الخصائص - ج ٢

أبي الفتح عثمان بن جنّي

الخصائص - ج ٢

المؤلف:

أبي الفتح عثمان بن جنّي


المحقق: الدكتور عبد الحميد الهنداوي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٣
ISBN: 978-2-7451-3245-1
الصفحات: ٥٣٢

والرواية تحتمل التأويلين جميعا.

ومنها هيهات ، وهى عندنا من مضاعف الفاء فى ذوات الأربعة. ووزنها فعللة ، وأصلها هيهية ؛ كما أن أصل الزوزاة (١) والقوقاة والدوداة (٢) والشوشاة (٣) : الزوزوة والقوقوة والدودوة والشوشوة ، فانقلبت «اللام ألفا» فصارت هيهاة. والتاء فيها للتأنيث ، مثلها فى القوقاة والشوشاة. والوقوف عليها بالهاء. وهى مفتوحة فتحة المبنيّات. ومن كسر التاء فقال : هيهات فإن التاء تاء جماعة التأنيث ، والكسرة فيها كالفتحة فى الواحد. واللام عندنا محذوفة لالتقاء الساكنين ، ولو جاءت غير محذوفة لكانت هيهيات ، لكنها حذفت لأنها فى آخر اسم غير متمكّن ، فجاء جمعه مخالفا لجمع المتمكّن ؛ نحو الدوديات والشوشيات ، كما حذفت فى قولك :

ذان وتان واللّذان واللّتان.

وأمّا قول أبى الأسود :

على ذات لوث أو بأهوج شوشو

صنيع نبيل يملا الرحل كاهله (٤)

فسألت عنه أبا علىّ ، فأخذ ينظر فيه. فقلت له : ينبغى أن يكون بنى من لفظ الشوشاة مثال حجمرش (٥) ، فعاد إلى شوشوو ، فأبدل اللام الثالثة ياء لانكسار ما قبلها ، فعاد : شوشو ، فتقول على هذا فى نصبه : رأيت شوشويا ، فقبل ذلك ورضيه. ويجوز فيه عندى وجه آخر ، وهو أن يكون أراد : شوشويّا ، منسوبا إلى شوشاة ، ثم خفّف إحدى ياءي الإضافة.

وفى هيهات لغات : هيهاة ، وهيهاة وهيهات ، وهيهات ، وأيهات ، وأيهات» ، وأيهات ، وأيهاتا ، وأيهان بكسر النون ، حكاها لنا أبو على عن أحمد بن يحيى

__________________

(١) الزوزاة : مصدر زوزى : نصب ظهره وقارب خطوه فى سرعة. اللسان (زوى).

(٢) الدّوداة : هى أثر أرجوحة الصبى ، والجمع الدّوادى. اللسان (دود).

(٣) الشوشاة : يقال : ناقة شوشاة ، سريعة.

(٤) البيت من الطويل ، وهو لأبى الأسود الدؤلى فى ديوانه ص ٥٩ ، ولسان العرب (هوج) ، (شوا) ، وتاج العروس (هوج) ، ويروى (دوسر) مكان (شوشو). اللوث : القوة ، أى ناقة قوية. الشّوشوى : السريع.

(٥) الجحمرش : من معانيها العجوز الكبيرة.

٢٨١

(وأيها) والاسم بعدها مرفوع على حدّ ارتفاع الفاعل بفعله ؛ قال جرير :

فهيهات هيهات العقيق ومن به

وهيهات خلّ بالعقيق نواصله (١)

وقال أيضا :

هيهات منزلنا بنعف سويقة

كانت مباركة من الأيّام (٢)

وأما قوله :

* هيهات من منخرق هيهاؤه (٣) *

فهذا كقولك : بعد بعده ، وذلك أنه بنى من هذا اللفظ فعلالا ، فجاء به مجىء دهدرّين القلقال والزلزال. والألف فى هيهات غير الألف فى هيهاؤه ، هى فى هيهات لام الفعل الثانية ، كقاف الحقحقة الثانية ، وهى فى هيهاؤه ألف الفعلال الزائدة. وهى فى هيهات فيمن كسر غير تينك ، إنما هى التى تصحب تاء الهندات والزينبات. وذكر سيبويه أن منهم من يقال له : إليك ، فيقول : إلىّ [إلىّ] ؛ فإلىّ هنا : اسم أتنحى. وكذلك قول من قيل له : إيّاك ، فقال : إيّاى ، أى إيّاى لأتقين.

ومنها قولهم : همهام ، وهو اسم فنى. وفيها لغات : همهام وحمحام ومحماح ،

__________________

(١) البيت من الطويل ، وهو لجرير فى ديوانه ص ٩٦٥ ، والأشباه والنظائر ٨ / ١٣٣ ، والدرر ٥ / ٣٢٤ ، وشرح التصريح ١ / ٣١٨ ، ٢ / ١٩٩ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٤٣ ، وشرح المفصل ٤ / ٣٥ ، ولسان العرب (هيه) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٧ ، ٤ / ٣١١ ، وكتاب العين ١ / ٦٤ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك (٢ / ١٩٣ ، ٤ / ٨٧ ، وسمط اللآلى ص ٣٦٩ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٠٠١ ، وشرح شذور الذهب ص ٥١٦ ، وشرح قطر الندى ص ٢٥٦ ، والمقرب ١ / ١٣٤ ، وهمع الهوامع ٢ / ١١١ ، ويروى (وأهله) مكان (ومن به).

(٢) البيت من الكامل ، وهو لجرير فى ملحق ديوانه ص ١٠٣٩ ، وخزانة الأدب ٥ / ٤٣٠ ، وشرح المفصل ٤ / ٣٦ ، ٦٧ ، والكتاب ٤ / ٢٠٦ ، وبلا نسبة فى سر صناعة الإعراب ٢ / ٧٧٤ ، ولسان العرب (سوق) ، (روى) ، (قوا) ، ويروى (أيهات) مكان (هيهات) ، (الأيّامى) مكان (الأيام). نعف سويقة : موضع.

(٣) الرجز لرؤبة فى ديوانه ص ٤ ، وشرح المفصل ٤ / ٦٨ ، والمحتسب ٢ / ٩٣ ، وتهذيب اللغة ٦ / ٤٨٣ ، وتاج العروس (كبد) ، (هتك) ، وللعجاج فى لسان العرب (هيا) ، ولم أقع عليه فى ديوانه وبلا نسبة فى المخصص ٣ / ٤٣ ، وقبله :

* يرمى بأنقاض السّرى أرجاؤه*

٢٨٢

وبحباح. أنشد أحمد بنى يحيى :

أولمت يا خنّوت شرّا إيلام

فى يوم نحس ذى عجاج مظلام (١)

ما كان إلا كاصطفاق الأقدام

حتى أتيناهم فقالوا : همهام (٢)

فهذا اسم فنى ، وقوله سبحانه : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) [القيامة : ٣٤] هو اسم دنوت من الهلكة. قال الأصمعىّ فى قولها :

* فأولى لنفسى أولى لها*

قد دنت من الهلاك. وحكى أبو زيد : هاه (٣) الآن وأولاة الآن ، فأنّث أولى ، وهذا يدلّ على أنه اسم لا فعل كما يظنّ ؛ وهاه اسم قاربت ، وهى نحو أولى لك.

