المفصل في صنعة الإعراب

أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري

المفصل في صنعة الإعراب

المؤلف:

أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٠

الباب الثالث والعشرون

هاء السكت

هاء السكت للوقف :

وهي التي في نحو قوله تعالى : (ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ). وهي مختصة بحال الوقف ، فإذا أدرجت قلت مالي هلك سلطاني خذوه. وكل متحرّك ليست حركته إعرابية يجوز عليه الوقف بالهاء نحو : ثمه وليته وكيفه وأنه وحيّهله وما أشبه ذلك.

هاء السكت يجب أن تكون ساكنة :

وحقها أن تكون ساكنة ، وتحريكها لحن ونحو ما في إصلاح ابن السكيت من قوله :

يا مرحباه بحمار عفرا (١)

__________________

(١) البيت لعروة بن حزام العذري وبعده :

إذا أتي قربته لما شاء

من الشعير والحشيش والماء

وكان يحب عفراء فخرج يوما فلقي حمارا عليه امرأة فقيل له هذا حمار عفراء فأنشد هذا الشعر.

اللغة اليعفور ولد الظبية سمي بذلك لأن لونه لون العفرة وهو التراب ولذلك قيل ظبي أعفر وظبية عفراء ، وبه سميت المرأة عفراء وعفراء ، يروى بالمد والقصر فان مد كان البيت من

٤٦١

و: يا مرحباه بحمار ناجيه (١)

مما لا معرّج عليه للقياس واستعمال الفصحاء ، ومعذرة من قال ذلك أنه أجرى الوصل مجرى الوقف مع تشبيه هاء السكت بهاء الضمير.

__________________

الضرب الخامس من السريع المشطور المخبون الموقوف فعولان أو مفاعيل ، وان قصر كان من الضرب السادس من مشطور السريع المخبون.

الاعراب ظاهر (والشاهد فيه) انه حرك هاء السكت وهو خطأ وانما حقها التسكين. وقد جرى ابن جني على ذلك ثم رجع عنه فقال ان العربي الخالص لا يجري على لسانه لحن. وكل ما تسمع منه فهو اللغة العربية. والشاعر من شعراء الجاهلية أهل اللسن والفصاحة فلا يخطأ واللغة ما نطق به.

(١) لم يذكر له أحد قائلا وتمامه إذا أتى قربته للسانيه.

اللغة ناجيه اسم محبوبته. والسانية الدلو العظيمة وأداتها.

الاعراب يا اداة نداء. والمنادى محذوف. أي يا هؤلاء. وبحمار متعلق بمرحبا. وحمار مضاف إلى عفراء. وإذا ظرف. وأتى فعل ماض فاعله ضمير يعود إلى الحمار. وقربته فعل وفاعل ومفعول جواب إذا (والشاهد فيه) كالذي في سابقه والكلام على هذا كالكلام على ذاك.

٤٦٢

الباب الرابع والعشرون

شين الوقف

وهي الشين التي تلحقها بكاف المؤنث إذا وقف من يقول : اكرمتكش ، ومررت بكش. وتسمى الكشكشة. وهي في تميم. والكسكسة في بكر ، وهي الحاقهم بكاف المؤنث سينا. وعن معاوية أنه قال يوما : من أفصح الناس؟ فقام رجل من جرم ، وجرم من فصحاء الناس فقال : قوم تباعدوا عن فراتية العراق ، وتيامنوا عن كشكشة تميم ، وتياسروا عن كسكسة بكر ، ليست فيهم غمغمة قضاعة ، ولا طمطمانية حمير. قال معاوية : فمن هم؟ قال. قومي.

٤٦٣
٤٦٤

الباب الخامس والعشرون

حرف الإنكار

حدّه :

وهو زيادة تلحق الآخر في الإستفهام على طريقين : أحدهما أن تلحق وحدها بلا فاصل كقولك أزيدنيه. والثاني أن تفصل بينها وبين الحرف الذي قبلها إن مزيدة كالتي في قولهم : ما إن فعل فيقال أزيدانيه.

