المفصل في صنعة الإعراب

أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري

المفصل في صنعة الإعراب

المؤلف:

أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٠

القسم الأول : الأسماء

٢١
٢٢

الباب الأول

اسم الجنس واسم العلم

معنى الكلمة والكلام

الكلمة هي اللفظة الدالة على معنى مفرد بالوضع. وهي جنس تحته ثلاثة أنواع : الأسم والفعل والحرف. والكلام هو المركب من كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى. وذاك لا يتأتى إلا في إسمين كقولك : زيد أخوك ، وبشر صاحبك. أو في فعل وإسم نحو قولك : ضرب زيد ، وانطلق بكر. وتسمى الجملة.

الأسم هو ما دل على معنى في نفسه دلالة مجردة عن الإقتران. وله خصائص منها جواز الإسناد إليه ، ودخول حرف التعريف والجرّ والتنوين والإضافة.

ومن أصناف الأسم اسم الجنس ، وهو ما علق على شيء وعلى كل ما أشبهه. وينقسم إلى اسم عين ، واسم معنى. وكلاهما ينقسم إلى اسم غير صفة ، واسم هو صفة. فالأسم غير الصفة نحو رجل وفرس وعلم وجهل. والصفة نحو راكب وجالس ومفهوم ومضمر.

أنواع العلم

ومن أصناف الأسم العلم ، وهو ما علق على شيء بعينه غير متناول ما أشبهه. ولا يخلو من أن يكون اسما كزيد وجعفر ، أو كنية كأبي عمرو وأم

٢٣

كلثوم ، أو لقبا كبطة وقفة. وينقسم إلى مفرد ومركب ومنقول ومرتجل. فالمفرد نحو زيد وعمرو ، والمركب إما بالجملة نحو برق نحره تأبط شرا وذرّي حبّا وشاب قرناها ويزيد في مثل قوله :

نبّئت أخوالي بني يزيد

ظلما علينا لهم فديد (١)

وأما غير جملة إسمان جعلا إسما واحدا نحو. معد يكرب وبعلبك وعمرويه ونفطويه. أو مضاف ومضاف إليه كعبد مناف وامرىء القيس والكني. والمنقول على ستة أنواع ، منقول عن اسم عين كثور وأسد ،

__________________

(١) لم أر أحدا نسبه إلى قائله غير العيني فانه ذكر في شرح شواهد الالفية انه لرؤبة ابن العجاج. وليس هو في ديوان شعره والله أعلم.

اللغة : نبئت على صيغة المجهول بمعنى أخبرت وأصله من النبأ وهو الخبر. يقال نبأ تنبئة بمعنى أعلم إعلاما. وهو من الأفعال التي تتعدى إلى ثلاثة مفاعيل. والأصل في نبأ أنه بمعنى أخبر إلا أنه لما استلزم معنى الاعلام من حيث أن الاخبار المستقيم لا يكون إلا عن ظن أو علم عدى تعديته. (أخوالي) : جمع خال وهو أخو الأم. (بني يزيد) مركب إضافي أصله بنين ليزيد فلما أضيف حذفت النون واللام. ويزيد علم شخص وهو بالياء وقال ابن يعيش صوابه بالتاء اسم رجل واليه تنسب البرود اليزيدية (والظلم) وضع الشيء في غير موضعه (والفديد) الصباح. وفي الحديث إن الجفاء والقسوة في الفدّادين وهو أصواتهم في حروثهم ومواشيهم.

الإعراب : نبئت فعل ماض مبني لما لم يسم فاعله. وضمير المتكلم فيه مفعول أول أقيم مقام الفاعل. (وأخوالي) منصوب تقديرا على أنه مفعول ثان له (وبني يزيد) منصوب على أنه بدل من اخوالي أو عطف بيان منه. (وظلما) مفعول من أجله أو مصدر في محل الحال.

والحال جملة محذوفة تقديرها في حال كونهم يظلمون علينا ظلما كما هو مختار أبي علي الفارسي في قولهم أرسلها العراك أي تعترك العراك. وقوله (لهم فديد) جملة ابتدائية في موضع مفرد منصوب على أنه مفعول ثالث لنبئت تقديره فادين (والشاهد) فيه أن يزيد اسم علم منقول عن المركب الاسنادي لأن يزيد فيه جزآن الفعل وضمير الفاعل فإذا سمي به فإما أن يسمى بكلا الجزأين وحينئذ يبنى على الضم دائما وإما أن يسمى بالجزء الأول وحينئذ يمنع من الصرف للعلمية ووزن الفعل. فلما جاء هنا مضموما دل ذلك على أنه منقول عن المركب الاسنادي. (والمعنى) أن لهؤلاء الأقوام فديدا وصياحا من أجل ظلمهم علينا.

