سرّ صناعة الإعراب - ج ١

أبي الفتح عثمان بن جنّي

سرّ صناعة الإعراب - ج ١

المؤلف:

أبي الفتح عثمان بن جنّي


المحقق: محمّد حسن محمّد حسن إسماعيل
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٢
ISBN: 978-2-7451-2702-0
الصفحات: ٣٢٨
الجزء ١ الجزء ٢

باب الذال

الذال حرف مجهور ، يكون أصلا : لا بدلا ولا زائدا.

فإذا كان أصلا كان فاء وعينا ولاما. فالفاء نحو : ذكر وذكر ، والعين نحو : جذوة (١) وحذر ، واللام نحو : فخذ وأخذ.

فأما إبدالهم الذّال دالا في ادّكر ونحوه فإبدال إدغام. وأما قولهم : جذوت وجثوت (٢) إذا قمت على أطراف أصابعك ـ وقرأت على أبي عليّ :

إذا شئت غنّتني دهاقين قرية

وصناجّة تجذو على كل منسم (٣)

فليس أحد الحرفين بدلا من صاحبه ، بل هما لغتان.

وكذلك قولهم أيضا : قرأ فما تلعثم (٤) ، وما تلعذم.

__________________

(١) الجذوة : قطعة النار ، وفي التنزيل : (أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ.) اللسان (١ / ٥٨١).

(٢) الجثو : القيام على أطراف الأصابع. مادة (ج ث ا) اللسان (١ / ٥٤٦).

(٣) البيت للنعمان بن نضلة العدوي ، ورواه اللسان في المواد : جذا ، ودهق. وكان عمر قد استعمله على ميسان ، وهي كورة كبيرة تقع في شمال شبه الجزيرة العربية وتتكون من قرى كثيرة ، وهي بين البصرة وواسط ، فلما سمع أمير المؤمنين بذلك قال : إي والله يسوءني وأعزلك. الدهاقين : الواحد منهم دهقان ، وهو رئيس القرية أو التاجر. اللسان (١٤٤٢). الصناجة : المرأة التي تلعب بالصنج وهو فلقتان تتخذان من صفرة تضرب إحداهما بالأخرى. مادة (ص ن ج) اللسان (٤ / ٢٥٠٦). المنسم : يريد به طرف الإصبع ، على الاستعارة بمنسم خف البعير. ويرى الأصمعي والفراء وابن جني أن يجذو ويحثو بمعنى واحد ، وهو القيام على أطراف الأصابع ، وذهب ثعلب وابن الأعرابي إلى أن الجثو : على الركب ، والجذو : على أطراف الأصابع. وجعل ابن جني هنا يجثو ويجذو لغتين ، فليست الذال بدلا من الثاء. وعده أبو عبيدة من باب البدل.

(٤) تلعثم : تعثر في الكلام. مادة (لعثم) اللسان (٥ / ٤٠٤١).

٢٠١

وكذلك قولهم : قرب حذحاذ ، وحثحاث : إذا كان سريعا ، وهو طلب الماء ، ليس أحدهما بدلا من صاحبه ، لأن حثحاثا من قول تأبط شرّا :

كأنما حثحثوا حصّا قوادمه

أو أمّ خشف بذي شثّ وطبّاق (١)

أي أسرعوا به ، وحذحاذ : من معنى الشيء الأحذّ ، ويقال : صريمة (٢) حذّاء : إذا كانت ماضية ، وحذحاذ وإن لم تكن من لفظ أحذّ ، فإنها قريبة منه ، ولا تجد هذين اللفظين إلا بمعنى واحد ، وذلك نحو : ململت وملّلت ، ورقرقت ورقّقت ، ألا ترى أن اتفاق معنيهما قد حمل البغداديين على أن قالوا إن الأصل في حثحثت : حثّثت ، وفي رقرقت : رقّقت.

وقرأت على أبي علي عن أبي بكر عن العباس للفرزدق (٣) :

تفيهق بالعراق أبو المثنّى

وعلّم أهله أكل الخبيص

أأطعمت العراق ورافديه

فزاريّا أحذّ يد القميص (٤)

يصفه بالغلول وسرعة اليد ، ومن هنا سمّى الخليل «فعلن» في الكامل (٥) : أحذّ ، لأن أصله «متفاعلن» ، فلما حذف الوتد من آخره ، بقي «متفا» ، فنقل إلى «فعلن». فلما قطع آخر الجزء ، قلّ وأسرع انقضاؤه وفناؤه ، فسمّاه أحذّ لذلك.

__________________

(١) سبق شرح هذا البيت.

(٢) الصريمة : العزيمة. مادة (ص ر م) اللسان (٤ / ٢٤٣٨).

(٣) الفرزدق : أبو فراس همام بن غالب التميمي الدارمي. ولد سنة ١٩ ه‍ ، وتوفى سنة ١١٤ ه‍ ونشأ بين البصرة والبادية ، ومدح الخلفاء وكان مقربا منهم.

