سرّ صناعة الإعراب - ج ١

أبي الفتح عثمان بن جنّي

سرّ صناعة الإعراب - ج ١

المؤلف:

أبي الفتح عثمان بن جنّي


المحقق: محمّد حسن محمّد حسن إسماعيل
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٢
ISBN: 978-2-7451-2702-0
الصفحات: ٣٢٨
الجزء ١ الجزء ٢

فأما تولب (١) فتاؤه أصل ، والواو زائدة ، لأن فوعلا في الكلام أكثر من تفعل. وأما نون نهشل (٢) وتاء ترخم (٣) فأصلان ، لأنهما بإزاء سين سلهب (٤).

وأما تألب فتاؤه زائدة ، يدل على ذلك الاشتقاق ، لأنهم يقولون : ألب الحمار آتنه (٥) يألبها. وأما تاء سنبتة فلو لا الاشتقاق أيضا لقضينا بأنها أصل ، لأنها بإزاء جيم عرفجة (٦) ، ولكنهم لمّا قالوا في معناها سنبة (٧) ، دلّ ذلك على زيادتها. وأما نون قنفخر (٨) فلو لا الاشتقاق أيضا لقضينا بأنها أصل ، ولكنهم ردّوه إلى لفظ امرأة قفا خريّة ، والقنفخر : كل شيء فاق في حسنه ، والقفاخرية : النّبيلة العظيمة النفيسة من النساء ، وكذلك تاء تجفاف (٩) لو لا الاشتقاق لوجب القضاء بأصليتها ، لأنها بإزاء قاف قرطاس ، ولكنهم ذهبوا فيه إلى أنه من معنى الصلابة والجفاف. وأما نون نبراس (١٠) فقد ذهب إلى زيادتها ، واشتق له من معنى البرس ، وهو القطن ، لأن النّبراس : المصباح ، والفتيلة أبدا في غالب الأمر في قطن.

وأما تاء تلنّة (١١) فأصل ، لقولهم في معناه تلونة ، وتلونة : فعولة بلا كلام ، وهي الحاجة.

__________________

(١) التولب : ولد الأتان من الحمار الوحشي إذا استكمل الحول ، والجحش. (ج) «توالب».

(٢) نهشل : النهشل : الذئب ، والصقر. مادة «نهشل». اللسان (٦ / ٤٥٥٩).

(٣) ترخم : يقال : ما أدري أي ترخم هو : أي : أي الناس هو. اللسان (٣ / ١٦١٨). وفيه لغات : ضم التاء مع الخاء وفتحها ، وفتح التاء مع ضم الخاء. مادة (رخم).

(٤) السلهب : الطويل من الناس والخيل (ج) سلاهب ، وسلاهبة. مادة «س. ل. ه. ب).

(٥) ألب الحمار آتنه : أي طردها طردا شديدا ، وآتنه : أنثاه. مادة (أل ب) اللسان (١ / ١٠٦)

(٦) العرفجة : واحدة العرفج وهو نبت طيب الريح ، أغبر إلى الخضرة ، وله زهرة صفراء وليس له حب ولا شوك. مادة (عرفج) اللسان (٤ / ٢٩٠٢).

(٧) السنبة : الحقبة من الدهر ، يقال : عشنا بذلك سنبة وسنبتة. سبق تخريجها. والتاء في سنبتة ملحقة على قول سيبويه. قال : يدل على زيادة التاء أنك تقول : سنبة ، وهذه التاء في التصغير تثبت ، تقول : سنيبتة ، لقولهم في الجمع سنابت.

(٨) القنفخر : الفأر الناعم الضخم الجثة والفائق في نوعه ، على ما ذكر السيرافي. اللسان (٢ / ١١٩)

(٩) التجفاف : ما جلل به الفرس من سلاح وآلة تقيه الجراح.

(١٠) النبراس : المصباح.

(١١) التلنة : الحاجة. مادة (تلن) اللسان (١ / ٤٤٣).

١٨١

وإذا رأيت النون في كلمة خماسية ثالثة ساكنة ، فاقض بزيادتها ، نحو قرنفل (١) وسلنطح (٢) وبلندح (٣) وجرنبذ (٤) وجرنفس (٥).

وإنما ذكرت بعض أحكام النون في حرف التاء ، لاشتراكهما في هذه القضية. وإذا وصلنا إلى حرف النون بإذن الله أحلنا في هذا الفنّ على هذا الفصل.

واعلم أن التاء تكون اسما مضمرا نحو تاء قمت وقمت وقمت ، وتكون حرف للخطاب نحو تاء أنت وأنت ، وسترى هذا مفصّلا إن شاء الله تعالى.

وقد (٦) حذفت التاء عينا في سه ، وأصلها سته ، قال :

رقاب كالمواجن خاظيات

وأستاه على الأكوار كوم (٧)

__________________

(١) القرنفل : جنس أزهار مشهورة تسمى : المشترى ، وهي من الفصيلة القرنفلية ، تزرع في البلاد الحارة لاستعمال براعم أزهارها المجففة تابلا. مادة (قرنفل) اللسان (٥ / ٣٦١٥).

(٢) السلنطح : قال الفيروزأبادي : المسّلنطح الفضاء الواسع. القاموس (١ / ٢٢٨).

(٣) البلندح : الرجل القصير السمين. القاموس (١ / ٢١٥).

(٤) الجرنبذ : كغضنفر الغليظ ، وبهاء الذي لأمه زوج. القاموس (١ / ٣٤٨).

