الخصائص - ج ٢

أبي الفتح عثمان بن جنّي

الخصائص - ج ٢

المؤلف:

أبي الفتح عثمان بن جنّي


المحقق: الدكتور عبد الحميد الهنداوي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٣
ISBN: 978-2-7451-3245-1
الصفحات: ٥٣٢

باب فى فك الصيغ

اعلم أن هذا موضع من العربيّة لطيف ، ومغفول عنه وغير مأبوه له. وفيه من لطف المأخذ وحسن الصنعة ما أذكره ، لتعجب منه ، وتأنق له.

وذلك أن العرب إذا حذفت من الكلمة حرفا ، إمّا ضرورة أو إيثارا ، فإنها تصوّر تلك الكلمة بعد الحذف منها تصويرا تقبله أمثلة كلامها ، ولا تعافه وتمجّه لخروجه عنها ؛ سواء كان ذلك الحرف المحذوف أصلا أم زائدا. فإن كان ما يبقى بعد ذلك الحرف مثالا تقبله مثلهم أقرّوه عليه. وإن نافرها وخالف ما عليها أوضاع كلمتها نقض عن تلك الصورة ، وأصير إلى احتذاء رسومها.

فمن ذلك أن تعتزم تحقير نحو منطلق أو تكسيره ؛ فلا بدّ من حذف نونه.

فإذا أنت حذفتها بقى لفظه بعد حذفها : مطلق ، ومثاله مفعل. وهذا وزن ليس فى كلامهم ؛ فلا بدّ إذا من نقله إلى أمثلتهم. ويجب حينئذ أن ينقل فى التقدير إلى أقرب المثل منه ؛ ليقرب المأخذ ، ويقلّ التعسّف. فينبغى أن تقدّره قد صار بعد حذفه إلى مطلق ؛ لأنه أقرب إلى مطلق من غيره ، ثم حينئذ من بعد تحقّره ، فتقول : مطيلق ، وتكسّره فتقول : مطالق ؛ كما تقول فى تحقير مكرم وتكسيره : مكيرم ومكارم. فهذا باب قد استقرّ ووضح ؛ فلتغن به عن إطالة القول بإعادة مثله. وسنذكر العلّة التى لها ومن أجلها وجب عندنا اعتقاد هذا فيه بإذن الله. فإن كان حذف ما حذف من الكلمة يبقّى منها بعده مثالا مقبولا (لم يكن لك بدّ فى الاعتزام عليه وإقراره) على صورته تلك البتّة. وذلك كقولك فى تحقير حارث على الترخيم : حريث. فهذا لمّا حذفت ألفه بقى من بعد على حرث ، فلم يعرض له بتغيير ؛ لأنه كنمر ، وسبط وحذر.

فمن مسائل هذا الباب أن تحقّر جحنفلا أو تكسّره ؛ فلا بدّ من حذف نونه ، فيبقى بعد : جحفل ، فلا بد من إسكان عينه إلى أن يصير : جحفل. ثم بعد ما تقول : جحيفل وجحافل. وإن شئت لم تغيّر واحتججت بما جاء عنهم من قولهم فى عرنتن : عرتن. فهذا وجه. ومنها تحقير سفرجل. فلا بدّ من حذف لامه ،

٣٤١

فيبقى : سفرج ، وليس من أمثلتهم ، فتنقله إلى أقرب ما يجاوره ، وهو سفرج كجعفر ، فتقول : سفيرج. وكذلك إن استكرهته على التكسير ، فقلت : سفارج.

فإن كسّرت حبنطى أو حقّرته بحذف نونه بقى معك : حبطى. وهذا مثال لا يكون فى الكلام وألفه للإلحاق ، فلا بدّ من أن تصيره إلى حبطى ؛ ليكون كأرطى. ثم تقول : حبيط وحباط ؛ كأريط وأراط. فإن حذفت ألفه بقى حبنط ؛ وهذا مثال غير معروف ؛ لأنه ليس فى الكلام فعنل ، فتنقله أيضا إلى حبنط ، ثم تقول : حبينط وحبانط. فإن قلت : ولا فى الكلام أيضا فعنل ، قيل : هو وإن لم يأت اسما فقد أتى فعلا ، وهو قلنسته ، فهذا فعنلته. وتقول فى تحقير جردحل : جريدح. وكذلك إن استكرهته على التكسير فقلت : جرادح ؛ وذلك أنك لمّا حذفت لامه بقى : جردح ، وهذا مثال معروف ؛ كدرهم ، وهجرع ، فلم يعرض للبقيّة بعد حذف الآخر. فإن حقّرت أو كسّرت (مستخرج) حذفت السين والتاء ، فبقى : مخرج ، فلم تغيّره ؛ فتقول : مخيرج ومخارج. فإن سمّيت رجلا دراهم ، ثم حقّرته حذفت الألف ، فبقى : درهم ، فأقررته على صورته ، ولم تغيّره ؛ لأنه مثال قد جاء عنهم ؛ وذلك قولهم : جندل ، وذلذل (١) ، وخنثر (٢). فتقول : دريهم. ولا تكسّره ؛ لأنك تعود إلى اللفظ الذى انصرفت عنه. فإن حقّرت نحو عذافر فحذفت ألفه لم تعرض لبقيّته ؛ لأنه يبرد فى يدك حينئذ عذفر ، وهذا قد جاء عنهم ؛ نحو علبط (٣) وخزخز (٤) و (عجلط وعكلط (٥)) ثم تقول : عذيفر ، وفى تكسيره : عذافر. فإن حقرت نحو قنفخر حذفت نونه ، ولم تعرض لبقيّته ؛ لأنه يبقى : قفخر. وهذا نظير دمثر وحبجر (٦) ؛ فتقول : قفيخر ؛ وقفاخر. فإن حقّرت نحو عوارض ودواسر (٧) حذفت الألف ، فبقى عورض ودوسر ، وهذا مثال ليس من كلامهم ؛ لأنه فوعل.

__________________

(١) ذلاذل القميص ما يلى الأرض من أسافله ، الواحد ذلذل. اللسان (ذلل).

(٢) الخنثر : الشىء الخسيس يبقى من متاع القوم فى الدار إذا تحملوا.

(٣) علبط : يقال رجل علبط وعلابط : ضخم عظيم. ولبن علبط : رائب خاثر جدا.

(٤) خزخز : هو القوىّ الشديد.

(٥) عجلط وعكلط : اللبن الخاثر.

(٦) حبجر : هو الغليظ.

(٧) دواسر : هو الشديد الضخم.