(٤) في البيتين يعاتب الفرزدق يزيد بن عبد الملك في تقديم أبي المثنى عمر بن هبيرة الفزاري على العراق ويهجو ابن هبيرة. تفيهق : توسع وتفتح بالبزخ. مادة (ف ق ه) اللسان (٥ / ٣٤٥٠). الخبيص : نوع من الحلواء ، مخبوص أي مخلوط. والرافدان : دجلة والفرات. ورجل أحذ : سريع اليد خفيفها ، كناية عن الغلول والخيانة في المغانم. وقيل الأحذ : المقطوع ، كناية عن قصر اليد عن نيل المعالي ، ولا يحسن بمن هذه صفته أن يتولى إمارة العراق. الشاهد : شرحه ابن جني في المتن.

(٥) الكامل : بحر من بحور الشعر وزنه ـ متفاعلن ست مرات.

٢٠٢

باب الراء

الراء حرف مجهور مكرّر ، يكون أصلا ، لا بدلا ولا زائدا.

فإذا كان أصلا وقع فاء وعينا ولاما ، فالفاء نحو : رشد ورشد ، والعين نحو : جرح وجرح ، واللام نحو : بدر وبدر.

فأمّا قولهم : امرأة جربّانة (١) وجلبّانة إذا كانت صخّابة ، فليس أحد الحرفين فيه بدلا من صاحبه.

قرأت على أبي عليّ لحميد بن ثور :

جلبّانة ورهاء تخصي حمارها

بفي من بغى خيرا إليها الجلامد (٢)

__________________

(١) جربانة : أي كثيرة الجلبة والصخب. مادة (جرب). اللسان (١ / ٥٨٣).

(٢) امرأة جلبانة : أي صخابة مصوتة كثيرة الجلبة سيئة الخلق. ورهاء : حمقاء. مادة (ور ه) اللسان (٦ / ٤٨٢٠). تخصي حمارها : أي تسل خصيته وهو كناية عن قلة الحياء. مادة (خ ص ا) اللسان (٢ / ١١٧٨) الجلامد : جمع جلمد وهو الحجر الصلد. مادة (ج ل م) اللسان (١ / ٦٦٧). الشرح : يصف الشاعر تلك المرأة بقلة الحياء والحمق كما أنها كثيرة الصخب سيئة الخلق لا يفعل فيها أحد معروفا وإلا وتقابله بالشر. الشاهد في «جلبانة» فهي أصل في معناها كـ «جربانة» بمعنى صخّابة. إعراب البيت : جلبانة : خبر لمبتدأ محذوف تقديره هي. ورهاء خبر ثان. تخصي : فعل مضارع مرفوع ، والفاعل مستتر تقديره هي. حمارها : مفعول به ، والهاء مضاف إليه. و (تخصي حمارها) خبر ثالث. بفي : جار ومجرور خبر مقدم. من : اسم موصول مبني في محل جر مضاف إليه. بغى : فعل ماضي مبني ، والفاعل مستتر يعود على الموصول قبله. وخيرا مفعول به. إليها : جار ومجرور متعلق بـ «بغى». وجملة (بغى خيرا) صلة موصول لا محل لها من الإعراب. الجلامد : مبتدأ مؤخر مرفوع والخبر تقدم عليه وهو قوله «بغى».

٢٠٣

قال أبو علي : هذا البيت يقع فيه تصحيف من الناس. يقول قوم مكان تخصي حمارها ، تخطي حمارها ، وهو مشتبه مشكل : يظنونه من قولهم : العوان (١) لا تعلّم الخمرة.

قال : وقد قال ابن الأعرابي : يقال : جاءك خاصي العير : إذا وصف بقلة الحياء. فعلى هذا لا يجوز في البيت غير «تخصي حمارها» ، ويدل على أنّ «جلبّانة» و «جربانة» أصلان ، غير مبدل أحدهما من صاحبه وجودك لكل واحد منهما أصلا متصرّفا ، واشتقاقا صحيحا ، فأما جلبّانة فمن الجلبة والصياح ، لأنها الصّخّابة ، وأما جربّانة فمن جرّب الأمور وتصرّف فيها.

ألا تراه قال : «تخصي حمارها» ، وإذا بلغت المرأة من البذلة (٢) والحنكة (٣) إلى خصاء حمارها ، فناهيك بها في التجريب والدّربة ، وهذا وفق الصّخب ، لأنه ضد الحياء والخفر (٤).

وأمّا قولهم في الدّرع : نثرة ونثلة (٥) ، فينبغي أن يكون الراء بدلا من اللام ، لقولهم : نثل عليه درعه ، ولم يقولوا نثرها ، فاللام أعم تصرفا ، فهي الأصل.

وأما قول الأسديّ :

وخافت من جبال السّغد نفسي

وخافت من جبال خوارزم (٦)

__________________

(١) العوان : المتوسطة في العمر. مادة (عون). اللسان (٤ / ٣١٧٩).