٢٤

ومنقول عن اسم معنى كفضل وإياس ، ومنقول عن صفة كحاتم ونائلة ، ومنقول عن فعل إما ماض كشمر وكعسب ، وإما مضارع كتغلب ويشكر ، وإما أمر كاصمت في قول الراعي :

أشلى سلوقيّة باتت وبات بها

بوحش إصمت في أصلابها أود (١)

وأطرقا في قول الهذلي :

على أطرقا باليات الخيام

إلا الثّمام وإلا العصيّ (٢)

ومنقول عن صوت كببّة ، وهو نبز عبد الله بن الحارث بن نوفل ،

__________________

(١) ذكر في لسان العرب أنه للراعي واسمه عبيد بن حصين النمري من قصيدة يمدح بها عبد الله بن معاوية بن أبي سفيان وأولها :

طاف الخيال بأصحابي وقد هجدوا

من أم علوان لا نحو ولا صدد

اللغة : أشلى كلبه بالصيد أغراه به. وسلوقية نسبة إلى سلوق قرية باليمن تنسب اليها الدروع ، والكلاب السلوقية. وإصمت اسم علم على المفازة سميت بذلك لأن سالكها يقول لرفيقه اسكت لا يشعر بنا أحد. وأصلاب جمع صلب وهو من الظهر كل شيء فيه فقار وأود إعوجاج.

الاعراب : أشلى فعل ماض فاعله ضمير يعود إلى الصائد. وسلوقية صفة موصوف محذوف هو المفعول أي كلابا سلوقية. وقوله بها متعلق بباتت. وقوله بوحش إصمت متعلق ببات. وقد تنازع هنا الفعلان باتت وبات في معمول ظاهر بعدهما وهو بوحش إصمت فذهب الشاعر مذهب البصريين فاعمل الثاني وأضمر المعمول في الأول وهو بها. وجملة باتت وبات بها في محل نصب صفة لسلوقية. وقوله في أصلابها أود جملة ابتدائية صفة لسلوقية أيضا. (والشاهد فيه) أن إصمت اسم علم منقول عن فعل الأمر وإنما كسرت ميمه مع أنه من باب نصر ينصر والقياس يقتضي ضمها لأنه جاء صمت يصمت من باب ضرب يضرب. وقيل إنما كسرت الميم إشعارا بالنقل (والمعنى) أن الصائد أغرى كلابا سلوقية باتت تلك الكلاب وبات ذلك الصائد بذلك الموضع. وأن في أصلاب تلك الكلاب اعوجاجا. وإنما وصفها بذلك ليدل على شدة سرعتها في عدوها.

(٢) البيت لأبي ذؤيب خويلد بن خالد الهذلي من قصيدة طويلة مطلعها :

عرفت الديار كرقم الدوى

يزبرها الكاتب الحميري.

٢٥

ومنقول عن مركب وقد ذكرناه. والمرتجل على نوعين قياسي وشاذ. فالقياسي نحو غطفان وعمران وحمدان وفقعس وحنتف ، والشاذ نحو محبب وموهب وموظب ومكوزة وحيوة.

إضافة الأسم إلى اللقب : وإذا اجتمع للرجل اسم غير مضاف ولقب أضيف اسمه إلى لقبه فقيل هذا سعيد كرز ، وقيس قفة ، وزيد بطة. وإذا كان مضافا أو كنية أجري اللقب على الأسم فقيل هذا عبد الله بطة وهذا أبو زيد قفة.

أعلام الحيوانات الأليفة : وقد سموا ما يتخذونه ويألفونه من خيلهم وإبلهم وغنمهم وكلابهم وغير ذلك بأعلام كل واحد منها مختصّ بشخص بعينه يعرفونه به كالأعلام في الأناسي ، وذلك نحو أعوج ولاحق وشدقم وعليان وخطة وهيلة وضمران وكساب.

أعلام الحيوانات غير الأليفة للجنس : وما لا يتخذ ولا يؤلف فيحتاج إلى التمييز بين أفراده كالطير والوحوش وأحناش الأرض وغير ذلك فإن العلم فيه للجنس بأسره ليس بعضه أولى به من بعض. فإذا قلت أبو براقش ، وابن دأيه ، وأسامة ، وثعالة ، وابن قترة ، وبنت طبق ، فكأنك قلت الضرب

__________________

اللغة : أطرقا اسم علم على المفازة من أطرق أي أسكت وانظر إلى الأرض كأن السائر فيها يقول لرفيقيه اسكتا وانظرا إلى الأرض لا تضلا فتهلكا. وباليات جمع بالية. والثمام نبت يسد به جوانب الخيمة والعصي جمع عصا.

الاعراب : على اطرقا متعلق بعرفت في البيت قبله. وباليات منصوب على انه حال من الديار في البيت قبله أيضا. واضافة باليات إلى الخيام اضافة البيان نظير قولهم أخلاق ثياب. ويروى باليات بالرفع فهو مبتدأ خبره على أطرقا. وقوله الا الثمام وإلا العصي استثناء منقطع لأنه استثناء من موجب يروي إلا الثمام بالنصب والرفع. فالأول ظاهر لأنه استثناء من موجب كما قلنا. والرفع على الابتداء والخبر محذوف والتقدير إلا الثمام وإلا العصي لم تبل (والشاهد فيه) ان أطرقا علم منقول عن فعل الأمر (والمعنى) معرفت ديار المحبوبة على هذه المفازة وقد بليت خيامها إلا ثمامها وإلا عصيها.