٣٤٢

إلا أنك مع ذلك لا تغيّره ؛ لأنه هو فواعل ، وإنما حذفت الألف وهى فى تقدير الثبات. ودليل ذلك توالى حركاته كتوالى حركات علبط وبابه ؛ فتقول فى تحقيره وتكسيره : عويرض ، وعوارض. ومثله هداهد وهداهد ، وقناقن وقناقن ، وجوالق وجوالق. فإن حقّرت نحو عنتريس أو كسّرته حذفت نونه ، فبقى فى التقدير عتريس. وليس فى الكلام شيء على فعليل ، فيجب أن تعدله إلى أقرب الأشياء منه ، فتصير إلى فعليل : عتريس ، فتقول : عتيريس ، وعتاريس. فإن حقّرت خنفقيقا حذفت القاف الأخيرة ، فيبقى : خنفقى ، وهذا فنعلى ، وهو مثال غير معهود ، فتحذف الياء ، فيبقى خنفق : فنعل ؛ كعنبس وعنسل ، فتقول فيه : خنيفق ، وخنافق. وعليه قول الراجز :

* بنى عقيل ماذه الخنافق*

وليس عنتريس كخنفقيق ؛ لأنه رباعيّ ، فلا بدّ من حذف نونه ، وخنفقيق ثلاثىّ ، فإحدى قافيه زائدة ، فلذلك حذفت الثانية ، وفيه شاهد لقول يونس فى أن الثانى من المكرّر هو الزائد.

والذى يدلّ على أن العرب إذا حذفت من الكلمة حرفا راعت حال ما بقى منه ، فإن كان مما تقبله أمثلتهم أقرّوه على صورته ، وإن خالف ذلك مالوا به إلى نحو صورهم قول الشّماخ :

حذاها من الصيداء نعلا طراقها

حوامى الكراع المؤيدات العشاوز (١)

ووجه الدلالة من ذلك أنه تكسير عشوزن ، فحذف النون لشبهها بالزائد ؛ كما حذفت الهمزة فى تحقير إسماعيل وإبراهيم لشبهها بالزائد فى قولهم : بريهيم وسميعيل ، وإن كانت عندنا أصلا. فلمّا حذف النون بقى معه عشوز ، وهذا مثال فعول ، وليس من صور أبنيتهم ، فعدله إلى عشوز ، وهذا مثال فعول ، ليلحق بجدول وقسور ثم كسّره فقال : عشاوز. والدليل على أنه قد نقله من عشوز إلى

__________________

(١) البيت من الطويل ، وهو للشماخ فى ديوانه ص ١٩٣ ، ولسان العرب (حبر) ، وأساس البلاغة (عوز) ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٨١٨ ، والمقتضب ٣ / ٨١. والصيداء : الحصى. والحوامى : الحجارة. أى حذاها حرّة نعالها الصخور. البيت فى اللسان (صيد). العشاوز : الواحد عشوز : ما صلب مسلكه من طريق أو أرض.

٣٤٣

عشوز أنه لو كان كسّره وهو على ما كان عليه من سكون واوه دون أن يكون قد حرّكها ، لوجب عليه همزها ، وأن يقال : عشائز ؛ لسكون الواو فى الواحد كسكونها فى عجوز ونحوها. فأما انفتاح ما قبلها فى عشوز فلا يمنعها الإعلال.

وذلك أن سبب همزها فى التكسير إنما هو سكونها فى الواحد لا غير. فأمّا اتّباعها ما قبلها وغير اتّباعها إياه فليس مما يتعلّق عليه حال وجوب الهمز أو تركه. فإذا ثبت بهذه المسألة حال هذا الحرف قياسا وسماعا جعلته أصلا فى جميع ما يعرض له شيء من هذا التحريف. ويدلّ عليه أيضا قولهم فى تحقير ألندد أليدّ ؛ ألا ترى أنه لمّا حذف النون بقى معه ألدد ، وهذا مثال منكور ، فلمّا نبا عنه أماله إلى أقرب الأمثلة منه ، وهو أفعل ، فصار ألدد ، فلمّا أفضى إلى ذلك ادّغمه ، فصار ألدّ ؛ لأنه جرى حينئذ مجرى ألدّ الذى هو مذكر لدّاء ؛ إذ كان صفة وعلى أفعل ، فانجذب حينئذ إلى باب أصمّ من صمّاء وأيل (١) من يلاء ؛ قال :

وكونى على الواشين لدّاد شغبة

كما أنا للواشى ألدّ شغوب

فلذلك قالوا فى تحقيره : أليدّ ، فادّغموه ومنعوه الصرف. وفى هذا بيان ما نحن عليه. فأمّا قول سيبويه فى نحو سفيرج وسفارج : إنه إنما حذف آخره ؛ لأن مثال التحقير والتكسير انتهى دونه ، فوجه آخر من الحجاج. والذى قلناه نحن شاهده العشاوز وأليدّ.

ومن فكّ الصيغة أن تريد البناء من أصل ذى زيادة فتلقيها عنه ، ثم ترتجل البناء منه مجرّدا منها. وذلك كأن تبنى من ساعد أو كاهل مثل جعفر ، أو غيره من الأمثلة ، فتفكّ عنه زائده وهو الألف ، فيبقى (ك ه ل) و (س ع د) لا عليك على أىّ صورة بقى بعد حذف زائده ـ لأنه إنما غرضك البناء من هذه المادّة مرتّبة من تقديم حروفها وتأخيرها على هذا الوضع ـ أفعلا كانت أم فعلا أم فعلا أم غير ذلك ؛ لأنه على أيّها بقى فالبناء منه سعدد وكهلل. وكذلك إن أردت البناء من منصور مثل قمحدوة قلت : نصرّوة. وذلك أنك لمّا أردت ذلك حذفت ميمه وواوه ، فبقى معك (ن ص ر) ، ولا عليك على أىّ مثال بقى ؛ على ما مضى.

__________________

(١) يقال رجل أيلّ والأنثى يلاء. والأيلّ : القصير الأسنان ، والجمع اليلّ. اللسان (يلل).

٣٤٤

ومن ذلك جميع ما كسّرته العرب على حذف زائده ؛ كقولهم فى جمع كروان : كروان. وذلك أنك لمّا حذفت ألفه ونونه بقى معك كرو ، فقلبت واوه ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها طرفا ، فصارت كرا ، ثم كسّرت (كرا) هذا على كروان ؛ كشبث وشبثان (١) ، وخرب وخربان (٢). وعليه قولهم فى المثل : أطرق كرا ؛ إنما هو عندنا ترخيم كروان على قولهم : يا حار. وأنشدنا لذى الرمة :

من آل أبى موسى ترى الناس حوله

كأنهم الكروان أبصرن بازيا (٣)

(فالواو الآن فى كروان إنما هى بدل من ألف كرا المبدلة من واو كروان).

ومنه قول الله سبحانه : (حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ) [الأحقاف : ١٥] وهو عند سيبويه تكسير شدّة على حذف زائدته. وذلك أنه لمّا حذف التاء بقى الاسم على شدّ ، ثم كسّره على أشدّ ، فصار كذئب وأذؤب ، وقطع وأقطع. ونظير شدّة وأشدّ قولهم : نعمة وأنعم ، وقال أبو عبيدة : هو جمع أشدّ على حذف الزيادة. قال : وربما استكرهوا على ذلك فى الشعر ؛ وأنشد بيت عنترة :

عهدى به شدّ النهار كأنّما

خضب اللّبان ورأسه بالعظلم (٤)

ألا تراه لمّا حذف همزة أشدّ بقى معه شدّ ، كما ترى ، فكسّره على أشدّ ، فصار كضبّ وأضبّ ، وصكّ وأصكّ.

