المفصل في صنعة الإعراب

أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري

المفصل في صنعة الإعراب

المؤلف:

أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٠

عمل المصدر :

ويعمل المصدر اعمال الفعل مفردا ، كقولك عجبت من ضرب زيد عمرا ، ومن ضرب عمرا زيد ، ومضافا إلى الفاعل أو إلى المفعول كقولك أعجبني ضرب الامير اللص ، ودق القصار الثوب ، وضرب اللص الأمير ، ودق الثوب القصار. ويجوز ترك ذكر الفاعل والمفعول في الإفراد والإضافة كقولك عجبت من ضرب زيدا ، ونحو قوله تعالى : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً) ومن ضرب عمرو ومن ضرب زيد أي من ضرب زيد أو ضرب. ونحوه قوله تعالى : (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ). ومعرفا باللام كقوله :

ضعيف النكاية اعداءه

يخال الفرّار يراخي الأجل (١)

وقوله : كررت فلم أنكل عن الضرب مسمعا (٢)

__________________

(١) هو من شواهد الكتاب التي لم يعرف لها قائل.

اللغة النكاية الاضطرار. يراخي أي يؤخر. والأجل العمر.

الاعراب ضعيف خبر مبتدأ محذوف أي هو ضعيف. وأعدائه منصوب بالمصدر. وأعربه بعضهم بمصدر منكر منون محذوف تقديره ضعيف الكناية نكاية أعدائه وذلك أضعف عمل المصدر المحلي. ويخال فعل مضارع فاعله ضمير يعود إلى الضعيف. والفرار مفعول أول. وجملة يراخي الأجل مفعول ثان (والشاهد فيه) ان المصدر المحلي عمل عمل فعله (والمعنى) يهجو رجلا يقول هو ضعيف عن ان ينال من أعدائه وجبان فلا يثبت في الحرب بل يفر ظنا منه ان الفرار يؤخر الأجل.

(٢) تمامه (لقد علمت أولى المغيرة انني) عزاه سيبويه في الكتاب للمرار الأسدي. ورواه بعضهم في شعر مالك بن زغبة الباهلي.

اللغة الخيل المغيرة المندفعة في سيرها تريد العدو وأولاها مقدمتها. وكررت حملت. والنكول الرجوع عن القرن جبنا. ومسمع اسم رجل.

الاعراب أولى فاعل علمت. والمغيرة جر بالاضافة إليه. وجملة كررت خبر انني. والياء اسمها. والجملة في محل نصب مفعول علمت. ولم انكل جملة فعلية عطف على

٢٨١

وبيت الكتاب :

قد كنت داينت بها حسّانا

مخافة الافلاس والليانا (١)

إنما نصب فيه المعطوف عليه لأنه مفعول ، كما حمل لبيد الصفة على محل الموصوف في قوله :

طلب المعقّب حقه المظلوم (٢)

__________________

كررت. ومسمعا منصوب بالمصدر (والشاهد فيه) إعمال المصدر المحلي. وروي المصراع الثاني (لحقت فلم أنكل) وعلى هذا فلا شاهد فيه لأن مسمع معمول لحقت وأل في الضرب عوض عن المضاف إليه أي فلم أنكل عن ضربه على انه يجوز أن يكون مسمع منصوبا بنزع الخافض أي كررت على مسمع (والمعنى) لقد علم أول المغيرين انني لقيتهم فهزمتهم ولحقت سيدهم فلم أرجع عنه حتى قتلته بسيفي.

(١) هو لزياد العنبري وبعده. يحسن بيع الأصل والقيانا.

اللغة داينت عاملت. والضمير في بها للإبل. وحسان اسم رجل. والافلاس الفقر. والليان مصدر من اللي وهو المطل ومنه قوله عليه الصلاة والسّلام لي الغني ظلم.