٢٦

الذي من شأنه كيت وكيت. ومن هذه الأجناس ماله اسم جنس واسم علم كالأسد وأسامة والثعلب وثعالة ، وما لا يعرف له اسم غير العلم نحو ابن مقرض ، وحمار قبّان.

أسماء وكنى الحيوانات : وقد صنعوا في ذلك نحو صنيعهم في تسمية الأناسيّ ، فوضعوا للجنس اسما وكنية ، فقالوا للأسد أسامة وأبو الحرث ، وللثعلب ثعالة وأبو الحصين ، وللضبع حضاجر وأم عامر ، وللعقرب شبوة وأم عريط ومنها ما له اسم ولا كنية له كقولهم قثم للضبّعان ، وما له كنية ولا اسم له كأبي براقش وأبي صبيرة وأم رباح وأم عجلان.

أسماء وكنى المعاني : وقد أجروا المعاني في ذلك مجرى الأعيان فسموا التسبيح بسبحان ، والمنية بشعوب وأم قشعم ، والغدر بكيسان ، وهو في لغة بني فهم. قال :

إذا ما دعوا كيسان كانت كهولهم

إلى الغدر أدنى من شبابهم المرد (١)

__________________

(١) البيت قال ابن الأعرابي إنه لضمرة بن ضمرة بن جابر بن قطن. وقال ابن دريد إنه للنمر بن تولب في بني سعد وهم أخواله وقبله :

إذا كنت في سعد وامك منهم

غريبا فلا يغررك خالك في سعد

اللغة : كيسان اسم علم للغدر. وكهول جمع كهل وهو من جاوز الأربعين. وأدنى أقرب. وشباب جمع شاب ومصدر بمعنى الحداثة. والمرد جمع أمرد وهو من لم يبلغ سن نبات الشعر في وجهه.

الاعراب : إذا ظرف لما يستقبل من الزمان وفيه معنى الشرط. وما زائدة. ودعوا فعل وفاعل. وكيسان مفعوله. وكهولهم اسم كان الناقصة. وإلى الغدر متعلق بأدنى. وأدنى في محل نصب خبر كان. ومن شبابهم متعلق بأدنى. ويجوز أن يتعلق شيئآن أو أشياء بشيء واحد إذا اختلفت جهات التعلق كما هنا فإن إلى الغدر متعلق بأدنى من جهة التعدي ، ومن شبابهم متعلق به من جهة التفضيل. (والشاهد فيه) ان كيسان اسم علم على الغدر بدليل مجيئه ممنوعا من الصرف للعلمية والألف والنون ، مع ان الغدر ليس من الأعيان بل هو من المعاني. (والمعنى) ان الغدر عم في هذه القبيلة حتى صاروا ينادون به فإذا قيل يا غدراه يا كيساناه كان كهولهم أهل الوقار والتؤدة اسرع إلى الغدر من شبانهم وضعفاء الأحلام فيهم.

٢٧

ومنه كنوا الضربة بالرجل على مؤخر الإنسان بأم كيسان ، والمبرة ببرة والفجرة بفجار ، والكلّيّة بزوبر. قال الطرماح :

إذا قال غاو من تنوخ قصيدة

بها جرب عدّت عليّ بزوبرا (١)

وقالوا في الأوقات لقيته غدوة وبكرة وسحر وفينة وقالوا في الأعداد ستة ضعف ثلاثة وأربعة نصف ثمانية.

أوزان بعض الأعلام : ومن الأعلام الأمثلة التي يوزن بها في قولك فعلان الذي مؤنثه فعلى ، وأفعل صفة لا ينصرف ، ووزن طلحة وإصبع فعلة وأفعل.

العلم اسم شائع : وقد يغلب بعض الأسماء الشائعة على أحد المسمين به فيصير علما له بالغلبة. وذلك نحو ابن عمر وابن عباس وابن مسعود ،

__________________

(١) نسبه هنا إلى الطرماح ، ونسبه غيره إلى ابن أحمر. قال ابن بري لم يسمع بزوبرا هذا إسما علما إلا في شعره. أقول وقد أتى ابن أحمر هذا بألفاظ كثيرة لا تعرفها العرب منها انه سمى النار ماموسة في قوله يصف بقرة :

تطايح الطل عن أعطافها صعدا

كما تطايح عن ماموسة الشرر

وسمى حوار الناقة بابوسا في قوله :

حنت قلوصي إلى بابوسها جزعا

فما حنينك أم ما أنت والذكر

اللغة غاو ضال من الغواية وهي الضلال ويروى عاو بالعين مهملة. وتنوخ إسم قبيلة ويروى من معد. والروايتان في لسان العرب. وجرب عيب وعدت نسبت. وبزوبرا أي بكليتها. وقال محمد بن حبيب : الزوبر الداهية.

الاعراب قصيدة مفعول قال والقول ينصب الجمل وما في معناها كهذا. وجرب مبتدأ خبره بها والذي سوغ كونه مبتدأ مع كونه نكرة تخصصه بتقدم الخبر عليه كما صح في الدار رجل وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب صفة قصيدة. وبزوبرا متعلق بعدت (والشاهد فيه) ان بزوبرا إسم علم للكلة بدليل وقوعه ممنوعا من الصرف للعلمية والتأنيث المعنوي مع أن الكلية من المعاني. (والمعنى) انه يعجب كيف ينسب إليه من القصائد المعيبة ما ليس له ولم يصدر عنه.

