الخصائص - ج ٢

أبي الفتح عثمان بن جنّي

الخصائص - ج ٢

المؤلف:

أبي الفتح عثمان بن جنّي


المحقق: الدكتور عبد الحميد الهنداوي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٣
ISBN: 978-2-7451-3245-1
الصفحات: ٥٣٢

فإن قلت : ما أنكرت ألا يكون ما جاء من نحو فعلة على فعل ـ نحو نوب وجوب ودول ـ لما ذكرته من تصوّر الضمّة فى الفاء ، ولا يكون ما جاء من فعلة على فعل ـ نحو ضيع وخيم وعيب ـ لما ذكرته من تصوّر الكسرة فى الفاء ، بل لأن ذلك ضرب من التكسير ركبوه فيما عينه معتلّة كما ركبوه فيما عينه صحيحة ؛ نحو لأمة (١) ولؤم وعرصة وعرص وقرية وقرى وبروة (٢) وبرا ـ فيما ذكره أبو علىّ ـ ونزوة ونزا ـ فيما ذكره أبو العبّاس ـ وحلقة وحلق وفلكة وفلك؟

قيل : كيف تصرّفت الحال فلا اعتراض شكّ فى أن الياء والواو أين وقعتا وكيف تصرّفتا معتدّتان حرفى علّة ، ومن أحكام الاعتلال أن يتبعا ما هو منهما.

هذا هذا ، ثم إنا رأيناهم قد كسّروا فعلة مما هما عيناه على فعل وفعل ؛ نحو جوب ونوب وضيع وخيم ، فجاء تكسيرهما تكسير ما واحده مضموم الفاء ومكسورها.

فنحن الآن بين أمرين : إما أن نرتاح لذلك ونعلّله ، وإما أن نتهالك فيه ونتقبله غفل الحال ، ساذجا من الاعتلال. فأن يقال : إن ذلك لما ذكرناه من اقتضاء الصورة فيهما أن يكونا فى الحكم تابعين لما قبلهما أولى من أن ننقض الباب فيه ، ونعطى اليد عنوة به ، من غير نظر له ، ولا اشتمال من الصنعة عليه ؛ ألا ترى إلى قوله : وليس شيء مما يضطرّون إليه إلا وهم يحاولون له وجها. (فإذا) لم يخل مع الضرورة من وجه من القياس محاول فهم لذلك مع الفسحة فى حال السعة أولى بأن يحاولوه ، وأحجى بأن يناهدوه (٣) فيتعللوا به ولا يهملوه.

فإذا ثبت ذلك فى باب ما عينه ياء أو واو جعلته الأصل فى ذلك ، وجعلت ما عينه صحيحة فرعا له ، ومحمولا عليه ؛ نحو حلق وفلك وعرص ولؤم وقرى وبرا ؛ كما أنهم لمّا أعربوا بالواو والياء والألف فى الزيدون والزيدين والزيدان تجاوزوا ذلك إلى أن أعربوا بما ليس من حروف اللين. وهو النون فى يقومان وتقعدين وتذهبون. فهذا جنس من تدريج اللغة الذى تقدّم بابه فيما مضى من كتابنا هذا.

__________________

(١) هى الدرع.

(٢) هى الحلقة فى أنف البعير.

(٣) يناهدوه : يناهضوه ويقصدوه.

٨١

وأما ما حذفت لامه وصار الزائد عوضا منها فكثير.

منه باب سنة ، ومائة ، ورئة ، وفئة ، وعضة ، وضعة. فهذا ونحوه مما حذفت لامه وعوّض منها تاء التأنيث ؛ ألا تراها كيف تعاقب اللام فى نحو برة وبرا ، وثبة وثبا. وحكى أبو الحسن عنهم : رأيت مئيا بوزن معيا. فلما حذفوا قالوا : مائة.

فأما بنت وأخت فالتاء عندنا يدل من لام الفعل ، وليست عوضا.

وأمّا ما حذف لالتقاء الساكنين من هذا النحو فليس الساكن الثانى عندنا بدلا ولا عوضا ؛ لأنه ليس لازما. وذلك نحو هذه عصا ورحا ، وكلمت معلّى فليس التنوين فى الوصل ، ولا الألف التى هى بدل منها فى الوقف ـ نحو رأيت عصا ، عند الجماعة (١) ، وهذه عصا ومررت بعصا ، عند أبى عثمان والفرّاء ـ بدلا من لام الفعل ، ولا عوضا ؛ ألا تراه غير لازم ؛ إذ كان التنوين يزيله الوقف ، والألف التى هى بدل منه يزيلها الوصل. وليست كذلك تاء مائة وعضة وسنة وفثة وشفة ؛ لأنها ثابتة فى الوصل ، ومبدلة هاء فى الوقف. فأما الحذف فلا حذف. وكذلك ما لحقه علم الجمع ؛ نحو القاضون والقاضين والأعلون والأعلين. فعلم الجمع ليس عوضا ولا بدلا ؛ لأنه ليس لازما.

فأمّا قولهم : هذان وهاتان واللذان واللتان والذين والّذون فلو قال قائل : إنّ علم التثنية والجمع فيها عوض من الألف والياء (٢) من حيث كانت هذه أسماء صيغت للتثنية والجمع ، لا على حدّ رجلان وفرسان وقائمون وقاعدون ، ولكن على حدّ قولك : هما وهم وهنّ لكان مذهبا ؛ ألا ترى أن (هذين) من (هذا) ليس على (رجلين) من (رجل) ولو كان كذلك لوجب أن تنكّره ألبتّة كما تنكّر الأعلام ؛ نحو زيدان وزيدين وزيدون وزيدين ، والأمر فى هذه الأسماء بخلاف

__________________

(١) ذلك أنهم يرون اعتبار المقصور بالصحيح ، فحكموا أن الألف فى النصب ألف مجتلبة للوقف بدلا من التنوين ، كما تقول رأيت زيدا ، فأما فى حالتى الرفع والجرّ فالألف بدل من لام الكلمة عادت بعد حذف التنوين الذى كان سببا فى حذفها. فأما أبو عثمان والفراء فيريان أن الألف للوقف فى الأحوال الثلاث وأن لام الكلمة لا تعود فى الوقف فى الأحوال جميعها. وانظر الأشمونى على الألفية فى مبحث الوقف.

(٢) الألف فى اسم الإشارة. والياء فى اسم الموصول.

٨٢

ذلك ؛ ألا تراها تجرى مثنّاة ومجموعة أوصافا على المعارف كما تجرى عليها مفردة. وذلك قولك مررت بالزيدين هذين ، وجاءنى أخواك اللذان فى الدار. وكذلك قد توصف هى أيضا بالمعارف ؛ نحو قولك : جاءنى ذانك الغلامان ، ورأيت اللذين فى الدار الظريفين. وكذلك أيضا تجدها فى التثنية والجمع تعمل من نصب الحال ما كانت تعمله مفردة. وذلك نحو قولك : هذان قائمين الزيدان ، وهؤلاء منطلقين إخوتك. وقد تقصينا القول فى ذلك فى كتابنا «فى سرّ الصناعة».