فأمّا الدليل على أن هذه الألفاظ أسماء فأشياء وجدت فيها لا توجد إلّا فى الأسماء. منها التنوين الذى هو علم التنكير. وهذا لا يوجد إلا فى الاسم ؛ نحو قولك : هذا سيبويه وسيبويه آخر. ومنها التثنية ، وهى من خواصّ الأسماء ، وذلك قولهم دهدرّين. وهذه التثنية لا يراد بها ما يشفع الواحد ممّا هو دون الثلاثة. وإنما الغرض فيها التوكيد بها ، والتكرير لذلك المعنى ؛ كقولك بطل بطل ، فأنت لا تريد أن تنفى كونه مرّة واحدة ، بل غرضك فيه متابعة نفيه وموالاة ذلك ؛ كما أن قولك : لا يدين بها لك ، لست تقصد بها نفى يدين ثنتين ، وإنما تريد نفى جميع قواه ، وكما قال الخليل فى قولهم : لبّيك وسعديك ، إن معناهما أن كلما كنت فى أمر فدعوتنى إليه أجبتك وساعدتك عليه. وكذلك قوله :

إذا شقّ برد شقّ بالبرد مثله

دواليك حتى ليس للبرد لابس (٤)

__________________

(١) الخنوت : العىّ الأبله. اللسان (خنت).

(٢) الرجز بل نسبة فى لسان العرب (ظلم) ، (همم) ، وتهذيب اللغة ٥ / ٣٨٣ ، وجمهرة اللغة ص ١٢٩٧ ، وتاج العروس (ظلم) ، (همهم).

(٣) هاه : هى كلمة وعيد.

(٤) البيت من الطويل ، وهو لسحيم عبد بنى الحسحاس فى ديوانه ص ١٦ ، وجمهرة اللغة ص ٤٣٨ ، والدرر ٣ / ٦٥ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٧ ، وشرح المفصل ١ / ١١٩ ، والكتاب ١ / ٣٥٠ ، ولسان العرب (هذذ) ، (دول) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٠١ ، وتاج العروس (دول) ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١١٨ ، وجمهرة اللغة ص ١٢٧٢ ، ورصف المبانى ص ١٨١ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣١٣ ، ومجالس ثعلب ١ / ١٥٧ ، والمحتسب ٢ / ٢٧٩ ، وهمع الهوامع ١ / ١٨٩.

٢٨٣

أى مداولة بعد مداولة. فهذا على العموم ، لا على دولتين ثنتين. وكذلك قولهم : دهدرّين أى بطل بطلا بعد بطل.

ومنها وجود الجمع فيها فى هيهات ، والجمع مما (يختصّ بالاسم). ومنها وجود التأنيث فيها فى هيهاة وهيهات وأولاة الآن وأفّى ، والتأنيث بالهاء والألف من خواصّ الأسماء. ومنها الإضافة ، وهى قولهم : دونك ، وعندك ، ووراءك ، ومكانك ، وفرطك ، وحذرك. ومنها وجود لام التعريف فيها ؛ نحو النجاءك. فهذا اسم انج. ومنها التحقير ، وهو من خواصّ الأسماء. وذلك قولهم : رويدك.

وببعض هذا ما (يثبت ما دعواه) أضعاف هذا.

فإن قيل : فقد ثبت بما أوردته كون هذه الكلم أسماء ، ولكن ليت شعرى ما كانت الفائدة فى التسمية لهذه الأفعال بها؟

فالجواب عن ذلك من ثلاثة أوجه :

أحدها السّعة فى اللغة ، ألا تراك لو احتجت فى قافية بوزن قوله :

* قدنا إلى الشأم جياد المصرين*

لأمكنك أن تجعل إحدى قوافيها «دهدرّين» ، ولو جعلت هنا ما هذا اسمه ـ وهو بطل ـ لفسد وبطل. وهذا واضح.

والآخر المبالغة. وذلك أنك فى المبالغة لا بدّ أن تترك موضعا إلى موضع ، إما لفظا إلى لفظ ، وإما جنسا إلى جنس ، فاللفظ كقولك : عراض ، فهذا قد تركت فيه لفظ عريض. فعراض إذا أبلغ من عريض. وكذلك رجل حسّان ووضاء ؛ فهو أبلغ من قولك : حسن ، ووضيء ، وكرّام أبلغ من كريم ؛ لأن كريما على كرم ، وهو الباب ، وكرّام خارج عنه. فهذا أشدّ مبالغة من كريم. قال الأصمعىّ : الشىء إذا فاق فى جنسه قيل له : خارجىّ. وتفسير هذا ما نحن بسبيله ، وذلك أنه لمّا خرج عن معهود حاله أخرج أيضا عن معهود لفظه. ولذلك أيضا إذا أريد بالفعل المبالغة فى معناه ، أخرج عن معتاد حاله من التصرف فمنعه. وذلك نعم وبئس وفعل التعجب. ويشهد لقول الأصمعىّ بيت طفيل :

٢٨٤

وعارضتها رهوا على متتابع

شديد القصيرى خارجىّ محنب (١)

والثالث ما فى ذلك من الإيجاز والاختصار ، وذلك أنك تقول للواحد : صه ، وللاثنين : صه و (للجماعة : صه) ، وللمؤنث. ولو أردت المثال نفسه وجب فيه التثنية والجمع والتأنيث ، وأن تقول : اسكتّا (واسكتوا) واسكتى واسكتن. وكذلك جميع الباب.

فلمّا اجتمع فى تسمية هذه الأفعال ما ذكرناه من الاتساع ومن الإيجاز ومن المبالغة ، عدلوا إليها بما ذكرنا من حالها. ومع ذلك فإنهم أبعدوا أحوالها من أحوال الفعل المسمى بها ، وتناسوا تصريفه ، لتناسيهم حروفه. يدلّ على ذلك أنك لا تقول : صه فتسلم ؛ كما تقول : اسكت فتسلم ، ولامه فتستريح ، كما تقول : اكفف فتستريح. وذلك أنك إذا أجبت بالفاء فإنك إنما تنصب لتصوّرك فى الأوّل معنى المصدر ، وإنما يصحّ ذلك لاستدلالك عليه بلفظ فعله ؛ ألا تراك إذا قلت : زرنى فأكرمك ، فإنك إنما نصبته ، لأنك تصوّرت فيه : لتكن زيارة منك فإكرام منّى. ف (زرنى) دلّ على الزيارة ، لأنه من لفظه ، فدلّ الفعل على مصدره ، كقولهم : من كذب كان شرّا له ، أى كان الكذب ؛ فأضمر الكذب لدلالة فعله ـ وهو كذب ـ عليه ، وليس كذلك صه ، لأنه ليس من الفعل فى قبيل ولا دبير (٢) ، وإنما هو صوت أوقع موقع حروف الفعل ، فإذا لم يكن صه فعلا ولا من لفظه قبح أن يستنبط منه معنى المصدر لبعده عنه.