٢٨

غلبت على العبادلة دون من عداهم من أبناء آبائهم ، وكذلك ابن الزّبير غلب على عبد الله دون غيره من أبناء الزبير ، وابن الصّعق وابن كراع وابن رألان غالبة على يزيد وسويد وجابر بحيث لا يذهب الوهم إلى أحد من إخوتهم.

أعلام يدخلها أل التعريف : وبعض الأعلام يدخله لام التعريف وذلك على نوعين لازم وغير لازم فاللازم في نحو النجم للثريا والصعق وغير ذلك مما غلب من الشائعة. ألا ترى إنهما كهذا معرفين باللام إسمان لكل نجم عهده المخاطب والمخاطب ولكل معهود ممن أصيب بالصاعقة ثم غلب النجم على الثريا والصعق على خويلد بن نفيل بن عمرو بن كلاب. فاللام فيهما والإضافة في ابن رألان وابن كراع مثلان في انهما لا تنزعان. وكذلك الدّبران والعيّوق والسماك والثريا لأنها غلبت على الكواكب المخصوصة من بين ما يوصف بالدّبور والعوق والسّموك والثروة. وما لم يعرف باشتقاق من هذا النوع فملحق بما عرف. وغير اللازم في نحو الحرث والعباس والمظفر والفضل والعلاء وما كان صفة في أصله أو مصدرا.

وقد يتأول العلم بواحد من الأمة المسماة به فلذلك من التأول يجرى مجرى رجل وفرس فيجترأ على إضافته وإدخال اللام عليه. قالوا مضر الحمراء وربيعة الفرس وأنمار الشاة. وقال :

علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم

بأبيض ماضي الشفّرتين يمان (١)

__________________

(١) هو لرجل من طيء. وكان رجل منهم من ولد عروة بن زيد الخيل قتل رجلا من بني أسد يقال له زيد ثم أقيد به بعد فقال ذلك وبعده :

فإن تقتلوا زيدا بزيد فإنما

أقادكم السلطان بعد زمان

اللغة علاه بالسيف ضربه به. ويوم النقا أي يوم الحرب عند النقا وكل ما تراه من هذا القبيل فإنما معناه هذا. والنقا الكثيب من الرمل. ورواه صاحب اللسان وغيره الحمى.

وأنكر البغدادي غيرها وليس بشيء فإن ابن جني نقل الرواية الأولى. وأبيض وما بعده صفة السيف وماضي الشفرتين قاطع الحدين نافذهما.

الاعراب علا فعل ماض. وزيد فاعله. ورأس زيدكم مضاف ومضاف اليه مفعول

٢٩

وقال أبو النجم :

باعد أمّ العمرو من أسيرها

حرّاس أبواب على قصورها (١)

وقال الآخر :

رأيت الوليد بن اليزيد مباركا

شديدا بأحناء الخلافة كاهله (٢)

__________________

علا مباشرة. وقوله بأبيض صفة موصوف محذوف أي بسيف أبيض والجار والمجرور في محل نصب على انه مفعول بواسطة حرف الجر. وماضي ويمان وصفان لأبيض مجروران تقديرا. ويمان أصله يمني حذفت منه إحدى ياءي النسبة على غير قياس وعوضت عنها الألف في غير موضعها ثم أعل اعلال قاض فصار يمان. (والشاهد فيه) انه أجرى زيدا في الموضعين مجرى النكرات فأضافه. وقد جعله بعض النحاة من قبيل إضافة الموصوف إلى القائم مقام الوصف أي علا زيد صاحبنا رأس زيد صاحبكم.

(١) البيت لأبي النجم ، قال الشيباني اسمه المفضل ، وقال ابن الاعرابي اسمه الفضل ابن قدامة. وهو من رجاز الاسلام الفحول المقدمين وفي الطبقة الأولى منهم. وأحسن ارجوزة قالتها العرب ارجوزته التي مطلعها :

الحمد لله العلي الأجلل

الواسع الفضل الوهوب المجزل

اللغة باعد بمعنى ابعد. وام العمرو كنية المعشوقة. والأسير فعيل بمعنى مفعول معناه المتيم المستعبد بالعشق. وحراس جمع حارس معناه الحافظ.

الاعراب باعد فعل ماض. وأم العمرو مضاف ومضاف إليه مفعوله مباشرة. ومن أسيرها جار ومجرور ومضاف ومضاف إليه مفعول باعد أيضا بواسطة حرف الجر. وحراس مرفوع على انه فاعل باعد. وأبواب جر بالاضافة إليه. وعلى قصورها جار ومجرور ومضاف ومضاف إليه يتعلق بحراس (والشاهد فيه) دخول الألف واللام على عمرو لتقدير الشيوع فيه. (والمعنى) ابعد المحبوبة عن أسيرها المتيم يريد بذلك نفسه حراس أبواب قصورها.