الاعراب كنت كان واسمها. وداينت فعل وفاعل. وبها متعلق به. وحسانا مفعوله. والجملة خبر كان. ومخافة مفعول له وهو مضاف إلى الافلاس إضافة المصدر إلى مفعوله. والليان عطف على محل الافلاس. (والشاهد فيه) نصب الليان بالعطف على محل المعطوف عليه وهو الافلاس ويجوز أن يكون معطوفا على مخافة كأنه قال مخافة الافلاس ومخافة الليان ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه (والمعنى) أنه داين بها حسانا لملأته وعدم مطله ولم يعامل بها غيره ممن ليس هو بمليء فيماطله لافلاسه.

(٢) صدره. حتى تهجر في الرواح وهاجه. هو للبيد بن ربيعة العامري رضي الله عنه من أبيات يصف بها حمارا وحشيا.

اللغة تهجر في الرواح أي سار في الهاجرة وهي شدة الحر. وهاجه أثاره. والمعقب الدائن الممطول بدينه لأنه لا يزال يتبع عقب مدينه.

الاعراب تهجر فعل ماض فاعله ضمير يعود إلى الحمار. وهاجه فعل ومفعول. وطلب نصب بالمصدر وهو مضاف إلى المعقب اضافة المصدر إلى فاعله. وحقه معمول المصدر. والمظلوم صفة المعقب رفع حملا على المعنى. (والشاهد فيه) حمل الصفة على محل

٢٨٢

أي كما يطلب المعقب المظلوم حقه.

ويعمل ماضيا كان أو مستقبلا. تقول أعجبني ضرب زيد أمس ، وأريد إكرام عمرو أخاه غدا.

ولا يتقدم عليه معموله فلا يقال زيدا ضربك خير له ، كما لا يقال زيدا إن تضرب خير له.

__________________

موصوفها (والمعنى) أنه سار في وقت الهاجرة وهاجه الحر فطلب الماء طلبا شديدا مثل طلب الدائن الممطول بدينه حقه.

٢٨٣
٢٨٤

الباب الثاني عشر

اسم الفاعل

يعمل عمل الفعل :

هو ما يجري على يفعل من فعله كضارب ، ومكرم ، ومنطلق ، ومستخرج ، ومدحرج. ويعمل عمل الفعل في التقديم والتأخير والإظهار والإضمار ، كقولك زيد ضارب غلامه عمرا ، وهو عمرا مكرم ، وهو ضارب زيد وعمرا ، أي وضارب عمرا. قال سيبويه وأجروا اسم الفاعل إذا أرادوا أن يبالغوا في الأمر مجراه إذا كان على بناء فاعل ، يريد نحو شرّاب وضروب ومنحار وأنشد للقلاخ :

أخا الحرب لبّاسا إليها جلالها

وليس بولّاج الخوالف أعقلا (١)

__________________

(١) اللغة لباسا مبالغة لابس من اللبس. وجلال جمع جل بضم الجيم والمراد به هنا عدة الحرب. وولاج مبالغة والج من الولوج وهو الدخول. والخوالف جمع خالفة وهي عماد البيت. والا عقل الذي تضطر رجلاه من فزع أو وجع.

الاعراب أخا الحرب حال من الضمير في فانني في البيت قبله وهو :

فان تك فاتتك السماء فانني

بأرفع ما حولي من الأرض أطولا

ولباسا حال أخرى منه أيضا. وجلالها نصب بقوله لباسا. وليس فعل ماض ناقص واسمها الضمير المستتر فيها. وبولاج الخوالف خبرها. والباء في بولاج زائدة. وأعقلا خبر

٢٨٥

ولأبي طالب :

ضروب بنصل السيف سوق سمانها

وحكي عن بعض العرب إنه لمنحار بوائكها وأما العسل فأنا شرّاب وأنشد :

كريم رؤوس الدارعين ضروب (١)

__________________

بعد خبر وهو ممنوع من الصرف والفه للاطلاق (والشاهد فيه) عمل صيغة المبالغة عمل فعلها وهو نصب جلالها (والمعنى) أنه رابط الجأش قوي النفس عند الهول وإذا قامت الحرب لا يستتر في البيت ويقعد مع النساء بل يحارب.