(٥) الجرنفس : الضخم الشديد من الرجال. اللسان (١ / ٦٠٨).

(٦) من هنا إلى آخر باب حرف التاء غير موجود في النسخ كلها في باب التاء ولكن المؤلف ألحقه بآخر حرف الجيم ، وقال : وينبغي أن يكون في حرف التاء فنقله إلى هذا الموضع على حسب إشارة المؤلف.

(٧) نسب أبو زيد البيت إلى علي بن طفيل السعدي ونسبه صاحب اللسان والتاج إلى عامر بن الطفيل السعدي. المواجن : جمع ميجنة وهي مدقة القصار. الخاظيات : كثيرات اللحم. والأستاه : جمع الستة وهي الاست والاست العجز وقد يراد به حلقة الدبر وفيها لغات : السّه ، والسّتّ ، ويقال لأراذل الناس : أستاه ، وابن استها : ابن الأمة وولد الزنا. اللسان (٣ / ١٩٣٦) الأكوار : الرحال بأدواتها واحدها كور. مادة (ك ور) اللسان (٥ / ٣٩٥٢). الكوم : جمع كوماء ، وهي عظيمة العجز. مادة (ك وم) اللسان (٥ / ٣٩٥٨). الشرح : يصف الشاعر بعض النساء وصفا حسيا فهن لهن رقاب سمينة بضة وأعجازهن ممتلئات الشاهد : ورود التاء محققة في كلمة أستاه جمع سته. إعراب الشاهد : أستاه : مبتدأ مرفوع بالضمة ، وخبره محذوف تقديره «لهن».

١٨٢

باب الثاء

الثاء : حرف مهموس ، وهو أحد حروف النفث (١) ، ومحله من الذال محل التاء من الدال (٢) ، ولا تكون إلا أصلا ، فاء أو عينا أو لاما ، فالفاء نحو ثمر وثبت ، والعين نحو جثل (٣) وخثر (٤) ، واللام نحو فحث (٥) وبعث.

واعلم أن الثاء إذا وقعت فاء في افتعل وما تصرف منه قلبت تاء ، وأدغمت في تاء افتعل بعدها ، وذلك قولهم في افتعل من الثريد (٦) اتّرد ، وهو متّرد ، وإنما قلبت تاء ، لأن الثاء أخت التاء في الهمس ، فلما تجاورتا في المخارج أرادوا أن يكون العمل من وجه واحد ، فقلبوها تاء ، وأدغموها في التاء بعدها ، ليكون الصوت نوعا واحدا ، كما أنهم لما أسكنوا تاء وتد تخفيفا أبدلوها إلى لفظ الدال بعدها ، فقالوا : ودّ ، ومثل ذلك قولهم في افتعل من الثأر : اتّأر ، وفي افتعل من ثنى : اتّنى.

قال (٧) :

والنّيب إن تعرمنّي رمّة خلقا

بعد الممات فإني كنت أتّئر (٨)

__________________

(١) النفث : إخراج الهواء من بين الثنايا وأسلة اللسان. مادة (ن ف ث) اللسان (٦ / ٤٤٩١).

(٢) يقصد بالجملة «محله من الذال محل التاء من الدال» : توحدهما في المخرج.

(٣) الجثل من الشجر والشعر : الكثير الملتف أو ما غلظ وقصر منه أو ما كثف واسودّ.

(٤) يقال دثر الشجر : إذا أورق ، والرسم إذا قدم ، والثوب إذا اتسخ ، والسيف إذا صدئ.

(٥) فحث : من فحث عن الخبر : أي بحث عنه. مادة (ف ح ث) اللسان (٥ / ٣٣٥٤).

(٦) الثريد : مدقوق الخبز مع قطع اللحم ويكون الخبز مبللا بالمرق. مادة «ثرد» اللسان (١ / ٤٧٦)

(٧) البيت للبيد وهو من فحول الشعراء في الجاهلية وله شعر جيد.

(٨) النيب : جمع ناب وهي الناقة المسنة. مادة (ن ي ب) اللسان (٦ / ٤٥٩١). تعرمني : فيها عدة تأويلات : فيجوز أن تكون من «عرى» بكسر الراء : بمعنى التخلص من الشيء ، والمعنى : إن تخلص مني ومن إتعابي بعد مماتي ، فإني كنت في حياتي أثأر منها. ويجوز أن تكون «تعر» بضم الراء من الإعراء : أي الإعطاء ، يقال : أعريته النخلة : إذا أعطيته ثمرتها ، ويكون المعنى : إنها إن أعطيت عظامي لتقضمها فإني كنت أثأر منها في حياتي. ويروى «تعرمني» بفتح التاء وضم الراء وفتح الميم ، من عرمت العظم إذا عرقت ما عليه من اللحم والمعنى : أنها إن كانت تأكل رمتي بعد مماتي ، فإني كنت أثأر منها في حياتي بنحرها للضيفان. ـ والشاهد في قوله «أتئر» فقد قلبت الثاء تاء لقربها منها في المخرج. إعراب الشاهد : أتئر : فعل مضارع مرفوع بالضمة ، والفاعل مستتر وجوبا تقديره أنا. والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب خبر كنت.

١٨٣

وقال (١) :

بدا بأبي ثم اتّنى ببني أبي

وثلّث بالأدنين ثقف المخالب (٢)

هذا هو المشهور في الاستعمال ، وهو أيضا القوي في القياس. ومنهم من يقلب تاء افتعل ثاء ، فيجعلها من لفظ الفاء قبلها ، فيقول : اثّرد واثّأر ، وأثّنى ، كما قال بعضهم في ادّكر : اذّكر. وفي اصطلحوا اصّلحوا.