(٢) البيت لابن ميادة واسمه الرماح بن يزيد من قصيدة طويلة يمدح بها الوليد بن اليزيد أولها.

ألا تسأل الربع الذي ليس ناطقا

واني على أن لا يبين لسائله

وأول المديح فيها وزعم العيني انه أول القصيدة وليس كذلك.

هممت بقول صادق ان أقوله

واني على رغم العدو لقائله

٣٠

وقال الأخطل :

وقد كان منهم حاجب وابن أمه

أبو جندل والزّيد زيد المعارك (١)

وعن أبي العباس إذا ذكر الرجل جماعة اسم كل واحد منهم زيد قيل له فما بين الزيد الأول والزيد الآخر ، وهذا الزيد أشرف من ذاك الزيد ، وهو قليل.

وكل مثنى أو مجموع من الأعلام فتعريفه باللام نحو أبانين وعمايتين وعرفات وأذرعات. قال :

__________________

اللغة رأيت أبصرت أو علمت. والاحناء جمع حنو المراد به هنا السرج كنى به عن أمور الخلافة. ويروى باعباء وهو جمع عبء وهو الحمل والكاهل ما بين الكتفين.

الاعراب رأيت ان كانت بصرية تنصب مفعولا واحدا فالوليد مفعولها وابن اليزيد صفة المفعول ومباركا حال منه. وشديدا صفة مباركا. وباحناء الخلافة متعلق به. وكاهله فاعل شديدا لأنه صفة مشبهة وان كانت علمية تقتضي مفعولين فمباركا مفعولها الثاني. (والشاهد فيه) دخول الألف واللام على الوليد واليزيد لتقدير التنكير فيهما. وقال ابن يعيش الوليد من باب العباس لا شاهد فيه.

(١) البيت للأخطل واسمه غياث بن غوث ويكنى أبا مالك ، وكان نصرانيا خبيث الهجاء. والأخطل لقب غلب عليه وكان السبب فيه ان كعب بن جعيل كان شاعر تغلب وكان لا يأتي قوما منهم الا اكرموه وضربوا له قبة حتى انه كان تمد له حبال بين وتدين فتملأ له غنما ، فأتى في مالك بن جشم ففعلوا ذلك به فجاء الأخطل وهو غلام فأخرج الغنم وطردها وكعب ينظر إليه فقال إن غلامكم هذا لأخطل. والأخطل السفيه الأحمق.

اللغة حاجب اسم شخص. وأبو جندل كنية آخر. ويروى أبو خندف والمعارك جمع معركة محل الحرب.

الاعراب كان من الأفعال الناقصة تقتضي اسما مرفوعا وخبرا منصوبا. ومنهم خبرها مقدم. وحاجب إسمها. وأبو جندل عطف بيان من ابن أمه أو بدل منه. والزيد معطوف على حاجب. وزيد المعارك بدل من الزيد أو عطف بيان منه. (والشاهد فيه) كالذي قبله.

٣١

وقبلي مات الخالدان كلاهما

عميد بني جحوان وابن المضلّل (١)

أراد خالد بن نضلة وخالد بن قيس بن المضلل : وقالوا لكعب بن كلاب وكعب بن ربيعة ، وعامر بن مالك بن جعفر وعامر بن الطفيل ، وقيس ابن عتّاب وقيس بن هرمة ، الكعبان والعامران والقيسان. وقال :

* أنا ابن سعد أكرم السّعدينا (٢) *

وفي حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه ، هؤلاء المحمدون بالباب.

وقالوا طلحة الطلحات ، وابن قيس الرّقيّات. وكذلك الأسامتان والأسامات ، ونحو ذلك.

وفلان وفلانة وأبو فلان وأم فلانة كنايات عن أسامي الأناسي وكناهم.

وقد ذكروا أنهم إذا كنوا عن أعلام البهائم أدخلوا اللام فقالوا الفلان والفلانة وأما هن وهنة فللكناية عن أسماء الأجناس.

__________________

(١) البيت للأسود بن يعفر وصواب انشاده فقبلي بالفاء لأن الذي قبله

فان يك يومي قد دنا وأخاله

كواردة يوما إلى ظمء منهل

اللغة قال ابن السكيت في اصلاح المنطق. الخالدان خالد بن نضلة بن جحوان بن فقعس ، وخالد بن قيس بن المضلل بن مالك الأصغر بن منقذ بن طريف. والعميد الرئيس. وبني جحوان قبيلة نسبوا إلى جدهم جحوان. وابن المضلل رجل من بني أسد.

الاعراب قبلي ظرف مضاف إلى ياء المتكلم منصوب تقديرا ـ وعميد عطف بيان أو بدل من الخالدان. (والشاهد فيه) إدخال الألف واللام في تثنية العلم (والمعنى) ان كان قد دنا يومي واقترب أجلي فلست بأول الموتى وقبلي مات الخالدان وهما سيدان عظيمان.

(٢) نسبه ابن يعيش إلى رؤية بن العجاج ولم يذكر له سابقا ولا لاحقا.