ومن فكّ الصيغة ـ إلا أن ذلك إلى الزيادة لا إلى النقص ـ ما حكاه الفرّاء من

__________________

(١) الشّبث : دويبّة تسمى شحمة الأرض ؛ وقيل هى العنكبوت ، والجمع أشباث وشبثان. وانظر اللسان (شبث).

(٢) الخرب : الشعر المقشعرّ فى الخاصرة ، والخرب : ذكر الحبارى ، وقيل هى الحبارى كلها ، والجمع خراب وأخراب وخربان. وانظر اللسان (خرب).

(٣) البيت من الطويل ، وهو لذى الرمة فى ديوانه ص ١٣١٣ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٤١٢ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣٧٧ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٥٥٣ ، والمنصف ٣ / ٧٢.

(٤) البيت من الكامل ، وهو لعنترة فى ديوانه ص ٢١٣ ، ولسان العرب (شدد) ، وتاج العروس (شدد). اللّبان : الصدر. والعظلم : صبغ أحمر.

٣٤٥

قولهم فى جمع أتون : أتاتين (١). فهذا كأنه زاد على عينه عنيا أخرى ، فصار من فعول مخفّف العين إلى فعّول مشدّدها ، فتصوّره حينئذ على أتّون ، فقال فيه : أتاتين كسفّود وسفافيد ، وكلّوب وكلاليب. وكذلك قولهم فى تحقير رجل : رويجل (فهذا ليس) بتحقير رجل ، لكنه نقله من فعل إلى فاعل ، فصار إلى راجل ، ثم حينئذ قال فى تحقيره : رويجل. وعليه عندى قولهم فى جمع دانق : دوانيق. وذلك أنه زاد على فتحة عينه ألفا ، فصار داناق ، ثم كسّره على دوانيق ؛ كساباط وسوابيط. ولا يحسن أن يكون زاد حرف اللين على المكسور العين منهما ؛ لأنه كان يصير حينئذ إلى دانيق ، وهذا مثال معدوم عندهم ؛ ألا ترى أنه ليس فى كلامهم فاعيل. ولك فى دانق لغتان : دانق ودانق ، كخاتم وخاتم ، وطابق وطابق. وإن شئت قلت : لما كسّره فصار إلى دوانق أشبع الكسرة فصار : دوانيق ؛ كالصياريف (والمطافيل) وهذا التغيير المتوهّم كثير. وعليه باب جميع ما غيّرته الصنعة عن حاله ، ونقلته من صورة إلى صورة ؛ ألا تراك لمّا أردت الإضافة إلى عدىّ فحذفت ياءه الزائدة بقى معك عدى ، فأبدلت من الكسرة فتحة ، فصار إلى عدى ، ثم أبدلت من يائه ألفا فصار إلى عدا ، ثم وقعت ياء الإضافة من بعد ، فصار التقدير به إلى عداىّ ، ثم احتجت إلى حركة الألف التى هى لام لينكسر ما قبل ياء الإضافة ، فقلبتها واوا ، فقلت : عدوىّ. فالواو الآن فى (عدوى) إنما هى بدل من ألف عداىّ ، وتلك الألف بدل من ياء عدى ، وتلك الياء بدل واو عدوت ؛ على ما قدّمنا من حفظ المراتب ؛ فاعرف ذلك.

ومن فكّ الصيغة قوله :

قد دنا الفصح فالولائد ينظم

ن سراعا أكلّة المرجان (٢)

فهذا جمع إكليل ، فلمّا حذفت الهمزة وبقيت الكاف ساكنة فتحت ، فصار إلى كليل ، ليكون كدليل ونحوه ، فعليه جاء أكلّة ؛ كدليل وأدلّة.

__________________

(١) الأتّون ، بالتشديد : الموقد ، والعامة تخفّفه ، والجمع الأتاتين. اللسان (أتن). قال ابن خالويه :الأتون ، مخفف من الأتّون.

(٢) البيت من الخفيف ، وهو لحسان بن ثابت فى ديوانه ص ٣٢٣ ، وجمهرة اللغة ص ٥٤٢ ، والأغانى ١٥ / ١٥١ ، ١٦٢ ، وبلا نسبة فى لسان العرب (كلل) ، وتاج العروس (كلل). الفصح ، بالكسر : فطر النصارى ، وهو عيد لهم. والولائد : الجوارى.

٣٤٦

باب فى كمية الحركات

أمّا ما فى أيدى الناس فى ظاهر الأمر فثلاث. وهى الضمة والكسرة والفتحة.

ومحصولها على الحقيقة ستّ. وذلك أن بين كل حركتين حركة. فالتى بين الفتحة والكسرة هى الفتحة قبل الألف الممالة ؛ نحو فتحة عين عالم ، وكاف كاتب. فهذه حركة بين الفتحة والكسرة ؛ كما أن الألف التى بعدها بين الألف والياء ، والتى بين الفتحة والضمة هى التى قبل ألف التفخيم ؛ نحو فتحة لام الصلاة (والزكاة) والحياة. وكذلك ألف قام وعاد. والتى بين الكسرة والضمة ، ككسرة قاف قيل و (سين سير) فهذه الكسرة المشمّة ضمّا. ومثلها الضمة المشمّة كسرا ؛ كضمة قاف المنقر (١) ، وضمة عين مذعور ، و (باء ابن بور) فهذه ضمة أشربت كسرا ؛ كما أنها فى قيل وسير كسرة أشربت ضمّا. فهما لذلك كالصوت الواحد ؛ لكن ليس فى كلامهم ضمة مشربة فتحة ، ولا كسرة مشربة فتحة. فاعرف ذلك. ويدلّ على أن هذه الحركات معتدّات اعتداد سيبويه بألف الإمالة وألف التفخيم حرفين غير الألف (المفتوح ما قبلها).

* * *

__________________

(١) المنقر : البئر الكثيرة الماء.

٣٤٧

باب فى مطل الحركات

وإذا فعلت العرب ذلك أنشأت عن الحركة الحرف من جنسها. فتنشئ بعد الفتحة الألف ، وبعد الكسرة الياء ، وبعد الضمة الواو. فالألف المنشأة عن إشباع الفتحة ما أنشدناه أبو علىّ لابن هرمة يرثى ابنه : من قوله :

فأنت من الغوائل حين ترمى

ومن ذمّ الرجال بمنتزاح (١)

أراد : بمنتزح : مفتعل من النازح. وأنشدنا أيضا لعنترة :

* ينباع من ذفرى غضوب جسرة (٢) *

وقال : أراد ينبع ، فأشبع الفتحة ، فأنشأ عنها ألفا. وقال الأصمعىّ : يقال انباع الشجاع ، ينباع انبياعا إذا انخرط بين الصفّين ماضيا ، وأنشد فيه :

يطرق حلما وأناة معا

ثمّت ينباع انبياع الشجاع (٣)

__________________

(١) البيت من الوافر ، وهو لابن هرمة فى ديوانه ص ٩٢ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٣٠ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٥ ، ٢ / ٧١٩ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢٥ ، ولسان العرب (نزح) ، والمحتسب ١ / ٣٤٠ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٤٥ ، والإنصاف ١ / ٢٥ ، وخزانة الأدب ٧ / ٥٥٧ ، ولسان العرب (نجد) ، (حتن) ، والمحتسب ١ / ١٦٦.