وقرأت على أبي عليّ عن أبي بكر (٣) ، عن أبي العباس (٤) ، عن أبي عثمان (٥) أن بعضهم قرأ : «أن يصّلحا» (٦) ، وعلى هذا قالوا : اصبّر في اصطبر ، وازّان في ازدان.

وقرأت على أبي علي بإسناده إلى يعقوب ، قال : يقال : هي فروغ الدلو (٧) وثروغها ، فالثاء إذن بدل من الفاء ، لأنه من التفريغ.

__________________

(١) ذكره في اللسان دون أن ينسبه (١ / ٥١٣) مادة (ثنى).

(٢) بدا : بدأ. اتنى : انثنى. الأدنين : الأقربين. ثقف : حاد أو مسنون. المخاطب : ظفر كل سبع من الماشي والطائر ، والواحد مخلب. ثقف المخالب كناية عن الموت. الشرح : لقد بدأ الموت بأبي ثم إخوتي ثم انثنى على الأقربين حتى لم يعد لي قريب. الشاهد في قوله «اتنى» فأصلها «اثنى» ثم أبدلت الثاء تاء لقربها منها في المخرج.

(٣) أبو بكر : هو ابن السراج أستاذ أبي علي الفارسي.

(٤) أبو العباس : هو المبرد.

(٥) أبو عثمان : هو المازني.

(٦) هذه قراءة الجحدري وأبي عثمان البتي ، والمعنى : أن يصطلحاه فأبدل ثم أدغم. انظر / تفسير القرطبي عند قوله تعالى : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [النساء : ١٢٨].

(٧) فروغ الدلو : جمع فرغ ، وهو مخرج الماء منها من بين العرافي.

١٨٤

فأما قولهم في أثاف (١) أثاث ، بالثاء ، فمن كانت عنده أثفيّة أفعولة ، وأخذها من ثفاه يثفوه ، فالثاء الثانية في أثاث بدل من الفاء في يثفوه ، ومن كانت عنده «فعليّة» فجائز أن تكون الثاء بدلا من الفاء.

لقول النابغة (٢) :

وإن تأثّفك الأعداء بالرّفد (٣)

وجائز أن تكون من أثّ يئثّ : إذا ثبت واطمأنّ. لأنهم يصفون الأثافي بالخلود والركود.

والوجه أن تكون الثاء بدلا من الفاء أيضا ، لأنا لم نسمعهم قالوا أثّيّة.

* * *

__________________

(١) أثاف : جمع أثفية وهي إحدى ثلاثة أحجار يوضع عليها القدر. مادة (أث ف) اللسان (١ / ٢٧).

(٢) النابغة : أبو أمامة زياد بن معاوية الذبياني ، لقب بالنابغة لنبوغه في الشعر كبيرا ، مدح النعمان بن المنذر وغيره ، وهو أحد فحول الشعراء المقدمين ، عده ابن سلام في الطبقة الأولى مع زهير وامرئ القيس والأعشى.

(٣) هذا شطر بيت وأوله :

لا تقذفني بركن لا كفاء له

الكفاء : النظير والمثل. مادة (ك ف أ) اللسان (٥ / ٣٨٩٢). تأنفك الأعداء : صاروا حولك كالأثافي ، وهي الجماعات من الناس. الشرح : لا ترميني بما لا أحتمل. الشاهد : شرحه المؤلف في المتن.

١٨٥
١٨٦

باب الجيم

الجيم : حرف مجهور ، يكون في الكلام على ضربين : أصلا وبدلا.

فإذا كان أصلا وقع فاء ، وعينا ، ولاما ، فالفاء نحو : جعل (١) ، وجعل ، والعين نحو : حجر وحجر ، واللام نحو : خرج وخرج.

وإذا كانت بدلا فمن الياء لا غير. قرأت على أبي علي (٢) ، عن أبي بكر ، عن بعض أصحاب يعقوب بن السكيت ، عن يعقوب ، قال : قال الأصمعي : حدثني خلف (٣) قال : أنشدني رجل من أهل البادية ، وقرأتها عليه (٤) في الكتاب (٥) :

عمّي عويف وأبو علجّ

المطعمان اللحم بالعشجّ

وبالغداة كسر البرنجّ

تقلع بالودّ وبالصّيصجّ (٦)

يريد : أبو عليّ ، وبالعشيّ ، وبالصيصية ، وهي قرن البقرة.

__________________

(١) الجعل : الجعالة وهي ما يجعل على العمل من أجر. مادة (ج. ع. ل). اللسان (١ / ٦٣٧)

(٢) هو أبو علي الفارسي أستاذ ابن جني.

(٣) خلف : هو خلف الأحمر أحد رواة الشعر وكان ينتحل الشعر وينسبه للأعراب.

(٤) الضمير في عليه لأبي علي الفارسي.

(٥) الكتاب : كتاب سيبويه.

(٦) الأبيات لرجل من بني سعد ، وكانوا يبدلون الياء المشددة أو المخففة جيما في الوقف ، أو في الوصف إذا أجروه مجرى الوقف كما في أبياتنا ، وقد رويت بعدة روايات منها خالي بدلا من عمي ، وروي فلق وكتل وقطع مكان كسر. الفلق والكتل : القطع من الشيء. مادة (ف ل ق) اللسان (٥ / ٣٤٦٢). والبرني : هو نوع من أجود التمر ملتصق بعضه ببعض. مادة (ب ر ن) اللسان (١ / ٢٧٠). الود : لغة في الوتد ، وهي لغة تميمية تنسب لبني تميم. مادة (ود د) اللسان (٦ / ٤٧٩٤). الصيص : جمع صيصة وهي قرن البقر. مادة (ص ي ص) اللسان (٤ / ٢٥٣٧). ويرى المؤلف أنه ألحقهما ياء النسبة وإن لم يكن منسوبا في المعنى.