فإن قلت : فقد تقول : أين بيتك فأزورك ، وكم مالك فأزيدك عليه ، فتعطف بالفعل المنصوب وليس قبله فعل ولا مصدر ، فما الفرق بين «ذلك وبين صه»؟

قيل : هذا كلام محمول على معناه ؛ ألا ترى أن قولك : «أين بيتك» قد دخله معنى أخبرنى ، فكأنه قال : ليكن منك تعريف لى ومنّى زيارة لك.

__________________

(١) البيت من الطويل ، وهو لطفيل الغنوى فى ديوانه ص ٢٦ ، ولسان العرب (خرج) ، ومقاييس اللغة ٤ / ٢٧٢ ، وكتاب الجيم ٢ / ٢٤ ، وتاج العروس (خرج) ، (عض). الرهو من الأضداد ، يكون السير السهل ويكون السريع ، والمقصود هنا : السير السهل والقصيرى : ضلع الخلف. والمحنب : الذى فى ذراعه ما يشبه التحدّب.

(٢) أصل هذا المثل : ما يعرف قبيلا من دبير ، والقبيل : القبل ، والدبير : الدبر.

٢٨٥

فإن قيل : (وكيف ذلك) أيضا؟ هلا جاز صه فتسلم ، لأنه محمول على معناه ؛ ألا ترى أن قولك : صه فى معنى : ليكن منك سكوت فتسلم.

قيل : يفسد هذا من قبل أن صه لفظ قد انصرف إليه عن لفظ الفعل الذى هو اسكت ، وترك له ، ورفض من أجله. فلو ذهبت تعاوده وتتصوّره أو تتصوّر مصدره لكانت تلك معاودة له ورجوعا إليه بعد الإبعاد عنه ، والتحامى للّفظ به ، فكان ذلك يكون كادغام الملحق ، لما فيه من نقض الغرض. وليس كذلك أين بيتك ، لأن هذا ليس لفظا عدل إليه عن : «عرّفنى بيتك» على وجه التسمية له به ، ولأن هذا قائم فى ظله الأوّل من كونه مبتدأ (وخبرا) ؛ وصه ومه قد تنوهى فى إبعاده عن الفعل البتّة ؛ ألا تراه يكون مع الواحد والواحدة والاثنين والاثنتين وجماعة الرجال والنساء : صه على صورة واحدة ، ولا يظهر فيه ضمير ، على قيامه بنفسه وشبهه بذلك بالجملة المركّبة. فلمّا تناءى عن الفعل هذا التنائى ، وتنوسيت أغراضه فيه هذا التناسى ، لم يجز فيما بعد أن تراجع أحكامه ، وقد درست معارفه وأعلامه ؛ فاعرف ذلك.

فأمّا دراك ونزال ونظار فلا أنكر النصب على الجواب بعده ، فأقول : دراك زيدا فتظفر به ، ونزال إلى الموت فتكسب الذكر الشريف به ، لأنه وإن لم يتصرّف فإنه من لفظ الفعل ؛ ألا تراك تقول : أأنت سائر فأتبعك ، فتقتضب من لفظ اسم الفاعل معنى المصدر وإن لم يكن فعلا كما قال الآخر :

إذا نهى السفيه جرى إليه

وخالف والسفيه إلى خلاف (١)

فاستنبط من السفيه معنى السّفه ، فكذلك ينتزع من لفظ دراك معنى المصدر وإن لم يكن فعلا.

هذا حديث هذه الأسماء فى باب النصب.

فأما الجزم فى جواباتها فجائز حسن ، وذلك قولك : صه تسلم ، ومه تسترح ،

__________________

(١) البيت من الوافر ، وهو لأبى قيس بن الأسلت الأنصارى فى إعراب القرآن ص ٩٠٢ ، والأشباه والنظائر ٥ / ١٧٩ ، وأمالى المرتضى ١ / ٢٠٣ ، والإنصاف ١ / ١٤٠ ، وخزانة الأدب ٣ / ٣٦٤ ، ٤ / ٢٢٦ ، ٢٢٧ ، ٢٢٨ ، والدرر ١ / ٢١٦ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٢٤٤ ، ومجالس ثعلب ص ٧٥ ، والمحتسب ١ / ١٧٠ ، ٢ / ٣٧٠ ، وهمع الهوامع ١ / ٦٥.

٢٨٦

ودونك زيدا تظفر بسلبه ؛ ألا تراك فى الجزم لا تحتاج إلى تصوّر معنى المصدر ، لأنك لست تنصب الجواب فتضطرّ إلى تحصيل معنى المصدر الدالّ على أن والفعل. وهذا واضح.

فإن قيل : فمن أين وجب بناء هذه الأسماء؟ فصواب القول فى ذلك أن علّة بنائها إنما هى تضمّنها معنى لام الأمر ، ألا ترى أن صه بمعنى اسكت ، وأنّ أصل اسكت لتسكت ؛ كما أن أصل قم لتقم ، واقعد لتقعد ؛ فلمّا ضمنت هذه الأسماء معنى لام الأمر شابهت الحرف فبنيت ؛ كما أن كيف ومن وكم لمّا تضمّن كل واحد منها معنى حرف الاستفهام بنى ؛ وكذلك بقيّة الباب.

فأمّا قول من قال فى نحو هذا : إنه إنما بنى لوقوعه موقع المبنىّ ، يعنى أدرك واسكت ؛ فلن يخلو من أحد أمرين : إما أن يريد أن علّة بنائه إنما هى نفس وقوعه موقع المبنىّ لا غير ، وإمّا أن يريد أنّ وقوعه موقع فعل الأمر ضمّنه معنى حرف الأمر. فإن أراد الأوّل فسد ، لأنه إنما علة بناء الاسم تضمّنه معنى الحرف ، أو وقوعه موقعه. هذا هو علّة بنائه لا غير ، وعليه قول سيبويه والجماعة.

فقد ثبت بذلك أن هذه الأسماء ، نحو صه وإيه وويها وأشباه ذلك ؛ إنما بنيت لتضمّنها معنى حرف الأمر لا غير.