(٢) صدر البيت من الكامل ، وهو لعنترة فى ديوانه ص ٢٠٤ ، والإنصاف ١ / ٢٦ ، وخزانة الأدب ١ / ١٢٢ ، ٨ / ٣٧٣ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٣٨ ، ٢ / ٧١٩ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢٤ ، ولسان العرب (غضب) ، (نبع) ، (زيف) ، (آ) ، والمحتسب ١ / ٢٥٨ ، ٣٤٠ ، وبلا نسبة فى رصف المبانى ص ١١ ، وشرح شافية ابن الحاجب ١ / ٧٠ ، ٢ / ٨٤ ، ولسان العرب (بوع) ، (تنف) ، (درم) ، (خظا) ومجالس ثعلب ٢ / ٥٣٩ ، والمحتسب ١ / ٧٨ ، ١٦٦ ، ٢٥٨. إنما أراد ينبع فأشبع فتحة الباء للضرورة فنشأت بعدها ألف وانظر اللسان (نبع). والذفرى :العظم الشاخص خلف الأذن. غضوب جسرة أوصاف لناقته ، يقال ناقة جسرة ومتجاسرة أى ماضية ، وقيل طويلة ضخمة.

(٣) البيت من السريع ، وهو للسفاح بن بكير اليربوعى فى تاج العروس (بوع) ، وشرح اختيارات المفضل ص ١٣٦٣ ، وبلا نسبة فى تهذيب اللغة ١٥ / ٧١ ، ومقاييس اللغة ١ / ٣١٩ ، ولسان العرب (بوع) ، (نبع) ، (ثمم). ويروى : (يجمع) مكان (يطرق). الشجاع : الحية الذكر.

٣٤٨

فهذا : انفعل ينفعل انفعالا ، والألف فيه عين. وينبغى أن تكون عينه واوا ؛ لأنها أقرب معنى من الياء هنا نعم وقد يمكن عندى أن تكون هذه لغة تولدت وذلك أنه لمّا سمع (ينباع) أشبه فى اللفظ ينفعل ، فجاءوا منه بماض ومصدر ؛ كما ذهب أبو بكر فيما حكاه أبو زيد من قولهم : ضفن الرجل يضفن إذا جاء ضيفا مع الضيف. وذلك أنه لمّا سمعهم يقولون : ضيفن ، وكانت فيعل أكثر فى الكلام من فعلن ، توهّمه فيعلا فاشتق الفعل منه ، بعد أن سبق إلى وهمه هذا فيه ، فقال : ضفن يضفن. فلو سئلت عن مثال ضفن يضفن على هذا القول لقلت إذا مثّلته على لفظه : فلن يفلن ؛ لأن العين قد حذفت. ولهذا موضع نذكره فيه مع بقيّة أغلاط العرب.

ومن مطل الفتحة عندنا قول الهذلىّ :

بينا تعنّقه الكماة وروغه

يوما أتيح له جرىء سلفع (١)

أى بين أوقات تعنقه ، ثم أشبع الفتحة فأنشأ عنها ألفا.

وحدّثنا أبو علىّ أن أحمد بن يحيى حكى : خذه من حيث وليسا ، قال : وهو إشباع ليس. وذهب إلى مثل ذلك فى قولهم آمين ، وقال : هو إشباع (فتحة الهمزة من أمين). فأمّا قول أبى العباس : إن آمين بمنزلة عاصين ، فإنما يريد به أن الميم خفيفة كعين عاصين. وكيف يجوز أن يريد به حقيقة الجمع ، وقد حكى عن الحسن رحمه‌الله أنه كان يقول : آمين : اسم من أسماء الله عزوجل. فأين بك فى اعتقاد معنى الجمع من هذا التفسير ، تعالى الله علوّا كبيرا.

وحكى الفرّاء عنهم : أكلت لحما شاة ، أراد : لحم شاة ، فمطل الفتحة ، فأنشأ عنها ألفا.

__________________

(١) البيت من الكامل ، وهو لأبى ذؤيب فى الأشباه والنظائر ٢ / ٤٨ ، وخزانة الأدب ٥ / ٢٥٨ ، ٧ / ٧١ ، ٧٣ ، ٧٤ ، والدرر ٣ / ١٢٠ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٥ ، ٢ / ٧١٠ ، وشرح أشعار الهذليين ١ / ٣٧ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٢٦٣ ، ٢ / ٧٩ ، وشرح المفصل ٤ / ٣٤ ، ولسان العرب (بين) ، وبلا نسبة فى رصف المبانى ص ١١ ، وشرح المفصل ٤ / ٩٩ ، ومغنى اللبيب ١ / ٣٧٠ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١١. السلفع : الجرىء الواسع الصدر.

٣٤٩

ومن إشباع الكسرة ومطلها ما جاء عنهم من الصياريف ، والمطافيل ، والجلاعيد.

فأما ياء مطاليق ومطيليق فعوض من النون المحذوفة ، وليست مطلا. قال أبو النجم :

* منها المطافيل وغير المطفل (١) *

وأجود من ذلك قول الهذلىّ :

* جنى النحل فى ألبان عوذ مطافل (٢) *

وكذلك قول الآخر :

*... الخضر الجلاعيد*

وإنما هى الجلاعد جمع جلعد ، وهو الشديد.

ومن مطل الضمّة قوله ـ فيما أنشدناه وغيره ـ :

وأننى حيث ما يشرى الهوى بصرى

من حيث ما سلكوا أدنو فأنظور (٣)

__________________

(١) المطفل : ذات الطفل من الإنسان والوحش معها طفلها ، وكذلك الناقة ، والجمع مطافيل ومطافل. اللسان (طفل).