١٨٧

قال : وقال أبو عمرو بن العلاء : قلت لرجل من بني حنظلة : ممن أنت؟ فقال : فقيمجّ. قال : قلت : من أيّهم؟ قال : مرّجّ ، يريد : فقيميّ ، ومرّي.

وأنشد لهميان بن قحافة السّعديّ :

يطير عنها الوبر الصّهابجا (١)

يريد الصّهابيّ ، من الصّهبة.

وقال يعقوب : بعض العرب إذا شدد الياء جعلها جيما.

وأنشد عن ابن الأعرابي :

كأنّ في أذنابهنّ الشّوّال

من عبس الصيف قرون الإجّل (٢)

يريد : الإيّل.

__________________

الشاهد في قوله : «أبو علج ـ العشج ـ البرنج ـ الصيصيج». فقد أراد «أبو علي ، العشي ، البرني ، الصيصي». وقد شرح المؤلف ذلك في المتن. إعراب الشاهد : أبو : معطوف على عويف مرفوع وعلامة الرفع الواو. علي : مضاف إليه مجرور. العشى : اسم مجرور. البرني : مضاف إليه مجرور. الصيصي : اسم مجرور.

(١) هذا بيت من مشطور الرجز ، نسبه اللسان (٤ / ٢٥١٤) لـ «هيمان بن قحافة السعدي» وهو أحد بني عوافة بن سعد بن زيد مناة بن تميم ، وقيل أحد بني عامر بن عبيد بن الحارث ، راجز إسلامي محسن. الوبر : ما يغطى الإبل من شعر. الصهابي من الوبر والشعر : الذي فيه شقرة. الشاهد في قوله «الصهابجا» فأصله الصهابي ، أبدل الياء جيما. إعراب الشاهد : يطير : فعل مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة ، والفاعل مستتر تقديره هو. عنها : جار ومجرور. الوبر : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الصهابجا : نعت منصوب بالتبعية.

(٢) البيتان لأبي النجم العجلي وهو الفضل بن قدامة بن عبيد الله العجلي أحد رجاز الإسلام وعدّه ابن سلام رأس الرجاز الإسلاميين. الأذناب : جمع ذنب وهو الذيل. مادة (ذ ن ب) اللسان (٣ / ١٥١٩). ـ الشّوال : جمع شائل بلا هاء وهي الناقة التي تشول بذنبها أي ترفعه ، والشائل أيضا : الذنب ، يقال شال الذنب : إذا ارتفع. العبس : ما يبس على هلب الذنب من البول والبعر ، وإنما أضاف العبس إلى الصيف هنا لأنه يكون أقوى وأصلب ، فشبهه بقرون الإبل ، لأنها أصلب من قرون غيرها. الإجل : الذكر من الأوعال. مادة (أجل) اللسان (١ / ٣٣). الشرح : يصف الشاعر ما جف على أذناب الإبل من روث وبعر ويشبهه في يبوسته بقرون الوعل الشاهد : قلب الياء المشددة جيما مع أنها ليست طرفا في كلمة الإجل. إعراب الشاهد : الإجل : مضاف إليه مجرور بالإضافة ، وعلامة الجر الكسرة الظاهرة على آخره.

١٨٨

قال : وأنشد الفراء (١) :

لا همّ إن كنت قبلت حجّتجّ

فلا يزال شاحج يأتيك بجّ

أقمر نهّات ينزّي وفرتجّ (٢)

ويروى : شامخ ، يعني بعيرا مستكبرا.

انقضت الحكاية عن أبي عليّ.

__________________

(١) الفراء : أحد النحاة الكوفيين.

(٢) الأبيات من مشطور الرجز ونسبها أبو زيد في نوادره (ص ١٦٤) لرجل من اليمن. لاهم : يريد اللهم. الحجة : المرة من الحج. والشاجح : الصائت ويراد به هنا البغل أو الحمار. وروي الشامخ بدل الشاحج. ونهات : نهاق. وينزي : يحرك. الوفرة : الشعر إلى شحمة الأذن. الشرح : اللهم إن تقبل حجتي هذه فسوف أستمر في الحج على حماري أو بغلتي. الشاهد في قوله : إبدال الياء جيما في «حجتج ، بج ، وفرتج» ، وأصلها «حجتي ، وبي ، وفرتي». إعراب الشاهد : حجتي : مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة ، منع من ظهورها كسرة المناسبة ، والياء : ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه. بي : جار ومجرور. وفرتي : مفعول به منصوب بالمفعولية وعلامة نصبه الفتحة المقدرة ، منع من ظهورها كسرة المناسبة ، والياء : ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه.

١٨٩

وقال (١) :

حتى إذا ما أمسجت وأمسجا (٢)

يريد : أمست وأمسى.

وهذا أحد ما يدل على ما ندّعيه من أن أصل رمت : رميت ، وغزت : غزوت ، وأعطت : أعطيت ، واستقصت : استقصيت ، وأمست : أمسيت.