فإن قيل : ما أنكرت من فساد هذا القول ، من قبل أن الأسماء التى سمّى بها الفعل فى الخبر مبنيّة أيضا ، نحو أفّ وأوّتاه وهيهات ، وليست بينها وبين لام الأمر نسبة؟ قيل : القول هو الأوّل. فأما هذه فإنها محمولة فى ذلك على بناء الأسماء المسمّى بها الفعل فى الأمر والنهى ، ألا ترى أن الموضع فى ذلك لها ، لما قدّمناه من ذكرها ، وأنهما بالأفعال لا غير ، ولا يكونان إلا به ، والخبر قد يكون بالأسماء من غير اعتراض فعل فيه ، نحو أخوك زيد وأبوك جعفر. فلمّا كان الموضع فى ذلك إنما هو لأفعال الأمر والنهى ، وكانا لا يكونان إلا بحرفيهما : اللام ولا ، حمل ما سمّى به الفعل فى الخبر على ما سمّى به فى الأمر والنهى ، كما يحمل هذا الحسن الوجه على هذا الضارب الرجل ؛ وكما حمل أنت الرجل العبد (على أنت الرجل العلم والحلم) ونحو ذلك.

فإن قيل : هذا يدعوك إلى حمل شيء على شيء ، ولو سلكت طريقنا لما

٢٨٧

احتجت إلى ذلك ؛ ألا ترى أن الأسماء المسمّى بها الفعل فى الخبر واقعة موقع المبنىّ وهو الماضى ، كما أنها فى الأمر واقعة موقع المبنىّ ، وهو اسكت.

قيل : ما أحسن هذا لو سلم أوّل ؛ ولكن من لك بسلامته؟ أم من يتابعك على أن علّة بناء الأسماء فى العربية كلها شيء غير مشابهتها للحرف؟ فإذا كان كذلك لم يكن لك مزحل عمّا قلناه ، ولا معدل عما أفرطناه وقدّمناه. وأيضا فإن اسكت ـ لعمرى ـ مبنىّ ، فما تصنع بقولهم : حذرك زيدا الذى هو نهى؟ أليس فى موضع لا تقرب زيدا ، و (تقرب) من لا تقرب معرب ، ولهذا سماه سيبويه نهيا؟ فإن قلت : إن النهى فى هذا محمول على الأمر صرت إلى ما صرفتنا عنه ، وسوّأت إلينا التمسك به ؛ فاعرف هذا فإنه واضح.

* * *

٢٨٨

باب فى أن سبب الحكم قد يكون سببا لضده

(على وجه)

هذا باب ظاهره التدافع ، وهو مع استغرابه صحيح واقع ؛ وذلك نحو قولهم :القود ، والحوكة ، والخونة ، وروع ، وحول ، وعور ، و (عوز لوز) (١) وشول ؛ قال :

* شاو مشلّ شلول شلشل شول (٢) *

وتلخيص هذه الجملة أن كلّ واحد من هذه الأمثلة قد جاء مجيئا مثله مقتض للإعلال ، وهو مع ذلك مصحّح ، وذلك أنه قد تحرّكت عينه ، وهى معتلّة ، وقبلها فتحة ، وهذا يوجب قلبها ألفا ، كباب ، ودار ، وعاب ، وناب ، ويوم راح ، وكبش صاف ، إلا أن سبب صحّته طريف ، وذلك أنهم شبّهوا حركة العين التابعة لها بحرف اللين التابع لها ، فكأن فعلا فعال ، وكأنّ فعلا فعيل. فكما يصحّ نحو جواب ، وهيام ، وطويل ، وحويل ، فعلى نحو من ذلك صحّ باب القود والحوكة والغيب والروع والحول والشول ، من حيث شبّهت فتحة العين بالألف من بعدها (وكسرتها بالياء من بعدها).

ألا ترى إلى حركة العين التى هى سبب الإعلال كيف صارت على وجه آخر (سببا للتصحيح) وهذا وجه غريب المأخذ. وينبغى أن يضاف هذا إلى احتجاجهم فيه بأنه خرج على أصله منبهة على ما غيّر من أصل بابه. ويدلّك على أنّ فتحة العين قد أجروها فى بعض الأحوال مجرى حرف اللين قول مرّة بن محكان :

__________________

(١) عوز : وصف من عوز الرجل ، إذا افتقر. ولوز : إتباع له.

(٢) عجز البيت من البسيط ، وهو للأعشى فى ديوانه ص ١٠٩ ، ولسان العرب (حنت) ، (شلل) ، (شول) ، وتهذيب اللغة ١١ / ٢٧٧ ، ٤١٢ ، وجمهرة اللغة ص ٨٨٠ ، وتاج العروس (حنت) ، (شلل) ، (شول). والشاوى : الذى يشوى اللحم ، والمشل : الخفيف ، والشّول الذى يشول بالشىء الذى يشتريه صاحبه ، أى يرفعه. ورجل شول أى خفيف فى العمل والخدمة مثل شلشل. والشول : الخفيف. اللسان (شول).

٢٨٩

فى ليلة من جمادى ذات أندية

لا يبصر الكلب من ظلمائها الطنبا (١)

فتكسيرهم ندى على أندية يشهد بأنهم أجروا ندى ـ وهو فعل ـ مجرى فعال ، فصار لذلك ندى وأندية كغداء وأغدية. وعليه قالوا : باب وأبوبة و (خال وأخولة) (٢). وكما أجروا فتحة العين مجرى الألف الزائدة بعدها ، كذلك أجروا الألف الزائدة بعدها مجرى الفتحة. وذلك قولهم : جواد وأجواد ، وصواب وأصواب ، جاءت فى شعر الطرمّاح. وقالوا : عراء وأعراء ، وحياء وأحياء ، وهباء وأهباء. فتكسيرهم فعالا على أفعال كتكسيرهم فعلا على أفعلة. هذا هنا ، كذلك ثمّة. وعلى ذلك ـ عندى ـ ما جاء عنهم من تكسير فعيل على أفعال ؛ نحو يتيم وأيتام ، وشريف وأشراف ، حتى كأنه إنما كسر فعل لا فعيل ، كنمر وأنمار ، وكبد وأكباد ، وفخذ وأفخاذ. ومن ذلك قوله :

إذا المرء لم يخش الكريهة أوشكت

حبال الهوينى بالفتى أن تقطّعا (٣)

وهذا عندهم قبيح ، وهو إعادة الثانى مظهرا بغير لفظه الأوّل ؛ وإنما سبيله أن

__________________

(١) البيت من البسيط ، وهو لمرة بن محكان فى الأغانى ٣ / ٣١٨ ، وسر صناعة الإعراب ص ٦٢٠ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٩٣ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٥٦٣ ، ولسان العرب (ندى) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥١٠ ، والمقتضب ٣ / ٨١ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٢٩٤ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٦٥٦ ، وشرح شافية ابن الحاجب ص ٣٢٩ ، وشرح المفصل ١٠ / ١٧ ، ولسان العرب رجل ويروى (ظلماتها) مكان (ظلمائها). الطّنب والطّنب معا : حبل الخباء والسرادق ونحوهما. قبله :

يا ربة البيت قومى غير صاغرة

ضمى إليك رحال القوم والقربا

وهو يخاطب امرأته أن تعنى بأمتعة الضيوف الذين نزلوا به فى ليلة باردة ، فهم عنده فى قرى ودفء. وقوله : «من جمادى» فقد كانوا يجعلون شهر البرد جمادى ، وإن لم يكن جمادى فى الحقيقة ؛ قال أبو حنيفة الدينورى ـ كما فى اللسان ـ : «جمادى عند العرب الشتاء كله ، فى جمادى كان الشتاء أو فى غيرها». والطنب حبل الخباء. والشعر من قصيدة فى الحماسة. وانظر شرح التبريزى لها (التجارية) ٤ / ١٢٣. (نجار).

