المفصل في صنعة الإعراب

أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري

المفصل في صنعة الإعراب

المؤلف:

أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٠

فليستا بتأنيث أحسن وأسوأ بل هما مصدران كالرجعى والبشرى. وقد خطيء ابن هانىء في قوله :

كأن صغرى وكبرى من فواقعها (١)

وقول الأعشى :

ولست بالأكثر منهم حصى (٢)

ليست من فيه بالتي نحن بصددها هي نحو من في قولك أنت منهم الفارس الشجاع أي من بينهم.

__________________

بالإساءة ولا يقابلون الجافي الغليظ باللين والرأفة. وضد هذا قول قريط ابن أنيف يهجو قومه :

يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة

ومن إساءة أهل السوء إحسانا

(١) تمامه حصباء در على أرض من الذهب.

اللغة صغرى مؤنث أصغر. وكبرى مؤنث أكبر. وفواقع جمع فاقعة وهي النفاخات التي تكون على وجه الماء. والحصباء الحصى.

الاعراب كأن الكاف للتشبيه. وان حرف توكيد ونصب. وصغرى إسمها. وكبرى عطف على صغرى. ومن فواقعها متعلق بمحذوف صفة صغرى وكبرى أي الكائنتين.

وحصباء در خبر إن وعلى أرض متعلق بمحذوف صفة در (والشاهد فيه) أنه أنث صغرى وكبرى المجردين عن أل والاضافة وافعل التفضيل إذا كان كذلك يجب إفراده وتذكيره فتأنيثه لحن. وقد اعتذر لأبي نواس خلق كثير وتكلفوا الجواب عنه بكل غث وسمين والرجل مجدود حيا ميتا عمنا الله واياه برحمته وجميع المسلمين.

(٢) تمامه. وإنما العزة للكاثر.

اللغة الحصى العدد. والكاثر الكثير. يقال عدد كاثر أي كثير.

الاعراب التاء اسم ليس وبالأكثر خبرها والباء فيه زائدة. وحصى نصب على التمييز وإنما ملغاة عن العمل. والعزة مبتدأ. وللكاثر خبره. (والشاهد فيه) ان قوله من ليست لابتداء الغاية حتى يقال انه جمع فيه بين الألف واللام وكلمة من وذلك ممتنع وإنما هي لبيان الجنس مثلها في قولهم أنت منهم الفارس أي أنت الفارس من بينهم.

٣٠١

لا عمل له :

ولا يعمل عمل الفعل. لم يخبروا مررت برجل أفضل منه أبوه ، ولا خير منه أبوه ، بل رفعوا أفضل وخيرا بالإبتداء وقوله :

وأضرب منا بالسيوف القوانسا (١)

العامل فيه مضمر وهو يضرب المدلول عليه بأضرب.

__________________

(١) صدره. أكر وأحمى للحقيقة منهم. وهو للعباس بن مرداس من قصيدة ذكر فيها وقعة كانت بينه وبين بني مراد.

اللغة أكر أكثر كرا ، وأحمى أشد حماية والحقيقة ما يحق على الانسان حفظه. والقوانس جمع قونس وقونس الفرس ما بين أذنيه إلى رأسه ومثله قونس البيض من السلاح.

الاعراب أكر يتعين أن ينتصب بفعل مقدر لا صفة لما تقدم في البيت قبله وهو :

فلم أر مثل الحي حيا مصبحا

ولا مثلنا يوم التقينا فوارسا

لئلا يفصل بين الصفة والموصوف بما هو كالأجنبي هكذا قيل. ويجوز أن يكون صفة لما تقدم كأنه صفة واحدة. وللحقيقة متعلق باحمى. والقوانس منصوب بفعل مقدر دل عليه اضرب أي ضربنا أو نضرب ، ولا يجوز أن ينتصب باضرب لأن أفعل هذه للمبالغة تجري مجرى التعجب. وأنت لا تقول ما اضرب زيدا عمرا بل تقول لعمرو قال ابن جني فان تجشمت ما اضرب زيدا عمرا نصبت عمرا بفعل آخر (والشاهد فيه) ان القوانس منصوب بعامل مضمر (والمعنى) لم أر مثل هؤلاء القوم أكر وأحمى للحقيقة ولا أضرب منا بالسيوف يوم التقينا.