الاعراب انا مبتدأ. وابن خبره. وسعد مضاف إليه. واكرم منصوب على المدح أي امدح اكرم السعدينا ، ولو خفض على انه نعت لسعد لجاز ، ولكن الرواية بالفتح ، (والشاهد) في السعدينا حيث دخلت الألف واللام في جمعه. (والمعنى) يقول انا ابن سعد اكرم من تسمى بهذا الاسم وذلك لأن السعود في العرب كثير منهم سعد بن مالك في ربيعة ، وسعد بن ذبيان في غطفان ، وسعد بن بكر في هوازن ، وسعد بن هذيم في قضاعة ، والشاعر من سعد بن زيد مناة بن تميم ، وفيهم الشرف والعدد الجم.

٣٢

الباب الثاني

الإسم المعرب

موقعه :

الكلام في المعرب ، وإن كان خليقا من قبل إشتراك الأسم والفعل في الإعراب بأن يقع في القسم الرابع ، إلا أن اعتراض موجبين صوب إيراده في هذا القسم : أحدهما أن حق الإعراب للأسم في أصله والفعل إنما تطفل عليه فيه بسبب المضارعة. والثاني أنه لا بد من تقدم معرفة الإعراب للخصائص في سائر الأبواب.

تحديد الإسم المعرب :

والأسم المعرب ما اختلف آخره باختلاف العوامل لفظا بحركة أو بحرف ، أو محلا.

فاختلافه لفظا بحركة في كل ما كان حرف إعرابه صحيحا أو جاريا مجراه كقولك جاء الرجل ورأيت الرجل ومررت بالرجل.

واختلافه لفظا بحرف في ثلاثة مواضع في الأسماء الستة مضافة وذلك نحو جاءني أبوه وأخوه وحموها وهنوه وفوه وذو مال ، ورأيت أباه ومررت بأبيه ، وكذلك الباقية.

وفي كلا مضافا إلى مضمر تقول : جاءني كلاهما ورأيت كليهما ومررت بكليهما.

٣٣

وفي التثنية والجمع على حدها تقول : جاءني مسلمان ومسلمون ورأيت مسلمين ومسلمين ومررت بمسلمين ومسلمين.

واختلافه محلا في نحو العصا وسعدى والقاضي في حالتي الرفع والجر وهو في النصب كالضارب.

٣٤

النوع الأول

المنصرف وغير المنصرف

والأسم المعرب على نوعين : نوع يستوفي حركات الأعراب والتنوين كزيد ورجل ويسمى المنصرف. ونوع يختزل عنه الجر والتنوين لشبه الفعل. ويحرك بالفتح في موضع الجر كأحمد ومروان إلا إذا أضيف أو دخله لام التعريف ويسمى غير المنصرف. واسم المتمكن يجمعها. وقد يقال للمنصرف الأمكن.

والأسم يمتنع من الصرف متى اجتمع فيه اثنان من أسباب تسعة أو تكرر واحد منها. وهي العلمية ؛ والتأنيث اللازم لفظا أو معنى في نحو سعاد وطلحة ؛ ووزن الفعل الذي يغلبه في نحو أفعل فإنه فيه أكثر منه في الأسم أو يخصه في نحو ضرب إن سمي به ؛ والوصفية في نحو أحمر ؛ والعدل من صيغة إلى أخرى في نحو عمر وثلاث لأن فيه عدلا ووصفية ؛ وأن يكون جمعا [في نحو منازل] ومصابيح ، إلا ما اعتل آخره نحو جوار فإنه في الرفع والجر كقاض وفي النصب كضوارب ، وحضاجر وسراويل في التقدير جمع حضجر وسروالة ؛ والتركيب في نحو معد يكرب وبعلبك ؛ والعجمة في الأعلام خاصة ؛ والألف والنون المضارعتان لألفي التأنيث في نحو سكران وعثمان. إلا إذا اضطر الشاعر يصرف وأما السبب الواحد فغير مانع أبدا. وما تعلق به الكوفيون في إجازة منعه في الشعر ليس بثبت. وما أحد سببيه أو أسبابه

٣٥

العلمية فحكمه الصرف عند التنكير كقولك ربّ سعاد وقطام لبقائه بلا سبب أو على سبب واحد ، إلا نحو أحمر فإن فيه خلافا بين الأخفش وصاحب الكتاب وما فيه سببان من الثلاثي الساكن الحشو كنوح ولوط منصرف في اللغة الفصيحة التي عليها التنزيل لمقاومة السكون أحد السببين. وقوم يجرونه على القياس فلا يصرفونه وقد جمعهما الشاعر في قوله :

لم تتلفع بفضل مئزرها

دعد ولم تسق دعد في العلب (١)

وأما ما فيه سبب زائد كماه وجور فإن فيهما ما في نوح ولوط مع زيادة التأنيث فلا مقال في امتناع صرفه ، والتكرر في نحو بشرى وصحراء ومساجد ومصابيح نزّل البناء على حرف تأنيث لا يقع منفصلا بحال ، والزنة التي لا واحد عليها منزلة تأنيث ثان وجمع ثان.