ألا ترى أنه لما أبدل الياء من أمسيت جيما ، والجيم حرف صحيح يحتمل الحركات ، ولا يلحقه الانقلاب الذي يلحق الياء والواو ، صحّحها كما يجب في الجيم ، فدلّ أمسجت على أن أصل أمست : أمسيت ، وكذلك قال أيضا : أمسجا ، فدلّ ذلك على أن أصل أمسى : أمسى ، وأن أصل رمى : رمى ، وأصل غزا : غزو ، وأصل دعا : دعو ، ودلّ ذلك أيضا على أن أصل عصا : عصو ، وأصل قطا وقنا وحصّى وفتى : قطو (٣) ، وقنو (٤) ، وحصى ، وفتى ، فبهذا ونحوه ما استدل أهل التصريف على أصول الأشياء المغيّرة ، كما استدلّوا بقوله عز اسمه : «استحوذ عليهم الشيطان» على أن أصل استقام : استقوم. وأصل استباع استبيع.

ولو لا ما ظهر من هذا ونحوه لما أقدموا على القضاء بأصول هذه الأشياء ، ولما جاز ادعاؤهم إياها.

* * *

__________________

(١) قائل هذا البيت هو العجاج : أحد الرجاز الإسلاميين ، عده ابن سلام في الطبقة التاسعة.

(٢) وهذا بيت من مشطور الرجز رواه اللسان في مادة (مسى) (٦ / ٤٢٠٦). الشاهد فيه : إبدال الياء جيما في أمسجت وأمسجا ، فأصلها كما ذكر المؤلف أمست وأمسى.

(٣) قطو : من قطا قطوا : إذا ثقل مشيه. مادة (ق ط ا) اللسان (٥ / ٣٦٨٤).

(٤) قنو : قنا اللون قنوا : احمرّ. مادة (ق ن ا) اللسان (٥ / ٣٧٥٩).

١٩٠

باب الحاء

الحاء حرف مهموس ، يكون أصلا لا غير.

فإذا كان أصلا وقع فاء وعينا ولاما ، فالفاء نحو : حرم وحبس ، والعين نحو : سحر (١) وضحك ، واللام نحو : صبح ، وصلح.

ولا تكون الحاء بدلا ولا زائدا أبدا إلا فيما شذّ عنهم.

وأنشد ابن الأعرابيّ :

ينفحن منه لهبا منفوحا

لمعا يرى لا ذاكيا مقدوحا (٢)

قال : أراد : منفوخا ، فأبدل الخاء حاء.

__________________

(١) سحر : السحر عمل من أعمال الشيطان. مادة (سحر). اللسان (٣ / ١٩٥١).

(٢) البيتين لابن الأعرابي. انظر / اللسان (٣ / ١٥٠٩). اللهب : ما يتصاعد من الوقود بلا دخان ، أو لسان النار. مادة (ل ه ب) اللسان (٥ / ٤٠٨٢) اللمع : البريق والإضاءة. مادة (لمع) اللسان (٥ / ٤٠٧٤). الذاكي : المشتعل الشديد الاشتعال. وقدح النار : إشعالها. مادة (ق د ح) اللسان (٥ / ٣٥٤١). الشرح : إنهن ينفخن لسان النار الذي يبدو منه ضوء خافت غير مشتعل بشدة لضعف من ينفخ. الشاهد في قوله : «ينفخن ومنفوحا» فقد أراد «ينفخن ومنفوخا» بالخاء المعجمة فأبدلها حاء مهملة ليوافق روي هذا الرجز كله. وهذا شاذ للضرورة كما حكم المؤلف. إعراب الشاهد : ينفحن : مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ، ونون النسوة ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. منه : جار ومجرور. لهبا : مفعول به منصوب بالمفعولية وعلامة النصب الفتحة. مفتوحا : نعت منصوب بالتبعية.

١٩١

قال : ومثله قول رؤبة (١) :

غمر الأجاري كريم السّنح

أبلج لم يولد بنجم الشّحّ (٢)

قال : يريد : السّنخ.

فأما قول من قال في قول تأبط شرا (٣) :

كأنما حثحثوا حصّا قوادمه

أو أمّ خشف بذي شثّ وطبّاق (٤)

__________________

(١) رؤبة : هو رؤبة بن العجاج أحد الرجاز المشهورين في الإسلام ، عدّة ابن سلام في الطبقة التاسعة من الإسلاميين.

(٢) هذان بيتان من مشطور الرجز ، من ستة أبيات في ديوان رؤبة بن العجاج (٢ / ١٧١) من مجموع أشعار العرب. الأجاري : جمع إجريا بكسر الهمزة والراء ، وهو ضرب من الجري. السنح : يريد السنخ ، وهو الأصل. الأبلج : المشرق الوضئ. الشح : البخل مع حرص ، ونجم الشح «زحل» كما يزعمون. اللسان (٤ / ٢٢٠٥). الشرح : تدعو المرأة له بكثرة العطاء من الخلفاء والعظماء كريمي الأصل المشهورين بالجود والكرم الشاهد : إبدال الحاء من الخاء في كلمة «السنخ» وهو شاذ كما ذكر المؤلف. إعراب الشاهد : السنخ : مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الكسرة.