(٢) البذلة : الابتذال. مادة (ب ذ ل) اللسان (١ / ٢٣٨).

(٣) الحنكة : الخبرة والدربة. مادة (حنك). اللسان (٢ / ١٠٢٨).

(٤) الخفر : الحياء. مادة (خفر). اللسان (٢ / ١٢٠٩).

(٥) نثلة : النثلة : النقرة بين الشاربين ، والدرع الواسعة. مادة (نثل). اللسان (٦ / ٤٣٤١).

(٦) هذا رابع ستة أبيات رواها ياقوت في معجم البلدان في «خوارزم» ، ونسبها للأسدي كما هنا خوارزم : اسما لناحية في جرجان الآن. الشاهد في قوله «خوارزم» فقد كرر الراء لاستقامة الوزن. الإعراب : خوارزم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

٢٠٤

فإنه أراد خوارزم ، فزاد راء لإقامة الوزن ، كذا قيل فيه ، وقد قيل إنّ «خوار» اسم مضاف إلى «رزم».

واعلم أن الراء لما فيها من التكرير لا يجوز إدغامها فيما يليها من الحروف ، لأن إدغامها في غيرها يسلبها ما فيها من الوفور بالتكرير.

فأما قراءة أبي عمرو «يغفر لّكم» بإدغام الراء في اللام ، فمدفوع عندنا ، وغير معروف عند أصحابنا ، إنما هو شيء رواه القرّاء ، ولا قوة له في القياس (١).

* * *

__________________

(١) هذا غلو من ابن جني في الأخذ بالقياس مع وجود السماع.

٢٠٥
٢٠٦

باب الزاي

الزاي حرف مجهور ، يكون أصلا وبدلا ، لا زائدا ، فإذا كان أصلا وقع فاء وعينا ولاما ، فالفاء نحو : زمر (١) وزمر ، والعين نحو : بزر وحزر (٢) ، واللام نحو : جرز (٣) وجرز.

وقال بعضهم : يقال : شزب وشسب وشسف بمعنى. أي ضمر ،

وفصّل الأصمعي فقال : الشازب : الذي فيه ضمور وإن لم يكن مهزولا ، والشاسب والشاسف الذي قد يبس.

قال : وسمعت أعرابيا يقول : ما قال الحطيئة (٤) «أينقا شزبا» إنما قال : «أعنزا شسبا» (٥) ، وليست الزاي ولا السين بدلا إحداهما من الأخرى ، لتصرّف الفعلين جميعا.

وقرأت على أبي عليّ لذي الرّمّة (٦) :

__________________

(١) زمر : جماعة. مادة (ز م ر) اللسان (٣ / ١٨٦١).

(٢) حزر : اللبن : حمضي. مادة (حزر). اللسان (٢ / ٨٥٥).

(٣) الجرز : هو الأرض الجدبة ، أو صدر الإنسان. مادة (جرز). اللسان (١ / ٥٩٧).

(٤) الحطيئة : هو أبو مليكة جرول الحطيئة ، منشؤه معلول النسب. وكان جشعا سؤولا ملحفا دنيء النفس ، كثير الشر قليل الخير.

(٥) هاتان الكلمتان من بيت للحطيئة ، هو

ما كان ذنب بغيضا لا أبا لكم

في بائس جاء يحدو أبنقا شسبا

كذا روى البيت في ديوانه بشرح السكري ، والبيت من القصيدة الأولى فيه ، ومطلعها :

طافت أمامة بالرّكبان آونة

يا حسنه من قوام ما ومنتقبا

وبيت الشاهد هو الرابع والعشرون من ثمانية وعشرين.

(٦) ذو الرّمّة : اسمه غيلان بن عقبة أحد بني عدي بن عبد مناة بن أذّ ويقال إن ذا الرمة زاوية راعي الإبل ولم يكن له حظ في الهجاء وكان مغلبا ، قال عنه أبو عمرو بن العلاء يقول إنما شعره نقظ عروس يضمحل عن قليل وأبعار ظباء لها مشم في أول شمها ثم تعود إلى أرواح البعر ، ويقال كان ذو الرمة يميل إلى الفرزدق.

٢٠٧

خدبّ حنى من صلبه وهو شوقب

على قصب منضمّ الثّميلة شازب (١)

وكلب تقلب السين مع القاف خاصّة زايا ، فيقولون في سقر (٢) : زقر ، وفي مسّ سقر : مسّ زقر ، وشاة زقعاء في صقعاء (٣).

ومثله من الصاد : ازدقي في اصدقي ، وزدق في صدق.