__________________

(١) البيت لجرير بن عطية بن حذيفة الخطفي وانما لقب حذيفة الخطفي لقوله :

يرفعن بالليل إذا ما أسدفا

اعناق جنان وهاما رجفا

وعنقا بعد الرسيم خيطفا

اللغة تلفعت المرأة بمرطها أي التفت به. والفضل ما يفضل ويزيد. والعلب جمع علبة وهي جلدة تؤخذ من جنب جلد البعير إذا سلخ وهو فطير فتسوى مستديرة ثم تملأ رملا ثم تضم اطرافها ويشد عليها بحبل ثم تترك حتى تجف ثم يقطع رأسها فتكون كالقصعة المدورة.

الاعراب ظاهر (والشاهد فيه) مجيء الثلاثي الساكن الوسط منصرفا وغير منصرف.

(ومعناه) ان هذه المرأة لا تغطي وجهها بما يفضل من مئزرها عن جسمها بل لها نقاب وبرقع. ولا تشرب من العلب وانما تشرب من الكأس. يريد أنها من من قوم ذوي غنى وشرف وغنى لا من الصعاليك.

٣٦

النوع الثاني

المرفوعات / وجوه الإعراب

وجوه الإعراب هي الرفع والنصب والجر وكل واحد منها علم على معنى :

فالرفع علم الفاعلية والفاعل واحد ليس إلا. وأما المبتدأ وخبره وخبر إن وأخواتها ولا التي لنفي الجنس واسم كان وأخواتها واسم ما ولا المشبّهتين بليس فملحقات بالفاعل على سبيل التشبيه

وكذلك النصب علم المفعولية. والمفعول أضرب : المفعول المطلق والمفعول فيه والمفعول معه والمفعول له. والحال والتمييز والمستثنى المنصوب والخبر في باب كان والأسم في باب إنّ والمنصوب بلا التي لنفي الجنس وخبر ما ولا المشبهتين بليس. ملحقات بالمفعول.

والجر علم الإضافة.

وأما التوابع فهي في رفعها ونصبها وجرها داخلة تحت أحكام المتبوعات ينصبّ عمل العامل على القبيلين انصبابة واحدة.

وأنا أسوق إليك هذه الأجناس كلها مرتبة مفصلة بعون الله وحسن تأييده.

٣٧

الفصل الأول : الفاعل

الفاعل هو ما كان المسند إليه من فعل أو شبهه مقدما عليه أبدا كقولك ضرب زيد وزيد ضارب غلامه وحسن وجهه. وحقه الرفع. ورافعه ما أسند إليه. والأصل فيه أن يلي الفعل لأنه كالجزء منه فإذا قدم عليه غيره كان في النية مؤخرا ومن ثم جاز ضرب غلامه زيد وامتنع ضرب غلامه زيدا.

إضمار الفاعل : ومضمره في الإسناد إليه كمظهره تقول ضربت وضربنا وضربوا وضربن وتقول زيد ضرب فتنوي في ضرب فاعلا وهو ضمير يرجع إلى زيد شبيه بالتاء الراجعة إلى أنا وأنت في أنا ضربت وأنت ضربت.

ومن إضمار الفاعل قولك ضربني وضربت زيدا ، تضمر في الأول اسم من ضربك وضربته إضمارا على شريطة التفسير ، لأنك لما حاولت في هذا الكلام أن تجعل زيدا فاعلا ومفعولا فوجهت الفعلين إليه استغنيت بذكره مرة. ولما لم يكن بدّ من إعمال أحدهما فيه أعملت الذي أوليته إياه. ومنه قول طفيل الغنويّ أنشده سيبويه :

وكمتا مدمّاة كأن متونها

جرى فوقها واستشعرت لون مذهب (١)

__________________

(١) البيت لطفيل بن عوف بن ضبيس الغنوي من قصيدة طويلة يصف فيها الخيل والخباء. أولها :

وبيت تهب الريح في حجراته

بأرض فضاء بابه لم يحجب

اللغة : كمتا جمع أكمت وليس بجمع كميت لأن المصغر لا يجوز جمعه لزوال علامة التصغير بالجمع.

وقال سيبويه سألت الخليل عن كميت فقال هو بمنزلة حميد يريد انه من الأسماء المصغرة التي لا تكبير لها.

والكمتة حمرة يخالطها سواد لم يخلص. (ومدماة) من دمي يدمي مدمي ، يريد انها شديدة الحمرة مثل الدم (ومتون) جمع متن وهو الظهر (وجرى) سال (واستشعرت) جعلت لنفسها ذلك شعارا والشعار من الثياب ما يلي الجسد والدثار ما فوقه. (ومذهب) اسم مفعول من الاذهاب وهو التمويه بالذهب. وقيل المذهب من أسماء الذهب.