لحرف الإنكار معنيان :

ولها معنيان : أحدهما انكار أن يكون الأمر على ما ذكر المخاطب. والثاني إنكار أن يكون على خلاف ما ذكر كقولك لمن قال قدم زيد : أزيدنيه ، منكرا لقدومه أو لخلاف قدومه. وتقول لمن قال غلبني الأمير : آلاميروه. قال الأخفش : كأنك تهزأ به وتنكر تعجبه من أن يغلبه الأمير. قال سيبويه وسمعنا رجلا من أهل البادية قيل له أتخرج إن أخصبت البادية فقال أأنا إنيه منكرا لرأيه أن يكون على خلاف أن يخرج.

حركته :

ولا يخلو الحرف الذي تقع بعده من أن يكون متحركا أو ساكنا. فإن كان متحركا تبعته في حركته فتكون ألفا وواوا وياء بعد المفتوح والمضموم والمكسور كقولك في هذا عمر أعمروه ، وفي رأيت عثمان أعثماناه وفي

٤٦٥

مررت بحذام أحذاميه ، وإن كان ساكنا حرك بالكسر ثم تبعته كقولك أزيدنيه وأزيدانيه.

وإن أجبت من قال لقيت زيدا وعمرا قلت : أزيدا وعمرنيه ، وإذا قال ضربت عمر قلت أضربت عمراه ، وإن قال ضربت زيدا الطويل قلت أزيدا الطويلاه فتجعلها في منتهى الكلام.

وتترك هذه الزيادة في حال الدرج فيقال أزيدا يا فتى كما تركت العلامات في من حين قلت من يا فتى.

٤٦٦

الباب السادس والعشرون

حرف التذكر

وهو أن يقول الرجل في نحو قال ويقول من العام قالا ، فيمد فتحة اللام ويقولو ومن العامي إذا تذكر ولم يرد أن يقطع كلامه.

وهذه الزيادة في اتّباع ما قبلها إن كان متحركا بمنزلة زيادة الإنكار. فإذا سكن حرك بالكسر كما حرك ثمة ثم تبعته. قال سيبويه : سمعناهم يقولون انه قدي وألي يعني في قد فعل. وفي الألف واللام إذا تذكر الحارث ونحوه. قال وسمعنا من يوثق به يقول هذا سيفني يريد سيف من صفته كيت وكيت.

٤٦٧
٤٦٨

القسم الرابع : المشترك

٤٦٩
٤٧٠

الباب الأول

الإمالة

المشترك نحو الإمالة والوقف وتخفيف الهمزة والتقاء الساكنين ونظائرها مما تتوارد فيه الأضرب الثلاثة أو اثنان منها. وأنا أورد ذلك في هذا القسم على نحو الترتيب المار في الأقسام الثلاثة ، معتصما بحبل التوفيق من ربي بريئا من الحول والقوّة إلا به.

حدها :

يشترك فيها الإسم والفعل. وهي أن تنحو بالألف نحو الكسرة ، فتميل الألف نحو الياء ليتجانس الصوت ، كما أشربت الصاد صوت الزاي لذلك.

وسبب ذلك أن تقع بقرب الألف كسرة أو ياء ، أو تكون هي منقلبة عن مكسورة أو ياء أو صائرة ياء في موضع ، وذلك نحو قولك عماد وشملال وعالم وسيال وشيبان وهاب وخاف وناب ورمى ودعا لقولك دعي ومعزى وحبلى لقولك معزيان وحبليان.

متى تؤثر الكسرة في الإمالة :

وإنما تؤثّر الكسرة قبل الألف إذا تقدمته بحرف كعماد ، أو بحرفين أولهما ساكن كشملال ، فإذا تقدمت بحرفين متحرّكين أو بثلاثة أحرف كقولك

٤٧١

أكلت عنبا وفتلت قنّبا لم تؤثر. وأما قولهم يريد أن ينزعها ويضربها ، وهو عندها ، وله درهمان ، فشاذ والذي سوّغه أن الهاء خفية فلم يعتد بها.

الألف المنفصلة كالمتصلة :

وقد أجروا الألف المنفصلة مجرى المتصلة ، والكسرة العارضة مجرى الأصلية ، حيث قالوا درست علما ورأيت زيدا ومررت ببابه وأخذت من ماله.

