّة لـ «بعد» عن العمل ومهيّئة لها للدخول على الجملة الاسمية.

٨٥ ـ التخريج : البيت للمجنون في الدرر ١ / ٢٨٦ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٥٩ ؛ والمقاصد النحوية ١ / ٤٩٧ ؛ وليس في ديوانه ؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ١ / ٦٧ ؛ وشرح التصريح ١ / ١٤٠ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٨٧. ـ

١٢٦

أي : الذي في رحمته أطمع.

وزعم قوم من قدماء النحويين أنه لا يجوز وصل الموصول بالقسم وجوابه إذا جملة القسم قد عريت من ضمير يعود على الموصول ، وكذلك أيضا لا يجوز وصله عندهم بالشرط والجزاء إذا عريت إحدى الجملتين من ضمير عائد على الموصول ، فلا يجوز أن تقول : «جاءني الذي أقسم بالله لقد قام أبوه» ، ولا «جاءني الذي إن قام عمرو قام أبوه». وذلك عندنا جائز قياسا وسماعا.

أمّا القياس فإنّ الجملتين قد صارتا بمنزلة جملة واحدة بدليل أنّ كلّ واحدة منهما لا تفيد إلّا باقترانها بالأخرى ، فاكتفي فيهما بضمير واحد كما يكتفى به في الجملة الواحدة. وأما السماع فقوله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ) (١)

فـ «ما» موصولة في موضع خبر «إنّ» ، واللام الداخلة عليها لام «إنّ» و «ليوفينهم» جواب القسم المحذوف ، والقسم بجوابه في صلة «ما».

فإن قيل : فلعل «ما» حرف زائد وليست بموصولة. فالجواب : إن ذلك يؤدّي إلى دخول لام التوكيد على مثلها حتى كأنّك قلت : «لليوفينّهم» ، وذلك لا يجوز.

[١٦ ـ أنواع الضمير العائد على الموصول] :

ولا يخلو الضمير العائد على الموصول من أن يكون مرفوعا أو منصوبا أو مخفوضا ،

______________________

ـ الإعراب : فيا : «الفاء» : بحسب ما قبلها ، «يا» : حرف نداء. رب : منادى مضاف منصوب بالفتحة.

ليلى : مضاف إليه مجرور بالفتحة المقدرة على الألف ، عوضا عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف. أنت : ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. في كل : جار ومجرور متعلقان بخبر محذوف. موطن : مضاف إليه مجرور بالكسرة. وأنت : «الواو» : للعطف ، «أنت» : ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. الذي : اسم موصول في محلّ رفع خبر. في رحمة : جار ومجرور متعلّقان بـ (أطمع). الله : مضاف إليه مجرور بالكسرة. أطمع : فعل مضارع مرفوع بالضمة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنا).

وجملة «فيا رب ليلى» : بحسب ما قبلها ، أو ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «أنت في كل موطن» : استئنافية لا محلّ لها. وجملة «وأنت الذي» : معطوفة على سابقتها لا محلّ لها. وجملة «أطمع» : صلة الموصول لا محلّ لها.

والشاهد فيه قوله : «وأنت الذي في رحمة الله أطمع» حيث ذكر اسما ظاهرا بدل ذكر الضمير في الصلة ، والشائع القول : «وأنت الذي في رحمته أطمع»

(١) هود : ١١١.

١٢٧

فإن كان مرفوعا ؛ فإمّا أن يكون مبتدأ أو غيره ، فإن كان غيره لم يجز حذفه ؛ وإن كان مبتدأ فلا يخلو إذ ذاك أن يكون في صلة «أيّ» أو في صلة غيرها.

فإن كان في صلة «أيّ» جاز حذفه على كل حال ، قال الله تبارك وتعالى : (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) (١). تقديره : أيّهم هو أشدّ. وإن كان في صلة غيرها فلا تخلو الصلة من أن يكون فيها طول أو لا يكون ؛ فإن كان فيها طول جاز حذفه وطول الصلة بأن يكون للخبر معمول واحد أو أكثر ، نحو قولك : «جاءني الذي هو ضارب زيدا يوم الجمعة» ، تقول فيه ؛ «جاءني الذي ضارب زيدا». ومن كلامهم : «ما أنا بالذي قائل لك سوءا» ، أي : بالذي هو قائل لك سوءا.

وإن لم يكن في الصلة طول ، نحو قولك : «جاءني الذي هو قائم» ، لم يجز حذفه إلا حيث سمع ، كقراءة من قرأ : (تماما على الذي أحسن) (٢) ، برفع «أحسن». و:(مثلا ما بعوضة) (٣) ، بالرفع. تقديرهما : على الذي هو أحسن ، ومثلا الذي هو بعوضة فما فوقها.

وإن كان الضمير منصوبا ؛ فإمّا أن يكون العامل في الضمير فعلا أو لا ، فإن كان غيره لم يجز حذفه إلا قليلا كـ «جاءني الضاربه زيد» ، لا يجوز «الضارب زيد» ، إلّا قليلا وكذلك «جاءني الذي إنه قائم» ، ولا يجوز «الذي إن قائم» إلّا قليلا.

