الخصائص - ج ٢

أبي الفتح عثمان بن جنّي

الخصائص - ج ٢

المؤلف:

أبي الفتح عثمان بن جنّي


المحقق: الدكتور عبد الحميد الهنداوي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٣
ISBN: 978-2-7451-3245-1
الصفحات: ٥٣٢

أشدّ انتفاء. وكذلك أيضا حديث الشرط فى نحو إن قمت قمت ، جئت فيه بلفظ الماضى الواجب ؛ تحقيقا للأمر ، وتثبيتا له ، أى إن هذا وعد موفى به لا محالة ؛ كما أن الماضى واجب ثابت لا محالة.

ونحو من ذلك لفظ الدعاء ومجيئه على صورة الماضى الواقع ؛ نحو أيّدك الله ، وحرسك الله ، إنما كان ذلك تحقيقا له وتفؤّلا بوقوعه أن هذا ثابت بإذن الله ، وواقع غير ذى شكّ. وعلى ذلك يقول السامع للدعاء إذا كان مريدا لمعناه : وقع إن شاء الله ، ووجب لا محالة أن يقع ويجب.

وأما قوله :

* ولقد أمرّ على اللئيم يسبّنى (١) *

فإنما حكى فيه الحال الماضية ، والحال لفظها أبدا بالمضارع ؛ نحو قولك : زيد يتحدّث ويقرأ ، أى هو فى حال تحدّث ، وقراءة. وعلى نحو من حكاية الحال فى نحو هذا قولك : كان زيد سيقوم أمس ، أى كان متوقّعا (منه القيام) فيما مضى.

وكذلك قول الطرمّاح :

*... واستيجاب ما كان فى غد (٢) *

يكون عذره فيه : أنه جاء بلفظ الواجب ؛ تحقيقا له ، وثقه بوقوعه ، أى إن الجميل منكم واقع متى أريد ، وواجب متى طلب. وكذلك قوله :

* أوديت إن لم تحب حبو المعتنك (٣) *

جاء به بلفظ الواجب ؛ لمكان حرف الشرط الذى معه ، أى إن هذا كذا لا شكّ فيه ، فالله الله (فى أمرى) يؤكّد بذلك على حكم فى قوله :

* يا حكم الوارث عن عبد الملك (٤) *

__________________

(١) سبق تخريجه.

(٢) سبق تخريجه.

(٣) سبق تخريجه.

(٤) نفس تخريج رقم (٣). وبعده :

* ميراث أحساب وجود منسفك*

٥٢١

أى إن لم تتداركنى هلكت الساعة غير شكّ ، هكذا يريد. فلأجله ما جاء بلفظ الواجب الواقع غير المرتاب به ، ولا المشكوك فى وقوعه. وقد نظر إلى هذا الموضع أبو العتاهية ، فاتّبعه فيه ، وإن صغر لفظه ، وتحاقر دونه. قال :

عتب الساعة الساعه

أموت الساعة الساعه

وهذا ـ على نذالة لفظه ـ وفق ما نحن على سمته. وهذا هذا. وليس كذلك قولك : قمت غدا ، وسأقوم أمس ؛ لأنه عار من جميع ما نحن فيه ؛ إلا أنه لو دلّ دليل من لفظ أو حال لجاز نحو هذا. فأمّا على تعرّيه منه ، وخلوّه مما شرطناه فيه فلا.