(٢) تمامه. إذا عدموا زادا فانك عاقر. وهو لأبي طالب من أبيات يرثي بها أبا أمية المغيرة بن عبد الله زوج أخته وكان خرج إلى الشام متجرا فمات بموضع يقال له سرو سحيم.

اللغة ضروب مبالغة ضارب. ونصل السيف شفرته. فلذلك أضافه إليه وقد يسمى السيف كله نصلا. وسوق جمع ساق. وسمان جمع سمينة. وعاقر من العقر وهو الذبح.

الاعراب ضروب خبر مبتدأ محذوف أي هو ضروب وبنصل متعلق بضروب. وسوق مفعول ضروب. وسمانها جر باضافته إليه. وإذا ظرف فيه معنى الشرط. وعدموا فعل وفاعل. وزادا مفعوله. وقوله فانك عاقر جملة من إن واسمها وخبرها وقعت جوابا لاذا (والشاهد فيه) أن ضروبا صيغة مبالغة اسم الفاعل محول عن ضارب ولذلك عمل عمله (والمعنى) أنه كان يعرقب الإبل للضيفان إذا عدموا الزاد وكانوا إذا نحروا الناقة ضربوا ساقها بالسيف فخرت ثم نحروها.

(١) صدره (بكيت أخا اللأواء يحمد يومه) وهو لأبي طالب من أبيات يرثي بها زوج أخته.

اللغة اللأواء الشدة والجهد. والدارعين جمع دارع وهو لابس الدرع أراد به الشجاع.

الاعراب بكيت فعل وفاعل وأخا اللأواء مفعوله ويحمد فعل مضارع بني للمجهول ويومه نائب الفاعل. والجملة في محل نصب صفة أخا. وكريم خبر مبتدأ محذوف أي هو كريم. وضروب خبر بعد خبر. ورؤوس منصوب بضروب (والشاهد فيه) إعمال ضروب وهو مبالغة اسم الفاعل في رؤوس الدارعين. وفيه دلالة على جواز تقديم معموله عليه

٢٨٦

وجوّز هذا ضروب رؤوس الرجال وسوق الإبل.

جمعه ومثناه كمفرده في العمل :

وما ثني من ذلك وجمع مصححا أو مكسرا يعمل عمل المفرد كقولك :

هما ضاربان زيدا ، وهم ضاربون عمرا ، وهم قطّان مكة ، وهن حواج بيت الله ، وعواقد حبك النطاق. وقال العجاج :

أوالفا مكة من ورق الحمي (١)

وقال طرفة :

ثم زادوا أنهم في قومهم

غفر ذنبهم غير فخر (٢)

__________________

(والمعني) يقول إنّ هذا الرجل صابر في الشدة يحمد الناس شأنه وهو كريم شجاع يضرب رؤوس الشجعان في الحرب فحق لي أن أبكي عليه.

(١) هو له من أرجوزة يمدح بها بني خندف وقبله.

ورب هذا الحرم المحرم

والقاطنات البيت غير الريم

اللغة الريم جمع رائم من رام يريم إذا برح. وقواطن جمع قاطنة أي مقيمة وأوالفا جمع آلفة من ألف يألف إلفة. والورق جمع ورقاء وهي التي في لونها بياض إلى سواد. والحمى الحمام حذف الميم فصار الحما ثم قلب الألف ياء لمكان القافية وكسر ما قبلها للمناسبة.

الاعراب أو الفا نصب على الحال من القاطنات في البيت قبله. ومكة مفعول أوالفا.

ومن للبيان. والورق مجرور به (والشاهد فيه) أن أوالفا جمع اسم الفاعل وقد عمل عمله فنصب مكة.

(٢) اللغة غفر جمع غفور ، وكذلك فخر جمع فخور من الفخر. ويروى غير فجر من الفجور وهو الكذب.