(٢) الأخولة جمع الخال أخى الأم.

(٣) البيت من الطويل ، للكلحبة اليربوعى فى تخليص الشواهد ص ٣٢٢ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٨٦ ، ٣٨٧ ، وشرح اختيارات المفضل ص ١٤٩ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٠٣ ، ولسان العرب (وشك) ، ونوادر أبى زيد ص ١٥٣ ، وله أو للأسود بن يعفر فى المقاصد النحوية ٣ / ٤٤٢ ، وبلا نسبة فى شرح عمدة الحافظ ص ٨١٧ ، ويروى (يغش) مكان (يخش).

٢٩٠

يأتى مضمرا ؛ نحو : زيد مررت به. فإن لم يأت مضمرا وجاء مظهرا فأجود ذلك أن يعاد لفظ الأوّل البتّة ؛ نحو : زيد مررت بزيد ، كقول الله سبحانه : (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ) و (الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ) [القارعة : ١ ، ٢] وقوله :

لا أرى الموت يسبق الموت شيء

نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا (١)

ولو قال : زيد مررت بأبى محمد (وكنيته أبو محمد) لم (يجز عند) سيبويه ، وإن كان أبو الحسن قد أجازه. وذلك أنه لم يعد على الأوّل ضميره ، كما يجب ، ولا عاد عليه لفظه. فهذا وجه القبح. ويمكن أن يجعله جاعل سبب الحسن.

وذلك أنه لمّا لم يعد لفظ الأوّل البتّة ، وعاد مخالفا للأوّل شابه ـ بخلافه له ـ المضمر الذى هو أبدا مخالف للمظهر. وعلى ذلك قال :

 ........ أوشكت

حبال الهوينى بالفتى ....

ولم يقل : (به ولا) بالمرء. أفلا ترى أن القبح الذى كان فى مخالفة الظاهر الثانى للأوّل قد عاد فصار بالتأويل من حيث أرينا حسنا. وسببهما جميعا واحد.

وهو وجه المخالفة فى الثانى للأوّل.

وأمّا قول ذى الرمة :

ولا الخرق منه يرهبون ولا الخنا

عليهم ولكن هيبة هى ما هيا

فيجوز أن تكون (هى) الثانية فيه إعادة للفظ الأوّل ؛ كقوله ـ عزوجل ـ (الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ) [القارعة : ١ ، ٢] وهو الوجه. ويجوز أن تكون (هى) الثانية ضمير (هى) الأولى ؛ كقولك : هى مررت بها. وإنما كان الوجه الأوّل ؛ لأنه إنما يعاد لفظ الأوّل فى مواضع التعظيم والتفخيم ، وهذا من مظانّه ؛ لأنه فى مدحه وتعظيم أمره.

__________________

(١) البيت من الخفيف ، وهو لعدى بن زيد فى ديوانه ص ٦٥ ، والأشباه والنظائر ٨ / ٣٠ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٧٨ ، ٣٧٩ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٣٦ ، ١١٨ ، ولسوادة بن عدى فى شرح أبيات سيبويه ١ / ١٢٥ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ١٧٦ ، والكتاب ١ / ٦٢ ، ولسوادة أو لعدى فى لسان العرب (نغص) ، وبلا نسبة فى أمالى ابن الحاجب ١ / ١٥٣ ، ٢٨٦ ، ٨٢٩ ، وخزانة الأدب ٦ / ٩٠ ، ١١ / ٣٦٦ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٥٠٠.

٢٩١

ومن ذلك أنهم قالوا : أبيض لياح. فقلبوا الواو التى فى تصريف لاح يلوح للكسرة قبلها ، على ضعف ذلك ؛ لأنه ليس جمعا كثياب ، ولا مصدرا كقيام. وإنما استروح إلى قلب الواو ياء لما يعقب من الخفّ ؛ كقولهم فى صوار البقر : صيار ، وفى الصوان للتخت (١) صيان. (وكان) يجب على هذا أن متى زالت هذه الكسرة عن لام (لياح) أن تعود الواو. وقد قالوا مع هذا : أبيض لياح ، فأقرّوا القلب بحاله ، مع زوال ما كانوا سامحوا أنفسهم فى القلب به على ضعفه. ووجه التأوّل منهم فى هذا أن قالوا : لمّا لم يكن القلب مع الكسر عن وجوب واستحكام ، وإنما ظاهره وباطنه العدول عن الواو إلى الياء هربا منها إليها ، وطلبا لخفّتها ، لم تراجع الواو لزوال الكسرة ، إذ مثلها فى هذا الموضع فى غالب الأمر ساقط غير مؤثّر ؛ نحو خوان وزوان (٢) وقوام وعواد مصدرى قاومت وعاودت ، فمضينا على السمت فى الإقامة على الياء. أفلا ترى إلى ضعف حكم الكسرة فى (لياح) الذى كأن مثله قمنا بسقوطه لأدنى عارض يعرض له فينقضه ، كيف صار سببا وداعيا إلى استمراره والتعدّى به إلى ما يعرى منه ، والتعذر فى إقرار الحكم به. وهذا ظاهر.

ومن ذلك أن الادغام يكون فى المعتل سببا للصحّة ؛ نحو قولك فى فعّل من القول : قوّل ، وعليه جاء اجلوّاذ. والادغام نفسه يكون فى الصحيح سببا للإعلال ؛ ألا تراهم كيف جمعوا حرّة بالواو والنون فقالوا : إحرّون (٣) ؛ لأن العين أعلّت بالادغام ، فعوّضوا من ذلك الجمع بالواو والنون. وله نظائر. فاعرفه.

* * *

__________________

(١) التخت : وعاء تصان فيه الثياب ، فارسى ، وقد تكلمت به العرب. اللسان (تخت).

(٢) الزّوان بضم الزاى وكسرها : حب يخالط البرّ ، واحدته زوانة وزوانة. اللسان (زون).

(٣) الحرّة : أرض ذات حجارة سود نخرات كأنها أحرقت بالنّار. والجمع حرّات وحرار وزعم يونس أنهم يقولون حرّة وحرّون ، وزعم يونس أيضا أنهم يقولون حرّة وإحرّون يعنى الحرار كأنه جمع إحرّة ، وبها أنشد ثعلب. اللسان (حرر).