الألف الآخرة :

والألف الآخرة لا تخلو من أن تكون في اسم أو فعل ، وأن تكون ثالثة أو فوق ذلك. فالتي في الفعل تمال كيف كانت ، والتي في الإسم إن لم يعرف انقلابها عن الياء لم تمل ثالثة ، وتمال رابعة. وإنما أميلت العلى لقولهم العليا.

والمتوسطة إن كانت في فعل يقال فيه فعلت كطاب وخاف أميلت ولم ينظر إلى ما انقلبت عنه ، وإن كانت في اسم نظر إلى ذلك فقيل ناب ولم يقل باب.

وقد أمالوا الألف ممالة قبلها فقالوا رأيت عمادا ومعزانا.

سبعة أحرف تمنع الإمالة :

وتمنع الإمالة سبعة أحرف وهي الصاد والضاد والطاء والظاء والغين والخاء والقاف إذا وليت الألف قبلها أو بعدها ، إلا في باب رمى وباع فإنك تقول فيهما طاب وخاف وصغى وطغى ، وذلك نحو صاعد وعاصم وضامن وعاضد وطائف وعاطس وظالم وعاظل وغائب وواغل وخامد وناخل وقاعد وناقف ، أو وقعت بعدها بحرف أو حرفين كناشص ومفاريص وعارض ومعاريض وناشط ومناشيط وباهظ ومواعيظ ونابغ ومباليغ ونافخ ومنافيخ ونافق ومعاليق. وإن وقعت قبل الألف بحرف وهي مكسورة أو ساكنة بعد مكسور لم تمنع عند الأكثر نحو صعاب ومصباح وضعاف ومضحاك وطلاب ومطعام

٤٧٢

وظماء وإظلام وغلاب ومغناج وخباث وإخبات وقفاف ومقلات.

قال سيبويه : وسمعناهم يقولون أراد أن يضربها زيد فأمالوا ، وقالوا أراد أن يضربها قبل فنصبوا للقاف ، وكذلك مررت بمال قاسم وبمال ملق.

حكم الراء :

والراء غير المكسورة إذا وليت الألف منعت منع المستعلية تقول راشد ، وهذا حمارك ، ورأيت حمارك ، على التفخيم. والمكسورة أمرها بالضد من ذلك يمال لها ما لا يمال مع غيرها ، تقول طارد وغارم وتغلب غير المكسورة كما تغلب المستعلية فتقول من قرارك وقرىء : كانت قوارير. فإذا تباعدت لم تؤثر عند أكثرهم ، فأمالوا هذا كافر ، ولم يميلوا مررت بقادر ، وقد فخم بعضهم الأول وأمال الآخر.

وقد شذ عن القياس قولهم الحجاج والناس ممالين. وعن بعض العرب هذا مال وباب. وقالوا العشا والمكا والكبا وهؤلاء من الواو. وأما قولهم الربا فلأجل الراء.

وقد أمال قوم جاد وجوادّ نظرا إلى الأصل ، كما أمالوا هذا ماش في الوقف.

وقد أميل : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها). وهي من الواو لتشاكل جلّاها ويغشاها.

وقد أمالوا الفتحة في نحو قولهم من الضرر ومن الكبر ومن الصغر ومن المحاذر.

الحروف لا تمال :

والحروف لا تمال نحو حتى وعلى وإلى وإما وإلا إلا إذا سمّي بها. وقد أميل بلى ولا في إمالا وياء في النداء لإغنائها عن الجمل.

٤٧٣

حكم الأسماء غير المتمكنة في الإمالة :

والأسماء غير المتمكنة يمال منها المستقل بنفسه نحو ذا ومتى وأنى ، ولا يمال ما ليس بمستقل نحو ما الإستفهامية أو الشرطية أو الموصولة أو الموصوفة ونحو إذا. قال المبرد وامالة عسى جيدة.

٤٧٤

الباب الثاني

الوقف

في الوقف أربع لغات :

تشترك فيه الأضرب الثلاثة. وفيه أربع لغات : الإسكان الصريح ، والإشمام وهو ضم الشفتين بعد الإسكان ، والرّوم وهو أن تروم التحريك ، والتضعيف. ولها في الخط علامات فللإسكان الخاء ، وللإشمام نقطة ، وللروم خط بين يدي الحرف ، وللتضعيف الشين. مثال ذلك هذا حكم وجعفر وخالد وفرج. والإشمام مختص بالمرفوع ، ومشترك في غيره المجرور والمرفوع والمنصوب غير المنوّن ، والمنوّن يبدل من تنوينه ألف في المنصوب كقولك رأيت فرجا وزيدا ورشاءا وكساءا وقاضيا فلا متعلق به لهذه اللغات ، والتضعيف مختص بما ليس بهمزة من الصحيح المتحرك ما قبله.