الاعراب زادوا فعل وفاعل. وأن يصح فتحها لأنها في موضع المفعول وكسرها على التعليل أو الحكاية. والضمير اسمها. وغفر خبرها. وفي بمعنى عند متعلقة بزادوا. وغير فخر خبر ثان لأن ذنبهم مفعول غفر (والشاهد فيه) أن مثنى المبالغة وجمعها يعمل كما عمل غفر في ذنبهم (والمعنى) يقول إنهم زادوا على غيرهم بأنهم يعفون مع القدرة ولا يفخرون بذلك.

٢٨٧

وقال الكميت :

شمّ مهاوين أبدان الجزور مخا

ميص العشيّات لاخور ولا قزم (١)

يشترط في عمله أن يكون في معنى الحال أو الاستقبال :

ويشترط في إعمال اسم الفاعل أن يكون في معنى الحال أو الاستقبال ، فلا يقال : زيد ضارب عمرا أمس ، ولا وحشي قاتل حمزة يوم أحد ، بل يستعمل ذلك على الإضافة إلّا إذا أريدت حكاية الحال الماضية كقوله عز اسمه : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ ،) أو أدخلت عليه الألف واللام كقولك الضارب زيدا أمس.

يشترط في عمله الاعتماد :

ويشترط اعتماده على مبتدأ ، أو موصوف ، أو ذي حال ، أو حرف

__________________

(١) نسبة هنا للكميت ورواه ابن السيرافي لتميم بن أبي مقبل والله أعلم.

اللغة شم جمع أشم من الشمم وهو ارتفاع في قصبة الأنف مع استواء في أعلاه. وهو كناية عن كرم النسب. ومهاوين جمع مهوان وهو تكثير مهين. والأبدان جمع بدنة وهي الناقة التي تسمن لتنحر. وكذلك الجزور هكذا فسره ابن يعيش. والصواب أن أبدان جمع بدن وهو من الجسم ما سوى الرأس. ومخاميص جمع مخماص مبالغة خميص من خمص الشخص إذا جاع. والعشيات جمع عشي وهو من صلاة المغرب إلى العتمة. وخور جمع أخور وهو الضعيف. والقزم أرازل الناس وسفلتهم الواحد والجمع والذكر والأنثى فيه سواء.

الاعراب شم بالجر صفة مجلس في البيت قبله وهو :

يأوي إلى مجلس باد مكارمهم

لا مطعمي ظالم فيهم ولا ظلم

وكأن العيني لم يقف على هذا البيت فقال شم خبر مبتدأ محذوف. ومهاوين صفة مجلس أيضا. وأبدان مفعول مهاوين. والجزور جر بالاضافة إليه. وأل فيه للجنس. ومخاميص وخور وقزم بالجر صفات لمجلس (والشاهد فيه) أن ما جمع من اسم الفاعل يعمل عمله. (والمعنى) أنهم كريمة أصولهم يهينون كرائم الإبل لضيوفهم وهم جياع البطون في العشيات لا يأكلون وإن جاعوا حتى يأتيهم ضيف فيأكلون معه وليسوا جبناء ولا من سقط الناس.

٢٨٨

استفهام ، أو حرف نفي ، كقولك : زيد منطلق غلامه ، وهذا رجل بارع أدبه ، وجاءني زيد راكبا حمارا ، وأقائم أخواك ، وما ذاهب غلامك. فإن قلت بارع أدبه من غير أن تعمده بشيء وزعمت أنك رفعت به الظاهر ، كذّبت بامتناع قائم أخواك.

٢٨٩
٢٩٠

الباب الثالث عشر

اسم المفعول

هو الجاري على يفعل من فعله ، نحو مضروب لأن أصله مفعل ، ومكرم ومنطلق به ومستخرج ومدحرج. ويعمل عمل الفعل تقول : زيد مضروب غلامه ؛ ومكرم جاره ، ومستخرج متاعه ، ومدحرج بيده الحجر. وأمره على نحو من أمر اسم الفاعل في إعمال مثناه ومجموعه واشتراط الزمانين والإعتماد.