وقريب من هذان واللذان قولهم : هيهات مصروفة (وغير مصروفة) وذلك أنها جمع هيهاة ، وهيهاة عندنا رباعية مكررة (١) ، فاؤها ولامها الأولى هاء ، وعينها ولامها الثانية ياء فهى ـ لذلك ـ من باب صيصية (٢). وعكسها باب يليل (٣) ويهياه (٤) ؛ قال ذو الرمّة :

تلوّم يهياه بياه وقد مضى

من الليل جوز واسبطرّت كواكبه (٥)

وقال كثيّر :

وكيف ينال الحاجبيّة آلف

بيليل ممساه وقد جاوزت رقدا (٦)

فهيهات من مضعّف الياء بمنزلة المرمرة والقرقرة.

فكان قياسها إذا جمعت أن تقلب اللام ياء ، فيقال هيهيات كشوشيات (٧)

__________________

(١) فأصلها هيهية ، فقلبت الياء الأخيرة ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها.

(٢) هى قرن الحيوان ، وتطلق على الصحن ونحوه.

(٣) يليل : هو وادى ينبع.

(٤) يهياه : هو صوت الاستجابة ، ويدعو الرجل صاحبه فيقول : ياه أى أقبل واستجب ، فيقول صاحبه : يهياه أى استجبت واستمعت.

(٥) البيت من الطويل ، وهو لذى الرمة فى ديوانه ص ٨٥١ ، ولسان العرب (جوش) ، (يهيه) ، وتهذيب اللغة ٦ / ٤٨٧ ، وأساس البلاغة ص ٢٠١ ، (سبط) وتاج العروس (يهيه) ، وكتاب العين ٤ / ١٠٦. ويروى : وقد بدا بدلا من : وقد مضى. الجوز : الوسط. واسبطرت : أى امتدّت للمغيب.

(٦) الحاجبيّة : عزة محبوبته. وهذه النسبة إلى جدها الأعلى حاجب بن غفار من كنانة. انظر الخزانة ٢ / ٣٨١.

(٧) جمع شوشاة. يقال : ناقة شوشاة أى سريعة ، وامرأة شوشاة : كثيرة الحديث.

٨٣

وضوضيات ؛ إلا أنهم حذفوا اللام ؛ لأنها فى آخر اسم غير متمكّن ليخالف آخرها آخر الأسماء المتمكنة ؛ نحو رحيان وموليان. فعلى هذا قد يمكن أن يقال : إن الألف والتاء فى هيهات عوض من لام الفعل فى هيهاة ؛ لأن هذا ينبغى أن يكون اسما صيغ للجمع بمنزلة الذين وهؤلاء.

فإن قيل : وكيف ذاك وقد يجوز تنكيره فى قولهم : هيهات هيهات ، وهؤلاء والذين لا يمكن تنكيرهما ؛ فقد صار إذا هيهات بمنزلة قصاع وجفان (وكرام وظراف).

قيل : ليس التنكير فى هذا الاسم المبنىّ على عدّه فى غيره من المعرب ؛ ألا ترى أنه لو كانت هيهات من هيهاة بمنزلة أرطيات من أرطاة وسعليات من سعلاة لما كانت إلا نكرة ؛ كما أن سعليات وأرطيات لا تكونا إلا نكرتين.

فإن قيل : ولم لا تكون سعليات معرفة إذا جعلتها علما ؛ كرجل أو امرأة سميتها بسعليات وأرطيات. وكذلك أنت فى هيهات إذا عرّفتها فقد جعلتها علما على معنى البعد ، كما أن غاق فيمن لم ينون فقد جعل علما لمعنى الفراق ، ومن نوّن فقال : غاق غاق وهيهاة هيهاة وهيهاة وهيهات فكأنه قال : بعدا بعدا فجعل التنوين علما لهذا المعنى كما جعل حذفه علما لذلك؟

قيل : أمّا على التحصيل فلا تصح هناك حقيقة معنى العلمية. وكيف يصح ذاك وإنما هذه أسماء سمّى بها الفعل فى الخبر ؛ نحو شتان وسرعان وأف وأوتّاه وسنذكر ذلك فى بابه. وإذا كانت أسماء للأفعال ، والأفعال أقعد شيء فى التنكير وأبعده عن التعريف علمت أنه تعليق لفظ متأوّل فيه التعريف على معنى لا يضامّه إلا التنكير. فلهذا قلنا : إن تعريف باب هيهات لا يعتدّ تعريفا. وكذلك غاق وإن لم يكن اسم فعل فإنه على سمته ؛ ألا تراه صوتا بمنزلة حاء وعاء وهاء ، وتعرّف الأصوات من جنس تعرف الأسماء المسماة (بها الأفعال).

فإن قيل : ألا تعلم أن معك من الأسماء ما تكون فائدة معرفته كفائدة نكرته ألبتة. وذلك قولهم : غدوة ، هى فى معنى غداة ؛ إلا أن غدوة معرفة ، وغداة نكرة. وكذلك أسد وأسامة ، وثعلب وثعالة وذئب وذؤالة ، وأبو جعدة وأبو معطة. فقد تجد هذا التعريف المساوى لمعنى التنكير فاشيا فى غير ما ذكرته ، ثم لم

٨٤

يمنع ذلك أسامة وثعالة وذؤالة وأبا جعدة وأبا معطة ونحو ذلك أن تعدّ فى الأعلام وإن لم يخصّ الواحد من جنسه ، فكذلك لم لا يكون هيهات كما ذكرنا؟.

قيل : هذه الأعلام وإن كانت معنياتها نكرات فقد يمكن فى كل واحد منها أن يكون معرفة صحيحة ؛ كقولك : فرقت ذلك الأسد الذى فرقته ، وتبركت بالثعلب الذى تبرّكت به ، وخسأت الذئب الذى خسأته. فأمّا الفعل فممّا لا يمكن تعريفه على وجه ؛ فلذلك لم يعتدّ التعريف الواقع عليه لفظا سمة خاصّة ولا تعريفا.

وأيضا فإن هذه الأصوات عندنا فى حكم الحروف ، فالفعل إذا أقرب إليها ، ومعترض بين الأسماء وبينها ؛ أولا ترى أن البناء الذى سرى فى باب صه ومه وحيهلا ورويدا وإيه وأيها وهلم ونحو ذلك من باب نزال ودراك ونظار ومناع إنما أتاها من قبل تضمّن هذه الأسماء معنى لام الأمر ؛ لأن أصل ماصه اسم له ـ وهو اسكت ـ لتسكت ؛ كقراءة (١) النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم «فبذلك فلتفرحوا» [يونس : ٥٨] وكذلك مه هو اسم اكفف ، والأصل لتكفف. وكذلك نزال هو اسم انزل ، والأصل : لتنزل.