قال (٤) :

__________________

(١) هذا البيت السابع والثلاثون من قصيدة في ديوانه ومطلعها :

خليلي عوجا بارك الله فيكما

على دار مي من صدور الركائب

ورواية بيت الشاهد في الديوان :

خدبّ حنا من ظهره بعد بدنه

على قصب منضمّ الثميلة شازب

الخدب : الضخم من النعام ، وقيل من كل شيء. مادة (خ د ب) اللسان (٢ / ١١٠٧). بعد بدنه : بعد ما كان بدنه. ويروى «بعد سلوه» أي بعد رخاء من العيش. القصب : المعي الذي يكون فيه الطعام والشراب. الثميلة : ما بقي في جوفه من العلف والماء. مادة (ث م ل) اللسان (١ / ٥٠٥). الشازب : الضامر اليابس من الناس وغيرهم. مادة (ش ز ب) اللسان (٤ / ٢٢٥٥). الشوقب : الطويل من الرجال والنعام والإبل. مادة (ش ق ب) اللسان (٤ / ٢٢٩٦). الشرح : يصف الشاعر فحلا بأنه كان ضخم ، فأضمره الهياج ، فترك العلف ، ولصق ظهره ببطنه من الهزال. الشاهد : مجيء كلمة «شزبا» بالزاي المعجمة وهي أصل فيها كما ذكر ابن جني في المتن. إعراب الشاهد : شازب : نعت مجرور وعلامة الجر الكسرة.

(٢) سقر : علم لجهنم. مادة (سقر) اللسان (٣ / ٢٠٣٧). قال تعالى : ف (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) ، وقال : (وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ.)

(٣) الصقعاء : من الخيل والشاء والطير : التي في وسط رأسها بياض. اللسان (٤ / ٢٤٧٢). وتمثيل المؤلف هنا بزقعاء في صقعاء ، كان يقتضي أن يقول : وكلب تقلب السين والصاد مع القاف ... إلخ ، ولكنه لم يذكر الصاد مع أن هذه لغة قبيلة «كلب».

(٤) البيت لم أعثر على قائله ، وقد ذكره صاحب اللسان في مادة (صدر) (٤ / ٢٤١٣).

٢٠٨

ودع ذا الهوى قبل القلى ترك ذي الهوى

متين القوى خير من الصّرم مزدرا (١)

يريد : مصدرا.

وقال الآخر (٢) :

يزيد زاد الله في خيراته

حامي نزار عند مزدوقاته (٣)

أي مصدوقاته.

__________________

(١) القلي : بكسر القاف : البغض. مادة (ق ل ا) اللسان (٥ / ٣٧٣١). الصرم : بفتح الصاد وضمها : القطيعة والهجر. مادة (ص ر م) اللسان (٤ / ٢٤٣٧). الشرح : اترك الحبيب قبل أن يبغضك فتركك له على حال حبه أفضل من تركك له على حال بغضه. الشاهد : في قوله «مزدرا» إذ قلب الصاد زايا. إعراب الشاهد : مصدرا : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(٢) البيت لم أعثر على قائله ، وقد أورده اللسان في مادة (صدق).

(٣) ورد البيت في اللسان كما قدمنا وفيه «في حياته» بدل «في خيراته». حامي : الحامي المدافع. مادة (ح م ا) اللسان (٥ / ١٠). نزار : اسم قبيلة. تنسب إلى نزار بن معد بن عدنان. مادة (ن ز ر) اللسان (٦ / ٤٣٩٤) الشرح : يدعو الشاعر للممدوح بطول الحياة والخير فهو حامي الحمى والمدافع عن القبيلة. الشاهد في قوله : «مزدوقاته» فقد أراد مصدوقاته قلب الصاد زايا. إعراب الشاهد : مصدوقاته : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة ، والهاء ضمير مبني في محل جر مضاف إليه.

٢٠٩
٢١٠

باب السين

السين حرف مهموس ، يكون أصلا وزائدا.

فإذا كان أصلا وقع فاء وعينا ولاما. فالفاء نحو : سلم وسلم ، والعين نحو : حسن وحسن ، واللام نحو : جرس وجرس.

وإذا كانت زائدة ففي استفعل وما تصرّف منه ، نحو : استخرج ومستخرج.

واستقصى ويستقصي ، وهو مستقص.

واعلم أنّ العرب تقول : استخذ فلان أرضا. وفي ذلك عندنا قولان : أحدهما : أنه يجوز أن يكون أصله اتّخذ ، وزنه افتعل ، من قوله عزّ اسمه : (لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً)(١). ثم إنهم أبدلوا من التاء الأولى التي هي فاء افتعل سينا ، كما أبدلوا التاء من السين في ستّ ، لأن أصلها سدس ، فلما كانت التاء والسين مهموستين ، جاز إبدال كل واحدة منهما من أختها.

والقول الآخر : أنه يجوز أن يكون أراد استتخذ ، أي استفعل. فحذفت التاء الثانية ، التي هي فاء الفعل ، كما حذفت التاء الأولى من قولهم : تقى يتقي ، وأصله : اتّقى يتّقي ، فحذفت التاء الأولى التي هي فاء الفعل.

