الأشباه والنظائر في النحو - ج ٣

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

الأشباه والنظائر في النحو - ج ٣

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


المحقق: غريد الشيخ
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٦٤

يعني أسماء الشرط في مثل قوله تعالى : (أَيًّا ما تَدْعُوا) [الإسراء : ١١٠] فأيّا منصوب بتدعو ، وتدعو مجزوم بأيّا. وهكذا نحو : من تضرب أضرب.

فالمفعوليّة في اسم الشرط بحق الاسميّة ، والجزم يتضمّن إن الشرطية ، والرتبة في ظاهر اللفظ متضادّة لوجود سبق العامل معموله فيهما.

ومفرد لفظا ومعنى فيهما

معنى كلام فيه لفظ ثان

يعني ضمير الشأن والقصّة ، إذ هو مفرد في اللفظ والمعنى ، لكنّ معناه الذي هو الخبر يفهم معنى كلام يفسّر اللفظ الثاني بعده كقوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [الإخلاص : ١] فهو عبارة عن الخبر أو الأمر أو الشأن ، وتفسيره : الله أحد. وهذا إضمار مذكر ، وإن شئت أنّثت الضمير على معنى القصّة كقوله تعالى : (فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الأنبياء : ٩٧] وليس لهذا الضمير في كلا حاليه من الأحكام الإعرابية إلا حكمان : الرفع بالابتداء نحو ما تقدّم ، أو بكان وأخواتها. والنصب بأن أو ظننت وأخواتها نحو : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ) [الحج : ٤٦].

ماذا الذي في كبر مؤنّث

وقبل ذاك كان في الذّكران؟

يعني الذباب المسمّى في كبره بحلمة ، وفي صغره بقراد ، وفيه أنشد صاحب الإيضاح : [الوافر]

وما ذكر فإن يكبر فأنثى

شديد الأزم ليس بذي ضروس

ما اسم لدى التذكير باد عسره

يرمى لأجل العدم بالهجران؟

وهو لدى التأنيث ذو ميسرة

من أجل ذا قرّت به العينان

يعني الخوان ، فإذا كان عليه طعام سمّي مائدة ، فيقضى إذا كان خوانا ، ويدنى إذا كان مائدة ، وهذا والذي قبله ألغاز فيما هو من مسائل اللغة :

ما معرب مفعول أو مبتدأ

ولفظه جرّ مدى الأزمان؟

يعني كأيّن وأيش يستعملان مفعولين أو مبتدأين نحو : كأيّن من رجل رأيت ، وأيش قلت. ونحو : كأيّن من رجل جاءني. وأيش هذا ، فاللفظ فيهما جرّ أبدا ، لأن كأيّن أصله كاف التشبيه دخلت على أيّ فجرّتها ، ثم أجري اللفظ مجرى كم الخبرية في الاستعمال والمعنى. وأيش أصله : أيّ شيء ، ثم حذفت العرب الياء المتحرّكة من أي كما حذفوها من ميت وبابه ، وحذفوا من شيء عينه ولامه معا ، وأبقوا الفاء ، وجعلوها محلّ الإعراب الذي كان في اللام. فهذا باب من التركيب ، بقي الاسم الثاني فيه على إعرابه الأصليّ.

٤١

ما اسم له تغيّر بعامل

محلّه من آخر حرفان؟

يعني امرأ أو ابنما وأخاك وبابه ، لأنّه يتغيّر فيه بالعوامل حرفان : الآخر ، وما قابله بسبب الإتباع.

ما اثنان في أواخر من كلمة

ضدّان حقّا ، وهما مثلان؟

يعني كلّ لقبين متقابلين من ألقاب الإعراب والبناء ، الرفع مع الضمّ ، والنصب مع الفتح ، والجرّ مع الكسر ، والجزم مع السكون ، وهما مثلان في الصورة ، ضدّان في الإعراب ، والبناء بحسب الانتقال واللزوم.

ما فاعل بالفعل لكن جرّه

مع السكون فيه ثابتان؟

يعني الصّنّبر في قول طرفة (١) : [الرمل]

بجفان تعتري نادينا

من سديف حين هاج الصّنّبر

والصّنّبر البرد بسكون الباء.

قال ابن جني في خصائصه في وجه ذلك : كان حقّ هذا إذ نقل الحركة أن تكون الباء مضمومة. لأنّ الراء مرفوعة ، ولكنه قدرّ الإضافة إلى الفعل يعني المصدر كأنه قال : حين هيج الصنبر ، يعني أنه نقل الحركة في الوقف إلى الباء الساكنة ، وسكنت الراء ، لكنه لم ينقل إلّا حركة توجد في الأصل ، وهي الجرّ الذي توجبه إضافة مصدر هاج إلى الصنبر ، لأن الظرف قد أضيف إلى الفعل ، وأصله أن يضاف إلى المصدر ، فقد ثبت في هذا الاسم الجرّ المنقول مع سكون محلّه ، وهو الراء. والاسم مع ذلك فاعل بالفعل وهو هاج.

ما فاعل ونائب عن فاعل

بأوجه الإعراب يجريان؟

يعني مثل قولك : زيد قائم الأب ، وقائم الأب ، وقائم الأب ، ونحو : زيد مضروب الأب ، ومضروب الأب ، ومضروب الأب.

ما كلمة قد أبدلت عين لها

إبدالها يصحبه قلبان؟

فأوّل لآخر ، وآخر

لأوّل ، حالاهما هذان

يعني مسألة أينق في جمع ناقة على أفعل ، أصله أنوق كما قالوا : نوق فأبدلوا العين في أنيق ياء ، لكنّ هذا الإبدال صحبه قلبان : أحدهما أنهم قلبوا العين سالمة إلى موضع اللام ، فصار اللفظ أنقو ، ثمّ فعلوا فيه ما فعلوا في أدل وأجر وبابهما ، فصار أنقيا ، ثمّ لما صارت الواو المتطرّفة ياء لوجوب ذلك قلبوها على حالها إلى موضع الفاء ، وهذا هو القلب الثاني ، فصار اللفظ أنيقا وعادت بنية الجمع إلى أصلها لخروج

__________________

(١) مرّ الشاهد رقم (٣٢٤)

٤٢

حرف العلّة عن التطرّف ، بنقله إلى موضع الفاء فقد صار هذا الإبدال مرتبطا بالقلب الأوّل الذي هو لآخر الكلمة ، وبالقلب الثاني الذي هو لأولها. فهذان حالان للقلبين المذكورين.

قال أبو القاسم الزجاجيّ في (نوادره) : هذا المذهب في هذه الكلمة قول المازنيّ وحذّاق أهل التصريف.

ما كلمة مفردها وجمعها

بواوه قد يتماثلان؟

يعني مثل قولك : جاءني أخوك الكريم ، وجاءني أخوك الكرام وهكذا أبوك ، تقول : هذا أبوك ، وهؤلاء أبوك. يكون واحدا من الأسماء الخمسة وجمعا بالواو والنون ، لكن حذفت النون للإضافة ، وعليه أنشدوا : [الوافر]

٣٥٧ ـ فقلنا : أسلموا إنّا أخوكم

فقد برئت من الإحن الصّدور

وقول الآخر : [المتقارب]

٣٥٨ ـ فلمّا تبيّنّ أصواتنا

بكين وفدّيننا بالأبينا

وأيّ جمع نصبه كالجرّ في

مفرده إذ يتساويان؟

يعني قولك : رأيت أبيك الكرماء وأخيك الفضلاء جمعا على حذف النون للإضافة.