ومن المحال قولك : زيد أفضل إخوته ، ونحو ذلك. وذلك أن أفضل : أفعل ، وأفعل هذه التى معناها المبالغة والمفاضلة ، متى أضيفت إلى شيء فهى بعضه ؛ كقولك : زيد أفضل الناس ، فهذا جائز ؛ لأنه منهم ، والياقوت أنفس الأحجار ؛ لأنه بعضها. ولا تقول : زيد أفضل الحمير ، ولا الياقوت أنفس الطعام ؛ لأنهما ليسا منهما. وهذا مفاد هذا. فعلى ذلك لم يجيزوا : زيد أفضل إخوته ؛ لأنه ليس واحدا من إخوته ، وإنما هو واحد من بنى أبيه ؛ ألا ترى أنه لو كان له إخوة بالبصرة وهو ببغداد ، (وكان) بعضهم وهم بالبصرة ، لوجب من هذا أن يكون من ببغداد البتّة فى حال كونه بها ، مقيما بالبصرة البتّة فى تلك الحال. وأيضا ، فإن الإخوة مضافون إلى ضمير زيد ، وهى الهاء فى إخوته ، فلو كان واحدا منهم وهم مضافون إلى ضميره كما ترى ؛ لوجب أيضا أن يكون داخلا معهم فى إضافته إلى ضميره ، وضمير الشىء هو الشىء البتّة ، والشىء لا يضاف إلى نفسه. (وأما) قول الله تعالى : (وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ) [الحاقة : ٥١] فإن الحق هنا غير اليقين ، وإنما هو خالصه وواضحه ، فجرى مجرى إضافة البعض إلى الكلّ ؛ نحو هذا ثوب خزّ.

ونحوه قولهم : الواحد بعض العشرة. ولا يلزم من حيث كان الواحد بعض العشرة أن يكون بعض نفسه ؛ لأنه لم يضف إلى نفسه ، وإنما أضيف إلى جماعة نفسه بعضها ، وليس كذلك زيد أفضل إخوته ؛ لأن الإخوة مضافة إلى نفس زيد ، وهى الهاء التى هى ضميره. ولو كان زيد بعضهم وهم مضافون إلى ضميره لكان هو أيضا مضافا إلى ضميره الذى هو نفسه ، وهذا محال. فاعرف ذلك فرقا بين

٥٢٢

الموضعين ؛ فإنه واضح.

فأمّا قولنا : أخذت كلّ المال ، وضربت كل القوم ، فليس الكل هو ما أضيف إليه. قال أبو بكر : إنما الكل عبارة عن أجزاء الشىء ، وكما جاز أن يضاف أجزاء الجزء الواحد إلى الجملة ، جاز أيضا أن تضاف الأجزاء كلها إليه.

فإن قيل : فالأجزاء كلّها هى الجملة ، فقد عاد الأمر إلى إضافة الشىء إلى نفسه.

قيل : هذا فاسد ، وليس أجزاء الشىء هى الشىء وإن كان مركّبا منها. بل الكل فى هذا جار مجرى البعض فى أنه ليس بالشىء نفسه ؛ كما أن البعض ليس به نفسه. يدل على ذلك وأن حال البعض متصوّرة فى الكل قولك : كل القوم عاقل ، أى كل واحد منهم على انفراده عاقل. هذا هو الظاهر ، وهو طريق الحمل على اللفظ ؛ قال الله تعالى : (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) [مريم : ٩٥] ، وقال تعالى : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها) [الكهف : ٣٣] فوحّد ، وقال :

* كلا أبويكم كان فرع دعامة (١) *

فلم يقل : كانا ، وهو الباب. ومثله قول الأعشى أيضا :

حتى يقول الناس مما رأوا

يا عجبا للميت الناشر (٢)

أى حتى يقول كل واحد منهم : يا عجبا. وعليه قول الآخر :

تفوّقت مال ابنى حجير وما هما

بذى حطمة فان ولا ضرع غمّر (٣)

أى : وما كل واحد منهما كذلك.

فأما قوله تعالى : (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) [النمل : ٨٧] و (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) [البقرة : ١١٦] فمحمول على المعنى دون اللفظ. وكأنه إنما حمل عليه هنا لأن كلا فيه

__________________

(١) الفرع : الشريف.

(٢) سبق تخريجه.

(٣) تفوق المال : أخذه شيئا بعد شيء ، مشتقّ من فواق الناقة. ذو الحطمة : الهرم. الضرع :الضعيف. الغمر : من لم يجرب الأمور.

٥٢٣

غير مضافة ، فلمّا لم تضف إلى جماعة عوّض من ذلك ذكر الجماعة فى الخبر. ألا ترى أنه لو قال : وكل له قانت لم يكن فيه لفظ الجمع البتّة ، ولما قال : (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) [مريم : ٩٥] فجاء بلفظ الجماعة مضافا إليها ، استغنى به عن ذكر الجماعة فى الخبر.