وأنشدنا أبو عليّ لخداش بن زهير (٢) :

تقوه أيها الفتيان إني

رأيت الله قد غلب الجدودا (٣)

أراد : اتّقوه.

__________________

(١) الآية من سورة الكهف. والمعنى : لو أردت أن تأخذ على ذلك العمل ـ وهو بناء الجدار ـ أجرا. والشاهد في الآية مجيء «اتخذ» على وزن افتعل.

(٢) خداش بن زهير بن ربيعة بن عمرو بن ربيعة بن عامر ، من هوازن شاعر جاهلي مشهور. وبيت الشاهد رواه أبو زيد في نوادره ، ولم ينسبه ، ورواه ابن السكيت في «إصلاح المنطق» (ص ٢٨) ونسبه لخداش.

(٣) تقوه : اتقوه أي خافوا منه. الجدود : الأجداد وتروى الجنود. ـ الشرح : اتقوا الله أيها الشباب ، فالله قد أهلك من كان قبلكم. الشاهد : في «تقوه» فقد حذفت التاء الأولى من الفعل وأراد «اتقوه». إعراب الشاهد : اتقوه : فعل أمر مبني على حذف النون ، والواو فاعل ، والهاء : ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به.

٢١١

وقال الآخر (١) :

زيادتنا نعمان لا تنسينّها

تق الله فينا والكتاب الذي تتلو (٢)

أي اتّق الله.

وأنشدنا أيضا ، قال : أنشد أبو زيد (٣) :

قصرت له القبيلة إذ تجهنا

وما ضاقت بشدته ذراعي (٤)

أراد : اتّجهنا. قال : وقصرت : حبست. والقبيلة : اسم فرسه.

وأما قولهم السّده في معنى الشّده ، ورجل مسدوه في معنى مشدوه ، فينبغي أن يكون السين فيه بدلا من الشين ، لأنّ الشين أعمّ تصرفا.

__________________

(١) قائل البيت هو : عبد الله بن همام السلولي ، يخاطب النعمان بن بشير الأنصاري أمير الكوفة.

(٢) الزيادة : هي زيادة قررها معاوية لأهل الكوفة قدرها عشرة دنانير. الشرح : يطلب الشاعر من الوالي ـ نعمان ـ أن يعطيهم الزيادة المقررة لهم ويستحثه على ذلك بتقوى الإله وقد ذكره بالقرآن الكريم الذي يتلوه. الشاهد : حذف فاء الفعل من اتقى ، ثم حذفت همزة الوصل لعدم الحاجة إليها حينئذ. إعراب الشاهد : تق : فعل أمر مبني على حذف حرف العلة.

(٣) البيت نسبه أبو يزيد في نوادره لـ «مرداس بن حصين» وهو شاعر جاهلي من بني عبد الله بن كلاب.

(٤) قصرت : حبست. القبيلة : اسم فرس. الشرح : يقول لقد حبست فرسي عليه ولم أضق بتصرفه. الشاهد : في قوله : «تجهنا» على أنه مخفف من «اتجهنا». قال في النوادر : الأصمعي يقول : «تجهنا» بفتح الجيم ، وأبو زيد يقول : «تجهنا» ، يقال تجه يتجه تجها ، على وزن فزع يفزع فزعا ، وعلى قول أبي زيد ، لا يكون من «اتجهنا» ، وإنما يكون أصلا مستقلا ، بدليل كسر الجيم. إعراب الشاهد : تجهنا : فعل ماضي مبني على السكون لاتصاله بنا الفاعلين ، و «نا» ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.

٢١٢

وأما قولهم : أسطاع يسطيع ، فذهب سيبويه فيه إلى أن أصله : أطاع يطيع ، وأن السين فيه زيدت عوضا من (١) سكون عين الفعل ، وذلك أن أطاع أصله كأطوع ، فنقلت فتحة الواو إلى الطاء ، فصار التقدير : أطوع ، فانقلبت الواو ألفا ، لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها الآن.

وتعقّب أبو العباس رحمه الله هذا القول فقال : إنما يعوّض من الشيء إذا فقد وذهب ، فأما إذا كان موجودا في اللفظ ، فلا وجه للتعويض منه ، وفتحة العين التي كانت في الواو قد نقلت إلى الطاء التي هي الفاء ، ولم تعدم ، وإنما نقلت ، فلا وجه للعوض من شيء موجود غير مفقود.

وقد ذهب عن أبي العباس ما في قول سيبويه هذا من الصّحة ، فإما غالط وهي من عادته معه ، وإما وهم في رأيه هذا.