٣٠٢

الباب السادس عشر

أسماء الزمان والمكان

كيف يصاغان : من الثلاثي المجرد :

ما بني منهما من الثلاثي المجرّد على ضربين : مفتوح العين ومكسورها. فالأوّل بناؤه من كل فعل كانت عين مضارعة مفتوحة كالمشرب والملبس والمذهب ، أو مضمومة كالمصدر والمقتل والمقام ، إلا أحد عشر إسما وهي المنسك والمجزر والمنبت والمطلع والمشرق والمغرب والمفرق والمسقط والمسكن والمرفق والمسجد.

والثابت بناؤه من كل فعل كانت عين مضارعة مكسورة كالمجلس والمبيت والمصيف ومضرب الناقة ومنتجها ، إلا ما كان منه معتل الفاء أو اللام ، فإن معتل الفاء مكسور أبدا كالموعد والمورد والموضع والموحل والموجل ، والمعتل اللام مفتوح أبدا كالمأتى والمرمى والمأوى والمثوى ، وذكر الفرّاء أنه قد جاء مأوي الإبل بالكسر.

دخول التاء على بعض أسماء المكان والزمان :

وقد تدخل على بعضها تاء التأنيث كالمزلة والمظنة والمعبرة والمشرقة وموقعة الطائر. وأما ما جاء على مفعلة بالضم كالمقبرة والمشرقة والمشربة فأسماء غير مذهوب بها مذهب الفعل.

٣٠٣

كيف يصاغان من الثلاثي المزيد ومن الرباعي :

وما بني من الثلاثي المزيد فيه والرباعي فعلى لفظ اسم المفعول كالمدخل والمخرج والمغار في قوله :

مغار ابن همّام على حيّ خثعما (١)

وقولهم فلان كريم المركب والمقاتل والمضطرب والمتقلب والمتحامل والمتدحرج والمحرنجم قال العجاج :

محرنجم الجامل والنّؤيّ (٢)

وزن مفعله للتكثير :

وإذا كثر الشيء بالمكان قيل فيه مفعلة بالفتح ، أرض مسبعة ومأسدة ومذءبة ومحيأة ومفعأة ومقثأة ومطبخة. قال سيبويه ولم يجيؤا بنظير هذا فيما جاوز ثلاثة أحرف من نحو الضفدع والثعلب كراهة أن يثقل عليهم ، لأنهم قد يستغنون بأن يقولوا كثيرة الثعالب.

__________________

(١) لم يسم أحد قائله وصدره. وما هي إلا في إزار وعلقة.

اللغة العلقة بكسر العين الشوزر وهو ثوب يكون إلى السرة. ومغار أي وقت إغارة.

الاعراب ما نافية وهي مبتدأ. وقوله إلا في إزار خبرها. وعلقة عطف على ازار.

ومغار نصب على الظرفية لأنه اسم زمان. وعلى حي يتعلق بما دل عليه مغار لا بمغار نفسه لأن اسم الزمان لا يعمل. وخثعما ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث (والشاهد فيه) ان مغارا اسم زمان جاء على زنة مفعل (والمعنى) ما كانت هذه الجارية الا في ازار وثوب حفير إلى سرتها وقت اغارة ابن همام على هذه القبيلة.

(٢) اللغة المحرنجم للإبل المكان الذي تحرنجم فيه وتجتمع ويدنو بعضها من بعض. والجامل القطيع من الإبل. والنؤي والنأي والنئى بفتح الهمزة كما هنا حفير حول الخباء والخيمة يدفع عنها السيل يمينا وشمالا.

الاعراب محرنجم مرفوع لعامل في البيت قبله ولم أقف عليه. والجامل جر بالاضافة إليه. والنؤيّ عطف على محرنجم (والشاهد فيه) مجيء محرنجم اسم مكان وهو على زنة إسم المفعول.

٣٠٤

لا عمل لها :

ولا يعمل شيء منها. والمجر في قول النابغة :

كأن مجرّ الرّامسات ذيولها

عليه قضيم نمقته الصّوانع (١)

مصدر بمعنى الجر ، وقبله مضاف محذوف تقديره كأن أثر جر الرامسات.

__________________

(١) اللغة المجر الجر. والرامسات الرياح التي تثير التراب. والقضيم جلد يكتب عليه. ونمقته كتبته. والصوانع الكتاب.