وإن كان فعلا ، فلا تخلو الصلة من أن يكون فيها ضمير غيره أو لا يكون ؛ فإن كان فيها ضمير غيره لم يجز حذفه ، لما يؤدي ذلك إليه من اللبس ، وذلك نحو قولك : «جاءني الذي ضربته في داره» ، ألا ترى أنك لو قلت : «جاءني الذي ضربت في داره» ، لم يعلم : هل أردت أنّك ضربته في داره أو ضربت غيره في داره.

فإن لم يكن في الصلة غيره ، فلا يخلو أن يكون متّصلا أو منفصلا ، فإن كان منفصلا لم يجز حذفه ، وذلك نحو قولك : «الذي ظنّني إيّاه زيد قائم» ، لا يجوز أن تقول : «الذي ظنني زيد قائم».

وإن كان متّصلا فلا يخلو أن يكون في صلة الألف واللام أو في صلة غيرها. فإن كان في صلتها ، لم يجز حذفه وذلك نحو قولك : «جاءني الضاربه زيد» ، لا يجوز أن تقول فيه : «جاءني الضارب زيد» ، فإن جاء من ذلك شيء ، فيحفظ ولا يقاس عليه. وإن كان في

______________________

(١) مريم : ٦٩.

(٢) الأنعام : ١٥٤.

(٣) البقرة : ٢٦.

١٢٨

غير صلة الألف واللام جاز فيه الإثبات والحذف ، نحو قولك : «جاءني الذي ضربته». وإن شئت قلت : «جاءني الذي ضربت».

وإن كان الضمير مخفوضا ، فلا يخلو أن يكون مخفوضا بإضافة اسم له ، أو بحرف جرّ ؛ فإن كان مخفوضا بإضافة اسم له ، لم يجز حذفه ، نحو قولك : «جاءني الذي قام غلامه». وقد يجوز في الشعر حذف الضمير والاسم إذا كان في الكلام ما يدلّ عليه ، إلّا أنه من القلة بحيث لا يقاس عليه. قال الشاعر [من السريع] :

٨٦ ـ أعوذ بالله وآياته

من باب من يغلق من خارج

تقديره : من باب من يغلق بابه من خارج ، فحذف بابه بجملته. وإن كان مخفوضا بحرف فلا تخلو الصلة من أن يكون فيها ضمير غيره أو لا يكون ، فإن كان فيها ضمير غيره ، لم يجز حذفه لما يؤدي إليه ذلك من اللبس ، وذلك نحو قولك : «الذي أحسن إليه غلامه عمرو» ، لأنك لو حذفت «إليه» ، فقلت : «الذي أحسن غلامه» ، لم يجز ، لأنّه لا يعلم : هل أردت أنّ إحسان الغلام وقع لسيّده أو لغيره.

فإن لم يكن في الصلة غيره ، فلا يخلو الموصول من أن يدخل عليه حرف خفض من جنس الحرف الذي دخل على الضمير أو لا يدخل ، فإن لم يدخل فلا يجوز حذفه أصلا.

______________________

٨٦ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في الدرر ١ / ٢٩٨ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٩٠.

اللغة : أعوذ بالله : ألجأ إليه ، وأحتمي به.

المعنى : أحتمي بالله ـ جلّ وعلا ـ وببراهينه وآياته البيّنات ، وأنا أجلس أسيرا في السجن الذي يغلق السجّان بابه من الخارج.

الإعراب : أعوذ : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنا). بالله : جار ومجرور متعلقان بـ (أعوذ). وآياته : «الواو» : للعطف ، «آيات» : معطوف على لفظ الجلالة مجرور بالكسرة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. من باب : جار ومجرور متعلقان بـ (أعوذ). من : اسم موصول في محلّ جرّ مضاف إليه. يغلق : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو). من خارج : جار ومجرور متعلقان بـ (يغلق).

وجملة «أعوذ» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «يغلق» : صلة الموصول لا محلّ لها.

والشاهد فيه قوله : «من يغلق من خارج» حيث حذف العائد المجرور بإضافة غير الوصف ، والتقدير : من باب من يغلق بابه ، وهذا على مذهب الكسائيّ ، ومنع ذلك الجمهور ، وتأوّل بعضهم هذا البيت على أنّ التقدير : من يغلق بابه ، فحذف «باب» ، وأقام الضمير مقامه ، فصار ضميرا مرفوعا ، فاستتر في الفعل.

جمل الزجاجى / ج ١ / م ٩

١٢٩

فإن سمع من ذلك شيء فيحفظ ولا يقاس عليه ، وذلك نحو قولك : «جاءني الذي مررت به» لا يجوز أن تقول : «جاءني الذي مررت» ، وتحذف المجرور.

وإن دخل عليه حرف من جنس الحرف الذي دخل على الضمير جاز إثباته وحذفه ، نحو قولك : «امرر بالذي نمرّ به». قال الشاعر [من الوافر] :

٨٧ ـ نصلّي للذي صلّت قريش

ونعبده وإن جحد العموم

يريد : الذي صلّت قريش له.

وإن تعلّق المعنى لم يجز حذفه ، نحو : «مررت بالذي مررت به» ، لا يجوز «الذي مررت» ، إلّا في ضرورة شعر ، نحو [من الخفيف] :

٨٨ ـ أبلغا خالد بن نضلة

______________________

٨٧ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في المقرب ١ / ٦٢.