الاعراب : وكمتا عطف على قوله وفينا رباط الخيل في البيت الذي قبله وهو

وفينا رباط كل مطهم

وخيل كسرحان الغضى المتأوب

٣٨

وكذلك إذا قلت ضربت وضربني زيد رفعته لإيلائك إياه الرافع ، وحذفت مفعول الأول استغناء عنه. وعلى هذا أعمل الأقرب أبدا فتقول ضربت وضربني قومك. قال سيبويه ولو لم تحمل الكلام على الآخر لقلت ضربت وضربوني قومك. وهو الوجه المختار الذي ورد به التنزيل قال الله تعالى : (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) و (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَه) وإليه ذهب أصحابنا البصريون وقد يعمل الأول وهو قليل ومنه قول عمر بن أبي ربيعة :

تنخّل فاستاكت به عود إسحل (١)

__________________

أي ترى فينا كمتا. ومدماة صفة كمتا كأن للتشبيه. ومتونها اسمه والضمير فيه إلى الكمت. وجرى فعل ماض فاعله مستتر فيه. وفوقها نصب على الظرفية أي فوق المتون. واستشعرت عطف على جرى. وفاعله مستتر فيه. ولون مفعول به. ومذهب مضاف إليه. وجملة جرى مع معطوفها في محل رفع خبر كأن. وجملة كأن مع إسمها وخبرها في موضع نصب صفة كمتا. (والشاهد فيه) ان جرى واستشعرت لما توجها إلى معمول واحد ظاهر بعدهما اعمل الأقرب وأضمر في الأسبق على طريقة البصريين والمعنى ظاهر.

(١) هذا عجز البيت وصدره (إذا هي لم تستك بعود اراكة). وقد نسبه المصنف هنا إلى عمر بن أبي ربيعة. ونسبه الحرمي إلى المقنع الكندي. والصواب ما قاله الأصمعي من انه لطفيل الغنوي من قصيدة طويلة شبب فيها بامرأة تسمى سعدى ، منها :

ديار لسعدى إذ سعاد جداية

من الادم خمصان الحشى غير خنثل

اللغة لم تستك من الاستياك يقال سوك فاه واستاك. والأراكة واحدة الاراك الشجر الذي تتخذ منه المساويك وتنخل اختير. والاسحل شجر دقيق الأغصان يشبه الاثل تتخذ منه المساويك.

الاعراب : إذا ظرفية شرطية وهي ضمير منفصل لتعذر اتصاله بعد حذف عامله مثله قوله تعالى (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ) تقديره لو تملكون فحذف الفعل الذي هو عامل في الضمير المتصل فصار المتصل منفصلا ثم جيء بالفعل بعده تفسيرا لذلك الفعل المحذوف. ولم تستك جازم وفعل مضارع مجزوم فاعله مستتر فيه. وبعود اراكة متعلق به. وقوله تنخل فعل ماض مبني لما لم يسم فاعله جزاء الشرط. وعود اسحل نائب الفاعل. وقوله فاستاكت عطف على تنخل وهو فعل ماض وفاعله ضمير مستتر فيه. وبه جار ومجرور في محل نصب مفعول استاكت. (والشاهد فيه) انه اعمل الفعل الأول وأضمر في الثاني لأن تقدير الكلام

٣٩

وعليه الكوفيون. وتقول على المذهبين قاما وقعد أخواك وقام وقعد أخواك وليس قول امرىء القيس :

كفاني ولم أطلب قليل من المال (١)

من قبيل ما نحن بصدده إذ لم يوجه فيه الفعل الثاني إلى ما وجه إليه الأول. ومن إضماره قولهم إذا كان غدا. فائتني أي إذا كان ما نحن عليه غدا.

إضمار عامل الفاعل :

وقد يجيء الفاعل ورافعه مضمر. يقال من فعل؟ فتقول زيد ، بإضمار فعل ومنه قوله تعالى : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجال) فيمن قرأها

__________________

تنخل عود اسحل فاستاكت به ولو أنه اعمل الثاني لقال تنخل فاستاكت بعود اسحل. (والمعنى) أن هذه المرأة إذا لم تجد الاراك لتستاك به تتخير لها عود اسحل فتستاك به. يريد أنها نظيفة لا تترك السواك بحال.

(١) صدره (ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة) والبيت كما قال لامريء القيس بن حجر الكندي من قصيدة طويلة أولها :

ألا عم صباحا أيها الطلل البالي

وهل يعمن من كان في العصر الخالي

الاعراب لو لامتناع شيء لامتناع غيره تقول لو أن لي مالا لتصدقت منه أي امتنع التصدق لامتناع المال. وإن من الحروف المشبهة بالفعل أي لو أن سعيي والمصدر اسم أن. ولأدنى معيشة خبره. وكفاني جواب لو. وياؤه مفعوله. وقليل فاعله. ومن المال متعلق بقليل. وقوله ولم أطلب : الواو للعطف. ولم أطلب جازم ومجزوم. وفاعله ضمير المتكلم. ومفعوله محذوف تقديره الملك أو المجد المؤثل بدليل قوله في البيت بعده :

ولكنما أسعى لمجد مؤثل

وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي

(ومحل الكلام) فيه أن كفاني ولم أطلب لم يتوجها إلى معمول واحد وإن كان ظاهرهما يوهم انهما من باب التنازع. وجعله أبو علي الفارسي من باب التنازع بأن جعل الواو في قوله ولم أطلب للحال. والمعني عليه لو كان سعيي لأدنى معيشة كفاني قليل من المال حال كوني غير طالب له. ومعنى البيت على التقديرين ظاهر مما سبق.

٤٠