الاعراب مجر اسم كأن على حذف المضاف واقامة المضاف إليه مقامه أي كأن أثر والرامسات جر بالاضافة إليه. وذيولها منصوب بمجر. وعليه يتعلق بمجر. وقضيم خبر كأن. ونمقته الصوانع جملة فعلية في محل رفع صفة قضيم. (والشاهد فيه) أن مجرا لا يجوز أن يكون اسم مكان لأنه يكون حينئذ عاملا في نصب ذيولها واسم المكان لا يجوز اعمالها لأنك لا تقول جلست في مجر زيد ثوبه وأنت تريد المكان وإنما تقول جلست في مجر ثوب زيد فتعين أن يكون مصدرا (والمعنى) يصف ربعا عفا بعد أهله ولعبت به الرياح فصار ما أبقت منه بمنزلة رسم الكتابة على الجلد ولم يبق فيها قائم. تم ولله الحمد شرح شواهد القسم الأول من الكتاب والله المسؤل في الاعانة على اكمال ما يبقى منه انه قريب مجيب.

٣٠٥
٣٠٦

الباب السابع عشر

اسم الآلة

هو اسم ما يعالج به وينقل. ويجيء على مفعل ومفعلة ومفعال كالمقص والمحلب والمكسحة والمصفاة والمفتاح.

وما جاء مضموم الميم والعين من نحو المسعط والمنخل والمدّق والمدهن والمكحلة والمحرضة ، فقد قال سيبويه لم يذهبوا بها مذهب الفعل ولكنها جعلت أسماء لهذه الأوعية.

٣٠٧
٣٠٨

الباب الثامن عشر

الاسم الثلاثي

أوزان الثلاثي المجرد عشرة :

للمجرد منه عشرة أبنية أمثلتها صقر وعلم وبرد وجمل وإبل وطنب وكتف ورجل وضلع وصدر.

أوزان المزيد كثيرة :

وللمزيد فيه أبنية كثيرة ولعل الأمثلة التي أنا ذاكرها تحيط بها أو بأكثرها.

أنواع الزيادة :

والزيادة إمّا أن تكون من جنس حروف الكلمة كالدال الثانية في قعدد ومهدد ، أو من غير جنسها كهمزة أفكل وأحمر ، وللالحاق كواو جوهر وجدول ، أو لغير الإلحاق كألف كاهل وغلام.

والزيادة المجانسة لا تخلو من أن تكون تكريرا للعين كخفيفد وقنب أو للام كخفيدد وخدب أو للفاء والعين كمرمريس ومرمريت أو للعين واللام كصمحمح وبرهرة وما عداها من الزوائد حروف سألتمونيها.

٣٠٩

عدد الزيادة :

والزيادة تكون واحدة وثنتين وثلاثا وأربعا ومواقعها أربعة ما قبل الفاء وما بين الفاء والعين وما بين العين واللام وما بعد اللام ولا تخلو من أن تقع مفترقة أو مجتمعة.

الزيادة الواحدة :

والزيادة الواحدة قبل الفاء في نحو أجدل واثمد وإصبع وأصبع وأبلم وأكلب وتنصب وتدراء وتتفل وتحلىء ويرمع ومقتل ومنبر ومجلس ومنخل ومصحف ومنخر وهبلع عند الأخفش.

وما بين الفاء والعين في نحو كاهل وخاتم وشامل وضيغم وقنبر وجندب وعنسل وعوسج.

وما بين العين واللام في نحو شمأل وحمار وغلام وبعير وعثير وعليب وعرند وقعود وجدول وخروج وسدوس وسلم وقنب.

وما بعد اللام في نحو علقى ومغزى وبهمى وسلمى وذكرى وحبلى وذفرى وشعبى ورعشن وفرسن وبلغن وقردد وشربب وعندد ورمدد ومعدّ وخدب وجبن وفلز.

الزيادتان :

والزيادتان المفترقتان بينهما الفاء في نحو أداير وأجادل وألنجج وألندد وزنهما أفنعل ومقاتل ومساجد وتناضب ويرامع.

وبينهما العين في نحو عاقول وساباط وطومار وخيتام وديماس وتوراب وقيصوم.

وبينهما اللام في نحو قصيري وقرنبي والجلندي وبلنصي وحباري وخفيدد وجرنبة.

وبينهما الفاء والعين في نحو إعصارّ واخريط وأسلوّب وأدرون ومفتاح

٣١٠

ومضروب ومنديل ومغرود وتمثال وترداد ويربوع ويعضيد وتنبيت وتذنوب وتنوط وتبشر وتهبط.

وبينهما العين واللام في نحو خيزلي وخيزري وحنطأ.