تحويل حركة الوقف إلى الحرف الساكن قبله :

وبعض العرب يحوّل ضمة الحرف الموقوف عليه وكسرته على الساكن قبله دون الفتحة في غير الهمزة ، فيقول هذا بكر ومررت ببكر ، ويجري أيضا في حال التعريف. قال :

٤٧٥

تحفزها الأوتار والأيدي الشّعر

والنبل ستون كأنها الجمر (١)

يريد الشعر والجمر ونحوه قولهم إضربه وضربته قال :

عجبت والدهر كثير عجبه

من عنزيّ سبني لم أضربه (٢)

وقال أبو النجم :

فقرّ بن هذا وهذا زحّله (٣)

__________________

(١) لم أر من ذكر له قائلا.

اللغة تحفزها تحركها. والاوتار جمع وتر. والشعر جمع شعراء أي كثيرة الشعر ، والنبل السهام. والجمر بفتح فضم جمر النار.

الاعراب تحفزها فعل مضارع. والهاء مفعوله. وهي كناية عن القسي. والاوتار فاعل. والأيدي مرفوع تقديرا عطفا على الأوتار. والشعر صفة الأيدي. والنبل مبتدأ. وستون خبره. وكان حرف توكيد ونصب ، والهاء اسمها. والجمر خبرها. والجملة صفة نبل (والشاهد فيه) في قوله الشعر والجمر فان أصلها الشعر والجمر بسكون وسطهما الا أنه لما وقف عليهما بالسكون نقل حركة الآخر وهي الضمة إلى ما قبل الآخر (والمعنى) تحرك تلك القسي الأوتار والأيدي الكثيرة الشعر فترمي سهاما كأنها الجمر.

(٢) البيت لزياد الأعجم وقيل له الأعجم للكنة كانت في لسانه.

الاعراب عجبت فعل وفاعل. والدهر مبتدأ. وكثير خبره. والجملة حالية. وقوله من عنزي متعلق بعجبت في محل نصب به. وسبني فعل ماض. وفاعل هو ضمير يعود إلى العنزي. والياء مفعوله. والجملة صفة عنزي. وأضربه مجزوم تقديرا منع من ظهور السكون عليه انتقال حركة الموقوف عليه إليه (والشاهد فيه) كالذي قبله.

(٣) اللغة زحله أي بعده. وسمي زحل به لبعده عن الأرض أكثر من غيره من النجوم.

الاعراب قرب فعل أمر فاعله ضمير المخاطب والنون للتوكيد. وهذا في محل نصب مفعوله. وهذا منصوب بفعل محذوف يفسره المذكور. هذا هو المختار ويجوز أن يكون في محل رفع على الابتداء. والجملة خبر له (والشاهد فيه) كالذي في سابقه.

٤٧٦

ولا تقول رأيت البكر. وفي الهمزة تحوّلهن جميعا فتقول هذا الخبء ورأيت الخبا ومررت بالخبىء ، وكذلك البطؤ والردؤ. ومنهم من يتفادى وهم ناس من تميم من أن يقول هذا الردؤ ومن البطىء فيفرّ إلى الإتباع فيقول من البطؤ بضمتين ، وهذا الردىء بكسرتين.

إبادل الهمزة بحرف لين :

وقد يبدلون من الهمزة حرف لين تحرك ما قبلها أو سكن ، فيقولون هذا الكلو والخبو والبطو والرّدو ، ورأيت الكلا والخبا والبطا والردا ، ومررت بالكلي والخبي والبطي والرديّ ، ومنهم من يقول هذا الردي ومررت بالبطو فيتبع. وأهل الحجاز يقولون الكلا في الأحوال الثلاث لأن الهمزة سكنها الوقف وما قبلها مفتوح فهو كرأس. وعلى هذه العبرة يقولون في أكمؤ أكمو وفي أهنىء أهني كقولهم جونة وذيب.