فلما كان معنى اللام عائرا (٢) فى هذا الشق وسائرا فى أنحائه ، ومتصوّرا فى جميع جهاته دخله البناء من حيث تضمّن هذا المعنى ؛ كما دخل أين وكيف لتضمّنهما معنى حرف الاستفهام ، وأمس لتضمنه معنى حرف التعريف ، ومن لتضمنه معنى حرف الشرط ، وسوى ذلك. فأمّا أفّ وهيهات وبابهما مما هو اسم للفعل فمحمول فى ذلك على أفعال الأمر. (وكأنّ) الموضع فى ذلك إنما هو لصه ومه ورويد ونحو ذلك ، ثم حمل عليه باب أفّ وشتّان ووشكان (من حيث) كان اسما سمّى به الفعل.

وإذا جاز لأحمد وهو اسم معرفة علم أن يشبه ب (أركب) وهو فعل نكرة كان أن يشبه اسم سمّى به الفعل فى الخبر باسم سمّى به الفعل فى الأمر أولى ؛ ألا ترى أن كل واحد منهما اسم وأن المسمّى به أيضا فعل. ومع ذا فقد تجد لفظ

__________________

(١) يعنى بقراءة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن المحدّثين نقلوها عنه ، ولم يدونها القراء من طرقهم. وهذا اصطلاح للمفسرين. انظر شهاب البيضاوى ٦ / ٣٣٧.

(٢) عائرا : مترددا.

٨٥

الأمر فى معنى الخبر ؛ نحو قول الله تعالى : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) [مريم : ٢٨] ، وقوله عزّ اسمه (قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) [مريم : ٧٥] أى فليمدّنّ. ووقع أيضا لفظ الخبر فى معنى الأمر ؛ نحو قوله سبحانه (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها)(١) [البقرة : ٢٣٣] وقولهم : هذا الهلال. معناه : انظر إليه. ونظائره كثيرة.

فلما كان أفّ كصه فى كونه اسما للفعل كما أنّ صه كذلك ، ولم يكن بينهما إلا أن هذا اسم لفعل مأمور به ، وهذا اسم لفعل مخبر به ، وكان كل واحد من لفظ الأمر والخبر قد يقع موقع صاحبه ، صار كأن كل واحد منها هو صاحبه ، فكأن لا خلاف هناك فى لفظ ولا معنى. وما كان على بعض هذه القربى والشبكة ألحق بحكم ما حمل عليه ، فكيف بما ثبتت فيه ، ووقت عليه ، واطمأنت به. فاعرف ذلك.

ومما حذفت لامه وجعل الزائد عوضا منها فرزدق وفريزيد ، وسفرجل ، وسفيريج. وهذا باب واسع.

فهذا طرف من القول على ما زيد من الحروف عوضا من حرف أصلى محذوف وأما الحرف الزائد عوضا من حرف زائد فكثير. منه التاء فى فرزانة وزنادقة وجحاجحة. لحقت عوضا من ياء المدّ فى زناديق وفرازين وجحاجيح.

ومن ذلك ما لحقته ياء المدّ عوضا من حرف زائد حذف منه ؛ نحو قولهم فى تكسير مدحرج ، وتحقيره : دحاريج ، ودحيريج. فالياء عوض من ميمه. وكذلك جحافيل وجحيفيل : الياء عوض من نونه (٢). وكذلك مغاسيل ومغيسيل : الياء عوض من تائه (٣). وكذلك زعافير (٤) ، الياء عوض من ألفه ونونه.

وكذلك الهاء فى تفعلة فى المصادر عوض من ياء تفعيل أو ألف فعّال. وذلك

__________________

(١) وهو يريد قراءة «تضار» برفع الراء مشدّدة. وهى قراءة ابن كثير وأبى عمرو ويعقوب وأبان عن عاصم. وانظر البحر ٢ / ٢١٤.

(٢) أى نون جحنفل. وهو الغليظ الشفة.

(٣) أى تاء مغتسل ، بفتح التاء وهو موضع الاغتسال.

(٤) أى فى جمع زعفران.

٨٦

نحو سلّيته تسلية وربيته تربية : الهاء بدل من ياء تفعيل فى تسلى وتربّى أو ألف سلاء وربّاء. أنشد أبو زيد :

باتت تنزّى دلوها تنزيّا

كما تنزّى شهلة صبيّا (١)

ومن ذلك تاء الفعللة فى الرباعىّ ؛ نحو الهملجة والسرهفة ، كأنها عوض من ألف فعلال ؛ نحو الهملاج والسرهاف ؛ قال العجاج :

*سرهفته ما شئت من سرهاف (٢) *

وكذلك ما لحق بالرباعى من نحو الحوقلة والبيطرة والجهورة والسلقاة. كأنها عوض من ألف حيقال وبيطار وجهوار وسلقاء.

ومن ذلك قول التغلبىّ :

*متى كنا لأمك مقتوينا (٣) *

والواحد مقتوىّ. وهو منسوب إلى مقتى وهو مفعل من القتو وهو الخدمة ؛ قال :

__________________

(١) الرجز بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ٢٨٨ ، وأوضح المسالك ٣ / ٢٤٠ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٤٩ ، وتهذيب اللغة ٦ / ٨٣ ، والمخصص ٣ / ١٠٤ ، ١٤ / ١٨٩ ، وشرح التصريح ٢ / ٧٦ ، وشرح شواهد الشافية ص ٦٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٣٣ ، ٤٣٥ ، وشرح شافية ابن الحاجب ١ / ١٦٥ ، وشرح المفصّل ٦ / ٥٨ ، ولسان العرب (شهل) ، (نزا) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٧١ ، والمقرب ٢ / ١٣٤ ، والمنصف ٢ / ١٩٥ ، وديوان الأدب ٢ / ٣٨٠ ، وتاج العروس (شهل) ، (نزا). الشهلة : العجوز.

(٢) الرجز للعجاج فى ديوانه ١ / ١٦٩ ، والأشباه والنظائر ١ / ٢٨٩ ، وسمط اللآلى ص ٧٨٨ ، وشرح المفصل ٦ / ٥٠ ، ولرؤبة فى خزانة الأدب ٢ / ٤٥ ، ٤٧ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩٥٧ ، وليس فى ديوانه ، وتاج العروس (سرهف) ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ١١٥١ ، والمنصف ١ / ٤١ ، ٤١٣. سرهفته : أحسنت غذاءه.