وبينهما الفاء والعين واللام نحو إجفلي وأترب وأرزب.

والمجتمعان قبل الفاء في نحو منطلق ومسطيع ومهراق وانقحل وانقحر.

وبين الفاء والعين في نحو حواجر وغيالم وجنادب ودواسر وصيهم.

وبين العين واللام في نحو كلاء وخطاف وحناء وجلواخ وجريال وعضواد وهبيخ وكديون وبطيخ وقبيط وقيام وصوام وعقنقل وعثوثل وعجّول وسبوح ومرّيق وحطائط ودلامص.

وبعد اللام في نحو صهباء وطرفاء وقوباء وعلباء وحرباء ورحضاء وسيراء وجفناء وسعدان وكروان وعثمان وسرحان وظربان والسبعان والسلطان وعرضني ودفقي وهبرية وسنبتة وقرنوة وعنصوة وجبروت وفسطاط وجلباب وحلتيت وصمحمح ودرحرح.

الزيادات الثلاث :

والثلاث المتفرقة في نحو هجيري ومخاريق وتماثيل ويرابيع.

والمجتمعة قبل الفاء في مستفعل.

وبعد العين واللام في نحو سلاليم وقراويح.

وبعد اللام في صليان وعنفوان وعرفان وتيقان وكبرياء وسيمياء ومرحيا.

وقد اجتمعت ثنتان وانفردت واحدة في نحو أفعوان وأضحيان وأرونان وأربعاء وقاصعاء وفساطيط وسراحين وثلاثاء وسلامان وقراسية وقلنسوة وخنفساء وتيحان وغمدّان وملكعان.

٣١١

الزيادات الأربع :

والأربعة في نحو إشهيباب وإحميرار.

٣١٢

الباب التاسع عشر

الإسم الرباعي

أوزان الرباعي المجرد خمسة :

للمجرد منه خمسة أبنية أمثلتها جعفر ودرهم وبرثن وزبرج وفطحل.

تحيط بأبنية المزيد فيه الأمثلة التي أذكرها والزيادة فيه ترتقي إلى الثلاث.

أوزان المزيد :

فالزيادة الواحدة قبل الفاء لا تكون إلا في نحو مدحرج.

وهي بعد الفاء قنفخر وكنتال وكنهبل.

وبعد العين في نحو عذافر وسميدع وفدوكس وحبارج وحزنبل وقرنفل وعلمكد وهمقع وشمخر.

وبعد اللام الأولى في نحو قنديل وزنبور وغرنيق وفردوس وقربوس وكنهور وصلصال وسرداح وشفلح وصفرّق.

وبعد اللام الأخيرة في نحو حبركي وجحجبي وهربذي وهندبي وسبطري وسبهلل وفرشب وطرطب.

٣١٣

والزيادتان المفترقتان في نحو حبوكرى وهثعور ومنجنون وكنابيل وجحنبار.

والمجتمعتان في نحو قندويل وقمحدوة وسلحفية وعنكبوت وعرطليل وطرماح وعقرباء وهندباء وشعشان وعقربان وحندمان.

والثلاث في نحو عبوثران وعريقصان وجخادباء وبرنساء وعقربان.

٣١٤

الباب العشرون

الإسم الخماسي

للمجرد منه أربعة أبنية أمثلتها سفرجل وجحمرش وقذعمل وجردحل.

وللمزيد فيه خمسة ولا تتجاوز الزيادة فيه واحدة وأمثلتها خندريس وخزعبيل وعضرفوط ومنه يستعور وقرطبوس وقبعثري.

٣١٥
٣١٦

القسم الثاني : الأفعال

٣١٧
٣١٨

الباب الأول

الفعل الماضي

تعريف الفعل :

الفعل ما دل على اقتران حدث بزمان. ومن خصائصه صحة دخول قد ، وحرفي الإستقبال ، والجوازم ، ولحوق المتصل البارز من الضمائر ، وتاء التأنيث الساكنة نحو قولك : قد فعل وقد يفعل وسيفعل وسوف يفعل ولم يفعل وفعلت ويفعلن وافعلي وفعلت.

تعريف الفعل الماضي :

وهو الدال على اقتران حدث بزمان قبل زمانك. وهو مبني على الفتح. إلا أن يعترضه ما يوجب سكونه أو ضمه. فالسكون عند الإعلال ولحوق بعض الضمائر. والضم مع واو الضمير.

٣١٩
٣٢٠