٢٩٢

باب فى اقتضاء الموضع لك

لفظا هو معك إلا أنه ليس بصاحبك

من ذلك قولهم : لا رجل عندك ولا غلام لك ؛ ف (لا) هذه ناصبة اسمها ، وهو مفتوح ، إلا أن الفتحة فيه ليست فتحة النصب التى تتقاضاها (لا) إنما هذه فتحة بناء وقعت موقع فتحة الإعراب الذى هو عمل لا فى المضاف ؛ نحو لا غلام رجل عندك ، والممطول (١) ؛ نحو لا خيرا من زيد فيها.

وأصنع من هذا قولك : لا خمسة عشر لك ، فهذه الفتحة الآن فى راء (عشر) فتحة بناء التركيب فى هذين الاسمين ، وهى واقعة موقع فتحة البناء فى قولك : لا رجل عندك ، وفتحة لام رجل واقعة موقع فتحة الإعراب فى قولك : لا غلام رجل فيها ، ولا خيرا منك عنده. ويدلّ على أن فتحة راء (عشر) من قولك : لا خمسة عشر عندك هى فتحة تركيب الاسمين لا التى تحدثها (لا) فى نحو قولك : لا غلام لك أن (خمسة عشر) لا يغيّرها العامل الأقوى ، أعنى الفعل فى قولك جاءنى خمسة عشر ، والجارّ فى نحو قولك : مررت بخمسة عشر. فإذا كان العامل الأقوى لا يؤثّر فيها فالعامل الأضعف الذى هو (لا) أحجى بألا يغيّر ، فعلمت بذلك أن فتحة راء عشر من قولك : لا خمسة عشر لك إنما هى فتحة (للتركيب لا فتحة للإعراب ؛ فصحّ بهذا أن فتحة راء عشر من قولك : لا خمسة عشر لك إنما هى فتحة) بناء واقعة موقع حركة الإعراب ، والحركات كلها من جنس واحد وهو الفتح.

ومن ذلك قولك : مررت بغلامى. فالميم موضع جرّة الإعراب المستحقّة بالباء ، والكسرة فيها ليست الموجبة بحرف الجرّ ، إنما هذه هى التى تصحب ياء المتكلم فى الصحيح ؛ نحو هذا غلامى ، ورأيت غلامى ؛ فثباتها فى الرفع والنصب يؤذنك أنها ليست كسرة الإعراب ، وإن كانت بلفظها.

__________________

(١) اسم ممطول : طال بإضافة أو صلة ، استعمله سيبويه فيما طال من الأسماء : كعشرين رجلا ، وخيرا منك ، إذا سمّى بهما رجل. اللسان (مطل).

٢٩٣

ومن ذلك قولهم (١) : يسعنى حيث يسعك ، فالضمة فى (حيث) ضمة بناء واقعة موقع رفع الفاعل. فاللفظ واحد والتقدير مختلف. (ومن ذلك قولك : جئتك الآن. فالفتحة فتحة بناء فى (الآن) وهى واقعة موقع فتحة نصب الظرف).

ومن ذلك قولك : كنت عندك فى أمس. فالكسرة الآن كسرة بناء. وهى واقعة موقع كسرة الإعراب المقتضيها الجرّ. وأمّا قوله :

وإنى وقفت اليوم والأمس قبله

ببابك حتّى كادت الشمس تغرب (٢)

فيروى : (والأمس) جرّا ونصبا. فمن نصبه فلأنه لما عرّفه باللام الظاهرة وأزال عنه تضمّنه إيّاها أعربه (والفتحة) فيه نصبة الظرف ؛ كقولك أنا آتيك اليوم وغدا.

وأمّا من جرّه فالكسرة فيه كسرة البناء التى فى قولك : كان هذا أمس ، واللام فيه زائدة ؛ كزيادتها فى الذى والتى ، وفى قوله :

ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا

ولقد نهيتك عن بنات الأوبر (٣)

قال أبو عثمان : سألت الأصمعىّ عن هذا ، فقال : الألف واللام فى (الأوبر) زائدة. وإنما تعرّف (الأمس) بلام أخرى مرادة غير هذه مقدّرة. وهذه الظاهرة

__________________

(١) (حيث) هنا فى موضع رفع. والمعروف فيها أن تكون فى موضع نصب أو جرّ. وانظر كلام ابن هشام فى المغنى ١ / ١٥٠.

(٢) البيت من الطويل ، وهو لنصيب فى ديوانه ص ٩ ، والأغانى ٩ / ٤٥ ، ولسان العرب (أين) ، (أمس) ، (لوم) ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ٢٠٤ ، والإنصاف ص ٣٢٠ ، والدرر ٣ / ١٠٩ ، وشرح شذور الذهب ص ١٣١ ، والصاحبى فى فقه اللغة ص ١٤٣ ، والمحتسب ٢ / ١٩٠ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٠٩.

(٣) البيت من الكامل ، وهو بلا نسبة فى الاشتقاق ص ٤٠٢ ، والإنصاف ١ / ٣١٩ ، وأوضح المسالك ١ / ١٨٠ ، وتخليص الشواهد ص ١٦٧ ، وجمهرة اللغة ص ٣٣١ ، ورصف المبانى ص ٧٨ ، وسر صناعة الإعراب ص ٣٦٦ ، وشرح الأشمونى ١ / ٨٥ ، وشرح التصريح ١ / ١٥١ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ١٦٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٩٦ ، ولسان العرب (جوت) ، (حجر) ، (سور) ، (عير) ، (وبر) ، (حجش) ، (أبل) ، (حفل) ، (عقل) ، (اسم) ، (جنى) ، (نجا) ، والمحتسب ٢ / ٢٢٤ ، ومغنى اللبيب ١ / ٥٢ ، ٢٢٠ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٩٨ ، والمقتضب ٤ / ٤٨ ، والمنصف ٣ / ١٣٤. جنيتك : جنيت لك ، والأكمؤ جمع الكمء ، وهو نبات. والعساقيل : ضرب من الكمأة ، وهى الكمأة الكبار البيض ، ويقال فى الواحد عسقلة وعسقول وبنات أوبر : كمأة لها زغب.

٢٩٤

ملقاة زائدة للتوكيد.

ومثله مما تعرّف بلام مرادة (وظهرت) فيه لام أخرى غيرها زائدة قولك : الآن.

فهو معرّف بلام مقدّرة ، وهذه الظاهرة فيه زائدة. وقد ذكر أبو علىّ هذا قبلنا ، وأوضحه ، وذكرناه نحن أيضا فى غير هذا الموضع من كتبنا. وقد ذكرت فى كتاب التعاقب فى العربية من هذا الضرب نحوا كثيرا. فلندعه هنا.

* * *

٢٩٥

باب فى احتمال القلب لظاهر الحكم

هذا موضع يحتاج إليه مع السعة ؛ ليكون معدّا عند الضرورة.