(٣) عجز بيت من الوافر ، وهو لعمرو بن كلثوم فى ديوانه ص ٧٩ ، وجمهرة اللغة ص ٤٠٨ ، وخزانة الأدب ٧ / ٤٢٧ ـ ٤٢٩ ، ٨ / ٨٠ ، ٨١ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٩٢ ، ولسان العرب (ذنب) ، (خصب) ، (قتا) ، (قوا) ، والمنصف ٢ / ١٣٣ ، ونوادر أبى زيد ص ١٨٨ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ٢٨٩ ، وصدر البيت :

*تهدّدنا وأوعدنا رويدا*

٨٧

إنى امرؤ من بنى خزيمة لا

أحسن قتو الملوك والحفدا (١)

فكان قياسه إذا جمع أن يقال : مقتويّون ومقتويّين ؛ كما أنه إذا جمع بصرىّ وكوفىّ قيل : كوفيّون وبصريّون ، ونحو ذلك ؛ إلا أنه جعل علم الجمع معاقبا لياءى الإضافة ، فصحّت اللام لنيّة الإضافة ؛ كما تصحّ معها. ولو لا ذلك لوجب حذفها لالتقاء الساكنين وأن يقال : مقتون ومقتين ؛ كما يقال : هم الأعلون ، وهم المصطفون ؛ قال الله سبحانه «وأنتم الأعلون» [آل عمران : ١٣٩] وقال عزّ اسمه (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ) [ص : ٤٧] فقد ترى إلى تعويض علم الجمع من ياءي الإضافة ، والجميع زائد.

وقال سيبويه فى ميم فاعلته مفاعلة : إنها عوض من ألف فاعلته. وتتبع ذلك محمد بن يزيد ، فقال : ألف فاعلت موجودة فى المفاعلة ، فكيف يعوّض من حرف هو موجود غير معدوم. وقد ذكرنا ما فى هذا ، ووجه سقوطه عن سيبويه فى موضع غير هذا. لكن الألف فى المفاعل بلا هاء هى ألف فاعلته لا محالة ، (وذلك) نحو قاتلته مقاتلا ، وضاربته مضاربا ، قال :

أقاتل حتّى لا أرى لى مقاتلا

وأنجو إذا لم ينج إلا المكيّس (٢)

وقال :

أقاتل حتى لا أرى لى مقاتلا

وأنجو إذا غمّ الجبان من الكرب (٣)

__________________

(١) البيت من المنسرح ، وهو بلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٤٠٨ ، والمخصص ٣ / ١٤١ ، والمحتسب ٢ / ٢٥. الحفد : الخدمة. ويكون أيضا لضرب من السير. وفى اللسان (قتو): «الخببا» بدل «الحفدا» والحفد أصله السكون فحرك للوزن.

(٢) البيت من الطويل ، وهو لزيد الخيل فى ديوانه ص ١٣٢ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٨٩ ، وفصل المقال ص ٤٨٢ ، والكتاب ٤ / ٩٦ ، ولسان العرب (قتل) ، ونوادر أبى زيد ص ٧٩ ، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ١٠ / ٤٨٠ ، وفصل المقال ص ٣١٤ ، والمحتسب ٢ / ٦٤ ، وسمط اللآلى ص ٣٤٥.

(٣) البيت من الطويل ، وهو لكعب بن مالك فى ديوانه ص ١٨٤ ، ولسان العرب (قتل) ، ولوالده مالك بن أبى كعب فى حماسة البحترى ص ٤٢ ، وشرح المفصل ٦ / ٥٥ ، والكتاب ٤ / ٩٦ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ٣٩١ ، وأمالى ابن الحاجب ص ٣٧٥ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٥١ ، والمحتسب ٢ / ٦٤ ، والمقتضب ١ / ٧٥.

٨٨

فأمّا أقمت إقامة ، وأردت إرادة (ونحو ذلك) فإن الهاء فيه على مذهب الخليل وسيبويه عوض من ألف إفعال الزائدة. وهى فى قول أبى الحسن عوض من عين إفعال ، على مذهبهما فى باب مفعول من نحو مبيع ومقول. والخلاف فى ذلك قد عرف وأحيط بحال المذهبين فيه ، فتركناه لذلك.

ومن ذلك الألف فى يمان وتهام وشئام : هى عوض من إحدى ياءي الإضافة فى يمنى وتهامىّ وشأمىّ. وكذلك ألف ثمان. قلت لأبى على : لم زعمتها للنسب؟ فقال : لأنها ليست بجمع مكسّر فتكون كصحار. قلت له : نعم ، ولو لم تكن للنسب للزمتها الهاء البتّة ؛ نحو عباقية (١) وكراهية وسباهية (٢). فقال : نعم ، هو كذلك.

ومن ذلك أنّ ياء التفعيل بدل من ألف الفعّال ؛ كما أن التاء فى أوله عوض من إحدى عينيه.

ففى هذا كاف بإذن الله.

وقد أوقع هذا التعاوض فى الحروف المنفصلة عن الكلم ، غير المصوغة فيها الممزوجة بأنفس صيغها. وذلك قول الراجز ـ على مذهب الخليل ـ :

إنّ الكريم وأبيك يعتمل

إن لم يجد يوما على من يتّكل (٣)

أى من يتكل عليه. فحذف (عليه) هذه ، وزاد (على) متقدّمة ؛ ألا ترى أنه : يعتمل إن لم يجد من يتّكل عليه. وندع ذكر قول غيره هاهنا. وكذلك قول الآخر :

__________________

(١) عباقية : من معانيها شجر له شوك يؤذى من علق به.

(٢) يقال رجل سباهية : متكبر.

(٣) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (عمل) ، والأشباه والنظائر ١ / ٢٩٢ ، والجنى الدانى ص ٤٧٨ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٤٦ ، والدرر ٤ / ١٠٨ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٠٥ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٢٩٤ ، وشرح التصريح ٢ / ١٥ ، وشرح شواهد المغنى ص ٤١٩ ، والكتاب ٣ / ٨١ ، والمحتسب ١ / ٢٨١ ، وهمع الهوامع ٢ / ٢٢ ، وكتاب العين ٢ / ١٥٣ ، ومقاييس اللغة ٤ / ١٤٥ ، وديوان الأدب ٢ / ٤١٦ ، وأساس البلاغة (عمل) ، (وجد) ، وتاج العروس (عمل) ، (علا).

وبعده :

*فيكتسى من بعدها ويكتحل*

٨٩

أولى فأولى يا امرأ القيس بعد ما

خصفن بآثار المطىّ الحوافرا (١)

أى خصفن بالحوافر آثار المطىّ ، يعنى آثار أخفافها. فحذف الباء من (الحوافر) وزاد أخرى عوضا منها فى (آثار المطىّ).

هذا على قول من لم يعتقد القلب ، وهو أمثل ؛ فما وجدت مندوحة عن القلب لم ترتكبه.

وقياس هذا الحذف والتعويض قولهم : بأيّهم تضرب أمرر ، أى أيّهم تضرب أمرر به.