وتقول في المفرد : مررت بأبيك الكريم ، وبأخيك الفاضل : فيتساويان في اللفظ.

ما كلمة متى أتى اسم بعدها

فرفعه والجرّ جاريان؟

والفعل بالرّفع وبالجزم أتى

وهي لها في كلّ ذا معان

يعني كلمة (متى) يقع بعدها الاسم مرفوعا تارة ومجرورا أخرى ، ويقع بعدها الفعل مرفوعا أو مجزوما ، ومعناها مختلف باختلاف أحوالها. تقول : متى القيام؟ في الاستفهام ويرتفع الاسم. وتقول العرب : أخرجها متى كمّه بمعنى وسط ، فجرّوا بعدها ، وجروا أيضا بها بمعنى (من) كقوله : [البسيط]

٣٥٩ ـ إذا أقول : صحا قلبي أبيح له

سكر متى قهوة سارت إلى الرّأس

__________________

٣٥٧ ـ الشاهد لعباس بن مرداس في ديوانه (ص ٥٢) ، ولسان العرب (أخا) ، والمقتضب (٢ / ١٧٤) ، وبلا نسبة في تذكرة النحاة (ص ١٤٤) ، وجمهرة اللغة (ص ١٣٠٧) ، وخزانة الأدب (٤ / ٤٧٨) ، والخصائص (٢ / ٤٢٢).

٣٥٨ ـ الشاهد لزياد بن واصل السلمي في خزانة الأدب (٤ / ٤٧٤) ، وشرح أبيات سيبويه (٢ / ٢٨٤) ، وبلا نسبة في الكتاب (٣ / ٤٤٧) ، وخزانة الأدب (٤ / ١٠٨) ، والخصائص (١ / ٣٤٦) ، وشرح المفصّل (٣ / ٣٧) ، ولسان العرب (أبى) ، والمحتسب (١ / ١١٢) ، والمقتضب (٢ / ١٧٤).

٣٥٩ ـ الشاهد بلا نسبة في تاج العروس (متى) ، ولسان العرب (متى).

٤٣

أي من قهوة. وقال أبو ذؤيب : [الطويل]

٣٦٠ ـ شربن بماء البحر ثمّ ترفّعت

متى لجج خضر لهن نئيج

(متى) فيه بمعنى (وسط) عند الكسائي.

وقال يعقوب : هي بمعنى (من). وتقول : متى تقوم في الاستفهام فترفع الفعل. ومتى تقم أقم في الشرط ، فتجزم.

ما حرف إن سبقه ذو عمل

كرّ على العمل بالبطلان؟

صدر ، ولكن ليس صدرا ، فله

تقدّم تأخر وصفان

يعني لام الابتداء إذا وقعت بعد إن. تقول : علمت إنّ زيدا قائم ، فتعمل علمت في أنّ تؤثر فيها الفتح ، فإن جرت باللام في الخبر بطل العمل فقلت : علمت إنّ زيدا لقائم. وهذه اللام أداة مصدر في محلّها الأصيل لها ، وهو الدخول على إنّ ، ولذلك منعت من فتحها ، ولا صدريّة لها في موقعها بعد إنّ فقد عمل ما قبلها فيما بعدها ، لأنّ إنّ رافعة للخبر الداخلة هي عليه ، وعمل أيضا ما بعدها فيما قبلها كقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) [البقرة : ١٤٣]. فبالناس متعلّق برؤوف. وتقول : إني زيدا لأضرب ، فلهذه اللام هنا وصفان : تأخّر في اللفظ ، وتقدّم في الأصل.

بأيّ حرف أثر لعامل

إعراب معرب وذا شبهان؟

يعني (أنّ) فإنّها تفتح بالعامل ، وتكسر دونه. تقول : إنّك قائم ، وعجبت من أنّك قائم. سمّى سيبويه (٢) وقدماء النحاة هذا عملا ، فهذا في الحروف وإعراب المعربات شبيهان ، فكأنّه إعراب في الحروف.

مجرور حرف قد يرى مبتدأ

مؤكّدا وإن له وجهان

يعني مثل قولك : الزيدان لهما غلامان ، والهندان لهما بنتان ، والزيدون لهم غلمان ، والهندات لهن بنات. إن أخذت هذا الكلام على أنّ الثاني للأول ملك أو سبب كانت اللام جارّة ، وإن أخذته على أنّ الأول هو الثاني فاللام ابتدائية مؤكّدة ،

__________________

٣٦٠ ـ الشاهد لأبي ذؤيب الهذلي في الأزهيّة (ص ٢٠١) ، وجواهر الأدب (ص ٩٩) ، وخزانة الأدب (٧ / ٩٧) ، والخصائص (٢ / ٨٥) ، والدرر (٤ / ١٧٩) ، وسرّ صناعة الإعراب (ص ١٣٥) ، وشرح أشعار الهذليين (١ / ١٢٩) ، وشرح شواهد المغني (ص ٢١٨) ، ولسان العرب (شرب) ، و (مخر) ، و (متى) ، والمحتسب (٢ / ١١٤) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٢٤٩) ، وبلا نسبة في أدب الكاتب (ص ٥١٥) ، وأوضح المسالك (٣ / ٦) ، ورصف المباني (ص ١٥١) ، وشرح قطر الندى (ص ٢٥٠) ، وهمع الهوامع (٢ / ٣٤).

(١) انظر الكتاب (٣ / ١٦٣).

٤٤

والاسم بعدها مبتدأ مؤكّد بها ، والكلام صالح للوجهين ، يرجع في تعيين أحدهما إلى ما يقتضيه منصرف القصد من المعنى كقوله تعالى : (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ، وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) [الصافات : ١٧٢ ـ ١٧٣]. فالمعنى المقصود عيّن أنّ الأول هو الثاني.

وأيّ مبنيّ به تلاعبت

عوامل إرادة البيان؟

يعني الضمائر المختلفة الصور بالرفع والنصب والجرّ ، نحو : أكرمتك ، وإيّاك أكرمتك ، على حدّ : زيد ضربته ، أو زيدا ضربته ، في باب الاشتغال ، وبك مررت في الجرّ. فاختلاف صور الضمائر بالعوامل مع أنّها مبنيّات كاختلاف أوجه الإعراب في المعربات.

ما كلمة في لفظها واحدة

وجمعها قد يتعاقبان؟

يعني مثل تخشين الله يا هند أو يا هندات ، وترمين يا دعد أو يا دعدات. فهذا الفعل صالح للفظ الواحدة ولجمعها ، والتقدير مختلف لأنّ تخشين للواحدة أصله تخشين كتذهبين ، ولجمعها أصله على لفظ تفعلن كتذهبن ، وترتمين للواحدة أصله ترتميين ، كما تقول : تكتسبين. فأعلّ تخشين بما يجب لكلّ واحد منهما في التصريف ، وترتمين يا هندات تفتعلن على مقتضى لفظه.

كذاك للجميع لفظ واحد

ذكّر أو أنّث لا لفظان

يعني مثل : الزيدون يدعون ، والهندات يدعون. قال الله تعالى : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) [الكهف : ٢٨] وقال : (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ، وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَ) [يوسف : ٣٣] فهذا يفعلن للإناث ، والأول يفعلون للذكور ، واللفظ فيهما واحد.