(٣) تأبط شرا : من شعراء الصعاليك في العصر الجاهلي ، ولقب بذلك لأنه خرج يعلو وجهه الغضب ويضمر الشر لأقوام ، وجاء سائل يسأل أمه عنه فقالت : تأبط شرّا فأطلقت عليه. (٤) وهذا البيت من قصيدته المشهورة التي قالها يصف فيها هروبه من بجيلة هو والشنفري وعمرو بن براق ، ونجاتهم منهم بحيلة بارعة. حثحثوا : الحث الاستعجال والحض ، وهنا بمعنى حركوا. مادة (ح ث ث) اللسان (٢ / ٧٧٣) القوادم : أربع ريشات في طرف جناح الطائر ، وقيل عشر. اللسان (٥ / ٣٥٥٣). الحص : جمع أحص ، وهو الذي تناثر ريشه وتكسر ، يريد به الظليم. اللسان (٢ / ٨٩٨). الخشف : ولد الظبية ، وهو الظبي بعد أن يكون جداية. مادة (خ ش ف) اللسان (٢ / ١١٦٦). والشث والطباق : نبتان طيبا المرعى ، يضمران راعيهما ، ويشدان لحمه فيقوى على العدو ، وهذان النبتان ينبتان بجبال السراة. مادة (ش ث ث) اللسان (٤ / ٢١٩٤). الشرح : كنت في جريي كالظليم المطارد المكسر القوادم ، أو كالظبية المضمرة في سرعة عدوهما والشاهد : مجيء «حثحثوا» وهي أصل كما يرى المؤلف.

١٩٢

إنه أراد : حثّثوا ، فأبدل من الثاء الوسطى حاء ، فمردود عندنا ، وإنما ذهب إلى هذا البغداديون ، وأبو بكر أيضا معهم.

وسألت أبا عليّ عن فساده فقال : العلة في فساده أن أصل القلب في الحروف ، إنما هو فيما تقارب منها وذلك الدال والطاء والتاء ، والذال والظاء والثاء ، والهاء والهمزة ، والميم والنون ، وغير ذلك مما تدانت مخارجه.

فأما الحاء فبعيدة من الثاء ، وبينهما تفاوت يمنع من قلب إحداهما إلى أختها.

قال : وإنما حثحث أصل رباعيّ ، وحثّث أصل ثلاثي ، وليس واحد منهما من لفظ صاحبه ، إلا أن حثحث من مضاعف الأربعة ، وحثث من مضاعف الثلاثة ، فلما تضارعا بالتضعيف الذي فيهما ، اشتبه على بعض الناس أمرهما ، وهذا هو حقيقة مذهبنا ، ألا ترى أن أبا العباس (١) قال في قول عنترة (٢) :

جادت عليه كل بكر ثرّة

فتركن كلّ قرارة كالدرهم (٣)

ليس ثرّة عند النحويين من لفظ ثرثارة (٤) ، وإن كانت من معناها. هذا هو الصواب ، وهو قول كافّة أصحابنا.

على أن أبا بكر محمد بن السّريّ قد كان تابع الكوفيين ، وقال في هذا بقولهم ، وإنما هذه أصول تقاربت ألفاظها ، وتوافقت معانيها ، وهي مع ذلك مضعّفة.

__________________

(١) أبو العباس : هو المبرد.

(٢) عنترة : هو عنترة بن شداد بن قراد العبسي فارس بني عبس وشاعرهم أحب ابنة عمه عبلة ، وقال فيها الشعر وعمر طويلا ومات قبيل البعثة.

(٣) جادت : منت ومنحت. مادة (ج ود) اللسان (١ / ٧٢٠). البكر : التي لم تتزوج مادة (ب ك ر) اللسان (١ / ٣٣٤). والثرة : كثيرة الكلام. الشرح : ظلت الفتيات عليه حتى أنس إلى ذلك. الشاهد : مجيء كلمة «ثرّة» وهي بمعنى ثرثارة. إعراب الشاهد : ثرّة : نعت مجرور بالتبعية وعلامة جره الكسرة.

(٤) ثرثارة : الذي يكثر الكلام في تكلف وخروج عن الحد ، وقد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «أبغضكم إليّ الثرثارون المتفيهقون». مادة (ث ر ر) اللسان (١ / ٤٧٧).

١٩٣

ونظيرها من غير التضعيف قولهم دمث ودمثر (١) ، وسبط (٢) وسبطر (٣) ، ولؤلؤ ولأّل (٤) ، وحية وحوّاء (٥) ، ودلاص (٦) ودلامص ، في قول أبي عثمان.

وزغّب الفرخ وازلغبّ (٧) ، وله نظائر كثيرة ، وإذا قامت الدلالة على أن حثحث ليس من لفظ حثّث ، فالقول في هذا وفي جميع ما جاء منه واحد. وذلك نحو : تململ وتملّل ، ورقرق ورقّق ، وصرصر وصرّر ، ، وقد حذفت الحاء لاما في حر. وأصله حرح ، لقولهم أحراح ، قال :

إني أقود جملا ممراحا

ذا قبّة مملوء أحراحا (٨)

* * *

__________________

(١) الدمث والدمثر : اللين السهل من دمث يدمث دمثا.

(٢) السبط : الممتد الذي ليس فيه تعقد ولا نتوء. مادة (س ب ط) اللسان (٣ / ١٩٢٢).

(٣) السبطر : السبط. مادة (س ب ط ر) اللسان (٣ / ١٩٢٤).

(٤) اللآل : بائع اللؤلؤ.

(٥) الحوّاء : الرجل الذي يجمع الحيات.

(٦) الدلاص : الدرع البراقة اللينة ، والدلامص مثله. مادة (د ل ص) اللسان (٢ / ١٤٠٩).

(٧) زغبّ الفرخ وازلغبّ : بمعنى : نبت له زغب ، وهو الريش الخفيف أول ما ينبت.