* * *

__________________

(١) البيت من الطويل ، وهو لمقاس العائذى فى شرح اختيارات المفضل ٣ / ٨٥ ، ولسان العرب (خصف) ، (ولى) ، (حفر) ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ٢٩٣ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣٤٦.

٩٠

باب فى استعمال الحروف بعضها مكان بعض

هذا باب يتلقّاه الناس مغسولا ساذجا من الصنعة. وما أبعد الصواب عنه وأوقفه دونه.

وذلك أنهم يقولون : إن (إلى) تكون بمعنى مع. ويحتجّون لذلك بقول الله سبحانه : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) [الصف : ١٤] أى مع الله. ويقولون : إن (فى) تكون بمعنى (على) ، ويحتجّون بقوله ـ عزّ اسمه ـ : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) [طه : ٧١] أى عليها. ويقولون : تكون الباء بمعنى عن وعلى ، ويحتجّون بقولهم : رميت بالقوس أى عنها وعليها ؛ كقوله :

*أرمى عليها وهى فرع أجمع (١) *

وقال طفيل :

رمت عن قسىّ الماسخىّ رجالهم

بأحسن ما يبتاع من نبل يثرب (٢)

وأنشدنى الشجرى :

أرمى على شريانة قذّاف

تلحق ريش النبل بالأجواف (٣)

__________________

(١) الرجز لحميد الأرقط فى شرح شواهد الإيضاح ص ٣٤١ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٠٤ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٨٦ ، وبلا نسبة فى ديوان الأدب ١ / ١١٨ ، وإصلاح المنطق ص ٣١٠ ، وأوضح المسالك ٤ / ٢٨٦ ، وجمهرة اللغة ص ١٣١٤ ، وخزانة الأدب ١ / ٢١٤ ، والمخصص ١ / ١٦٧ ، ٦ / ٣٨ ، ١٤ / ٦٥ ، ١٦ / ٨٠ ، ومقاييس اللغة ١ / ٢٦ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٧٦ ، ولسان العرب (ذرع) ، (فرع) ، (رمى) ، (علا) ، وأدب الكاتب ص ٥٠٧ ، والأزهية ص ٢٧٦ ، والأشباه والنظائر ٥ / ٢١٩ ، والكتاب ٤ / ٢٢٦ ، وتاج العروس (فرع) ، (رمى) ، وتهذيب اللغة ٣ / ١٨٤ ، وبعده :

*وهى ثلاث أذرع وإصبع*

(٢) البيت من الطويل ، وهو لطفيل الغنوى فى ديوانه ص ٣١ ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ١٣١٤. ويروى : رجالنا بدلا من رجالهم ، ونبع بدلا من نبل. الماسخىّ : القوّاس.

(٣) الشريانة يريد بها قوسا اتخذت من الشريان ، وهو شجر من عضاه الجبال ، تتخذ منه القسىّ. القذاف : التى ترمى بالسهم بعيدا.

٩١

وغير ذلك مما يوردونه.

ولسنا ندفع أن يكون ذلك كما قالوا ؛ لكنا نقول : إنه يكون بمعناه فى موضع دون موضع ، على حسب الأحوال الداعية إليه ، والمسوّغة له ، فأما فى كل موضع وعلى كل حال فلا ؛ ألا ترى أنك إن أخذت بظاهر هذا القول غفلا هكذا ، لا مقيدا لزمك عليه أن تقول : سرت إلى زيد ، وأنت تريد : معه ، وأن تقول : زيد فى الفرس ، وأنت تريد : عليه ، وزيد فى عمرو ، وأنت تريد : عليه فى العداوة ، وأن تقول : رويت الحديث بزيد ، وأنت تريد : عنه ، ونحو ذلك ، مما يطول ويتفاحش. ولكن سنضع فى ذلك رسما يعمل عليه ، ويؤمن التزام الشناعة لمكانه.

اعلم أن الفعل إذا كان بمعنى فعل آخر ، وكان أحدهما يتعدّى بحرف ، والآخر بآخر فإن العرب قد تتّسع فتوقع أحد الحرفين موقع صاحبه إيذانا بأن هذا الفعل فى معنى ذلك الآخر ، فلذلك جيء معه بالحرف المعتاد مع ما هو فى معناه. وذلك كقول الله عز اسمه : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) [البقرة : ١٨٧] وأنت لا تقول : رفثت إلى المرأة وإنما تقول : رفثت بها ، أو معها ؛ لكنه لمّا كان الرّفث هنا فى معنى الإفضاء ، وكنت تعدّى أفضيت ب (إلى) كقولك : أفضيت إلى المرأة ، جئت ب (إلى) مع الرفث ؛ إيذانا وإشعارا أنه بمعناه ؛ كما صحّحوا عور وحول لمّا كانا فى معنى اعورّ واحولّ. وكما جاءوا بالمصدر فأجروه على غير فعله لما كان فى معناه ؛ نحو قوله :

*وإن شئتم تعاودنا عوادا (١) *

لما كان التعاود أن يعاود بعضهم بعضا. وعليه جاء قوله :

*وليس بأن تتبّعا اتّباعا (٢) *

__________________

(١) عجز بيت من الوافر ، وهو لشقيف بن جزء فى فرحة الأديب ، وبلا نسبة فى أدب الكاتب ص ٦٣٠ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٣٥ ، ورصف المبانى ص ٣٩. ويروى : ولو شئنا بدلا من ولو شئتم. وصدر البيت :

*بما لم تشكروا المعروف عندى*

(٢) عجز بيت من الوافر ، وهو للقطامىّ فى ديوانه ص ٣٥ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٣٢ ، والشعر والشعراء ٢ / ٧٢٨ ، والكتاب ٤ / ٨٢ ، ولسان العرب (تبع) ، وبلا نسبة فى أدب الكاتب ـ ـ

٩٢

ومنه قول الله سبحانه : (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) [المزمل : ٨]. وأصنع من هذا قول الهذلىّ :

ما إن يمسّ الأرض إلا منكب

منه وحرف الساق طىّ المحمل (١)

فهذا على فعل ليس من لفظ هذا الفعل الظاهر ؛ ألا ترى أن معناه : طوى طىّ المحمل ؛ فحمل المصدر على فعل دلّ أول الكلام عليه. وهذا ظاهر.

وكذلك قول الله تعالى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) [الصف : ١٤] أى مع الله ، وأنت لا تقول : سرت إلى زيد أى معه ؛ لكنه إنما جاء (من أنصارى إلى الله) لمّا كان معناه : من ينضاف فى نصرتى إلى الله ؛ فجاز لذلك أن تأتى هنا إلى. وكذلك قوله ـ عزّ اسمه ـ : (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) [النازعات : ١٨] وأنت إنما تقول : هل لك فى كذا ، لكنه لمّا كان على هذا دعاء منه صلى‌الله‌عليه‌وسلم صار تقديره ؛ أدعوك وأرشدك إلى أن تزكّى. وعليه قول الفرزدق :

كيف ترانى قاليا مجنّى

أضرب أمرى ظهره للبطن

قد قتل الله زيادا عنّى (٢)

لمّا كان معنى قد قتله : قد صرفه ، عدّاه بعن.