وتقول ـ على اللفظ ـ : كل نسائك قائم ، ويجوز : قائمة إفرادا على اللفظ أيضا ، وقاتمات على المعنى البتّة ؛ قال الله سبحانه ـ : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ) [الأحزاب : ٣٢] ولم يقل : كواحدة ؛ لأن الموضع موضع عموم ، فغلب فيه التذكير ؛ وإن كان معناه : ليست كلّ واحدة منكن كواحدة من النساء ؛ لما ذكرناه من دخول الكلام (معنى العموم). فاعرف ذلك.

وصواب المسألة أن تقول : زيد أفضل بنى أبيه ، وأكرم نجل أبيه (وعترة أبيه) ، ونحو ذلك ، وأن تقول : زيد أفضل من إخوته ؛ لأن بدخول (من) ارتفعت الإضافة ، فجازت المسألة.

ومن المحال قولك : أحقّ الناس بمال أبيه ابنه. وذلك أنك إذا ذكرت الأبوّة فقد انطوت على البنوّة ، فكأنك إذا إنما قلت : أحقّ الناس بمال أبيه أحقّ الناس بمال أبيه. فجرى ذلك مجرى قولك : زيد زيد ، والقائم القائم ، ونحو ذلك مما ليس فى الجزء الثانى منه إلا ما فى الجزء الأوّل البتّة ، وليس على ذلك عقد الإخبار ؛ لأنه (يجب أن يستفاد من الجزء الثانى) ما ليس مستفادا من الجزء الأوّل. ولذلك لم يجيزوا : ناكح الجارية واطئها ، ولا ربّ الجارية مالكها ؛ لأن الجزء الأوّل مستوف لما انطوى عليه الثانى.

فإن قلت : فقد قال أبو النجم :

* أنا أبو النجم وشعرى شعرى (١) *

__________________

(١) الرجز لأبى لنجم فى أمالى المرتضى ١ / ٣٥٠ ، وخزانة الأدب ١ / ٤٣٩ ، والدرر ١ / ١٨٥ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٦١٠ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩٤٧ ، وشرح المفصل ١ / ٩٨ ، ٩ / ٨٣ ، والمنصف ١ / ١٠ ، وهمع الهوامع ١ / ٦٠ ، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ٨ / ٣٠٧ ، ٩ / ٤١٢ ، والدرر ٥ / ٧٩ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٠٣ ، ٢٩٠ ، ومغنى اللبيب ١ / ٣٢٩ ، ٢ / ٤٣٥ ، ٤٣٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٩.

٥٢٤

وقال الآخر :

إذ الناس ناس والبلاد بغرّة

وإذ أمّ عمّار صديق مساعف (١)

(وقال آخر) :

بلاد بها كنّا وكنا نحلّها

إذ الناس ناس والبلاد بلاد (٢)

وقال الآخر :

هذا رجائى وهذى مصر عامرة

وأنت أنت وقد ناديت من كثب

وأنشد أبو زيد :

رفونى وقالوا يا خويلد لا ترع

فقلت وأنكرت الوجوه هم هم (٣)

وأمثاله كثيرة.

قيل : هذا كله وغيره مما هو جار مجراه ، محمول عندنا على معناه دون لفظه ؛ ألا ترى أن المعنى : وشعرى متناه فى الجودة ، على ما تعرفه وكما بلغك ، وقوله : إذ الناس ناس أى : إذ الناس أحرار ، والبلاد أحرار ، وأنت أنت أى : وأنت المعروف بالكرم ، وهم هم أى : هم الذين أعرفهم بالشر والنكر لم يستحيلوا ولم يتغيّروا.