اللغة وشرح المفردات : جحد : أنكر. العموم : الجميع.

المعنى : يقول : إنّنا نصلّي للإله الذي تصلّي إليه قريش وتعبده وإن كفر به جميع الناس.

الإعراب : نصلّي : فعل مضارع مرفوع بالضمّة المقدّرة على الياء للثقل ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : «نحن». للذي : اللام حرف جرّ ، «الذي» : اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ بحرف الجرّ. والجار والمجرور متعلّقان بالفعل «نصلي». صلّت : فعل ماض مبنيّ على الفتحة ، والتاء للتأنيث. قريش : فاعل مرفوع بالضمّة الظاهرة. ونعبده : الواو حرف عطف ، «نعبد» : فعل مضارع مرفوع بالضمّة الظاهرة ، والهاء : ضمير متصل مبنيّ في محلّ نصب مفعول به. وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره «نحن». وإن : الواو : واو الحال ، «إن» : حرف وصل. جحد : فعل ماض مبنيّ على الفتحة. العموم : فاعل مرفوع بالضمّة الظاهرة.

وجملة «نصلّي ...» ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «صلّت قريش» صلة الموصول لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «نعبده» معطوفة على جملة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «إن جحد العموم» في محلّ نصب على الحال.

الشاهد فيه قوله : «للذي صلّت قريش» حيث حذف الضمير العائد إلى الاسم الموصول «الذي» ، والتقدير : للذي صلت له قريش ، وهو في محلّ جر بحرف الجرّ.

٨٨ ـ التخريج : لم أقع على تتمته فيما عدت إليه من مصادر ، ولا على قائله.

الإعراب : «أبلغا» : فعل أمر مبنيّ على حذف النون لاتصاله بألف الاثنين ، والألف ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. «خالد» : مفعول به منصوب بالفتحة. «ابن» : نعت منصوب بالفتحة ، وهو مضاف. ـ

١٣٠

[١٧ ـ عدم إتباع الموصول بتابع] :

واعلم أنّه لا يجوز أن يتبع الموصول بتابع من التوابع الأربعة ، ولا يستثنى منه إلا بعد استيفائه صلته. فأما قول الأعشى [من الكامل] :

٨٩ ـ لسنا كمن جعلت إياد دارها

تكريت تمنع حبّها أن يحصدا

فضرورة ولا يلتفت إليها. وأيضا فيحتمل أن صلة «من» : «جعلت» ليس إلّا ، ثم أبدل «إياد» من «من» بعد كمالها بـ «جعلت» ويكون «دارها» منصوبا بإضمار فعل يدّل عليه ما تقدم ، كأنه قال : جعلت دارها تكريت.

______________________

ـ «نضلة» : مضاف إليه مجرور بالكسرة عوضا من الفتحة لأنه ممنوع من الصرف.

وجملة «أبلغا» : ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب.

٨٩ ـ التخريج : البيت للأعشى في ديوانه ص ٢٨١ ؛ ولسان العرب ١٣ / ٤١٩ (منن) ؛ وبلا نسبة في الخصائص ٢ / ٤٠٢ ، ٤٠٣ ، ٣ / ٢٥٦ ؛ ولسان العرب ٢ / ٧٨ (كرت).

اللغة : إياد : حي من معد. تكريت : بلدة على اسم بنت وائل.

المعنى : لسنا بخلاء كقبيلة إياد التكريتية ، لا تحصد زرعها خوف الأكل منه ، فيضيع هباء.

الإعراب : لسنا : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع نا و «نا» : ضمير متصل في محل رفع اسمها. كمن : «الكاف» : حرف جر و «من» : اسم موصول في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بخبر محذوف. جعلت : فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة و «التاء» : للتأنيث و «الفاعل» : ضمير مستتر جوازا تقديره هي. إياد : بدل من الاسم المجرور (من) ، مجرور مثله بالكسرة الظاهرة. دارها : مفعول به منصوب لفعل محذوف وهو مضاف ، و «ها» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. تكريت : مفعول به ثان للفعل المحذوف منصوب بالفتحة الظاهرة. تمنع : فعل مضارع مرفوع بالضمة و «الفاعل» : ضمير مستتر جوازا تقديره هي. حبها : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة ، وهو مضاف ، و «ها» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. أن يحصدا : «أن» : حرف ناصب ، «يحصدا» : فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بالفتحة الظاهرة والألف للإطلاق ، و «نائب الفاعل» : ضمير مستتر جوازا تقديره هو.

وجملة «لسنا كمن جعلت» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «جعلت» : صلة موصول لا محل لها. وجملة «جعلت» : المحذوفة بدل لا محل لها. وجملة «تمنع» : في محل نصب صفة لـ تكريت. والمصدر المؤول من (أن تحصدا) في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بالفعل تمنع. وجملة «تحصد» : صلة الموصول الحرفي لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «كمن جعلت إياد» حيث أبدل «إياد» من الاسم الموصول «من» بعد أن استوفى صلته.