ما موضع تغلّب الأنثى به

ولفظه في الأصل للذكران؟

يعني مثل : سرنا خمسا من الدّهر وخمس عشرة بين يوم وليلة ، لأنّ الزمان يغلب فيه الليالي لسبقها ، وليس ذلك في غيرها. ونزع التاء من أسماء العدد علامة تأنيث المعدود ، وذلك خاصّ بباب العدد. والأصل في اللفظ الخالي من علامة التأنيث أن يكون للمذكّر كما في سائر الأبواب نحو : قائم وسائر الصفات ، ومن هنا استقام إلغاز الحريريّ في العدد بقوله : ما موضع تبرز فيه ربّات الحجال بعمائم الرجال ، يعني : نزع التاء من أسماء العدد.

حرفان قد تنازعا في عمل

واسمان للحرفين مطلوبان

يعني ليت أن زيدا قائم. فالاسمان بعد (أنّ) مطلوبان لها ولليت من جهة المعنى لكنّ العمل فيهما لأنّ ، وأغنى ذكرهما بعدها عن ذكرهما لليت ، فهو إعمال

٤٥

مع تنازع بين حرفين ، والشأن في التنازع اختصاصه بالأفعال وما يجري مجراها ، وإنّما خصّه النحاة بذلك ، إذ قصدوا فيه ما يتصوّر فيه إعمال العاملين.

وفيهما أيضا فصيحا قد يرى

فعل وحرف يتنازعان

يعني مثل : علمت أنّ زيدا قائم. فالاسمان قد يتنازع فيهما الفعل والحرف معا. لكنّ الواجب أن يعمل الحرف ، وهذه كالمسألة قبلها.

وقد يرى مبتدأ خبره

في الرفع والنصب له حالان

يعني المسألة الزنبوريّة (١) وبابها : كنت أظنّ أنّ العقرب أشدّ لسعة من الزنبور فإذا هو هي ، قاله سيبويه. أو فإذا هو إيّاها ، قاله الكسائيّ وحكاه أبو زيد الأنصاري عن العرب. والضمير في الأول مبتدأ ولا خبر له من جهة المعنى غير الضمير الذي بعده ، لأنّه المستفاد من الكلام ، والخبر هو الجزء المستفاد من الجملة ، فرفعه ظاهر جليّ. والنصب في القول الصحيح على إضمار فعل ، قام معموله مقامه ، وناب عنه بنفسه دون فعل يحصل معناه ، والتقدير فإذا هو يساويها ، لأنّ باب : زيد زهير إنّما معناه يساويه.

ومما يدخل تحت هذا البيت ما أجازه بعض نحاة المتأخّرين في مثل قول ابن قتيبة في الأدب : إن اللطع بياض في الشفتين ، وأكثر ما يعتري ذلك السودان ، والنصب على أنّه مفعول يعتري وما مصدرية ، أي أكثر اعتراء ذلك السودان ، وهذا المفعول هو الذي أغنى عن الخبر ، لأنّ الجزء المستفاد من الكلام ، فموضع الإلغاز من هذه المسائل دخول النصب فيما هو خبر لمبتدأ جوازا في اللفظ ولزوما في المعنى. ومثل كلام ابن قتيبة قولك : أكثر ما أضرب زيد.

ما علة تمنع الاسم صرفه

وهي وأخرى ليس تمنعان؟

يعني أنّ مثل صياقل وصيارف وملائك يمتنع صرفه بعلّة تناهي الجمع ، فإذا قلت : صياقلة وصيارفة انصرف مع بقاء الجمعيّة وانضمام التأنيث إليها. والتأنيث من علل منع الصرف ، ولكنّه بالتاء شاكل الآحاد ، فلذلك انصرف كطواعية وعلانية وكراهية.

ما اسم في الاستثناء منصوب به

وهو أداته له الحكمان؟

يعني مسألة الاستثناء بغير وسوى ، نحو : قام القوم غير زيد. فغير منصوب على الاستثناء فنصبه نصب المستثنى ، وليس بمستثنى ، وإنّما هو أداة استثناء ، ومجروره هو المستثنى فهو غريب في بابه ، لأنه سرى إليه حكم مجروره ، فله حكم الأداة في

__________________

(١) انظر الإنصاف (ص ٧٠٢).

٤٦

المعنى وحكم المستثنى في اللفظ ، وهذا شبيه ما. يقوله بعضهم في المفعول معه نحو جئت وزيدا : إن الأصل جئت مع زيد ، فلما جاء الحرف وهو الواو وقع إعراب (مع) على زيد ، فاجتمعت المسألتان في محكيّ الاسم بإعراب ملابسه.

ما اسم يريك النصب في اسم بعده

وشأنه الجر لدى اقتران؟

يعني مسألة لدن غدوة فإنّ (لدن) مع غدوة لها شأن ليس لها مع غيرها. قال سيبويه (١) ، لأنّها تنصب غدوة ، ولا عمل لها في غيرها إلّا الجرّ كقوله تعالى : (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) [النمل : ٦].

وما اللّذان جرّدا من صلة

لكن هما في الأصل موصولان؟

يعني : الموصولان في مثل قول العرب : فعلته بعد اللّتيا والتي ، يعنون بعد صغر الأمر وكبره ، أي بعد مشقّة. فهما موصولان في الأصل جرّدا من الصلة في الاستعمال. وقدّر بعضهم بعد اللتيا دقّت والتي جلّت.

وقيل : اللّتيا والتي يراد بهما الداهية. وقد حكى بعض النحاة : جاءني الذين واللاتي يعني الرجال والنساء. ولا يريد إحالة على فعل شيء ولا على تركه.

ما معرب إعرابه وحرفه

كلاهما في الوصل محذوفان؟

يعني مثل قوله تعالى : (أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا) [آل عمران : ١٥٦] فعلامة نصب غزّى الفتحة المقدّرة في الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين بالتنوين فحذف من الكلمة نفسها الإعراب وحرفه الذي هو محلّه ، وذلك مما ينافي حال الإعراب ، لأنه وضع للبيان. وهكذا الاسم المقصور إذا نوّن.

ما أثر في كلمة موجبه

وجوده وفقده سيّان؟

يعني : مثل عيد أصله الواو من العود. وموجب انقلاب هذه الواو الساكنة ياء وجود الكسرة قبلها. ثمّ إنّ هذه الكسرة زالت وبقيت الياء في أعياد ، فقد استوى وجود هذه الكسرة وفقدها مع أنها الموجبة.

ومن هذه المسألة أينق المتقدّمة ، لأنّ موجب الياء قد زال وهي باقية منبهة على قصد القلبين ، إذ لو رجعت الواو لم تحمل إلّا على قلب واحد.

ما عارض روعي في كلمة

ولم يراع؟ سمع الأمران

يعني : مثل (الأحمر) إذا نقلت حركة الهمزة إلى لام التعريف ، فإن شئت

__________________

(١) انظر الكتاب (٣ / ١٣٧).

٤٧

أبقيت ألف الوصل غير معتدّ بالحركة المنقولة ، لأنّها عارضة ، وإن شئت حذفت الألف معتدّا بلفظ الحركة بعدها.

وعلى هذا أجاز الفرّاء في مذهب ورش أن يقرأ (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ) [الأنفال : ٦٦] ، ونحوه بثبوت الألف وحذفها ، وعلى هذا قرئ : (لَمِنَ الْآثِمِينَ) [المائدة : ١٠٦] ، بفتح نون من اعتبارا بسكون اللام لأنه الأصل ، كما تقول من الرجل.