__________________

ص ٦٣٠ ، والأشباه والنظائر ١ / ٢٤٥ ، وجمهرة الأمثال ١ / ٤١٩ ، وشرح المفصل ١ / ١١١ ، والمقتضب ٣ / ٢٠٥. وصدر البيت :

*وخير الأمر ما استقبلت منه*

(١) البيت من الكامل ، وهو لأبى كبير الهذلىّ فى خزانة الأدب ٨ / ١٩٤ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٢٤ ، وشرح أشعار الهذليين ٣ / ١٠٧٤ ، وشرح التصريح ١ / ٣٣٤ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٩٠ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٤٧ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٢٢٧ ، والشعر والشعراء ٢ / ٦٧٦ ، والكتاب ١ / ٣٥٩ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٤ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ٢٤٦ ، والإنصاف ١ / ٢٣٠ ، وأوضح المسالك ٢ / ٢٢٤ ، والمقتضب ٣ / ٢٠٣ ، ٢٣٢.

(٢) الرجز للفرزدق فى لسان العرب (ظهر) ، (قتل) ، (جنن) ، وشرح الأشمونى ١ / ٢٠٠ ، والمحتسب ١ / ٥٢ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٦٨٦ ، وتاج العروس (ظهر) ، (قتل) ، (جنن) ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ٢٤٧ ، ٢ / ١٠٩ ، ١٧٩ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩٦٢. المجنّ : الترس.

٩٣

ووجدت فى اللغة من هذا الفنّ شيئا كثيرا لا يكاد يحاط به ؛ ولعلّه لو جمع أكثره (لا جميعه) لجاء كتابا ضخما ؛ وقد عرفت طريقه. فإذا مرّ بك شيء منه فتقبّله وأنس به ؛ فإنه فصل من العربية لطيف ، حسن يدعو إلى الأنس بها والفقاهة فيها. وفيه أيضا موضع يشهد على من أنكر أن يكون فى اللغة لفظان بمعنى واحد ، حتى تكلّف لذلك أن يوجد فرقا بين قعد وجلس (١) ، وبين ذراع (٢) وساعد ؛ ألا ترى أنه لما كان رفث بالمرأة فى معنى أفضى إليها جاز أن يتبع الرفث الحرف الذى بابه الإفضاء ، وهو (إلى). وكذلك لمّا كان (هل لك فى كذا) بمعنى أدعوك إليه جاز أن يقال : هل لك إلى أن تزكى (كما يقال أدعوك إلى أن تزكى) وقد قال رؤبة ما قطع به العذر هاهنا ، قال :

*بال بأسماء البلى يسمّى*

فجعل للبلى ـ وهو معنى واحد ـ أسماء.

وقد قدمنا هذا (فيما مضى من صدر كتابنا).

ومما جاء من الحروف فى موضع غيره على نحو مما ذكرنا قوله :

إذا رضيت علىّ بنو قشير

لعمر الله أعجبنى رضاها (٣)

أراد : عنّى. ووجهه : أنا إذا رضيت عنه أحبّته وأقبلت عليه. فلذلك استعمل (على) بمعنى (عن) وكان أبو علىّ يستحسن قول الكسائىّ فى هذا ؛ لأنه قال : لما كان (رضيت) ضدّ (سخطت) عدّى رضيت بعلى حملا للشيء على نقيضه ؛ كما

__________________

(١) القعود يكون عن قيام. والجلوس يكون عن حالة دونه.

(٢) فسر بعضهم الذراع بأنه الأسفل من الزندين ، والساعد : الأعلى منهما. وانظر اللسان.

(٣) البيت من الوافر ، وهو للقحيف العقيلى فى أدب الكاتب ص ٥٠٧ ، والأزهية ص ٢٧٧ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٣٢ ، ١٣٣ ، والدرر ٤ / ١٣٥ ، وشرح التصريح ٢ / ١٤ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٤١٦ ، ولسان العرب (رضى) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٢٨٢ ، ونوادر أبى زيد ص ١٧٦ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ١١٨ ، والإنصاف ٢ / ٦٣٠ ، وأوضح المسالك ٣ / ٤١ ، وجمهرة اللغة ص ١٣١٤ ، والجنى الدانى ص ٤٧٧ ، ورصف المبانى ص ٣٧٢ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٢٩٤ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩٥٤ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٦٥ ، وشرح المفصل ١ / ١٢٠ ، ولسان العرب (يا) ، والمحتسب ١ / ٥٢ ، ٣٤٨ ، ومغنى اللبيب ٢ / ١٤٣ ، والمقتضب ٢ / ٣٢٠ ، وهمع الهوامع ٢ / ٢٨ ، وتاج العروس (عنن).

٩٤

يحمل على نظيره. وقد سلك سيبويه هذه الطريق فى المصادر كثيرا ، فقال : قالوا كذا كما قالوا كذا ، وأحدهما ضدّ الآخر. ونحو منه قول الآخر :

إذا ما امرؤ ولّى علىّ بوده

وأدبر لم يصدر بإدباره ودّى (١)

أى عنّى. ووجهه أنه إذا ولّى عنه يودّه فقد استهلكه عليه ؛ كقولك. أهلكت علىّ مالى ، وأفسدت علىّ ضيعتى. وجاز أن يستعمل (على) هاهنا ؛ لأنه أمر عليه لا له. وقد تقدّم نحو هذا.

وأما قول الآخر :

شدّوا المطىّ على دليل دائب

من أهل كاظمة بسيف الأبحر (٢)

فقالوا معناه : بدليل. وهو عندى أنا على حذف المضاف ؛ أى شدّوا المطى على دلالة دليل ، فحذف المضاف. وقوى حذفه هنا شيئا ؛ لأن لفظ الدليل يدلّ على الدلالة. وهو كقولك : سر على اسم الله. و (على) هذه عندى حال من الضمير فى سر وشدّوا ، وليست موصّلة لهذين الفعلين ؛ لكنها متعلّقة بمحذوف ؛ حتى كما قال : (سر معتمدا على اسم الله) ؛ ففى الظرف إذا ضمير لتعلقه بالمحذوف.

وقال :

بطل كأنّ ثيابه فى سرحة

يحذى نعال السبت ليس بتوأم (٣)

أى على سرحة (وجاز ذلك من حيث كان معلوما أن ثيابه لا تكون فى دار

__________________

(١) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة فى أدب الكاتب ص ٥٠٨ ، وجمهرة اللغة ص ١٣١٤ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٣٣ ، ورصف المبانى ص ٣٧٣ ، ولسان العرب (ولى). ويروى : عليك بوجهه بدلا من : علىّ بوده.