١٣١

[١٨ ـ الفصل بين الصلة والموصول] :

واعلم أنه لا يجوز الفصل بين الصلة والموصول بأجنبي ، أعني بما ليس من الصلة إلا أن يكون الفاصل جملة اعتراض ، وهي ما كان فيه ـ من الجمل ـ تأكيد أو تبيين للصلة. فمثال التأكيد قول الشاعر [من الكامل] :

ذاك الذي ، وأبيك ، تعرف مالكا

والحق يدفع ترّهات الباطل (١)

ففصل القسم الذي هو «وأبيك» ، بين «الذي» وصلته ، لأن فيه تأكيدا للصلة حتى كأنه قال : ذاك ـ الذي تعرف ـ مالكا حقا.

ومثال التبيين قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) (٢). فقوله : (وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) ، من كمال الصلة ، لأنه معطوف على «كسبوا» ، وفصل بينه وبين الموصول بقوله : (جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها) ، وهو جملة من مبتدأ وخبر ، والباء زائدة في الخبر لأن فيه تأكيدا لقوله تعالى : (وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ،) ألا ترى أن جزاء السيّئة بمثلها من رهوق الذلّة لهم؟ وأما قوله [من المتقارب] :

٩٠ ـ كذلك تلك وكالنّاظرات

صواحبها ما يرى المسحل

______________________

(١) تقدم بالرقم ٨٣.

(٢) يونس : ٢٧.

٩٠ ـ التخريج : البيت للكميت بن زيد في ديوانه ٢ / ٣٥ ؛ والخصائص ٢ / ٤٠٤ ، ٣ / ٢٥٧.

اللغة : المسحل : حمار الوحش ، وهو صفة غالبة عليه ؛ وسحيله : أشدّ نهيقه.

المعنى : ناقتي كذلك ، وهي تشبه أتن الوحش التي ترى صاحباتها تنظرن إلى ما يراه حمار الوحش.

الإعراب : كذلك : «الكاف» : حرف تشبيه وجرّ ، «ذا» : اسم إشارة في محلّ جرّ بحرف الجر ، والجار والمجرور متعلقان بخبر مقدّم محذوف ، و «اللام» : للبعد ، و «الكاف» : للخطاب. تلك : اسم إشارة في محلّ رفع مبتدأ ، و «اللام» : للبعد ، و «الكاف» : للخطاب. وكالناظرات : «الواو» : للعطف ، «كالناظرات» : جار ومجرور متعلّقان بخبر محذوف. صواحبها : فاعل اسم الفاعل مرفوع بالضمّة ، و «ها» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. ما : اسم موصول في محلّ نصب مفعول به للفعل (يرى). يرى : فعل مضارع مرفوع بضمّة مقدّرة على الألف. المسحل : فاعل مرفوع بالضمّة.

وجملة «تلك كذلك» : ابتدائيّة لا محلّ لها. وجملة «يرى» : صلة الموصول لا محلّ لها.

والشاهد فيه قوله : «وكالناظرات صواحبها ما يرى المسحل» أي و «كالناظرات ما يرى المسحل صواحبها» وقد فصل بالموصول بين الصلة وتتمتها للضرورة الشعرية. وقد خرّج البيت على أنّ قوله : «ما يرى المسحل» منصوب بإضمار فعل يدلّ عليه «الناظرات» ، كأنه قال : ينظرن ما يرى المسحل.

١٣٢

فضرورة. وقد يخرج على أن يكون : «ما يرى المسحل» منصوبا بإضمار فعل يدل عليه «الناظرات» ، كأنه قال : ينظرن ما يرى المسحل.

واعلم أنه لا يجوز تقديم شيء من الصلة على الموصول ، فإن جاء ما ظاهره ذلك فهو مؤوّل ، نحو قوله تعالى : (وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) (١). وقول الشاعر [من الرجز] :

٩١ ـ ربّيته حتّى إذا تمعددا

كان جزائي بالعصا أن أجلدا

فظاهر «فيه» من قوله تعالى : (وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ،) أنّه من صلة «الزاهدين» ، كأنه قال : من الزاهدين فيه. وظاهر «بالعصا» في قول الشاعر : «كان جزائي بالعصا أن أجلدا» أنّه

______________________

(١) يوسف : ٢٠.

٩١ ـ التخريج : الرجز للعجاج في ملحق ديونه ٢ / ٢٨١ ؛ وخزانة الأدب ٨ / ٤٢٩ ، ٤٣٠ ، ٤٣٢ ؛ والدرر ١ / ٢٩٢ ، ٢ / ٥٠ ؛ والمحتسب ٢ / ٣١٠ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٨ / ١٤٢ ؛ والدرر ٤ / ٥٩ ؛ وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٣٣٦ ؛ وشرح المفصل ٩ / ١٥١ ؛ واللامات ص ٥٩ ؛ والمنصف ١ / ١٢٩ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٨٨ ، ١١٢ ، ٢ / ٣.

اللغة : تمعدد : غلظ واشتدّ.

المعنى : لقد أنشأته وأشرفت على تربيته ، حتى كبر واشتد عوده ، عندئذ ردّ لي الجميل ضربا بالعصا.