وقرئ في الشاذّ : (لَمِنَ الْآثِمِينَ) بإدغام نون من في اللام اعتدادا بحركتها. كما تقول : من لدن. وهذا ، وإن كان البيت يسترسل عليه ، فليس هو المعتمد وجود الأمرين معا في الكلمة الواحدة والاستعمال الواحد سماعا من العرب. وذلك نحو ما حكى أبو عثمان المازنيّ من قول بعض العرب في رضوا رضيوا بسكون الضاد مع بقاء الياء ، فاعتدّوا بالسكون العارض فردّوا اللام التي كان حذفها لأجل الحركة فقالوا : رضيوا كما تقول في الأسماء ظبي ، ولم يعتدّوا بالسكون حين ردّوا اللام ياء وأصلها الواو من الرضوان. وإنّما أوجب انقلابها ياء الكسرة في رضي كسقي ودعي وبابهما ، فراعوا الكسرة الذاهبة في الياء الباقية ، فتدخل على هذه الكلمة العلّة في البيت قبل هذا مع ما ذكر فيه من أعياد ونحوه.

ما اسم كحرف من الاسم قبله

هما كواحد والأصل اثنان؟

يعني : اثني عشر في باب العدد ، حذفت العرب نون اثنين منه لتنزيلها عشر منزلتهما إذ الإضافة فيه ، ولهذا يقولون : أحد عشرك وخمسة عشرك إلى سائرها ، ولم يقولوا : اثني عشرك. كما لا يصحّ في اثنين أن يضاف وفيه النون ، فاثنا عشر كاسم واحد في دلالته على مجموع ذلك العدد كدلالة عشرين ، وأصله اسمان : اثنان وعشرة ، لكن في قوله في البيت والأصل اثنان دون ضميمة. ففي البيت شيء ممّا تقدّم في قوله : ها هو للناظر كالعيان ، وفي قوله : يا هؤلاء أخبروا سائلكم ، وفي قوله : ما كلمة متى أتى اسم بعدها. وسيأتي التنبيه على نحو ذلك.

واسم له الرفع وما من رافع

لديه من قاص ولا من دان

يعني : الضمير الواقع فصلا المسمّى عند الكوفيّين عمادا ، لأنه اسم مرفوع دون رافع بعيد منه ولا قريب. وهو بدع من الأسماء في اللسان ، ولهذا وقع في كتاب سيبويه (١) : وعظيم والله جعلهم (هو) فصلا.

__________________

(١) انظر الكتاب (١ / ٣٩٧).

٤٨

وما من الحروف يلغى زائدا

في لفظ او معنى هما قسمان؟

أو فيهما واسم وفعل لهما

هنا دخول ، أين يدخلان؟

يعني : أن من الحروف ما يلغى زائدا في اللفظ خاصّة ، نحو : جئت بلا زاد ، ونحو : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ) [التوبة : ٤٠] ، و (لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ) [آل عمران : ١٢٠] ، أو في المعنى خاصّة ، نحو : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) [النساء : ١٧١] ، و (إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللهُ) [هود : ٣٣] ، و (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ) [الأنفال : ٦] ، فما في المعنى زائدة ، وهي في اللفظ معتمدة كافّة ، أو مهيّئة. أو تكون الزيادة في اللفظ والمعنى معا ، كقوله تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ) [آل عمران : ١٥٥] ، و (فَبِما نَقْضِهِمْ) [النساء : ١٥٥] ، و (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ) [نوح : ٢٥]. فهذه أقسام ثلاثة في زيادة الحروف مع أنّها حروف معان ، فزيادتها على خلاف الأصل.

ويعني : بدخول الاسم في باب الزيادة نحو قول عنترة : [الكامل]

٣٦١ ـ يا شاة من قنص لمن حلّت له

حرمت عليّ وليتها لم تحرم

روي ما قنص ومن قنص على الزيادة وإضافة شاة إلى قنص. هذا هو الظاهر وقد تؤوّلت (من) على الزيادة بتكلّف. وقد استجاز أهل الكوفة زيادة حين في مثل : زيد حين بقل وجهه ، وكقولهم : وجهه حين وسم ، وقد رأى بعضهم زيادة أسماء الزمان كيوم وحين عند إضافتها إلى (إذ) كقولك : يومئذ وحينئذ ، لأنّ ذلك اليوم والحين هو مدلول (إذ) ، وقد اكتفي بها وحدها كقول الشاعر : [الوافر]

٣٦٢ ـ نهيتك عن طلابك أمّ عمرو

بعافية ، وأنت إذ صحيح

وقد تأوّل قوم ذلك على أنّ الحين هو المعتمد ، وسيقت إذ لتدلّ على مضيّه بنفسها ، وعلى ما حذف مما هو مراد بتنوينها. قال : وذلك لأنهم أرادوا قطع يوم أو حين عن الإضافة مع التعويض ، ولم يصحّ لتعويض التنوين فيه من الجملة المحذوفة ،

__________________

٣٦١ ـ الشاهد لعنترة في ديوانه (ص ٢١٣) ، والأزهيّة (ص ٧٩) ، وخزانة الأدب (٦ / ١٣٠) ، وشرح شواهد المغني (١ / ٤٨١) ، وشرح المفصّل (٤ / ١٢) ، ولسان العرب (شوه) ، وبلا نسبة في خزانة الأدب (١ / ٣٢٩).

٣٦٢ ـ الشاهد لأبي ذؤيب الهذليّ في خزانة الأدب (٦ / ٥٣٩) ، وشرح أشعار الهذليين (١ / ١٧١) ، وشرح شواهد المغني (ص ٢٦٠) ، ولسان العرب (أذذ) ، و (شلل) ، وبلا نسبة في تذكرة النحاة (ص ٣٧٩) ، والجنى الداني (ص ١٨٧) ، وجواهر الأدب (ص ١٣٨) ، والخصائص (٢ / ٣٧٦) ، ورصف المباني (ص ٣٤٧) ، وصناعة الإعراب (ص ٥٠٤) ، وشرح المفصّل (٣ / ٣١) ، ومغني اللبيب (ص ٨٦) ، والمقاصد النحوية (٢ / ٦١).

٤٩

إذ هو مشغول بتنوين التمكين الذي هو من أصله ، فلا يحمل تنوينه على غيره ، فجاؤوا بإذا تعيينا للمضيّ الذي يحرزه ، وتحصيلا للدّلالة على المحذوف بالتنوين الذي يقبله.

فقالوا : حينئذ ، أي : حين كان ذلك. ولهذا قلّما يوجد في كلام العرب (إذ) هذه المتصلة بالزمان مضافة غير منونة ، لكن هذه لا تخلص من دعوى زيادة الحين لأنّ إذ تغني عنه ، لأنّها تخلص للزمان ومضيّه كما اكتفي بها في البيت المتقدّم.[الوافر]

٣٦٣ ـ سراة بني أبي بكر تساموا

على ـ كان ـ المسوّمة العراب

فزاد (كان) بين الحرف ومجروره ، وكقولهم : ما أصبح أبردها! وما أمسى أدفأ العشية! وكذلك ما كان أحسن زيدا! فكان زائدة في اللفظ ومحرزة لمعنى المضيّ.

ما شكل أفعال يرى جمعا ولم

يصرف ، ولم يشركه في ذا ثان؟

يعني : أشياء جمع شيء من جهة المعنى ، وهو في ظاهر أمره على شكل أفعال جمع ، فعل ، كفيء وأفياء وحيّ وأحياء ، فكان القياس صرفه كنظائره. لكنّه لم يصرف. قال الله تعالى : (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ) [المائدة : ١٠٤] ولم يشركه في هذا شيء ممّا هو من بابه.