٢٩١
٢٩٢

الباب الرابع عشر

الصفة المشبهة

تعريفها :

هي التي ليست من الصفات الجارية وإنما هي مشبهة بها في أنها تذكر وتؤنث وتثنى وتجمع ، نحو كريم وحسن وصعب.

عملها :

وهي لذلك تعمل عمل فعلها ، فيقال : زيد كريم حسبه ، وحسن وجهه ، وصعب جانبه.

وهي تدل على معنى ثابت فإن قصد الحدوث قيل هو حاسن الآن أو غدا ، وكارم وطائل ، ومنه قوله عز وجل : (وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ). وتضاف إلى فاعلها كقولك : كريم الحسب ، وحسن الوجه ، وأسماء الفاعل والمفعول يجريان مجراها في ذلك فيقال ضامر البطن ، وجائلة الوشاح ، ومعمور الدار ، ومؤدب الخدام.

إعرابها :

وفي مسألة حسن وجهه سبعة أوجه : حسن وجهه ، وحسن الوجه ، وحسن وجها قال أبو زيد :

٢٩٣

هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة

مخطوطة جدلت شنباء أنيابا (١)

وحسن الوجه قال النابغة :

ونأخذ بعده بذناب عيش

أجبّ الظهر ليس له سنام (٢)

وحسن وجه قال حميد :

لاحق بطن بقرا سمين (٣)

__________________

(١) هو لأبي زبيد حرملة بن المنذر الطائي.

اللغة الهيفاء الضامرة البطن. والمذكر أهيف. والعجزاء العظيمة العجز. ومخطوطة جميلة. ومجدولة من الجدل وهو الفتل. وشنباء أي ذات شنب. وهو حدة الأسنان أو عذوبة الريق.

الاعراب هيفاء خبر مبتدأ محذوف أي هي. ومقبلة حال وعاملها محذوف أي إذا كانت. وكذلك عجزاء مدبرة ومخطوطة خبر مبتدأ محذوف أو خبر بعد خبر. وجدلت فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير المرأة. وشنباء خبر بعد خبر. وأنيابا نصب بقوله شنباء وهو تمييز لأنه نكرة كما تقول حسن وجها (والشاهد فيه) نصب أنيابا بالصفة المشبهة وجواز قولك حسن وجها (والمعنى) أن هذه المرأة جمعت بين ضمور البطن وكبر العجيزة وحسن الخلفة وبرد الفم.

(٢) اللغة ونأخذ بروى ونمسك. والذناب عقب كل شيء وأجب الظهر أي مقطوع السنام.

الاعراب ونأخذ مجزوم عطفا على جواب الشرط في البيت قبله وهو :

فان يهلك أبو قابوس يهلك

ربيع الناس والبلد الحرام

وبذناب متعلق بنأخذ. وعيش جر بالاضافة إليه. وأجب خبر مبتدأ محذوف. والظهر منصوب على التشبيه بالمفعول أو على أنه تمييز على رأي الكوفيين (والشاهد فيه) أنه أعمل أجب في الظهر كما أعمل حسن في الوجه وهذا الطريق غير متعين فقد يجوز إعراب أجب بالكسرة على أنه صفة عيش وجر الظهر بالاضافة إليه (والمعنى) إن يهلك أبو قابوس وهو النعمان بن المنذر نقع في شدة من الأمر فكنى عن ذلك بما ذكره.

(٣) هو لحميد الأرقط وصدره (غير ان ميفاء على الرزون).

اللغة غران أي له نشاط في السير. وميفاء من الوفاء. والرزون الأرض المرتفعة. واللاحق الضامر. وحقيقته أن يلحق بطنه ضمرا والقرا الظهر.