الإعراب : ربيته : فعل ماض مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. حتى : حرف غاية وابتداء. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان ، يتضمّن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب متعلق بالفعل (كان). تمعددا : فعل ماض مبني على الفتح ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو) ، و «الألف» : للإطلاق. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. جزائي : اسم (كان) مرفوع بضمة مقدّرة على ما قبل ياء المتكلم ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ جرّ مضاف إليه. بالعصا : جار ومجرور متعلّقان بـ (أجلدا). أن أجلدا : «أن» : حرف مصدريّة ونصب ، «أجلدا» : فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بالفتحة والألف للإطلاق ، و «نائب الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنا) ، و «الألف» : للإطلاق ، والمصدر المؤول من (أن) والفعل (أجلد) خبر (كان).

وجملة «ربيته» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «إذا وفعليها» : استئنافية لا محل لها. وجملة «تمعدد» : في محلّ جرّ بالإضافة. وجملة «كان جزائي ...» : جواب شرط غير جازم لا محلّ لها. وجملة «أجلدا» : صلة الموصول الحرفي لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «بالعصا أن أجلدا» حيث ظاهره أنّه قدّم الجار والمجرور وهما من صلة (أن أجلدا). وقيل : ينبغي أن يخرّج على إضمار فعل ، كأنه قال : وأعني بالعصا.

١٣٣

من صلة «أن» ، كأنه قال : «أن أجلد بالعصا». لكن ينبغي أن يحمل ذلك على إضمار فعل ، كأنّه قال : أعني فيه ، وأعني بالعصا.

[١٩ ـ حذف صلة الموصول] :

واعلم أنه لا يجوز حذف صلة الموصول إلّا إذا كان في الكلام ما يدلّ عليه ، نحو قول الشاعر [من الرجز] :

من اللواتي والتي واللاتي

يزعمن أنّي كبرت لداتي (٢)

يريد : من اللواتي يزعمن والتي زعمت ، فحذف ذلك لدلالة يزعمن عليه. ونحو قول عبيد [من مجزوء الكامل] :

٩٢ ـ نحن الألى فاجمع جمو

عك ثمّ وجّههم إلينا

يريد : نحن الذين تطلب أو تريد ، فحذف الصلة لفهم المعنى.

واعلم أنه يجوز فيما كان من الموصولات للواحد والاثنين والجمع بلفظ واحد الحمل

______________________

(١) تقدم بالرقم ٩.

٩٢ ـ التخريج : البيت لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص ١٤٢ ؛ وخزانة الأدب ٢ / ٢٨٩ ؛ والدرر ١ / ٢٩٧ ؛ وشرح شواهد المغني ١ / ٢٥٨ ؛ ولسان العرب ١٥ / ٤٣٧ (أولى وألاء) ؛ والمقاصد النحوية ١ / ٤٩٠ ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٦ / ٥٤٢ ؛ وشرح الأشموني ١ / ٧٤ ، ٨٢ ؛ وشرح التصريح ١ / ١٤٢ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٨٩.

اللغة : الألى : الذين. جموعك : مقاتلوك ، جيشك.

المعنى : نحن الذين عرفوا بالبأس والقوّة ، فاجمع جيشك ومقاتليك وتعال بهم إلينا ، فلن نخافكم.

الإعراب : نحن : ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. الألى : اسم موصول في محلّ رفع خبر للمبتدأ (نحن). فاجمع : «الفاء» : للاستئناف ، «اجمع» : فعل أمر مبني على السكون ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنت). جموعك : مفعول به منصوب بالفتحة ، و «الكاف» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. ثم وجههم : «ثم» : حرف عطف ، «وجّه» : فعل أمر مبني على السكون ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنت) ، و «هم» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. إلينا : جار ومجرور متعلّقان بـ (وجّههم).

وجملة «نحن الألى» : ابتدائية لا محلّ لها ، وصلة الموصول محذوفة بتقدير (نحن الألى عرفوا). وجملة «فاجمع» : استئنافية لا محلّ لها. وجملة «وجههم» : معطوفة عليها لا محلّ لها.

والشاهد فيه قوله : «نحن الألى» حيث حذف صلة الموصول (الألى) لدلالة الكلام عليها.

١٣٤

على اللفظ في حال التثنية والجمع فيفرد ، وعلى المعنى فيثنّى أو يجمع. فمن الحمل على اللفظ قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) (١). فجعل الضمير العائد على «من يستمع» مفردا ، وإن كانت في المعنى واقعة على جمع. وقال في موضع آخر : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) (٢). فجمع على المعنى.

ومن الحمل على المعنى قول الشاعر [من الطويل] :

٩٣ ـ تعال فإن عاهدتني لا تخونني

نكن مثل من يا ذئب يصطحبان

فأعاد الضمير من «يصطحبان» على «من» مثنى حملا على المعنى.

______________________

(١) الأنعام : ٢٥.

(٢) يونس : ٤٢.