(٢) عجز البيت من الطويل ، وهو لأبى ذؤيب الهذلى فى الدرر ٥ / ٧ ، وشرح أشعار الهذليين ١ / ١٤١ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٥٨٧ ، وشرح شواهد الشافية ص ١٤٤ ، ولسان العرب (بكر) ، (طفل) ، وتاج العروس (طفل) ، وبلا نسبة فى شرح شافية ابن الحاجب ٢ / ١٨٢ ، وهمع الهوامع ٢ / ٤٦. وصدره :

* وإن حديثا منك لو تعلمينه*

(٣) البيت من البسيط ، وهو لابن هرمه فى ملحق ديوانه ص ٢٣٩ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٤٥ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٢٩ ، والإنصاف ١ / ٢٤ ، والجنى الدانى ص ١٧٣ ، وخزانة الأدب ١ / ١٢١ ، ٧ / ٧ ، ٨ / ٢٢٠ ، ٣٧٣ ، والدرر ٦ / ٢٠٤ ، ورصف المبانى ١٣ / ٤٣٥ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٦ ، ٣٣٨ ، ٢ / ٦٣٠ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٨٥ ، والصاحبى فى فقه اللغة ص ٥٠ ، ولسان العرب (شرى) ، (الألف) ، (وا) ، والمحتسب ١ / ٢٥٩ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٣٦٨ ، والممتع فى التصريف ١ / ١٥٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٥٦. ويروى : (يثنى) مكان (يشرى).

٣٥٠

(يشرى : يحرّك ويقلق. ورواه لنا يسرى).

وقول الآخر :

ممكورة جمّ العظام عطبول

كأنّ فى أنيابها القرنفول (١)

فهذه هى الطريق. فما جاء منها قسه عليها.

* * *

__________________

(١) الرجز بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ٤٩ ، والإنصاف ١ / ٢٤ ، ولسان العرب (قرنفل) ، والممتع فى التصريف ١ / ١٥٦ ، وتهذيب اللغة ٩ / ٤١٦ ، وكتاب العين ٥ / ٢٦٣ ، والمخصص ١١ / ١٩٦ ، وتاج العروس (قرنفل) ويروى : (غيطاء جمّاء) مكان (ممكورة جم). ممكورة : هى المدمجة الخلق الشديدة البضعة. وجم العظم ، فهو أجمّ : كثر لحمه. ومرة جمّاء العظام : كثيرة اللحم عليها. العطبول : الطويل الصلب الأملس ، الطويل العنق. والبيت فى اللسان (قرنقل).

٣٥١

باب فى مطل الحروف

والحروف الممطولة هى الحروف الثلاثة الليّنة المصوّتة ، وهى الألف والياء والواو.

اعلم أن هذه الحروف أين وقعت ، وكيف وجدت (بعد أن تكون سواكن يتبعن بعضهن غير مدغمات) ففيها امتداد ولين ؛ نحو قام ، وسير به ، وحوت ، وكوز ، وكتاب ، وسعيد ، وعجوز. إلا أن الأماكن التى يطول فيها صوتها ، وتتمكن مدّتها ، ثلاثة. وهى أن تقع بعدها ـ وهى سواكن توابع لما (هو منهن) وهو الحركات من جنسهن ـ الهمزة ، أو الحرف المشدّد ، أو أن يوقف عليها عند التذكّر.

فالهمزة نحو كساء ، ورداء ، و (خطيئة ، ورزيئة) ، ومقروءة ، ومخبوءة. وإنما تمكن المدّ فيهن مع الهمز أن الهمزة حرف نأى منشؤه ، وتراخى مخرجه ، فإذا أنت نطقت بهذه الأحرف المصوّتة قبله ، ثم تماديت بهن نحوه طلن ، وشعن فى الصوت ، فوفين له ، وزدن (فى بيانه) و (مكانه) وليس كذلك إذا وقع بعدهن غيرها وغير المشدّد ؛ ألا تراك إذا قلت : كتاب ، وحساب ، وسعيد ، وعمود ، وضروب ، وركوب ، لم تجدهن لدنات ، ولا ناعمات ، ولا وافيات مستطيلات ؛ كما تجدهن كذلك إذا تلاهن الهمز أو الحرف المشدّد.

وأما سبب نعمتهنّ ووفائهن وتماديهن إذا وقع المشدّد بعدهن فلأنهن ـ كما ترى ـ سواكن ، وأوّل المثلين مع التشديد ساكن ، فيجفو عليهم أن يلتقى الساكنان حشوا فى كلامهم ، فحينئذ ما ينهضون بالألف بقوّة الاعتماد عليها ، فيجعلون طولها ووفاء الصوت بها ، عوضا ممّا كان يجب لالتقاء الساكنين : من تحريكها ، إذا لم يجدوا عليه تطرّقا ، ولا بالاستراحة إليه تعلقا. وذلك نحو شابّة ، ودابّة ، وهذا قضيب بكّر فى قضيب بكر ، وقد تمودّ الثوب ، وقد قوصّ بما عليه. وإذا كان كذلك فكلمّا رسخ الحرف فى المدّ كان حينئذ محفوظا بتمامه ، وتمادى الصوت به ، وذلك الألف ، ثم الياء ، ثم الواو. فشابّة إذا أوفى صوتا ، وأنعم جرسا من

٣٥٢

أختيها ، وقضيب بكّر أنعم وأتمّ من قوصّ به ، وتمودّ ثوبه ؛ لبعد الواو من أعرق الثلاث فى المدّ ـ وهى الألف ـ ، وقرب الياء إليها. نعم ، وربما لم يكتف من تقوى لغته ، ويتعالى تمكينه وجهارته ، بما تجشمه من مدّ الألف فى هذا الموضع ، دون أن يطغى به طبعه ، ويتخطى به اعتماده ووطؤه ، إلى أن يبدل من هذه الألف همزة ، فيحمّلها الحركة التى كان كلفا بها ، و (مصانعا بطول) المدّة عنها ، فيقول : شأبّة ودأبّة. وسنأتى بنحو هذا فى بابه ؛ قال كثيّر :

* إذا ما العوالى بالعبيط احمأرّت*

وقال :

وللأرض أمّا سودها فتجلّلت

بياضا وأمّا بيضها فاسوأدّت (١)

وهذا الهمز الذى تراه أمر يخصّ الألف دون أختيها. وعلّته فى اختصاصه بها دونهما ، أن همزها فى بعض الأحوال إنما هو لكثرة ورودها ساكنة بعدها الحرف المدغم ، فتحاملوا وحملوا أنفسهم على قلبها همزة ؛ تطرّقا إلى الحركة وتطاولا إليها ، إذ لم يجدوا إلى تحريكها هى سبيلا ، لا فى هذا الموضع ولا فى غيره.

وليست كذلك أختاها ؛ لأنهما وإن سكنتا فى نحو هذا قضيب بكّر وتمودّ الثوب فإنهما قد تحرّكان كثيرا فى غير هذا الموضع. فصار تحرّكهما فى غير هذا الموضع عوضا من سكونهما فيه. فاعرف ذلك فرقا.

وقد أجروا الياء والواو الساكنتين المفتوح ما قبلهما مجرى التابعتين لما هو منهما. وذلك نحو قولهم : هذا جيب بكّر أى جيب بكر ، وثوب بكّر ، أى ثوب بكر. وذلك أن الفتحة وإن كانت مخالفة الجنس للياء والواو فإن فيها سرّا ، له ومن أجله جاز أن تمتدّ الياء والواو بعدها فى نحو ما رأينا. وذلك أن أصل المدّ وأقواه ، وأعلاه وأنعمه وأنداه ، إنما هو للألف. وإنما الياء والواو فى ذلك محمولان عليها ، وملحقان فى الحكم بها ، والفتحة بعض الألف ، فكأنها إذا

__________________

(١) البيت من الطويل ، وهو لكثير عزة فى ديوانه ص ٣٢٣ ، والمخصص ١٠ / ١٦٦ ، ويروى :(فادهأمت) مكان (فاسوأدت). وهو يريد بتجلل الأرض بياضا واسوداد بياضها اضطرابها أو يريد أن قبورها أصبحت بيضا به ، وظهرها أصبح أسود بزواله عنه. (نجار).