فلو لا هذه الأغراض وأنها مرادة معتزمة ، لم يجز شيء من ذلك ؛ لتعرّى الجزء

__________________

(١) البيت من الطويل ، وهو لأوس بن حجر فى ديوانه ص ٧٤ ، ولسان العرب (سعف) ، وبلا نسبة فى أساس البلاغة (سعف) ، وتاج العروس (سعف) ، وكتاب العين (١ / ٣٤٠) ، وتهذيب اللغة ٢ / ١١١. ويروى : والزمان بدلا من والبلاد.

(٢) البيت من الطويل ، وهو لرجل من عاد فى الأغانى ٢١ / ١٠٥ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩٤٧ ، ولسان العرب (أنس) ، ومغنى اللبيب ٢ / ٦٥٧. ويروى : نحبها بدلا من نحلّها. ويروى أيضا : «والزمان زمان» بدلا من «والبلاد بلاد».

(٣) البيت من الطويل ، وهو لأبى خراش الهذلى فى خزانة الأدب ١ / ٤٤٠ ، ٤٤٢ ، ٥ / ٨٦ ، وشرح أشعار الهذليين ٣ / ٣٣٧ ، والصاحبى فى فقه اللغة ص ١٨٣ ، ولسان العرب (رفأ) ، (روع) ، (رفا) ، (ها) ، ولمعانى الكبير ص ٩٠٢ ، وللهذلى دون تحديد فى إصلاح المنطق ص ١٥٣ ، وأمالى المرتضى ١ / ٣٥٠ ، وتذكرة النحاة ص ٥٧١ ، وبلا نسبة فى الاشتقاق ص ٤٨٨ ، وجمهرة اللغة ص ٧٨٨.

٥٢٥

الآخر من زيادة الفائدة على الجزء الأوّل. وكأنه إنما أعيد لفظ الأوّل لضرب من الإدلال والثقة بمحصول الحال. أى أنا أبو النجم الذى يكتفى باسمه من صفته ونعته. وكذلك بقيّة الباب ؛ كما قال :

* أنا الحباب الذى يكفى سمى نسبى (١) *

ونظر إليه شاعرنا وقلبه ، فقال :

* ومن يصفك فقد سمّاك للعرب (٢) *

ولكن صحّة المسألة أن تقول : أحقّ الناس بمال أبيه أبرّهم به ، وأقومهم بحقوقه. فتزيد فى الثانى ما ليس موجودا فى الأوّل.

فهذه طريقة استحالة المعنى. وهو باب.

وأمّا صحّة قياس الفروع ، على فساد الأصول ، فكأن يقول لك قائل : لو كانت الناقة من لفظ (القنو) ما كان يكون مثالها من الفعل؟

فجوابه أن تقول : علفة. وذلك أن النون عين (والألف منقلبة عن واو ، والواو لام) القنو ، والقاف فاؤه. ولو كان القنو مشتقا من لفظ الناقة لكان مثاله لفع. فهذان أصلان فاسدان ، والقياس عليهما أو بالفرعين إليهما.

وكذلك لو كانت الأسكفّة مشتقّة من استكفّ الشىء ـ على ما قال وذهب إليه أحمد بن يحيى لكانت أسفعلة ـ ولو كان استكفّ مشتقا من الأسكفّة ، لكان على اللفظ : افتعلّ بتشديد اللام ، وعلى الأصل : افتعلل ؛ لأن أصله على الحقيقة : استكفف.

ومن ذلك (أن لو كان ماهان عربيا) ، فكان من لفظ هوّم أو هيّم لكان لعفان.

(ولو كان من لفظ الوهم لكان لفعان). ولو كان من لفظ همى لكان : علفان.

__________________

(١) صدر البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة فى لسان العرب (سما). وعجز البيت :

* إذا القميص تعدّى وسمه النّسب*

(٢) من قصيدة له فى مرثية أخت سيف الدولة. وقبله معه :

يا أخت خير أخ يا بنت خير أب

كفاية بهما عن أشرف النسب

أجل قدرك أن تسمى مؤبّنة

ومن يصفك فقد سمّاك للعرب

٥٢٦

ولو وجد فى الكلام تركيب (وم ه) فكان ماهان من لفظه لكان مثاله : عفلان.