والذي يدل على صحة قول سيبويه في هذا ، وأن السين عوض من حركة عين الفعل ، أن الحركة التي هي الفتحة وإن كانت كما قال أبو العباس موجودة منقولة إلى الفاء لمّا فقدتها العين ، فسكنت بعد ما كانت متحركة ، توهّنت (٢) لسكونها ، ولما دخلها من التهيّؤ للحذف عند سكون اللام ، وذلك قولك لم يطع ، وأطع ، ولا تطع ففي كل هذا قد حذفت العين لالتقاء الساكنين ، ولو كانت العين بحالها متحركة لما حذفت ، لأنه لم يكن هناك التقاء ساكنين ، ألا ترى أنك لو قلت : أطوع يطوع ولم يطوع وأطوع زيدا ، لصحت العين ولم تحذف ، فلما نقلت عنها الحركة وسكنت سقطت ، لاجتماع الساكنين ، فكان هذا توهينا وضعفا لحق العين ، فجعلت السين عوضا عن سكون العين الموهّن لها ، المسبّب لقلبها وحذفها ، وحركة الفاء بعد سكونها لا تدفع عن العين ما لحقها من الضعف بالسكون والتّهيّؤ للحذف عند سكون اللام.

وقال الفرّاء في هذا : شبّهوا أسطعت بأفعلت.

فهذا يدل من كلامه على أن أصلها استطعت ، فلما حذفت التاء بقي على وزن أفعلت ، ففتحت همزته وقطعت.

__________________

(١) الأظهر أن تكون «من» تعليلية ، أي بسبب سكون عين الفعل لذهاب حركتها ، لأن السين في الحقيقة زيدت للتعويض عن حركة العين ، التي نقلت إلى الطاء. كما صرح المؤلف.

٢١٣

وهذا غير مرضيّ عندنا من قوله ، وذلك أنه قد اطّرد عنهم اسطعت بكسر الهمزة ، وكونها همزة وصل ، فهذا يدل على أنهم إذا أرادوا استفعلت ، وحذفوا التاء وهم يريدونها ، بقّوا الهمزة موصولة مكسورة بحالها قبل حذف التاء.

ويؤكّد ما قال سيبويه من أن السين عوض من ذهاب حركة العين ، أنهم قد عوّضوا من ذهاب حركة هذه العين حرفا آخر غير السّين ، وهو الهاء في قول من قال : أهرقت (١) ، فسكّن الهاء ، وجمع بينها وبين الهمزة ، فالهاء هنا عوض من ذهاب فتحة العين ، لأن الأصل : أروقت أو أريقت ، بل الصّواب أريقت ، والواو عندي أقيس لأمرين :

أحدهما : أن كون عين الفعل واوا أكثر من كونها ياء فيما اعتلت عينه.

والآخر : أن الماء إذا أهريق ظهر جوهره وصفاؤه ، فراق رائيه يروقه ، فهذا أيضا يقوّي كون العين منه واوا. وعلى أنه قد حكى الكسائي : راق الماء يريق : إذا انصب ، وهذا قاطع بكون العين ياء ، ثم إنهم جعلوا الهاء عوضا من نقل فتحة العين عنها إلى الفاء ، كما فعلوا ذلك في أسطاع ، فكما لا يكون أصل أهرقت استفعلت ، فكذلك ينبغي ألا يكون أصل أسطعت أستفعلت.

قرأت على أبي الفرج عليّ بن الحسين ، عن أبي عبد الله محمد بن العباس اليزيدي ، لعبد العزيز بن وهب مولى خزاعة ، يقوله لكثيّر (٢) :

فأصبحت كالمهريق فضلة مائه

لضاحي سراب بالملا يترقرق (٣)

وقالوا في مصدره : إهراقة ، كما قالوا : إسطاعة.

__________________

(١) أهرقت : أريقت. مادة (ه ر ق) اللسان (٦ / ٤٦٥٤).

(٢) كثير : هو كثير بن عبد الرحمن الخزاعي وهو ابن أبي جمعة وكنيته أبو صخر ، وهو عند أهل الحجاز ، أشعر من كل من قدمنا عليه.

(٣) ضاحي السراب : باديه وظاهره ، والسراب عبارة عن انعكاس أشعة الشمس على الرمال فيخيل للعين من بعيد أنها ماء. مادة (س ر ب) اللسان (٣ / ١٩٨٢). يترقرق : يتحرك ويضطرب ، أو يجري جريا سهلا وبتسلسل ، ويقال : ترقرق الدمع في العين : دار في باطنها. مادة «رقق». اللسان (٣ / ١٧٠٨).

٢١٤

قال ذو الرّمة (١) :

فلما دنت إهراقة الماء أنصتت

لأعزله عنها وفي النفس أن أثني (٢)

وقالوا أيضا : أستاع يستيع ، فأبدلوا الطاء تاء ، لتوافق السّين في الهمس.

قرأت على أبي الفرج (٣) ، عن أبي عبد الله اليزيدي للجران :

وفيك إذا لاقيتنا عجرفيّة

مرارا فما نستيع من يتعجرف (٤)

__________________

ـ الشرح : فأصبحت كالماء المراق الذي يبدو كالسراب اللامع. الشواهد : قوله «كالمهريق» فقد حقق المؤلف فيه الهاء وجعلها أصلية غير مبدلة. إعراب الشاهد : كالمهريق : جار ومجرور.