(٨) أحراح : جمع حرح وهو فرج المرأة. مادة (ح ر ح) اللسان (٢ / ٨٢٤). الشرح : إني أمتطي صهوة امرأة ممتعة بضة مملوءة أحراحا. وذلك على الكناية. الشاهد : ورود كلمة «أحراح» بإثبات الحاء لاما للكلمة لأن المفرد تحذف منه الحاء فيصير «حر». إعراب الشاهد : أحراحا : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

١٩٤

باب الخاء

الخاء حرف مهموس ، يكون أصلا لا غير ، فيكون فاء وعينا ولاما ، فالفاء نحو : خرج ، وخرج ، والعين نحو : صخر وصخب (١) ، واللام نحو : مرخ ومرخ (٢).

فأما ما قرأته على أبي عليّ عن أبي بكر ، عن بعض أصحاب يعقوب ، عن يعقوب من أن أبا زيد قال : خمص الجرح يخمص خموصا (٣) ، وحمص يحمص حموصا ، وانخمص انخماصا.

قال أبو علي : وانحمص انحماصا ، ذكره أبو زيد في مصادره (٤) : إذا ذهب ورمه ـ فلا يكون الحاء فيه بدلا من الخاء ، ولا الخاء بدلا من الحاء ، ألا ترى أن كل واحد من المثالين يتصرف في الكلام تصرف صاحبه ، فليست لأحدهما مزية من التصرف والعموم في الاستعمال يكون بها أصلا ، ليست لصاحبه.

ومع هذا فإنك تجد لكل واحد منهما وجها يحقق له حرفه ، وذلك أن خمص بالخاء ، من الشيء الخميص الضامر ، وهذا واضح ، لأن الجرح إذا ذهب ورمه ، فهو فيه كخمص البطن ، وأما انحمص بالحاء فهو من الحمّص ، ألا ترى أنّ الحمّصة صغيرة ضامرة ، فهذا يشهد بأنّ الحرفين أصلان ، وأنه ليس أحدهما أصلا لصاحبه ، ولا بدلا منه.

* * *

__________________

(١) الصخب : الجلبة. مادة (ص. خ. ب). اللسان (٤ / ٢٤٠٧).

(٢) مرخه بالدهن : يمرخه مرخا : دهنه ، والمرخ : شجر شديد الاتقاد سريعه. اللسان (٦ / ٤١٧١).

(٣) الخموص : الضمور ، يقال : خمصت بطنه. إذا ضمرت ونحفت. اللسان (٢ / ١٢٦٦).

(٤) لم نجده في النوادر ، ولعله في غيره.

١٩٥
١٩٦

باب الدال

الدال حرف مجهور ، يكون في الكلام على ضربين : أصلا وبدلا.

فإذا كانت أصلا وقعت فاء وعينا ولاما. فالفاء نحو : درج ودرج (١) ، والعين نحو : خدل وخدل ، واللام نحو : جعد وجعد (٢).

وأما البدل فإن فاء افتعل إذا كانت زايا قلبت التاء دالا ، وذلك نحو : ازدجر ، وازدهى (٣) ، وازدار (٤) ، وازدان (٥) ، وازدلف (٦) ، وازدهف (٧) ، ونحو ذلك ، وأصل هذا كله ازتجر ، وازتهى ، وازتار ، وازتان ، وازتلف ، وازتهف ، لأنه افتعل من الزجر ، والزهو ، والزّور ، والزين ، والزّلف ، والزهف ، ولكن الزاي لمّا كانت مجهورة ، وكانت التاء مهموسة ، وكانت الدال أخت التاء في المخرج وأخت الزاي في الجهر ، قرّبوا بعض الصوت من بعض ، فأبدلوا التاء أشبه الحروف من موضعها بالزاي ، وهي الدال ، فقالوا : ازدجر ، وازدار. قال:

إلا كعهدكم بذي بقر الحمى

هيهات ذو بقر المزدار (٨)

ومن كلام ذي الرّمة في بعض أخباره :

«هل عندك من ناقة تزدار عليها ميا»؟

__________________

(١) درج : مشى مشية الصاعد في الدرج. مادة (درج). اللسان (٣ / ١٣٥١).

(٢) الجعد : الغليظ المجتمع. مادة (ج. ع. د). اللسان (١ / ٦٣١).

(٣) ازدهى : أخذته خفة من الزهو. مادة (زهو). اللسان (٣ / ١٨٨٣).

(٤) ازدار : زاره : مادة (زور). اللسان (٣ / ١٨٨٨).

(٥) ازدان : تزين وجمل. مادة (زين). اللسان (٣ / ١٩٠٢).

(٦) ازدلف : دنا وقرب. مادة (زلف). اللسان (٣ / ١٨٥٣).

(٧) ازدهف : خفّ للشيء وعجل. مادة (زهف). اللسان (٣ / ١٨٧٩).

(٨) البيت ذكره ياقوت في معجم البلدان في رسم «ذو بقر» وروايته :

إلا كداركم بذي بقر الحمى

هيهات ذو بقر من المزدار

والشاهد : ورود كلمة «المزدار» فقد أبدلت فيها التاء دالا لأن مخرجهما واحد. إعراب الشاهد : المزدار : اسم مجرور بـ «من» وعلامة الجر الكسرة.