ثم اختلف النحاة في وجهه : فهو فعلاء مقلوبا عند أهل البصرة أصله (شيئاء) فقدّمت الهمزة ، وأفعلاء محذوفا عند الفارسيّ من الكوفيين ، والأخفش من البصريين أصله (أشيئاء) جمع شيء فخفّفا معا بحذف الياء المكسورة ، والتزم التخفيف. وهو عند الكسائيّ وأكثر الكوفيين أفعال مشبّه بفعلاء. فمنع. ومن هاهنا جمعوه على أشياوات.

ما فعل أمر وخطاب صالح

لغيبة ومنقضي الزمان؟

يعني مثل : خافوا وناموا وتذكّروا وتعالوا. يصلح هذا ونحوه للأمر على جهة الخطاب ، وللفعل الماضي على جهة الغيبة.

__________________

٣٦٣ ـ الشاهد بلا نسبة في الأزهية (ص ١٨٧) ، وأسرار العربية (ص ١٣٦) ، وأوضح المسالك (١ / ٢٥٧) ، وتخليص الشواهد (ص ٢٥٢) ، وخزانة الأدب (٩ / ٢٠٧) ، والدرر (٢ / ٧٩) ، ورصف المباني (ص ١٤٠) ، وشرح الأشموني (١ / ١١٨) ، وشرح التصريح (١ / ١٩٢) ، وشرح ابن عقيل (ص ١٤٧) ، وشرح المفصّل (٧ / ٩٨) ، ولسان العرب (كون) ، والمقاصد النحوية (٢ / ٤١) ، وهمع الهوامع (١ / ١٢٠).

٥٠

وصيغة الماضي ترى مضارعا

من لفظها فيه يرى الفعلان

يعني مثل : تحامى ، وتعاطى ، وتسمّى ، وتزكّى. كقوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) [الأعلى : ١٤] فهذا ماض ، وكقوله سبحانه : (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) [النازعات : ١٨] على قراءة التخفيف ، فهذا مضارع على حذف إحدى التاءين. ويحتمل الوجهين بيت امرئ القيس : [الطويل]

٣٦٤ ـ تحاماه أطراف الرّماح تحاميا

وجاد عليه كلّ أسحم هطّال

ويتعيّن المضارع في قول الآخر (٢) : [الطويل]

قروم تسامى عند باب دفاعه

[كأن يؤخذ المرء الكريم فيقتلا]

وأيّ كلمتين في كلمة

وأيّ فعلين هما خصمان؟

يعني : بكلمتين في كلمة مثل عبشميّ في عبد شمس ، وعبقسي في عبد قيس ، وعبدريّ في عبد الدار.

ويعني بالفعلين الخصمين فعلا التنازع ، نحو : ضربت وضربني زيد لأنهما قد تنازعا المعمول كما يتنازع الرجلان الشيء عدوا والمتنازعان خصمان لأنّ كلّ واحد يخاصم صاحبه ويدفعه.

وأيّ مضمر مضاف خافض

وأيّ أشياء هما شيئان؟

يعني : بالمضاف من المضمرات قول العرب : إذا بلغ الرجل الستين : فإيّاه وإيّا الشواب ، بناء على أنّ إيّا هو الضمير.

ويعني : بالأشياء عبارة عن شيئين في مثل قوله تعالى : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) [التحريم : ٤] والمراد قلبان خاصّة.

ما واحد ليس بذي تعدّد

لكنّه يقال فيه اثنان؟

يعني : اليوم الذي بعد الأحد من الأيام ، يطلق عليه اثنان وهو واحد ، تقول : ليلة الإثنين. والاثنان اسم عدد كثلاثة وأربعة ، وليس بعلم ، فجاء للواحد على خلاف وضعه ، وإنما كان القياس أن يقال : ثان أو اسم مشبّه اللفظ بالاثنين كالثلاثاء والأربعاء والخميس.

ما اسم يجيء فاصلا حتى به

الخافض والمخفوض مفصولان؟

__________________

٣٦٤ ـ الشاهد في ديوانه (ص ٣٧).

(١) مرّ الشاهد رقم (٣٥٤).

٥١

يعني : الألف واللام الموصولة على القول باسميّتها تفصل من العوامل كلّها على اطّراد. بخلاف الذي والتي مع أنهما بمعناها. ولا يطّرد الفصل بين الخافض والمخفوض بغيرها من الأسماء ، والصحيح اسميّتها لوضوح ذلك فيها ، حيث تقع على غير ما تقع عليه صلتها نحو : مررت بهند المكرمها أنا. فالألف واللام واقعة على هند ، ومكرم للمتكلم ، فوضعها هنا وضع التي.

وما الّذي وهو حرف خافض

يفصل ما أضيف باستحسان؟

يعني مثل : لا أبا لزيد ، ولا أخا لعمرو ، و: [مجزوء الكامل]

٣٦٥ ـ يا بؤس للحرب [التي

وضعت أراهط فاستراحوا]

ولا غلامي لك ، ولا يدي لك بكذا. فاللام حرف جرّ في الأصل مقحمة بين المضافين ، يطّرد هذا في بابها ، وهو خلاف القياس.

وكيف للموصول يلفى صلة؟

فهكذا ألفي موصولان

يعني مثل : جاءني الذين الذي أبوه منطلق منهم ، أي : جاءني الذي منهم الذي أبوه منطلق ، وقد أنشدوا : [الطويل]

٣٦٦ ـ من النّفر اللّاء الذين إذا هم

يهاب اللّئام حلقة الباب قعقعوا

قيل : الذين توكيد للاء ، وقيل : هو من صلته أي : اللاء هم الذين ، ويصحّ في الكلام أن يقال : التي الذي يأتيها تلزمه هند ، على معنى التي تلزم الذي يأتيها هند ، وهكذا ما كان مثله.

وما الّذي يبنى وفي آخره

دليل إعراب لذي تبيان؟

وذلك الإعراب في اسم سابق

وذلك الدليل في اسم ثان

يلفى لديه عوضا من خبر

ثم لذاك ليس يجمعان

حرف لإعراب بمبنيّ وقد

ناب عن اسم حلّ في المكان

__________________

٣٦٥ ـ الشاهد لسعد بن مالك في خزانة الأدب (١ / ٤٦٨) ، وشرح شواهد المغني (ص ٥٨٢) ، والمؤتلف والمختلف (١٣٥) ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب (ص ٣٢٦) ، والجنى الداني (ص ١٠٧) ، وجواهر الأدب (ص ٢٤٣) ، والخصائص (٣ / ١٠٢) ، ورصف المباني (ص ٢٤٤) ، وشرح المفصّل (٢ / ١٠) ، وكتاب اللامات (ص ١٠٨).

٣٦٦ ـ الشاهد لأبي الربيس في خزانة الأدب (٦ / ٧٨) ولسان العرب (لوي) ، وبلا نسبة في الحيوان (٣ / ٤٨٦) ، وخزانة الأدب (٦ / ١٥٦) ، والعقد الفريد (٥ / ٣٤٣).