٢٩٤

وحسن وجهه قال الشماخ :

أقامت على ربعيهما حارتا صفا

كميت الأعالي جونتا مصطلاهما (١)

وحسن وجهه قال :

كوم الذّرا وادقة سرّاتها (٢)

__________________

الاعراب غيران خبر مبتدأ محذوف. والبواقي إما خبر بعد خبر ، أو صفات. وسمين صفة قرا (والشاهد فيه) أن لاحق بطن مثل حسن وجه (والمعنى) يصف فرسا يقول إنه ذو نشاط في جريه على الأرض المرتفعة وان بطنه الضامر قد لحق بظهره السمين من شدة الضمور يريد أن ضموره لم يكن من هزال.

(١) اللغة الربع الدار مطلقا وضمير المثنى للدمنتين المذكورتين في البيت قبله وهو :

أمن دمنتين عرس الركب فيهما

بحقل الرخامي قد عفا طللاهما

وجارتا تثنية جارة. والصفا الحجر. ويعني بجارتا صفا الاثفيتين لأنهما تكونان بجوار الجبل فيوضع القدر عليهما وعليه. وكميت من الكمتة وهي حمرة شديدة تصرب إلى السواد.

والجونة السوداء. والجون الأسود. والمصطلى اسم مكان الصلاء.

الاعراب أقامت فعل ماض. وجارتا صفا فاعله. وعلى ربعيهما متعلق بأقامت.

وكميتا الأعالي صفة جارتا وأصله كميتان سقطت النون للاضافة وجونتا صفة مشبهة من جان يجون أضيفت إلى ما أضيف إلى ضمير موصوفها وهو مصطلاهما يعود إلى جارتا فهي إذا مثل قولك حسن وجهه بالاضافة وهو الشاهد فيه (والمعنى) أن ربعي الدمنتين قد أقفرا من السكان ولم يبق فيهما إلا أحجار الأثافي تلوح للناظر كميتة أعاليها لتسلط لسان النار عليها مسود محل إضرام النار فيها.

(٢) أنشد ابن الاعرابي في نوادره لبعض الأسديين يصف إبلا :

أنعتها إني من نعاتها

مدارة الأخفاف مجمراتها

غلب الذفاري وعفر نياتها

كوم الذرا وادقة سراتها

ونسبه العيني إلى عمير بن لحاء بالمهملة. ولا أعرف شاعرا كذا وانما المعروف عمرو بن لجأ وعمرو بن لحاء والله أعلم.

اللغة نعاتها أي العارفين بصفتها. ومدارة الأخفاف مدورتها. ومجمراتها أي صلباتها.

٢٩٥

__________________

وغلب جمع أغلب وهو غليظ الرقبة. وذفارى جمع ذفرى بكسر الذال الموضع الذي يعرف من البعير خلف الأذن. وعفرنياتها جمع عفرناة بفتح العين والفاء وهي القوية. وكوم جمع كوماء وهي الناقة العظيمة السنام. والذرا جمع ذروة بكسر الذال أعلى السنام ووادقة أي سمينة. وسرات جمع سرة وهي ما تقطعه القابلة من الولد.

الاعراب كوم نصب على الاختصاص. ووادقة صفة مشبهة نصب على الصفة وفاعلها ضمير مستتر فيها. وسراتها نصب على التشبيه بالمفعول أو على التمييز على رأي الكوفيين. (والشاهد فيه) أن فيه دليلا على جواز زيد حسن وجهه بالنصب. وعد جماعة هذا من ضرورات الشعر قالوا وكان الوجه رفع سرات إلا أنه اضطر إلى استعمال النصب بدل

٢٩٦

الباب الخامس عشر

أفعل التفضيل

كيف يصاغ :

قياسه أن يصاغ من ثلاثي غير مزيد فيه ليس مما ليس بلون ولا عيب.

لا يقال في أجاب وانطلق ولا في سمر وعور هو أجوب منه وأطلق ولا أسمر منه وأعور ، ولكن يتوصل إلى التفضيل في نحو هذه الأفعال بأن يصاغ أفعل مما يصاغ منه ثم يميز بمصادرها كقولك : هو أجود منه جوابا ، وأسرع انطلاقا ، وأشد سمرة وأقبح عورا.