(٢) البيت من الكامل ، وهو بلا نسبة فى لسان العرب (دلل) ، وجمهرة اللغة ص ١٣١٤ ، وتاج العروس (دلل). السّيف : ساحل البحر.

(٣) البيت من الكامل ، وهو لعنترة فى ديوانه ص ٢١٢ ، وأدب الكاتب ص ٥٠٦ ، والأزهيّة ص ٢٦٧ ، وجمهرة اللغة ص ٥٢١ ، ١٣١٥ ، وخزانة الأدب ٩ / ٤٨٥ ، ٤٩٠ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٤٧٩ ، والمنصف ٣ / ١٧ ، ولسان العرب (سرح) ، ورصف المبانى ص ٣٨٩ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٢٩٢ ، وشرح المفصل ٨ / ٢١ ، ومغنى اللبيب ١ / ١٦٩. السرحة : شجرة فيها طول. والنعال السبتية : المدبوغة وهى أجود النعال.

٩٥

سرحة) ؛ لأن السرحة لا تنشقّ فتستودع الثياب ولا غيرها وهى بحالها سرحها.

فهذا من طريق المعنى بمنزلة كون الفعلين أحدهما فى معنى صاحبه على ما مضى. وليس كذلك قول الناس : فلان فى الجبل ؛ لأنه قد يمكن أن يكون فى غار من أغواره أو لصب (١) من لصابه ، فلا يلزم أن يكون عليه أى عاليا فيه.

وقال :

وخضخضن فينا البحر حتى قطعنه

على كل حال من غمار ومن وحل (٢)

قالوا أراد : بنا. وقد يكون عندى على حذف المضاف ؛ أى فى سيرنا ، ومعناه : فى سيرهن بنا.

ومثل قوله : «كأن ثيابه فى سرحة» : قول امرأة من العرب.

هم صلبوا العبدىّ فى جذع نخلة

فلا عطست شيبان إلا بأجدعا (٣)

لأنه معلوم أنه لا يصلب فى داخل جذع النخلة وقلبها.

وأمّا قوله :

وهل يعمن من كان أحدث عهده

ثلاثين شهرا فى ثلاثة أحوال (٤)

__________________

(١) هو شق فى الجبال ، أو هو مضيق فيه.

(٢) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة فى الأزهيّة ص ٢٧٢ ، ورصف المبانى ص ٣٩٠ ، ولسان العرب (فيا).

الغمار : جمع الغمر أو الغمرة ، وهو الماء الكثير.

(٣) البيت من الطويل ، وهو لسويد بن أبى كاهل فى ملحق ديوانه ص ٤٥ ، والأزهيّة ص ٢٦٨ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٤٧٩ ، ولسان العرب (عبد) ، (شمس) ، (فيا) ، وشرح المفصّل ٨ / ٢١ ، وتاج العروس (فيا) ، وبلا نسبة فى أدب الكاتب ص ٥٠٦ ، ورصف المبانى ص ٣٨٩ ، ومغنى اللبيب ١ / ١٦٨ ، والمقتضب ٢ / ٣١٩. العبدىّ : نسبة إلى عبد القيس. بأجدع : بأنف أجدع.

(٤) البيت من الطويل ، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ص ٢٧ ، وأدب الكاتب ص ٥١٨ ، وجمهرة اللغة ص ١٣١٥ ، وخزانة الأدب ١ / ٦٢ ، والجنى الدانى ص ٢٥٢ ، وجواهر الأدب ص ٢٣٠ ، وتاج العروس (حول) ، (فى) ، والدرر ٤ / ١٤٩ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٤٨٦ ، ورصف المبانى ص ٣٩١ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٢٩٢ ، ولسان العرب (فيا) ، ومغنى اللبيب ١ / ١٦٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ٣٠.

٩٦

فقالوا : أراد : مع ثلاثة أحوال. وطريقه عندى أنه على حذف المضاف ؛ يريد : ثلاثين شهرا فى عقب ثلاثة أحوال قبلها. وتفسيره : بعد ثلاثة أحوال. فالحرف إذا على بابه ؛ وإنّما هنا حذف المضاف الذى قد شاع عند الخاصّ والعام.

فأمّا قوله :

يعثرن فى حدّ الظبات كأنما

كسيت برود بنى تزيد الأذرع (١)

فإنه أراد : يعثرن بالأرض فى حدّ الظّبات ؛ أى وهنّ فى حدّ الظبات ؛ كقولك : خرج بثيابه ؛ أى وثيابه عليه ، وصلّى فى خفّيه ؛ أى وخفّاه عليه. وقال تعالى : (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) [القصص : ٧٩] فالظرف إذا متعلّق بمحذوف ؛ لأنه حال من الضمير ؛ أى يعثرن كائنات فى حدّ الظبات.

وأمّا قول بعض الأعراب :

نلوذ فى أمّ لنا ما تغتصب

من الغمام ترتدى وتنتقب (٢)

فإنه يريد بأمّ : سلمى ، أحد جبلى طيّئ. وسمّاها أمّا لاعتصامهم بها وأويّهم إليها. واستعمل (فى) موضع الباء أى نلوذ بها ؛ لأنهم إذا لاذوا بها فهم فيها لا محالة ؛ إذ لا يلوذون ويعصمون بها إلا وهم فيها ؛ لأنهم إن كانوا بعداء عنها فليسوا لائذين بها ، فكأنه قال : نسمك (٣) فيها ونتوقّل فيها. فلأجل ذلك ما استعمل (فى) مكان الباء.

فقس على هذا ؛ فإنك لن تعدم إصابة بإذن الله ورشدا.

* * *

__________________

(١) البيت من الكامل ، وهو لأبى ذؤيب الهذلى فى خزانة الأدب ١ / ٢٧٤ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ١٣٤ ، وشرح اختيارات المفضّل ص ١٧٠٨ ، وشرح أشعار الهذليين ١ / ٢٥ ، ولسان العرب (نبت) ، (زيد) ، (فيا) ، والمحتسب ٢ / ٨٨ ، والممتع فى التصريف ٢ / ٤٨٦ ، والمنصف ١ / ٢٧٩ ، وبلا نسبة فى تخليص الشواهد ص ١١٦ ، وتاج العروس (فى). الظبات : أطراف السهام.

(٢) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (فيا) ، وجمهرة اللغة ص ١٣١٥ ، والمخصص ١٤ / ١٠٦ ، وتاج العروس (فيا).

(٣) نسمك : نصعد ونرتفع.

٩٧

باب فى مضارعة الحروف للحركات ، والحركات للحروف

وسبب ذلك أن الحركة حرف صغير ؛ ألا ترى أنّ من متقدّمى القوم من كان يسمّى الضمة الواو الصغيرة ، والكسرة الياء الصغيرة ، والفتحة الألف الصغيرة.