٣٥٣

قدّمت قبلهما فى نحو بيت وسوط إنما قدمت الألف ؛ إذ كانت الفتحة بعضها ، فإذا جاءتا بعد الفتحة جاءتا فى موضع قد سبقتهما إليه الفتحة التى هى ألف صغيرة ، فكان ذلك سببا للأنس بالمدّ ، لا سيما وهما بعد الفتحة ـ لسكونهما ـ أختا الألف وقويّتا الشبه بها ؛ فصار ثوب وشيخ نحوا من شاخ وثاب ، فلذلك ساغ وقوع المدغم بعدهما. فاعرف ذلك.

وأمّا مدّها عند التذكر فنحو قولك : أخواك ضربا ، إذا كنت متذكّرا للمفعول به (أو الظرف أو نحو ذلك) أى ضربا زيدا ونحوه. وكذلك تمطل الواو إذا تذكّرت فى نحو ضربوا ، إذا كنت تتذكر المفعول أو الظرف أو نحو ذلك : أى ضربوا زيدا ، أو ضربوا يوم الجمعة ، أو ضربوا قياما فتتذكر الحال. وكذلك الياء فى نحو اضربى ، أى اضربى زيدا ونحوه.

وإنما مطلت ومدّت هذه الأحرف فى الوقف وعند التذكر ، من قبل أنك لو وقفت عليها غير ممطولة ولا ممكّنة المدّة ، فقلت : ضربا وضربوا واضربى وما كانت هذه حاله وأنت مع ذلك متذكر لم (توجد فى) لفظك دليلا على أنك متذكّر شيئا ، ولأوهمت كل الإيهام أنك قد أتممت كلامك ولم يبق من بعده مطلوب متوقّع لك ؛ لكنك لمّا وقفت ومطلت الحرف علم بذلك أنك متطاول إلى كلام تال للأوّل منوط به ، معقود ما قبله على تضمّنه وخلطه بجملته.

ووجه الدلالة من ذلك أن حروف اللين هذه الثلاثة إذا وقف عليهنّ ضعفن ، وتضاءلن ، ولم يف مدّهنّ ، وإذا وقعن بين الحرفين تمكّنّ ، واعترض الصدى معهنّ. ولذلك قال أبو الحسن : إن الألف إذا وقعت بين الحرفين كان لها صدى.

ويدلّ على ذلك أن العرب لمّا أرادت مطلهنّ للندبة وإطالة الصوت بهنّ فى الوقف ، وعلمت أن السكوت عليهن ينتقصهنّ ولا يفى بهن ، أتبعتهنّ الهاء فى الوقف ؛ توفية لهنّ ، وتطاولا إلى إطالتهنّ. وذلك قولك : وا زيداه ، وا جعفراه.

ولا بدّ من الهاء فى الوقف ، فإن وصلت أسقطتها ، وقام التابع غيرها فى إطالة الصوت مقامها. وذلك قولك : وا زيدا ، وا عمراه. وكذلك أختاها. وذلك قولهم : وانقطاع ظهرهيه ، ووا غلامكيه ، ووا غلامهوه ، ووا غلامهموه. وتقول فى الوصل : وا غلامهمو لقد كان كريما! وانقطاع ظهرهى من هذا الأمر!

٣٥٤

والمعنى الجامع بين التذكّر والندبة قوّة الحاجة إلى إطالة الصوت فى الموضعين.

فلمّا كانت هذه حال هذه الأحرف ، وكنت عند التذكّر كالناطق (بالحرف) المستذكر ، صار كأنه هو ملفوظ به. فتمّت هذه الأحرف وإن وقعن أطرافا ؛ كما يتممن إذا وقعن حشوا لا أواخر. فاعرف ذلك. (فهذه حال الأحرف الممطولة). وكذلك الحركات عند التذكّر يمطلن حتى يفين حروفا. فإذا صرنها جرين مجرى الحروف المبتدأة توامّ ، فيمطلن أيضا حينئذ ؛ كما تمطل الحروف. (وذلك) قولهم عند التذكر مع الفتحة فى قمت : قمتا ، أى قمت يوم الجمعة ، ونحو ذلك ، ومع الكسرة : أنتى ، أى أنت عاقلة ، ونحو ذلك ، ومع الضمة : قمتو ، فى قمت إلى زيد ، ونحو ذلك.

فإن كان الحرف الموقوف عليه ساكنا فعلى ضربين : (صحيح ومعتلّ). فالصحيح فى نحو هذا يكسر ، لأنه لا يجرى الصوت فى الساكن ، فإذا حرّك انبعث الصوت فى الحركة ، ثم انتهى إلى الحرف ، ثم أشبعت ذلك الحرف ، ومطلته. وذلك قولك فى نحو قد ـ وأنت تريد قد قام ونحوه ، إلا أنك تشكّ أو تتلوّم لرأى تراه من ترك المبادرة بما بعد ذلك ـ : قدى ، وفى من : منى ، وفى هل : هلى ، وفى نعم : نعمى ، أى نعم قد كان ، أو نعم هو هو (أو نحوه) مما تستذكر أو (تراخى بذكره).

وعليه تقول فى التذكّر إذا وقفت على لام التعريف : الى وأنت تريد : الغلام ، أو الخليل ، أو نحو ذلك.

وإنما كانت حركة هذا ونحوه الكسرة دون أختيها ، من قبل أنه ساكن قد احتيج إلى حركته ، فجرت حركته إذا مجرى حركة التقاء الساكنين فى نحو : (قُلِ اللهُمَ) [آل عمران : ٢٦] و (قُمِ اللَّيْلَ) [المزمل : ٢] وعليه أطلق المجزوم والموقوف فى القوافى المطلقة إلى الكسر ؛ نحو قوله :

* وأنك مهما تأمرى القلب يفعل (١) *

__________________

(١) عجز البيت من الطويل ، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ص ١٣ ، والدرر ٦ / ٣٠٨ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٣٨ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٢٠ ، وشرح قطر الندى ص ٨٥ ، والكتاب ٤ / ٢١٥ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ٥٦ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥١٤ ، وشرح المفصل ٧ / ٤٣ ، وهمع الهوامع ٢ / ٢١١. وصدره :

* أغرك منى أن حبك قاتلى*

٣٥٥

وقوله :

* لمّا تزل برحالنا وكأن قد (١) *

ونحو ممّا نحن عليه حكاية الكتاب : هذا سيفنى وهو يريد : سيف من أمره كذا ، أو من حديثه كذا. فلمّا أراد الوصل أثبت التنوين ، ولمّا كان ساكنا صحيحا لم يجر الصوت فيه ، فلما لم يجر فيه حرّكه بالكسر ـ كما يجب فى مثله ـ ثم أشبع كسرته ، فأنشأ عنها ياء ، فقال: سيفنى.