(١) ذو الرمة : اسمه غيلان بن عقبة أحد بني عدي بن عبد مناة بن أدّ.

(٢) البيت لذي الرمة ثالث أبيات ثلاثة في ديوانه (ص ٦٤٥) ، يصف بكرة البئر.

وهي :

وجارية ليست من الإنس تستحي

ولا الجن قد لاعبتها ومعي دهني

فأدخلت فيها قيد شبر مؤفرّ

فصاحت ولا والله ما وجدت تزني

فلما دنت إهراقة الماء أنصتت

لأعزله عنها وفي النفس أن أثني

قوله : جارية : يريد بكرة البئر التي تجري حول محور. وقيد شبر : يعني المحور الذي يدخل في ثقب البكرة.

والدهن : الشحم الذي يوضع على المحور ، لتيسير دورانه. الشاهد : كما أوضحه المؤلف في كلمة «إهراقة» فالهاء عنده عوض عن ذهاب فتحة العين لأن الأصل «أروقت» أو «أريقت» كما يرى. إعراب الشاهد في الأبيات : إهراقة : فاعل مرفوع وعلامة الرفع الضمة.

(٣) أبي الفرج : هو علي بن الحسين نحوي بصري.

(٤) هذا البيت لجران العود النميري. العجر فيه : الجفاء والاعتراض. مادة (ع ج ر) اللسان (٤ / ٢٨١٤). الشرح : إنك إنسان متعجرف ، ونحن لا نطيع المتعجرفين. الشاهد : قلب الطاء تاء في «نستطيع» لكي تناسب السين فكلاهما «السين والتاء» صوتان مهموسان. إعراب الشاهد : نسطيع : فعل مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة.

٢١٥

ومن العرب من يزيد على كاف المؤنث في الوقف سينا ، ليبين كسرة الكاف ، فيؤكد التأنيث فيقول : مررت بكس ، ونزلت عليكس ، فإذا وصلوا حذفوا لبيان الكسرة.

وأما ما يحكى عن سحيم (١) من قوله :

فلو كنت وردا لونه لعسقتني

ولكنّ ربي سانني بسواديا (٢)

فإنما قلب الشين سينا لسواده ، وضعف عبارته عن الشين ، وليس ذلك بلغة ، وإنما هو كاللثغ.

* * *

__________________

(١) سحيم : هو عبد بني الحسحاس كان أسودا شديد السواد ، وأحب وتغزل ببنت سيده ، وتدعى عميرة.

(٢) عسقتني : عشقتني من العشق ، وهو شدة التعلق والحب. مادة (ع ش ق) اللسان (٤ / ٢٩٥٨) وسانني : يريد شانني أي عابني. مادة (ش ي ن) اللسان (٤ / ٢٣٨٢). الشرح : يقول : لو كنت جميلا مثلك لعشقتني ، ولكن الله شانني بالسواد. الشاهد : قلب الشين سينا في «عسقتني ، سانني» وهو كما يرى المؤلف لثغ به وليس لغة.

٢١٦

باب الشين

الشين حرف مهموس ، يكون أصلا لا غير.

فيكون فاء وعينا ولاما. فالفاء نحو : شجر وشجر ، والعين نحو : قشر وقشر ، واللام نحو : نعش (١) ونعش.

وقرأت على أبي عليّ (٢) ، عن أبي بكر (٣) ، عن بعض أصحاب يعقوب ، عن يعقوب ، قال : قال الأصمعي : يقال : جعشوش وجعسوس (٤) ، وكل ذلك إلى قماء وصغر وقلّة. ويقال : هم من جعاسيس الناس ، ولا يقال بالشين في هذا.

فهذا يدل من قول الأصمعي على أن الشين من جعشوش بدل من السين في جعسوس ، ألا ترى أن الشّين أعم تصرفا من الشين ، لوجودك إياها في الواحد والجمع جميعا.

وقال الراجز (٥) :

إذ ذاك إذ حبل الوصال مدمش (٦)

أي مدمج ، فالشين بدل من الجيم.

__________________

(١) نعش : أنهض وأقام. مادة (نعش). اللسان (٦ / ٤٤٧٣).

(٢) أبو علي : الفارسي ، أستاذ ابن جني.

(٣) أبو بكر : ابن السراج.

(٤) الجعسوس : القصير الدميم ، واللئيم الخلق. مادة (ج ع س) اللسان (١ / ٦٣٤).

(٥) هذا بيت من مشطور الرجز ، أورده العيني في شرح شواهد شروح الألفية (فرائد القلائد) في باب الإبدال ، ولم ينسبه إلى قائله.