حكم المعتل الآخر إذا سكن ما قبله :

وإذا اعتل الآخر وما قبله ساكن كآخر ظبي ودلو فهو كالصحيح. والمتحرك ما قبله إن كان ياء قد أسقطها التنوين في نحو قاض وعم وجوار فالأكثر أن يوقف على ما قبله فيقال قاض وعم وجوار ، وقوم يعيدونها ويقفون عليها فيقولون قاضي وعمي وجواري. وإن لم يسقطها التنوين في نحو القاضي ويا قاضي رأيت جواري فالأمر بالعكس ، ويقال يا مري لا غير ، وإن كان ألفا قالوا في الأكثر الأعرف هذه عصا وحبلى ، ويقول ناس من فزارة وقيس حبلي بالياء ، وبعض طيء حبلو بالواو ، ومنهم من يسوّي في القلب بين الوقف والوصل. وزعم الخليل أن بعضهم يقلبها همزة فيقول هذه حبلأ ورأيت حبلأ وهو يضربهأ. وألف عصا في النصب هي المبدلة من التنوين ، وفي الرفع والجرّ هي المنقلبة عند سيبويه ، وعند المازني هي المبدلة في الأحوال الثلاث.

٤٧٧

حكم الفعل المعتل اللام :

والوقف على المرفوع والمنصوب من الفعل الذي اعتلت لامه بإثبات أواخره نحو يغزو ويرمي ، وعلى المجزوم والموقوف منه بإلحاق الهاء نحو لم يغزه ولم يرمه ولم يخشه واغزه وارمه واخشه ، وبغير هاء نحو لم يغز ولم يرم واغز وارم إلا ما أفضى به ترك الهاء إلى حرف واحد ، فإنه يجب الإلحاق نحو قه وره.

حذف الواو والياء في الفواصل :

وكل واو أو ياء لا تحذف تحذف في الفواصل والقوافي كقوله تعالى : (الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ) و (ـ يَوْمَ التَّنادِ ـ) و (اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ). وقول زهير :

وبعض القوم يخلق ثم لا يفر (١)

وأنشد سيبويه :

لا يبعد الله إخوانا تركتهم

لم أدر بعد غداة البين ما صنع (٢)

أي صنعوا.

__________________

(١) صدره. (ولانت تفري ما خلقت).

اللغة تفري تقطع من الفري وهو القطع. وخلقت أي قدرت وعزمت عليه.

الاعراب اللام في لانت موطأة للقسم. وأنت مبتدأ. وتفري فعل مضارع فاعله ضمير المخاطب. وما موصولة. وخلقت فعل وفاعل. صلة الموصول والموصول مع صلته في محل نصب مفعول تفري. وبعض مبتدأ. والقوم جر بالاضافة إليه. ويخلق فعل مضارع فاعله ضمير يعود إلى البعض. وثم للعطف. ولا نافية. ويفر فعل مضارع فاعله ضمير البعض وجملة يقطع خبر المبتدأ (والشاهد فيه) حذف الياء من يفري لمكان القافية (والمعنى) إنك إذا تهيأت لأمر وعزمت عليه مضيت له وأنفذته ولم تعجز عنه وبعض القوم يقدر الأمر ويتهيأ له ثم لا يمضيه ولا ينفذ عجزا منه وضعف همة.

(٢) هو من شواهد كتاب سيبويه التي لم يعرف لها قائل.

اللغة يبعد من أبعد بمعنى أهلكه. وغداة البين صبيحته والبين الفراق.

٤٧٨

تاء التأنيث تقلب هاء :

وتاء التأنيث في الأسم المفرد تقلب هاء في الوقف نحو غرفه وظلمه.

ومن العرب من يقف عليها تاء قال :

بل جوز تيهاء كظهر الحجفت (١)

وهيهات أن جعل مفردا وقف عليه بالهاء ، وإلا فبالتاء. ومثله في

__________________

الاعراب لا ناهية دعائية. ويبعد فعل مضارع مجزوم بلا حرك بالكسر لالتقاء الساكنين. والله فاعله. واخوانا مفعوله. وتركتهم جملة من فعل وفاعل ومفعول صفة اخوان. وأدر مجزوم بلم. وفاعله ضمير المتكلم. وبعد ظرف. وغداة جر بالاضافة إليه. والبين كذلك. وما موصولة. وجملة صنعوا صلته والموصول مع صلته في محل نصب مفعول لم أدر. والشاهد والمعنى ظاهران.