ولو كان من لفظ النهم لكان : لاعافا. ولو كان من لفظ المهيمن لكان : عافالا.

ولو كان فى الكلام تركيب (م ن ه) فكان ماهان منه لكان : فالاعا. ولو كان فيه تركيب (ن م ه) فكان منه) لكان : عالافا.

وذهب أبو عبيدة فى المندوحة إلى أنها من قولهم : انداح بطنه إذا اتّسع. وذلك خطأ فاحش. ولو كانت منه لكانت : منفعلة. وقد ذكرنا ذلك فى باب سقطات العلماء. نعم ، ولو كانت من لفظ الواحد لكانت : منلفعة. ولو كانت من لفظ حدوت لكانت : منعلفة. ولو كانت من دحوت لكانت : منعفلة. ولو كان فى الكلام تركيب (ودح) فكانت مندوحة منه لكانت : منعفلة. ولو كان قولهم : انداح بطنه من لفظ مندوحة لكانت : أفعال ، (بألف) موصولة (واللام مخففة).

وذهب بعض أشياخ اللغة فى يستعور إلى أنه : يفتعول ، وأخذه من سعر. وهذا غلط. ولو كان من قولهم : عرّس بالمكان لكان : يلتفوعا. ولو كان من سرع لكان : يفتلوعا. ولو كان من عسر لكان : يعتفولا. ولو كان من لفظ رسع لكان : يعتلوفا. ولو كان من لفظ رعس لكان : يلتعوفا.

وأما تيهورة فلو كانت من تركيب (ه ر ت) لكانت : ليفوعة. (ولو كانت من لفظ (ت ر ه) لكانت : فيلوعة. ولو كانت من لفظ (ه ت ر) لكانت : (عيفولة). ولو كانت من لفظ (ر ه ت) لكانت : ليعوفة. ولو كانت من لفظ (ر ت ه) لكانت : عيلوفة. ومع هذا فليست من لفظ (ت ه ر) ، وإن كانت ـ فى الظاهر وعلى البادى ـ منه ، بل هى عندنا من لفظ (ه ور). وقد ذكر ذلك أبو على فى تذكرته ، فغنينا عن إعادته. وإنما غرضنا هنا مساق الفروع على فساد الأصول ؛ لما يعقب ذلك من قوّة الصنعة ، وإرهاف الفكرة.

وأمّا مرمريس فلو كانت من لفظ (س م ر) لكانت : علعليف؟ ولو كانت من لفظ (ر س م) : لكانت لفلفيع ، ولو كانت من لفظ (ر م س) لكانت : عفعفيل.

ولو كانت من لفظ (س ر م) لكانت : لعلعيف. (ولو كانت من لفظ (م س ر) لكانت : فلفليع). لكنها عندنا من لفظ (م ر س) ، وهى على الحقيقة فعفعيل منه.

٥٢٧

وأما قرقرير لقرقرة الحمام فإنها فعلليل ، وهو رباعيّ ، وليست من هذا الطرز الذى مضى.

وأما قندأو فإنها فنعلو ، من لفظ (ق د أ) ، ولو كانت من لفظ (ق د و) لكانت : فنعأل. ولو كانت من لفظ (د وق) لكانت : لنفأع. ولو كانت من لفظ (ن ق د) لكانت : عفلأو. ولو كانت من لفظ (ن د ق) لكانت : لفعأو. ولو كانت من لفظ (الندأة) (١) لكانت قفلعو ؛ فحكمت بزيادة القاف ، وهذا أغرب مما قبله. ولو كانت من لفظ النآدى (٢) لكانت : قفلعو بزيادة القاف أيضا.

والمسائل (من هذا النجر) تمتدّ وتنقاد ؛ إلا أن هذا طريق صنعتها. فاعرفه وقسه بإذن الله تعالى.

* * *

تم بفضل الله تعالى الكتاب

ويليه إن شاء الله تعالى مجلد الفهارس العامة

* * *

__________________

(١) الندأة ـ بفتح النون وضمها ـ : كثرة المال.

(٢) النآدى ـ بفتح الدال ـ : الداهية.