٥٢

يعني : بهذه الأبيات الأربعة حكاية النكرات بمن نحو : (منو) في حكاية المرفوع ، و (منا) في حكاية المنصوب و (مني) في حكاية المجرور ، فمن مبنيّة وهذه العلامة اللاحقة دليل الإعراب الذي في الاسم السابق ، ومن مبتدأ أغنت تلك العلامة عن خبره وقامت مقامه ، ولذلك لا يجمع بينها وبين الخبر ، فلا يقال : منو الرجل ، بل يقال : منو أو من الرجل. والبيت الرابع محصّل لما تقدّم في الأبيات الثلاثة. فالاقتصار عليه وحده مغن عمّا قبله. فيقال :

ما حرف إعراب بمبنيّ وقد

ناب عن اسم حلّ في المكان؟

ما فعل أمر جائز الحذف سوى

حركة تبقى على اللسان؟

يعني فعل الأمر من (وأى يئي) بمعنى الوعد تقول فيه : (إيازيد) ، فإن وقع قبله ساكن من كلمة أخرى ونقلت حركة الهمزة إليه على قياس من تخفيف الهمزة. قلت (قل بالخير يا زيد) ، أي : عدنا بخير ، وهند قالت بخير يا عمرو ، فلم يبق من الفعل غير الكسرة في لام (قل) وتقول على هذا : يا زيد قلي يا هند فبقيت الحركة ، والياء بعدها ، إنما هي ضمير الفاعل الذي كان متّصلا بفعل الأمر المحذوف.

ما اسم له حركة بعامل

تنسخها حركة اقتران؟

يعني مثل : «الحمد لله» فيمن كسر الدّال ، ونحو : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا) [البقرة : ٣٤] ، فيمن ضمّ تاء الملائكة. فحركة الإعراب ذهبت بحركة الإتباع ، وهي حركة الاقتران.

ما معرب في لفظه حركة ال

إعراب والسكون حاصلان؟

يعني مثل البكر إذا وقفت عليه ينقل حركة آخره إلى الساكن قبله في لغة من يقف بالنقل. تقول : هذا البكر ، ومررت بالبكر ، ففي اللفظ حينئذ حركة الإعراب والسكون معا كلاهما حاصل فيه.

ونحو (دنيا) مع صنو مظهر

في كلمة فأين يدغمان؟

يعني : النون الساكنة ، وبعدها ياء أو واو في كلمة يجب إظهارها ، فرارا من اللبس بالمضاعف ، لو أدغمت ، وبابها الإدغام. فإذا لم يكن لبس روجع الأصل فوجب الإدغام ، نحو : انفعل إذا بنيته من وجل أو من يئس ، تقول : أوّجل وايّأس ، فتدغم إذ لا لبس هنا لعدم افّعل في كلامهم ووجود انفعل.

ما عامل وعمل قد أهملا

وفي انعدام قد يقدّران؟

يعني مسألة : ليس زيد بقائم ولا قاعدا. لك أن تهمل الباء وعملها في تابعها ، فتنصبه على الموضع كما قال : [الوافر]

٥٣

٣٦٧ ـ معاوي إنّنا بشر فأسجح

فلسنا بالجبال ولا الحديدا

فقد أهملت في التابع الباء وعملها ، مع وجودها ، ثم ثبت من كلام العرب مراعاتها مع عدمها كقول زهير (٢) :[الطويل]

بدا لي أني لست مدرك ما مضى

ولا سابق شيئا إذا كان جائيا

يروى بجرّ سابق على توهّم لست بمدرك ، وبيت سيبويه (٣) : [الطويل]

مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة

ولا ناعب إلّا ببين غرابها

جرّ ناعب على تقدير ليسوا بمصلحين. ففي هذا بدع من الاعتبار أن يطرح الشيء مع وجوده ، ثم يعتبر مع عدمه.

ما ذو بناء مع تصدّر أتى

حالاه في ذين مخالفان؟

يعني حكاية يونس من قول بعض العرب : ضرب من منا؟ لمن قال : ضرب رجل رجلا ، فهو سأل عن الضارب وعن المضروب منهما ، فأخرج من الاستفهاميّة عن بنائها وعن صدريّتها الواجبة لها ، وهو نادر في بابه.

فهذه سبعون بيتا أكملت

قصيدة ملغوزة المعاني

عقيلة قد سدلت ستورها

تكشفها ثواقب الأذهان

بكر عليها حجب كثيفة

تقول للخطّاب : لن تراني

حتّى تعاني في طلابي شدّة

وينحل القلب المعنّى العاني

والحمد لله الّذي عرّفنا

من فضله عوارف الإحسان

وصلّ يا ربّ على من أحكمت

آياته في محكم القرآن

فهذا تمام الشرح في طرز القصيدة اللغزيّة في المسائل النحويّة ممّا قيّده ناظمها إبانة لغرضه منها. والله والموفّق للصواب ، انتهى.

ويتلوه كتاب التبر الذائب في الأفراد والغرائب من الأشباه والنظائر لشيخنا الجلال السيوطيّ ، وهو القسم السادس ، تغمّده الله بالرحمة والرضوان.

__________________

٣٦٧ ـ الشاهد لعقبة أو لعقيبة الأسدي في الإنصاف (١ / ٣٣٢) ، والكتاب (١ / ١١٣) ، وخزانة الأدب (٢ / ٢٦٠) ، وسرّ صناعة الإعراب (١ / ١٣١) ، وسمط اللآلي (ص ١٤٨) ، وشرح أبيات سيبويه (ص ٣٠٠) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٨٧٠) ، ولسان العرب (غمز) ، ولعمر بن أبي ربيعة في الأزمنة والأمكنة (٢ / ٣١٧) ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب (ص ١٦٠) ، ورصف المباني (ص ١٢٢).

(١) مرّ الشاهد رقم (٣٥٤).

(١ ـ) مرّ الشاهد رقم (٢٢١).

٥٤

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الفنّ السادس

الحمد لله أولا وآخرا والصلاة والسّلام على سيّدنا محمد الذي كملت محاسنه باطنا وظاهرا ، هذا هو الفنّ السادس من الأشباه والنظائر ، وهو فنّ الأفراد والغرائب.

[التبر الذائب في] الأفراد والغرائب

باب الكلمة والكلام

قال الشيخ جمال الدين بن هشام في (شرح اللمحة) (١) : «أجمعوا إلّا من لا يعتدّ بخلافه على انحصار أقسام الكلمة في ثلاثة : الاسم والفعل والحرف» ، وقال أبو حيان : «زاد أبو جعفر بن صابر قسما رابعا سمّاه الخالفة ، وهو اسم الفعل».

قال ابن هشام : «اشتهر بين النحويّين أنّ الحرف يدلّ على معنى في غيره ، ونازعهم الشيخ بهاء الدين بن النحاس في ذلك في (التعليقة) وزعم أنّه دالّ على معنى في نفسه ، وهو موضع يحتاج إلى فضل نظر» انتهى.

وعبارة ابن النحاس : «اعلم أنّ معنى قول النحاة : إنّ الكلمة لها معنى في نفسها أو لا معنى لها في نفسها يعنون به أنّ الكلمة إن فهم تمام معناها بمجرد ذكر لفظها من غير ضميمة فهي المعبّر عنها بأنّ لها معنى في نفسها ، وإن كان فهم معناها متوقّفا على ضميمة فهي المعبّر عنها بأنّ معناها في غيرها ، ومعنى ذلك أنّك إذا ذكرت الاسم وحده يفهم منه معنى ، نحو : الرجل هو عبارة عن شخص ، وكذا باقي الأسماء يفهم منه معنى في حال إفراده ، والفعل أيضا إذا ذكرته وحده يفهم منه

__________________

(١) أبو حيّان محمد بن يوسف الأندلسي : أديب نحوي لغوي مفسّر محدّث ، من تصانيفه : البحر المحيط في تفسير القرآن ، وتحفة الأديب بما في القرآن من الغريب ، وعقد اللآلي في القراءات السبع العوالي ، وغيرها .. (ت ٧٤٥ ه‍ / ١٣٤٤ م). ترجمته في طبقات الشافعية (٦ / ٣١) ، وفوات الوفيات (٢ / ٢٨٢).