١٩٧

ومن أبيات الكتاب لرؤبة :

فيها ازدهاف أيّما ازدهاف (١)

ونحو من هذا التقريب في الصوت قولهم في سبقت : صبقت ، وفي سقت : صقت ، وفي سملق : صملق ، وفي سويق (٢) : صويق ، وذلك أن القاف حرف مستعل ، والسين غير مستعل ، إلا أنها أخت الصاد المستعلية ، فقربوا السين من القاف ، بأن قلبوها إلى أقرب الحروف إلى القاف من مخرج السين ، وهو الصاد.

وقد قلبت تاء افتعل دالا مع الجيم في بعض اللغات ، قالوا : اجدمعوا في اجتمعوا ، واجدزّ في اجتّزّ. وأنشدوا (٣) :

فقلت لصاحبي : لا تحبسانا

بنزع أصوله واجدزّ شيحا (٤)

ولا يقاس ذلك إلا أن يسمع ، لا تقول في اجترأ : اجدرأ ، ولا في اجترح : اجدرح.

__________________

(١) البيت من مشطور الرجز لرؤبة ، وقد سبق التعريف به. وقد أنشد رؤبة هذه الأبيات يعاتب فيها أباه. وملخص قول الأعلم الشنتمري في شرح هذا البيت : أنه نصب أيما وإن كان من نعت المصدر قبله ، وكان حقه أن يجري عليه ، ولكنه حمل على المعنى. وصف أباه بالخلف وقول الباطل ، فجعل أقواله تزدهف العقول ، أي تستخفها. انظر / الكتاب (١ / ١٨٢). إعراب الشاهد : ازدهاف : مبتدأ مرفوع وعلامة الرفع الضمة ، والخبر فيها مقدم عليه.

(٢) السويق : خبز الشعير والقمح. وسبق تخريجها.

(٣) هذا البيت ليزيد بن الطثرية ، هو يزيد بن الصمة أحد بني سلمة الخير بن قشير ، وذكر البصريون أنه من ولد الأعور بن قشير.

(٤) هذا البيت من الوافر ، أورده اللسان في (جز) وقال : ذكر الجوهري أن البيت ليزيد بن الطثرية ، وذكره ابن سيده ولم ينسبه لأحد بل قال : وأنشد ثعلب قال ابن برّي : ليس هو ليزيد وإنما هو لمضرس بن ربعي الأسدي. انظر / لسان العرب (١ / ٦١٥). وقوله «لا تحبسانا» هو خطاب لصاحب يحتطب له ، وخاطبه بلفظ خطاب المثنى على عادة العرب كما قال سويد بن كراع :

فإن تزجراني يابن عفان أنزجر

وإن تدعاني أحم عرضا حمنعا

وأجدز : جز أي قطع ، والشاهد في قوله «اجدز» فقد قلبت تاء افتعل دالا مع الجيم.

١٩٨

وقد أبدلوا الدال من تاء تولج (١) ، فقالوا : دولج ، وقد قلبوا تاء افتعل أيضا مع الذال لغير إدغام دالا ، حكى أبو عمرو عنهم : اذدكر ، وهو مذدكر.

وقال أبو حكاك :

تنحي على الشوك جرازا مقضبا

والهرم تذريه اذدراء عجبا (٢)

فأما ادّكر واذّكر فابدال إدغام ، وليس ذلك من غرض هذا الكتاب ، وكذلك قولهم في وتد : ودّ ، هو أيضا إبدال إدغام ، من جنس ادّكر.

وأنشدنا أبو عليّ لابن مقبل :

يا ليت لي سلوة يشفى الفؤاد بها

من بعض ما يعتري قلبي من الدّكر (٣)

بالدال : يريد الذّكر ، جمع ذكرة ، وليس هنا ما يوجب البدل ، إلا أنه لما رآهم يقلبونها في ادّكر ويدّكر ومدّكر وادّكار ونحو ذلك ، ألف فيها القلب ، فقال أيضا الدّكر ، ولهذا نظائر في كلامهم.

__________________

(١) التولج : كناس الوحش (وأصله وولج) مادة «ولج».

(٢) البيت رواه صاحب اللسان في «ذكر» مع إبدال كلمتي الهم مكان الهرم وازدكار في مكان اذدراء. انظر / اللسان (١٥٠٧٣) والضمير في تنحى : يعود على الناقة. وتنحي : تعرض وتميل ، يقال : نحى على حلقه السكين ، عرضها عليه. الجراز من السيوف : الماضي النافذ. والمقضب : القطاع. اللسان (٥ / ٣٦٥٩) ، ويريد بالجراز والمقضب أسنانها على الاستعارة. الهرم : ضرب من نبات الحمض ، وهو أذله وأشده انبساطا على الأرض واستبطاحا. تذريه : تطيره. اذدراء : مصدر اذدرى الشيء بمعنى اذراه. وغرض الشاعر في هذا البيت : فهو يصف الناقة بأنها كما تقطع الشوك بأسنانها وأنيابها الحادة ، تقطع الهرم ، فتطاير بقاياه في فمها فكأنها تذريه اذراء شديدا. ومحل الشاهد : كملة «اذدراء» إذ قلبت فيها تاء الافتعال دالا مع الذال ، من غير إدغام. إعراب الشاهد : اذدراء : مفعول مطلق منصوب.

(٣) السلوة : النسيان. يعتري : يصيب. يتمنى الشاعر أن ينسى قليلا فؤاده حتى يشفى مما به من آلام ذكر المحبوب. الشاهد في قوله «الدكر» فقد أبدلت الذال دالا. إعراب الشاهد : الدكر : اسم مجرور وعلامة الجر الكسرة.

١٩٩
٢٠٠