ويؤكّد ذلك عندك أنك متى أشبعت ومطلت الحركة أنشأت بعدها حرفا من جنسها. وذلك قولك فى إشباع حركات ضرب ونحوه : ضوريبا. ولهذا إذا احتاج الشاعر إلى إقامة الوزن مطل الحركة (وأنشأ) عنها حرفا من جنسها. وذلك قوله :

*نفى الدراهيم تنقاد الصياريف (١) *

وقوله ـ أنشدناه لابن هرمة ـ :

وأنت من الغوائل حين ترمى

ومن ذمّ الرجال بمنتزاح (٢)

يريد : بمنتزح ، وهو مفتعل من النزح.

وقوله :

__________________

(١) عجز بيت من البسيط ، وهو للفرزدق فى الإنصاف ١ / ٢٧ ، وخزانة الأدب ٤ / ٤٢٤ ، ٤٢٦ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٥ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٧١ ، والكتاب ١ / ٢٨ ، وتاج العروس (درهم) ، ولسان العرب (صرف) ، (قطرب) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٢١ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٤٥ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٢٩ ، وأوضح المسالك ٤ / ٣٧٦ ، وتخليص الشواهد ص ١٦٩ ، وجمهرة اللغة ص ٧٤١ ، ورصف المبانى ١٢ / ٤٤٦ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٧٦٩ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٣٧ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٤٧٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٤١٦ ، وشرح قطر الندى ص ٢٦٨ ، ولسان العرب (قطرب) ، (سحج) ، (نقد) ، (صنع) ، (درهم) ، (نفى) ، والمقتضب ٢ / ٢٥٨ ، والممتع فى التصريف ١ / ٢٠٥. ويروى :

*الدنانير بدلا من الدراهيم*

وصدر البيت :

*تنفى يداها الحصى فى كلّ هاجرة*

(٢) البيت من الوافر ، وهو لابن هرمة فى ديوانه ص ٩٢ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٣٠ ، وسرّ صناعة الإعراب ١ / ٢٥ ، ٢ / ٧١٩ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢٥ ، ولسان العرب (نزح) ، (نجد) ، (حتن) ، والمحتسب ١ / ٣٤٠ ، ١ / ١٦٦ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٤٥ ، والإنصاف ١ / ٢٥ ، وخزانة الأدب ٧ / ٥٥٧.

٩٨

وأننى حيث ما يسرى الهوى بصرى

من حيث ما سلكوا أدنو فأنظور (١)

فإذا ثبت أن هذه الحركات أبعاض للحروف ومن جنسها ، وكانت متى أشبعت ومطلت تمّت ووفت جرت مجرى الحروف ؛ كما أن الحروف أنفسها قد تجد بعضها أتمّ صوتا من بعض (وإن كانت كلها حروفا يقع بعضها موقع بعض) فى غالب الأمر.

فمما أجرى من الحروف مجرى الحركات الألف والياء والواو إذا أعرب بهن فى تلك الأسماء الستة : أخوك وأبوك ونحوهما ، وفى التثنية والجمع على حدّ التثنية ؛ نحو الزيدان والزيدون والزيدين.

ومنها النون إذا كانت علما للرفع فى الأفعال الخمسة ؛ وهى تفعلان ويفعلان وتفعلون ويفعلون وتفعلين. وقد حذفت أيضا للجزم فى لم يغزوا ولم يدع ، ولم يرم ، ولم يخش. وحذفت أيضا استخفافا ؛ كما تحذف الحركة لذلك. وذلك قوله :

فألحقت أخراهم طريق ألاهم

كما قيل نجم قد خوى متتابع

(يريد أولاهم) ومضى ذكره. وقال رؤبة :

*وصّانى العجّاج فيما وصّنى*

يريد : فيما وصّانى ، وقال الله عزّ اسمه : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) [الفجر : ٤] وقد تقدّم نحو هذا. فنظير حذف هذه الحروف للتخفيف حذف الحركات أيضا فى نحو قوله :

*وقد بدا هنك من المئزر*

__________________

(١) البيت من البسيط ، وهو لابن هرمة فى ملحق ديوانه ص ٢٣٩ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٤٥ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٢٩ ، والإنصاف ١ / ٢٤ ، والجنى الدانى ص ١٧٣ ، وخزانة الأدب ١ / ١٢١ ، ٧ / ٧ ، ٨ / ٢٢٠ ، ٣٧٣ ، والدرر ٦ / ٢٠٤ ، ورصف المبانى ١٣ / ٤٣٥ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٦ ، ٣٣٨ ، ٢ / ٦٣٠ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٨٥ ، والصاحبى فى فقه اللغة ص ٥٠ ، ولسان العرب (شرى). (الألف) ، (وا) ، والمحتسب ١ / ٢٥٩ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٣٦٨ ، والممتع فى التصريف ١ / ١٥٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٥٦. يسرى : يلقى.

٩٩

وقوله :

*فاليوم أشرب غير مستحقب*

[وقوله :

* إذا اعوججن قلت صاحب قوّم*]

وقوله :

*ومن يتّق فإن الله معه*

وقوله :

*أو يرتبط بعض النفوس حمامها (١) *

وقوله :

سيروا بنى الغم فالأهواز منزلكم

ونهر تيرى ولا تعرفكم العرب (٢)

أى (ولا) تعرفكم ؛ فأسكن مضطرا.

ومن مضارعة الحرف للحركة أنّ الأحرف الثلاثة : الألف والياء والواو وإذا أشبعن ومطلن أدّين إلى حرف آخر غيرهنّ إلا أنه شبيه بهن وهو الهمزة ؛ ألا تراك إذا مطلت الألف أدّتك إلى الهمزة فقلت آء ، وكذلك الياء فى قولك : إىء ، وكذلك الواو فى قولك : أوء. فهذا كالحركة (إذا مطلتها) أدّتك إلى صورة أخرى غير صورتها. وهى الألف والياء والواو فى : منتزاح ، والصياريف ، وأنظور. وهذا غريب فى موضعه.

__________________

(١) عجز بيت من الكامل. وهو للبيد بن ربيعة فى ديوانه ص ٣١٣ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٧٧٢ ، وشرح شواهد الشافية ص ٤١٥ ، والصاحبى فى فقه اللغة ص ٢٥١ ، ومجالس ثعلب ص ٦٣ ، ٣٤٦ ، ٤٣٧ ، والمحتسب ١ / ١١١ ، وبلا نسبة فى خزانة ٧ / ٣٤٩.

وصدره :

*تراك أمكنة إذا لم أرضها*

(٢) البيت من البسيط ، وهو لجرير فى ديوانه ص ٤٤١ ، والأغانى ٣ / ٢٥٣ ، وجمهرة اللغة ص ٩٦٢ ، وخزانة الأدب ٤ / ٤٨٤ ، وسمط اللآلى ص ٥٢٧ ، ولسان العرب (شتت) ، (عبد) ، ومعجم البلدان ٥ / ٣١٩ (نهرتيرى) ، والمعرب ص ٣٨.

١٠٠