٩٣ ـ التخريج : البيت للفرزدق في ديوانه ٢ / ٣٢٩ ؛ وتخليص الشواهد ص ١٤٢ ؛ والدرر ١ / ٢٨٤ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٨٤ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٥٣٦ ؛ والكتاب ٢ / ٤١٦ ؛ والمقاصد النحوية ١ / ٤٦١ ؛ وبلا نسبة في الخصائص ٢ / ٤٢٢ ؛ وشرح الأشموني ١ / ٦٩ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٢٩ ؛ وشرح المفصل ٢ / ١٣٢ ، ٤ / ١٣ ؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ١٧٣ ؛ ولسان العرب ١٣ / ٤١٩ (منن) ؛ والمحتسب ١ / ٢١٩ ؛ والمقتضب ٢ / ٢٩٥ ، ٣ / ٢٥٣.

المعنى : أقبل إلي أيها الذئب ، فإن واثقتني على عدم الغدر ، نكن صديقين لا يغدر أحدنا بصاحبه.

الإعراب : تعال : اسم فعل أمر مبني على الفتح ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره (أنت). فإن : «الفاء» : استئنافية ، «إن» : حرف شرط جازم. عاهدتني : فعل ماض مبني على السكون و «التاء» : ضمير متصل في محل رفع فاعل ، و «النون» : للوقاية ، و «الياء» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به. لا تخونني : «لا» : نافية ، «تخون» : فعل مضارع مرفوع ، و «النون» : للوقاية ، و «الياء» : ضمير متصل في محل نصب مفعول به ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره أنت. نكن : فعل مضارع ناقص ، مجزوم ، و «اسمها» : ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن. مثل : خبرها منصوب بالفتحة وهو مضاف. من : اسم موصول في محل جر بالإضافة. يا ذئب : «يا» : حرف نداء ، «ذئب» : منادى نكرة مقصودة مبني على الضمة في محل نصب. يصطحبان : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة ، و «الألف» : ضمير متصل في محل رفع فاعل.

وجمله «فإن عاهدتني نكن مثل ...» : استئنافية. وجملة «لا تخونني» : في محل نصب حال. وجملة «نكن» : جواب جازم شرط لا محل لها لعدم الاقتران بالفاء أو إذا ، وجملة «عاهدتني» جملة الشرط غير الظرفي لا محل لها.

والشاهد فيه قوله : «مثل من يصطحبان» حيث أعاد الضمير على «من» مثنى حملا على المعنى.

١٣٥

وكذلك ، يجوز أيضا فيما كان للمذكر والمؤنث بلفظ واحد أن يحمل إذا وقع على المؤنث على لفظه فيذكّر أو على معناه فيؤنّث ، نحو : «يعجبني من قام ومن قامت» ، وأنت تعني المؤنّث. قال الله تعالى : (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) (١) بالياء حملا على لفظه. (وَتَعْمَلْ صالِحاً) (٢) ، حملا على معناها.

وكذلك يجوز في جميعها إذا وقعت بعد ضمير متكلم أو مخاطب أن تعيد الضمير عليها كما تعيده على الاسم الظاهر إذا وقعت بعده ، أعني ضمير غيبة ، وأن تعامله معاملة ضمير المتكلم أو المخاطب ، لأن الموصول هو المتكلم أو المخاطب في المعنى ، فيكون الضمير العائد عليه ضمير متكلم إن كان الموصول بعد ضمير متكلم ، أو ضمير مخاطب إن كان الموصول بعد ضمير مخاطب ، فتقول : «أنا الذي قام» ، على لفظ «الذي» ، و «أنا الذي قمت» ، على معنى «الذي» لأن «الذي» في المعنى هو أنت. فمن الحمل على المعنى قوله [من الرجز] :

٩٤ ـ أنا الذي فررت يوم الحرّه ٩٩

والشّيخ لا يفرّ إلّا مرّه

______________________

(١) الأحزاب : ٣١.

(٢) الأحزاب : ٣١.

٩٤ ـ التخريج : الرجز لعبد الله بن مطيع بن الأسود العدويّ في العقد الفريد ١ / ١٤٩ ؛ وكان فرّ يوم الحرّة من جيش مسلم بن عقبة ، فلمّا كان أيام حصار الحجّاج بمكّة لعبد الله بن الزبير جعل يقاتل أهل الشام ، ويقول هذا الرجز ، وبعده :

فاليوم أجزي فرّة بكرّه ٩٩

لا بأس بالكرّة بعد الفرّه

اللغة : الحرّة : اسم الموضع الذي جرت فيه المعركة.

المعنى : لقد هربت من تلك المعركة ، وهذا يكفي ، فالرجل الكبير يهرب مرّة واحدة ، ثم يواجه مصيره بشجاعته.

الإعراب : أنا : ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. الذي : اسم موصول في محلّ رفع خبر. فررت : فعل ماض مبني على الفتح ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. يوم : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بالفعل (فررت). الحرة : مضاف إليه مجرور بالكسرة ، وسكّن لضرورة القافية. والشيخ : «الواو» : للاستئناف ، «الشيخ» : مبتدأ مرفوع بالضمّة. لا يفر : «لا» : نافية ، «يفر» : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو). إلا : حرف حصر. مرّة : نائب مفعول مطلق منصوب بالفتحة ، وسكّن لضرورة القافية.

وجملة «أنا الذي» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «فررت» : صلة الموصول لا محلّ لها. وجملة «الشيخ لا يفرّ» : استئنافية لا محلّ لها. وجملة «لا يفرّ» : في محلّ رفع خبر.