هذا حكم الساكن الصحيح عند التذكّر.

وأمّا الحرف المعتلّ فعلى ضربين : ساكن تابع لما قبله ؛ كقاما ، وقاموا ، وقومى ؛ وقد قدّمنا ذكر هذا ، ومعتل غير تابع لما قبله ، وهو الياء والواو الساكنتان بعد الفتحة ؛ نحو أى ، وكى ، ولو ، وأو. فإذا وقفت على شيء من ذلك مستذكرا كسرته ، فقلت : قمت كى ، أى كى تقوم ونحوه. وتقول فى العبارة : قد فعل كذا أيى ، معناه : أى أنه كذا ونحو ذلك. ومن كان من لغته أن يفتح أو يضمّ لالتقاء الساكنين فقياس قوله أن يفتح أيضا أو يضمّ عند التذكّر. روينا ذلك عن قطرب : قم الليل ، وبع الثوب ، فإذا تذكّرت قلت : قما ، وبعا ، وفى سر : سرا. وليس كذلك قراءة ابن مسعود : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً) [طه : ٤٤] لأن الألف علم ضمير تثنية موسى وهارون ، عليهما‌السلام. وأيضا فإنه لم يقف عليه ؛ ألا ترى أن بعده (لَهُ قَوْلاً لَيِّناً) وإنما هذه لغة لبعضهم ، يجرى حركة ألف التثنية وواو الجمع مجرى

__________________

(١) عجز البيت من الكامل ، وهو للنابغة الزبيانى فى ديوانه ص ٨٩ ، والأزهية ص ٢١١ ، والأغانى ١١ / ٨ ، والجنى الدانى ص ١٤٦ ، ٢٦٠ ، وخزانة الأدب ٧ / ١٩٧ ، ١٩٨ ، ١٠ / ٤٠٧ ، والدرر اللوامع ٢ / ٢٠٢ ، ٥ / ١٧٨ ، وشرح التصريح ١ / ٣٦ ، وشرح شواهد المغنى ص ٤٩٠ ، ٧٦٤ ، وشرح المفصل ٨ / ١٤٨ ، ٩ / ١٨ ، ٥٢ ، ولسان العرب (قدد) ، ومغنى اللبيب ص ١٧١ ، والمقاصد النحوية ١ / ٨٠ ، ٢ / ٣١٤ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ٥٦ ، ٣٥٦ ، وأمالى ابن الحاجب ١ / ٤٥٥ ، وخزانة الأدب ٩ / ٨ ، ١١ / ٢٦٠ ، ورصف المبانى ص ٧٢ ، ١٢٥ ، ٤٤٨ ، وسر صناعة الإعراب ص ٣٣٤ ، ٤٩٠ ، ٧٧٧ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٢ ، وشرح ابن عقيل ص ١٨ ، وشرح قطر الندى ص ١٦٠ ، وشرح المفصل ١٠ / ١١٠ ، ومغنى اللبيب ص ٣٤٢ ، والمقتضب ١ / ٤٢ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٣ ، ٢ / ٨٠. وصدره :

* أزف الترحل غير أن ركابنا*

٣٥٦

حركة التقاء الساكنين ، فيقول فى التثنية : بعا يا رجلان ، ويا رجال بعوا ، ويا غلامان قما. وعليه قراءة ابن مسعود هذه ، وبيت الضّبىّ :

*... لم يهلعوا ولم يخموا (١) *

يريد : يخيموا ، فجاء به على ما ترى. وروينا عن قطرب أن منهم من يقول : شمّ يا رجل. فإن تذكرت على هذه اللغة مطلت الضمة فوفّيتها واوا ، فقلت : شمّو. ومن العرب من يقرأ : (اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ) [البقرة : ١٦] ومنهم من يكسر فيقول : اشتروا الضلالة. ومنهم من يفتح فيقول : اشتروا الضلالة. فإن مطلت متذكّرا قلت على من ضمّ : اشترووا ، وعلى من كسر : اشتروى ، وعلى من فتح : اشتروا. وروينا عن محمد بن محمد عن أحمد بن موسى عن محمد بن الجهم عن يحيى بن زياد قول الشاعر (٢) :

فهم بطانتهم وهم وزراؤهم

وهم القضاة ومنهم الحكام (٣)

فإن وقفت على «هم» من قوله : وهم القضاة ، قلت : همى. وكذلك الوقوف على منهم الحكام : منهمى. فإن وقفت على «هم» من قوله : وهم وزراؤهم ، قلت : همو ؛ لأنك كذا رأيته فعل الشاعر لمّا قال فى أوّل البيت : فهمو ، ففصلت بين حركة التقاء الساكنين وغيرها كما فصل ، وإن شئت قلت : وهمى ، تريد : وهم وزراؤهم وقلت : وهمو تريد : وهم القضاة ، حملا على قوله : فهم بطانتهم ؛ لأنك إذا فعلت ذلك لم تعد أن حملت على نظير. وكلّما جاز شيء من ذلك عند وقفة التذكّر جاز فى القافية البتة على ما تقدّم. وعليه تقول : عجبت منا إذا أردت : من القوم على من فتح النون. ومن كسرها فقال : من القوم قال : منى.

فاعرف ذلك إلى ما يليه إن شاء الله.

__________________

(١) عجز البيت من المنسرح ، وهو لمحمد بن شحاذ الضبى فى لسان العرب (جمع) وتاج العروس (جمع). وصدره :

فى فتية كلما تجمعت ال

بيداء ..........

(٢) هو الفرّاء.

(٣) البيت من الكامل ، وهو بلا نسبة فى سر صناعة الإعراب ٢ / ٥٥٨ ، وشرح المفصل ٣ / ١٣٢ ، والمحتسب ١ / ٤٥.

٣٥٧

باب فى إنابة الحركة عن الحرف

والحرف عن الحركة

الأوّل منهما أن تحذف الحرف وتقرّ الحركة قبله نائبة عنه ، ودليلة عليه ، كقوله :

كفّاك كفّ لا تليق درهما

جودا وأخرى تعط بالسّيف الدما (١)

يريد : تعطى. وعليه بيت الكتاب :

* وأخو الغوان متى يشأ يصرمنه (٢) *

وبيته :

* دوامى الأيد يخبطن السريحا (٣) *

ومنه قول الله تعالى : (يا عِبادِ فَاتَّقُونِ) [الزمر : ١٦] وهو كثير فى الكسرة. وقد

__________________

(١) الرجز بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ٥٦ ، ٢ / ٦٠ ، والإنصاف ١ / ٣٨٧ ، وتذكرة النحاة ص ٣٢ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥١٩ ، ٧٧٢ ، والمنصف ٢ / ٧٤ ، وأساس البلاغة (ليق) ، وتاج العروس (ليق). وهو فى اللسان (ليق). ويقال فلان لا يليق بيده مال ولا يليق مالا ، أى لا يمتسك ، ولا يمسكه ، يصفه بالإنفاق.