فمن ذلك قولهم : أسطر. فهذا وجهه أن يكون جمع سطر ؛ ككلب وأكلب وكعب وأكعب. وقد يجوز أيضا أن يكون جمع سطر ، فيكون حينئذ كزمن وأزمن ، وجبل وأجبل ؛ قال :

إنى لأكنى بأجبال عن أجبلها

وباسم أودية عن اسم واديها (١)

ومثله أسطار ، فهذا وجهه أن يكون جمع سطر (كجبل وأجبال) وقد يجوز أيضا أن يكون جمع سطر كثلج وأثلاج وفرخ وأفراخ ؛ قال الحطيئة :

ما ذا تقول لأفراخ بذى مرخ

زغب الحواصل لا ماء ولا شجر (٢)

ومثله قولهم : الجباية فى الخراج ونحوه : الوجه أن يكون مصدر جبيته ، ويجوز أن يكون من جبوته ؛ كقولهم : شكوته شكاية. وأصحابنا يذهبون فى قولهم : الجباوة إلى أنها مقلوبة عن الياء فى جبيت ، ولا يثبتون جبوت.

ونحو من ذلك قولهم : القنية يجب على ظاهرها أن تكون من قنيت. وأما أصحابنا فيحملونها على أنها من قنوت ؛ أبدلت لضعف الحاجز ـ لسكونه ـ عن الفصل به بين الكسرة وبينها. على أن أعلى اللغتين قنوت.

ومن ذلك قولهم : الليل يغسى (٣) ؛ فهذا يجب أن يكون من غسى كشقى يشقى ،

__________________

(١) البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة فى الأغانى ٥ / ٣٠٢ ، ٣٠٤ ، ٣٠٥ ، والمقتضب ٢ / ٢٠٠. ويروى (ذكر) مكان (اسم).

(٢) البيت من البسيط ، وهو للحطيئة فى ديوانه ص ١٦٤ ، والأغانى ٢ / ١٥٦ ، وأوضح المسالك ٤ / ٣١٠ ، وخزانة الأدب ٣ / ٢٩٤ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٠٢ ، والشعر والشعراء ١ / ٣٣٤ ، ولسان العرب (طلح) ، ومعجم ما استعجم ص ٨٩٢ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٢٤ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٣٤٩ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٦٧٤ ، وشرح المفصل ٥ / ١٦ ، والمقتضب ٢ / ١٩٦. ذو مرخ : موضع.

(٣) الليل يغسى : يظلم.

٢٩٦

ويجوز أن يكون من غسا ، فقد قالوا : غسى يغسى ، وغسا يغسو ويغسى أيضا ، وغسا يغسى نحو أبى يأبى ، وجبا (١) الماء يجباه.

ومن ذلك زيد مررت به واقفا ، الوجه أن يكون (واقفا) حالا من الهاء (فى به) ، وقد يجوز أن يكون حالا من نفس (زيد) المظهر ، ويكون مع هذا العامل فيه ما كان عاملا فيه وهو حال من الهاء ؛ ألا ترى أنه قد يجوز أن يكون العامل فى الحال هو (غير العامل فى صاحب) الحال ؛ ومن ذلك قول الله سبحانه : (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً) [البقرة : ٩١] ف (مصدّقا) حال من (الحقّ) والناصب له غير الرافع للحقّ ، وعليه البيت :

أنا ابن دارة معروفا بها نسبى

وهل بدارة يا للناس من عار

وكذلك عامّة ما يجوز فيه وجهان أو أوجه ، ينبغى أن يكون جميع ذلك مجوّزا فيه. ولا يمنعك قوّة القوىّ من إجازة الضعيف أيضا ؛ فإن العرب تفعل ذلك ؛ تأنيسا لك بإجازة الوجه الأضعف ؛ لتصحّ به طريقك ، ويرحب به خناقك إذا لم تجد وجها غيره ، فتقول : إذا أجازوا نحو هذا ومنه بدّ وعنه مندوحة ، فما ظنّك بهم إذا لم يجدوا منه بدلا ، ولا عنه معدلا ؛ ألا تراهم كيف يدخلون تحت قبح الضرورة مع قدرتهم على تركها ؛ ليعدّوها لوقت الحاجة إليها. فمن ذلك قوله :

قد أصبحت أمّ الخيار تدّعى

علىّ ذنبا كلّه لم أصنع (٢)

أفلا تراه كيف دخل تحت ضرورة الرفع ، ولو نصب لحفظ الوزن وحمى جانب الإعراب من الضعف. وكذلك قوله :

__________________

(١) جبا الماء : جمعه.

(٢) الرجز لأبى النجم فى تخليص الشواهد ص ٢٨١ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٥٩ ، والدرر ٢ / ١٣ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٤ ، ٤٤١ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٥٤٤ ، وشرح المفصل ٦ / ٩ ، والكتاب ١ / ٨٥ ، والمحتسب ١ / ٢١١ ، ومعاهد التنصيص ١ / ١٤٧ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٠١ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٢٤ ، وتاج العروس (خير) ، وبلا نسبة فى الأغانى ١٠ / ١٧٦ ، وخزانة الأدب ٣ / ٢٠ ، ٦ / ٢٧٢ ، ٢٧٣ ، وشرح المفصل ٢ / ٣٠ ، والكتاب ١ / ١٢٧ ، ١٣٧ ، ١٤٦ ، والمقتضب ٤ / ٢٥٢ ، وهمع الهوامع ١ / ٩٧. أم الخيار : امرأته.

٢٩٧

لم تتلفّع بفضل مئزرها

دعد ولم تغذ دعد فى العلب (١)

كذا الرواية بصرف (دعد) الأولى ، ولو لم يصرفها لما كسر وزنا ، وأمن الضرورة أو ضعف إحدى اللغتين. وكذلك قوله :

أبيت على معارى فاخرات

بهنّ ملوّب كدم العباط (٢)

هكذا أنشده : على معارى بإجراء المعتل مجرى الصحيح ضرورة ، ولو أنشد : على معار فاخرات لما كسر وزنا ولا احتمل ضرورة.

* * *

__________________

(١) البيت من المنسرح ، وهو لجرير فى ملحق ديوانه ص ١٠٢١ ، ولسان العرب (دعد) ، (لفع) ، ولعبيد الله بن قيس الرقيات فى ملحق ديوانه ص ١٧٨ ، وبلا نسبة فى أدب الكاتب ص ٢٨٢ ، وأمالى ابن الحاجب ص ٣٩٥ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٥٢٧ ، وشرح قطر الندى ص ٣١٨ ، وشرح المفصل ١ / ٧٠ ، والكتاب ٣ / ١٤١ ، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٥٠ ، والمنصف ٢ / ٧٧. الالتفاع والتلفّع : الالتحاف بالثوب. وهو أن يشتمل به حتى يجلّل جسده. والعلب واحدها علبة ، وهى قدح من جلد يشرب فيه اللبن.