٥٥

معنى ، نحو : قام ، يفهم منه اقتران القيام بالزمن الماضي ، وليس الحرف كذلك لأنّك إذا ذكرت حرفا لا يفهم منه معنى إلّا إذا اقترن بضميمة من أحد قسيميه ، فإن قيل : لا يجوز أن يكون الحرف بلا معنى عند ذكره وحده لأنّه يبقى من قبيل المهملات وإنّما الحرف موضوع لا مهمل ، قلنا : لا نسلم أنّه يلزم من قولنا : إنّ الحرف لا يفهم منه معنى في حال الإفراد أن يكون من قبيل المهملات لأنّ الحرف وضع لأن يفهم منه معنى عند التركيب ، وليس المهمل كذلك ، فإنّ المهمل ليس له معنى لا في حال الإفراد ولا في حال التركيب ، والحق أنّ الحرف له معنى في نفسه ، لأنّا نقول لا يخلو المخاطب بالحرف من أن يفهم موضوعة لغة أوّلا ، فإن لم يفهم موضوعه لغة فلا دليل في عدم فهمه المعنى على أنّه لا معنى له ، لأنّه لو خوطب بالاسم والفعل وهو لا يفهم موضوعهما لغة كان كذلك ، وإن خوطب به من يفهم موضوعه لغة فإنّه يفهم منه معنى ، عملا بفهمه موضوعه لغة ، كما إذا خاطبنا إنسانا ب (هل) وهو يفهم أنّها موضوعة للاستفهام ، وكذا باقي الحروف ، فإذا عرفنا أنّ له معنى في نفسه.

ولنا طريق آخر ، وهو أن نقول : وإن خوطب به من يفهم موضوعه لغة فلا نسلم أنّه لا يفهم منه معنى ، واللغويّون كلّهم قالوا مثلا : إنّ (هل) للاستفهام ولم يقيّدوا بحال التركيب دون حال الإفراد ، فإن قيل : أيّ فرق بين معنى الاسم والفعل وبين معنى الحرف على ما ذكرت؟ قلنا : الفرق بينهما أنّ كل واحد من الاسم والفعل يفهم منه في حال الإفراد عين ما يفهم منه عند التركيب بخلاف الحرف لأنّ المعنى المفهوم من الحرف في حال التركيب أتمّ ممّا يفهم منه عند الإفراد». هذا كلام ابن النحاس بحروفه ، وقد ذكر الشيخ جمال الدين بن هشام في (شرح اللمحة) أنّ أبا حيان تابعه على ذلك في (شرح التسهيل) ، ولم أره فيه ، فلعله سقط من النسخة التي وقفت عليها ، وقد وقع ما هو أغرب من ذلك ، وهو أنّي لمّا كنت بمكة المشرّفة سنة تسع وستين وثمانمائة ذكرت هذا البحث في حاشية المطاف بحضرة جماعة ، وفيهم فاضل من العجم ، وهو مظفّر الدين محمد بن عبد الله الشيرازي ، فقال لي : هذا البحث وبحث الشريف الجرجاني طرفا نقيض ، فإنّ الشريف ذهب إلى أنّ الحرف لا معنى له أصلا لا في نفسه ولا في غيره ، وخالف النحاة كلهم في قولهم : إنّ له معنى في غيره ، وألف في ذلك رسالة ، ثم أحضر لي مظفر الدين الذكور تأليفا لنفسه اختصر فيه (شرح الكافية) للرّضي سمّاه «مرضي الرضي» ، فرأيته نقل فيه عن الشريف هذا البحث فتطلّبت الرسالة التي ألفها الشريف في ذلك حتى حصلتها.

٥٦

باب الإعراب

قال ابن الأنباري في كتاب الإنصاف (١) : «يحكى عن الزجاج أنّ التثنية والجمع مبنيّان وهو خلاف الإجماع» ، وذكر السخاوي في (شرح المفصّل) أنّه ذهب أيضا إلى أنّ ما لا ينصرف مبنيّ في حالة الجر على الفتح.

باب الإشارة

ذكر ابن معط في (الفصول) (٢) أنّ أسماء الإشارة بنيت لشبهها بالحروف ، قال ابن إياز في شرحه : «وتعليله بناءها بشبهها بالحروف غريب ، لم أر أحدا ذكره غيره».

باب أداة التعريف

قال في (البسيط) : «ذكر المبرد في كتابه المسمّى ب (الشافي) أنّ حرف التعريف الهمزة المفتوحة وحدها ، وضمّ إليها اللام لئلا يشتبه التعريف بالاستفهام» (٣).

باب الابتداء

قال أبو الحسين بن أبي الربيع في (شرح الإيضاح) : «لا أعلم خلافا بين النحويين أن ظرف الزمان لا يكون خبرا عن الجثث ، وظرف المكان يكون خبرا عن الجثث والمصدر ، إلّا أنّ ابن الطراوة ردّ على جميع النحويين في هذا وقال : هما سواء ، يكونان خبرين عن الجثث والمصادر».

وقال ابن هشام (٤) : «في شرح ابن يعيش : متعلق الظرف الواقع خبرا صرح ابن جني يجوز إظهاره ، وعندي أنّه إذا حذف ونقل ضميره إلى الظرف لم يجز إظهاره ، لأنّه قد صار أصلا مرفوضا ، فأمّا إن ذكرته أولا فقلت : زيد استقرّ عندك فلا يمنع منه مانع» انتهى. قال ابن هشام : «وهو غريب».

باب (كان)

ذهب ابن معط إلى أنّ «دام» لا يجوز تقديم خبرها على اسمها ، ذكره في الفصول (٥). قال ابن إياز في شرحه : «وما وقفت في تصانيف أهل العربية متقدّمهم ومتأخّرهم على نصّ يمنع من ذلك ، وقد أكثرت السؤال والتّفحّص عنه فما أخبرت

__________________

(١) انظر الإنصاف (٣٣).

(٢) انظر الفصول (١٦٦).

(٣) انظر شرح الكافية (٢ / ١٣١) ، والمقتضب (١ / ٨٣).

(٤) انظر مغني اللبيب (ص ٤٩٧) ، وشرح المفصّل لابن يعيش (١ / ٩٠).

(٥) انظر الفصول (ص ١٨١).

٥٧

بأنّ أحدا يوافق هذا المصنّف في عدم جوازه ، وحكى لي من لا أثق به عن الشيخ تقي الدين الحلبي أنّ ابن الخشاب نقل مثل ذلك. وقال : هذا جار مجرى المثل ، وحكى أنّ ابن الخباز الموصلي سافر إلى دمشق واجتمع بالمصنّف وسأله عن ذلك فقال : أفكر فيه ، ثم اجتمع به مرة أخرى وعاد وسأله فقال : لا تنقل عني فيه شيئا».

قال ابن السّراج (١) : «أنا أفتي بفعلية ليس تقليدا منذ زمن طويل ، ثم ظهر لي حرفيتها» نقله ابن النحاس في التعليقة.