٥٢٨

فهرس موضوعات الجزء الثانى

باب فى تعليق الأعلام على المعانى دون الأعيان....................................... ٣

باب فى الشىء يرد مع نظيره مورده مع نقيضه........................................ ٧

باب فى ورود الوفاق مع وجود الخلاف............................................ ١٥

باب فى نقض العادة............................................................ ١٨

باب فى تدافع الظاهر........................................................... ٢٨

باب فى التطوع بما لا يلزم........................................................ ٣٤

باب فى التام يزاد عليه فيعود ناقصا............................................... ٦٢

باب فى زيادة الحروف وحذفها.................................................... ٦٣

باب فى زيادة الحرف عوضا من آخر محذوف....................................... ٧٣

باب فى استعمال الحروف بعضها مكان بعض...................................... ٩١

باب فى مضارعة الحروف للحركات والحركات للحروف.............................. ٩٨

باب محل الحركات من الحروف معها أم قبلها أم بعدها............................. ١٠٤

باب الساكن والمتحرك......................................................... ١٠٩

باب فى مراجعة الأصل الأقرب دون الأبعد....................................... ١٢٣

باب فى مراجعة أصل واستئناف فرع............................................. ١٢٥

باب فيما يراجع من الأصول مما لا يراجع......................................... ١٢٧

باب فى مراعاتهم الأصول تارة وإهمالهم إياها أخرى................................. ١٣٣

باب فى حمل الأصول على الفروع............................................... ١٣٦

باب فى الحكم يقف بين الحكمين............................................... ١٣٧

باب فى شجاعة العربية........................................................ ١٤٠

الحذف................................................................... ١٤٠

حذف الاسم.............................................................. ١٤٢

حذف الفعل.............................................................. ١٥٦

حذف الحرف............................................................. ١٥٨

٥٢٩

فصل فى التقديم والتأخير.................................................... ١٥٨

الفروق والفصول........................................................... ١٦٤

فصل فى الحمل على المعنى................................................... ١٨٠

فصل فى التحريف.......................................................... ٢٠٢

تحريف الفعل.............................................................. ٢٠٤

تحريف الحرف............................................................. ٢٠٦

باب فى فرق بين الحقيقة والمجاز................................................. ٢٠٨

باب فى أن المجاز إذا كثر لحق بالحقيقة........................................... ٢١٢

باب فى إقرار الألفاظ على أوضاعها الأول ما لم يدع داع إلى الترك والتحول.......... ٢١٩

باب فى إيراد المعنى المراد بغير اللفظ المعتاد........................................ ٢٢٦

باب فى ملاطفة الصنعة........................................................ ٢٢٩

باب فى التجريد.............................................................. ٢٣٢

باب فى غلبة الزائد للأصلى.................................................... ٢٣٥

باب فى أن ما لا يكون للأمر وحده قد يكون له إذا ضام غيره...................... ٢٣٨

باب فى أضعف المعتلين........................................................ ٢٤١

باب فى الغرض فى مسائل التصريف............................................. ٢٤٤

باب فى اللفظ يرد محتملا لأمرين أحدهما أقوى من صاحبه أيجازان جميعا فيه أم يقتصر على الأقوى منهما دون صاحبه  ٢٤٥

باب فيما يحكم به القياس مما لا يسوغ به النطق.................................. ٢٤٩

باب فى حفظ المراتب.......................................................... ٢٥٣

باب فى التغييرين يعترضان فى المثال الواحد بأيهما يبدأ............................. ٢٥٦

باب فى العدول عن الثقيل إلى ما هو أثقل منه لضرب من الاستخفاف.............. ٢٦٢

باب فى إقلال الحفل بما يلطف من الحكم........................................ ٢٦٤

باب فى إضافة الاسم إلى المسمى والمسمى إلى الاسم.............................. ٢٦٧