(٢) صدر البيت من الكامل ، وهو للأعشى فى ديوانه ص ١٧٩ ، والدرر ٦ / ٢٤٢ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٩ ، والكتاب ١ / ٢٨ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ١ / ٣٨٧ ، وخزانة الأدب ١ / ٢٤٤ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥١٩ ، ٧٧٢ ، ولسان العرب (غنا) ، والمنصف ٢ / ٧٣ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٥٧. وعجزه :

* ويكن أعداء بعيد وداد*

(٣) عجز البيت من الوافر ، وهو لمضر بن ربعى فى شرح أبيات سيبويه ١ / ٦٢ ، وشرح شواهد الشافية ص ٤٨١ ، ولسان العرب (ثمن) ، (يدى) ، وله أو ليزيد بن الطثرية فى شرح شواهد المغنى ص ٥٩٨ ، ولسان العرب (جزز) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٩١ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ٦٠ ، والإنصاف ٢ / ٥٤٥ ، وجمهرة اللغة ص ٥١٢ ، وخزانة الأدب ١ / ٢٤٢ ، وسر صناعة الإعراب ص ٥١٩ ، ٧٧٢ ، والكتاب ١ / ٢٧ ، ٤ / ١٩٠ ، ولسان العرب (خبط) ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٢٥ ، والمنصف ٢ / ٧٣ ، وصدره :

* فطرت بمنصلى فى يعملات*

٣٥٨

جاء فى الضمة منه قوله :

إنّ الفقير بيننا قاض حكم

أن ترد الماء إذا غار النجم (١)

يريد النجوم ، فحذف الواو ، وأناب عنها الضمة ، وقوله :

* حتى إذا بلّت حلاقيم الحلق (٢) *

يريد الحلوق. وقال الأخطل :

كلمع أيدى مثاكيل مسلّبة

يندبن ضرس بنات الدهر والخطب (٣)

ومنه قول الله عزّ اسمه : (وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ) [الشورى : ٢٤] و (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ) [القمر : ٦] و (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) [العلق : ١٨] وكتب ذلك بغير واو (دليلا فى الخطّ على الوقوف عليه بغير واو) فى اللفظ. وله نظائر (وهذا) فى المفتوح قليل ؛ لخفّة الألف ؛ قال :

* مثل النقا لبّده ضرب الطلل (٤) *

ونحو منه قوله :

ألا لا بارك الله فى سهيل

إذا ما الله بارك فى الرجال (٥)

__________________

(١) الرجز بلا نسب فى الأشباه والنظائر ٢ / ٦١ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٦٣٢ ، ولسان العرب (نجم) ، والمحتسب ١ / ١٩٩ ، ٢٩٩ ، ٢ / ٨ ، والمنصف ١ / ٣٤٩ ، وتاج العروس (نجم).

(٢) الرجز بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ٦١ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٦٣٢ ، ولسان العرب (ستف) ، (حلق) ، والمنصف ١ / ٣٤٨ ، وتهذيب اللغة ٨ / ٤١٤ ، وتاج العروس (حلق).

(٣) البيت من البسيط ، وهو للأخطل فى ديوانه ص ٢٨٧ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٦١ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٦٣٢ ، ولسان العرب (خطب) ، (ضرس) ، (ثكل) ، (نجم) ، والمحتسب ١ / ١٩٩ ، ٢٠٠ ، ٢ / ٨ ، والمنصف ١ / ٣٤٨. المسلبة : لابسات السلاب ، وهو ثوب الحداد. أراد الخطوب فحذف الواو ، وقد يكون من باب رهن ورهن. اللسان (ضرس).

(٤) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب ١١ / ٤٠٥ (طلل). والطلل أصله الطلال ، وهو جمع الطل ، وهو المطر القليل الدائم. ويروى بفتح الطاء ، وأصله الطل. ففك التضعيف. وانظر اللسان (طلل).

(٥) البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة فى خزانة الأدب ١٠ / ٣٤١ ، ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، ورصف المبانى ـ ـ

٣٥٩

فحذف الألف من هذه اللفظة (الله). ومنه بيت الكتاب :

* أو الفا مكّة من ورق الحمى (١) *

يريد الحمام ، فحذف الألف فالتقت الميمان فغيّر على ما ترى. وقال أبو عثمان فى قول الله سبحانه : (يا أَبَتِ) [يوسف : ٤] أراد : يا أبتا ، فحذف الألف. وأنشد أبو الحسن وابن الأعرابىّ :

فلست بمدرك ما فات منّى

بلهف ولا بليت ولا لو أنّى (٢)

يريد بلهفى. وقد مضى نحو هذا.

الثانى منهما ، وهو إنابة الحرف عن الحركة. وذلك فى بعض الآحاد وجمع التثنية وكثير من الجمع.

فالآحاد نحو أبوك وأخوك وحماك وفاك وهنيك وذى مال. فالألف والياء والواو فى جميع هذه الأسماء الستة دواخل على الفتح والكسر والضم. ألا تراها تفيد من الإعراب ما تفيده الحركات : الضمة والفتحة والكسرة.

والتثنية نحو الزيدان والرجلين.

والجمع نحو الزيدون والمسلمين.

__________________

ص ٢٧٠ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٧٢١ ، ولسان العرب (أله) ، والمحتسب ١ / ١٨١ ، والممتع فى التصريف ٢ / ٦١١ ، وتاج العروس (أله).

(١) الرجز للعجاج فى ديوانه ٢ / ٤٥٣ ، ولسان العرب (ألف) ، (منى) ، ويروى (قواطنا) مكان (أوالفا). وفيه وجهان : أن يكون حذف الألف والميم وجر باقى الكلمة بالإضافة وألحقها الياء لوصل القافية. أو أن يكون حذف الألف فقط فصار الحمم ثم أبدل من الميم الثانية ياء استثقالا للتضعيف ، كما قالوا تظنيت فى تظننت ، ثم كسر ما قبل الياء لئلا تقلب ألفا فصار «الحمى» اللسان (حمم).

(٢) البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ٦٣ ، ١٧٩ ، والإنصاف ١ / ٣٩٠ ، وأوضح المسالك ٤ / ٣٧ ، وخزانة الأدب ١ / ١٣١ ، ورصف المبانى ص ٢٨٨ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٥٢١ ، ٢ / ٧٢٨ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٢٣٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٢١ ، وشرح قطر الندى ص ٢٠٥ ، ولسان العرب (لهف) ، والمحتسب ١ / ٢٧٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٤٨ ، والمقرب ١ / ١٨١ ، ٢ / ٢٠١ ، والممتع فى التصريف ٢ / ٦٢٢ ، ويروى : (ولست مكان (فلست).

٣٦٠