باب (إنّ)

قال ابن مالك في (شرح التسهيل) : «إن كان يعني ما بعد إن المخففة مضارعا حفظ ولم يقس عليه ، نحو : (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ) [القلم : ٥١] ، (وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) [الشعراء : ١٨٦]. قال أبو حيان : هذا ليس بصحيح ولا نعلم له موافقا.

باب (كاد)

قال الأبّذيّ في (شرح الجزوليّة) : «خالف ابن الطراوة النحاة في «عسى» وقال : ليست من النواسخ ، لأنّ حكم النواسخ أن يقدّر زوالها فينعقد من معموليها مبتدأ وخبر ، وأنت لا تقول : زيد أن يقوم ، وهو غير صحيح لأنّا إذا قدّرنا زوال «عسى» قدرنا زوال «أن» ، ومذهبه في «عسى زيد أن يقوم» على ما يظهر أنّ زيدا فاعل ، إلّا أنّها لمّا علّقت على غير ما طلب ألزم التفسير ك «سمعت زيدا يقول كذا».

باب (ما)

قال ابن عصفور في (المقرّب) (٢) : «تعمل (ما) بشرط أن لا يتقدم الخبر وليس بظرف ولا مجرور». قال ابن النحاس في (التعليقة) : «تحرّز من مثل قولنا : ما في الدار زيد ، وما عندك زيد ، فإنّ الظروف والمجرورات يجوز فيها ما لا يجوز في غيرها من أنواع التوسعات» قال : «وهذا شيء اختصّ به ابن عصفور ، لا أعلمه لغيره ، فإنّ الناس نصّوا على أنّ الخبر متى تقدّم مطلقا بطل العمل ظرفا أو مجرورا كان أو غيره».

فائدة ـ وجوه الرفع : قال ابن الدّهّان في (الغرة) : «قال الفرّاء : الرفع في كلام العرب على ثمانية عشر وجها :

__________________

(١) انظر الأصول (١ / ٩٣).

(٢) انظر المقرّب (١ / ١٠٢).

٥٨

الأول : رفع الاسم بالماضي والمستقبل ، نحو قام زيد ويقوم زيد.

الثاني : رفع الأسماء بعائد المذكر نحو : زيد قام.

الثالث : رفع الاسم بالدّائم مؤخرا ، نحو : زيد قائم ، وهما المترافعان.

الرابع : رفعه بالمحلّ مقدّما ، نحو : خلفك زيد ، فإذا قالوا : زيد خلفك رفعوا زيدا والمضمر بالظرف ، وهو وجه خامس للرفع.

السادس : رفع الاسم برجوع العائد عليه ، كقوله : زيد أبوه قائم ، وزيد مررت به.

السابع : رفع الاسم باسم مثله جامد ، نحو : زيد أبوك.

الثامن : رفع الاسم بما يغلب عليه أن يوصف ، نحو : زيد صالح.

التاسع : رفع الاسم بمحل قد رفع غيره نحو : زيد حيث عمرو.

العاشر : رفع الاسم بما ينوب عن رافعه في التقدير ، نحو : قائمة جاريته زيد ، وتقديره : رجل قائمة جاريته زيد.

الحادي عشر : رفع الاسم بنعم وبئس.

الثاني عشر : رفع الاسم بحرف الاستفهام ، نحو : من أبوك؟ وأين أخوك؟

الثالث عشر : رفع الاسم بما لا يكون إلّا سابقا له ، نحو : لو لا زيد لأكرمتك (١).

الرابع عشر : رفع الاسم بالفعل المزال عن التصرّف ، نحو : حبّذا أنت.

الخامس عشر : رفع الاسم بما لا يظهر أنّه وصف له ، نحو : عبد الله إقبال وإدبار ، وعبد الله إقبالا وإدبارا.

السادس عشر : رفع الاسم بواو منسوقة عليه ، نحو : كلّ ثوب وثمنه ، تقديره :

كلّ ثوب بثمنه ، فنابت الواو عن مع والباء فرفعت.

السابع عشر : رفع الاسم بواو مستأنفة ، نحو : قيامي إليك والناس ينظرون.

الثامن عشر : قولهم : الرّطب والحرّ شديد. انتهى.

باب المفاعيل

قال ابن إياز : «نظر أبو سعيد السيرافي إلى قوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً) [الأعراب : ١٥٥] أي : من قومه ، فزاد في المفاعيل الخمسة مفعولا آخر سماه المفعول منه» ، قال ابن إياز : «وهذا ضعيف جدا لأنّه يقتضي أن يسمى نحو قولك : «نظرت إلى زيد» مفعولا إليه و «انصرفت عن خالد مفعولا عنه» ..

قال الجزولي : «لا يكون المفعول له منجرّا باللام إلّا مختصا ، نحو : قمت لإعظامك ، ولا يجوز : لإعظام لك».

__________________

(١) انظر الإنصاف (ص ٧٠) ، وهمع الهوامع (١ / ١٠٥).

٥٩

قال الشّلوبين : «وهذا غير صحيح بل هو جائز لأنه لا مانع يمنع منه» ، قال الشّلوبين : «ولا أعرف له سلفا في هذا القول».

باب المصدر

قال ابن هشام في (تذكرته) : «ذكر ثعلب في أماليه أنّه يقال : ناب هذا عن هذا نوبا ، ولا يجوز : ناب عنه نيابة ، وهو غريب».

باب العطف

قال ابن هشام (١) : «زعم ابن مالك أنّ (حتى) الابتدائية جارّة وأنّ بعدها (أن) مضمرة ، ولا أعرف له في ذلك سلفا ، وفيه تكلف إضمار من غير ضرورة» ، وذهب صاحب (الأزهيّة) (٢) إلى أنّ «بل» تكون حرف جرّ ، ووهّمه أبو حيان وابن هشام وغيرهما ، فقد نقل ابن مالك وابن عصفور اتفاق النحويين على خلافه ، وذهب الخوارزمي إلى أنّ «بل» ليست من حروف العطف ، ولا سلف له في ذلك ، نقله الأندلسيّ في (شرح المفصّل) ونقلت عبارته في حاشية المغني.

قال ابن هشام (٣) : «خرق ابن مالك في بعض كتبه إجماع النحويين فزعم أنّ (أم) المنقطعة تعطف المفردات ك «بل»

باب

لا يجوز جعل مفسر المركب مضمرا : في تذكرة ابن مكتوم أنّ ابن السيّد البطليوسيّ ذكر عن الأخفش شيئا لم يذكره أحد من النحويين وذلك أنّه أجاز : مررت بهم خمسة عشرهم ، فجعل مفسّر المركب مضمرا ، وهذا من أخطأ الخطأ ، انتهى.

باب النداء

نقل ابن الخبّاز عن شيخه أنّ الهمزة للتوسط وأنّ يا للقريب ، قال ابن هشام في (مغني اللبيب) (٤) : «وهذا خرق لإجماعهم» ، أجاز المازني نصب صفة (أيّ) ، قال الزجاج في معاني القرآن : «ولم يجز أحد من النحويين هذا المذهب قبله ، ولا تابعه أحد بعده ، فهذا مطّرح مرذول لمخالفته كلام العرب».

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (ص ١٣٨).

(٢) انظر الأزهيّة (ص ٢٢٨).

(٣) انظر مغني اللبيب (ص ٤٦).

(٤) انظر مغني اللبيب (ص ٥٠).

٦٠