باب فى اختصاص الأعلام بما لا يكون مثله فى الأجناس........................... ٢٧٤

باب فى تسمية الفعل.......................................................... ٢٧٦

٥٣٠

باب فى أن سبب الحكم قد يكون سببا لضده على وجه........................... ٢٨٩

باب فى اقتضاء الموضع لك لفظا هو معك إلا أنه ليس بصاحبك................... ٢٩٣

باب فى احتمال القلب لظاهر الحكم............................................ ٢٩٦

باب فى أن الحكم للطارئ...................................................... ٢٩٩

باب فى الشىء يرد فيوجب له القياس حكما ويجوز أن يأتى السماع بضده ، أيقطع بظاهره ، أم يتوقف إلى أن يرد السماع بجلية حاله............................................................................ ٣٠٢

باب فى الاقتصار فى التقسيم على ما يقرب ويحسن لا على ما يبعد ويقبح............ ٣٠٤

باب فى خصوص ما يقنع فيه العموم من أحكام صناعة الإعراب.................... ٣٠٧

باب فى تركيب المذاهب....................................................... ٣٠٨

باب فى السلب............................................................... ٣١٠

باب فى وجوب الجائز.......................................................... ٣١٦

باب فى إجراء اللازم مجرى غير اللازم وإجراء غير اللازم مجرى اللازم.................. ٣١٨

باب فى إجراء المتصل مجرى المنفصل وإجراء المنفصل مجرى المتصل.................... ٣٢٤

باب فى احتمال اللفظ الثقيل لضرورة التمثيل..................................... ٣٢٧

باب فى الدلالة اللفظية والصناعية والمعنوية....................................... ٣٢٨

باب فى الاحتياط............................................................. ٣٣١

باب فى فك الصيغ........................................................... ٣٤١

باب فى كمية الحركات......................................................... ٣٤٧

باب فى مطل الحركات......................................................... ٣٤٨

باب فى مطل الحروف......................................................... ٣٥٢

باب فى إنابة الحركة عن الحرف والحرف عن الحركة................................. ٣٥٨

باب فى هجوم الحركات على الحركات............................................ ٣٦٢

باب فى شواذ الهمز............................................................ ٣٦٦

باب فى حذف الهمز وإبداله................................................... ٣٧٢

باب فى حرف اللين المجهول.................................................... ٣٧٧

باب فى بقاء الحكم مع زوال العلة............................................... ٣٨٠

٥٣١

باب فى توجه اللفظ الواحد إلى معنيين اثنين...................................... ٣٨٥

باب فى الاكتفاء بالسبب من المسبب وبالمسبب من السبب........................ ٣٩٣

باب فى كثرة الثقيل وقلة الخفيف................................................ ٣٩٧

باب القول على فوائت الكتاب................................................. ٤٠٣

ذكر الأمثلة الفائتة للكتاب.................................................... ٤٠٤

باب فى الجوار................................................................ ٤٣١

باب فى نقض الأصول وإنشاء أصول غيرها منها.................................. ٤٣٨

باب فى الامتناع من نقض الغرض............................................... ٤٤٢

باب فى التراجع عند التناهى.................................................... ٤٤٨

باب فيما يؤمنه علم العربية من الاعتقادات الدينية................................ ٤٥١

باب فى تجاذب المعانى والإعراب................................................. ٤٥٩

باب فى التفسير على المعنى دون اللفظ........................................... ٤٦٣

باب فى قوة اللفظ لقوة المعنى................................................... ٤٦٦

باب فى نقض الأوضاع إذا ضامها طارئ عليها.................................... ٤٧٠

باب فى الاستخلاص من الأعلام معانى الأوصاف................................. ٤٧١

باب فى أغلاط العرب......................................................... ٤٧٤

باب فى سقطات العلماء....................................................... ٤٨١

باب فى صدق النقلة وثقة الرواة والحملة.......................................... ٥٠٢

باب فى الجمع بين الأضعف والأقوى فى عقد واحد................................ ٥٠٥

باب فى جمع الأشباه من حيث يغمض الاشتباه................................... ٥١٠

باب فى المستحيل وصحة قياس الفروع على فساد الأصول.......................... ٥١٨

فهرس الموضوعات............................................................ ٥٢٩

* * *

٥٣٢