والشاهد فيه قوله : «أنا الذي فررت» حيث جاء بالفعل (فررت) صلة للموصول على معناه.

١٣٦

وكذلك قوله [من الرجز] :

٩٥ ـ أنا الذي سمّتني أمّي حيدره

ولو حمل على اللفظ لقال : أنا الذي فرّ ، وأنا الذي سمّته أمّه.

ومن الحمل على اللفظ قوله [من الكامل] :

٩٦ ـ وأنا الذي عرفت معدّ فضله

[ونشدت عن حجر بن أمّ قطام]

______________________

٩٥ ـ التخريج : الرجز لعلي بن أبي طالب في ديوانه ص ٧٧ ـ ٧٨ ؛ ولسان العرب ٤ / ١٧٤ (حدر) ، ٣٨٢ (سندر) ؛ والتنبيه والإيضاح ٢ / ١٠٤ ؛ وتهذيب اللغة ٤ / ٤١٠ ، ١٣ / ١٤٩ ؛ وتاج العروس ١٠ / ٥٥٧ (حدر) ، ١٢ / ٩٠ (سندر) ، ١٣ / ٤١٢ (قسر) ؛ ومجمل اللغة ٢ / ٣٣ ؛ وأساس البلاغة (قسر) ؛ وبلا نسبة في ديوان الأدب ٢ / ٤٤ ؛ وأساس البلاغة (كيل).

اللغة : حيدرة : من أسماء الأسد.

المعنى : لقد أطلقت عليّ أميّ اسم الأسد لأنّها تنبّأت بشجاعتي في قتال الكفار ، وضرابهم بالسيف البتار.

الإعراب : أنا : ضمير منفصل مبني على السكون في محلّ رفع مبتدأ. الذي : اسم موصول في محلّ رفع خبر. سمّتني : فعل ماض مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث ، و «النون» : للوقاية ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. أمي : فاعل مرفوع بضمّة مقدّرة على ما قبل الياء ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ جرّ مضاف إليه. حيدرة : مفعول به منصوب بالفتحة وسكّن لضرورة الشعر.

وجملة «أنا الذي» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «سمّتني» : صلة الموصول لا محلّ لها.

والشاهد فيه قوله : «أنا الذي سمتني» حيث جاء بالفعل (سمّت) صلة للموصول على معناه ، كما في الشاهد السابق.

٩٦ ـ التخريج : البيت لامرىء القيس في ديوانه ص ١١٨.

اللغة : معدّ : أحد أجداد العرب. نشد : سئل. حجر : اسم والد الشاعر. أمّ قطام : جدّته لأبيه.

المعنى : لقد عرفت كل القبائل العربيّة المتحدّرة من نسل معدّ من أكون أنا ، وسئلت عن دم أبي (حجر بن أم قطام) ، فها أنا قادم لآخذ بثأره.

الإعراب : وأنا : «الواو» : بحسب ما قبلها ، «أنا» : ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. الذي : اسم موصول في محلّ رفع خبر. عرفت : فعل ماض مبني على الفتح ، و «التاء» : للتأنيث. معدّ : فاعل مرفوع بالضمّة. فضله : مفعول به منصوب بالفتحة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. ونشدت : «الواو» : عاطفة ، «نشدت» : فعل ماض مبني للمجهول ، مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع نائب فاعل. عن حجر : جار ومجرور متعلّقان بـ (نشدت). بن : صفة (حجر) مجرورة بالكسرة. أمّ : مضاف إليه مجرور بالكسرة. قطام : اسم مبني على الكسر في محلّ جرّ بالإضافة. ـ

١٣٧

فإذا حملت على اللفظ وعلى المعنى في كلام واحد ، فالأحسن أن تقدم الحمل على اللفظ ، ثم تحمل بعد ذلك على المعنى ، نحو : (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً) (١). وقد يجوز أن يتقدّم الحمل على المعنى خلافا لأهل الكوفة ، فإنّهم لا يجيزون ذلك. والدليل على جوازه قوله [من الطويل] :

٩٧ ـ أأنت الهلاليّ الذي كنت مرّة

سمعنا به والأرحبيّ المغلّب

فقوله : «كنت» ، على معنى «الذي» لأن الذي في المعنى : «أنت» ، وقوله : «سمعنا به» ، على لفظه. فأما قوله تعالى : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) (١).

______________________

ـ وجملة «أنا الذي» : حسب ما قبلها. وجملة «عرفت» : صلة الموصول لا محلّ لها. وجملة «نشدت» : معطوفة على جملة (عرفت).

والشاهد فيه قوله : «أنا الذي عرفت» حيث جاء بالفعل (عرفت) صلة للموصول على اللفظ لا على المعنى.

(١) الأحزاب : ٣١.

٩٧ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في الدرر ١ / ٢٨٣ ؛ ورصف المباني ص ٢٦ ؛ والمقرب ١ / ٦٣ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٨٧.

اللغة : الهلالي : نسبة إلى هلال وهو جدّ حيّ من هوازن. الأرحبيّ : نسبة إلى أرحب وهو جدّ بطن من همدان ، أو فحل تنسب إليه النجائب الأرحبيّة.