(١) هو لسواد الذئب ولم أقف على اسمه ولا على وجه تسميته بذلك وتمامه.

قطعتها إذا المها تجوفت

مآرنا إلى ذراها أهدفت

اللغة الجوز الوسط. والتيهاء المفازة لأنه يتيه من سلكها ويضل فيها. والحجفة الدرقة وهي الترس إذا لم يكن فيها خشب ولا عقب.

الاعراب بل للاضراب والانتقال. وجوز الرواية المشهورة فيه الجر. وعليها فهو مجرور برب مقدرة. ومن رواه بالنصب جعله معطوففا على دارا في الأبيات قبله وهي :

ما بال عين عن كراها قد جفت

وشفها من حزنها ما كلفت

كأن عوّارا بها أو طرفت

مسبلة تستن لما عرفت

دارا لليلى بعد حول قد عفت

كأنها مهارق قد زخرفت

أي تستن لما عرفت دار ليلى بل تبكي إذا رأت وسط الفلاة. وأقول ان ما بعد هذا المصراع لا يساعد على هذا الاعراب ويقضي بأن هذا كلام منفصل عما قبله وفي بعض نسخ هذا الكتاب جعل دارا لسلمى بعد حول قد عفت. صدرا لقوله بل جوز تيهاء وكان هذا هو الذي حمل بعض المعربين على جعل جوز معطوفا على دارا والنسخ الصحيحة على الاقتصار على المصراع الثاني. ورواة القصيدة يجعلون هذا المصراع صدرا لقوله. كأنها مهارق قد زخرفت. ويروون جوز بالجر لا بالنصب ، وتيهاء مجرور بالاضافة إليه ممنوع من الصرف ، وكظهر الحجفت صفة تيهاء (والشاهد فيه) انه وقف على تاء التأنيث تاء والقياس أن يقف عليها هاء.

٤٧٩

احتمال الوجهين استأصل الله عرقاتهم وعرقاتهم.

وقد يجري الوصل مجرى الوقف. منه قوله :

مثل الحريق وافق القصبّا (١)

ولا يختص بحال الضرورة تقول ثلاثة أربعة ـ وفي التنزيل : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي).

الوقف في غير المتمكن :

وتقول في الوقف على غير المتمكنة أنا بالألف ، وأنه بالهاء ، وهو بالإسكان ، وهوه بإلحاق الهاء ، وههنا وههناه وهؤلاء وهؤلاء إذا قصر ، وأكرمتك وأكرمتكه ، وغلامي وضربني وغلاميه وضربنيه بالإسكان وإلحاق الهاء فيمن حرّك في الوصل ، وغلام وضربن فيمن أسكن في الوصل ، وفي قراءة أبي عمرو (ربي أكرمن وأهانن) وقال الأعشى :

ومن شانىء كاسف وجهه

إذا ما انتسبت له أنكرن (٢)

__________________

(١) تمامه. والتبن والحلفاء فالتهبا. وعزاه سيبويه في الكتاب لرؤبة. وقال ابن يسعون انه لربيعة بن صبح على ما زعم الجرمي. وقبله :

ان الدبى فوق المتون دبا

وهبت الريح بمورهبا

تترك ما أبقى الدبى سبسبا

كأنه السيل إذا اسلحبا

مثل الحريق البيت وفي رواية الجرمي أو كالحريق بدل مثل الحريق.

الاعراب مثل حال من فاعل اسلحب أو صفة لمصدر محذوف أي اسلحبابا مثل اسلحباب الحريق. وقوله وافق القصبا جملة فعلية وقعت حالا من الحريق. والتبن والحلفاء معطوفان على القصبا (والشاهد فيه) انه لما اضطر حرك ما كان ساكنا في الأصل وترك التضعيف على حاله في الوقف تشبيها للوصل بالوقف في حكم التضعيف.

(٢) اللغة الشانىء المبغض. والكاسف العابس المغضب.

الاعراب قوله ومن شانىء عطف على من حذر الموت في البيتين قبله وهما :

٤٨٠