(٢) البيت من الوافر ، وهو للمتنخل الهذلى فى شرح أشعار الهذليين ٣ / ١٢٦٨ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٩٩٣ ، ولسان العرب (لوب) ، (عرا) ، وللهذلى فى الكتاب ٣ / ٣١٣ ، والمنصف ٢ / ٦٧ ، ٧٥ ، ٣ / ٦٧ ، وتاج العروس (عرا) ، وبلا نسبة فى لسان العرب (عبط) ، (سما) ، ويروى (واضحات) مكان (فاخرات). ومعارى المرأة : ما لا بدّ لها من إظهاره ، واحدها معرى ، ومعارى المرأة يداها ورجلاها ووجهها. قال ابن سيده : والمعارى الفرش ، وقيل : إنّ الشاعر عنى المرأة نفسها ، وقيل : عنى أجزاء جسمها. واختار معارى على معار لأنه آثر إتمام الوزن ، وفرّ من الزّحاف. اللسان (عرا) والملوّب : المخلوط بالملاب وهو الزعفران. ودم العباط : هو ما نحر لغير علة.

٢٩٨

باب فى أن الحكم للطارئ

اعلم أن التضادّ فى هذه اللغة جار مجرى التضادّ عند ذوى الكلام. فإذا ترادف الضدّان فى شيء منها كان الحكم منهما للطارئ ، فأزال الأوّل. وذلك كلام التعريف إذا دخلت على المنوّن حذف لها تنوينه ؛ كرجل والرجل ، وغلام والغلام.

وذلك أن اللام للتعريف ، والتنوين من دلائل التنكير. فلمّا ترادفا على الكلمة تضادّا ، فكان الحكم لطارئهما ، وهو اللام.

وهذا جار مجرى الضدّين المترادفين على المحلّ الواحد ؛ كالأسود يطرأ عليه البياض ، والساكن تطرأ عليه الحركة ، فالحكم للثانى منهما. ولو لا أن الحكم للطارئ لما تضادّ فى الدنيا عرضان ، أو إن تضادّا أن يحفظ كل ضدّ محلّه ، فيحمى جانبه أن يلمّ به ضدّ له ، فكان (الساكن أبدا ساكنا والمتحرك أبدا متحركا) والأسود أبدا أسود والأبيض أبدا أبيض ؛ لأنه كان كلّما همّ الضدّ بوروده على المحلّ الذى فيه ضدّه نفى المقيم به الوارد عليه ، فلم يوجده إليه طريقا ، ولا عليه سبيلا.

ومثل حذف التنوين للام حذف تاء التأنيث لياءى الإضافة ؛ كقولك فى الإضافة إلى البصرة : بصرىّ ، وإلى الكوفة : كوفىّ. وكذلك حذف تاء التأنيث لعلامته أيضا ، نحو ثمرات ، وجمرات ، وقائمات ، وقاعدات. (وكذلك) تغيير الأولى للثانية بالبدل ؛ نحو صحراوات ، وخنفساوات. وكذلك حذف ياءي الإضافة لياءيه ؛ كقولك (فى الإضافة) إلى البصرىّ : بصرىّ ، وإلى الكوفىّ : كوفىّ ، وكذلك) إلى كرسىّ : كرسىّ ، وإلى بختىّ : بختىّ. فتحذف (الأوليين للأخريين).

وكذلك لو سمّيت رجلا أو امرأة بهندات لقلت فى الجمع أيضا : هندات ، فحذفت الألف والتاء (الأوليين للأخريين) الحادثتين.

فإن قلت : كيف جاز أن تحذف لفظا ، وإنما جئت بمثله ولم تزد على ذلك ، فهلا كان ذلك فى الامتناع بمنزلة امتناعهم من تكسير مساجد ونحوه اسم رجل ؛ ألا تراهم قالوا : لو كسّرته لما زدت على مراجعة اللفظ الأوّل وأن تقول فيه : مساجد؟

فالجواب أن علم التأنيث يلحق الكلمة (نيّفا عليها وزيادة موصولة بها) وصورة

٢٩٩

الاسم قبلها قائمة برأسها ؛ وذلك نحو قائمة وعاقلة وظريفة ، وكذلك حال ياءي الإضافة ؛ نحو زيدىّ (وبكرىّ) ومحمدىّ ؛ وكذلك ما فيه الألف والتاء ؛ نحو هندات وزينبات ؛ إنما يلحقان ما يدخلان عليه من عجزه وبعد تمام صيغته ، فإذا أنت حذفت شيئا من ذلك فإنك لم تعرض لنفس الصيغة بتحريف ، وإنما اخترمت زيادة عليها واردة بعد الفراغ من بنيتها ، فإذا أنت حذفتها وجئت بغيرها ممّا يقوم مقامها فكأن لم تحدث حدثا ، ولم تستأنف فى ذلك عملا. وأما باب مفاعل فإنك إن اعتزمت تكسيرها لزمك حذف ألف تكسيرها ، و (نقض) المشاهد من صورتها ؛ واستئناف صيغة مجدّدة وصنعة مستحدثة. ثم مع هذا فإن اللفظ الأوّل والثانى واحد ، وأنت قد هدمت الصورة هدما ، ولم تبق لها أمارة ولا رسما ، وإنما اقترحت صورة أخرى (مثل المستهلكة) الأولى.

وكذلك ما جاء عنهم من تكسير فعل على فعل ؛ كالفلك فى قول سيبويه. لمّا كسّرته على الفلك فأنت إنما غيّرت اعتقادك فى الصفة ، فزعمت أن ضمة فاء الفلك فى الواحد كضمّة دال درج وباء برج ، وضمتها فى الجمع كضمة همزة أسد وأثن جمع أسد ووثن ؛ إلا أن صورة فلك فى الواحد هى صورته فى الجمع ، لم تنقص منها رسما ، وإنما استحدثت لها اعتقادا وتوهما. وليست كذلك مساجد ؛ لأنك لو تجشّمت تكسيرها على مساجد أيضا ، حذفت الألف ونقضت الصيغة ، واستحدثت للتكسير المستأنف ألفا أخرى ، وصورة غير الأولى. وإنما ألف مساجد لو اعتزمت تكسيرها كألف عذافر (وخرافج) (١) (وألف تكسيره كألف عذافر وخرافج). فهذا فرق.

ومن غلبة حكم الطارئ حذف التنوين للإضافة ؛ نحو غلام زيد ، وصاحب عمرو. وذلك لأنهما ضدّان ؛ ألا ترى أن التنوين مؤذن بتمام ما دخل عليه ، والإضافة حاكمة بنقص المضاف وقوّة حاجته إلى ما بعده. فلمّا كانت هاتان الصفتان على ما ذكرنا ، تعادتا وتنافتا ، فلم يمكن اجتماع علامتيهما. وأيضا فإن التنوين علم للتنكير ، والإضافة موضوعة للتعريف ، وهاتان أيضا قضيّتان متدافعتان ، إلا أن الحكم للطارئ من العلمين ، وهو الإضافة ؛ ألا ترى أن الإفراد

__________________

(١) يقال : نبت خرافج : غضّ ، وعيش خرافج : واسع.

٣٠٠