المعنى : أتراك الفارس الذي سمعنا به مرّة من بني هلال؟! والغالب دائما من بني همدان (أو : وهذا بعيرك النجيب من نسل أرحب الذي غلب على غيره من الفحول).

الإعراب : أأنت : «الهمزة» : حرف استفهام ، «أنت» : ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. الهلالي : خبر مرفوع بالضمة. الذي : اسم موصول في محلّ رفع صفة لـ (الهلالي). كنت : فعل ماض ناقص ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع اسم (كان). مرة : نائب مفعول مطلق منصوب بالفتحة. سمعنا : فعل ماض مبني على السكون ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. به : جار ومجرور متعلّقان بـ (سمعنا). والأرحبي : «الواو» : للعطف ، «الأرحبي» : خبر لمبتدأ محذوف تقديره (هذا) مرفوع بالضمة. المغلب : صفة (الأرحبيّ) مرفوع بالضمّة.

وجملة «أنت الهلالي» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «كنت سمعنا به» : صلة الموصول لا محلّ لها.

وجملة «سمعنا» : في محلّ نصب خبر (كان). وجملة «هذا الأرحبي» : معطوفة على جملة «أنت الهلالي» لا محلّ لها.

والشاهد فيه قوله : «الذي كنت مرّة سمعنا به» فجاء بالفعل (كنت) صلة للموصول على المعنى ، ثم جاء بـ «سمعنا به» على اللفظ ، فجاز بهذا أن يتقدم الحمل على المعنى.

(١) الطلاق : ١١.

١٣٨

فلا ينبغي أن يحتجّ به فيقال : قد قال خالدين ، بالجمع على معنى «من» ، ثم قال بعده : قد أحسن الله له رزقا ، بالإفراد على لفظها ، لأنّ «خالدين» حال نم الضمير في يدخله على معناه ، لأنّه في المعنى جمع ، والضمير في «له» عائد على «من» على لفظه. وإنما كان يكون فيه حجّة لو كان «خالدين» حالا من نفس «من».

وكذلك أيضا يجوز الحمل على اللفظ وعلى المعنى في كل شيء له لفظ ومعنى موصولا كان أو غير موصول.

واعلم أن اعتبار مسائل هذا الباب الصحيح منها من الفاسد بأن تبدل من الاسم التام إن كان مرفوعا ضمير المتكلم المرفوع وهو التاء ، وإن كان منصوبا ضمير المتكلم المنصوب وهو النون والياء ، ومن الموصول اسما ظاهرا في معناه على حسب ما تقدم في معاني الموصولات. فإن صحّت المسألة بعد هذا الاعتبار فهي صحيحة قبله وإلّا فهي فاسدة.

فإن قيل : هل يجوز : «أعجب زيد ما كره عمرو»؟ فالجواب : أن تقول : إن أوقعت «ما» على ما لا يعقل لم يجز ، لأنّ تقدير المسألة إذ ذاك : أعجب الحمار ، وذلك فاسد. وإن أوقعت «ما» على أنواع من يعقل جازت المسألة ، لأنّ التقدير إذ ذاك أعجب النساء والرجال.

فإن قيل : هل يجوز «أعجب زيد من كره عمرو»؟ فالجواب إنّك إن أوقعت «من» على من يعقل جازت المسألة ، لأنّ تقدير المسألة إذ ذاك : أعجب زيدا ، وإن أوقعت «من» على ما لا يعقل المختلطة بمن يعقل لم تجز المسألة ، لأنّ تقديرها إذ ذاك : أعجب زيدا والحمار ، مثلا ، وذلك غير جائز.

فعلى هذا تمشي مسائل هذا الباب.

قوله : ومثل ذلك : ما دعا زيدا إلى الخروج ... إلى آخر الباب.

يعني أنه مثل ما تقدّم في أنّ الإعراب لا يظهر في «ما» وإن لم تكن موصولة. وفي أنها تقع على ما تقع عليه الموصولة ، وفي أنه يجوز لك أن تعتبرها بما اعتبرت به الموصولة من إبدالك من الاسم التام إن كان مرفوعا ضمير المتكلم المرفوع ، وإن كان منصوبا ضمير المتكلم المنصوب. وتبدل منها اسما في معناها.

١٣٩

باب ما يتبع الاسم في إعرابه

وهو أربعة أشياء : النعت ، والعطف ، والتوكيد ، والبدل.

ظاهر هذه الترجمة أن الأربعة مختصّة بالأسماء ، وليس كذلك ، لأنّها تنقسم قسمين : قسم تنفرد به الأسماء وهو النعت والتوكيد ، نحو : «جاءني زيد العاقل» ، و «جاءني زيد نفسه» ، وقسم يشترك فيه الاسم والفعل وهو العطف والبدل.

ومثالهما من الأسماء : «قام زيد وعمرو» ، و «قام زيد أخوك» ، ومثالهما من الأفعال قوله تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً) (١) ، وقال الشاعر [من الرجز] :

إنّ عليّ الله أن تبايعا

تؤخذ كرها أو تجيء طائعا (٢)

______________________

(١) الفرقان : ٦٩.

(٢) تقدم بالرقم ٢١.

١٤٠