ما شذ منه :

ومما شذ من ذلك هو أعطاهم للدينار والدرهم ، وأولاهم للمعروف ، وأنت أكرم لي من زيد أي أشدّ إكراما ، وهذا المكان أقفر من غيره أي أشد إقفارا ، وهذا الكلام أخصر وفي أمثالهم أفلس من ابن المذلق ، وأحمق من هبنقة.

وقد جاء أفعل منه ولا فعل له ، قالوا : أحنك الشاتين وأحنك البعيرين ، وفي أمثالهم آبل من حنيف الحناتم.

والقياس أن يفضل على الفاعل دون المفعول وقد شذ نحو قولهم أشغل من ذات النحيين ، وأزهى من ديك ، وهو أعذر منه وألوم وأشهر وأعرف وأنكر

٢٩٧

وأرجى وأخوف وأهيب وأحمد ، وأنا أسرّ بهذا منك ، وقال سيبويه وهم ببيانه أعنى.

حكمه عند مصاحبته من :

وتعتوره حالتان متضادّتان : لزوم التنكير عند مصاحبة من ، ولزوم التعريف عند مفارقها. فلا يقال زيد الأفضل من عمرو ولا زيد أفضل.

وكذلك مؤنثه وتثنيتهما وجمعهما ، لا يقال فضلى ولا أفضلان ولا فضليان ولا أفاضل ولا فضليات ولا فضل ، بل الواجب تعريف ذلك باللام أو بالإضافة ، كقولك الأفضل والفضلى وأفضل الرجال وفضلى النساء.

وما دام مصحوبا بمن استوى فيه الذكر والأنثى والإثنان والجمع. فإذا عرّف باللام أنّث وثني وجمع ، وإذا أضيف ساغ فيه الأمران. قال الله تعالى : (أَكابِرَ مُجْرِمِيها) وقال : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) وقال ذو الرمة :

ومية أحسن الثقلين جيدا

وسالفة وأحسنه قذالا (١)

ومما حذفت منه من وهي مقدّرة قوله عز وجل : (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) أي أخفي من السر وقول الشاعر :

__________________

(١) اللغة الجيد العنق. والسالفة ناحية مقدم العنق من لدن معلق القرط إلى الترقوة. والقذال جماع مؤخر الرأس.

الاعراب مية مبتدأ. وأحسن خبره. وجيدا نصب على التمييز. وسالفة عطف عليه. وأحسنه عطف على أحسن. وقذالا نصب على التمييز (والشاهد فيه) ان أفعل التفضيل إذا أضيف جاز في المضاف إليه الوجهان الجمع والإفراد ولذلك استعملهما هنا فقال أحسن الثقلين ثم قال وأحسنه.

٢٩٨

يا ليتها كانت لأهلي إبلا

أو هزلت في جدب عام أوّلا (١)

أي أول من هذا العام وأول من أفعل الذي لا فعل له كآبل. ومما يدل على أنه أفعل الأولى والأوّل ومما حذفت منه قولك الله أكبر وقول الفرزدق :

إن الذي سمك السماء بنى لنا

بيتا دعائمه أعزّ وأطول (٢)

حكم آخر :

ولآخر شأن ليس لأخواته وهو أنه الزم فيه حذف من حال التنكير ، تقول جاءني زيد ورجل آخر ، ومررت به وبآخر. ولم يستو فيه ما استوى في أخواته حيث قالوا مررت بآخرين وآخرين وأخرى وأخريين وأخر وأخريات.

حكم دنيا وجلى وحسنى وسوءى :

وقد استعملت دنيا بغير ألف ولام قال العجاج :

في سعي دنيا لما قد مدّت (٣)

__________________

(١) اللغة هزلت من الهزال وهو الضعف. والجدب القحط وقلة النبات.