(٦) المفردات : أدمج الحبل : أجاز فتله وأحكمه. مادة (د م ج) اللسان (٢ / ١٤١٩). الشرح : حين ذاك حين يكون حبل الوصال بيني وبين من أحب متين. وواضح أن المعنى متعلق بغيره من الأبيات. الشاهد : قوله «مدمش» فقد أبدلت الجيم شينا. والأصل «مدمج» كما يرى المؤلف. وقال ابن عصفور : فيها أبدل الجيم شينا لتتفق القوافي. إعراب موضع الشاهد : مدمج : خبر لمبتدأ هو (حبل) مرفوع وعلامة الرفع الضمة.

٢١٧

فأما قولهم : تنسّمت منه علما وتنشّمت ، فليس واحد من الحرفين بدلا من صاحبه ، لأن لكل واحد منهما وجها قائما.

أما تنسّمت فكأنه من النسيم ، كقولك : استروحت منه خبرا ، فمعناه أنه تلطف في التماس العلم منه شيئا فشيئا ، كهبوب النسيم.

وأما قولهم تنشّمت فمن قولهم نشّمت في الأمر ، أي ابتدأته ولم أوغل (١) فيه ، وكذلك تنشّمت منه ، أي ابتدأت بطرف من العلم من عنده ولم أتمكن فيه.

ومن العرب من يبدل كاف المؤنث في الوقف شينا (٢) ، حرصا على البيان لأن الكسرة الدالة على التأنيث فيها تخفي في الوقف ، فاحتاطوا للبيان بأن أبدلوها شينا ، فقالوا : عليش ومنش ، ومررت بش.

ومنهم من يجري الوصل مجرى الوقف ، فيبدل فيه أيضا.

وأنشدوا للمجنون (٣) :

فعيناش عيناها وجيدش جيدها

سوى أن عظم الساق منش دقيق (٤)

__________________

(١) أوغل : أتعمق فيه. مادة «وغل». اللسان (٦ / ٤٨٨٠).

(٢) ما ذكره ابن جني يعرف بظاهرة الكشكشة.

(٣) المجنون : هو قيس بن الملوح مجنون بني عامر.

(٤) البيت أحد أربعة أبيات وردت في ديوانه (ص ١٣) طبع بولاق ، اختيار أبي بكر الوالبي الأندلسي ، وهو في الديوان بالكاف لا بالشين. الجيد : العنق ، ومقدمه ، وموضع القلادة ، والجمع أجياد. مادة (جيد) اللسان (١ / ٧٣٧). الشرح : يصور الشاعر محبوبته في صورة ظبية جميلة ، إلا أن محبوبته تفوق الظبية في دقة عظام الساق. الشاهد في البيت : «عيناش ، جيدش ، منش» فقد قلب الكاف شينا ، والأصل «عيناك ، جيدك ، منك». إعراب الشواهد : عيناك : مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الألف ، والكاف ضمير مبني في محل جر مضاف إليه. وجيدك : مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة ، والكاف ضمير مبني في محل جر مضاف إليه. منك : جار ومجرور.

٢١٨

وقرأت على أبي بكر محمد بن الحسن ، عن أبي العباس أحمد بن يحيى لبعضهم :

علّي فيما أبتغي أبغيش

بيضاء ترضيني ولا ترضيش

وتطّبي ودّ بني أبيش

إذا دنوت جعلت تنئيش

وإن نأيت جعلت تدنيش

وإن تكلّمت حثت في فيش

حتى تنقّى كنقيق الدّيش (١)

فشبه كاف الديك لكسرتها بكاف ضمير المؤنث.

ومن كلامهم : «إذا أعياش جاراتش ، فأقبلي على ذي بيتش».

وربما زادوا على الكاف في الوقف شينا ، حرصا على البيان أيضا ، فقالوا : مررت بكش ، وأعطيتكش ، فإذا وصلوا حذفوا الجميع.

__________________

(١) هذه سبعة أبيات من مشطور الرجز ، رواها ثعلب عن ابن الأعرابي ، وأوردها في مجالسه. انظر (١ / ١٤١) ، ورواها صاحب الخزانة عن ثعلب (١ / ٥٩٤) ، قال ثعلب بعد الأبيات : يجعلون مكان الكاف الشين ، وربما جعلوا بعد الكاف الشين والسين يقولون : إنكش ، وإنكس قال : وهاه الكشكشة والكسكسة المشهورتان ، وهي الكاف المكسورة لا غير. يفعلون هذا توكيدا لكسر الكاف بالشين والسين. والشاهد في البيت الأخير إذ أبدل الكاف المكسورة شينا وليست لخطاب المؤنثة. المفردات : دنوت : قربت. مادة (د ن ا) اللسان (٢ / ١٤٣٥). ونأيت : بعدت. مادة (ن أى) اللسان (٦ / ٤٣١٤). حثثت : ألقت في فيك حثوة من التراب ، وهو مقدار راحة اليد. ويقال : حثا عليه التراب حثوا هاله. مادة (ح ث ا) اللسان (٢ / ٧٧٦). إعراب الشاهد : الديك : مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الكسرة.

٢١٩
٢٢٠