الاعراب يا حرف نداء. والمنادى محذوف أي يا قوم. وليت حرف تمن. وها اسمها. وكانت فعل ماض ناقص واسمها ضمير يعود إلى الإبل. وإبلا خبرها. وهزلت عطف على كانت. وفي جدب متعلق بهزلت. وجدب جر بالاضافة إليه (والشاهد فيه) حذف من من أفعل التفضيل.

(٢) اللغة سمك السماء أي رفعها يتعدى بنفسه ويكون لازما يقال سمك الشيء سموكا ارتفع. والبيت أراد به الكعبة المشرفة حرسها الله. والدعائم جمع دعامة وهي الاسطوانة.

الاعراب إن حرف توكيد ونصب. والذي اسمها. وسمك فعل ماض فاعله ضمير يعود إلى الذي. والسماء مفعوله. والجملة صلة الموصول. وقوله بنى لنا بيتا جملة فعلية خبر ان. ودعائمه مبتدأ. وأعز خبره. والجملة في محل نصب صفة بيت (والشاهد فيه) انه قد حذف المفضول أي أعز من دعائم كل بيت وأطول. وجوز المبرد أن يكون أفعل فيه بمعنى فاعل وعليه جرى بدر الدين في شرح ألفية أبيه.

(٣) تمامه. حتى انقضى قضاؤها فأدت. وهو من أرجوزة له.

٢٩٩

لأنها قد غلبت فاختلطت بالأسماء ونحوها جلّى في قوله :

وإن دعوت إلى جلّى ومكرمة (١)

وأما حسنى فيمن قرأ وقولوا للناس حسنى وسوءى فيمن أنشد :

ولا يجزون من حسن بسوءى (٢)

__________________

اللغة مدت أي امتدت وتطاولت. وأدت أي نالتها داهية والادة الداهية.

الاعراب في سعي متعلق بغبت في البيت قبله وهو :

يوم ترى النفوس ما أعدت

من نزل إذا الأمور غبت

وقوله طالما قد أدت في محل جر صفة دنيا (والشاهد فيه) استعمال دنيا بغير ألف ولام.

(١) تمامه. يوما سراة كرام الناس فادعينا. وقد وقع هذا البيت في شعر المرقش الأكبر وفي شعر بشامة بن حزن النهشلي فمن ذلك نسبه بعض إلى الأول وآخرون إلى الثاني.

اللغة الجلى الجليلة وسراة تقدم فيه بحث جليل قبل هذا بقليل.

الاعراب ان حرف شرط جازم. ودعوت فعل ماض وفاعل. وإلى جلى متعلق بدعوت. ومكرمة عطف على جلى. ويوما نصب على الظرفية. وسراة مفعول دعوت وكرام جر بالاضافة إليه. وقوله فادعينا جملة فعلية جواب الشرط (والشاهد فيه) أن الجلى قد تجرد من اللام والاضافة لكونها بمعنى الخطة العظيمة فتكون الجلى إسما للخطة وهي الشأن. وقال ابن يعيش الجيد أن تكون مصدرا كالرجعي بمعنى الرجوع وليس بتأنيث الأجل (والمعنى) ان دعوت خيار الناس وكرامهم إلى أمر جلل فادعينا لأننا من جملتهم.

(٢) تمامه. ولا يجزون من غلظ بلين. وهو لأبي الغول علباء بن جوشن الطهوي. اللغة سوءى مصدر كالرجعى أي السوء. والغلظ القسوة. واللين ضدها.

الاعراب لا نافية ويجزون فعل مضارع بالنون. والواو فاعله. وبسوءى متعلق بيجزون ومثله المصراع الثاني (والشاهد فيه) ان سوءى مصدر كالرجعى وليس مؤنث أسوأ. وقد روي بسوء وعليه فلا شاهد فيه. وأنشده ابن قتيبة في كتاب الشعر والشعراء ولا يجزون من خير بشر (والمعنى) أنهم يضعون الأشياء في مواضعها فلا يعاملون المحسن

٣٠٠